18-01-17, 07:01 PM | #1 | |||||||||||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| سارتان وأمل ..!،بقلم/ MeEm. M،سعوديه فصحى (مكتملة)
التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 06-03-17 الساعة 09:02 AM | |||||||||||||||||
18-01-17, 11:11 PM | #2 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , صباح الخير . بعد أن أنزلت روايتي ( العقاب ) في المنتدى , تحمست لتنزيل الأخرى ( سارتان وأمل ) مع أنني لم ألقى ذلك التفاعل . أرجو أن تكون هذه قد تنال على إعجابكم . إن رأيت تفاعلا أكملت , وإلا ..... لا أعلم ماذا سأفعل أترككم مع الجزء الأول . ************************* ( الجزء الأول - بعض الخيبات ) سارة فتاة في الثانية والعشرين من عمرها ، متخرجة من الجامعة من قسم ( التربية الخاصة ) . وبسبب جمالها ، أقبل على أهلها الكثير ممن يريد الزواج منها ، ولكن بحكم أنها إبنتهم الوحيدة المحبوبة ، رفض أهلها تزويجها وهي لا تزال طالبة . كما أنها هي أيضا ترفض الفكرة بشدة ، لأنها رأت فتيات من جيلها تزوجن وهن في سنهم الدراسي ، وقد أدّى ذلك إلى إخفاق درجاتهم السنوية ؛ وهي لم يعجبها ذلك الشيء أبدا . وحتى بعد تخرجها من الجامعة ، كانت لا تزال رافضة فكرة الزواج إلى أن تحصل على وظيفة تشعرها بأنها حقا قد درست واجتهدت .. ومن ثم تشعر بالرضا على نفسها . ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه . ففي أحد الأيام وبينما هي في إحدى المناسبات الأكاديمية في مدينة ' تبوك ' .. رأتها إحدى المسؤولات وقد أعجبت بها وبأخلاقها وأسلوبها في التعامل مع الآخرين ، ولا شك بأنها قد أعجبت بجمالها أيضا . تحدثت معها المرأة وتعرفت عليها ، وهي تتخيلها زوجة لإبنها ' تركي ' مستقبلا ! وتبادلتا أرقام هواتفهما ، مع أن ' سارة ' لم تكن مرحبة بهذه الفكرة ، ولكنها اضطرت لمجاملة هذه المرأة الطليقة اللسان ، وطيبة القلب . ? ? ? يوم الأحد . المدينة ، 7 صباحا . غادرت ' سارة ' مدينة تبوك بعد يومين من حضورها تلك المناسبة ، وفوجئت بإتصال من والدة ' تركي ' . والتي طلبت من ' سارة ' إعطاء الهاتف لوالدتها . سألتها سارة عن السبب ، خوفا من أن تحدث والدتها بشأن الزواج ، استغربت والدة ' تركي ' من ' سارة ' التي أبت أن تعطي والدتها الهاتف قبل أن تعرف السبب . أخبرتها والدة ' تركي ' بأنها ترغب في تزويج إبنها من ' سارة ' . تلعثمت ' سارة ' وترددت قبل أن تقول ( إعذريني خالتي ، هذا أمر مستحيل .. أنا لا أرغب بالزواج في هذا الوقت ، فأنا لم يمضِ على تخرجي سوى بضعة أشهر ، وأمي مريضة لا أستطيع التخلي عنها ، خاصة وأني من المدينة ، وتبوك بعيدة عنها تماما ) . قالت لها والدة ' تركي ' ( ولماذا ترفضين بهذه السرعة ، أعطِ لنفسك فرصة التفكير والإستخارة ، وأمك كما أخبرتِني .. لديها ممرضتها الخاصة ، أما عن بعد المدينة عن تبوك ؛ فهذا أمر سهل ، الطائرات تقرب البعيد ) . سارة ' بحياء وتردد ' ( ولكني لا أستطيع ) . تنهدت والدة ' تركي ' وهي تقول ( أنتي لستِ مجبرة يا سارة ، وأنا لن أحدّث والدتك الآن ، ولكنك عدِيني بأنك ستفكرين في الأمر .. سارة ، أنا أحب إبني ' تركي ' كثيرا ، ولن أرضى أن أزوجه إلا فتاة مثلك ، أشعر وأكاد أجزم انكما خلقتما لبعضكما ، فكري جيدا يا سارة ، ابني شاب طموح مثلك ، فهو يحسن إدارة شركة عائلتنا بشكل كبير ، وأيضا هو فارس أحلام الكثير من الفتيات ، وأنا متأكدة بأنك ستُعحبين به ما إن رأيتِه ، سأرسل لك صورة له ، وأنتي فكري جيدا واستخيري ، سأدعك الآن ) . قاطعتها ' سارة ' قائلة ( مهلا خالتي ، الأمر لن يسير بموافقتي وحسب ؛ فإخوتي أيضا لا يرغبون في تزويجي ، حتى وإن أعجبهم إبنك ، فسوف لن يعجبهم أمر إبتعادي عنهم وعن والدتي ؛ فهم يحبونني بشكل غير معقول ويخافون علي ، لأني إبنتهم الوحيدة ) . والدة ' تركي ' مصرة ( شرحت لك الأمر مسبقا يا سارة ، لن أطيل عليك ، إنتي فقط فكري ، وسأحدثك بعد أسبوع من الآن لأعرف رأيك ، فإن شعرتِ بالرضا حدثت والدتك ، أستودعك الله يا إبنتي ). أبعدت ' سارة ' الهاتف عن أذنها وهي مندهشة ومتعجبة من إصرار والدة ' تركي ' . ونظرت إلى هاتفها بسرعة حين وصلتها رسالة من والدة ' تركي ' والتي لم تكن سوى صورة ' تركي ' . أطالت ' سارة ' النظر إليها ، وهي تشعر بخفقان قلبها ودقاته السريعة والقوية ، ثم استعاذت وهي تغلق الهاتف . نظرت أمامها وهي تفكر ، سيتكرر هذا الأمر كثيرا ، كما تكرر في السنوات الماضيات ، أحيانا تشعر بأنها عليها الزواج فور أن يتقدم لها ' شاب ' حسن الصفات . وأحيانا تفكر بأنها لا تستطيع الإبتعاد عن والدتها أبدا . تنهدت وهي تتذكر إعجابها بإبن خالها ، والذي لا يفكر بالزواج هو أيضا .... فهو يسعى للوصول إلى أعلى القمم ، ومن ثمَّ هي لا تصغره سوى 3 سنوات ، ووالدته لا تعجبها فكرة زواجه إلامن فتاة تصغره 7 سنوات على الأقل ! قامت من مكانها وتوجهت داخل البيت ، وذهبت إلى حجرة أمها فورا .. قبلت وجنتها وحضنتها وهي تشعر بالضيق ، وحمدت الله أن كانت أمها نائمة ، فهي لا تملك أجوبة على أسئلة أمها التي تقصد بها الإطمئنان عليها ، بل تملك نظرة مكسورة ودمعة حارة ... تحرق قلب أمها . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° • تبوك ، الثامنة وربع صباحا . لا يزال مذهولا ومصدوما من حديث أمه الذي سمعه صدفة وهو يخرج للدوام ، من هذه التي أحبتها أمي إلى هذه الدرجة ، وتحاول إقناعها بي ! وهي لمَ كانت ترفضني دون أن تعرفني أو دون أن تفكر ، هل فعلا لأن تبوك بعيدة عنها ؟ أم أن هناك سبب أخر كالذي لديّ ! هز رأسه وهو يستغفر . ثم انشغل بالأوراق التي أمامه ، أو تظاهر . فقلبه يحترق على نفسه وعلى تلك ، وعقله مشغول بالفتاة التي حدثتها والدته . سارة ! سارة لن تكون سارّة أبدا ، بل إعادة لجروح الماضي ... دخل عليه صاحبه المقرّب وهو لم يكن مستغربا من عدم إجابته على طرقه الباب ، فدائما ما يكون مشغول البال والخاطر . جلس أمامه ونظر إليه بصمت لعدة ثوانٍ ثم تنهد وقال ( ألن تحضر الإجتماع ، تبدوا متضايقا ) . تنهد ' تركي ' قائلا ( بلى سأحضر ) . صديقه وهو يتفحص ملامح وجهه ( ماذا حصل ؟ ) . ' تركي ' ( أمي ) . صديقه ( مابها ؟ ) . ' تركي ' ( لا تريد أن تطيع رغبتي ، اليوم سمعتها تُحدّث إحداهن ، وتقنعها بأن تفكر فيّ ، أتدري ما كان إسمها ؟ سارة ! ) . فتح ' فارس ' عيناه مندهشا مما سمع ، ثم ضحك وهو يقول بمرح ( ربما تكون هي محبوبتك ) . ابتسم ' تركي ' بألم وهو يقول ( لا ، ليست هي .. فهذه كما علمت من حديث أمي لها ، أنها من المدينة ، وتلك لم تنتهي من دراستها بعد ! ) . فارس ( تركي ، لمَ لا تصارح أمك وتخبرها بالحقيقة ؟ لتريح نفسك وتريحها ، أمك ستجبرك على الزواج طالما كنت صامتا ولا تعطيها سببا مقنعا لرفضك ، ولا ألومها على ذلك ، غدا ستتقاعد وستحتاج من يجلس معها ويؤنسها ، وهذه الفتاة إن وافقت ستأتي إلى الجحيم ، أنقذها قبل أن تفكر بالإرتباط بك ) . شبك ' تركي ' يديه وهو يعود إلى الوراء قليلا ( هل جننتَ يا فارس ، كيف تريد مني أن أفعل ذلك وأنا إبنها الوحيد ، لا أطيق رؤية الألم بعيناها يا فارس ) . فارس ( لكنك ستطيق رؤية الألم بعينا إبنة الناس ! ) . تقدم ' تركي ' نحو الأمام وهو يقول ( لن أتزوج يا فارس ، وأرجوك أن تقفل الموضوع ) . وقف ' فارس ' ( حسنا كما تريد ، والآن قم نسير إلى قاعة الإجتماع ) . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°• بريطانيا ، الثامنة مساء . دخلت إلى مسكنها وهي وصديقاتها وهي تشعر بالملل ، ألقت بجسدها المتهالك على سريرها وأخرجت هاتفها تنظر إلى صورته وتتلمسها . كم كان قاسيا حين هجرها ، كم كان متحجر القلب ! ولكنها لا تستطيع أن تكرهه أبدا . قد كان ذات يوم الملجأ ، والصدر الطيب ، والعين الحانية ، والبلسم لجروحها . لم تبكِ منذ عودته إلى دياره ، ولن تبكِ أبدا ، مهما اشتاقت إليه ، ومهما أوجعها الحنين . فهي تعتقد أنها ستجرحه إن فعلت ذلك ، فهو وهبها كل ما يملك حين كان معها . ولكن سؤال واحد بات يزعجها منذ رحيله ، لم يجاوب عليه هو ، ولا تفكيرها المتواصل . لمَ ! لمَ تركها بعد أن أصبحت مجنونة به ؟ هل هي لا تستحق السعادة حقا ؟ •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°• يوم الثلاثاء . تبوك ، الخامسة عصرا . بعد يومان .... صعدت إلى حجرتها للتو بعد أن تلقت الصدمة ، كيف ' تركي ' يخطب سواها ، وكيف يرضى ! ألم يكن ممانعا للزواج ! ظننته يبادلني الحب هو الآخر ، وأنه يرفض الزواج حتى أنهي دراستي . بل أنا متأكدة من أنه يحبني ، وإلا ماذا يعني إهتمامه بي ؟ وإطمئنانه علي بين حين وآخر ؟ وإتيانه إلى بيتنا كثيرا بحجة الإطمئنان على أمي وأخي الصغير ! جميعهم يقولون أنه مغرورا ، وأنا أراه عكس ذلك تماما . أخذت هاتفها واتصلت على إبنة خالتها وهي تنتفض من القهر . ردت عليها الأخرى بصوت ناعس ( خيرا ، ماذا تريدين في هذا الوقت ! ) . قالت ' أحلام ' منفعلة ( لا تقولي بأنك نائمة ، قومي أريد أن أحدثك عن مصيبة ) . جلست ' نجلاء ' بملل وهي تتثاءب ( نعم ! مصيبة ، من أي نوع ) . أحلام ( لست بمزاج يتحمل خفة دمك ، تركي سيتزوج ) . اعتدلت ' نجلاء ' في جلستها وهي تقول ( كيف ؟ ومن هي تعيسة الحظ هذه ) . أغمضت ' أحلام ' عيناها بشيء من القهر ( ستكون تعيسة حظ لأنها ستأخذ رجلا قلبه ملكي ، وليس لأنه مغرورا كما تقصدين ، أما من هي ، فتقول خالتي أنها إحدى الفتيات الأكاديميات ، وقد حضرت إحدى مناسباتها وأُعجبت بأخلاقها وجمالها ، وهي ليست من تبوك ) . ضحكت ' نجلاء ' ( أكاديمية ! إذاً فاعتبري أن الزواج قد تم ) . صرخت ' أحلام ' بقهر ( نجلاء ! لا تقهريني أكثر ، نعم أنا أعرف مدى حب خالتي لمثل تلك الفتيات ، ولكن تركي يحبني وأحبه ) . نجلاء ( تحبينه ! نعم وبجنون ، يحبك .. قلت لك مرارا أنه لا يفكر بك أبدا ) . أحلام ( بلى يحبني ، وإلا لماذا يهتم بي سواكم ) . نجلاء ( لأنك يا إبنة خالتي العزيزة يتيمة ، وليس لديك إخوة ، وهو يشعر أن سؤاله عنك واجب .. ليس إلا ! ) . أحلام ( أنتي فقط تريدين أن تحطميني ، إن استيقظتي جيدا حدثيني ، مع السلامة ) . قذفت بهاتفها بعيدا وهي تشعر بأن دموعها ستسقط . وقفت أمام المرآة وهي تنظر إلى نفسها ، كانت فتاة جميلة ، رشيقة القوام ، طويلة .. شعرها الأسود يصل إلى نهاية ظهرها ، وعيناها الواسعتان تحيطان برموش طويلة وكثيفة .. ولون بشرتها أبيض يميل للإحمرار ، ملامحها عربية وجميلة . كل ما فيها جميل ، ويلفت الإنتباه .. سوى نسبِها الذي تكرهه ، فوالدها كان أحد الفراشين في شركة جدها والد أمها ، ولكنه بعد زواجه من أمها أصبح من الأثرياء ، خاصة وأنه حصل على الجنسية السعودية ، وما لبث أن مات بعد أن أنجب ثلاث بنات وإبن ، حين كانت تبلغ من العمر 11 سنة . وبعد ذلك هرع إليهم أقارب والدها ' الباكستانيين ' من أجل الورث ، حتى كادوا يصلون إلى ' الإفلاس ' لولا لطف الله بهم ، وعلم والدتها بحملها ب' ولد ' . قريباتها جميعهن من عائلات راقية وكبيرة ، وقبائل شريفة . أما هي ... لا تنتمي لأي قبيلة عربية ، لذا تشبثت بحلمها بإبن خالتها ' تركي ' . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•°• يوم الجمعة . المدينة ، التاسعة والنصف مساء . كانت تستمع إلى حديث ابنة خالها بملل ، وتشعر بالنعاس ، إلى أن قالت لها ذلك الخبر الذي زلل كيانها . روابي ( سيأتي مشعل بعد عدة أيام ، ليملك على ' ليان ' ابنة خالتي ثم يعود ليكمل دراسته ) . وماذا عنها ! كانت طوال الأسبوع تفكر في ' تركي ' وطلب والدته ، كانت تشعر بتناقض شديد ، ولكنها أخيرا استقرت على قرار واحد ، وهو أن ترفضه وتنتظر مشعل . ولكن هيهات هيهات .. لا بد أنها ستضطر إلى الموافقة ، خاصة وأنها حين تنظر إلى صورته تشعر بأنه هو فارس أحلامها .. نعم ، متناقضة جدا . ذهبت إلى حجرة أمها بعد أن غادرت ' روابي ' منزلهم . رقدت بجوارها وهي تقبل يدها ، وتفكر ... غدا ستتصل لتسألني عن رأيي . أشعر بأني ضائعة ، لا أستطيع الإهتداء إلى ما سيريحني ويريح قلبي . نامت دون أن تشعر ، واستيقظت على صوت المنبه . صلت الفجر وهي تدعوا الله من قلبها ، بأن يهديها للرأي الصائب . بكت وهي تشعر بأنها عاجزة ، أصبح زواجها بهذا الوقت غير محال ، فقد خُطِبت قبل يومان أيضا . وهي تشعر بأنها ستموت إن ابتعدت عن والدتها ، وأنها ستترك والدتها للمجهول ، وأنها بزواجها ستصبح ' عاقة ' غير بارّة بوالدتها ، تفكر في مصلحتها هي فقط . قاطع خشوعها رنين هاتفها ، كانت والدة ' تركي ' ، ردت عليها بصوت مبحوح . وبعد أن اطمأنت عليها سألتها عن رأيها ، وقالت وهي مغمضة عينها أنها موافقة ، ثم بعد أن أغلقت .. أخذت تبكي بقوة . ثم سجدت لله باكية ، تشكوا إليه ضيقها رغم كل النعم التي أنعم الله به عليها ، ورغم حب الجميع لها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°• يوم السبت . الرياض ، السابعة صباحا . كانت ' أريج ' تنزل من السلم وهي تحمل عبائتها بيدها اليمنى ، والحقيبة بيدها اليسرى . كانت بقمة أناقتها ، وإبتسامتها لا تفارق محياها . رأتها أختها ' وعد ' الجالسة في الصالة ، وفي حجرها ابنتها التي تبلغ من العمر سنتين ونصف ، وقالت بصوت عالٍ ( أراك فرِحة ، إلى أين ؟ ) . ابتسمت ' أريج ' ( سأخرج مع زوجي ، نتمشى قليلا ونعود ، أرجوك أن تلهي ' سعد ' حتى لا يشعر بغيابي ) . وعد ( لكِ ذلك ، ولكن عديني بأن تفعلي ما أريد فور عودتك ) . أريج ( حسنا .. أعدك بذلك ' وابتسمت حين سمعت رنين هاتفها ' ها هو ذا ) . وعد ( أسعدك الله معه ) . نظرت ' أريج ' إلى أختها بألم ثم قبلت جبينها وخرجت بعد أن ارتدت عبائتها . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•°• تبوك ، الثامنة والربع صباحا . جن جنونه حين أخبرته والدته بموافقتها ، وأسرع إلى سيارته متجاهلا نداء والدته . كان يدعو بأن لا توافق ، وكان يتمنى ذلك كثيرا .. ولكن مراده لم يحصل . وهذه المرة لم تأخذ والدته رأيه . حسنا .. فليحصل ما يحصل ، وتلك الفتاة ستتحمل هي لوحدها نتيجة موافقتها . اتصل على ' فارس ' وأمره بالتوجه إلى المقهى الذي اعتادوا ارتياده . ولم يخيب ظنه فارس ، فلم يمر سوى ربع ساعة حتى أتاه . جلس أمامه صامتا وانتظر منه التحدث . رفع ' تركي ' رأسه ببطء وقال ( وافقت سارة ) . تنهد ' فارس ' بغضب ( يعني لم تستطع إقناع أمك هذه المرة ، حسنا ... لمَ لم تخبرها بالحقيقة يا تركي ، ماذنب تلك الفتاة المسكينة التي لا تعلم عنك شيء ) . تركي ( لم يكن بيدي شيء ، أنا لا أستطيع تحطيم أحلام أمي بيدي ) . فارس بغضب ( ستسوق ابنة الناس نحو الجحيم يا تركي ، كم عمرها ؟ ) . ' تركي ' بهدوء ( إثنان وعشرون ) . حدق إليه ' فارس ' بدهشة ( إثنان وعشرون ! هل أنت صادق ؟ ) ووقف بقوة حتى سقط الكرسي الذي جلس عليه ( إن لم تكن شجاعا بما يكفي ، فأنا سأخبر والدتك بالأمر ، أنا آسف .. لا استيطع أن أسكت أكثر ) . ' تركي ' وقف هو الآخر بغضب ( إن فعلت ذلك فسينتهي كل ما بيننا ) . خرج ' فارس ' من المقهى وهو يشعر بحرارة تعلو صدره . جلس ' تركي ' متهالكا ، يشعر بأنه ضعيف .. وجدا . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°• تبوك ، التاسعة إلا ربعا صباحا . دخل إلى المنزل وهو غاضب ، ولا يكاد يرى شيئا أمامه ، كان ينوي الصعود إلى حجرته ، ولكنه توقف عند أول سلم وأطلق ضحكة صاخبة ... حين رأى طيفا يختفي بسرعة تحت السلالم . ابتسم ' فارس قائلا ' ( هل هذه أنتي يا نوف ، لقد اشتقت إليك كثيرا ، لم تأتينا منذ زمن ) . أغمضت ' نوف ' عيناها بخجل قائلة ( من يسمعك يقول بأنك دائم الذهاب لمنزلنا ) . فارس ( فلتعذريني يا إبنة عمتي ، فأنتي تعلمين كم أنا منشغلا في هذا الوقت ) . نوف ( لم تقل شيئا جديدا ) . تنهد ' فارس ' بحب وهو يقول ( نعم ، أنتي محقة .. ولكني / أحبك ) . صمتت ' نوف ' ولم تقل شيئا ، ونبضات قلبها تتسارع . خرجت ' آلاء ' من المطبخ وهي تحمل كوبين ، وابتسمت حين رأت هذا المنظر . آلاء ( يا إلهي ، أخشى أنني قطعت عليكما حديثا شيقا ) . ابتسم الإثنان .. وصعد فارس إلى حجرته . آلاء ( ماذا حدث ) . نوف ' بخجل ' ( لا شيء ، فقط أخبرني بأنه يحبني وأنه دائم الإنشغال ) . ضحكتا الفتاتان وتوجهتا نحو حجرة ' آلاء ' . أما الآخر ، فقد دخل إلى حجرته واستلقى على سريره وهو لا يزال ببذلته الرياضية ، وابتسم وهو يحاول تذكر ملامح ابنة عمته وخطيبته ' نوف ' . والتي خطبها منذ 5 سنوات تقريبا . لم يرها في تلك السنوات الفائتة أبدا ، فهي فتاة خجولة جدا وطيبة ، وإن كانت تصغره بسنوات كثيرة . هو يبلغ من العمر واحد وثلاثون ، أما هي ... فــ عشرون . لم يكن ينوي الإرتباط بها ، ولكن هي العادات والتقاليد ، حيث أوقعته هو دون إخوته ، فكل واحد منهم تزوج من الفتاة التي أحبها أو أعجب بها .. أو حتى كانت بالصفات التي أرادها . كان غاضبا بعض الشيء حين تمت الخطوبة ، حيث كان عمرها لا يتعدى الخامسة عشر ، وهو في السادسة والعشرون . ولكنه الآن ... يشعر بأنه سيكون الأسعد بين إخوته . ف أخيه الكبير ' أحمد ' والذي تزوج من فتاة أحبها حين كان يكمل دراسته في الخارج ، أصبح كالخاتم في أصبعها . أما الآخر ' سالم ' والذي تزوج ابنة عمه التي أحبها أيضا ، ليس سعيدا معها ، لأنها دائمة الشكوى لأهلها لأتفه مشكلة ، وهذا قد يسبب المشاكل بين العائلتين . أما أخيه الذي يصغره ، والبالغ من العمر السابعة والعشرون ' خالد ' ، والذي تزوج من موظفة ( كما كان يأمل ) أصبح يعاني ، لأنها مهملة لبيتها وأولادها وزوجها . أما هو ، لم يحب ' نوف ' من أجل جمالها أو دلالها حتى يصبح خاتما في يدها ، وهي كما يقول الجميع " عاقلة ورزينة " لن تشتكي لأهلها ، وليست موظفة كي تهمل بيتها . سيتزوجها تبعا للتقاليد ، وكان حظه طيبا حين كانت من نصيبه ' نوف ' . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•° مر أسبوعان ، وتم موضوع ' تركي وسارة ' وحدد موعد الملكة ، والذي كان بعد أسبوع بالتمام . ولم يطالب ' تركي ' بحقه ، وهو ' النظرة الشرعية ' . وكانت ' سارة ' سعيدة بهذا الشيء . ? ? يوم الإثنين . تبوك ، الرابعة والنصف مساء . جُنَت ' أحلام ' حين علمت بالخبر . فأسرعت إلى بيت خالتها دون أن تفكر في العواقب ، دخلت المنزل وتوجهت بغضب إلى ' تركي ' الذي يجلس لوحده سارح البال . ' أحلام ' غاضبة ( ماذا تظنك فاعل ؟ ) . وقف ' تركي ' مستغربا منها ( أحلام ! ماذا تقصدين ؟ ولمَ أنتي غاضبة ؟ ) . أحلام ( إذا كنت تنوي الزواج من فتاة أخرى ، إذا لماذا تجعلني أحبك ؟ ) . نظر إليها ' تركي ' مندهشا ( أجعلكِ تحبينني ! لا بد من أنك فقدتي الصواب ) . ' أحلام ' ( أنا لم أفقد صوابي أبدا ، بل هذا الحق ، جعلتني أحبك بتصرفاتك معي ، والتي كانت دليلا على حبك لي ) . ضحك ' تركي ' غير مصدق ( لا أظنك جادة في قولك ، عن أي تصرفات تتحدثين ؟ ) . ' أحلام ' ( أتحاول الإنكار يا تركي ، كنت دائم الإطمئنان علي والسؤال عني ، وكنت تأتي إلى منزلنا بإستمرار ، ألا تدل هذه الأشياء على حبك لي ) . ' تركي ' ( أنتي مخطئة يا أحلام ، لم يكن إهتمامي بك سوى من باب الواجب وتقديم المساعدة ، أنا لم أحبك أبدا ) . أدمعت عينا ' أحلام ' ( نعم ، كان واجب عليك تقديم المساعدة لإبنة الباكستاني ، سامحك الله ) . وغادرت المنزل وهي تذرف دموعها . جلس ' تركي ' وهو يضغط رأسه بيديه ، ألم تجدي غيري يا أحلام كي تحبيه ؟ يكفيني ما بي ، مالذي جعلك تأتين في هذا الوقت وتزيدين من آلامي وحسرتي . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•° بريطانيا ، السابعة مساء كانت سعيدة جدا حين نودي لرحلتها إلى السعودية ، وإلى ' تبوك ' بالتحديد . حيث والدتها وإخوتها ، وقلبها ..! ظلت تدعوا الله سرا بأن ترى حبيبها . لم تنهي دراستها بعد ، ولكن الحنين قد أزعجها وحرمها من النوم . توجهت إلى منزل والدتها برفقة خالها ، واستقبلتها والدتها بالدموع . وبعد يوم طويل ومتعب صعدت إلى حجرتها واستلقت على سريرها تحاول النوم ، ولكن النوم قد جافاها وأصبحت تفكر فيه . هل ستراه قريبا ؟ كيف ستكون ردة فعله إن رآها ؟ هل سيعودان كما كانا ؟ حضنت مخدتها وهي تبتسم لذكراه . كان هو الوحيد الذي شعرت معه بالسعادة ، وشعرت بأنها فعلا تستحقه . لكنه تركها ، لتعود هي إلى واقعها المؤلم . لا بأس ، قد حصل ذات الشيء مع والدتها ، وتحملت . وهي أيضا ستتحمل ، إن تركها للأبد . •°•°•°•°•°•°•°• التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 06-03-17 الساعة 09:35 AM | ||||||||
26-01-17, 02:11 PM | #3 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° ( الجزء الثاني - بداية أمل ) المدينة ، العاشرة والنصف مساء علقت فستانها أمامها وأخذت تنظر إليه وتتفحصه ، ثم صارت تتخيل نفسها به ، وتتخيل ' تركي ' بجوارها وتبتسم . لم تكن تعلم أنها ستشعر بالسعادة حين تجهز لملكتها . استلقت على ظهرها وهي تحضن مخدتها ، وأفكارها تأخذها إلى اليوم الموعود ، والذي لم يتبقى لمجيئه سوى يومين . ليست هي فقط من ستصبح ملكا ' لتركي ' ، فبعد يومان من ملكتها ، ستصبح ' ليان ' ملكا ' لمشعل ' . تنهدت وهي تحاول إبعاد ' مشعل ' عن عقلها وقلبها . نامت وهي تستودع الله أحلامها . •°•°•°•°•°•°°•°•°°•°� ��° الرياض ، التاسعة مساء . تجلس مع إخوتها وقلبها مشغول على زوجها الذي لم يتصل منذ الصباح ، ولم يستجيب لإتصالاتها هي . استأذنت منهم وصعدت إلى حجرتها قلقة . أخذت تتصل عليه مرة أخرى . ولكن دون جدوى . جلست وهي تتذكر أول لقاء بينهما ، وكيف أحبا بعضهما بجنون ، وكيف هي تغاضت عن عيوبه ورضيت به رغم منع الكثيرين لها من حولها على عدم الإرتباط به ، ولكنها لم تلقِ لهم بالا . وقفت أمام من يتصدى لعلاقتهما ، محتجة بأنه سيتغير لأجلها . رأته أول مرة في أحد المولات ، حيث كان يمشي خلفها ويتبعها أينما ذهبت ، حتى حين أصبحت لوحدها قال بحياء مصطنع ( هل سمحتي لي يا أختي ، أنا لا أريد أن أزعجك ولا أعاكسك ، فقط أريد رقم والدك كي أطلبك منه ) . تفاجأت ' أريج' جدا من طلبه ، ولكنها لم تترد أبدا في إعطائه رقم والدها . كانت تنتظر اللحظة التي يأتي فيها والدها ليفاتحها بموضوع الشاب الوسيم ، حتى مر أسبوعان ولم يحصل شيء . وبعد ذلك كانت في أحد الأماكن العامة ، حيث رأته يجلس مع أصحابه ويمرح . لم تحرك عيناها من عليه ، ومشاعر غريبة تراودها . إلى أن انتبه إليها وعرفها , فهي لم تكن تغطي وجهها . توجه إليها مطأطأ الرأس خجلا وقال ( أنا آسف لأنني لم أتصل ، كنت مشغولا بعض الشيء ، ولكنني أعدك بأن أتصل هذه الليلة ، بالمناسبة ... ما إسمك ؟ ) . قالت ' أريج ' خجلة ( إسمي أريج ) . ابتسم ( أريج ، إسمك جميل ، أنا مازن .. أتمنى أن يوافق والدك على زواجي منك ) . وبالفعل ... حدث الشاب والد أريج ، وتمت الموافقة ، وحدد موعد الملكة . وفي ذات ليلة وبينما ' أريج ' تجلس مع أختها ' وعد ' الأرملة . دخل أخيها ' سعد ' المنزل وقال ( أريج ... انسي أمر زواجك من ذلك السافل ) . انصدمت ' أريج ' من قوله ( ماذا ؟ ولمَ ! ) . سعد ( علمت أنه زير نساء ، ولم تبقى فتاة ساقطة في الرياض إلا ولها علاقة بمازن ) . أريج ( لا بد من أنك تمزح ، أنا لن أصدق ما تقول ) . ' سعد ' ( صدقي أو لا تصدقي ، زواجك منه لن يتم ) ثم صعد إلى حجرته غاضبا . وقفت ' وعد ' ( لا عليك يا أريج ، سيأتيك من هو أحسن منه ) . ' أريج ' ( أنا لا أريد سواه يا وعد ، فقد أحببته ، وإن كان كما قال سعد ، لم يتقدم لخطبتي دون أن يعلم عني شيئا ، لا شك أن من أخبر ' سعدا ' بهذا الأمر ، يكره ' مازن ' أو شيء من هذا القبيل ) . ' وعد ' ( لا أعتقد أن ' سعد ' يصدق أي إشاعة دون التأكد منها ) . وبعد أن عاد والدها من العمل ، أخبره ' سعد ' بما سمعه عن ' مازن ' ، وأتت إليه ' أريج ' تبكي وتكذب أخاها ... استغرب الجميع من فعلتها ، ثم توجهت أنظار الجميع نحو ' سعد ' حين قال ( لا تقولي بأنك على علاقة معه ) . شهقت ' أريج ' وهي ترجع إلى الخلف ( ماذا ؟ ماهذا الذي تقوله يا سعد ، أنت من تربيت وكبرت على يدك ، تتهمني بهذا الإتهام ؟ ثم إني لا أملك هاتفا ، ولا أخرج كثيرا من المنزل ) . ' سعد ' ( حسنا لماذا تريدين الزواج منه وقد علمتي أنه ليس بالشخص الذي يناسبك ) . ' أريج ' ( لا أعلم ... فقط أريد الزواج منه وحسب ) . قطع والدهم نقاشهم قائلا ( لن يحصل إلا ما تريدينه يا إبنتي ) . ذهبت ' أريج ' إلى والدها سعيدة وأمسكت بكفيه ( حقا أبي ! ) والدها ( نعم ) . وقف ' سعد ' ينظر إليهم غير مصدق ( أبي ... هل أنت جاد ، كيف تزوج إبنتك شابا سيء السمعة كمازن ؟ ) . والده ( هي علمت بذلك يا سعد ، وما زلت مصرة ، وهي ليست صغيرة يا ولدي ) . ' سعد ' غاضب ( لا ، لا أصدق ما يحصل ... ستندمين يا أريج ، فكري جيدا ) . ' أريج ' ( سأستطيع تغييره بيدي يا سعد ، فليعينني الله ) . خرج ' سعد ' المنزل غاضبا ولم يعد سوى بعد يومين ، وعيناه مليئتان باللوم والحسرة على أخته الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها التاسعة عشر . أخته هذه التي ماتت والدته بعد ولادتها فورا ، ولم تشعر باليتم أبدا بالرغم من أن والدهم لم يتزوج بأخرى . ولكن إخوتها لم يتركوها حتى تشعر بالحرمان . كانت فتاة جميلة ، مدلّلة .. ! كيف الآن تذهب بإرادتها إلى الجحيم . وبينما كانت في السوق مع صديقتها ، رأت مازن وبجواره فتاة " متلثمة " تلبس عباءة ضيقة ، وعيناها ملفتة للنظر بسبب مكياجها الصارخ والعدسات الملونة ، كان يميل إليها ويهمس إليها ببعض الكلمات فتضحك وتتمايل . عكست طريقها سريعا كي لا يعرف أنها رأته . وتكرر ذلك الشيء كثيرا بينما هي تجهز لتلك المناسبة ، وسمعت عنه أشياء سيئة من كل حدب وصوب . ولكنها لم تعرف لمَ هي باتت معلقة به رغم رؤيتها له بمناظر لا يرضيها . كانت بعض الأحيان تقول لنفسها أنه شاب مسكين ، لم يجد من يوجهه وينصحه ، وهي ستكون أنسب شخص لهذه المهمة ، ستتزوجه وستقوم بالمهمة على أكمل وجه . ستساعده حتى يتخلى عن شهواته وعن الفتيات . نعم ... هي أهلاً لذلك . حتى تمت الملكة ، وكانت لا تصدق أنه هو من سمعت عنه الشائعات ، ورأته في الأسواق مع الفتيات . كانت إحدى صديقاتها تقول أنه فقط يدعي المثالية لأنه لا يعرف أنها تعلم حقيقته ، كان دائم الشكوى من أخيها ' سعد ' الذي ينظر إليه بإحتقار دون سبب . وهكذا استمرت علاقتهما سنتان . وزوجها هو من يؤخر الزواج ، بحجة بناء بيت كبير لها ، وإيجاده لوظيفة محترمة توفر له المرتب الذي يليق بها كإبنة ' وزير ' . كانت تصدقه دائما وتتغاضى عن عيوبه ، أحبته بجنون خلال هاتان السنتان ، وتمسكت به أكثر . ما إن وضعت رأسها حتى نامت مرهقة من التفكير . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° يوم الخميس . المدينة ، السابعة والنصف مساء . جاء اليوم الموعود ، والكل مشغول . أهل تبوك جميعهم قدموا منذ البارحة ، وأهل المدينة مشغولون بتجهيز حديقة المنزل والصالات الداخلية للمنزل منذ البارحة أيضا . طلت سارة من نافذة حجرتها على الحديقة الخلفية لمنزلهم ، كانت الحديقة رائعة بشكلها الجديد . الطاولات والكراسي منتشرة في أنحاءها ، والورود الطبيعة زادت المكان بهجة وحيوية ، والمكيفات الصغيرة والأنوار في كل ركن . أما هناك عند الباب ، كانوا يقفون بعض الشباب الذين انتهوا من التجهيز لتوهم . إثنان من إخوتها ، وأبناء عمومتها وخالاتها ، و .... مشعل . الذي قدم من ' كندا ' لتوه ، وذهب إلى بيت عمته بعد أن تأنّق وتجهز . حتى أنه لم يأخذ قسطا من الراحة . نظرت إليه ' سارة ' طويلا ، ثم ابتعدت عن النافذة وهي تقول لنفسها ( لم يأتِ باكرا إلا لأنه يعتبرني أختا له كما كان يقول لي دائما ) . ابتسمت وهي تتوجه نحو المرآة وتقف أمامها وتشعر بالرضا ( سأكون لمن هو أجمل منه وأحسن ) . كانت سارة فتاة ذات جمال بسيط ، متوسطة القامة ، نحيلة الجسم ، شعرها البني يصل إلى نصف ظهرها ، عيناها تشبه عينا أمها الفاتحتان ، وكانت بيضاء البشرة . كانت ترتدي فستانا باللون الوردي ، بأكمام طويلة ، ضيق من عند الصدر وحتى البطن ، ثم تتسع من بطنها حتى الأسفل . وكتفاها مكشوفتان .. بسبب فتحة الصدر الكبيرة على شكل مثلث ، ونفس الشيء من ظهرها . وشعرها مزين بتسريحة بسيطة ' مفردة ' . ومكياجها أيضا كان بسيطا جدا .. كانت رائعة بما تحملها الكلمة من معاني . °•°•°•°•°•°•°•°•°•° تبوك ، العاشرة مساء . كانت تنتظر مجيئه في المكان المعتادة رؤيته فيه منذ عدة سنوات ، ولكنه لم يأتِ ! ربما هجر هذا المكان أيضا ...! وقفت وهي تنوي الرجوع ، ولكن لفت إنتباهها صوت مألوف ، التفتت إليه وابتسمت بسعادة . نادته بصوت عال ( فارس ) . التفت ' فارس ' إلى من تناديه وهو مندهش ، ثم ذهب نحوها وهو لا يزال مصدوما ( سارة ! ) . ابتسمت ' سارة ' ( كيف حالك فارس ؟ ) . ' فارس ' ( بخير والحمدلله ، كيف حالك أنتي ؟ ) . ' سارة ' ( بخير ... آآآ كنت أود رؤية ' تركي ' ، وأظنه لن يأتِ ) . أطرق ' فارس ' رأسه خجلا من فعلة صاحبه ( لا ، لن يأتِ ، فهو الآن في المدينة ) . ' سارة ' ( في المدينة ؟ ماذا يفعل هناك ، هل هي مهمة عمل أم ماذا ؟ ) . قال ' فارس ' بعد صمت ( أبدا ، لديه مهمة خاصة به ) . سكتت ' سارة ' وتود لو تعرف ما هي هذه المهمة الخاصة ، ولكنها لن تسأله ( فارس ، أود أن أسألك سؤالا ، وأرجوك أن تجيب بصراحة ) . ' فارس ' ( تفضلي ) . قالت ' سارة ' بعد صمت وتردد ( تركي ، لمَ تركني ؟ ) . رفع ' فارس ' رأسه وهو ينظر إلى ملامحها الحزينة ، تألم من أجلها كثيرا ( لديه أسبابه الخاصة يا سارة ، وأنا لا أستطيع إخبارك بها لأنه لو كان يريدك تعلمينها ما كان ليتركك حائرة ) . تنفست ' سارة ' بعمق ثم قالت ( لا بأس ، أظنه سيعود إليّ يوما ما ) . ' فارس ' ( لا يا سارة ، أرجوك لا تعلقي نفسك بحلم كهذا ، انسي تركي ، وإلا سوف تعانين كثيرا ) . اغرورقت عينا ' سارة ' بالدموع ( لمَ يا فارس ؟ أنا أحبه كثيرا ، ولم آتِ هنا إلا من أجله ، فأنا لم أنهِ دراستي بعد ، ولكنني فور حصولي على إجازة أتيت هنا لرؤيته وسؤاله عن السبب الذي جعله يتركني ) . ' فارس ' أغمض عيناه متألما عليها ( سارة ! اعتبريني أخا لك ، وتقبلي نصيحتي ، ابتعدي عنه وانسيه ) . ' سارة ' ( لا بد من أن أمر ما قد حصل ، أخبرني يا فارس ، حتى أقتنع أنه يجب علي نسيانه ، هل هو بخير ؟ أم أنه .... ارتبط بأخرى ؟ ) وتلاحقت أنفاسها رافضة هذه الفكرة . عض ' فارس ' شفته السفلى ( لا أستطيع أن أخبرك عن شيء ، أنتي فقط حاولي نسيانه ، من أجلك يا سارة ) . نظرت إليه ' سارة ' بضعة ثوانٍ ثم انصرفت قائلة ( هذا مستحيل ) . جلس ' فارس ' على أحد المقاعد وهو يفكر . ماذا فعلت يا صاحبي ، كسرت قلب هذه المسكينة ، والآن تقدم على كسر قلب ' سارة ' أخرى . بالرغم من أن ما يفعله صاحبه " شنيع " إلا أنه كان يود الوقوف بجانبه ، ولكنه لم يستطع بسبب بعض الأعمال المهمة في الشركة . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°• المدينة ، العاشرة والنصف مساء . كم كرِه نفسه أن وُضِع في مثل هذا الموقف ، كان ولا يزال يتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه ، ولا يتم هذا الزواج . أرغم نفسه وقال للشيخ أنه موافق .. ووقع ، ووقعت ' سارة ' _ وتمت الملكة بحمدالله . كانت والدته تريد منه الدخول إلى الحديقة الخلفية حيث النساء ، ولكنه كان يرفض بشدة . ولكنه لم يستطيع الممانعة حين لمس الحزن والضيق في صوتها بسبب رفضه . دخل على مضض ، ووقف مع خالاته وعماته ينتظر ' سارة ' تنزل برفقة والدته بجوار الباب الخلفي للحديقة بجانب السلم . كان قلبه يدق بسرعة ، حتى سمع صوت ' كعبها ' العالي . وحين التفت الجميع حولها وهم ' يزغردون ' ( أو كما سمون ذلك الشيء ) ، لم يلتفت هو . حتى قدمها والدته إليه وجعلته يمسك بكفها التي ترتجف . ثم أخذت تذكر الله عليهما وتدعوا لهما بالتوفيق . قبل رأس والدته التي يشع الفرح من عيناها ، وابتسم من أجلها .. ولم يكلف نفسه عناء الإلتفات والنظر إلى سارة . خرج الإثنان على أنغام إحدى الزفات ، والأعين عليهما . تقدما نحو المنصة البسيطة والمزينة بورود طبيعية . كانت ' سارة ' ترتجف من الحياء والخجل ، وكانت تشعر ببعض السعادة . أما هو ، فقد كان يشعر بالتوتر هو أيضا ، وشعور بالذنب يطغى عليه . حتى انتصفا المنصة والجميع يصرخ . كانا جميلين جدا ولائقان ببعضهما ، وابتسامتهما سحرت الجميع . قدمت عمة ' تركي ' الصغيرة ' منال ' والتي تزوجت قريبا من رجل أعمال وهي تجر عربة بمساعدة اثنتان من الخادمات . ثم سلمت عليهما وباركت لهما ، وأمرتهما بأن يقطعا ' الكعكة ' الكبيرة التي يتوسطها صورة لتركي . أمسك ' تركي ' بكف ' سارة ' التي لا تزال مرتجفة ، وقطعا الكعكة وسط صراخ الفتيات . ثم أمرته منال بأن يؤكل ' سارة ' قطعة ، غضب كثيرا ولكنه تجاهل شعوره . تناول ' الشوكة ' من عمته والتفت إلى ' سارة ' ، ويا ليته لم يلتفت . ظل ممددا الشوكة نحو فم ' سارة ' دون أن يقربها ، كان ينظر إليها بانبهار . ثم انتبه ' لمنال ' التي قرصته بخفة . انتبه لنفسه وقرب الشوكة من فم ' سارة ' التي ذابت من الخجل بسبب نظراته . ثم ناولته هي قطعة ، وشربا العصير . وألبسها العقد والخاتم ، وهي ألبسته الخاتم . طلب من أمه أن يخرج بسرعة ، فهو متضايقا وخجلا بسبب كثرة النساء ، والحقيقة أنه تضايق من ' سارة ' . وبعد ساعة ، أرادت ' منال ' أن يجلس ' تركي ' مع زوجته لوحدهما حتى يتحدثا ويأخذا حريتهما ، ولكنها تفاجأت حين قال بأنه مرهق ، وعاد إلى الفندق . تضايقت ' سارة ' حين علمت بذلك ، ولكنها أعذرته ، ربما يكون تعِبا حقا . ولم تنم طوال الليل وهي تفكر فيه وتنظر إلى الخاتم . وفي مكان آخر ... كان ' تركي ' مشغول البال بالسارتين ، الأولى _ محبوبته _ طويلة القامة _ لم تكن نحيلة ، ولم تكن بيضاء تماما ، وعيناها " سوداويتان ، لا تبتسم إلا قليلا ، ولكنها جميلة ... جميلة جدا ، بنظره هو فقط ، يكفيه أنها أحبته وأحبها دون أن يهتم أحد منهم لجمال الآخر . في عيناها بعض الغرور . الثانية _ زوجته - متوسطة الطول ، نحيلة ، عيناها فاتحتان ، ابتسامتها لم تغب عنها رغم التوتر الشديد الذي لاحظه فيها ، عيناها تشعان منها البراءة . مظهرها أيضا يدل على أنها لم يسبق لها تجربة خائبة ، مؤلمة . ستكون سعيدة ، فقط لو كانت لغيره .. أما الآن . فالأمر مستحيل . أشفق عليها كثيرا من نفسه ، ولكن الآن ... فسوف لن يفيد أي شيء . قد ارتبطا ، وانتهى كل شيء ! وماذا عن قلبي ؟ قد لا أستطيع نسيان سارة الأولى ، فأعذب الأخرى . وإن أحببت الأخرى ، سأعذب نفسي ! ماذا تفعلين الآن يا سارة ، هل نسيتِني ؟ أم أنك لا تزالين تعيشين مع ذكراي ؟ هل أن أنهيتِ دراستك ؟ هل ستعودين قريبا ؟ هل سأحظى برؤيتك لبعض الوقت كي أروي ظمأ قلبي ؟ •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° المدينة ، الثانية صباحا كانت ' أحلام ' تذرع الغرفة جيئة وذهابا . تمددت ' نجلاء ' على سريرها بملل وهي تتثاءب ( نامي يا أحلام وأريحي نفسك ، قد تمت ملكته لتلك الجميلة ، أما أنتي ... فليرزقك الله من يقدرك ويقدر جمالك وطيبة قلبك ) . التفتت إليها ' أحلام ' قائلة ( هل تسخرين يا نجلاء ) . ' نجلاء ' ( أنا لا أسخر يا أحلام ، ولكن أنتي من تأبين تقبل الحقيقة بالرغم من وضوحها ووقوعها ) . ' أحلام ' ( أشعر بالغيض * وجلست * نعم ، كيف لفتاة بسيطة مثل تلك تأخذ حبيبي مني ، لا بد من أن خالتي قد جنت حين فكرت بتزويج ' تركي ' من هذه الطفلة ، أكاد أفقد عقلي يا نجلاء ، لا أتخيلهما سويا ) . اعتدلت ' نجلاء ' جالسة ( ألم تخبريني بأنه قد قال لك أنه لم يكن يحبك ، ومع ذلك تستمرين بقولك أنها قد أخذت حبيبك ، انسيه يا أحلام .. أرجوك ) . ' أحلام ' ( لا أستطيع يا نجلاء ، كان على خالتي أن تختارني دونها ' وابتسمت بألم ' ولكن كيف لها أن تفعل ذلك ، فنَسبي لا يليق بإبنها الوحيد ، وأقربائي ليسوا من العرب ) . قامت ' نجلاء ' وتوجهت إليها ( نسبك يا إحلام لا يعيبك ، حتى وإن كان أصلك يعود إلى باكستان فأنتي سعودية ) . ' أحلام ' ضحكت متألمة ( هل تتخيليني مع رجلا باكستانيا ، وأبناء باكستانيون ، لكَم أحتقر نفسي حين أتذكر أني لست سوى إبنة لرجل كان ينظف شركة والد أمي ) . ' نجلاء ' ( لا تقولي ذلك يا فتاة ، لولاه لم تصلي إلى ما وصلتِ إليه ، وأبكِ بشر وعبد من عباد الله ,استعيذي من الشيطان ونامي ) . استلقت ' أحلام ' ودمعتها عالقة في عيناها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° يوم الجمعة . الرياض ، السادسة صباحا . استيقظت على نغمة هاتفها ، والتي خصصتها ' لمازن ' . اعتدلت جالسة وهي ترد عليه . ' أريج ' بلهفة ( مازن ، هل أنت بخير ، لمَ لم تحدثني البارحة ؟ ) . ضحك ' مازن ' ( مهلا ، هل قلتُ صباح الخير ؟ ) . ابتسمت ' أريج ' ( لا يهم ، والآن أخبرني ماذا حصل معك بالأمس ) . قال ' مازن ' بصوت ملؤه التردد ( سامحيني حبيبتي ، فبالأمس كنت مشغولا مع والدتي التي تعبت فجأة ، واضطررت لأن أعمل عملا إضافيا كي أوفر المبلغ المطلوب لعلاجها ) . ' أريج ' ( ما بها والدتك ؟ ) . ' مازن ' بعد صمت دام لدقيقة ( مصابة بمرض في القلب ) . شهقت ' أريج ' ( ماذا تقول يا مازن ؟ هل أنت جاد ؟ ) . ' مازن ' ( نعم حبيبتي للأسف ، لم أشأ مضايقتك ، ولكن الحقيقة لا مفر منها ) . ' أريج ' ( لا عليك عزيزي ، إن لم أشاركك همومك فمن ذا الذي سيشاركك ، وماذا سيفعلون لها ؟ ) . ' مازن ' ( قالوا بأنه يجب عليها الذهاب إلى ألمانيا لإجراء عملية ، قد تكلف العملية كثيرا ، هذا غير تكاليف السفر والمكوث في المستشفى ، أشعر بالعجز ، إن ماتت فمن سيبقى لنا أنا وأختي ريم ؟ ) . أشفقت عليه ' أريج ' وقالت تطمئنه ( لا تيأس عزيزي ، سأكون بجانبك دائما ، ووالدتك ستقوم سالمة ) . ' مازن ' ( ولكن المبلغ كبير جدا ، ووالدتي لن تعيش حتى أجمع ذلك المبلغ ) . ' أريج ' ( كم المطلوب مازن ؟ ) . ' مازن ' بعد تردد وإصرار من ' أريج ' ( ...... ) < مبلغ كبير ' أريج ' ( يا إلهي ! ) . يأس ' مازن ' من ردها وقال ( نعم ، كان الله في عوني ) . ' أريج ' ( لا تقلق حبيبي ، سأساعدك ) . ' مازن ' فرح بعض الشيء ( كيف ؟ ) . ' أريج ' ( سأعطيك المبلغ كاملا و..... ) . قاطعها ' مازن ' بقوله ( لا يا حبيبتي ، لا أريد شيئا كهذا يحدث ، فأنتي أغرقِتني بكرمك ، ولا أريدك أن تحرجيني أكثر ، أنا سوف أدبر المال ) . ' أريج ' معترضة ( أرجوك مازن ، أنت زوجي .. إن لم أقف معك في ظرف كهذا متى سأقف معك ؟ اعتبر هذا المبلغ هدية مني ) . ' مازن ' ( لا يا أريج ، لن أستطيع فعل ذلك ، فرجولتي لا تسمح لي ) . ' أريج ' ( إذا .. اعتبره دين ، وأعده إليَّ متى استطعت ، ماذا قلت ؟ ) . تنهد ' مازن ' بضيق ( حسنا ، سأفكر في الموضوع ، ولكن هذا لا يعني أنني وافقت ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°°•°� ��° المدينة ، الخامسة عصرا . نزل من سيارته مكرها ، متبعا أوامر والدته وعمته . طرق الباب وانتظر حتى فتح له الباب فتاة صغيرة ، قادته نحو المجلس الكبير ثم ذهبت وهي تنادي عمتها بصوت عالٍ ( عمة سارة ، عمة سارة ) . صار يفرك يديه بقوة وهي ينتظرها ، ورفع رأسه حين سمع صوت حذاءها . انبهر بها مرة أخرى ، كانت ترتدي فستانا باللون الأزرق ، قصيرا يصل إلى نصف الساق ، بأكمام طويلة وشفافة ، تبين بشرتها الناصعة البياض . وثغرها مصبغ باللون الأحمر ، وعيناها مكحلتان . وشعرها نصفه مرفوع بوردة بيضاء . قدمت إليه مبتسمة ، وتحمل بيدها صينية بها عصير وماء . وضعتها أمامه ووقفت وهي تمد يدها إليها ، وقف وسلم عليها ، وفاجأته حين قبلت جبينه . ثم جلست بجانبه وهي تلعب بأظافيرها وتضغط على يدها ، والحمرة تعلو وجنتاها . شعر بأنه لا يستطيع السيطرة على نفسه ، فشرب الماء دفعة واحدة ، ثم التفت إليها بعد أن تنفس بعمق ، ( كيف حالك ؟ ) . قالت ' سارة ' بهمس ( بخير ) . ' تركي' بعد صمت ( إذا ؛ عليّ الذهاب الآن ) . ووقف تحت أنظار ' سارة ' المتعجبة ، والتي وقفت هي الأخرى بعد أن استوعبت الأمر . ' سارة ' ( مهلا ولكنك لم تأكل شيئا ) . ' تركي ' ( في المرة القادمة يا سارة ) وخرج من المجلس بخطوات سريعة ، دون أن يسلم على ' سارة ' . جلست ' سارة ' على المقعد مندهشة مما حصل للتو . ماذا حدث قبل قليل ؟ بل مالذي حدث منذ الأمس ؟ تركها ورحل ، واليوم لم يعتذر عن فعلته ، ولم يتحدث ، ولم يطلب رقم هاتفي ، وذهب سريعا ..! ما يعني كل هذا ....! حياء ؟ غرور ؟ أم ... غضب ؟ لأي شيء سوف يكون غاضبا عليها وهي لم تعرفه إلا منذ البارحة ! أم .... إجبار ؟ نعم ، قد يكون مجبرا على الزواج منها ، لذا يتصرف بهذه الطريقة ، يبدوا هذا الإحتمال بعيدا مع كونه وحيد والديه . أم مريض ؟ هذا محتمل إلى درجة كبيرة . ذهبت إلى حجرتها وهي تشعر بالضيق ، وبدلت ملابسها سريعا .. وبغضب . لا تريد أن تتذكر أنه لم يلتفت إليها و لم ..... يغازلها ! نعم ، هي تستحق كل الغزل ، وتستحق جميع الكلمات الجميلة والرائعة . وهذا من أين أتى حتى لا يشعرها بذلك ! راودتها هذه الأفكار بينما تقف أمام المرآة غاضبة . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°•° تبوك ، السادسة مساء . نزلت ' سارة ' من حجرتها وهي تحمل حقيبتها ، سلمت على أمها وهي تبكي بحرقة .. ليس لأنها ستودع والدتها مرة أخرى ، بل لأنها وأخيرا .... استوعبت أن ' تركي ' هجرها حقا . غادرت المنزل برفقة خالها ، وتوجهت معه إلى المطار . انتظرا نداء رحلتهما نصف ساعة ، ثم توجها إلى بوابة المغادرة . كان خالها قد سبقها ، وهي خلفه . وفجأة ، أحست بشخص مر من جنبها ، كأنها تعرفه .. التفتت إليه ، كان وجهه مألوف جدا . ونادت بإسمه حتى تتأكد ( تركي ! ) . كان ' تركي ' للتو راجعا من المدينة ، التفت إلى من يناديه وهو مندهش ومتلهف بذات الوقت . التقت عيناهما ، وراح كلٍّ يتحدث بلغة الصمت . أسرعت ' سارة ' نحوه وهي تقول ( أهذا أنت يا تركي ، اشتقت إليك ) . ' تركي ' تألم حين رأى اللهفة بعيناها ، ولكن حتى لا يجرحها أكثر ، مشى تاركا خلفه قلبا مكسورا . أصبحت ' سارة ' تهز راسها غير مصدقة .. ثم انتبهت لخالها الذي يناديها ، وذهبت إليه وهي تجر خلفها أذيال الخيبة . وطوال الوقت منذ ركوبها الطائرة وحتى وصولها وهي تبكي وتفكر . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•° ركب ' تركي ' سيارته وهو يشعر بالذنب . كان عائدا لوحده ، أما البقية فسيعودون صباح الغد . ماالذي أتى بك في هذا الوقت يا سارة ؟ أنا لم أعد أحتمل المزيد . تصرفاتي باتت جارحة . لا أحد سيتحملني في الأيام القادمة ، بالأمس جرحت تلك المسكينة وخرجت دون أن أعيرها أيّ إهتمام ، واليوم أنتي ! هل أنجبتني أمي كي أجرح الفتيات ؟ توجه إلى الشركة بعد أن ذهب إلى المنزل وبدل ملابسه . كان ' فارس ' يجلس ع مكتبته يعمل على بعض الأوراق ، وما إن رأى ' تركي ' حتى قام وحضنه . ' فارس'بعتاب' ( لو أنك أرحتَ نفسك قليلا ! ) . ' تركي ' ( لا داعي لذلك ، هل كل شيء على ما يرام ). ' فارس ' ( نعم كل شيء ، إلا شيئا واحدا ) . ' تركي ' ( ما هو ؟ ) . ' فارس ' ( سارة ) . ' تركي ' استغرب نوعا ما ( سارة من ؟ ) . ' فارس ' بدهشة ( وهل تعرف غيرها سارة ال........ ، آآه صحيح ، كدت أنسى ، زوجتك أيضا إسمها سارة ) . ' تركي ' ببرود ( ما بها سارة ؟ ) . ' فارس ' ( كانت هنا ، تبحث عنك ) . ' تركي ' ( أعلم ) . ' فارس ' مندهش ( تعلم ! وكيف ؟ ) . ' تركي ' ( رأيتها في المطار ، غادرت تبوك ) . ' فارس ' ( لا شك من أنك تمزح ) . ' تركي ' ( أبدا ) . تنهد ' فارس ' وهو يعلم جيدا أن صاحبه لم يحسن التصرف مع الموقف ( حسنا لن أسألك ماذا قلت لها ، فقط أخبرني ماذا حصل معك أمس وقبله ) . ' تركي ' وطيف سارة _ زوجته _ يمر أمامه ( لم يحصل شيء ، سوى خيبة وبعض الشعور بالذنب ) . ' فارس ' ( ماذا تقصد ؟ ) . تجاهل ' تركي ' سؤاله ( أتدري ما الجميل في الموضوع ، أني لست خائفا من أن أنادي زوجتي مخطئا بإسم تلك ، حمدالله أن كلتاهما يملكان نفس الإسم ). ' فارس ' ( ولكنهما لا يملكان نفس الشخصية يا تركي ، كن حذرا ... فقد تكون زوجتك محافظة عكس سارة المتفتحة ) . ' تركي ' ( أكون حذرا في ماذا ؟ في حديثي معها ؟ إطمأن ؛ لا أنوِ مكالمتها أبدا حتى نتزوج ) . حدق إليه ' فارس ' بدهشة ( أنت حقا مجنون ، وكيف تريدها أن تتعرف عليك ، أو تتعرف عليها أنت ) . ' تركي ' ( أرى هذا الحل أفضل ، فأن لن ألبث طويلا حتى أجعلها تعلق أمالها بي ) . ' فارس ' ( قلت لك ألف مرة بأن لا تطرق إلى ذلك الموضوع أبدا يا تركي ، ألا تفهم ؟ ) . وبعد صمت .... ' تركي ' بهدوء ( أمي تريد الزواج نهاية الشهر المقبل ) . ' فارس ' ( ماذا ؟ بهذه السرعة ؟ ) . ' تركي ' ( نعم ، ولا خيار آخر ينقذني من رغبة أمي ) . ' فارس ' يقضم أظافره بغضب ، وقد تعب وهو يحاول إقناع ' تركي ' لأن يخبره بالحقيقة . ' تركي ' محاولا تلطيف الجو ( ما رأيك أن نتزوج سويا وفي نفس الليلة ؟ ) . ' فارس ' بهدوء ( لمَ لا ؟ فكرة رائعة ... ولا شك بأن والدتك العزيزة ستقبل بأن يشارك إبنها شاب آخر ليلته ) . ' تركي ' فهم لما لمح إليه ( ستقبل أي أمر فيه سعادة إبنها ) . ' فارس ' بصوت أقرب للهمس ينمُّ عن غضبه ( وسعادتك هي كسر قلوب الفتيات ، وضياع مستقبلهن ؟ ) . وقف ' تركي ' غاضبا وهو يصرخ ( كفى يا فارس ، أنا تعِبت حقا ، لم أعد أستطيع تحمل المزيد ، كل مرة تحدثني وكأني أملك زمام الأمور ولكني أعقدها بيدي ) . وقف ' فارس ' فزعا من غضبه وتوجه إليه ( أنا لا أفعل ذلك إلا من أجلك ، أرجوك أن تفتح عينيك جيدا وتستوعب ما يحصل ) . ' تركي ' ( أنا أعلم جيدا وأستوعب ما أفعله ، لست بحاجة إلى نصائحك بعد الآن ، فلتغادر مكتبي حالا ) . ' فارس ' ( حسنا كما تريد ) وخرج بخطوات غاضبة . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° توقعاتكم ؟ | ||||||||
01-02-17, 08:53 AM | #4 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( الجزء الثالث - صدمة ..! ) الرياض ، الثامنة مساء كانت ' أريج ' تجلس ع أحد المقاعد في حديقة بيتهم الخلفية ، وتنتظر إتصالا من ' مازن ' ، الذي وعدها بأن يطمئنها عليه فور وصوله إلى أرض ألمانيا . ولكنها فوجئت بأخيها ' سعد ' الذي كل خطوة من خطواته تدل على غضبه الشديد ، وعيناه محمرتان . وخلفه شقيقتاها " وعد وعبير " وابن عبير ' محمد ' البالغ من العمر 25 سنة ، ويحاولون تهدئته . وقف أمامها وعيناه مشخصتان إليها . ' سعد ' ( أين زوجك ؟ ) . وقفت ' أريج ' مستغربة منه ومن غضبه ، وسؤاله عن زوجها ، وقالت وهي خائفة ( سافر إلى ألمانيا لإجراء عملية قلب لوالدته ) . ' سعد ' ضحك بسخرية ( إذا فقد صدّقته ) . نظرت إليه ' أريج ' حائرة . ' سعد ' ( ومن أين له تكاليف العملية والسفر إلى ألمانيا ) . نظرت ' أريج ' إلى الأسفل طويلا قبل أن تجيبه ( أنا أعطيته ، كدين ) . قبض ' سعد ' يده بقهر وهو يقول ( آآخ شككت في ذلك حين نقصت الأموال من حسابك ) . ' أريج ' ( أنا حقا آسفة ، ولكنني لم أستطع رؤيته وهو عاجز عن علاج والدته المسكينة ) . نظر إليها ' سعد ' بشيء من الشفقة ( هذا عيبك ، وهذه المصيبة الجلية ، أنك طيبة وتصدقين أي شيء ) . ' أريج ' ( ماذا هناك سعد ؟ مالذي حصل ؟ لقد أفزعتني ) . كره ' سعد ' نفسه وهو يخرج ورقة من جيبه ، كره نفسه لأن الورقة ستكون جرحا لأخته الحبيبة ، خاصة وأنه يعلم كم هي تحب مازن ، أعطاها الورقة مترددا . عقدت ' أريج ' حاجبها مستغربة ، وما لبثت أن فتحت عيناها بدهشة وهي تضع يدها على فمها غير مصدقة ، وتهز رأسها ، ودموعها تتساقط دون سابق إنذار .... ثم سقطت مغشيا عليها ..! °•°•°•°•°•°•° الأحد تبوك ، التاسعة صباحا تجلس مع صديقاتها وضحكاتهن تملأ أرجاء حديقة الجامعة . و أخرجت هاتفها من جيبها ، وابتسمت بسعادة حين رأت إسمه . ابتعدت عنهن وهي ترد عليه ... وبعد أن سألها عن حالها قال بجدية ( نوف ، أريد أن أحدثك في أمر مهم ، وأرجوك أن تفكري وتقولي رأيك بعد يومان ) . ' نوف ' بحيرة ( ماذا ؟ ) . ' فارس ' ( ما رأيك أن نعقد قرآننا هذا الخميس ، ونتزوج نهاية الشهر المقبل ؟ ) . صمتت ' نوف ' مندهشة . ' فارس ' ( لا أريد جوابك الآن يا نوف ، أنتي فكري جيدا واستخيري ، وحدثي والدايك واسمعي رأيهما ) . ' نوف ' بصوت أقرب للهمس ( ولكن لمَ أنت مستعجل هكذا ، هل حصل شيء ) . ' فارس ' ( لا شيء حبيبتي ولكن ......... ) . قاطعته ' نوف ' قبل أن يكمل ( على ماذا اتفقنا فارس ) . قهقه ' فارس ' وهو يقول ( آسف ، ولكني أفقد صوابي حين أحدثك ) . ابتسمت ' نوف ' بخجل . ' فارس ' ( كنت أقول أني مستعجل من أجل صاحبي ، عرض علي أن أتزوج معه في ليلة واحدة ، ما رأيك ) . شعرت ' نوف ' بالضيق وخيبة الأمل ، وقالت ( حسنا .. سأفكر في الموضوع ) . شعر ' فارس ' بها وقال مستدركا ( أتمنى أن توافقي ، فأنا لم أعد أحتمل لساني الذي يريد مغازلتك رغما عني ) . ضحكت ' نوف ' مجاملة له ، وهي تعلم أنه فقط يريد إستدراك الموضوع لا أكثر ، وأقفلت منه وهي توصيه بأن ينتبه على نفسه . ثم عادت إلى صديقاتها بمزاج غير الذي ذهبت به . دائما تشعر بأنه لا يريدها ولا يحبها ، وإنما تزوجها من أجل والديه ووالديها . مع أن بعض تصرفاته وأحاديثه تدل على حبه لها . ولكنها تشعر بأنه لا يحبها بحق كما تحبه هي . فعندما تجتمع العائلة في مزرعة جدهم أو أي مكان آخر يكون دائما بعيدا عن أنظارها ولا يسأل عنها ، حتى لو لم تكن تحل له ، على الأقل يظهر إهتمامه أمام الجميع ، وإن تقابلا بالصدفة داعبها وغازلها وقال لها بأنه ( يحبها ) . وفي كل مرة تعلم وتكون على يقين أنه لا يقولها من قلبه . وإلا لماذا لا يرسل لها رسائل غزل على هاتفها ! ولماذا انتظر كل تلك السنين ولم يعقد قرانهما ؟ والآن يريد عقد القران والزواج في غضون شهر ..! فقط لأن صديقه يريد ذلك . نعم ، هو لا يحب سوى عمله وصديقه . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° تبوك ، السادسة مساء وقفت أمام المرآة وهي تنظر إلى نفسها نظرة أخيرة ، ونزلت وهي مشمئزة ممن ستقابلهم بعد قليل . كانت ترتدي بنطال جينز ضيق باللون الأزرق الفاتح ، وقميص أبيض يصل إلى الركبة ، وشعرها منسدل . جلست أمام التلفاز مع إخوتها المتشوقين عكسها تماما . ويرتدين اللبس ' البنجابي ' . كانت ' نور ' البالغة من العمر 20 سنة ترتدي اللون الأسود ، وشعرها الأسود القصير يصل إلى كتفاها ، وعيناها سوداويتان .. كانت ملامحها طفولية كشخصيتها ، لم تكن طويلة كـ' أحلام ' بل متوسطة ، وأيضا لم تكن رشيقة مثلها ، ولم تكن بدينة . أما ' رنا ' البالغة من العمر 15 سنة ، ترتدي اللون الوردي .. وشعرها بني عكس إخوتها ويصل إلى نصف ظهرها ، عينها سوداويتان أيضا ، وهي طويلة ونحيلة . وأخيهم الصغير ' عبدالله ' يبلغ من العمر 10 سنين . كان عكس شقيقاته تماما . فهو شديد البياض ، وشعره بني غامق .. وعيناه رماديتان ، كان جميلا إلى حد لا يوصف . هو أيضا كان يرتدي اللبس البنجابي . نزلت والدتهم من حجرتها وهي تنادي الخادمة التي أتت إليها مسرعة . والدة ' أحلام ' ( هل كل شيء جاهز ؟ ) . ' الخادمة ' ( نعم ) . والدة ' أحلام ' ( حسنا إذهبي وأعدي الماء والعصير ، سيصلون بعد قليل ) . ' الخادمة ' ( حاضر ) وانصرفت . ' أحلام ' ( يا إلهي ، أريد أن يحدث أي شيء لأقول أن ما يحصل كابوسا ليس إلا ) . ' رنا ' ( إن جادلتك قتلتك ، لذا سأصمت ) . ' نور ' ( حقا أحلام ، لم تكرهينهم إلى هذا الحد وانتي لم تريهم بعد ؟ ) . ' أحلام ' ( باكستانيين ) . ' نور ' ( وما المدهش والغريب في الموضوع ، أنتِ أيضا باكستانية ) . ' أحلام ' ( أف ... من يسمعك يظن أنك لا تعرفين كم أكره نفسي حين أتذكر أني أحمل دم باكستاني ، وأن أصلي باكستاني ) . تنهدت والدتها وصمت الجميع . ثم قالت ' نور ' ( أنا أشعر بالفخر لأن والدي كان باكستانيا رحمه الله " ثم وقفت بمرح وهي تدور حول نفسها قائلة " لولاه لما كنت بهذا الجمال " ثم التفتت إلى أمها وهي تضع يدها على فمها ووتصنع الإحراج " طبعا أخذت منك الجسم الجميل " وضحكت وهي تقبل رأس والدتها " ) . ابتسمت والدتها . ' رنا ' ( هل تأخروا أم يتهيأ لي ذلك ؟ " وقالت باللهجة الباكستانية " أنا متشوقة لرؤيتهم ) . نظرت إليها ' أحلام ' بغيض ( ألم أقل لك لا تتحدثي أمامي بهذه اللغة ؟ ) . ' رنا ' ( بلى سأتحدث ، مابكِ أنتي اليوم ؟ ) . ' أحلام ' ( لا شيء .. فقط مغتاظة من هؤلاء الذين سيأتونا ، أريد أن أفهم ، هم يريدون الحج .. لمَ يأتون قبله بنصف شهر ويضيقوا علينا عيشنا ؟ ) . تنهدت والدتها بضيق وهي تقول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) ثم وقفت وتوجهت إلى المطبخ . نظر إليها إخوتها بتأنيب .. ' نور ' ( أنتي لا ترتاحين حتى تضايقي أمي ) . صرفت ' أحلام ' أنظارها بعيدا ، وهي تشعر بالضيق أيضا تجاه أمها . تود وبشدة أن تعرف حقيقة زواج أمها من والدها .. لمَ تزوجت أجنبيا ..؟ فهي جميلة جدا ، ومن عائلة غنية ومعروفة أيضا ، ومن في مكانها لا تتزوج إلا من عائلة غنية وكبيرة . تشعر أن هناك سر ما وراء هذا الزواج . تنهدت وهي ترجع رأسها إلى الوراء ، هي لا تشبه إخوتها أبدا .. فهم جميعهم أجمل منها كما تقول . هم ملامحهم تشبه الباكستانين كثيرا ، خاصة الأنف الطويل ، والحواجب الطويلة والمرتبة بشكل جميل .. وشدة سواد الشعر والعينان . وهي أيضا تكبر أختها ' نور ' خمس سنوات ، يعني أن عمرها 25 سنة . ما الذي جعل والدتها تتزوج وعمرها لا يتعدى العشرون ؟ ستعرف الحقيقة طال الزمان أو قصر ..! •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•° الرياض ، التاسعة والنصف مساء . حجرتها مظلمة ، والبرد يطغى عليها ، وأنينها يصدر بوضوح . كانت متدثرة بلحافها بالكامل .. ووجهها محمر بشكل غير معقول . ولا تزال تحاول الإتصال به منذ الصباح ، ولم تسأم أبدا من سماع تلك العبارة ( عذرا ، الرقم المطلوب مغلق ، الرجاء الإتصال به لاحقا ) . لا بد من أن لديه عذرا مقنعا عن فعلته ، لا يفعل هذا الشيء معها .. هو يحبها كما هي تحبه . ليس محتالا وكذابا كما قال لها أخيها ' سعد ' . استرجعت ما حصل معها في الصباح . فتحت عيناها ببطء وهي تشعر بصداع ، والتفتت إلى يمينها لترى ' سعد ' يجلس بجانبها على كرسي ويلعب بهاتفه . ' أريج ' ( سعد ) . ابتسم لها ' سعد ' بحنان وقبل رأسها ( صباح الخير ) . ' أريج ' بتعب ( صباح الخير ، ماذا حصل ؟ ولمَ أنت هنا ؟ ) . ' سعد ' ( فقدتِ وعيك مساء أمس ) . ' أريج ' ( يا إلهي ، يعني أني لم أكن أحلم ! ) . أمسك ' سعد ' بكفها ( لا تقلقي ، سوف أحل الموضوع ) . جلست ' أريج ' وهي لا تزال تشعر ببعض الصداع ( أي موضوع ؟ سعد أخبرني أنك كنت تمزح معي أو ..... أو أن الورقة كانت مزورة ) . أخفض ' سعد ' بصره وهو يقول ( لم أمزح ، والورقة ليست مزورة ... مازن طلقكِ حقا ) . أغمضت ' أريج ' عيناها بألم عند سماعها هذه الكلمة ، وقالت بخفوت ( ولكن لمَ ، ألم يقل لك شيئا حين أعطاك إياها ؟ ) . ' سعد ' ( إنه جبان ، لم يأتِني بنفسه ، بل أعطاها لأحد الموظفين وأمره بإيصالها إليّ ، ولا أظنك تجهلين السبب ) . ' أريج ' ( لم أفهم قصدك ، ولكنني متيقنة بأنه لم يطلقني إلا لسبب كبير ) . ' سعد ' ( لا تقولي بأنك تثقين به إلى الآن ؟ ) . ' أريج ' بعينان دامعتان ( ولمَ لا ؟ سعد والدته مريضة وسافروا لعلاجها و......... ) . ' سعد ' ( أنتي إما ساذجة أو غبية ، مازن كذب عليك وحاكَ تلك القصة وأخرجها بإتقان ليأخذ منك المال ويهرب ) . صرخت ' أريج ' ( سعد أرجوك .. لا تقل هكذا ، أنت تكره مازن لذلك يستحيل عليك عذره ، هو ليس كما تنظر إليه أبدا ) . وقف ' سعد ' غاضبا ( بل ليس كما تنظرين إليه انتي ، سنتان كاملتان وهو يأكل ويرتع بمالك ، إلى أن تأكد من ثقتك العمياء فيه وحبك الشديد له حتى خدعك بخطته المتقنة وهرب مع أمه وأخته الحقيرتان اللتان شاركتاه خطته وتمثيله ليخرجا من فقرهم ) . وضعت ' أريج ' يديها على وجهها وهي تبكي بشدة وتصرخ بشكل هستيري ( لا .. هو لم يكذب علي ، ولم يخدعني ، هو يحبني وأنا أحبه ) . دخل ' والدها ' الحجرة وخلفه إخوتها جميعهم. أحمد ، طلال ، عبير ، وعد .... جلس والدها بجانبها واحتضنها وهو يربت على ظهرها . ' سعد ' ( لا تستطيع أن تفعل شيئا يا أبي سوى الربت عليها ، قد أخبرتك منذ البداية عن حقيقة ذلك المنحط السافل ، ولكنك لم تسمعني ولم تلقِ لقولي بالا ) وخرج وهو يشعر بأن صدره مثقل وكأن جبل من حديد ألقي عليه . أخذت ' أريج ' تبكي بحرقة من حديث أخيها ... لا تريد أن تصدق قوله . مازن لا يمكن أن يحتال عليها ... مازن يحبها ، نعم يحبها ، ويخاف عليها ، ويغار عليها ، لا يستطيع إيذائها . وصرخت وهي تقول بلا وعي ( مازن يحبني ، ولا يستطيع فعلها ) . ' والدها ' ( إهدأي حبيبتي ، الحقيقة مؤلمة ولكن عليك تقبلها ، مازن محتال .. واحتال على أكثر من فتاة سواك ، استغل جماله ووسامته لإيقاع الفتيات الثريات ) . جلس ' طلال ' بجانبهم وهو يقول ( لذلك سعد كان يحاول جاهدا بأن لا يتم زواجك منه ، ولكنك كنت عنيدة ، لا بأس .... سيعوضك الله بمن يخاف الله فيك ، أنتي لا تزلين في مقتبل العمر ) . ' عبير ' ( والآن قومي واغسلي وجهك وتعالي لتفطري ) . ' أريج ' ( لا أريد شيئا ) . ' والدها ' ( لا يا إبنتي ، عاندي وارفضي كل شيء سوى الأكل ، هيا قومي ) . وقامت بعد إصرار طويل من أبيها وإخوتها ، وأكلت لقمتان ثم عادت إلى حجرتها بمساعدة إخوتها . ولم تخرج منها منذ ذلك الحين . بالرغم من أن عقلها يقرُّ لها ويؤكد حقيقة ' مازن ' الواضحة إلا أن قلبها لا يزال رافضا . ولا تزال شاكة في صحتها . ولكن كل شيء واضح . عندما سأل أخيها عن ' مازن ' في حيه ، جميعهم قالوا أنهم لا يعرفوه حق المعرفة ، فهو دائم الخروج والسفر . وعندما سأل عنه في عمله قالوا أنه لم يمر على توظيفه سوى بضعة أشهر ، لذا لا يعرفوا عنه إلا القليل . تذكرت كيف كان يشكوا من ضيق حاله وعيشته ، وكيف هي كانت تصدقه وتعطيه دون تفكير . كانت تهديه الهدايا الثمينة كل شهر ، وتدعوه لأرقى المطاعم . وأخته ... تذكرت كيف كانت هي أيضا تشكوا من فقرهم ، وعدم إكتفاءها من شراء الحاجات التي ترغب بها . كيف كانت تغدق عليها بالهدايا والمال ، وكم مرة أخذتها معاها في الأسواق كي تشتري جميع ما تشتهيه . ووالدته .. تلك المسكينة التي كانت تشتري لها الأدوية ، والأقمشة الثمينة ، والدراعات والعطور الباهظة الثمن . كانت تحبهم جميعا ، حبا أعمى . لدرجة أنها أقنعت والدها كي يعيد بناء بيتهم القديم ويرممه . وفعلا حصل ما كانت تريده . فقد أصبح بيتهم من أجمل البيوت في ذلك الحي . وأهدته نصف مبلغ سيارته الباهظة . وقبل أمس .. كانت تقف معه أمام حجرة أمه في المستشفى ، تعطيه شيكا بالمبلغ الذي قاله , تكاليف العلاج والسفر والمكوث في ألمانيا ، وتكاليف المكوث في هذا المستشفى . وهو يمانع بحجة الإستحياء . نعم .. كل ذلك يدل على طمعه في مالها ، ولكن قلبها لا يريد التصديق . وجلست وهي تعزم على فعل شيء ما ، ستتأكد بنفسها . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°• المدينة ، الحادية عشرة مساء . الحب ينبع من عيناه وهو ينظر إليها ، ثم يلبسها العقد ، والخرزتان ، والخاتم قبل كل شيء . ثم أمسك بيدها وابتسم لها إبتسامة عميقة لها معناها . وبعد ذلك .. ذهبا مع بعضهما إلى المجلس وجلسا لوحدهما هناك . تمنت لهما السعادة من كل قلبها ، ودعت لهما . وشعرت بالأسى على حالها ، خطيبها لم يعمل معاها هذه الأشياء . كانت تشعر أنه كان يفعلها مرغما ، لم ترى في عينيه اللهفة أو الإعجاب . ولم يجلسا معا لوحدهما . أخرجت هاتفها واتصلت بأخيها وأخبرته برغبتها في العودة . وعادت بصحبة أمها ، وبعد أن بدلت ملابسها وأزالت المكياج عن وجهها .. صلت ركعتان ، وأخذت تدعوا الله طويلا بأن يريح قلبها من الأفكار المزعجة والمتعبة لقلبها . ثم نامت وهي على سجادتها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•° بريطانيا ، العاشرة صباحا . خرجت من قاعة المحاضرات مع صديقتها وهي تمشي بخطوات غاضبة . ' ريما ' ( أرجوك أن تهدأي سارة ، فأنا لا أريد أن أخسرك ) . ' سارة ' بضيق ( كيف لي أن أهدأ ، أقول لك أن تركي تجاهلني وذهب عني كما أني لم أكن يوما من الأيام حبيبته ) . ' ريما ' ( ربما لم تكوني حبيبته حقا ) . نظرت إليها ' سارة ' حائرة ( ما قصدك ؟ ) . ' ريما ' ( قصدي أنه ربما كان فقط يتسلى معك ، فالغربة تفعل ذلك وأكثر ) . غضبت ' سارة ' ( إن قلتِها مرة أخرى فسوف أقتلك ، تركي لم يكن يتسلى معي ، بل أحبني بصدق ، ولكن شيئا ما قد حصل وجعله يتركني ... صدقيني ) . تنهدت ' ريما ' بحزن عل صديقتها ( هوني على نفسك ، سيأتيك من هو أفضل منه بمليون مرة ) . ' سارة ' ( لا أريد سواه ) . ' ريما ' تتصنع الغضب ( لمَ أنتي مغرورة هكذا ؟ لم يملي عيناك سواه فقط لأنه ثري ، ورفضتي حب طارق لأنه أقل منه ثراء ، انظري إليه الآن هو وزوجته ، كم سعيدة معه ) . ' سارة ' بغيض وهي تنظر إليهما ( فليهنيهما الله ، لو أنه أحبني حقا لما تزوج ) . حدقت إليها ' سارة ' بدهشة ( ما أغربكِ من فتاة ، رفضتِه وأعلنت حبك لتركي ومرغت وجهه بالتراب ، وتريدين منه أن ينتظرك ؟ يا لك من فتاة متوحشة وشريرة ) . ضحكت ' سارة ' من كلماتها وهي تقول لنفسها أن ' ريما ' لم تخطيء .. فهي تحب التملك . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°• الرياض ، الواحدة صباحا . ارتدت عبائتها وأخذت حقيبتها ونزلت بهدوء بعد أن تأكدت من خلو الممرات . ثم خرجت من المنزل وتوجهت نحو حجرة السائق ، أخذت تطرقه بقوة حتى فتح لها وهو يفرك عيناه . نظر إليها بدهشة ، ولم تعطهِ أي فرصة للحديث أو السؤال ، أمرته أن يأتي بمفتاح السيارة حالا . توجهت نحو المستشفى الذي أتت إليه بصحبة مازن ، واتجهت إلى موظف الإستقبال وسألته عن المريضة ( خديجة ……….. ) ، أخبرها أنها غادرت المستشفى قبل أمس ، عند الساعة 12 ليلا ، يعني بعد مغادرتها هي بنصف ساعة . وسألته ممَّ كانت تشكو . ' الموظف ' ( لم يكن بها شيء ، فقط إرتفاع قليل في نسبة السكر ، ولكن إبنها أصرّ على إبقائها مدة من الزمن ) . ' أريج ' كادت أن تسقط من هول الصدمة ( ومتى أتى بها ؟ ) . ' الموظف ' ( بعد صلاة العشاء ) . ' أريج ' بصوت باكِ ( يا له من كاذب ! ) < كانت تقصد مازن . ' الموظف ' ( عفوا أختي ، هل قلتِ شيئا ؟ ) . ' أريج ' ( لا شيء ، أنا آسفة على إزعاجك ) وذهبت تحت أنظار الموظف المتعجبة . لم تكفِها تلك المعلومات كي تتأكد من نصبه واحتياله ، فقد كانت مصرة لأن تعرف الحقيقة كاملة . ذهبت إلى المنزل والصداع قد عاد إليها ، ولم تستطع النوم . حتى أذن الفجر وصلّت .. ثم استعدت للذهاب إلى الجامعة على وجه السرعة . يوم الإثنين . دخل عليها ' سعد ووعد ' وتعجبا منها . ' سعد ' ( إلى أين ؟ ) . ارتبكت ' أريج ' ( سأذهب إلى الجامعة ، علي أن أخذ بعض الأوراق المهمة ) . ' وعد ' ( ولكنك تعِبة ) . ' أريج ' ( أشعر بالتحسن ، ثم أني لن أتأخر ) . ' سعد ' ( أنا سأوصلك ) . ' أريج ' ( هااه ! لا .. لا داعي لأن تعطل نفسك من أجلي ، سأذهب مع السائق ) . ' سعد ' شعر بأنها تريد فعل شيء ( حسنا ، كما تريدين .. انتبهي لنفسك ) . ' أريج ' ( حسنا ) . ' وعد ' وبعد أن صارعت نفسها ( ولكن أريج ؛ أليس عليك قضاء عدة ) . نظرت إليها ' أريج ' بدهشة ، ثم قالت بحياء وإرتباك ( سأعود حالا ) . تقدم منها ' سعد ' ( ما قصدك ؟ هل تعنين أنه ...... ) . أنزلت ' أريج ' رأسها وهي تعض طرف شفتها بألم . ' سعد ' قبض يده بقوة ( يا له من .... ، كيف سمحتِ له ؟ ) . ' أريج ' نزلت دمعتها ( لم أكن أعلم بنواياه ، هو وعدني بالزواج خلال الشهور المقبلة ) . خرج ' سعد ' من الحجرة غاضبا . جلست ' أريج ' على سريرها وهي تبكي .. جلست ' وعد ' بجانبها وحضنتها ( لا تحزني ، فهو لا يستحق دمعة واحدة منك ، دعيه ... صدقيني سيندم لإحتياله على فتاة طيبة مثلك ) . ' أريج ' ( هو لم يطلقني إلا لسبب ما ، أنا متأكدة يا وعد ) . ' وعد ' أغمضت عيناها ( أرجوك أن تفتحي عيناك جيدا ، لا تؤلمي نفسك أكثر ... انسيه ) . ' أريج ' ( لا أستطيع ) ومسحت دموعها بظاهر كفها ووقفت وهي تقول ( يجب علي أن أذهب الآن ) . ' وعد ' ( ولكن لا يجوز ) . ' أريج ' ترتدي عبائتها ( أعلم ، ولكن لدي أمور ضرورية يجب أن أنهيها .. لن أتأخر صدقيني ) . تنهدت ' وعد ' ( كما تريدين .. حفظك الله ) وقبلت جبينها وخرجت . خرجت ' أريج ' من المنزل ، والوقت لا يزال باكرا .. إذ أن الشمس أشرقت لتوها . أمرت السائق بالتوجه إلى منزل مازن ، ولكنها حين لمحت سيارة ' سعد ' تتبعهم أمرته بالتوجه إلى الجامعة . حتى وصلت الجامعة ونزلت وهي توصي السائق بأن يأتي إليها حين تتصل .. وأن لا يبتعد . حينها اطمأن ' سعد ' وتوجه إلى عمله . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° يوم الإثنين . تبوك ، السابعة والنصف صباحا . دخل المقهى وخلع نظارته الشمسية وهو يبحث عن تركي . وتوجه إليه بملامح جامدة . وقف أمامه وهو يقول ( أنت لا تستاهل مجيئي إليك بعد طردك لي من الشركة ، ولكنني حمار لا أستطيع التخلي عنك ) . ضحك ' تركي ' وهو يقف ويحضنه ( أنا أيضا لا أستطيع التخلي عنك ، سامحني ) . ' فارس ' أبعده بشيء من العنف ( لا عليك ، فأنا أيضا حمار حين لا أغضب منك ) وجلس . ابتسم ' تركي ' . ' فارس ' بجدية ( في هذا الوقت بالذات لا نستطيع تأجيل الموضوع ، متى ستبدأ ؟ ) . تنهد ' تركي ' ( بل يجب عليّ أن أُأَجّل في هذا الوقت أكثر من أي وقت آخر ) . ' فارس ' ( لماذا ؟ هل تنوي أن تبدأ حياة جديدة دون أن تصلح نفسك ) . ' تركي ' ( أمي كل همها التجهيز والإستعداد للزواج ، إن تغيبت يوم أو يومان فسوف تسأل ، أنا أودُّ أن أبدأ اليوم قبل غد ، ولكني لا أستطيع من أجل أمي ) . ' فارس ' ( سيكبر الموضوع يا تركي إن فكرت كثيرا ، والورم سينتشر ) . ' تركي ' ( لا أظن ، أنا لا أحس بأية أعراض خطيرة ، والأدوية التي أتناولها مفعولها جيد جدا ) . نظر إليه ' فارس ' طويلا ثم قال ( جرحت ' سارة ' من دون سبب إذا ) . ' تركي ' ( أبدا .. أنا لا زلت أحبها ، وكنت أعلم قبل أن أتركها أنها إن علمت أني مريض فسوف تكون في وضع حرج ، لأنها لا تستطيع أن تكمل معي مع علمها بالمرض ، ولا تستطيع أن تتركني مراعاة لمشاعري ) . ' فارس ' ( أهنئك يا صديقي على تفكيرك ، والأخرى .. هل ستصارحها ؟ ) . ' تركي ' ( لا أعتقد ذلك ، كما أني أنوي الإنفصال عنها بعد الزواج بشهر أو شهران ) . فارس ' بدهشة بالغة ( ماذا ؟ ولمَ ؟ ) . تنهد ' تركي ' ( سارة فتاة صغيرة ، وجميلة .. لا تستحق رجلا مثلي ، مريض ولديه ماضِ ) . ' فارس ' ( وتظن أنها ستقبل ؟ ) . ' تركي ' ( لمَ لا ، أظنها طيبة وساذجة أيضا ) . ' فارس ' ( ومتى عرفتها ؟ ألم تقل بأنك لن تحدثها ؟ ) . ' تركي ' ( لم أحدثها ، لو كانت جريئة لما تركتني أخرج من بيتهم ذلك اليوم ، على الأقل قبل أن أشرب القهوة أو أخذ رقم هاتفها أو حتى .... أعتذر وأبين لها سبب خروجي من منزلهم باكرا يوم الملكة ! ) . ' فارس ' ( يا إلهي ، أنا أعلم أنك نذل ، ولكن ليس بتلك الدرجة ، فليعينها الله عليك ) . ضحك ' تركي ' ولم يعلق على حديثه . وبعد صمت .... ' تركي ' ( هل فكرت بالعرض الذي عرضته عليك ؟ أقصد أن نتزوج في ليلة واحدة ) . ' فارس ' ( نعم ، ولكني لست أعرف رأي والدتك ) . ' تركي ' ( وافقت ، وسعدت أيضا ) . ' فارس ' ( حقا ، أنا أيضا حدثت نوف وقلت لها أن تخبرني برأيها بعد يومان ) . ' تركي ' ( أنا متأكد بأنها ستوافق ، تجدها قد سأمت من الإنتظار ) . ابتسم ' فارس ' ( لا أظن ) . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°• الرياض ، الثامنة مساء . خرجت ' أريج ' من الجامعة وركبت السيارة ، وأمرت السائق بالتوجه إلى منزل ' مازن ' . وأخذت تنظر من النافذة وهي تفكر بكلام مديرة الجامعة . … ( ريم أتت يوم الخميس ، وأخذت جميع أوراقها وانصرفت ، قالت بأنها قُبِلت في إحدى الجامعات في الخارج ، لم أقتنع .. لأنني حين قلت لها بأنه نحن من يجب علينا نقل أوراقها ، ارتبكت وقالت بأن خالتها مسؤولة في وزارة التعليم ، ولم أشأ مضايقتها ومحاصرتها أكثر ) . مسحت دمعتها بطرف طرحتها ونزلت من السيارة التي توقفت أمام منزل ' مازن ' . ضغطت على جرس المنزل عدة مرات حتى خرج إليها شاب يبدوا أنه في منتصف العشرين ، وثيابه مليء بالدهان . خرج غاضبا وهو يقول ( ألا أستطيع العمل دون أن يزعجني أحد ) ثم صمت مندهشا من الفتاة التي أمامه . وضعت ' أريج ' يدها على أنفها ثم أبعدتها بإحراج وهي تقول ( أعذرني أخي ، ولكن أليس هذا منزل مازن ؟ ) . ' الشاب ' مرتبكا ( مازن .. بلى ، من أنتي ؟ ) . ' أريج ' ( أنا زو ....... آآ لا يهم ، هل هو في الداخل ؟ ) . ' الشاب ' ( لا ، مازن سافر ) . ' أريج ' ( إلى أين ؟ ) . ' الشاب ' ( لا أعلم ، أنا فقط اشتريت منه المنزل ، وقد أخبرني أنه سيستقر في الخارج ) . ' أريج ' وقد عاد إليها الصداع ( وأنت من أين عرفته ؟ وبكم اشتريت المنزل ؟ ) . ' الشاب ' ( كان زميلا لي في العمل ، وأعلن عن بيع المنزل قبل أن أشتريه بيومين ، واشتريته ب ….. ألف ) . ' أريج ' تهمس لنفسها ( محتال ) ثم التفتت إليه وهي تقول ( هل .. تستطيع التواصل معه ؟ ) . ' الشاب ' ( أبدا ... باعني المنزل وذهب ، ولكن من أنتي ؟ ولم كل هذه الأسئلة ؟ ) . ' أريج ' أمسكت براسها وهي تشعر بصداع شديد ( لا عليك ، وأنا آسفة على إزعاجك ) وتوجهت إلى السيارة بخطوات متثاقلة وهي تتمايل حتى وصلت إليها بصعوبة . وما إن ركبت حتى فقدت الوعي . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°• تبوك ، العاشرة والنصف صباحا . دخلت المنزل وتأففت بداخلها وهي تسلم على قريبات أبيها . اللاتي قدموا مساء أمس ، ولم تذهب ' نور ' إلى جامعتها ، و' رنا ' إلى مدرستها من أجلهن . كانوا خمسة . عمة أبيها وابنتها الثلاثينية وحفيدتها ذات الرابعة عشر ربيعا . وابنة عمها ' جميلة ' ذات ال26 ، وأختها ' صفاء ' ذات التاسعة عشر . ومن الرجال زوج عمة أبيها وزوج إبنتها ، وإبن عمها . كانت الفتاتان ' نور ورنا ' تتحدثان مع الأخريات باللغة الباكستانية بطلاقة ، فقد حرصتا على تعليمها منذ صغرهم على يد عمهم الذي مكث لديهم ما يقارب العشرة سنوات قبل وفاته . حتى أخيهم الصغير .. يعرفها . إلا هي ، فهي لم تحب عمها أبدا ، ولم تحب مجالسته . وأيضا والدتها كانت تمنعها من الجلوس معه لسبب تجهله . جلست بعيدا عنهم وهي لا تزال بعبائتها ، وأخرجت هاتفها تلعب به . ثم أتت ' جميلة ' بجانبها . ابتسمت لها وأعادت أنظارها إلى الهاتف . ' جميلة ' باللغة الإنجليزية ( كيف كان نهارك ؟ ) . ' أحلام ' ( جميل ) . ' جميلة ' ( يبدوا أنك تحبين دراستك عكس إخوتك ؟ ) . ' أحلام ' ( نعم ، كثيرا .. سأخذ شهادة الماجستير قريبا ، وسأواصل حتى أنال الدكتوراه ) . ابتسمت ' جميلة ' ( فليوفقك الله ، أخي الكبير يحب الدراسة مثلك ، فهو أيضا أصبح طبيبا في دولة قطر بعد أن أنهى دراسته في بريطانيا ) . ' أحلام ' ( حقا .. هذا رائع ، وأنتي ؟ هل درستي ؟ ) . ' جميلة ' ( نعم ، ولكني توقفت بعد البكالوريوس ، من أجل زوجي الذي لا يستطيع دفع نفقات الدراسة ) . ' أحلام ' بدهشة ( أنتي متزوجة ؟ ) . ' جميلة ' ابتسمت بخجل ( نعم ، لم يمضِ على زواجي سوى بضعة أشهر ، وزوجي سيأتي مع فوج الحجيج ، فهو شديد الخجل ؛ لذا لم يأتِ معنا ) . ' أحلام ' ابتسمت وهي تقول في نفسها ( ليتكم كنتم مثله ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . بما إني خلصت من كتابة الرواية , راح أنزل كل أحد وأربعاء . قراءة ممتعة . و تفاعلوا لطفا | ||||||||
06-02-17, 10:20 AM | #5 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( الجزء الرابع - خيبة أخرى ) المدينة ، العاشرة مساء . أنهت مكالمتها وهي تنظر إلى الأكياس التي أمامها . وقفت وأخذت تفرغ الأكياس من محتوياتها محاولة تجاهل شعورها بالغضب من ' تركي ' . الذي سمعت صوته وهو يسلم على والدته بعد عودته من الخارج ، وقالت لها والدته ( كيف تركي معك ؟ رومانسيا أليس كذلك ؟ ) . ارتبكت ' سارة ' وصمتت . في حين قال ' تركي ' ( ولدك إن لم يكن مثلك مثل من سيكون ؟ ) . ضحك الإثنان وغضبت هي من كذبه .. وقالت ( خالتي هل لك أن تعطيه الهاتف قليلا ؟ أتصل عليه منذ الصباح ولا يرد ) . والدة ' تركي ' تضربه مازحة ( لماذا لا ترد على إبنتي ؟ لا عليكِ أنا سأخذ حقكِ منه ، خذ .. حدثها ) . كتمت ' سارة ' ضحكاتها بينما تناول ' تركي ' الهاتف بدهشة .. ثم قال ( ألو ) . ' سارة ' ( كيف حالك ؟ ) . ' تركي ' ( بخير ، كيف حالك أنتي ؟ ) وتتبع بعيناه أمه التي تركته وخرجت . ' سارة ' ( بخير ، أنا لا أريد منك شيء ، فقط أردت أن أعرف لمَ كذبت عليها وأنت حتى رقم هاتفي لا تملكه ؟ ) . تعجب ' تركي ' من اندفاعها وقال لنفسه أنها ربما تكون من النوع الذي يكسر الحواجز على الهاتف ( وأنا أيضا أود أن أعرف لمَ قلتي لها أنني لا أرد عليك ؟ ) . تنهدت ' سارة ' ( ليس لشيء ، أعطني إياها ) . ' تركي ' ( ليست هنا ) . ' سارة ' ( حسنا ، وداعا ) وأغلقت قبل أن تسمع رده . جلست على سريرها وهي تقذف الملابس من يدها بغضب ( يا له من مغرور ، كيف لي أن أتحمله ؟ ) . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•°•°• يوم الثلاثاء . تبوك ، الثامنة صباحا . جلست لوحدها في كافتيريا الجامعة وعيناها لم تفارق هاتفها ، تنتظر إتصاله بلهفة . بالرغم من أنها ليست مقتنعة تماما .. ولكن رغبة والديها لرؤيتها مستقرة في بيتها ، وحبها الشديد لفارس ، جعلها توافق على رأيه . كما أنها كانت تتمنى أن يفاتحها بموضوع الزواج منذ زمن . أخذت هاتفها بسرعة وتنفست بسعادة حين رأت إسمه ، وردت ( ألو ) . ' فارس ' ( السلام عليكم ) . ' نوف ' ( وعليكم السلام ، كيف حالك فارس ) . ' فارس ' ( سعيد بسماع صوتك ، كيف أنتي ؟ ) . ابتسمت ' نوف ' ( بخير ) . ' فارس ' ( ما أجمل هذا الصباح ! جو صحو ، وقهوة رائعة .. وصوتك ، أنا أسعد رجل على وجه هذه الأرض ) . ' نوف ' بخجل ( كُفّ عن مغازلتي فارس ) . ضحك ' فارس ' ( كم أحب الفتيات الخجولات ) . ' نوف ' ( الموضوع هكذا إذا ، فليهنيك الله معهن ، وداعا ) وأغلقت وهي تضحك بسعادة . لم تمر سوى ثانية حتى اتصل مرة أخرى ، وردت وهي تقول بغضب مصطنع ( هل هاجرنك ؟ ) ' فارس ' ( أبدا ، فقط غاضبات قليلا وخارجات عن طورهن ، لم أكن أعلم أنهن يشعرن بالغيرة أيضا ) . صمتت ' نوف ' خجلة . ' فارس ' ( هل فكرتي ؟ ) . ' نوف ' ( فكرت في ماذا ؟ ) . ' فارس ' ( تمزحين ، أليس كذلك ؟ ) . ' نوف ' ( صدقني لا أعلم عمَّ تتحدث ) . ' فارس ' ( نوف ! أنا أقصد موضوع الزواج ) . ' نوف ' ( تذكرت ، نعم أنا ... موافقة ) . ابتسم ' فارس ' ( حقا ، أنا سعيد بموافقتك ) . ' نوف ' بخجل ( حسنا ، أدعك الآن ) . ' فارس ' ( كوني مستعدة لعقد القران يوم الخميس .. أحبك ) . أغلقت وهي تبتسم بسعادة ، ولا تزال شاكة في كلمته تلك ، هل يقصدها حقا أم فقط يجاملها ..! °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°•° بعد شهر . وفي اليوم الموعود . يوم الجمعة . تبوك ، التاسعة مساء . كان الجميع سعيد في ذلك اليوم ، سوى أصحاب الشأن . كان العُرس غريبا بعض الشيء ، إذ أن أغلب الحضور يستنكر مشاركة أحدهما الآخر .. وهما لا يقربان لبعضهما . والبعض منهم أعجبتهم الفكرة ، حيث أن الصديق لم يتخلى عن صديقه حتى في يوم زواجه . كانت ' سارة ونوف ' تجلسان أمام مزينتان مغربيتان ، وقد أشرفتا على الإنتهاء . ' سارة ' كانت تضع مكياجا بسيطا جدا ، وتسريحة ' مفردة ' مشابهة لتلك التي عملتها ليلة ملكتها . وكان فستانها ساترا وبسيطا ، بأكمام طويلة . كان كل ما بها بسيط وعادي ، إلا أنها كانت رائعة . وباقتها باللون العودي . أما ' نوف ' . فمكياجها أيضا كان بسيطا بعض الشيء ، وتسريحتها متوسطة ، وفستانها أيضا كان ساترا ، غير أنه ليس بأكمام طويلة . وكانت باقتها باللون البنفسجي كمكياجها . تعرفتا على بعضهما في الصالون ، وأحبا بعضهما . وبعد أن انتهين ، أخذتا يتحدثا إلى بعضهما حتى حان موعد الذهاب إلى الفندق . وذهبت كل واحدة في حجرة ، كي يتصورا مع أزواجهما . كانت ' نوف ' خائفة بعض الشيء ، لأنها ليست متأكدة من مشاعر ' فارس ' تجاهها ، ولا تشعر بالسعادة الكاملة . ولكن كل ذلك تبدد حين أتى ' فارس ' وأشبعها غزلا .. حتى ضربته بخفة من صدره كي يكف عن إحراجها . أما هو .. فكان سعيدا جدا . صورتهما المصورة وهي سعيدة باستجابتهما السريعة . وفي الحجرة الأخرى . كانت ' سارة ' تجلس على الأريكة وتنظر إلى الباقة بلا شعور ، تود البكاء والصراخ بشدة . فــ ' تركي ' لم يحدثها أبدا طوال الشهر الماضي ، هذا يعني أنه مجبر على الزواج منها . ولكن لمَ ؟ هو ليس فتاة ، ووالديه يحبانه ، لأنه وحيدهما . انتبهت لمن يقف عند الباب . شعرت بالتوتر وهي تقف ، كان جميلا ب ' البشت الأسود '، ووسامته آخاذة . لكنها لاحظت شيئا في وجهه ، هالات سوداء حول عينيه .. وإبتسامة باهتة . الآن تستطيع الجزم أنه لا يريدها حقا .. وإلا لماذا تحاشاها منذ الأمس بعد قدومها إلى منزلهم . سار ' تركي ' نحوها حتى صار أمامها ، وصافحها قائلا ( مبروك ) . ' سارة ' بهمس ( الله يبارك فيك ) . أخذ ينظر إليها بانبهار ، وأمسك نفسه كي لا يتهور ويقبلها . تنهد بقوة وجلس على الأريكة وأمرها بالجلوس . في الوقت الذي بدأت فيه زفة ' فارس ونوف ' . تعالت الزغاريد والصرخات .. وكان الجميع سعيدا . دخلت إليهما المصورة ، وعانت كثيرا من خجلهما وترددهما في تنفيذ أوامرها . حتى انتهت وخرجت وهي تتأفف . قالت ' سارة ' مغتاظة ( فلتذهبي إلى الجحيم انتي والكاميرا ) . ضحك ' تركي ' من عبارتها حتى هوى على المقعد جالسا . ابتسمت ' سارة ' بإحراج . دخلت والدة ' تركي ' ووجهها مهلل بالفرح ( ليسعدك الله دائما يا إبني ، ما يضحكك ؟ ) . وقف ' تركي ' وقبل رأسها ويدها ( لا شيء ، فقط تفاجأت بزوجتي .. إنها عصبية يا أمي ) . ابتسمت والدته وذهبت نحو ' سارة ' وقبلتها وهي تذكر الله عليها ( حقا يا سارة ؟ أرِه الويل ، فقد أتعبني كثيرا أثناء تجهيز منزلكما ، كان دائما يهرب ويقول افعلي بها ما تشائين ) . بهتت ابتسامة ' سارة ' ونظرت إليه بضيق . لم تنتبه والدة ' تركي ' لنظرتها ( هل حصنتما أنفسكما ؟ ) . هزت ' سارة ' رأسها بإيجاب . والدة ' تركي ' ( سأعود بعد قليل ، كونا مستعدين ) . ' تركي ' ( أنا لم أحصن نفسي ، هل لك أن تحصنيني ؟ ) . نظرت إليه ' سارة ' بدهشة ثم اقتربت منه ، وأخذت تقرأ المعوذات والأدعية وتنفث على صدره. ولم يحرك هو عيناه من عليها ، كان يتأمل في كل جزء منها .. حتى قطعت عليه تأمله صوت ' منال ' . ابتسمت ' منال ' بحرج ( احم .. هل أزعجتكما ؟ ) . ابتعدت ' سارة ' عن ' تركي ' وجهها يتلون باللون الأحمر ، وابتسمت . ' تركي ' ( أبدا ، سارة كانت تحصنني ) . اقتربت منه ' منال ' ( حقا .. إنه لأمر جميل جدا ) . وسلمت عليهما .. ' منال ' ( ما أجملكما ، كأنكما خلقتما لبعضكما ) . ابتسم الإثنان بينما قال ' تركي ' ( نعم ، أنا ما خلقت إلا لسارة ) . وكان يقصد أنه أحب ' سارة ' وتزوج ' سارة ' أخرى . قالت ' سارة ' بسخرية ( نعم ، هذا واضح جدا ) . نظر إليها ' تركي ' متعجبا ، و ' منال ' لم تنتبه لنبرتها . وبعد ربع ساعة ، زُفَّ الإثنان . كانت السعادة تظهر على الجميع ، فلم تستطع ' سارة ' كتم غضبها أكثر . كانا في منتصف الممر ، وقالت وهي تشد على يده والإبتسامة ما زالت على محياها ( أتظن أنك الوحيد المجبر على هذا الزواج ؟ أنا أيضا مجبرة ... ولا أريد الزواج منك ) . توقف ' تركي ' عن السير مندهشا ومصدوما من قولها ، والتفت إليها ( ماذا تقصدين ؟ ) . شدت ' سارة ' يده تحثه على السير ( لا شيء ) . وانتهى العُرس والإثنان على جمر . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°• الرياض ، 12 صباحا . صفق الباب خلفه بقوة وصعد السلم وهو لا يكاد يرى شيئا أمامه من فرط غضبه . ووقفت ' أريج ' بجانب الباب وهي تضع يدا على فمها وأخرى على بطنها وتبكي . أتت إليها ' وعد ' قلقة وحضنتها ( مابكم ؟ كيف كانت نتيجة الفحوصات ؟ ) . ' أريج ' تحدثت بصعوبة من بين شهقاتها ( أنا حامل ) . شهقت ' وعد ' مصدومة وغير مصدقة ، أخذت أختها إلى غرفتها وأجلستها على سريرها ، ثم ناولتها كوب ماء . ' وعد ' ( إهدأي أريج ، الموضوع ليس بهذا الحجم ) . ' أريج ' ( كيف لي أن أهدأ ؟ كيف ؟ لا أريد أن أكون أما لولد أباه كاذب ومحتال .. ومخادع ، أريد أن أجهضه حالا ) . ' وعد ' ( لا تفكري بهذا الشيء أبدا يا أريج ، أباه كاذب ومحتال ... ماذنب هذا الطفل المسكين ، أتريدين قتله بنفسك ؟ إتقي الله ) . ' أريج ' ( ولكن ... ماذا سيقول الناس عنا ؟ ) . ' وعد ' ( لا عليكِ من الناس ، أنتي فقط اهتمي بنفسك وصحتك ) . ' أريج ' تبكي مرة أخرى ( سعد غاضب علي كثيرا ، أنا لا أحتمل رؤيته هكذا أكثر يا وعد ، لقد خنته وثقته .. لم يعد يحبني ) . ' وعد ' تمسك كفها ( أنتي مخطئة ، سعد نعم غاضب ، ولكنه يحبك كثيرا ، وسيظل دائما بجانبك ) . ' أريج ' ( هل تستطيعين ترْكي الآن وعد ، أريد أن أختلي بنفسي ) . ' وعد ' وقفت ( حسنا عزيزتي ، إن احتجتني اتصلي بي ، صلي ركعتان حتى لا يوسوس لك الشيطان ) وقبلت جبينها وخرجت . قامت ' أريج ' وفعلت كما قالت أختها ، وجلست على سجادتها تبكي وتنوح . وتذكرت قول أبيها حين ذهبت إليه بعد أسبوع من طلاقها وخروجها من المستشفى بسبب إنهيار أصابها . ' والدها ' ( نحن بحثنا عن مازن في كل مكان ، وبلغنا الشرطة ، وبحثنا في سجلات المطار .. ولم نجد له أي أثر ، وكأن الأرض انشقت وابتلعته ، ولكننا لن نتوقف ... سعد حلف يمينا بأن يأخذ حقك منه مهما كان الأمر صعبا ) . وأخذت ذكرياتها معه تأتيها واحدة تلو الأخرى ، وكل موقف يقول بأن ' مازن ' يحبها ، ولم يفعل بها شيئا . والواقع يقول شيئا آخر . ليتها سمعت نصيحة أخيها ورفضته منذ البداية . هي بموافقتها جرحت نفسها وجرحت أخيها .. وأصبح جميع من في البيت متضايقا لأجلها . قامت من سجادتها وذهبت إلى حجرة أخيها وهي لا تزال تبكي .. شعورها بتأنيب الضمير تجاه أخيها يقتلها ؛ لأنها لم تستمع إليه منذ البداية . طرقت عليه الباب عدة مرات حتى فتح لها وعيناه محمرتان .. وكذلك أنفه . ارتمت على حضنه وهي تبكي بحرقة . ضمها ' سعد ' وأدخلها حجرته وأقفل الباب . أجلسها على الأريكة وأخذ يمسح على ظهرها . ' أريج ' ( سامحني سعد ، أرجوك ) . صمت ' سعد ' ولم يقل شيئا . ' أريج ' رفعت رأسها وأمسكت بكفيه تقبلهما ( أنا لن أرتاح إلا إذا رضيت عني ، اضربني سعد افعل أي شيء .. ولكن إرضَ عني ، سامحني ) . ' سعد ' قبل جبينها ومسح دموعها ( فليسامحك الله ، أنا لست غاضبا عليك .. ولكن ؛ لمَ وثقتِ به ؟ لمَ سلمتِهِ نفسك ) . ' أريج ' ( أحببته بجنون يا سعد ، وأنا كنت أمانع بشدة ، ولكنه وعدني بالزواج قريبا جدا .. لم يحصل هذا الشيء سوى قبل الطلاق بأسبوعان تقريبا ) . ' سعد ' ( حينها كان يريد إختبار ثقتك فيه ، كي يأخذ منك المال ويهرب ، ما أوقحه !.. اسمعيني أريج ، أنا حدثت والدي قبل قليل ، وهو عرض علي أن نسافر أنا وأنتي حيث هو في الجنوب ، حتى تضعين مولودك ثم نرجع ) . حدقت فيه ' أريج ' بدهشة ثم قالت ( حسنا ، كما تريدون .. والآن قل لي ، هل سامحتني ؟ ) . ابتسم ' سعد ' ( ألم أقل لك أني لست غاضبا ؟ ) . ' أريج ' حضنته بسعادة ( يا إلهي كم أحبك يا أخي ، ليتني سمعت كلامك منذ البداية ) . ' سعد ' وهو يداعب أنفها ( الآن لن ينفع الندم والحسرة ، وإنما في المستقبل اسمعي كلامي جيدا ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° بريطانيا ، السابعة صباحا . لم تصدق عيناها حين رأت صورة ' فارس ' وهو يلبس ' البشت في قاعة الزواج ، وبجواره ' تركي ' . ومكتوب في أسفل الصورة ( تزوجنا أنا وصديق الطفولة ' تركي ' الليلة سويا ، فليبارك الله لنا وليسعدنا ) . ألهذا تركها ؟ من أجل أن يتزوج بأخرى ؟ ولمَ لمْ يخبرها إذا بنيته, حتى لا تنتظر عودته إليها . لم تنتظر طويلا ، ضغطت على زر الإتصال وأخذت تنتظر رده . سيرد عليها من دون شك ، لأنها غيرت رقمها . وفعلا أتاها صوته المتعب ( ألو ) . أغمضت ' سارة ' عيناها بألم ، كم اشتاقت إليه ( ألو ، تركي ! ) . ' تركي ' بلهفة ( سارة ! ) . ' سارة ' بسخرية ( نعم سارة ، حمدالله أنك ما زلت تذكر إسمي ) . ' تركي ' ( أنتي دائما في قلبي يا سارة ) . ' سارة ' بغضب ( حقا ، إذا لم تركتني ؟ ) . ' تركي ' ( لا أستطيع إخبارك الآن ) . ' سارة ' ( ومتى إذا ؟ منذ أن تركتني وأنا لا أزال حائرة ، أفكر ماذا فعلت كي تتركني بهذه الصورة ، ظللت ألوم نفسي وأعاتبني على كل لحظة أهملتك بها ، ولكنني كنت مخطئة ، أنت لم تتركني إلا من أجلها ) . ' تركي ' متعجبا ( من أجل من ؟ ) . ' سارة ' ( من أجل من أنت معها الآن ، أتظنني لا أعرف عن زواجك ؟ ) . ' تركي ' ( من أخبرك ؟ ) . ' سارة ' ( لا أحد ، علمت ذلك من حساب ' فارس ' على الإنستقرام ، قل لي لماذا ؟ ألم تجد فيني ما كنت تريده ؟ أم مالذي حصل ؟ لمَ كذبت علي تركي ؟ ) . أغمض ' تركي عيناه بألم ( أنا لم أكذب عليك سارة ، أنا لا زلت أحبك ، ومشتاق إليك ) . ' سارة ' ( وبما أنك تحبني ، لمَ تزوجت سواي ؟ ) . ' تركي ' ( سأشرح لك كل شيء غدا ) . ' سارة ' ( وماذا سيحصل إن أخبرتني الآن ؟ ) . ' تركي ' ( سارة أنا متعب ، سأكون في بريطانيا غدا ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° السبت . تبوك ، السادسة صباحا . استلقت على سريرها وهي تحضن مخدتها على صدرها . لا تدري لمَ كانت تشعر بالسعادة وهي ترى ' تركي ' مع زوجته . التي يبدوا عليها الطيبة ... نعم هي لا تشعر بالغضب والضيقة تجاه ' تركي ' ، بعد أن جلست مع ' نجلاء ' عدة مرات ، ونصحتها كثيرا . حتى أحست بأنها لم تعد تحبه . ولكنها حزينة .. نعم حزينة . تشعر بالغربة وسط بيتها ، تريد أن تعرف الحقيقة الآن قبل الأمس . والدتها أبت أن تخبرها بشيء . يكفيها أن تعرف ، لمَ هي عكس إخوتها ؟ روحا وجمالا ..؟ هن يملكن الروح المرحة ، العاشقة لبلدهم الأصلي باكستان . والجمال الباكستاني . وهي تملك الروح المحبة والعاشقة للسعودية ، والجمال العربي . أخذت تفكر حتى أخذها النوم . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° تبوك ، السادسة والنصف صباحا . طوت سجادتها وخلعت إسدال الصلاة بعد أن قرأت أذكار الصباح وصلت ركعتي الضحى . استلقت على سريرها مرهقة .. لم تنم منذ البارحة . جلست على سجادتها تصلي وتبكي وتدعوا منذ أن أقفلت الباب عند الساعة الثانية والنصف بعد أن حصل ما حصل مع ' تركي ' . دخلا الفندق سويا .. ولم تنتهِ من خلع عبائتها حتى وقف أمامها ' تركي ' وعيناه محمرتان . ' تركي ' ( ما كان قصدك ؟ ) . ' سارة ' ( لم أقصد شيئا ، فقط قلت لك الحقيقة ، بينما أنت لم تكن شجاعا لتقولها ) . أخذ ' تركي ' ينظر إليها لبعض الوقت ثم قال بهدوء ( حسنا ، بمَ أنك قلتِها وعرفتي أني مجبر ، أنا لست مضطرا لأشرح لك كيف سيكون وضعنا ، أليس كذلك ؟ ) . ' سارة ' ( ماذا تقصد ؟ ) . ' تركي ' ( قصدي واضح ، هل لكِ أن تخبريني لمَ أُجبرتي ومن الذي أجبرك ؟ ما أعرفه هو أن أمي حدثتك أولا ثم حدثت والدتك بعد موافقتك ) . ارتبكت ' سارة ' وقالت بثقة ( أنت لا تعرف كل شيء ، وأنا لن أجيب قبل أن تجيب أنت على ذات الأسئلة ) . ' تركي ' بحدة ( لن أقول شيئا ) . ' سارة ' بتحدي ( ولا أنا ) . ' تركي ' ( كما تريدين ، وأنا ممتن لك كثيرا ، لأنك سهلتي علي أشياء كثيرة ، سأبدل ملابسي وأخرج كي أنام هنا في الصالة ) وتوجه نحو الحجرة بخطوات غاضبة . ' سارة ' ظلت واقفة في مكانها مذهولة .. حتى خرج هو بعد 10 دقائق ونظر إليها . انتبهت ' سارة ' لنفسها ودخلت .. أقفلت الباب وجلست على السرير وهي تبكي . ثم قامت بعد ربع ساعة واغتسلت وفرشت سجادتها تصلي وتشكوا لله ضيق صدرها . أما ' تركي ' فقد جلس على الأريكة متضايقا ، وشعر بالتعب الشديد . وتذكر أنه لم يتناول أدويته ، نزل إلى الأسفل بسرعة وأتى بكيس الأدوية من السيارة . تناولها واستلقى على الأريكة والشوق ' لسارة ' أتعبه أكثر . حتى أتاه إتصالها ، ونام تعبا بعد إنتهائه من مكالمتها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•° تبوك ، الثانية عشرة مساء . استيقظ على صوت هاتفه ، ورد على أمه التي أمرته بالتوجه حالا إلى منزلها كي يتناولون الغداء قبل أن يسافرا . جلس وهو يفرك عيناه ، ثم نظر إلى الباب الذي خرجت منه سارة وارتبكت حين وجدته مستيقظا . مرة أخرى شعر بالتوتر ونزل عيناه يتفادى رؤيتها . أما هي ، فقد أتت وجلست بجانبه قائلة ( أشعر بالجوع ، ألن نأكل شيئا ؟ ) . وقف ' تركي ' وقال وهو يذهب إلى الحجرة ( بلى ، جهزي نفسك للذهاب إلى منزلنا ) ثم توقف والتفت إليها وقال وهو ينظر إلى ملابسها ( لا أظن أن عليك إرتداء ملابس كهذا مع علمك بوضعنا ) . وقفت ' سارة ' أمامه وقالت بصوت غاضب بعض الشيء ( أن تحدد وضعنا كيف سيكون ، نعم هو من إختصاصك .. ولكن أن تمنعني من إرتداء نوعا ما من الملابس ، فهذا ليس من شأنك ) . ' تركي ' بحدة ( بلى من شأني ، وإن عاندتِني فسوف أقص جميع ملابسك ، أم أنكِ تريدين إثارة غضبي وحسب ) . ' سارة ' ( أبدا ، أنت آخر من أهتم به .. ولبست هذا الفستان رغما عني ، فهم لم يأتوا بإحدى حقائبي ، ولا أعلم ماذا سأرتدي الآن ) . تنهد ' تركي ' ثم انصرف عنها . وبعد ربع ساعة ، وقفت ' سارة ' أمامه وهي ترتدي عباءتها ( انتهيت ) . رفع ' تركي ' عيناه من الهاتف ( وماذا ارتديتي ؟ ) . ' سارة ' ( لم أغير ملابسي ، سوف أغير هناك .. فحقيبتي أظنها في غرفتك ) . وقف ' تركي ' قائلا ( الويل لك إن خلعتي عباءتك أمام والدتي ) . قالت ' سارة ' مستنكرة ( نعم ! أتظنني بلهاء ! ) . ' تركي ' ( نعم ، فوجهك لا يوحي إلا بذلك ) . تنهدت ' سارة ' بغضب ولم ترد عليه . وظلا صامتين حتى وصلوا إلى منزل والد ' تركي ' . سلموا على والد ' تركي ' ووالدته وعمته ' منال ' . وصعدت ' سارة ' حجرة ' تركي ' ثم نزلت بعد أم لبست فستانا باللون الأبيض ، وبأكمام قصيرة وفردت شعرها ... نظر إليها ' تركي ' بدهشة وهو يعض شفته السفلى ، كيف ترتدي هذا الفستان بوجود والده ؟ وكيف تظهر أمامه بهذه الزينة . وشعر بالغضب حين أشار والده إلى مكان بجانبه وأمرها بالجلوس فيه . وغضب أكثر حين جلست وهي تبتسم ، ولا يفصل بينهما سوى ' تكاية ' . وأخذ والده يحدثها ويمازحها ، وهي تضحك وتجاريه . حتى قال له والده ( لا أوصيك على إبنتي ياتركي ، انتبه عليها جيدا ، وأنتي أيضا يا ' سارة ' .. ستصوني ابننا أليس كذلك ) . ' سارة ' ( بالطبع ) . ' تركي ' بنبرة غاضبة ( كفي عن الكذب ، لن يحصل ذلك وأنتي مجبرة على هذا الزواج ) . وساد الصمت في المجلس ، وأخذ كل واحد منهم ينظر إلى الآخر بدهشة . بينما نظرت ' سارة ' إلى ' تركي ' بإبتسامة مصدومة ، وقلبها يدق بسرعة . والدة ' تركي ' ( ما هذا الهراء يا تركي ، من قال لك ذلك ؟ ) . ' تركي ' ( هي ) . والدته ( صحيح يا سارة ؟ ) . ' سارة ' ( نعم ، ولكنني كنت أمزح معه ) . وقف ' تركي ' ونظراته القوية والغاضبة تربك ' سارة ' وتوترها ( ما كان ينبغي عليك أن تمزحي بهذا الشأن في ليلة العُرس ، فأنا لم أشعر بالسعادة بعد أن قلتي لي ذلك ) . وخرج من المجلس . أخفضت ' سارة ' بصرها بإحراج ، وقد خنقتها العبرة . والد ' تركي ' ( تركي محق ، أنتي كنتي مخطئة يا إبنتي ) . ابتسمت ' سارة ' بإرتباك ( سوف أعتذر منه ) . واحتفظت سارة بإبتسامتها وهدوءها حتى حان وقت الأكل ، وقلبها ينزف . كان ' تركي ' يجلس بجانبها ويأكل بهدوء . و' سارة ' كانت تجاري الجميع في أحاديثهم وتضحك وكأن شيئا لم يحصل . وبعد صعودهم إلى حجرتهم بعد الغداء ، كانت ' سارة ' تقف أمام المرآة ترفع شعرها بمطاط غير مبالية بــ' تركي ' الذي لم يحرك عيناه من عليها منذ دخولهما الحجرة . ثم توجهت إلى حجرة تبديل الملابس وخرجت بعد أن ارتدت ما كانت ترتديه في الصباح ، مما أثار غضب ' تركي ' . وهو فستان أسود قصير يصل إلى الركبة ، بلا أكمام .. ' تركي ' ( ألم أمنعك من إرتداء هذا ! ) . ' سارة ' ( حقا ! أنا لا أذكر ) وجلست على الطرف الآخر من السرير وقالت وهي تتناول هاتفها ( ما كان عليك أن تحرجني هكذا أمام والديك ) . ' تركي ' وقف أمامها غاضبا ومسكها من ذراعها بقوة وأوقفها حتى سقط هاتفها وتكسر وتناثرت أجزاؤه ، وقال وهو يصر على أسنانه ( بل كان يجب علي ذلك ، خاصة بعد إرتداءك فستانا ضيقا أمام والدي ، من ظننتي نفسكِ حين تذهبين أمامه بهذا الشكل ؟ ) . قالت ' سارة ' بثبات وقلبها يرتجف من الخوف ( لم أجد شيئا مناسبا وساترا أكثر من ذلك ، فأنا نسيـــ......... ) . قاطعها ' تركي ' ( لمَ ؟ هل أنتي رخيصة إلى هذا الحد ، لدرجة أنك لا تملكين لباس ساتر ؟ ) . غضبت ' سارة ' من قوله ولكنها ظلت ثابتة ( ليس الأمر كما تصورت ، بل نسيت حقيبتي في المنزل ) . ' تركي ' ( لمَ ؟ هل كنتي متعمدة ؟ ) . ' سارة ' ( كنت سأقول نعم إن لم أكن أعلم بأنك مجبر على الزواج مني ، ولكن الآن أقول لا .. ) ' تركي ' ( وهل سيبقى الأمر كذلك حتى نذهب إلى المدينة ؟ ستلبسين أمامي وأمام أهلي ملابسا غير لائقا كهذه ؟ ) . ' سارة ' ( سأتصرف ) ونظرت إلى يده الممسكة بذراعها وهي تقول ( ألا تنوي ترك يدي يا أستاذ ، فقد شُلّت من قبضتك ) . انتبه ' تركي ' وترك يدها وانصدم حين رآى هذا المنظر . فقد احمرت يدها بشكل كبير ، وأصبحت كإسورة ..! أخذت ' سارة ' تحكها وتمسح عليها وهي تعقد حاجبيها . عاد ' تركي ' إلى مكانه وهو يشعر بتوتر شديد لا يعرف سببه ، وأخذ ينظر إليها بطرف عينه . كانت لا تزال تمسح على يدها وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة .. ثم قالت بصوت عالٍ ومتذمر ( يا لك من متوحش ) . ضحك ' تركي ' بصوت غير مسموع ، وهو متعجب من ثباتها وهدوءها . ثم استلقت وتدثرت باللحاف وغطت في نوم عميق ، حتى أن ' تركي ' اقترب منها ليتأكد من أنها تتنفس وأنها ما زالت حية . وابتسم على ملامحها الهادئة والبريئة ، وأغلق الأنوار واستلقى بجانبها وهو يتأمل وجهها . وقال لنفسه وهو يتنهد ( فرق كبير بينك وبين محبوبتي ، أنتي أجمل ... وستكونين أكثر شقاء ، وصدق من قال أن _ الجميلات أتعس حظا من غيرهن من النساء - ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° الباحة . السابعة مساء . توقفت السيارة أمام قصر كبير ، ونزلت هي وأخيها من السيارة . وضمت نفسها حين هبّ نسيم بارد . التفتت مع أخيها على من فتح الباب وخرج وهو يبتسم ، وتقدم من أخيها وسلم عليه ثم أدخلهم المنزل وهو يرحب . خرج إليهم أبيها ، ركضت نحوه واحتضنته بقوة وأخذت تبكي . مسح أبيها على ظهرها محاولا تهدئتها . ' أريج ' ( سامحني يا أبي ، لم أكن الفتاة الطيبة .. لقد خنتكم ) . ' والدها ' ( لا عليك يا إبنتي ، أنا لست غاضبا ) . ' أريج ' ترفع رأسها وتمسح دموعها ( كنت أفكر في إجهاضه و ....... ) . قاطعها ' سعد ' غاضبا ( أريج ! كفي عن قول هذا ، فطفلك ليس مذنب ) . ' والدها ' ( نعم .. سعد محق ، والآن تفضلوا في منزلكم ) . دخل الجميع المنزل وجلسوا في الصالة الدائرية الكبيرة ، والتي تتوسط المنزل .. وفيها سلّمان دائريان مؤديان إلى الدور العلوي . ' أريج ' منبهرة من جمال القصر ( ما أجمله ) . ' والدها ' ( استمتعي فيه يا إبنتي ، فهو وجميع من فيه تحت خدمتك ) . ' أريج ' ( حفظك الله يا أبي وأطال في عمرك ) . ' عبدالعزيز ' ( حسنا أنا أستأذنكم الآن ، إن أردتم شيئا فأنا سأكون في حجرتي ) وخرج . ' أريج ' ( من هذا يا أبي ) . ' والدها ' ( هذا إبن أحد أصدقائي المتوفين ، وهو من يكون دائما معي في حلي وترحالي ) . ' سعد ' ( أنا سأذهب لأرتاح قليلا ) وصعد . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•° تبوك . الثامنة والنصف مساء . نزلت من حجرتها ورحبت بإبنة خالتها ' نجلاء ' . وجلست معها بعد أن أحضرت المكسرات والسوائل . هي لا تشعر بالسعادة سوى مع ' نجلاء ' . شقيقاتها لا يطِقْنَ مجالستها ، وهي أيضا كذلك . وتشعر بالضيق الشديد مع أمها ؛ ولا تعلم سبب ذلك . ' نجلاء ' ( لن تصدقي ما سأقول لك ) . ' أحلام ' ( ماذا ؟ ) . ' نجلاء ' ( مشتاقة لجميلة هههههههه ) . ' أحلام ' ( وأنا أيضا ، حدثتني ليلة أمس ، وبشرتني بحملها ) . ' نجلاء ' تعود إلى الخلف ( ما شاء الله ، نحن فاتنا القطار يا أحلام ) . ' أحلام ' ( لماذا ؟ فليكن في علمك أن الدراسة هي أهم شيء في الحياة ، أم الزوج والأطفال أمور ثانوية ) وبسخرية ( خاصة إذا كان عليك الزواج من باكستاني ، أو كنتي ابنة لباكستاني ) . ' نجلاء ' ( كم أكرهك يا أحلام حين تحتقرين أباك وتحتقرين الباكستانيين ) . ' أحلام ' ( لو كنت أعرف الحقيقة لكان الأمر مختلفا تماما يا إبنة خالتي العزيزة ) . ' نجلاء ' ( في كلامك شيء من الصحة ، ولكنني أظن أنك ستكونين بخير إن جهلتِها ، وإلا لأخبرتك والدتك بها ) . ' أحلام ' تنظر إليها بنصف عين ( تعلمين ! بعض الأحيان أشك بأنك تعرفينها ) . ' نجلاء ' ( احتفظي بشكوكك لنفسك ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° | ||||||||
08-02-17, 05:42 PM | #6 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( الجزء الخامس - غضب , وبعض فرح ) بريطانيا . السابعة صباحا . وصلا الفندق وهما مرهقين تماما . ألقت ' سارة ' بثقل جسدها على الأريكة ، وتوجه ' تركي ' إلى الحجرة . خرج منها بعد ربع ساعة وهو يرتدي بذلة جميلة ، ومتأنق للغاية ، وريحة عطره انتشرت في أرجاء الصالة . نظرت إليه ' سارة ' وهي لم تخلع عباءتها بعد ( ستخرج ؟ ) . ' تركي ' ( نعم ، سأعود بعد ساعة ) . ' سارة ' ( وأنا ) . ' تركي ' ( ارتاحي انتي الآن ، سوف تخرجين في المساء ) . ' سارة ' ( أنا لا أريد الخروج ، ولكنني لا أستطيع أن أجلس لوحدي ساعة كاملة هنا ) . ' تركي ' بسخرية ( أنتي لستِ صغيرة ) . ' سارة ' ( لا يشترط أن أكون صغيرة حتى أخاف في هذا المكان الغريب ، فأنا منذ ولدت وحتى الآن لم أسافر خارج المملكة سوى هذه المرة ) . ' تركي ' بإزدراء ( حقا .. إذا لن ألومك ، ولكن لدي موعد مهم ، ولا أستطيع أن أخذك معي ) . ' سارة ' ( أظنك أتيت إلى بريطانيا لأجل هذا الموعد ليس إلا ) . صمت ' تركي ' لبعض الوقت ثم نظر إليها ( نعم ) . تنهدت ' سارة ' بضيق ( حسنا .. فلتستمتع بوقتك أيها الأستاذ ) . نظر ' تركي ' إلى عينيها طويلا ولمح الحزن فيهما . قاطعته ' سارة ' ( ولا شك في أنك كنت تخطط لهذا منذ البداية ، أعني حين خطبتني والدتك ، فأنا لم أركَ بهذه الروح سوى الآن ) . ' تركي ' ( ليس تماما ) . جلست ' سارة ' على الأريكة ( أرجوك أن لا تتأخر كثيرا ، فأنا جادة في قولي بأني خائفة .. ولا تنسَ أن تشتري لي هاتفا ) . ' تركي ' ( حسنا ) وخرج تاركا خلفه ' سارة ' التي أحست بالجرح والإهانة . وأخذت تبكي بصمت . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°• توجه ' تركي ' إلى المطعم الذي وعد ' سارة ' أن يكون متواجدا فيه تمام الساعة التاسعة . حتى وإن كان الوقت مبكرا ، فهو متشوق جدا لرؤيتها . وصل إلى المكان المقصود وأخذ ينتظرها بلهفة وهو ينظر إلى ساعته بين الحين والآخر . ثم تذكر زوجته التي تركها ، لو أنه جلس معها حتى يحين الموعد يطمئنها ويحسسها بالراحة والأمان ثم يخرج ! تذكر نظراتها الحزينة والمرتجفة ، وكلماتها الصريحة . كان عليه أن يهدئها . تنهد وهو يشعر بالحزن عليها ، ولكنه سرعان ما تجاهل هذا الشعور .. حين قدمت ' سارة ' وهي تبتسم إبتسامة باهتة . بعبائتها الرمادية ، وطرحتها الوردية ، التي لا تغطي شعرها الأمامي . فرق شاسع بين حجابها وبين حجاب ' سارة ' زوجته .. التي ترتدي عباءة على الراس ، وتغطي عيناها .. وتلبس قفازات ، ولا يظهر منها شيء . حتى هو تعجب لما رآها بهذا المنظر . وقف وهو يبتسم لها . رحبت به ' سارة ' بحفاوة وعتاب شديدان . طلب ' تركي ' قهوة لهما . وجلسا يتحدثان ويسألان عن بعضهما ، ويسترجعا الأيام الجميلة التي قضاها ' تركي ' هنا أيام دراسته . كانا يتحدثان ويضحكان وكأن شيئا لم يحصل ، حتى سألت ' سارة ' ( والآن .. أخبرني لم تركتني ) . نظر ' تركي ' إلى كوبه طويلا قبل أن يجيبها ( سارة ، أنا مريض .. مصاب بورم في الصدر ، لن أعيش طويلا ؛ لذا لم أشأ أن أكمل معك ثم تتألمين برحيلي ) . وضعت ' سارة ' يدها على فمها غير مصدقة ( أنت تمزح معي ، أليس كذلك ؟ ) . ' تركي ' بحزن ( لا ) . ' سارة ' ( منذ متى ؟ ) . ' تركي ' ( منذ ثلاثة شهور فقط ، يعني .. يوم تركتك ) . ' سارة ' ( ولماذا لم تخبرني في ذلك الوقت ؟ كنت سأتقبل الموضوع صدقني ) . ' تركي ' ( حقا ! ولكنني سأموت قريبا ) . ' سارة ' ( أرجوك يا تركي ، كفّ عن هذا القول ، ستتعالج وستتعافى بإذن الله ؛ ألم تبدأ بالعلاج ؟ ) . ' تركي ' ( لا ، سأبدأ بعد رجوعي إلى تبوك فورا ) . ' سارة ' بإنفعال ( ماذا كنت تنتظر ؟ سينتشر الورم وستتألم أكثر ) . ' تركي ' ( لن يحدث ذلك بإذن الله ) . ثم ساد صمت بينهما عدة دقائق ، وقطعته ' سارة ' بقولها بصوت مرير ( لم تستطع الإكمال معي بسبب مرضك ، ولكنك استطعت الزواج من أخرى ) . ' تركي ' ( ذلك لأنها لا تعني لي شيئا ) . ' سارة ' ( ماذا تعني ؟ ) . ' تركي ' يتقدم إلى الأمام ( أعني أنها زوجة على الورق فقط ، وأني تزوجتها فقط لأجل والدتي ، أما أنتي .. فكل شيء بالنسبة إليّ ، لذا لم أكن أريد أن أحزنك أو أضايقك ) . ابتسمت ' سارة ' ثم قالت ( وهي هل علمت بمرضك ؟ وهل ... تعرف عني ؟ ) . ' تركي ' ( لا ) . ومر الوقت سريعا وهما يتحدثان حول أمور عديدة ، حتى نظرت ' سارة ' إلى ساعتها وهي تشهق مصدومة ( لقد مرت ساعتان كاملتان ونحن لم نشعر ) . ' تركي ' انصدم هو الآخر ووقف قائلا ( يا إلهي ، عليّ الذهاب الآن ) . ' سارة ' وقفت ( لماذا ؟ هل هناك أمر مهم ؟ ) . ' تركي ' ( أبدا ، سارة أوصتني بأن أشتري لها هاتفا ، وأنا لم آخذ نصيبي من الراحة بعد ) . ' سارة ' عقدت حاجباها ( قلت سارة ؟ ) . ضحك ' تركي ' وهو يقول ( ألم أخبرك بأن إسمها سارة أيضا ) . وضحكت ' سارة ' ( حقا ! يا لهذه الصدفة ) . ' تركي ' ( حسنا ، أراك لاحقا عزيزتي ) . ' سارة ' بحزن ( عدني بأن نتقابل ثانية يا تركي ) . ' تركي ' ( أعدك ، أستودعك الله ) . وانصرف كل منهما حيث يقصد . ركض ' تركي ' بكل ما أوتي من قوة حتى وصل إلى محل لبيع الهواتف ، واختار هاتفا أنيقا وحديثا . ثم خرج من المحل وذهب إلى الفندق ماشيا ، لأنه كان قريبا من المحل . وصل إليه وهو منشغل العقل ' بسارة ' التي تنتظره ، لا شك بأنها غاضبة . فهو خرج في الساعة الثامنة إلا ربعا ، وعاد في الثانية عشرة إلا ربع ! فتح الباب وفزع عندما سمع صرخة ' سارة ' التي وضعت يدها على فمها حرجة بعد ذلك . أغلق الباب وتوجه إليها وهو متعجب ، إذ أنها لا تزال على وضعها بعبائتها . ' تركي ' ( ألم تخلعي عباءتك بعد ؟ ولم تنامي ؟ وما سبب هذا الصراخ ؟ ) . ' سارة ' تنظر إلى الأسفل ( كان المكان هادئا جدا ، لذا خفت حين فتحت الباب ، ولم أستطع التحرك من مكاني بسبب الخوف ) . ' تركي ' جلس بجانبها متعجبا ( ألهذه الدرجة تخافين ؟ ) . ' سارة ' ( نعم ) ثم اندفعت إليه قائلة ( قلت بأنك ستعود بعد ساعة ، لمَ تأخرت كل هذا الوقت ؟ ) . ' تركي ' ( مر الوقت سريعا ولم أنتبه ، ولو علمتُ أنك تخافين إلى هذه الدرجة لوضعت منبها ) . ' سارة ' ( هل تستهزيء ؟ قل ما تشاء فهذه الحقيقة ، فأنا من شدة خوفي قمت أتخيل أشباحا تجول في الصالة ) . ضحك ' تركي ' حتى احمر وجهه ، ثم التفت إليها ولم يقل شيئا حين رأى الغضب في وجهها . ' سارة ' ( كفّ عن الضحك رجاء ، يكفيني ما بي ، هلاّ طلبت لي شيئا آكله .. فأنا لم أكل شيئا حتى الآن ) . انتبه ' تركي ' إلى هذا وقال ( كيف نسيت ذلك ؟ ماذا تريدين أن تأكلين ؟ ) . ' سارة ' ( فقط قهوة وبعض الحلويات ) . طلب لها تركي ما أرادت ، ثم جلس على الأريكة وشغل التلفاز وأخذ يقلب القنوات . حتى طرق العامل الباب ، أخذ منه ' تركي ' الصينية وعاد إلى ' سارة ' . التي وجدها تغط في نوم عميق ، مد يده نحوها كي يوقظها ولكنه لم يستطِع حين رآى ملامحها الهادئة والمسالمة . حملها ' تركي ' وأخذها إلى الحجرة ، ووضعها على السرير . وتفاجأ حين استيقظت ونظرت إليه بخجل ثم قالت ( لو أنك أيقظتني ! ) ثم وقفت وخلعت عبائتها وتغطت . ' تركي ' تنفس بصعوبة بعد أن رآها بهذا الملابس ( لقد وصل طلبك ) . ' سارة ' ( سأتناوله فيما بعد ) . ' تركي ' ( كما تشائين ) وخرج إلى الصالة واستلقى على الأريكة وصورة سارة بفستانها الأصفر ، القصير ، والضيق .. والذي لا يغطي أكتافها .. تمر به وتزعجه ، وتحثه على الذهاب إليها .. ولكنه ليس يفعلها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°• الأحد . أبها , السادسة إلا ربع صباحا . فتحت ' أريج ' أبواب الشرفة وخرجت إليها وهي تشعر ببعض البرد ، وكانت تغطي جسدها النحيل بوشاح أسود . أغمضت عيناها وهي تتنفس بهدوء . ومرت بها إحدى الذكريات مع ' مازن ' . حين خرجت معه في أحد الأيام في الصباح الباكر ، وأخذها إلى أحد المنتجعات ، وخرجت هي إلى الشرفة واستمعت فيه كثيرا رغم حرارة الجو . تناولا المثلجات ، وغازلها ' مازن ' كثيرا .. ثم تطرق إلى موضوع الزواج ، وقال بأنه يشعر أنه تأخر كثيرا واعتذر منها . ثم دخلا إلى الداخل بعد أن ازدادت الحرارة ، وأخذ يغازلها حتى حصل ما حصل بعد أن كانت تمانع بقوة . رجعت للواقع وتنهدت وهي تمسح دمعتها . كانت عمياء ، وكانت ساذجة وغبية . وهو كان ذكيا ، مستغلا ضعفها وحبها الشديد له . وضعت يدها على صدرها وهي تشعر بألم ، ألم قلبها الذي لا يزال مجروحا ومتألما من حبيبها . ثم لمست بطنها ونظرت إليه وهي تقول بهمس ( أنت النتيجة ، نتيجة سذاجتي وثقتي العمياء في أبيك ، وكذبه وإستغلاله ) . مسحت دموعها مرة أخرى وهي تتذكر ما قالته أختها ' وعد ' ( مازن لا يستحق دمعة واحدة منك ) . تنهدت وتقدمت إلى الأمام واستندت بذراعيها على السور ، كان المنظر جميل أمامها . المكان هاديء جدا ، ومظلم بعض الشيء .. الشمس لم تشرق بعد ، والسماء غائمة . وانتبهت إلى أبيها وأخيها ' سعد ' ' وعبدالعزيز ' كانوا عائدين من المسجد . وتأملت في ' عبدالعزيز ' وهي تقول لنفسها ( يا له من مسكين ، يقضي جلّ أوقاته مع رجل في سن أبيه ، أود أن أعرف .. أين المتعة في ذلك ، أم أنه الخضوع التام والحب الشديد للأب ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•° بريطانيا . الرابعة والنصف عصرا كانت ' سارة ' تشرب قهوتها وهي تشعر بالإرتباك والتوتر من ' تركي ' وقالت بعد أن علمت أنه متضايقا من لبسها ( ما رأيك أن نذهب للتسوق ، أريد شراء بعض الملابس ، فأنا لا أشعر بالراحة بهذه .. لأنني لم ألبس مثلها قط في حياتي ) . نظر إليها ' تركي ' بطرف عينه وهو يقول ( نعم هذا واضح جدا ) . ' سارة ' ( ماذا قلت ؟ ) . ' تركي ' تنهد وهو يعود إلى الخلف وينظر إليها ( قلت واضح بأنك لم تلبسي مثلها أبدا ، وأنك لا تشعرين بالراحة ) . غضبت ' سارة ' ( أنا صادقة أيها الأستاذ ) . ' تركي ' ( هل قلت شيئا غير ذلك ؟ ) . ثم صمت الإثنان في غضب . وقامت ' سارة ' متوجهة للحجرة ثم عادت وهي ترتدي عبائتها ( أتمنى أن تكون راضيا الآن ) وجلست غاضبة . ضحك ' تركي ' ضحكة قصيرة ثم قال ( نعم هذا جيد جدا ) . ' سارة ' ( أنت تستمع كثيرا حين أغضب ) . ابتسم ' تركي ' لطريقتها الطفولية ( بالطبع ) . صمتت ' سارة ' وهي تحاول الإحتفاظ بهدوءها ومظهرها الذي يدل على أنها راضية بما يحصل ، بينما قلبها ينزف بهدوء .. تشعر بالإهانة الشديد . كانت تتخيل حياة جميلة مع رجل وسيم مثل ' تركي ' ، ولم يخطر ببالها أنها ستكون بهذا الوضع ، وأنها ستكون بهذا الهدوء والبرود . حسنا وما الذي أستطيع فعله سوى التظاهر بعدم الشعور ، فأنا لست في المدينة كي أشكوا لإخوتي فيأتون لأخذي وتوبيخ ' تركي ' ، أو أشكوا لوالدتي فتخفف عني بكلماتها التي تأتي كالبلسم على قلبي . وتنهدت وهي تحتسي القهوة التي اصبحت باردة . والتفت إليها ' تركي ' قائلا ( مابك ؟ ) . ' سارة ' ( لا شيء ، فقط اشتقت لأمي ) . ' تركي ' ( هل تودين التحدث إليها ؟ ) . ' سارة ' ( ليس الآن ، ستكون نائمة في هذا الوقت ) . وبعد صمت .... ' تركي ' بتردد ( سارة ، هل كنتي جادة حين قلتي أمام والدَي بأنك كنتي تمزحين معي ؟ ) . ' سارة ' ( لا ، أنا لم امزح معك ، فقط كنت غاضبة من عدم إهتمامك بي ، لذا قلت ما قلته وأنا مغتاظة ) . عقد ' تركي ' حاجبيه ( ما كان ينبغي عليك فعل ذلك ، لو صارحتني عن غيظك ونحن في الحجرة لشرحت لك الأمر ) . ' سارة ' ( حقا ! وماذا كنت سأقول لك وأنا لا أعرفك جيدا ؟ ، يا إلهي ، أنا مغتاظة لأنك لم تهتم بي ولم تحدثني طوال فترة الخطوبة ؟ ) . تنهد ' تركي ' وهو يكتم غضبه ( كنتي تستطعين تأجيل الحديث حتى نعود ) . وقفت ' سارة ' بغضب وصرخت قائلة ( كفى ، ما الفائدة في إعادة ما حدث ، هل سيغير شيء ؟ بالطبع لا .. فأنت ستظل الرجل الذي أجبر على الزواج من فتاة كانت تحلم بحياة جميلة وردية هادئة ) . ' تركي ' ( إهدئي يا سارة ، فلا داعي لهذا الإنفعال ) . ' سارة ' جلست والحرارة تعلو صدرها ( أخبرني، لمَ لمْ تكن تريد الزواج مني ؟ ) . ' تركي ' ( أنا لم أكن أرغب في الزواج أبدا ) . ' سارة ' ( ولكن لمَ ؟ ) . ' تركي ' ( لن أخبرك بهذا أبدا ) . ' سارة ' ( بلى ستخبرني ) . وقف ' تركي غاضبا ( لن أخبرك يا سارة ، هل تفهمين ؟ ) وتوجه نحو الباب وخرج غاضبا . نظرت ' سارة ' إلى الباب بهدوء وخوف ، تركها مرة أخرى لوحدها .. يا إلهي ، يجب علي أن أكون أكثر هدوءا ، وأن أتظاهر بعدم المبالاة أكثر . وإلا سيفعل في كل مرة مثل ما فعل الآن . ارتجفت ' سارة ' وهي تتخيل الأشباح مرة أخرى ، كانت تقرأ قصصا كثيرة عن الأرواح والجن تحصل في بريطانيا .. وهي لم تكن تصدقها بل كانت تسخر . ولكن الآن الوضع مختلف ، فهي في بريطانيا ، ولوحدها ..! تكورت على نفسها وضمت ركبتيها إلى صدرها وهي تشعر بالخوف الشديد . ومرت 4 ساعات كاملات وهي لم تتحرك من مكانها سوى لأداء الصلاة ، وكانت ترتجف حينئذ . حتى عاد ' تركي ' من الخارج وبحث عنها ووجدها في الحجرة على سجادتها تقرأ القرآن بصوت عذب ، وأغمضت عيناها بخوف شديد حين أحست بأحد ما خلفها . وكتمت أنفاسها حين اقترب منها . استغرب ' تركي ' من توقفها المفاجئ عن القراءة ، جلس بجانبها ووضع يدها على كتفها قائلا ( مابك ؟ لمَ توقفتي عن القراءة ؟ ) . تنهدت ' سارة ' والتفتت إليه بهدوء ودموعها أوشكت على النزول ( أهذا أنت ؟ يا إلهي كم كنت خائفة ! ظننتك أحد الأشباح الذين تخيلتهم ) وغطت وجهها بيديها وهي تبكي من شعورها بالخوف وعدم الراحة . عض ' تركي ' طرف شفته متحيرا ، هل يضمها ليهدئها .. أم يتركها . وجلس على يمينها متربعا وهو ينظر إليها حتى مسحت دموعها وهي تبتسم ( آسفة ، فأنا شديدة التأثر بما أقرؤه من قصص عن الأشباح ، لا بد من أنك تقول لنفسك كيف زوجتني أمي من طفلة ! ) . ابتسم ' تركي ' متعجبا منها ( أبدا .. ولكنني حقا متعجب منك ، ألهذه الدرجة تخافين ؟ ) . ضحكت ' سارة ' ( نعم ، حتى أنني لم أقم من مكاني منذ أن خرجت إلا قبل قليل لأصلي ، وكانت ركبتاي ترتجفان حتى أوشكت على السقوط ) . ' تركي ' أحس بسعادة غريبة تجتاحه ، فهذه المرة الأولى التي تضحك فيها سارة له ، ووقف وهو يقول ( فليعينك الله ، أنا سأنام قليلا .. أشعر بالتعب ) واستلقى قبل أن يسمع ردها وأغمض عيناه . ووقفت ' سارة ' وأغلقت الأنوار وعادت إلى سجادتها تذكر الله وتدعوه بأن يريح قلبها . وكما تفعل في كل مرة ، كانت تبكي دون أن تصدر صوتا . ولكن ' تركي ' الذي كان يسترق النظر إليها انتبه إلى دموعها ، وأشفق عليها كثيرا . ونام الإثنان وقلبيهما مليئان بالهموم . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° تبوك ، السادسة مساء . خرجت من المطبخ وتوجهت نحو والدتها وبيدها كوب قهوة . ' أحلام ' ( مساء الخير ) . ' والدتها ' ( مساء النور ) . ' أحلام ' ( مابك ؟ هل هناك ما يقلقك ؟ ) . تنهدت ' والدتها ' قائلة ( أبدا ، ولكن حدثتني أم حمد بشأنك ، تقول بأن إحدى قريباتها تبحث عن عروس لإبنها ، وتفكر في ترشيحك له ) . ' أحلام ' بشيء من السخرية ( وهل قريبتها ترضى بأن تزوج إبنها فتاة باكستانية ؟ ) . ' والدتها ' بهدوء ( كفي عن السخرية أحلام ) . ' أحلام ' ( ليس قبل أن أعرف الحقيقة ) . ' والدتها ' بغضب ( أي حقيقة هذه التي أزعجتني بها ، لا توجد أية حقيقة .. أنا فقط تقدم لي والدك ووافقت وتزوجت ، مالغريب في الموضوع بنظرك ؟ ) . ' أحلام ' ( كل شيء ، استسلامك الدائم لوالدي قبل وفاته رحمه الله ، وخوفك منه .. وشخصيتك المغرورة قبل الزواج كما علمت من خالتي ، وقبل كل ذلك .. فقر والدي حين تزوجك ، وثراءك أنتي وجمالك ) . ' والدتها ' ( أنتي فقط تتخيلين أشياء لا وجود لها ، جدك كان يحترم أباك بشدة ويحبه ، لذلك أقنعني بالزواج منه .. وأنا لم أكن أملك سوى الخضوع لطلب والدي العزيز ، وقد كنت سعيدة مع والدك بالفعل ، وإن تطرقتي إلى هذا الموضوع مرة أخرى فسوف لن ترين ما يعجبك ) . ' أحلام ' ( أنتي لم تقنيعني يا أمي ، وأنا سأسعى كثيرا لمعرفة الحقيقة ، أستأذن منك ) وصعدت إلى حجرتها تاركة والدتها تتنهد بغضب وحزن . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•° بريطانيا . التاسعة والنصف مساء . فتح ' تركي ' عيناه وأغلقهما بسبب النور الآت من الباب . أخذ هاتفه وفزّ جالسا حين رآى الساعة . وقف واتجه نحو الحمام ، ولكنه توقف حين رأى ' سارة ' على سجادتها تقرأ الأذكار ( لمَ لمْ توقظيني ؟ ) . ' سارة ' ( بلى كنت أحاول ، ولكنك كنت كالميت ) . ابتسم ' تركي ' وهو يتذكر تذمر والدته وفارس من نومه الثقيل . خرج بعد أن اغتسل وتوضأ ، ولم يجد ' سارة ' . أدى ما عليه من فروض ثم خرج إلى الصالة وهو يرتدي ملابسا للخروج . ووجد ' سارة ' تجلس على الأريكة بإسدال الصلاة ، وضامة رجليها إلى صدرها . ' تركي ' ( ألن تخلعي هذا الرداء ؟ فقد أديتي جميع الصلوات على ما أظن ) . ' سارة ' ( ليس لدي ملابسا ساترا ، بالله عليك أن تطلب لي شيئا آكله ... أشعر بالجوع الشديد ، وأنت إن خرجت لا تحضر لي شيئا ، وإن نمت لا تستيقظ ، فلا أعرف ما أفعله سوى الضغط على بطني كي يهداء من القرقرة ) . ضحك ' تركي ' وأردف ( البسي عباءتك ، سنأكل في الخارج ) . ' سارة ' ( لا أرغب بالخروج الآن ، فأنا أشعر بتعب وآلام في مفاصلي ) . جلس ' تركي ' وهو يضغط على هاتفه ( حسنا .. كما تريدين ) . طلب لهما الآكل والتفت إليها ( لمَ لا تشغلي التلفاز ؟ ) . ' سارة ' ( لا يوجد به شيئا مسليا ، كما أن القنوات غير محترمة ) . ابتسم ' تركي ' وهو يشغل التلفاز " بالريموت " ( أنتي مخطئة بالتأكيد .... نعم جيد ، هذا الفلم رائع ) . ' سارة ' بإشمئزاز ( أنا لا أحب مشاهدة الأفلام ) . تجاهلها ' تركي ' واندمج مع الفلم ، وصارت ' سارة ' تحثه على تغيير الفلم بسبب ما ترتديه النساء من ملابس غير ساترة ، وهو استمر في المشاهدة قائلا بأنه معتاد على مشاهدة هذه الأفلام . حتى غضبت ' سارة ' ووقفت وهي تقول ( تتضايق عندما ألبس أستر من هذه الملابس وأنا زوجتك ، والآن تبدوا مستمتعا جدا ومندمجا وأنت تنظر إلى الحرام ) وذهبت إلى الحجرة وأقفلت الباب بقوة . نظر ' تركي ' إلى الباب لعدة ثواني ثم أعاد أنظاره إلى التلفاز وأغلقه وهو يقول ( نعم أنتي محقة يا سارة ، لن أفعل ذلك بعد الآن ) . خلعت ' سارة ' رداء الصلاة وارتدت فستانا ضيقا جدا باللون الكحلي ، وقماش الظهر شفاف جدا ، بلا أكمام .. وقصير جدا . ووقفت أمام المرآة تنظر إلى نفسها وهي تقول ( لنرى ماذا ستفعل الآن ! ) . وتوجهت إلى الباب ، وترددت وهي تضع يدها على المقبض ، وتراجعت إلى الخلف ( لا لن أفعلها ، وإلا سيغضب ويتركني لوحدي هنا ) . وارتدت الإسدال مرة أخرى وخرجت . كان ' تركي ' ينظر إليها لبعض الوقت ثم تنهد وأعاد أنظاره على الهاتف . جلست ' سارة ' بجانبه ( هل أستطيع التحدث مع والدتي الآن ؟ ) . ' تركي ' ( بالطبع ، أعطني رقمها ) . أملت عليه رقمها الذي تحفظه عن ظهر قلب ، وابتعدت عن ' تركي ' وهي تتحدث إلى والدتها وتبكي من شوقها إليها . وكان ' تركي ' ينظر إليها ويتأمل فيها ، كل مافيها يدل على البراءة والطيبة . حقا يا سارة ، أنا لا أستحق فتاة مثلك .. تنهد حين انتهت ' سارة ' من مكالمتها وتوجهت إليه بوجه محمر . ثم جلست وهي تقول ( سأموت من الجوع ، تأخروا كثيرا ) . ' تركي ' بملل ( سيأتون الآن ، أنا أشعر بالملل .. لمَ امتنعتي عن الخروج ؟ ) . طُرق الباب وفتحه ' تركي ' وعاد إلى ' سارة ' وهو يحمل الأكل . أخذت ' سارة ' تأكل بنهم ، حتى تعجب منها ' تركي ' . وسكت حتى لا يحرجها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°• الباحة ، السابعة مساء . صلت ' المغرب ' ونزلت حيث أبيها وأخيها يشربان القهوة . سلمت عليهما وجلست .. وكانت تستمع إلى أحاديثهما دون أن تنتبه لما يقولانه . حتى سمعت صوت ' عبدالعزيز ' بالقرب منهم وهو ينادي والدها . وقفت من فورها وهي تقول ( سأصعد ) . ' والدها ' ( يمكنك الجلوس يا إبنتي وانتي ترتدين حجابك ، فأنا أعتبر عبدالعزيز إبنا لي ) . ابتسمت ' أريج ' وهي تقول ( سيبقى غريبا عني ، وأنا لست صغيرة يا أبي ) .. وصعدت السلم سريعا . أمر والدها ' عبدالعزيز ' بالدخول وأخذوا يتحدثون حول أمور العمل . دخلت ' أريج ' حجرتها ، وجلست على السرير وهي تتذكر ما حدث لها ذات يوم مع مازن . كانا في أحد الأسواق ، و ' أريج ' كما هي معتادة .. لم تغطي وجهها . نظر إليها ' مازن ' بعد مدة بسيطة في غضب ( غطي وجهك أريج ) . عقدت ' أريج ' حاجباها ( لمَ ؟ ) . ' مازن ' ( كل الأعين عليك ، وأنا أشعر بالغيرة ) . ابتسمت ' أريج ' ( أحترم رغبتك مازن ، ولكن أنا غير معتادة ، ولا أستطيع فعلها ) . ' مازن ' ابتسم هو الآخر وقال وهو يمسك طرف طرحتها ويغطي وجهها ( بلى يا حبيبتي ، تستطيعين .. ما أجملك الآن ! ) . وكانت كل ما خرجت معه تغطي وجهها ، أما غير ذلك فلا .. وكانت الأعين تلاحقها أينما ذهبت ، وهذا الشيء يضايقها ويزعجها .. ولكنها لم تستطع فعلها أمام إخوتها خشية الإحراج . تنهدت وهي تقول لنفسها ( هذا الشيء الوحيد الذي فعلته وأشعرتني بالراحة به ، من الآن فصاعدا ؛ سأغطي وجهي ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° يتبع .. | ||||||||
08-02-17, 05:46 PM | #7 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| مرت أسبوعان كاملان مملان على الجميع ؛ سوى ' فارس ونوف ' اللذان سافرا إلى جزر المالديف لقضاء شهر العسل فيه . ' تركي وسارة ' كانت الأيام تمر عليهما روتينية ، مملة ورتيبة .. سوى أوقات خروجهما وتسليتهما في الخارج . كان كل واحد منهم يحاول نسيان ما به من هموم وآلام .. حتى أنهما يصبحان كالطفل أحيانا حين يكونا في الخارج . وما إن يعودا إلى الفندق حتى تعود الحال على ما كانت عليه ، وكان ' تركي ' دائما يحاول إغضابها وإزعاجها بشتى الطرق ، وهي تقابله بالبرود واللامبالاة اللذان يغضبان ' تركي ' حتى لا يتركها لوحدها ويذهب .. وكانت تتألم من أسلوبه وتكتم في صدرها . وما إن ينام حتى تخرُّ لله ساجدة باكية . وقابل ' تركي ' سارة ' محبوبته عدة مرات ، في أماكن عديدة .. ووعدها بالزواج فور شفائه . وحين يعود إلى زوجته يجدها على سجادتها تقرأ القرآن أو تصلي ، حتى خشي من غضبها ودعواتها عليه .. وفي يوم السبت ، في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا عاد من الخارج بعد مقابلته لسارة ووداعه لها .. وجدها أيضا على سجادتها تبكي وتدعوا . جلس أمامها وهو يعقد حاجبيه بحزن .. ووضع يديه على ركبتيها وهو يقول ( سارة ، هل أنتي غاضبة مني ؟ وهل تدعين علي ؟ ) . ابتسمت ' سارة ' وهي تمسح دموعها وقد تفاجأت به ( ولمَ أغضب منك ؟ أنت أفضل حالا ممن يتزوجون عن غير رضا منهم .. وأنا لست ألومك على تعاملك معي ، بل اللوم وكل اللوم على من أجبرك وأنت بهذا السن ، ولا شك في أنك كنت تريد الزواج من إحداهن ، أو أنك خائب من قصة حب لك لم تكتمل ولم تنتهِ بعقد ) وأخفضت بصرها وهي تهز راسها وتقول ( نعم ، أنا أقدِّر ذلك تماما ) . ظل ' تركي ' يحدق إليها في دهشة لبعض الوقت ثم قال ( سارة ، هل تعنين ما تقولينه ؟ ) . ' سارة ' ( بالطبع ) . ' تركي ' ( ولكن ؛ هل من أحد أخبرك بشيء ؟ أعني أنك قلتي أشياء غير صحيحة أبدا ) . ' سارة ' ( لم يخبرني أحد بشيء ، ولكن تصرفاتك تدل على ذلك ) . ' تركي ' اندهش وهو يقول لنفسه ( هل هذا واضح إلى هذه الدرجة ؟ ) ثم قال لها وهو يهز رأسه بالنفي ( أنتي مخطئة يا سارة ، أنا فقط كنت لا أرغب بالزواج في هذا الوقت ) . ' سارة ' ( ولكنك تزوجت الآن وانتهى الأمر ، هل ينبغي عليك أن تجعلني هكذا ! لا راحة ولا نوم ولا إهتمام ؟ ولا أمان من المستقبل ) . وأغمضت عيناها وهي تقول معتذرة ( أنا آسفة ، ما كان يجب علي أن أقول هذا الشيء ، فليصبرني الله حتى يقضي أمرا كان مفعولا ) ثم نظرت إليه متسائلة ( سنذهب إلى مكة مباشرة أليس كذلك ؟ ) . تنهد ' تركي ' بعد أن عض طرف شفته وقد احتار من أمرها ، لا تترك لنفسها مجالا للبوح أو العتاب ، دائما ما تغير مجرى الحديث بدهاء حتى أنه لا يستطيع قول شيء أمام إرادتها ، من أي شيء خلقتِ يا سارة ؟ كيف تستطيعين حمل هذه الآلام لوحدك وأنتي بهذا السن ؟ مهلا ..! أليست تقضي جلَّ أوقاتها على سجادتها ؟ إذا لديها ربُّ يخفف عنها ويواسيها .. وارتجفت أطرافه وهو يتخيلها تدعوا عليه ، وقال ( نعم بالتأكيد ) واحتضن وجهها بكلتا يديه وقبل جبينها بعمق ثم قال وهو ينظر إلى عيناها ( سارة .. إن أنتي غاضبة مني ، أرجوك أن تأخذي حقك مني الآن ، ولكن ... لا تشكيني إلى الله ) . نظرت إليه ' سارة ' متفاجئة ( لن أفعلها ، أنت لست سيئا معي ) . أغمض ' تركي ' عيناه بألم وهو يقول في نفسه ( بل سيئا إلى حد لا تتخيلينه يا سارة ) ووضع رأسه في حجرها واستلقى على السجادة وقال بهدوء ( هل تحفظين القرآن ؟ ) . ' سارة ' ( نعم .. الحمدلله ) . ' تركي ' ( إذا فأنت متدينة ؟ ) . ' سارة ' وشعور غريب يراودها من قربه ( تستطيع قول ذلك ، وإنما أنا لا أحب أنا تنادى فتاة أو يُنادى شاب بألقاب معينة ، كمطوع ومتدين ومتدينة وما إلى ذلك من الألقاب المخصصة لفئة معينة من الناس ، وإنما أنا مسلمة كما أنت مسلم ، ولكن منَّ الله عليَّ بحفظ كتابه وفضلني عليك ، بينما أنت تحت رحمته يوفقك متى شاء لحفظه إن أراد ذلك سبحانه ) . ابتسم ' تركي ' ( كلامك رائع ، وقد أقنعتِتني .. والآن ! هل لكِ أن تقرأي لي بعض الآيات بصوتك العذب ؟ ) . ابتسمت ' سارة ' محرجة وظلت صامتة لبعض الوقت ثم بدأت بترتيل سورة الأنبياء . اقشعر بدن ' تركي ' عندما بدأت بترتيل أول الآيات ، ثم ما لبث أن شعر بالطمأنينة وانشراح الصدر .. حتى نام . وبعد ساعة . فتح عيناه ووجد نفسه في حجرها ، رفع عيناه ونظر إليها وهي أبعدت عيناها بإحراج . ابتسم وهو يجلس ويمسح رقبته ( ياااه ، ما أجمله من نوم ) . مددت ' سارة ' رجليها تقول ( رأسك ثقيلة يا رجل ، آلمت رجلاي ) . ' تركي ' ( حقا ! أنا آسف ، لمَ لم توقظيني ؟ ) . ' سارة ' تحرك عيناها بملل ( من يسمعك يظن أنك تنتبه إلى دبيب النمل وأنت نائم بعمق ، بينما أنت تنام بعد ساعة راحة من النوم وكأنك لم تنم منذ سنوات ، أو عدت من حرب ) . ضحك ' تركي ' وقبل وجنتها دون أن يشعر ووقف وهو يقول ( أنتي حقا فتاة رائعة ) . توردت وجنتا ' سارة ' وتنهدت وهي تقوم وتطوي السجادة ، ثم استلقت على السرير ونامت بإسدال الصلاة . بدت هادئة جدا ، وجهها ينمُّ عن التعب ، ومحاولة جاهدة للتغلب على النعاس منذ مدة طويلة . أنا حقا غير جدير بكِ يا سارة الصغيرة ، أنتي جميلة وبريئة وهادئة وطيبة القلب ، ودائما ما تسعين إلى مرضاتي بينما أخونك مع أخرى ! لدرجة أنكِ لا تخلعين هذا الرداء إلا قليلا حين لا تجدين لباسا ساترا كي لا أغضب . ومن براءتك الشديدة تخافين الجلوس لوحدك ، وأنا أيضا لا أراعي هذا الشيء وأتركك غير مبالٍ بك . ومع ذلك حين أعود لا تلومينني ولا تعاتبيني . كان ينبغي علي أن أهيم بك حبا ، ولكني لا أظن أن هذا سيحدث يوما ما وأنا غارق في حب سارة الكبيرة ..! جلس بجانبها وهو يتأمل ملامح وجهها المسالمة ويتذكر كلماتها حين قالت ( ولكنك تزوجت الآن وانتهى الأمر ، هل ينبغي عليك أن تجعلني هكذا ! لا راحة ولا نوم ولا إهتمام ؟ ولا أمان من المستقبل ) تنهد وهو يقول في نفسه ( كلامك صحيح .. ولكنك لا تعرفين الحقيقة يا سارة ، وإن أخبرتك بها لربما هاجرتي مضجعك ، نعم قد تفعلينها ..! فأنتي وحتى لا تعرفين حقيقتي تعذريني وتظنين أني لست سيئا وتهتمين بي وتسعين لإرضائي ، قد تبكين وتتألمين من أجلي حتى وإن كنت سيئا معك وجارحا ، ليس من أجلي ، بل بسبب قلبك الطيب يا سارة ) . مال إليها وضمها إلى صدره دون أن يشعر وهو يحس بالألم عليها .. بينما ' سارة ' التي تشعر بكل ما يحدث حولها حتى وإن نامت بعمق ، استيقظت وسقطت دمعتها على خدها ، ولكنها سرعان ما أغمضت عيناها سعيدة بقربه . ••°••°••°••°••°••°� �•°••°•• تبوك ، الواحدة والنصف صباحا . تململت على مقعدها وهي تستمع إلى أحاديث إخوتها حول مسلسلا باكستانيا شاهدوه للتو . ' رنا ' ( ما رأيك أنتي أحلام ؟ أليس من الأفضل أن توافق عليه وتتزوجه ؟ ) . ' أحلام ' ( أرى أنها قد ترتكب خطأ جسيما إن وافقت على الزواج من باكستاني ) . ' نور ' ضحكت حتى استلقت على ظهرها ( باللهِ عليك يا أحلام أن لا تتفلسفي ، فهي ليست عربية حتى تندم على الزواج من إبن جنسها ، ومن ثم هو وسيم جدا ألا ترين .. أسمر وله عضلات ، كم أتمنى الزواج من شاب مثله ) . ' رنا ' ( في هذا الوقت من الليل ، أدعوا الله من كل قلبي ، أن يزوجك يا أحلام برجل باكستاني ) نظرت إليها ' أحلام ' بحدة ووقفت وهي تقول ( يا لك من فتاة سخيفة ، تصبحون على خير .. غدا الأحد ، لا تنسوا ذلك ) وتوجهت إلى غرفتها وهي تتحلطم من دعوة أختها . °°•°°•°°•°°•°°•°°•°°•� �° الأحد . بريطانيا ، الرابعة فجرا . استيقظت على صوت المنبه من هاتفها ، وحاولت النهوض ولكنها لم تستطع بسبب يد ' تركي ' التي أمسكت بها جيدا ، أخذت تحاول وتحاول ولكن دون جدوى .. حتى تنهدت واستلقت على ظهرها وهي تعض طرف شفتها . أخذت تتأمله عن قرب ، كان جميلا جدا ووسيما ، وهي محظوظة به .. لكنه ليس مناسبا من الناحية العاطفية . قبلته سريعا دون أن تشعر بنفسها ، ثم ابتعدت وهي تستعيذ من الشيطان ، وأخذت توقظه بصوت هاديء .. ولما رأت أنه لا يشعر بها صرخت ( كفى ) . فزع ' تركي ' من صرختها وجلس ( ما بك ؟ ماذا حصل ؟ ) . جلست ' سارة ' وأخذت تضحك بهستيرية على شكله الخائف والفزِع . غضب ' تركي ' ولكنه ابتسم وهو يحك رأسه ( يكفي ) . وضعت ' سارة ' يدها على فمها محرجة والإبتسامة لا تزال على محياها ( آسفة ، ولكنك أبيت أن تستيقظ .. كما أنك كنت تمسك بي بقوة ، ولم أستطع النهوض ) ونظرت إليه وهي تصطنع الغضب ( أنت تنام كثيرا بالمناسبة ) وقفت وخلعت إسدال الصلاة وقفزت من السرير كالأطفال . ابتسم ' تركي ' وهو يتنهد ويهز رأسه ( غريبة ) . وبعد ساعة ونصف ، كان الإثنان يغادران الفندق متوجهان إلى المطار ، وبينما هم في المطار ، لمح ' سارة ' محبوبته تبحث عنه بعيناها .. ثم توجهت إليه غير مهتمة بزوجته . خفق قلبه بقوة وتظاهر بعدم المبالاة . واقتربت منهما ' سارة ' وهي تبتسم ، وكانت ترتدي عباءة بيضاء وطرحة بنفس اللون ( سلام عليكم ) ونظرت إلى ' سارة الأخرى ' متعجبة من حجابها . الإثنان ( وعليكم السلام ) . ' سارة ' ( كيف حالك تركي ؟ هل ستغادران اليوم ؟ ) . ' تركي ' بتوتر ( بخير .. نعم سنغادر الآن ) والتفت إلى زوجته وهو يقول ( هذه زوجتي سارة ) ووضع ذراعه على كتفها . ' سارة ' تتصنع الإستغراب ( حقا ! ظننتها أختك الصغيرة ) وصافحت ' سارة ' التي لا تزال متعجبة قائلة ( مرحبا سارة ، أنا زميلة قديمة لتركي حين كان يدرس هنا ، أنا أيضا إسمي سارة) ' سارة ' ( تشرفت بك ) . ' سارة 2 ' ( وأنا أيضا ، حسنا تركي .. أراك مرة أخرى ، أوصل سلامي لفارس ، رافقتكما السلامة ) وغادرت وقلبها يحترق غيرة على تركي . صمت كل من سارة وتركي ولم يقولا شيئا .. بينما ' تركي ' كان خائفا من ردة فعل ' سارة ' . نودي إلى رحلتهما ، وركبا الطائرة . ••°••°••°••°○●°••°•• °••°•• يضايقني عدم تفاعلكم إلا واحدة , ولكن لا بأس ؛ ربما لا يوجد قراء أصلا ..! | ||||||||
19-02-17, 10:45 AM | #8 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( الجزء السادس - عناد وأِشياء أخرى ) جدة . التاسعة صباحا . حُطت الطائرة الحاملة ' تركي وسارة ' على مطار الملك عبدالعزيز في جدة ، ونزل الإثنان منها وفي قلب كل منهما حديث لا يُحكى . حتى وصلا إلى الحرم ، كانا صامتين .. مر الوقت عليهما كئيبا جدا . ولم يتحدثا أبدا سوى بعض الأوقات . طافا وسعيا ثم جلسا في إحدى الساحات الداخلية للحرم ، والتي كانت باردة بعض الشيء . وكان آذان العصر على وشك أن يرفع . كانت ' سارة ' تجلس بصمت وتتأمل الكعبة أمامها ، و ' تركي ' يقرأ من مصحف صغير كان يحمله معه أينما ذهب . حتى أذن العصر وصلى كل واحد منهما في مكان . والتقيا بعد ذلك ، وفورا توجها إلى الفندق دون أن يأكلوا شيئا من فرط تعبهما . â—‹ â—? مكة . كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة حين فتحت عيناها منزعجة من نومها على الأريكة الصغيرة ، استوت جالسة وهي تتعوذ من الشيطان .. وأحست بصداع قوي . توضأت وصلت ما عليها من فروض ، وكانت مستغربة من عدم وجود ' تركي ' في هذا الوقت . وضعت ذراعها في مقدمة السجادة ووضعت رأسها فوقها وهي تشعر بالصداع يزيد ، وجبينها أصبحت حارة . بينما ' تركي ' عاد من الخارج حاملا معاه ' عشاء ' ، وفزع عندما رأى ' سارة ' بهذه الحالة ، ذهب إليها بخطوات مسرعة ووضع يده على ظهرها ( ما بك سارة ؟ هل أنتي بخير ؟ ) . رفعت ' سارة ' رأسها متعجبة من نبرته ( نعم ، أنا بخير ، أين كنت ؟ ) . تنهد ' تركي ' قائلا ( خرجت لأحضر العشاء ، لم نأكل شيئا منذ أن نزلنا من الطائرة ) . ' سارة ' ( نعم .. أشعر بالجوع الشديد ولكني لا أشتهي شيئا ، متى استيقظت ؟ ) . ' تركي ' ( الساعة العاشرة ) . ' سارة ' بعتاب ( ولمَ لمْ توقظني ؟ فاتتني صلاة المغرب ) . ' تركي ' ( أنتي معذورة يا سارة ، لم أستطع إيقاظك لأنك تبدين متعبة ، بماذا تشعرين ؟ ) . ' سارة ' ( لا أحد يُعذر عن الصلاة يا أستاذ ، أنا بخير وليس بي شيء ) ووقفت هي تشعر بالغضب عليه ، طوت سجادتها وجلست على السرير دون أن تخلع رداء الصلاة . تنهد ' تركي ' حين رآها غاضبة ، وجلس بجانبها ( ألا تريدين أن تأكلي ؟ ) . ' سارة ' بخفوت ( لا أشتهي شيئا ، أريد أن أكمل نومي ) والتفتت إليه ( هل تسمح لي ؟ ) . أمسك ' تركي ' بكفها وسحبها نحو الصالة ( ليس قبل أن تأكلي ) . صحيح أن حركته تدل على الإهتمام ، إلا أن ' سارة ' شعرت بحرارة تعلو صدرها ، وجلست معه مرغمة .. وأكلت شيئا يسيرا ثم قامت وهي تحمد الله ، تحت أنظار ' تركي ' المتعجبة ، ولكنه أراد أن يتركها على راحتها . بعد أن انتهى نظف المكان واستلقى على الأرض ( لا شك من أنها غاضبة لأنها رأت ' سارة ' ربما لمحت شيئا ، أو لفت نظرها حركة من ' سارة ' ، كيف أراضيها ؟ كيف أرجع إبتسامتها ؟ ) . وهز رأسه رافضا تلك الأفكار ( ولمَ كل هذا الإهتمام بها ؟ فلتفعل ما تشاء ولتغضب متى شاءت أيضا ؟ أنا لا يهمني الآن سوى علاجي ومحبوبتي ) . وظل طوال الليل يتقلب ولا يستطيع النوم ، كما هو الحال مع ' سارة ' التي لم تعد تستطيع كتم ما بها من آلام وغضب ، وفوق آلام مشاعرها وحرارة صدرها .. آلام مفاصلها بسبب الجهد الطويل ، وحرارة جسدها . ولكنها عزمت على أن لا تفعل أو تقول شيئا قبل أن تعود إلى ' تبوك ' وترى الحال هناك . إن كانت على ما هي عليها فسوف لن تصبر ، وستتصل على إخوتها تقول لهم الحقيقة وتعود إلى أحضان والدتها . أما إن تغيرت أو حتى لاحظت تغييرا بسيطا فستكون سعيدة ، وجدا .. وهذا ما تتمناه . لأنها تحبه ، نعم .. تحبه وبجنون . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° الباحة . الثانية فجرا . جلست على سريرها وأمالت رأسها وأسندته إلى الخلف وهي تشعر بالتعب بعد أن استفرغت جميع ما أكلته . ووضعت يدها على بطنها وهي تشعر بألم خفيف ، وأغمضت عيناها . تشعر بأنها وحيدة جدا ، رغم وجود والدها وأخيها بجانبها طوال الوقت ، وإتصال الآخرين المستمر . لم يتغير أي شيء هنا عن الرياض ، كل واحد يحب الجلوس مع نفسه .. ولا يكاد أحد منهم أن يخرج من حجرته إلا قليلا . بل اقتربت أكثر من والدها . ولكن هذا ليس كافيا لجعلها سعيدة ومرتاحة . فهي في السابق كانت تتحدث مع ' مازن ' دائما ، أو تقرأ كتاب ما ؛ أو تدرس . والآن ..! مازن غدر بها ورحل ، ولا تشتهي قراءة الكتب ، ودراستها تأجلت ...! كم أكرهك يا مازن ..! بل كم احبك ، وكم اشتقت إليك ..! وما أحقرك ..! بل ما أجملك لأنك غرقتني في السعادة طيلة السنتان الفائتة . تنهدت بحزن وخرجت من الحجرة بعد أن غطت جسدها بوشاح كبير . نزلت إلى المطبخ ، وسكبت لنفسها عصيرها المفضل ' كوكتيل ' وأخذت تشربه ، وذكرياتها مع مازن تأخذها وترجعها . غسلت الكوب بعد أن أنهت عصيرها ، وخرجت من المطبخ .. ولكنها تفاجأت بوجود أحدهم ، ألجمتها الصدمة ولم تستطع أن تصرخ أو تفعل شيئا . وبدأت دموعها بالنزول ، والتي كانت تنتظر حدوث شيء ما كي تنزل . كان هذا الشخص هو ' عبدالعزيز ' الذي التفت عنها بإحراج وقد احمر وجهه ، وقال وهو يتنحنح ( أنا آسف ، لم أعتد على رؤية أحد بهذا الوقت .. ودائما ما أستيقظ في هذا الوقت كي أطمأن على أهل البيت وأتاكد من خلوه من الغرباء ، واستغربت حين رأيت سمعت أصواتا تصدر من المطبخ ، آسف جدا ) . وغادر مطأطأ الرأس ، بينما جلست ' أريج ' في مكانها على الأرض وهي تبكي . لم تشعر بالوقت وهو يمضي ، حتى وقف أمامها أحدهم .. حينها أجفلت مرة أخرى ورفعت عيناها ثم تنهدت براحة . جلس ' سعد ' أمامها ومسح دموعها متعجبا ( ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت يا أريج ؟ ولمَ تبكين ) . ارتبكت ' أريج ' ( نزلت كي أشرب عصيرا ، ثم ..... آآ شعرت بألم فجائي في بطني ) ونظرت إليه ببراءة ( هذا كل شيء ) . ابتسم لها ' سعد ' وهو يوقفها ( لا بأس عليك ، سأخذك إلى الطبيب في الصباح ، والآن اذهبي إلى حجرتك وأكملي نومك ) وقبل جبينها . ' أريج ' ( لا أحتاج إلى طبيب ، ألم عادي وقد ذهب .. أنت لمَ استيقظت ؟ ) . ' سعد ' ( العشاق لا ينامون ) وضحك . ضحكت ' أريج ' وهي تقول ( كدت أصدقك لولا ضحكتك ، رزقك الله فتاة صالحة ترعاك حق الرعاية وتقدر طيبة قلبك يا عزيزي ) . ' سعد ' ( آمين ولكن أرجوك أن لا تفكري بأن ذلك سيصبح قريبا ) . ' أريج ' ( قريبا كان أم بعيدا ، فليوفقك الله ويسعدك ) وقبلت جبينه ( تصبح على خير أخي الحبيب .. أحبك ) وصعدت إلى حجرتها تحت أنظار سعد المتحسرة على أخته وحبيبته الصغيرة ، ثم ابتسم وتوجه إلى المطبخ وهو يقول لنفسه ( ربما إذا أحببت فتاة ما ؛ فعلت كما فعل ذلك الحقير .. سلبت سعادتها وذهبت لأنني لست سعيدا ، ولكن ذلك الحقير كان سعيدا ، وكان لديه هدف .. والذي هو المال ، أنا ليس لدي هدف ، ولست مستعدا للإرتباط .. لن أحب ولن أتزوج ، وسأموت قريبا ) وضحك على أفكاره . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° الإثنين . مكة المكرمة ، التاسعة صباحا . خرجت ' سارة ' من الحجرة وتوجهت نحو ' تركي ' النائم على الأريكة دون غطاء . جلست بجانبه على الأرض وهي تلوم نفسها على إهمالها له . أخذت تتأمل ملامحه بصمت ، لا تزال تلك الهالات التي تحيط بعيناه والتي رأتها ليلة الزفاف موجودة ، وحاجباه معقدان وكأنه منزعج من أمر ما ، وشعره غير مرتب . لمست شعره بيدها وأخذت ترتبه وهي تنظر إليه . مرت 10 دقائق دون أن تنتبه ، ثم وقفت وهي تحاول إيقاظه .. وكالعادة ، ملّت وهو لا يزال على وضعه . واستيقظ بعد بضعة دقائق وجلس وهو ينظر إلى الساعة ويمسد رقبته . عضت ' سارة ' طرف شفتها وهي تجلس على يمينه ( لا بد من أنك تعبت من هذه الوضعية ، أنا آسفة ) . ' تركي ' نظر إليها نظرة طويلة ثم قال ( أنّى لكِ أن تشعري بي ! ) . نظرت ' سارة ' إلى الأسفل وهي تشعر بتأنيب الضمير ( أنا حقا آسفة ) . نظر إليها ' تركي ' بشفقة وهو يقول في نفسه ( أنتي حقا بريئة يا سارة ، لم يكن عليك أن تعتذري وأنا من حددت هذا الوضع ) ووقف دون أن يقول لها شيئا متوجها إلى الحجرة . أسندت ' سارة ' رأسها على الكنبة وأغمضت عيناها متألمة من فعلته . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°• تبوك . الحادية عشرة والنصف صباحا . دخلت حجرتها وأغلقت الباب خلفها بقوة حتى دوى صداه في المنزل ، وخلعت عباءتها في غضب ورمتها على سريرها وجلست وهي تنتفض من القهر . لا يحصل في هذا البيت شيء يرضيها ، كل شيء ضد رغباتها تماما .. لا أحد يصغي إليها ويهتم بآرائها . هل جنّت والدتها حتى تفعل مثل هذا الفعل وتقبل به ؟ كيف تُضيف شابا غريبا في منزلهم وليس لديهم أي رجل ؟ والبيت لا يسكنه سوى أرملة وثلاث فتيات شابات وخادمة ..! وهو .. هل هو مغفل ؟ كيف يقبل بهذا الأمر ؟ ألم يتعلم الأصول طيلة سنوات دراسته ؟ صحيح أن مدة مكثه لن يتجاوز الأسبوعين على الأقل ، ولكنها طويلة في ظل ظروفهم ؟ ستذبحه ..! علمت بالأمر حين اتصلت بها ' جميلة ' وقالت لها بأن أخيها لديه عمل ما ، وسيأتيهم من " قطر " وسيمكث لديهم لبعض الوقت ، وأنه سيصل عند حوالي الساعة 12 ظهرا . وعادت من الجامعة قبل أن تنهي محاضراتها حتى تتأكد من الموضوع ، وإذ بها تنصدم بالفوضى الحاصلة في الصالة . أمها والخادمة تنتقلان من مكان إلى آخر وينقلون بعض الأغراض إلى قسم الضيوف . وقفت غاضبة أمام والدتها وهي تقول ( ماذا يحصل هنا أمي ؟ ) . والدتها ( سيأتي ابن عمك سعيد بعد قليل ، وسيمكث عندنا حوالي الأسبوعين ) . ' أحلام ' ( يا إلهي ، هل فقدت صوابك أمي ؟ كيف تدخلين رجلا غريبا إلى منزل مليء بالفتيات ؟ ) . والدتها ( لم أستطع رفض طلب والدته يا إبنتي ، وليس من الكرم أن نجعله يبيت في الفنادق ومنزل عمه موجود ) . ' أحلام ' ( أنا حقا معجبة بك أمي ، لنرى عاقبة أفعالك هذه فيما بعد ، أنا حقا الآن أستطيع أن أجزم أني أكرهك ، نعم أنا أكرهك .. سأخرج من منزلك قريبا جدا ، سأمكث لوحدي لكي أرتاح من طيبة قلبك هذه ) وصعدت إلى حجرتها وهي تشعر بصداع شديد . توجهت إلى دورة المياه وغسلت وجهها وأخذت تنظر إلى المرآة . ليتني لم ألد ، وليتني مت وكنت نسيا منسيا ..! °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° المدينة المنورة ، العاشرة مساء . توقفت السيارة أمام منزل والد ' سارة ' ، وأسرعت بالنزول والدخول إلى المنزل الذي فتح بابه أخيها وحضنته ، حتى أنها لم تنتظر ' تركي ' الذي ابتسم لرؤيتها كذلك . أخذت ' سارة ' تبكي بقوة على صدر أخيها من فرط اشتياقها إليه . دخل ' تركي ' ووقف خلفهما وهو متعجب جدا منها ، ولما رآها قد أطالت ، ربت على كتفها وهو يحاول إبعادها عن أخيها قائلا ( يكفي سارة ، إهدأي ) . قبلت ' سارة ' جبين أخيها وهي تقول ( اشتقت إليك سامي ، إشتقت إليك كثيرا ) . ' سامي ' ( وأنا أيضا يا صغيرتي ) ونظر إلى تركي وهو يبتسم ( ولكن أليس باكرا ؟ ماذا فعلت بأختي يا تركي حتى تبكي بهذا الشكل ؟ ) وضحك مازحا . أقبل عليه ' تركي ' وسلم عليه وقال وهو يبتسم ( لم أفعل شيئا ، ولكنها ' مدللة على ما أعتقد ) ' سامي ' ( نعم جدا ، شقيقتنا الوحيدة ، ويلك إن فعلت ما يغضبها ) . ضحك الإثنان والتفتا إلى ' سارة ' التي ركضت إلى الداخل . ' سامي ' ( ستبدأ نوبة أخرى مع أمي ، تفضل ) . بعد ساعة .. كانت ' سارة ' تأكل تحت أنظار ' تركي ' التي تعمدت تجاهلها أمام أمها وإخوتها ، الذين عوضوها عن الثلاث أسابيع التي مرت عليهم بدونها . أحدهم يؤكلها بيده ، والآخر يشربها ، وآخر يناولها الأكل المفضل لديها ، كلِّ يدللها بطريقته الخاصة . وهي مستمتعة جدا ، ولكنها أيضا تشعر بالتوتر من نظرات ' تركي ' . وحين فرغوا ، جلس الجميع في المجلس يتحدثون ويتسامرون ، وسرحت ' سارة ' على حين غفلة من الجميع . وتذكرت تعب ' تركي ' المفاجيء وهم في طريقهم إلى المدينة ، ووهنه الواضح الآن . قامت من عند إخوتها وجلست بجانبه وهمست إليه قائلة ( يبدو أنك تعِب من الطريق ، قم لننام ) . ' تركي ' ( ونترك إخوتك ) . ' سارة '( ما بهم ! سيقدرون تعبك ، هيا ..! ) . ' تركي ' ( حسنا ) . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° • الثلاثاء . تبوك ، السابعة والنصف صباحا . خرجت من المنزل دون أن تمر على والدتها ودون أن تفطر ، وهي منذ الأمس مقفلة على نفسها الباب ، وطلبت طعامها من المطعم . وقفت أمام الباب تنتظر مجيء السائق ، وابتسمت بسخرية حين رأت سيارة تبدوا ثمينة جدا ، كيف لا ..! وهي لــ ' سفير وزارة الصحة القطرية ' . كم أبغضته دون أن تعرفه أو تراه . ركبت السيارة حين توقفت أمامها ، وانتظرت حتى تمضي .. وسألت السائق متعجبة من وقوفه ( ماذا تنتظر ؟ ) . السائق بلكنته الركيكة ( أنتظر السيد ' سعيد ' فهو يريدني أن أدله على حي الــ ....... ) . ' أحلام ' بغضب وتعجب ( نعم ! هذا ما ينقصني ، اذهب وإلا فعلت ما لا يرضيك ) . السائق ( سأنتظره قليلا ، فهو في طريقي ولن تتأخري عن موعدك ) . ' أحلام ' ( حقا ، وما رأيك أن تحدد لي متى أحضر مواعيدي ..! هل جارك الأجنبي أهم مني أيها الــــ...... ، اذهب وإلا أمرت والد تركي بتسفيرك .. هيا ! ) . السائق ( هاهو قد خرج ) . ' أحلام ' زفرت بغيظ وهي ترى سيارة ' سعيد ' تتحرك . وكتمت غيظها حتى وصلوا إلى المكان الذي يقصده ' سعيد ' وأخذت تهدد السائق بأن تفعل ما لا يعجبه إن كرر الأمر مرة أخرى . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• تبوك . الجمعة ، السادسة مساء . خرجت ' سارة ' من حجرتها في منزل ' تركي ' مسرعة وهي تحمل بيدها عباءتها وحقيبتها . وتوقفت فجأة حين ظهر أمامها ' تركي ' وهو يحمل ` الغترة ` . وقف ' تركي ' ينظر إليها بإعجاب ، حيث كانت ترتدي فستانا باللون العودي والذي هو لونها المفضل ، والذي يبرز لونها وملامحها . ارتجفت أطراف ' سارة ' من الخجل ، ورفعت عيناها إلى عيناه بصعوبة وقالت بصوت خجل ( ما بك ؟ لمَ تنظر إليَّ هكذا ؟ ) . تنهد ' تركي ' وهو يحبس أنفاسه ويطلقها متنهدا وقال نفسه ( أنتي جميلة جدا ، وإنما أنا لا أستحقك ) ثم اقترب منها وقبل جبينها ( حفظكِ الله ، أردت أن أحذرك من شيء ) . ' سارة ' ولا تزال خجلة ( ماذا ؟ ) . ' تركي ' ( لا تجلسي مع والدي وانتي بزينتك هذه ، هل فهمتي ؟ ) . ' سارة ' ( لماذا ؟ ألا ترى أني لبست ثوبا ساترا ؟ ) . ' تركي ' ( لا تناقشيني سارة ، فقط افعلي ما أقوله لك ، البسي عباءتك حين يطلب منك الجلوس معه ، لنخرج ) . وخرج دون أن يعطيها فرصة لمناقشته . أما هي ، فلبست العباءة وهي تتذمر ، وخرجت وراءه . رحبت بهم والدة ' تركي ' بحفاوة ، وخالاته وبناتهم . خاصة ' أحلام ' التي أحبتها كثيرا ، وجلست معها تتحدث إليها . وأتت إليهم ' نجلاء ' بعد نصف ساعة وهي تضع يدها على خصرها وتقول ( سرقتي مني رفيقتي يا سارة ) . وقفت ' سارة ' وسلمت عليها وهي تضحك ( رفيقتك لطيفة جدا ، تستحق أن تُسرق ) . ابتسمت ' نجلاء ' بسعادة حين رأت ' أحلام ' بحالة جيدة ، بعدما مرت بحالة عصيبة بسبب مجيء ابن عمها ' سعيد ' . •°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°• الباحة ، العاشرة مساء . ذرعت الصالة جيئة وذهابا وهي تنظر إلى الساعة تارة وإلى الباب تارة أخرى . تنتظر أختها ' وعد ' على أحر من الجمر . مضت نصف ساعة ، وساعة ، وساعة ونصف .. ولم يأتِ أحد . قلقت عليهم بشدة ، وأخذت تتصل عليهم مرارا وتكرارا ولكن دون جدوى . صعدت إلى حجرتها ولبست عباءتها ثم خرجت إلى الحديقة الأمامية للمنزل ، علها تلمحهم او تراهم مقبلين فتطمئن . ودبّ الخوف في قلبها حين رأت ' عبدالعزيز ' هو الآخر يروح ويغدو والتوتر ظاهر على ملامحه وتوقف حين رآها واقفة بعباءتها وطرحتها التي غطت بها نصف وجهها ، ثم توجه إليها بتردد شديد .. ووقف أمامها خائفا . ' أريج ' بعد عدة ثوانِ ( مابك أخي عبدالعزيز ؟ ماذا حصل ؟ هل أصاب مكروه ما لشقيقَيّ ؟ ) . تنهد ' عبدالعزيز ' ومسح وجهه ثم قال ( أخاكِ سعد عمل حادثا في طريق رجعته إلى المنزل برفقة أختك ، والآن هما في المستشفى ، وكلفني والدك بإخبارك بالأمر منذ نصف ساعة ، ولكني لم أستطع ، أنا آسف لأني لم أستطع نقل الخبر إليك بأسلوب مناسب و إن ........ ) . توقف عن الحديث حين رأى جسدها يهوي ويسقط على الأرض . أخذ ' عبدالعزيز ' يصرخ بأسماء الخادمات حتى ينقلنها إلى الداخل . وجلس هو خارج المنزل يشعر بالحنق الشديد تجاه ' أريج ' والذي رآى أنها لم تجلب سوى المشاكل لعائلتها . وقال نفسه ( لو كانت ابنتي لما تركتها ، كنت تخلصت منها على الفور ، ليس معقولا أن تدلل بهذا الشكل حتى تُفسد ، ومن ثم لا أحد يستطيع أن يعاقبها أو يلومها أو حتى يعاتبها على فعلها ، تبا لكِ يا فتاة ، كم أنتي سخيفة ، أنا أعمل لدى والدك منذ صغري ، ولم أمر بأي مشكلة .. والآن تأتين أنتي لتفسدين راحتي وشبابي ؟ وتنزعين الراحة من قلب أبيكِ أيضا ) تنهد وهو يقف ويرد على اتصال والد ' أريج ' وما لبث أن ركب سيارته وهو بالكاد يصدق ما سمعه . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• ° بريطانيا ، السابعة صباحا . رفعت ' سارة ' عيناها بملل على ' ريما ' التي دخلت وهي تصرخ كعادتها . جلست ' ريما ' أمامها ( كان اليوم رائعا جدا ، ليتكِ لم تغيبي عن الجامعة اليوم ) . ' سارة ' ( أظن أنني لم أحضر غدا أيضا ، أشعر بالملل والقهر الشديد ) . ' ريما ' ( حبيبتي يا سارة ، سأدعوا لك الليلة أن تنسي تركي ، كما أن عليك الإجتهاد ، فالإمتحانات على الأبواب ولم يتبقى لها شيء ، وصدقيني أنكِ إذا عدتي ستجدين طابورا من الخطاب لأجلك ) . ضحكت ' سارة ' ( وهل تظنين أني سأتزوج رجلا آخر غير تركي ) . ' ريما ' ( نعم ، لمَ لا ؟ وأنتي .. ماذا تعتقدين ) . جلست ' سارة ' ( أظنني سأوافق إن تقدم لي شابا وسيما حسن المظهر ، ولديه الكثير من المال) تأففت ' ريما ' قائلة ( أنتي لا تحبين تركي ، بل تحبين وسامته وماله ) . ' سارة ' بنبرة حزينة ( نعم .. كلامك صحيح ، في بداية الأمر كنت أحبه من أجل وسامته ، ولكن تعامله الجميل معي والراقي جعلني أحبه من كل قلبي ، ولكن الأمر لم يطول ، أشعر أنني كرهته ، وعدني قبل أن يرحل أن يتصل بي ويسأل عني ، ولم يحصل إلى الآن أي شيء من هذا ، يبدوا أن زوجته أفتنته ) . ابتسمت ' ريما ' بسعادة ( أنا سعيدة لسماعي هذا ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•° | ||||||||
19-02-17, 10:47 AM | #9 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( الجزء السابع - حان لهذا القلب أن ينسحب ) السبت تبوك , العاشرة والنصف صباحا . هذه المرة حقا لا تستطيع أن تمسك نفسها ، ولكنها أيضا مجبرة . بإختلاف السبب . حين كانوا في بريطانيا كانت تضطر لكتم غضبها لأن إخوتها ليسوا قريبين منها ، ولأنها كانت تخاف أن يتركها بمفردها في الفندق . أما الآن .. فالسبب ، كان قلبها . ستصبر لأنها تحبه ، و لأن أمها قالت لها بأنها سعيدة من أجلها كثيرا ، لن تجعل والدتها تحزن وتتضايق . تأوهت وهي تحضن مخدتها وتغمض عيناها وتسترجع ما حصل بالأمس ، حين طلبت منها والدة ' تركي ' الذهاب إلى حيث يجلس والد ' تركي ' . وهي من التوتر والحياء نسيت ما أمرها ' تركي ' به . وبينما هي تجلس معه تتحدث وتضحك دخل عليهم ' تركي ' ونظر إليها بغضب وعينان محمرتان . فهمت ' سارة ' نظراته ولكنها تجاهلتها وقلبها يدق بسرعة كبيرة من الخوف والتوتر . حتى رجعا إلى المنزل ، وكانا طوال الطريق صامتين . تفاجأت سارة بيد ' تركي ' التي سحبتها قبل أن تدخل إلى غرفتها ، وصر على أسنانه وهو يقول ( هل تعانديني ؟ أم أنكِ غبية حتى لا تفهمين م أقول ) . ' سارة ' ( صدقني ، لم أكن متعمدة ، أنا نسيت ) . ' تركي ' ( ماذا يعني أنك نسيتي ؟ أنتي لست صغيرة يا سارة ) . ' سارة ' ( أنا آسفة ، وأقول لك للمرة الثانية ، فستاني ساتر جدا ، وأنت تبالغ ) . ' تركي ' ( أنا لا أبالغ ....... ) . قاطعته ' سارة ' بغضب وهي تصرخ ( حسنا أنت لا تبالغ ، ولكن اترك يدي ، أنت تؤلمني كثيرا ) . شد ' تركي ' على يدها أكثر واقترب منها ( وإن لم أتركها ) . سكتت ' سارة ' ونظرت إلى عيناه بقوة . وظل الإثنان يحدقا إلى بعضهما لدقيقة حتى أغمضت ' سارة ' عيناها بألم وضاقت نفسها من التوتر بسبب قرب ' تركي ' . ' سارة ' ( أنت تقتلني يا تركي ، كفى ) . ابتعد عنها ' تركي ' ببطء ونظر إليها بتعجب ، هذه المرة الأولى التي تناديه فيها باسمه ، فهي دائما ما تناديه بأستاذ أو لا تناديه بإسمه أبدا ، وأمسك بكفها برفق قائلا ( أقتلك ؟ ) . نظرت إليه ' سارة ' بلوم وسحبت يدها وأسرعت إلى الحجرة وأقفلت الباب على نفسها . وصرخت من خلفه قائلة ( تخاف بأن أدعوا عليك ؟ سأفعلها الليلة يا تركي ، أنا سئمت منك ومن تصرفاتك التي لا معنى لها ، أنت لا تعرف سارة الحقيقية ، من الآن فصاعدا لن أسكت عن حقي ولن أكون هادئة كما كنت في بريطانيا ، سأقتلك إن ضايقتني مرة أخرى ) . ' تركي ' ( أرِني ما لديك أيتها الجبانة ، فسأخرج من الصباح وحتى صباح اليوم الآخر وأنتي دعي الأشباح تتسلى معك ) . كان تهديده مضحكا بعض الشيء ، ولكنها أيضا خافت . استلقت وهي تنظر إلى السقف وتقول في نفسها ( سأعطيك مهلة لشهر واحد فقط ، إن تغيرت كان بها ، وإلا تركتك ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• ° الرياض ، الخامسة مساء . فتحت ' أريج ' عيناها ببطء ووجدت نفسها في حضن أختها الكبيرة ' عبير ' . واستوت جالسة ونظرت إليها بعينان دامعة ومتسائلة ( لمَ أحضرتموني إلى هنا ؟ وأين سعد ووعد ؟ هل هما بخير ) . ' عبير ' ( إهدئي يا أريج ، وارضي بالقدر ) . ' أريج ' ( ماذا تقصدين ؟ هل حصل مكروه لهما ؟ أخبريني يا عبير ، أرجوك طمئني قلبي ) . ' عبير ' ( وعد بخير وحالتها مستقرة ، ولكن سعد ...... ) . ' أريج ' بخوف وفزع ( سعد ..! ما به سعد ؟ ) ونزلت دموعها وهي تصرخ ( ماذا حصل له ؟ ) . حضنتها ' عبير ' وهي تبكي ( سعد توفى ) . دفعت ' أريج ' أختها بيدها غير مصدقة ما سمعت ( أنتي تمزحين بالتأكيد ، سعد لم يمت ، ولم يحصل له شيء ، سعد بخير ) . ' عبير ' ( إهدئي أريج أرجوك ، ستضرين نفسك وتضرين جنينك ) . وقفت ' أريج ' على سريرها بغضب وصرخت قائلة ( فليذهب إلى الجحيم ) وقفزت من السرير بقوة حتى سقطت مغشيا عليها ، وما هي إلا لحظات حتى غرق المكان بالدم وسط صرخات ' عبير ' المفزعة والتفاف إخوتها وأبنائها حولها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• ° تبوك ، التاسعة مساء . نزلت ' أحلام ' من سيارة سائق ' نجلاء ' وودعتها وهي تضحك ، كانتا عائدتان من منزل إحدى صديقاتهم . تفاجأت ' أحلام ' بمن وقف أمامها وتكتف وهو ينظر إليها بحدة . توترت ' أحلام ' منه ومن رؤيته من هذه المسافة القريبة ، وهي أساسا تراه لأول مرة أمامها ، شقيقاتها لم يكذبن حين قلن أنه وسيم جدا ، أنزلت عيناها إلى الأسفل ومرت من جانبه ، ولكنها توقفت حين سمعته يقول باللغة الإنجليزية ( أين كنتي إلى هذا الوقت من المساء ؟ ) . التفتت إليه ' أحلام ' مستنكرة وقالت بصوت متعجب وغاضب ( نعم ! ومن تكون حتى تسألني هذا السؤال ) . التفت إليها ' سعيد ' قائلا ( أنا رجل المنزل حتى أعود إلى قطر ) . ضحكت ' أحلام ' بسخرية ( ماذا تقول ؟ رجل المنزل ؟ تعلم أصول المرجلة قبل أن تقولها ؟ ) . عقد ' سعيد ' حاجبيه ( ماذا تقصدين ؟ ) . ' أحلام ' ( الرجل الحقيقي لا يكون في ضيافة منزل ليس فيها سوى أرملة وثلاث شابات أيها الأستاذ ) . غضب ' سعيد ' ولكنه أمسك نفسه ( والدتك هي من أصرت على إتياني ، وقالت أنها ليست لديها مانع هي وبناتها ) . ' أحلام ' ( بل لدي مانع ، وسأكون سعيدة إن غادرتنا بأسرع وقت ممكن ، حتى وإن لم تغادر ، فليس لديك الحق بأن تقف أمام الباب هكذا وتسألني من أين أتيت ، سأخرج من منزلي متى أردت وسأعود إليه حين أريد ، هل فهمت ؟ وإن عاد هذا الأمر مرة أخرى فسوف لن يحصل ما يعجبك ) والتفتت تدخل إلى المنزل ، ولكن ' سعيد ' أوقفها بقبضة يده ، وجعلها تواجهه .. وقال بغضب ( لم تنجبها أمها من تهددني أو تحدثني بهذه النبرة ، أنتي من سترين ما لا يعجبك ) ودفعها نحو الباب بقوة حتى احتكت به وتأوهت ، ثم دخلت إلى المنزل غاضبة . وصرخت على أمها التي تجلس مع إخوتها في الصالة تشاهد التلفاز ( ستخرجين هذا الحثالة من المنزل الآن ، وإلا سأخرج أنا ، هل تفهمين ؟ إن استيقظت في الصباح ووجدته والله يا أمي لن أجلس في منزلك دقيقة واحدة ) . وصعدت إلى حجرتها وهي تضرب الأرض برجلها وضج المنزل بصوت الباب . وسط دهشة الجميع وخوف أمها من تهديدها . ' نور ' ( ما بها هذه ؟ هل جُنّت ) . كان قلب أمها في هذا الوقت يدق بسرعة كبيرة من الخوف ، وقد احتارت فعلا . قامت من مكانها وذهبت إلى حجرتها وأخذت تجهش بالبكاء ، ' أحلام ' أتعبتها حقا ، ومنذ اليوم الذي ولدت فيه وحتى الآن لم تعطها فرصة نسيان ما حصل في الماضي . °•°•°•°•°•°•°•°•°•° مر شهر كامل على الأحداث الماضية . كان ' تركي خلالها يخضع للعلاج بالحبوب وبعض الأجهزة ، أصبح ضعيفا وهزيلا وغير مهتما أبدا بسارة ، هذا ما كان ظاهرا ..! أما ' سارة ' فقد سئمت من تعامل ' تركي ' لها وإهماله ، وسئمت من الروتين الرتيب والممل . وبُشِّر ' فارس ' بحمل حبيبته ' نوف ' وهو سعيد معها جدا ، ونادما على الفكرة الخاطئة التي أخذها عن الزواج من إبنة العم ، لأن ' نوف ' جعلت لحياته طعما آخر . ' أحلام ' بعد تلك الليلة ، خرجت من منزل والدتها وسكنت في إحدى الشقق مع صديقتها التي أتت من إحدى الدول العربية ، ولم تعد حتى بعد مغادرة ' سعيد ' من منزل والدتها . وقلب والدتها محترق عليها ، ولكنها رأت أنه من الأفضل تركها تفعل ما تحب ، لأنها سئمت وتعبت . ' أريج ' أسقطت جنينها ذلك المساء ، ودخلت في حالة نفسية كئيبة ، وأرجعت سبب وفاة أخيها إلى ' مازن ' وأقسمت بأن تنتقم منه ولن تتركه يفر بجلده أبدا . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• ° تبوك . الخميس ، الرابعة عصرا . مسحت ' سارة ' دموعها بيدها والتفتت عن ' تركي ' الذي كان يجلس في الحديقة معطيا ظهره إياها ، وارتدت نقابها وخرجت من المنزل بعد أن مسحته بعيناها وهي تقول في نفسها ( لن أعود إليك مرة أخرى ، كان هذا وعدي لنفسي منذ شهر ، وقد وفيت به ، وليقدرني الله على وفاء هذا الوعد أيضا ، لن أعود ) . ركبت سيارة السائق التي كان بداخلها أحد إخوتها ينتظرها . وأخذت ' سارة ' تبكي دون أن تصدر صوتا وهي تتذكر ما حصل قبل أسبوعان ، حين عاد ' تركي ' من الخارج عند الساعة الثانية عشرة ليلا ، وجلس في الصالة والإرهاق واضح عليه . خرجت ' سارة ' من حجرتها وهي ترتدي فستانا قصيرا باللون الأسود ، واتجهت إليه وهي خائفة من ردة فعله . جلست أمامه وترددت كثيرا قبل أن تقول ( هل أقول لك شيء ) . تنهد ' تركي ' وأبعد عيناه عنها مستفزا من فستانها ( ماذا لديك ؟ ) . أغمضت ' سارة ' عيناها وقالت بعد جهد طويل ( لمَ لا نعيش حياتنا كأي زوجين ؟ نحب بعضنا ونحترم بعضنا ونتحدث ونضحك و ..... ننجب أطفالا ) . ' تركي ' متعجبا ( ماذا ؟ ماذا تقصدين ؟ ). ' سارة ' ( أظنك فهمت قصدي ) . ' تركي ' ( نعم فهمت ) ووقف وهو يقول ( خذي الأمر على أنه أحد المستحيلات السبع ، سننفصل عن بعض عما قريب ، وإن لم يحصل فسوف نموت ونحن على هذه الحال ، هل فهمتي ؟ ) . وصعد إلى حجرته تحت أنظار ' سارة ' الخائبة والمتعجبة . ثم بعد يومان بينما هو يعمل على بعض الأوراق في الحديقة ذهبت إليه تحمل بيدها صينية فيها قهوة وكعك ، وتوقفت حين سمعته يحدث إحداهن بإسمها قائلا ( أرجوك يا سارة أن تتفهمي ظروفي ، أنا رجل مشغول جدا ، وقد وعدتك بأن أتزوجك فور إنتهائي مما أعمله ، كوني واثقة بي رجاءً ، أنا أحبك ولا أتخيل أن تتزوجي سواي ) . وهي عادت إلى المطبخ وكأنها لم تسمع شيئا . إذا كان سفرهما إلى بريطانيا من أجل تلك ' السارة ' ..! وقبل يومان عاد من العمل وأخبرها بأنها سيسافر إلى مكان ما لمدة أسبوعان ويتركها بمنزل والدتها في المدينة . لم يلد من يخونني ويخدعني أو يهينني يا تركي ..! أما في المنزل ، كان حال ' تركي ' ليس أحسن منها . حيث استفاق من صدمته بعد ما سمع خبر خطوبة ' سارة ' محبوبته . كيف لها أن تتزوج سواي دون أن تعمل أي حساب لمشاعري ، ولكن ألست أنا من بدأ بهذه اللعبة ؟ وهي وعدتني بأن تنتظرني حتى أتعالج من هذا الورم ، وغدا سأسافر لإجراء عملية الإستئصال . تنهد حائرا وقام متوجها إلى الداخل ، وأخذ ينادي ' سارة ' كي يخبرها أنه سيوصلها المدينة عند الساعة التاسعة ، واستغرب حين لم يسمع ردها ، حتى ذهب إلى حجرتها وطرق عليها الباب دون جدوى . ظن بأنها نائمة ، فتوجه إلى حجرته يقصد القليل من الراحة ، وتفاجأ حين رآى ورقة بيضاء مطوية بجانب الباب ، أخذها وبدأ يقرأها وعيناه تتسعان من الصدمة [ أنا آسفة يا تركي ، لم أكن أرغب بفعل هذا الشيء ، ولكنك أجبرتني ، تهملني ولا تهتم بي كما لو أني يهودية ، تخونني مع ' سارة ' أخرى وتخبرها بأنك تحبها وتعتذر إليها وأنت بكامل خضوعك وضعفك ، وانا منذ أن تزوجنا لم تسمعني كلمة جميلة واحدة ، ترغب في السفر لمدة أسبوعان وحين سألتك صرخت علي ولم تجبني ، قل لي بعد هذا ، كيف أجلس معك ؟ كيف وأنت أخبرتني بأن حالنا ستبقى على ما هي عليها ، أو سننفصل .. أنا لا ازال شابة ، وأريد أن أعيش حياتي فرحة منبسطة ، أريد أن أنام في حضن أمي ، أريدها أن تطبطب على كتفي وتهدئني وتنصحني بأن لا أبكي فقط لأن أخي وبخني ببعض الكلمات ، لا أنام وأصحوا ووسادتي مليئة بالدموع وصدري مليء بالكدر ، معك لن أهنأ ، ولن أفرح ، ولن أكون سعيدة ، أريدك أن ترسل إليَّ ورقة طلاقي فور قرائتك رسالتي . سارة . ] . مزق ' تركي ' الورقة وهو يصرخ بغضب وبقلة حيلة ، حتى أحس بالتعب واتصل على ' فارس ' وأمره بالتوجه إلى منزله . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• ° الرياض ، الثامنة مساء . أغلقت ' أريج ' هاتفها بعد أن تواصلت مع العديد من الموظفين في شركات الطيران ، ولم تستفيد هذه المرة أيضا كغيرها من المرات السابقة . ولكنها لن تمل حتى تعرف مكانه . استلقت على سريرها تعبة ، ووضعت يدها على بطنها وهي تقول لنفسها ( لم يعد لدي ما يربطني فيك أبدا ، لا حب ولا ولد ، لن أرحمك أبدا يا مازن ، سأدمرك وأدمر حياتك ، كما جعلتني أخسر أغلى ما أملك ، كرامتي وشرفي ، وحب أخي وثقته ، وفقدانه هو للأبد ) . وأخذت تجهش بالبكاء ، تشعر بأنها مهما بكت ومهما اشتكت لن ترتاح أبدا ولن ينطفئ شوقها وقهرها على أخيها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° تبوك . لمَ أنا الوحيدة التي أعاني دون إخوتي ؟ لمَ هم يشعرون بالسعادة والراحة لكونهم بنات لرجل باكستاني وأنا لا ؟ ووقفت أمام النافذة وتكتفت وهي تتنهد بقهر وتضرب الأرض برجلها . لم تحصل إلى الآن على وظيفة مناسبة ، وهي ليست مرتاحة أبدا , كونها خارج منزلها , ولا تستطيع العودة إليه . تشعر بالعجز .. وبينما هي تغرق في أحزانها وهمومها ، انتبهت إلى هاتفها الذي يرن برقم غريب ، أخذته وردت على المتصل دون أن تتحدث ، حتى مرت دقيقة وتنهدت بملل قائلة ( ثم ماذا ؟ ) . وأتاها صوت رجولي غريب ارتجف قلبها لدى سماعها له ، وكان يتحدث بالإنجليزية ( ليتني كنت أعرف التحدث بالعربية حتى أرد عليك بذات الأسلوب ، لا عليك ، كيف حالك ؟ ) . عرفته ' أحلام ' ولكنها أرادت أن تتظاهر بعكس ذلك ( عفوا ، من معي ؟ ) . ' سعيد ' ( معك ابن عمك سعيد ) . ' أحلام ' ( ماذا تريد ؟ ومن أين أتيت برقمي ؟ ) . ' سعيد ' ( أنا الآن في باكستان ، أخذته من أختي ) . ' أحلام ' ( بصفتك من أخذت رقمي أيها الأستاذ ؟ ) . ابتسم ' سعيد ' لنبرتها وأسلوبها ( بصفتي الرجل الذي بسببه خرجتي من منزل والدتك ) . تنهدت ' أحلام ' وأردفت قائلة ( ماذا تريد ؟ ) . ' سعيد ' ( عودي إلى المنزل يا أحلام ) . ' أحلام ' ( لن أعود ، وهذا ليس من شأنك ) . ' سعيد ' ( نعم هو ليس من شأني ، ولكنك بهذا الفعل تجعلين والدتك تتضايق وتحزن ) . ' أحلام ' بحزن ( حقا ، لا أعتقد ذلك ) . ' سعيد ' ( لمَ لا ؟ ) . ' أحلام ' ( لو تضايقت فعلا من خروجي من المنزل ، لاتصلت بي ولأتت إلى المكان الذي أنا فيه ، وإنما هي لا يهمها سوى سمعتها لدى أهل زوجها الباكستانيين ) . ' سعيد ' ( أمك غاضبة ، لذلك لم تتصل ، حدثتني أختك رنا مساء البارحة ، وقالت بأن أمك مريضة وحالتها ليست جيدة ، من الأفضل أن تعودي ، أنتي لستِ صغيرة حتى تفعلي مثل هذه الأفعال ، ولست ولدا كي تعيشي خارج المنزل مع رفيقتك ) . ' أحلام ' بغضب ( قلت لك هذا ليس من شأنك ، ولا تتدخل أبدا ، وتلك المراهقة رنا ، لمَ تتحدث معك ؟ أنا لن أعود إلى المنزل أبدا ، وإن اتصلت بي مرة أخرى فسوف أبلغ عنك ، هل فهمت ؟ ) وأغلقت الخط وانهمرت بالبكاء وجلست على الأرض ، من هو حتى يأمرني بالعودة إلى منزلي ؟ وفتحت الرسالة التي وصلتها من ' سعيد ' والتي كتب فيها ( فليكن بعلمك أني لم أحدثك إلا لأن أختي أمرتني بذلك ، فهي ترى أني مذنب ، عدتي أم لم تعودي فالأمر لا يهمني ، ولتذهبي إلى الجحيم أيتها المغرورة ) . أغضبتها رسالته كثيرا حتى فقدت أعصابها وأخذت تصرخ باكية ، فدخلت عليها صديقتها وحضنتها وأخذت تهدئها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• ° تبوك . الجمعة ، الخامسة عصرا . استيقظ ' تركي ' من نومه وانتبه على المكان الذي كان ينام فيه ، التفت على يمينه ووجد ' فارس ' يجلس صامتا شارد الذهن . وبعد صمت وتأمل أحدهما للآخر ، قام ' فارس ' وتوجه إليه قائلا بعتب ( لمَ أهملت نفسك إلى هذه الدرجة ؟ أكان يجب أن تصل إلى هذه المرحلة حتى تبدأ بالعلاج ؟ ) . ' تركي ' ( لم أهمل نفسي ، كنت أتناول الأدوية بشكل منتظم وأحضر الجلسات العلاجية وأنت تعلم ذلك ) . ' فارس ' ( وأنت أيضا تعلم أن مفعولها ليس قويا إلى تلك الدرجة ، وأنه لن يفيدك سوى الإستئصال ) . تنهد ' تركي ' ( يكفيني ما بي يا فارس ، لا تضايقني بعتابك أكثر ) . ' فارس ' ( مالذي حصل قبل أن آتي إليك ؟ وماهذه الفوضى التي رأيتها ؟ وأين زوجتك ؟ ) . أغمض ' تركي ' عيناه متذكرا ما حصل ( غادرت ، غادرت هي والأخرى ، الإثنتان غادرتا مع بعضهما ، لا أحد يريدني يا فارس ، وهذا ليس غريبا ، أنا رجل مريض ، من قد يتحملني أو يريدني ؟ ) . عقد ' فارس ' حاجبيه متسائلا ( ماذا يعني أن الإثنتان غادرتا ) . ابتسم ' تركي ' بألم ( سارة يا فارس ، سارة محبوبتي ، تلك التي لأجلها فعلت الكثير ، وأهملت زوجتي الطيبة ، ووعدتها بأني سأتزوجها فور شفائي ، عادت بعد التخرج قبل أسبوعان ، وبالأمس تمت خطوبتها على أحد الشبان الأغنياء ، وزوجتي .......... لم تعد تتحملني ، وكيف تتحملني أصلا ؟ علمت عن حبي لسارة يا فارس ، لا أعلم منذ متى ، ولكنها جُرحت ، ولا تريد البقاء معي ) . ' فارس ' ( هذا لا يعقل يا تركي ) . ' تركي ' ( كل شيء معقول مع رجل سيء مثلي يا فارس ) . ' فارس ' ( قلت لك من البداية بأن لا تدخلها في حياتك ، ولكنك لم تسمعني ) . ' تركي ' ( لو كنت أعلم أنها ستتركني بعد أن أميل إليها لسمعت وعملت بنصيحتك ، ولكن فات الآوان ) . ' فارس ' متعجبا ( ماذا تقصد بأميل إليها ؟ ) . ' تركي ' ( نعم يا فارس ، سارة زوجتي فتاة لا أجد لها مثيل ، طيبة إلى حد لا يوصف ، تحملتني وأطباعي كثيرا ، وعلاوة على ذلك هي فتاة ملتزمة ، جلبت إلى بيتي البركة منذ أن دخلت فيه ، تستطيع أن تكتم الكثير بداخلها ، هي من أتمنى أن تكون معي في سفري ، لأنني لا أريد أن تعلم أمي بما بي ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° المدينة المنورة . الثامنة مساء . عادت سارة حيث كانت , عادت إلى وضعها القديم , قلب حزين من الفراق , ومكسور من الخذلان . بإختلاف الأسباب , سابقا كان حزينا بسبب فراق والدها وموته , ومكسورا بسبب خذلانها من إبن خالها الذي لم يعرف بحبها أبدا . عندما ذهبت كانت والدتها بحال أحسن مما هي عليه الآن . تشعر بأن كل شيء يحدث الآن هو فقط لأجل أن تحزن وتغضب , لا لشيءٍ آخر . جلست على مقعدها المعتاد في الحديقة الخلفية لمنزلهم بالقرب من حوض السباحة وأطلقت العنان لمشاعرها , بكت حتى أصبح جسدها بحرارة الشمس . وتجاهلت رنين الهاتف المتواصل , حتى ملَّت وأخذت الهاتف , ولم تتفاجيء بالمتصل , كان ’ تركي ’ ولكنه تأخر , تأخر جدا .. أجابت دون أن تتحدث , وبعد دقيقة تحدث هو بصوت واهن وضعيف ( لمَ تركتِني ؟ ) . لم تجيب ’ سارة ’ على سؤاله , وبقيت تنوح بلا صوت وهي تقول في نفسها ( هذا ليس السؤال المناسب يا تركي ) . وبعد صمت أيضا تحدث ’ تركي ’ ( لو أنكِ أخبرتني قبل رحيلك لفعلت ما يرضيك ومنعتك من الذهاب ياسارة , أنا لا أستطيع العيش دونك ) . ’ سارة ’ بغضب ( مهلا تركي , أنا لست محبوبتك ) . ’ تركي ’( بل أنتي يا سارة ) . ضحكت ’ سارة ’ بسخرية وقالت ( كدت أصدقك , كل ما بيننا يا تركي انتهى , لا تجادلني ولا تحدثني عن شيء , فقط أريد الطلاق ) أغلقت الخط , وأكملت بكاءها , آلمتها نبرة العتب واللوم , والتعب في صوته . قبل أن تتخذ القرار , فكرت به كثيرا , فكرت بصحته التي دائما يهملها , وهو منذ اليوم الأول وحتى اليوم الذي تركته فيه , لم تره بحال جيدة , دائما ما يكون متعبا ومرهقا , والهالات السوداء لم تفارقه , بل زادت أكثر عن قبل , كانت تود معرفة السبب , ولكنه لم يترك لها مجالا أبدا للحديث معه , وهي لم تكن تملك الجرأة أو الشجاعة الكافية لتدخل إلى حجرته وتفتش فيها عن أدويته . أحيانا , تتمنى أن تعود إلى الأيام الماضية , الخالية من أي هم , سوى مستقبلها مع ’ تركي ’ , والتي كانت فيها تفكر كثيرا وتحمل نفسها من الأحزان ما لا تستطيع الجبال حملها . لو فقط أعطت لنفسها في ذلك الوقت السعادة والراحة , وأعوذ بالله من كلمة لو . أن تعيش يومها بما فيها من أشياء جميلة , أو أشياء غير جميلة , وتعطي لنفسها الحصة المستحقة من السعادة , أفضل من أن تعيش جميع أيامها حزينة وكئيبة . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° الرياض , السبت . السادسة والنصف صباحا . نزلت ’ أريج ’ من حجرتها وهي تحمل حقيبتها وعبائتها بيدها . في الحين الذي كان ينظر فيه إليها إبن أختها ’ فواز ’ بريبة وخوف مما تنوي فعلها , وقال في نفسه وهو يتنهد ويضع حبة زيتون في فمه ( لا يهم , وأيا يكن الشيء الذي تنوي فعله , فهي قالت بأنها ستتحمل المسؤولية الكاملة , آآآه يا جدي , لمَ فعلت هذا بابنتك وجعلتها مدللــه إلى هذا الحد حتى تشعر بيوم من الأيام أنها تملك زمام الأمور وأنها تستطيع فعل كل شيء ) . ثم قام وحضنها وقبل جبينها وهو يسألها عن حالها . جلست ’ أريج ’ بينه وبين أخيها طلال الذي استغرب هو بدوره من حملها العباءة . ’ طلال ’( إلى أين تنوين الذهاب ؟ ولمَ أمرته بالمجيء , أنا لا أستطيع إيصالك إلى المكان الذي تريدين ؟ ) . ’ أريج ’ ( لم أرِد إزعاجك وإشغالك , فأنت لديك من الأعمال ما يكفي , وفواز قال بأنه ليس لديه ما يعمله اليوم ) . ’ طلال ’ ( لا تقولي ذلك يا أريج , أعمالي ليست أهم منك , حتى لو كنت في أقصى الشرق , سأتفرغ لأجلك يا حبيبتي ) . ابتسمت ’ أريج ’ بحب وهي تنظر إلى أخيها , هم دائما كذلك , ينتظرون منها أمرا كي ينفذونه , يحبونها بشكل غير معقول , ولكنهم مع ذلك لن يصلوا إلى منزلة ’ سعد ’ رحمه الله , احتضنت ’ طلال ’ وأغمضت عيناها تمنع دموعها من النزول . فقد عان الجميع في الأيام الماضية من موت ’ سعد ’ وعانوا من أجلها أكثر مما عانوه بسبب ’ وعد ’ المصابة . لن تجعلهم يحملون همها ولا يحزنون من أجلها أبدا من الآن , هي حين جهزت حقيبتها الصغيرة جهزت نفسها أيضا وقوت قلبها , ونوَت الوقوف بقوة , ستعمل منذ اليوم دون أن تستعين بوعد , ولا إستشارة أحد إخوتها في ما ستفعله ثم تعاند , فــ ’ وعد ’ رغم حزنها من فراق زوجها ويتم إبنتها الصغيرة , تحملت ألمها وشكاويها التي لا تنتهي , و’ سعد ’ الذي كانت دائما ما ترى في عيناه نظرة العتاب الممزوجة بحنان قد مات والسبب ’ مازن ’ . صرخت ’ أريج ’ حين عضت على لسانها دون أن تعلم ووضعت يدها على فمها متأوهة . التفت إليها الجميع , فقالت وهي تبتسم ( لا عليكم , عضضت لساني دون أن أشعر ) وابتسمت وهي تقول في نفسها ( هذه البداية يا أريج , لا تريدين إخافة أحد ولا إزعاج أحد ) . وبعد أن انتهت من تناول فطورها خرجت هي وابن أختها وتوجها إلى حيث خططت له أريج . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° تبوك . التاسعة والنصف صباحا . كعادتها في الصباح , تضع كوبا بجانبها , وتسرح بخيالها حتى تبرد القهوة ثم تسخنها وتضعها حتى تبرد فتعود لتسخنها حتى تمل وتكبها في الأخير ولا تشربها . أصبح ذات الأمر أكثر من بعد مكالمة ’ سعيد ’ الأخيرة , والتي جعل قلبها يهتز .. ويتشتت .. ويضيع أكثر من السابق . لم يكن في قلبي شيئا أيها الغريب , والآن لا يوجد شيء أيضا , حتى أنه أصبح خاليا من الدم الذي كان يمدني بالحياة , وافتقد نبضاته التي كانت لا تنبض سوى … بالحسرة , والأمل في بعض الأحيان ( القليلة ي جدا ) أيها الغريب . من الذي أنجبتك , ولمَ ؟ بل لماذا أتيت , ما الذي أتى بك ؟ هل أتيت لتدمرني ؟ نعم كنت أود معرفة الحقيقة , ولكن ليس بهذه الطريقة أيها الغريب . هل كرهتني إلى هذه الدرجة حتى تكسرني بهذه الطريقة العنيفة , ولكن …. أظل ممتنة لك مهما كانت الحقيقة مرة , أعطيتني طرف الخيط , وأنا سأواصل . سأكون تعيسة , إن عرفت الحقيقة أو لم أعرفها . تنبهت من غفلتها ع صوت الجرس , كانت تلك ’ نجلاء ’ التي أتت إليها ببعض الحاجات التي تحتاجها ’ أحلام ’ . وبعد أن جلستا في الصالة وضعت ’ أحلام ’ رأسها في حجر ’ نجلاء ’ واستلقت على جنبها . تلمست ’ نجلاء ’ جبين ’ أحلام ’ فوجدته ساخنا , وقالت وهي تتنهد ( ما بكِ أحلام ؟ حالتك تسوء يوما فيوم , عهدتك قوية ) . تحدثت ’ أحلام ’ بعد صمت وهي تلفظ أنفاسا حارقة ( أنا على حافة الإنهيار يا أختي , سأموت قريبا , لا أستطيع التحمل ) . ’ نجلاء ’ قبلتها على جبينها ( لا تقولي مثل هذا الكلام يا أحلام , وأنا سبق وأن قلت لك بأنك ستتألمين كثيرا إذا عرفتي الحقيقة , ولكنك لم تبالي بقولي أبدا ) . ’ أحلام ’ ( وهل كنت مرتاحة قبل ذلك ؟ أنت تعرفين الحقيقة كاملة يا نجلاء , ولكنك تأبين أن تقولينها لي , ولكن لا بأس أنا سأكتشفها بنفسي , سعيد أعطاني طرف الخيط , وأنا سأجاهد لمعرفتها , لن أحتاج لأحد بعد الآن ) . ’ نجلاء ’ ( قلت لك مرارا يا أحلام بأن الحقيقة ستؤلمك كثيرا , وأنا لا أريد ذلك ) . ’ أحلام ’ بهدوء ( ستؤلمني كثيرا ! ) وتنهدت قائلة ( في عبارتك هذه تكمن نصف الحقيقة ) . ’ نجلاء ’ ( هلا أخبرتني ماذا قال لك إبن عمك ؟ ) . اعتدلت ’ أحلام ’ جالسة ومسحت وجهها وعيناها وهي تقول ( لم يقل شيئا , فقط قال بأن …… ) . ’ نجلاء ’ ( ماذا ؟ ) . ’ أحلام ’ ( قال بأنه يشك في أن أكون إبنة عمه ) . ابتسمت ’ نجلاء ’ وهي تحرك رأسها ثم قالت ( إذا هذا الكلام الفارغ هو من جعلك بهذه الحالة ؟ أنتي غريبة , وستبقين غريبة إلى الأبد ) . ’ أحلام ’ ( لست غريبة , هل قلت لك ذات يوم بأني أشعر أن أمي هذه أمي الحقيقة , أو أن شقيقاتي هن شقيقاتي , أو حتى أبي كان يشبهني ) . ’ نجلاء ’ ( إذا هل كنتِ تشعرين أنكِ لقيطة ؟ ) وضحكت ( لستِ معقولة يا أحلام ..! ) . ’ أحلام ’ ( ألا تظنين ذلك ) . تصنعت ’ نجلاء ’ الغضب وهي تقول بصوت عالٍ ( كفي عن التفكير بأمور سخيفة كهذه ) . ابتسمت ’ أحلام ’ ( لو لم تكوني بجانبي لكنت الآن مصابة بمرض نفسي صدقيني ) . تجاهلت ’ نجلاء ’ حديثها وقالت ( هل تظنين أنك الوحيدة التي تتألمين ؟ ) . ’ أحلام ’ ( ماذا تقصدين ؟ ) . ’ نجلاء , ( سارة , تركت بيتها وغادرت إلى منزل والدها ) . اتسعت عينا ’ أحلام ’ دهشة ( ماذا ؟ ولمَ ؟ ) . ’ نجلاء ’ ( لم تقل لي السبب , اتصلت عليها قبل مجيئي إلى هنا , وقالت بأنها في المدينة , كان في صوتها بعض التعب , عموما سارة حتى وإن كانت تتحدث كثيرا فهي لا تبوح عن شيء واحد فقط , فهي كما تقول , لكل إنسان في قلبه سرٌّ لا يُحكى ) . ’ أحلام ’ ( ولمَ تقولين بأنها تركت بيتها ) . ’ نجلاء , ( قالت بأنها لن تعود ) . ’ أحلام ’ ( فليعينها الله ’ سارة فتاة طيبة جدا , وفرحت إذ كانت هي زوجة تركي , ولكن ما الذي حصل ؟ ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° | ||||||||
19-02-17, 06:17 PM | #10 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة
| ( الجزء الثامن - من أجل الحب ) المدينة المنورة . الأحد , الثامنة مساء . استيقظت ’ سارة ’ على صوت هاتفها وأخذته , لم ترغب في الرد على ’ تركي ’ لكن قلبها لم يطاوعها على فعل ذلك . واستغربت حين سمعت صوتا يختلف عن صوت ’ تركي ’ تماما حين قال ( السلام عليكم ) . ردت ’ سارة ’ بعد صمت قصير ( وعليكم السلام , من معي ؟ ) . الطرف الآخر ( أنا فارس , صديق تركي ) . عقدت ’ سارة ’ حاجبيها وقالت ( أهلا , هل تركي بخير ؟ ) . ’ فارس ’ ( أبدا , ليس بخير ) . جلست ’ سارة ’ فزعة ووضعت يدها على صدرها ثم قالت بصوت هاديء لا يتضح فيه الفزع ( ما به ؟ ) . ’ فارس ’ ( أختي سارة , فارس بحاجتك الآن , أرجوك عودي ) . ’ سارة ’ ( ولمَ يكون بحاجتي ؟ وأين …… ) وسكتت , كانت تريد أن تقول أين محبوبته , ولكنها قالت بأن صديقه ربما لا يعرف عنها شيئا ( لمْ يكون بحاجتي حين كنت لديه , الآن ماذا يريد مني ؟ ) . ’ فارس ’ ( أنا أعلم أنكِ مجروحة , وأن تركي جعلك تتألمين كثيرا , ولكن هو بحاجة ماسة إليك , لا أريد أن أفزعك , ولكن تركي مصاب بورم في صدره , وسوف يجري عملية إستئصال في أمريكا , والديه وكل أقاربه لا يعلمون بذلك , وهو يريدك أنتي من تكون بجانبه في سفره هذا , ماذا قلتي ؟ هل أحجز لك الآن أنتي وأحد إخوتك كي تأتين سريعا إلى تبوك ثم تذهبين معه ؟ ) . ’ سارة ’ تحرك رأسها غير مصدقة ( لا بد من أنك تمزح معي , أليس كذلك ؟ ) . ’ فارس ’ ( أنا لا أمزح يا أختي , هذه الحقيقة , سامحيني ) . ’ سارة ’ ( إذا هي خطة من تركي حتى لا تغضب منه والدته , السبب ذاته الذي من أجله تزوجني وتحمل وجودي معه في نفس المنزل , لن أعود أبدا ) . ’ فارس ’ ( أقسم لك يا سارة بأني لست أكذب , وتركي لا يعلم عن إتصالي بك , ضاق صدره منذ أن غادرتي , وتضايق أكثر بعد أن حدثك مساء أمس ولم تعطه فرصة للتبرير , أنتي بذلك تجرحين نفسك أكثر وتجرحين تركي ) . ’ سارة ’ ( إذا هو مريض من قبل أن يتم زواجي به ؟ الورم سبب تعبه ) . ’ فارس ’ ( بالضبط , تركي لم يكن ينوي الزواج بأحد بسبب ذلك الورم , فهو يتوقع بأنه سيموت في أي وقت , لذا لم يخبرك حتى لا تندمين على زواجك منه ) . ’ سارة ’ ( ولكنه يـــخـــ ……………… ) . ’ فارس ’ ( يخونك ؟ تركته من أجل ذلك صحيح ) تنهد ( تركي سيخبرك بكل شيء , أنتي فقط تعالي ) . ’ سارة ’ استندت بظهرها عل السرير وهي تغمض عيناها . ’ فارس ’ ( ماذا قلتي , هل ستقفين بجانبه ؟ ) . ’ سارة ’ ( أين هو الآن ؟ ) . ’ فارس ’ ( في المستشفى منذ اليوم الذي غادرتي فيه ) . ’ سارة ’ ( ومتى ستكون الرحلة ؟ ) . ’ فارس ’ ( بعد غد في الصباح الباكر , هل ستأتين ؟ ) ’ سارة ’ ( سأفكر , أرجوك أعطني وقتا كافيا ) . تنهد ’ فارس ’ ( أخشى أن لا يكون لك الوقت الكافي كما تقولين , لأن حاله سيئة جدا , ويجب علينا أن نسافر قبل أن تتفقده والدته , وهو لا يريدها أن تعلم عن مرضه ) . ’ سارة ’ ( قلت أن الرحلة ستكون بعد غد , إذا سأخبرك بقراري مساء اليوم , عند الخامسة ) . ’ فراس ’ ( كما تشائين ) . أغلقت الخط وهي تتنهد بحيرة , ماذا ستفعل الآن ؟ وأي قرار ستتخذ ؟ ماذا عن الحلم الذي أزعجها ليلة أمس , والذي كانت فيه والدتها تقول لها بأن لا تذهب لأنها تحتاج إليها ..! لن أتخذ أي قرار قبل أن أستخير . قامت من فراشها وتوضأت وصلت ركعتان وهي تلح على الله بالدعاء , ووجهها مليء بالدموع . جلست على سجادتها حوالي الساعة وهي تدعي وتستغفر , حتى غفت في مكانها دون شعور . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° تبوك . الثانية والنصف مساء . بيتها أصبح خاليا منذ عدة أيام , فزوجها مسافر للعمل كما هي العادة , وإبنها منذ أن تزوج قلت زياراته , أما ’ سارة ’ فكانت تريدها كإبنة لها , وهي بالفعل كانت كذلك , فهي كل مساء كانت تأتي إليها وتغادر مع ’ تركي ’ حين يعود من العمل إلا أحيانا , ولكن الآن لها ثلاثة أيام لم تأتي . لماذا ؟ هل أصابها مكروه ؟ حتى تركي لم يتصل ولم يأتِ . تناولت هاتفها واتصلت على ’ تركي ’ الذي لم يجيب , ثم اتصلت على ’ سارة ’ , وهي ردت بصوت تعب حزين , فخافت عليها وسألتها ( ماذا هناك سارة ؟ تركي لم يجيب وأنتي تعِبة , هل حصل شيءٌ ما ؟ ) . ’ سارة ’ ( لا شيء يا عمتي , أنا تعبة قليلا , وتركي ربما مشغول في الشركة ) . ’ والدة تركي ’ ( ألم يأتِ لتناول الغداء ؟ ) . ’ سارة ’ تحدث نفسها بسخرية ( وهل أتى قبل ذلك ذات مرة ..! ) ( قال أن لديه بعض الأعمال المهمة في الشركة عليه أن ينهيها , لذا لم يأتِ ) . ’ والدة تركي ’ ( وأنتي هل ستأتين اليوم , فقد اشتقت إليك ) . ’ سارة ’ ( أنا آسفة يا عمتي لن استطيع , مرة أخرى إن شاء الله ) . ’ والدة تركي ’ ( لا بد من أن تعبك ليس عادي , أنا سآتي إليك ) . ردت ’ سارة ’ مسرعة ( لا لا … أقصد لا تتعبي نفسك يا عمتي , سآتي إليك غدا بالتأكيد ) . ’ والدة تركي ’ ( مابكِ سارة ؟ هل هناك خطب ما , أنتما الإثنان قاطعتماني منذ عدة أيام , ما السبب ؟ ) . ’ سارة ’ ( لا شيء يا عمتي , لا تلقي بالا , صدقيني يا عمتي سآتي غدا ) . ’ والدة تركي , ( حسنا كما يروق لك يا ابنتي , إن احتجتي شيئا فقط اتصلي بي ) . ’ سارة ’ ( إن شاء الله ) . أغلقت منها وهي مستغربة جدا من تصرف ’ سارة ’ الغريب , وعاودت الإتصال بــ’ تركي ’ عدة مرات , ولكنه لم يستجيب أيضا . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° تبوك , الخامسة عصرا . تململت ’ سارة ’ وعادت بجسدها على الوراء تستند على الكرسي الخشبي وتتكتف مللا من عتاب صديقتها ’ ريما ’ , ثم اعتدلت جالسة وهي تقول بغضب ( أليس هذا ما كنتي تريدينه ؟ أن أدع تركي وشأنه , والآن حين تركته ووافقت على آخر غضبتي ) . ’ ريما ’ ( لم أغضب إلا لأنني أعلم أن تركي يريدك بحق , وحين قلت بأن تتركينه كان قد لهي عنك ) . ’ سارة ’ ( فليكن ما يكون , الآن وقد اقتربت ملكتي لم أعد أفكر به , فليذهب إلى الجحيم هو وزوجته ومرضه ) . ’ ريما ’ ( لا أصدق أنك كرهته إلى هذه الدرجة , أنتي مادية إلى درجة غير معقولة , بالتأكيد أنتي لم توافقي على ذلك الشاب إلا لأنه ثري ) . ’ سارة ’ ببرود ( طبعا ) . ’ ريما ’ ( ستندمين صدقيني ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•° الإثنين . الرياض , السادسة صباحا . مجددا , عزمت على فعل المستحيل , لن تتراجع أبدا . ستكون سنوات الغربة مؤلمة وموجعة , لكنها ستكون هينة أمام ذكريات ’ سعد ’ التي أبت أن تُمحى من ذاكرتها ولو قليلا , وطعنة ’ مازن ’ التي تأبى أن تُشفى أيضا . عضت طرف شفتها تمنع دموعها من النزول , ونظرت إلى حجرتها نظرة أخيرة , وخرجت .. بقلب جديد . وقفت أمام ’ فواز ’ ونظرت إليه نظرة إعتذار وهي تقول له ( آسفة , و…. ستكون سعيدا بالطبع ) . التفت ’ فواز ’ إلى الجهة الأخرى وهو يتكتف ( أنا لست كإخوتك حتى أتحملك لوحدك يا أريج , ولولا أمي التي ستغضب إن خالفت أمرها لما طاوعتك وذهبت معك ) . نظرت إلى الأسفل ثم رفعت رأسها قائلة ( لن تندم صدقني ) . ’ فواز ’ ( بل أنا نادم على الوقت الذي طاوعت فيه رغبتك وأوصلتك إلى الجامعة , لو كنت أعلم نواياك لما قلت بأنني لست مشغولا صباح أمس , ولكن لا بأس , كل شيء يهون أمام رضا والدتي ) تناول حقيبتها من يدها وتوجه إلى الدرج قائلا ( لا تتأخري ) . أغمضت ’ أريج ’ عيناها غاضبة وضربت برجلها الأرض , ثم أخرجت هاتفها من الحقيبة واتصلت بأختها تعاتبها على إجبار إبنها للذهاب معها , ثم نزلت وقد غيرت قرارها , وعند نزولها دخل ’ فواز ’ واستغرب حين رآها من دون عباءة ( ألم تلبسي العباءة إلى الآن ؟ سنتأخر ) . ’ أريج ’ تكتفت ونظرت إليه بنظرة غريبة ثم قالت ( لن أذهب , تستطيع العودة إلى المنزل ) . وقدم إليها أخيها الكبير الذي جاء ليودعها ووقف أمامها ( ماذا ؟ ما الذي غير رأيك ؟ ) . ’ أريج ’ ابتسمت حتى لا يشعر بضيقها ( لا شيء , فكرت بالأمر مرة أخرى ووجدت أنه لا داعي للسفر ) . ’ طلال ’ ( هل أنتي متأكدة من قرارك هذا ؟ بعد أن أمضيتي مساء الأمس كله وأنتي تحاولين إقناعنا بالذهاب ؟ الآن وقد جهز لك والدي كل شيء ؟ ) . ’ أريج ’ ( أنا متأكدة وواثقة من قراري ) ونظرت إلى ’ فواز ’ مرة أخرى ثم صعدت إلى حجرتها تدوس على رغبتها في البحث عن ’ مازن ’ والإنتقام منه . دخلت إلى حجرتها وقلبها يغلي من القهر , وجلست على مكتبها صامتة هادئة , حتى دخل عليها ’ فواز ’ بحقيبتها مبتسما . ’ فواز ’ ( أسعدني تراجعك جدا خالتي العزيزة , أتمنى لك يوما ممتعا ) والتفت خارجا من الباب , ولكن صوت ’ أريج ’ أوقفه حين قالت ( خذلتني يا فواز , لن أنسى ذلك أبدا ) . ابتسم ’ فواز ’ ثم اقترب منها وجلس على ركبتيه وقال ( أنتي تعلمين كم أحبك يا أريج , ولا أتمنى لك سوى السعادة , في قرارك بعض التهور , ستتألمين كثيرا حين لا تتمكنين من فعل ما تريدين بعد أن تكوني في الخارج , أن تُخذلي من البداية خير من أن تخذلي في النهاية , تماما كعلاقتك مع مازن , لو سمعتي نصيحة خالي سعد رحمه الله لما تألمتي بهذا الشكل في النهاية ) . ’ أريج ’ ( أرجوك أن لا تذكر لي إسمه أبدا ) . ’ فواز ’ ( آسف ) وقف وقبل جبينها ثم خرج . مزيج من نيران الشوق والألم على أخيها وحقد على ’ مازن ’ ورغبة في الإنتقام منه يعصف بقلبها , وعينيها ترغب في البكاء بشدة , وعقلها في صراع شديد بين البقاء والرحيل , البداية والنهاية ..! حقا إن لم أبدأ بالعلاقة تلك لما تألمت , ولكن أيضا لو لم أبدأ بها لما شعرت بالسعادة التي شعرت بها حين كنت معه , حتى لو كانت مؤقتة , ولما تعلمت هذا الدرس , ولم أقرر أن أقوِّي نفسي أيضا . ممتنة لك مازن . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° تبوك . العاشرة صباحا . يقولون بأن " النظارة الشمسية " توضع لإخفاء عيوب العين , أو لجعل الوجه أجمل ..! أما علموا أنها غرض كافٍ جدا لإخفاء الدموع ؟! شكرا لك يا مخترع النظارة الشمسية , فقد ساعدتني هذه النظارة كثيرا طوال رحلتي من المدينة إلى تبوك . نزلت ’ سارة ’ من السيارة وودعت أخيها وشكرته ثم دخلت إلى المنزل , وقفت بجانب المرآة التي تتوسط الصالة الخارجية , ونظرت إلى وجهها بعد أن فتحت نقابها والطرحة , بدا طبيعيا , ولكن به بعض الحمرة , ستقول أنها آثار تعب السفر . نوت الإلتفات ولكن , رآت وجها آخر في المرآة , كان هو …….. التفتت إليه متفاجأة من وجوده , متى دخل , وكيف لم تشعر به ؟ التقت الأعين , وكل يحدث نفسه بحديث , كان العتاب والمفاجأة واضحا في نظرات ’ سارة ’ , أما ’ تركي ’ فعينيه مليئتان بالشوق والإعتذار , كما أن التعب كان واضحا فيهما جدا , تقدم إليها وهو يمشي بوهن وضعف حتى وقف أمامها . أما هي , فنظرت إلى الأسفل , وضمت كفيها إلى بعضهما دون أن تقول شيئا , وسحبتهما سريعا حين أمسك بهما ’ تركي ’ . وقالت متجاهلة مشاعرها ( أنا هنا فقط لأرافقك للعلاج , ثم تنتهي مهمتي عند هذا الحد ) . ’ تركي ’ ( ألا زلتي مصرة على رأيك ؟ ) . ’ سارة ’ ودون أن تنظر إليه ( نعم ) . ’ تركي ’ ( لنرَ ما سيحصل في الأيام القادمة , أما الآن … فأنا أرغب في ….. ) . ’ سارة ’ نظرت إليه متسائلة . ’ تركي ’ نظر إلى عينيها طويلا ثم احتضنها بما يملكه من قوة . تفاجأت ’ سارة ’ من حركته جدا ولم تفعل شيئا , حتى أبعدها هو عنه بهدوء , ولمح الإنزعاج على وجهها . ’ سارة ’ ( لدي كلام وأسئلة كثيرة لك , ولكن الآن دعنا ندخل ) وسبقته إلى الداخل , حتى دون أن تفكر في مساعدته . وما إن قابلتهما ’ والدة تركي ’ حتى أخذت تعاتبهما بشدة على مقاطعتهما عنها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° تبوك , الرابعة عصرا . الأصحاب يلاحظون تغير صاحبهم بعد الزواج , لأنه قد يدمن الجلوس في المنزل , أو الخروج قليلا فقط , أما أصحاب زوجها فلن يلاحظوا ذلك أبدا . هي سعيدة معه جدا , ولن تنكر ذلك أبدا , لكنه كثير البقاء خارج المنزل , وإن عاد يعوضها عن كل الساعات التي يقضيها في الخارج . ولكن ذلك لا يكفيها , تتمنى منه أن يخصص يوما لها هي فقط , وينسى ’ تركي ’ ومن أتى به ليوم واحد فقط ..! قذفت بالفرشاة بعيدا وارتمت على سريرها وهي تتنهد ببعض الغضب , علمت أنها تتمنى المستحيل .. المستحيل جدا . ثم وضعت يدها على بطنها وابتسمت ( ربما سيتغير بعد أن أنجب له طفلا جميلا ) . وتفاجأت بدخول ’ فارس ’ الذي ابتسم لها وجلس بجانبها وقبل جبينها ( أراكِ مبتسمة , ما الأمر ؟ ) . ’ نوف ’ ( أفكر بك يا عزيزي ) . ’ فارس ’ ( نعم أنتي دائما تفكرين بي وتشتمينني لذا دائما ما أغص في الأكل ) . ضحكت ’ نوف ’ وجلست وهي تقول ( بالله عليك ! ) . ’ فارس ’ ( أمزح وحسب , نوف عزيزتي , هل لك أن تجهزي حقيبتي ؟ ) . تغيرت ملامح ’ نوف ’ تماما وقالت بدهشة ( أي حقيبة ؟ ) . ’ فارس ’ ( حقيبة السفر , سأكون في أمريكا لمدة أسبوعان ) . ’ نوف ’ ( ولكنك لم تعد من فرنسا إلا قبل أسبوعين أيضا , ماهذا يا فراس , ألا أهنأ بك قليلا ؟ ) . ’ فارس ’ ( أنا آسف يا عزيزتي , ولكنني مضطر من أجل تركي , لا أستطيع تركه بهذه الظروف ) . ’ نوف ’ ( وهل تركته يوما ما ؟ حتى بيوم زواجه لم تتركه ) . ’ فارس ’ ( هذا أخي يا نوف , لا تلوميني ) . ’ نوف ’ ( أنا أتسائل إن لم يكن لديه أهل حتى ترافقه أنت ) . ’ فارس ’ ببعض الغضب ( نوف لا تقولي مثل هذا الكلام مرة أخرى , أنت تعلمين جيدا بأننا صديقان منذ صغرنا ) . ’ نوف ’ ( نعم أعلم ) ووقفت وهي تقول ( سأجهز حقيبتك ) . ابتسم ’ فارس ’ واحتضنها من الخلف وهويقول ( لن أسافر ) . التفتت إليه متفاجأة .. وأكمل ’ فارس ’ عبارته وهو يضحك ( من دونك ) . ’ نوف ’ ( ماذا تقصد ؟ ) . ’ فارس ’ ( نعم ستسافرين معي ) وأخرج تذكرة من جيبه ( هذه لك ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° تبوك , التاسعة مساء . نحن لا نستطيع البقاء على حال واحدة لفترة طويلة , ولا نستطيع التعايش مع الخيبة والحزن أبدا . حتى وإن عزمنا وقررنا الإعتياد على ذلك , فهناك شيء بداخلنا ينتظر الفرح , وفطرتنا لا تقبل سوى الراحة . كان الحال كذلك مع ’ أحلام ’ حين قررت الذهاب إلى منزل والدتها , فهي مشتاقة إليها كثيرا , مهما كانت غاضبة منها فإنها لن تستطيع العيش بدون أم . خرجت من الشقة بتردد , ولكنها لن تتراجع . وما إن وصلت أمام المنزل حتى تذكرت ما حصل لها مع ’ سعيد ’ , فابتسمت وهي تقول ( كنت سبب خروجي , وأنت أيضا سبب عودتي ) . خطت نحو المنزل وقلبها يزداد خفقانه مع كل خطوة , حتى دخلت من الباب الذي كان مفتوحا أصلا , وتوجهت نحو الصالة … توقفت عن السير حين سمعت صوت رجولي , ركزت فيه , كان صوته , ولكن مالذي يفعله هنا . وماذا يقول ؟ ….. ( لا تقلقي يا عمتي , سأحاول معها قدر الإمكان حتى تعود إلى أحضانك , وأنا أعتذر منك مرة أخرى ) . ’ والدتها ’ ( لا يا ولدي , لا تحاول معها أنت , فهي عنيدة بشكل لا تتصوره , وستغضب أكثر حين تحاول أنت بالذات ) . يا الله … كم تشتاق لصوتها , وكم يبدوا متعبا الآن , ولكن لمَ هي مع ’ سعيد ’ الآن ..؟ أسرعت نحو الصالة الداخلية وهي لم تزيل عن وجهها الغطاء بعد . توجهت الأعين عليها , ووقفت أمها مذهولة , ثم توجهت إليها وحضنتها بقوة , وأخذت تبكي . و ’ أحلام ’ صامتة , دون أن تصدر أي ردة فعل . وبعد أن عاتبتها أمها على فعلها , تحدثت ’ أحلام ’ وأخيرا ( هل ستخبريني بالحقيقة يا أمي ؟ والآن ؟ ) . عقدت ’ والدتها ’ حاجبيها ثم قالت ( أي حقيقة يا ابنتي ؟ ) . ’ أحلام ’ ( حقيقتي أنا وأنتي يا أمي ) ثم تحدثت بالإنجليزية ( التي حتى سعيد يكاد يعرفها ) . ’ سعيد ’ تنهد وهو ينظر إلى الأسفل ’ ( أظنني كنت مخطئا ) . ’ أحلام ’ ( ماذا تقصد بأنك كنت مخطئا ؟ ) . ’ سعيد ’ يقف ويضع يديه داخل جيوبه ( أقصد بأنها كانت كذبة , حتى تعودي إلى المنزل ) . ضحكت ’ أحلام ’ بسخرية ومن غير تصديق ( ومن هذا الغبي الذي قد يفكر في العودة إلى منزله وهو غير متأكد إن كان هذا منزله أم لا..! ) . نظر ’ سعيد ’ إليها طويلا ثم سكت . ’ والدتها ’ ( ماذا قلت لها سعيد ؟ ) . ’ سعيد ’ ( لم أقل شيئا مهما يا عمتي , لا عليك .. أنا سأذهب الآن , تأخر الوقت ) . وقبل أن يخطو خطوة واحدة , تحدثت ’ أحلام ’ بلهجة حادة ( إن لم تقولي لي الآن من أنا ومن هو والدي ووالدتي لن تريني مرة أخرى ) . نزلت دموع ’ والدتها ’ مرة أخرى واقتربت منها أكثر وقالت ( 26 سنة من العذاب والألم يا أحلام , ظننت بأنني سأرتاح يوما ما , ولكنك لستِ تنوين ذلك , حتى في الأيام التي لم تزعجيني فيها , فملامحك وتصرفاتك تذكرني بماضيي , لذا سأخبرك بالحقيقة الآن لأريحك كما تقولين , ولأريح نفسي ….. أنتي تكرهين نسبك أليس كذلك , تكرهي كونك باكستانية ؟ من الآن فصاعدا لن تشعري بهذا الشعور , أتعلمين لماذا ؟ لأنك يا ابنتي ….. لست باكستانية , أنتي عربية سعودية , من قبيلة الـــ ………… ) . اتسعت عينا ’ أحلام وسعيد ’ وكذلك شقيقتيها اللتان تقفان في أعلى الدرج , تراقبان الموقف بصمت . تنحنح ’ سعيد ’ وقال ( أنا أستأذن منكم الآن ) وخرج وهو ينظر إلى الأسفل . أكملت ’ والدة أحلام ’ حديثها ( نعم , أنتي لستِ إبنة زوجي الراحل محمد , بل أنتي ابنة عبداللطيف الـــ …………. , هذه هي الحقيقة التي خبأتها عنك وعن الجميع , فهل ارتحتي الآن ؟ ) . نزلت ’ نور ’ من الدرج مسرعة وقالت وهي تقف بجانب ’ والدتها ’ ( ماذا تقولين يا أمي ؟ أحلام ليست أختي ؟ ) . ’ والدتها ’ بنبرة حارقة ( كلا , هي أختك من أمك فقط , وليست شقيقتك ) . ’ نور ’ ولا تزال تحت تأثير الدهشة والصدمة ( ولكن كيف ؟ ) . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° الثلاثاء . تبوك , التاسعة صباحا . 4 كذبات إلى الآن منذ أن قدمت من المدينة , الأولى بأنها كانت تعِبة لذا لم تستطع المجيء إلى والدة تركي , والثانية أنها ليست غاضبة أو على خلاف مع زوجها , والثالثة أنها ليست مهمومة , والرابعة .. أنهم ذاهبون إلى أمريكا فقط للسياحة . ’ والدة تركي ’ مثل والدتها تماما , فهي تعاملها بطيبة الأم وحنانها , ولم يرضِها ما فعلت , ولكنها مضطرة . من أجلها , بل من أجل ’ تركي ’ . نعم , سيكون كل شيء هين من أجله و وستكون هذه الكذبات كتلك الكذبات التي يصفونها بالبيضاء , مع أنه لا يوجد ذنب أبيض , فليغفر الله لها . جلست بجانب النافذة وأراحت ظهرها على المقعد , ثم التفتت على ’ تركي ’ حين جلس . يبدو تعِبا أكثر من الأمس , وهي أيضا تعِبة , ولكن ليس جسدها , وإنما قلبها وعقلها . بالأمس وعندما صعدا إلى الحجرة ليرتاحا , وجهت إليه أسئلتها بعد خمسة عشرة دقيقة صمت وتوتر من قِبَلِها , وتأمل وحيرة وإعتذار من ’ تركي ’ أو هكذا ظنت ( هل ستخبرني من هي سارة , وأين هي عنك الآن ؟ ) . تنهد ’ تركي ’ قبل أن يجيب ثم قال ( أنتي تعرفينها , وقد رأيتها من قبل ) . ’ سارة ’ ( أهي الفتاة التي كانت في المطار ؟ زميلتك في الجامعة ؟ ) . ’ تركي ’ ( نعم ) . عضت ’ سارة ’ طرف شفتها وقالت بصوت غاضب نوعا ما ( هذا يعني أني كنت على صواب حين توقعت أنك اخترت بريطانيا من أجلها هي , وكنت تغيب عني لساعات طويلة , ولا تجلس معي إلا قليلا ) . نظر إليها لبعض الوقت ثم قال ( هل يمكنك أن تقولي متى علمتي عنها ؟ وكيف ؟ ) . ردت بتهكم ( ليس قبل أن أنتهي من أسئلتي , هل ….. تحبها ؟ ) . ’ تركي ’ ( كنت أعشقها , والآن …. لا أعتقد ذلك ) . ’ سارة ’ ( إذا كنت ترفض الزواج من أجلها ) . ’ تركي ’ ( بل من أجل المرض ) . ’ سارة ’ ( استطعت أن تتزوجني ولم تستطع الزواج بها ..! ) . ’ تركي ’ ( قلت لك بأني لم أكن أريد الزواج من أحد , لا هي ولا أنتي ولا أحد سواكما , وأنتي كما تعلمين أن كل أم ترغب في أن ترى إبنها مستقر وسعيد في حياته مع زوجته , خاصة إذا كان وحيدا , وأنا كنت دائما أرفض الزواج بسبب مرضي , وذات يوم فاجأتني أمي بقولها أنها قد خطبت لي إحدى الفتيات , نعم .. لم تكن لتتراجع , ولم أستطع الرفض , بما أن الفتاة إسمها إسم حبيبتي ) وصمت ( ولكنني تفاجأت جدا حين رأيتك لأول مرة , لم أتوقعك بهذه البساطة , ولا بهذا الجمال , ولا بهذه الطيبة والبراءة , خشيت أن أجرحك بحزني وبملامحي التي أبت أن تجامل أو تبتسم ولو قليلا , فتركتك ليلة الملكة , وحين أتيتك للمرة الثانية , آخذني جمالك أيضا , فلم أستطع أن أتاملك نفسي وخرجت , أما ليلة الزواج , وآآآه من ليلة الزواج , هل تعلمين كم كنت متعبا من التفكير ومن إحساسي بتأنيب الضمير تجاهك حين قلتي بأنك مجبرة على الزواج مني ..؟ كنت طوال الليل أفكر , كيف لفتاة صغيرة وجميلة مثلك أن تجبر على الزواج من شاب مثلي و ….. ) . قاطعته ’ سارة ’ قائلة ( ولكنك كنت تحدث إحداهن على الهاتف , كنت مشتاق إليها جدا يا تركي , ألست محقة ؟ ) . وقف ’ تركي ’ من فرط تعجبه من صراحتها الغير متوقعة ( هل سمعتي تلك المكالمة ؟ ) . ’ سارة ’ ( نعم , ماذا تظن من فتاة صُدمت في ليلة زواجها ؟ أن تستسلم وتجلس دون أن تفعل شيء ؟ كنت قد نويت أن آتي إليك وأفهم منك الموضوع جيدا , ثم ننهي العلاقة من حينها , لكنني حين سمعت مكالمتك تراجعت , سمعتك حين قلت بأنك ستذهب إلى بريطانيا , كنت أود معرفة الحقيقة , وكنت أود رؤيتها بشدة أيضا , ولكنني لم أرها سوى في المطار , كنت أحترق حين تذهب لرؤيتها , أتظنني كنت أبكي فقط من خوفي من الأشباح ؟ بل من غيرتي وقهري عليك , ولكنك لم تفقهْ ذلك , وأظن أنك لن تفقهْ أبدا ) . ابتسم ’ تركي ’ بتعجب وجلس وهو يقول ( لم أكن مخطئا حين وصفتك بالغريبة ) . ’ سارة ’ ( وماذا بعد ؟ ماذا حصل ؟ هل غفرت لك محبوبتك ) . ابتسم ’ تركي ’ مرة أخرى بألم ( نعم , غفرت لي , ولكنه غفران من نوع آخر ) . ’ سارة ’ ( كيف ؟ ) . ’ تركي , ( غفران بنية خذلان وانتقام ) . ’ سارة ’ ( ما أبشعه ) قامت وجلست بجانبه ( هل لك أن تخبرني عن ….. قصة حبكما ) . نظر ’ تركي ’ إليها بتعجب وقال ( لم يكن هنالك أية قصة , فقط صدفة , وإعجاب , ثم عشق , ثم ……. رحيل بلا وداع ) . ’ سارة ’ ( فهمت , حين علمت عن مرضك تركتها لكي لا تجرحها , بينما حطمتني ودمرت حياتي تماما , ثم هي خذلتك فيما بعد , واتفقت مع صديقك على أن تجعلني آتي إليك فقط لأرافقك للعلاج , ثم ستعاملني وكأن معروفا لك لم أعمل , صحيح ؟ ) . ضحك ’ تركي ’ مندهشا حتى استلقى على قفاه وقال ( ليس إلا ذلك , باستثناء الاتفاق مع صديقي , لأنه شاب صالح , لم يكن ليرضى ذلك عليك , ولكنني حدثته على أنني أصبحت أحبك وأميل عليك , وهو طبعا من شدة حبه لي صدقني وحدثك دون أن أعلم أنا , ثم أتيتِ وتأكدت من أن خطتي نجحت , أنتِ ذكية جدا يا سارة , أنا أعلم أنك بريئة جدا , ولكنني أكتشف لأول مرة أن براءتك يشوبها بعض الخبث يا حبيبتي , ولكن لا بأس , أنا رجل ذو تجربة , لذلك لن أخشى منك أبدا , وأيضا لم أكن لأخدعك ولا أكذب عليك ولا أمثل , ولكن الحاجة أجبرتني , أتدرين لماذا ؟ لأن حبيبتي أو محبوبتي كما تقولين , تركتني , وأمي لا أريد أن تعلم عن مرض ابنها الوحيد , ولا يوجد أحد سواك ) قام واقترب منها ( وأنا أحببت سارة حد الثمالة , ولن أستطيع أن أحب سواها يوما ما ) . كان قلب ’ سارة ’ في هذه اللحظة يغلي من القهر والغضب , ولكنها تظاهرت بالبرود حين قالت ( لا بأس يا تركي , سأرافقك وسأكون معك حتى تقف على رجليك , فقط لأن إنسانيتي وإسلامي و مبادئي لا تسمح لي بأن أترك زوجي في المحن ) . ’ تركي ’ ( أحسنتي ) . عادت إلى واقعها حين نبهها ’ تركي ’ بالمضيفة التي تسألهم ماذا يريدون أن يشربوا , هزت رأسها بالنفي . وعادت إلى نفسها ( ماذا قلت له , ولماذا قلت أصلا ؟ ) تنهدت بعمق ( فليكن ما يكون , سأؤدي واجبي تجاهه , ثم أعود لأمي التي هي أيضا بحاجتي , حبيبتي يا أمي , أنا آسفة جدا لأنني تركتك ) وضعت يدها على قلبها بصورة مفاجئة حين شعرت بنغزة قوية عليه , استعاذت من الشيطان وأغمضت عيناها . °•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•° يتبع | ||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|