آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          منحتني السعادة (2) للكاتبة: Alison Roberts .. [إعادة تنزيل] *كاملة* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          هدية عيد الميلاد (84) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          رواية نبــض خـافت * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          4-البديله - فيوليت وينسبير - ق.ع.ق .... ( كتابة / كاملة)** (الكاتـب : mero_959 - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          إمرأة لرجل واحد (2) * مميزة و مكتملة * .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          الفرصة الاخيرة للكاتبة blue me *كاملة* المتسابقة الثانية** (الكاتـب : ميرا جابر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-17, 07:01 PM   #1

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25 سارتان وأمل ..!،بقلم/ MeEm. M،سعوديه فصحى (مكتملة)





بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية

(( سارتان وأمل ..!))

بقلم/ MeEm. M




رواية الكاتبة الأولى

العقاب

قراءة ممتعة للجميع ...


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 06-03-17 الساعة 09:02 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 18-01-17, 11:11 PM   #2

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t369729.html#post12034206


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , صباح الخير .

بعد أن أنزلت روايتي ( العقاب ) في المنتدى , تحمست لتنزيل الأخرى ( سارتان وأمل ) مع أنني لم ألقى ذلك التفاعل .
أرجو أن تكون هذه قد تنال على إعجابكم .

إن رأيت تفاعلا أكملت , وإلا ..... لا أعلم ماذا سأفعل

أترككم مع الجزء الأول .


*************************



( الجزء الأول - بعض الخيبات )


سارة فتاة في الثانية والعشرين من عمرها ، متخرجة من الجامعة من قسم ( التربية الخاصة ) .
وبسبب جمالها ، أقبل على أهلها الكثير ممن يريد الزواج منها ، ولكن بحكم أنها إبنتهم الوحيدة المحبوبة ، رفض أهلها تزويجها وهي لا تزال طالبة .
كما أنها هي أيضا ترفض الفكرة بشدة ، لأنها رأت فتيات من جيلها تزوجن وهن في سنهم الدراسي ، وقد أدّى ذلك إلى إخفاق درجاتهم السنوية ؛ وهي لم يعجبها ذلك الشيء أبدا .

وحتى بعد تخرجها من الجامعة ، كانت لا تزال رافضة فكرة الزواج إلى أن تحصل على وظيفة تشعرها بأنها حقا قد درست واجتهدت .. ومن ثم تشعر بالرضا على نفسها .


ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه .
ففي أحد الأيام وبينما هي في إحدى المناسبات الأكاديمية في مدينة ' تبوك ' .. رأتها إحدى المسؤولات وقد أعجبت بها وبأخلاقها وأسلوبها في التعامل مع الآخرين ، ولا شك بأنها قد أعجبت بجمالها أيضا .
تحدثت معها المرأة وتعرفت عليها ، وهي تتخيلها زوجة لإبنها ' تركي ' مستقبلا !
وتبادلتا أرقام هواتفهما ، مع أن ' سارة ' لم تكن مرحبة بهذه الفكرة ، ولكنها اضطرت لمجاملة هذه المرأة الطليقة اللسان ، وطيبة القلب .

?
?
?


يوم الأحد .
المدينة ، 7 صباحا .



غادرت ' سارة ' مدينة تبوك بعد يومين من حضورها تلك المناسبة ، وفوجئت بإتصال من والدة ' تركي ' .
والتي طلبت من ' سارة ' إعطاء الهاتف لوالدتها .
سألتها سارة عن السبب ، خوفا من أن تحدث والدتها بشأن الزواج ، استغربت والدة ' تركي ' من ' سارة ' التي أبت أن تعطي والدتها الهاتف قبل أن تعرف السبب .
أخبرتها والدة ' تركي ' بأنها ترغب في تزويج إبنها من ' سارة ' .


تلعثمت ' سارة ' وترددت قبل أن تقول ( إعذريني خالتي ، هذا أمر مستحيل .. أنا لا أرغب بالزواج في هذا الوقت ، فأنا لم يمضِ على تخرجي سوى بضعة أشهر ، وأمي مريضة لا أستطيع التخلي عنها ، خاصة وأني من المدينة ، وتبوك بعيدة عنها تماما ) .

قالت لها والدة ' تركي ' ( ولماذا ترفضين بهذه السرعة ، أعطِ لنفسك فرصة التفكير والإستخارة ، وأمك كما أخبرتِني .. لديها ممرضتها الخاصة ، أما عن بعد المدينة عن تبوك ؛ فهذا أمر سهل ، الطائرات تقرب البعيد ) .

سارة ' بحياء وتردد ' ( ولكني لا أستطيع ) .

تنهدت والدة ' تركي ' وهي تقول ( أنتي لستِ مجبرة يا سارة ، وأنا لن أحدّث والدتك الآن ، ولكنك عدِيني بأنك ستفكرين في الأمر .. سارة ، أنا أحب إبني ' تركي ' كثيرا ، ولن أرضى أن أزوجه إلا فتاة مثلك ، أشعر وأكاد أجزم انكما خلقتما لبعضكما ، فكري جيدا يا سارة ، ابني شاب طموح مثلك ، فهو يحسن إدارة شركة عائلتنا بشكل كبير ، وأيضا هو فارس أحلام الكثير من الفتيات ، وأنا متأكدة بأنك ستُعحبين به ما إن رأيتِه ، سأرسل لك صورة له ، وأنتي فكري جيدا واستخيري ، سأدعك الآن ) .

قاطعتها ' سارة ' قائلة ( مهلا خالتي ، الأمر لن يسير بموافقتي وحسب ؛ فإخوتي أيضا لا يرغبون في تزويجي ، حتى وإن أعجبهم إبنك ، فسوف لن يعجبهم أمر إبتعادي عنهم وعن والدتي ؛ فهم يحبونني بشكل غير معقول ويخافون علي ، لأني إبنتهم الوحيدة ) .

والدة ' تركي ' مصرة ( شرحت لك الأمر مسبقا يا سارة ، لن أطيل عليك ، إنتي فقط فكري ، وسأحدثك بعد أسبوع من الآن لأعرف رأيك ، فإن شعرتِ بالرضا حدثت والدتك ، أستودعك الله يا إبنتي ).


أبعدت ' سارة ' الهاتف عن أذنها وهي مندهشة ومتعجبة من إصرار والدة ' تركي ' .
ونظرت إلى هاتفها بسرعة حين وصلتها رسالة من والدة ' تركي ' والتي لم تكن سوى صورة ' تركي ' .
أطالت ' سارة ' النظر إليها ، وهي تشعر بخفقان قلبها ودقاته السريعة والقوية ، ثم استعاذت وهي تغلق الهاتف .

نظرت أمامها وهي تفكر ، سيتكرر هذا الأمر كثيرا ، كما تكرر في السنوات الماضيات ، أحيانا تشعر بأنها عليها الزواج فور أن يتقدم لها ' شاب ' حسن الصفات .
وأحيانا تفكر بأنها لا تستطيع الإبتعاد عن والدتها أبدا .

تنهدت وهي تتذكر إعجابها بإبن خالها ، والذي لا يفكر بالزواج هو أيضا .... فهو يسعى للوصول إلى أعلى القمم ، ومن ثمَّ هي لا تصغره سوى 3 سنوات ، ووالدته لا تعجبها فكرة زواجه إلامن فتاة تصغره 7 سنوات على الأقل !



قامت من مكانها وتوجهت داخل البيت ، وذهبت إلى حجرة أمها فورا .. قبلت وجنتها وحضنتها وهي تشعر بالضيق ، وحمدت الله أن كانت أمها نائمة ، فهي لا تملك أجوبة على أسئلة أمها التي تقصد بها الإطمئنان عليها ، بل تملك نظرة مكسورة ودمعة حارة ... تحرق قلب أمها .


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •


تبوك ، الثامنة وربع صباحا .


لا يزال مذهولا ومصدوما من حديث أمه الذي سمعه صدفة وهو يخرج للدوام ، من هذه التي أحبتها أمي إلى هذه الدرجة ، وتحاول إقناعها بي !
وهي لمَ كانت ترفضني دون أن تعرفني أو دون أن تفكر ، هل فعلا لأن تبوك بعيدة عنها ؟ أم أن هناك سبب أخر كالذي لديّ !
هز رأسه وهو يستغفر .
ثم انشغل بالأوراق التي أمامه ، أو تظاهر .
فقلبه يحترق على نفسه وعلى تلك ، وعقله مشغول بالفتاة التي حدثتها والدته .
سارة !
سارة لن تكون سارّة أبدا ، بل إعادة لجروح الماضي ...
دخل عليه صاحبه المقرّب وهو لم يكن مستغربا من عدم إجابته على طرقه الباب ، فدائما ما يكون مشغول البال والخاطر .


جلس أمامه ونظر إليه بصمت لعدة ثوانٍ ثم تنهد وقال ( ألن تحضر الإجتماع ، تبدوا متضايقا ) .

تنهد ' تركي ' قائلا ( بلى سأحضر ) .

صديقه وهو يتفحص ملامح وجهه ( ماذا حصل ؟ ) .

' تركي ' ( أمي ) .

صديقه ( مابها ؟ ) .

' تركي ' ( لا تريد أن تطيع رغبتي ، اليوم سمعتها تُحدّث إحداهن ، وتقنعها بأن تفكر فيّ ، أتدري ما كان إسمها ؟ سارة ! ) .

فتح ' فارس ' عيناه مندهشا مما سمع ، ثم ضحك وهو يقول بمرح ( ربما تكون هي محبوبتك ) .

ابتسم ' تركي ' بألم وهو يقول ( لا ، ليست هي .. فهذه كما علمت من حديث أمي لها ، أنها من المدينة ، وتلك لم تنتهي من دراستها بعد ! ) .

فارس ( تركي ، لمَ لا تصارح أمك وتخبرها بالحقيقة ؟ لتريح نفسك وتريحها ، أمك ستجبرك على الزواج طالما كنت صامتا ولا تعطيها سببا مقنعا لرفضك ، ولا ألومها على ذلك ، غدا ستتقاعد وستحتاج من يجلس معها ويؤنسها ، وهذه الفتاة إن وافقت ستأتي إلى الجحيم ، أنقذها قبل أن تفكر بالإرتباط بك ) .

شبك ' تركي ' يديه وهو يعود إلى الوراء قليلا ( هل جننتَ يا فارس ، كيف تريد مني أن أفعل ذلك وأنا إبنها الوحيد ، لا أطيق رؤية الألم بعيناها يا فارس ) .

فارس ( لكنك ستطيق رؤية الألم بعينا إبنة الناس ! ) .

تقدم ' تركي ' نحو الأمام وهو يقول ( لن أتزوج يا فارس ، وأرجوك أن تقفل الموضوع ) .

وقف ' فارس ' ( حسنا كما تريد ، والآن قم نسير إلى قاعة الإجتماع ) .



•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•


بريطانيا ، الثامنة مساء .


دخلت إلى مسكنها وهي وصديقاتها وهي تشعر بالملل ، ألقت بجسدها المتهالك على سريرها وأخرجت هاتفها تنظر إلى صورته وتتلمسها .
كم كان قاسيا حين هجرها ، كم كان متحجر القلب !
ولكنها لا تستطيع أن تكرهه أبدا .
قد كان ذات يوم الملجأ ، والصدر الطيب ، والعين الحانية ، والبلسم لجروحها .
لم تبكِ منذ عودته إلى دياره ، ولن تبكِ أبدا ، مهما اشتاقت إليه ، ومهما أوجعها الحنين .
فهي تعتقد أنها ستجرحه إن فعلت ذلك ، فهو وهبها كل ما يملك حين كان معها .
ولكن سؤال واحد بات يزعجها منذ رحيله ، لم يجاوب عليه هو ، ولا تفكيرها المتواصل .
لمَ ! لمَ تركها بعد أن أصبحت مجنونة به ؟
هل هي لا تستحق السعادة حقا ؟


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•


يوم الثلاثاء .

تبوك ، الخامسة عصرا .

بعد يومان ....


صعدت إلى حجرتها للتو بعد أن تلقت الصدمة ، كيف ' تركي ' يخطب سواها ، وكيف يرضى !
ألم يكن ممانعا للزواج !
ظننته يبادلني الحب هو الآخر ، وأنه يرفض الزواج حتى أنهي دراستي .
بل أنا متأكدة من أنه يحبني ، وإلا ماذا يعني إهتمامه بي ؟ وإطمئنانه علي بين حين وآخر ؟ وإتيانه إلى بيتنا كثيرا بحجة الإطمئنان على أمي وأخي الصغير !
جميعهم يقولون أنه مغرورا ، وأنا أراه عكس ذلك تماما .
أخذت هاتفها واتصلت على إبنة خالتها وهي تنتفض من القهر .

ردت عليها الأخرى بصوت ناعس ( خيرا ، ماذا تريدين في هذا الوقت ! ) .

قالت ' أحلام ' منفعلة ( لا تقولي بأنك نائمة ، قومي أريد أن أحدثك عن مصيبة ) .

جلست ' نجلاء ' بملل وهي تتثاءب ( نعم ! مصيبة ، من أي نوع ) .

أحلام ( لست بمزاج يتحمل خفة دمك ، تركي سيتزوج ) .

اعتدلت ' نجلاء ' في جلستها وهي تقول ( كيف ؟ ومن هي تعيسة الحظ هذه ) .

أغمضت ' أحلام ' عيناها بشيء من القهر ( ستكون تعيسة حظ لأنها ستأخذ رجلا قلبه ملكي ، وليس لأنه مغرورا كما تقصدين ، أما من هي ، فتقول خالتي أنها إحدى الفتيات الأكاديميات ، وقد حضرت إحدى مناسباتها وأُعجبت بأخلاقها وجمالها ، وهي ليست من تبوك ) .

ضحكت ' نجلاء ' ( أكاديمية ! إذاً فاعتبري أن الزواج قد تم ) .

صرخت ' أحلام ' بقهر ( نجلاء ! لا تقهريني أكثر ، نعم أنا أعرف مدى حب خالتي لمثل تلك الفتيات ، ولكن تركي يحبني وأحبه ) .

نجلاء ( تحبينه ! نعم وبجنون ، يحبك .. قلت لك مرارا أنه لا يفكر بك أبدا ) .

أحلام ( بلى يحبني ، وإلا لماذا يهتم بي سواكم ) .

نجلاء ( لأنك يا إبنة خالتي العزيزة يتيمة ، وليس لديك إخوة ، وهو يشعر أن سؤاله عنك واجب .. ليس إلا ! ) .

أحلام ( أنتي فقط تريدين أن تحطميني ، إن استيقظتي جيدا حدثيني ، مع السلامة ) .


قذفت بهاتفها بعيدا وهي تشعر بأن دموعها ستسقط .
وقفت أمام المرآة وهي تنظر إلى نفسها ، كانت فتاة جميلة ، رشيقة القوام ، طويلة .. شعرها الأسود يصل إلى نهاية ظهرها ، وعيناها الواسعتان تحيطان برموش طويلة وكثيفة .. ولون بشرتها أبيض يميل للإحمرار ، ملامحها عربية وجميلة .
كل ما فيها جميل ، ويلفت الإنتباه .. سوى نسبِها الذي تكرهه ، فوالدها كان أحد الفراشين في شركة جدها والد أمها ، ولكنه بعد زواجه من أمها أصبح من الأثرياء ، خاصة وأنه حصل على الجنسية السعودية ، وما لبث أن مات بعد أن أنجب ثلاث بنات وإبن ، حين كانت تبلغ من العمر 11 سنة .
وبعد ذلك هرع إليهم أقارب والدها ' الباكستانيين ' من أجل الورث ، حتى كادوا يصلون إلى ' الإفلاس ' لولا لطف الله بهم ، وعلم والدتها بحملها ب' ولد ' .
قريباتها جميعهن من عائلات راقية وكبيرة ، وقبائل شريفة .
أما هي ... لا تنتمي لأي قبيلة عربية ، لذا تشبثت بحلمها بإبن خالتها ' تركي ' .



•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•°•



يوم الجمعة .

المدينة ، التاسعة والنصف مساء .

كانت تستمع إلى حديث ابنة خالها بملل ، وتشعر بالنعاس ، إلى أن قالت لها ذلك الخبر الذي زلل كيانها .
روابي ( سيأتي مشعل بعد عدة أيام ، ليملك على ' ليان ' ابنة خالتي ثم يعود ليكمل دراسته ) .
وماذا عنها !
كانت طوال الأسبوع تفكر في ' تركي ' وطلب والدته ، كانت تشعر بتناقض شديد ، ولكنها أخيرا استقرت على قرار واحد ، وهو أن ترفضه وتنتظر مشعل .
ولكن هيهات هيهات .. لا بد أنها ستضطر إلى الموافقة ، خاصة وأنها حين تنظر إلى صورته تشعر بأنه هو فارس أحلامها .. نعم ، متناقضة جدا .
ذهبت إلى حجرة أمها بعد أن غادرت ' روابي ' منزلهم .
رقدت بجوارها وهي تقبل يدها ، وتفكر ...
غدا ستتصل لتسألني عن رأيي .
أشعر بأني ضائعة ، لا أستطيع الإهتداء إلى ما سيريحني ويريح قلبي .

نامت دون أن تشعر ، واستيقظت على صوت المنبه .
صلت الفجر وهي تدعوا الله من قلبها ، بأن يهديها للرأي الصائب .
بكت وهي تشعر بأنها عاجزة ، أصبح زواجها بهذا الوقت غير محال ، فقد خُطِبت قبل يومان أيضا .
وهي تشعر بأنها ستموت إن ابتعدت عن والدتها ، وأنها ستترك والدتها للمجهول ، وأنها بزواجها ستصبح ' عاقة ' غير بارّة بوالدتها ، تفكر في مصلحتها هي فقط .
قاطع خشوعها رنين هاتفها ، كانت والدة ' تركي ' ، ردت عليها بصوت مبحوح .
وبعد أن اطمأنت عليها سألتها عن رأيها ، وقالت وهي مغمضة عينها أنها موافقة ، ثم بعد أن أغلقت .. أخذت تبكي بقوة .
ثم سجدت لله باكية ، تشكوا إليه ضيقها رغم كل النعم التي أنعم الله به عليها ، ورغم حب الجميع لها .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•


يوم السبت .

الرياض ، السابعة صباحا .


كانت ' أريج ' تنزل من السلم وهي تحمل عبائتها بيدها اليمنى ، والحقيبة بيدها اليسرى .
كانت بقمة أناقتها ، وإبتسامتها لا تفارق محياها .

رأتها أختها ' وعد ' الجالسة في الصالة ، وفي حجرها ابنتها التي تبلغ من العمر سنتين ونصف ، وقالت بصوت عالٍ ( أراك فرِحة ، إلى أين ؟ ) .

ابتسمت ' أريج ' ( سأخرج مع زوجي ، نتمشى قليلا ونعود ، أرجوك أن تلهي ' سعد ' حتى لا يشعر بغيابي ) .

وعد ( لكِ ذلك ، ولكن عديني بأن تفعلي ما أريد فور عودتك ) .

أريج ( حسنا .. أعدك بذلك ' وابتسمت حين سمعت رنين هاتفها ' ها هو ذا ) .

وعد ( أسعدك الله معه ) .

نظرت ' أريج ' إلى أختها بألم ثم قبلت جبينها وخرجت بعد أن ارتدت عبائتها .


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•°•



تبوك ، الثامنة والربع صباحا .

جن جنونه حين أخبرته والدته بموافقتها ، وأسرع إلى سيارته متجاهلا نداء والدته .
كان يدعو بأن لا توافق ، وكان يتمنى ذلك كثيرا .. ولكن مراده لم يحصل .
وهذه المرة لم تأخذ والدته رأيه .
حسنا .. فليحصل ما يحصل ، وتلك الفتاة ستتحمل هي لوحدها نتيجة موافقتها .
اتصل على ' فارس ' وأمره بالتوجه إلى المقهى الذي اعتادوا ارتياده .
ولم يخيب ظنه فارس ، فلم يمر سوى ربع ساعة حتى أتاه .
جلس أمامه صامتا وانتظر منه التحدث .

رفع ' تركي ' رأسه ببطء وقال ( وافقت سارة ) .

تنهد ' فارس ' بغضب ( يعني لم تستطع إقناع أمك هذه المرة ، حسنا ... لمَ لم تخبرها بالحقيقة يا تركي ، ماذنب تلك الفتاة المسكينة التي لا تعلم عنك شيء ) .

تركي ( لم يكن بيدي شيء ، أنا لا أستطيع تحطيم أحلام أمي بيدي ) .

فارس بغضب ( ستسوق ابنة الناس نحو الجحيم يا تركي ، كم عمرها ؟ ) .

' تركي ' بهدوء ( إثنان وعشرون ) .

حدق إليه ' فارس ' بدهشة ( إثنان وعشرون ! هل أنت صادق ؟ ) ووقف بقوة حتى سقط الكرسي الذي جلس عليه ( إن لم تكن شجاعا بما يكفي ، فأنا سأخبر والدتك بالأمر ، أنا آسف .. لا استيطع أن أسكت أكثر ) .

' تركي ' وقف هو الآخر بغضب ( إن فعلت ذلك فسينتهي كل ما بيننا ) .

خرج ' فارس ' من المقهى وهو يشعر بحرارة تعلو صدره .
جلس ' تركي ' متهالكا ، يشعر بأنه ضعيف .. وجدا .


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•



تبوك ، التاسعة إلا ربعا صباحا .


دخل إلى المنزل وهو غاضب ، ولا يكاد يرى شيئا أمامه ، كان ينوي الصعود إلى حجرته ، ولكنه توقف عند أول سلم وأطلق ضحكة صاخبة ... حين رأى طيفا يختفي بسرعة تحت السلالم .

ابتسم ' فارس قائلا ' ( هل هذه أنتي يا نوف ، لقد اشتقت إليك كثيرا ، لم تأتينا منذ زمن ) .

أغمضت ' نوف ' عيناها بخجل قائلة ( من يسمعك يقول بأنك دائم الذهاب لمنزلنا ) .

فارس ( فلتعذريني يا إبنة عمتي ، فأنتي تعلمين كم أنا منشغلا في هذا الوقت ) .

نوف ( لم تقل شيئا جديدا ) .

تنهد ' فارس ' بحب وهو يقول ( نعم ، أنتي محقة .. ولكني / أحبك ) .

صمتت ' نوف ' ولم تقل شيئا ، ونبضات قلبها تتسارع .

خرجت ' آلاء ' من المطبخ وهي تحمل كوبين ، وابتسمت حين رأت هذا المنظر .
آلاء ( يا إلهي ، أخشى أنني قطعت عليكما حديثا شيقا ) .
ابتسم الإثنان .. وصعد فارس إلى حجرته .

آلاء ( ماذا حدث ) .

نوف ' بخجل ' ( لا شيء ، فقط أخبرني بأنه يحبني وأنه دائم الإنشغال ) .

ضحكتا الفتاتان وتوجهتا نحو حجرة ' آلاء ' .

أما الآخر ، فقد دخل إلى حجرته واستلقى على سريره وهو لا يزال ببذلته الرياضية ، وابتسم وهو يحاول تذكر ملامح ابنة عمته وخطيبته ' نوف ' .
والتي خطبها منذ 5 سنوات تقريبا .
لم يرها في تلك السنوات الفائتة أبدا ، فهي فتاة خجولة جدا وطيبة ، وإن كانت تصغره بسنوات كثيرة .
هو يبلغ من العمر واحد وثلاثون ، أما هي ... فــ عشرون .
لم يكن ينوي الإرتباط بها ، ولكن هي العادات والتقاليد ، حيث أوقعته هو دون إخوته ، فكل واحد منهم تزوج من الفتاة التي أحبها أو أعجب بها .. أو حتى كانت بالصفات التي أرادها .
كان غاضبا بعض الشيء حين تمت الخطوبة ، حيث كان عمرها لا يتعدى الخامسة عشر ، وهو في السادسة والعشرون .
ولكنه الآن ... يشعر بأنه سيكون الأسعد بين إخوته .
ف أخيه الكبير ' أحمد ' والذي تزوج من فتاة أحبها حين كان يكمل دراسته في الخارج ، أصبح كالخاتم في أصبعها .
أما الآخر ' سالم ' والذي تزوج ابنة عمه التي أحبها أيضا ، ليس سعيدا معها ، لأنها دائمة الشكوى لأهلها لأتفه مشكلة ، وهذا قد يسبب المشاكل بين العائلتين .
أما أخيه الذي يصغره ، والبالغ من العمر السابعة والعشرون ' خالد ' ، والذي تزوج من موظفة ( كما كان يأمل ) أصبح يعاني ، لأنها مهملة لبيتها وأولادها وزوجها .

أما هو ، لم يحب ' نوف ' من أجل جمالها أو دلالها حتى يصبح خاتما في يدها ، وهي كما يقول الجميع " عاقلة ورزينة " لن تشتكي لأهلها ، وليست موظفة كي تهمل بيتها .
سيتزوجها تبعا للتقاليد ، وكان حظه طيبا حين كانت من نصيبه ' نوف ' .




•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°



مر أسبوعان ، وتم موضوع ' تركي وسارة ' وحدد موعد الملكة ، والذي كان بعد أسبوع بالتمام .
ولم يطالب ' تركي ' بحقه ، وهو ' النظرة الشرعية ' .
وكانت ' سارة ' سعيدة بهذا الشيء .


?
?


يوم الإثنين .
تبوك ، الرابعة والنصف مساء .
جُنَت ' أحلام ' حين علمت بالخبر .
فأسرعت إلى بيت خالتها دون أن تفكر في العواقب ، دخلت المنزل وتوجهت بغضب إلى ' تركي ' الذي يجلس لوحده سارح البال .

' أحلام ' غاضبة ( ماذا تظنك فاعل ؟ ) .

وقف ' تركي ' مستغربا منها ( أحلام ! ماذا تقصدين ؟ ولمَ أنتي غاضبة ؟ ) .

أحلام ( إذا كنت تنوي الزواج من فتاة أخرى ، إذا لماذا تجعلني أحبك ؟ ) .

نظر إليها ' تركي ' مندهشا ( أجعلكِ تحبينني ! لا بد من أنك فقدتي الصواب ) .

' أحلام ' ( أنا لم أفقد صوابي أبدا ، بل هذا الحق ، جعلتني أحبك بتصرفاتك معي ، والتي كانت دليلا على حبك لي ) .

ضحك ' تركي ' غير مصدق ( لا أظنك جادة في قولك ، عن أي تصرفات تتحدثين ؟ ) .

' أحلام ' ( أتحاول الإنكار يا تركي ، كنت دائم الإطمئنان علي والسؤال عني ، وكنت تأتي إلى منزلنا بإستمرار ، ألا تدل هذه الأشياء على حبك لي ) .

' تركي ' ( أنتي مخطئة يا أحلام ، لم يكن إهتمامي بك سوى من باب الواجب وتقديم المساعدة ، أنا لم أحبك أبدا ) .

أدمعت عينا ' أحلام ' ( نعم ، كان واجب عليك تقديم المساعدة لإبنة الباكستاني ، سامحك الله ) .

وغادرت المنزل وهي تذرف دموعها .
جلس ' تركي ' وهو يضغط رأسه بيديه ، ألم تجدي غيري يا أحلام كي تحبيه ؟ يكفيني ما بي ، مالذي جعلك تأتين في هذا الوقت وتزيدين من آلامي وحسرتي .

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°



بريطانيا ، السابعة مساء

كانت سعيدة جدا حين نودي لرحلتها إلى السعودية ، وإلى ' تبوك ' بالتحديد .
حيث والدتها وإخوتها ، وقلبها ..!
ظلت تدعوا الله سرا بأن ترى حبيبها .
لم تنهي دراستها بعد ، ولكن الحنين قد أزعجها وحرمها من النوم .
توجهت إلى منزل والدتها برفقة خالها ، واستقبلتها والدتها بالدموع .
وبعد يوم طويل ومتعب صعدت إلى حجرتها واستلقت على سريرها تحاول النوم ، ولكن النوم قد جافاها وأصبحت تفكر فيه .
هل ستراه قريبا ؟ كيف ستكون ردة فعله إن رآها ؟ هل سيعودان كما كانا ؟
حضنت مخدتها وهي تبتسم لذكراه .
كان هو الوحيد الذي شعرت معه بالسعادة ، وشعرت بأنها فعلا تستحقه .
لكنه تركها ، لتعود هي إلى واقعها المؤلم .
لا بأس ، قد حصل ذات الشيء مع والدتها ، وتحملت .
وهي أيضا ستتحمل ، إن تركها للأبد .




•°•°•°•°•°•°•°•



التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 06-03-17 الساعة 09:35 AM
فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 26-01-17, 02:11 PM   #3

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°


( الجزء الثاني - بداية أمل )


المدينة ، العاشرة والنصف مساء

علقت فستانها أمامها وأخذت تنظر إليه وتتفحصه ، ثم صارت تتخيل نفسها به ، وتتخيل ' تركي ' بجوارها وتبتسم .
لم تكن تعلم أنها ستشعر بالسعادة حين تجهز لملكتها .
استلقت على ظهرها وهي تحضن مخدتها ، وأفكارها تأخذها إلى اليوم الموعود ، والذي لم يتبقى لمجيئه سوى يومين .
ليست هي فقط من ستصبح ملكا ' لتركي ' ، فبعد يومان من ملكتها ، ستصبح ' ليان ' ملكا ' لمشعل ' .
تنهدت وهي تحاول إبعاد ' مشعل ' عن عقلها وقلبها .
نامت وهي تستودع الله أحلامها .


•°•°•°•°•°•°°•°•°°•°� ��°


الرياض ، التاسعة مساء .


تجلس مع إخوتها وقلبها مشغول على زوجها الذي لم يتصل منذ الصباح ، ولم يستجيب لإتصالاتها هي .
استأذنت منهم وصعدت إلى حجرتها قلقة .
أخذت تتصل عليه مرة أخرى .
ولكن دون جدوى .
جلست وهي تتذكر أول لقاء بينهما ، وكيف أحبا بعضهما بجنون ، وكيف هي تغاضت عن عيوبه ورضيت به رغم منع الكثيرين لها من حولها على عدم الإرتباط به ، ولكنها لم تلقِ لهم بالا .
وقفت أمام من يتصدى لعلاقتهما ، محتجة بأنه سيتغير لأجلها .

رأته أول مرة في أحد المولات ، حيث كان يمشي خلفها ويتبعها أينما ذهبت ، حتى حين أصبحت لوحدها قال بحياء مصطنع ( هل سمحتي لي يا أختي ، أنا لا أريد أن أزعجك ولا أعاكسك ، فقط أريد رقم والدك كي أطلبك منه ) .

تفاجأت ' أريج' جدا من طلبه ، ولكنها لم تترد أبدا في إعطائه رقم والدها .

كانت تنتظر اللحظة التي يأتي فيها والدها ليفاتحها بموضوع الشاب الوسيم ، حتى مر أسبوعان ولم يحصل شيء .

وبعد ذلك كانت في أحد الأماكن العامة ، حيث رأته يجلس مع أصحابه ويمرح .
لم تحرك عيناها من عليه ، ومشاعر غريبة تراودها .
إلى أن انتبه إليها وعرفها , فهي لم تكن تغطي وجهها .

توجه إليها مطأطأ الرأس خجلا وقال ( أنا آسف لأنني لم أتصل ، كنت مشغولا بعض الشيء ، ولكنني أعدك بأن أتصل هذه الليلة ، بالمناسبة ... ما إسمك ؟ ) .

قالت ' أريج ' خجلة ( إسمي أريج ) .

ابتسم ( أريج ، إسمك جميل ، أنا مازن .. أتمنى أن يوافق والدك على زواجي منك ) .

وبالفعل ... حدث الشاب والد أريج ، وتمت الموافقة ، وحدد موعد الملكة .

وفي ذات ليلة وبينما ' أريج ' تجلس مع أختها ' وعد ' الأرملة .

دخل أخيها ' سعد ' المنزل وقال ( أريج ... انسي أمر زواجك من ذلك السافل ) .

انصدمت ' أريج ' من قوله ( ماذا ؟ ولمَ ! ) .

سعد ( علمت أنه زير نساء ، ولم تبقى فتاة ساقطة في الرياض إلا ولها علاقة بمازن ) .

أريج ( لا بد من أنك تمزح ، أنا لن أصدق ما تقول ) .

' سعد ' ( صدقي أو لا تصدقي ، زواجك منه لن يتم ) ثم صعد إلى حجرته غاضبا .

وقفت ' وعد ' ( لا عليك يا أريج ، سيأتيك من هو أحسن منه ) .

' أريج ' ( أنا لا أريد سواه يا وعد ، فقد أحببته ، وإن كان كما قال سعد ، لم يتقدم لخطبتي دون أن
يعلم عني شيئا ، لا شك أن من أخبر ' سعدا ' بهذا الأمر ، يكره ' مازن ' أو شيء من هذا القبيل ) .

' وعد ' ( لا أعتقد أن ' سعد ' يصدق أي إشاعة دون التأكد منها ) .


وبعد أن عاد والدها من العمل ، أخبره ' سعد ' بما سمعه عن ' مازن ' ، وأتت إليه ' أريج ' تبكي وتكذب أخاها ...

استغرب الجميع من فعلتها ، ثم توجهت أنظار الجميع نحو ' سعد ' حين قال ( لا تقولي بأنك على علاقة معه ) .

شهقت ' أريج ' وهي ترجع إلى الخلف ( ماذا ؟ ماهذا الذي تقوله يا سعد ، أنت من تربيت وكبرت على يدك ، تتهمني بهذا الإتهام ؟ ثم إني لا أملك هاتفا ، ولا أخرج كثيرا من المنزل ) .

' سعد ' ( حسنا لماذا تريدين الزواج منه وقد علمتي أنه ليس بالشخص الذي يناسبك ) .

' أريج ' ( لا أعلم ... فقط أريد الزواج منه وحسب ) .

قطع والدهم نقاشهم قائلا ( لن يحصل إلا ما تريدينه يا إبنتي ) .

ذهبت ' أريج ' إلى والدها سعيدة وأمسكت بكفيه ( حقا أبي ! )

والدها ( نعم ) .

وقف ' سعد ' ينظر إليهم غير مصدق ( أبي ... هل أنت جاد ، كيف تزوج إبنتك شابا سيء السمعة كمازن ؟ ) .

والده ( هي علمت بذلك يا سعد ، وما زلت مصرة ، وهي ليست صغيرة يا ولدي ) .

' سعد ' غاضب ( لا ، لا أصدق ما يحصل ... ستندمين يا أريج ، فكري جيدا ) .

' أريج ' ( سأستطيع تغييره بيدي يا سعد ، فليعينني الله ) .

خرج ' سعد ' المنزل غاضبا ولم يعد سوى بعد يومين ، وعيناه مليئتان باللوم والحسرة على أخته الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها التاسعة عشر .
أخته هذه التي ماتت والدته بعد ولادتها فورا ، ولم تشعر باليتم أبدا بالرغم من أن والدهم لم يتزوج بأخرى .
ولكن إخوتها لم يتركوها حتى تشعر بالحرمان .
كانت فتاة جميلة ، مدلّلة .. !
كيف الآن تذهب بإرادتها إلى الجحيم .
وبينما كانت في السوق مع صديقتها ، رأت مازن وبجواره فتاة " متلثمة " تلبس عباءة ضيقة ، وعيناها ملفتة للنظر بسبب مكياجها الصارخ والعدسات الملونة ، كان يميل إليها ويهمس إليها ببعض الكلمات فتضحك وتتمايل .
عكست طريقها سريعا كي لا يعرف أنها رأته .
وتكرر ذلك الشيء كثيرا بينما هي تجهز لتلك المناسبة ، وسمعت عنه أشياء سيئة من كل حدب وصوب .
ولكنها لم تعرف لمَ هي باتت معلقة به رغم رؤيتها له بمناظر لا يرضيها .

كانت بعض الأحيان تقول لنفسها أنه شاب مسكين ، لم يجد من يوجهه وينصحه ، وهي ستكون أنسب شخص لهذه المهمة ، ستتزوجه وستقوم بالمهمة على أكمل وجه .
ستساعده حتى يتخلى عن شهواته وعن الفتيات .
نعم ... هي أهلاً لذلك .

حتى تمت الملكة ، وكانت لا تصدق أنه هو من سمعت عنه الشائعات ، ورأته في الأسواق مع الفتيات .
كانت إحدى صديقاتها تقول أنه فقط يدعي المثالية لأنه لا يعرف أنها تعلم حقيقته ، كان دائم الشكوى من أخيها ' سعد ' الذي ينظر إليه بإحتقار دون سبب .
وهكذا استمرت علاقتهما سنتان .
وزوجها هو من يؤخر الزواج ، بحجة بناء بيت كبير لها ، وإيجاده لوظيفة محترمة توفر له المرتب الذي يليق بها كإبنة ' وزير ' .

كانت تصدقه دائما وتتغاضى عن عيوبه ، أحبته بجنون خلال هاتان السنتان ، وتمسكت به أكثر .
ما إن وضعت رأسها حتى نامت مرهقة من التفكير .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


يوم الخميس .
المدينة ، السابعة والنصف مساء .

جاء اليوم الموعود ، والكل مشغول .
أهل تبوك جميعهم قدموا منذ البارحة ، وأهل المدينة مشغولون بتجهيز حديقة المنزل والصالات الداخلية للمنزل منذ البارحة أيضا .
طلت سارة من نافذة حجرتها على الحديقة الخلفية لمنزلهم ، كانت الحديقة رائعة بشكلها الجديد .
الطاولات والكراسي منتشرة في أنحاءها ، والورود الطبيعة زادت المكان بهجة وحيوية ، والمكيفات الصغيرة والأنوار في كل ركن .

أما هناك عند الباب ، كانوا يقفون بعض الشباب الذين انتهوا من التجهيز لتوهم .
إثنان من إخوتها ، وأبناء عمومتها وخالاتها ، و .... مشعل .
الذي قدم من ' كندا ' لتوه ، وذهب إلى بيت عمته بعد أن تأنّق وتجهز .
حتى أنه لم يأخذ قسطا من الراحة .

نظرت إليه ' سارة ' طويلا ، ثم ابتعدت عن النافذة وهي تقول لنفسها ( لم يأتِ باكرا إلا لأنه يعتبرني أختا له كما كان يقول لي دائما ) .

ابتسمت وهي تتوجه نحو المرآة وتقف أمامها وتشعر بالرضا ( سأكون لمن هو أجمل منه وأحسن ) .

كانت سارة فتاة ذات جمال بسيط ، متوسطة القامة ، نحيلة الجسم ، شعرها البني يصل إلى نصف ظهرها ، عيناها تشبه عينا أمها الفاتحتان ، وكانت بيضاء البشرة .

كانت ترتدي فستانا باللون الوردي ، بأكمام طويلة ، ضيق من عند الصدر وحتى البطن ، ثم تتسع من بطنها حتى الأسفل .
وكتفاها مكشوفتان .. بسبب فتحة الصدر الكبيرة على شكل مثلث ، ونفس الشيء من ظهرها .
وشعرها مزين بتسريحة بسيطة ' مفردة ' .
ومكياجها أيضا كان بسيطا جدا .. كانت رائعة بما تحملها الكلمة من معاني .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°



تبوك ، العاشرة مساء .
كانت تنتظر مجيئه في المكان المعتادة رؤيته فيه منذ عدة سنوات ، ولكنه لم يأتِ !
ربما هجر هذا المكان أيضا ...!
وقفت وهي تنوي الرجوع ، ولكن لفت إنتباهها صوت مألوف ، التفتت إليه وابتسمت بسعادة .
نادته بصوت عال ( فارس ) .

التفت ' فارس ' إلى من تناديه وهو مندهش ، ثم ذهب نحوها وهو لا يزال مصدوما ( سارة ! ) .

ابتسمت ' سارة ' ( كيف حالك فارس ؟ ) .

' فارس ' ( بخير والحمدلله ، كيف حالك أنتي ؟ ) .

' سارة ' ( بخير ... آآآ كنت أود رؤية ' تركي ' ، وأظنه لن يأتِ ) .

أطرق ' فارس ' رأسه خجلا من فعلة صاحبه ( لا ، لن يأتِ ، فهو الآن في المدينة ) .

' سارة ' ( في المدينة ؟ ماذا يفعل هناك ، هل هي مهمة عمل أم ماذا ؟ ) .

قال ' فارس ' بعد صمت ( أبدا ، لديه مهمة خاصة به ) .

سكتت ' سارة ' وتود لو تعرف ما هي هذه المهمة الخاصة ، ولكنها لن تسأله ( فارس ، أود أن أسألك سؤالا ، وأرجوك أن تجيب بصراحة ) .

' فارس ' ( تفضلي ) .

قالت ' سارة ' بعد صمت وتردد ( تركي ، لمَ تركني ؟ ) .

رفع ' فارس ' رأسه وهو ينظر إلى ملامحها الحزينة ، تألم من أجلها كثيرا ( لديه أسبابه الخاصة يا سارة ، وأنا لا أستطيع إخبارك بها لأنه لو كان يريدك تعلمينها ما كان ليتركك حائرة ) .

تنفست ' سارة ' بعمق ثم قالت ( لا بأس ، أظنه سيعود إليّ يوما ما ) .

' فارس ' ( لا يا سارة ، أرجوك لا تعلقي نفسك بحلم كهذا ، انسي تركي ، وإلا سوف تعانين كثيرا ) .

اغرورقت عينا ' سارة ' بالدموع ( لمَ يا فارس ؟ أنا أحبه كثيرا ، ولم آتِ هنا إلا من أجله ، فأنا لم أنهِ دراستي بعد ، ولكنني فور حصولي على إجازة أتيت هنا لرؤيته وسؤاله عن السبب الذي جعله يتركني ) .

' فارس ' أغمض عيناه متألما عليها ( سارة ! اعتبريني أخا لك ، وتقبلي نصيحتي ، ابتعدي عنه وانسيه ) .

' سارة ' ( لا بد من أن أمر ما قد حصل ، أخبرني يا فارس ، حتى أقتنع أنه يجب علي نسيانه ، هل هو بخير ؟ أم أنه .... ارتبط بأخرى ؟ ) وتلاحقت أنفاسها رافضة هذه الفكرة .

عض ' فارس ' شفته السفلى ( لا أستطيع أن أخبرك عن شيء ، أنتي فقط حاولي نسيانه ، من أجلك يا سارة ) .

نظرت إليه ' سارة ' بضعة ثوانٍ ثم انصرفت قائلة ( هذا مستحيل ) .

جلس ' فارس ' على أحد المقاعد وهو يفكر .
ماذا فعلت يا صاحبي ، كسرت قلب هذه المسكينة ، والآن تقدم على كسر قلب ' سارة ' أخرى .
بالرغم من أن ما يفعله صاحبه " شنيع " إلا أنه كان يود الوقوف بجانبه ، ولكنه لم يستطع بسبب بعض الأعمال المهمة في الشركة .



•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•


المدينة ، العاشرة والنصف مساء .

كم كرِه نفسه أن وُضِع في مثل هذا الموقف ، كان ولا يزال يتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعه ، ولا يتم هذا الزواج .
أرغم نفسه وقال للشيخ أنه موافق .. ووقع ، ووقعت ' سارة ' _ وتمت الملكة بحمدالله .

كانت والدته تريد منه الدخول إلى الحديقة الخلفية حيث النساء ، ولكنه كان يرفض بشدة .
ولكنه لم يستطيع الممانعة حين لمس الحزن والضيق في صوتها بسبب رفضه .
دخل على مضض ، ووقف مع خالاته وعماته ينتظر ' سارة ' تنزل برفقة والدته بجوار الباب الخلفي للحديقة بجانب السلم .
كان قلبه يدق بسرعة ، حتى سمع صوت ' كعبها ' العالي .
وحين التفت الجميع حولها وهم ' يزغردون ' ( أو كما سمون ذلك الشيء ) ، لم يلتفت هو .
حتى قدمها والدته إليه وجعلته يمسك بكفها التي ترتجف .
ثم أخذت تذكر الله عليهما وتدعوا لهما بالتوفيق .
قبل رأس والدته التي يشع الفرح من عيناها ، وابتسم من أجلها .. ولم يكلف نفسه عناء الإلتفات والنظر إلى سارة .
خرج الإثنان على أنغام إحدى الزفات ، والأعين عليهما .
تقدما نحو المنصة البسيطة والمزينة بورود طبيعية .
كانت ' سارة ' ترتجف من الحياء والخجل ، وكانت تشعر ببعض السعادة .
أما هو ، فقد كان يشعر بالتوتر هو أيضا ، وشعور بالذنب يطغى عليه .
حتى انتصفا المنصة والجميع يصرخ .

كانا جميلين جدا ولائقان ببعضهما ، وابتسامتهما سحرت الجميع .
قدمت عمة ' تركي ' الصغيرة ' منال ' والتي تزوجت قريبا من رجل أعمال وهي تجر عربة بمساعدة اثنتان من الخادمات .
ثم سلمت عليهما وباركت لهما ، وأمرتهما بأن يقطعا ' الكعكة ' الكبيرة التي يتوسطها صورة لتركي .

أمسك ' تركي ' بكف ' سارة ' التي لا تزال مرتجفة ، وقطعا الكعكة وسط صراخ الفتيات .
ثم أمرته منال بأن يؤكل ' سارة ' قطعة ، غضب كثيرا ولكنه تجاهل شعوره .
تناول ' الشوكة ' من عمته والتفت إلى ' سارة ' ، ويا ليته لم يلتفت .
ظل ممددا الشوكة نحو فم ' سارة ' دون أن يقربها ، كان ينظر إليها بانبهار .
ثم انتبه ' لمنال ' التي قرصته بخفة .
انتبه لنفسه وقرب الشوكة من فم ' سارة ' التي ذابت من الخجل بسبب نظراته .
ثم ناولته هي قطعة ، وشربا العصير .
وألبسها العقد والخاتم ، وهي ألبسته الخاتم .

طلب من أمه أن يخرج بسرعة ، فهو متضايقا وخجلا بسبب كثرة النساء ، والحقيقة أنه تضايق من ' سارة ' .
وبعد ساعة ، أرادت ' منال ' أن يجلس ' تركي ' مع زوجته لوحدهما حتى يتحدثا ويأخذا حريتهما ، ولكنها تفاجأت حين قال بأنه مرهق ، وعاد إلى الفندق .
تضايقت ' سارة ' حين علمت بذلك ، ولكنها أعذرته ، ربما يكون تعِبا حقا .
ولم تنم طوال الليل وهي تفكر فيه وتنظر إلى الخاتم .


وفي مكان آخر ...

كان ' تركي ' مشغول البال بالسارتين ، الأولى _ محبوبته _ طويلة القامة _ لم تكن نحيلة ، ولم تكن بيضاء تماما ، وعيناها " سوداويتان ، لا تبتسم إلا قليلا ، ولكنها جميلة ... جميلة جدا ، بنظره هو فقط ، يكفيه أنها أحبته وأحبها دون أن يهتم أحد منهم لجمال الآخر .
في عيناها بعض الغرور .

الثانية _ زوجته - متوسطة الطول ، نحيلة ، عيناها فاتحتان ، ابتسامتها لم تغب عنها رغم التوتر الشديد الذي لاحظه فيها ، عيناها تشعان منها البراءة .
مظهرها أيضا يدل على أنها لم يسبق لها تجربة خائبة ، مؤلمة .

ستكون سعيدة ، فقط لو كانت لغيره .. أما الآن .
فالأمر مستحيل .
أشفق عليها كثيرا من نفسه ، ولكن الآن ... فسوف لن يفيد أي شيء .
قد ارتبطا ، وانتهى كل شيء !
وماذا عن قلبي ؟ قد لا أستطيع نسيان سارة الأولى ، فأعذب الأخرى .
وإن أحببت الأخرى ، سأعذب نفسي !
ماذا تفعلين الآن يا سارة ، هل نسيتِني ؟ أم أنك لا تزالين تعيشين مع ذكراي ؟ هل أن أنهيتِ دراستك ؟ هل ستعودين قريبا ؟ هل سأحظى برؤيتك لبعض الوقت كي أروي ظمأ قلبي ؟



•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°



المدينة ، الثانية صباحا


كانت ' أحلام ' تذرع الغرفة جيئة وذهابا .
تمددت ' نجلاء ' على سريرها بملل وهي تتثاءب ( نامي يا أحلام وأريحي نفسك ، قد تمت ملكته لتلك الجميلة ، أما أنتي ... فليرزقك الله من يقدرك ويقدر جمالك وطيبة قلبك ) .

التفتت إليها ' أحلام ' قائلة ( هل تسخرين يا نجلاء ) .

' نجلاء ' ( أنا لا أسخر يا أحلام ، ولكن أنتي من تأبين تقبل الحقيقة بالرغم من وضوحها ووقوعها ) .

' أحلام ' ( أشعر بالغيض * وجلست * نعم ، كيف لفتاة بسيطة مثل تلك تأخذ حبيبي مني ، لا بد من أن خالتي قد جنت حين فكرت بتزويج ' تركي ' من هذه الطفلة ، أكاد أفقد عقلي يا نجلاء ، لا أتخيلهما سويا ) .

اعتدلت ' نجلاء ' جالسة ( ألم تخبريني بأنه قد قال لك أنه لم يكن يحبك ، ومع ذلك تستمرين بقولك أنها قد أخذت حبيبك ، انسيه يا أحلام .. أرجوك ) .

' أحلام ' ( لا أستطيع يا نجلاء ، كان على خالتي أن تختارني دونها ' وابتسمت بألم ' ولكن كيف لها أن تفعل ذلك ، فنَسبي لا يليق بإبنها الوحيد ، وأقربائي ليسوا من العرب ) .

قامت ' نجلاء ' وتوجهت إليها ( نسبك يا إحلام لا يعيبك ، حتى وإن كان أصلك يعود إلى باكستان فأنتي سعودية ) .

' أحلام ' ضحكت متألمة ( هل تتخيليني مع رجلا باكستانيا ، وأبناء باكستانيون ، لكَم أحتقر نفسي حين أتذكر أني لست سوى إبنة لرجل كان ينظف شركة والد أمي ) .

' نجلاء ' ( لا تقولي ذلك يا فتاة ، لولاه لم تصلي إلى ما وصلتِ إليه ، وأبكِ بشر وعبد من عباد الله ,استعيذي من الشيطان ونامي ) .

استلقت ' أحلام ' ودمعتها عالقة في عيناها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


يوم الجمعة .


الرياض ، السادسة صباحا .
استيقظت على نغمة هاتفها ، والتي خصصتها ' لمازن ' .
اعتدلت جالسة وهي ترد عليه .

' أريج ' بلهفة ( مازن ، هل أنت بخير ، لمَ لم تحدثني البارحة ؟ ) .

ضحك ' مازن ' ( مهلا ، هل قلتُ صباح الخير ؟ ) .

ابتسمت ' أريج ' ( لا يهم ، والآن أخبرني ماذا حصل معك بالأمس ) .

قال ' مازن ' بصوت ملؤه التردد ( سامحيني حبيبتي ، فبالأمس كنت مشغولا مع والدتي التي تعبت فجأة ، واضطررت لأن أعمل عملا إضافيا كي أوفر المبلغ المطلوب لعلاجها ) .

' أريج ' ( ما بها والدتك ؟ ) .

' مازن ' بعد صمت دام لدقيقة ( مصابة بمرض في القلب ) .

شهقت ' أريج ' ( ماذا تقول يا مازن ؟ هل أنت جاد ؟ ) .

' مازن ' ( نعم حبيبتي للأسف ، لم أشأ مضايقتك ، ولكن الحقيقة لا مفر منها ) .

' أريج ' ( لا عليك عزيزي ، إن لم أشاركك همومك فمن ذا الذي سيشاركك ، وماذا سيفعلون لها ؟ ) .

' مازن ' ( قالوا بأنه يجب عليها الذهاب إلى ألمانيا لإجراء عملية ، قد تكلف العملية كثيرا ، هذا غير تكاليف السفر والمكوث في المستشفى ، أشعر بالعجز ، إن ماتت فمن سيبقى لنا أنا وأختي ريم ؟ ) .

أشفقت عليه ' أريج ' وقالت تطمئنه ( لا تيأس عزيزي ، سأكون بجانبك دائما ، ووالدتك ستقوم سالمة ) .

' مازن ' ( ولكن المبلغ كبير جدا ، ووالدتي لن تعيش حتى أجمع ذلك المبلغ ) .

' أريج ' ( كم المطلوب مازن ؟ ) .

' مازن ' بعد تردد وإصرار من ' أريج ' ( ...... ) < مبلغ كبير

' أريج ' ( يا إلهي ! ) .

يأس ' مازن ' من ردها وقال ( نعم ، كان الله في عوني ) .

' أريج ' ( لا تقلق حبيبي ، سأساعدك ) .

' مازن ' فرح بعض الشيء ( كيف ؟ ) .

' أريج ' ( سأعطيك المبلغ كاملا و..... ) .

قاطعها ' مازن ' بقوله ( لا يا حبيبتي ، لا أريد شيئا كهذا يحدث ، فأنتي أغرقِتني بكرمك ، ولا أريدك أن تحرجيني أكثر ، أنا سوف أدبر المال ) .

' أريج ' معترضة ( أرجوك مازن ، أنت زوجي .. إن لم أقف معك في ظرف كهذا متى سأقف معك ؟ اعتبر هذا المبلغ هدية مني ) .

' مازن ' ( لا يا أريج ، لن أستطيع فعل ذلك ، فرجولتي لا تسمح لي ) .

' أريج ' ( إذا .. اعتبره دين ، وأعده إليَّ متى استطعت ، ماذا قلت ؟ ) .

تنهد ' مازن ' بضيق ( حسنا ، سأفكر في الموضوع ، ولكن هذا لا يعني أنني وافقت ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°°•°� ��°

المدينة ، الخامسة عصرا .


نزل من سيارته مكرها ، متبعا أوامر والدته وعمته .
طرق الباب وانتظر حتى فتح له الباب فتاة صغيرة ، قادته نحو المجلس الكبير ثم ذهبت وهي تنادي عمتها بصوت عالٍ ( عمة سارة ، عمة سارة ) .

صار يفرك يديه بقوة وهي ينتظرها ، ورفع رأسه حين سمع صوت حذاءها .
انبهر بها مرة أخرى ، كانت ترتدي فستانا باللون الأزرق ، قصيرا يصل إلى نصف الساق ، بأكمام طويلة وشفافة ، تبين بشرتها الناصعة البياض .
وثغرها مصبغ باللون الأحمر ، وعيناها مكحلتان .
وشعرها نصفه مرفوع بوردة بيضاء .
قدمت إليه مبتسمة ، وتحمل بيدها صينية بها عصير وماء .
وضعتها أمامه ووقفت وهي تمد يدها إليها ، وقف وسلم عليها ، وفاجأته حين قبلت جبينه .
ثم جلست بجانبه وهي تلعب بأظافيرها وتضغط على يدها ، والحمرة تعلو وجنتاها .
شعر بأنه لا يستطيع السيطرة على نفسه ، فشرب الماء دفعة واحدة ، ثم التفت إليها بعد أن تنفس بعمق ، ( كيف حالك ؟ ) .

قالت ' سارة ' بهمس ( بخير ) .

' تركي' بعد صمت ( إذا ؛ عليّ الذهاب الآن ) .

ووقف تحت أنظار ' سارة ' المتعجبة ، والتي وقفت هي الأخرى بعد أن استوعبت الأمر .
' سارة ' ( مهلا ولكنك لم تأكل شيئا ) .

' تركي ' ( في المرة القادمة يا سارة ) وخرج من المجلس بخطوات سريعة ، دون أن يسلم على ' سارة ' .

جلست ' سارة ' على المقعد مندهشة مما حصل للتو .
ماذا حدث قبل قليل ؟ بل مالذي حدث منذ الأمس ؟
تركها ورحل ، واليوم لم يعتذر عن فعلته ، ولم يتحدث ، ولم يطلب رقم هاتفي ، وذهب سريعا ..!
ما يعني كل هذا ....!
حياء ؟ غرور ؟ أم ... غضب ؟ لأي شيء سوف يكون غاضبا عليها وهي لم تعرفه إلا منذ البارحة !
أم .... إجبار ؟
نعم ، قد يكون مجبرا على الزواج منها ، لذا يتصرف بهذه الطريقة ، يبدوا هذا الإحتمال بعيدا مع كونه وحيد والديه .
أم مريض ؟
هذا محتمل إلى درجة كبيرة .
ذهبت إلى حجرتها وهي تشعر بالضيق ، وبدلت ملابسها سريعا .. وبغضب .
لا تريد أن تتذكر أنه لم يلتفت إليها و لم ..... يغازلها !
نعم ، هي تستحق كل الغزل ، وتستحق جميع الكلمات الجميلة والرائعة .
وهذا من أين أتى حتى لا يشعرها بذلك !
راودتها هذه الأفكار بينما تقف أمام المرآة غاضبة .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°•°


تبوك ، السادسة مساء .


نزلت ' سارة ' من حجرتها وهي تحمل حقيبتها ، سلمت على أمها وهي تبكي بحرقة .. ليس لأنها ستودع والدتها مرة أخرى ، بل لأنها وأخيرا .... استوعبت أن ' تركي ' هجرها حقا .
غادرت المنزل برفقة خالها ، وتوجهت معه إلى المطار .
انتظرا نداء رحلتهما نصف ساعة ، ثم توجها إلى بوابة المغادرة .
كان خالها قد سبقها ، وهي خلفه .
وفجأة ، أحست بشخص مر من جنبها ، كأنها تعرفه .. التفتت إليه ، كان وجهه مألوف جدا .

ونادت بإسمه حتى تتأكد ( تركي ! ) .

كان ' تركي ' للتو راجعا من المدينة ، التفت إلى من يناديه وهو مندهش ومتلهف بذات الوقت .
التقت عيناهما ، وراح كلٍّ يتحدث بلغة الصمت .

أسرعت ' سارة ' نحوه وهي تقول ( أهذا أنت يا تركي ، اشتقت إليك ) .

' تركي ' تألم حين رأى اللهفة بعيناها ، ولكن حتى لا يجرحها أكثر ، مشى تاركا خلفه قلبا مكسورا .
أصبحت ' سارة ' تهز راسها غير مصدقة ..

ثم انتبهت لخالها الذي يناديها ، وذهبت إليه وهي تجر خلفها أذيال الخيبة .
وطوال الوقت منذ ركوبها الطائرة وحتى وصولها وهي تبكي وتفكر .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°


ركب ' تركي ' سيارته وهو يشعر بالذنب .
كان عائدا لوحده ، أما البقية فسيعودون صباح الغد .
ماالذي أتى بك في هذا الوقت يا سارة ؟ أنا لم أعد أحتمل المزيد .
تصرفاتي باتت جارحة .
لا أحد سيتحملني في الأيام القادمة ، بالأمس جرحت تلك المسكينة وخرجت دون أن أعيرها أيّ إهتمام ، واليوم أنتي !
هل أنجبتني أمي كي أجرح الفتيات ؟
توجه إلى الشركة بعد أن ذهب إلى المنزل وبدل ملابسه .

كان ' فارس ' يجلس ع مكتبته يعمل على بعض الأوراق ، وما إن رأى ' تركي ' حتى قام وحضنه .

' فارس'بعتاب' ( لو أنك أرحتَ نفسك قليلا ! ) .

' تركي ' ( لا داعي لذلك ، هل كل شيء على ما يرام ).

' فارس ' ( نعم كل شيء ، إلا شيئا واحدا ) .

' تركي ' ( ما هو ؟ ) .

' فارس ' ( سارة ) .

' تركي ' استغرب نوعا ما ( سارة من ؟ ) .

' فارس ' بدهشة ( وهل تعرف غيرها سارة ال........ ، آآه صحيح ، كدت أنسى ، زوجتك أيضا إسمها سارة ) .

' تركي ' ببرود ( ما بها سارة ؟ ) .

' فارس ' ( كانت هنا ، تبحث عنك ) .

' تركي ' ( أعلم ) .

' فارس ' مندهش ( تعلم ! وكيف ؟ ) .

' تركي ' ( رأيتها في المطار ، غادرت تبوك ) .

' فارس ' ( لا شك من أنك تمزح ) .

' تركي ' ( أبدا ) .

تنهد ' فارس ' وهو يعلم جيدا أن صاحبه لم يحسن التصرف مع الموقف ( حسنا لن أسألك ماذا قلت لها ، فقط أخبرني ماذا حصل معك أمس وقبله ) .

' تركي ' وطيف سارة _ زوجته _ يمر أمامه ( لم يحصل شيء ، سوى خيبة وبعض الشعور بالذنب ) .

' فارس ' ( ماذا تقصد ؟ ) .

تجاهل ' تركي ' سؤاله ( أتدري ما الجميل في الموضوع ، أني لست خائفا من أن أنادي زوجتي مخطئا بإسم تلك ، حمدالله أن كلتاهما يملكان نفس الإسم ).

' فارس ' ( ولكنهما لا يملكان نفس الشخصية يا تركي ، كن حذرا ... فقد تكون زوجتك محافظة عكس سارة المتفتحة ) .

' تركي ' ( أكون حذرا في ماذا ؟ في حديثي معها ؟ إطمأن ؛ لا أنوِ مكالمتها أبدا حتى نتزوج ) .

حدق إليه ' فارس ' بدهشة ( أنت حقا مجنون ، وكيف تريدها أن تتعرف عليك ، أو تتعرف عليها أنت ) .


' تركي ' ( أرى هذا الحل أفضل ، فأن لن ألبث طويلا حتى أجعلها تعلق أمالها بي ) .

' فارس ' ( قلت لك ألف مرة بأن لا تطرق إلى ذلك الموضوع أبدا يا تركي ، ألا تفهم ؟ ) .

وبعد صمت ....


' تركي ' بهدوء ( أمي تريد الزواج نهاية الشهر المقبل ) .

' فارس ' ( ماذا ؟ بهذه السرعة ؟ ) .

' تركي ' ( نعم ، ولا خيار آخر ينقذني من رغبة أمي ) .

' فارس ' يقضم أظافره بغضب ، وقد تعب وهو يحاول إقناع ' تركي ' لأن يخبره بالحقيقة .

' تركي ' محاولا تلطيف الجو ( ما رأيك أن نتزوج سويا وفي نفس الليلة ؟ ) .

' فارس ' بهدوء ( لمَ لا ؟ فكرة رائعة ... ولا شك بأن والدتك العزيزة ستقبل بأن يشارك إبنها شاب آخر ليلته ) .

' تركي ' فهم لما لمح إليه ( ستقبل أي أمر فيه سعادة إبنها ) .

' فارس ' بصوت أقرب للهمس ينمُّ عن غضبه ( وسعادتك هي كسر قلوب الفتيات ، وضياع مستقبلهن ؟ ) .


وقف ' تركي ' غاضبا وهو يصرخ ( كفى يا فارس ، أنا تعِبت حقا ، لم أعد أستطيع تحمل المزيد ، كل مرة تحدثني وكأني أملك زمام الأمور ولكني أعقدها بيدي ) .

وقف ' فارس ' فزعا من غضبه وتوجه إليه ( أنا لا أفعل ذلك إلا من أجلك ، أرجوك أن تفتح عينيك جيدا وتستوعب ما يحصل ) .

' تركي ' ( أنا أعلم جيدا وأستوعب ما أفعله ، لست بحاجة إلى نصائحك بعد الآن ، فلتغادر مكتبي حالا ) .


' فارس ' ( حسنا كما تريد ) وخرج بخطوات غاضبة .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



توقعاتكم ؟



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 01-02-17, 08:53 AM   #4

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء الثالث - صدمة ..! )



الرياض ، الثامنة مساء


كانت ' أريج ' تجلس ع أحد المقاعد في حديقة بيتهم الخلفية ، وتنتظر إتصالا من ' مازن ' ، الذي وعدها بأن يطمئنها عليه فور وصوله إلى أرض ألمانيا .
ولكنها فوجئت بأخيها ' سعد ' الذي كل خطوة من خطواته تدل على غضبه الشديد ، وعيناه محمرتان .
وخلفه شقيقتاها " وعد وعبير " وابن عبير ' محمد ' البالغ من العمر 25 سنة ، ويحاولون تهدئته .
وقف أمامها وعيناه مشخصتان إليها .
' سعد ' ( أين زوجك ؟ ) .
وقفت ' أريج ' مستغربة منه ومن غضبه ، وسؤاله عن زوجها ، وقالت وهي خائفة ( سافر إلى ألمانيا لإجراء عملية قلب لوالدته ) .
' سعد ' ضحك بسخرية ( إذا فقد صدّقته ) .
نظرت إليه ' أريج ' حائرة .
' سعد ' ( ومن أين له تكاليف العملية والسفر إلى ألمانيا ) .
نظرت ' أريج ' إلى الأسفل طويلا قبل أن تجيبه ( أنا أعطيته ، كدين ) .
قبض ' سعد ' يده بقهر وهو يقول ( آآخ شككت في ذلك حين نقصت الأموال من حسابك ) .
' أريج ' ( أنا حقا آسفة ، ولكنني لم أستطع رؤيته وهو عاجز عن علاج والدته المسكينة ) .
نظر إليها ' سعد ' بشيء من الشفقة ( هذا عيبك ، وهذه المصيبة الجلية ، أنك طيبة وتصدقين أي شيء ) .
' أريج ' ( ماذا هناك سعد ؟ مالذي حصل ؟ لقد أفزعتني ) .
كره ' سعد ' نفسه وهو يخرج ورقة من جيبه ، كره نفسه لأن الورقة ستكون جرحا لأخته الحبيبة ، خاصة وأنه يعلم كم هي تحب مازن ، أعطاها الورقة مترددا .
عقدت ' أريج ' حاجبها مستغربة ، وما لبثت أن فتحت عيناها بدهشة وهي تضع يدها على فمها غير مصدقة ، وتهز رأسها ، ودموعها تتساقط دون سابق إنذار .... ثم سقطت مغشيا عليها ..!


°•°•°•°•°•°•°



الأحد
تبوك ، التاسعة صباحا


تجلس مع صديقاتها وضحكاتهن تملأ أرجاء حديقة الجامعة .
و أخرجت هاتفها من جيبها ، وابتسمت بسعادة حين رأت إسمه .
ابتعدت عنهن وهي ترد عليه ... وبعد أن سألها عن حالها قال بجدية ( نوف ، أريد أن أحدثك في أمر مهم ، وأرجوك أن تفكري وتقولي رأيك بعد يومان ) .
' نوف ' بحيرة ( ماذا ؟ ) .
' فارس ' ( ما رأيك أن نعقد قرآننا هذا الخميس ، ونتزوج نهاية الشهر المقبل ؟ ) .
صمتت ' نوف ' مندهشة .
' فارس ' ( لا أريد جوابك الآن يا نوف ، أنتي فكري جيدا واستخيري ، وحدثي والدايك واسمعي رأيهما ) .
' نوف ' بصوت أقرب للهمس ( ولكن لمَ أنت مستعجل هكذا ، هل حصل شيء ) .
' فارس ' ( لا شيء حبيبتي ولكن ......... ) .
قاطعته ' نوف ' قبل أن يكمل ( على ماذا اتفقنا فارس ) .
قهقه ' فارس ' وهو يقول ( آسف ، ولكني أفقد صوابي حين أحدثك ) .
ابتسمت ' نوف ' بخجل .
' فارس ' ( كنت أقول أني مستعجل من أجل صاحبي ، عرض علي أن أتزوج معه في ليلة واحدة ، ما رأيك ) .
شعرت ' نوف ' بالضيق وخيبة الأمل ، وقالت ( حسنا .. سأفكر في الموضوع ) .
شعر ' فارس ' بها وقال مستدركا ( أتمنى أن توافقي ، فأنا لم أعد أحتمل لساني الذي يريد مغازلتك رغما عني ) .
ضحكت ' نوف ' مجاملة له ، وهي تعلم أنه فقط يريد إستدراك الموضوع لا أكثر ، وأقفلت منه وهي توصيه بأن ينتبه على نفسه .
ثم عادت إلى صديقاتها بمزاج غير الذي ذهبت به .
دائما تشعر بأنه لا يريدها ولا يحبها ، وإنما تزوجها من أجل والديه ووالديها .
مع أن بعض تصرفاته وأحاديثه تدل على حبه لها .
ولكنها تشعر بأنه لا يحبها بحق كما تحبه هي .
فعندما تجتمع العائلة في مزرعة جدهم أو أي مكان آخر يكون دائما بعيدا عن أنظارها ولا يسأل عنها ، حتى لو لم تكن تحل له ، على الأقل يظهر إهتمامه أمام الجميع ، وإن تقابلا بالصدفة داعبها وغازلها وقال لها بأنه ( يحبها ) .
وفي كل مرة تعلم وتكون على يقين أنه لا يقولها من قلبه .
وإلا لماذا لا يرسل لها رسائل غزل على هاتفها !
ولماذا انتظر كل تلك السنين ولم يعقد قرانهما ؟
والآن يريد عقد القران والزواج في غضون شهر ..!
فقط لأن صديقه يريد ذلك .
نعم ، هو لا يحب سوى عمله وصديقه .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك ، السادسة مساء


وقفت أمام المرآة وهي تنظر إلى نفسها نظرة أخيرة ، ونزلت وهي مشمئزة ممن ستقابلهم بعد قليل .
كانت ترتدي بنطال جينز ضيق باللون الأزرق الفاتح ، وقميص أبيض يصل إلى الركبة ، وشعرها منسدل .
جلست أمام التلفاز مع إخوتها المتشوقين عكسها تماما .
ويرتدين اللبس ' البنجابي ' .
كانت ' نور ' البالغة من العمر 20 سنة ترتدي اللون الأسود ، وشعرها الأسود القصير يصل إلى كتفاها ، وعيناها سوداويتان .. كانت ملامحها طفولية كشخصيتها ، لم تكن طويلة كـ' أحلام ' بل متوسطة ، وأيضا لم تكن رشيقة مثلها ، ولم تكن بدينة .
أما ' رنا ' البالغة من العمر 15 سنة ، ترتدي اللون الوردي .. وشعرها بني عكس إخوتها ويصل إلى نصف ظهرها ، عينها سوداويتان أيضا ، وهي طويلة ونحيلة .
وأخيهم الصغير ' عبدالله ' يبلغ من العمر 10 سنين .
كان عكس شقيقاته تماما .
فهو شديد البياض ، وشعره بني غامق .. وعيناه رماديتان ، كان جميلا إلى حد لا يوصف .
هو أيضا كان يرتدي اللبس البنجابي .
نزلت والدتهم من حجرتها وهي تنادي الخادمة التي أتت إليها مسرعة .
والدة ' أحلام ' ( هل كل شيء جاهز ؟ ) .
' الخادمة ' ( نعم ) .
والدة ' أحلام ' ( حسنا إذهبي وأعدي الماء والعصير ، سيصلون بعد قليل ) .
' الخادمة ' ( حاضر ) وانصرفت .
' أحلام ' ( يا إلهي ، أريد أن يحدث أي شيء لأقول أن ما يحصل كابوسا ليس إلا ) .
' رنا ' ( إن جادلتك قتلتك ، لذا سأصمت ) .
' نور ' ( حقا أحلام ، لم تكرهينهم إلى هذا الحد وانتي لم تريهم بعد ؟ ) .
' أحلام ' ( باكستانيين ) .
' نور ' ( وما المدهش والغريب في الموضوع ، أنتِ أيضا باكستانية ) .
' أحلام ' ( أف ... من يسمعك يظن أنك لا تعرفين كم أكره نفسي حين أتذكر أني أحمل دم باكستاني ، وأن أصلي باكستاني ) .
تنهدت والدتها وصمت الجميع .
ثم قالت ' نور ' ( أنا أشعر بالفخر لأن والدي كان باكستانيا رحمه الله " ثم وقفت بمرح وهي تدور حول نفسها قائلة " لولاه لما كنت بهذا الجمال " ثم التفتت إلى أمها وهي تضع يدها على فمها ووتصنع الإحراج " طبعا أخذت منك الجسم الجميل " وضحكت وهي تقبل رأس
والدتها " ) .
ابتسمت والدتها .
' رنا ' ( هل تأخروا أم يتهيأ لي ذلك ؟ " وقالت باللهجة الباكستانية " أنا متشوقة لرؤيتهم ) .
نظرت إليها ' أحلام ' بغيض ( ألم أقل لك لا تتحدثي أمامي بهذه اللغة ؟ ) .
' رنا ' ( بلى سأتحدث ، مابكِ أنتي اليوم ؟ ) .
' أحلام ' ( لا شيء .. فقط مغتاظة من هؤلاء الذين سيأتونا ، أريد أن أفهم ، هم يريدون الحج .. لمَ يأتون قبله بنصف شهر ويضيقوا علينا عيشنا ؟ ) .
تنهدت والدتها بضيق وهي تقول ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) ثم وقفت وتوجهت إلى المطبخ .
نظر إليها إخوتها بتأنيب ..
' نور ' ( أنتي لا ترتاحين حتى تضايقي أمي ) .
صرفت ' أحلام ' أنظارها بعيدا ، وهي تشعر بالضيق أيضا تجاه أمها .

تود وبشدة أن تعرف حقيقة زواج أمها من والدها .. لمَ تزوجت أجنبيا ..؟
فهي جميلة جدا ، ومن عائلة غنية ومعروفة أيضا ، ومن في مكانها لا تتزوج إلا من عائلة غنية وكبيرة .
تشعر أن هناك سر ما وراء هذا الزواج .
تنهدت وهي ترجع رأسها إلى الوراء ، هي لا تشبه إخوتها أبدا .. فهم جميعهم أجمل منها كما تقول .
هم ملامحهم تشبه الباكستانين كثيرا ، خاصة الأنف الطويل ، والحواجب الطويلة والمرتبة بشكل جميل .. وشدة سواد الشعر والعينان .
وهي أيضا تكبر أختها ' نور ' خمس سنوات ، يعني أن عمرها 25 سنة .
ما الذي جعل والدتها تتزوج وعمرها لا يتعدى العشرون ؟
ستعرف الحقيقة طال الزمان أو قصر ..!


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•°


الرياض ، التاسعة والنصف مساء .


حجرتها مظلمة ، والبرد يطغى عليها ، وأنينها يصدر بوضوح .
كانت متدثرة بلحافها بالكامل .. ووجهها محمر بشكل غير معقول .
ولا تزال تحاول الإتصال به منذ الصباح ، ولم تسأم أبدا من سماع تلك العبارة ( عذرا ، الرقم المطلوب مغلق ، الرجاء الإتصال به لاحقا ) .
لا بد من أن لديه عذرا مقنعا عن فعلته ، لا يفعل هذا الشيء معها .. هو يحبها كما هي تحبه .
ليس محتالا وكذابا كما قال لها أخيها ' سعد ' .
استرجعت ما حصل معها في الصباح .
فتحت عيناها ببطء وهي تشعر بصداع ، والتفتت إلى يمينها لترى ' سعد ' يجلس بجانبها على كرسي ويلعب بهاتفه .
' أريج ' ( سعد ) .
ابتسم لها ' سعد ' بحنان وقبل رأسها ( صباح الخير ) .
' أريج ' بتعب ( صباح الخير ، ماذا حصل ؟ ولمَ أنت هنا ؟ ) .
' سعد ' ( فقدتِ وعيك مساء أمس ) .
' أريج ' ( يا إلهي ، يعني أني لم أكن أحلم ! ) .
أمسك ' سعد ' بكفها ( لا تقلقي ، سوف أحل الموضوع ) .
جلست ' أريج ' وهي لا تزال تشعر ببعض الصداع ( أي موضوع ؟ سعد أخبرني أنك كنت تمزح معي أو ..... أو أن الورقة كانت مزورة ) .
أخفض ' سعد ' بصره وهو يقول ( لم أمزح ، والورقة ليست مزورة ... مازن طلقكِ حقا ) .
أغمضت ' أريج ' عيناها بألم عند سماعها هذه الكلمة ، وقالت بخفوت ( ولكن لمَ ، ألم يقل لك شيئا حين أعطاك إياها ؟ ) .
' سعد ' ( إنه جبان ، لم يأتِني بنفسه ، بل أعطاها لأحد الموظفين وأمره بإيصالها إليّ ، ولا أظنك تجهلين السبب ) .
' أريج ' ( لم أفهم قصدك ، ولكنني متيقنة بأنه لم يطلقني إلا لسبب كبير ) .
' سعد ' ( لا تقولي بأنك تثقين به إلى الآن ؟ ) .
' أريج ' بعينان دامعتان ( ولمَ لا ؟ سعد والدته مريضة وسافروا لعلاجها و......... ) .
' سعد ' ( أنتي إما ساذجة أو غبية ، مازن كذب عليك وحاكَ تلك القصة وأخرجها بإتقان ليأخذ منك المال ويهرب ) .
صرخت ' أريج ' ( سعد أرجوك .. لا تقل هكذا ، أنت تكره مازن لذلك يستحيل عليك عذره ، هو ليس كما تنظر إليه أبدا ) .
وقف ' سعد ' غاضبا ( بل ليس كما تنظرين إليه انتي ، سنتان كاملتان وهو يأكل ويرتع بمالك ، إلى أن تأكد من ثقتك العمياء فيه وحبك الشديد له حتى خدعك بخطته المتقنة وهرب مع أمه وأخته الحقيرتان اللتان شاركتاه خطته وتمثيله ليخرجا من فقرهم ) .
وضعت ' أريج ' يديها على وجهها وهي تبكي بشدة وتصرخ بشكل هستيري ( لا .. هو لم يكذب علي ، ولم يخدعني ، هو يحبني وأنا أحبه ) .
دخل ' والدها ' الحجرة وخلفه إخوتها جميعهم.
أحمد ، طلال ، عبير ، وعد ....
جلس والدها بجانبها واحتضنها وهو يربت على ظهرها .
' سعد ' ( لا تستطيع أن تفعل شيئا يا أبي سوى الربت عليها ، قد أخبرتك منذ البداية عن حقيقة ذلك المنحط السافل ، ولكنك لم تسمعني ولم تلقِ لقولي بالا ) وخرج وهو يشعر بأن صدره مثقل وكأن جبل من حديد ألقي عليه .
أخذت ' أريج ' تبكي بحرقة من حديث أخيها ... لا تريد أن تصدق قوله .
مازن لا يمكن أن يحتال عليها ... مازن يحبها ، نعم يحبها ، ويخاف عليها ، ويغار عليها ، لا يستطيع إيذائها .
وصرخت وهي تقول بلا وعي ( مازن يحبني ، ولا يستطيع فعلها ) .
' والدها ' ( إهدأي حبيبتي ، الحقيقة مؤلمة ولكن عليك تقبلها ، مازن محتال .. واحتال على أكثر من فتاة سواك ، استغل جماله ووسامته لإيقاع الفتيات الثريات ) .
جلس ' طلال ' بجانبهم وهو يقول ( لذلك سعد كان يحاول جاهدا بأن لا يتم زواجك منه ، ولكنك كنت عنيدة ، لا بأس .... سيعوضك الله بمن يخاف الله فيك ، أنتي لا تزلين في مقتبل العمر ) .
' عبير ' ( والآن قومي واغسلي وجهك وتعالي لتفطري ) .
' أريج ' ( لا أريد شيئا ) .
' والدها ' ( لا يا إبنتي ، عاندي وارفضي كل شيء سوى الأكل ، هيا قومي ) .
وقامت بعد إصرار طويل من أبيها وإخوتها ، وأكلت لقمتان ثم عادت إلى حجرتها بمساعدة إخوتها .
ولم تخرج منها منذ ذلك الحين .
بالرغم من أن عقلها يقرُّ لها ويؤكد حقيقة ' مازن ' الواضحة إلا أن قلبها لا يزال رافضا .
ولا تزال شاكة في صحتها .
ولكن كل شيء واضح .
عندما سأل أخيها عن ' مازن ' في حيه ، جميعهم قالوا أنهم لا يعرفوه حق المعرفة ، فهو دائم الخروج والسفر .
وعندما سأل عنه في عمله قالوا أنه لم يمر على توظيفه سوى بضعة أشهر ، لذا لا يعرفوا عنه إلا القليل .
تذكرت كيف كان يشكوا من ضيق حاله وعيشته ، وكيف هي كانت تصدقه وتعطيه دون تفكير .
كانت تهديه الهدايا الثمينة كل شهر ، وتدعوه لأرقى المطاعم .
وأخته ... تذكرت كيف كانت هي أيضا تشكوا من فقرهم ، وعدم إكتفاءها من شراء الحاجات التي ترغب بها .
كيف كانت تغدق عليها بالهدايا والمال ، وكم مرة أخذتها معاها في الأسواق كي تشتري جميع ما تشتهيه .
ووالدته .. تلك المسكينة التي كانت تشتري لها الأدوية ، والأقمشة الثمينة ، والدراعات والعطور الباهظة الثمن .
كانت تحبهم جميعا ، حبا أعمى .
لدرجة أنها أقنعت والدها كي يعيد بناء بيتهم القديم ويرممه .
وفعلا حصل ما كانت تريده .
فقد أصبح بيتهم من أجمل البيوت في ذلك الحي .
وأهدته نصف مبلغ سيارته الباهظة .
وقبل أمس .. كانت تقف معه أمام حجرة أمه في المستشفى ، تعطيه شيكا بالمبلغ الذي قاله , تكاليف العلاج والسفر والمكوث في ألمانيا ، وتكاليف المكوث في هذا المستشفى .
وهو يمانع بحجة الإستحياء .
نعم .. كل ذلك يدل على طمعه في مالها ، ولكن قلبها لا يريد التصديق .
وجلست وهي تعزم على فعل شيء ما ، ستتأكد بنفسها .

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•


المدينة ، الحادية عشرة مساء .

الحب ينبع من عيناه وهو ينظر إليها ، ثم يلبسها العقد ، والخرزتان ، والخاتم قبل كل شيء .
ثم أمسك بيدها وابتسم لها إبتسامة عميقة لها معناها .
وبعد ذلك .. ذهبا مع بعضهما إلى المجلس وجلسا لوحدهما هناك .
تمنت لهما السعادة من كل قلبها ، ودعت لهما .
وشعرت بالأسى على حالها ، خطيبها لم يعمل معاها هذه الأشياء .
كانت تشعر أنه كان يفعلها مرغما ، لم ترى في عينيه اللهفة أو الإعجاب .
ولم يجلسا معا لوحدهما .
أخرجت هاتفها واتصلت بأخيها وأخبرته برغبتها في العودة .
وعادت بصحبة أمها ، وبعد أن بدلت ملابسها وأزالت المكياج عن وجهها .. صلت ركعتان ، وأخذت تدعوا الله طويلا بأن يريح قلبها من الأفكار المزعجة والمتعبة لقلبها .
ثم نامت وهي على سجادتها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°


بريطانيا ، العاشرة صباحا .


خرجت من قاعة المحاضرات مع صديقتها وهي تمشي بخطوات غاضبة .
' ريما ' ( أرجوك أن تهدأي سارة ، فأنا لا أريد أن أخسرك ) .
' سارة ' بضيق ( كيف لي أن أهدأ ، أقول لك أن تركي تجاهلني وذهب عني كما أني لم أكن يوما من الأيام حبيبته ) .
' ريما ' ( ربما لم تكوني حبيبته حقا ) .
نظرت إليها ' سارة ' حائرة ( ما قصدك ؟ ) .
' ريما ' ( قصدي أنه ربما كان فقط يتسلى معك ، فالغربة تفعل ذلك وأكثر ) .
غضبت ' سارة ' ( إن قلتِها مرة أخرى فسوف أقتلك ، تركي لم يكن يتسلى معي ، بل أحبني بصدق ، ولكن شيئا ما قد حصل وجعله يتركني ... صدقيني ) .
تنهدت ' ريما ' بحزن عل صديقتها ( هوني على نفسك ، سيأتيك من هو أفضل منه بمليون
مرة ) .
' سارة ' ( لا أريد سواه ) .
' ريما ' تتصنع الغضب ( لمَ أنتي مغرورة هكذا ؟ لم يملي عيناك سواه فقط لأنه ثري ، ورفضتي حب طارق لأنه أقل منه ثراء ، انظري إليه الآن هو وزوجته ، كم سعيدة معه ) .
' سارة ' بغيض وهي تنظر إليهما ( فليهنيهما الله ، لو أنه أحبني حقا لما تزوج ) .
حدقت إليها ' سارة ' بدهشة ( ما أغربكِ من فتاة ، رفضتِه وأعلنت حبك لتركي ومرغت وجهه بالتراب ، وتريدين منه أن ينتظرك ؟ يا لك من فتاة متوحشة وشريرة ) .
ضحكت ' سارة ' من كلماتها وهي تقول لنفسها أن ' ريما ' لم تخطيء .. فهي تحب التملك .

°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•

الرياض ، الواحدة صباحا .


ارتدت عبائتها وأخذت حقيبتها ونزلت بهدوء بعد أن تأكدت من خلو الممرات .
ثم خرجت من المنزل وتوجهت نحو حجرة السائق ، أخذت تطرقه بقوة حتى فتح لها وهو يفرك عيناه .
نظر إليها بدهشة ، ولم تعطهِ أي فرصة للحديث أو السؤال ، أمرته أن يأتي بمفتاح السيارة حالا .
توجهت نحو المستشفى الذي أتت إليه بصحبة مازن ، واتجهت إلى موظف الإستقبال وسألته عن المريضة ( خديجة ……….. ) ، أخبرها أنها غادرت المستشفى قبل أمس ، عند الساعة 12 ليلا ، يعني بعد مغادرتها هي بنصف ساعة .
وسألته ممَّ كانت تشكو .
' الموظف ' ( لم يكن بها شيء ، فقط إرتفاع قليل في نسبة السكر ، ولكن إبنها أصرّ على إبقائها مدة من الزمن ) .
' أريج ' كادت أن تسقط من هول الصدمة ( ومتى أتى بها ؟ ) .
' الموظف ' ( بعد صلاة العشاء ) .
' أريج ' بصوت باكِ ( يا له من كاذب ! ) < كانت تقصد مازن .
' الموظف ' ( عفوا أختي ، هل قلتِ شيئا ؟ ) .
' أريج ' ( لا شيء ، أنا آسفة على إزعاجك ) وذهبت تحت أنظار الموظف المتعجبة .
لم تكفِها تلك المعلومات كي تتأكد من نصبه واحتياله ، فقد كانت مصرة لأن تعرف الحقيقة كاملة .
ذهبت إلى المنزل والصداع قد عاد إليها ، ولم تستطع النوم .
حتى أذن الفجر وصلّت .. ثم استعدت للذهاب إلى الجامعة على وجه السرعة .


يوم الإثنين .

دخل عليها ' سعد ووعد ' وتعجبا منها .
' سعد ' ( إلى أين ؟ ) .
ارتبكت ' أريج ' ( سأذهب إلى الجامعة ، علي أن أخذ بعض الأوراق المهمة ) .
' وعد ' ( ولكنك تعِبة ) .
' أريج ' ( أشعر بالتحسن ، ثم أني لن أتأخر ) .
' سعد ' ( أنا سأوصلك ) .
' أريج ' ( هااه ! لا .. لا داعي لأن تعطل نفسك من أجلي ، سأذهب مع السائق ) .
' سعد ' شعر بأنها تريد فعل شيء ( حسنا ، كما تريدين .. انتبهي لنفسك ) .
' أريج ' ( حسنا ) .
' وعد ' وبعد أن صارعت نفسها ( ولكن أريج ؛ أليس عليك قضاء عدة ) .
نظرت إليها ' أريج ' بدهشة ، ثم قالت بحياء وإرتباك ( سأعود حالا ) .
تقدم منها ' سعد ' ( ما قصدك ؟ هل تعنين أنه ...... ) .
أنزلت ' أريج ' رأسها وهي تعض طرف شفتها بألم .
' سعد ' قبض يده بقوة ( يا له من .... ، كيف سمحتِ له ؟ ) .
' أريج ' نزلت دمعتها ( لم أكن أعلم بنواياه ، هو وعدني بالزواج خلال الشهور المقبلة ) .
خرج ' سعد ' من الحجرة غاضبا .
جلست ' أريج ' على سريرها وهي تبكي ..
جلست ' وعد ' بجانبها وحضنتها ( لا تحزني ، فهو لا يستحق دمعة واحدة منك ، دعيه ... صدقيني سيندم لإحتياله على فتاة طيبة مثلك ) .
' أريج ' ( هو لم يطلقني إلا لسبب ما ، أنا متأكدة يا وعد ) .
' وعد ' أغمضت عيناها ( أرجوك أن تفتحي عيناك جيدا ، لا تؤلمي نفسك أكثر ... انسيه ) .
' أريج ' ( لا أستطيع ) ومسحت دموعها بظاهر كفها ووقفت وهي تقول ( يجب علي أن أذهب الآن ) .
' وعد ' ( ولكن لا يجوز ) .
' أريج ' ترتدي عبائتها ( أعلم ، ولكن لدي أمور ضرورية يجب أن أنهيها .. لن أتأخر صدقيني ) .
تنهدت ' وعد ' ( كما تريدين .. حفظك الله ) وقبلت جبينها وخرجت .
خرجت ' أريج ' من المنزل ، والوقت لا يزال باكرا .. إذ أن الشمس أشرقت لتوها .
أمرت السائق بالتوجه إلى منزل مازن ، ولكنها حين لمحت سيارة ' سعد ' تتبعهم أمرته بالتوجه إلى الجامعة .
حتى وصلت الجامعة ونزلت وهي توصي السائق بأن يأتي إليها حين تتصل .. وأن لا يبتعد .
حينها اطمأن ' سعد ' وتوجه إلى عمله .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


يوم الإثنين .
تبوك ، السابعة والنصف صباحا .


دخل المقهى وخلع نظارته الشمسية وهو يبحث عن تركي .
وتوجه إليه بملامح جامدة .
وقف أمامه وهو يقول ( أنت لا تستاهل مجيئي إليك بعد طردك لي من الشركة ، ولكنني حمار لا أستطيع التخلي عنك ) .
ضحك ' تركي ' وهو يقف ويحضنه ( أنا أيضا لا أستطيع التخلي عنك ، سامحني ) .
' فارس ' أبعده بشيء من العنف ( لا عليك ، فأنا أيضا حمار حين لا أغضب منك ) وجلس .
ابتسم ' تركي ' .
' فارس ' بجدية ( في هذا الوقت بالذات لا نستطيع تأجيل الموضوع ، متى ستبدأ ؟ ) .
تنهد ' تركي ' ( بل يجب عليّ أن أُأَجّل في هذا الوقت أكثر من أي وقت آخر ) .
' فارس ' ( لماذا ؟ هل تنوي أن تبدأ حياة جديدة دون أن تصلح نفسك ) .
' تركي ' ( أمي كل همها التجهيز والإستعداد للزواج ، إن تغيبت يوم أو يومان فسوف تسأل ، أنا أودُّ أن أبدأ اليوم قبل غد ، ولكني لا أستطيع من أجل أمي ) .
' فارس ' ( سيكبر الموضوع يا تركي إن فكرت كثيرا ، والورم سينتشر ) .
' تركي ' ( لا أظن ، أنا لا أحس بأية أعراض خطيرة ، والأدوية التي أتناولها مفعولها جيد جدا ) .
نظر إليه ' فارس ' طويلا ثم قال ( جرحت ' سارة ' من دون سبب إذا ) .

' تركي ' ( أبدا .. أنا لا زلت أحبها ، وكنت أعلم قبل أن أتركها أنها إن علمت أني مريض فسوف تكون في وضع حرج ، لأنها لا تستطيع أن تكمل معي مع علمها بالمرض ، ولا تستطيع أن تتركني مراعاة لمشاعري ) .
' فارس ' ( أهنئك يا صديقي على تفكيرك ، والأخرى .. هل ستصارحها ؟ ) .
' تركي ' ( لا أعتقد ذلك ، كما أني أنوي الإنفصال عنها بعد الزواج بشهر أو شهران ) .
فارس ' بدهشة بالغة ( ماذا ؟ ولمَ ؟ ) .
تنهد ' تركي ' ( سارة فتاة صغيرة ، وجميلة .. لا تستحق رجلا مثلي ، مريض ولديه ماضِ ) .
' فارس ' ( وتظن أنها ستقبل ؟ ) .
' تركي ' ( لمَ لا ، أظنها طيبة وساذجة أيضا ) .
' فارس ' ( ومتى عرفتها ؟ ألم تقل بأنك لن تحدثها ؟ ) .
' تركي ' ( لم أحدثها ، لو كانت جريئة لما تركتني أخرج من بيتهم ذلك اليوم ، على الأقل قبل أن أشرب القهوة أو أخذ رقم هاتفها أو حتى .... أعتذر وأبين لها سبب خروجي من منزلهم باكرا يوم الملكة ! ) .
' فارس ' ( يا إلهي ، أنا أعلم أنك نذل ، ولكن ليس بتلك الدرجة ، فليعينها الله عليك ) .
ضحك ' تركي ' ولم يعلق على حديثه .
وبعد صمت ....
' تركي ' ( هل فكرت بالعرض الذي عرضته عليك ؟ أقصد أن نتزوج في ليلة واحدة ) .
' فارس ' ( نعم ، ولكني لست أعرف رأي والدتك ) .
' تركي ' ( وافقت ، وسعدت أيضا ) .
' فارس ' ( حقا ، أنا أيضا حدثت نوف وقلت لها أن تخبرني برأيها بعد يومان ) .
' تركي ' ( أنا متأكد بأنها ستوافق ، تجدها قد سأمت من الإنتظار ) .
ابتسم ' فارس ' ( لا أظن ) .

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•

الرياض ، الثامنة مساء

.
خرجت ' أريج ' من الجامعة وركبت السيارة ، وأمرت السائق بالتوجه إلى منزل ' مازن ' .
وأخذت تنظر من النافذة وهي تفكر بكلام مديرة الجامعة .
… ( ريم أتت يوم الخميس ، وأخذت جميع أوراقها وانصرفت ، قالت بأنها قُبِلت في إحدى الجامعات في الخارج ، لم أقتنع .. لأنني حين قلت لها بأنه نحن من يجب علينا نقل أوراقها ، ارتبكت وقالت بأن خالتها مسؤولة في وزارة التعليم ، ولم أشأ مضايقتها ومحاصرتها أكثر ) .
مسحت دمعتها بطرف طرحتها ونزلت من السيارة التي توقفت أمام منزل ' مازن ' .
ضغطت على جرس المنزل عدة مرات حتى خرج إليها شاب يبدوا أنه في منتصف العشرين ، وثيابه مليء بالدهان .
خرج غاضبا وهو يقول ( ألا أستطيع العمل دون أن يزعجني أحد ) ثم صمت مندهشا من الفتاة التي أمامه .
وضعت ' أريج ' يدها على أنفها ثم أبعدتها بإحراج وهي تقول ( أعذرني أخي ، ولكن أليس هذا منزل مازن ؟ ) .
' الشاب ' مرتبكا ( مازن .. بلى ، من أنتي ؟ ) .
' أريج ' ( أنا زو ....... آآ لا يهم ، هل هو في الداخل ؟ ) .
' الشاب ' ( لا ، مازن سافر ) .
' أريج ' ( إلى أين ؟ ) .
' الشاب ' ( لا أعلم ، أنا فقط اشتريت منه المنزل ، وقد أخبرني أنه سيستقر في الخارج ) .
' أريج ' وقد عاد إليها الصداع ( وأنت من أين عرفته ؟ وبكم اشتريت المنزل ؟ ) .
' الشاب ' ( كان زميلا لي في العمل ، وأعلن عن بيع المنزل قبل أن أشتريه بيومين ، واشتريته ب ….. ألف ) .
' أريج ' تهمس لنفسها ( محتال ) ثم التفتت إليه وهي تقول ( هل .. تستطيع التواصل معه ؟ ) .
' الشاب ' ( أبدا ... باعني المنزل وذهب ، ولكن من أنتي ؟ ولم كل هذه الأسئلة ؟ ) .
' أريج ' أمسكت براسها وهي تشعر بصداع شديد ( لا عليك ، وأنا آسفة على إزعاجك ) وتوجهت إلى السيارة بخطوات متثاقلة وهي تتمايل حتى وصلت إليها بصعوبة .
وما إن ركبت حتى فقدت الوعي .


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•

تبوك ، العاشرة والنصف صباحا .


دخلت المنزل وتأففت بداخلها وهي تسلم على قريبات أبيها .
اللاتي قدموا مساء أمس ، ولم تذهب ' نور ' إلى جامعتها ، و' رنا ' إلى مدرستها من أجلهن .
كانوا خمسة .
عمة أبيها وابنتها الثلاثينية وحفيدتها ذات الرابعة عشر ربيعا .
وابنة عمها ' جميلة ' ذات ال26 ، وأختها ' صفاء ' ذات التاسعة عشر .
ومن الرجال زوج عمة أبيها وزوج إبنتها ، وإبن عمها .

كانت الفتاتان ' نور ورنا ' تتحدثان مع الأخريات باللغة الباكستانية بطلاقة ، فقد حرصتا على تعليمها منذ صغرهم على يد عمهم الذي مكث لديهم ما يقارب العشرة سنوات قبل وفاته .
حتى أخيهم الصغير .. يعرفها .
إلا هي ، فهي لم تحب عمها أبدا ، ولم تحب مجالسته .
وأيضا والدتها كانت تمنعها من الجلوس معه لسبب تجهله .
جلست بعيدا عنهم وهي لا تزال بعبائتها ، وأخرجت هاتفها تلعب به .
ثم أتت ' جميلة ' بجانبها .
ابتسمت لها وأعادت أنظارها إلى الهاتف .
' جميلة ' باللغة الإنجليزية ( كيف كان نهارك ؟ ) .
' أحلام ' ( جميل ) .
' جميلة ' ( يبدوا أنك تحبين دراستك عكس إخوتك ؟ ) .
' أحلام ' ( نعم ، كثيرا .. سأخذ شهادة الماجستير قريبا ، وسأواصل حتى أنال الدكتوراه ) .
ابتسمت ' جميلة ' ( فليوفقك الله ، أخي الكبير يحب الدراسة مثلك ، فهو أيضا أصبح طبيبا في دولة قطر بعد أن أنهى دراسته في بريطانيا ) .
' أحلام ' ( حقا .. هذا رائع ، وأنتي ؟ هل درستي ؟ ) .


' جميلة ' ( نعم ، ولكني توقفت بعد البكالوريوس ، من أجل زوجي الذي لا يستطيع دفع نفقات الدراسة ) .
' أحلام ' بدهشة ( أنتي متزوجة ؟ ) .
' جميلة ' ابتسمت بخجل ( نعم ، لم يمضِ على زواجي سوى بضعة أشهر ، وزوجي سيأتي مع فوج الحجيج ، فهو شديد الخجل ؛ لذا لم يأتِ معنا ) .
' أحلام ' ابتسمت وهي تقول في نفسها ( ليتكم كنتم مثله ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بما إني خلصت من كتابة الرواية , راح أنزل كل أحد وأربعاء .
قراءة ممتعة .
و

تفاعلوا لطفا



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-02-17, 10:20 AM   #5

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء الرابع - خيبة أخرى )





المدينة ، العاشرة مساء .


أنهت مكالمتها وهي تنظر إلى الأكياس التي أمامها .
وقفت وأخذت تفرغ الأكياس من محتوياتها محاولة تجاهل شعورها بالغضب من ' تركي ' .
الذي سمعت صوته وهو يسلم على والدته بعد عودته من الخارج ، وقالت لها والدته ( كيف تركي معك ؟ رومانسيا أليس كذلك ؟ ) .
ارتبكت ' سارة ' وصمتت .
في حين قال ' تركي ' ( ولدك إن لم يكن مثلك مثل من سيكون ؟ ) .
ضحك الإثنان وغضبت هي من كذبه .. وقالت ( خالتي هل لك أن تعطيه الهاتف قليلا ؟ أتصل عليه منذ الصباح ولا يرد ) .
والدة ' تركي ' تضربه مازحة ( لماذا لا ترد على إبنتي ؟ لا عليكِ أنا سأخذ حقكِ منه ، خذ .. حدثها ) .
كتمت ' سارة ' ضحكاتها بينما تناول ' تركي ' الهاتف بدهشة .. ثم قال ( ألو ) .
' سارة ' ( كيف حالك ؟ ) .
' تركي ' ( بخير ، كيف حالك أنتي ؟ ) وتتبع بعيناه أمه التي تركته وخرجت .
' سارة ' ( بخير ، أنا لا أريد منك شيء ، فقط أردت أن أعرف لمَ كذبت عليها وأنت حتى رقم هاتفي لا تملكه ؟ ) .
تعجب ' تركي ' من اندفاعها وقال لنفسه أنها ربما تكون من النوع الذي يكسر الحواجز على الهاتف ( وأنا أيضا أود أن أعرف لمَ قلتي لها أنني لا أرد عليك ؟ ) .
تنهدت ' سارة ' ( ليس لشيء ، أعطني إياها ) .
' تركي ' ( ليست هنا ) .
' سارة ' ( حسنا ، وداعا ) وأغلقت قبل أن تسمع رده .
جلست على سريرها وهي تقذف الملابس من يدها بغضب ( يا له من مغرور ، كيف لي أن أتحمله ؟ ) .


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•°•°•


يوم الثلاثاء .
تبوك ، الثامنة صباحا .
جلست لوحدها في كافتيريا الجامعة وعيناها لم تفارق هاتفها ، تنتظر إتصاله بلهفة .
بالرغم من أنها ليست مقتنعة تماما .. ولكن رغبة والديها لرؤيتها مستقرة في بيتها ، وحبها الشديد لفارس ، جعلها توافق على رأيه .
كما أنها كانت تتمنى أن يفاتحها بموضوع الزواج منذ زمن .
أخذت هاتفها بسرعة وتنفست بسعادة حين رأت إسمه ، وردت ( ألو ) .
' فارس ' ( السلام عليكم ) .
' نوف ' ( وعليكم السلام ، كيف حالك فارس ) .
' فارس ' ( سعيد بسماع صوتك ، كيف أنتي ؟ ) .
ابتسمت ' نوف ' ( بخير ) .
' فارس ' ( ما أجمل هذا الصباح ! جو صحو ، وقهوة رائعة .. وصوتك ، أنا أسعد رجل على وجه هذه الأرض ) .
' نوف ' بخجل ( كُفّ عن مغازلتي فارس ) .
ضحك ' فارس ' ( كم أحب الفتيات الخجولات ) .
' نوف ' ( الموضوع هكذا إذا ، فليهنيك الله معهن ، وداعا ) وأغلقت وهي تضحك بسعادة .
لم تمر سوى ثانية حتى اتصل مرة أخرى ، وردت وهي تقول بغضب مصطنع ( هل هاجرنك ؟ )
' فارس ' ( أبدا ، فقط غاضبات قليلا وخارجات عن طورهن ، لم أكن أعلم أنهن يشعرن بالغيرة أيضا ) .
صمتت ' نوف ' خجلة .
' فارس ' ( هل فكرتي ؟ ) .
' نوف ' ( فكرت في ماذا ؟ ) .
' فارس ' ( تمزحين ، أليس كذلك ؟ ) .
' نوف ' ( صدقني لا أعلم عمَّ تتحدث ) .
' فارس ' ( نوف ! أنا أقصد موضوع الزواج ) .
' نوف ' ( تذكرت ، نعم أنا ... موافقة ) .
ابتسم ' فارس ' ( حقا ، أنا سعيد بموافقتك ) .
' نوف ' بخجل ( حسنا ، أدعك الآن ) .
' فارس ' ( كوني مستعدة لعقد القران يوم الخميس .. أحبك ) .
أغلقت وهي تبتسم بسعادة ، ولا تزال شاكة في كلمته تلك ، هل يقصدها حقا أم فقط
يجاملها ..!


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°•°


بعد شهر .
وفي اليوم الموعود .

يوم الجمعة .
تبوك ، التاسعة مساء .


كان الجميع سعيد في ذلك اليوم ، سوى أصحاب الشأن .
كان العُرس غريبا بعض الشيء ، إذ أن أغلب الحضور يستنكر مشاركة أحدهما الآخر .. وهما لا يقربان لبعضهما .
والبعض منهم أعجبتهم الفكرة ، حيث أن الصديق لم يتخلى عن صديقه حتى في يوم زواجه .
كانت ' سارة ونوف ' تجلسان أمام مزينتان مغربيتان ، وقد أشرفتا على الإنتهاء .

' سارة ' كانت تضع مكياجا بسيطا جدا ، وتسريحة ' مفردة ' مشابهة لتلك التي عملتها ليلة ملكتها .
وكان فستانها ساترا وبسيطا ، بأكمام طويلة .
كان كل ما بها بسيط وعادي ، إلا أنها كانت رائعة .
وباقتها باللون العودي .

أما ' نوف ' .
فمكياجها أيضا كان بسيطا بعض الشيء ، وتسريحتها متوسطة ، وفستانها أيضا كان ساترا ، غير أنه ليس بأكمام طويلة .
وكانت باقتها باللون البنفسجي كمكياجها .

تعرفتا على بعضهما في الصالون ، وأحبا بعضهما .
وبعد أن انتهين ، أخذتا يتحدثا إلى بعضهما حتى حان موعد الذهاب إلى الفندق .


وذهبت كل واحدة في حجرة ، كي يتصورا مع أزواجهما .
كانت ' نوف ' خائفة بعض الشيء ، لأنها ليست متأكدة من مشاعر ' فارس ' تجاهها ، ولا تشعر بالسعادة الكاملة .
ولكن كل ذلك تبدد حين أتى ' فارس ' وأشبعها غزلا .. حتى ضربته بخفة من صدره كي يكف عن إحراجها .
أما هو ..
فكان سعيدا جدا .
صورتهما المصورة وهي سعيدة باستجابتهما السريعة .


وفي الحجرة الأخرى .
كانت ' سارة ' تجلس على الأريكة وتنظر إلى الباقة بلا شعور ، تود البكاء والصراخ بشدة .
فــ ' تركي ' لم يحدثها أبدا طوال الشهر الماضي ، هذا يعني أنه مجبر على الزواج منها .
ولكن لمَ ؟
هو ليس فتاة ، ووالديه يحبانه ، لأنه وحيدهما .
انتبهت لمن يقف عند الباب .
شعرت بالتوتر وهي تقف ، كان جميلا ب ' البشت الأسود '، ووسامته آخاذة .
لكنها لاحظت شيئا في وجهه ، هالات سوداء حول عينيه .. وإبتسامة باهتة .
الآن تستطيع الجزم أنه لا يريدها حقا .. وإلا لماذا تحاشاها منذ الأمس بعد قدومها إلى منزلهم .
سار ' تركي ' نحوها حتى صار أمامها ، وصافحها قائلا ( مبروك ) .
' سارة ' بهمس ( الله يبارك فيك ) .
أخذ ينظر إليها بانبهار ، وأمسك نفسه كي لا يتهور ويقبلها .
تنهد بقوة وجلس على الأريكة وأمرها بالجلوس .
في الوقت الذي بدأت فيه زفة ' فارس ونوف ' .
تعالت الزغاريد والصرخات .. وكان الجميع سعيدا .
دخلت إليهما المصورة ، وعانت كثيرا من خجلهما وترددهما في تنفيذ أوامرها .
حتى انتهت وخرجت وهي تتأفف .
قالت ' سارة ' مغتاظة ( فلتذهبي إلى الجحيم انتي والكاميرا ) .
ضحك ' تركي ' من عبارتها حتى هوى على المقعد جالسا .
ابتسمت ' سارة ' بإحراج .
دخلت والدة ' تركي ' ووجهها مهلل بالفرح ( ليسعدك الله دائما يا إبني ، ما يضحكك ؟ ) .
وقف ' تركي ' وقبل رأسها ويدها ( لا شيء ، فقط تفاجأت بزوجتي .. إنها عصبية يا أمي ) .
ابتسمت والدته وذهبت نحو ' سارة ' وقبلتها وهي تذكر الله عليها ( حقا يا سارة ؟ أرِه الويل ، فقد أتعبني كثيرا أثناء تجهيز منزلكما ، كان دائما يهرب ويقول افعلي بها ما تشائين ) .
بهتت ابتسامة ' سارة ' ونظرت إليه بضيق .
لم تنتبه والدة ' تركي ' لنظرتها ( هل حصنتما أنفسكما ؟ ) .
هزت ' سارة ' رأسها بإيجاب .
والدة ' تركي ' ( سأعود بعد قليل ، كونا مستعدين ) .
' تركي ' ( أنا لم أحصن نفسي ، هل لك أن تحصنيني ؟ ) .
نظرت إليه ' سارة ' بدهشة ثم اقتربت منه ، وأخذت تقرأ المعوذات والأدعية وتنفث على صدره.
ولم يحرك هو عيناه من عليها ، كان يتأمل في كل جزء منها .. حتى قطعت عليه تأمله صوت ' منال ' .
ابتسمت ' منال ' بحرج ( احم .. هل أزعجتكما ؟ ) .
ابتعدت ' سارة ' عن ' تركي ' وجهها يتلون باللون الأحمر ، وابتسمت .
' تركي ' ( أبدا ، سارة كانت تحصنني ) .
اقتربت منه ' منال ' ( حقا .. إنه لأمر جميل جدا ) .
وسلمت عليهما ..
' منال ' ( ما أجملكما ، كأنكما خلقتما لبعضكما ) .
ابتسم الإثنان بينما قال ' تركي ' ( نعم ، أنا ما خلقت إلا لسارة ) .
وكان يقصد أنه أحب ' سارة ' وتزوج ' سارة ' أخرى .
قالت ' سارة ' بسخرية ( نعم ، هذا واضح جدا ) .
نظر إليها ' تركي ' متعجبا ، و ' منال ' لم تنتبه لنبرتها .

وبعد ربع ساعة ، زُفَّ الإثنان .
كانت السعادة تظهر على الجميع ، فلم تستطع ' سارة ' كتم غضبها أكثر .
كانا في منتصف الممر ، وقالت وهي تشد على يده والإبتسامة ما زالت على محياها ( أتظن أنك الوحيد المجبر على هذا الزواج ؟ أنا أيضا مجبرة ... ولا أريد الزواج منك ) .
توقف ' تركي ' عن السير مندهشا ومصدوما من قولها ، والتفت إليها ( ماذا تقصدين ؟ ) .
شدت ' سارة ' يده تحثه على السير ( لا شيء ) .
وانتهى العُرس والإثنان على جمر .


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•°•°•


الرياض ، 12 صباحا .


صفق الباب خلفه بقوة وصعد السلم وهو لا يكاد يرى شيئا أمامه من فرط غضبه .
ووقفت ' أريج ' بجانب الباب وهي تضع يدا على فمها وأخرى على بطنها وتبكي .
أتت إليها ' وعد ' قلقة وحضنتها ( مابكم ؟ كيف كانت نتيجة الفحوصات ؟ ) .
' أريج ' تحدثت بصعوبة من بين شهقاتها ( أنا حامل ) .
شهقت ' وعد ' مصدومة وغير مصدقة ، أخذت أختها إلى غرفتها وأجلستها على سريرها ، ثم ناولتها كوب ماء .
' وعد ' ( إهدأي أريج ، الموضوع ليس بهذا الحجم ) .
' أريج ' ( كيف لي أن أهدأ ؟ كيف ؟ لا أريد أن أكون أما لولد أباه كاذب ومحتال .. ومخادع ، أريد أن أجهضه حالا ) .
' وعد ' ( لا تفكري بهذا الشيء أبدا يا أريج ، أباه كاذب ومحتال ... ماذنب هذا الطفل المسكين ، أتريدين قتله بنفسك ؟ إتقي الله ) .
' أريج ' ( ولكن ... ماذا سيقول الناس عنا ؟ ) .
' وعد ' ( لا عليكِ من الناس ، أنتي فقط اهتمي بنفسك وصحتك ) .
' أريج ' تبكي مرة أخرى ( سعد غاضب علي كثيرا ، أنا لا أحتمل رؤيته هكذا أكثر يا وعد ، لقد خنته وثقته .. لم يعد يحبني ) .
' وعد ' تمسك كفها ( أنتي مخطئة ، سعد نعم غاضب ، ولكنه يحبك كثيرا ، وسيظل دائما بجانبك ) .
' أريج ' ( هل تستطيعين ترْكي الآن وعد ، أريد أن أختلي بنفسي ) .
' وعد ' وقفت ( حسنا عزيزتي ، إن احتجتني اتصلي بي ، صلي ركعتان حتى لا يوسوس لك الشيطان ) وقبلت جبينها وخرجت .
قامت ' أريج ' وفعلت كما قالت أختها ، وجلست على سجادتها تبكي وتنوح .
وتذكرت قول أبيها حين ذهبت إليه بعد أسبوع من طلاقها وخروجها من المستشفى بسبب إنهيار أصابها .
' والدها ' ( نحن بحثنا عن مازن في كل مكان ، وبلغنا الشرطة ، وبحثنا في سجلات المطار .. ولم نجد له أي أثر ، وكأن الأرض انشقت وابتلعته ، ولكننا لن نتوقف ... سعد حلف يمينا بأن يأخذ حقك منه مهما كان الأمر صعبا ) .
وأخذت ذكرياتها معه تأتيها واحدة تلو الأخرى ، وكل موقف يقول بأن ' مازن ' يحبها ، ولم يفعل بها شيئا .
والواقع يقول شيئا آخر .
ليتها سمعت نصيحة أخيها ورفضته منذ البداية .
هي بموافقتها جرحت نفسها وجرحت أخيها .. وأصبح جميع من في البيت متضايقا لأجلها .
قامت من سجادتها وذهبت إلى حجرة أخيها وهي لا تزال تبكي .. شعورها بتأنيب الضمير تجاه أخيها يقتلها ؛ لأنها لم تستمع إليه منذ البداية .
طرقت عليه الباب عدة مرات حتى فتح لها وعيناه محمرتان .. وكذلك أنفه .
ارتمت على حضنه وهي تبكي بحرقة .
ضمها ' سعد ' وأدخلها حجرته وأقفل الباب .
أجلسها على الأريكة وأخذ يمسح على ظهرها .
' أريج ' ( سامحني سعد ، أرجوك ) .
صمت ' سعد ' ولم يقل شيئا .
' أريج ' رفعت رأسها وأمسكت بكفيه تقبلهما ( أنا لن أرتاح إلا إذا رضيت عني ، اضربني سعد افعل أي شيء .. ولكن إرضَ عني ، سامحني ) .
' سعد ' قبل جبينها ومسح دموعها ( فليسامحك الله ، أنا لست غاضبا عليك .. ولكن ؛ لمَ وثقتِ به ؟ لمَ سلمتِهِ نفسك ) .
' أريج ' ( أحببته بجنون يا سعد ، وأنا كنت أمانع بشدة ، ولكنه وعدني بالزواج قريبا جدا .. لم يحصل هذا الشيء سوى قبل الطلاق بأسبوعان تقريبا ) .
' سعد ' ( حينها كان يريد إختبار ثقتك فيه ، كي يأخذ منك المال ويهرب ، ما أوقحه !.. اسمعيني أريج ، أنا حدثت والدي قبل قليل ، وهو عرض علي أن نسافر أنا وأنتي حيث هو في الجنوب ، حتى تضعين مولودك ثم نرجع ) .
حدقت فيه ' أريج ' بدهشة ثم قالت ( حسنا ، كما تريدون .. والآن قل لي ، هل سامحتني ؟ ) .
ابتسم ' سعد ' ( ألم أقل لك أني لست غاضبا ؟ ) .
' أريج ' حضنته بسعادة ( يا إلهي كم أحبك يا أخي ، ليتني سمعت كلامك منذ البداية ) .
' سعد ' وهو يداعب أنفها ( الآن لن ينفع الندم والحسرة ، وإنما في المستقبل اسمعي كلامي جيدا ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


بريطانيا ، السابعة صباحا .
لم تصدق عيناها حين رأت صورة ' فارس ' وهو يلبس ' البشت في قاعة الزواج ، وبجواره ' تركي ' .
ومكتوب في أسفل الصورة ( تزوجنا أنا وصديق الطفولة ' تركي ' الليلة سويا ، فليبارك الله لنا وليسعدنا ) .

ألهذا تركها ؟ من أجل أن يتزوج بأخرى ؟
ولمَ لمْ يخبرها إذا بنيته, حتى لا تنتظر عودته إليها .
لم تنتظر طويلا ، ضغطت على زر الإتصال وأخذت تنتظر رده .
سيرد عليها من دون شك ، لأنها غيرت رقمها .
وفعلا أتاها صوته المتعب ( ألو ) .
أغمضت ' سارة ' عيناها بألم ، كم اشتاقت إليه ( ألو ، تركي ! ) .
' تركي ' بلهفة ( سارة ! ) .
' سارة ' بسخرية ( نعم سارة ، حمدالله أنك ما زلت تذكر إسمي ) .
' تركي ' ( أنتي دائما في قلبي يا سارة ) .
' سارة ' بغضب ( حقا ، إذا لم تركتني ؟ ) .
' تركي ' ( لا أستطيع إخبارك الآن ) .
' سارة ' ( ومتى إذا ؟ منذ أن تركتني وأنا لا أزال حائرة ، أفكر ماذا فعلت كي تتركني بهذه الصورة ، ظللت ألوم نفسي وأعاتبني على كل لحظة أهملتك بها ، ولكنني كنت مخطئة ، أنت لم تتركني إلا من أجلها ) .
' تركي ' متعجبا ( من أجل من ؟ ) .
' سارة ' ( من أجل من أنت معها الآن ، أتظنني لا أعرف عن زواجك ؟ ) .
' تركي ' ( من أخبرك ؟ ) .
' سارة ' ( لا أحد ، علمت ذلك من حساب ' فارس ' على الإنستقرام ، قل لي لماذا ؟ ألم تجد فيني ما كنت تريده ؟ أم مالذي حصل ؟ لمَ كذبت علي تركي ؟ ) .
أغمض ' تركي عيناه بألم ( أنا لم أكذب عليك سارة ، أنا لا زلت أحبك ، ومشتاق إليك ) .
' سارة ' ( وبما أنك تحبني ، لمَ تزوجت سواي ؟ ) .
' تركي ' ( سأشرح لك كل شيء غدا ) .
' سارة ' ( وماذا سيحصل إن أخبرتني الآن ؟ ) .
' تركي ' ( سارة أنا متعب ، سأكون في بريطانيا غدا ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


السبت .
تبوك ، السادسة صباحا .


استلقت على سريرها وهي تحضن مخدتها على صدرها .
لا تدري لمَ كانت تشعر بالسعادة وهي ترى ' تركي ' مع زوجته .
التي يبدوا عليها الطيبة ...
نعم هي لا تشعر بالغضب والضيقة تجاه ' تركي ' ، بعد أن جلست مع ' نجلاء ' عدة مرات ، ونصحتها كثيرا .
حتى أحست بأنها لم تعد تحبه .
ولكنها حزينة .. نعم حزينة .
تشعر بالغربة وسط بيتها ، تريد أن تعرف الحقيقة الآن قبل الأمس .
والدتها أبت أن تخبرها بشيء .
يكفيها أن تعرف ، لمَ هي عكس إخوتها ؟
روحا وجمالا ..؟
هن يملكن الروح المرحة ، العاشقة لبلدهم الأصلي باكستان .
والجمال الباكستاني .
وهي تملك الروح المحبة والعاشقة للسعودية ، والجمال العربي .
أخذت تفكر حتى أخذها النوم .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك ، السادسة والنصف صباحا .


طوت سجادتها وخلعت إسدال الصلاة بعد أن قرأت أذكار الصباح وصلت ركعتي الضحى .
استلقت على سريرها مرهقة .. لم تنم منذ البارحة .
جلست على سجادتها تصلي وتبكي وتدعوا منذ أن أقفلت الباب عند الساعة الثانية والنصف بعد أن حصل ما حصل مع ' تركي ' .
دخلا الفندق سويا ..
ولم تنتهِ من خلع عبائتها حتى وقف أمامها ' تركي ' وعيناه محمرتان .
' تركي ' ( ما كان قصدك ؟ ) .
' سارة ' ( لم أقصد شيئا ، فقط قلت لك الحقيقة ، بينما أنت لم تكن شجاعا لتقولها ) .
أخذ ' تركي ' ينظر إليها لبعض الوقت ثم قال بهدوء ( حسنا ، بمَ أنك قلتِها وعرفتي أني مجبر ، أنا لست مضطرا لأشرح لك كيف سيكون وضعنا ، أليس كذلك ؟ ) .
' سارة ' ( ماذا تقصد ؟ ) .
' تركي ' ( قصدي واضح ، هل لكِ أن تخبريني لمَ أُجبرتي ومن الذي أجبرك ؟ ما أعرفه هو أن أمي حدثتك أولا ثم حدثت والدتك بعد موافقتك ) .
ارتبكت ' سارة ' وقالت بثقة ( أنت لا تعرف كل شيء ، وأنا لن أجيب قبل أن تجيب أنت على ذات الأسئلة ) .
' تركي ' بحدة ( لن أقول شيئا ) .
' سارة ' بتحدي ( ولا أنا ) .
' تركي ' ( كما تريدين ، وأنا ممتن لك كثيرا ، لأنك سهلتي علي أشياء كثيرة ، سأبدل ملابسي وأخرج كي أنام هنا في الصالة ) وتوجه نحو الحجرة بخطوات غاضبة .
' سارة ' ظلت واقفة في مكانها مذهولة .. حتى خرج هو بعد 10 دقائق ونظر إليها .
انتبهت ' سارة ' لنفسها ودخلت .. أقفلت الباب وجلست على السرير وهي تبكي .
ثم قامت بعد ربع ساعة واغتسلت وفرشت سجادتها تصلي وتشكوا لله ضيق صدرها .
أما ' تركي ' فقد جلس على الأريكة متضايقا ، وشعر بالتعب الشديد .
وتذكر أنه لم يتناول أدويته ، نزل إلى الأسفل بسرعة وأتى بكيس الأدوية من السيارة .
تناولها واستلقى على الأريكة والشوق ' لسارة ' أتعبه أكثر .
حتى أتاه إتصالها ، ونام تعبا بعد إنتهائه من مكالمتها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°


تبوك ، الثانية عشرة مساء .


استيقظ على صوت هاتفه ، ورد على أمه التي أمرته بالتوجه حالا إلى منزلها كي يتناولون الغداء قبل أن يسافرا .
جلس وهو يفرك عيناه ، ثم نظر إلى الباب الذي خرجت منه سارة وارتبكت حين وجدته مستيقظا .
مرة أخرى شعر بالتوتر ونزل عيناه يتفادى رؤيتها .
أما هي ، فقد أتت وجلست بجانبه قائلة ( أشعر بالجوع ، ألن نأكل شيئا ؟ ) .
وقف ' تركي ' وقال وهو يذهب إلى الحجرة ( بلى ، جهزي نفسك للذهاب إلى منزلنا ) ثم توقف والتفت إليها وقال وهو ينظر إلى ملابسها ( لا أظن أن عليك إرتداء ملابس كهذا مع علمك بوضعنا ) .
وقفت ' سارة ' أمامه وقالت بصوت غاضب بعض الشيء ( أن تحدد وضعنا كيف سيكون ، نعم هو من إختصاصك .. ولكن أن تمنعني من إرتداء نوعا ما من الملابس ، فهذا ليس من شأنك ) .
' تركي ' بحدة ( بلى من شأني ، وإن عاندتِني فسوف أقص جميع ملابسك ، أم أنكِ تريدين إثارة غضبي وحسب ) .
' سارة ' ( أبدا ، أنت آخر من أهتم به .. ولبست هذا الفستان رغما عني ، فهم لم يأتوا بإحدى حقائبي ، ولا أعلم ماذا سأرتدي الآن ) .
تنهد ' تركي ' ثم انصرف عنها .



وبعد ربع ساعة ، وقفت ' سارة ' أمامه وهي ترتدي عباءتها ( انتهيت ) .
رفع ' تركي ' عيناه من الهاتف ( وماذا ارتديتي ؟ ) .
' سارة ' ( لم أغير ملابسي ، سوف أغير هناك .. فحقيبتي أظنها في غرفتك ) .
وقف ' تركي ' قائلا ( الويل لك إن خلعتي عباءتك أمام والدتي ) .
قالت ' سارة ' مستنكرة ( نعم ! أتظنني بلهاء ! ) .
' تركي ' ( نعم ، فوجهك لا يوحي إلا بذلك ) .
تنهدت ' سارة ' بغضب ولم ترد عليه .
وظلا صامتين حتى وصلوا إلى منزل والد ' تركي ' .
سلموا على والد ' تركي ' ووالدته وعمته ' منال ' .
وصعدت ' سارة ' حجرة ' تركي ' ثم نزلت بعد أم لبست فستانا باللون الأبيض ، وبأكمام قصيرة
وفردت شعرها ...
نظر إليها ' تركي ' بدهشة وهو يعض شفته السفلى ، كيف ترتدي هذا الفستان بوجود والده ؟
وكيف تظهر أمامه بهذه الزينة .
وشعر بالغضب حين أشار والده إلى مكان بجانبه وأمرها بالجلوس فيه .
وغضب أكثر حين جلست وهي تبتسم ، ولا يفصل بينهما سوى ' تكاية ' .
وأخذ والده يحدثها ويمازحها ، وهي تضحك وتجاريه .
حتى قال له والده ( لا أوصيك على إبنتي ياتركي ، انتبه عليها جيدا ، وأنتي أيضا يا ' سارة ' .. ستصوني ابننا أليس كذلك ) .
' سارة ' ( بالطبع ) .
' تركي ' بنبرة غاضبة ( كفي عن الكذب ، لن يحصل ذلك وأنتي مجبرة على هذا الزواج ) .
وساد الصمت في المجلس ، وأخذ كل واحد منهم ينظر إلى الآخر بدهشة .
بينما نظرت ' سارة ' إلى ' تركي ' بإبتسامة مصدومة ، وقلبها يدق بسرعة .
والدة ' تركي ' ( ما هذا الهراء يا تركي ، من قال لك ذلك ؟ ) .
' تركي ' ( هي ) .
والدته ( صحيح يا سارة ؟ ) .
' سارة ' ( نعم ، ولكنني كنت أمزح معه ) .

وقف ' تركي ' ونظراته القوية والغاضبة تربك ' سارة ' وتوترها ( ما كان ينبغي عليك أن تمزحي بهذا الشأن في ليلة العُرس ، فأنا لم أشعر بالسعادة بعد أن قلتي لي ذلك ) .
وخرج من المجلس .
أخفضت ' سارة ' بصرها بإحراج ، وقد خنقتها العبرة .
والد ' تركي ' ( تركي محق ، أنتي كنتي مخطئة يا إبنتي ) .
ابتسمت ' سارة ' بإرتباك ( سوف أعتذر منه ) .
واحتفظت سارة بإبتسامتها وهدوءها حتى حان وقت الأكل ، وقلبها ينزف .
كان ' تركي ' يجلس بجانبها ويأكل بهدوء .
و' سارة ' كانت تجاري الجميع في أحاديثهم وتضحك وكأن شيئا لم يحصل .
وبعد صعودهم إلى حجرتهم بعد الغداء ، كانت ' سارة ' تقف أمام المرآة ترفع شعرها بمطاط غير مبالية بــ' تركي ' الذي لم يحرك عيناه من عليها منذ دخولهما الحجرة .
ثم توجهت إلى حجرة تبديل الملابس وخرجت بعد أن ارتدت ما كانت ترتديه في الصباح ، مما أثار غضب ' تركي ' .
وهو فستان أسود قصير يصل إلى الركبة ، بلا أكمام ..
' تركي ' ( ألم أمنعك من إرتداء هذا ! ) .
' سارة ' ( حقا ! أنا لا أذكر ) وجلست على الطرف الآخر من السرير وقالت وهي تتناول هاتفها ( ما كان عليك أن تحرجني هكذا أمام والديك ) .
' تركي ' وقف أمامها غاضبا ومسكها من ذراعها بقوة وأوقفها حتى سقط هاتفها وتكسر وتناثرت أجزاؤه ، وقال وهو يصر على أسنانه ( بل كان يجب علي ذلك ، خاصة بعد إرتداءك فستانا ضيقا أمام والدي ، من ظننتي نفسكِ حين تذهبين أمامه بهذا الشكل ؟ ) .
قالت ' سارة ' بثبات وقلبها يرتجف من الخوف ( لم أجد شيئا مناسبا وساترا أكثر من ذلك ، فأنا نسيـــ......... ) .
قاطعها ' تركي ' ( لمَ ؟ هل أنتي رخيصة إلى هذا الحد ، لدرجة أنك لا تملكين لباس ساتر ؟ ) .
غضبت ' سارة ' من قوله ولكنها ظلت ثابتة ( ليس الأمر كما تصورت ، بل نسيت حقيبتي في المنزل ) .
' تركي ' ( لمَ ؟ هل كنتي متعمدة ؟ ) .
' سارة ' ( كنت سأقول نعم إن لم أكن أعلم بأنك مجبر على الزواج مني ، ولكن الآن أقول لا .. )
' تركي ' ( وهل سيبقى الأمر كذلك حتى نذهب إلى المدينة ؟ ستلبسين أمامي وأمام أهلي ملابسا غير لائقا كهذه ؟ ) .
' سارة ' ( سأتصرف ) ونظرت إلى يده الممسكة بذراعها وهي تقول ( ألا تنوي ترك يدي يا أستاذ ، فقد شُلّت من قبضتك ) .
انتبه ' تركي ' وترك يدها وانصدم حين رآى هذا المنظر .
فقد احمرت يدها بشكل كبير ، وأصبحت كإسورة ..!
أخذت ' سارة ' تحكها وتمسح عليها وهي تعقد حاجبيها .
عاد ' تركي ' إلى مكانه وهو يشعر بتوتر شديد لا يعرف سببه ، وأخذ ينظر إليها بطرف عينه .
كانت لا تزال تمسح على يدها وهي تغمغم بكلمات غير مفهومة .. ثم قالت بصوت عالٍ ومتذمر ( يا لك من متوحش ) .
ضحك ' تركي ' بصوت غير مسموع ، وهو متعجب من ثباتها وهدوءها .
ثم استلقت وتدثرت باللحاف وغطت في نوم عميق ، حتى أن ' تركي ' اقترب منها ليتأكد من أنها تتنفس وأنها ما زالت حية .
وابتسم على ملامحها الهادئة والبريئة ، وأغلق الأنوار واستلقى بجانبها وهو يتأمل وجهها .
وقال لنفسه وهو يتنهد ( فرق كبير بينك وبين محبوبتي ، أنتي أجمل ... وستكونين أكثر شقاء ، وصدق من قال أن _ الجميلات أتعس حظا من غيرهن من النساء - ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الباحة .
السابعة مساء .


توقفت السيارة أمام قصر كبير ، ونزلت هي وأخيها من السيارة .
وضمت نفسها حين هبّ نسيم بارد .
التفتت مع أخيها على من فتح الباب وخرج وهو يبتسم ، وتقدم من أخيها وسلم عليه ثم أدخلهم المنزل وهو يرحب .

خرج إليهم أبيها ، ركضت نحوه واحتضنته بقوة وأخذت تبكي .
مسح أبيها على ظهرها محاولا تهدئتها .
' أريج ' ( سامحني يا أبي ، لم أكن الفتاة الطيبة .. لقد خنتكم ) .
' والدها ' ( لا عليك يا إبنتي ، أنا لست غاضبا ) .
' أريج ' ترفع رأسها وتمسح دموعها ( كنت أفكر في إجهاضه و ....... ) .
قاطعها ' سعد ' غاضبا ( أريج ! كفي عن قول هذا ، فطفلك ليس مذنب ) .
' والدها ' ( نعم .. سعد محق ، والآن تفضلوا في منزلكم ) .
دخل الجميع المنزل وجلسوا في الصالة الدائرية الكبيرة ، والتي تتوسط المنزل .. وفيها سلّمان دائريان مؤديان إلى الدور العلوي .
' أريج ' منبهرة من جمال القصر ( ما أجمله ) .
' والدها ' ( استمتعي فيه يا إبنتي ، فهو وجميع من فيه تحت خدمتك ) .
' أريج ' ( حفظك الله يا أبي وأطال في عمرك ) .
' عبدالعزيز ' ( حسنا أنا أستأذنكم الآن ، إن أردتم شيئا فأنا سأكون في حجرتي ) وخرج .
' أريج ' ( من هذا يا أبي ) .
' والدها ' ( هذا إبن أحد أصدقائي المتوفين ، وهو من يكون دائما معي في حلي وترحالي ) .
' سعد ' ( أنا سأذهب لأرتاح قليلا ) وصعد .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°



تبوك .
الثامنة والنصف مساء .


نزلت من حجرتها ورحبت بإبنة خالتها ' نجلاء ' .
وجلست معها بعد أن أحضرت المكسرات والسوائل .
هي لا تشعر بالسعادة سوى مع ' نجلاء ' .
شقيقاتها لا يطِقْنَ مجالستها ، وهي أيضا كذلك .
وتشعر بالضيق الشديد مع أمها ؛ ولا تعلم سبب ذلك .
' نجلاء ' ( لن تصدقي ما سأقول لك ) .
' أحلام ' ( ماذا ؟ ) .
' نجلاء ' ( مشتاقة لجميلة هههههههه ) .
' أحلام ' ( وأنا أيضا ، حدثتني ليلة أمس ، وبشرتني بحملها ) .
' نجلاء ' تعود إلى الخلف ( ما شاء الله ، نحن فاتنا القطار يا أحلام ) .
' أحلام ' ( لماذا ؟ فليكن في علمك أن الدراسة هي أهم شيء في الحياة ، أم الزوج والأطفال أمور ثانوية ) وبسخرية ( خاصة إذا كان عليك الزواج من باكستاني ، أو كنتي ابنة لباكستاني ) .
' نجلاء ' ( كم أكرهك يا أحلام حين تحتقرين أباك وتحتقرين الباكستانيين ) .
' أحلام ' ( لو كنت أعرف الحقيقة لكان الأمر مختلفا تماما يا إبنة خالتي العزيزة ) .
' نجلاء ' ( في كلامك شيء من الصحة ، ولكنني أظن أنك ستكونين بخير إن جهلتِها ، وإلا لأخبرتك والدتك بها ) .
' أحلام ' تنظر إليها بنصف عين ( تعلمين ! بعض الأحيان أشك بأنك تعرفينها ) .
' نجلاء ' ( احتفظي بشكوكك لنفسك ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 08-02-17, 05:42 PM   #6

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء الخامس - غضب , وبعض فرح )



بريطانيا .
السابعة صباحا .


وصلا الفندق وهما مرهقين تماما .
ألقت ' سارة ' بثقل جسدها على الأريكة ، وتوجه ' تركي ' إلى الحجرة .
خرج منها بعد ربع ساعة وهو يرتدي بذلة جميلة ، ومتأنق للغاية ، وريحة عطره انتشرت في أرجاء الصالة .
نظرت إليه ' سارة ' وهي لم تخلع عباءتها بعد ( ستخرج ؟ ) .
' تركي ' ( نعم ، سأعود بعد ساعة ) .
' سارة ' ( وأنا ) .
' تركي ' ( ارتاحي انتي الآن ، سوف تخرجين في المساء ) .
' سارة ' ( أنا لا أريد الخروج ، ولكنني لا أستطيع أن أجلس لوحدي ساعة كاملة هنا ) .
' تركي ' بسخرية ( أنتي لستِ صغيرة ) .
' سارة ' ( لا يشترط أن أكون صغيرة حتى أخاف في هذا المكان الغريب ، فأنا منذ ولدت وحتى الآن لم أسافر خارج المملكة سوى هذه المرة ) .
' تركي ' بإزدراء ( حقا .. إذا لن ألومك ، ولكن لدي موعد مهم ، ولا أستطيع أن أخذك معي ) .
' سارة ' ( أظنك أتيت إلى بريطانيا لأجل هذا الموعد ليس إلا ) .
صمت ' تركي ' لبعض الوقت ثم نظر إليها ( نعم ) .
تنهدت ' سارة ' بضيق ( حسنا .. فلتستمتع بوقتك أيها الأستاذ ) .
نظر ' تركي ' إلى عينيها طويلا ولمح الحزن فيهما .
قاطعته ' سارة ' ( ولا شك في أنك كنت تخطط لهذا منذ البداية ، أعني حين خطبتني والدتك ، فأنا لم أركَ بهذه الروح سوى الآن ) .
' تركي ' ( ليس تماما ) .
جلست ' سارة ' على الأريكة ( أرجوك أن لا تتأخر كثيرا ، فأنا جادة في قولي بأني خائفة .. ولا تنسَ أن تشتري لي هاتفا ) .
' تركي ' ( حسنا ) وخرج تاركا خلفه ' سارة ' التي أحست بالجرح والإهانة .
وأخذت تبكي بصمت .

•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•


توجه ' تركي ' إلى المطعم الذي وعد ' سارة ' أن يكون متواجدا فيه تمام الساعة التاسعة .
حتى وإن كان الوقت مبكرا ، فهو متشوق جدا لرؤيتها .
وصل إلى المكان المقصود وأخذ ينتظرها بلهفة وهو ينظر إلى ساعته بين الحين والآخر .
ثم تذكر زوجته التي تركها ، لو أنه جلس معها حتى يحين الموعد يطمئنها ويحسسها بالراحة والأمان ثم يخرج !
تذكر نظراتها الحزينة والمرتجفة ، وكلماتها الصريحة .
كان عليه أن يهدئها .
تنهد وهو يشعر بالحزن عليها ، ولكنه سرعان ما تجاهل هذا الشعور .. حين قدمت ' سارة ' وهي تبتسم إبتسامة باهتة .
بعبائتها الرمادية ، وطرحتها الوردية ، التي لا تغطي شعرها الأمامي .
فرق شاسع بين حجابها وبين حجاب ' سارة ' زوجته .. التي ترتدي عباءة على الراس ، وتغطي عيناها .. وتلبس قفازات ، ولا يظهر منها شيء .
حتى هو تعجب لما رآها بهذا المنظر .
وقف وهو يبتسم لها .
رحبت به ' سارة ' بحفاوة وعتاب شديدان .
طلب ' تركي ' قهوة لهما .
وجلسا يتحدثان ويسألان عن بعضهما ، ويسترجعا الأيام الجميلة التي قضاها ' تركي ' هنا أيام دراسته .
كانا يتحدثان ويضحكان وكأن شيئا لم يحصل ، حتى سألت ' سارة ' ( والآن .. أخبرني لم
تركتني ) .
نظر ' تركي ' إلى كوبه طويلا قبل أن يجيبها ( سارة ، أنا مريض .. مصاب بورم في الصدر ، لن أعيش طويلا ؛ لذا لم أشأ أن أكمل معك ثم تتألمين برحيلي ) .
وضعت ' سارة ' يدها على فمها غير مصدقة ( أنت تمزح معي ، أليس كذلك ؟ ) .
' تركي ' بحزن ( لا ) .
' سارة ' ( منذ متى ؟ ) .
' تركي ' ( منذ ثلاثة شهور فقط ، يعني .. يوم تركتك ) .
' سارة ' ( ولماذا لم تخبرني في ذلك الوقت ؟ كنت سأتقبل الموضوع صدقني ) .
' تركي ' ( حقا ! ولكنني سأموت قريبا ) .
' سارة ' ( أرجوك يا تركي ، كفّ عن هذا القول ، ستتعالج وستتعافى بإذن الله ؛ ألم تبدأ
بالعلاج ؟ ) .
' تركي ' ( لا ، سأبدأ بعد رجوعي إلى تبوك فورا ) .
' سارة ' بإنفعال ( ماذا كنت تنتظر ؟ سينتشر الورم وستتألم أكثر ) .
' تركي ' ( لن يحدث ذلك بإذن الله ) .
ثم ساد صمت بينهما عدة دقائق ، وقطعته ' سارة ' بقولها بصوت مرير ( لم تستطع الإكمال معي بسبب مرضك ، ولكنك استطعت الزواج من أخرى ) .
' تركي ' ( ذلك لأنها لا تعني لي شيئا ) .
' سارة ' ( ماذا تعني ؟ ) .
' تركي ' يتقدم إلى الأمام ( أعني أنها زوجة على الورق فقط ، وأني تزوجتها فقط لأجل والدتي ، أما أنتي .. فكل شيء بالنسبة إليّ ، لذا لم أكن أريد أن أحزنك أو أضايقك ) .
ابتسمت ' سارة ' ثم قالت ( وهي هل علمت بمرضك ؟ وهل ... تعرف عني ؟ ) .
' تركي ' ( لا ) .
ومر الوقت سريعا وهما يتحدثان حول أمور عديدة ، حتى نظرت ' سارة ' إلى ساعتها وهي تشهق مصدومة ( لقد مرت ساعتان كاملتان ونحن لم نشعر ) .
' تركي ' انصدم هو الآخر ووقف قائلا ( يا إلهي ، عليّ الذهاب الآن ) .
' سارة ' وقفت ( لماذا ؟ هل هناك أمر مهم ؟ ) .
' تركي ' ( أبدا ، سارة أوصتني بأن أشتري لها هاتفا ، وأنا لم آخذ نصيبي من الراحة بعد ) .
' سارة ' عقدت حاجباها ( قلت سارة ؟ ) .
ضحك ' تركي ' وهو يقول ( ألم أخبرك بأن إسمها سارة أيضا ) .
وضحكت ' سارة ' ( حقا ! يا لهذه الصدفة ) .
' تركي ' ( حسنا ، أراك لاحقا عزيزتي ) .
' سارة ' بحزن ( عدني بأن نتقابل ثانية يا تركي ) .
' تركي ' ( أعدك ، أستودعك الله ) .

وانصرف كل منهما حيث يقصد .
ركض ' تركي ' بكل ما أوتي من قوة حتى وصل إلى محل لبيع الهواتف ، واختار هاتفا أنيقا وحديثا .
ثم خرج من المحل وذهب إلى الفندق ماشيا ، لأنه كان قريبا من المحل .
وصل إليه وهو منشغل العقل ' بسارة ' التي تنتظره ، لا شك بأنها غاضبة .
فهو خرج في الساعة الثامنة إلا ربعا ، وعاد في الثانية عشرة إلا ربع !
فتح الباب وفزع عندما سمع صرخة ' سارة ' التي وضعت يدها على فمها حرجة بعد ذلك .
أغلق الباب وتوجه إليها وهو متعجب ، إذ أنها لا تزال على وضعها بعبائتها .
' تركي ' ( ألم تخلعي عباءتك بعد ؟ ولم تنامي ؟ وما سبب هذا الصراخ ؟ ) .
' سارة ' تنظر إلى الأسفل ( كان المكان هادئا جدا ، لذا خفت حين فتحت الباب ، ولم أستطع التحرك من مكاني بسبب الخوف ) .
' تركي ' جلس بجانبها متعجبا ( ألهذه الدرجة تخافين ؟ ) .
' سارة ' ( نعم ) ثم اندفعت إليه قائلة ( قلت بأنك ستعود بعد ساعة ، لمَ تأخرت كل هذا الوقت ؟ ) .
' تركي ' ( مر الوقت سريعا ولم أنتبه ، ولو علمتُ أنك تخافين إلى هذه الدرجة لوضعت منبها ) .
' سارة ' ( هل تستهزيء ؟ قل ما تشاء فهذه الحقيقة ، فأنا من شدة خوفي قمت أتخيل أشباحا تجول في الصالة ) .
ضحك ' تركي ' حتى احمر وجهه ، ثم التفت إليها ولم يقل شيئا حين رأى الغضب في وجهها .
' سارة ' ( كفّ عن الضحك رجاء ، يكفيني ما بي ، هلاّ طلبت لي شيئا آكله .. فأنا لم أكل شيئا حتى الآن ) .
انتبه ' تركي ' إلى هذا وقال ( كيف نسيت ذلك ؟ ماذا تريدين أن تأكلين ؟ ) .
' سارة ' ( فقط قهوة وبعض الحلويات ) .
طلب لها تركي ما أرادت ، ثم جلس على الأريكة وشغل التلفاز وأخذ يقلب القنوات .
حتى طرق العامل الباب ، أخذ منه ' تركي ' الصينية وعاد إلى ' سارة ' .
التي وجدها تغط في نوم عميق ، مد يده نحوها كي يوقظها ولكنه لم يستطِع حين رآى ملامحها الهادئة والمسالمة .
حملها ' تركي ' وأخذها إلى الحجرة ، ووضعها على السرير .
وتفاجأ حين استيقظت ونظرت إليه بخجل ثم قالت ( لو أنك أيقظتني ! ) ثم وقفت وخلعت عبائتها وتغطت .
' تركي ' تنفس بصعوبة بعد أن رآها بهذا الملابس ( لقد وصل طلبك ) .
' سارة ' ( سأتناوله فيما بعد ) .
' تركي ' ( كما تشائين ) وخرج إلى الصالة واستلقى على الأريكة وصورة سارة بفستانها الأصفر ، القصير ، والضيق .. والذي لا يغطي أكتافها ..
تمر به وتزعجه ، وتحثه على الذهاب إليها .. ولكنه ليس يفعلها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•


الأحد .
أبها , السادسة إلا ربع صباحا .


فتحت ' أريج ' أبواب الشرفة وخرجت إليها وهي تشعر ببعض البرد ، وكانت تغطي جسدها النحيل بوشاح أسود .
أغمضت عيناها وهي تتنفس بهدوء .
ومرت بها إحدى الذكريات مع ' مازن ' .
حين خرجت معه في أحد الأيام في الصباح الباكر ، وأخذها إلى أحد المنتجعات ، وخرجت هي إلى الشرفة واستمعت فيه كثيرا رغم حرارة الجو .
تناولا المثلجات ، وغازلها ' مازن ' كثيرا .. ثم تطرق إلى موضوع الزواج ، وقال بأنه يشعر أنه تأخر كثيرا واعتذر منها .
ثم دخلا إلى الداخل بعد أن ازدادت الحرارة ، وأخذ يغازلها حتى حصل ما حصل بعد أن كانت تمانع بقوة .
رجعت للواقع وتنهدت وهي تمسح دمعتها .
كانت عمياء ، وكانت ساذجة وغبية .
وهو كان ذكيا ، مستغلا ضعفها وحبها الشديد له .
وضعت يدها على صدرها وهي تشعر بألم ، ألم قلبها الذي لا يزال مجروحا ومتألما من حبيبها .
ثم لمست بطنها ونظرت إليه وهي تقول بهمس ( أنت النتيجة ، نتيجة سذاجتي وثقتي العمياء في أبيك ، وكذبه وإستغلاله ) .
مسحت دموعها مرة أخرى وهي تتذكر ما قالته أختها ' وعد ' ( مازن لا يستحق دمعة واحدة منك ) .
تنهدت وتقدمت إلى الأمام واستندت بذراعيها على السور ، كان المنظر جميل أمامها .
المكان هاديء جدا ، ومظلم بعض الشيء .. الشمس لم تشرق بعد ، والسماء غائمة .
وانتبهت إلى أبيها وأخيها ' سعد ' ' وعبدالعزيز ' كانوا عائدين من المسجد .

وتأملت في ' عبدالعزيز ' وهي تقول لنفسها ( يا له من مسكين ، يقضي جلّ أوقاته مع رجل في سن أبيه ، أود أن أعرف .. أين المتعة في ذلك ، أم أنه الخضوع التام والحب الشديد للأب ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°


بريطانيا .
الرابعة والنصف عصرا



كانت ' سارة ' تشرب قهوتها وهي تشعر بالإرتباك والتوتر من ' تركي ' وقالت بعد أن علمت أنه متضايقا من لبسها ( ما رأيك أن نذهب للتسوق ، أريد شراء بعض الملابس ، فأنا لا أشعر بالراحة بهذه .. لأنني لم ألبس مثلها قط في حياتي ) .
نظر إليها ' تركي ' بطرف عينه وهو يقول ( نعم هذا واضح جدا ) .
' سارة ' ( ماذا قلت ؟ ) .
' تركي ' تنهد وهو يعود إلى الخلف وينظر إليها ( قلت واضح بأنك لم تلبسي مثلها أبدا ، وأنك لا تشعرين بالراحة ) .
غضبت ' سارة ' ( أنا صادقة أيها الأستاذ ) .
' تركي ' ( هل قلت شيئا غير ذلك ؟ ) .
ثم صمت الإثنان في غضب .
وقامت ' سارة ' متوجهة للحجرة ثم عادت وهي ترتدي عبائتها ( أتمنى أن تكون راضيا الآن ) وجلست غاضبة .
ضحك ' تركي ' ضحكة قصيرة ثم قال ( نعم هذا جيد جدا ) .
' سارة ' ( أنت تستمع كثيرا حين أغضب ) .
ابتسم ' تركي ' لطريقتها الطفولية ( بالطبع ) .
صمتت ' سارة ' وهي تحاول الإحتفاظ بهدوءها ومظهرها الذي يدل على أنها راضية بما يحصل ، بينما قلبها ينزف بهدوء .. تشعر بالإهانة الشديد .
كانت تتخيل حياة جميلة مع رجل وسيم مثل ' تركي ' ، ولم يخطر ببالها أنها ستكون بهذا الوضع ، وأنها ستكون بهذا الهدوء والبرود .
حسنا وما الذي أستطيع فعله سوى التظاهر بعدم الشعور ، فأنا لست في المدينة كي أشكوا لإخوتي فيأتون لأخذي وتوبيخ ' تركي ' ، أو أشكوا لوالدتي فتخفف عني بكلماتها التي تأتي كالبلسم على قلبي .
وتنهدت وهي تحتسي القهوة التي اصبحت باردة .
والتفت إليها ' تركي ' قائلا ( مابك ؟ ) .
' سارة ' ( لا شيء ، فقط اشتقت لأمي ) .
' تركي ' ( هل تودين التحدث إليها ؟ ) .
' سارة ' ( ليس الآن ، ستكون نائمة في هذا الوقت ) .
وبعد صمت ....
' تركي ' بتردد ( سارة ، هل كنتي جادة حين قلتي أمام والدَي بأنك كنتي تمزحين معي ؟ ) .
' سارة ' ( لا ، أنا لم امزح معك ، فقط كنت غاضبة من عدم إهتمامك بي ، لذا قلت ما قلته وأنا مغتاظة ) .
عقد ' تركي ' حاجبيه ( ما كان ينبغي عليك فعل ذلك ، لو صارحتني عن غيظك ونحن في الحجرة لشرحت لك الأمر ) .
' سارة ' ( حقا ! وماذا كنت سأقول لك وأنا لا أعرفك جيدا ؟ ، يا إلهي ، أنا مغتاظة لأنك لم تهتم بي ولم تحدثني طوال فترة الخطوبة ؟ ) .
تنهد ' تركي ' وهو يكتم غضبه ( كنتي تستطعين تأجيل الحديث حتى نعود ) .
وقفت ' سارة ' بغضب وصرخت قائلة ( كفى ، ما الفائدة في إعادة ما حدث ، هل سيغير شيء ؟ بالطبع لا .. فأنت ستظل الرجل الذي أجبر على الزواج من فتاة كانت تحلم بحياة جميلة وردية هادئة ) .
' تركي ' ( إهدئي يا سارة ، فلا داعي لهذا الإنفعال ) .
' سارة ' جلست والحرارة تعلو صدرها ( أخبرني، لمَ لمْ تكن تريد الزواج مني ؟ ) .
' تركي ' ( أنا لم أكن أرغب في الزواج أبدا ) .
' سارة ' ( ولكن لمَ ؟ ) .
' تركي ' ( لن أخبرك بهذا أبدا ) .
' سارة ' ( بلى ستخبرني ) .
وقف ' تركي غاضبا ( لن أخبرك يا سارة ، هل تفهمين ؟ ) وتوجه نحو الباب وخرج غاضبا .
نظرت ' سارة ' إلى الباب بهدوء وخوف ، تركها مرة أخرى لوحدها ..
يا إلهي ، يجب علي أن أكون أكثر هدوءا ، وأن أتظاهر بعدم المبالاة أكثر .
وإلا سيفعل في كل مرة مثل ما فعل الآن .
ارتجفت ' سارة ' وهي تتخيل الأشباح مرة أخرى ، كانت تقرأ قصصا كثيرة عن الأرواح والجن تحصل في بريطانيا .. وهي لم تكن تصدقها بل كانت تسخر .
ولكن الآن الوضع مختلف ، فهي في بريطانيا ، ولوحدها ..!
تكورت على نفسها وضمت ركبتيها إلى صدرها وهي تشعر بالخوف الشديد .
ومرت 4 ساعات كاملات وهي لم تتحرك من مكانها سوى لأداء الصلاة ، وكانت ترتجف حينئذ .
حتى عاد ' تركي ' من الخارج وبحث عنها ووجدها في الحجرة على سجادتها تقرأ القرآن بصوت عذب ، وأغمضت عيناها بخوف شديد حين أحست بأحد ما خلفها .
وكتمت أنفاسها حين اقترب منها .
استغرب ' تركي ' من توقفها المفاجئ عن القراءة ، جلس بجانبها ووضع يدها على كتفها
قائلا ( مابك ؟ لمَ توقفتي عن القراءة ؟ ) .
تنهدت ' سارة ' والتفتت إليه بهدوء ودموعها أوشكت على النزول ( أهذا أنت ؟ يا إلهي كم كنت خائفة ! ظننتك أحد الأشباح الذين تخيلتهم ) وغطت وجهها بيديها وهي تبكي من شعورها بالخوف وعدم الراحة .
عض ' تركي ' طرف شفته متحيرا ، هل يضمها ليهدئها .. أم يتركها .
وجلس على يمينها متربعا وهو ينظر إليها حتى مسحت دموعها وهي تبتسم ( آسفة ، فأنا شديدة التأثر بما أقرؤه من قصص عن الأشباح ، لا بد من أنك تقول لنفسك كيف زوجتني أمي من طفلة ! ) .
ابتسم ' تركي ' متعجبا منها ( أبدا .. ولكنني حقا متعجب منك ، ألهذه الدرجة تخافين ؟ ) .
ضحكت ' سارة ' ( نعم ، حتى أنني لم أقم من مكاني منذ أن خرجت إلا قبل قليل لأصلي ، وكانت ركبتاي ترتجفان حتى أوشكت على السقوط ) .
' تركي ' أحس بسعادة غريبة تجتاحه ، فهذه المرة الأولى التي تضحك فيها سارة له ، ووقف وهو يقول ( فليعينك الله ، أنا سأنام قليلا .. أشعر بالتعب ) واستلقى قبل أن يسمع ردها وأغمض عيناه .
ووقفت ' سارة ' وأغلقت الأنوار وعادت إلى سجادتها تذكر الله وتدعوه بأن يريح قلبها .
وكما تفعل في كل مرة ، كانت تبكي دون أن تصدر صوتا .
ولكن ' تركي ' الذي كان يسترق النظر إليها انتبه إلى دموعها ، وأشفق عليها كثيرا .
ونام الإثنان وقلبيهما مليئان بالهموم .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك ، السادسة مساء .


خرجت من المطبخ وتوجهت نحو والدتها وبيدها كوب قهوة .
' أحلام ' ( مساء الخير ) .
' والدتها ' ( مساء النور ) .
' أحلام ' ( مابك ؟ هل هناك ما يقلقك ؟ ) .
تنهدت ' والدتها ' قائلة ( أبدا ، ولكن حدثتني أم حمد بشأنك ، تقول بأن إحدى قريباتها تبحث عن عروس لإبنها ، وتفكر في ترشيحك له ) .
' أحلام ' بشيء من السخرية ( وهل قريبتها ترضى بأن تزوج إبنها فتاة باكستانية ؟ ) .
' والدتها ' بهدوء ( كفي عن السخرية أحلام ) .
' أحلام ' ( ليس قبل أن أعرف الحقيقة ) .
' والدتها ' بغضب ( أي حقيقة هذه التي أزعجتني بها ، لا توجد أية حقيقة .. أنا فقط تقدم لي والدك ووافقت وتزوجت ، مالغريب في الموضوع بنظرك ؟ ) .
' أحلام ' ( كل شيء ، استسلامك الدائم لوالدي قبل وفاته رحمه الله ، وخوفك منه .. وشخصيتك المغرورة قبل الزواج كما علمت من خالتي ، وقبل كل ذلك .. فقر والدي حين تزوجك ، وثراءك أنتي وجمالك ) .
' والدتها ' ( أنتي فقط تتخيلين أشياء لا وجود لها ، جدك كان يحترم أباك بشدة ويحبه ، لذلك أقنعني بالزواج منه .. وأنا لم أكن أملك سوى الخضوع لطلب والدي العزيز ، وقد كنت سعيدة مع والدك بالفعل ، وإن تطرقتي إلى هذا الموضوع مرة أخرى فسوف لن ترين
ما يعجبك ) .
' أحلام ' ( أنتي لم تقنيعني يا أمي ، وأنا سأسعى كثيرا لمعرفة الحقيقة ، أستأذن منك ) وصعدت إلى حجرتها تاركة والدتها تتنهد بغضب وحزن .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°


بريطانيا .
التاسعة والنصف مساء .


فتح ' تركي ' عيناه وأغلقهما بسبب النور الآت من الباب .
أخذ هاتفه وفزّ جالسا حين رآى الساعة .
وقف واتجه نحو الحمام ، ولكنه توقف حين رأى ' سارة ' على سجادتها تقرأ الأذكار ( لمَ لمْ توقظيني ؟ ) .
' سارة ' ( بلى كنت أحاول ، ولكنك كنت كالميت ) .
ابتسم ' تركي ' وهو يتذكر تذمر والدته وفارس من نومه الثقيل .
خرج بعد أن اغتسل وتوضأ ، ولم يجد ' سارة ' .
أدى ما عليه من فروض ثم خرج إلى الصالة وهو يرتدي ملابسا للخروج .
ووجد ' سارة ' تجلس على الأريكة بإسدال الصلاة ، وضامة رجليها إلى صدرها .
' تركي ' ( ألن تخلعي هذا الرداء ؟ فقد أديتي جميع الصلوات على ما أظن ) .
' سارة ' ( ليس لدي ملابسا ساترا ، بالله عليك أن تطلب لي شيئا آكله ... أشعر بالجوع الشديد ، وأنت إن خرجت لا تحضر لي شيئا ، وإن نمت لا تستيقظ ، فلا أعرف ما أفعله سوى الضغط على بطني كي يهداء من القرقرة ) .
ضحك ' تركي ' وأردف ( البسي عباءتك ، سنأكل في الخارج ) .
' سارة ' ( لا أرغب بالخروج الآن ، فأنا أشعر بتعب وآلام في مفاصلي ) .
جلس ' تركي ' وهو يضغط على هاتفه ( حسنا .. كما تريدين ) .
طلب لهما الآكل والتفت إليها ( لمَ لا تشغلي التلفاز ؟ ) .
' سارة ' ( لا يوجد به شيئا مسليا ، كما أن القنوات غير محترمة ) .
ابتسم ' تركي ' وهو يشغل التلفاز " بالريموت " ( أنتي مخطئة بالتأكيد .... نعم جيد ، هذا الفلم رائع ) .
' سارة ' بإشمئزاز ( أنا لا أحب مشاهدة الأفلام ) .
تجاهلها ' تركي ' واندمج مع الفلم ، وصارت ' سارة ' تحثه على تغيير الفلم بسبب ما ترتديه النساء من ملابس غير ساترة ، وهو استمر في المشاهدة قائلا بأنه معتاد على مشاهدة هذه الأفلام .
حتى غضبت ' سارة ' ووقفت وهي تقول ( تتضايق عندما ألبس أستر من هذه الملابس وأنا زوجتك ، والآن تبدوا مستمتعا جدا ومندمجا وأنت تنظر إلى الحرام ) وذهبت إلى الحجرة وأقفلت الباب بقوة .
نظر ' تركي ' إلى الباب لعدة ثواني ثم أعاد أنظاره إلى التلفاز وأغلقه وهو يقول ( نعم أنتي محقة يا سارة ، لن أفعل ذلك بعد الآن ) .
خلعت ' سارة ' رداء الصلاة وارتدت فستانا ضيقا جدا باللون الكحلي ، وقماش الظهر شفاف جدا ، بلا أكمام .. وقصير جدا .

ووقفت أمام المرآة تنظر إلى نفسها وهي تقول ( لنرى ماذا ستفعل الآن ! ) .
وتوجهت إلى الباب ، وترددت وهي تضع يدها على المقبض ، وتراجعت إلى الخلف ( لا لن أفعلها ، وإلا سيغضب ويتركني لوحدي هنا ) .
وارتدت الإسدال مرة أخرى وخرجت .
كان ' تركي ' ينظر إليها لبعض الوقت ثم تنهد وأعاد أنظاره على الهاتف .
جلست ' سارة ' بجانبه ( هل أستطيع التحدث مع والدتي الآن ؟ ) .
' تركي ' ( بالطبع ، أعطني رقمها ) .
أملت عليه رقمها الذي تحفظه عن ظهر قلب ، وابتعدت عن ' تركي ' وهي تتحدث إلى والدتها وتبكي من شوقها إليها .
وكان ' تركي ' ينظر إليها ويتأمل فيها ، كل مافيها يدل على البراءة والطيبة .
حقا يا سارة ، أنا لا أستحق فتاة مثلك .. تنهد حين انتهت ' سارة ' من مكالمتها وتوجهت إليه بوجه محمر .
ثم جلست وهي تقول ( سأموت من الجوع ، تأخروا كثيرا ) .
' تركي ' بملل ( سيأتون الآن ، أنا أشعر بالملل .. لمَ امتنعتي عن الخروج ؟ ) .
طُرق الباب وفتحه ' تركي ' وعاد إلى ' سارة ' وهو يحمل الأكل .
أخذت ' سارة ' تأكل بنهم ، حتى تعجب منها ' تركي ' .
وسكت حتى لا يحرجها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•



الباحة ، السابعة مساء .


صلت ' المغرب ' ونزلت حيث أبيها وأخيها يشربان القهوة .
سلمت عليهما وجلست .. وكانت تستمع إلى أحاديثهما دون أن تنتبه لما يقولانه .
حتى سمعت صوت ' عبدالعزيز ' بالقرب منهم وهو ينادي والدها .
وقفت من فورها وهي تقول ( سأصعد ) .
' والدها ' ( يمكنك الجلوس يا إبنتي وانتي ترتدين حجابك ، فأنا أعتبر عبدالعزيز إبنا لي ) .
ابتسمت ' أريج ' وهي تقول ( سيبقى غريبا عني ، وأنا لست صغيرة يا أبي ) .. وصعدت السلم سريعا .
أمر والدها ' عبدالعزيز ' بالدخول وأخذوا يتحدثون حول أمور العمل .

دخلت ' أريج ' حجرتها ، وجلست على السرير وهي تتذكر ما حدث لها ذات يوم مع مازن .
كانا في أحد الأسواق ، و ' أريج ' كما هي معتادة .. لم تغطي وجهها .
نظر إليها ' مازن ' بعد مدة بسيطة في غضب ( غطي وجهك أريج ) .
عقدت ' أريج ' حاجباها ( لمَ ؟ ) .
' مازن ' ( كل الأعين عليك ، وأنا أشعر بالغيرة ) .
ابتسمت ' أريج ' ( أحترم رغبتك مازن ، ولكن أنا غير معتادة ، ولا أستطيع فعلها ) .
' مازن ' ابتسم هو الآخر وقال وهو يمسك طرف طرحتها ويغطي وجهها ( بلى يا حبيبتي ، تستطيعين .. ما أجملك الآن ! ) .
وكانت كل ما خرجت معه تغطي وجهها ، أما غير ذلك فلا ..
وكانت الأعين تلاحقها أينما ذهبت ، وهذا الشيء يضايقها ويزعجها .. ولكنها لم تستطع فعلها أمام إخوتها خشية الإحراج .
تنهدت وهي تقول لنفسها ( هذا الشيء الوحيد الذي فعلته وأشعرتني بالراحة به ، من الآن فصاعدا ؛ سأغطي وجهي ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


يتبع ..



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 08-02-17, 05:46 PM   #7

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


مرت أسبوعان كاملان مملان على الجميع ؛ سوى ' فارس ونوف ' اللذان سافرا إلى جزر المالديف لقضاء شهر العسل فيه .
' تركي وسارة ' كانت الأيام تمر عليهما روتينية ، مملة ورتيبة .. سوى أوقات خروجهما وتسليتهما في الخارج .
كان كل واحد منهم يحاول نسيان ما به من هموم وآلام .. حتى أنهما يصبحان كالطفل أحيانا حين يكونا في الخارج .
وما إن يعودا إلى الفندق حتى تعود الحال على ما كانت عليه ، وكان ' تركي ' دائما يحاول إغضابها وإزعاجها بشتى الطرق ، وهي تقابله بالبرود واللامبالاة اللذان يغضبان ' تركي ' حتى لا يتركها لوحدها ويذهب .. وكانت تتألم من أسلوبه وتكتم في صدرها .
وما إن ينام حتى تخرُّ لله ساجدة باكية .
وقابل ' تركي ' سارة ' محبوبته عدة مرات ، في أماكن عديدة .. ووعدها بالزواج فور شفائه .
وحين يعود إلى زوجته يجدها على سجادتها تقرأ القرآن أو تصلي ، حتى خشي من غضبها ودعواتها عليه ..
وفي يوم السبت ، في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا عاد من الخارج بعد مقابلته لسارة ووداعه لها .. وجدها أيضا على سجادتها تبكي وتدعوا .
جلس أمامها وهو يعقد حاجبيه بحزن .. ووضع يديه على ركبتيها وهو يقول ( سارة ، هل أنتي غاضبة مني ؟ وهل تدعين علي ؟ ) .
ابتسمت ' سارة ' وهي تمسح دموعها وقد تفاجأت به ( ولمَ أغضب منك ؟ أنت أفضل حالا ممن يتزوجون عن غير رضا منهم .. وأنا لست ألومك على تعاملك معي ، بل اللوم وكل اللوم على من أجبرك وأنت بهذا السن ، ولا شك في أنك كنت تريد الزواج من إحداهن ، أو أنك خائب من قصة حب لك لم تكتمل ولم تنتهِ بعقد ) وأخفضت بصرها وهي تهز راسها
وتقول ( نعم ، أنا أقدِّر ذلك تماما ) .
ظل ' تركي ' يحدق إليها في دهشة لبعض الوقت ثم قال ( سارة ، هل تعنين ما تقولينه ؟ ) .
' سارة ' ( بالطبع ) .
' تركي ' ( ولكن ؛ هل من أحد أخبرك بشيء ؟ أعني أنك قلتي أشياء غير صحيحة أبدا ) .
' سارة ' ( لم يخبرني أحد بشيء ، ولكن تصرفاتك تدل على ذلك ) .
' تركي ' اندهش وهو يقول لنفسه ( هل هذا واضح إلى هذه الدرجة ؟ ) ثم قال لها وهو يهز رأسه بالنفي ( أنتي مخطئة يا سارة ، أنا فقط كنت لا أرغب بالزواج في هذا الوقت ) .
' سارة ' ( ولكنك تزوجت الآن وانتهى الأمر ، هل ينبغي عليك أن تجعلني هكذا ! لا راحة ولا نوم ولا إهتمام ؟ ولا أمان من المستقبل ) .
وأغمضت عيناها وهي تقول معتذرة ( أنا آسفة ، ما كان يجب علي أن أقول هذا الشيء ، فليصبرني الله حتى يقضي أمرا كان مفعولا ) ثم نظرت إليه متسائلة ( سنذهب إلى مكة مباشرة أليس كذلك ؟ ) .
تنهد ' تركي ' بعد أن عض طرف شفته وقد احتار من أمرها ، لا تترك لنفسها مجالا للبوح أو العتاب ، دائما ما تغير مجرى الحديث بدهاء حتى أنه لا يستطيع قول شيء أمام إرادتها ، من أي شيء خلقتِ يا سارة ؟ كيف تستطيعين حمل هذه الآلام لوحدك وأنتي بهذا السن ؟ مهلا ..!
أليست تقضي جلَّ أوقاتها على سجادتها ؟ إذا لديها ربُّ يخفف عنها ويواسيها .. وارتجفت أطرافه وهو يتخيلها تدعوا عليه ، وقال ( نعم بالتأكيد ) واحتضن وجهها بكلتا يديه وقبل جبينها بعمق ثم قال وهو ينظر إلى عيناها ( سارة .. إن أنتي غاضبة مني ، أرجوك أن تأخذي حقك مني الآن ، ولكن ... لا تشكيني إلى الله ) .
نظرت إليه ' سارة ' متفاجئة ( لن أفعلها ، أنت لست سيئا معي ) .
أغمض ' تركي ' عيناه بألم وهو يقول في نفسه ( بل سيئا إلى حد لا تتخيلينه يا سارة ) ووضع رأسه في حجرها واستلقى على السجادة وقال بهدوء ( هل تحفظين القرآن ؟ ) .
' سارة ' ( نعم .. الحمدلله ) .
' تركي ' ( إذا فأنت متدينة ؟ ) .
' سارة ' وشعور غريب يراودها من قربه ( تستطيع قول ذلك ، وإنما أنا لا أحب أنا تنادى فتاة أو يُنادى شاب بألقاب معينة ، كمطوع ومتدين ومتدينة وما إلى ذلك من الألقاب المخصصة لفئة معينة من الناس ، وإنما أنا مسلمة كما أنت مسلم ، ولكن منَّ الله عليَّ بحفظ كتابه وفضلني عليك ، بينما أنت تحت رحمته يوفقك متى شاء لحفظه إن أراد ذلك سبحانه ) .
ابتسم ' تركي ' ( كلامك رائع ، وقد أقنعتِتني .. والآن ! هل لكِ أن تقرأي لي بعض الآيات بصوتك العذب ؟ ) .
ابتسمت ' سارة ' محرجة وظلت صامتة لبعض الوقت ثم بدأت بترتيل سورة الأنبياء .
اقشعر بدن ' تركي ' عندما بدأت بترتيل أول الآيات ، ثم ما لبث أن شعر بالطمأنينة وانشراح الصدر .. حتى نام .
وبعد ساعة .
فتح عيناه ووجد نفسه في حجرها ، رفع عيناه ونظر إليها وهي أبعدت عيناها بإحراج .
ابتسم وهو يجلس ويمسح رقبته ( ياااه ، ما أجمله من نوم ) .
مددت ' سارة ' رجليها تقول ( رأسك ثقيلة يا رجل ، آلمت رجلاي ) .
' تركي ' ( حقا ! أنا آسف ، لمَ لم توقظيني ؟ ) .
' سارة ' تحرك عيناها بملل ( من يسمعك يظن أنك تنتبه إلى دبيب النمل وأنت نائم بعمق ، بينما أنت تنام بعد ساعة راحة من النوم وكأنك لم تنم منذ سنوات ، أو عدت من حرب ) .
ضحك ' تركي ' وقبل وجنتها دون أن يشعر ووقف وهو يقول ( أنتي حقا فتاة رائعة ) .
توردت وجنتا ' سارة ' وتنهدت وهي تقوم وتطوي السجادة ، ثم استلقت على السرير ونامت بإسدال الصلاة .

بدت هادئة جدا ، وجهها ينمُّ عن التعب ، ومحاولة جاهدة للتغلب على النعاس منذ مدة طويلة .
أنا حقا غير جدير بكِ يا سارة الصغيرة ، أنتي جميلة وبريئة وهادئة وطيبة القلب ، ودائما ما تسعين إلى مرضاتي بينما أخونك مع أخرى !
لدرجة أنكِ لا تخلعين هذا الرداء إلا قليلا حين لا تجدين لباسا ساترا كي لا أغضب .
ومن براءتك الشديدة تخافين الجلوس لوحدك ، وأنا أيضا لا أراعي هذا الشيء وأتركك غير مبالٍ بك .
ومع ذلك حين أعود لا تلومينني ولا تعاتبيني .
كان ينبغي علي أن أهيم بك حبا ، ولكني لا أظن أن هذا سيحدث يوما ما وأنا غارق في حب سارة الكبيرة ..!

جلس بجانبها وهو يتأمل ملامح وجهها المسالمة ويتذكر كلماتها حين قالت ( ولكنك تزوجت الآن وانتهى الأمر ، هل ينبغي عليك أن تجعلني هكذا ! لا راحة ولا نوم ولا إهتمام ؟ ولا أمان من المستقبل ) تنهد وهو يقول في نفسه ( كلامك صحيح .. ولكنك لا تعرفين الحقيقة يا سارة ، وإن أخبرتك بها لربما هاجرتي مضجعك ، نعم قد تفعلينها ..! فأنتي وحتى لا تعرفين حقيقتي تعذريني وتظنين أني لست سيئا وتهتمين بي وتسعين لإرضائي ، قد تبكين وتتألمين من أجلي حتى وإن كنت سيئا معك وجارحا ، ليس من أجلي ، بل بسبب قلبك الطيب يا سارة ) .
مال إليها وضمها إلى صدره دون أن يشعر وهو يحس بالألم عليها .. بينما ' سارة ' التي تشعر بكل ما يحدث حولها حتى وإن نامت بعمق ، استيقظت وسقطت دمعتها على خدها ، ولكنها سرعان ما أغمضت عيناها سعيدة بقربه .


••°••°••°••°••°••°� �•°••°••


تبوك ، الواحدة والنصف صباحا .


تململت على مقعدها وهي تستمع إلى أحاديث إخوتها حول مسلسلا باكستانيا شاهدوه للتو .
' رنا ' ( ما رأيك أنتي أحلام ؟ أليس من الأفضل أن توافق عليه وتتزوجه ؟ ) .
' أحلام ' ( أرى أنها قد ترتكب خطأ جسيما إن وافقت على الزواج من باكستاني ) .
' نور ' ضحكت حتى استلقت على ظهرها ( باللهِ عليك يا أحلام أن لا تتفلسفي ، فهي ليست عربية حتى تندم على الزواج من إبن جنسها ، ومن ثم هو وسيم جدا ألا ترين .. أسمر وله عضلات ، كم أتمنى الزواج من شاب مثله ) .
' رنا ' ( في هذا الوقت من الليل ، أدعوا الله من كل قلبي ، أن يزوجك يا أحلام برجل باكستاني )
نظرت إليها ' أحلام ' بحدة ووقفت وهي تقول ( يا لك من فتاة سخيفة ، تصبحون على خير .. غدا الأحد ، لا تنسوا ذلك ) وتوجهت إلى غرفتها وهي تتحلطم من دعوة أختها .


°°•°°•°°•°°•°°•°°•°°•� �°


الأحد .

بريطانيا ، الرابعة فجرا .


استيقظت على صوت المنبه من هاتفها ، وحاولت النهوض ولكنها لم تستطع بسبب يد ' تركي ' التي أمسكت بها جيدا ، أخذت تحاول وتحاول ولكن دون جدوى .. حتى تنهدت واستلقت على ظهرها وهي تعض طرف شفتها .
أخذت تتأمله عن قرب ، كان جميلا جدا ووسيما ، وهي محظوظة به .. لكنه ليس مناسبا من الناحية العاطفية .
قبلته سريعا دون أن تشعر بنفسها ، ثم ابتعدت وهي تستعيذ من الشيطان ، وأخذت توقظه بصوت هاديء .. ولما رأت أنه لا يشعر بها صرخت ( كفى ) .
فزع ' تركي ' من صرختها وجلس ( ما بك ؟ ماذا حصل ؟ ) .
جلست ' سارة ' وأخذت تضحك بهستيرية على شكله الخائف والفزِع .
غضب ' تركي ' ولكنه ابتسم وهو يحك رأسه ( يكفي ) .
وضعت ' سارة ' يدها على فمها محرجة والإبتسامة لا تزال على محياها ( آسفة ، ولكنك أبيت أن تستيقظ .. كما أنك كنت تمسك بي بقوة ، ولم أستطع النهوض ) ونظرت إليه وهي تصطنع الغضب ( أنت تنام كثيرا بالمناسبة ) وقفت وخلعت إسدال الصلاة وقفزت من السرير كالأطفال .
ابتسم ' تركي ' وهو يتنهد ويهز رأسه ( غريبة ) .
وبعد ساعة ونصف ، كان الإثنان يغادران الفندق متوجهان إلى المطار ، وبينما هم في المطار ، لمح ' سارة ' محبوبته تبحث عنه بعيناها .. ثم توجهت إليه غير مهتمة بزوجته .
خفق قلبه بقوة وتظاهر بعدم المبالاة .
واقتربت منهما ' سارة ' وهي تبتسم ، وكانت ترتدي عباءة بيضاء وطرحة بنفس اللون ( سلام عليكم ) ونظرت إلى ' سارة الأخرى ' متعجبة من حجابها .
الإثنان ( وعليكم السلام ) .
' سارة ' ( كيف حالك تركي ؟ هل ستغادران اليوم ؟ ) .
' تركي ' بتوتر ( بخير .. نعم سنغادر الآن ) والتفت إلى زوجته وهو يقول ( هذه زوجتي سارة ) ووضع ذراعه على كتفها .
' سارة ' تتصنع الإستغراب ( حقا ! ظننتها أختك الصغيرة ) وصافحت ' سارة ' التي لا تزال متعجبة قائلة ( مرحبا سارة ، أنا زميلة قديمة لتركي حين كان يدرس هنا ، أنا أيضا إسمي سارة)
' سارة ' ( تشرفت بك ) .
' سارة 2 ' ( وأنا أيضا ، حسنا تركي .. أراك مرة أخرى ، أوصل سلامي لفارس ، رافقتكما السلامة ) وغادرت وقلبها يحترق غيرة على تركي .
صمت كل من سارة وتركي ولم يقولا شيئا .. بينما ' تركي ' كان خائفا من ردة فعل ' سارة ' .
نودي إلى رحلتهما ، وركبا الطائرة .


••°••°••°••°○●°••°•• °••°••


يضايقني عدم تفاعلكم إلا واحدة , ولكن لا بأس ؛ ربما لا يوجد قراء أصلا ..!



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-02-17, 10:45 AM   #8

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء السادس - عناد وأِشياء أخرى )




جدة .
التاسعة صباحا .


حُطت الطائرة الحاملة ' تركي وسارة ' على مطار الملك عبدالعزيز في جدة ، ونزل الإثنان منها وفي قلب كل منهما حديث لا يُحكى .
حتى وصلا إلى الحرم ، كانا صامتين .. مر الوقت عليهما كئيبا جدا .
ولم يتحدثا أبدا سوى بعض الأوقات .
طافا وسعيا ثم جلسا في إحدى الساحات الداخلية للحرم ، والتي كانت باردة بعض الشيء .
وكان آذان العصر على وشك أن يرفع .
كانت ' سارة ' تجلس بصمت وتتأمل الكعبة أمامها ، و ' تركي ' يقرأ من مصحف صغير كان يحمله معه أينما ذهب .
حتى أذن العصر وصلى كل واحد منهما في مكان .
والتقيا بعد ذلك ، وفورا توجها إلى الفندق دون أن يأكلوا شيئا من فرط تعبهما .



â—‹
â—?



مكة .


كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة حين فتحت عيناها منزعجة من نومها على الأريكة الصغيرة ، استوت جالسة وهي تتعوذ من الشيطان .. وأحست بصداع قوي .
توضأت وصلت ما عليها من فروض ، وكانت مستغربة من عدم وجود ' تركي ' في هذا الوقت .
وضعت ذراعها في مقدمة السجادة ووضعت رأسها فوقها وهي تشعر بالصداع يزيد ، وجبينها أصبحت حارة .
بينما ' تركي ' عاد من الخارج حاملا معاه ' عشاء ' ، وفزع عندما رأى ' سارة ' بهذه الحالة ، ذهب إليها بخطوات مسرعة ووضع يده على ظهرها ( ما بك سارة ؟ هل أنتي بخير ؟ ) .

رفعت ' سارة ' رأسها متعجبة من نبرته ( نعم ، أنا بخير ، أين كنت ؟ ) .

تنهد ' تركي ' قائلا ( خرجت لأحضر العشاء ، لم نأكل شيئا منذ أن نزلنا من الطائرة ) .

' سارة ' ( نعم .. أشعر بالجوع الشديد ولكني لا أشتهي شيئا ، متى استيقظت ؟ ) .

' تركي ' ( الساعة العاشرة ) .

' سارة ' بعتاب ( ولمَ لمْ توقظني ؟ فاتتني صلاة المغرب ) .

' تركي ' ( أنتي معذورة يا سارة ، لم أستطع إيقاظك لأنك تبدين متعبة ، بماذا تشعرين ؟ ) .

' سارة ' ( لا أحد يُعذر عن الصلاة يا أستاذ ، أنا بخير وليس بي شيء ) ووقفت هي تشعر بالغضب عليه ، طوت سجادتها وجلست على السرير دون أن تخلع رداء الصلاة .

تنهد ' تركي ' حين رآها غاضبة ، وجلس بجانبها ( ألا تريدين أن تأكلي ؟ ) .

' سارة ' بخفوت ( لا أشتهي شيئا ، أريد أن أكمل نومي ) والتفتت إليه ( هل تسمح لي ؟ ) .

أمسك ' تركي ' بكفها وسحبها نحو الصالة ( ليس قبل أن تأكلي ) .


صحيح أن حركته تدل على الإهتمام ، إلا أن ' سارة ' شعرت بحرارة تعلو صدرها ، وجلست معه مرغمة .. وأكلت شيئا يسيرا ثم قامت وهي تحمد الله ، تحت أنظار ' تركي ' المتعجبة ، ولكنه أراد أن يتركها على راحتها .

بعد أن انتهى نظف المكان واستلقى على الأرض ( لا شك من أنها غاضبة لأنها رأت ' سارة ' ربما لمحت شيئا ، أو لفت نظرها حركة من ' سارة ' ، كيف أراضيها ؟ كيف أرجع إبتسامتها ؟ ) .
وهز رأسه رافضا تلك الأفكار ( ولمَ كل هذا الإهتمام بها ؟ فلتفعل ما تشاء ولتغضب متى شاءت أيضا ؟ أنا لا يهمني الآن سوى علاجي ومحبوبتي ) .
وظل طوال الليل يتقلب ولا يستطيع النوم ، كما هو الحال مع ' سارة ' التي لم تعد تستطيع كتم ما بها من آلام وغضب ، وفوق آلام مشاعرها وحرارة صدرها .. آلام مفاصلها بسبب الجهد الطويل ، وحرارة جسدها .
ولكنها عزمت على أن لا تفعل أو تقول شيئا قبل أن تعود إلى ' تبوك ' وترى الحال هناك .
إن كانت على ما هي عليها فسوف لن تصبر ، وستتصل على إخوتها تقول لهم الحقيقة وتعود إلى أحضان والدتها .
أما إن تغيرت أو حتى لاحظت تغييرا بسيطا فستكون سعيدة ، وجدا .. وهذا ما تتمناه .
لأنها تحبه ، نعم .. تحبه وبجنون .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



الباحة .
الثانية فجرا .


جلست على سريرها وأمالت رأسها وأسندته إلى الخلف وهي تشعر بالتعب بعد أن استفرغت جميع ما أكلته .
ووضعت يدها على بطنها وهي تشعر بألم خفيف ، وأغمضت عيناها .
تشعر بأنها وحيدة جدا ، رغم وجود والدها وأخيها بجانبها طوال الوقت ، وإتصال الآخرين المستمر .
لم يتغير أي شيء هنا عن الرياض ، كل واحد يحب الجلوس مع نفسه .. ولا يكاد أحد منهم أن يخرج من حجرته إلا قليلا .
بل اقتربت أكثر من والدها .
ولكن هذا ليس كافيا لجعلها سعيدة ومرتاحة .
فهي في السابق كانت تتحدث مع ' مازن ' دائما ، أو تقرأ كتاب ما ؛ أو تدرس .
والآن ..!
مازن غدر بها ورحل ، ولا تشتهي قراءة الكتب ، ودراستها تأجلت ...!
كم أكرهك يا مازن ..! بل كم احبك ، وكم اشتقت إليك ..!
وما أحقرك ..! بل ما أجملك لأنك غرقتني في السعادة طيلة السنتان الفائتة .
تنهدت بحزن وخرجت من الحجرة بعد أن غطت جسدها بوشاح كبير .
نزلت إلى المطبخ ، وسكبت لنفسها عصيرها المفضل ' كوكتيل ' وأخذت تشربه ، وذكرياتها مع مازن تأخذها وترجعها .
غسلت الكوب بعد أن أنهت عصيرها ، وخرجت من المطبخ .. ولكنها تفاجأت بوجود أحدهم ، ألجمتها الصدمة ولم تستطع أن تصرخ أو تفعل شيئا .
وبدأت دموعها بالنزول ، والتي كانت تنتظر حدوث شيء ما كي تنزل .

كان هذا الشخص هو ' عبدالعزيز ' الذي التفت عنها بإحراج وقد احمر وجهه ، وقال وهو يتنحنح ( أنا آسف ، لم أعتد على رؤية أحد بهذا الوقت .. ودائما ما أستيقظ في هذا الوقت كي أطمأن على أهل البيت وأتاكد من خلوه من الغرباء ، واستغربت حين رأيت سمعت أصواتا تصدر من المطبخ ، آسف جدا ) .

وغادر مطأطأ الرأس ، بينما جلست ' أريج ' في مكانها على الأرض وهي تبكي .
لم تشعر بالوقت وهو يمضي ، حتى وقف أمامها أحدهم .. حينها أجفلت مرة أخرى ورفعت عيناها ثم تنهدت براحة .

جلس ' سعد ' أمامها ومسح دموعها متعجبا ( ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت يا أريج ؟ ولمَ تبكين ) .

ارتبكت ' أريج ' ( نزلت كي أشرب عصيرا ، ثم ..... آآ شعرت بألم فجائي في بطني ) ونظرت إليه
ببراءة ( هذا كل شيء ) .

ابتسم لها ' سعد ' وهو يوقفها ( لا بأس عليك ، سأخذك إلى الطبيب في الصباح ، والآن اذهبي إلى حجرتك وأكملي نومك ) وقبل جبينها .

' أريج ' ( لا أحتاج إلى طبيب ، ألم عادي وقد ذهب .. أنت لمَ استيقظت ؟ ) .

' سعد ' ( العشاق لا ينامون ) وضحك .

ضحكت ' أريج ' وهي تقول ( كدت أصدقك لولا ضحكتك ، رزقك الله فتاة صالحة ترعاك حق الرعاية وتقدر طيبة قلبك يا عزيزي ) .

' سعد ' ( آمين ولكن أرجوك أن لا تفكري بأن ذلك سيصبح قريبا ) .

' أريج ' ( قريبا كان أم بعيدا ، فليوفقك الله ويسعدك ) وقبلت جبينه ( تصبح على خير أخي الحبيب .. أحبك ) وصعدت إلى حجرتها تحت أنظار سعد المتحسرة على أخته وحبيبته الصغيرة ، ثم ابتسم وتوجه إلى المطبخ وهو يقول لنفسه ( ربما إذا أحببت فتاة ما ؛ فعلت كما فعل ذلك الحقير .. سلبت سعادتها وذهبت لأنني لست سعيدا ، ولكن ذلك الحقير كان سعيدا ، وكان لديه هدف .. والذي هو المال ، أنا ليس لدي هدف ، ولست مستعدا للإرتباط .. لن أحب ولن أتزوج ، وسأموت قريبا )
وضحك على أفكاره .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°

الإثنين .
مكة المكرمة ، التاسعة صباحا .


خرجت ' سارة ' من الحجرة وتوجهت نحو ' تركي ' النائم على الأريكة دون غطاء .
جلست بجانبه على الأرض وهي تلوم نفسها على إهمالها له .
أخذت تتأمل ملامحه بصمت ، لا تزال تلك الهالات التي تحيط بعيناه والتي رأتها ليلة الزفاف موجودة ، وحاجباه معقدان وكأنه منزعج من أمر ما ، وشعره غير مرتب .
لمست شعره بيدها وأخذت ترتبه وهي تنظر إليه .
مرت 10 دقائق دون أن تنتبه ، ثم وقفت وهي تحاول إيقاظه .. وكالعادة ، ملّت وهو لا يزال على وضعه .
واستيقظ بعد بضعة دقائق وجلس وهو ينظر إلى الساعة ويمسد رقبته .

عضت ' سارة ' طرف شفتها وهي تجلس على يمينه ( لا بد من أنك تعبت من هذه الوضعية ، أنا آسفة ) .

' تركي ' نظر إليها نظرة طويلة ثم قال ( أنّى لكِ أن تشعري بي ! ) .

نظرت ' سارة ' إلى الأسفل وهي تشعر بتأنيب الضمير ( أنا حقا آسفة ) .

نظر إليها ' تركي ' بشفقة وهو يقول في نفسه ( أنتي حقا بريئة يا سارة ، لم يكن عليك أن تعتذري وأنا من حددت هذا الوضع ) ووقف دون أن يقول لها شيئا متوجها إلى الحجرة .


أسندت ' سارة ' رأسها على الكنبة وأغمضت عيناها متألمة من فعلته .


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•



تبوك .
الحادية عشرة والنصف صباحا

.
دخلت حجرتها وأغلقت الباب خلفها بقوة حتى دوى صداه في المنزل ، وخلعت عباءتها في غضب ورمتها على سريرها وجلست وهي تنتفض من القهر .
لا يحصل في هذا البيت شيء يرضيها ، كل شيء ضد رغباتها تماما .. لا أحد يصغي إليها ويهتم بآرائها .
هل جنّت والدتها حتى تفعل مثل هذا الفعل وتقبل به ؟
كيف تُضيف شابا غريبا في منزلهم وليس لديهم أي رجل ؟ والبيت لا يسكنه سوى أرملة وثلاث فتيات شابات وخادمة ..!
وهو .. هل هو مغفل ؟
كيف يقبل بهذا الأمر ؟
ألم يتعلم الأصول طيلة سنوات دراسته ؟
صحيح أن مدة مكثه لن يتجاوز الأسبوعين على الأقل ، ولكنها طويلة في ظل ظروفهم ؟
ستذبحه ..!
علمت بالأمر حين اتصلت بها ' جميلة ' وقالت لها بأن أخيها لديه عمل ما ، وسيأتيهم من " قطر " وسيمكث لديهم لبعض الوقت ، وأنه سيصل عند حوالي الساعة 12 ظهرا .
وعادت من الجامعة قبل أن تنهي محاضراتها حتى تتأكد من الموضوع ، وإذ بها تنصدم بالفوضى الحاصلة في الصالة .
أمها والخادمة تنتقلان من مكان إلى آخر وينقلون بعض الأغراض إلى قسم الضيوف .

وقفت غاضبة أمام والدتها وهي تقول ( ماذا يحصل هنا أمي ؟ ) .

والدتها ( سيأتي ابن عمك سعيد بعد قليل ، وسيمكث عندنا حوالي الأسبوعين ) .

' أحلام ' ( يا إلهي ، هل فقدت صوابك أمي ؟ كيف تدخلين رجلا غريبا إلى منزل مليء
بالفتيات ؟ ) .

والدتها ( لم أستطع رفض طلب والدته يا إبنتي ، وليس من الكرم أن نجعله يبيت في الفنادق ومنزل عمه موجود ) .

' أحلام ' ( أنا حقا معجبة بك أمي ، لنرى عاقبة أفعالك هذه فيما بعد ، أنا حقا الآن أستطيع أن أجزم أني أكرهك ، نعم أنا أكرهك .. سأخرج من منزلك قريبا جدا ، سأمكث لوحدي لكي أرتاح من طيبة قلبك هذه ) وصعدت إلى حجرتها وهي تشعر بصداع شديد .

توجهت إلى دورة المياه وغسلت وجهها وأخذت تنظر إلى المرآة .
ليتني لم ألد ، وليتني مت وكنت نسيا منسيا ..!


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


المدينة المنورة ، العاشرة مساء .

توقفت السيارة أمام منزل والد ' سارة ' ، وأسرعت بالنزول والدخول إلى المنزل الذي فتح بابه أخيها وحضنته ، حتى أنها لم تنتظر ' تركي ' الذي ابتسم لرؤيتها كذلك .
أخذت ' سارة ' تبكي بقوة على صدر أخيها من فرط اشتياقها إليه .

دخل ' تركي ' ووقف خلفهما وهو متعجب جدا منها ، ولما رآها قد أطالت ، ربت على كتفها وهو يحاول إبعادها عن أخيها قائلا ( يكفي سارة ، إهدأي ) .

قبلت ' سارة ' جبين أخيها وهي تقول ( اشتقت إليك سامي ، إشتقت إليك كثيرا ) .

' سامي ' ( وأنا أيضا يا صغيرتي ) ونظر إلى تركي وهو يبتسم ( ولكن أليس باكرا ؟ ماذا فعلت بأختي يا تركي حتى تبكي بهذا الشكل ؟ ) وضحك مازحا .

أقبل عليه ' تركي ' وسلم عليه وقال وهو يبتسم ( لم أفعل شيئا ، ولكنها ' مدللة على ما أعتقد )

' سامي ' ( نعم جدا ، شقيقتنا الوحيدة ، ويلك إن فعلت ما يغضبها ) .

ضحك الإثنان والتفتا إلى ' سارة ' التي ركضت إلى الداخل .

' سامي ' ( ستبدأ نوبة أخرى مع أمي ، تفضل ) .


بعد ساعة ..
كانت ' سارة ' تأكل تحت أنظار ' تركي ' التي تعمدت تجاهلها أمام أمها وإخوتها ، الذين عوضوها عن الثلاث أسابيع التي مرت عليهم بدونها .
أحدهم يؤكلها بيده ، والآخر يشربها ، وآخر يناولها الأكل المفضل لديها ، كلِّ يدللها بطريقته الخاصة .
وهي مستمتعة جدا ، ولكنها أيضا تشعر بالتوتر من نظرات ' تركي ' .
وحين فرغوا ، جلس الجميع في المجلس يتحدثون ويتسامرون ، وسرحت ' سارة ' على حين غفلة من الجميع .
وتذكرت تعب ' تركي ' المفاجيء وهم في طريقهم إلى المدينة ، ووهنه الواضح الآن .

قامت من عند إخوتها وجلست بجانبه وهمست إليه قائلة ( يبدو أنك تعِب من الطريق ، قم لننام ) .

' تركي ' ( ونترك إخوتك ) .

' سارة '( ما بهم ! سيقدرون تعبك ، هيا ..! ) .

' تركي ' ( حسنا ) .



•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •

الثلاثاء .
تبوك ، السابعة والنصف صباحا .


خرجت من المنزل دون أن تمر على والدتها ودون أن تفطر ، وهي منذ الأمس مقفلة على نفسها الباب ، وطلبت طعامها من المطعم .
وقفت أمام الباب تنتظر مجيء السائق ، وابتسمت بسخرية حين رأت سيارة تبدوا ثمينة جدا ، كيف لا ..!
وهي لــ ' سفير وزارة الصحة القطرية ' .
كم أبغضته دون أن تعرفه أو تراه .

ركبت السيارة حين توقفت أمامها ، وانتظرت حتى تمضي .. وسألت السائق متعجبة من وقوفه ( ماذا تنتظر ؟ ) .

السائق بلكنته الركيكة ( أنتظر السيد ' سعيد ' فهو يريدني أن أدله على حي الــ ....... ) .

' أحلام ' بغضب وتعجب ( نعم ! هذا ما ينقصني ، اذهب وإلا فعلت ما لا يرضيك ) .

السائق ( سأنتظره قليلا ، فهو في طريقي ولن تتأخري عن موعدك ) .

' أحلام ' ( حقا ، وما رأيك أن تحدد لي متى أحضر مواعيدي ..! هل جارك الأجنبي أهم مني أيها الــــ...... ، اذهب وإلا أمرت والد تركي بتسفيرك .. هيا ! ) .

السائق ( هاهو قد خرج ) .

' أحلام ' زفرت بغيظ وهي ترى سيارة ' سعيد ' تتحرك .

وكتمت غيظها حتى وصلوا إلى المكان الذي يقصده ' سعيد ' وأخذت تهدد السائق بأن تفعل ما لا يعجبه إن كرر الأمر مرة أخرى .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•


تبوك .
الجمعة ، السادسة مساء .


خرجت ' سارة ' من حجرتها في منزل ' تركي ' مسرعة وهي تحمل بيدها عباءتها وحقيبتها .
وتوقفت فجأة حين ظهر أمامها ' تركي ' وهو يحمل ` الغترة ` .
وقف ' تركي ' ينظر إليها بإعجاب ، حيث كانت ترتدي فستانا باللون العودي والذي هو لونها المفضل ، والذي يبرز لونها وملامحها .

ارتجفت أطراف ' سارة ' من الخجل ، ورفعت عيناها إلى عيناه بصعوبة وقالت بصوت
خجل ( ما بك ؟ لمَ تنظر إليَّ هكذا ؟ ) .

تنهد ' تركي ' وهو يحبس أنفاسه ويطلقها متنهدا وقال نفسه ( أنتي جميلة جدا ، وإنما أنا لا أستحقك ) ثم اقترب منها وقبل جبينها ( حفظكِ الله ، أردت أن أحذرك من شيء ) .

' سارة ' ولا تزال خجلة ( ماذا ؟ ) .

' تركي ' ( لا تجلسي مع والدي وانتي بزينتك هذه ، هل فهمتي ؟ ) .

' سارة ' ( لماذا ؟ ألا ترى أني لبست ثوبا ساترا ؟ ) .

' تركي ' ( لا تناقشيني سارة ، فقط افعلي ما أقوله لك ، البسي عباءتك حين يطلب منك الجلوس معه ، لنخرج ) .


وخرج دون أن يعطيها فرصة لمناقشته .
أما هي ، فلبست العباءة وهي تتذمر ، وخرجت وراءه .
رحبت بهم والدة ' تركي ' بحفاوة ، وخالاته وبناتهم .
خاصة ' أحلام ' التي أحبتها كثيرا ، وجلست معها تتحدث إليها .

وأتت إليهم ' نجلاء ' بعد نصف ساعة وهي تضع يدها على خصرها وتقول ( سرقتي مني رفيقتي يا سارة ) .

وقفت ' سارة ' وسلمت عليها وهي تضحك ( رفيقتك لطيفة جدا ، تستحق أن تُسرق ) .

ابتسمت ' نجلاء ' بسعادة حين رأت ' أحلام ' بحالة جيدة ، بعدما مرت بحالة عصيبة بسبب مجيء ابن عمها ' سعيد ' .


•°•°•°•°•°•°•°•°•°•° •°•



الباحة ، العاشرة مساء .


ذرعت الصالة جيئة وذهابا وهي تنظر إلى الساعة تارة وإلى الباب تارة أخرى .
تنتظر أختها ' وعد ' على أحر من الجمر .
مضت نصف ساعة ، وساعة ، وساعة ونصف .. ولم يأتِ أحد .
قلقت عليهم بشدة ، وأخذت تتصل عليهم مرارا وتكرارا ولكن دون جدوى .
صعدت إلى حجرتها ولبست عباءتها ثم خرجت إلى الحديقة الأمامية للمنزل ، علها تلمحهم او تراهم مقبلين فتطمئن .
ودبّ الخوف في قلبها حين رأت ' عبدالعزيز ' هو الآخر يروح ويغدو والتوتر ظاهر على ملامحه
وتوقف حين رآها واقفة بعباءتها وطرحتها التي غطت بها نصف وجهها ، ثم توجه إليها بتردد شديد .. ووقف أمامها خائفا .

' أريج ' بعد عدة ثوانِ ( مابك أخي عبدالعزيز ؟ ماذا حصل ؟ هل أصاب مكروه ما لشقيقَيّ ؟ ) .

تنهد ' عبدالعزيز ' ومسح وجهه ثم قال ( أخاكِ سعد عمل حادثا في طريق رجعته إلى المنزل برفقة أختك ، والآن هما في المستشفى ، وكلفني والدك بإخبارك بالأمر منذ نصف ساعة ، ولكني لم أستطع ، أنا آسف لأني لم أستطع نقل الخبر إليك بأسلوب مناسب و إن ........ ) .

توقف عن الحديث حين رأى جسدها يهوي ويسقط على الأرض .

أخذ ' عبدالعزيز ' يصرخ بأسماء الخادمات حتى ينقلنها إلى الداخل .

وجلس هو خارج المنزل يشعر بالحنق الشديد تجاه ' أريج ' والذي رآى أنها لم تجلب سوى المشاكل لعائلتها .

وقال نفسه ( لو كانت ابنتي لما تركتها ، كنت تخلصت منها على الفور ، ليس معقولا أن تدلل بهذا الشكل حتى تُفسد ، ومن ثم لا أحد يستطيع أن يعاقبها أو يلومها أو حتى يعاتبها على فعلها ، تبا لكِ يا فتاة ، كم أنتي سخيفة ، أنا أعمل لدى والدك منذ صغري ، ولم أمر بأي مشكلة .. والآن تأتين أنتي لتفسدين راحتي وشبابي ؟ وتنزعين الراحة من قلب أبيكِ أيضا ) تنهد وهو يقف ويرد على اتصال والد ' أريج ' وما لبث أن ركب سيارته وهو بالكاد يصدق ما سمعه .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °


بريطانيا ، السابعة صباحا .


رفعت ' سارة ' عيناها بملل على ' ريما ' التي دخلت وهي تصرخ كعادتها .

جلست ' ريما ' أمامها ( كان اليوم رائعا جدا ، ليتكِ لم تغيبي عن الجامعة اليوم ) .

' سارة ' ( أظن أنني لم أحضر غدا أيضا ، أشعر بالملل والقهر الشديد ) .

' ريما ' ( حبيبتي يا سارة ، سأدعوا لك الليلة أن تنسي تركي ، كما أن عليك الإجتهاد ، فالإمتحانات على الأبواب ولم يتبقى لها شيء ، وصدقيني أنكِ إذا عدتي ستجدين طابورا من الخطاب لأجلك ) .

ضحكت ' سارة ' ( وهل تظنين أني سأتزوج رجلا آخر غير تركي ) .

' ريما ' ( نعم ، لمَ لا ؟ وأنتي .. ماذا تعتقدين ) .

جلست ' سارة ' ( أظنني سأوافق إن تقدم لي شابا وسيما حسن المظهر ، ولديه الكثير من المال) تأففت ' ريما ' قائلة ( أنتي لا تحبين تركي ، بل تحبين وسامته وماله ) .

' سارة ' بنبرة حزينة ( نعم .. كلامك صحيح ، في بداية الأمر كنت أحبه من أجل وسامته ، ولكن تعامله الجميل معي والراقي جعلني أحبه من كل قلبي ، ولكن الأمر لم يطول ، أشعر أنني كرهته ، وعدني قبل أن يرحل أن يتصل بي ويسأل عني ، ولم يحصل إلى الآن أي شيء من هذا ، يبدوا أن زوجته أفتنته ) .

ابتسمت ' ريما ' بسعادة ( أنا سعيدة لسماعي هذا ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-02-17, 10:47 AM   #9

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء السابع - حان لهذا القلب أن ينسحب )






السبت
تبوك , العاشرة والنصف صباحا .


هذه المرة حقا لا تستطيع أن تمسك نفسها ، ولكنها أيضا مجبرة .
بإختلاف السبب .
حين كانوا في بريطانيا كانت تضطر لكتم غضبها لأن إخوتها ليسوا قريبين منها ، ولأنها كانت
تخاف أن يتركها بمفردها في الفندق .


أما الآن .. فالسبب ، كان قلبها .
ستصبر لأنها تحبه ، و لأن أمها قالت لها بأنها سعيدة من أجلها كثيرا ، لن تجعل والدتها تحزن وتتضايق .
تأوهت وهي تحضن مخدتها وتغمض عيناها وتسترجع ما حصل بالأمس ، حين طلبت منها
والدة ' تركي ' الذهاب إلى حيث يجلس والد ' تركي ' .
وهي من التوتر والحياء نسيت ما أمرها ' تركي ' به .
وبينما هي تجلس معه تتحدث وتضحك دخل عليهم ' تركي ' ونظر إليها بغضب وعينان محمرتان .
فهمت ' سارة ' نظراته ولكنها تجاهلتها وقلبها يدق بسرعة كبيرة من الخوف والتوتر .
حتى رجعا إلى المنزل ، وكانا طوال الطريق صامتين .
تفاجأت سارة بيد ' تركي ' التي سحبتها قبل أن تدخل إلى غرفتها ، وصر على أسنانه وهو
يقول ( هل تعانديني ؟ أم أنكِ غبية حتى لا تفهمين م أقول ) .

' سارة ' ( صدقني ، لم أكن متعمدة ، أنا نسيت ) .

' تركي ' ( ماذا يعني أنك نسيتي ؟ أنتي لست صغيرة يا سارة ) .

' سارة ' ( أنا آسفة ، وأقول لك للمرة الثانية ، فستاني ساتر جدا ، وأنت تبالغ ) .

' تركي ' ( أنا لا أبالغ ....... ) .

قاطعته ' سارة ' بغضب وهي تصرخ ( حسنا أنت لا تبالغ ، ولكن اترك يدي ، أنت تؤلمني كثيرا ) .

شد ' تركي ' على يدها أكثر واقترب منها ( وإن لم أتركها ) .

سكتت ' سارة ' ونظرت إلى عيناه بقوة .

وظل الإثنان يحدقا إلى بعضهما لدقيقة حتى أغمضت ' سارة ' عيناها بألم وضاقت نفسها من التوتر بسبب قرب ' تركي ' .

' سارة ' ( أنت تقتلني يا تركي ، كفى ) .

ابتعد عنها ' تركي ' ببطء ونظر إليها بتعجب ، هذه المرة الأولى التي تناديه فيها باسمه ، فهي دائما ما تناديه بأستاذ أو لا تناديه بإسمه أبدا ، وأمسك بكفها برفق قائلا ( أقتلك ؟ ) .

نظرت إليه ' سارة ' بلوم وسحبت يدها وأسرعت إلى الحجرة وأقفلت الباب على نفسها .

وصرخت من خلفه قائلة ( تخاف بأن أدعوا عليك ؟ سأفعلها الليلة يا تركي ، أنا سئمت منك ومن تصرفاتك التي لا معنى لها ، أنت لا تعرف سارة الحقيقية ، من الآن فصاعدا لن أسكت عن حقي ولن أكون هادئة كما كنت في بريطانيا ، سأقتلك إن ضايقتني مرة أخرى ) .

' تركي ' ( أرِني ما لديك أيتها الجبانة ، فسأخرج من الصباح وحتى صباح اليوم الآخر وأنتي دعي الأشباح تتسلى معك ) .

كان تهديده مضحكا بعض الشيء ، ولكنها أيضا خافت .

استلقت وهي تنظر إلى السقف وتقول في نفسها ( سأعطيك مهلة لشهر واحد فقط ، إن تغيرت كان بها ، وإلا تركتك ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °


الرياض ، الخامسة مساء .


فتحت ' أريج ' عيناها ببطء ووجدت نفسها في حضن أختها الكبيرة ' عبير ' .

واستوت جالسة ونظرت إليها بعينان دامعة ومتسائلة ( لمَ أحضرتموني إلى هنا ؟ وأين سعد
ووعد ؟ هل هما بخير ) .

' عبير ' ( إهدئي يا أريج ، وارضي بالقدر ) .

' أريج ' ( ماذا تقصدين ؟ هل حصل مكروه لهما ؟ أخبريني يا عبير ، أرجوك طمئني قلبي ) .

' عبير ' ( وعد بخير وحالتها مستقرة ، ولكن سعد ...... ) .

' أريج ' بخوف وفزع ( سعد ..! ما به سعد ؟ ) ونزلت دموعها وهي تصرخ ( ماذا حصل له ؟ ) .

حضنتها ' عبير ' وهي تبكي ( سعد توفى ) .

دفعت ' أريج ' أختها بيدها غير مصدقة ما سمعت ( أنتي تمزحين بالتأكيد ، سعد لم يمت ، ولم يحصل له شيء ، سعد بخير ) .

' عبير ' ( إهدئي أريج أرجوك ، ستضرين نفسك وتضرين جنينك ) .

وقفت ' أريج ' على سريرها بغضب وصرخت قائلة ( فليذهب إلى الجحيم ) وقفزت من السرير بقوة حتى سقطت مغشيا عليها ، وما هي إلا لحظات حتى غرق المكان بالدم وسط صرخات ' عبير ' المفزعة والتفاف إخوتها وأبنائها حولها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °

تبوك ، التاسعة مساء .


نزلت ' أحلام ' من سيارة سائق ' نجلاء ' وودعتها وهي تضحك ، كانتا عائدتان من منزل إحدى صديقاتهم .
تفاجأت ' أحلام ' بمن وقف أمامها وتكتف وهو ينظر إليها بحدة .
توترت ' أحلام ' منه ومن رؤيته من هذه المسافة القريبة ، وهي أساسا تراه لأول مرة أمامها ، شقيقاتها لم يكذبن حين قلن أنه وسيم جدا ، أنزلت عيناها إلى الأسفل ومرت من جانبه ، ولكنها توقفت حين سمعته يقول باللغة الإنجليزية ( أين كنتي إلى هذا الوقت من المساء ؟ ) .

التفتت إليه ' أحلام ' مستنكرة وقالت بصوت متعجب وغاضب ( نعم ! ومن تكون حتى تسألني هذا السؤال ) .

التفت إليها ' سعيد ' قائلا ( أنا رجل المنزل حتى أعود إلى قطر ) .

ضحكت ' أحلام ' بسخرية ( ماذا تقول ؟ رجل المنزل ؟ تعلم أصول المرجلة قبل أن تقولها ؟ ) .

عقد ' سعيد ' حاجبيه ( ماذا تقصدين ؟ ) .

' أحلام ' ( الرجل الحقيقي لا يكون في ضيافة منزل ليس فيها سوى أرملة وثلاث شابات أيها الأستاذ ) .

غضب ' سعيد ' ولكنه أمسك نفسه ( والدتك هي من أصرت على إتياني ، وقالت أنها ليست لديها مانع هي وبناتها ) .

' أحلام ' ( بل لدي مانع ، وسأكون سعيدة إن غادرتنا بأسرع وقت ممكن ، حتى وإن لم تغادر ، فليس لديك الحق بأن تقف أمام الباب هكذا وتسألني من أين أتيت ، سأخرج من منزلي متى أردت وسأعود إليه حين أريد ، هل فهمت ؟ وإن عاد هذا الأمر مرة أخرى فسوف لن يحصل ما يعجبك ) والتفتت تدخل إلى المنزل ، ولكن ' سعيد ' أوقفها بقبضة يده ، وجعلها تواجهه .. وقال بغضب ( لم تنجبها أمها من تهددني أو تحدثني بهذه النبرة ، أنتي من سترين ما لا يعجبك ) ودفعها نحو الباب بقوة حتى احتكت به وتأوهت ، ثم دخلت إلى المنزل غاضبة .


وصرخت على أمها التي تجلس مع إخوتها في الصالة تشاهد التلفاز ( ستخرجين هذا الحثالة من المنزل الآن ، وإلا سأخرج أنا ، هل تفهمين ؟ إن استيقظت في الصباح ووجدته والله يا أمي لن أجلس في منزلك دقيقة واحدة ) .

وصعدت إلى حجرتها وهي تضرب الأرض برجلها وضج المنزل بصوت الباب .

وسط دهشة الجميع وخوف أمها من تهديدها .

' نور ' ( ما بها هذه ؟ هل جُنّت ) .
كان قلب أمها في هذا الوقت يدق بسرعة كبيرة من الخوف ، وقد احتارت فعلا .
قامت من مكانها وذهبت إلى حجرتها وأخذت تجهش بالبكاء ، ' أحلام ' أتعبتها حقا ، ومنذ اليوم الذي ولدت فيه وحتى الآن لم تعطها فرصة نسيان ما حصل في الماضي .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°


مر شهر كامل على الأحداث الماضية .


كان ' تركي خلالها يخضع للعلاج بالحبوب وبعض الأجهزة ، أصبح ضعيفا وهزيلا وغير مهتما أبدا بسارة ، هذا ما كان ظاهرا ..!

أما ' سارة ' فقد سئمت من تعامل ' تركي ' لها وإهماله ، وسئمت من الروتين الرتيب والممل .

وبُشِّر ' فارس ' بحمل حبيبته ' نوف ' وهو سعيد معها جدا ، ونادما على الفكرة الخاطئة التي أخذها عن الزواج من إبنة العم ، لأن ' نوف ' جعلت لحياته طعما آخر .

' أحلام ' بعد تلك الليلة ، خرجت من منزل والدتها وسكنت في إحدى الشقق مع صديقتها التي أتت من إحدى الدول العربية ، ولم تعد حتى بعد مغادرة ' سعيد ' من منزل والدتها .

وقلب والدتها محترق عليها ، ولكنها رأت أنه من الأفضل تركها تفعل ما تحب ، لأنها سئمت وتعبت .

' أريج ' أسقطت جنينها ذلك المساء ، ودخلت في حالة نفسية كئيبة ، وأرجعت سبب وفاة أخيها إلى ' مازن ' وأقسمت بأن تنتقم منه ولن تتركه يفر بجلده أبدا .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °


تبوك .
الخميس ، الرابعة عصرا .


مسحت ' سارة ' دموعها بيدها والتفتت عن ' تركي ' الذي كان يجلس في الحديقة معطيا ظهره إياها ، وارتدت نقابها وخرجت من المنزل بعد أن مسحته بعيناها وهي تقول في نفسها ( لن أعود إليك مرة أخرى ، كان هذا وعدي لنفسي منذ شهر ، وقد وفيت به ، وليقدرني الله على وفاء هذا الوعد أيضا ، لن أعود ) .

ركبت سيارة السائق التي كان بداخلها أحد إخوتها ينتظرها .

وأخذت ' سارة ' تبكي دون أن تصدر صوتا وهي تتذكر ما حصل قبل أسبوعان ، حين عاد ' تركي ' من الخارج عند الساعة الثانية عشرة ليلا ، وجلس في الصالة والإرهاق واضح عليه .

خرجت ' سارة ' من حجرتها وهي ترتدي فستانا قصيرا باللون الأسود ، واتجهت إليه وهي خائفة من ردة فعله .

جلست أمامه وترددت كثيرا قبل أن تقول ( هل أقول لك شيء ) .

تنهد ' تركي ' وأبعد عيناه عنها مستفزا من فستانها ( ماذا لديك ؟ ) .

أغمضت ' سارة ' عيناها وقالت بعد جهد طويل ( لمَ لا نعيش حياتنا كأي زوجين ؟ نحب بعضنا ونحترم بعضنا ونتحدث ونضحك و ..... ننجب أطفالا ) .

' تركي ' متعجبا ( ماذا ؟ ماذا تقصدين ؟ ).

' سارة ' ( أظنك فهمت قصدي ) .

' تركي ' ( نعم فهمت ) ووقف وهو يقول ( خذي الأمر على أنه أحد المستحيلات السبع ، سننفصل عن بعض عما قريب ، وإن لم يحصل فسوف نموت ونحن على هذه الحال ، هل فهمتي ؟ ) .

وصعد إلى حجرته تحت أنظار ' سارة ' الخائبة والمتعجبة .


ثم بعد يومان بينما هو يعمل على بعض الأوراق في الحديقة ذهبت إليه تحمل بيدها صينية فيها قهوة وكعك ، وتوقفت حين سمعته يحدث إحداهن بإسمها قائلا ( أرجوك يا سارة أن تتفهمي ظروفي ، أنا رجل مشغول جدا ، وقد وعدتك بأن أتزوجك فور إنتهائي مما أعمله ، كوني واثقة بي رجاءً ، أنا أحبك ولا أتخيل أن تتزوجي سواي ) .
وهي عادت إلى المطبخ وكأنها لم تسمع شيئا .
إذا كان سفرهما إلى بريطانيا من أجل تلك ' السارة ' ..!
وقبل يومان عاد من العمل وأخبرها بأنها سيسافر إلى مكان ما لمدة أسبوعان ويتركها بمنزل والدتها في المدينة .


لم يلد من يخونني ويخدعني أو يهينني يا تركي ..!

أما في المنزل ، كان حال ' تركي ' ليس أحسن منها .

حيث استفاق من صدمته بعد ما سمع خبر خطوبة ' سارة ' محبوبته .
كيف لها أن تتزوج سواي دون أن تعمل أي حساب لمشاعري ، ولكن ألست أنا من بدأ بهذه اللعبة ؟
وهي وعدتني بأن تنتظرني حتى أتعالج من هذا الورم ، وغدا سأسافر لإجراء عملية الإستئصال .


تنهد حائرا وقام متوجها إلى الداخل ، وأخذ ينادي ' سارة ' كي يخبرها أنه سيوصلها المدينة عند الساعة التاسعة ، واستغرب حين لم يسمع ردها ، حتى ذهب إلى حجرتها وطرق عليها الباب دون جدوى .


ظن بأنها نائمة ، فتوجه إلى حجرته يقصد القليل من الراحة ، وتفاجأ حين رآى ورقة بيضاء مطوية بجانب الباب ، أخذها وبدأ يقرأها وعيناه تتسعان من الصدمة [ أنا آسفة يا تركي ، لم أكن أرغب بفعل هذا الشيء ، ولكنك أجبرتني ، تهملني ولا تهتم بي كما لو أني يهودية ، تخونني مع ' سارة ' أخرى وتخبرها بأنك تحبها وتعتذر إليها وأنت بكامل خضوعك وضعفك ، وانا منذ أن تزوجنا لم تسمعني كلمة جميلة واحدة ، ترغب في السفر لمدة أسبوعان وحين سألتك صرخت علي ولم تجبني ، قل لي بعد هذا ، كيف أجلس معك ؟ كيف وأنت أخبرتني بأن حالنا ستبقى على ما هي عليها ، أو سننفصل .. أنا لا ازال شابة ، وأريد أن أعيش حياتي فرحة منبسطة ، أريد أن أنام في حضن أمي ، أريدها أن تطبطب على كتفي وتهدئني وتنصحني بأن لا أبكي فقط لأن أخي وبخني ببعض الكلمات ، لا أنام وأصحوا ووسادتي مليئة بالدموع وصدري مليء بالكدر ، معك لن أهنأ ، ولن أفرح ، ولن أكون سعيدة ، أريدك أن ترسل إليَّ ورقة طلاقي فور قرائتك رسالتي .
سارة . ] .


مزق ' تركي ' الورقة وهو يصرخ بغضب وبقلة حيلة ، حتى أحس بالتعب واتصل على ' فارس ' وأمره بالتوجه إلى منزله .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °


الرياض ، الثامنة مساء .


أغلقت ' أريج ' هاتفها بعد أن تواصلت مع العديد من الموظفين في شركات الطيران ، ولم تستفيد هذه المرة أيضا كغيرها من المرات السابقة .
ولكنها لن تمل حتى تعرف مكانه .
استلقت على سريرها تعبة ، ووضعت يدها على بطنها وهي تقول لنفسها ( لم يعد لدي ما يربطني فيك أبدا ، لا حب ولا ولد ، لن أرحمك أبدا يا مازن ، سأدمرك وأدمر حياتك ، كما جعلتني أخسر أغلى ما أملك ، كرامتي وشرفي ، وحب أخي وثقته ، وفقدانه هو للأبد ) .
وأخذت تجهش بالبكاء ، تشعر بأنها مهما بكت ومهما اشتكت لن ترتاح أبدا ولن ينطفئ شوقها وقهرها على أخيها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


تبوك .


لمَ أنا الوحيدة التي أعاني دون إخوتي ؟ لمَ هم يشعرون بالسعادة والراحة لكونهم بنات لرجل باكستاني وأنا لا ؟
ووقفت أمام النافذة وتكتفت وهي تتنهد بقهر وتضرب الأرض برجلها .
لم تحصل إلى الآن على وظيفة مناسبة ، وهي ليست مرتاحة أبدا , كونها خارج منزلها , ولا تستطيع العودة إليه .
تشعر بالعجز .. وبينما هي تغرق في أحزانها وهمومها ، انتبهت إلى هاتفها الذي يرن برقم غريب ، أخذته وردت على المتصل دون أن تتحدث ، حتى مرت دقيقة وتنهدت بملل قائلة ( ثم ماذا ؟ ) .

وأتاها صوت رجولي غريب ارتجف قلبها لدى سماعها له ، وكان يتحدث بالإنجليزية ( ليتني كنت أعرف التحدث بالعربية حتى أرد عليك بذات الأسلوب ، لا عليك ، كيف حالك ؟ ) .

عرفته ' أحلام ' ولكنها أرادت أن تتظاهر بعكس ذلك ( عفوا ، من معي ؟ ) .

' سعيد ' ( معك ابن عمك سعيد ) .

' أحلام ' ( ماذا تريد ؟ ومن أين أتيت برقمي ؟ ) .

' سعيد ' ( أنا الآن في باكستان ، أخذته من أختي ) .

' أحلام ' ( بصفتك من أخذت رقمي أيها الأستاذ ؟ ) .

ابتسم ' سعيد ' لنبرتها وأسلوبها ( بصفتي الرجل الذي بسببه خرجتي من منزل والدتك ) .

تنهدت ' أحلام ' وأردفت قائلة ( ماذا تريد ؟ ) .

' سعيد ' ( عودي إلى المنزل يا أحلام ) .

' أحلام ' ( لن أعود ، وهذا ليس من شأنك ) .

' سعيد ' ( نعم هو ليس من شأني ، ولكنك بهذا الفعل تجعلين والدتك تتضايق وتحزن ) .

' أحلام ' بحزن ( حقا ، لا أعتقد ذلك ) .

' سعيد ' ( لمَ لا ؟ ) .

' أحلام ' ( لو تضايقت فعلا من خروجي من المنزل ، لاتصلت بي ولأتت إلى المكان الذي أنا فيه ، وإنما هي لا يهمها سوى سمعتها لدى أهل زوجها الباكستانيين ) .

' سعيد ' ( أمك غاضبة ، لذلك لم تتصل ، حدثتني أختك رنا مساء البارحة ، وقالت بأن أمك مريضة وحالتها ليست جيدة ، من الأفضل أن تعودي ، أنتي لستِ صغيرة حتى تفعلي مثل هذه الأفعال ، ولست ولدا كي تعيشي خارج المنزل مع رفيقتك ) .

' أحلام ' بغضب ( قلت لك هذا ليس من شأنك ، ولا تتدخل أبدا ، وتلك المراهقة رنا ، لمَ تتحدث معك ؟ أنا لن أعود إلى المنزل أبدا ، وإن اتصلت بي مرة أخرى فسوف أبلغ عنك ، هل فهمت ؟ ) وأغلقت الخط وانهمرت بالبكاء وجلست على الأرض ، من هو حتى يأمرني بالعودة إلى منزلي ؟


وفتحت الرسالة التي وصلتها من ' سعيد ' والتي كتب فيها ( فليكن بعلمك أني لم أحدثك إلا لأن أختي أمرتني بذلك ، فهي ترى أني مذنب ، عدتي أم لم تعودي فالأمر لا يهمني ، ولتذهبي إلى الجحيم أيتها المغرورة ) .


أغضبتها رسالته كثيرا حتى فقدت أعصابها وأخذت تصرخ باكية ، فدخلت عليها صديقتها وحضنتها وأخذت تهدئها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °


تبوك .
الجمعة ، الخامسة عصرا .


استيقظ ' تركي ' من نومه وانتبه على المكان الذي كان ينام فيه ، التفت على يمينه ووجد ' فارس ' يجلس صامتا شارد الذهن .

وبعد صمت وتأمل أحدهما للآخر ، قام ' فارس ' وتوجه إليه قائلا بعتب ( لمَ أهملت نفسك إلى هذه الدرجة ؟ أكان يجب أن تصل إلى هذه المرحلة حتى تبدأ بالعلاج ؟ ) .

' تركي ' ( لم أهمل نفسي ، كنت أتناول الأدوية بشكل منتظم وأحضر الجلسات العلاجية وأنت تعلم ذلك ) .


' فارس ' ( وأنت أيضا تعلم أن مفعولها ليس قويا إلى تلك الدرجة ، وأنه لن يفيدك سوى الإستئصال ) .

تنهد ' تركي ' ( يكفيني ما بي يا فارس ، لا تضايقني بعتابك أكثر ) .

' فارس ' ( مالذي حصل قبل أن آتي إليك ؟ وماهذه الفوضى التي رأيتها ؟ وأين زوجتك ؟ ) .

أغمض ' تركي ' عيناه متذكرا ما حصل ( غادرت ، غادرت هي والأخرى ، الإثنتان غادرتا مع بعضهما ، لا أحد يريدني يا فارس ، وهذا ليس غريبا ، أنا رجل مريض ، من قد يتحملني أو
يريدني ؟ ) .

عقد ' فارس ' حاجبيه متسائلا ( ماذا يعني أن الإثنتان غادرتا ) .

ابتسم ' تركي ' بألم ( سارة يا فارس ، سارة محبوبتي ، تلك التي لأجلها فعلت الكثير ، وأهملت زوجتي الطيبة ، ووعدتها بأني سأتزوجها فور شفائي ، عادت بعد التخرج قبل أسبوعان ، وبالأمس تمت خطوبتها على أحد الشبان الأغنياء ، وزوجتي .......... لم تعد تتحملني ، وكيف تتحملني أصلا ؟ علمت عن حبي لسارة يا فارس ، لا أعلم منذ متى ، ولكنها جُرحت ، ولا تريد البقاء معي ) .

' فارس ' ( هذا لا يعقل يا تركي ) .

' تركي ' ( كل شيء معقول مع رجل سيء مثلي يا فارس ) .

' فارس ' ( قلت لك من البداية بأن لا تدخلها في حياتك ، ولكنك لم تسمعني ) .

' تركي ' ( لو كنت أعلم أنها ستتركني بعد أن أميل إليها لسمعت وعملت بنصيحتك ، ولكن فات الآوان ) .

' فارس ' متعجبا ( ماذا تقصد بأميل إليها ؟ ) .

' تركي ' ( نعم يا فارس ، سارة زوجتي فتاة لا أجد لها مثيل ، طيبة إلى حد لا يوصف ، تحملتني وأطباعي كثيرا ، وعلاوة على ذلك هي فتاة ملتزمة ، جلبت إلى بيتي البركة منذ أن دخلت فيه ، تستطيع أن تكتم الكثير بداخلها ، هي من أتمنى أن تكون معي في سفري ، لأنني لا أريد أن تعلم أمي بما بي ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


المدينة المنورة .
الثامنة مساء .


عادت سارة حيث كانت , عادت إلى وضعها القديم , قلب حزين من الفراق , ومكسور من الخذلان .

بإختلاف الأسباب , سابقا كان حزينا بسبب فراق والدها وموته , ومكسورا بسبب خذلانها من إبن خالها الذي لم يعرف بحبها أبدا .
عندما ذهبت كانت والدتها بحال أحسن مما هي عليه الآن .
تشعر بأن كل شيء يحدث الآن هو فقط لأجل أن تحزن وتغضب , لا لشيءٍ آخر .
جلست على مقعدها المعتاد في الحديقة الخلفية لمنزلهم بالقرب من حوض السباحة وأطلقت العنان لمشاعرها , بكت حتى أصبح جسدها بحرارة الشمس .

وتجاهلت رنين الهاتف المتواصل , حتى ملَّت وأخذت الهاتف , ولم تتفاجيء بالمتصل ,
كان ’ تركي ’
ولكنه تأخر , تأخر جدا ..

أجابت دون أن تتحدث , وبعد دقيقة تحدث هو بصوت واهن وضعيف ( لمَ تركتِني ؟ ) .

لم تجيب ’ سارة ’ على سؤاله , وبقيت تنوح بلا صوت وهي تقول في نفسها ( هذا ليس السؤال المناسب يا تركي ) .

وبعد صمت أيضا تحدث ’ تركي ’ ( لو أنكِ أخبرتني قبل رحيلك لفعلت ما يرضيك ومنعتك من الذهاب ياسارة , أنا لا أستطيع العيش دونك ) .

’ سارة ’ بغضب ( مهلا تركي , أنا لست محبوبتك ) .

’ تركي ’( بل أنتي يا سارة ) .

ضحكت ’ سارة ’ بسخرية وقالت ( كدت أصدقك , كل ما بيننا يا تركي انتهى ,
لا تجادلني ولا تحدثني عن شيء , فقط أريد الطلاق ) أغلقت الخط , وأكملت
بكاءها , آلمتها نبرة العتب واللوم , والتعب في صوته .

قبل أن تتخذ القرار , فكرت به كثيرا , فكرت بصحته التي دائما يهملها , وهو
منذ اليوم الأول وحتى اليوم الذي تركته فيه , لم تره بحال جيدة , دائما ما يكون
متعبا ومرهقا , والهالات السوداء لم تفارقه , بل زادت أكثر عن قبل , كانت تود
معرفة السبب , ولكنه لم يترك لها مجالا أبدا للحديث معه , وهي لم تكن تملك
الجرأة أو الشجاعة الكافية لتدخل إلى حجرته وتفتش فيها عن أدويته .

أحيانا , تتمنى أن تعود إلى الأيام الماضية , الخالية من أي هم , سوى مستقبلها
مع ’ تركي ’ , والتي كانت فيها تفكر كثيرا وتحمل نفسها من الأحزان ما لا تستطيع
الجبال حملها .

لو فقط أعطت لنفسها في ذلك الوقت السعادة والراحة , وأعوذ بالله من كلمة لو .
أن تعيش يومها بما فيها من أشياء جميلة , أو أشياء غير جميلة , وتعطي لنفسها
الحصة المستحقة من السعادة , أفضل من أن تعيش جميع أيامها حزينة وكئيبة .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


الرياض , السبت .
السادسة والنصف صباحا .


نزلت ’ أريج ’ من حجرتها وهي تحمل حقيبتها وعبائتها بيدها .
في الحين الذي كان ينظر فيه إليها إبن أختها ’ فواز ’ بريبة وخوف مما تنوي فعلها ,
وقال في نفسه وهو يتنهد ويضع حبة زيتون في فمه ( لا يهم , وأيا يكن الشيء الذي
تنوي فعله , فهي قالت بأنها ستتحمل المسؤولية الكاملة , آآآه يا جدي , لمَ فعلت هذا
بابنتك وجعلتها مدللــه إلى هذا الحد حتى تشعر بيوم من الأيام أنها تملك زمام الأمور
وأنها تستطيع فعل كل شيء ) .
ثم قام وحضنها وقبل جبينها وهو يسألها عن حالها .

جلست ’ أريج ’ بينه وبين أخيها طلال الذي استغرب هو بدوره من حملها العباءة .

’ طلال ’( إلى أين تنوين الذهاب ؟ ولمَ أمرته بالمجيء , أنا لا أستطيع إيصالك إلى
المكان الذي تريدين ؟ ) .

’ أريج ’ ( لم أرِد إزعاجك وإشغالك , فأنت لديك من الأعمال ما يكفي , وفواز قال
بأنه ليس لديه ما يعمله اليوم ) .

’ طلال ’ ( لا تقولي ذلك يا أريج , أعمالي ليست أهم منك , حتى لو كنت في أقصى
الشرق , سأتفرغ لأجلك يا حبيبتي ) .
ابتسمت ’ أريج ’ بحب وهي تنظر إلى أخيها , هم دائما كذلك , ينتظرون منها أمرا
كي ينفذونه , يحبونها بشكل غير معقول , ولكنهم مع ذلك لن يصلوا إلى منزلة
’ سعد ’ رحمه الله , احتضنت ’ طلال ’ وأغمضت عيناها تمنع دموعها من النزول .

فقد عان الجميع في الأيام الماضية من موت ’ سعد ’ وعانوا من أجلها أكثر مما عانوه
بسبب ’ وعد ’ المصابة .
لن تجعلهم يحملون همها ولا يحزنون من أجلها أبدا من الآن , هي حين جهزت
حقيبتها الصغيرة جهزت نفسها أيضا وقوت قلبها , ونوَت الوقوف بقوة ,
ستعمل منذ اليوم دون أن تستعين بوعد , ولا إستشارة أحد إخوتها في ما ستفعله ثم
تعاند , فــ ’ وعد ’ رغم حزنها من فراق زوجها ويتم إبنتها الصغيرة , تحملت ألمها
وشكاويها التي لا تنتهي , و’ سعد ’ الذي كانت دائما ما ترى في عيناه نظرة العتاب
الممزوجة بحنان قد مات والسبب ’ مازن ’ .

صرخت ’ أريج ’ حين عضت على لسانها دون أن تعلم ووضعت يدها على فمها متأوهة .
التفت إليها الجميع , فقالت وهي تبتسم ( لا عليكم , عضضت لساني دون أن أشعر )
وابتسمت وهي تقول في نفسها ( هذه البداية يا أريج , لا تريدين إخافة أحد ولا إزعاج أحد ) .
وبعد أن انتهت من تناول فطورها خرجت هي وابن أختها وتوجها إلى حيث خططت له أريج .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك .
التاسعة والنصف صباحا .


كعادتها في الصباح , تضع كوبا بجانبها , وتسرح بخيالها حتى تبرد القهوة ثم
تسخنها وتضعها حتى تبرد فتعود لتسخنها حتى تمل وتكبها في الأخير ولا تشربها .
أصبح ذات الأمر أكثر من بعد مكالمة ’ سعيد ’ الأخيرة , والتي جعل قلبها يهتز ..
ويتشتت .. ويضيع أكثر من السابق .


لم يكن في قلبي شيئا أيها الغريب , والآن لا يوجد شيء أيضا , حتى أنه أصبح خاليا من
الدم الذي كان يمدني بالحياة , وافتقد نبضاته التي كانت لا تنبض سوى … بالحسرة ,
والأمل في بعض الأحيان ( القليلة ي جدا ) أيها الغريب .
من الذي أنجبتك , ولمَ ؟
بل لماذا أتيت , ما الذي أتى بك ؟ هل أتيت لتدمرني ؟
نعم كنت أود معرفة الحقيقة , ولكن ليس بهذه الطريقة أيها الغريب .
هل كرهتني إلى هذه الدرجة حتى تكسرني بهذه الطريقة العنيفة , ولكن ….
أظل ممتنة لك مهما كانت الحقيقة مرة , أعطيتني طرف الخيط , وأنا سأواصل .
سأكون تعيسة , إن عرفت الحقيقة أو لم أعرفها .

تنبهت من غفلتها ع صوت الجرس , كانت تلك ’ نجلاء ’ التي أتت إليها ببعض
الحاجات التي تحتاجها ’ أحلام ’ .

وبعد أن جلستا في الصالة وضعت ’ أحلام ’ رأسها في حجر ’ نجلاء ’ واستلقت على جنبها .
تلمست ’ نجلاء ’ جبين ’ أحلام ’ فوجدته ساخنا , وقالت وهي تتنهد ( ما بكِ أحلام ؟ حالتك
تسوء يوما فيوم , عهدتك قوية ) .

تحدثت ’ أحلام ’ بعد صمت وهي تلفظ أنفاسا حارقة ( أنا على حافة الإنهيار يا أختي ,
سأموت قريبا , لا أستطيع التحمل ) .

’ نجلاء ’ قبلتها على جبينها ( لا تقولي مثل هذا الكلام يا أحلام , وأنا سبق وأن قلت
لك بأنك ستتألمين كثيرا إذا عرفتي الحقيقة , ولكنك لم تبالي بقولي أبدا ) .

’ أحلام ’ ( وهل كنت مرتاحة قبل ذلك ؟ أنت تعرفين الحقيقة كاملة يا نجلاء , ولكنك تأبين
أن تقولينها لي , ولكن لا بأس أنا سأكتشفها بنفسي , سعيد أعطاني طرف الخيط , وأنا سأجاهد لمعرفتها , لن أحتاج لأحد بعد الآن ) .

’ نجلاء ’ ( قلت لك مرارا يا أحلام بأن الحقيقة ستؤلمك كثيرا , وأنا لا أريد ذلك ) .

’ أحلام ’ بهدوء ( ستؤلمني كثيرا ! ) وتنهدت قائلة ( في عبارتك هذه تكمن نصف الحقيقة ) .

’ نجلاء ’ ( هلا أخبرتني ماذا قال لك إبن عمك ؟ ) .

اعتدلت ’ أحلام ’ جالسة ومسحت وجهها وعيناها وهي تقول ( لم يقل شيئا , فقط قال
بأن …… ) .

’ نجلاء ’ ( ماذا ؟ ) .

’ أحلام ’ ( قال بأنه يشك في أن أكون إبنة عمه ) .

ابتسمت ’ نجلاء ’ وهي تحرك رأسها ثم قالت ( إذا هذا الكلام الفارغ هو من جعلك بهذه
الحالة ؟ أنتي غريبة , وستبقين غريبة إلى الأبد ) .

’ أحلام ’ ( لست غريبة , هل قلت لك ذات يوم بأني أشعر أن أمي هذه أمي الحقيقة , أو
أن شقيقاتي هن شقيقاتي , أو حتى أبي كان يشبهني ) .

’ نجلاء ’ ( إذا هل كنتِ تشعرين أنكِ لقيطة ؟ ) وضحكت ( لستِ معقولة يا أحلام ..! ) .

’ أحلام ’ ( ألا تظنين ذلك ) .

تصنعت ’ نجلاء ’ الغضب وهي تقول بصوت عالٍ ( كفي عن التفكير بأمور سخيفة كهذه ) .

ابتسمت ’ أحلام ’ ( لو لم تكوني بجانبي لكنت الآن مصابة بمرض نفسي صدقيني ) .

تجاهلت ’ نجلاء ’ حديثها وقالت ( هل تظنين أنك الوحيدة التي تتألمين ؟ ) .

’ أحلام ’ ( ماذا تقصدين ؟ ) .

’ نجلاء , ( سارة , تركت بيتها وغادرت إلى منزل والدها ) .

اتسعت عينا ’ أحلام ’ دهشة ( ماذا ؟ ولمَ ؟ ) .

’ نجلاء ’ ( لم تقل لي السبب , اتصلت عليها قبل مجيئي إلى هنا , وقالت بأنها في
المدينة , كان في صوتها بعض التعب , عموما سارة حتى وإن كانت تتحدث كثيرا
فهي لا تبوح عن شيء واحد فقط , فهي كما تقول , لكل إنسان في قلبه سرٌّ لا يُحكى ) .

’ أحلام ’ ( ولمَ تقولين بأنها تركت بيتها ) .

’ نجلاء , ( قالت بأنها لن تعود ) .

’ أحلام ’ ( فليعينها الله ’ سارة فتاة طيبة جدا , وفرحت إذ كانت هي زوجة تركي , ولكن
ما الذي حصل ؟ ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 19-02-17, 06:17 PM   #10

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,432
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



( الجزء الثامن - من أجل الحب )





المدينة المنورة .
الأحد , الثامنة مساء .


استيقظت ’ سارة ’ على صوت هاتفها وأخذته , لم ترغب في الرد على ’ تركي ’ لكن
قلبها لم يطاوعها على فعل ذلك .

واستغربت حين سمعت صوتا يختلف عن صوت ’ تركي ’ تماما حين قال ( السلام
عليكم ) .

ردت ’ سارة ’ بعد صمت قصير ( وعليكم السلام , من معي ؟ ) .

الطرف الآخر ( أنا فارس , صديق تركي ) .

عقدت ’ سارة ’ حاجبيها وقالت ( أهلا , هل تركي بخير ؟ ) .

’ فارس ’ ( أبدا , ليس بخير ) .

جلست ’ سارة ’ فزعة ووضعت يدها على صدرها ثم قالت بصوت هاديء لا يتضح فيه
الفزع ( ما به ؟ ) .

’ فارس ’ ( أختي سارة , فارس بحاجتك الآن , أرجوك عودي ) .

’ سارة ’ ( ولمَ يكون بحاجتي ؟ وأين …… ) وسكتت , كانت تريد أن تقول أين
محبوبته , ولكنها قالت بأن صديقه ربما لا يعرف عنها شيئا ( لمْ يكون بحاجتي
حين كنت لديه , الآن ماذا يريد مني ؟ ) .

’ فارس ’ ( أنا أعلم أنكِ مجروحة , وأن تركي جعلك تتألمين كثيرا , ولكن هو بحاجة
ماسة إليك , لا أريد أن أفزعك , ولكن تركي مصاب بورم في صدره , وسوف يجري
عملية إستئصال في أمريكا , والديه وكل أقاربه لا يعلمون بذلك , وهو يريدك أنتي
من تكون بجانبه في سفره هذا , ماذا قلتي ؟ هل أحجز لك الآن أنتي وأحد إخوتك كي
تأتين سريعا إلى تبوك ثم تذهبين معه ؟ ) .

’ سارة ’ تحرك رأسها غير مصدقة ( لا بد من أنك تمزح معي , أليس كذلك ؟ ) .

’ فارس ’ ( أنا لا أمزح يا أختي , هذه الحقيقة , سامحيني ) .

’ سارة ’ ( إذا هي خطة من تركي حتى لا تغضب منه والدته , السبب ذاته الذي من
أجله تزوجني وتحمل وجودي معه في نفس المنزل , لن أعود أبدا ) .

’ فارس ’ ( أقسم لك يا سارة بأني لست أكذب , وتركي لا يعلم عن إتصالي بك , ضاق
صدره منذ أن غادرتي , وتضايق أكثر بعد أن حدثك مساء أمس ولم تعطه فرصة للتبرير ,
أنتي بذلك تجرحين نفسك أكثر وتجرحين تركي ) .

’ سارة ’ ( إذا هو مريض من قبل أن يتم زواجي به ؟ الورم سبب تعبه ) .

’ فارس ’ ( بالضبط , تركي لم يكن ينوي الزواج بأحد بسبب ذلك الورم , فهو يتوقع بأنه
سيموت في أي وقت , لذا لم يخبرك حتى لا تندمين على زواجك منه ) .

’ سارة ’ ( ولكنه يـــخـــ ……………… ) .

’ فارس ’ ( يخونك ؟ تركته من أجل ذلك صحيح ) تنهد ( تركي سيخبرك بكل شيء , أنتي
فقط تعالي ) .

’ سارة ’ استندت بظهرها عل السرير وهي تغمض عيناها .

’ فارس ’ ( ماذا قلتي , هل ستقفين بجانبه ؟ ) .

’ سارة ’ ( أين هو الآن ؟ ) .

’ فارس ’ ( في المستشفى منذ اليوم الذي غادرتي فيه ) .

’ سارة ’ ( ومتى ستكون الرحلة ؟ ) .

’ فارس ’ ( بعد غد في الصباح الباكر , هل ستأتين ؟ )

’ سارة ’ ( سأفكر , أرجوك أعطني وقتا كافيا ) .

تنهد ’ فارس ’ ( أخشى أن لا يكون لك الوقت الكافي كما تقولين , لأن حاله سيئة جدا ,
ويجب علينا أن نسافر قبل أن تتفقده والدته , وهو لا يريدها أن تعلم عن مرضه ) .

’ سارة ’ ( قلت أن الرحلة ستكون بعد غد , إذا سأخبرك بقراري مساء اليوم , عند الخامسة ) .

’ فراس ’ ( كما تشائين ) .


أغلقت الخط وهي تتنهد بحيرة , ماذا ستفعل الآن ؟
وأي قرار ستتخذ ؟
ماذا عن الحلم الذي أزعجها ليلة أمس , والذي كانت فيه والدتها تقول لها بأن
لا تذهب لأنها تحتاج إليها ..!
لن أتخذ أي قرار قبل أن أستخير .
قامت من فراشها وتوضأت وصلت ركعتان وهي تلح على الله بالدعاء , ووجهها مليء بالدموع .
جلست على سجادتها حوالي الساعة وهي تدعي وتستغفر , حتى غفت في مكانها دون شعور .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


تبوك .
الثانية والنصف مساء .


بيتها أصبح خاليا منذ عدة أيام , فزوجها مسافر للعمل كما هي العادة , وإبنها منذ
أن تزوج قلت زياراته , أما ’ سارة ’ فكانت تريدها كإبنة لها , وهي بالفعل كانت كذلك ,
فهي كل مساء كانت تأتي إليها وتغادر مع ’ تركي ’ حين يعود من العمل إلا أحيانا , ولكن
الآن لها ثلاثة أيام لم تأتي .
لماذا ؟ هل أصابها مكروه ؟ حتى تركي لم يتصل ولم يأتِ .

تناولت هاتفها واتصلت على ’ تركي ’ الذي لم يجيب , ثم اتصلت على ’ سارة ’ ,
وهي ردت بصوت تعب حزين , فخافت عليها وسألتها ( ماذا هناك سارة ؟ تركي لم
يجيب وأنتي تعِبة , هل حصل شيءٌ ما ؟ ) .

’ سارة ’ ( لا شيء يا عمتي , أنا تعبة قليلا , وتركي ربما مشغول في الشركة ) .

’ والدة تركي ’ ( ألم يأتِ لتناول الغداء ؟ ) .

’ سارة ’ تحدث نفسها بسخرية ( وهل أتى قبل ذلك ذات مرة ..! ) ( قال أن لديه
بعض الأعمال المهمة في الشركة عليه أن ينهيها , لذا لم يأتِ ) .

’ والدة تركي ’ ( وأنتي هل ستأتين اليوم , فقد اشتقت إليك ) .

’ سارة ’ ( أنا آسفة يا عمتي لن استطيع , مرة أخرى إن شاء الله ) .

’ والدة تركي ’ ( لا بد من أن تعبك ليس عادي , أنا سآتي إليك ) .

ردت ’ سارة ’ مسرعة ( لا لا … أقصد لا تتعبي نفسك يا عمتي , سآتي إليك
غدا بالتأكيد ) .

’ والدة تركي ’ ( مابكِ سارة ؟ هل هناك خطب ما , أنتما الإثنان قاطعتماني منذ
عدة أيام , ما السبب ؟ ) .

’ سارة ’ ( لا شيء يا عمتي , لا تلقي بالا , صدقيني يا عمتي سآتي غدا ) .

’ والدة تركي , ( حسنا كما يروق لك يا ابنتي , إن احتجتي شيئا فقط اتصلي بي ) .

’ سارة ’ ( إن شاء الله ) .


أغلقت منها وهي مستغربة جدا من تصرف ’ سارة ’ الغريب , وعاودت الإتصال
بــ’ تركي ’ عدة مرات , ولكنه لم يستجيب أيضا .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


تبوك , الخامسة عصرا .


تململت ’ سارة ’ وعادت بجسدها على الوراء تستند على الكرسي الخشبي
وتتكتف مللا من عتاب صديقتها ’ ريما ’ , ثم اعتدلت جالسة وهي تقول بغضب
( أليس هذا ما كنتي تريدينه ؟ أن أدع تركي وشأنه , والآن حين تركته ووافقت
على آخر غضبتي ) .

’ ريما ’ ( لم أغضب إلا لأنني أعلم أن تركي يريدك بحق , وحين قلت بأن تتركينه
كان قد لهي عنك ) .

’ سارة ’ ( فليكن ما يكون , الآن وقد اقتربت ملكتي لم أعد أفكر به , فليذهب إلى
الجحيم هو وزوجته ومرضه ) .

’ ريما ’ ( لا أصدق أنك كرهته إلى هذه الدرجة , أنتي مادية إلى درجة غير معقولة ,
بالتأكيد أنتي لم توافقي على ذلك الشاب إلا لأنه ثري ) .

’ سارة ’ ببرود ( طبعا ) .

’ ريما ’ ( ستندمين صدقيني ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°


الإثنين .
الرياض , السادسة صباحا .

مجددا , عزمت على فعل المستحيل , لن تتراجع أبدا .
ستكون سنوات الغربة مؤلمة وموجعة , لكنها ستكون هينة أمام ذكريات ’ سعد ’ التي
أبت أن تُمحى من ذاكرتها ولو قليلا , وطعنة ’ مازن ’ التي تأبى أن تُشفى أيضا .
عضت طرف شفتها تمنع دموعها من النزول , ونظرت إلى حجرتها نظرة أخيرة ,
وخرجت .. بقلب جديد .

وقفت أمام ’ فواز ’ ونظرت إليه نظرة إعتذار وهي تقول له ( آسفة , و…. ستكون سعيدا
بالطبع ) .

التفت ’ فواز ’ إلى الجهة الأخرى وهو يتكتف ( أنا لست كإخوتك حتى أتحملك لوحدك يا
أريج , ولولا أمي التي ستغضب إن خالفت أمرها لما طاوعتك وذهبت معك ) .

نظرت إلى الأسفل ثم رفعت رأسها قائلة ( لن تندم صدقني ) .

’ فواز ’ ( بل أنا نادم على الوقت الذي طاوعت فيه رغبتك وأوصلتك إلى الجامعة , لو
كنت أعلم نواياك لما قلت بأنني لست مشغولا صباح أمس , ولكن لا بأس , كل شيء
يهون أمام رضا والدتي ) تناول حقيبتها من يدها وتوجه إلى الدرج قائلا ( لا تتأخري ) .

أغمضت ’ أريج ’ عيناها غاضبة وضربت برجلها الأرض , ثم أخرجت هاتفها من
الحقيبة واتصلت بأختها تعاتبها على إجبار إبنها للذهاب معها , ثم نزلت وقد غيرت
قرارها , وعند نزولها دخل ’ فواز ’ واستغرب حين رآها من دون عباءة ( ألم تلبسي
العباءة إلى الآن ؟ سنتأخر ) .

’ أريج ’ تكتفت ونظرت إليه بنظرة غريبة ثم قالت ( لن أذهب , تستطيع العودة إلى المنزل ) .

وقدم إليها أخيها الكبير الذي جاء ليودعها ووقف أمامها ( ماذا ؟ ما الذي غير رأيك ؟ ) .

’ أريج ’ ابتسمت حتى لا يشعر بضيقها ( لا شيء , فكرت بالأمر مرة أخرى ووجدت
أنه لا داعي للسفر ) .

’ طلال ’ ( هل أنتي متأكدة من قرارك هذا ؟ بعد أن أمضيتي مساء الأمس كله وأنتي
تحاولين إقناعنا بالذهاب ؟ الآن وقد جهز لك والدي كل شيء ؟ ) .

’ أريج ’ ( أنا متأكدة وواثقة من قراري ) ونظرت إلى ’ فواز ’ مرة أخرى ثم صعدت
إلى حجرتها تدوس على رغبتها في البحث عن ’ مازن ’ والإنتقام منه .


دخلت إلى حجرتها وقلبها يغلي من القهر , وجلست على مكتبها صامتة هادئة , حتى دخل
عليها ’ فواز ’ بحقيبتها مبتسما .


’ فواز ’ ( أسعدني تراجعك جدا خالتي العزيزة , أتمنى لك يوما ممتعا ) والتفت خارجا من
الباب , ولكن صوت ’ أريج ’ أوقفه حين قالت ( خذلتني يا فواز , لن أنسى ذلك أبدا ) .

ابتسم ’ فواز ’ ثم اقترب منها وجلس على ركبتيه وقال ( أنتي تعلمين كم أحبك يا أريج ,
ولا أتمنى لك سوى السعادة , في قرارك بعض التهور , ستتألمين كثيرا حين لا تتمكنين
من فعل ما تريدين بعد أن تكوني في الخارج , أن تُخذلي من البداية خير من أن تخذلي
في النهاية , تماما كعلاقتك مع مازن , لو سمعتي نصيحة خالي سعد رحمه الله لما تألمتي
بهذا الشكل في النهاية ) .

’ أريج ’ ( أرجوك أن لا تذكر لي إسمه أبدا ) .

’ فواز ’ ( آسف ) وقف وقبل جبينها ثم خرج .

مزيج من نيران الشوق والألم على أخيها وحقد على ’ مازن ’ ورغبة في الإنتقام
منه يعصف بقلبها , وعينيها ترغب في البكاء بشدة , وعقلها في صراع شديد بين
البقاء والرحيل , البداية والنهاية ..!

حقا إن لم أبدأ بالعلاقة تلك لما تألمت , ولكن أيضا لو لم أبدأ بها لما شعرت بالسعادة
التي شعرت بها حين كنت معه , حتى لو كانت مؤقتة , ولما تعلمت هذا الدرس ,
ولم أقرر أن أقوِّي نفسي أيضا .

ممتنة لك مازن .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك .
العاشرة صباحا .


يقولون بأن " النظارة الشمسية " توضع لإخفاء عيوب العين , أو لجعل الوجه أجمل ..!
أما علموا أنها غرض كافٍ جدا لإخفاء الدموع ؟!
شكرا لك يا مخترع النظارة الشمسية , فقد ساعدتني هذه النظارة كثيرا طوال رحلتي
من المدينة إلى تبوك .


نزلت ’ سارة ’ من السيارة وودعت أخيها وشكرته ثم دخلت إلى المنزل , وقفت
بجانب المرآة التي تتوسط الصالة الخارجية , ونظرت إلى وجهها بعد أن فتحت
نقابها والطرحة , بدا طبيعيا , ولكن به بعض الحمرة , ستقول أنها آثار تعب السفر .
نوت الإلتفات ولكن , رآت وجها آخر في المرآة , كان هو ……..
التفتت إليه متفاجأة من وجوده , متى دخل , وكيف لم تشعر به ؟


التقت الأعين , وكل يحدث نفسه بحديث , كان العتاب والمفاجأة واضحا في نظرات
’ سارة ’ , أما ’ تركي ’ فعينيه مليئتان بالشوق والإعتذار , كما أن التعب كان واضحا
فيهما جدا , تقدم إليها وهو يمشي بوهن وضعف حتى وقف أمامها .

أما هي , فنظرت إلى الأسفل , وضمت كفيها إلى بعضهما دون أن تقول شيئا , وسحبتهما
سريعا حين أمسك بهما ’ تركي ’ .


وقالت متجاهلة مشاعرها ( أنا هنا فقط لأرافقك للعلاج , ثم تنتهي مهمتي عند هذا الحد ) .

’ تركي ’ ( ألا زلتي مصرة على رأيك ؟ ) .

’ سارة ’ ودون أن تنظر إليه ( نعم ) .

’ تركي ’ ( لنرَ ما سيحصل في الأيام القادمة , أما الآن … فأنا أرغب في ….. ) .

’ سارة ’ نظرت إليه متسائلة .

’ تركي ’ نظر إلى عينيها طويلا ثم احتضنها بما يملكه من قوة .

تفاجأت ’ سارة ’ من حركته جدا ولم تفعل شيئا , حتى أبعدها هو عنه بهدوء , ولمح
الإنزعاج على وجهها .

’ سارة ’ ( لدي كلام وأسئلة كثيرة لك , ولكن الآن دعنا ندخل ) وسبقته إلى الداخل ,
حتى دون أن تفكر في مساعدته .

وما إن قابلتهما ’ والدة تركي ’ حتى أخذت تعاتبهما بشدة على مقاطعتهما عنها .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°




تبوك , الرابعة عصرا .


الأصحاب يلاحظون تغير صاحبهم بعد الزواج , لأنه قد يدمن الجلوس في المنزل ,
أو الخروج قليلا فقط , أما أصحاب زوجها فلن يلاحظوا ذلك أبدا .

هي سعيدة معه جدا , ولن تنكر ذلك أبدا , لكنه كثير البقاء خارج المنزل , وإن عاد
يعوضها عن كل الساعات التي يقضيها في الخارج .
ولكن ذلك لا يكفيها , تتمنى منه أن يخصص يوما لها هي فقط , وينسى ’ تركي ’ ومن
أتى به ليوم واحد فقط ..!
قذفت بالفرشاة بعيدا وارتمت على سريرها وهي تتنهد ببعض الغضب , علمت أنها
تتمنى المستحيل .. المستحيل جدا .

ثم وضعت يدها على بطنها وابتسمت ( ربما سيتغير بعد أن أنجب له طفلا جميلا ) .

وتفاجأت بدخول ’ فارس ’ الذي ابتسم لها وجلس بجانبها وقبل جبينها ( أراكِ مبتسمة
, ما الأمر ؟ ) .

’ نوف ’ ( أفكر بك يا عزيزي ) .

’ فارس ’ ( نعم أنتي دائما تفكرين بي وتشتمينني لذا دائما ما أغص في الأكل ) .

ضحكت ’ نوف ’ وجلست وهي تقول ( بالله عليك ! ) .

’ فارس ’ ( أمزح وحسب , نوف عزيزتي , هل لك أن تجهزي حقيبتي ؟ ) .

تغيرت ملامح ’ نوف ’ تماما وقالت بدهشة ( أي حقيبة ؟ ) .

’ فارس ’ ( حقيبة السفر , سأكون في أمريكا لمدة أسبوعان ) .

’ نوف ’ ( ولكنك لم تعد من فرنسا إلا قبل أسبوعين أيضا , ماهذا يا فراس , ألا أهنأ بك
قليلا ؟ ) .

’ فارس ’ ( أنا آسف يا عزيزتي , ولكنني مضطر من أجل تركي , لا أستطيع تركه
بهذه الظروف ) .

’ نوف ’ ( وهل تركته يوما ما ؟ حتى بيوم زواجه لم تتركه ) .

’ فارس ’ ( هذا أخي يا نوف , لا تلوميني ) .

’ نوف ’ ( أنا أتسائل إن لم يكن لديه أهل حتى ترافقه أنت ) .

’ فارس ’ ببعض الغضب ( نوف لا تقولي مثل هذا الكلام مرة أخرى , أنت تعلمين جيدا
بأننا صديقان منذ صغرنا ) .

’ نوف ’ ( نعم أعلم ) ووقفت وهي تقول ( سأجهز حقيبتك ) .

ابتسم ’ فارس ’ واحتضنها من الخلف وهويقول ( لن أسافر ) .

التفتت إليه متفاجأة ..

وأكمل ’ فارس ’ عبارته وهو يضحك ( من دونك ) .

’ نوف ’ ( ماذا تقصد ؟ ) .

’ فارس ’ ( نعم ستسافرين معي ) وأخرج تذكرة من جيبه ( هذه لك ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك , التاسعة مساء .


نحن لا نستطيع البقاء على حال واحدة لفترة طويلة , ولا نستطيع التعايش مع الخيبة
والحزن أبدا .
حتى وإن عزمنا وقررنا الإعتياد على ذلك , فهناك شيء بداخلنا ينتظر الفرح , وفطرتنا
لا تقبل سوى الراحة .
كان الحال كذلك مع ’ أحلام ’ حين قررت الذهاب إلى منزل والدتها , فهي مشتاقة إليها
كثيرا , مهما كانت غاضبة منها فإنها لن تستطيع العيش بدون أم .
خرجت من الشقة بتردد , ولكنها لن تتراجع .
وما إن وصلت أمام المنزل حتى تذكرت ما حصل لها مع ’ سعيد ’ , فابتسمت
وهي تقول ( كنت سبب خروجي , وأنت أيضا سبب عودتي ) .


خطت نحو المنزل وقلبها يزداد خفقانه مع كل خطوة , حتى دخلت من الباب الذي
كان مفتوحا أصلا , وتوجهت نحو الصالة …
توقفت عن السير حين سمعت صوت رجولي , ركزت فيه , كان صوته , ولكن مالذي
يفعله هنا .
وماذا يقول ؟


….. ( لا تقلقي يا عمتي , سأحاول معها قدر الإمكان حتى تعود إلى أحضانك , وأنا
أعتذر منك مرة أخرى ) .

’ والدتها ’ ( لا يا ولدي , لا تحاول معها أنت , فهي عنيدة بشكل لا تتصوره , وستغضب
أكثر حين تحاول أنت بالذات ) .

يا الله … كم تشتاق لصوتها , وكم يبدوا متعبا الآن , ولكن لمَ هي مع ’ سعيد ’ الآن ..؟
أسرعت نحو الصالة الداخلية وهي لم تزيل عن وجهها الغطاء بعد .
توجهت الأعين عليها , ووقفت أمها مذهولة , ثم توجهت إليها وحضنتها بقوة , وأخذت تبكي .
و ’ أحلام ’ صامتة , دون أن تصدر أي ردة فعل .

وبعد أن عاتبتها أمها على فعلها , تحدثت ’ أحلام ’ وأخيرا ( هل ستخبريني بالحقيقة
يا أمي ؟ والآن ؟ ) .

عقدت ’ والدتها ’ حاجبيها ثم قالت ( أي حقيقة يا ابنتي ؟ ) .

’ أحلام ’ ( حقيقتي أنا وأنتي يا أمي ) ثم تحدثت بالإنجليزية ( التي حتى سعيد يكاد يعرفها ) .

’ سعيد ’ تنهد وهو ينظر إلى الأسفل ’ ( أظنني كنت مخطئا ) .

’ أحلام ’ ( ماذا تقصد بأنك كنت مخطئا ؟ ) .

’ سعيد ’ يقف ويضع يديه داخل جيوبه ( أقصد بأنها كانت كذبة , حتى تعودي إلى المنزل ) .

ضحكت ’ أحلام ’ بسخرية ومن غير تصديق ( ومن هذا الغبي الذي قد يفكر في العودة
إلى منزله وهو غير متأكد إن كان هذا منزله أم لا..! ) .

نظر ’ سعيد ’ إليها طويلا ثم سكت .

’ والدتها ’ ( ماذا قلت لها سعيد ؟ ) .

’ سعيد ’ ( لم أقل شيئا مهما يا عمتي , لا عليك .. أنا سأذهب الآن , تأخر الوقت ) .

وقبل أن يخطو خطوة واحدة , تحدثت ’ أحلام ’ بلهجة حادة ( إن لم تقولي لي الآن من
أنا ومن هو والدي ووالدتي لن تريني مرة أخرى ) .

نزلت دموع ’ والدتها ’ مرة أخرى واقتربت منها أكثر وقالت ( 26 سنة من العذاب
والألم يا أحلام , ظننت بأنني سأرتاح يوما ما , ولكنك لستِ تنوين ذلك , حتى في الأيام
التي لم تزعجيني فيها , فملامحك وتصرفاتك تذكرني بماضيي , لذا سأخبرك بالحقيقة
الآن لأريحك كما تقولين , ولأريح نفسي ….. أنتي تكرهين نسبك أليس كذلك , تكرهي
كونك باكستانية ؟ من الآن فصاعدا لن تشعري بهذا الشعور , أتعلمين لماذا ؟ لأنك
يا ابنتي ….. لست باكستانية , أنتي عربية سعودية , من قبيلة الـــ ………… ) .

اتسعت عينا ’ أحلام وسعيد ’ وكذلك شقيقتيها اللتان تقفان في أعلى الدرج , تراقبان
الموقف بصمت .

تنحنح ’ سعيد ’ وقال ( أنا أستأذن منكم الآن ) وخرج وهو ينظر إلى الأسفل .

أكملت ’ والدة أحلام ’ حديثها ( نعم , أنتي لستِ إبنة زوجي الراحل محمد , بل أنتي
ابنة عبداللطيف الـــ …………. , هذه هي الحقيقة التي خبأتها عنك وعن الجميع ,
فهل ارتحتي الآن ؟ ) .

نزلت ’ نور ’ من الدرج مسرعة وقالت وهي تقف بجانب ’ والدتها ’ ( ماذا تقولين يا
أمي ؟ أحلام ليست أختي ؟ ) .

’ والدتها ’ بنبرة حارقة ( كلا , هي أختك من أمك فقط , وليست شقيقتك ) .

’ نور ’ ولا تزال تحت تأثير الدهشة والصدمة ( ولكن كيف ؟ ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الثلاثاء .
تبوك , التاسعة صباحا .


4 كذبات إلى الآن منذ أن قدمت من المدينة , الأولى بأنها كانت تعِبة لذا لم تستطع
المجيء إلى والدة تركي , والثانية أنها ليست غاضبة أو على خلاف مع زوجها ,
والثالثة أنها ليست مهمومة , والرابعة .. أنهم ذاهبون إلى أمريكا فقط للسياحة .

’ والدة تركي ’ مثل والدتها تماما , فهي تعاملها بطيبة الأم وحنانها , ولم يرضِها
ما فعلت , ولكنها مضطرة .

من أجلها , بل من أجل ’ تركي ’ .
نعم , سيكون كل شيء هين من أجله و وستكون هذه الكذبات كتلك الكذبات التي
يصفونها بالبيضاء , مع أنه لا يوجد ذنب أبيض , فليغفر الله لها .


جلست بجانب النافذة وأراحت ظهرها على المقعد , ثم التفتت على ’ تركي ’ حين جلس .
يبدو تعِبا أكثر من الأمس , وهي أيضا تعِبة , ولكن ليس جسدها , وإنما قلبها وعقلها .

بالأمس وعندما صعدا إلى الحجرة ليرتاحا , وجهت إليه أسئلتها بعد خمسة عشرة
دقيقة صمت وتوتر من قِبَلِها , وتأمل وحيرة وإعتذار من ’ تركي ’ أو هكذا ظنت ( هل
ستخبرني من هي سارة , وأين هي عنك الآن ؟ ) .

تنهد ’ تركي ’ قبل أن يجيب ثم قال ( أنتي تعرفينها , وقد رأيتها من قبل ) .

’ سارة ’ ( أهي الفتاة التي كانت في المطار ؟ زميلتك في الجامعة ؟ ) .

’ تركي ’ ( نعم ) .

عضت ’ سارة ’ طرف شفتها وقالت بصوت غاضب نوعا ما ( هذا يعني أني كنت
على صواب حين توقعت أنك اخترت بريطانيا من أجلها هي , وكنت تغيب عني لساعات
طويلة , ولا تجلس معي إلا قليلا ) .

نظر إليها لبعض الوقت ثم قال ( هل يمكنك أن تقولي متى علمتي عنها ؟ وكيف ؟ ) .

ردت بتهكم ( ليس قبل أن أنتهي من أسئلتي , هل ….. تحبها ؟ ) .

’ تركي ’ ( كنت أعشقها , والآن …. لا أعتقد ذلك ) .

’ سارة ’ ( إذا كنت ترفض الزواج من أجلها ) .

’ تركي ’ ( بل من أجل المرض ) .

’ سارة ’ ( استطعت أن تتزوجني ولم تستطع الزواج بها ..! ) .

’ تركي ’ ( قلت لك بأني لم أكن أريد الزواج من أحد , لا هي ولا أنتي ولا أحد
سواكما , وأنتي كما تعلمين أن كل أم ترغب في أن ترى إبنها مستقر وسعيد في
حياته مع زوجته , خاصة إذا كان وحيدا , وأنا كنت دائما أرفض الزواج بسبب
مرضي , وذات يوم فاجأتني أمي بقولها أنها قد خطبت لي إحدى الفتيات , نعم .. لم
تكن لتتراجع , ولم أستطع الرفض , بما أن الفتاة إسمها إسم حبيبتي )
وصمت ( ولكنني تفاجأت جدا حين رأيتك لأول مرة , لم أتوقعك بهذه البساطة , ولا بهذا
الجمال , ولا بهذه الطيبة والبراءة , خشيت أن أجرحك بحزني وبملامحي التي أبت أن
تجامل أو تبتسم ولو قليلا , فتركتك ليلة الملكة , وحين أتيتك للمرة الثانية , آخذني
جمالك أيضا , فلم أستطع أن أتاملك نفسي وخرجت , أما ليلة الزواج , وآآآه من ليلة
الزواج , هل تعلمين كم كنت متعبا من التفكير ومن إحساسي بتأنيب الضمير تجاهك
حين قلتي بأنك مجبرة على الزواج مني ..؟ كنت طوال الليل أفكر , كيف لفتاة صغيرة
وجميلة مثلك أن تجبر على الزواج من شاب مثلي و ….. ) .

قاطعته ’ سارة ’ قائلة ( ولكنك كنت تحدث إحداهن على الهاتف , كنت مشتاق إليها
جدا يا تركي , ألست محقة ؟ ) .

وقف ’ تركي ’ من فرط تعجبه من صراحتها الغير متوقعة ( هل سمعتي تلك المكالمة ؟ ) .

’ سارة ’ ( نعم , ماذا تظن من فتاة صُدمت في ليلة زواجها ؟ أن تستسلم وتجلس
دون أن تفعل شيء ؟ كنت قد نويت أن آتي إليك وأفهم منك الموضوع جيدا , ثم
ننهي العلاقة من حينها , لكنني حين سمعت مكالمتك تراجعت , سمعتك حين قلت
بأنك ستذهب إلى بريطانيا , كنت أود معرفة الحقيقة , وكنت أود رؤيتها بشدة أيضا ,
ولكنني لم أرها سوى في المطار , كنت أحترق حين تذهب لرؤيتها , أتظنني كنت
أبكي فقط من خوفي من الأشباح ؟ بل من غيرتي وقهري عليك , ولكنك لم تفقهْ ذلك ,
وأظن أنك لن تفقهْ أبدا ) .

ابتسم ’ تركي ’ بتعجب وجلس وهو يقول ( لم أكن مخطئا حين وصفتك بالغريبة ) .

’ سارة ’ ( وماذا بعد ؟ ماذا حصل ؟ هل غفرت لك محبوبتك ) .

ابتسم ’ تركي ’ مرة أخرى بألم ( نعم , غفرت لي , ولكنه غفران من نوع آخر ) .

’ سارة ’ ( كيف ؟ ) .

’ تركي , ( غفران بنية خذلان وانتقام ) .

’ سارة ’ ( ما أبشعه ) قامت وجلست بجانبه ( هل لك أن تخبرني عن ….. قصة حبكما ) .

نظر ’ تركي ’ إليها بتعجب وقال ( لم يكن هنالك أية قصة , فقط صدفة , وإعجاب , ثم
عشق , ثم ……. رحيل بلا وداع ) .

’ سارة ’ ( فهمت , حين علمت عن مرضك تركتها لكي لا تجرحها , بينما حطمتني
ودمرت حياتي تماما , ثم هي خذلتك فيما بعد , واتفقت مع صديقك على أن تجعلني
آتي إليك فقط لأرافقك للعلاج , ثم ستعاملني وكأن معروفا لك لم أعمل , صحيح ؟ ) .

ضحك ’ تركي ’ مندهشا حتى استلقى على قفاه وقال ( ليس إلا ذلك , باستثناء
الاتفاق مع صديقي , لأنه شاب صالح , لم يكن ليرضى ذلك عليك , ولكنني حدثته
على أنني أصبحت أحبك وأميل عليك , وهو طبعا من شدة حبه لي صدقني وحدثك
دون أن أعلم أنا , ثم أتيتِ وتأكدت من أن خطتي نجحت , أنتِ ذكية جدا يا سارة ,
أنا أعلم أنك بريئة جدا , ولكنني أكتشف لأول مرة أن براءتك يشوبها بعض الخبث
يا حبيبتي , ولكن لا بأس , أنا رجل ذو تجربة , لذلك لن أخشى منك أبدا , وأيضا
لم أكن لأخدعك ولا أكذب عليك ولا أمثل , ولكن الحاجة أجبرتني , أتدرين لماذا ؟ لأن
حبيبتي أو محبوبتي كما تقولين , تركتني , وأمي لا أريد أن تعلم عن مرض ابنها
الوحيد , ولا يوجد أحد سواك ) قام واقترب منها ( وأنا أحببت سارة حد الثمالة , ولن
أستطيع أن أحب سواها يوما ما ) .


كان قلب ’ سارة ’ في هذه اللحظة يغلي من القهر والغضب , ولكنها تظاهرت بالبرود
حين
قالت ( لا بأس يا تركي , سأرافقك وسأكون معك حتى تقف على رجليك , فقط لأن
إنسانيتي وإسلامي و مبادئي لا تسمح لي بأن أترك زوجي في المحن ) .

’ تركي ’ ( أحسنتي ) .


عادت إلى واقعها حين نبهها ’ تركي ’ بالمضيفة التي تسألهم ماذا يريدون أن
يشربوا , هزت رأسها بالنفي .

وعادت إلى نفسها ( ماذا قلت له , ولماذا قلت أصلا ؟ ) تنهدت بعمق ( فليكن ما يكون ,
سأؤدي واجبي تجاهه , ثم أعود لأمي التي هي أيضا بحاجتي , حبيبتي يا أمي , أنا
آسفة جدا لأنني تركتك )
وضعت يدها على قلبها بصورة مفاجئة حين شعرت بنغزة قوية عليه , استعاذت من
الشيطان وأغمضت عيناها .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


يتبع



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.