شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   655 - اللقاء بعد الياس - عبير دار ميوزيك ( كتابة /كاملة)** (https://www.rewity.com/forum/t368346.html)

samahss 06-02-17 01:09 AM

655 - اللقاء بعد الياس - عبير دار ميوزيك ( كتابة /كاملة)**
 
https://upload.rewity.com/upfiles/3uA73071.png


655 - اللقاء بعد الياس - عبير دار ميوزيك
الملخص
وصلت ستيفاني الفينيسية إلى باريس
لكي تكرس ذاتها لمهنتها كمصورة حرة
وفي دنيا السينما والفنون و الاثار
تقابلت مع الشاب الجميل مارك دي موجاندر ولم تشك يوما ما في
تعرضها لدسيسة قام بها بعض المغامرين الفطنين المغرضين
من ذا الذي يستطيع إنقاذها من اليأس ؟
ربما يكون مارك ؟ لكنه بعيد جدا
هذا بالإضافة إلى أنه .....
هل ما زال يحبها حقا ؟!
-------------------------------------------




https://upload.rewity.com/upfiles/drE73071.png

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

samahss 06-02-17 01:12 AM

الفصـــل الاول
كان الخريف في باريس في تلك السنة رائعا كانت اشجار الكستناء مازالت خضراء إلا ان بعض اوراقها - وقد اتخذت لونا احمر - كانت
تتساقط من حين لاخر إنها بداية شهر اكتوبر ( تشرين الاول )
أوقفت ستيفاني تاكسي في ميدان سان جيرمان دي بريه إذ كان على موعد مع زوجة ابيها عند هنري باردو بائع الزسوم واللوحات
القديمة وهو صاحب محل بشارع ال سين
عندما نظرت الفتاة إلى ساعة الميدان وجدت انه ما زال أمامها نصف ساعة ولكي تضيع الوقت اتخذت شارع بونابرت كانت الفتاة فد
غادرت فينيس حيث كانت تسكن في أملاك والدها وهو مبنى فاخر على شاطئ ال جراند كانال
كان الكونت ماركتيني دي بروسو وهو ايطالي من أصل روماني قد استقر منذ فجر شبابه في مدينة دوج
وكانت ستيفاني هي ثمرة زواجه الاول من فرنسية ورثت عنها عينين زرقاوين ذواتي نظرة عميقة ثم بعد عامين من الترمل تزوج الكونت
مرة اخرى من الجميلة اورورا قد قاومت البؤس طوال فترة مراهقتها اثناء إقامتها في أحياء نابولي محرومة من حق الإرث لذلك عندما
منحها الكونت اسمه وكان وقتئذ شابا جميلا في الاربعين من عمره اعتقدت اورورا ان ذلك يرجع إلى بركة الله لها تنقلت ستيفاني من
مدرسة إلى أخرى وأخيرا استقرت في مدرسة داخلية في جنيف وكانت تبلغ الثانية عشرة من عمرها عندما توفي الكونت في حادثة
سيارة ثم بعد ثماني سنوات عندما اتمت دراستها غادرت سويسرا بصفة نهائية لكي تعيش في منزل والدها مع اورورا وكانت هذه الاخيرة
تعيش حياة البذخ كثيرة الاسفار تنفق بغير حساب .
ولما كانت ستيفاني قد حذت حذو الكونتيسة فإنها أخذت تفكر جديا أثناء تطلعها إلى واجهات المحلات وما بها من معروضات في شارع
ال سين في أن هذه الحياة المقلدة عديمة المنفعة أصبحت ثقيلة عليها .
عندما دخلت إلى معرض اللوحات وجدت زوجة أبيها تتحدث مع البائع عندما رأت هذه الاخيرة ستيفاني صاحت
- اه يا عزيزتي لقد حضرت ؟! أقدم لك السيد باردو
ثم أضافت
- كان يعرف والدك جيدا وكثيرا ما اشترى له رسوما أثناء فترات إقامته في باريس
مدت الفتاة يدها إلى السيد باردو الذي احتفظ بها فترة في يده مبتسما ثم قال
-إني سعيد بكعرفتك يا انسة لقد كان والدك صديقا لي كان - رحمه الله - خبيرا في الاشياء القديمة الاثرية .....
كم من مرة تناقش كلانا منحنيين وممسكين بالعدسات المكبرة عن صحة رسم أو لوحة ! وفي أغلب الأحيان كان هو على حق إن
مجموعاته معروفة لدى كل الهواة في العالم
بادلته الفتاة الابتسامة وسحبت يدها بينما كان هو يواصل كلامه
- لقد تشرفت باستقباله لي منذ اثني عشر عاما وذلك خلال رحلة لي في إيطاليا وكنت حينئذ فتاة صغيرة في الإجازة الصيفية ومازلت أراك
تجرين في الفناء بالضفائر التي تهتز على ظهرك وفي ذلك اليوم أعجبت باللوحة التي كان والدك يفتخر باقتنائها ل ليونارد دافنشي .
أثناء ما كان البائع يسترجع بلك الذكريات ألقت الكونتيسة نظرة من حولها قالت
- هل أنت تبيع أيضا منحوتات يا سيد باردو ؟
- عامة لا يا سيدتي العزيزة غير أنه قد أتيحت لي فرصة اقتناء هذه التماثيل البرنزية الصغيرة ....و...
وبينما كانوا يثرثرون اتجهوا نحو الحدرة حيث كان مكتب البائع كان البائع الشاب من حين إلى اخر يلقي نظرات خاطفة غلى ستيفاني
محدثا ذاته بأن ابنة الكونت قد اصبحت جميلة جدا تتمتع بسحر ورشاقة الغزالة شعرها الكستنائي يحيط بوجه بيضاوي عيناها الواسعتان
لهما أهداب سوداء وأنفها الدقيق يمنحها مظر شخصية خارجة من إحدى لوحات النهضة الإيطالية بالإضافة إلى ذلك كانت تنبعث من
شخصيتها وداعة وبراءة .
كان هندامها بسيطا عبارة عن بنطلون من قماش الفانيلا الرمادي وبلوزة بيضاء في حين ان زوجة ابيها كانت ترتدي كعادتها ملابس
شاذة باهظة الثمن إذ كانت في ذلك اليوم تضع تايير من القطيفة السوداء وكاب احمر مبطنا بالحرير الاحمر أيضا .
وها هي الفتاة تتأمل الان باهتمام الاعمال المعروضة لأنها كانت قد ورثت عن والدها حسا مرهفا للفنون الجميلة وكل ما يوحي بالعصور
السالفة أما الكونتيسة وهي جالسة أمام المكتب فقد كانت تري هنري باردو صورا ولوحات كانت قد أخرجتها من حقيبتها وكان كلاهما
يتبادلان حديثا بصوت خافت .
وإذا بالباب يفتح إلى النصف لكي يظهر منه شاب في الثلاثين من عمره فارع ذو شعر كستنائي مجعد ووجه جميل بارز التقاطيع بعض
الشيء ومازال محتفظا بلفحة شمس الصيف كان عريض المنكبين ويبدو أنه رجل رياضي .
بتلقائية التفتت ستيفاني نحو الوافد الجديد وشعرت بأنها انجذبت له كما يفعل المغناطيس من تاثير عينيه الخضراوين وإذا بشيء غريب
سحري يلحق بكليهما وعندما التقت نظراتهما لم يتمكنا من الالتفات الواحد عن الاخر وعندما رفعت الفتاة رأسها وشفتاها مرتجفتان
ابتسمت وعملت على الالتفات وإذا بها تسمع من خلفها صوت هنري باردو قائلا
- صباح الخير يا سيد موجاندر كنت أعتقد أني سوف أراك هل حضرت من أجل رسم رمبرانت ؟
ولما لم يجبه الزائر إذ كان مثبتا نظره على الفتاة
واصل البائع وإن كان قد دهش لذلك - إنه رسم ذو قيمة عالية لقد اعتقدت عند اخر زيارة لك أنك ترغب في اقتنائه وكأن موجاندر عاد
إلى الأرض تفرس في باردو ثم بصوت متردد
- نعم... بالتأكيد ... لقد حضرت لكي أشتريه
واتجه نحو المكتب الذي تجلس الكونتيسة أمامه أردف باردو
- سيدتي العزيزة اسمحي لي بأن أقدم لك السيد دي موجاندر....وهو من عشاق الفن
وواصل عملية التقديم
- الكونتيسة ماركتيني دي بروسو .... أرملة الكونت الذي لا شك أنك سمعت الكثير عنه كشخص من هواة جمع الرسوم واللوحات وكل
ما هو نادر وقديم .
مدت الكونتيسة أصابعها المحملة بالخواتم نحو موجاندر الذي انحنى واصل البائع ملتفتا نحو ستيفاني
- الانسة ماركتيني دي بروسو ابنته
أكدت اورورا
- ابنة زوجي
تناول موجاندر يد الفتاة واحتفظ بها لفترة أطول مما كان يليق الاحتفاظ بها وهو يرنو إليها
تركهما البائع لحظة ودخل إلى الغرفة الوقعة في اخر المحل وهي تستخدم كمخزن ثم خرج منها وبيده رسم في إطار
- ها رامبرانت الذي جذب انتباهك يا سيدي إنه رسم بالريشة وبالالوان المائية يرجع إلى عام 1640
أضاف ذلك متوجها إلى الكونتيسة التي التفتت نحوه لكي تنظر إلى الصورة التي يمدها إلى الشاب تناول هذا الاخير الرسم بكل احترام
وتأمله طويلا اخيرا رافعا عينيه سأل
- هل سبق أن أخبرتني بأنه ب مليون ومائة ألف فرنك ؟
- نعم يا سيد دي موجاندر
ولما رأه مترددا أضاف باردو
- إنه رسم نادر وصور رمبرانت ليس من السهل العثور عليها غير أنه بما انك زبون طيب في إمكاني أن أجعله
ب مليون فقط ليس أقل
أجاب موجاندر
- شكرا سيدي باردو
ثم دون ان يتردد لحظة أكثر من ذلك أخرج دفتر الشيكات نهضت الكونتيسة في هدوء تاركة الرجلين يتبادلان الحديث معا بمفردهما
أمام المكتب ولحقت ب ستيفاني التي كانت تواصل زيارة المعرض بتادلتا بعض التعليقات على اللوحات لكن اورورا كانت تبدو شاردة
..... كانت تفكر في هذا الرجل الجميل الذي يوقع شيكا بمائة مليون ( سنتيم )
وأثناء ما كان البائع يقوم بتغليف لوحة رمبرانت اقترب منهما موجاندر
- قد تكون متعة لقائكما في احتفال تاجر التحف ليلة الافتتاح لقد أخبرني السيد باردو حاليا أنه يمتلك تعض الروائع كان قد حبأها في
عناية في جناحه هذا المساء ....
فأجابته الكونتيسة وعلى شفتيها ابتسامة ساحرة وفي صوتها الساحر لهجة إيطالية
- إتفقنا يا سيدس العزيز سنكون في جراند باليه لقد حضرنا من أجل ذلك إنها المرة الاولى التي تحضر فيها ابنة زوجي هذا العرض
الشائق لأنه حتى الان كانت دراستها تحول دون قيامها بفترات إقامة طويلة في عاصمتكم ومن جانت اخر
- هكذا واصلت في مودة - كدت اختنق في فينيسيا حقا كنت في حاجة إلى باريس !
غير أن الشاب كان قد كف عن الاستماع إليها لأنه كان مشغولا بالتأمل في ستيفاني
اقترب البائع مقدما اللفة ومعها شهادة الأهلية للرسم
- ها ما طلبته يا سيدي مع دعوة لليوم السابق لافتتاح معرض الصور أمله في لقائهما أثناء السهرة اصطحبه باردو إلى الباب بينما عادت
الكونتيسة إلى المكتب وتناولت قطعة برنزية تمثل إله الريف عند الومان يعزف على المزمار متظاهرة بأنها تفحصها باهتمام ثم قالت موجهة
كلامها إلى باردو
- لطيف جدا هذا الرجل الجميل دي ....دي
أكد لها هذا الاخير
- دي موجاندر ..... مارك دي موجاندر انه شاب جذاب ورقيق مجامل ممتاز .... هذا بالاضافة الى انه مولع بالاشياء القديمة كما كان
والده غن فندقه الخاص وهو من مساكن القرن الثامن عشر عبارة عن إحدى روائع المساكن ذاب الاطار الخشبي وارد بولونيا حيث يضم
أشياء رائعة
سألته اورورا بطريقة سطحية وهي مستمرة في تأمل التمثال الصغير الذي بيدها
- اه ؟ ماذا يعمل ؟
- إنه يدير مصانعه إنها أسرة مهندسين من الاب إلى الابن وكان جد والده قد أنشأ أحد أكبر المجمعات للنسيج في شمال فرنسا كما أعتقد
أنه يدير مصنعا للمحركات الكهربائية كما أني أيضا سمعت أنه يعتزم إنشاء مصنع اخر في بورتريكو عما قريب
قالت الكونتيسة وهي مازالت تتظاهر بعدم الاهتمام إنما بأدب
- حقا ... هذا التمثال رائع أليس كذلك يا ستيفاني ؟
غير ان ستيفاني لم تكن قد استمعت الى ما دار بينهما من حديث إذ كانت غارقة في أفكارها
لم تكن الفتاة حتى هذا اليوم على دراية إلا بأولئك اللعوبين الذين لا يدومون أكثر من عمر زهور الربيع
إذا كان الحب بالنسبة لها هو هذا الشعور الخطير المهم الذي لا يحسه المرء إلا مرة واحدة في حياته وكانت قد تأثرت بهذا الاحساس
الخفي الذي لحق بها عندما التقت عيناها بنظؤة هذا الشاب الحانية هذا الشاب الفارع الجميل الذي وجدته جذابا إلى حد لا يوصف
شعرت فجاة برغبة في وضع يدها في يده وقفت جامدة صامته وسط معرض اللوحات أسيرة هذا الارتباك العجيب الذي تملكها .


samahss 06-02-17 01:15 AM

الفصل الثاني
كان جيلبير جالان الممثل الكوميدي ممددا على إحدى الارائك الموجودة بصالونه يقرأبعين شاردة السيناريو الذي عهد إليه به مدير
المسرح وكان الموضوع الذي عرض عليه بشأن فيلمه القادم لا يعجبه البته لذلك عندما اتصل به مارك هاتفيا لكي يعلن له زيارته حتى يريه
رسم رمبرانت قبل هذا العرض بكل ترحاب .
ولما كان الصديقان جارين وصل موجاندر بسرعة متأبطا لفته الثمينة ككانت تربطهما صلة صدافة متينة وكان يعتبر جيلبير وهو يكبره بعشر
سنوات مثل أخ .
نظر إليه الكوميدي مبتسما وهو يحل بعناية وفي صمت تام الورقة التي تغلف الصورة
أخيرا أردف مارك وهو يمد يده بالرسم
- ها هو !
تناوله جالان وأخذ يتأمله بضع لحظات واخيرا صاح
- قطعة جميلة ! لقد أحسنت بشرائك إياها .... لا شك في أنها غالية الثمن ؟
هكذا أضاف مستجوبا
- مليون .... لقد تنازل باردو عن جزء ضئيل كم أقدر أسلوبه في التعامل مع زبائنه المخلصين إني واثق بأني كنت سأدفع أكثر من ذلك
لو أني اشتريتها من صالة المبيعات أخبرني هل تلقيت بطاقة دعوة لعرض ال بينالي ؟
- نعم .... بل تلقيت العديد منها !
- أمن الممكن أن نذهب معا ؟
- إذا شئت هل في إمكانك أن تمر لاصحابي ؟
سأله مارك
- وهل ليديا ستكون معك ؟
- لا أعتقد إنها مصابة بالانفلونزا ... متعبة ... كما أنها غير مولعة بهذه السهرات الباريسية
- خسارة .....
- لماذا ؟
- كنت اتمنى أن أقدم لها شخصيتين ....أو بمعنى أصح أن تكون معي عندما أستقبلهما .... كانت ليديا ستجد فرصة تبادل الحديث مع
الفتاة ... بذلك تكون فرصة للدخول إلى الموضوع ... هل فهمت ؟
- لا .....
- كيف ....لا ؟
- بقد أكون غبيا لكني لا أفهم شيئا من قصتك !أي فتاة تتكلم عنها ؟
- اسمعني عندما دخلت عند باردو في بداية فترة بعد الظهر كانت هناك فتاة تتأمل اللوحات المعلقة على متكأ اللوحات التقت نظراتنا
و...كيف اشرح لك ؟ ...... كم رغبت في أن أضم هذه الفتاة إلي وأن أقبل هذا الفم الذي ما زال طفوليا ....
اتسعت حدقتا عيني جالان من الدهشة قال في شيء من المكر
- أتعلم أن ما تسرده الان شيء جميل لكني لا أجد علافة بين ذهاب زوجتي معي وهذا الموضوع الذي يعبر
عن حب من أول نظرة ؟
- حب من اول نظرة قد تكون مبالغة فلنقل إنها أعجبتني لقد تبادلنا بعض الكلمات وفهمت منها أنها ستتوجه إلى العرض مع زوجة أبيها
ومن البديهي أنهما ستتوادان في جناح باردو بوذلك سنجد فرصة للتواجد هناك والدخول إلى الموضوع ؟ وسيكون ذلك بالتأكيد أسهل
معك عما يكون عليه عندما أكون بمفردي هل فهمت الان ؟
- فهمت ... خاصة أنك ترغب في جعلي أتجول في المعرض وأن أتوقف أأمام الرسوم في انتظار مرور فتاة أحلامك ....
عندما شاهد الضيق باديا على وجه مارك أضاف
- منذ متى أجدك في حاجة إلى مساعد للوصول إلى رضا فتاة ؟!
- أنت بالتأكيد لا تفهم شيئا أخبرك بأنها الفتاة التي .....
قاطعه جيلبير غير مصدق هذا التأكيد
- اه ...!...
ولكن مارك هز كتفيه غير مبال بتعليق زميله
- ... من تبادلت معها الكلام لم أنطق أكثر من ثلاث كلمات ولا بد من تواجدنا وسط جمهور من الناس حتى أتمكن من تبادل الحديث
معها عن كل شيء وكأنها مصادفة ليس إلا سترى كم هي جميلة بما لها من طابع وديع ساذج بريء
أشار له جالان ساخرا
- من عادتك أنك تفضل فصيلة الغهد من الفتيات من جانب اخر يا صديقي الصغير مارك أرلك في كل مرة تمدح لي صفات ومحاسن
شخصية جميلة يأعجبت بها أجدك قد غفلت حتى عن رقم تليفونها بعد شهر بالمناسبة كيف حال كورين ؟
هكذا ختم كلامه بلهجة تفيض بالسخرية ون أن يجيبه بدأ مارك في تغليف اللوحة ثانية وجالان اتجه إلى المشرب وأثناء ما كان يميل على
الثلاجة الصغيرة لتناول قطع ثلج لمشروبه سأل صديقه ثانية
- على الاقل هل علمت اسم هذه الصغيرة الجميلة ؟
- ستيفاني ماركتيني دي بروسو وهي إيطالية كما يشير اسمها إلى ذلك وافدة من فينيسيا
انتصب جالان فجأة
- هلي هي من اسرة هاوي جمع الصور والرسوم الشهير الذي مات إثر حادثة سيارة منذ سبع أو ثماني سنوات ؟
- إنها إبنته
- كنت في هذا الفترة مهمتما بل مولعا بهذه الاشياء القديمة ولقد تحدثوا كثيرا عن لوحاته بعد وفاته أتذكر أنه كان يمتلك من بين العديد
غيرها لوحة ل ليوناردو دافنشي وهي نادرة جدا في المجموعات الخاصة لقد رأيت مثلها إنها عذراء حاملة طفلا ومن خلفها منظر طبيعي
.... إنه إنتاج فترة الشباب هذا المنظر الريفي غير الحقيقي بما فيها من بحيرة وجبال صخرية يشعر الناظر إليه بمستقبل هذا الفنان الكبير
وهذه اللوحة هل هي ملك لابنته ام لارملته ؟
لم يجب عليه الشاب في الحال على ما يبدو أنه لم يسمعه لأنه كان يدير الكوب بين أصابعه وأخيرا نطق في نبرة لامبالاة
- لست ادري
وكان واضحا انه لم يكن يفكر في الفنان الايطالي اشهير الذي يدفع بالجموع إلى الماحف بل كان يفكر في هاتين العينين الزرقاوين
اللتين القيتا إليه نظرة خاطفة
*********************************************
ها هي جموع انيقة تسرع بالقرب من ال شانزليزية إلى مدخل جراند بالية المضاء في تلك الليلة وكان كل هواة الفن في باريس
يصعدون السلم الكبير يمرون بين الاعمدة والجميع يتعارفون يحيون بعضهم البعض كان عدد الزبائن كبيرا جدا حتى إنه منح هذا العرض
اللامع طابعا أجنبيا وكان الزوار قد تجمعوا أمام الاقسام عندما وصلت ستيفاني وأورورا
تمتمت الكونتيسة إلى الفتاة
- أنيق جدا وذو ذوق رفيع
وفي الواقع لقد أبدع مصممو الديكور إذ كان المبنى مغطى بالديباج من القطيفة الرمادية على الزوايا الاربع كما أن العرض كان موضوعا
في تناسق رائع البعض على ممرات سواء كانت مستقيمة أم مقوسة والبعض الاخر يصعد إليه المرء عن طريق بعض الدرجات وكان هناك
ركن متخصص لمطعم ومشرب وكانت مكبرات الصوت وهي مخفية بعناية تبث موسيقى هادئة كان الزائر يحتار أين يوجه نظراته إلى
الاثاث ام الى السجاد والى الحلي الصينية والفضيات أم الى الاشياء المجلوبة من الشرق ومن الصين وتماثيل ولوحات ورسوما وكان كل
بائع يفخر بعرض ما هو نادر وثمين
أما جناح هنري بادرو وكان قريبا من المشرب فكان يتضمن لوحات رائعة ترجع الى المدرسة الفنلندية وهي عامة تحظى بإعجاب الهواة
في هذه الاثناء كان جيلبير قد بدأصبره ينفذ وهو بالقرب من الذي قضى نحو ساعة في مساومة مع أحد باعة الرسوم وأخيرا أقنع ذاته
بأهمية وجوده بالقرب من الشاب عند وصول السيدة والفتاة وكان قد قام مرتين بجولة حول الاقسام الجاورة وفي اللحظة التي تأهب فيها
للاستئذان من مارك لكي يلحق بباعة الاسلحة القديمة التي كان مولعا بها إذا به يسمع صوتا ذا نبرة إيطالية يقول في دلال
- عزيزي باردو ! أخيرا وجدتك ! إننا منذ وصولنا لم نقم إلا بلقاءات ودية لم أعد أتذكر الحصول على هذا الكم من الاصدقاء في فرنسا
شيء رائع ! إني أتساءل لماذا أدفن نفسي في فينيسيا ؟ اه ... صباح الخير يا سيد دي .... موجاندر أليس كذلك ؟ لقد تقابلنا مؤخرا كما
يبدو لي .....
وقف جالان يتطلع إلى السيدة التي انحنى أمامها مارك فهي ناضجة ذات شعر أسود لون جناح الغراب وعينين سوداوين ذاوتي نظرة
جذابة كثيفة الزينة وفم واسع يكشف عن صفي أسنان لامعين وجدها جذابة بما لها من قوام أقرب ما يكون لتمثال منحوت وهي في تايير
من الجلد الابيض يبدو كأنه بشرة أخرى . هذا بالاضافة غلى فراء ثعلب أيضا أبيض يكمل هندامها العجيب قدر الممثل الكوميدي عمرها
من أربعين إلى خمسة وأربعين عاما ثم بعد هذا الفحص انتقل نظرة غلى الفتاة الواقفة بعيدا بعض الشيء بمفردها والتي التفت إليها مارك
لا شك في أنه اعترف بأن صديقه على حق
فهي حقا جذابة رشيقة بقواممها النحيف جميلة بملامحها المنسجمة الرقيقة مدت يدها إلى الشاب مبتسمة وقد بدت سعيدة بلقائه تأملها
مارك في إعجاب كانت الكونتيسة مستمرة في الحديث عندما اقترب جيلبير جالان من الفريق
قال باردو
- هل هناك ضرورة يا سيدتي العزيزة أن أقدم لك الممثل المشهور جيلبير جالان ؟
- الكونتيسة ماركتيني دي بروسو
مدت يده الى جالان الذي مال على الاصابع المحملة بالخواتم قالت بصوتها العذب المنغم مع ابتسامة ساحرة
- لا تقدر سيدي كم أنا مبتهجة للقائك إني إحدى المعجبات بك أعتقد أني شاهدت كل أفلامك
ثم التفتت إلى الفتاة وكانت تتحدث مع مارك وأضافت
- ها هي ابنة زوجي ستيفاني
بعد ذلك شمل الحديث الجماعة كلها وعندما وصل زبائن اخرون انتهز جالان الفرصة لكي يختفي
ثم اردفت اورورا
- اطلب منك يا سيد باردو مقعدا لاني تجولت كثيرا اليوم في باريس وها انا أشعر بتعب شديد وأنت يا ستيفاني واصلي جولاتك بدوني
وسوف تجدينني هنا لأني أصبحت عاجزة عن الحركة
وافقت الفتاة وانصرفت ...
قالت ستيفاني
- أرغب في العودة إلى جناح بريسية أريد مشاهدة التماثيل القوطية الجميلة التي يعرضها مرة اخرى
سألها مارك منتهزا الفرصة
- أترغبين في أن أرافقك ؟
فجأة استنار الوجه الجميل واجابت
- بكل سرور
ثم ابتعد الشابان تحت نظرة اورورا الراضية
إن ذكرى مارك لم تفارق ستيفاني وإن كانت لم تكف عن التفكير فيه إلا أنها لم تحدث زوجة أبيها عنه مخبئة في قلبها هذا الإحساس
العجيب الذي تولد عندها كانت الفتاة في النهاية قد وثقت بأنها ترجو مشاهدته وترغب في أن تتحدث معه وكانت تتساءل في شيء من
القلق إذا كان هو أيضا من جانبه يشعر بنفس الرغبة وأنه سيحاول أن يتواجد في جناح باردو بالمعرض حتى تكون له فرصة لقائها وكانت
أيضا حريصة على إخفاء مدى تعجلها الاتجاه نحو لوحاب البائع منذ اجتيازهما أبواب جراند باليه عن اورورا
سارت بالقرب من مارك وكانت مشرقة من السعادة بين ممرات المعرض وعندما اقتربا من جناح بريسيه سألها الشاب
- هل تحبين النحت بصفة خاصة ؟
- نعم أحب هذا النوع من التعبير لأني أتاثر به أكثرمن الرسم ربما يكون ذلك بسبب الابعاد الثلاثة إنه الفن الكامل هناك تماثيل إنه الفن
الكامل هناك تماثيل تنفرد بنقل حضارات الماضية فهي ما زالت شامخة صامتة باقية على أنقاض الاف السنين ...
ثم مكثت لحظة صامتة بعد اعترافها هذا قبل ان تنطلق في الضحك
- يبدو
لي أني أصبحت خيالية ! لكن هذا لأنك دفعتني إلى أفضل المواضيع التي أهتم بها وكان مارك يستمع غليها دهشا ومبتهجا في الوقت
ذاته كان يفكر في أن هذا النوع من الحديث لم يكن عامة هو الذي يتبادله مع فتاة جميلة وهذا التعليق الصادر من هذه الفتاة الت
يتبدو مولعة بالفن أعجبه كثيرا ! وأخيرا بعد جولات متكررة تواجدا أمام باردو حيث كانت الكونتيسة تتبادل حديثا مع ثلاثة زوار عندما
لمحتهما أبدت لهما إشارة بيدها واستمرت في الحديث ثم أمسك مارك بذراع ستيفاني لكي يصطحبها الى المشرب
- ألا تعتقدين أن مشروبا مرطبا يعتبر ضروريا بعد هذه النزهة وسط الجموع ؟
اخفضت رأسها علامة الموافقة وانقادت غلى مائدة فارغة ارتجفت الفتاة عندما رأته يرفع كأسه ناظرا إليها قبل أن يرطب شفتيه به ثم
شعرت بقلبها ينبض في صدرها سألها في مرح مبديا ابتسامته الساحرة التي لا تقاوم
- الان وقد تكلمنا كثيرا عن الاشياء الفنية أود أن تكلميني عنك يا ستيفاني أمن الممكن ؟
- ممكن يا مارك غاية ما في الامر ليس لدي الكثير عن نفسي حتى أخبرك به
- إنك إيطالية وتسكنين فينيسيا وممع ذلك تتكلمين الفريسية بدون لهجة إيطالية ماذا تعملين ؟ أعتقد أنك لا تتبعين زوجة أبيك طوال
الوقت على الاقل هذا هو اعتقادي ؟
- لقد بدأت الحياة معها منذ فترة قصيرة لأني كنت في مدرسة داخلية في جنيف إلى ان حصلت على البكالوريا ومن هنا معرفتي الجيدة
للغة الفرنسية بعد ذلك مباشرة عدت الى فينيسيا غير اني سافرت تقريبا مباشرة للتوجه الى فيفي وهي ايضا في سويسرا حيث تابعت
الدراسة لمدة عامين وكنت لا أعود الى منزلنا إلا أثناء الاجازة الصيفية وكانت اورورا كثيرة التغيب في هذه الفترة غنها تميل إلى الاسفار
إنها حياتها
أردف مارك دهشا
- إلى فيفي ؟ أليس هناك افضل مدرسة في اوروبا لدراسة فن التصوير ؟ هل كنت هناك ؟
وضحت في تحفظ :
- انا مصورة لقد تعلمت هذه المهنة بالمصادفة كانت لي صديقة في الداخلية نيكول لقد خطبت بعد حصولها على الشهادة مباشرة وفي
الاحتقال الذي أقيم لهذه المناسبة تقابلت مع المصور الشهير جي بوردان لا شك في أنه راني أنيقة في ذلك اليوم حتى إنه جعلني أقوم
بدور المانيكان ولما أعجبتني مهنته رغبت في الانتقال إلى الجانب الاخر من العدسة وما أحببته هو تثبيت الاعمال الفنية على الفيلم لقد
حصلت على شهادتي وأرغب في العمل بها لكن اورورا دائمة النتقل لا تميل إلى البقاء في مكان واحد ولا لفترة طويلة في أي مكان كما
سبق أن أشرت لك بذلك كما أنها ترغب في أن أرافقها في تنقلاتها لأنها تدعي انها لا تستطيع التخلي عني ! ومع ذلك نجحت في
الحصول على عدد من الزبائن ليس بالقليل في فينيسيا لقد أعددت لهم من أجل الكتالوجات الخاصة بهم صورا لأجمل مسرحيات دي
مورنو
وكان مارك يصغي إلى الفتاة الوديعة الرائعة التي كانت تحكي له حياتها وامالها بكل بساطة وبعد فترة صمت قصيرة ختمت كلامها
- إذا كانت فقط اورورا تستطيع أن تتخذ قرارا بالبقاء في باريس او في روما فأني ساستطيع ان انطلق أما بالنسبة للحالة المادية فلست في
حاجة الى المال لكني لا استطيع البقاء بلا عمل ولا هدف طوال حياتي ! في هذه الحالة سوف أشعر بأني شخصية غير نافعة
مدت يدها وهي غارفة في التفكير نحو علبة السجائر الموضوعة على المائدة حينئذ وضع يده على يدها ومال نحوها كأنه يريد ان يكلمها
في هذه اللحظة بالتحديد أحاطت بهما فرقة من الاصدقاء تثير ضجة فتراجع في الحال .

samahss 06-02-17 01:19 AM

الفصل الثالث
بعد أن فضى فترة ليست بالقليلة في جناح أحد المتخصصين في الاسلحة القديمة عاد جيلبير جالان إلى جناح باردو حتى يتأكد من أن
صديقه تمكن من اصطحاب الفتاة بعيدا عن زوجة أبيها الثرثارة كانت هذه الاخيرة تتبادل حديثا مع ثلاثة رجال على ما يبدو أن أحدهم
من أصدقائها عندما اقترب منهم استقبلته اورورا بكل مظاهر الترحاب واللطف وانطلقت في الحال إلى حديث حديد وطلاقة اللسان التي
تتتمتع بها جعلت الممثل الشهير يتساءل متى تجد هذه السيدة الوقت للتنفس
ولما أبدى قلقه لغياب الشابين أشارت له الكونتيسة إلى المشرب وعندما رأت المجموعة أنه يعتزم التوجه إلى الشابين تبعته جلسوا جميعا
حول المائدة وبإشارة من مارك أحضر النادل الشراب مرة أخرى أعلنت اورورا أنها لا تفهم حقا سبب حياتها بعيدا عن باريس
- لكن يا سيدتي العزيزة لماذا لا تسكنين باريس ؟
قال مارك هذا وهو يغمز بعينه إلى ستيفاني التي ألقت إليه ابتسامة خاطفة
- إنك على حق يا عزيزي هل يعجبك هذا العرض يا ستيفاني ؟ غاية ما في الامر يلزمنا مسكن
لأن حياة الفنادق مملة كلها عادية !
سألها جالان
- في أي فندق نزلتما ؟
- في جورج الخامس حيث حجزنا جناحا
أردف الممثل الكوميدي ساخرا
- من البديهي أن جناحا في جورج الخامس يعتبر شيئا عاديا
شعرت ستيفاني بالحرج مما تبديه زوجة أبيها من مبالغة وبالتالي ندمت على لقائها مع مارك على انفراد إنها المرة الاولى في حياتها التي
تضع فيها ثقتها بشاب كما انها شعرت بالطمانينة عندما ضغط على يدها برفق وأثناء ما كانت الفتاة غارقة في أفكارها لم تشعر بوصول
مخلوقة جذابة انتفضت عندما سمعت صوتا ذا نبرة معسولة يقول
- هأنت هنا يا مارك يا عزيزي ! كنت متوقعة وجودك هنا ... لماذا لم تنتظرني ؟
إذا بمارك ينهض بسرعة كادت تسقط مقعده مما تسبب في أن جميع الانظار صوبت نحوها نحو هذه الفتاة ذاب الشعر الذهبي والقوام
الرشيق التي أمسكت بذراع الشاب وواصلت
- عندما اتصلت هاتفيا بمنزلك أخبرتني أنا بأنك خرجت منذ فترة قليلة وهذا بالرغم من أني أخطرتك بال تلكس أني قد أصل من
نيويورك اليوم !
ولما لم يجبها بفرست فيه دهشة وأخذت تضحك بلطف قائلة لكي بداعبه
- أرجوك ألا تبدي مثل هذه البراهين لإثبات سرورك عندما تلتقي بي ! ليس امام اصدقائك ! كان من الافضل ان تقدمهم لي وان تعطيني
مقعدك
ثم توجهت إلى جيلبير الذي نهض فور وصولها وأبدت له إشارة وديه قالت
- اه ! إنك هنا ؟ صباح الخير هل تعلم ان فيلمك الاخير أساء إلى الولايات المتحدة ؟ أين زوجتك ؟
- إنها في المنزل ... إنها متعبة بعض الشيء اتصلي بها لأن ذلك يرضيها إنها تحبك كثيرا لكن على ما يبدو أنك تتمتعين بصحة جيدة !
هذا بالاضافة إلى انك تزدادين جمالا أكثر فأكثر إنك فعلا بهجة للنظر تفيضين حيوية
هكذا حدثها الممثل الكوميدي ضاحكا مما زاد من عمق النقرة التي بذقنه استنار وجه السيدة بابتسامة مشرقة ثم جلست بجوار ستيفاني
التي شعرت بالحيرة فجأة لم تجرؤ الان أن ترفع عينيها نحو مارك الذي بعد أن طلب لها مقعدا وكأسا يقوم الان بعملية التقديم كورين مير
كادييه تقرب من الثلاثين من عمرها وهي ابنة جراح شهير متخصص في جراحة التجميل وهي مدللة كان والدها يحبها لأنها وحيدته
ويلبي كل رغباتها وأهوائها ويزيد بسخاء حسابها في البنك كانت قد التحقت بمدرسة الفنون الجميلة وعندما فاتها الامتحان تزوجت في
هذه الفترة من شاب رسام وسرعان ما تخلت عن كل شيء لكي تلتحق بمدرسة اللوفر التي تركتها لمتابعة دراسة غير معروفة للمحيطين
بها لكن منذ عامين بقريبا اكتشفت ميلا للاشياء القديمة فأسرع والدها حينئذ بإهدائها محلا في فيلاج سويس وهو حي الاشياء الاثرية
الشهير الذي يقع بالقرب من برج إيفل وهي شخصية صبور وذات كفاءة واختصاص في هذه المهنة بعد ذلك اتجهت إلى افاق أخرى
وكان من المستحيل أن يؤخذ عليها مأخذا عن أي شيء كان إذ إن سحرها كان يؤثر في الجميع ومنذ شهر أعجبت بالشاب الجميل
مارك دي موجاندر الذي يجب الاعتراف بذلك وقع هو أيضا في هوى وسحر هذه الشابة الساحرة
والان ها هي الكونتيسة تعجز عن التحدث لأن كورين كان لديها أمور كثيرة ترغب في سردها أما بالنسبة لمارك بعد أن سحب مقعده بيها
وبين جالان فكان يبدي سرورا عميقا في الاستماع إليها وهي تسرد بعض الاداث والنكات اللاذعة عن إقامتها الحديثة في نيويورك
كما أن ستيفاني بالرغم مما كانت تعانية من حيرة وضيق ينقبض لهما قلبها كانت ايضا غير قادرة على الامتناع عن الاعجاب بشخصية ابنة
الاستاذ مير كاديية اللامعة
- اه كورين ! إني سعيد بلقائك لقد حاولت عبثا الاتصال بك هاتفيا في هذه الايام الاخيرة لأني عندي خير سار أزفه إليك
اتجهت كل الانظار إلى هذا الشاب الذي أتى ووقف بالقرب من السيدة وهو شاب فارع نحيف يربدي بدلة اخر صيحة ذو نظرة حادة
تتعارض مع ما له من مظهر متراخ أطلقت صرخه سرور نهضت بسرعة ثم تعانق الصديقان بعد ذلك قامت كورين بتقديم الوافد الجديد
- الاستاذ جيرار ديرييه المحامي الخاص بي
بعد أن قدم هذا الاخير التحية للمجلس جلس بجوارها وبذلك فصلها عن جالان
- سبق لي يا صديقتي العزيزة أن أخبرتك بأن لي زبونا يمتلك شقة في حي هولس وأنه جار ترميمها وتطويرها لقد زرته ووجدتها مناسبة
لما ترغبين في العثور عليه
- اه شكرا يا جيرار إنك حبوب ! سأهتم بهذا الامر منذ الغد أكرر لك شكري !
وكانت الكونتيسة في هذه الاثناء قد انتصبت
- هل تعرف أماكن شقق خالية يا أستاذ؟
ابتسم المحامي قائلا
- لا يا سيدتي لقد سمعت التحدث عن هذه بمحض الصدفة
عادت اورورا من جديد إلى قصتها وهي رغبتها في العثور على مسكن لكي تستقر في باريس وكانت في هذه المرة توجه كلامها إلى
كورين والمحامي فما كان من السيدة الشابة إلا أن صاحت
- ولو أنني تركت مسكني الحالي وهو في حي تروكاديرو فقد يناسبك به حجرة معيشة وثلاث حجرات ملحق بإحداها صالون وأتيلية
للرسم مع مدخل منفصل عن الشفة وهو بالطابق الارضي من عمارة صغيرة كما أنه يطل على حديقة داخلية ذاب سحر رومانسي إنه أحد
القصر القديمة التي ترجع إلى القرن الماضي ولقد تم تحويله بفن رائع
في الحال أردفت اورورا معلقة
-كم أعشق هذه الاماكن التي بطل استعمالها
أما ستيفاني فكانت تترك المجال لخيالها أثناء ما كانت تستمع بأذن شاردة غلى كورين وهي توضح أنها لم تعد قادرة على السكن بعيدا
عن حي هولس لأنها ترغب في الصعود إلى مستوى مباهج حياة العاصمة وأن هذا الحي وحده هو وال ماريه كفيلان بذهنها الذي لا
يكف عن الحياة في الماضي ...
وكان مارك يلقي بنظراب إلى جيلبير ويبتسمان
أما ستيفاني فها هي الان ترى ذاتها في الاتيلية تعد فيه معملا وتشتغل في التصوير ثم عادت غلى الارض أي أفاقت عندما سمعت مارك
يتحدث عن مصنع بوتريكو
- لقد وقعت منذ فترة قليلة عقد بيع الاراضي ولقد تم الحصول على تصريج مشروع البناء من قبل هيئة الاشغال لقد تم إعداد كل شيء
ولا يبقى إلا البدء في التنفيذ لأني أرغب أيضا في إنشاء مصنع حديث مع مساكن مناسبة لليد العاملة في إطار حياة ممتعة للجميع
- رائع !
هكذا تعجبت كورين
- وأتوقع أنك سوف تقيمين في الايام القادمة إحدى سهراتك الجميلة التي تحتفظين بسرها ؟
- ولم لا ؟ لقد أعطيتني فكرة قريبا استقبال كبير تكريما لافتتاح مشروع موجاندر الجديد
هكذا أعلنت ضاحكة
لاحظت ستيفاني أنه يسند ذراعه على ظهر المقعد الذي تجلس عليه السيدة الشابة كما انها كانت تهز راسها بلا توقف كان راسها يحف
بوجه مارك لكنه كان لا يتراجع حينئذ حدثت نفسها بأنها لا بد أنها كانت تحلم عندما تخيلت انه متاثر مثلها أثناء سيرهما معا قبل ذلك
بقليل إنه ببساطة رجل ودود ومن البديهي انه وجدها ظريفة وكان عندما راها تنصرف بمفردها قد عرض عليها ان يرافقها وقد كان هو
ايضا وحيدا في هذه اللحظة
كان ميلهما وولعهما بالاشياء المتعلقة بالماضي قد قارباهما من بعض لحظة تماما كما اجتمع الاصدقا حول هذه المائدة في شيء من
التجانس لقد جال ذهني الرومانس على خريطة تاندر هكذا فكرت وهي تسخر من نفسها في شيء من المرارة إذ إنها من فرط تفكيرها
فيه منذ لقائهما عند هنري باردو كونت لذاتها فصة جميلة ....ختم مارك الحديث قائلا
- إني أدعوكم قريبا عندي !
صاح احدهم
- سنتوجه بكل سرور
ثم متوجها إلى اورورا قال
- سيدتي العزيزة سوف ارسل لك دعوة وأتعشم أن تتكرمي بالرد عليها وكذلك ستيفاني
هكذا أضاف وهو يلتفت نحوها
وإذا بشعاع رضا يلمع في عيني الكونتيسة لقد توطدت علاقات ودية بينهما وبين موجاندر وأصدقائه ومن يدري ربما تتحقق الفكرة
الخاطفة التي أتت إلى ذهن هذه السيدة إثر لقائها بالشاب رجل الاعمال الصناعية كثيرا ما تكون المصادفة خلف أمور كثيرة كانت
ستيفاني بمثابة طعم له ثم تسبب وصول كورين غير المتوقع في إفساد كل خططها غير أنها لم تتم كل الاعيبها هذا المتوقع في إفساد كل
خططها غير أنها لم تتم كل الاعيبها هذا بالاضافة الى أن لها العديد من المشاريع على اي حال كان من عادتها الاتتعجل ابدا كانت تجيد
الانتظار لان الثمرة لا تسقط من شجرتها الا عندما تنضج وهذا الشخص لم يكن حتى الان إلا في حالة مجرد فكرة ....
وكانت نهاية الحفل ونهض الجميع من أمام المائدة بينما كانت اورورا تجيب على مارك بتلك المودة التي لها في الحديث والحركات
وهي من مميزات شخصيتها
- إن تفكيرك فينا يعتبر لمحة طيبة سوف يأتي اليوم عن قريب الذي سوف تتناول فيه طعاما عندنا احتفالا بالمنزل الجديد
عندما سمعت كورين هذه الكلمات اقتربت منها وتعاهدت السيدتان على اللقاء لمشاهدة مسكن تروكاديرو وهما متجهتان نحو باب
الخروج عرض عليها الاستاذ ديرييه سيارته غير ان اورورا اعلنت اها استراحت بما فيه الكفاية حتى تتمكن من الوصول إلى ال شانزليزيه
بل إلى فندق جورج الخامس سيرا على الاقدام ثم دون ان تفكر في اخذ رأي ستيفاني قالت مع تنغيم نبراتها
- إني أعشق المشي في باريس في الليل
ورفضت كورين عرض ديرييه كانت تفضل العودة مع مارك وامام ما بدا على الشاب من ضيق اتى جيلبير جالان إلى نجدته التفتت السيدة
إلى الرجلين وأطالت النظر إلى وجه مارك الذي تظاهر بأنه لا يفهم السؤال الذي يمكن قراءته في عيني صديقته الجميلتين ثم مقتربا من
ابنة وزج الكونيسة أمسك بيها وضمها طويلا وهو يتمتم
- أشكرك لأنك سمحت لي بأن ارافقك في المعرض وأن أكون لك مرشدا كما أني أشكرك ايضا على ثقتك بي حتى إنك صارحتني
بالكثير من أمورك إلى لقاء قريب ستيفاني اعملي في التصوير في باريس
عجزت الفاة عن الرد لأنها شعرت بانقباض في حلقها إذ شعرت بالسعادة تغمرها حينئذ ألقت كورين نظرة سريعة نحوهما وتوقفت عن
الكلام إذ كانت لا تزال تتحدث مع جالان التفتت فجأة نحو الممثل الكوميدي غير أنه كان يميل برأسه لكي يشعل سيجاره وأورورا
بالرغم ن انها كنت منهمكه في تبادل الحديث الان مع المحامي لم يفتها شيء من الحديث الخاطف الذي دار بين الشابين ثم انصرفت
السيدتان في اتجاه الشارع الشهير بدا الاحساس ببرودة الليل فعملت الكونتيسة على ضم الفراء حول عنقها مع استمرارها في مواصلة
الكلام لكن هل من فائدة من ذلك ؟
ولما كانت الفتاة معتادة هذه الثرثرة لم تستمع إليها وتقدمت بخطى سريعة بجوارها
- أترغبين يا ستيفاني في التوقف عند فوكيتس لتناول مشروب ساخن قبل العودة إلى الفندق ؟
أمام صمت الفتاة التي بدت وكأنها لم تسمع شيئا كررت الكونتيسة سؤالها
أخيرا اجابت الفتاة
- لا لا اشعر بالرغبة في ذلك لاني متعبة
غير ان الفتاة كانت تشعر في الواقع برغبة في التواجد بمفردها في حجرتها لكي تستعيد في ذاكرتها التفاصيل لكل جملة لكل حركة لكل
عبارة من مارك لها كانت في حاجة إلى تنظيم أفكارها وذكرياتها وإذ بها تطيل النظر إلى ثنائي يسير أمامها الشاب وهو دو قوام فارع
نحيف يمسك بذراع الفاة ويضمها إليه وكانا يتبادلان النظرات من حين الى اخر اثناء ما كانا يسرعان الخطى كان لهذا المجهول طريقة
حانية وحالمة بان يميل براسه على رفيقته رات ستيفاني وجهه والابتسامة التي تضيئه اغلقت عينيها لبضع ثوان وقد لحق بها تأثر عجيب ولم
اتجه الثنائي في جهة اخرى حاولت ان تلمحهما للمرة الاخيرة وفي هذه اللحظة فقط فهمت انها وقعت في حب مارك دي موجااندر
طاب مساؤك يا سيدتي هكذا قال الموظف في الاستقبال وهو يمد لها يده بمفتاح مسكنها إن احدهم يرغب في مقابلتك لقد طلب
حجرة وبعد ان استقر فيها نزل الى المشرب حيث ينتظرك
ثم الفى نظرة الى مفكرة على مكتبه وقال
- إنه يدعى السيد رينالدي
اطلقت اورورا صرخة تعبر عن السرور والدهشة في ان واحد واسرعت الى المشرب تتبعها ستيفاني
كان فيتوريو رينالدي جالسا يقرأ جريدته وامامه كاس يشرب ما بها ملقيا من حين الى اخر نظرات قلق نحو الباب كان هذا الشاب متوسط
القامة جميلا ومن الممكن ان يكون ذا سحر لما له من بريق في عينيه كشاب ايطالي وعلة ما يبدو أنه لا يتجاوز سبعة وعشرين عاما وكان
يرتدي بدلة بيج مع قميص حريري ذي خطوط رفيعة بلون بيج ايضا ولون سماوي اما حذاؤة فكان لامعا مثل المراءة
صاحت اورورا وهي تحتضنه بقوة
- كم انا سعيدة يا عزيزي .... لم اتوقع لقاءك بهذه السرعة !
فما كان منه إلا ان دفعها بشدة بعد ان طبع قبلة على وجنتها اردف في لهجة باردة
- لقد تلقيت الشيك الذي ارسلته لي في وقت مناسب لكي
اتجنب إقامة اطول في سيدني شكرا ثم التفت الى ستيفاني تفرس فيها قبل ان يتوجه إليها بشيء من الوداعة
- لم ألتق بك منذ فترة طويلة إنك تزدادين جمالا أكثر فأكثر !
ثم أضاف بلهجة ساخرة
- ما زلت بلا رجل في حياتك ؟! وضحك بعد ذلك في سخرية أمام نظرة الفاتة التي بدا فيها الحرج وقد علت الحمرة وجهها وكالمعتاد
تضايقت لوجود فيتوريو ولم تتوصل حتى الان إلى تفسير مشاعرها نحو الاخر الاصغر ل اورورا وبالرغم من معرفتها جيدا لما عليه زوجة
ابيها من تجاوز في حدودها كانت تجدها عاطفية نحو فيتوريو شعرت فجاة بالضيق لوجود هذا الشاب الذي حكمت بأنه غير مناسب وفي
غير محلة لا شك في أنه سوف يقطن عند أخته إذا استأجرت شقة تروكاديرو ولن تغفل عن تقديمه إلى اصدقائهما الجددكما انها قد
تفرضه على سهراتها وفي كل مكان كما كانت تفعل في فينيسيا فكرت ستيفاني في ان مارك واصدقاءة ليسوا من النوع الذي يقدر او يسعى
الى صحبة فيتوريو تطلعت إليهما مرة اخرى وهما جالسان الان الواحد بجوار الاخر وكم دهشت لوجه التشابه بينهما
ثم بعد ان تمتمت (( مساء الخير وإلى الغد )) صعدت الى حجرتها وهي قلقة

samahss 06-02-17 01:33 AM

الفصـــل الرابـــع
كانت حركة نقل اثاث كورين كسائر كل ما كانت تشرع فيه قد تمت في خشونة من جانبها
إذ إنا في صباح اليوم مالتالي لل بينالي لم تخمد الا عندما اصطحبها ديرييه منذ الصباح الباكر الى مالك شقة ال هولس وكان هذا
الشخص على استعداد للزيارة كادت كورين تطير فرحا عندا رأت المسكن وأيقنت أن وجهة نظر ديرييه كانت صائبة عندما اكد لها انه-
اي المسكن- مناسب لذوقها تماما إذ كان وهو يقع في قلب حي هولس بالقرب من نافورة لي إينوسان يجمع بين سحر الماضي ورفاهية
واستقرار العصر الحديث تمت الاجراءات بسرعة ثم تركها الاستاذ ديرييه اما مدخل منزل بايي للنقل من كل الانواع حيث اسرعت الى
المكاتب وهي تعتزم الحصول على سيارة نقل في اليوم ذابه عملت موظفة الاستقبال على تهدئتها في لطف واتفقتا على موعد مناسب
للقيام بهذه المهمة بنظام ولما كانت كورين مريضة بداء عدم الصبر عادت إلى منزلها وبدأت تحزم أمتعتها مما جعلها تقلب المنزل راسا
على عقب في اسرع وقت ومن خلال هذه الحركة في الفترة ما بين تفريغ ما بدرجين في حقيبتين اتصلت ب مارك هاتفيا وكان وقتئذ في
مكتبه لكي تزف له الخبر
ذكرها هذا الاخير بانها كانت قد وعدت الكونتيسة بأنها سوف تترك لها المسكن الذي تشغله حاليا
- يا إلهي حقا ! كنت قد غفلت تماما ! حمدا لله أنك تتمتع بذاكرة أقوى من ذاكرتي يا عزيزي لأني كنت سأرتكب خطأ لا يصحح إلى
اللقاء يا عزيزي
ثم أخفضت السماعة دون أن تنتظر أكثر من ذلك وقف مارك حائرا ينظر إلى الة التليفون وكأنه يراها للمرة الاولى في حياته أشعل
سيحارة والقى بنفسه على مقعد ذي مساند وأغلق عينيه إلى النصف واستغرق في التفكير سمع صوتا يهمس له في الاذن لو كانت اورورا
تستقر في باريس او في روما فسأتمكن اخيرا من ممارسة مهنتي كم كنت اسعد لذلك وإذا بعينين زرقاوين تنظران إليه معبرتين عن الامل
أطفأ مارك سيجارته وضغط على زر الانترفون الموضوع أمامه
- اسمحي يا ايسة بالحضور عندي ومعك مفكرة الاختزال من فضلك أحضري أيضا الملفات الاخير الخاصة ب بورتريكو ..
ثم تجمد فجأة وجهه النحيف وكأنه ندم في داخله مالذي يحدث لي ؟هكذا تساءل هل سأصبح عاطفيا ؟ لا شك في أني قد شخت .
الان ستيفاني في حجرتها بمفردها ترتب وثائق تصويرية لم تكف الفتاة منذ الليلة المائية عن التفكير في مارك ووصول كورين هذه
الكورين من هي بالضبط بالنسبة ل مارك ؟ فهي تبدو مقربة منه لكن ربما كان ما يربطهما لا يتعدى شعورا بالزمالة ؟ وكانت ستيفاني تعلم
تماما وهي تحدث ذاتها بذلك أنها تكذب على نفسها ولما سمعت رنين التليفون ورفعت السماعة تعرفت صوت تلك التي طالما عذبتها
- صباح الخير أرغب في التحدث إلى الكونتيسة ماركتيني
- إنها غير موجودة ولن تعود قبل ساعتين انا ستيفاني ابنة زوجها
أبدت كورين ابتهاجها لسماعها هذا وعرضت عليها ان تلحق بها في تروكاديرو ولا شك في ان زوجة ابيها ستاتي للقائهما وبذلك يكون في
إمكانها معرفة أين ستكون إقامتهما الجديدة ولما شعرت بأن ستيفاني مترددة ألحت حتى إن الفتاة قبلت بعد أن اقتنعت ببراهينها
بعد زيارتها للحجرات التي بدت خالية وقفت ستيفاني تتأمل الصالة الكبرى التي سوف تكون اتيليه ها هي ترى ذاتها فيها مسبقا التفتت
الى كورين مبتسمة
- أتعشم ان اورورا ستوافق عني شخصيا لو كنت مكانها لوافقت فورا !
- أخبريها برأيك إنك لست فتاة صغيرة بعد ! هل أنت خجولة ؟
هكذا سألتها كورين وهي تتفحصها
- لا غاية ما في الامر لم تكن لي كثيرا الغرصة قبل الان للتعبير عن رأيي ولا عن رغباتي ! لأنه لو عملت لم يسبق لي أن سئلت عن ذلك
قط إن القرار ل اورورا دائما نتوجه إلى هناك نرحل لأجل ....ثم نعود....إلى .... كانت تتصرف كما يحلو لها عندما كنت في سويسرا
لدراسة فن التصوير بعد خروجي من المدرسة الداخلية ... لكن منذ عودتي إلى فينيسيا فهي المسؤولة الوحيدة عن كل الشؤون المادية
وبما أنها بطبيعتها لا تميل إلى الوحدة فهي لا تستطيع التخلي عني ! لقد تركها أخوها منذ أن غادر المنزل من أجل أعماله كما تعلمين
ثم عضت الفتاة على شفتها لماذا تحدثت عن فيتوريو ؟ وإذ ندمت على كلامها هذا اتجهت في صمت إلى الصالون
رفعت كورين الملابس الموجودة على أريكة ضخمة وجلست عليها في ارتياح في انتظار الكونتيسة التي اتصلت هاتفيا منذ قليل معلنة
وصولها بعد لحظات
فجأة سألت السيدة ستيفاني
- هل تعرفين مارك منذ فترة طويلة ؟
اتفضت الفتاة لأنها فوجئت بهذا السؤال غير أنها أجابت في بساطة
- لا لقد قابلته للمرة الاولى عنند بائع بوحات قبل الاحتفال ببضعة أيام وهو صديق قديم للمرحوم والدي
بدت الطمأنينة على كورين وإن كانت قد دهشت قالت
- كنت أظنكما على صلة قديمة أقوى من ذلك لكنكما على ما يبدو كنتما أكثر اتصالا ليلة أمس إنه شاب خطير رائع جذاب أليس كذلك ؟
عندما أتواجد في إحدى السهرات أجد متعة في مشاهدة التفاف الفتيات حوله مثل الفراشات حول النور دون أن يفكرن في أنهن
معرضات لأن تحرق أجنحتهن الجميلة فيها ! من جانبهن أراهن يلقين إلي بنظرات الغيرة ......
وها هي كورين بدورها تندم هي أيضا على النطق بهذه الكلمات لماذا تكلمت هكذا مثل ببغاء الصالون مع هذه الفتاة الصغيرة لأنها
فعلا ليست سوى فتاة صغيرة هكذا حدثت نفسها تبدو وديعة غير مؤذية وغير كفيلة بالقيام بالثرثرة مع السيدات الاخريات بل بالعكس لقد
لمست فيها الجانب الطبيعي والصادق الذي يدفع إلى التعلق بها ثم هزت شعرها الكثيف الاحمر وطردت من ذهنها تلك الفكرة التي أتت
إليه بأنها قد تكون غيورا ... غيورا ؟ هي ؟ مستحيل ! لا !
أشعلت ستيفاني سيجارة في هذه الاثناء لكي تتمالك نفسها إذ كانت كلمات كورين أشبه بأشوالك صغيرة غرست في قلبها فكانت تبحث
يائسة عن رد مقنع غير أن دخول اورورا أنقذه في الوقت المناسب
وتمت الامور بسرعة وقعت الكونتيسة في نفس اليوم عقد الايجار وبعد يومين أخلت كورين الشقة وذلك بنقل أثاثها
كانت ستيفاني ومعها فيتوريو يتناولان العشاء في رفقة اورورا في مطعم الفندق وإذا بهذه الاخيرة تخرج من حقيبتها ورقة عليها مذكرات
التفتت الى اخيها وفي عينيها شعاع الحنان الفائض الذي تكنه له دائما
- سأكلفك يا عزيزي بمهمة لثقتي بك ها هي قائمة الاثاث واللوحات التي أرغب في جلبها من فينسيا وأنت يا ستيفاني يجب أن أسألك
عن رأيك لأن بعضها يخصك
ابسمت لها الفتاة
- تصرفي كما يحلو لك يا اورورا سيكون كل شيء على ما يراخ
وأنا واثقة بذلك بالنسبة لي ليس أكثر من تواجدي في باريس وان يكون لي فيها اتيليه هذا كاف جدا لإسعادي
انتفخت الكونتيسة .... ثم قالت
- ليس لي نية إحضار كل اللوحات البعض فقط مقابل ذلك أجد أني متمسكة حتما بالحصول على لوحة دافنشي
مكث فيتوريو لحظة جامدا والشوكة التي بيده معلقة في الهواء وإذا بشعاع غريب يلمع في عينيه وهو يثبت النظر على أخته التي واصلت
- إنك تعلم مكانه يا أخي الصغير.... أليس كذلك ؟ سأعطيك الاوراق اللازمة له واهتم بالتأمين والجمرك اعمل خاصة على العثور على
شركة نقل ذات عربات مصغحة ومحمالين متميزين
أجابها وقد عاودته شهيته
- مفهوم
- أما أنت فلك فكرة في رأسك أفي إمكاني معرفتها ؟
مالت اورورا على أخيها وتمتمت
- لا أستطيع منحك معلومة محددة إني في الانتظار ... لقد فكرت فقط في أنه قد يكون في إمكاني بيع لوحة دافنشي إلى من ؟ هذا
سوف يكون سؤالك لي مازال سرا إذا نطقت بأحد الاسماء قد أتعرض لجلب الحظ السيء وكما تعلم أني موسوسة
هز الشاب كتفيه وهما الان جالسان في حجرة اورورا
- إذا نجحت في هذه المهمة فسيأتي ذلك بمبلغ كبير لكن وجب أن تتركك اوربا لفترة معينة ولكن أين نتوجه ؟ هذا ما أتساءل عنه ! لم
يبق لي بعد إلا اليابان باعتبارها بدا امنا هادئا وكذلك كندا كم لاقت أعمال الاخيرة من فشل في أمريكا الجنوبية ولحقت بي ضيقات
عديدة في سيدني فمن المحال التفكير في استراليا لقد أصبح الان هواة الفن متشكيين وأنت تعلمين ذلك فمنذ أن كشفت الصاحفة عن
حياة أحد البارونات ..... دون وضع في الاعتبار قضية بائع اللوحات اليوناني ! إذ يكفي الان وضع اللوحة أمامهم حتى يميزوا في الحال
إذا كانت مزيفة او مسروقة وبذلك يصبح أمرا مستحيلا حقا ! هذا بالاضافة إلى وهو ما يزيد من تعقيد الامور أن مكاتب شؤون ال
a.p.p.a.p؟ ماذا تعني ؟
أجابها فيتوريو في إيجاز
- إنها حركة حماية التراث الفني الخاص
ثم عاد إلى صمته الغاضب والتأمل في أظافره الملية بالمانيكير بعناية وبعد فترة صمت دامت طويلا استطردت أخته
- من جانب اخر يجب أن أحيطك علما بحالتنا المالية لقد أرسلت لك في الفترة الاخيرة مبلغا كبيرا أرجوك لا تلقي إلي هذه النظرات
الشريرة ! أنا لا ألومك في شيء أو أؤنبك على شيء وأنت تعلم ذلك جيدا لكن حتى أحصل على هذا المبلغ اضطررت إلى بيع تعض
الاثاث وأشياء أخرى من بينها أشياء كانت تمتلكها ستيفاني والان كيف سنواجه أسلوب الحياة الباريسية دون أن أتخلى عن بعض الاملاك
الخاصة بالاسرة وجزء من مجوهراتي ؟
نهض فيتوريو فجأة وقد تقلص وجهه من الضيق وقال في جفاف قبل أن يتجه نحو الباب
- طاب مساؤك إن أسرارك ثقيلة علي خاصة عندما يطول سردها
غير أنه - بالضبط قبل أن يعبر عتبة الباب - التفت مبديا لها ابتسامة دلال فما كان من اورورا التي كانت ممسكة بمسند مقعدها بعصبية إلا
أنها شعرت بأنها تفيض حنانا بالنسبة له ثم رحل فيتوريو ل فينيسيا
استلمت الكونتيسة بطاقة دعوة للسهرة التي يعدها مارك بمناسبة إنشاء مصنعه الجديد وكان قد اتصل ب ستيفاني ليلة الاستقبال شعرت
هذه الاخيرة بابتهاج عندما سمعت صوته عجزت عن الامتناع عن التفكير فيها بالرغم من الجهود التي بذلتها لكي تناء منذ ما صارحتها به
كورين حكمت على نفسها بأنها ليست ذلت قيمة بالقياس لتلك الفتيات الخبيرات في فن العمل على أن يعجب البان بهن وأن مارك معتمد
على ما له من صفات دون جوان مع ذلك كانت - بينما كان يحدثها - تقرب سماعة التليفون من أذنها حتى تستمتع بنبرات صوته العذبة
الدافئة والمرحة
- أعتقد أنك استلمت دعوتي يا ستيفاني ستحضرين لا شك في ذلك وبخلاف ذلك سيخيب ظني
- سنحضر بالتأكيد شكرا على لطفك واهتمامك بهذا الاتصال الهاتفي
ولم تجرؤ على القول مارك وكتمت الضحك من شدة تأثرها ... أما هو فواصل
- لدي اقتراح أقدمه لك لقد كدت أطلب أحد المصورين لكن سرعان ما تذكرت في الحال أنها مهنتك وأنك بدأت مهمتك في باريس
فهأنا إذن أتقدم إليك بصفتي أول زبون
وكان صوته مرحا وكأنه أحد الاصدقاء ارتجفت الفتاة من السعادة وغفلت في الحال عما كان لهذا الشاب منحيل كثيرا ما يلجأ إليها لكي
تجيب في صراحة وبساطة وهي من صفاتها
- اه ! يا مارك شكرا إنك تمنحني سرورا عظيما ! سوف أعمل على إحضار كل الاتي وسأبذل كل جهدي لإرضاء زبوني الاول
قال ضاحكا
- أرجو ذلك جيدا من جانب اخر لقد أعلمتني كورين أنكما استأجرتما شقتها القديمة وأخيرا ها قد أصبح لك أتيليه ( محل )!
اه كورين .... ها هو يتكلم عنها أمر طبيعي
- نعم لقد بدأت إعداده وفي انتظار أثاثنا الذي سينقل من إيطاليا من أجل الحجرات الاخرى
- كل الامور تتخذ مسارا جيدا بذلك ستتمكنين من العمل كما يحلو لك وحسبما كنت تتمنين لقد تم التوفيق بطريقة رائعة في تلك
الامسية إلى اللقاء يا ستيفاني إلى الغد !
أخفضت السماعة وقلبها مثقل نعم .... إن الامور تسير سيرا حسنا ....


samahss 06-02-17 01:51 AM

[b]الفصــل الخامــس[b]
حفلات الاستقبال التي بمثل هذا النجاح نادرة إذ إن كل شيء فيها كان كاملا ذا ذوق رفيع ورائع كما ان اناقة المنزل تسحر الواقد إليه
فور تخطيه عتبة المدخل الرخامي حيث يوجد السلم الذي يصعد محاطا بدرابزين من الحديد المشغول بإتقان وفن رفيع لكي يصل إلى
بسطة أخيرة مزدانة بسلال مليئة بالزهور وتفتح عليها ابواب الصالون الكبير وكم كان استقبال مارك حارا لكل من يصل اعلى درجات
السلم
كانوا قد دفعوا بالاثاث بجوار الحائط المغطى بورق حائط ذي لون يظهر لون خشب الاثاث الداكن كما كانت الستائر من نفس اللون
والمائدة المستطيلة ذاب القوائم المنحوته بفن تقوم بدور البوفيه إذ كانت محملة بكل انواع الحلوى وزجاجات ــالشراب مع مكعبات
الثلج وعلى الحائط خلف المائدة كان الديباج الرائع يجذب الانظار وكانت المقاعد وهي من عهد لويس الثالث عشر مصفوفة امام
النوافذ العريضة المطلة على الحديقة وما كان يزيد من سحر هذا المكان فهي الموسيقى الهادئة التي تملأ الارجاء
وها هو بريق الفلاش الخاطف يضيء عتبة الصالون للحظة إنها ستيفاني التي التقطت صورة ل جيلبير وزوجته عند وصولهما التفت مارك
في الحال وتقدم نحو أصدقائه حينئذ صاح جيلبير متجها نحو الفتاة التي تحمل على كتفها الة التصوير الالكترونية
- طاب مساؤك يا صاحبي هأنت عثرت على مصورة رائعة !
أردف مارك
- نعم ! كما أنها مخلصة ونشيطة لم تتوقف طوال ساعة ليتك تأتين الان يا ستيفاني لتناول مشروب
ثم أمسك مارك بذراعها وقادها نحو البوفيه وتبعهما جيلبير وليديا تناولت ستيفاني كأسها على جرعات صغيرة وهي تتطلع إلى الجموع
المتلاحقة إلى الصالون المضاء بالثريات الهولندية الضخمة والتي كان ضوؤها يغرف أيضا اللوحات وقماش الفرش
ثلاثة جارسونات كانوا يمرون حاملين صواني عليها الاكواب واللحوم المختلفة وال بيتي فور عندما لمحت ستيفاني فريقا بدا لها شائقا
تركت المائدة لكي تلتقط صورة وكان مارك يلاحقها بنظراته معجبا بدقة حركاتها وقوامها النحيف التي تظهرة سالوبيت من الحرير باللون
الفيروزي كانت الفتاة قد فضلت هذا الهندام حتى لا تشعر بالضيق عند ارتدائها فستانا لللسهرة لأنه فعلا عملي وما كان يجعله قيما جودة
القماش
عندما لمح اهتمام صديقه المتزايد بهذه الفتاة سأله مازحا
- أين إذن صديقتنا كورين ؟
- متأخرة ! إنك تعلم جيدا أنها لا تميل إلى مشاهدة أول فصل في المسرحية وأنهاتصل دائما في منتصف الفيلم إذا ذهبت إلى السينما
وأنها عندما تحضر حفلة ما تظهر في اللحظة التي تطفأ الانوار .....هكذا أجابه مارك ضاحكا
عندما عادت ستيفاني نحوهما سمعت رد الشاب وأدركت حينئذ أنها غفلت تماما عن هذه السيدة من فرط إحساسها بالسعادة لتواجدها
بالقرب منه
عندما كانت ستيفاني قد قدمت في بداية السهرة ومعها معداتها الخاصة بالتصوير أسرع مارك وكان يرتدي بدلة سموكينح من أشهر ملابس
أزياء الرجال إلى لقائها وهو يهبط السلالم أربعا بأربع وكان لنبرة صوته المرحة الصادقة وهو يرحب بها أثرا قويا فيها
وكذلك عندما أطال الاحتفاظ بيدها في يده قبل معاونتها على التخلص من حقيبتها خفق قلبها لكن قريبا ستصل كورين وكذلك اورورا
وهي أيضا دائما متأخرة
فجأة عمل صوت عال إلى حد ما على قطع ما كانت عليه الفتاة من حالة أحلام اليقظة
- رائع ! حقا إنه رائع ! ..... أين صاحب الدار لكي أهنئه على ذوقه الرفيع وأن أخيرة أيضا بأني أحسده على امتلاكه لمثل هذا المسكن
و ..... اه لا ! لا داعي للصورة يا ستيفاني ! أرجوك لا تلتقطي لي صورة أرجوك !
ودخلت الكونتيسة ثم توقفت لحظة لكي تتخذ وضعا أكثر وضوحا لئلا تمتنع ابنة زوجها من الاستجابة إلى طلبها .... وهو ممع ذلك ما
كانت تتمناه تقدم مارك وانحنى على اليد التي تقدمها له
جيلبير لفت نظر ليديا بضربة كوع خفية إلى الكونتيسة التي كان قد حدثها عنها والتي تتقدم حاليا نحوهما في فستان ضيق من الستان
الاحمر الغامق وبدأت ثرثرتها المعتادة ....
ابتعدت ستيفاني استندت إلى الدرابزين وأخذت تراقب الاشخاص الذين ما زالوا يتواقدون على الحفل وإن كانوا قليلين ...
لكن كورين لم تظهر بعد عندما رأى مارك ستيفاني بمفردها أقبل إليها ولمس ذراعها بيده في حركة خجول وهذا بالاستناد إلى الدرابزين
بجوارها
- هل أعجبك منزل ييا ستيفاني ؟
- نعم ... إنه منسجم معك
- إني سعيد لسماعك تخبرينني بذلك في الواقع إنه المكان الوحيد الذي أشعر فيه بالارتياح ومن البديهي يوجد هنا مصنعي لكن الوضع
يختلف هل ترغبين في زيارة مكتبي ؟ إنه يعتبر معبدي ! لان فيه أتواجد وأقضي سهرتي بمفردي كما أني وضعت فيه شيئا ثمينا حدا
يخصني
هكذا قال بنبرة عجيبة
ولجا في الدهليز حتى وصلا إلى باب يقع في النهاية فتحه وتراجع لكي يدعها تمر قد تكون الغرفة بسيطة ذات أثاث متقشف لكنها كانت
تحتوي على جو من التالف يمنحها دفئا غير متوقع و بها نافذة ذات ستائر مغلقة حاليا لكن لا شك في أنها تطل على الحديقة واثنان من
جدرانها كانا مخفيين خلف الارفف المحملة بالكتب والبيبلوهات ومن ضمن الاثاث كانت أريكة تبدو وكانها تدعو الى البطالة أو احد
المولعين بالموسيقى إلى الراحة للاستماع إلى إحدى السيمفونيات
أضاء مارك النور ثم اردف وهو يقترب من لوحة لكي يضيء المصباح الموضوع أسفلها
- انظري
حينئذ صاحت ستيفاني
- اه إحدى لوحات فيليب دي شامبسينيه
وقفت صامته لحظة من شدة إعجابها بها ثم أعدت الة التصوير
سألته
- الفي إمكاني ....؟
- بالتأكيد
- صورة رائعة لا بد أن امتلاكك لها يمنحك سرورا بالغا
- لقد ورثتها عن جدي لكن ليس لك الحق في أن تحسديني عليها بقد علمت أن إحدى لوحات ليونارد دافنشي تعتبر فخر اللوحات في
منزلكم في فينيسيا
- إنها ملك زوجة أبي في إمكانك أن تشاهدها لقد عملت اورورا على إحضارها إلى باريس مع الاثاث
وأثناء ما كنت تتكلم التقطت العديد من الصور لبعض اللوحات التي ترجع إلى القرن السابع عشر وهكذا واصلت التصوير إلى أن انتهت
من تصوير كل اللوحات الموجودة بالحجرة وكان مارك ينر إليها وهي تصور جالسا أمام مكتبه
فجأة قالت بصوت منخفض
- لا تتحرك إنك تبدو شخصية ذات أهمية بحيث لا ينبغي ان اهمل القيام بالتقاط صورة لك .....
ولما انتهت من إصدار أوامر المصور (( بروفيل ايمن بروفيل ايسر وجه مائل قليلا الى الامام ابتسم !
- شكرا ! سيدي المدير العام ! هكذا خمنت في مرح
نهض وهو يضحك ولما لمح أنها أوقعت الحقيبة المحتوية على بكرات الافلام أسرع يجمعها لأنها كانت تتدحرج على الموكيت وقف
كلاهما جامدا عندما تواجدا الواحد بالقرب من الاخر يطادان يلتصقان تتعضهما وكان لنظرات مارك بريق جعل قلب ستيفاني يخفق بشدة
حينئذ سمع صوت يقول بنبرة ساخرة
- الا أزعجكما ؟
- هأنت أخيرا !اعتقدت أن السهرة سوف تنتهي بدونك ! لكن لماذا تزعجينا يا كورين ؟
هكذا أردف ملتفتا نحو السيدة الواقفة في مدخل الباب ذات الشعر الاحمر الذي كان يبدو وكأنه يضيء على لون الفرش الاخضر الداكن
- إن كل هذه الالوان الخضراء تبرز شعرك بطريقة رائعة ! كم أنت جميلة هذا المساء
هكذا أضاف مبديا لها إحدى ابتساماته الساحرة
وكانت كورين في الواقع ترتدي لهذه المناسبة فستانا من الحرير الاخضر ذا ياقة عريضة مقلوبة وبلا أكمام ومفتوحا من الجانب فتحة
مرتفعة اخذت ستيفاني تجمع معداتها تحركات بطيئة خشية إظهار نظرة قد تكون معتمة وكعادتها تمنت له كورين أمسية طبية ومصحوبة
بابتسامة مشرقة وكأن وجود الفتاة يغمرها بالبهجة وواصلت
- مارك عزيزي أخبرك بأن الرقص بدأ يحل مكان الموسيقى التي كانت تشجي المدعوين منذ بداية السهرة لقد بدأ الازواج يتكونون
هل ستصحبنا للرقص ستيفاني وأنا ؟
- بالتاكيد
هكذا أجابها ممسكا بذراع كل منهما لكي يقودهما إلى الصالون فكرت ستيفاني مرة اخرى في أنها أفرطت في الخيال ما الذي ظنت
انها راته في العينين الخظراوين حتى تتأثر إلى هذا الحد ؟ ليس سوى سراب هكذا حدثت نفسها
أردف جيلبير عندما راهم يصلون
- إننا سننصرف يا مرك أخبرني ....أفي إمكانك الجيء معي إلى قاعة المبيعات ؟ إنه يوم الاسلحة الاثاث والمجوهرات عن ورثة فان ديرز
وعندما رأى أن مارك يفكر ألح !
- أعلم أن مصنعك يشغلك دائما لكن لمرة واحدة هذا يرضيني!
- كان بها مر لأخذي
- شكرا من جانب اخر يا ستيفاني سوف نسعد ليديا وأنا باستقبالكما في نهاية الاسبوع في منزلنا الريفي ستعجبون بالمنظر الريفي الرائع
وإني لواثق بذلك وكذلك بالمزرعة التي أنشأناها سنقوم بركوب الخيل ولا تنسي أدواتك خاصة !!!
- هأنت لاحظت أن دعوته هادفة فهو يحلم بالحصول على صور لأملاكه الجديدة هكذا ختمت ليديا مبتسمة إننا معتمدون عليك
الملابس اللازمة لذلك جينز بلوفر وبوت
قبلت الفتاة هذه الدعوة المفاجئة بلا تكلف
- سوف نمر لاصطحابكما في الساعة الثانية بالظبط إلى جورج الخامس مفهوم إنك يا كورين من المقربين إلينا أنا لا أتحدث عن مارك
لأنه يعتبر من الاسرة ! أنهوا سهرتكم على ما يرام ... ثم كررت ليديا قبل ان تتوجه إلى السلم
- إلى اللقاء
وقفت ستيفاني ترنو الى هذا الثنائي الظريف وهو ينصرف وعندما التفتت كان مارك وكورين يرقصان
تعرفت على الاستاذ ديرييه المحامي الذي وجدته منحنيا امامها والذي لم ينتظر منها إجابة بل قادها إلى رقصة روك ورقصت أيضا عدة
مرات مع مارك الذي كان بصفته رب البيت يرقص مع كل السيدات المتواجدات بالحفل وفي هذه الاثناء كانوا قد فتحوا صالونا ملحقا
بالقاعة لاستقبال هواة ال بريدج كانت هناك اورورا في انتظار ابنة زوجها التي لحقت بها بعد الانتهاء من الرقصة الاخيرة مع الاستاذ
ديرييه ثم انصرفتا بعد تقديم الشكر إلى مارك على دعوته المحبة
أردفت الكونتيسة وهي تطلق كعادتها ضحكتها الحنجرية المرحة
- أتعشم أن أراكما قريبا في شقتنا إن شقتنا لا ينقصها إلا الاثاث واللوحات والستائر !!
كانت ستيفاني تتمنى أن يبدي مارك رغبته في مشاهدتها قبل نهاية الاسبوع عند ال جالان لكنه قال لها في بساطة
- شكرا لحضورك طاب مساؤك إلى اللقاء عند جيلبير يوم السبت أليس كذلك ؟
أتى أحد الخدم حيث أطفأ الانوار الرئيسية وانصرف
تواجد كورين ومارك بمفردهما في الصالون الصغير
- سيظهر النهار بعد قليل يا عزيزي أأنصرف أم امكث هنا ؟
هكذا سألته وهي تحوط عنقه بذراعها وتمد له شفتيها ...
لكنه لم يجذبها إليه بل بالعكس وفع يديه بهدف إبعاد ذراعيها عن عنقه تراجعت بسرعة نحو الباب
- لقد كنت دائما لاعبة جيدة ومن مبدئي ألا اتعلق ابدا أتذكر ان نابليون قال (( إن أجمل نصر في الحب هو الهرب منه )) ستكون لي
ذكرى ممتعة يا مارك ويجب أن أحتفظ بها للمستقبل الذي لا نعلم ما هو ! سأحتفظ لك دائما بصداقتي وأتمنى أن تبادلني نفس الشعور ؟
- بالتأكيد يا كورين المعذرة ! إني عاجز عن التعبير عما يدور بداخلي ولست قادرا على تأكيد أني أكن لك مودة صادقة لكن .... ثم
توقف عن الكلام حائرا عاجزا عن التعبير عما يجيش به صدره من مشاعر تتزاحم بداخله بدات تنزل السلالم واستطردت بنبرة عملت على
جعلها عادية برغم أن قلبها مثقل
- سأتصل ب ليديا هاتفيا لكي أرفض دعوتها اللطيفة لقد فقدت ذاكرتي لا شك في أني أصبحت مفرطة في التدخين ! لأني تذكرت حاليا
أنه ينبغي أن أسافر إلى ليون في فترة نهاية الاسبوع مع المثمن وهو احد أصدقائي هناك العديد من المبيعات الشائقة وأرغب في شراء
بعض منها لمحلي
عندما تأهبت مسؤولة حجرة إيداع الملابس أمسك مارك بمعطفها الفراء الابيض وعندما عمل على معاوتنها على ارتدائه رأته في المراة
الموجودة أمامهما إنه حقا جميل جدا وجذاب ايضا هكذا فكرت في اكتئاب إن قاعته مليئة بالقلوب التي حطمها وأرجو ألا يتحطم قلبه
هو أيضا ذات يوم
رافقها إلى سيارتها متمنيا لها عودة طيبة طابعا قبلة خاطفة على شفتيها وبعد أن شاهد أنوار ال أوستان التي كانت تبتعد في الفجر الذي
بدأ يلوح عاد إلى مكتبه شاهد تحت أحد الاثاثات بكرة أفلام نسيتها ستيفاني تناولها ووقف يتأملها طويلا ربما كان يتوقع العثور على حل
لعلامة الاستفهام الهائلة الماثلة أمامه .


samahss 06-02-17 01:54 AM

الفصل السادس
******************
- تسعة الاف عن يميني تسعة الاف وخمسة أمامي .... في الصف الثاني عشرة الاف عن يميني ... عشرة الاف وخمسة عن يميني ... واحد
اثنان ثلاثة سأحكم بالتمليك
وقرع المثمن بمطرقته ثم مال نحو المعاون الجالس بجواره
صاح الاخير
- لقد تم الحكم !
ثم دون المعاون ثمن المزاد في السجل
كانت كمعروفضات ((فان ديزيه )) المعلن عنها منذ اسبوعين قد جذبت لأهميتها ليس فقطهواة الاشياء القديمة الفريسية إنما الاجانب منهم
أيضا كانت العشرة الصفوف مشغولة واخرون وقوف إن الاثاث قد تم بيعه بأسعار خيالية حثا لقد كان قريدا من نوعه وبعض الاواني التي من
الصيني تمت المساومة عليها إلى أكثر من خمسة الاف تم الاعلان عنها بإشارة يد
وها هو المعاون يعلن من مكتبه الموضوع أسفل المنصة :
- رقم واحد وعشرين ! زوج من المسدسات يرجع تاريخهما إلى عام الف وسبعماة وستين قدر بستة الاف فرنك!
لمعت عينا ((جيلبيرجالان ))من ارغبة واضطرب على مقعده
كان هذان الصديقان قد وصلا إلى هذا العرض مبكرا لكي يجدا لهما أمكان في الصفوف الاولى
ثم بعد أن طال انتظارهما ها هو الممثل الكوميدي يرى زوج المسدسات - الذي طالما تمناه - يقدم للمجمهور
ارتفع المزاد بسرعة وقام هو بالنطق بالرقم بصوت عال وغذا ب مارك يلمس ذراعه وهو يهمس :
- توقف يا غبي سوف تتجاوز السعر!
لكن جيلبير لم يستمع إليه وفي النهاية مكث بمفرده مع اخر مزاد لقد بلغ هذان المسدسان - نسبة لندرتهما - مبلغا مرتفعا جدا
واحد اثنان .... من يدفع ؟ ...ثلاثة سأصدر حكما !
وسمع صوت المطرقة
أقبل بعد ذلك أحد الموظفين ومد له يده برقم ما اشتراه فمنحه هذا الاخير شيكا ومازال البيع مستمرا تمتم مارك
- الان وقد حصلت على اللعبتين ماذا نعمل الان ؟ لا أخفي عنك أني في أ/س الحادة إلى إشعال سيجارة !
إثر ذلك نهض الرجالان واتجها نحو الدهليز المؤدي إلى باب قصر أورساي لكن جيلبير لم يكف عن التطلع إلى القاعات حيث يسمع
صوت المثمن وكانت تعض القاعات مخصصة لعرض الاشياء المخصصة للبيع في اليوم التالي قاده مارك معترضا :
-انت من نضرب بك المثل في السطيرة على النفس ألست قادرا على التحكم في نفسك أكثر من ذلك ! ألم تلاحظ أن المتخصصين في
الاسلحة القديمة كانوا يعملون على رفع الاسعار ؟ ومع ذلك أنت تعلم أن التجار يتمسكون بالاولوية ولا يضايقهم شيء بقدر ما يرون
الافراد يشترون السلع النادرة ! إنهم يريدونها لهم كنت ستدفع فيهما في أحد المحلات أقل من هذا المبلغ إن لم تكن قد تسرعت في
رفع المبلغ إلى هذا الحد !
وألم تشعر بأنهم كانوا لا يرغبون في دخولك في المساومة ؟
هز جيلبير كتفيه :
- أعلم يا صاحبي لكني كنت على يقين بقيمة هذه الاسلحة وكنت أتمناها بأي ثمن وفي الحال
- عن نفسي فإني أفضل البائع مع من أستطيع أن أساوم فهو يمنحني معلومات وبذلك أتعلم دائما ما كنت أجهله وكثيرا ما تتولد بيننا صلة
صداقة و - على الاقل - تكون لي فرصة للتفكير لكن ...
قاطعه جالان :
- انظر من الذي يصل مع باردو
اقتربت منهما الكونتيسة ماركتيني و وجهها مشرق بالابتسام
- يا لسروري بلقائكما يا سادة ! لقد أسرعت بالمجيء غلى هنا لأني أعشق جو الصالات بالرغم ن أني مشغولة لأننا ننقل أثاثنا في منزل
الانسة مير كادييه المؤقت وفي نهاية الاسبوع القادم ستكون اللوحات والستائر قد وصلت وورق الحائط قد تم وضعه أنا معتمدة عليكما
لحفل دخول المسكن الجديد سوف يشرفنا قنصل إيطاليا لأنه أحد أصدقاء زوجي لقد عين في باريس لذلك جددنا علاقاتنا القديمة به
اعتقد أنكما سوف تقضيان إجازة نهاية الاسبوع مع ستيفاني عند أملاك أحد كما لست أدري من منكما ؟
أمام هذا السيل من الكلمات والعجز عن النطق بكلمة واحدة ما كان من كل من مارك وجيلبيــر - بطريقة الية - إلا أن ابتسما في مودة
وأخيرا بعد أن طمأنا الكونتيسة بأنهما سعيان مسبقا للذهاب عندها يوم الحفل اتجها نحو سيارة الممثل الكوميدي
- هل أنت بمفردك هذا المساء يا مارك ؟
- نعم
- أوصلك إلى منزلك أم تأـي عندنا لقضاء السهرة ؟
- لا شكرا أفضل العودة أمامي عمل كثير لأن المهندس المدني أحضر لي هذا الصباح رسم المصنع الجديد وأعتزم دراسته ثم إن أنــا
أعدت لي إحدى وجباتها الشهية التي تحتفظ وحدها بسرها ....
انطلق جيلبيــر
بسيارته على طريق ال سين وهو مستمر في تبادل أحاديث مختلفة مع صديقه - إنها لطيفة هذه ال أنـــا هل تعمل عندك منذ زمن بعيد ؟
- اه ...نعم ! كنت في الثانية عشرة من عمري عندما دخلت أسرتنا بصفة وصيفة حصلت على تقدير والدتي وأصبحت مكلفة بإدارةكل
شيء تزوجت بيير رئيس الخدم وعندما عاد والدي للإقامة في أملاكهما في الشمال - حيث ما زال والدي يهتم بمصانع النسيج - مكثا
بييــر وأنــا معي وهما متكفلان بسداد كل احتياجاتي سأله جيلبير ضاحكا :
- وه تدللك ؟ ليس لها أبناء ؟
- لا
- لا شك في أنا راضية عن بقائك أعزب
أجابه مارك :
- من البديهي
ها هما الانا في غابات بولونيا بعد فترة صمت استطرد جيلبيــر :
- لقد تلقت ليديا مطالمة تليفوينة من كورين لقد اعتذرت عن عدم الحضور نهاية الاسبوع يبدو أنها على موعد في ليون ...
يبدو أن مارك لم يسمع كان ينظر إلى الاشجار وسط الضباب دون أن يراها إذ كان شاردا غارقا في أفكاره وعندما أصبح الغسق لا يلقي إلا
بالقليل من أشعته أتى المساء أوقف الممثل الكوميدي سيارته أما بوابة الفندق الخاص بصديقه
ولما كان هذا الاخير جاممدا لا يترك التفت نحوه رافعا جادبيه وقد دهش ولدال من أن يترك مارك مقعده أشعل سيجارة على غير عجل
ثم أخيرا قرر أم يتكلم :
- سأوضح لك يا جيلبيــر لقد انتهت الصلة بيني وبين كورين
- كنت أشك في ذلك أخبرني ألست في طريقك إلى الوقوع مصادفة في حب الإيطالية الصغيرة ؟!
- أحب ؟ أنا ؟ لست أدري لقد سبق أن أخبرتك بأنها تجذبني من حيث جمالها إنها جميلة جدا
أفحمه صديقه ضاحكا :
- على الاقل هذا يعتبر تأكيدا !
- أرجوك ... لا تبدأ في المزاح أحب صحبتها أيضا و .... كيف أعبر لك ... رقتها شخصيتها الجذابة وهأنذا أشعر وكأني خجلت !
تمالك جيلبيـــر نفسه عن الضحك وأجاب بنبرة ساخرة بعض الشيء :
- هل أصبح دون جــوان السلط جلاد القلوب في طريقه إلى الرومانسية مع إرسال زهور أشعار وتبادل خصلات الشعر ؟
- لا تضف بعد ذلك شيئا هيا أنا لم أصل إلى هذا الحد ! طاب مساؤك يا صاحبي لا تزعج نفسك غدا بالذهاب لإحضارها سأذهب أنا
وقد أثاته لهجة صديقه الساخرة خرج من السيارة وأغلق الباب بشدة وتركه بلا مزيد من الكلام
**************************************************
كانت ستيفاني متمسكة بتسليم مارك - بأسرع ما يمكن - الصور التي كان قد كالبها بأخذها عنده لذلك كانت راضية لأنها أتمتها قبل
الذهاب إلى مزرعة جيلبيـــر وليديا
ليلة هذه العطلة عطلة نهاية الاسبوع بعد أن أعدت حقيبتها كانت ترغب في مشاهدتها مرة أخرى قبل أن تدخل إلى مخدعها عملت
على فردها على سريرها وفي اللحظة التي كانت تتأهب فيها لوضعها بالترتبيب بنسبة أفضليتها حسب حكمها المهني قرعت اورورا باب
حجرتها ودخلت قبل انتظار ردها
- كنت يا عزيزتي أرغب في الاخذ برأيك من أجل ستائر الصالون اه هل هذه صور السهرة؟ أفي إمكاني مشاهدتها ؟
- بالتأكيد !
تفحصتها الكونتيسة الواحدة تلو الاخرى باهتمام بالغ كمن ترغب في تسجيل أدق التفاصيل المنزل الاعمال الفنية والمدعوين لم تغفل
عن أي شيء منها وفي النهاية ألقت باللفة على السرير وقالت :
- صورك هذه يا ستيــفاني العزيزة تبدو لي رائعة سوف تسر فارسك! لقد لاحظت في تلك الامسية أنكما متفقان إلى حد ما .....أليس
كذلك ؟
- عن نفسي فإني أشعر بالارتياح في صحبته يا اورورا وبالنسية له أتمنى أن يكون هو أيضا في نفس الوضع ....
ثم صمتت لحظة ومع أنها من المعتاد - كتوم - إلا أنها كانت سعيدة لأنهاتمتنع عن الافصاح باسرارها
- كان ينبغي أن أسافر غدا مع ال جالان لكن هو الذي سيأتي لاصطحابي هو بمفرده كورين لن تأتي
ولم تعلق اورورا على ذلك وإن كانت سرت لهذا الخبر واكتفت بأن تتمنى ل ستيفاني ليلة طيبة وعطلة نهاية اسبوع سعيدة قبل أن
تنسحب وما يدعو للعجب أنها نست تماما ستائر الصالون ...
أما ستيفاني فلم تكف عن التفكير في مارك منذ تلك السهر التي قضتها عند مارك وتماما كما حدث قبل حفل الافتتاح كانت قد حللت
أبسط التفاصيل القادرة على منحها الامل بأنها ليست مبالية بهذا الشاب عندما وصل مارك أسرع نحوها في حماس حتى إن قلبها خفق
بشدة .. غير أنه مع دخول كورين قد تلاشى عندها الاحساس بالصداقة التي اعتقدت أنها قد نشأت بينهما أثناء أخذ الصور مرة أخرى
عملت على منع خيلاها من التجول لكن عندما اتصل بها مارك هاتفيا لكي يعرض عليها أن يأتي لأخذها متغافلا عن كل نواياها الطيبة
عادت إلى الانغماس في حلمها الوردي
ويوم أن كان مارك مستعدا لأخذها استعدت قبل الموعد بساعة وجلست على أحد المقاعد الوثيرة ذات الماند في صالون جورج
الخامس حقيبة السغر وحقيبة الالة تحت قدميها أما الصور الثمينة الموضوعة في حافظة من الجلد فقد وضعتها على ركبتيها
وعندما ظهر مارك وجدته جميلا كان يرتدي في بساطة جينز وبلوفر أبيض فكان يبدو أنيقا جذابا
عندما راها في المقعد الكبير ووجدها ضئيلة وهي ترفع وجهها الدقيق نحوه أبدى ابتسامة أاضاءت وجهه مزيدا من الشباب أما هي
فنهضت في الحال وهي تلوح بالحافظة
- مارك الصور معي !
- برافو يا ستيفــاني أريد أن أراا في الحال هيا ينا غلى المشرب لتناول القهوة فالوقت متاح لإلقاء نظرة سريعة عليها وفيما بعد سأختار في
هدوء الصور التي سوف أطالبك بالقيام بنسخ كمية منها لتوزيعها على المدعوين مال كلاهما الكتف ملتصقة بالكتف ورأساهما يكادان
يتلامسان وقفا يفحصان ألوان الصور
- حسنا جــدا - هكذا أردف مارك - جالان رائع في هذه الصورة ووهنا المجموعة ممتازة اه ! ومن هذه يجب طبع العديد بالنسبة ل
كورين إنها طبيعية جدا اه ! يا مكتبي ممتاز ....
وعندما ذكر السيدة نظرت إليه ستيفاني واستمر في الفحص بسرعة كانت صورة ابنة الدكتور الجراح قد اختفت تحت الاخريات لم يطل
مارك النظر إليها لما شعر بأنها تتفرس فيه حول رأسه نحوها فالتقت نظراتهما وإذا بموجة حنان نحو هذه الفتاة التي تبدو وكانها تنتظر
صدور الحكم عليها جعلته يفكر في أنها تلميذة ممتازة أما الاستاذ الذي يمتحنها وضع يده لحظة على يدها - في حركة جعلها مطمئنة -
ثم جمع الصور المتناثرة على المائدة وناولها إياها
- إنك موهوبة في هذه المهنة هيا بنا أمامنا مائة كيلو متر يجب أن نقطعها ولقد حان الوقت للانصراف لقد أتتني فكرة سوف أوافيك بها
في الطريق ....
تبعته في صمت وكانت تشعر بالارتياح
أخذ الضباب يتبدد ها هي شمس الخريف ترتفع الان في السماء تنبئ بأنه يوم مشرق ....قال مارك
- يلزمني مصور ممتاز لأني محتاج إلى إعداد كتاب أو شبه ذلك في حجم الكتالوح يحتوي على صور مصنعي وهأنا أوصيك به
كادت الفتاة ترتجف من السرور ولم تتمكن إلا من النطق
- شكرا يا مارك
- إني زبون ملح وأريد هذا العمل بأسرع ما يمكن كم من الوقت يلزمك لإتمامه ؟
- إذا شئت في وسعي البدء في العمل منذ يوم الاثنين وأنت تعلم أنه ليس لدي زبائن كثيرون حتى الان ! مازلت بعيدة عن زحمة العمل
!
هكذا أضافت وهي تضحك مرحة
- ستحصلين عليهم سأعمل من جانبي على إيجادهم على سبيل المثال جيلبير أعلم أنه سوف يرغب في إعداد صور لمشروعه من أجل
إعلانات الدعاية بالرغم من أنه لا يميل إلى كشف حياته الخاصة إلا أنه يضطر أحيانا إلى القيام بالكشف عنها للجمهور وكذلك زبون أو
اثنان ذوا شهرة وبذلك تتقدمين ي العمل وفي الشهرة أيضا صدقيني !
- يجب أن أهتم أولا بالاوراق الرسمية من أجل إقامتي في باريس ومهما كان قول اورورا لن أتبعها بعد الان ! مع كل بعد قليل سابلغ من
العمر واحدا وعشرين عاما أي سن الرشد وبذلك يكون لي حق التصرف في الاموال الخاصة بي التي تساعدني على تنمية مشروعي
وبذلك أعمل في هدوء
- حسنا ... ستيفاني ! كم أحب الاستماع إليك وأنت تتكلمين هكذا غنك تتمتعين بشخصية قوية وليس فقط بجمال رائع
عندما وصلا إلى منزل الممثل الكوميدي كانت الشمس قد غربت في السماء فتح لهما جيلبيـــر الباب وبصحبته كلبه الذي احتفل بقدوم
مارك بنباحه
- لقد تأخرتما أرجو ألا يكون قد حدث ما يزعجكما في الطريق ؟
- لا غاية ما في الامر لقد تمسكت بمشاهدة الصور الفوتوغرافية قبل الرحيل - هكذا وضح مارك - ومع ذلك يجب أن أحدثك عنها فيما
بعد
دخلوا كلهم إلى المزرعة وكانت ستيفاني قد التزمت الصمت منذ أول خطوة دخلت بها في المنزل من شدة دهشتها
غرفة واسعة تعتبر صالونا تمتد لتصل إلى حمام سباحة تضيئة فتحة زجاجية تطل على الحديقة منظر رائع أخاذ والمدعوان الاخران كانا
يقوما ببعض الحركات في الماء ثم وصلت ليديا مبتسمة كعادتها ربة بيت حارة في استقبالها
قالت ستيفاني
- إنها فكرة جيلبيــر لم نشأ أن يتواحد حمام السباحة في مكان منعزل لذلك لدي العديد من ملابس البحر تحت تصرف أصدقائي وهم لا
يتوقعون وجود حمام سباحة بالقرب من المشرب وحجرة المعيشة !
مر اليوم بسرعة مذهلة قام خلاله الزوار بالاستمتاع بالسباحة والقيام ببعض الجولات على ظهر الخيوول وفي المساء في لعب ال بريدج
وحينئذ قامت ستيفاني بالعمل من أجل جــالان زبونها الثاني
وفي اليوم التالي بدا النهار مشرقا أيضا شعرت ستيفاني بسعادة تغمرها كان مارك يحيطها برعايته ومضيفاهما كانا يستمتعان بفن الاستقبال
ولذلك كان الجميع في حالة رضا وسعادة
ارتدت الفتاة لباس بحر صغيرا وتأهبت للنزول غلى الحمام حيث سبقها إليه مارك ووقفت ليديا بلا حركة للحظة - لأنها دخلت في نفس
الوقت - إذ إنها أخذت بما ل ستيفاني من انسجام وجمال في قوامها خرج جيلبيــر من الحمام وتناول البرنس الخاص به واقترب منها
أخذ يتابع نظرتها
قال لزوجته
- لقد لاحظت بالامس جمال قوام هذه الفتاة الجميلة لكن لسنا وحدنا مننعجب بها انظري إلى عيني صديقنا وهو في الماء ...
قامت ستيفاني بغطس رائع بالقرب من مارك ولما كان لا يزال مثبتا نظراته عليها وربما أن فكيه كانا متقلصين لم يجد ما يقوله لها وإذا
ارتبكت من نظراته التي تلاحقها خرجت من الحمام والتفت في بشكير
وفي فترة بعد الضهر اقترح ماك القيام بنزهة على ظهر الحصان ولم يكن من يؤيده سوى ستيفاني
قال جيلبيــر مقدما نصيحته
- اذهبا غلى البركة هناك الجمال كله !
انصرف في هذا الاتجاه وكان لا بد لهما للوصول إلى هذا المكان من اختراق غابة كانت ستيفاني تجيد الفروسية وكان هناك سكون لا
يسمع فيه سوى صوت حوافر الخيول ثم بعد فترة اضطرا إلى تخفيف السرعة بسبب وجود منحنى وعندما وصلا غلى البركة قاد مارك دابته
... إلى جانب حصان الفتاة المصورة
- إنك فارسة ممتازة ! يخيل لي أنك تحبين ركوب الخيل ؟
- اه ... نعم ! كنت مفتقرة إلى ذلك في فينيسيا لكن كثيرا ما كنت أمارس هذه الرياضة عند صديقتي نيكول في سويسرا
وفي مدخل الغابة نزلا وربطا الجوادين في غصن شجرة
رفعت الفتاة خوذتها وعلقتها على أحد الاغصان ثم هزت شعرها الذي تناثر على كتفيها ثم بخطى بطيئة تعدمت نحو البركة وكان لامعة
مثل الفضة تحت أشعة الشمس الاخيرة كانت رائحة الخريف تصعد من الارض الرطبة ولم يكن ما يقطع السكون الشامل سوى صوت
الدجاج المائي الذي فزع عندما اقتربا منه لحق بها مارك ووقف صامتا من خلفها كانت تعلم أنه سوف يحيطها بذراعيه فخفق قلبها بشدة
انتظرت دون أن تتحرك أغلقت عينيها لحظة حولها غليه ثم أمسك بوجهها بين يديه عمق النظر في عينيها وهو يتمتم
- اه يا ستيفاني وديعة وجميلة يا ستيفاني ! لقد جذبتني منذ أول لقاء لكنك الان تسحرينني مال بعد ذلك لى فمها الذي قدمته له وهي
ترتجف كانت في البدء قبلة رقيقة لكن عندما شعر بأنها استسلمت له قبلها بأكثر حرارة
وكان الليل قد أقبل عندما عادا إلى المنزل كان جيلبيــر في هذه اللحظة يقوم بالمائة خطوة أمام المدخل في صحبة السايس صاح لهما
- ما الذي تقومان به ؟ لقد قلقنا وها هو المساء قد أقبل والطقس أصبح باردا كما أن وقت العشاء قد حان إذا كنتما ترغبان في العودة إلى
باريس هذا المساء
أما نحن فسوف نبقى هنا وبالنسبة لك أعتقد أنه لا بد أن تكون في مصنعك صباح غد !
- نعم هذا بالاضافة غلى أني على موعد مع مصوري الخاص هكذا أردف الشاب ضاحكا
ثم دخل إلى المنزل متأبطا ذراع ستيفاني
تواجدوا في المطبخ الكبير الذي كان يعتبر حجرة طعام للاهل وحيث كانت النار مشتعلة بالمدفأ

samahss 06-02-17 02:06 AM

الفصل السابع
********************
- صباح الخير أنا ستيفاني ماركتيني اني على موعد مع السيد دي موجاندر في الساعة الثانية
تفحصت الفتاة الجالسة في استقبال مكاتب المصنع دهشة الفتاة الواقفة أمامها وتفحصت أيضا جزءا من معداتها في الحقيبة الخاصة بها أما
الاخرى فكانت تحت قدميها
- انك إذن المصورة ؟اه !
- هل فاجأتك ؟
-لا سأتصل بالرئيس اجلسي
قالت لها هذا مشيرة بذقنها إلى المقعد
كادت ستيفاني تطير فرحا ها هي الان صاحبة مهنة أخذت تنظر إلى قاعة المدخل المزدانة بالزهور والنباتات الخضراء ذات الاثاث
المناسب في ذوق رفيع كانت تبحث عن المكان الذي ستبدأ منه عندما أخبرتها موظفة الاستقبال - وقد ازدادت دهشتها - وهي تخفض
سماعة التليفون
- سينزل لأخذك ربما يرغب بفناء المصنع هل تعرفينه ؟
- قليلا ....
هكذا أجابت الفتاة بابتسامة خفيفة
- إنه شاب جميل ...هيه ؟ ثم إنه دائما مؤدب ومحب لكنه منذ هذا الصباح زاد سحرا ووسامة ...
قطعت تعليقها عندما رأته يخرج من المصعد أسرع إلى ستيفاني وأمسك بحقيبتها ثم تأبط ذراعها وقادها إلى الباب الذي كان قد عمل
على غلقه وقبل ان يغلق عليهما تمكنت ستيفاني من مشاهدة وجه موظفة الاستقبال الدهش
بدأت العمل في مكتب مارك في الطابق الثاني لمبنى مخصص للأبحاث والمطبوعات وحيث قامت بإعداد رسوم ضخمة عن ( ر. م . ع )
أي ( رئيس مدير عام ) وبعد ذلك نزلت إلى الطابق الاول وختمت جولتها بالفناء حيث يوجد المصنع الذي عملت على تصويره وعندما
عادت إلى مكتبه قالت
- لقد أصبح الوقت متأخرا بالنسبة للداخل يا مارك سأواصل العمل غدا
- أنت المسؤولة عن إدارة عملك يا ستيفاني كما أن اليوم هنا بالنسبة للعمل سوف ينتهي بعد قليل للجميع إننا نلغي ساعة الغذاء حتى
نتمكن من الانتهاء من العمل قبل زحام الطريق ... إذا كنت حرة وإذا كان يناسبك فهل ترغبين في تناول العشاء معي ؟
هكذا سألها مبتسما في حنان وهو يقترب منها وضعت جبينها على كتفه وأغلقت عينيها أجابت بكل البساطة التي في العالم
- أنت تعلم جيدا أني أتمنى أن أكون معك
وإذ تأثر مارك لهذه البساطة المتناهية لاطف شعرها أما صديقاته المعتادات فقد كن يجعلنه يلتاع أكثر إذن هذا يعتبر جزءا من اللعبة لكن
ستيفاني كانت تبدي سذاجة طفولية تجعله يزمداد ارتباطا بها
عندما عادت في صباح اليوم التالي عجزت موظفة الاستقبال عن معرفة أي موقف تتخذه عملت ستيفاني في المصنع ثم ذهبت إلى مارك
في مكتبه عندما دخلت رن جرس التليفون أشار لها بالجلوس قبل أن يرفع السماعة
- اه إنه أنت ؟ صباح الخير ...نعم ...السبت المقبل ؟ لم لا إنه محبب إليهم ... أعرف الدكتور لكن لن أكون بمفردي لا مصورة شابة سوف
تتمكن كذلك من تصوير الاسطبل .. لا تترك السماعة سأسألها ! إنها في مكتبي ستيفاني , فروسية من نورماندي نهاية الاسبوع القادم هل
تشعرين بالرغبة في ذلك ؟
وافقت في الحال
- اتفقنا ستحضر بكل سرور شكرا
ثم أخفض السماعة وهو يوضح لها
- لقد طلب سيرج دي مارفي من ابن عمه وهو أحد أصدقائي أن يدعوني في عطلة نهاية الاسبوع سوف تعجبين بزوجته وبه أنا واثق
بذلك بولين دي مارفي مضيفة ممتازة قد تكون مثل ليديا سيتواجد أيضا أخوها وهو طبيب تزوج منذ فترة قصيرة وهو شاب ظريف قابلته
منذ فترة لكني لا أعرف زوجته غير أنهم مدحوا لي صفاتها وعليك توثر خيول وأملاك مضيفنا ... ومن البديهي أنه سيكون زبونك الثالث !
- اه يا مارك ! شيء جميل إني عاجزة عن التعبير ....
نهض دار حول مكتبه ثم أمسك بيديها رفعهما إلى فمه قبل أصابعها معصميها .... وهو يتمتم
- لا تنطقي بكلمة ... إنك تغريني يا ستيفـــاني بسماحك لي بمعاونتي لك .... إني ...
ثم انتصب دون أن ينهي جملته
وفي اليوم الذي تلا فترة التصوير في المصنع كانت ستيفاني في شقة ال ترو كــاديرو تناقش أحد فناني الديكور عن وضع الستائر وورق
الحائط وإذا ب اورورا تدخل مضطربة جدا
- يا عزيزتي ! يا عزيزتي ! فيتوريو سيكون في باريس غدا ! لقد اتصل بي هاتفيا لقد تجازو الحدود مع عربة النقل والحمالين لأن فترة
الاقامة في الجمرك كانت طويلة سوف يتوقفون في الطريق إنه متعب - عزيزي المسكين - ولا يرغب في القيادة بالليل يا إلهي م سيعاوننا
على الاستقرار !
- لا تقلقي سنتمكن - فيتوريو وأنا - من القيام بذلك كما أن عاملة النظافة التي كانت تعتني بشقة الانسة ميركادييه اتت وأبدت
استعدادها لمعاونتنا وقبلت عرضها هذا
حينئذ تدخل رجل الديكور
- في إمكاني أن أرسل لك شابا ذا كفاءة إذا شئت يا سيدتي
شكرته اورورا بحرارة معلنة أن المسائل المداية لا تهمها وانصرفت مطمئنة حينئذ تبادل المكلف بالديكور نظرة مسلية مع ستيفــاني قبل
العودر إلى العمل
ولما كان الكونتيسة قد أخيرت قنصل إيطاليا بوصول لوحة دافنشي أخطر هذا الاخير بدورة مقر الشركة الذي أرسل مراقبين لكي يعملوا
على المراقبة حول المنزل وها هو إنتاج الفنان الايطالي - الذي وصل في صندوق خشبي - قد حل بكل حرص ووضع في الصالون
وكذلك باقي اللوحات وعادت سيارة النقل إلى فينيسيا
أعلن فيتوريو أنه سيقضي الليلة معهما بما أن احتياطات الامن - تجنبا للسرقة - لم تتم
حينئذ قالت له ستيفــاني
- لا تقلق لقد تم كل شيء لقد جعلني مارك على اتصال بالمختص فعمل هذا الاخير - أمس وأول امس - على وضع أجراس الانذار كما
عنده بالضبط هذا بالاضافة إلى أن جزءي هذا الxxxx الاخرين يشغلهما ملحقون بالسفارة وبناء عليه الشرطة دائمة التجول في هذه
المنطقة
ولما ظل صامتا أاضافت
- أتعشم أن تكون الان مطمئنا ؟
أيد ذلك بإشارة م رأسه كان قد تم إعداد الشقة قبل عطلة نهاية الاسبوع بيومين اضطرت ستيفاني إلى مساعدة فيتوريو بالرغم من وجود
الشخص الذي أرسله فني الديكور وكذلك عاملة النظافة بذلك أصبحت الفتاة مضطرة إلى رفض دعوة مارك للعشاء مكثت لوقت متأخر
من الليل بمفردها مع شقيق اورورا لكي تعمل على تنسيق اللوحات والسجاد والاثاث في انسجام كانت الكونتيسة متعجلة مغادرة ال
جوج الخامس لأنها كنت متطلعة غلى حفل نهاية الاسبوع التالي
أردف فيتوريو بلهجة ساخرى إلى حد ما
- أعتقد أنك ستدعينني أحضر غدا مساء الجمعة
- اه ...نعم ! لقد انتهينا حقا في وسعك القيام بما تبقى بدوني !
- وإلى أين ستتوجهين في فترة عطلة نهاية الاسبوع هذه المرة ؟
- إلى نورماندي لا أعرف من سوف يستضيفانني إنهما صديقا مارك وربما يصبحان زبونيني جديدين هكذا أكد لي مارك
هز فيتوريو كتفيه وأخذ يضحك ساخرا في شراسة
- زبائن ! ما الذي تقومين به أحيانا في غباء ؟ هيه ... إني أشفق عليك من ذلك ...
تظاهرت بأنها لم تسمعه وهي تنقل قطعة من الاثاث
وكانت نهاية الاسبوع في ال نورماندي ناجحه بقدر ما كانت السابقة وسيرج دي مارفي أصبح بذلك الزبون الثالث ل ستيفاني أما عن
سهرة الكونتيسة ماركتيني فقد كانت أكثر من رائعة إذ كان البوفيه من نوع نادر كان عدد المدعوين قليلا وجميعهم من طبقة متميزة لقد
دعيت كورين بالتأكيد لكن للأسف - هكذا أجابت بكلمة مختصرة لكن لطيفة إنها ستغادر باريس لفترة غير محددة على خلاف القنصل
الذي أبدى هو وزوجته سرورا عظيما للقاء الكونتيسة وابنة زوجها
كان مارك أول الوافدين إلى الحفل ومن بعده بقليل ال جالان عندما رأى ستيفاني تتقدم نحوه في فستان أنيق أبيض على طراز شرقي
مطرز بالذهبي والفضي وشعرها في شينيون منخفض على عنقها وعلى وجهها المساحيق في اعتدال والاساور الذهبية في معصمها ألفى
إليها نظرة إعجاب غير قادر على إخفائها كما أنه قاوم بصعوبة رغبته في ضمها إليه بين ذراعيه
لم تكن الكونتيسة موجودة حتى تلك اللحظة لأنهاكانت في حجرتها من أجل الاستعدادات الاخيرة لكن عندما ألقى مارك نظرة دائرية
في الصالون الكبير رأى رجلا يدير ظهره لأنه كان يصب كأس شراب واقفا أمام البوفيه وإذ كانت ستيفاني تتابع نظرات مارك نادت
- فيتوريو ؟ ها هو مارك دي موجاندر الذي ....
لم تتمكن من إضافة أكثر من ذلك من شدة ارتباكها لقد أبدى لهما وجها محبا مشرقا بابتسامة عريضة ها هو أصبح فجأة الصةر ذاتها التي
للمضيف الذي يحسن استقبال ضيوفه شاعرا بمسرة الحياة تساءلت ستيفاني لحظة إذا كان هو ذاته فيتوريو رينالدي الذي يشد على يد
مارك قبل أن يقوده نحو المشرب متسمسكا بأن يملأ لهما كأسين بنفسه رافضا معاونة الساقي لكي يبدي رغبته في إظهار البساطة الودية
أخيرا بعد أن استعدت اورورا وتزينت بالمجوهرات وارتدت فستانا ضيقا حريريا وصففت شعرها دخلت في سرية في اللحظة التي كانت
ستيفاني تقدم مارك الى قنصل إيطاليا وأصبح الحديث شاملا وفي هذه الاثناء وصل هنري باردو - بعد أن ألقى نظرة سريعة على
الجدران - وسأل الكونتيسة عن المكان الذي خبأت فه لوة دافنشي اللوحة التي كان يتوقع مشاهدتها في مكان بارز فما كان من
القنصل إلا أن اعترف بأنه تساءل هو أيضا نفس السؤال ؟
أجابت اورورا
- إنها عندي تكرمي يا ستيفاني باصطحاب أصدقائنا إلى هناك لمشاهدتها
تقدمت الفتاة القنصل ومارك وهاوي الاشياء الاثرية إلى الصالون الصغير الملحق بحجرة اورورا أضاءت ستيفاني المصباح الموجود أسفل
اللوحة فبدت رائعة
إن وجه العذراء وهي تحتضن الطفل مؤثر جدا والمنظر الخلفي للوحة ينبئ بأن الرسام سيتقدم في الفن عندما ينضج لم يخطئ جالان
عندما قال ل مارك إن لوحة دافنشي تشبة ال جيوكندا فما كان من باردو غلا أن صاح
- رائع ! اشعر بنفس الاحساس الذي لاحقني في فينيسيا منذ اثني عشر عاما ...
وكان للقنصل نفس رد الفعل ومارك كان يتأمل في صمت معجبا بها عندما لحق بهما جيلبير الذي بعد أن تأمل هذا الانتاج البارز ودون أن
نيطق بكلمة واحدة همس في أذن صديقة
- إن الكونتيسة تمتلك كنزا ... أتمنى أن تكون الحراسة مشددة على المسكن !
عادا إلى الصالون حيث كان أفراد اخرون قد وصلوا من بينهم الاستاذ ديرييه المحامي قادته ستيفاني - بناء على طلبه - إلى لوحة
دافنشي رافقهما مارك حيث كان يرغب في مشاهدة الصورة مرة أخرى وبالرغم من أن السهرة قد طالت إلا أنه لم يستأذن أحد منهم لان
الاحاديث كانت شائقة والحفل ناجحا في جو من المرح والالفة بين المدعوين
اقتربت ستيفاني من جالان وأخذته جانبا قالت له
- إن صورك معي يا جيلبير هل ترغب في مشاهدتها ؟ إذن اتبعني لكي أريها إياك
وافق مرحبا اخذا طريق الاتيليه يتبعهما مارك الذي كان لا يبعد عن الفتاة قط لقد بدأت الحجرة تتحول إلى مكان عمل كانت تتسم
بالنظام وكل ما فيها مرتب فردت الفتاة صور الممثل الكوميدي على لوح م الخشب طويل موضوع على حوامل فحصها هذا الاخير بعين
مدربة ناقدة تناول بعضا منها واولها ما تبقى مبتسما
- أجدها كلها جيدة لكن بما أن جميعها سوف تفيد الدعاية الخاصة بي فأنا مضطر إلى احتجاز سبع او ثماني صور منها اتصل بالسكرتير
وارسلي له الفاتورة ذلك عنواني
- شكرا جزيلا لك يا جيلبير ليتك تعلم مدة سروري لهذا الامر !
ثم أطلقت إحدى ضحكاتها المرحة البريئة وإذا ب مارك يعجز عن الامتناع من تحويط كتفيها بذراعه وصمها قليلا إليه تحت نظرات صديقه
الماكرة
- إننا يا جيلبير نحضر بداية مصور صحفي هل تعرف سيرج دي مارفي ؟
- نعم .. إني أشتري له خيولا لماذا توجه لي هذا السؤال ؟
- لقد قامت ستيفاني يوم الاحد الماضي بتصوير إسطبله وسوف يعمل على نشر بعض هذه الصور في إحدى الصحف الاسبوعية للدعاية
بداية طيبة أليس كذلك ؟
تركوا الاتيليه وكان الحديث يدور حول مهنة ستيفاني التي تسير قدما كان مارك لا يزال ممسكا بكتفيها إلى أن ولجا غلى الصالون بسرعة
أنزل ذراعه لكن مع ذلك ليس بالسرعة التي تمكن فيتوريو من ملاحظته حول الايطالي رأسه وفي عينيه شعاع حقد غير أن هذه السيدة
التي لا تغفل عن كل ما يدور من حولها لك وأكثر من ذلك لاحظت كل شيء
اقتربت إذن من أخيها - مستمرة في الابتسام - همست إليه امرة إياه بأن يتخلى عن دورة كشاب ساحر من الستطاع - بما له من
موهبة- غزو قلوب كل مدعوية
ثم رويدا رويدا ترك كل المدعوين الصالون لكن ليس قبل تقديم الشكر غلى الكونتيسة على هذا الحفل الناجح ....
تلكأ مارك وكان اخر من انصرف لأنه لم يكن يرغب في مفارقة ستيفاني وعندما عاد إلى مسكنه لم يدخل إلى مخدعه في الحال بل جلس
- كعادته - في المقعد الوثير الذي في مكتبه وهو الذي يلجأ إليه كلما شعر بمشكلة تقلقه واستسلم لحلم طويل لم يسبق لفتاة أن أسرت
فكرة إلى هذا الحد وكانت هذه هي المرة الاولى التي يشعر فيها بمثل هذا الاحساس لقد أصبح وجود ستيفاني ضروريا بالنسبة له
كانت وجبة العشاء ممتعة برفقتها حتى أصبح غير قادر على التخلي أو الابتعاد عنها وكان لا يجد فيها أي غش أو زيف أو دلال مخادع فهو
يشبهها بنبع صاف أفكارها أصلية وثقافتها تزيد من سحرها وجمالها لكن عندما فكر في الرفبة التي له فيها استعاد رؤية هاتين العينين
الزرقاوين التين تفحصانه في ثقة حينئذ نهض من على مقعده هز كتفيه كمن يتخلص من فكرة عملت على مضايقته حكم بأنها تعمل على
تحطيم سكينته ودخل إلى حجرته وقد بدا مهموما
***

samahss 06-02-17 02:09 AM

الفصل الثامن
لم تجد ستيفاني في هذه الليلة سبيلاً للنعاس , كانت تفكر في مارك وفي الحب الذي تكنه له, اخذت تفكر في هذا الحب الذي ينمو أكثر
فأكثر كل يوم , حتى كاد يخيفها , فهي تعلم انه تملك قلبها , وانها لن تستطيع العمل على استعادته , وهو؟
كما انها ليست ساذجة الى الحد الذي يمنعها من التحقق من انه يرغبها , كما انها مازالت تشعر بأثر شفتيه الحارقتين بشفتيها , وبذراعيه
اللتين ضمنتاها اليه حتى كادت تختنق, والآن وهو يعيدها الى منزلها , كان مكتفياً بتقبيل يدها وملاطفة شعرها قبل ان يفتح لها باب سيارته
قائلاً:
- طاب مساؤك ايتها الفتاة الصغيرة, نامي جيداً...
كانت على استعداد ان تكون له, وهو على علم بذلك, لكن مم يخشى إذن.
فجأة تذكرت الكلمات التي تبادلاها ذات مساء , عندما تناولا العشاء معاً لأول مرة على انفراد بعد ان اخذ الصور بالمصنع.
عندما امسك بكتفيها ونظر في اعماق عينيها, وسألها:
- ماذا تعرفين عن الحب ياستيفاني الوديعة؟
وكانت دون ان تفكر قد اجابته فوراً مع حركة حفيفة بيديها :
- لا اعرف الكثير عنه يا مارك , فهو يبدو في عصرنا هذا , انه قد مضى زمانه , بالنسبة لفتاة في مثل عمري , لكنه هكذا.
ثم ندمت فور نطقها بهذه الكلمات , شعرت بأن ذراعي مارك لم تعودا قويتين في ضمها اليه, وأنه كف عن البحث عن شفتيها , لكنه كان
يكتفي بلمس جبينها.
وفي يوم السبت التالي, توجه مارك الى اسرى ستيفاني, وقد غفلت هذه الاخيرة عن وحدتها , إذ كانت تعمل في الاتيليه, حينئذ دخل
فيتوريو, قال:
- لقد اشتريت سيارة bmw, إنها سيارة جميلة , جيدة للرحلات, هل تقبلين المجيء معي لتجربتها في دوفيل ؟ الطقس رديء , لكننا
لسنا مضطرين للبقاء في الخارج .
هكذا اضاف مبدياً ابتسامة ساخرة .
رفضت الدعوة , اما هو فقد خرج من الحجرة وهو يتمتم من بين اسنانه:
- انت , سوف تخضعين ذات يوم, غبية!.
وعندما اتى المساء ادركت كم ان مارك يملأ حياتها , وان كانت في الواقع لا تعرفه إلا منذ فترة قصيرة, وهاهي الآن تشعر بأن اليوم الذي
يمر دون ان تراه إلا منذ فترة قصيرة , وهاهي الآن تشعر بأن اليوم الذي يمر دون ان تراه فيه يبدو لها قرناً ! من اجل ذلك تلقت اتصاله
الهاتفي صباح يوم الاثنين بسرور بالغ.
وفي منتصف الاسبوع , كانت صور سيرج دي مارفي قد أعدت , اخبرته عنها , وعرضت عليه ان تحضرها له في نورماندي في أول عطلة
نهاية اسبوع برفقة مارك بالتأكيد!.
وعندما وصل مارك وستيفاني في يوم السبت التالي الى آل مارفي , كان الطقس ردئيا , لأن الخريف كان قد بدا في اتخاذ مسار الشتاء ,
قاما برحلة على ظهر الخيول وعادا مبتلين , لذلك لم يعملا على تكرار ذلك يوم الاحد , وانقضت فترة بعد الظهر في جو عائلي, امام نار
هادئة في المدفأة , هناك ايضاً كان شقيق بولين دي مارثي وعروسه الشابة عائد من الاسطبل.
كانا يتبادلان عبارات المودة واللطف مع ستيفاني , وكانت الشابتان تتبادلان الذكريات عن جيف التي تعرفانها جيداً.
ثم بعد تناول الشاي في الساعة الخامسة من بعد الظهر قاموا جميعاً بلعبة الإسكريل العائلية وهي عبارة عن مسطح توضع في مسطحات
(فيشاط ) من الحروف لتكوين كلمات, تربكها قفزة فجائية من القط الاسود وسط هذه القطع المصفوفة..مشهد جعل مارفي يبدي احدى
ثوراته المألوفة والتي اصبحت لا تؤثر في أي احد منهم منذ زمن طويل , بل بالعكس اخذوا جميعهم يمرحون ويضحكون وبذلك يعملون
على إغاطته, فوجئ مارك بأنه يضحك هو ايضاً , الأمر الذي جعله ساهماً.
-------------------------------
ثم نهض واتجه نحو النار التي تطقطق في المدفأة ملقياً نظرة دائرية على ماحوله.
لم يسبق له في حياته الحصول على فرصة التواجد في مثل هذا المناخ العائلي الذي تسوده السعادة الهادئة.
في الوقت الذي كان فيه صبياً صغيراً يطعم القط, كانت بولين مستفيدة بتوقف اللعب لفترة , قد توجهت لكي تلقي على طفلة لم تتجاوز
عامها الاول , تلعب في مربع مغلق بدمية من الكاوتشوك .
وكم كانت دهشة مارك , عندما اضطر الى مصارحة ذاته بأنه لم يشعر بالضيق دقيقة واحدة خلال هذه العطلة , كما انه قد اعجب بهذه
اللعبة المسلية, وقد يدعوها البعض لعبة اطفال , حقاً ان هذه الاسرة, اسرة مارفي , تتمتع بروح الطبيعي الذي لا يقارن بالمسرات الاخرى
.
على طريق العودة سأل مارك ستيفاني:
- هل انت مسرورة؟
- آه ..نعم يامارك ! ظننت اني عند صديقتي نيكول في جنيف التي كثيراً ماكانت تدعوني عند والديها . هل تعلم انني لم اعش قط
الحياة الاسرية , من البديهي ان مدرستي الداخلية كانت فاخرة , لكن مع ذلك وحيدة هناك..
كان لنبرة صوتها صبغة حزينة , لم يجبها مارك , لكنه فكر في انه هو كذلك لم يعرف مطلقاً مثل هذه الايام التي عاشها مؤخراً , كان والداه
يكثران من إقامة الحفلات , ووالدته كانت تعشق الرحلات , وتكثر من الاسفار , بذلك كان اثناء مرحلة مراهقته , وهو ابن وحيد لا يجد
عند عودته الى المنزل سوى آنا في انتظاره, وعندما بلغ سن الشباب اصبح طالباً لامعاً , ذكياً .. ثم فتحت امامه كل الابواب , وكل سبل
السعادة قدمت له , وكذلك الاذرع امتدت له , وهاهي فتاة بسيطة , حانية وجميلة لم يسبق له معرفة مثيلة لها , تعمل على قلب الاسلوب
الذي كان يسلكه , وتضع امامه علامة استفهام...
عندما وصل امام منزل ستيفاني اوقف السيارة ونظر الى اعماق عينيها لحظة , تردد دقيقة , ثم ضمها اليه وقبلها متمتماً:
- ستيفاني, لقد قضيت يومين لن انساهما ابداً.
اهتز ستار احدى نوافذ المسكن , هاهي اورورا تنظر مبتسمة الى الثنائي المتألف .. واذا بصوت من خلفها يقول:
- هل تقومين بدور المراقبة؟
- اسكت , إنك سخيف ! الستارة اوشكت ان تغمز .. لقد بدأت السمكة تبلع الطعم.
رفع فينوريو حاجبيه دهشاً , لم يسبق لـ اورورا ان خاطبته بمثل هذه اللهجة , تفرس فيها ولاحقه إحساس بأنه يرى احد خبراء الخطط
يقوم بوضع خطة الهجوم .
***
- آل صباح الخير , هل في إمكاني الاتصال بالسيد موجاندر من فضلك؟
- من قبل من...؟
- الآنسة ماركتيني.
- لا تتركي السماعة , اعتقد انه في مؤتمر.
ثم بعد لحظة خاطفة سمع صوت مارك المرح يسأل :
- صباح الخير ياستيفاني , ما الأمر؟
- هل أزعجك؟
- لا ابداً. كثيراً مايكون المؤتمر سداً امام المزعجين , انت تعلمين ذلك.
- انا آسفة يامارك بالنسبة للعشاء , لأني مضطرة الى اصطحاب اورورا الى لندن سنرحل الآن.
- الى لندن ؟ لكن لم يسبق لذلك اي إنذار مساء امس؟
---------------------------------------
- امر جديد , إنها مضطرة الى السفر الى انجلترا , إنها على موعد يجب عليّ ان أعاونها , إنها لا تجيد اللغة الانجليزية, لا تعرف سوى بعض
الكلمات وبلهجة ايطالية ..
- وأخوها؟
- لقد رحل الى روما , لن نطيل البقاء هناك, ثمان وأربعون ساعة على الاكثر , سأطلبك فور عودتي.
- الى اللقاء ياوديعتي, سوف انتظرك بفارغ الصبر.
واثناء السهرة , إذ شعر بأنه معذب في وحدته , توجه الى صديقه جيلبير الذي , وإن كان قد ابتهج لرؤيته , قال له:
- ليست لديك محاضرات في الايطالية ومن ثم تذكرتنا؟
هنا تدخلت ليديا:
- ارجوك لا تعمل على إثارته!.
- لا اقصد مضايقته , ألا ترين مايبدو عليه من ضيق , هيا ياصاحبي , مزاجك ليس على مايرام؟ مارأيك في ان نتناول مشروباً منعشاً.
وقاده الى المشرب الملحق بالصالون مواصلاً حديثه:
- يقال ان ظهورك في النوادي الراقية اصبح قليلاً, لقد اخبرني الساقي القائم بالعمل عند كاستيل بانه لم يرك سوى مرتين خلال خمسة
عشر يوماً, كما انه اكد ان نفس الفتاة الرائعة الجمال كانت بصحبتك , انت إحدى الشخصيات البارزة في باريس ! لا تدع الفرصة للثرثرة
والأقاويل.. انت تعلم...
سأله مارك وقد شعر بانه بدأ ينفعل:
- في حق من؟
ربت الصديق كتفه وسأله :
- على الأقل , هل انت مسرور؟
وضع كوبه وأجابه:
- نعم.
ثم نظر الى الممثل الكوميدي وأضاف:
- جيلبير اعتقد جيداً اني عاشق...
***
عادت ستيفاني وكما كان متفقاً عليه تواجدا في مشرب الـفوكيه , وصل من قبلها وجلس يراقب المدخل متعجلاً مشاهدة الوجه الرقيق
الذي افتقده , كما اعترف بذلك داخلياً, هاهو الآن بجوارها , ينظر اليها مبهوراً بهذا الحب الجديد الذي تولد بداخله , عاملاً على
كسبه.
صارحته ستيفاني بأنها عند عودتها من السفر وجدت خطاباً من إحدى المطربات تطلب منها فيه الذهاب الى شقتها لإلتقاط صور للدعاية
قبل جولتها , وهي من طرف جالان.
- حسناً ! بالمناسبة , حتى الآن لم ترسلي فواتيرك الى مكتب حساباتي.
- لا يامارك , ليس أنت!.
- لا مبرر لذلك , يجب ألا تمزجي الاعمال بالمشاعر والتعاطف.
ولما لم تجبه , غير من مجال الحديث وأردف:
- انا لا أود ان اكون متطفلاً, لكني حائر بالنسبة لهذا السفر المفاجئ.
تراجعت خطوة , ثم اجابت مترددة:
- سأحدثك يامارك كصديق, لكني اطالبك بكتم السر الذي سأصارحك به, ولكن أورورا ستتضايق لو علمت بأني كشفت لك عنه, لكن
بالنسبة لك .. ليس..
- اسمعي ياستيفاني ! في إمكانك ان تخبريني بكل شيء , ومع ذلك اذا كانت مترددة, فأنا لا ألزمك بأي شيء .
حولت عينيها في حرج .
- انا لا افهم مايحدث , لقد توجهنا الى لندن من اجل بيع ... عند سوثبي حيث كانت على موعد .
--------------------------------------------
صمتت الفتاة برهة , ثم واصلت وقد اخفضت رأسها:
- أورورا تعتزم بيع لوحة ليونارد دافنشي.
انتفض مارك وقد شعر بأنه صعق.
- ماذا تقولين ؟
- اعتقد انها تعاني من أزمة مالية, ومن اجل الحفاظ على سمعتها , لا تسطيع بيعها في فرنسا ولا في إيطاليا, وفي لندن ضمنوا لها سرية
الأمر, على مايبدو انهم يتعاملون مع الامريكين الاثرياء او بعض الامراء العرب..
تناقشا كثيراً طوال السهرة بشأن هذا الأمر , بعد ان عاد مارك الى منزله وفكر كثيراً وهو غارق كعادته في مقعده الوثير ذي المساند , عزم
على الذهاب لزيارة الكونتيسة في صباح اليوم التالي.
وبما انه على علم بموعد ستيفاني مع المطربة اتصل هاتفياً بـ أروروا في غياب ابنة زوجها , واذ فوجئت الكونتيسة لاتصاله المبكر هذا,
سألته عن السبب وبالرغم من رده الغامض عليها وافقت على استقباله , لمن بعد تردد طويل.
ثم اخفضت سماعة التليفون وابدت ابتسامة نصر.
اتجهت نحو فيتوريو المدد في تراخ على الاريكة وقالت له بصوت معسول:
- من فضلك ياعزيزي دعني بمفردي , لأني سوف استقبل الآن ضيفا قد يضع حداً لمشاكلنا, لأنه كفيل بحلها.
ثم بعد فترة وجيزة ادخل الخادم مارك الى صالون أورورا , كانت ترتدي فستان بيت أنيقاً وكانت كعادتها جالسة امام مكتب صغير للويس
السادس عشر , وهي تتصفح بعض الأوراق التي وضعتها في بطء لكي تستقبل الشاب وتمد له يدها.
انحنى امامها وجدها بنفس الجمال ونفس الزينة وتسريحة الشعر الأنيقة , لكن كانت نظراتها معتمة على غير عادتها .
- لقد ارتبكت بالنسبة لأتصالك هذا ياعزيزي, ماالذي في وسعي ان أقدمه لك؟
وإذ فوجئ ارتبك , كيف سيعمل مارك الآن لكي يبرر زيارته دون ان يفصح بما ائتمنته عليه ستيفاني؟ حدث ذاته بأن أبسط الامور هو ان
يحكي لها حديثهما الذي دار في الليلة الماضية.
اتخذت هذه السيدة مظهراً متماسكاً , وبلهجة فاترة غير متوقعة عند هذه السيدة , قالت:
- سيدي العزيز, ان تكون على صلة مودة مع ابنة زوجي , كما ألاحظ هذا, فمن الطبيعي ان تأتمنك على سرها, هذا يخصها وحدها ,
إنها حرة , وإن كنت اسمي هذا النوع من المصارحة : عدم كتمان للأسرار, لكن ان تأتي سيادتك لكي تسألني عن موضوع بيع لوحة
أمتلكها , فهذا يدهشني , كما اني أرفض تدخلك في حياتي الخاصة.
نطقت بهذه الكلمات الاخيرة وهي واقفة متمسكة بكرامتها , خجل مارك بشدة :
- ارجو ياسيدتي ألا تشعري بجرح لأحاسيسك , انا هنا بصفة صديق لأني أكن لـ ستيفاني حناناً بالغاً , ولقد شعرت بأن في حياتك.
- وبالتالي في حياتها , مشكلة ربما يكون في إمكاني معاونتك على حلها اقبلي صداقتي, إنها أكيدة صدقيني.
انهارت أورورا امام هذه الصراحة وهذا اللطف الوائد وذلك التعاطف , اخفضت رأسها وعندما رفعتها سالت دمعة على وجنتيها , تناولت
منديلاً صغيراً او على الأصح قطعة من الدانتيل, اخذت تلويها وهي توضح الموقف بصوت ضععيف, يرتجف من حين لآخر من الانتحاب
الخفيف.
- انا لست كفئا لإدارة ثروتي لأني كنت مدللة , في البداية من والدتي ومن بعدها من زوجي , لقد ترملت والدتي وهي في ريعان شبابها
, وكان أخي فيتوريو يبلغ عاماً واحداً .. واصلنا حياتنا كما في الماضي , لكن ذلك اعلى من وسائلنا , وانا مثلها لا أبالي .. اعترف بذلك.
----------------------------------
سألها مارك لكي يخفف عنها أكثر من ان يكون تطفلاً من جانبه:
- ماذا كان يعمل والدك؟
انتحبت وانتظرت قليلاً , الفترة التي كانت تخترع فيها وصفاً مشرفاً لهذا الوالد الذي لم تعرفه كثيراً.
- كان ملحقاً تجارياً في وزارة الخارجية , لذلك فيتوريو يتبع هذا العمل , وهو كثير الاسفار.
كانت قد قامت بتحويل الحقيقة , لأن النشاط التجاري الذي كان يمارسه الوالد كان يتخلص في إعادة بيع اشياء مختلفة على ميناء
نايلس, عملية كلفت هذا الرجل الإقامة في سجن المدينة اكثر من مرة, وواصلت بصوت خافت قصتها باللغة الفرنسية , تتخللها كلمات
إيطالية:
- وعندما تزوجت من الكونت ماركتيني عشت ايضاً حياة الترف والبذخ وبعد وفاته , لم انتبه الى اني اهدم تراث وثروة الأسرة وذلك
بالقيام بعدة رحلات.. وعندما بلغت ستيفاني سن الرشد وكلتني عن نصيبها من املاك والدها , احتفظت بها لكي أقوم بعملية ترميم لمقر
إقامتنا على شاطئ جراند كانال الذي لحقه تلف من مياه فينيسيا, يجب ان اخبرك بأني لم اراجع بيان المقاولين , وانهم نهبوني , ثم
واصلت العمل على إنقاص رصيد ابنة زوجي وذلك باستمراري في الاحتفاظ بنفس نمط الحياة السابقة..
ثم نهضت واخذت تتجول في الحجرة بالطول والعرض في عصبية .
- مارك اسمح لي بأن أناديك مارك , اشعر انه في إمكاني ان اصارحك بكل شيء , لم اجرؤ على مصارحة احد بالأمر , لكن منذ بضعة
ايام استبد بي الضيق واصبحت عصبية جداً, والحزن اعتصر قلبي, وعلماً بأني متعلقة بـ ستيفاني العزيزة, تحققت فجأة من أني سرقتها , نعم
.. إنه التعبير السليم سرقت, إنها ترغب في البقاء في باريس , وان تقوم بإدارة مشروع , بما كان لها من رصيد كان في إمكانها ان تكون
على رأس أشهر ستديو تصوير في العاصمة.
ومن حقها ان تطالبني بحسابها , كيف أرد عليها؟ إني اسرفت في التبذير في نصف اموالها على الأقل؟ شيء فظيع , مستحيل ! وإني واثقة
بأنها - مع وداعتها هذه ولطفها , لن تلومني , لكني من واجبي ان اعيد لها هذا المبلغ , هل علمت الآن لماذا عملت على بيع تلك
اللوحة التي كان زوجي يفخر باقتنائها؟
إثر هذه الجملة الاخيرة انهارت امام مكتبها وهي ترتجف ببعض التقلصات الخفيفة .وكان مارك يستمع في هدوء الى إعترافات الكونتيسة ,
مكث صامتاً لحظة قضاها في التفكير في هذا الموقف, ثم نهض واقترب منها.
لقد اتخذ قراره:
- سيدتي , اهدئي واستمعي ليّ, لماذا التوجه الى سوثبي؟اعملي على الحصول على زبون , وبذلك تتجنبين دفع تكلفة الوساطة, إني
مقتنع بأنه في إمكانك الحصول على زبون كتوم .
رفعت رأسها دون ان تجرؤ على النظر اليه :
- لقد فكرت في ذلك, لكن كيف اتصرف حتى لا يذاع هذا الخبر؟
- اعتقد اني اعرف احد الهواة وهو شخصية رقيقة , وسوف يسر باقتناء مثل هذا الفن الرائع في منزله.
التفتت نحوه ونظرت اليه وعيناها مغرورقتان بالدموع :
- ومن هذا إذن ؟
ابتسم لها الشاب :
- انا .
صاحت :
- لا! مستحيل هذا مستحيل ! إنك شخص رائع يامارك , شكراً لكني غير قادرة على الموافقة ! لأني سأفكر دائماً في أني اجبرتك على
هذا العمل , عن صداقة .. لطف .. عن.. لا ! إني رافضة هذا العرض , لا تجعلني أندم على مصارحتي لك, لأنك لم تسألني عن الثمن.
----------------------------------------
- إني اشك في ذلك , بعد كل المصاريف ماهو المبلغ الذي سوف يتبقى لك؟
- هل حقاً ترغب في معرفته؟
- بالتأكيد .
- تسعة ملايين من الجنيهات.
- بعد اربع وعشرين ساعة, سأوقع لك شيكاً بهذا المبلغ في مثل هذه الساعة , وبذلك يكون في إمكانك إيداع المبلغ قبل عطلة نهاية
الاسبوع , وان كان هذا العمل الفني معروفاً لكل هواة العالم, هل لديك وثائق اهلية ؟ المعذرة لكن هذا من اجل ضماني.
هنا تمتمت أورورابصوت متردد:
- أرجوك دعني افكر ثانية.
- لقد تم التفكير , إنك لا تستطيعين جعل مثل هذه اللوحة الرائعة ترحل , الله وحده يعلم الى اين , لأن عمل دافنشي ملك لـ فرنسا. لقد
عاش فيها ومات , ثم واصل:
- الآن نسرد قليلاً من التاريخ وكان يربت يدها كأنها طفلة مخطئة .
- لا تغفلي عن ان فرنسوا الاول كان قد الحقه ببلاطه , لقد عمل في بلدنا حتى وفاته , بالقرب من آمبواز.. هل كنت تعلمين ذلك؟
هزت رأسها :
- نعم, لا.. ربما , لم أعد أعلم شيئاً.
واخيراً نهضت وفتحت خزانة موجودة خلف احدى اللوحات, بحثت في احد الظروف , واخرجت منه أوراقاً, مدت له يدها بها .
- لدي هنا وثيقة أفضل من كل الشهادات , أنها ورقة اعتماد مصرفي من روما, بنك الإسعاف , كما تسمونه هنا في فرنسا, كنت قد قمت
برهن هذه اللوحة قبل مجيئي الى باريس , وكان هذا القطاع قد قام بفحصها قبل ان يمنحني قرضاً يساوي ربع قيمتها , ولقد دفعني
سداده الى المساس بمال ابنة زوجي. وفي إمكانك الأخذ بشهادة قنصل ايطاليا وهنري باردو , لأنهما كانا قد حضرا الى فينيسيا
لمشاهدتها, وكنت قد حرصت على إحضارها الى باريس لكي أساوم عليها.
تفحص مارك جيداً الأوراق .. وتحقق من ان كلها واضحة وسليمة , هذا بالإضافة الى وجود وثيقة بخط يد الكونت توضح كيف وصل هذا
العمل الفني الى أسرة ماركتيني دي بروسو في بداية القرن التاسع عشر, وكانت قصة تبدو شائقة.
- ومن البديهي , التأمين الخاص بي سوف يرسل خبيره , وهو أمر طبيعي , اما عن نفسي فسوف أكون هنا في نهاية الفترة الصباحية ومعي
عربة صغيرة وحرس مسلح , يجب إتخاذ الاحتياطات, اعتقد اني سوف اقضي وقتي في مكتبي مستمتعاً بوقتي في التأمل ! وهأنا تذكرت
فجأة , هكذا اضاف مرحاً , يوم الاثنين هو عيد القوات المسلحة , سأحصل على يوم إضافي , والآن سيدتي العزيزة , يجب ان اتركك
لأني على موعد مع ستيفاني للغداء.
فكر لحظة وختم :
- لن اعطيها تفاصيل , طالما انك منذ الغد سوف تديرين امرك.
بالرغم من ان ستيفاني كانت مسرورة وهي تقرأ مجلة المهنيين كانت ترفع رأسها من حين لآخر نحو باب مدخل المطعم.
إنها اول مرة يتأخر فيها مارك , قلقت لأنها لن تجد وقتاً كافياً تقضيه معه , كان على المطربة ان تنتظرها في تمام الساعة الثانية وكان عليها
ايضاً ان تمر لأخذ معداتها , لحسن الحظ ان هذه الفنانة لا تسكن بعيداً عن الأتيليه.
دخل وكأنه يكاد يجري , بحث عنها بعينيه وعندما رآها وجدها في رونق الشباب , وكانت عيناها لامعتين من الإثارة .
تناول يديها وضمهما طويلاً وهو يبتسم , بعمق النظر في عينيها , قبل ان يرفعهما الى شفتيها, كان موشكاً ان ينطبق , عندما رأى رئيس
الخدم واقفاً امام مائدتهما, نظرت ستيفاني الى ساعتها .
------------------------------
- مارك , سأتناول وجبة خفيفة وسريعة , زبونتي في انتظاري في الثانية تماماً.
- المعذرة, كان علي القيام بزيارة ذات اهمية قصوى , ومن بعدها اضطررت الى التوجه الى البنك الذي اتعامل معه.
اعدا قائمة طعامهما, لكن في اللحظة التي كان يستعد فيها لإعلانها الخبر بادرته بقولها:
- إني في حاجة الى نصائحك , إن عملي في تقدم بفضلك , وإذا استمر الحال على هذا النحو فسوف احتاج الى شراء ستوديو تصوير,
وفي المستقبل قد احتاج الى مساعدة او اثنين.. من يدري؟ انا لا ارغب في التعجل , لكني بدأت بالإعلان عن ذلك في إحدى الصحف,
على اي حال من الأفضل الشراء في هذا الوقت.
عرضت عليه مشاريعها وبينما كان مارك يستمع اليها , هنأ ذاته بأنه اسرع بشراء لوحة دافنشي لأنها حالياً ستعمل على فحص رصيدها.
- مارك , هأنا أسرد لك القصص القصيرة , لكني اراك غير مصغ! إنك تمنحني إحساساً منذ وصولك بأنه هناك امراً غريباً قد تم في حياتك ,
وقد يكون موقفاً سعيداً...
هكذا اضافت مبتسمة:
مال عليها:
- العديد من الامور ياعزيزتي, اولاً هأنت بالقرب مني وهي أكبر سعادة بالنسبة لي , ثم غدا في مثل هذه الساعة سأكون مالك العمل
الفني البارز , وبالتأكيد تعلمين مدى تأثير ذلك فيّ.
القت اليه نظرة استجواب , نهض , توقف لحظة ثم قال:
- لقد امتلكت لوحة العذراء والطفل لـ ليونارد دافنشي.
اهتزت الفتاة وشعرت بأنها شحبت.
- مارك انت ! لكن لماذا؟ .. مثل هذا المبلغ..
بحثت عن كلمات , تحققت من انه غير لائق بأن تذكر القيمة امام احد الهواة وهو على قسط من الثراء.
كان ينبغي بالعكس ان تبدو مسرورة بأن هذه اللوحة طالما كان لابد ان تباع , اسعدت صديقاً غير انها وهي عاجزة عن تفسير السبب
شعرت بعدم الارتياح لهذا البيع.
لقد تم ذلك بسرعة , كما انه كان غير متوقع , آثرت الصمت, على أي حال, هاهو قد عمل على إلقاء ضوء على الموقف.
ومع ذلك كان حريصاً على عدم المساس بجانب الإرث الخاص بالفتاة كما حذرته الكونتيسة.
--------------------------- ---

samahss 06-02-17 02:15 AM

الفصل التاسع
- هل علقت لوحة فيليب دي شامبيتيه في الصالون الصغير؟
- نعم.
- هل تعتقد ان مكان لوحة دافنشي مناسب هنا؟
- آه نعم! لأني اريدها امام عيني عندما استمع الى الموسيقى.
لقد مرت ساعة , تناقش خلالها كل من مارك , ليديا وجيلبير و ستيفاني حول المكان المناسب لوضع لوحة دافنشي في مكتبه . املاكه
الجديدة تحت إشراف رئيس الخدم الذي كان يعاونه في نقل الحامل ومعه المسامير والمطرقة, وفي النهاية بعد مداولة طويلة لمعرفة اذا
كانت قيمة اللوحة تظهر اكثر وهي على الحامل ام على الحائط , علقت حسب رغبة مارك: على لافتة في مواجهة الاريكة التي يتمدد
عليها عادة لاستماع الكاسيت اثناء ذلك اتت آنا معلنة ان الشرطي المكلف بمراقبة المكان المحيط بالفندق الخاص وهو مازال موجوداً ,
يرغب في الإنصراف مبرراً ذلك بأنه لا فائدة من تواجده , حينئذ صاح الشاب:
- ياإلهي , لقد غفلت عنه تماماً, سأتوجه اليه آنا .. قدمي المشروب هنا.. إذا شئت مفهوم..
تمدد جيليبير على الاريكة.
----------------------------
- لقد أرهقني بتركيب لوحته , لم أره مضطرباً مثل اليوم , يجب الاعتراف بأن امتلاك لوحة لـ دافنشي يعتبر حدثاً فريداً في حياة احد
هواة الاشياء النادرة.
مرت سنوات والسوق الدولي خال من مثل هذه الروائع , ولولا اننا متمسكون بالسرية , حسب رغبة الكونتيسة زوجة ابيك ايتها العزيزة
ستيفاني لكانت كل الصحافة امام الباب! وعلى أي حال اذا لم تكن الكونتيسة قد عملت على عرضها , ماكان مارك قد حصل عليها,
ولكانت الدولة قد ابدت حقها في الحصول عليها من اجل المتاحف الدولية.
اجابت الفتاة ساهمة:
- كنت اجهل ان الكونتيسة كادت تفلس , كل مااخبرتني به هو ان ديونها تراكمت ولا تعرف كيف تتصرف لمواجهتها , بقدر ماهي
حريصة على الحفاظ على مستواها الاجتماعي وكان الإعلان عن بيع مثل هذا الإنتاج النادر بالنسبة لها يعد هزيمة.
ثم صمتت , لكنها كانت تواصل التأمل , وهاهو مارك قد عاد تتبعه آنا حاملة الكؤوس والشراب.
وبينما وقف الشاب يتأمل كسبه الجديد حوط كتفي ستيفاني بذراعه.
- إني سعيد لأنك هنا وسط صديقي , وها قد اصبحت لوحة دافنشي ملكاً لي.
ثم اضاف:
- اعدي إذن هذه الصورة .
قال هذا وابتعد عنها لكي يقف بجوار اللوحة.
في الحال اخرجت ستيفاني آلتها مبتسمة وبدأت في التصوير, وعندما انتهت من مهمتها اعلن جيلبير وكان مازال مستلقياً على الاريكة:
- لقد قاربت الثامنة, انا جوعان! اتعشم ان تدعونا للعشاء في مثل هذه المناسبة السعيدة.
- بالتأكيد , لقد تدبرت الامر , لقد عملت على حجز مائدة عند لاسير.
- رائع , إنك تجيد التصرف , سوف نتركك في ساعة مبكرة , لأننا نرغب في الرحيل صباح غد الى الريف , هل استطيع سؤالك عما تعتزم
القيام به اثناء عطلة نهاية الاسبوع. اعتقد انك لن تغادر مكتبك؟
- لقد خمنت .. حسناً.
ثم ملتفتاً الى ستيفاني , معمقاً النظر في عينيها ومبدياً ابتسامة حانية تكاد تكون خجولاً , قبل ان يسألها بصوت خافت:
- هل سترافقينني ؟ في إمكان آنا ان تعد لنا وجبة لذيذة وسنستمع الى الموسيقى.
- آسفة , لأني لن أكون في باريس , خلال الايام الثلاثة القادمة.
لم اجد الفرصة حتى الآن لكي اكلمك عن هذا الموضوع , لقد حدث لي أمر هائل.
في هذه الاثناء بينما كان مارك يتحدث مع الفتاة صب جيلبير كأساً اخرى له ولأ ليديا , ثم رفع رأسه ورأى ان مارك كان محبطاً كان
يعمل على إظهار حالة ارتياح وهو يستجوب ستيفاني.
- ماذا لديك ؟
- لقد اختارتني المطربة التي قمت بتصويرها مساء امس, وهي متمسكة بمرافقتي لها الى مارسيليا حيث ستعمل مساء السبت والاحد
والاثنين, لقد حجزت لي مكاناً معها في الطائرة , ومن اجل الدعاية الخاصة بها , طلبت مني ان اقوم بتصويرها في منزل والديها , فهي من
مواليد ضواحي مارسيليا , سوف نعود يوم الثلاثاء نحو الظهر على مااتوقع.
ولما ظل مارك صامتاً تدخل جيلبير :
-جيد بالنسبة لك يا ستيفاني ان تعملي في المجال المسرحي.
------------------------------
سيعمل ذلك على ازدياد نسبة الزبائن مع شهرة كبيرة لأن صورك رائعة, إذ إنك تمنحينها طابعاً جميلاً, كما انك تجيدين تصوير الوجوه
من الزواية التي تظهر ملامحها جيداً والنواحي المميزة لها !
ما كان من مارك إلا ان انطلق في الضحك مؤيداً رأي صديقه حتى يخفي دهشته لهذه الظروف الفجائية , لأنه كان يرغب في قضاء هذه
الايام الثلاثة معها.
- طالما ستتركاني فساكتفي بصحبة الاستاذ الإيطالي , والآن هيا بنا نتوجه للعشاء!.
واثناء ماكانوا ينزلون السلالم , ذكرهم جيلبير بأن فيلمه الاخير كان في سينما كبيرة في الـ شانزليزيه واذا رحبوا بالدعوة فقد امضو سهرة
مرحة, واثناء ماكانوا يرتدون الملابس في القاعة , بحثت ليديا في حقيبتها , واخرجت منها بطاقتين ناولتهما للشابين.
- هاهي بطاقات الدخول ياستيفاني ! ملابس السهرة من البديهي , بعد الحفل كان جيلبير يجمع اصدقاءه ومساعديه في الإنتاج عند
ماكسيم , هل سبق لك الذهاب الى هناك؟
- مطلقاً , لكن والدي كان يصطحب أوروا كثيراً الى هذا المكان عندما يتوجدان في باريس, لقد حدثني عنه كثيراً , آه! كم أنا سعيدة ,
شكرا لكما!
وكانت تبدي حماساً طفولياً يزيد من شبابها , وإذ تأثر مارك , فكر مرة اخرى في هاتين السيدتين الجميلتين اللتين دعاهما الى العشاء في
المطعم الفاخر الشهير, لكنه شعر بأنه بعيد جداً بالنسبة له, لاطف وجنة الفتاة قبل ان يساعدها على ارتداء معطفها.
رفعت رأسها وتلاقت نظراتهما في حديث اكثر بلاغة من كل الكلمات, وعلى عكس ماكان يتوقع جيلبير طالت فترة تناول العشاء , إذ
كانت المائدة المجاورة لمائدتهم يشغلها مخرج ايطالي كان جيلبير قد تعامل معه من قبل الآن بعد سنوات , كان برفقته زوجان وكانت
الزوجة سمراء رائعة وهي ممثلة كوميدية ايضاً تعرف ليديا جيداً, تبادلا حديثاً طويلاً باللغتين الفرنسية والايطالية مع ستيفاني التي تحب
التحدث بلغتها , بعد ذلك اعاد مارك الفتاة الى منزلها في ساعة متأخرة من الليل, لاطفها في مودة وحنان , لمس فمه أذنها وكان صوته
بمثابة ملاطفة وهو يتمتم:
- يادويعتي ياستيفاني, إنك لا تتخيلين كم من الاحلام راودتني !لا اجرؤ على سردها لك , بالرغم من المسرة التي غمرتني بعد امتلا كي
لهذه اللوحة الشهيرة.
ولما قبلها بادلته القبلة , لكن سرعان ما ابتعدت عنه وخرجت من السيارة وكأنها فزعة من نفسها , اطالت النظر اليه قبل ان تقول في بساطة:
- الى يوم الثلاثاء يامارك.
واغلقت باب السيارة , اما هو , فقد مكث في مكانه , يداه متقلصتان على عجلة القيادة , عاجز عن الحركة , لقد وثق الآن بحبه لها, كما انه
ادرك ان هذا الحب متبادل , فهو يرغبها , واصل طريقه وكان هناك شارع صغير يحاذي الحديقة التي تقع خلف الxxxx وكانت تطل على
حجرة الفتاة وكذلك الاتيليه.
رأى من خلال السياج النافذة التي يخرج منها نور من خلال الستائر المغلقة , للمرة الثانية قام بجولته وعندما تواجد امام النافذة, كان
الضوء قد اختفى , لقد نامت ستيفاني, عاد الى منزله وقلبه فرح , انه يحب لأول مرة في حياته.
***
- اطلب منك يا فيتوريو ان تأخذ سيارتك وتنصرف بسرعة!
- لا, سنرجل نحن الثلاثة.
امام عناده و إصراره هذا , اضطرت ان تتكلم بهدوء , ولكن امام نظرة الشاب التي تمتلئ بالإصرار, ارتفع صوتها بسرعة.
-----------------------------------------------
- ياعزيزي , تفهم الموقف , اذا اختفينا كلنا معاً, فسيبدو عجيباً, وقد يدعو ايضاً للشك , يجب ان نبقى هي وانا , بعض الوقت في باريس
بالنسبة لك الوضع يختلف , هذا بالاضافة الى اني اشعت انك تركتنا من اجل اعمالك.
- وماهي الاعمال التي من المفروض اني اقوم بها ؟
- لقد اعلمت موجاندر انك ملحق تجاري في وزارة الشؤون الخارجية, قسم التصدير مثل المرحوم والدك.
حينئذ انطلق فينوريو في الضحك:
- كم ان خيالك واسع !
واصلت وهي تكاد تصيح:
- لقد سحبت مبلغاً كبيراً في فترة بعد الظهر, عندما أودعت الشيك , إنه لك , كما انني اجريت تحويلاً على حسابك في ايطاليا , ارحل
الى روما سألحق بك بسرعة , ومن هناك سنذهب حيثما نشاء .
- وهي ؟
هكذا ألح في السؤال.
- لا تتوقع مالن يحدث , لن تأتي معنا.. إنها عاشقة , هذا بالإضافة الى انها تعتزم إقامة مشروع في فرنسا.
رفع كتفيه مستزئاً , ورفع صوته ايضاً:
- مشروع تصوير! غبية , مسكينة ! لكني اريدها وسأحصل عليها! سأمكث هنا.
أرهفت أوروا السمع وقالت له:
- أسكت , هأنا اسمعها , إنها هي التي عادت , ليتنا نتحدث عن اشياء اخرى وفي بشاشة.
اخترقت ستيفاني الدهليز المؤدي الى حجرتها , وكان صوت زوجة أبيها المرح يأتي الى مسامعها , لم تهتم له , بالرغم من انها واثقة بأن
فيتوريو اصبح بعيداً عن العاصمة , هذا لأنها معتادة التغيير المفاجئ لأفكار أوروا واخيها, من جانب آخر, كانت الفتاة لا تفكر إلا في الحب
الذي يكنه لها مارك , كم تمنت, كم رغبت هذا الحب الذي مازالت غير مصدقة وجوده..
-----------------------------------


الساعة الآن 08:32 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.