آخر 10 مشاركات
وابتسم القدر(وعندما اقتربت النهاية...ابتسم القدر) *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : فاتن عبدالعظيم - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          1011 - ها قد اتت المتاعب - ديبى ماكومبر - د.نـــ (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] نار الغيرة تحرق رجل واطيها،للكاتبة/ black widow (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حَــربْ معَ الــرّاء ! (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          مرحبا ايها الحب -عدد ممتاز- بوليت أوبري - روايات عبيرجديدة [حصرياً فقط على روايتي] (الكاتـب : Just Faith - )           »          `][جرحتني كلمتهاا][` (الكاتـب : بحر الندى - )           »          نار الغيرة تحرق رجل واطيها ....للكاتبة....black widow (الكاتـب : اسيرة الماضى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-03-17, 07:21 AM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 لُجَّةُ الذكرياتِ \ للكاتبة زينب_سامي ، فصحى مكتملة






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية
لُجَّةُ الذكرياتِ
للكاتبة زينب_سامي



قراءة ممتعة للجميع.....


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 12-06-18 الساعة 11:22 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 07:22 AM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t414680.html#post13379919




بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمته وبركاته
.
.
.
بعد صراع طويل بيني وبين نفسي
دام يمكن لأربع أو ثلاث سنوات من
اختفائي في المنتدى نهائيًا!!
قررت أرجع....
اختفائي كان لأسباب قاهرة....
اختفيت عن المنتدى واختفيت عن الكتابة
كنت ارجع اكتب بس ما اكمل!!!
اقطع وابدأ في شي جديد
وهكذا!
كنت اكتب أشياء بسيطة وصرت انشرها على احدى المواقع التواصل الاجتماعي!
بس اشتقت لكتابة الروايات كثير!
قررت ارجع وبقوةةةةة
حاليا انا طالبة ثالث ثانوي\ نظام مقررات
لذا أعيش في ضغوط دراسية بحته
ما بين مقررات مدرسية وتحصيلي وقدرات وغيرة
فبكون مضغوطة ومو كل وقتي للكتابة
بس ما يمنع هالشي من أني ما اكتب....
رجعت
وقررت
انشر هالرواية
كتابات بدون ماحد يقراها بكون ميتة
فما ابقى روايتي هذي تبقى في عِداد الأموات
فقررت انشرها لكم
وتحتضنونها
بنقدكم وتشجيعكم
أتمنى تحوز على رضاكم
أتمنى تتقبلوها
وأتمنى انكم تستمتعون بقرائتها
وأتمنى تكون شي مختلف وجديد
ما راح اكذب عليكم فيني خوف
من إقبالي على خطوة نشرها.....
خايفة من الوقت والإلتزامات
بس عارفة نفسي راح اكتب وما راح انقطع
لكن ما راح احدد وقت لتنزيل البارتات
على حسب وقتي الضيّق ولا ابالغ لكم في وصفه بكلمة (ضيّق)
تحملوني وان شاء الله ما راح اغيّب ظنكم فيني.....






تحياتي لكي جميعا




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 12-06-18 الساعة 05:10 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 07:23 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



رواية:لُجَّةُ الذكرياتِ
نحن كـ القارب الصغير وحياتنا بحرٌ عميق
علينا أن نجدّف بمهارة وحذر
من أجل بقاء القارب
بسلامة دون إصاباتٍ قد
تٌغرقه وتجعله حُطامًا ( لا شيء!)
...

هشمّني...

لم يبقى لي جزءً سليمًا في جسدي...

عنفّني وأي عنفٍ أتحدّث عنهُ!

بل ألتهمني وكأنني غزالٌ
في غابةٍ تسودها القوانين
عُقِبة ببساطة لأنها اخترقتها ولم تُبالي!
جعلني جسدًا بِلا روح...
بلّدَ مشاعري...
ورحل...
جاعلني أُلملم ما تبقى مني!
هو رحل ولا أظنّهُ سيعود...

,،غيبوبة,’

جسدي خفيف أشعر بخفته اشعر أنني أُحلِّق في السماء
وأُلامس بيديّ الغيوم بل يدي تخترقها ولا أستطع القبض عليها
مُلامسة وهمية تجعلني ابتسم لساعاتٍ طويلة!
اشعر بهم يبكون وتارة يقرؤون ما تيسر من القرآن الكريم
لا اعلم ما الذي حدث ما الذي جعلني غير قادرة على الحركة رغم انني اطير!
ولكن لا اعرف كيف يتم الهبوط؟!
يومي ينقضي في الطيران والتحليق بين النجوم تارة وتارة أخرى
بين الشمس وتراكم الغيوم
اشعر بلمساتٍ حانية تبدأ من على رأسي وتنتهي على خدي
وتُختم بقُبلة طويلة ما بين عينايْ
اشعر بحرارة ومرارة تلك القُبلة
أنها قُبلة (أمي)أحاول فتح عيناي
أُطمئِنُها على نفسي
أخبرها بأنني بخير
وأحلِّق في السماء كما تمنيْت
ولكن أفشل في فعل ذلك!
اسمع همهمات البَعض
وكلمات بعضهم الآخر
لا أفهم شيء
يبدو لي أصبحت غير قادرة على فهم اللغات
أنا لا افهم إلا لـِ لُغة الطيور!
هل أصبحت طائرًا؟
ما الذي جعلني أتحوَّل من إنسانٍ إلى طير!
هل أُلقى عليّ سحرٌ.....
أو ماذا حدث...
هُناك أمرٌ آخر
أنا لا اتذكر أي شيء
أنا الآن
فقط
مُبدعة في التحليقْ!











,، صراعاتٌ نفسية,،

مرارة الألم تخترقُ معدتي
تشوهُها بغزاتٍ لِتُحيي الضمير الميّت
لا تكفيها تلك الغزاتْ...
تؤرقها حتى تخرج ذلك السائل
ومن ثم تهدأ عواصفها لفتراتٍ مؤقته!
هل أفرطتُّ بالشراب بالأمس
ليحدث كل ما حدث اليوم...
أطرافي ترتجف ولا تعرف للسكون والهدوء طريقًا
اشعر بالبرد في وسط حُرقة هذا الصيف
عَرُق جبيني....
اهتز قلبي لآلاف المرات...
هل جاء موعد عدم السيطرةِ على الأعصاب
هل حان موعد تدمير كل شيءٍ من الأثاث
من اجل ابرةٍ لعينة .....
يرتاح جسدي لها عندما تُراقص اوردتي وتهمس لها: حان وقت التحليق!
اللعنة....
ثم
اللعنة....
على تلك الأُبر
ليس لديّ المال الكافي لشرائها
مُنذ تلك الحادثة وجسدي لا يهدأ
إلا عندما أٌحقِن نفسي بها!
عاقبة نفسي بنفسي.....
وجلبت لها المخاطر بإرادتي...
أحاول أن اسيطر على رعشات جسدي
وقلبي....
وجنون الصّداع الذي يفتت خلايا عقلي...
استسلم واتهاوى ساقطًا على الأرض
أُمسك بيدي الهاتف يسقط من يديّ
ثم أعاود محاولتي لمسكه
اسيطر على رعشاتها العشوائية
اضغط على رغم ذلك الشيطان
ليرد ويتكرر المشهد هذا كلما صرخت خلايا جسدي لطلب
تلك الاُبر اللعينة

_ تركي تكفى تعال راسي بينفجر أنا في شقتي تعال وجيب معك اللي خابر...
لا اسمع صوته
ولا تنفسه
ولا اتخيّل شكله المنتصر لإدماني
ولكن تصلني ضحكته
لتجعلني ابكي عجزًا لِم فعلتهُ بنفسي
يتلاعب بي
يرفع سعر تلك الأبر اللعينة ليستفيد من إدماني
ارضّخ لذلك السعر
من أجل إسكات تلك العواصف
ولتهدأ....
ولِتستريح
ولِأحلِّق أنا بجانبها بإرتياح!
أتى ورمى ذلك الكيس الأسود في وجهي
ألتقفتها لأحميها من السقوط على الأرض
ولأحميها من التلوّث...
تقدم لناحيتي شدني من ياقة بذلتي
أظهر تقرّفه مني تحدّث بصوتٍ
حاسمٌ للأمر
_ انا مسافر وراح اطوّل فدبّر عمرك بذول بس لا تصير مبذّر حافظ عليها .....لأنها هي بعد لحافظت عليها بتحافظ عليك...

عقدت حاجبيّ وبدأ جنوني يزداد سيسافر إذًا
ألقيت نظرة خاطفة بداخل الكيس
نظرت لعدد الأُبر هذا لا يكفيني!
تقدمت لناحيته مترجيًا
_ لا تسافر ....تبي تموتني....ذول ما يكفون
طبطب على كتفيّ شامتًا مبتسمًا بانتصار
_ دبّر عمرك يا فيصل أنا مطول في السفر .....لا تاخذها إلا وقت الضرورة
رميت الكيس على الأرض ركلت الباب بقدمي اليُسرى
لغلقه اصدر صداه ازعاجًا لخلايا جسدي المضطربة
شدّيت على طرف ثوبه
والصقتهُ بالجدار
تلك القوة لا تأتي إلا لأجل تلك الحبيبة المسكِّنة لآلامي
شدّيت عليه وكأنني اريد خنقه
وهذا ما اريده حقًا اريد الانتقام خلال تلك اللحظات همست له ما بين رجفاتي
_ قلت لك ماقدر وفّر لي كمية تسد لي حاجتي ولا لاتسافر
حاول التملّص والتخلّص
من يدي نظرت لعيناه الجاحظتين
لامست خوفهُ مني
لكن في لحظاتٍ زادت بها رجفات يدي
وضع يديه على صدري ودفعني
بقوة...
جلعني اترنّح يمينًا ويسارًا
تحدث بغضب
_ مدمن ويتشرط ما لك إلا ذول ولا والله اخذهم بعد منك
ومنو انت على شان ما سافر .....تراك زبون عندي
وانا بإشارة وحدة اقدر انهيك.....ولا تعيد حركتك الغبية ذي
راح انتظر تسديدك لقيمة هالأبر لك يوم كامل بس على ما توفر الفلوس وإلا صدقني ما راح يحصل لك طيب

خرج واغلق الباب بقوة ضجّ بها المكان لصداه
احتضنت نفسي
وبدأت بالزّحف لجانب الكيس
اخذت ابره واحده تمعّنت بالنظر لها
همست بكلماتٍ قد همست بها من قبل ولم انفذها
_ بس هالمره راح اخذك!
اصبحتُ ماهرًا في إدخال الأبر في جسدي دون خوف
دون تردد دون أن اشعر بألم وخزها....
ها انا الآن بدأت أُحلِّق لمدى بعيد
بعيد جدًا لا يوجد به أحد سوانا
أنا وهي...
والحُب الذي يحيط بِنا....
لم اتركها يومًا
بل هي من تركتني
في وقتٍ لم أتوقعه...
ولكن في هذه اللحظات هي تُحلِّق معي
لِتسد فجوات الرحيل الذي اسقتني من كأسه قبل عدة اشهرٍ
طويلة!
فالتحيا تلك الأبر...
واليحيا تركي ليجلب لي تلك الأبر الساحرة....
ليجعلني ثملٍ اكثر بحب تلك اللعينة...
فلـ ترقص معي هنا ....
دون خوف
دون ألمٍ وشتات!
ارقصي ايتها الفاتنة
ارقصي يا فاتِنت العقل والروح!








.
.
همساتٌ عتابية

أنتِ صغيرة على كل هذه الآلام
جسدك الضعيف
لا يتحمل كل هذه الإصابات والجروح الغائرة
بعدكِ لم تري شيئًا جميلًا من هذه الحياة الواسعة
كُنتِ فعلًا مصدرًا للسعادةِ والضحك والمرح....
والمنزل بعدكِ لا يعرف طريق السعادةِ والفرح
ها انتِ بلغتِ من العمري عشرون سنة
مضى عامٌ على ذلك الحادث الذي اوقعَ بِك
على فراش المَوْت!
أعلم أنكِ تتألمين....
تحاولين التخلّص من هذا العذاب
ولكنكِ غير قادرة....
(فاتن) افتحي عيناكِ
لِتخلّصي جسدك من الارتخاء والسكون
حركي طرف قدمكِ...
حركي اصابع يدَيْكِ...
حاولي أن ترمشي بعيناكِ
فقد اشتقت للنظر للونهما البني الفاتح
لماذا تظهرين لنا عجزك
مرّ عامٌ وأنتِ هُنا مغمضة للعينين...
إن كُنتي تسمعينني
فسأخبرك بأمرٍ مهم...
انا احبكِ
ولست مثلما ادعي في قولي أمامك
اكرهك أتمنى موتك!
بل بعد ذلك الحادث الذي باعد بيني وبينكِ
ولم يجعلنا نتشاجر كما في السابق
لم يجلعنا نضحك ونتشارك في مشاهدة فلم رعب كما تحبين
او في تناول حبّة شوكولاته سوداء
لم يجلعنا نتشارك في أكل وجبتك المفضلة (البيتزا)
افتقدت صراخك حينما أقوم بأكل ثلاث قطع واترك لكِ قطعتين
فتقومين راكضة نحوي تحاولين ضربي
ولكنك لا تصلين إليّ
فينهال عليّ فمكِ بالشتائم....
ويتردد صدى ضحكاتي المستفزة وكلماتي حينما أقول(والله يا فاتن هالبيتزا لذاذة يعطيك العافية عشتيني ببلاش هههههههه)
وينتهي بكِ المطاف بالاستسلام
والجلوس على حافة الدرج كطفلة صغيرة اخذوا من يدَيْها السكاكر ....فجلست واستسلمت للبكاء!
انهضي لا تكوني ضعيفة
تركتُ محاضرتي وأتَيتُ لمحادثتك براحة دون وجود أحدهم
أختي فاتن
آه يالي جمال تلك الكلمة
أختي....
لا اريد ان افتقدك...
فانتِ اختي...وصديقتي...وبئر اسراري
رغم أنني اكبرك بخمس سنوات ولكن شاء القدر بأن نكون اخوة قريبين من بعضنا البعض توأم نختلف في اعمارنا فقط!
دعيني أخبركِ
يافاتن
أمي تتألم ...وأبي يتهاوى بجسده على فراش المرض
يخدعنا بانه لا يعاني لفقدك لا يعاني لمرضه
ينهض يزاول عمله....
كل يوم
يذهب هُنا وهناك لأداء الواجب....
لم يستسلم يومًا لمرضه ...
لم يكون عاجزًا مثلك!
فاتن انتِ عاجزة لعامٌ طويل
ومظلم....
ومغلِّف بصرخات والدتي حينما تلقّت خبر
ذلك الحادث الشنيع...
أنتِ نجوتي بأعجوبة...
انتِ بقيتي على قيد الحياة بمعجزة إلاهيّ
الآن أتى دوركِ...
اتى دور ان تستجيبي لعِلاجاتك....
ان تحاولي...
أن تحاولي النهوض فقط!
لا تخذليني اخيّتي لا تخذلني انتِ اقوى من هذه الآلام
انحنى ليصل لمستوى رأسها
قبَّل جبينها الذي خُطّ عليه جرحٌ عميق لم يبقى سوى اثره
اغمض عينيه ولم يكبح دموعه الذي امطرت على وجه اخته...
لتبقى ساكنة على خدّيها....
اعتدل في وقفته
وقام بتعديل هندامه...
نظر إليها ثم خرج من الغرفة!



.....
لا زلت أُحلِق
اعجز عن الهبوط
شعرت هذه المرّة بقبلةٍ ليست بقُبلة والدتي
قُبلة تحمل حزنًا عميقًا مخبأ في صدر صاحبها
امطرت عليّ الغيوم مطرًا باردًا جلعني ابتسم
فالمطر مُلهمني!
دومًا ما يلهمني الكلمات التي تعبّر عن مدى سعادتي...
ولكن صوت ذلك الغريب ونبرته المنكسرة
وكلماته العتابية المتفجرة من ينابيع قلبه
جعلت الكلمات تتحول وتتمرّد في الغرق في وحل الحُزن
إذًا ما حدث لي حادثٌ شنيع
هذا ما فهمتهُ منه!
واسمي هو فاتن!
متى سأتعلم الهبوط على الارض
تعبت وأنا أُحلِّق
وانا اتنقل ما بين الجبال الشامخة
ارهقني التحليق !
متى ستلامس الأرض قدماي؟!
متى!


........

أغلق هاتفه بدأ الأمر محيّرًا ولا بد من إنهائُه
مضى عامٌ على خطبتهما...
عامٌ لم تذق فيه العائلتين حلاوة الخُطبة والفرح لِأبنائهما
سيُحسم الأمر...
رغم أنّ قلبه لا يريد فعل ذلك
ولكن يعلم انّ ابن اخيه يريد أن يُقيم حفل الزفاف مُنذ أن
عقد القران على ابنته....
ولكن أجّلا تلك الحفلة...
خرج من غرفته يُقلِّب الأمور في رأسه جيّدًا ويزنها
هذا هو حال الدنيا....
يومٌ مُحزن
وآخر مفرح....
لِم نوّقف الأفراح بأيدنا
ولِم نحزن وكأنّها توفيّت
فلنفرح....
ونتفائل..
ولنودّع دموع الآلام والغصّات
ونستبدلها بدموع الفرح والسعادة....
وصل لغرفة الجلوس التي تجتمع بها العائلة
رأى زوجته وابنته رهف
ابتسم وتقدم لناحيتهما
جلس بالقرب من زوجته
نظر إليهما ثم اردف بصوته الحاني
_ الوجه منوّر اليوم
التفتت إليه زوجته بابتسامة باهته تخلو من الحياة
ميّته مكّفنه خلف ضيقٍ ومحتاتٍ على ابنتها طريحة
الفراش
_ الحمد لله على كل حال
ابتسم ثم نظر لأبنته التي تعبث بهاتفها بشتات وسرحان عارم لكيانها بأكمله...
تحدث برفق
_ رهف ....ما كلمك فهد اليوم؟
لم تجيبه بعد...
التفتت إليها والدتها....
لتغوص هي الأخرى في شتات ابنتها ألتمست حزنها
ضياعها...حركت رأسها بأسى
_ رهف أبوك يكلمك
اخيرًا استيقظت من عالمها الخاص المغلّف بذكرى فاتن
_ هلا يبه آمر بقيت شي؟
أعاد سؤاله بهدوء
_ فهد ماتصل عليك!

سكتت لم يتصل ولن يتصل حتى اخضع لأمره
وانا لن اخضع ولن استسلم في تغيير رأيي
رُغم حُبي له وعشقي السرمدي الذي يُلامس
قلبهُ قبل قلبي إلا أنني لا استطيع الموافقة على ذلك الأمر
فمازلت انتظر استيقاظ تلك الفاتنة التي غابت
ليغيب معها الفرح والسرور
اجابت بتردد
_ لا...
والدها بدأ الأمر واضحًا بالنسبةِ إليه
إذًا لم ينجح فهد في إقناع رهف
عن امر إقامة زواجهما...
فأخبر والده ليكون واسطة
في الإقناع وفي الخضوع لهذا الأمر الذي طال...
_ طيب سمعيني يا بنتي زين...
فهمت ما يريد قوله لذا نهضت سريعًا وكأنّ شيئًا ما لدغها في
جسدها وبثّ سُمّه لتنهض بهذه الطريقة المريبة
تحدثت سريًعا
_ عارفة يبه أنّك ....
نهض هو الآخر ليقاطعها
تقدم أمامها
امسكها من اكتافها النحيلة
وتحدث بِلّطف
_ يبه رهف ......سمعيني للآخر....
سكتت وشتت نظراتها عن والدها
تحدثت والدتها بخوف من حصول أمرٍ تجهله بخصوص علاقة ابنتها بخطيبها فهد....
_ صاير شي بينك وبين فهد
التفت زوجها لِيُطَمئِّنْ زوجته ويهدّأ من ذعرها
_ لا مو صاير شيء
ثم التفت على ابنته لِيكمل
_ رهف .....صار لكم سنة وست اشهر من ملكتوا.....والولد من حقّه يبي يقدم الزواج...
حاولت مقاطعته لكن رفع يده
قائلًا
_ خليني أكمل يا يبه....ما خبرتك مسّرعة ...
ثم اردف بهدوء اكثر
_ فهد ولد عمك وفاتن اختك بنت عمه بعد....والحزن بينا وبينهم مشترك....بس مو من حقنا نمنع الفرح والسعادة أختك فاتن بإذن الله بتقوم.....الطبيب يقول حالتها في تحسن وإن شاء الله بتعدي هالأزمات.....صدقيني هي ما راح تكون راضية لقرارك الأناني....

أناني....
نظرت إليه مندهشة ومتعجبة
قراريّ الآن اصبح أناني؟!
لم تستطع كبح غضبها
فانهارت في الحديث
_ أناني ......قراري الحين صار اناني....يبه فهد هو الأناني ومو مقدّر وضعي وحزني على اختي.....أنا ابي زواجي يتم لفاقة أختي من الغيبوبة....ابيها تشاركني في فرحتي...
تحدّث بوجع
_ خلينا واقعيين يا رهف....صدق الطبيب قال حالتها في تحسن......بس يظل في جانب سلبي لهالغيبوبة .....
نظرت إليه زوجته بفزع ونفس متسارع
ولكن أكمل لِيُقنع ابنته
_ ما يقدر يقول لنا بكرا بتصحى ولا اللي بعده ....ما يقدر يحدد هالشيء إلا رب العالمين.....طيب اذا ما صحت الحين
ارتفعت شهقاتها بالبكاء
فالحنين والإشتياق لفاتن
والحقيقة المُّرة
اضعفتها لتبكي
وتُطلق شهقاتها المؤلمة
لتجبر والدتها ايضًا في المشاركة في هذا البكاء
حاول والدها أن يكون صابرًا متماسكًا
ويشّد عليها اكثر في قوله
_ انا ما قلت لكم كذا عشان تبكون
ثم نظر لزوجته
_ وأنا آسف يا ام عبد الرحمن هذا الواقع اللي المفروض نتقبله......ونحتسب الأجر فيه.......المفروض ننجح في الأختبار اللي ربنا حطنا فيه......وكون عندنا حسن ظن بالله ......وما نحزن كل هالحزن وكأنها ميته.......الحمد لله على كل حال.....وما في يدنا غير الدعاء والصّبر....وما نوقّف امور كثيرة ونأجلها ......حنا لازم نكون اقوى ......ونمشِّي الأمور وكأنها هي بينا.....
ثم التف لرهف ثم قال
_ انا عارف أنك جهزتي لزواجك وصار اللي صار وتأجل كل شيء.......والحين ما قدر أقول لا .....لا لعمك ولا لفهد......لمتى وحنّا نأجل؟
ما زالت رهف تهتز
وتتألم والدموع ترقص على خدّيها
رقصاتٍ على لهبٍ مشتعل في جانبها الأيسر
_ زواجك على خير الشهر الجاي......بنسوي حفلة صغيرة وعائلية .....و...
لم تتحمل بكت بصوتٍ عالي واخذت تقول
_ خلاص ما بيه.....ما بيه......ما ابي اتزوج
ثم انهارت
واخذت تركض متجه لغرفتها
حرّك رأسه بأسى
ثم اردف
_ الله يهديك يا رهف
تقدمت زوجته لناحيته وعيناها تترقرق بالدموع
ووجهها شُحِن بالسخونة اثر البكاء واحمّر
_ طيب ليش ما تخليهم يأجلونه....
اخذ يتنفّس بعمق
ليُريح عضلة قلبه التي انقبضت لتؤلمه
_ لمتى وحنّا نأجل انا ضد هالتأجيل.... خلاص يكفي....أنا منحرج من اخوي واخوي منحرج مني.....والافضل أنه نزوجهم وبلاش نأجل ونخلي ما بينهم فجوات يمكن تصل لخلافات ووجع راس.....
سكتت ولم تستطع أن تردف بكلمة واحدة
بينما زوجها خرج من المنزل
...




.
.

.

انتهى






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-17, 04:21 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

رواية:لُجَّةُ الذكرياتِ

البارت

الثاني


مرّ يوم ويومان وأصبح اليومان شهرًا!
أختفى فجأة...
انقطعت الاتصالات بينهم
والرسائل القصيرة ايضًا
والتي دومًا ما تكون (أنا بخير....لا تقلقون علي)
والدته بدأ يجن جنونها
ووالده بدأت الافكار السيئة تتوارى امام عينيه
وأخيه يجول في كل مكان للبحث عنه وكأنه صبي
ذو سبع سنواتٍ ضائع
وضلّل طريق المنزل...
ألتفت لصاحبه وصديقة المقرّب
أجل ؟
صديقة و بمثابة أخيه
تربّا مع بعضهما وتقاسما الألعاب
بحكم مجاورة منازلهم ببعضها البعض
هُناك ذكريات كثيرة بذاكرتهم
التي لن تنسى تلك الأيام الجميلة
تحدّث يائسًا
_ بيذبح أمي هذا....
تنهد لثوانٍ قليلة ثم اردف
_ وافي......فيصل ما هوب بزر...وماله داعي كل هالخوف...
أشتّد غضبه ولم يعد هُناك أيِّ سيطرة
تصرفات اخيه في الأوان الأخيرة جعلته لا يتماسك
ولا يُسيطر على تلك الأعصاب التالفة!
_ لا هو هالليام صار أخس من البزر.....صار له سنة.....حابس نفسه بهالشقة ......وحالته حاله...
سكت
ليكمل وافي
_ من توفى صديقة وهو على هالحال....حاولت معه اعرضه على طبيب نفسي جن جنونه......ولا عاد شفته من بعدها...
فيصل_ لا حول ولا قوة إلا بالله
نظر وافي لصاحبه
ثم اطرق متذكرًا
_ يا شيخ نسيت كيف ماخذك معي والليلة زواج أختك؟!
ابتسم ساخرًا
_ خلها على الله .....ذا زواج ذا.....قول لي عزاء يمكن اصدقك؟!
اكمل طريقة وافي في السير
_ استغفر ربك يا عبد الرحمن....
هزّ فيصل رجليه بتوتر
_ كان المفروض يأجلون هالخرابيط ....
وافي وقف أمام الإشارة الحمراء
التفت لفيصل...
_ طيب وفاتن كيف حالتها
بلل شفتيه اليابستين من مرّارة انتظار أمرٌ مفرح يزيح ذلك القلق الماكث على صدره
_ الحمد لله صارت تحرك رجليها وهذا مؤشر إجابي
وافي
_ الحمد لله
اكمل الطريق قائلًا
_ راح اوصلك عشان تلحّق تزف اختك مع عمي...




.....


فوضاء ممزوجة بموسيقى صاخبة لا يسمعها أحدٍ سواه
المكان بدأ لهُ يصغر وجدرانه تقترب منه لِتلتهمه...
حاول الإبتعاد عنها ولكن مازالت تقترب منه دون توقف...ربما تكون
قوة إرادتها في الإقتراب منه وإلتهامه اكبر من إرادته في السيطرة على خيالاته وآلامه..
لن ينسى ولن ينمحي ذلك المشهد من ذاكرته....
حينما نفذت من يديه تلك الكمية...
ولم يتبقى منها شيئًا...
أخذ يتصل لمجموعة الشيطان كما أسماهم
ولم يُجيب عليه أحد....
هُنا شعر وكأنه ضائع....
ولا يدري ما الذي يفعله؟!
يصرخ....
صراخ المستغيثين....
الطالبين للنجدة من تلك العواصف التي لا يشعر بها أحدٌ سواه....
صوته اخترق الجدران وتسلل للشقق المجاورة
وبدأت المضايقات!
الجميع بدأ يطرق باب شقته للإطمئنان عليه
فلا يجب عليهم !
بل يحاول الصمود...
في تلك الزاوية المُعتمة
يحتضن نفسه ويقرفص جسده ويضغط على يديه
ليمنع اختلاجات الألم من الوصول لقلبه...
شعورٌ مميت ....
وأفكارٍ سوداوية!
فكّر بالانتحار...
ولكن لم يكن بتلك الجرأة لفعل ذلك!
همّ بإنزال السكينة على عِرق يده
ولكنه لم يستطع جرح نفسه
بل رمى السكينة بعيدًا عنه وبدأ يبكي وينوح....
فشتاط الألم وتضاعف.....
ويومًا عن يوم ...تزدادُ رغبته في إسكات جوع خلايا جسده بتلك الأُبر السحرية!
زاد جنونه وكسّر الأثاث
كان يبتلع الكثير من المكسنات التي لا تفده.....
وبدأ بتناول اقراصٍ منومة لتزيل آلامه
وما زاده ذلك إلا سوءًا...
فقرّر في الخضوع للعلاج!!
ولكن بدأ الأمر محيّرًا
ومجلبًا للتحرّج والندم...
لن يخبر اخاه ولن يخبر والديه
كيف سيتعالج إذًا؟
في صبيحة يوم الثلاثاء زادت رجفات جسده وتسارعت نبضات قلبه....
لا يعرف كيف صمد لهذا الوقت....
مضى اسبوعان وهو يسارع الموت....وما من مُنقذٍ ينقذه؟!
نهض من على سريره يترّنح ويرتجف
وكأنه في وسط جليد بارد....
باتت الرؤية لديه مشوشة
وبدأت الأصوات تتداخل في بعضها البعض....
وطنينٍ مؤذٍ يتردد في رأسه دون السيطرة عليه!
سقط على الأرض....
زحف على بطنه...
أخذ يزحف....
ويزحف للوصول إلى الطاولة الموضوع فوقها هاتفه النقّال.....
تمكّن من ذلك....
لم يتردد في الأتصال على صاحبه الذي قاطعه لمدة ثمانية اشهر......
تركه بعدما نصحه بأن يترك السُّم الذي يتعاطاه
ولا يقوم بتصحيح الخطأ بخطأ آخر
ولكن ولّه بظهره ولم يستمع لنصائحه...
ضغط على زر الاتصال
واخذ ينتظر رده اغمض عينيه بشدة
في الحقيقة
لم يعد هُناك بياضًا في عينيه
بل نقطة سوداء وما حولها احمرّ داكن
وضباب لا يمكّنه من الرؤية بوضوح
خشي من عدم رد صاحبه عليه....
لم يجب عليه في الاتصال الاول ولا الرابع...
صرخ
انهارت قواه
ركل الطاولة وهو يتلّوى على الأرض اخذ يلعن تركي من أعماق أعماق قلبه....
بكى وكرر ( يماااااااااااااااااااه سامحيني....يباااااااه سامحني.......وافيي سامحني......سامحوني)
وارتفعت شهقاته.....
نظر للمرآه نهض تقدم لناحيتها
اخذ قبضة يده وألكمها وتطايرت الشظايا الزجاجية اخذ
قطعة صغيرة ويداه ترتجفان بشدة
قرّب يده أمام وجهه واخذ يتأملها بحيره
ثم قرّب قطعة الزجاج ولم يتردد هذه المره في انزالها على معصمه ضغط عليها بخفة واغمض عينيه
هذا هو الحل برأيه
دومًا ما يعالج الخطأ بخطأ آخر
وعظيم!
جرح معصم يده
حاول ان يغرس قطعة الزجاج اكثر
ولكن آلام خلايا جسدة والجرح الذي احدثه
زادا من رعشات يده
حتى سقطت القطعة الزجاجية
وعلى سقوطها سقط على الارض وضجّ المكان برنين هاتفه
لم يتحرك
بقى ساكنًا مستلقي على الارض باستسلام وعيناه مغمضتين وصدره يرتفع بشهيق مضطرب وزفير مضطرب ايضًا...
يده بدأت بالنزف لم يكن جرحه عميقًا لدرجة تحقق الانتحار فعليًّا!.
ولكن قلِّة أكله في الأوان الاخيرة واضطراب نومه جعلته يتهاوى ارضًا...
مدّ يده اليُمنى ليقربها من هاتفه الساقط بالقرب من الكرسي
الموجود بالقرب من رأسه...
أخيرًا وصل..
ولكن انقطع الرنين
ابتسم كالمجنون
وبدأ يضحك
تحدّث
_ لازم اموت......لازم....لازم....
حاول النهوض والاقتراب من تلك القطعة الزجاجية
رنَ الهاتف من جديد
والقى بنفسه على الارض مرة اخرى اجاب
بصوت ضعيف
دون ان ينظر لاسم المتصل
_ ألو
اتاه صوت هادىء وجامد في الآن نفسه
_ ايش تبي متصل علي؟!
ابتسم عندما سمع صوته دومًا ما يكون وفيًّا ذلك الصاحب
نزلت دموعه على خده
حاول التحدّث ولكن بدات شفتيه بالاهتزاز وبدأت اسنانه تسك ببعضها البعض
_ اشتقت لك؟!
كان صوته هامسًا يكاد يسمع وكلمته هذه اثارت الشك في فؤاد بندر مما جعلته يقول
_ شكلك تهلوس ومنت صاحي...
ازدرد ريقه بصعوبة ولم يفصله بينه وبين الاغماء سوى بضع ثوانٍ عدّة
_ تعال في شقتي .....
تحشرج صوته واهتزت يداه بشدة
_تعبان.....
سكت لم يجيبه
اخذ يستمع لتنفساته المضطربة
وصوته المقطّع...
اكمل فيصل
_ والله بموت يا بندر تعال.....أنا آسف....ارجوك تـ....
لم يكمل كلمته
حتى سقط هاتفه جانبًا
وارتخى جسده على الأرض مستسلمًا لِمَ سيحدث له

نهض بندر من على طرف سريره
واختلج صدره خوفًا على فيصل
تحدّث سريعًا
_ فيصل.......فيصل رد علي...
خرج مسرعًا من غرفته راكضًا في مشيته
لا يُعبّر أحدًا يخرج من أمامه إلى أن وصل...


.....
_ كيف حالك الحين؟!
لا يُجيبه...
ينظر للفراغ....
شعره مبعثر وغير مرتب
يصل إلى رقبته لِيُغطيها بقوته النعومية من الأطراف
حالك السواد كسواد الأيّام التي مضت عليه...
وذاق من كأسها السم الذي انتشر في جسده!
شعر ذقنه اصبح كثيفًا ومهملًا على وجهه
عيناه منتفختان نسبيًا يحيط بِهِما اللون البني الفاتح...
بشرته جافة تطلب الماء والغذاء الصحي لتتجدد
شاحبة صفراء كأرضٍ جدباء!
وضع يده على كفه
وحاول ان يُلطّف الجو...
_ ما ودّك أحلق لك شعرك!
لا يجيب عليه
أدار عينَيّه من تلك الزاوية وبدأ يُحدّق في السقف
يداه مربوطتان بجانب السرير
تنفسه منتظم....
كل شيء يوحي بأنه مسترخٍ
ما عدا عقله المليء بالانشغالات والندم
تحدّث من جديد
_ فيصل راح اتصل على وافي....
استيقظ من غيبوبة صمته
وارتفعت نبرته رافضًا الأمر
_ لا لا.....لا تتصل عليه.....
سحب بندر يده من على كفه اسند ظهره على ظهر الكرسي
تحدّث لِيُقنعه
_ حرام.......اهلك مره قلقانين عليك صار لك شهر ما كلمتهم...
لم يترك حديثه أي اثرٍ في نفس فيصل
لذا اكمل
_ طيب ايش رايك اكلِّم وافي واقول له انك مسافر معي....لم تخلّص من فترة العلاج.....
تبدو الفكرة تتسلل لعقله وتقفز إليه
نظر لبندر
_ طيب...بس...

بلل شفتيه بتوتر
_ كلمه الحين قدامي ابقى اسمع صوته....حطه اسبيكر

ابتسم بندر واخرج هاتفه
اتصل على وافي....

.....
بعدما اوصل عبد الرحمن
وسلّم على والده عاد ادراجه لسيارته ليكمل البحث عن اخيه
رنّ هاتفه اجاب وهو يقود
_ ألو...

زادت نبضات قلبه
وزاد ندمه وتضاعف
لا يُريد ان يراه احد من أهله وهو على هذا الحال
خاصةً والديه ووافي
تحدّث فيصل مبتسما
_ اخبارك يا وافي
انعطف يسارًا
عقد حاجبيه
_ بندر؟!
نظر بندر لفيصل
_ بشحمه ولحمه
ركن وافي سيارته جانبًا لا يعلم
لماذا ؟!
ولكن يريد أن يُركز على ما سيقوله بندر
فبندر لم يتصل عليه لمدة طويلة
لِم يتصل عليه الآن...
لم يتصل عليه إلا لِأمرٍ مهم هذا ما تبادر لذهنه
_ اخبارك؟
بندر _ تمام انت طمني عنك....
وافي ضغط على عيناه بأصبعينه الإبهام والوسطى ليخفف من ألم صداع رأسه
تنهدأ سريعًا
_ والله تمام.....
فيصل ألتمس نبرة الضيق في صوت اخاه فحاول ان يرفع نفسه ليقترب من بندر
فنهض بندر سريعًا واربت على كتفه وأشار إليه بأن لا يحدث صوتًا ويتماسك
تحدّث بندر
_ نبرتك تقول فيك شي؟
وافي نظر للأمام
_ ما فيني إلا سلامتك...
بندر ركّز عيناه لعين فيصل الذي بدأ يرتجف ألمًا
_ حبيت اخبرك فيصل متصل علي يقول أنه مسافر وما قدر يتصل لا عليك ولا على الوالد يطمنكم عليه طول هالفترة

وافي بصدمة
_ طيب ليش ما تصل علي؟

كذب تلك الكذبة ولم يخبره بأنه مسافر معه خشي من أن يدقق في رقمهُ الخاص ويعلم بانه في المملكة ويفتضح أمرهم بمساؤلاته عن الحقيقة
ولكن الآن الحيرة كيف سيجيب عليه
تردد في بداية الأمر ولكنه اردف
_ حاول يتصل فيكم بس صارت له ظروف وماحب يشغل بالكم فاتصل علي والحمد لله هو بخير

وافي بخوف وقلق
_ احلفك بالله هو وش فيه صاير له شي؟

فيصل عضّ على شفتيه بدأت النحلة تخرج طنينًا فتاكًا في رأسه
تدور....
تزن....
تبتعد ليقل تردد ضجيجها...
ثم تقترب فجأة ليزداد الضجيج الفتّاك لجسده ....

كان يحاول تحرير يديه من رباطهما
وفي الآن نفسه يحاول الصمود!
نهض بندر مقتربًا من الباب
اكمل سريعًا لينهي الحديث
_ والله هو بخير.......ما فيه شي وراح اقوله يتصل عليك اذا كلمته......

وافي بعدم ارتياح
_ على خير
بندر
_ مع السلامة


عاد بالقرب من فيصل مسك يديه
ونظر لعينيه المشتته

_ فيصل تماسك وأنا خوك كلها كم يوم وما راح تحس بهالألم....

لا يجيبه صامت يحاول أن يُرخي جسده على السرير بدلًا من الشّد عليه وجعله كخشبة مسندة على الجدار.....
ارخى قبضة يده اليمنى ومن ثم اليسرى...
اغمض عينيه
وهمس
_ بندر اطلع برآ

اعتاد على هذا الأمر
حينما يتألم فيصل لطلب الأبر
ويبدأ جسده بالهيجان والاهتزازات
يأمر بندر بالخروج لكي لا يراه وهو على هذا الحال السيء
فيخرج بندر إلى ان تهدأ عواصف صديقه ويعود للإطمئنان عليه....



.
.
.
.
فستانٌ ابيض
وحذاء لمّاع كحذاء سندريلا
تصفيفة شعرٍ بسيطة أظهرت كثافته ونعومته دون عناء
وبعض اللمسات السحرية من المساحيق التجميلية
تُزيّن وجهها المليء بعلامات الجمود.....والتعابير المبهمة!

تمشي بخطوات طرق حذائُها على الأرض لِتعلن عن حضورها للجميع....
رفضت الخروج في الزفة ووبختها والدتها لمعاندتها في عدم الخروج امام الجميع...
والآن دون سابق إنذار
ودون ترتيبٍ مسبق
تظهر لهم بالشكل الذي لا يُلائم العروس في ليلة زفافها
تمشي بِلا مبالاة
ينظر إليها الجميع بتعجب؟!
رغم أنّ جميع من حضر من عائلتهم والقليل من المعارف البعيدة ...
ولكن المكان كان مزدحم نوعًا ما....
احرجت والدتها بفعلها الطائش
دخلت وكأنها شخص ليس لهُ اهمية في الحضور
تمشي بِخُطى متسارعة....
ونبضات قلبها المتسارعة هي من تزفها في وسط صمت الجميع...
تقدمت والدتها أمامها
كانت ستصفع وجهها ولكن
شدّت على يدها وضمتها باليد الأخرى
أما هي قبّلت جبين والدتها
وتداركت الأمر
سارا شقيقة فهد زوجها حينما قامت بتشغيل
موسيقى هادئة لتخترق الصمت كزفة لرهف
ولكن بعد ماذا؟!
بعدما وصلت (للكوشة)
لم تتحمل والدتها هذا الحرج
وخرجت للغرفة الخاصة للعروسين
اخذت هاتفها
وهاتفتْ زوجها
بعصبية
_ محمد بنتك استخفت دخلت على المعازيم بدون زفة وبدون لا قولي ....دخلت علينا مدرعمة.....فشلتني.....فشلتني قدام خلق الله ...انا عارفة ما بتعدي الليلة على خير ......فزفوا فهد وخل ياخذها ....قبل لا تسوي شي وتحرجنا زود....

كان واقفًا يصافح من اتى وتعنّ لزواج ابنته
ويُّرحب بهم إلى ان شعر باهتزاز هاتفه فاخرجه من جيب ثوبه
ابتعد جانبًا عن همهمات البعض والاصوات المرتفعة
اجاب على زوجته فانهالت عليه متذمّرة لفعل رهف الطائش
وخائفة من أن تتصرّف بجنون
لا يستطيع ان يقول لها سوى
( طيب .....طيب)
لكي لا يُزيد النار حطبًا وتشتعل ويتسع مكان اشتعالها...
اغلق هاتفه وذهب لأخيه أبا فهد همس في اذنه
فنهض الآخر مقتربًا من ابنه
معلنين عن موعد زفته على عروسه!
....
ارتفعت اصوات الاغاني تصدح في المكان
ومنهن من نهضت ترقص بخفة بحركة اليدين لتزيل
التوتر الذي عمّ على المكان...
حتى صعد العديد منهن بالقرب من رهف وبدآ بالرقص....
اخذت سارا بيدي رهف لتجبرها على الرّقص
فاخذت رهف تتمايل بجسدها يمينًا ويسًار بشكلٍ غير ملحوظ
ووجه عابس وكئيب
اقتربت سارا من اذن رهف
فهمست
_ رهف ابتسمي ........الليلة ليلتك.....ومن حق فهد يشوفك فرحانه.....لا تخربين فرحته
ثم نظرت لعيناها وهي تتمايل وما زالت تجبر رهف على الرقص
أحاطوا الفتيات رهف وقاما بالرقص حولها وهي في وسطهن
ارتفعت اصوات الزغاريط....
وبدأت اجواء الزواج ملحوظة....
دخلت والدت رهف ونظرت لأبنتها
فارتاحت نوعًا ما...
لكن صعدت لتمسك الميك روفون لتعلن عن دخول العريس
فنهضت رهف سريعًا وكأنها تريد الخروج
ولكن من حسن الحظ
أنّ عليا أخت فهد الكُبرى بجانبها
امسكتها من يديها ولاحظت والدتها
صرامة ابنتها في الخروج
تحدّثت عليا بهمس
_ رهف منتي بزر مثل ما دخلتي بجلسين لم يدخل فهد وتطلعون مع بعض....
رهف لم يبقى سوى ثانية وتسقط دمعة من عيناها
عليا بصرامة
_ اقسم لك بالله فاتن......ما راح ترضى باللي تسوينه....وهي بتقوم بالسلامة وبقول لها عن جنانك......كلنا نحبها مو بس انتي
ثم نظرت لاضطرابها وتجمّع الدموع في عيناها
_ اقول هدي.....اخذي نفس عميق وخلك واقفة هنا....انا راح اطلع لانه اخوك عبد الرحمن بيدخل......لا تصيرين بزر....ترى خالتي ام عبد الرحمن ما تستاهل انك تفشلينها قدام الجماعة....
هدأت العواصف قليلًا
ثم خرجت عليا
بقيت لوحدها واقفة تنتظر فهد في الدخول
اقتربت والدتها منها شدّت على يدها وكأنها تُطمئِنها ثم تركتها.....
لم يأخذوا سوى خمس دقائق حتى دخل فهد ووالده والدها واخاها.....
طأطأت برأسها خجلًا ....
وازدادت نبضات قلبها خوفًا
عيناها تدمع لعدم حضور فاتن لزواجها
ولعدم احترام رغبتها في تأجيل الزواج ...
لا تشعر بانها عروس...
ارتجف جسدها بشكلٍ غير ملحوظ حينما اختلجتها نوبة بكاء.....
لم تشعر إلا بقبلة فهد لها
وامساكه ليدها....
هُنا استيقطت وسحبت يدها بخفة....
احترم موقفها ولم يُعلّق
اقتربت من ابيها واحتضنته وبكت
والدتها تنظر لها ولم تترد هي الأخرى في السماح للدموع بالجريان....
طبطب على ظهرها والدها وحاول ابعادها عن جسده
همس لها
_ يبه رهف اهدي...
اقترب عبد الرحمن منها ووضع يده على ظهرها ومسح عليه وهو يقول
_ رهف.....اهدي
فهد لم يستطع فعل شي
بينما ابا فهد اقترب منها
قائِلًا
_ رهف وانا عمك اهدي....
وحبّ ان يحرجها
_ ما راح تسلمين علي؟!
اخيرًا رفعت نفسها من احضان والدها
وجهها مليء بالدموع
وتحت جفنها خطٍ اسود لكحلها الذي راقص دموعها فانسابه معه .....
قبّلت رأس عمها وطبطب على كتفها
اتت سارا إليها سريعًا حينما رأت شكلها المبهذل
بعدما ارتدت عباءتها وحجابها والنقاب ....
صدّ عبد الرحمن واقترب من فهد
لكزه في جانبه هامسًا
_ تحمّلها الليله
فهد ينظر إليها بحيرة
_ لا توصي حريص
مسحت سارا الكحل المنساب على خديها رتبته سريعا بالمنديل ...
اقترب والد رهف من فهد صافحه
فقبّل فهد رأسه
_ مبروك يا فهد ما وصيك عليها
ابتسم فهد
_ الله يبارك فيك...رهف بعيوني يا عم
ابتسم ثم نظر لأبنته
وخرجوا بعدها
وبقيت رهف وفهد مع بعضهما البعض
ارتفعت الزغاريط وأتت والدت فهد ووالدت رهف وعليا وسارا ومن هم مقربين بجانب فهد ورهف
اكملوا فرحهم ....
ثم حان موعد الذهاب للفندق!
خرجت رهف وفهد في سيارتهما الخاصة الذي يقودها بكر الأخ الاصغر لفهد...

بعدما دخلا واغلقا ابواب السيارة
قال بكر
_ مبروك يا عرسان...
رهف بدأت تتوتر اكثر فأكثر
وفهد كذلك فتوترها ينتقل إليه بسرعة
وبكر بدأ يتحدث....ويمازح اخيه.....متناسيًا بأن هذه الليلة هي ليلة زفافه
طبيعة بكر
المرح
واستخفاف الدم
الذي يراه فهد ثقل دم مملوء بالسماجة
ولكن الآن حديثه مع اخيه خفف من الاجواء المتوترة
بكر وهو يقود
_ وش تبون أحط لكم اغنية فيروز....ولا اغنية ام كلثوم.....ولا عبد الحليم حافظ لأنه صوته رومنسي ويناسب في مثل هذي الاجواء.....

فهد ابتسم ولم يعلّق
اما رهف بدأت تفرّك يديها بقوة

بكر لم يسكت أبدًا
_ والله الأيام تمر بسرعة منو يصدّق رهف الكشة الدبة تكبر وتتزوج اخوي....

هنا تحدّث فهد بدافع الغيرة والعصبية
_ كأنك بديت تقط خيط وخيط ....ويّه وجهك.... اسكت بس

ضحك مستفزًا اخاه
_ هههههههههه احلى احلى اللي يغار.....
فهد_ يزينك وانت ساكت
رهف انحرجت وتذكرت سريعًا تلك الأيام حينما كانوا صغارًا
هي بالعمر الثامنة وفاتن العاشرة وبكر الحادي عشر
كانوا مكونين فريقًا لا بئس به للعب مع الصغار في الحارة
وبكر لم ينسى كما هي لم تنسى تلك الأيام الجميلة
ولكن كبروا وافترقوا بعدما اصبحوا مكلّفين بالتعاليم الشرعية
اوصلهم وحينما فتح الباب لأخيه ابتسم
قائلًا
_ موفقين يا عرسان......وعقبالي ان شاء الله
ضحك فهد بخفة
_ لم تتخرج
بكر يمثل الحزن
_ الله كريم ....آخرتي بزوج مسيار من وراكم

نظر إليه فهد بحدة صوته
_ سوها وشوف من يجلدك غيري

بكر بضحكة_ ههههههه قلت بزوج ما قلت بـ....
قاطعه فهد وهو يدفعه من امامه
_ ......ضف وجهك...
بكر غمز لأخاه
_ الأخ مستعجل....
انحرجت رهف بقيت كالصنم جالسة تستمع لهما دون اي حراك للخروج من السيارة....

هرب بكر يتقهقه بعدما حاول فهد ضربه بيده

_ انتبه انت معرس ما يجوز لك تركض ببشتك وتلحقني

فهد شدّ على اسنانه
_ الوعد بعدين يا كلب...
ثم انحنى ليساعد رهف في النزول امسك يدها المرتجفة

وهمس لها قائلًا : هاتي يدك...

تبدو متوترة للغاية, خائفة ربما أو أنَّ الحُزن سيطر عليها لِيُفقدها فرحة تلك الليلة التي لن تُعاد مرةً أخرى...

استجابت لِأمره بعد مرور عشر ثوانٍ...
مدّتها إليه وهي تحاول السّيطرة على تقلّبات الجو المحيط بِها...
سحبت فستانها ومن ثم شدّت على عباءتها وقام بمساعدتها في رفعه قليلًا عن الأرض!
نظر إليه أخيه بكر مبتسمًا بسخرية على حال فهد الذي يحاول رفعه دون ان يُظهر أي جزءٍ ولو بسيط من ساق زوجته
وهي أيضًا
كانت حريصه على ذلك!
إلى أن دخلا في الفندق وتوجها ناحية المصعد ...هُنا...انزل فستانها
وتحدّث ملطفًا للجو المشحون بينهما بالتوتر: ما كان له داعي تعذبين نفسك وتلبسين فستان ضعف وزنك إلا شكله ....ثلاثة أضعافه......أنا مادري كيف متحملته..زين ما صحتي به....
حدّقت بالأرض.....وطأطأت برأسها خجلًا
فعلًا الفستان ثقيل لِقُماشه الجيّد والمليء بالنقوش والخرز وغير ذلك من الزينة
التي أضافت عليه جمالًا يُزيد من جمالها الطبيعي الذي قد نفقده في زمننا الحالي!

نظر إليها ....وخمّن أنه أفسد الأمر بدلًا من أن يُصلحه
ويخفف عنها أجوا التوتر والحزن على أختها.!

انفتح الباب خرجا لم تكن الغرفة المخصصة لهما بعيدة
مشيا في الممر بخطواتٍ ابطأها ثقل فستان رهف

حلّ الصمت عليهما ووصلا أمام الباب مرّر فهد البطاقة لِينفتح الباب
دخلا...
وأزاحت رهف الغطاء من على وجهها ورأسها
وجهها محمر خجلًا وتوترًا وألمًا !!
تبدو مضطربة أكثر مما ينبغي
احمرّت يدها اليُمنى من شدّت فركها لها بيدها اليسرى!

تقدم فهد لناحيتها وامسك بيدها
قائلًا: هنا الغرفة

تركت يده ومشت بخطواتٍ سريعة......حتى جعلته ينظر إليها بتعجب ...
حينما دخلت الغرفة جلست على طرف السرير وأزاحت من على رأسها التاج الصغير
الذي أعطى شكلًا جذابًا لشكلها....ولشعرها الأسود خاصة!

هُنا رهف.....عرّت نفسها من الصمت ...ومن الكِتمان...
نزلت دموعها على خديها ......بكت....ولم تتردد في إظهار صوت شهقاتها!

فهد أفسد عليها فرحتها لهذا الليلة بسبب تعجّله في تقديم زواجهما

كم خططت لهذه الليلة خططًا جنونية بمشاركة اختها فاتن
أين أنتِ يا فاتن؟
لم أزيّن سور منزلنا بالورد الجوري كما خططنا
لكسر الروتين في هذا الزواج ونفعل أمرًا جنوني!
لم أشتري الفستان الذي أردته ...
لم أرتدي الحذاء الذي اخترتيه وأجلّنا شراؤُه فيما بعد....
لم أرقص معكِ على الأغنية التي تحبينها....
فهد أفسد كل هذا....بتعجله.....وجنون إصراره...
ولكن لن أقبل في أن يتعدى حدوده معي أكثر .....
لا بد ألّا يتجاوز الحدود الذي سأضعها أنا!!

ها هو الزواج قد انتهى.....والعروس باتت تتلوى حسرةً على دمار ما خططت عليه!
فاتن ليست أختًا فقط
بل أمًا رغم أنّ فارق السن بينما
ليس كبيرًا
فاتن اكبر من رهف بحوالي سنتين ولكنها مختلفة في التفكير
والفهم تبدو اكبر من عمرها لسنوات عدّه...
بسبب عقلها الذي (يزن بلد) كما تقول لها والدتها!
وهذا ما يرانه فيها!
اقتنعت رهف في قبول أمر خطبتها من ابن عمها فهد لأنها في ذلك اليوم كانت مترددة ما بين الرفض والقبول...

والسبب لم يكن إلا......




رهف بغضب: ما راح أزوّج إلا لم تزوجين أنتي...
وضعت يداها على خاصرتها وفتحت عيناها بتعجب رافعة لحاجبها الأيسر بحنق: لا .......أحلفي بس.....طيب أنا ما أبي ازوج الحين.....وراي إنجازات عظيمة ...ما بعد أنجزها.....
(اردفت كلماتها الاخيرة بسخرية واضحة)
ثم اكملت: لا تفكرين كذا....عارفة عمرك صغير بس ما راح تحصلين زي فهد يحبك ومتقدم لك ثلاث مرات.....بس عشان توافقين .....قالوا لك خطبة بعدها يصير كل شي وفي زمنا هذا ....اللي كبرك عندها قردين....(وأشارت بأصبعَيها كعلامة النصر مازحة)

رمت رهف وسادتها على اختها لِسذاجة حديثها
دومًا ما تتحدث بهزل ومزح ولكن على طريقةٍ مُقنعة
بالنسبة إليها ...

ضحكت فاتن حتى تحدثت رهف: المفروض تقولين الكلام هذا لنفسك.....أنا بعدي ما شيّبت....

فاتن تمثل الصدمة : اووووه مااااااااي قااااااد.......انا عجوز يعني؟!.......خلاص راحت علي.....

ثم غمزت لرهف بجنون: بس انتي ما راحت عليك...

يبدو الحديث عقيمًا مع تلك البلهاء
ضربت برجليها على الأرض بحنق: أوووه.....فاتن والله اتكلم جد....

تقدمت فاتن بجانبها وتحدّثت بجدية الأمر: والله ما امزح معك انا اتكلم بعد جد......ما عليك مني لا ترفضين...عشاني اكبر منك....وما تزوجت على قولتك
انا لو أبي ازوّج كان تزوجت ووافقت على اللي يتقدمون لي....بس انا ما ابي الحين...

رهف بتدخل سريع: طيب ليش؟؟؟

فاتن سكتت وغاصت في سرحانٍ طويل
ثم أردفت بعدها: عندي قناعات ثانية من ناحية فكرة الزواج ما راح تقتنعين أنتي فيها

رهف بصوت مرتفع:: أجل ليش تشجعيني على الموافقة؟......قولي لي قناعاتك يمكن بعد أنا اقتنع فيها
ثم نظرت لها بطرف عيناها: أنتي متناقضة مرآ...

فاتن بابتسامة: أدري
رهف نظرت للسقف بملل: يا الله.....
فاتن بضحكة: هههههههههه طيب لا تموتين علينا.......أنتي تبين تزوجين بس حاطتني أنا مثل الحصا في وجهك....قلت لك أنا ما راح ازعل لو تزوجتي يا غبية......وعارفة كمان أنك تحبين فهد يا كلبة.....

رهف نهضت سريعًا من على طرف السرير صارخة تُشير إلى نفسها:.....أناااااا.......أنا.....
فاتن تقلّد صوتها وهي تشير لنفسها: لا أجل أنا....
رهف عادت في مكانها سحبت هواء عميق لتنفخ صدرها به
وترز عُنقها قائلة بتكبر: لا تجلسين تألفين من عقلك يخسي....أنا أحبه......

فاتن غرقت في ضحكٍ طويل ناهضة ومتجه لباب الغرفة لتهم بالخروج
ختمت ضحكاتها بجملتها: هاللي تقولين عنه يخسي بكون زوجك بكره يا حلوه....باي...
لوّحت بيدها في الهواء ثم خرجت!!!


...

امسك أكتافها بذعر وخوف: رهف وشفيك؟؟؟
استيقظت من ذكرياتها
نظرت لفهد بكره أو دعونا نقول نظرة غضب ثم صرخت
في وجهه: ما أبي اشوفك......بعد عني.....لا تلمسني.....بعد اطلع برآ.......وخّر......

ابتعد قليلًا عنها ثم اشار لها بيديه: طيب هدي......هدي بس....لا تبكين...هدي نفسك...
رهف وكأنّ السّد قد انفتح ليجري الماء من خلاله بسرعة
ليصل إلى اللانهاية من جريانه السريع
هي كذلك نهضت لتسمح لكلماتها في الانهمار كالسيل بِلا توقف
وبِلا رادعٍ قوي: أنت هدمت كل شي......كل شي......أنت أناني يا فهد.....أناني.....(مسحت دموعها سريعًا دون أن تشعر وتراعي شكلها المبهذل).....هااا.....عساك انبسطت في الزواج......بس ....ألف مرة قلت لك......ما راح أقبل.....أزوّج وأختي مو معي.....ولا هتميت....انا حزينة لأني أخذتك.....وهي بعد حيوانه......

ثم ارتفع صوتها بشهقات متتالية: اقنعتني أوافق عليك....واقنعتني أنها بتكون معي....وبتجي....معي هنا تساعدني في شيل الفستان عشان ما اطيح على قولتك......ونسوي فيك مقلب ونبدّل بين الغرف اللي جنبنا......اهىء اهىء....بس هي نامت.....نامت نومة اهل الكهف....
وأشارت إليه: وأنت صرت زيها أناني
رهف
لو تعلم أنها تتحدّث بطريقة غير عقلانية بكلمات غير مرتبة وجمل متداخلة ومبهمة....لصفعت نفسها!

ألجمت فهد بوابل كلماتها هذه ولكن لم يظهر تأثره لهذه الكلمات
نهض وأزاح عن جسده (البشت) الأسود اقترب منها وتراجعت هي آلاف الخطوات للوراء
بجسدها المرتجف وشعرها المبهذل ووجهها الغارق
بلون كحلها الأسود تقدم إليها وهي تراجعت للوراء
مرة اخرى!
صرخت به مشيرة إليه: اطلع برآ .....اهىء اهىء....انقلع عني....
لم تحرك به شعره واحده صرخاتها بل تحرّك خطوتين للأمام لِيقترب منها اكثر
وأخيرًا اصطدمت بالجدار ولم يعد هنا مفرًا للهروب منه
وضع يديه على كتفها
وتحدّث: فاتن صادقة لم قالت لي انك طفلة ولازم أدير بالي عليها...
رفعت رأسها بسرعة وابعدت يديه عن اكتافها
اكمل بابتسامة: فاتن قالت لي أقدّم لك هالشي في زواجك!
أخذته منه
وهي غارقة في هاوية السرحان
وعدم اللاتصديق
تحدث لِيكمل: فتحيه!




انتهى






اتمنى ارى تفاعلكم




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-17, 02:43 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


رواية

لُجَّةُ الذكرياتِ


(البارت الثالث)


نهض وأزاح عن جسده (البشت) الأسود اقترب منها وتراجعت هي آلاف الخطوات للوراء
بجسدها المرتجف وشعرها المبهذل ووجهها الغارق
بلون كحلها الأسود تقدم إليها وهي رجعت للوراء
مرة اخرى!
صرخت به مشيرة إليه: اطلع برآ .....اهىء اهىء....انقلع عني....
لم تحرك به شعره واحده صرخاتها بل تحرّك خطوتين للأمام لِقترب منها اكثر
وأخيرًا اصطدمت بالجدار ولم يعد هنا مفرصا للهروب منه!
وضع يديه على كتفها
وتحدّث: فاتن صادقة لم قالت لي انك طفلة ولازم أدير بالي عليها...
رفعت رأسها بسرعة وابعدت يديه عن اكتافها
اكمل بابتسامة: فاتن قالت لي أقدّم لك هالشي في زواجك!
ثم أخرج ذلك الشيء من جيبه
وهي غارقة في هاوية السرحان
وعدم اللاتصديق
تحدث لِيكمل: فتحيه!
فتحت العلبة الصغيرة ذات اللون الأبيض المرّقط بالأسود
نظرت لِمَ بداخله
فـوجدت خاتمًا صغيرًا معلّق بطرفه ورقة صغيره
سحبت الخاتم من داخل العلبة ونظرت إليه!
زمّت شفتيها وترقرقت عيناها بالدموع
ذلك الخاتم هو
الخاتم الذي طلبته منها في إحدى الأيام
من أجل ارتدائه في حفلة ميلاد صديقتها!

تحدّث فيصل بهدوء: فتحي الورقة واقريها

رهف لم تعد قادرة على ضبط مشاعرها
لذا خضعت لأمره تحت تأثير صدمتها
فتحت الورقة المطوية بيدَيْن مرتجفتين
تساءلت بينها وبين نفسها طويلًا
متى أعطت فاتن العلبة لفهد؟!
هل كانت متوقعة لكل ما سيحدث لها؟!
نظرت لِم كُتب في الورقة
كانت الورقة مملوءة برسم القلوب الصغيرة حول جملة اجبرها فهد على قراءتها
فقرأتها بعدما استوعبت كل هذا بصوت باكي: (يخسي أحبه هااا......المهم مبروك يا طفلتي الحلوه)
وختمت جملتها
برسم وجه صغير مُخرج لسانه من فاهِهِ!
لم تتحمّل رهف كل هذا الضغط النفسي
ودّت لو حدث لها كل ما حدث لفاتن
لِتبقى كالتمثال على السرير دون حِراك
دون ألم ....دون أي شعور!
رمت الورقة واحتضنها فهد
مسح على شعرها قائِلًا: كان بإمكانك.......تسوين كل اللي خططتوا عليه....عشان تسعدينها.....لم بكرا تقوم بالسلامة .....وقولين لها كل شي.......هالعلبة .....عطتني إيّاها من بعد ما ملكت عليك بالضبط......وقالت لي لا تفتحها إلا في زواجكم.......بس ما اكذب عليك ذبحني الفضول إلا اعرف وش كانت حاطه فيه.....وفتحته وقريت الورقة.....ما تعرفين قد إيش انبسطت أنه افضحت مشاعرك تجاهي.....

ثم ابعدها عن حضنه ونظر لعيناها الغارقة في الدموع: فاتن شاركتنا الفرحة هالليلة بها المقلب اللي حبت تعمله لك بس ما ضبط........وأنتي قلبتيه بكى.......
رهف ارتفعت شهقاتها بِلا توقف
فهد شد على يدَيْها لِيكمل: والليلة كان لازم تشاركنا بأجواء الفرحة ....فقررنا أنا وعبد الرحمن نخبرها بهالمناسبة......ونحط زينة بسيطة داخل الغرفة الخاصة فيها.......حطينا ورود منوّعة........لمبات صغيرة بألوان مختلفة........ما قدرت أدخل واساعد عبد الرحمن في التزيين.....لأني مو محرم لها.........والحلو انها حركت يدها اليوم ......ما تدرين يمكن بكرا تجلس!!.....وقول لك مبروك ....
رهف بغصة وبحة بكاء: إن شاء الله ........إن شاء الله...

نظر لعيناها : صدقيني فاتن راح تطقطق عليك لم تقولين لها وش سويتي بزواجك.....
بكت أكثر وارتمت بحضنه
دفنت رأسها في صدره
لِتفرّغ ألمها لفقد اختها
ربما بالغت كثيرًا ببكائها
أمامه!
ولكن فاتن لم تكن أخت فقط
بل أم ...
وصديقة....
وكل شيءٍ جميل في هذه الحياة بالنسبة لها

ابتسم وطبطب على ظهرها مهونًا عليها
فراق اختها
كان على يقين أنه فراق مؤقت وسيزول بمجرد إفاقتها
من غيبوبتها
ومحسنًا ظنه بالله
على أنها ستعود كما كانت فاتن
الفتاة الطيبة ذات الفلسفة والمقالب الغير منتهية

....

الوقت يمضي كسرعة البرق أو أسرع من ذلك
تحاول أن تسبقه فيسبقك من حيث لا تعلم
مرّ الزمن ودارت الأيام وتسارعت السنون...
وكل ذلك يؤدي في إمضاء عددٌ من السنين التي لا يمكن أن تعود...
لم ينسى, ويحاول ان يتناسى خسارته التي اقسمت أن تكسر ظهره وتجعله يتراجع ألاف الخطوات للوراء
لم ينسى كيف انهار والده حينما تلقّى خبر خسارة تلك الصفقة!
وجنّ جنونه....
كانت صفق مُربحة كما خططوا......ظنوا أنها ستكون خطوة للصعود في سلِّم الرّبح الزاهر.....لآلاف الخطوات ولكن لم ينظروا للفجوات الصغيرة التي تختبأ في جانبيها!
تلك الفجوات هي من أوقعت بِهم في خسارة كبيرة
ومُخجلة!
حاولوا سد فجوات خسارتهم فلم يستطيعوا فتكاثرت عليهم الديون من كُل جانب!
لم يتحمل والده فأُصيب بجلطة أدّت به للهلاك والموت
وهُنا عانى كثيرًا ....
بدأ من حيث ما بدأ بِه والده
بدأ من الصفر تحمّل مسؤولية اخاه الذي يبلغ من العمر خمسة عشر سنة وأخته التي تصغرهُ بسنتين
والدته توفيت قبل كل هذا بسنوات عدّه
وزوجة أبيهم ما زالت باقية معهم في المنزل ولم تذهب
لبيت أهلها لديها توأم ذكور يبلغون من العمر سبع سنوات
علاقتها جدًا طيبة مع أبناء زوجها فهي وعدت ابنت زوجها على ان تبقى معهم وألّا تتزوّج أحدًا من بعد أبيها!
مهوِّنَ عليها فقد والدها
بينما (هو ) لم تكن علاقته بزوجة أبيه طيِّبة ودومًا ما يخلق
بعضًا من المشاكل والمواقف التي كان يظن أنها ستكون سببًا في الخلاص منها ويتم طلاق أبيه منها بشكلٍ أبدي
في المقابل هي مُحسنة التعامل معه رغم جميع المواقف التي قد تضررت منها بسببه!
ولكن بعد خسارة أبيه بدأ يستيقظ من سباته العميق
وبدأت تتجلّى من على عيناه تلك الغشاوة الماكرة
حتى إن لم يكن يحدِّثها
أحسن معاملته معها!
يشعر بثقلٍ كبير في صدره...
بدأ يكافح ويجاهد نفسه في سِداد الديون
فاضطر بأن يلجأ في بيع بعض ممتلكاتهم الغالية على قلبه
باع مزرعتهم الواسعة المليئة بالمحاصيل الزراعية الواقعة في جنوب المملكة
وباع فللهم الثلاث الموجودة في الخبر....
وباع ايضًا محلّ الأجهزة الإلكترونية!
لم يبقى لهم سوى فلتّهم والشركة
سد فجوات الديون بعد ما باع تلك الممتلكات
لم يكن راضيًا على بيعها بل لم يجد قرار صائب غير
ذلك فباعهم مجبرًّا وإلا سيُسجن
وستسوء أحوالهم....
وبعد كل هذا
استهلك طاقته في العمل على الشركة وحاول في إيصال الماء لجذورها من جديد لتنمو وتخضر بدلًا من هذا الاصفرار المحيط بها!
لم يكن الأمر في غاية السهولة
إلى الآن ما زال يعمل ويحاول
ألّا يُخدع كما انخدع والده
في صفقته...
كان أكثر حرصًا على إنشاء العلاقات التجارية بحذر يدقق في أصغر الأمور و أتفَهُها!
لم تعد الشركة كما كانت!
خسرها في لحظة بينما إنمائُها من جديد يحتاج لسنوات عدّة ...

السنة هذه هي السنة الثانية
لِذكرى وفاة أبيه وخسارته!

خلال هذه السنة بدأت الشركة نوعًا ما تعود قليلًا كما كانت
ويستطع من خلالها سداد حاجاتهم الضرورية
من سداد فواتير ....
وشراء ملزمات المنزل
وغير ذلك من احتياجاتهم المهمة من مأكل ومشرب!!!

كان حريصًا على (القَّرْش)نفسه.......من اجل إنماء جذور شركته!


صَبّ جُّل جهدهِ في إرجاع أموالهم التي خسروها
ولكن أهمل جانب آخر
جانب كان عليه أن يهتم به أكثر من اهتمامه بالشركة والمال نفسه!
أخاه المراهق
نسِيَ بأنه بحاجة إلى أب خاصة في هذه المرحلة العمرية
يصرف عليه
يسأل عنه (هل أتى للمنزل فقط)
يهتم بمصاريفه
ولكنه لم يهتم بأن يكون بجانبه وأن يُصاحبه!
!!
لاحظت زوجة أبيه بعض الأمور التي لا تبشر بالخير
تظهر عليه بوضوح!
رائحة الدخان دومًا ما يأتي من الخارج وهي عالقة في ملابسه
كثرت انشغاله في هاتفه لساعات طويلة
وخروجه من المنزل بكثره وبقائه لفترات طويلة والعودة للمنزل في وقت متأخر
وكثرت تغيِّبه من المدرسة والنوم والسهر!
حاولت التقرِّب منه
وتجعله يتحدّث إليها ولكن يبدو أنه أكثر صلابة وعناد
يصرخ يشتمها حينما تسأله...
ويختم حديثه بنبرة صارمة (مالك دخل فيني انقلعي بيت اهلك)
اعتادت على شخصيته الطيبة السموحة والمؤدبة
ولكن انقلب كل هذا رأسًا على عقب
بدأت تشك به أكثر حينما ترى بعض الندبات في مناطق تجلب الريبة!
لم تكن ندبات ضرب أو من هذا القبيل
هُنا عرفت أنّ (خالد) لم يعد خالد الشاب التي تعرفه
الطموح المحافظ على صلاته أكثر من أخيه(يزن) لكن الآن
انقلبت الأمور وتبادلوا الأدوار لكن خالد يبدو أنه غرق في وحلٍ لم يغرق فيه يزن كما اتضح الامر لها!
فقررت ذات يم أن تُخبر يزن بالأمر
كانت مترددة، وخائفة
تحدثت بجدية الامر واهميته: اسمع يزن.....أنا كان ودي اقولك من البداية بس خفت أظلم خالد بس......الحين ما فيه مجال للشك لأنه صار يقين!......أنا ملاحظة عليه هالشي من حوالي أربع شهور!!
يزن صُعِق لِسماعه لكل هذا القرف
ضرب بيده على الجدار وهمّ بالخروج من المكتب ولكن اعترضت طريقة مُشيره إليه بيديها : يزن......أهدأ.......قبل.....لا تروح له......أنت معصب....حاول أنك ماتضـ...

قاطعها بصراخ عالي: تبيني أحطه في حضني.....وأقوله عفيّه عليك شاطر كفو.....سواتك طيبه......وما هيب شينة...
أخذت نفسًا عميقًا : أنا ما قلت تقول له كذا.......بس هو مراهق وإذا بتروح له وأنت معصب راح تضربه واذا ضربته وعاندته....
وبمشاعر صادقة أكملت: أخاف نخسره

لم يُلقي لها بالًا
بل تقدم خطوتين للأمام لم يسمع لِم قالتهُ
بل ركّز على صوته الداخلي الذي يحثه على الهجوم
على خالد وتلقينه درسًا مهمًا في الآداب وعقوبة من يفعل
ما حرّم الله!

أسندت
ظهرها على الباب لتمنعهُ من الخروج
لمعت عيناها بالدمع: حلّفتك بالله ما تضربه

يزن لا يرى أمامه سوى صورة أخيه في مواقف لا يُريد أن يراها في الحقيقة لكي لا يُجرم بحقه
سحبها بقوة من على الباب ولم يُراعي ضعف جسدها
حتى سقطت على الأرض كالريشة لخفة جسدها
صرخ في وجهها بعدما ابعدها عن الباب: مانتي بأمه عشان تخافين عليه هالكثر
تأوهت عندما ارتطم جانبها الأيسر على الأرض
وبكت لحديثه هذا اكثر من ألمها الجسدي!
فتعجت واستيقظ لِم فعله بها
نظر إليها وازدرق ريقه خشي من أنّ مكروه قد أصابها
لسحبته العنيفة لها
تقدّم ليُساعدها على النهوض
ولكنها نهضت سريعًا وابتعدت عنه قائلة
بصوتٍ يدل على كمية مشاعرها المكبوتة وقهرها: هو صدق مو ولدي.......بس هو وأنتم عيالي رضيتم ولا ما رضيتم......الأم اللي تربي مو اللي تحمل وتولد .......

نزلت دموعها على خديها فاكملت: صدق أني اكبر منك بسنوات قليلة ......ومستحيل أجيب ولد كبرك.....بس عمري ما حسبتك غير انك ولدي!!....ومن لم تزوجت ابوك كلكم حسبتكم اعيالي رغم صغر سني.....وخالد كان أكثر واحد قريب مني خاصةً ذاك الوقت عمره صغير وتقبل وجودي بسرعة ......فعشت معه طفولته........وربيته.....ووتين بعد ربيتها وتقبلّتني.....صرت لهم الأم .....هم عيالي ربيتهم.....من صغرهم ....أبوك وصاني عليكم ......وصاني لآخر نفس ألتقطه....وما نيب مستعدة اخسر واحد فيكم....

يزن اخرسها حديثها وتفاعلها
بالحديث ودموعها المنهمرة على خديها بلا توقف
ألجمته....
وصدمته ...بلع ريقه
وبقي ساكنًا يستمع لها وينظر إليها بدهشة كبيرة
أكملت : وتين كبرت وصار عمرها الحين 13سنة وهي تحت عيني أقدّر اهتم فيها واشوف وش محتاجة وإيش اللي مضايقها......بس خالد ما صرت اقدر عليه كان أبوك الله يرحمه........مهتم فيه معطيه من وقته الكثير ....والحين...
اشارت إليه: جاء دورك تعطيه الاهتمام اللي فقده من أبوك...
اقتربت منه قليلًا وبرجاء: ارجوك......كلمه بهدوء....لا تضربه......ولا تعاقبه ....عقاب ما يتحمله....مثل ما أنا تعاقبت....

0عقاب0 تلك الكلمة
محرّك بحث لعقله
ليمر شريط الذكريات أمام عينيه لِيُريه بعضًا من المواقف التي تبيّن له ما حدث له طيلة السنة الماضية
والتي تجزم انها عقوبة له يستحقها بجدارة
لِمَ فعله؟
يا ترى ماذا فعل!

سكت لا يدري ماذا يقول حديثها
اهتمامها بهم دموعها
ربكتها في الخوف على خالد ورجائُها منه لكي لا يضربه
كل هذا أحدث في عقله ضجّ وشتات
ولكن أثارت فضوله حينما قالت (مثل ما أنا تعاقبت)
فقال لها بحدة صوته المبحوح: تعاقبتي؟!......
ثم تقدم خطوتين للأمام دون أن يرمش بعيناه: من عاقبك.....وليش تعاقبتي؟
شتت نظراتها عنه ثم اغمضت عينها مبتسمه وكأنها ترى أمام عيناها شيئًا يستدعي تلك الإبتسامة التي رسمتها على ثِغرها!
ثم فتحت عينها وتحدثت دون تردد أخذت هذا الموقف فرصةً لِتغيير أفكاره الخبيثة في اتجاهها: زوجوني أهلي ابوك غصب عني!.......وتبرُّوا مني لسبب تافه......

انصدم وشعر بخفقان قلبه لسبب هو يعرفه تمامًا ولا يستطع البوح به : طيب ليش؟!
نسابت دموعها من جديد وولّت بظهرها عنه شعرت بحرج كبير كيف ستخبره اغمضت عيناها وتحدّثت: لأني هربت ليلة زواجي.....
يزن نسى أمر أخاه قليلًا وبدأ محتارًا لأمر زوجة أبيه يعلم جيدًا انها غريبة اطوار وألتمس ذلك في بعض المواقف التي تحدث وتدور في منزلهم
هي تكبره بخمس سنوات حينما تزوجت أبيه كان يبلغ من العمر خمسة عشر سنة وخالد ست سنوات ووتين اربع سنوات وهي كانت تبلغ من العمر عشرون سنة! لم يتقبلها مُنذ ان دخلت منزلهم ولم يهتم لأمرها
رغم أنها كانت تعامله كباقي أخواته
بلطف وتحاول التودد إليه بحسن تعاملها معه ولكنه بقي يعاملها بعكس معاملتها له
تقدم بخطواته واصبح أمام وجهها تحدث: هربتي من زواجك من ابوي؟!
ابتسمت بسخرية وشدّت على قبضة يدها اليُمنى ثم أكملت بغصة السنين: لا......كانوا راح يزوجوني من رجال شايب.....كان بكون الزوجة الرابعه له......
يزن بعد فهم لكل ما حدث لها عقد حاجبيه: طيب ليش يبون يزوجونك إيّاه وانتي في ذاك العمر الصغير.....
تحدثت بألم : كان غني.....وأهلي محتاجين للريّال ....الفقر خلاهم يبيعوني....هربت.....ومن بكرا الرجال ما صدّق على الله....ارسل ورقة طلاقي وطالبهم بالمهر ...فأبوي ضربني وحبسني وعاقبني على فعلته بشي انا ما تحملته ابد!!!.....وحلف يزوجني لأي واحد بدون حفل زواج......وعرضني على أبوك....(شتت نظراتها عنه).....كأني...
ولم تستطع الإكمال حتى غرقت في بكائها

يزن لا يعرف كيف يتعامل مع الأُنثى الباكية بشكلٍ عام
صُعق من فعلت ابيها ...
ودموعها وعيناها المحمرّتان ذكرتهُ بموقفٍ
عجز عن نسيانه
حاول ان يهدئُها ولكنه لم ينجح في ذلك الأمر
فاكلمت بقساوة عظيمة على نفسها في إجبار ذاكرتها
وتحفيزها لتمرر شريط ذكريات مأساتها التي عانتها قبل سنوات : أبوي يشتغل حارس في عمارة ابوك اللي باعها بالقصيم ....فأبوي عرض عليه يتزوجني كخادمة لتربية أختك واخوك.....وأبوك وافق ذاك الوقت لأنه محتاج لمرَا تقوم بواجبها اتجاه البيت ......وأنا خفت وبكيت كثير...وفكرت أعيد غلطتي مره ثانية واهرب....بس ملّك ابوك علي وفي نفس اليوم خذاني......لبيتكم.....كانت معاملة ابوك.....مرا زينة ...وعوضتني عن حنان ابوي اللي فقدته.....ارتحت معاه وحسيت بإطمئنان كنت فاقدته لم كنت ببيت اهلي......حسيت نفسي طفلة رغم أني كبيرة .....رضيت بالواقع وقلت أعيش وسط أسرة محفوفة بالحب....واصير خدامة...ولا اني أعيش في وسط اسرة....كل ساعة والثانية تبي تفتك مني وتكسب من وراي فلوس...

ما زالت تخرسه زوجة ابيه بحقائق لم يعرفها يومًا
ولم يلقي لها بالًا فاكملت باكية: عشان كذا ظليت هنا ....من بعد وفاة أبوك......ووعدت وتين بأني ما اتركها لأنه اصًلا ما عندي مكان غير هذا المكان ....أنتم اعيالي.....واسرتي وكل شي بحياتي......وخالد ولدي هو صج على خطأ بس لا تعالج الخطأ بخطأ ثاني يا يزن....
كان يستمع لها وينظر إليها
كيف تحملت هذا الكم الهائل من الضغوط النفسية
والتعب الجسدي والبعد عن أهلها وظلمهم لها؟
والأهم من ذلك كيف تحملت المسؤولية في عمر صغير
هو الآن لم يستطع تحملها
يعمل جاهدًا ومنكبًا على الأوراق إما لرسم خطط تجارية أو لمذاكرة المقررات الجامعية
وهي ادارت اسرة كاملة في عمرٍ صغير
تحدث بصعوبة: صيته .....انا آسف
هذا ما استطاع قوله ثم خرج
متجهًا لغرفة أخيه
أما هي لم تفهم لِم اسفه
هل يقصد على ما فعله بها من أذى في السابق
أو على ما سيفعله بخالد!
تبعته بخطوات متسارعة
قالت : يزن .....لا تضربه
التفت إليها هذه المرة قائلا: ما راح اضربه ....بس خلك هنا...
ثم دخل غرفة اخيه

....
كان جالسًا أمام هاتفه ينظر لشاشته المُضيئة بضوءٍ لا تتحمله العين وقد تُصاب فيما بعد بسبب الإضاءة القوية بضعفٍ وزغللة! ولكنه لم يهتم لمخاطر تلك الإضاءة القوية
في وسط عُتمة غرفته!
لا يوجد ضوء سوى ضوء هاتفه المُزعج..
ارتفعت ضحكاته عندما شاهد مقطعًا صغيرًا لِشاب أوقع بصديقة في وسط بركة مملوءة بالتراب والأوساخ
وكُتِب على عنوان المقطع (مقلب حمد) وانتقل بعدها لمقاطع عدّه ....
أتت إليه إشارة تنبيه لِبرنامج الـ bbm فـانتقل سريعًا للصفحة التي توصله لصاحب إشارة التنبيه(ping)
قبل أن يبدأ بالحديث معه
أرسل سريعًا قلوب صغيرة ومتتالية
فكتب بعدها (طوّلت علي)
فانتظر إجابة الطرف الآخر...
ولكن يزن لم يمهله في قراءة الرسالة التي أُرسِلت على دخوله
فطريقة دخوله كانت سريعة ومغلّفة بالعصبية
اقترب من أخيه وسحب الهاتف من يده دون سابق إنذار
تحت صدمة خالد الذي يريد سببًا لفعله هذا!
وضع يزن هاتف أخيه في جيبه
فنهض خالد صارخًا: هات الجوال.....أقولك هات الجوال....
يزن ينظر لأخيه متمعّنًا....هل يُصدِّق زوجة أبيه ؟
لِمَ يُخالجهُ شعور عدم التصديق الآن!
عندما اصبح امامه!
هل يخرج دون أن يواجه أخيه
ولكن ماذا لو صدقت....!
فحديثه معها يُبيِّن مدى صدقها...
مُتعب للغاية ويحتاج للراحة.....لا يريد الخوض في مسألة
أكبر بكثير من مسألة خسرانهم للأموال
مسألة خطرة وتوقع بهم في قيعان مُظلمة
نظر لوجه خالد ولِملامحة التي تُبه والدته
نظر لِبعض الشعر الموجود في مناطق وجه
لحيته
شنبه
كان خفيفًا وكفيلًا بأن تراه!
بدأ ينمو دلالةً على كبر سنة إذًا خالد أصبح بالغًا أصبح رجلًا لا بد من الإهتمام به لِيَشّد الظهر به فيما بعد
لا بد أن يكبر على طرق سليمة وفطرة مستقيمة!
ألتمس إصراه وعصبيّته في أخذ الهاتف من يده
لِيسحبه من مخبأ ثوب أخيه
فتراجع يزن بصمت محتارًا منهزمًا من اللاشيء!
سحب الهاتف من مخبأ ثوبه فتحه لم يكن بِهِ رمزًا وهذا أمرٌ غريب!
نظر لِإشعارات الرسائل
أغلبها (إيموجي) لوجوهٍ مبتسمة ووجوهٍ تدّل على الإحراج وأخرى تدل على التقبيل....وتبعها ميئات القلوب
ركّز ناظريه لبعض الكلمات التي تمر سريعًا في الإشعارات للتنبيه
فشدت انتباه!
فذهب مسرعًا بأصابع يده الراقصة على الشاشة للدخول على (الـوات ساب) ولكن لم يستطع بسبب الرّمز الموجود به!
تركه وذهب للـ(bbm) وكذلك كان مقفلًا!
ليس هُناك مجالًا بأن يغفر لأخيه قرأ كلمة واحدة من الإشعارات
بثّت في نفسه التقزز والقشعريرة في جسدة!
وضع الهاتف في مخبأ ثوبه ونظر لأخيه الذي يشتمه ويحاول سحب هاتفه
تحدّث بهدوء الذي يسبق العاصفة: كبرت يا خالد....والله كبرت...
توقف خالد عن حركاته السريعة في أخذ هاتفه كان يتجه لليمين لوضع يده داخل مخبأ ثوب يزن فيبتعد يزن لليسار فيتجه لليسار صارخًا ويتجه يزن لليمين
توقف حينما تحدّث يزن فصرخ به: مجنون انت جاي لي عشان تقولي أني كبرت .....
يزن بحده: وجاي أربيك بعد...
خالد بصوتٍ عالٍ وغير مبالٍ لحديثه: روح رب نفسك قبل ....لا تجي تربيني!
لم يتردد يزن في رفع يده لصفع أخيه على خدّهُ الأيسر
صفعة تردد صوتها في أرجاء الغرفة!
تراجع خالد خطوتين للوراء ثم سقط على الأرض لخِفة جسدة
كان ضعيفًا زلكنه يمتاز بالطول
من رآه أعطاهُ عمرًا أكبر من عمره الحقيقي بسبب طول قامته!
اقترب يزن منه وعيناه محمرّ غير قادر على السيطرة وضبط انفِعالاته والتخلِّص من غضبه
الآن يسنفجر ذلك الينبوع الخاص لِكتمان تعبه وجُهده وغضبه من كل شيء!
انحنى وامسك أخيه من طرف بذلته الرياضية أوقفهُ رغمًا عنه
لم يُقامه خالد بسبب شدّة ألمه من تلك الصفعة وخوفه أيضًا
امتلأت الدموع في عيناه ولكنها لم تسقط على خديه ولن يسمح لها بالنزول!

تحدّث يزن شادًا على اسنانه : تهز عرش ربك....يا كلب....تهز عرش ربك ....حرام اللي تسويه.....آخرتي يصير عندي أخو شاذ!!!!.....شاذ...
طأطأ خالد برأسه مُثبِّتًا التُهمة عليه ....لم يتحدّث
هزّهُ يزن للأمام والخلف بقوة صارخًا: يعني صدق.....صدق أنك شاذ....وواطي!.....ومطرود من رحمة الله...
خالد أخيرًا تحرّك وحاول التخلّص من يدّي يزن
دفع أخاه لإبعاده عنه فصرخ باكيًا : مالك دخل فيني.....
ثم أشار بيده على رأسه: كيفي.....أسوي اللي أبيه....مالك شغل.....فإذا كنت شاذ فهي مشكلتي أنا ....مو مشكلتك...وعاجبتني بعد.....

كلماته اشعلت النيران في فؤاد يزن وأفقدته صوابه حينما امسك بأخيه بوقة محاولًا قتله!
تراكمت عليه الضغوط والآن ستفجر في وجه خالد بِلا توقف: تعترف........تعترف.....يا حيوان....الموت لك أرحم من أني اسمع كلامك يا قليل الأدب ....

صرخ خالد مختنقًا من قبضة أخيه على رقبته: فكني وخر.....وخر...مالك دخل فيني......أسوي اللي ابيه أنت ما لك دخل....
تعالت أصواتهم وضجّ المكان بالفوضى
والإزعاج والصراخ
ومحاولت الإفلات من يدي يزن تبدو مستحيلة !
تسلل صوت صراخهما لمسامع زوجة ابيهم (صيته)
فهرعت راكضة للغرفة فتحتها فرأت
يزن يضرب خالد المطروح على الأرض بِلا رحمه
صرخت بجنون وهي تتجه لناحيته: يزن.....ياااااا مجنون.....وخّر عنه لا تذبح أخوك...
اقتربت منه محاولة في إبعاد يزن عن خالد الذي بدأ يأن من شدّة الألم!
ولم تستطع ضربته على كتفه بيأس: تكفى وخّر عنه.....يزن......وخّر عنه....
لم يتحرك يزن ومستمر في صفع أخيه بِلا توقف كان يشتمه
وتارة يركله(ويرفسه) بينما خالد مستسلِمًا
خارت قُواه وبدأ أنفه ينزف ....وارتفع أنينه اكثر..
وبدأ يتلوّى يمينًا ويسارًا محتضنًا نفسه بيديه العاجزة عن إبعاد يزن !
نهضت صيته وهي ترجف من هول الموقف وصوت خالد المتألمًا
اصبحت واقفة بالقرب من رأس خالد ومقابله ليزن وضعت يداها على صدر يزن ودفعته للخلف بقوة لا تدري أنها يومًا ما قد ستبذلها!
ربما الخوف هو من دفع يزن عن اخيه قبل فوات الأوان
تراجع يزن للخلف وجلس على الأرض
وصدره يرتفع بشهيق غاضب وينخفض بزفير قاتل !
عيناه مشتته تنظر لخالد الذي تكوّر على نفسه
متألمًا وعيناها مغمضتان لشدة ألمه!
صرخت صيته باكية: وش سويت بأخوك؟!
يزن يُحدِّق بها دون صوت.....دون حِراك....دون أن يُرمش بعيناه.....
صيته انحنت لِترفع خالد من أكتافه من على الأرض
فلم تستطع ولكنها استرت في حاولتها إلى أن
استجاب هو من نفسه واسند ظهره دون قصد على صدرها فقط من اجل إسكات تلك الحرارة الحارقة التي سببها له يزن
مسحت صيته على رأسه وابعدت خصلات شعره عن عيناه
كانت خائفة من انّ مكروه قد أصابه صرخت : خالد......يمه....تسمعني.....افتح عيونك....خالد....
خالد مغمض عيناه وشاد على كتفه الأيمن الذي قبض عليه يزن بشدة كادت يده تطحن عِظامه ولكن صيته أتت في الوقت المُناسب لِردعه عن فعل ذلك
كان يزن مفصولًا عن العالم كليًا
ينظر لهما ....دون وعي...
عيناه تحدّق بهما دون ان ترمش....
وصوت تنفسه عالٍ للغاية
ما زال مصدوم من إعتراف أخيه!
أخيرًا خالد تحدّث بألم: وخرِّي عني ....انقلعي عن وجهي....
يقول كلماته تلك
وهو مسند نفسه على صدرها وفي حضنها أيضًا!
لم تهتم لِم قاله فتح عيناه واستوعب أين هو بالضبط!
فحاول النهوض فتأوّه بصوت مسموع
صرخت صيته : خلك.....اصبر....
خالد نظر لأخيه الذي يُحدّق بِه
فتحدّث بكره: ما راح تعدي على خير
يزن ما زال على وضعيته في الجلوس همس : وأنت الصادق

خالد ابتعد عن صيته بصعوبة وهو يقول: انتي ماخذه بنفسك مقلب كبير.......أصحي منتي أمي ....خلاص.....بطلّي تمثيل واقلعي من بيتنا......ونصيب جهاد وإياد بيجيك.......
لم تتحدّث فقط نزلت دموعها على خدّيْها لحاله المنقلب
فصرخ به يزن: صيته أمك......هي اللي ربتك.....وهي اللي علمتك واهتمت فيك.........رغم أنها مو مجبورة تسوي كل هذا.......وما راح تطلع من البيت ...أبدًا!.....وإن ما تعدّلت ......والله وهذا أنا احلف.....ما لك مكان عندنا.....وبكرا....راح آخذك.....ونسوي لك تحاليل.....نشوف شنو جاك....من هالبلا اللي تسويه!!...

ثم نهض من على الأرض فاكمل: ومن يوم ورايح انا اللي بوديك المدرسة .....وانا اللي اجيبك....وجوال ما فيه.....وطلعه بدون أذني ما فيه.....
نهض خالد وهو يعكز على رجله اليُمنى: تخسي.....مو بكيفك..
تقدم يزن ناحيته لِيضربه
فوقفت صيته بينهما راجية يزن بالتوقف : خلاص يا يزن يكفي....
ثم توقف يزن ونظر لصيته: عشانك بس......ولا في خاطري أطحنه طحان هنا
واشار للارض!

ثم خرج بخطوات متسارعة ناحية الباب للخروج من سرداب وهم أخيه الملعون كما يعتقد!

بقيت صيته تُحدّق به طويلًا كبر أمام عيناها شاركته اللعب في صغره وساعدته في مراجعة دروسه وعلمته ايضًا كيف يرتدي ملابسه دون مساعدتها كل هذا وهي فتاة صغيرة .....حتى لو انجبت طفلًا وهي في سن العشرون لن تنجب طفلًا في عمره!
كرّست حياتها في إنشغالها به وبوتين لنسيان ألمها الذي عاشته وتجرّعت مرارته وهي في وسط عائلتها لم تجد نفسها إلا في وسطهم
وها هو خالد بعدما كبر دومًا ما يبعثر كيانها ويؤلمها بحديثه
ولكنها تبيِّن له عكس ذلك
صرخ في وجهها: مضيعه شي بوجهي
ثم اشار لباب غرفته: اطلعي برا
حرّكت رأسها بأسى كبير لإنقلاب حاله إلى حالٍ مجهول وقد يهوي به في أراضٍ مليئة بالنيران والأشواك!
تحركت بخطواتٍ ثقيلة على قلبها لناحية الباب
خرجت تاركتهُ يتحسس الكدمات التي على خدّه والقريبة من فمه وأنفه
توجّه للخلاء لِيرى الجروح التي سببها له يزن فلعنه بصوتٍ مسموع متناسيًا عقوبة اللعن عند الله وما زال انفه ينزف
................




عيونٌ سوداء تلاحقني
تثقب عينايّ من شدة التحديق في وسطهما
لا ترمش.......تنظر.....لا تبتسم....تحدِّق بِلا ملل....
عيونٍ.....ذات لونٍ داكن......ومٌرْهِب
تجعل جسدي يتراقص خوفًا بِلا سيطرة على رغبة الهروب...
والهروب يهرب في تلك اللحظات فلا يسعني الركض....
والإختفاء عن تلك العيون!
أتسائل لِمَ تحدّق بي هكذا؟
هل تريد إعلان حربًا بتلك العيون أم أنها تعلن عن الإنتقام من شيءٍ مجهول!
عيونٍ تتركز في ذاكرتي ولن انساها كما أظن
كأنها سحرٌ قاتل....
وبالكاد تُحرِّك رجلّْيك للهروب منها.....
عيونٍ غريبة ...قذرة نوعًا ما......
ذات سرٌ عميق لا يُفْهم.....
تحدّق بك فقد دون كللٍ
دون عناء!
وأخيرًا استطعت الهبوط على الأرض والركض والهروب منها
بعدما يبست ساقيّ من شدّتْ الخوف منها....
ركضت....
وتعثرت....
على الأرض ساقطة بين الحجر والعقبات المليئة بالأشواك والطين الزّلق....
نهضت
وحاولت الإتزان في وقفتي...
تسارعت نبضات قلبي
وملّ الصبرُ مني...
أريد الوصول لشيءٍ أنا أجهله!
ولكن امتلأ المكان فجأة بطنين
أرغمني في وضع يدايّ على أذنايّ ...
لِمنع وصول ذلك الصوت من إختراق مسامعي
عَرُق جبيني هذه المره...
أجل
اشعر بحرارة قاسية تكوي صدري بِلا رحمه....
اشعر بها...
المكان بدأ محاولته في إلتهامي
يقترب مني
وأنا ابتعد عنه
واصتطدم بجدرانه....
لم اتحمّل هذا الكم الهائل من إنقطاع النفس
صرخت

وسقطت على الأرض
محدّقة للأعلى
محدّقة للسـ....
لا ليس السماء...
بل لِسقف أبيض ....و...





أنتهى

قراءة ممتعة

اتمنى ارى تفاعلكم معي

تحياتي


زينب سامي





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-17, 08:01 PM   #6

monefade
 
الصورة الرمزية monefade

? العضوٌ??? » 116972
?  التسِجيلٌ » Apr 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,032
?  نُقآطِيْ » monefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond reputemonefade has a reputation beyond repute
افتراضي

روعه روعه حبيبتي تسلم اديكي من متبعينك انشاء الله

monefade غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-17, 02:26 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



رواية

لُجَّةُ الذكرياتِ


(البارت الرابع)

عيونٌ سوداء تلاحقني
تثقب عينايّ من شدة التحديق في وسطهما
لا ترمش.......تنظر.....لا تبتسم....تحدِّق بِلا ملل....
عيونٍ.....ذات لونٍ داكن......ومٌرْهِب
تجعل جسدي يتراقص خوفًا بِلا سيطرة على رغبة الهروب...
والهروب يهرب في تلك اللحظات فلا يسعني الركض....
والإختفاء عن تلك العيون!
أتسائل لِمَ تحدّق بي هكذا؟
هل تريد إعلان حربًا بتلك العيون أم أنها تعلن عن الإنتقام من شيءٍ مجهول!
عيونٍ تتركز في ذاكرتي ولن انساها كما أظن
كأنها سحرٌ قاتل....
وبالكاد تُحرِّك رجلّْيك للهروب منها.....
عيونٍ غريبة ...قذرة نوعًا ما......
ذات سرٌ عميق لا يُفْهم.....
تحدّق بك فقد دون كللٍ
دون عناء!
وأخيرًا استطعت الهبوط على الأرض والركض والهروب منها
بعدما يبست ساقيّ من شدّتْ الخوف منها....
ركضت....
وتعثرت....
على الأرض ساقطة بين الحجر والعقبات المليئة بالأشواك والطين الزّلق....
نهضت
وحاولت الإتزان في وقفتي...
تسارعت نبضات قلبي
وملّ الصبرُ مني...
أريد الوصول لشيءٍ أنا أجهله!
ولكن امتلأ المكان فجأة بطنين
أرغمني في وضع يدايّ على أذنايّ ...
لِمنع وصول ذلك الصوت من إختراق مسامعي
عَرُق جبيني هذه المره...
أجل
اشعر بحرارة قاسية تكوي صدري بِلا رحمه....
اشعر بها...
المكان بدأ محاولته في إلتهامي
يقترب مني
وأنا ابتعد عنه
واصتطدم بجدرانه....
لم اتحمّل هذا الكم الهائل من إنقطاع النفس
صرخت

وسقطت على الأرض
محدّقة للأعلى
محدّقة للسـ....
لا ليس السماء...
بل لِسقف أبيض ووجوه غريبة
تحدّق بي
وأيدي تصفعُني بخفة على خديّ الأيمن والأيسر
وأخرى تحرّك جسدي
تُريد مني الاستجابة لكل هذه المنبهات الخارجية!
وأنا.....
صامتة أُحدّق بهم بذهول ...
ينادونني: فاتن.....ألف الحمد لله على سلامتك....
وآخر يقول: عدّى الخطر.......الحمد لله .....رجع النبض طبيعي...
وأخرى تقول: وصّلت التحاليل للمختبر....
وتحدّث ذو الصوت المألوف لديّ: لازم نخبّر أهلها....
ويعود ينظر لعيناي الشاخصة : فاتن تسمعيني....؟
وجّهت نظري له
ماذا يحدث؟
كيف وصلت إلى هنا
كُنت في غاية الضيق
كيف أتيت لهذه الغرفة!!
شعرت بضيقٍ يخنقني....ويقتلني ايضًا
شعرت بالضعف
اشعر إنني مُذنبة!
اشعر إنني ضائعة
اشعر بالبؤس يُحيطني من كل جانب
أنا لا اعرفني!
هذا ما اشعر به باختصار!!
سمحت للدموع بعد عمعمت تلك المشاعر
أن تأخذ مجرى الجريان بهدوء....
فتحت فاهيّ للتحدّث لمعرفة كل شيء عمّ يدور حولي وسبب وجودي هُنا
ولكن لم يخرج صوتي!!
فاهتزّ جسدي بعنف!
أشار إليّ ذلك الرجل بيده قائلًا : فاتن......أنتي بخير....أهدي....لا تضغطين على نفسك...
حاولت الهدوء ....ولكن جسدي يأبى ذلك....فجأة أخذ يهتز وينشّدْ جاعلني ارتجف أحاول السيطرة ولكن لم يعُد هناك نُقاط سيطرة استخدمها لإيقافه ....
لأنني فقدت(الكنترول) الخاص لتوقف جنون ذلك الجسد
قبضت على يداي نظرت للأعلى
صكّت أسنانيّ في بعضها البعض
شعرت وكأنني عائدة للتحليق والطيران من جديد
ولكن هذه المرة ثُقل جسدي أعاق الطيران
وصعب عليّ الأمر بشدة
لم استطع التحمّل
اغمضت عينايّ باستسلام
ولم اعد اشعر بما حولي من جديد!
صرخ الطبيب قائلًا: حقنة مهدأ بسرررررعة
توجهت الممرضة للطاولة الخاصة لوضع كل ما يحتاجهُ الطبيب في معاينة مريضه
أعطته الإبرة بعدما سحبها من العلبة الخاصة لحفظها من التلوّث
فأخذها مسرعًا لحقن فاتن في يدها اليُسرى
تحدّث باهتمام للممرضة: خليك معاها لم يبدأ مفعول الإبرة وإذا ماستجابت للمهدأ....نادوني....لازم
أكلم عبد الرحمن......وأخليه يجي...
الممرضة هزّت رأسها طاعةً لأمره...

......
رنّ هاتفه
كانت الساعة تُشير إلى السابعة والنصف صباحًا
تمّلل في بداية الأمر لم ينُم إلا في وقتٍ متأخر
لذا يُريد المزيد من الراحة والهدوء والغوص في النوم
ولكن رنّ هاتفه بشكلٍ متتالٍ ومزعج
فاستلقى على جانبه الأيسر
ووضع وسادته الصغيرة على رأسه لِيمنع تسلل صوت
الرنين
ولكن ذلك المتصل مستمر في الاتصال
لِيضج الرنين مرة اخرى
فأخذه سريعًا ليمنع ضجيجه من قتل خلايا عقله الخاملة بسبب نومه في وقتٍ متأخر
عقد حاجبيه: اففف من متصل .....
فأجاب بعد ذلك دون ان ينظر للاسم: ألو....
وصل إليه الصوت ذو الهيبة والرسمية: أخ عبد الرحمن....عندي لك بشارة....
فتح عيناه جيدّا واستوعب من يحادثه
بدأت خلايا جسده جميعها بالاستيقاظ من سباتها
نهض سريعًا من استلقائه واعتدل بجلسته وكأن ذلك الطبيب أمامه: أهلا دكتور أحمد.....خير.....طمني...صاير شي لفاتن؟!
بعد عناء طويل وصبر جميل لم يخذل الله هذه العائلة التي تلّح عليه بالدعاء وباللطف بإبنتهم ابتسم قائًلا بفرح : ابشرك ....أختك فاتن فاقت من الغيبوبة...
عبد الرحمن وقف على قدميه
صرخ دون شعور وعيناه لمعت سريعًا بدموع الفرح: صدق.....
زادت واتسعت ابتسامة احمد مؤكِّدًا: إيوه صدق......حاليًا ما أقدر أقولك...غير أنها عدّت خطر الغيبوبة.....ولكن راح نعمل لها تحاليل حتى تبيّن لنا...
قاطعه بخوف وبحاجبين منعقدين: شنو.؟؟؟....يعني ممكن يصير فيها شي خطر...!
أحمد نظر لساعة يده : ما أقدر اشرح لك الحين.....بس شي طبيعي.....يكون هناك أعراض جانبية للغيبوبة ....ويمكن ما يكون!.....على العموم حبيت اخبرك وألف الحمد لله على سلامتها...
عبد الرحمن شعور يصعب عليّ وصفه
شعور بالأمل والتفائل والرضا...
شعور يجعله يخجل حينما تسلل إليه اليأس في بعض الحين والآخر
ستعود(فاتن) ستعود كما كانت...
كان بالأمس قد همس في أذنَيها( فاتن بكرا صباحية اختك أتمنى تجلسين من نومك وتصير الفرحة فرحتين ......فرحة لزواج رهف اللي ما فرحت ليلة زواجها.....وفرحة لرجعتك لنا من هالنومة الطويلة)
أمنيته تحققت...
تلك الأمنية باتت عالقة في عقله
لسنة وثلاثة اشهر
يكررها باستمرار وها هي الآن تحققت...
الحسن الظن بالله الإلحاح عليه بالدعاء
يجلب الانشراح في الصدر والرضا...
والله لم يُخيّبهم !
اغلق هاتفه وخرّ ساجدًا لله شاكِرًا إيّاه على كل شيء...
نهض سريعًا وخرج من الغرفة
رافعًا صوته بكل فرح : يمااااااه........يبااااااااه.. ........يمااااا..... .يبااااا......فاتن.....فاااااتن ....فاقت من الغيبوبة......
خرجت والدته من غرفتها وخرج بعدها والده
تقدم إليهما وعيناه تدمع بسرور خبر إفاقة توأمته!
ابتسم في وجههما وامسك بيد والدته : الحمد لله فاتن جلست من الغيبوبة ....فاتن صحت يا يمه...صحت....
ابتسمت وابتهجت أساريرها واخذت تزغرط
ثم بكت وهي تردد: الحمد لله الحمد الله
احتضنها ابنها وقبّل يدها ورأسها مرددًا: الحمد لله
بينما والده خرّ ساجدًا على الأرض
ساجدًا سجدت شكر : الحمد لله......شكرًا لك يا رب.....الحمد لله ....
ثم نهض بعجل قائلًا لإبنه: ودني لها....
عبد الرحمن ابتسم: ابشر......بروح أغيّر ملابسي وأجيك....
ثم توجه لغرفته
امسك بهاتفه وكتب في (قروب عائلتهم)
(الحمد لله على كل حال......من دعاء الله ما خاب....ومن أحسن الظن به...أعطيّ على ما ظنّه به ....ابشركم عائلتي الحبيبة ......فاقت اختي فاتن من الغيبوبة التي دامت لحوالي سنة وثلاثة اشهر....الحمد لله على كل حال)
ترك هاتفه بعد ذلك وتوجّه للخلاء
ولكن عائلته لم تقرأ رسالته فحسب....بل استبشرت لهذا الخبر وانهالت الرسائل عليه...ايضًا
ولكنه لم يجيب على أحدهم فهو على عجلٍ من لقاء توأمته!

.....
عاد للبلد بعدما سافر وترك ورائه العديد من المدمنين الذين يعانون من ألم خلايا جسدهم تركهم وترك ضميره خارج إطار جسده!
ترك كل شيء ورائه بعدما شك من أنّ أحدهم يطارده لِيوقع به في أشر اعماله
فمنهم من صمد
ومنهم من انتهى الأمر به بالانتحار!
انقل جميع أمواله خارج حسابات المملكة
لِيضمن سلامة أمواله فيما لو امسكوه
وخرج بعدها من خلف قضبان السجون!
دخل إلى الشقة وهو يجر ورائه حقيبة السفر
استقبله إبراهيم مبتهجًا لرؤيته سالمًا معافى من كل شر
: نورت الديرة يا بو عذاب...
ابتسم مردفًا: منورة بأهلها يا إبراهيم....
افسح له الطريق قائلًا: تفضل .....تفضل.....
تقدم على خطواته حتى وصل إلى جلستهم المتواضعة رمى نفسه على الكنب ثم نظر لإبراهيم: بشّر كيف الامور صايرة؟!
إبراهيم غمز له بعيناه بكل خبث: تمام التمام!
اردف بتوجس: ما أحد سأل عني؟
وبتأكيد: فيصل ما اتصل فيك؟!
إبراهيم أجابه بعدما جلس بالقرب منه: إلا ....بس دايم اصرفه......وانكر معرفتي فيك....
اعتدل تركي بجلسته مهتمًّا لأمر فيصل بسبب خوفه لآخر موقفٍ حدث له معه
خائِفًا من أن يكيد له بمكيده: طيب.....ماتدري وش صار عليه؟......مثلا مات ولا بعده حي....
قاطعه إبراهيم لِيُريح قلبه: ما يهمنا إذا مات ولا باقي حي....المهم صرّفناه......وارقامنا غيرتها......وهالشقة هذي
ونظر إليها نظرة خاطفة: بعتها.....واليوم صاحبها بيستلمها....وغيّرت مقرنا......وهذا أأمن لنا.....عشان نبعد عنهم.....ونبعد الشكوك عنا....
ثم قال بصوتٍ هامس: تركي.....نسرين رجعت للديرة....
شعر وكأنّ صخرةً ثقيلة سقطت على رأسه وافقدته صوابه
نهض صارخًا: إيش متتتى؟!
إبراهيم لا يعرف كيف يبتدأ سيجن جنون تركي لو اخبره بالحقيقة
ولكن لا بد أن يخبره بها درئًا لِمَ سيحدث له لو خبئها عنه : قبل ثلاثة أيام......ما بيدنا شي.....ما نقدر نمنعها وهي مصرة تقابلك.....بس حنا قلنا ....لها.....ما نعرف عنك شي....
سكت قليلًا ثم نظر لعيناه الجاحظتين: وبصراحة في شي ثاني....
تركي بقلق: شنو بعد تكلم.؟
إبراهيم شتت ناظريه عنه: هي سقطت....
فجأة انقض تركي على ابراهيم
امسكه من ياقته وأردف بحده : كيف.....ومتى.....أحد تعرّض لها؟.....هاااااا.....قول تكلم....
ابراهيم اخذ نفسًا عميقًا حاول أن يبعد يدي تركي عنه
فعجز...
صرخ في وجهه : طيب اتركني...عشان أقول لك...
دفعه بقوة على الكنب واقترب منه منحنيًا لمستواه: تكللللم....
ابراهيم بحده ويبدو أنه فقد سيطرته صرخ: ابعد عني....ولا تكلمني بهالطريقة ....انا مانيب أحد حراسك....عشان تعاملني بهالمعاملة....
وتحدّث بنبرة عالية: انا ابراهيممممم
صرخ تركي وضرب بيده على الكنبة: وأننناااا تركي...
ابراهيم اسند ظهره على الكنبة ونظر لتركي بعدما كتف يديه: وأنا اخو تركي!!!!!!
تركي اخذ نفسًا عميقًا واغمض عينيه ليعيد نفسه لحالة الهدوء
اشار للأخيه: مانت بأخوي.......ولا تلف ودور....وقول لي وش حصل حتى سقطت...
نهض ابراهيم وابعد بيديه تركي خطوتين للوراء امسكه من اكتافه وركّز ناظريه في عينيه المحمرتين قائلًا: أمنا وحده......ولا ناسي؟
تركي بحده : لا ما نسيت....
ابراهيم ابتسم: حلو....
تركي بنفاذ صبر صرخ: قول ......الحقيقة...
ابراهيم ولّه بظهره لأخيه متحدثا: سقطت من دون سبب...
تركي لف اخاه سريعًا ليقابله وجهًا بوجه: كيف من دون سبب؟!
ابراهيم بسخرية لاذعة: بنت عمك حساسه......وحملها ضعيف....وما تتحمل الصدمات.....ولم عرفت من أهلها عن خبرة وفاة عمك طاحت عليهم ونزفت ومات الجنين.....يعني ما فيه سبب ملموس .....
سكت تركي ....يعلم بوفاة عمه ولكنه لم يحضر العزاء ووبخه والده على فعلته هذه
ولكن تعذر له بحجة انشغاله وانهماكه في العمل حتى أنه اهمل زوجته بسبب ذلك مقنعًا إيّاه
بأسبابه الواهية ابتعد ......عن أخيه ثم جلس على الكرسي الجانبي للطاولة المستديرة لم يخبروه عن امر اجهاضها! لو اخبروه لأتى مسرعًا لها ....رفع رأسه ونظر لابراهيم: وقّف كل الشغل ما نبي نبدأ بالتصدير والاستيراد .....شهرين...
فتح ابراهيم عيناه على الآخر: شهرين؟.....مجنون انت....
تركي اتكأ بيده على الطاولة واغمض عينيه وبهدوء: سو اللي قلت لك عليه ولا ترادد....
ابراهيم ركل برجله الطاولة بقهر : كذا راح نخسر كثير....وأنا ما نيب مستعد اخسر...
تركي نزل عليه إلهام الهدوء فجأة :إذا ما تبي تخسر على قولتك.......صدّر واسترد باسمك إذا انت قدها....
سكت ابراهيم لأنه لا يستطيع ان يفعلها وإن فعلها فسيمسك لا محاله
هو لا يملك عقل وذكاء ودهاء تركي في هذه الأمور
وإن كان ذكيًا فذكائه أقل ولا ينافس ذكاء اخيه
جلس على الكنب واسند نفسه عليه
نظر للسقف وازدرد ريقه وشعر بصداعٍ شديد
يختلج رأسه
ارتجف جسده قليلًا!
فلم يتردد في إخراج تلك الأبرة من مخبأ الجينز الذي يرتديه
لم يلتفت إليه تركي بل لم يشعر به فعقله شارد بزوجته وبفقده لإبنه
هذا هو الابن الثالث الذي يفقده دون ان يراه
كيف سيواجهها ؟
كيف سيختلق لها اسباب اختفاؤه؟
يصعب عليه الأمر كثيرًا.....كثيرًا؟
انتهى ابراهيم من حقن يده ورمى الإبرة على الطاولة التي أمامه فأصدرت صوت بسيط لارتطامها على الزجاج
فلتفت تركي....
وانصدم حينما رأى أخاه مستسلمًا لذلك السم الذي بدأ مفعوله لِيُفقده عقله
مُسندًا رأسه ومغمضًا لعيناه ويداه ممددتان بجانب جسده....
كان يُتمتم بأغنية ذات كلماتٍ حزينة....فتح عيناه وحدّق بالسقف
أخذ نفسًا عميقًا
ثم نهض شعر بدوران في رأسه فتوقف قليلًا عن الحركة
واغمض عينيه بشدة وكأنّه يستعيد توازنه ثم فتح عيناه فرأى تركي أمامه
قائلًا له بوجهٍ خالٍ من أي تعبير: وش هذا....؟!
وأشار للأبره !
نظر إليها ابراهيم مبتسمًا: هذي حياتي....هذي قلبي...وأنا أخوك...
تركي اقترب اكثر من أخيه وعيناه تحدّق به طويلًا: من متى وأنت مدمن؟
ابراهيم وبدأ يفقد وعيه تمامًا نظر للسقف ثم رفع يده أمام وجهه يعد أصابع يده بصوتٍ ثقيل ومتعب: خمس اسابيع.....لا...أسـ....لالا...سب� �...
تركي انهار عليه بالشتائم ثم امسكه من ياقة بذلته وصرخ في وجهه: حماااار انت؟......انا قايل لك ألف مره ....نبيع ...ما نتعاطاه......تبي تذبح امي....تبقى تذبحها أنت؟.....مجنون....كيف أخذتها؟....ولا أحد....عطاك إيّاها بدون ما تدري!.....تكلم....
ابراهيم ابتسم ثم حكّ انفه بسبابته سريعًا: حبيت اجرّب الشعور......شعور جميل.....مرآ......جرّبها يا تركي....والله راح تستانس....
تركي رفع يده وألكمه على وجهه حتى سقط على الكنب صارخًا: جهّز نفسك...من بكرآ....راح تسافر وتتعالج...عن هالسم.....اللي تشربه......
ابراهيم وضع يده على خدّه أفاق قليلًا من نشوة آثار الأبرة فتحدث سريعًا: تضربني ....يا تركي.....
تركي بغضب: ألف مره أقولك احذر تجربها......لأنها راح تقتلك....راح تتعلق فيها ....وأنت ماتسمع......بس تراددني....وتعاند.....إي اضربك....يمكن تصحى على نفسك....
ابراهيم نهض: مالك دخل فيني....يا تركي....مالك دخل....
تركي شدّه من بذلته إليه: لي دخل فيك لأنك اخوي....
ابراهيم ضحك بهستيرية: هههههههههههههههه من متى صرت اخوك؟....ههههههههه دايم تقول لي أنك مانت بأخوي!......هههههههههههههه اللحين صرت أخوك....هههههه صج أنك هههههههه نفسية...
تركي بصرامة: اسمع من بكرآ راح تسافر لأمريكا وتتعالج....
ابراهيم بصرخة: مانيب مسافر ....ولاني متعالج
.تركي بقلق: لا بتسافر........مو عشانك ......عشان أمي يا ابراهيم....أمي.....
ابراهيم بملل: ما نيب متعالج وأمي مالها دخل فيني.....
تركي بحده: لا تحدني على شي اسويه....وأنت
اشار إليه: تكره....
ابراهيم بنفس حدت اخيه: ولا تجبرني إني افضحك......
تركي بصراخ: تهددني يا كلللب....
ابراهيم بجدية : لا تدخل في حياتي عشان ما أهددك .....سلام....
اشار بيده في وجه أخيه ثم خرج من الشقة
صرخ تركي فاقدًا صبره: وقّف يا ابراهيم......وقّف...
ولكنه لم يُعيره أي اهتمام او انتباه لمناداته....
وخرج تركي ليتبعه

.......
من المفترض ألا نخضع لليأس ألا نجعله ينتشر في خلايا جسدنا
كسمٌ قاتل لا يهدّأ إلا عندما ينتصر في التهام الجسد بأكمله
يضعفهُ يهتكهُ بِلا رحمه يسطو عليه لِيجعله شتاتًا ولكن بالإرادة
والمحاربة من اجل إبقاء الجسد سليمًا معافى
ستنتصر لا محاله!
هي كذلك حاربت من اجل التخلِّص من التحليق ما بين الأرض والسماء
تصلّبت قدماها وتعب وانهمك جسدها وظهرها عموده الفقري انتحل وتصلّب
لا تستطع ان تنحني ولا تستطع أن تجعله مستقيما!
تحلِّق بِلا هوادة رغمًا عنها!
بقيت تحلِّق لسنة وثلاثة اشهر
بقيت في الهواء مصلوبةً دون يد تساعدها وتُنجيها مما هي فيه وعليه!
والآن تلك العيون القذرة أيقظت مارد الخوف الذي بداخلها وجعلت الدماء تتدفق من جديد في عروقه
ليحيا وينهض ويرتفع مستوى الادرينالين للركض والهبوط لِتُلامس قدماها الأرض من جديد
أفاقت ولكن هذه المرة لم تحدّق بالسقف هناك وجه أصبح مقابلًا لِوجهها مباشرة
منعها من النظر إلى السقف
حدّقت في عيناه تذكرتهُ جيِّدًا وهذا امرٌ جيّد
وقد يكون مؤشرًا لِعدم فقدان ذاكرتها....
سقطت دموعها حاولت نطق اسمه
ولكن صوتها لم يخرج!
لم يصطدم بالهواء لِتُعلن تردداته ذلك الصوت الذي اشتاق الكثير لِسماعه!
لا احد يدري الآن ما سبب عدم خروج صوتها؟
التحاليل والأشعة تُشير إلى انّ دماغها وجسدها سليم لا يعاني احدهم من أيِّ ضرر!
وركّز طبيبها المتابع لحالتها مُنذ الحادث
على سلامة الرأس والجمجمة
في بداية الأمر في الحقيقة حينما اتوا بها إلى المستشفى
كانت تعاني من النزيف الحاد...
والجميع دخل في حالة قلق ويأس
ولكن رحمة الله واسعة وشملتها
ووفِّق طبيبها في إيقافه!
أجرى لها بعض الفحوصات بعد إفاقتها للتأكد من سلامة ذاكرتها
وعمل اعضاء جسدها بأكمله
ولكن كل شيء يُشير إلى أنها بخير....
جسدها بخير...وعقلها ايضًا بخير...
ولكن نفسيتها هي من تعاني....
ومضطربة
وهذا امرٌ طبيعي ربما !
ولكن عليها إن تخرج مما هي عليه
بمساعدة طبيب آخر مختص
للأمراض النفسية!
كل هذا أجراه الطبيب خلال الخمسة الأيّام السابقة
وكان من الصعب تحديد سبب عدم نطقها
ولكن كل شيء اتضّح
ستستعيد صوتها ولكن ليس الآن عليها
ان تتقبّل كل ما حدّث وألا تفكّر به كثيرًا....
عليها ان تنساه او تتناساه!
.....
رهف حينما فتحت هاتفها وقرات ذلك الخبر بكت صارخة غير مصدّقة إلى ان خارت
قواها ساقطة على الأرض فأتى فهد متسائلًا : وش فيك رهف وش صاير؟
رهف جاثلة على ركبتيها حاملة ما بين يدها الهاتف وضعته امام عيناه مجبرته على قراءة
ما كتبه عبدالرحمن
فاحتضنها صارخا بفرح: الحمد لله لك ...يا رب.....الحمد لله
رهف بادلته بالاحتضان وشدّته إليها كثيرًا باكية هامسه: أخذني لها....أبي اشوفها
تركها ليمسك بطرف وجهها : من عيوني...
ساعدها على النهوض للتجهّز والخروج لزيارة فاتن

.....
والدها وفى بنذره
الذي نذره قبل عدّة شهور لله عزل وجل
امر ابنه بشراء: اسمع يا عبد الرحمن.....أبيك تروح سوق الغنم....وتشتري سبع ذبايح وتوزّعهم على الفقراء .....لا جيب هنا ولا قطعة لحمه....كلها وزعها على الفقراء....
عبد الرحمن بطاعة : ابشر...
....
خمسة أيام الجميع عاشها بفرح وبوفاء للنذور الذي عقدوها لله عز وجل
لسلامة فاتن....
الجميع اتى لزيارتها ولكن فاتن تتعب كثيرًا من تلك الزيارات
وتسوء حالتها النفسية اكثر وهذا ما قاله الدكتور احمد لِـ أخاها
وبعد نقاش طويل في إقناعه في خضوع فاتن تحت استشارة نفسية
لطبيب مختص في هذا المجال وافق عبد الرحمن تسليم حالتها للدكتور
غسان المختص للأمراض النفسية....
فتعاون هو والدكتور احمد لتشخيص حالتها مُنذ الآن
.....
تنهد عبدالرحمن وامسح دموعها
انحنى لِيصل لمستوى جسدها الهزيل
وقبّل جبينها قائًلا: فاتن......قولي الحمد لله....قولي الحمد لله على كل حال.....راح ترجعين تتكلمين.....بس.....الحين انتي حاولي تتقبلين الوضع....كل اللي انتي فيه مؤقت ....راح ترجعين تمشين بدون مساعدة احد.....راح ترجعين تاكلين لوحدك......جسدك فيه خمول.....بسبب الغيبوبة....وعلى قدر إرادتك راح تتعافين بإذن الله .....بسرعة....خلي أملك بالله كبير...

أشاحت بنظرها عنه
هي لا تبكي لهذا السبب
هي تبكي لِإضاعة عمرها
لعدم فقدانها لذاكرتها!
لا تريد ان تتذكر الحادثة
او كيف حدث الحادث؟!
او كيف توفى السائق....
لا تريد ان تسأله عن سبب خروجها من المنزل في ذلك الوقت
لِيُجيب عليها بهدوء
(كنتي طالعة مع السايق.....رايحة للمكتبة تشترين كتب للجامعة....وفيه سيارة حدّت السايق انه ينحرف عن الطريق واصطدم بالشاحنة.....انتي نجيتي باعجوبة!......انتي عشتي بمعجزة إلاهية ...ربي لطف فيك..... السايق عطاك عمره.....بس انتي الحمد لله ...ربي ما فجعنا فيك....
والحمد لله على كل شي......)
كلماته هذه تؤلمها تُهدم كيانها
ودّت لو توفيت بدلًا من السائق !!
تشعر بالاختناق , بالضياع , بالخيانة!!!!!
بالندم.....تؤمن أنّ كل ما حدث لها عقوبة ....والآن ستتجرّع مرارتها
كل ما حدث رغمًا عنها....خُدِعتْ...حتى وصلت إلى هذا الحد من الضياع....والشتات...
نظرت إليه واشارت له بيدها متسائلة عن والدتها
عبد الرحمن بدا يفهم حركاتها العشوائية إلام تُشير
ابتسم وعاد ليجلس على الكرسي: امي بالبيت اليوم زوجة عمي وعمي زايرينا.......فاضطرّت ما تجيك.....راح تجيك بالليل ...إن شاء الله ...
اشارت مرة اخرى متسائلة عن رهف
فقال: جبتها معي بس خليتها تجلس في غرفة الإنتظار.....عشان ابقى امعك اشوي براحتنا...زوجها راح الشرقية يزور صاحبه....يبارك لزواجه...يردها له...لأنه تعنى وجاء في زواجه...فظلت عندنا هاليومين
فتحت عيناها على الآخر حينما اخبرها بوجود رهف في غرفة الانتظار
اشارت له لينهض ليناديها فقال مازحًا: خليها تولي....
فاحمرّ وجهها غضبًا ورفعت رأسها وظرها قليلًا
دون مساعدة مشيره للباب
فابتسم : شفتي يا فاتن....بعصبك كثير...عشان تقومين وتجلسين كذا.....لوحدك....
انتبهت لجلستها...تأوّهت قليلًا ورمت نفسها من جديد على الوسادة
واغمضت عيناها
اخافت عبد الرحمن بحركتها هذه
تقدم إليها مسرعًا ممسكًا ليدها اليمنى : فاتن فيك شيء...
فتحت عيناها سريعًا
حركت رأسها يمينًا ويسارًا
تجيبه ( لا)
واشارت له للمرة الثالثة للباب برجاء
فنهض مشيرًا لها: طيب طيب.....لا تعصبين
فخرج متوجهًا لمناداة رهف
....
بينما هي بقيت تصارع ذكرياتها
وتحاول أن تتذكر أدق التفاصيل لعلها تُنفي الحقيقة وتستبدلها بحقيقة أقل وطئًا على قلبها !
ولكن الحقيقة لا تستبدل إلا بحقيقة أكبر بكثير من الأولى هذا ما تراه حينما تُسهب في التفكير
تحدثت سرًا
(وش سويتي بنفسك يا فاتن؟ وش سويتي!)
تنهدت بضيق كبير
ونظرت للسقف سائلة الله عزّ وجل ان يفرج تلك الكربة المتكئة على قلبها!
...
انفتح الباب ودخلا كُلًّا من عبد الرحمن ورهف
ابتسمت رهف متوجِّهة لأختها
فانكبت عليها تقبّل وجنتيها وجبينها
تحدثّت بصدق : ولهت عليك يا فاتن مرآ.....
ابتسمت فاتن واشارت لنفسها لتخبرها
هي ايضًا اشتاقت لهت

جلست رهف على طرف السرير وجلس عبد الرحمن على الكرسي الجانبي
تحدثّت رهف بنبره يختلجها الدمع: تمنيتك تكونين معي في زواجي.....فقدتك....وما حسيت بفرحتي....أبد....
طبطبت فاتن على يدها لتقدم اعتذارًا خاص لرهف لأنها افقدتها فرحتها!
عبد الرحمن : رهف خلاص....ملينا من الحزن
رهف نظرت له ثم ابتسمت ونظرت لفاتن : فهد عطاني العلبة اللي عطتيه إيّاه...
قطبت فاتن على حاجبيها تحاول التذكر
فأكملت رهف : اللي جواتها خاتمك تذكرين؟
حاربت فاتن الذكريات المسيطرة عليها
وحاولت تتجه لذكرى الخاتم
كلمة خاتم جلبت لها بعض المواقف !!
تحاول ان تتذكر
خاتم, وعلبة,
وفهد لكن لم تتذكر
إلا بعدما قالت رهف: كاتبه فيها ...كلام ما ينقال....
ثم ضحكت ...وألتفت عبد الرحمن مستغربًا
ينظر لفاتن باستفهام؟
أخيرًا وصلت فاتن لالتماس الذكرى

....
سرحت قليلًا مجبرتًا ذاكرتها على التذكِّر
...
اجل تذكرت عندما تمت ملكة اختها على فهد
صعدت للغرفة وارتدت عباءتها وطلبت من سارا الحضور معها
لإعطاء فهد تلك العلبة الصغيرة فقالت لها سارا: مجنونة انتي وش بتعطينه؟.....هاتيه...انا أعطيه إيّاه.....بدالك.....

فاتن خبأت العلبة الصغيرة خلف ظهرها: لالا......انا راح اعطيه إيّاه...عشان أربي أرهيف الخروفة
ضحكت سارا: هههههههههههههههه وربي بذبحك رهف لو تسمعك وتقولين عليها خروفة...
فاتن لفّت الطرحة على رأسها وبمزح: انا أبي فهد يذبحها ليلة الدخلة....
سارا ضربتها على كتفها: قليلة أدب
فاتن بتعجب نظرت لسارا: انا ما قلت شيء أنتي اللي عقلك دايم يشطح لفوق الثمنطعش
سارا اخذت تضحك من جديد: هههههههههههههههههههه
فاتن ارتدت النقاب: عقلك وسخ....
سارا باندفاع : اسم الله على عقلي...ما هوب وسخ.....نظيف عقلي ما فيه إلا الصلاح...
فاتن بمسخرة: الله يصلحه يا رب....تعالي بس....
سارا بغضب لمسخرتها عليها: روحي لحالك...
فاتن : لا طولينها معاي....ترا ما عندي مشكلة أروح لحالي....والله....
سارا نهضت سريعًا: تسوينها.....مانتي مجنونة...
فاتن خرجت من الغرفة: اخلصي علي بس...
....

ابتسمت ونظرت لعيناها واهتزّ جسدها قليلًا علامةً للضحك
فتحدثت رهف مندفعة: والله أنك تبن....
عبد الرحمن ضاع ما بينهما وما بين ألغازهما فتحدّث مستفسرًا: وش كاتبه لك...؟
فاتن حركّت حواجبها بطريقة مستفزة لرهف بمعنى( اعلِّم)
فنهضت رهف من على السرير صارخة: والله اذبحك.....لو تعلمين أحد...

.....

سكت عبد الرحمن ...ونظر لفاتن وإلى ملامحها التي باتت هادئة وباسمة دون شحوب
فاستبشر خيرًا لذلك
فاتن تحتاج إليه ولرهف ولوالديها اكثر من ايّ أحدٍ !
تحتاج لوجودهما لكي لا تأخذها الذكريات للوراء
ولا تذيقها من سوط عذابها الراكد على جسدها بلا حراك
فقط يبث في جسدها الحرارة ومرارة الذكريات!

كان متيقنًا بأنّ فاتن ستعود
كما كانت عليه سابقًا
تلك الفتاة الفيلسوفة المحبة للمغامرات
المجتهدة دراسيًا....
والمحبة للجنون و المقالب...
فاتن بئر اسراره !
ذات الكلام العذب والمريح
من نظر إلى وجهها ابتسم رغمًا عنه!
تمتاز بملامح هادئة وبريئة
ومريحة للعين!
تنظر إليها فتسقط عنك جبال الهموم وتنسى كل ما يهمك ويغمك لحديثها وحركاتها العفوية ومصداقيتها !
لا تعرف طريقًا للمجاملات
صريحة ولكن لا تتعدى صراحتها حدود الوقاحة!
الحديث معها كالبلسم يُداوي الجروح
وهذا ما افتقده عبد الرحمن
مُنذ وقوع الحادث
لا احد يسمعه ولا يثق بسِواها!
........

رنّ هاتف رهف
قطعت حديثها مع فاتن كانت تتحدث وفاتن تتعامل معها بحركات يديها العشوائية في مشاركتها في الحديث
اخذت هاتفها من حقيبتها الصغيرة
فأجابت بصوت هادئ وبالكاد يخرج من احبالها الصوتية: هلا فهد
فنظرت إليها فاتن وهي تُشير إلى وجهها وعيناها
رسمت ابتسامة ماكرة على وجهها المصفر قليلًا!
المليء ببعض الاضطرابات والتعب التي تحاول إخفائهما من على وجهها!
فهمت رهف ما ترمقها إليه رهف وزاد احمرار وجهها وضربت بخفة ساق فاتن
فضحكت فاتن بِلا صوت فقط اهتزّ جسدها بخفة!
فنهض عبد الرحمن يمازح اخته : هي لا تضربينها ...انقلعي برآ ...وكلمي روميو حقك....براحتك...

انحرجت رهف أكثر فنهضت لتهمس لفهد الذي سمع ما قاله عبد الرحمن : اصبر فهد....
ابتسم : الله يعينك....واضح وجهك قالب طماطه عشان كذا يطقطق عليك عبد الرحمن



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-17, 02:28 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



رهف فتحت الباب وخرجت من الغرفة
وبقيت في الممر
همست له : طيب وشفيك متصل؟......مانت طول الوقت تكلمني على الوات!
فهد ابتسم : اشتقت لصوتك....
انصبغ وجهها للمرة الألف باللون الاحمر احراجًا لحديثه ولم تستطع الرد عليه
دومًا ما يخرسها امام كلماته الغزلية التي تستحقها!
بلعت ريقها وحاولت ان تشتت ناظريها وكأنّ فهد امامها....
ضحك ليكمل متلاعبًا في مشاعرها بصدق مشاعره!: فديت الخجلان انا.....
رهف اخذت تتحسس نقابها بيدها اليسرى علامةً للتوتر
تعبث به وكأنها تتأكد من إغلاقه حول راسها وتغطية وجهها جيِّدًا: فهد...
فهد يكمل لُعبته الغزلية الصادقة: عيونه....
رهف لا تجيبه لا تعرف ماذا تقول حينما يقول لها
(عيونه.....قلبه....حياتي......دني تي)
فهد بهدوء اسند نفسه على وسادته: متى اسمعها متى؟
رهف عقد على حاجبيها بتساؤل: تسمع شنو؟
فهد رمى قنبلته في آذانيها : احبك......هالكلمة متى اسمعها منك؟!
تلك القنبلة اخرستها
وأصمّت آذانيها
بدأت تتعرّق تتقدم خطوتين للأمام وتارة أخرى للخلف
بلعت ريقها
لآلاف المرات هي تحبه
لا بل تعشقه ولكن لا تعرف كيف تعبّر عن مدى حبها له
لا تملك الجرأة الكافية التي تجعلها تنطق تلك الكلمات
تجد صعوبة وثقلٍ ليس هيّنٍ...
حينما تقرر رمي مثل تلك الكلمات لمسامعه!
فهد عكسها تمامًا يُبيح لها عن مشاعره ولكن هي لا تستطيع ان تبيح له !
ولكن خجلها الذي يغرقها بحمرته
هو من يجيبه ليزداد جنون تغزله أضعاف مضاعفة
نعم هي هائمة به ولكن لا تملك الجرأة لتخبره بانها (تحبه)

ارتبكت حتى انها لا تدري بماذا تجيبه كل ما قالته له
ويبدو انها جلبت (جابت العيد) : أيه طيب مع السلامة!!
اغلقت الخط في وجهه واسندت رأسها على الجدار واغمضت عيناها
فهد لم يرحم قلبها الصغير جعله يخفق بجنون!
وجعل عواصف مشاعرها كموج البحر له مد وجزر شديدين!
حاولت تهدأت انفاسها
حتى استفاقت من غيبوبة كلمته
وشعرت بسذاجة فعلتها
فحاولت ان (ترقّع) ما فعلته
فأرسلت له (أحبك.......ما كان اقصد اسكر في وجهك ...بس انحرجت)
ثم اغلقت هاتفها ودخلت مرة اخرى لفاتن

....
ألتفتا كلا من فاتن وعبد الرحمن
وبدآ ينظران لرهف
كانت متوترة للغاية وجهها محمّر نظرت إليهما بهدوء: وشفيكم تناظروني كذا...؟
ثم جلست على طرف السرير من الناحية اليسرى
عبد الرحمن ابتسم لفاتن وفاتن بادلته بتلك الابتسامة
فتحدثّت رهف بعصبية: أعوذ بالله من هالابتسامات وشفيكم؟
عبد الرحمن نظر إليها: ابد نحش فيك بالابتسامة
ثم وقف: وش قايل لك.....افهيد عشان يقلبك علينا.....وصايرة نفسية....
رهف : مالك دخل......وش بقول يعني...
فاتن ضحكت لمنظر اختها المضطرب...!
رهف يبدو ان مزاجها في تعكر بسبب تسرعها الشنيع في إغلاق الهاتف في وجهه دون ان تنطق له بكلمة واحدة : وش فيك؟...تضحكين بعد أنتي....
عبد الرحمن: الحمد لله والشكر.....واضح فيوزاتك ضاربه....من بعد مكالمتك مع روميو....
سكتت ولم تجيبه...
عبد الرحمن أشار لها: يلا قومي نمشي
فاتن نظرت وكأنها تخبره بأن يبقى معها لفترة أطول
فقال: راح نجيك باللي.....صدق نسيت عمي......سعود يسلم عليك....وقول الاسبوع الجاي على خير راح ينزل للسعودية هو وزوجته ...
فاتن ابتسمت
اشار لرهف: يلا...
نهضت تسلم على اختها ثم خرجت معه
.......
علمني حُبك معنى الحياة
علمني كيف اعيش واتزن في وقفتي امام صِراعاتها
علمني حينما انكسر ....لا استسلم ولا ابقى منكسرة منحنية الرأس
لفترات طويلة لا يجب عليَّ البقاء فيها
علمني حُبك ....كيف أبكي لوحدي ومن ثم اخرج امام الجميع مبتسمة
وبوجهٍ فرح
علمني حُبك التناقض في مشاعري!
حُبك جعلني في منتصف الإجابية والسلبية ايضًا!
إلى متى سيستمر هذا الحُب ؟
أريده ان يتلاشى ويصبح لا شيء
لكي اعود لنفسي
مزقت الورقة ورمت قصاصات الورقة على الأرض
شدّت على صورته نظرت لعيناه وحدّقت بهما طويلًا
اجتاحتها رغبة شديدة في البكاء ولكن
لا تريد ان تضعف امام عيناه!
حتى لو لم يكن في الحقيقة امامها
لا تريد أن تضعف حتى امام صورته
وتبكي!
ولكن تسللت دمعه
جردّتها من كبريائها
هي لم تفعل كل ما اتهمها به
هو رحل دون أن يبحث عن الحقيقة
لا يريد محادثتها ولا رؤيتها ابتعد عنها وعن اهله ايضًا!
توفيّ صاحبه وانقلب كل شيء رأسًا على عقب
هو من بدأ بالكذب...
هو المخطئ وهذا ما لا يستطيع أحد نُكرانه
ولكن لِمَ يعذبها لهذا الحد؟!
تركها ...لا بل علّقها...
لا تستطيع أن ترجع خطوة للوراء ....ولا خطوة للأمام...
القرار بيده ...
وهو المتحكم في خطواتها!
كذب عليها وعلى اهله...
بدا يتخيّل أشياء لا حقيقة لها في الواقع
ألّف قصته لِيهرب بِلا عودة
همّت في تمزيق صورته ولكنها تراجعت
واحتضنتها كُرهًا لِأفعاله وحبًا لِقلبه!
نعم هي متناقضة
اصبحت مثله
تمامًا ولكن ليس بيدها شيء
تعمله للخلاص من هلاك تلك المشاعر
رمت نفسها على السرير
وعيناها جاحظتان بالاحمرار
حدّقت بسقف الغرفة
همست بصوتٍ لا يسمعه سواها: ليش كذّبت علي....ليش....ليش....
واخذت تكرر تلك الكلمة بلا تعب...رمت صورته بالجانب الأيمن لسريرها
ثم ادارت ظهرها لتصبح على جانبها الأيسر قرّبت ساقيها والصقتهما ببطنها!
احتضنت وسادتها
وسمحت للدموع للنزول والانسياب دون صوت!
رنّ هاتفها
فمدّت يدها اليسرى (للكومدينة )
المجاورة والملتصقة بجانب سريرها اخذته وحاولت ألا تظهر صوتها التعيس
فهمست وعيناها ما زالتا غارقتا بالدمع: نعم...
قبل ان تجيب عليها صرخت على ابنها حينما رمى كتبه على الارض صارخًا: ما ابي اذااااااااكر....
فصرخت عليه غاضة: والله إذا ما ذاكرت ما راح نوديك .....للألعاب الخميس هذا......وبقول لأبوك...ما يشتري لك......سيكل.....
تأفف متململًا عائدًا لغرفته
وضعت الهاتف على اذنيها اخذت تلتقط انفاسها ليتزن صوتها: هلا سارا....
سارا مازالت على وضعيتها: اهلين عليا....
عليا مشت خطوتين لتدخل لغرفتها أضاءت الأنوار: وشفي صوتك؟
سارا ازدرقت ريقها فنهضت جالسة على السرير
مسحت دموعها بعنف: مزكمة......المهم وش فيك؟
عليا انحنت لِتُجمع ملابس زوجها المرمية على الارض : اليوم لا تنسين ...راح أمرك المغرب....عشان الندوة..
سارا رمت نفسها على السرير واستلقت من جديد على ظهرها وبصوت هادىء: مانيب رايحة
عليا رمت الملابس في سلّت الغسيل وقفت دون حراك مستغربة: ليش منتي كنتي متحمسة تحضريها....وش فيك...؟
سارا سكتت لثوانٍ ثم تحدثت : ما فيني شي....بس.....تعبانة...ومالي خلق.....شيء......وودي اروح
بتردد نطقت: بيت....
قاطعتها عليا قبل ان تكمل
فهمتها دون ان تنطق اسم راعي ذلك المنزل
فتحدثت بعصبية : عشان كذا مزاجك......متعكر....(فصرخت)....لم تى وانتي على هالحال؟........تقدرين تخلعينه......تقدرين يا سارا....؟
سارا بضعف: ما اقدر...
عليا مشت بخطوات غاضبة حتى اقتربت من السرير جلست على طرفه: انتي مجنونة....أنا ما ادري ليش متعلقة فيه....بعد ما مشّى عليك كذبته.....
سارا تحاول أن تبحث عن شيءٍ يغفر له كذبته: أنا كبّرت الموضوع...
عليا بقلة صبر: مجنونة.....شاربة لك شيء؟
سارا بدموع : أنا بس اكتشفت ...أنه عنده اكتئاب...بس....
عليا بصوت مرتفع: لا تذكبين على عمرك...ناسية وش شفتي؟...بسيارته.....ناسية ولا اذكرك...!؟
سارا بصوت مخنوق: لا ما نسيت....
عليا بغضب: حيوان وجبان.....ما قدر يواجهك وواجه الخطأ.....هرب وما عاد شفنا له وجه.؟...علّقك لنتي مطلقة ولنتي مزوجة.....
سارا دون وعي لحديثها: فترة خطوبتنا طوّلت وأنا بعد غلطت...ما اقدر...أر...
قاطعتها عليا: وشهو اللي ما تقدرين...؟
سارا نزلت دموعها من جديد:ما اقدر أزوّج غيره....
عليا بعدم فهم لِم ترمقها إليه صرخت: وش اللي ما تقدرين....لا تقدرين....ما امداك تحبينه ......كل هالحب يا سارا؟
سارا سكتت
فاكملت عليا: لا توهقين نفسك مع واحد كذّاب.......مريض نفسيا.....ولا تقدرين تجيبين منه اعيال في المستقبل......خبّى عليك طول هالفترة ولم كشفتيه حط الغلط عليك......وهج وما عاد شفناه....لا توهقين نفسك.....معاه.....ولا تركضين وراه يا سارا....
سارا اغمضت عيناها عضّت على شفتيها لتمنع خروج صوت شهقاتها
من الخروج
تحاول أن تسحب شهيقًا لتهدأت اعصابها فاردفت: أنا توهقت فيه يا عليا ....توهقت...
عليا لم تتحمل صرخت على دخول زوجها الذي عاد من عمله منهمك : توهقتي في حبه يعني......قلبك مثل ما حبه بيكره.....
سارا اغمضت عيناها عليا لن تفهم رموز سارا إلا بعدما تهدأ من زوبعة غضبها: المهم ما راح أروح ....معك باي....
ثم اغلقت الخط قبل ان تسمع كلمة واحدة منها
نظرت عليا لهاتفها وهي تقول: سكرت في وجهي مجنونة هالبنت.....أكيد هاللي ما ينتسمى عامل لها سحر.....مو معقولة.....متعلقة فيه .....
سلطان وضع غترته على (الشماعة) تحدّث بتعب: انهبلتي تكلمين حالك...
علينا التفتت عليه : متى جيت؟
سلطان وهو ينزع ثوبه من على جسده : توني على صرختك...
ثم رمى ثوبه على السرير وبقي بالملابس الداخلية الخاصة بالرجال
(فانيلة وسروال)
عليا: اختي ما اراح تروح الندوة وأنا بعد مانيب رايحة
سلطان بمزاج عكر نزع الجورب من قدميه: ماحد جبرك براحتك...
عليا همّت بالخروج من الغرفة فأستوقفها: وين تميم؟
عليا التفت عليه: بالغرفة...
سلطان اشار إليها: استاذه راسل لي رسالة أنه ما اتقن سورة....
قاطعته بملل: ادري كاتب له في ورقة التقييم.....ولدك ذكي وفهيم.....ويحفظ بسرعة...بس عنيد وراسه يابس.....وما يرضى يذاكر هالليام تعبت معه....
سلطان نهض وهو يتأفأف: شدي عليه....وبلاش تدلعينه بزيادة......
عليا وضعت يداها على خاصرتها: أدلعه.....والله ما ادري منو اللي مدلعه بزيادة أنا ولا
واشارت لنفسها : ولا انت
فأشارت إليه
رمى نفسه سريعًا على السرير : مالي خلق هذره أنا......اهتمي بدراسته ....طلعي وسكري النور وراك أبي ارتاح.....
عليا عضت على شفتيها بقهر
خرجت ون ان تنفذ طلبه
فهمس سلطان : استغفر الله
فنهض مسرعًا لإغلاق الانوار والباب






انتهى


تحياتي زينب سامي





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-04-17, 06:45 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



رواية

لُجَّةُ الذكرياتِ


(البارت الخامس)

خرجت سارا من الغرفة بعدما اغلقت الهاتف
فتصادفت مع اخيها بكر...
لفت انتباهه وجهها المحمر والعابس في الآن نفسه
عقد حاجبيه قائلا بسوء فهم: الاخت منظفة وجهها ولا يتهيّأ لي...؟
سارا...نظرت إليه باستحقار!
مزاجها لن يستحمل استظرافه
هذا....
فلم تجيب عليه واكملت طريقها
فتبعها ...
يبدو انّ بكر لن يجعلها تغوص اكثر في شتات عقلها
سيخرجها من ذلك الشتات بسماجته التي اعتادت عليها !
تحدث : الله الله.....وشفيك وش هالنفسية الزّفت؟

وهذه المرة ايضًا لم تُعيره أي اهتمام ولم تجيبه ...
إلى ان وصلا لصالة منزلهم
رمت نفسها على الكنبة...
واخذت نفسًا عميقًا لِتُطفي من نيران الذكريات المُشتعلة في خلايا جسدها بأكمله!
ومن ثم رمى هو الآخر نفسه على الكنبة
ليُصبح بجانبها الأيمن
هذه المرّة شعر وكأنها منزعجة من امرٍ ما
أو ليست بخير جديًا!
فتحدث بنبرة جادة: سارا فيك شي؟
اخذت (الريموت) وبدأت تقلِّب القنوات بعشوائية
لم ترد عليه بحرفٍ واحد ...
تلك الذكرى افقدتها حواسها تحت اثر تخديرها
كانت تحدِّق في اللاشيء
عقلها مليء بالفوضى والأفكار المشتتة
قلبها ايضًا غير منتظم ونبضاته تعبث في انفاسها المضطربة
ارهقتها دقاتّه السريعة ....التي لا تدل إلا على التوتر والقلق والخوف من المجهول!
بكر اقتحم فوضوية جسدها الساكن أمامه
بسحبه لذلك (الريموت) من يديْها
متحدّثًا بخوف: فيك شيح صح؟.......منتي طبيعية!
سارا بللت شفتيها وابتلعت ريقها بهدوء
ثم التفت لتنظر لعينيه المحدقتين بِها بكل قلق لم تجيبه على سؤاله بل
قالت له : أمي وأبوي طالعين؟!
بكر بدأ يُجاريها في الحديث لكي يفهم ما سبب حُمرة وجهها
وبحت صوتها التي تدّل على البكاء
لعلها تتحدث بعد ذلك عمَّا يضايقها: راحوا بيت عمي بو عبد الرحمن...
ثم سكتت قليلًا : قولي لي وش فيك؟
سارا اعادت النظر في شاشة التلفاز تنفست بعمق: ما فيني شيء
بكر ..حكّ جبينه فهم أنها لن تخبره بما يضايقها
وهي في اشد مراحل الضيق من تتابع تنهِداتها التي تطلقها
دون وعيٍ يشعر انّ عقلها ليس معها هي الآن فقد جسد بِلا عقل وبِلا روح!
لن تبوح له هذا ما فهمه جيّدًا لن يحقق معها
الجميع ربما لديهم ما يضايقهم في هذه الحياة
فترة وستنقضي تلك الامور وسيعود الجميع على حالته الطبيعية
ابتسم : احم.....طيب وش رايك نطلع؟!
سارا...لن يتركها بكر في هذه الحالة من الصمت
تعرف اصراره في الخروج من متاهات الضيق دون ان يبحث عن اسبابها رغم هزله ومزحه المستمر إلا انه في هذه المواقف يحترم رغبة الشخص الآخر في الحديث او الصمت ولكنه دومًا ما يقدّم مساعدته في التخفيف عن ذلك الشخص بشتّ الطرق!
فكرت كثيرًا ثم اردفت: فكرة ما هيب بطّالة..
بكر نهض واستبشر لتأييدها لفكرته مدّ يده لها : أجل قومي يله...
سارا اخيرًا ابتسمت مسكت يده ثم نهضت: أبيك تفرفر بي ...في شوارع الرياض......وبعدها نروح المول.....
بكر بضحكة لحماسها الذي فاق من سباته : ههههههههههه على هالخشم...
واشار لأنفه...
سارا مشت بخطواتٍ سريعة وكأنها تريد من تلك الخطوات أن تبعدها عن لُجّةُ الذكرياتِ
دخلت غرفتها المجاورة لغرفة اخاها: ثواني بس البس عباتي وأجي...
دخل بكر ليبدل ملابسه صارخًا لتسمعه: لا تتاخرين...

......


من المؤلم أن تفقد ابنك وهو موجود
ولكن لا تستطيع الوصول إليه لأنه وبكل بساطة هو من ابعد نفسه عنك!
خوفها على ابنها فيصل دفعها للشجار مع والده
ارتفع صوتها لأوّل مرة في وجه زوجها
تريد مبررًا لبعده...
فلا تجد ذلك المبرر
ولا يجده والده ايضًا
يغوص ويبحر في سبب بعده لعله يقتنع بسبب ولو كان تافهًا فقط من اجل ان يخفف على نفسه وعلى زوجته التي تبكي ليلًا ونهارًا لِـ فراقه وكأنهُ طفلٍ صغير ضائع ومن المستحيل إيجاده...
كان غاضبًا من فعلته وهروبه من الجميع
وأخذه لتلك الشقة معزلًا له ولِأسراره
تقدم إليها صارخًا: ولدك هذا مفشلني....ما يبي يكلمنا...زين بندر....متحمله......جاء ولا في...
قاطعته بوجهٍ محمر: لا تدعي عليه .....أنا ما انكر أنه غلطان ....بس حاول تكلمه.....
تحدّث بجنون: هو راضي يكلمنا عشان نكلمه؟.......كيف تبيني أكلمه....وهو اصلًا عازل نفسه وماهوب معطينا رقمه !؟......وبس يتواصل مع صاحبه بندر...
كانت ستتحدث ولكن دخل عليهما وافي
تقدم بخطواته ونظر لوجوه والديه العابسة
تارة ينظر لوالده وتارة اخرى ينظر لوالدته
تحدث: وشفيكم؟
بو فيصل جلس على اقرب كنبة امامه وهو يتمتم بالاستغفار
ولم يجيب على ابنه
اما والدته اقتربت منه راجيته بصوتٍ مهزوم: وافي يمه.....قول لصاحب اخوك يعطيك رقمه......والله قلبي.....ما هو مطمن ....أبي اسمع صوته يا يمه.....
وافي سكت...
ليس بيده حيله لفعل ذلك
لأنه أخاه مصرًّا على عدم الاتصال معهم
لسبب يجهله؟
ويؤرقه كثيرًا إذا فكّر في احتمالات سبب إصراره على هذا الامر
تقدم لناحيتها قبّل رأسها : يمه....والله فيصل بخير.....بندر ما يكذب.....هو يقول متى ما خلّص شغله راح يرجع....
بو فيصل نظر لابنه وافي فاردف بسخرية: قال شغل قال...
نظرت زوجته إليه نظرة سريعة منكسرة ثم اعادت النظر لابنها : طيب يا يمه....متى بيرجع بالضبط؟!
وافي ابتسم لِيُطمئن قلبها المُثقل بالخوف على ذلك العاق في نظره!: قريب يا يمه قريب....
بو فيصل نهض واعتدل في وقفته اشار لزوجته: بس يرجع راح أخليه يطلق بنت الناس....
ام فيصل باعتراض : لاااا......لا تجبره على شي ما يبيه.......هو لو يبي يطلقها .....كان طلقها من اول....
قاطعها بغضب وهو يُشير لها: أنتي ما تخافين الله؟.......تخيلي لو هي بنتك!....وش راح تسوين؟......البنت اصبرت عليك وعلى ولدك.....وطوّلت السالفة ....والكل ألّف قصة من راسه!.....فاحت ريحة ولدك.....والكلام وصل للبنت....وأنا ما أرضى عليها....
ام فيصل بدفاع شديد عن ابنها: لو ما تبيه كان خلعته.....ولا كان رضت على نفسها تبقى على ذمته طول هالفترة....
بو فيصل بحده: انا متأكد هي ما تبيه.....بس الله وحده العالم....ليش صابره طول هالفترة .....والوعد لجاء ولدك ...
ثم صعد للطابق العلوي من منزلهم
ام فيصل بقهر: ابوك بيذبحني....صاير ضد ولده
وافي مسك يدها برفق: يمه هو مو صاير ضده....هو منقهر مثلك من فعايله.....وتبين الصدق انا أأيد ابوي في قرار طلاقه من البنت...
ام فيصل بغضب : تبقون تذبحون ولدي انتوا.....
وافي بنفس عميق مهما اخطأ فيصل ومهما فعل والدته ستراه بما تريد
ستغض بصرها عن اخطائه سيبقى فلذة كبدها التي لا تستطع استئصالها
من جسدها....حاول ان يحدّثها بعين العقل: وش نذبحه يا يمه؟......الحل هذا أفضل له ولها.......
ام فيصل بصوت عالٍ: هو يحبها.......كيف تطلبون منه يطلقها!......
وافي ابتسم ابتسامة جانبية داله على السخرية : يحبها؟؟؟...لو يحبها صدق....ما هج عنها يا يمه......ما تركها لألسن الناس ...وخلّ اللي يسوى واللي ما يسوى يتكلم عليها....
ام فيصل مازالت في موقف المدافع عن ابنها: هو ما هج على قولتك.....هو ما عرف يتصرف ....أعرف ولدي...أنا لم اعرفت عنـ...
قاطعها بهدوء: طيب ليش ما قال لنا حنا بعد!؟......ليش خبى علينا....؟.
ام فيصل لم تجد أي إجابة تجيبه على تساؤلاته!
شعرت بالوهن اضعفها ابنها ببعده
عن عينيها وحضنها
الذي دفئه لمدى ستة وعشرون عامًا
هو عاق ببعده .....وبعدم الرفق بقلب والدته
وعقل والده المنشغل بالتفكير عن اسباب عدم مواجهته لهم!
ترقرقت عيناها بالدمع واهتزّ صوتها برجفة الضعف من فعل أي شيء: مادري يا يمه....مادري.....كل اللي أبيه....فيصل يرجع لهالبيت ...قدام عيوني.....اشوفه داخل وطالع وقلبي مرتاح.....اشوفه ياكل معنا في كل وجبة.......اشوفه اذا تعبانه ولا محتاج شي.....ابيه يرجع سالم غانم.......راح يرجع انا متأكدة....بس تكفون ما ابي احد يفتح سيرة سارا لي ولا له لجاء هالبيت ورجع.....إلا بعد ما يطمئن قلبي عليه وكون هو مستعد للموضوع هذا....
وافي اقترب منها وامسح دموع عيناها الساقطة على خديها
قبّل كفّيها ورأسها....
تحدّث بطاعة لأمرها: تامرين أمر يا الغالية ......بس دموعك هذي لا عاد اشوفها....يا يمه ...لا عاد اشوفها...
ام فيصل لم تتحكم في مشاعرها!
فاضت مشاعر خوفها من فكرة فقدانه
وطرق قلبها ألحانًا فيّاضة لمكانته في قلبها
فهو جزءٌ كبير منها ولا تستطيع أن تتخلّى عنه
فهو بمثابة قلبها الآخر!
فلو توقف سيتوقف قلبها الحقيقي معه ايضًا!
سنة كاملة وهي في دوامة المُحتاه وانشغال الذهن
والشوق لرؤيته
فيصل قاسي على والدته لفعله هذا ...قاسي جدًا لو يعلم ماذا فعل بقلبها وعقلها وحت جسدها لن يسامح نفسه !
بكت طويلًا لعزلته وخافت عليه
من أن يؤذيه احدهم بعد معرفتها بمرضه في ذلك الوقت
وكتمان الامر عنهم وعن خطيبته
احتضنها وافي وبلع ريقه تمنى لو الآن يدخل فيصل عليهما لِيُفرح قلب والدته التي بات حزينًا مُنذ خروجه في تلك الليلة!
شهقت والدته متمتمه بصوت هامس: الله يهاديه......الله يهاديه....
وافي لم ينطق بكلمه واحده ...سكت وافسح المجال لوالدته للبكاء والهذيان
لعلها بعد ذلك تشعر بالراحة...
......

الغرقة ظلماء....باردة ......باردة جدًا......نائم بعمق.....حاضنًا وسادته
الصغيرة بيديه ووسادة اخرى واضعها ما بين ساقيه....لا وجود للأحلام
التي تُخيفه.....ولا للكوابيس التي ترعبه.....نائم بهدوء....وبسلام....
ربما الأحلام السعيدة هي من تغطي جسده الآن وتدفئه....من برودة التكييف......

انفتح الباب وتسلل ضوء بسيط لداخل الغرفة لم يزعج عيناه لأنه لم يصل إليها ...
امتلأت غرفته بصوت خطوات وطء قدم اخيه على الأرض
اتجه إلى نافذة الغرفة
فابعد بيديه الستارة عنها
ولكنه تفاجأ بوجود غطاء (لحاف) على النافذة مثبت بإحكام وهذا ما جعل الغرفة شبه ظلماء!....ازاح الغطاء بقوة حتى سمع صوت تمزيق الغطاء العالق بجوانب النافذة الحادة
ثم اقترب من أخيه....سحب الكنترول الخاص بالتحكم في التكييف
الموضوع على الكومدينة اخذه ثم اغلق التكييف
وضع يديه على كتفه اخيه
متحدثًا بهدوء: خالد.....خالد.....
لم يُبدي أي حركة ...بقيّ على حركته ساكنًا وغارقًا في نومه
يزن حركه هذه المرة بعنف: خالد قوم....
خالد قطب على حاجبيه بانزعاج وانقلب
للجهة اليسرى ليبتعد عن ضجيج أخيه : اووووووووه...
يزن يزيح الغطاء عن جسد أخيه
رفع صوته : قوم يله.......الساعة عشر ونص.......قوم تجهز....عشان تروح معي للصلاة....
خالد وهو مغمض لعيناه: مانيب رايح....
يزن بعصبية: مو على كيفك....
انحنى لِيمسك أكتافه ويرغمه على النهوض
صرخ خالد: اوه...وخر....اكفيني شرك....تو بدري على الصلاة.....خلني أنام...
يزن يسحبه من على السرير متوجهًا به لخارج الغرفة ليرغمه على الدخول للخلاء الجانبي لغرفتهما: يلا ادخل تروّش وراح تصحصح .....
خالد حكّ رأسه وضغط على عيناها بأصابع يديه ليهدأ صداع رأسه
ثم دخل للخلاء متذمرًا
(مرّت) صيته بجانب الخلاء فرأت يزن ابتسم: صيته.......خالي بو عبد الرحمن......متصل علي وعازمنا الليلة على العشاء....
صيته سكتت قليلًا ثم قالت : ما راح اروح معكم....
يزن مستفهمًا : ليشششش؟
صيته شتت نظراتها عنه : ماله داعي أروح...
يزن: معناها وتين بعد ما راح تروح لو ما رحتي...
صيته خجله من امر ذهابها هي لم تراهم مُنذ فترة طويلة
وتعلم جيِّدًا بعضهم لا يستسيغ وجودها في وسطهم!
لا تريد ان تقحم يزن في هذا الأمر!
تعذرت قائلة: أنا تعبانة ومالي خلق ......انت أخذ اخوانك ووتين أنا اقنعها...
يزن هزّ رأسه بتفهم
ثم اطرق باب الخلاء صارخًا: خااااااالد...
ابتسمت صيته : صدقني تلقاه جالس على طرف البانيو وساند راسه على الجدار ومغفي...
يزن عقد حاجبيه ونظر للباب مترددًا في فتحه
ولكن قررّ بعدما اطلق تنهيده مُتعبة سببها له اخيه
ان يفتحه!
وضع يده على مقبض الباب
وفتح جزء بسيط وحاول ان يسترق النّظر من خلال الفتحة الصغيرة
وفعلا رآه كما وصفته صيته
فشرّع الباب كله
تحدّث بصوت حاد وعالٍ: خاااااااااااااالد...
خالد مغمض عيناه بعمق
صرخت يزن شتت عمق سباته
حينما صرخ اخيه ارتدّ للخلف بخوف حتى وقع في وسط (البانيو)
فتح عيناه فأخذ يشتم يزن: الله ياخذك......وافتك منك وارتاح ...
صيته لم يعجبها الأمر تقدمت بالقرب من يزن وتحدّثت بجدية: خالد عيب عليك تدعي على اخوك...
يزن بعصبية: يله عن الدلع الزايد.....وتروّش .....راح انتظرك تحت ...
خالد وقف على قدميه ابعد خصلات شعره القصيرة للخلف لكي لا تدغدغ وجهه وتصيبه بالقشعريرة ! صرخ: طييب انقلعوا....وسكروا الباب....ولا تبوني افسخ قدامكم واتروش بعد....
يزن بحنق: والله انك قليل ادب...
صيته نظرت ليزن ولتنهي المسألة قبل ان يشتد غضب يزن وينقض على اخيه بالضرب: سكر الباب....اتركه ....يتروش على راحته...
يزن لم يتحدث اغلق الباب ثم التفت على صيته: صدق جهاد وإياد ما تبينا ناخذهم معنا؟
صيته نظرت لعيناه المتعبتين: إلا......خذهم معك كلهم....
يزن: والله ما ودي نطلع كلنا ونتركك بالبيت لوحدك...
صيته ابتسمت لاهتمامه ولأسلوبه المتحسن في معاملته معها
حمدت الله كثيرًا على انقلاب حاله لحال افضل بكثير مما قبل
اردفت: اشدعوه.......ما هي اوّل مره اصير لحالي....
يزن حرّك رأسه برضا: براحتك...
ثم صرخ لكي يسمعه خالد: يا التبن.....اخويلد....خف نفسك واطلع بسرعة...


خالد سمع صوته وصرخته الحادة
فسقطت من يده (الصابونة)
انزعج للغاية من شدّة وغلظة اخيه
ضرب بقدم رجله على الارض شادًا على اسنانه: الله ياخذك وارتاح منك.....يا وجه البومه!
...

بينما صيته توجهت لغرفة وتين طرقت الباب بخفة ثم فتحته
دخلت ...
لترى وتين منكبة على كتاب الرياضيات الخاص للمرحلة المتوسطة
(أولى متوسط) تقدمت بخطواتها
ثم جلست على طرف السرير: وش تسوي قمورتنا؟
وتين رفعت رأسها عن الكتاب: احل واجباتي...
صيته بحنان: الله يوفقك يا يمه...
قد البعض يتساءل لِم هي شديدة العطف عليهم
ولِم تمطر عليهم بالحنان ؟
ربما أحبّت ألا تعاملهم بالطريقة التي عاملوها بها والديها
لم تحبّذ يومًا مقولة (فاقد الشيء لا يعطيه) فهي فقدت العطف والحنان والمحبة والحرص!
وها هي تعطي الكثير منهم وربما اسرفت عليهم في إعطائها كل هذا الاهتمام!
تحدثت بجدية هذه المرة: وتين...
وتين تركت القلم في منتصف الكتاب
اغلقته ثم اردفت: آمري يمه...
هي الوحيدة من تسميها بـ(يمه)
ابتسمت صيته: الليلة انتي واخوانك راح تروحون بيت خالكم بو عبد الرحمن...
وتين متعلّقة بصيته كثيرًا
فهي لم تشعر بوجود امها اكثر من شعورها بوجود صيته!
بسبب صغر عمرها في ذلك الوقت : طيب ما راح تجين معنا؟
صيته بهدوء وحزم: لا
ودون ان تمهل وتين للتساؤلات : لأني تعبانة....
وتين لفّت خصلة من شعرها حول سبابتها
تحدثت بجدية: خلاص ماله داعي اروح...
صيته: وتين هذول اهلك وصلة الرحم واجبة....انا لو مني تعبانة كان رحت معكم...
وتين تمتاز بالبراءة
وروح الطفولة تداعب ملامح وجهها
وحديثها نوعًا ما!
قالت: هذا انتي ما تروحين لأهلك...؟
صيته تبعثرت الحروف من فاهها
لم تستطع ان تجمعها لتُجيب على اتهامها بقطع صلة الرحم بطريقة غير مباشرة ...
انعقد لسانه عن الحديث
وكأن وتين
رشّحت ملحًا على جراحات السنين الغائرة!
وتسحقه بقدميها الناعمتين!
اهلها لم يهتموا بها فعلًا ولكن لم تجرّب يومًا من بعد زواجها
ان تقوم بزيارتهم او تحاول ان تُصلح العود الذي كُسر...
ما زال مكسورًا ...
ومرّت السنين
وجعلته يابسًا
وبلمسه واحده من يدك قد تجعله حُطامًا...
الامر ليس هينًا عليها
كلما تتذكر كلمة والدها (روحي عني منتي بنتي ليوم الدين)
يشتّد نحيبها وتشعر بحرارة جسدها المرتفعة
بلعت ريقها: أهلي مسافرين واتصل عليهم واطمئن ....بس أنتي لا تتصلين ولا تروحين لهم كثير....
نهضت لتنهي النقاش: المهم الساعة ثمانية جهزي حالك....ومتأكدة انك راح تنبسطين مع رهف وبنات عمها....
ثم خرجت من الغرفة تُلملم شتاتها الضائع
وضياع نفسها .....
هي نكرة
هذا ما تشعر به
لا اهل لها
ولا سند يُحميها
للأيام الصعبة التي قد تمر عليها!
الحياة لن تكون دائمًا سلسلة وهادئة وسعيدة...
لا بد ان يأتي يوم صعب ...ومحزن....وكئيب
ولكن طريقة تعاملنا مع هذه الايام هي من تجعلنا
اكثر فخرًا وسعادة بأنفسنا ولوحدنا!
ولكن هي بحاجة شديدة لوالدتها ولأهلها
هذا ما تشعر به!
حاولت ان تضبط انفعالاتها قبل ان تفقد السيطرة كليًّا عليها
وضعت يداها على فمها لتمنع خروج شهقاتها
شعور مؤلم يجتاحها
الوحدة وكونها شاذة عن غيرها بسبب نبذها من قِبَل أهلها
أعز الناس إليها تركوها في صراعات الحياة!
فماذا تصنع!؟
لا تستطيع مواجهتهم ولا تستطيع نسيان تلك الأيام الثقيلة
ركضت للغرفة الخاصة بها اغلقت الباب
بل اغلقته بقوة!
رمت نفسها على السرير ثم بكت....حزنًا....واشتياقًا...له� �....
لا تستطيع نُكران الاشتياق الذي يخالج صدرها...
اشتاقت لرائحة والدتها .....وإلى اخوتها الصغار ...ماذا حدث لهم؟....قبل ان تتزوج كانوا يعانون من المرض!
هل تم شفائهم؟
ام ماذا حدث !
لا تعلم هل قاموا بتغيير وجهتهم ؟ هل انتقلوا
إلى منزل آخر
اسئلة كثيرة تدور في عقلها بلا رحمة
اطلقت (آه) من اعماق قلبها
لعلها تطفي حنين اشتياقها الممزوج بألم السنين القاسية!


.....
اجبر اخاه على الركوب معه في السيارة بعدما تبعه عندما خرج من الشقة تحدث معه واجبره على الخضوع للعلاج ولكنه لم يصغي لا إليه ولا إلى نصائحه
تنهد ...ولم يردف بعدها بأي كلمة إلى ان وصلا للمنزل
نزلا من السيارة ودخلا مع بعضهما البعض
وقبل ان يدخل تركي قال: أبوك موجود؟
ابراهيم التفت لأخيه بعينين متعبتين من الألم الذي يشعر به ومن الطنين الذي يضج في رأسه: مسافر
تركي تابع السير للدخول قبل أخيه

لم يرى احدًا دخل ابراهيم وتوجّه لناحية الدرج
للصعود للغرفة قال بصوت هادئ : امي في المطبخ...
ثم صعد سريعًا وعلى عجلٍ من امره!

تنفس تركي بعمق وتحرّك بخطوات هادئة ناحية المطبخ
كان متردًا ما بين الدخول من عدمه!
ومشتاقًا لرؤية والدته
لم يراها لمدة طويلة
لذا اشتاق إليها كثيرًا
....
امام المطبخ وقبل ان يدخل ...اصبحت اخته امامه
في بداية الامر لم تستوعب ذلك الشخص الذي امامها
صرخت بقوة
لقد تغيّرت ملامحه قليلًا عليها
لم تتعرّف عليه من اوّل نظره
حدّقت به
بعينين شاخصتين وما زالت تصرخ من صدمتها
ثم استوعبت جنون تلك الدهشة
استوعبت من يكون ذلك الشخص فصرخت مرة اخرى : تررررررررررركي....

ثم احتضنته!

....
والدتها خرجت من المطبخ راكضة بخوف على ابنتها واضعة يدها على قلبها صراخ ابنتها افقدها وعيها تركت كل شيء من يدها وخرجت تلهث برعب افكارها
حينما خرجت كانت ستتحدث: رنا.....وشـ...
لم تكمل حينما سقطت عيناها في عين تركي مباشرة
عرفته!
ذلك الابن الذي لم يتربى في حضنها ابنها الأوّل
الذي جاهدت للوصول إليه لجعله يتربى في حضنها ولكن لم تنجح!
عانت كثيرًا لفقد طفلها واخذه من احضانها تمنّت (لو)توفيت ولا تعش مرارة بُعد طفلها عن احضانها جنّ جنونها ودخلت في عيشة ضنكة
مليئة بالتخيلات والأصوات ...
صوته وهو طفلٍ يبكي وملامسة يديه الناعمتين ورائحته الطفولية المنعشة !
كل هذا تتذكره
ليزيد من جنون اشتياقها إليه اضعاف مضاعفة !
جثلت على ركبتيها تحاول نُطق اسمه
ولكن لم تستطع من شدة دهشتها
في الحقيقة هو عاش في احضانها مدة سنتين من عمره
وبعد ذلك اخذه منها والده محتجًّا بانها ستتزوّج وستنشغل عنه ولا يريده ان يعيش في وسط بيت رجل غريب
فأخذه منها جاعلها تغرق في وهمه !
ابعد رنا عن حضنه وقبّل جبينها ثم اسرع راكضًا لناحية والدته جثل على ركبتيه مُقبِّلًا يديها ورأسها
احتضنته بشدة واشتمّت رائحته عانقته وكأنها لا تريد أحدًا أن يكرر ما فعله والدها بها في السابق!
لا تريد احدًا ان يتجرّا ويسحبه من احضانها الدافئة
خرج صوتها تعاتبه: طوت عليّ يا يمه.......
تركي رغم بُعده عن والدته والعيشة السيئة التي عاشها مع والده وزوجة أبيه رغم كل هذا لم يلُم والدته على تركها له!
كما اخبروه اهله بذلك....
بل أصر على رؤيتها وزيارتها بين الحين والآخر
إلى ان عرف الحقيقة المُرّة وزادت علاقته بها
شدّ عليها اكثر : حقك علي يا يمه...
رفعت رأسها ونظرت لعيناه ابتسمت: جعلني ما افقد حسك يا يمه....
تركي بصوت هادئ للغاية على غير المعتاد: ولا حسك يا الغالية...
رنا اتت بجانبه واحتضنته من جانبه الايسر : الحمد لله ابوي ما هوب هنا....لو هنا كان ما قدرت احضنك.....
تركي ابتسم
ثم امسك بطرف ارنبة انفها مازحًا: خلاص وخري خنقتيني...
رنا اغمضت عيناها وشدت عليه اكثر: ياخي حلال أنت اخوي...من امي...عادي ما فيها شي....خلني احس بالحنان اشوي

ام تركي ضربت على كتف ابنتها: عاد انتي اكثر وحده من بد اخوانك ماخذه الحنان....يله بس ابعدي عنه ولا تضايقينه...
رنا بشغب: مانيب مبعده....
ام تركي : عن الدلع يله ...وخري عن اخوك...

نهض تركي واقفًا على قدميه
سحب اخته رنا من يدها اليمنى ثم حملها جاعلًا بطنها على كتفه ورأسها يتدلى خلف ظهره !
وبردت فعل سريعة
منها استقامة بظهرها لتمنع تدفق الدماء في رأسها لكي لا تصاب بالصداع
صرخت: اتريك نزلني ....تعرفني أخاف من المرتفعات ....نزلني...
تركي بسخرية: انتي على جبل عشان تقولين المرتفعات؟
رنا اغمضت عيناها
هي لا تحبذ المرتفعات وإن كانت غير مرتفعة لذلك المستوى الذي قد نطلق عليه شامخة
تخشاها وإن كانت ذو ارتفاع قليل ومتوسط
لديها فوبيا خاصة من تلك المرتفعات بشكلٍ مبالغ فيه!
صرخت بشدة تحذّره: نزلني ولا بستفرغ ......الحين....راسي متنكس على تحت ما تحمل

ام تركي رحمت ابنتها
تقدمت لابنها وضعت يدها على كتفه مبتسمة : نزلها لا تجن علينا الحين...
تركي ابتسم لجملته والدته
انزلها بسرعة حتى سقطت على الارض بعدم اتزان
صرخت لفعلته : تبن أنا بسرعة راسي يدور ....لوّعت كبدي....
تركي ضحك بخفة: هههههه صدق مدلّعه.....الحين حاملك بس....ودار راسك...
رنا وقفت وقامت بتعديل هندامها: بس مو بهالطريقة خليت راسي يصدّع...
تركي لم يعلّق على حديثها فقط ابتسم
ثم التفت على والدته : المهم يمه....جوعان...وخاطري آكل من يديك...
ام تركي بابتسامة: ما عاش الجوع وانا موجودة ....ثواني وكون الغداء جاهز....
ثم توجهت للمطبخ....
رنا نظرت إلى اخيها ثم اردفت: اتريك نحفان مره....تسوي رجيم....
تركي مشى خطوتين للأمام : وشو تريك هذي؟...اصغر عيالك أنا...
رنا اقتربت منه وامسكت بذراعه : لا تضيع السالفة ....تسوي رجيم؟
تركي سحب يده من يديها ثم جلس على الكنبة : ليش يعني بالأول صاير دب؟
رنا بهبل كعادتها اشارت له بيديها : لا بس كنت مليان اشوي...
تركي ضحك بخفة: ههههههه طيب اول احلى ولا الحين....
رنا بعبط: لا ....طبعا الحين....صاير خقه...
تركي ضحك بقوة هذه المرة: ههههههههههههههههههههههه.... ...
ثم قال: الا صدق فين سامي؟
رنا نهضت لتشغيل التلفاز: نايم...
وقف تركي وعقله مليء بالتفكير: بروح اشوف ابراهيم وراجع...
رنا وضعت القناة التي تريدها وجلست امام التلفاز لتشاهد مسلسلها المفضل : طيب
اما هو توجه صاعدًا لأخيه لعله يقنعه في امر العلاج ...لن يرتاح حتى يخضع اخيه للعلاج وتخليص جسده من سموم المخدرات القاتلة!






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-04-17, 06:45 PM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



خرج من الخلاء ...يشعر بالتحسن ...يشعر بقدرته على السيطرة على آلام جسده ورأسه.....لم يتبقى سوى أيام قليلة ويخرج من المستشفى....جلس على طرف السرير....نظر للجدار الذي أمامه....وشهد على الكثير من جنون افعاله.....تندم كثيرًا ....على ما فعله....بنفسه وبخطيبته وباهله....ولكن كل ما حدث خارجًا عن إرادته!...فقده لأبنته وزوجته....السابقة أفقدوه عقله....تنهد طويلًا ثم اخرج محفظته....صورة صغيرة لابنته ...نظر لعيناها...الزرقاوتين وشعرها الاشقر لا تشبه كثيرًا...لا تشبه إلا في رسمة انفها الطويل والدقيق واتساع عيناها الجوزاء
اما ملامحها الاخرى تشبه والدتها!......لم يخبر أحدًا عن هذا الزواج ...تزوج حينما كان يدرس في بريطانيا ...لم يجرؤ على إخبار والديه عن أمر زواجه من تلك الفتاة المسيحية !...ولكن خطيبته اكتشفت الأمر وليتها اكتشفت امر زواجه فقط !!...رمى نفسه على السرير ونظر للسقف
حدّق به طويلا وتحدث: سامحيني يا سارا.....اعترف كنت اناني لم....خبيت عليك....لم ..قر...
لم يكمل بسبب طرق الباب وفتحه سريعًا....ابتسم عندما التقت عيناها بعيني صديقه
جلس على السرير
وأتى صاحبه بالقرب منه ليسلم عليه مبتسما: اخبارك اليوم؟
فيصل: الحمد لله تمام...
بندر جلس على طرف السرير: دوم يا رب...
فيصل يقف امام بندر حرجًا لِم فعله له ولِم قدمه إليه
بندر شخص نادر في مثل هذا الزمان شخص لا بد ان يحافظ عليه كما حافظ على صادقتهما لتدوم!
لم يتركه في أشد حاجته إليه
بانت صحبته الطيبة في مواقف كثيرة له
فعلًا هو حقق معنى((الصديق وقت الضيق)) وضع يده اليمنى على يده : بندر ....تدري أني والله خجلان ....قدام فعايلك الطيبة لي....
بندر ابتسم مربتًا على يد فيصل: أنا ما سويت شي يا فيصل ...كل اللي سويته أني حافظت عليك.....لأنك غالي ....علي...
فيصل بنبرة نادمة: اللي سويته كل شي بالنسبة لي يا بندر....انا غلطان لم ما سمعت كلامك من البداية...
بندر: الحمد لله انك رجعت فيصل القديم...
فيصل تنهد بضيق: انا ندمان ....قد شعر راسي....يا بندر ...ضريت نفسي...وخطيبتي....واهلي....
بندر يهوّن عليه الامر: تقدر تصلّح كل شي يا فيصل.....لحد الحين ما فات الاوان...
فيصل بخجل مما فعله: ظنك راح اقدر...
بندر يردفه ويسانده بحديثه: راح تقدر يا فيصل مثل ما قدرت تتخلّص من هالسم...
فيلص بتفكير: اممممم...ابي اكلم اهلي...
بندر بفرح: حلو...
ثم اكمل: على فكرة...الدكتور يقول الخميس هذا راح يكتب لك خروج...
فيصل بحرج: طيب.....حبوب الاكتئاب.....والمهدئات ....ما قال لك الدكتور ما زن.....اني اتركها أو ....لا؟
بندر بجدية: مانت محتاج لها.....وقال لي أنك تعديت الازمة....ولله الحمد....كل اللي فيك كان إدمان وكنت أنا شاك في هالشي....عشان كذا ...قلت له عن حالتك.......اتركها مانت محتاج لها....
فيصل اسند ظهره على وسادته ونظر للجانب الايسر: تعتقد راح تسامحني.؟
بندر لا يعلم بما يجيبه
ما فعله بسارا لا يُغتفر أبدًا
تعامل معها بوحشية خالية من الإنسانية مجبرها
على البقاء !
اغتصب حقها في الاختيار ما بين البقاء معه وما بين الافتراق
فلم يترك لها الخيار بفعلته اللئيمة اجبرها على السكوت
اجبرها على الخضوع لقراره طيلة هذه المدة
تنهد قائلًا: إن شاء الله راح تسامحك...
فيصل اغمض عينيه متحسرًا: خاطري اكلمها.....عارف ما غيّرت رقمها بس ما عندي الجرأة اني أكلمها......لأنه ما عندي شي ينقال...يا بندر....
بندر سكت محتارًا ....
فاكمل فيصل: ما راح تسامحني ابد...
بندر نهض: فيصل لا تشغل عقلك بهالاشياء حاليًا......اهتم بنفسك....ومتى ما شفت نفسك...قادر تواجه كل هذا....تقدم بخطواتك إذا انت مو قادر أو ما عندك شي.....تقوله....لها الحين......فانصحك لا تتسرع واعطي نفسك فرصة قبل لا تواجهها.....عشان ما تهدم الباقي....
فيصل بسخرية التفت عليه: هو فيه باقي عشان ما ينهدم...؟
بندر بغضب: لا تصير سلبي راح تتعب...
فيصل اخذ نفس عميق: إن شاء الله ....
ثم غرق في سرحان طويل تحت انظار بندر....
...

تمسح على بطنها تتخيّل انه ما زال ساكنًا في ظلمة رحمها
تبكي شوقًا لخروجه إلى هذه الدنيا انتظرته طويلًا
ولكنه لِمَ خرج بِلا روح؟
لِم خرج مُزرقًّا لا حياة في عينيه!
تارة تُبعد عنها الافكار هذه وتستغفر وتارة اخرى تعود على القنوط والنّوْح!
لم تهتم بعد ذلك الامر لشكلها ولملابسها وحتى نظافتها!
تشعر بالبؤس رحل دون ان تشمه
وتحتضنه وتقبله رحل بِلا عودة!
رحل إلى عالم الاموات وهو لم يلبث في بطنها إلا ستة اشهر
كانت تعد الأيام بشوق فقد لجعله ما بين يديها وفي حضنها
لتهتم به وتغدق عليه بحنانها المُعطاة بِلا ملل!
سئمت من الانتظار وفقدته فجأة
نهضت من على السرير وتوجهت لناحية المرآة نظرت لوجهها المصفر ولعيناها الخالية من الحياة ولشعرها المبعثر
لم تهتم لكل هذا
بل سحبت من الدرج الخاص لأغراضها من المجوهرات والذهب المبعثر بداخله صورة ثلاثية الابعاد لابنها ....
صورة بسيطة وهو داخل بطنها ونائم بكل هدوء!
احتضنت الصورة وبكت!
هي بحاجة إلى شخص يساندها ويشاركها هذا الألم ويزيح عنها نصفه
ولكن ذلك الشخص مُبتعد....
لا تستطيع الوصول إليه رغم انه اقرب الناس إليها لأنه زوجها
(تركي) بلعت ريقها وجرّت خلفها اذيال الخيبة من هذه الحياة
ثم عادت إلى سريرها
تناولت اقراص منوِّمة لتفقدها الحياة بشكلٍ مؤقت وتخفف عنها وطأة الالم لعلها تنسى ابنها وتنسى اهمال تركي لها

.....
تصيبها رجفة عظيمة حينما تُسهب في التفكير, أخطأت ووقعت في الفخ
ولكن لم تشك يومًا بأنه سيصبح مثلهم خائنًا!
لأنه قريب جدًا فهو جزء من عائلتها
هل تعتبر مذنبه في تسليم قلبها له؟
ام هو المذنب لأنه عبث بمشاعرها وبعثر كيانها؟
ولأنه شتتها ايضًا!
كذبتها هذه أوصلتها على فراش الموت كانت ستموت على معصية؟!
ولكن من يدري ...
فالجميع سلّمها مفاتيح الثقة التي اضعتها مُنذ ان ذهبت إليه...!
هي لم توافق ولم ترضى على فعلته!
لم ترضى بان يتجاوز حدوده ليفقدها حياتها!
دماغها هذا لن يرحمها في استرسال الذكريات
كان يتحدث معها يحاول ان يجعلها في حالة استرخاء جسدي
وعقلي!
ولكن معها لم ينفع الامر فالتجأ إلى التنويم المغناطيسي
لعله يعرف أو يتعرف على شتات عقلها الباطن
ولكن لم يتوصل إلى شيء يرضيه
الغريب انها كانت تحاول ألا تدخل في غيبوبة التنويم المغناطيسي
عقلها يرفض ذلك تمامًا وإن جبرها تُحيره بما يدور في عقلها
اخذ الملف وكتب آخر التطورات لديها ثم
نظر لشتات عيناها : فاتن ارحمي عقلك من التفكير.....جسدك يحتاج إلى راحة .....وعقلك كمان محتاج للراحة وبشدة.....اذا تميتي على هالحال يمكن تدخلين في مراحل متطورة للصرع النفسي.....انا صريح معك....عشان تهتمين لنفسك....
فاتن نظرت للدكتور غسان الخاص لمتابعة حالتها النفسية
والمختص في هذا المجال
اغمضت عيناها بهدوء ثم فتحتهما فقال: محتاجة لورقة وقلم عشان تكتبين؟
فاتن هزّت رأسها بالإيجاب فاستبشر لذلك
مدّ يده الحاملة للقلم والدفتر
اخذتهما بيد مرتجفتين
نست كيف تكتب واستصعب عليها الامر في البداية
ولكن بعد دقيقة واحدة او دقيقتين
كتبت بخط متعرج له(متى اطلع من هنا؟)
عقد حاجبيه : فاتن.....لا تهتمين بأمر خروجك.....الحين اهتمي كيف تضبطين افكارك!....وذكرياتك.....كل المؤشرات حاليا فيها نوعا ما من السلبية.....لا تجبرين عقلك على التذكر .....اشياء تقلقك وتوترك ....لا تلومين نفسك اكثر من اللازم....ما ابي اضطر وألجأ إلى جلسات أنتي في غنى عنها لو بس ساعدتي نفسك وتقبلتي على كل اللي انتي فيه واخذتيه من جانب خير.....وتذكري ربنا ما يسوي إلا الخير للانسان....لا تقنطين من رحمة الله....وصوتك متى ما أنتي

واشار لها: قررتي تحررين نفسك من قوقعة الذكريات وقررتي تتكلمين راح تكلمين صدقيني...
فاتن عقدت حاجبيها لتجاري دموعها من السقوط
اخذت نفسا عميقا واشاحت بوجهها للجهة اليسرى
بينما هو نهض من على الكرسي : اتمنى بكرة ....اجي ...واشوف فاتن ثانية....فاتن القوية...
ثم خرج...
.....
نظرت لسقف الغرفة يوم كامل لم تنم
وهذا ما اغضب الطبيب غسان لا يريد ان يجعلها تخضع للمهدئات لكي لا تعتاد على ذلك!
عقلها مليء بشتات ما تفكر به
مليء بالندم والصراعات
كيف ستخبر الجميع انها فقدت اغلى ما تملك؟!
كيف ستواجه هو!
هل نسى ؟
ام انه يتلوى ألمًا وندمًا لضياعها
وان فعل فهو منافق !
اجل كيف يقتلها ويبكي لفقدها وضياعها !
استقلت على جانبها الايسر تحاول ابعاده عن ذاكرتها
تحاول ان تسيطر عليه لتتجاهله
وتغط في سبات عميق
وليطمئن قلبها ويرتاح
اغمضت عيناها وشدت عليهما بقوة
تبحث عن بصيصٍ من الامل في لُقيا النوم فقط
.....

ذهب لمكتب الدكتور احمد نظر إليه : لا تعطونها منوّم
د. احمد بهدوء: لها يوم كامل ما نامت ....راح تدخل في ارق كبير بعدها...
د. غسان جلس على الكرسي
تحدث باهتمام: أتمنى ما نوصل لهالمراحل السلبية........بس لازم نعطيها فرصة لضبط كنترول عقلها ...اذا ما نامت بعد ساعتين بالضبط نلجأ للمنوم...بس حاليا لا......لا زم تحاول....عشان تقدر تتحكم ....في شريط ذكرياتها....
د. احمد نظر لعينين غسان: هي مهيب متقبلة وضعها....وانه صار لها الحادث....وحاليا ما تتكلم ....ولا تقدر تمشي....
د. غسان اطرق سريعًا: لالا......مو لهذا السبب....فيه سبب مسيطر على كل اللي قلته......تحاول وتجاهد نفسها.....أنه ما تقوله ....وداخله في مراحلها الاولى من الصدمه بسببه....
د. أحمد: شي مثل ايش....؟
د. غسان: ما نيب قادر اوصل لهالشيء يا احمد....حتى بالتنويم المغناطيسي تجاهد نفسها عشان ما تقوله....
وبهدوء اكمل: للعلم بالتنويم المغناطيسي تتكلم...
د. احمد لم يتعجب لهذا الامر: انا عارف عدم قدرتها على الكلام مو لسبب عضوي لا لسبب نفسي بحت....
د. غسان: انا افضل ....يتم تغيير الغرفة اللي هي فيها بغرفة ثانية.....وتسمحون لأحد من اهلها ....يبقى معها....عشان ما تبقى تفكر في الامر اللي شاغلها لفترات طويلة...
د. احمد هز راسه ضامًا شفتيه بتفكير ثم اطرق: بخبر اخوها عبد الرحمن....وان شاء الله خير.....
نهض د. غسان: يله عن اذنك....بروح لقسمي...
د. احمد صافحه مبتسما: الله معك...
د. غسان خرج
تاركًا الطبيب احمد يغوص في ملفات مرضاه


......

بقيت في السيارة اما هو نزل ليشتري له ولها ما يريدانه من
(الشيبسات_والحلويات_والآيس� �ريمات_...والخ) سحبت هاتفها من الحقيبة
اخذت تلتقط صور عشوائية دون ان تظهر جسدها وحتى يدها!
تحدثت بملل: تأخر....
وما عن نطقت كلمتها هذه حتى خرج من (البقالة) وفي يده كيستين مملوءتين بالحاجات
التقطت له صورة ...
وصل إلى سيارته فتح الباب بصعوبة ورمى عليها الاكياس
صرخت به: وجع عورتني...
جلس على المقعد قم اغلق الباب تحدث بابتسامة بلهاء: ما ودك نروح الثمامة نطعس؟
سارا قامت بتعديل نقابها اردفت بسخرية: لا بالله....احلف....وش الثمامة بهالوقت......لا ودنا البيت....تعبت من الفرفرة...
بكر بدأ يقود سيارته : وين اللي تبي تروح المول....
سارا : هوّنت فريت راسي......
ضحك منعطف لليسار: كم لفة سمتيها تفرفر...
سارا بجدية: تبي الصدق تعبت....خلنا نرجع البيت ونبسط على فلم رعب...
بكر مازحًا: وجهك من غير شي رعب...
سارا ضربته على كتفه صارخة: تبن......
بكر بضحك: هههههههه لا تضربيني لا الحين....اصدم بس...
سارا سكتت لا تُطيق سيرة حوادث السيارات بسبب ما حدث لفاتن؟
بكر: صدق ترا عمي بو عبد الرحمن عازمنا الليلة...وامي وابوي....راحوا من بدري عشان يساعدونهم بترتيبات العزيمة ...
سارا بتفكير: اممم...عشان كذا امي راحت لخالتي بدري ....
بكر : يس.....
سارا رفعت هاتفها: ظنك افهيد اليوم يجي...؟
بكر وقف امام الاشارة: مادري عنه.......ما اتصلت عليه انا ولا سالته...
سارا: بتصل عليه....
بكر : بكيفك

.......
الجو بارد للغاية....
تراكمت الغيوم في السماء وما زالت تمطر
كانت تحاول ان تحمي نفسها من الهواء البارد
بدأ حجابها يتطاير مع هبوب الهواء البار بقوة!
حاولت شده على رأسها
خشيت على كتبها المحمولة ما بين يديها من ان تتبلل بماء المطر
فاحتضنتها تحت الجاكيت الاسود والواسع التي ترتديه
شتمت بداخلها (زوجها)لعدم مجيئه لها واخذها من الجامعة
يبدو اليوم كاليفورنيا ستصاب بعاصفة من الرياح والامطار الغزيرة
شقتهما لا تعد المسافات الكبيرة عن جامعتها ولكن الطقس غير مناسب للذهاب إليها مشيًا على الاقدام....
رنّ هاتفها مرارًا وتكرارًا ولكن لا تستطيع ان تجيب على المتصل...
فهي منشغلة للحفاظ على سلامة كتبها من التبلل وسلامتها هي ايضًا
قطعت الشارع الاول بسلام ثم عبرت المدخل الاول من الجهة اليمنى
واخيرًا وصلت
فتحت الباب بيدين مرتجفتين من البرد
دخلت ورات زوجها امامها مباشرة
حدّت في عيناه بغضب ثم رمت كتبها على اول كنبة راتها
ثم ازاحت عن جسدها الجاكيت المبلل والحجاب
تحدث زوجها: الحمد لله على السلامة
نظرت إليه بعدما رمت الجاكيت على الارض: تطنز؟
ثم تقدمت بخطوات غاضبة لنحوه: بالله ليه ما نتظرتني؟
تحدث بهدوء: تبيني انتظرك ساعة ونصف؟!
ارتفع صوتها بعصبية : تنتظر ساعة ونص انت لا....اما أنا عادي اجي كعابي في هالاجواء...
ابتسم لكلمتها اشار لها: هدي اعصابك....وروحي تروشي....
كان سيمسك يدها ولكن ابتعدت عنه بغضب: وخر عني....
تحدث بجدية: ليان......أما لم جيت رتبت لرحلتنا للسعودية......وكنت راح اجيك....والله .....بس....
قاطعته بخطواتها السريعة من امامه: لا تبرر......خلاص انتهى يا سعود.....
تبعها يحاول ان يرضيها: حقك علي
ليان فتحت دولابها الخاص لملابسها اخرجت (بجامة قطنية) ثم اغلقت باب الدولاب بقوة وبعصبية
كانت ستدخل الخلاء ولكن امسكها سعود من اكتافها وقبّل جبينها مبتسمًا: آسف
ليان اخفت ابتسامها لفعله السريع في تقبيل جبينها: وانا ما راح اقبل اسفك
ثم همّت بالدخول واعترض طريقها مرة اخرى
اسند نفسه على الباب : وانا ما راح اخليك .....تدخلين الحمام ....إلا لم ترضين ...وتقبلين أسفي...
ليان كتفت يديها وشتت ناظريها عنه: عادي خلني.....بملابسي هالمبللة عشان امرض...
سعود حكّ رأسه مردفًا: شقتنا دافية ماراح تمرضين
ليان تريد ان تستحم لتأخذ قسطًا من الراحة بعد يوم طويل وشاق لم تتحمل مساومته
عقدت حاجبيها راجيته بالابتعاد عن الباب: سعود والله تعبانة .....ابي اتروّش سريع واطلع انام....وخر....
حاولت ابعاده عن الباب ولكن لم تستطع نظرًا لبنيته العضلية
وحجمها الصغير امام حجمه!
ابتسم اكثر: مو قبل تقبلي اعتذاري....
ليان تجاريه: قبلته خلاص....
سعود نظر لأظافر يديه يتلاعب بها: لالا....مو كذا...
ليان فهمت ما يرمقها إليه ....فتقدمت لناحيته وقبلّت خده الايمن ومن ثم الايسر صارخه: والله قبلت اسفك....
ضحك على شكلها المبهذل ولملابسها الملتصقة على جسدها
ابتعد ثم دخلت سريعًا
تحدث بصوت عالٍ: لا تتاخريم ....لأني جوعان ...وابيك تطبخين ...
صرخت : تبطي عظم......اطبخ لك....
سعود بمزح: والله عاد كيف......ولا راح اروح لزوجتي الثانية .....وهي تطبخ لي...

ليان فتحت جزء بسيط من الباب اخرجت رأسها منه
صارخة: والله لو صدق تزوج علي .....اقتلك....انا بايعتها ترا....
سعود نظر إلى راسها ولقطرات الماء المتساقطة على الارض
ضحك: ههههههههههههههه ما تقدرين....
ليان بعصبية: لا تخليني اذبحك الحين....
سعود جلس على الكنبة بعدما ابتعد عن ناظريها
رفع صوته: انتظرك تطلعين تذبحيني.....
ليان اغلقت الباب بقوة: صبرك علي ثواني بس...

ارتفع صوته بالضحك
وضع رجله اليمنى على اليسرى واسند نفسه على مسند الكنب
اخذ هاتفه وبدأ يعبث به
ومن ثم قرر ان يتصل على ابن اخيه ليطمئن على اخته
لم يأخذ دقيقتين إلا وأتاه صوت: هلا هلا....باهل الشقر والحمر
ضحك مردفًا: هههههههههههه الحين صرنا من اهلهم....
حك انفه مازحًا: لا ....مانت منهم ابد......هم وين وانت وين.....
سعود اطرق بصوته الفخم: أيّا قليل الخاتمة....انا عمك تقول....لي كذا....
ضحك : ههههههههههه تعرف ولد اخوك .......يحب الصراحة....
سعود: لا تنسى اني احلى منك واطشرك واطشرهم بعد ....
لم يتحمل كلماته تلك
حتى انفجر ضاحكًا: ههههههههههههههههههههههه
سعود ابعد السماعة عن اذنه: وجع ان شاء الله .....وش هالضحكة...
اخذ نفسا عميقا ليسطر على نوبة ضحكه: أجل انت احلى...
سعود اردف كلماته من باب المزح لانه يعلم جيدًا ابن اخيه
عبد الرحمن يشابهه كثيرًا وملامحهما البدوية تمتاز بالحدة والجمال
اطرق بجدية : المهم ....متصل عليك ابي اطمن كيف حالك فاتن اختك؟
عبد الرحمن لم يأخذ سوى ساعة منذ مجيئه من المستشفى والآن هو في غرفته يحاول ان يأخذ قسطا من الراحة قبل البدء بمراسيم العزيمة !
ولكنه لم ينم بسبب اشغال نفسه في هاتفه اخذهُ الوقت دون ان يشعر بأهميته
اضاع وقته دون ان يرتاح فعليا جلس على طرف سريره وتحدث بجدية الامر: والله مادري وش اقولك يا عم...
سعود تقدم للأمام بجسده : خير......صاير لها شيء؟
عبد الرحمن سكت يفكر قليلاً ثم قال : امممم....تخيّل .....لها يوم كامل ما نامت.......والدكتور احمد يقول جسدها سليم .....وما تعاني من شي.....والدكتور غسان...قال كل اللي فيها صدمة .....
سعود عقد حاجبيه :من الحادث يعني...؟
عبد الرحمن نهض واتجه امام نافذته : يمكن.......توني مكلم طبيبها قبل لا تتصل وفاجأني بكلامه وانه تعاني من صدمه......وهي ما تساعد نفسها مو متقبلة الوضع ابد...
سعود تمتم: لا حول ولا قوة إلا بالله
اكمل سعود: لم تشوفها وتجلس معها ما تقول هذي وحده تعاني من صدمة......او تعاني نفسيا.......تحاول تظهر للجميع عكس اللي تحس فيه بداخلها.....انا مخبي موضوع صدمتها النفسية عن امي وابوي.....
سعود بتفكير: طيب ...متى تقريبا تطلع من المستشفى؟
عبد الرحمن: والله لحد الآن طبيبها ما حدد.؟..؟
سعود نظر للسقف بهدوء: اكيد ....شريط ذكريات ذكرى الحادث يتكرر عليها ....بشكل يومي لأنها هي حابه تفكر فيه....مو قادرة تتناساه....
عبد الرحمن سكت مهتمًا
سعود يكمل: بما انّ جسدها سليم .....واجزاء دماغها سليمة.....فانا اقول حاول تطلعها من المستشفى...وما تخليها تطول بالجلوس فيه....
عبد الرحمن بجدية: هالشي مو بيدي وما اعتقد الدكتور احمد يرضى...
سعود لينهي الامر: بإذن الله .....الاسبوع الجاي راح اكلم طبيبها واعرف كل شي عنها....وراح اقترح عليه هالاقتراح ....
عبد الرحمن بأهمية: انا خايف ما تجاوز هالصدمة.....وتدخل في متاهات نفسية.....مالها حل...
سعود نهض متجه للطاولة الجانبية ليضع مفتاح سيارته الذي اخرجه من جيب عليها: لالا......فاتن راح تجاوز كل هذا.....فاتن قوية....وايمانها بالله كبير ان شاء الله .....لا تشيل هم....
سمع اغلاق باب الغرفة
التفت لمصدر الصوت وفهم أنّ زوجته خرجت من الخلاء واغلقت باب الغرفة لتخلد إلى النوم ابتسم مكملًا: عبد الرحمن......فاتن الحين بحاجة لنا كلنا.....عارف أنك شايل هم كبير وتداري وضعها لابوك وامك.....بس ان شاء الله من ارجع اشيل عنك لو شيء بسيط .....من هالثقل....
عبد الرحمن تنهد بثقل الامر: ما تقصر يا عم
سعود : ما طول عليك.....سلم لي على الكل ......مع السلامة....
عبد الرحمن بهدوء: مع السلامة...
اغلق الهاتف ثم توجه لناحية الغرفة





انتهى


مع تحياتي
زينب سامي






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.