آخر 10 مشاركات
96 / آخر الغرباء - جانيت دايلي - (كتابة / كاملة ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          22 - مغرور - جانيت دايلى - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : ماندو - )           »          65- ممر الشوق - جانيت دايلي - ع.ق ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          310 - رحلة الى السراب - لين غراهام (الكاتـب : monaaa - )           »          71 ـ طال إنتظاري ـ ع.ق ( كتبتها أمل بيضون)** (الكاتـب : Fairey Angel - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-08-17, 01:23 AM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





في اليوم التالي...كان تيدي يقفز على سرير والديه ويصرخ بمرح:

-"هيا قوموا..هيا قوموا.."

تأففت جيسي بضجر وقالت بتذمر:

-"تيدي ازعج أحد آخر أرجووك"

أخذه بيير الى حضنه وهو يضحك قائلا:

-"دعيه يزعجنا، اذا هو لم يزعجنا من يفعل"

ثم قبله بقوة...ابتسمت جيسي بقلة حيلة وقالت:

-"فليزعجك وحدك"

ثم قامت وذهبت للحمام...بدأ بيير يداعب تيدي ويلعب معه والآخر يضحك بسعادة .. خرجت جيسي وبدأت بتجهيز نفسها للفطور...انتهت من لبس ملابسها ثم وقفت امام بيير وهي تقول :

-"هيا...جهز نفسك لتذهب الى الشركة"

رد عليها بدون اهتمام وهو مستمر باللعب:

-"لن اذهب اليوم"
-(تنهدت)"إذن جهز نفسك لتوصل ساندرا للجامعه"

اما عند ساندرا فانتهت من تجهيز نفسها ... حملت كتبها وحقيبتها بيدها ثم توجهت الى جناح والدها...عندما دخلت وجدت الممرض الخاص به يساعده على الجلوس بكرسيه المتحرك بعدما غير له ملابسه، قالت بنبرة مرحة:

-"صباح الخير يا افضل اب في الدنيا!"

حرك عينيه نحوها وابتسم بسعادة...رؤيتها تنسيه آلامه وحزنه على حاله، جلست امامه وقالت بتذمر:

-"رأيت!..يوم امس كان حفل زفاف واليوم سأذهب للجامعه!"

رفع حاجبه ببرود وكانه يخبرها لستي العروس...ضحكت بعدما فهمت القصد من نظراته ثم وقفت لتقول للممرض:

-"انا سآخذه الى الأسفل"

هز الممرض رأسه وخرج من الغرفة، امسكت مقبضي الكرسي ودفعت والدها نحو المصعد وهي تتذمر حول المدرسين، رأت جيسي وبيير يمشون نحو المصعد أيضا، وكان تيدي يشد امه من فستانها...والاخيرة تصرخ بضجر:

-"تيدي..ارجوووك ابتعد عنني...اه يا اللهي...لقد حان الوقت حقا لجلب مربية"
-(بيير بضحكة)"لكي يطردنا جدي من المنزل ألا تذكرين ماذا حدث السنة الماضية؟"
-"بربه جدك هذا الآخر...ليست كل المربيات غبيات"

تدخلت ساندرا :

-"أجل فعلا...حتى المربية السنة الماضية نسيت اطعام تيدي لانه حدث امر طارئ خاص بالنساء معها..جدي يكبر الموضوع"

التفتت اليها جيسي وقالت بسعادة:

-"أخيرا أحد يفهمني....صباح الخير حبيبتي"
-"صباح الخير"
-(قال بيير)"جدي عنيد جدا...انسيا الأمر"

ثم اقترب من المصعد ليضغط على الزر لكن بابه فتح... وخرجت منه ليزا بجانبها كلارا...عم الصمت فجأة وكأنهم رأوا عدوا! خصوصا مع نظراتها الباردة الحادة في نفس الوقت!...لم ينبس أحد ببنت شفه، الى ان وقعت عيني ليزا على رون الذي ابتسم لها بكل لطف وود، سرعان ما بادلته هي الابتسامة فقالت ساندرا بهدوء:

-"صباح الخير ليزا"
-"صباح الخير جميعا"

اختفت ابتسامتها ثم اكملت سيرها نحو جناح نيكولاس...قالت ساندرا باستغراب:

-"هذه! لماذا مستيقظة قبل الكل ... وليلة امس...زفافها!"

حدجها بيير بعدما فهم قصدها فدخلت المصعد بسرعة لتهرب من نظراته...

اما عند ليزا فقالت لكلارا:

-"المهم الآن، اخبريني كيف هو ترتيب القصر ؟"
-"لقد رأيتي الطابق الاول...غرف الخدم والحرس وقاعة الاحتفالات والصالات و..و...اما الطابق الثاني فيحتوي على غرفة المراقبة ومكتب الجد...توجد مكتبة تحتل نصف الطابق .. هناك قاعة اجتماعات نادرا ما يتم استخدامها لرؤساء افرع شركات فيندار في الحالات السرية...يوجد جناح الضيوف..ويوجد صالة لعب.."
-"صالة لعب؟!"
-"اجل سيدتي...كان كثيرا ما يلعب كل من ساندرا وبيير فيها...لكن عندما تزوج صارت شبه مهجورة"
-"حسنا، والطابق الثالث للعائلة؟"
-"اجل بالضبط...لكل فرد جناح...ويوجد الكثير منها فارغ، لكن قديما كانت عائلة فيندار كبيرة..وتقلصت شيئا فشيء"

ضحكت بخفة عندما قالت تلك الجملة، ابتسمت ليزا وقالت :

-"والرابع؟"
-(صمتت قليلا)" حسنا...لقد كانت له استخدامات كثيرة، لدرجة انه كان هناك جد من اجداد عائلة فيندار يجلب حبيباته اليه....ولكن آخر مرة كان للجدة والجد بيتر....ان نصفه عبارة عن حديقة، اهتمت به الجدة كثيرا واقامت ببعض التعديلات عليه...صار وكانه منزل منعزل عن القصر...كانت تحب الهدوء والابتعاد عن صخب العائلة، فسكنته مع الجد..لكن بعدما ماتت..هجره الجد حزنا عليها...ومن وقتها لا يدخله احد، حتى الخدم لا يكادون يدخلونه الا مرة في الشهر لتنظيفه واحيانا لا يذهبون...نصف كمرات المراقبة معطلة فيه لانه ممنوع علينا الدخول اليه وصيانتها"

لم تعرف ليزا ماذا تقول تعليقا على هذا...لكن عندما أرادت فتح باب غرفة النوم، تذكرت شيء..استدارت الى كلارا وقالت:

-"كلارا لا يمكنك الابتعاد عني...يجب ان تظلي برفقتي دائما"
-"لكن سيدتي...قال السيد نيكولاس ان مهمتي انتهت معك..ويجب علي العودة لعملي الاصلي"
-(بانفعال)"وما هو عملك الاصلي؟!...انت الآن صرتي صديقتي هنا، احتاج اليك"
-"سيدتي انا وسام مسؤولان عن عمال هذا القصر...مسؤولان عن الحرس والخدم، يجب علي العودة...العمل كثر على سام!"

جحظت عينيها بصدمة وهي تقول:

-"انت؟!"
-(ضحكت)"اجل انا "
-"لكن، كيف؟..منذ متى تعملين هنا؟"
-"من عشر سنوات تقريبا "
-(بتعجب)"كم عمرك؟!"
-"ثلاث وثلاثون سيدتي"

جحظت عينيها اكثر وقالت بصدمة:

-"لكن..هذا غير واضح..مستحيل، لماذا وضعك نيكولاس انت لتكوني مرافقتي في القصر...انت اعلى من هذا المستوى؟!"
-"اراد السيد نيكولاس وضع حارس شخصي معك اكثر من كونه مرافق...لهذا اختارني..فيما لو تعرضتي لخطر استطيع الدفاع عنك"
-"اذهبي اذهبي..لن احتمل صدمة اكبر..لكن بعد الفطور سانتظرك في الحديقة"

استعادت كلارا وقفتها التي مثل وقفة الحرس بعدما كانت تمثل حركات الخادمة اللطيفة...ثم انحنت لليزا بطاعة ومشت نحو الدرج..فتحت ليزا الباب وهي تفكر بكلام كلارا ... تقدمت للداخل ببطئ ولم ترى نيكولاس في السرير المرتب...فجأة فتح الاخير باب الخزانة وخرج منها وهو يرفع اكمام القميص الزيتي ويقول:

-"واخيرا عادت زوجتي؟! اين امضيتي الليل؟"

رمقته ببرود ثم قالت:

-"امضيته مع سام نتحدث"
-(بسخرية)"وهل يعجبك سام؟"
-"ع الاقل هو افضل منك"

قالت جملتها وتوجهت نحوه..او بالاحرى نحو الخزانة فهي تريد ان تلبس عقد اللؤلؤ حتى لا يظن بيتر انه لم يعجبها..قبل ان تدخل .. امسكها نيكولاس من معصمها وسحبها نحوه ليصبح وجهها مقابل وجهه...قال ببرود:

-"لعلمك، تلك الكنبة الكبيرة يمكن ان تصبح سرير...تنامين عليها...لن تمضي كل ليلة مع الحراس...لا نريد ان يراك احد ويظن ظنا خاطئ! ...وايضا.."

صمت وهو يتامل عينيها ثم اكمل:

-"الهالات السوداء تحت عينيك اخفيها..."

ترك معصمها وتوجه الى الكنبة ليجلس...وهي دخلت الغرفة بدون مبالاة


~~**~~**


جالسة في غرفتها، عينيها تحومان في الارجاء دون هدف...تمسك هاتفها بيدها وتفكر...هل تتصل بها...او لا؟ تخاف لو اتصلت بها ان يغضب أليكس، واذا لم تتصل بها فانها لن تسامح نفسها، يجب ان تخبرها ان أليكس وفرانسيس لا ينويان خيرا!
تنهدت بضياع ثم وقفت ومشت في الغرفة جيئة وذهابا، وأخيرا رفعت الهاتف نحو عينيها وكتبت اسم ليزا...قبل ان تلمس أمر (اتصال) بدأ قلبها يخفق بعنف، تكره انها مترددة...ليتها مثل ليزا..تفعل ما تشاء دون الالتفات للنتائج! انزلت هاتفها باستسلام عندما فكرت(اصلا لا اظن ان ليزا ما زالت تحتفظ بنفس الرقم!) ثم همست لنفسها:

-"فيما بعد جيني!"

رمته على سريرها ثم خرجت تبحث عن ام أليكس...وجدتها تشرب القهوة في الحديقة، جلست امامها وهي تقول:

-"صباح الخير"


نظرت اليها ايفيلين ببرود لم ترد...تنهدت جيني هي تقول لنفسها ( كم ان رأسها يابس) ابتسمت وقالت:

-"هل تعرفين متى سيعود أليكس؟!"
-(بضجر)"جيني، ان أليكس قد سافر يوم امس..يعني لم يحن الوقت للقلق!"
-"ألستي قلقة على ابنك؟"
-"ماذا قد أفعل؟!..يريد أن يبتعد لينسى تلك الحرباء المسماة ليزا...لا افهم لم يصر عليها!...آه لو اتمكن من اخفائها عن وجه الارض"
-"لكنها تزوجت يوم امس .. فلا داعي لكل هذه الامنيات!"

كانت ايفيلين تقرب فنجان القهوة من شفاهها لتشرب لكن عندما قالت جيني جملتها انزلت الفنجان بسرعة وهي تصرخ:

-"تزوجت!!...من؟!"

رمشت جيني عدة مرات من ردة فعل ايفيلين ثم اجابت:

-"نيكولاس آل فيندار!"
-(صرخت)"ماذا!!!...تريد أن تقهر ابني بزواجها من عدوه!!"
-(بانفعال)"لكن لماذا هو عدوه حتى!..لماذا هو مهتم لليزا اصلا"
-"عدوه لانه يخفي وجوده بين الشركات!...ومهتم لليزا لانها افضل منكِ على الاقل...كما انها ابنة يد أليكس اليمنى"

قلبت جيني عينيها بضجر وقهر في نفس الوقت ومشت بسرعة وغضب الى الداخل وهي تتمتم ببعض الشتائم الفرنسية


~~**~~**


تجمعت العائلة حول المائدة وبدؤوا تناول الطعام...كان الوضع العام هادئ لا يشوبه الا صوت الشوك والسكاكين ، لكن قطعته جيسيكا بأدب:

-"جدي ..أريد أن أطلب طلب"

رفع بيتر نظره نحوها وقال بهدوء:

-"تفضلي عزيزتي"
-(تنحنحت)"أريد جلب مربية لتيدي"

قطب جبينه بقوة من الغضب قال بانفعال:

-"ألم أقل ان هذه فكرة مرفوضة؟!...تيدي سيظل تحت رعايتك أنتِ، يكفي انني موافق على ان تلاعبه الخادمات الاخريات"
-"لكن يا جــ..."

قبل أن تكمل جملتها قال بصرامة قاطعة:


-"قلت لا يعني لا"

تنهدت جيسيكا بخيبة أمل فأنزلت ليزا رأسها وأكملت أكلها ، همس نيك بسخرية:

-"لا تتعلم ابدا من رفضه الدائم!"

انتبه له جده فقال بنوع من التضايق:

-"كيف كانت ليلتك انت؟"

نظر اليه نيكولاس ببرود واجاب:

-"ماذا يهمك بليلتي؟"

بدأت ساندرا تسعل .. اذ انها تشردقت بلقمتها فنظرت اليها ليزا بحدة وكأنها قرأت افكارها...وقفت ساندرا بسرعة وخرجت من الغرفة كلها، ظن الجميع انها خجولة او انها لا تريد ان تسعل امام الكل...لكن ليزا كانت تعرف انها خرجت بسبب نظراتها اللاسعة...أكمل الجد:

-"إذن يا ليزا...هل ارتحتي؟"

نظرت له يدون مبالاة وقالت:

-"اجل"

تدخل بيير بنظرات غريبة نحو ليزا:

-"اين سيكون شهر العسل...هل قررتما؟"

التفت اليه كلا الاثنين...بيير يعرف ان نيكولاس غير مستعد للاجابة عن اي سؤال يسأله...من متى وهو يهتم لأسئلته اصلا!..لكنه يستغل وجود ليزا فهي ستجيب...وفعلا .. قالت ليزا ببرود:

-"سنمضيه هنا في القصر..هل لديك مانع؟"

عقد حاجبيه باستغراب ولم يقل الجد شيء...عندما لاحظت نظراتهم المستغربة اكملت:

-"اسمعوني..انا ونيكولاس ثنائي عملي جدا..لا تهمنا هذه الامور...المهم ان نقوم بعملنا وننجز ما سيوفر لنا مستقبلنا الذي نريده...كوننا تزوجنا البارحة هذا لا يعني اننا سنعطل انفسنا عن كل شيء لمدة شهر!...اصلا سأعود للدوام في الجامعة الاحد القادم، وهو قد يذهب للشركة في اي وقت...اليس كذلك نيكولاس؟"

ابتسم نيكولاس بسخرية على ملامح بيير وجيسيكا ثم وقف وقال:

-"جميعكم يعرف انني لا احب ان يسألني احد اي شيء...ولست مستعد للاجابة عن اي سؤال...واذا كنتم ستفتحون جلسة الاستجواب هذه كل مرة نأكل فيها فاعذروني...انا وزوجتي لا نطيق هذه المجالس"

اكمل كلامه وامسك بيد ليزا وجعلها تقف ثم غادرا معا غرفة المائدة....نظر بيير بتلقائية نحو رون فوجده ينظر اليه بعتب وكانه يخبره (لماذا تضايق ابن عمتك؟) ثم نظر الى جده فوجده شارد الذهن...همس لجيسيكا:

-"لم أعد أريد أكل شيء"
-"ولا انا"

هز رأسه ثم خرج معها من المكان...واقبل ممرض رون واخذه الى جناحه...بينما ظل الجد مكانه يفكر في أمر ليزا..هو غير مرتاح لها البتة...هناك شيء تخفيه عنه وعن نيكولاس..شيء قد يؤذيهم!..يراوده شعور ان عليه تدبير شيء يسبب تلف العلاقة بينهما ... لكن ما يمنعه هو احتمالية ان يكون نيكولاس يحبها!...لا يريد ان يعبث مع نيكولاس؛ فانه ان غضب لا يعرف قريب ولا غريب! وغير هذا لا يهون عليه ان يكسر قلب حفيده المحبب الى قلبه!

توجهت ليزا مباشرة نحو الباب لتخرج الى الحديقة...لم تكن تتوقع ان نيكولاس سيتبعها ... لكنه لحق بها وعندما خرجا من الباب امسكها بقوة من معصمها وشدها اليه فصارت قريبة لدرجة تخالط انفاسهما!...قالت بغضب:

-"ماذا تريد؟!"
-(بنظرات غاية بالبرود)" مرة اخرى...لا تقولي أي شيء لعائلتي ولا تقرري من عندك، وحاولي ان لا تتجادلي مع بيير...فهذا الاخير لعوب ويكرهني..وبهذا هو يكرهك...لا تريدين دخول معركة معه!"

حاولت سحب يدها منه وهي تقول:

-"اسمع يا نيكولاس...عندما تريد قول شيء لا داعي لأن تقيد يدي هكذا ولا داعي لنبرة الأمر هذه...صبرت كثيرا..لكن انا صبري محدود جدا...تكلم معي ببعض الاحترام لتجد احترام مني امام عائلتك والا..."
-(ابتسم بسخرية)"والا ماذا؟...تذهبين لتشتكي الى والدك؟...اسمعيني انتِ...لا تتكلمي معي بلهجة التحدي فأنا لن أتهاون معك اذا وضعتك في رأسي...مفهوم؟

ترك يدها واكمل:

-"بالمناسبة..اعتذري عن كلمة (غبي) التي قلتيها عني"

كانت ليزا تريد قتله لو استطاعت...لا تطيق ان يتكلم احد معها بهذه اللهجة..الاستصغار والسخرية والامر الذي تراه في عينيه يستفزها...لا يمكنها تحمله...وايضا هي لا تريد ان تخسره، فهو طريقها للانتقام .. اخذت نفس عميق ثم ابتسمت بثقة وقالت:

-"لن اعتذر ابدا...لكن انظر الينا يا نيكولاس..كلانا لا يحب اخذ الاوامر او نبرة التحدي...دعنا نكون لطيفين مع بعضنا قليلا الى ان نكمل انتقامنا، ثم ننتقم من بعضنا"

ابتسمت بطريقة غريبة عند آخر جملة وابتعدت عنه نحو كلارا التي تراقبهما من بعيد...


~~**~~**


في الليل، كانت ليزا تجلس مع اللابتوب الخاص بها على الكنبة السوداء الكبيرة وتحاول معرفة أي شيء عن أخبار فرانسيس...لقد اختفى هو وأليكس منذ ذهابهما الى روسيا...واعني ب"اختفى" انهما لم يحاولا تحسين اوضاع الشركة..لم يحاولا انشاء عقود جديده...عمل فرانسيس توقف فجأة، وكأن الزمن توقف!
عقدت حاجبيها باستغراب عندما سمعت صوت رنين هاتفها، من يتصل بها؟!..لا أحد يعرف رقم هاتفها حاليا!...نظرت الى الاسم (ديانا) شهقت واجابت بسرعة عن الاتصال:

-"مرحبا"
-"مرحبا عزيزتي ليزا..ما اخبارك؟"
-"مممـ...بخير..اخباري جيده !"
-"لم تخبريني ماذا حدث...ممن تزوجتي؟..ما هي ردة فعل ابوك؟"
-(تنهدت)" فرانسيس..قتل امي..لانني تزوجت نيكولاس بيتر فيندار!"

شهقت ديانا بصدمة وهي لا تستوعب ما تقوله ليزا...قالت بتلعثم:

-"ليزا!!...ما..مـ الذي تقولينه؟!..والدتك؟..عائلة فيندار؟!..ماذا فعلتي؟!"
-"عزيزتي ديانا...الأمر معقد جدا...وهذا ما حدث..لكنني الآن تحت حماية زوجي"
-"لا اعرف ماذا أقول بصراحة!...ارجو ان تكوني اكثر عقلانيه بخطواتك القادمة"
-"لا أعدك بصراحة"
-(صمتت قليلا ثم اكملت)"أريد أن اسألك، هل ما زلتي تريدين المبلغ ام امدد المدة؟"

فكرت ليزا قليلا ثم قالت بهدوء:

-"لا، مدديها لـ 6 شهور "
-"حسنا...لكن، هل أنت بخير حقا؟"
-"لا"

لم تعرف ديانا ماذا تقول او تجيب...لهذا قررت الانسحاب وتوديع ليزا..انزلت ليزا هاتفها ثم اغلقت اللابتوب وضمت ركبتيها الى صدرها (كيف أكون بخير وقد فقدت أمي...قبل ان يلتئم جرحي الأول؟!) ارخت رأسها للخلف وهي تفكر في كل احداث الاربع سنين الماضية، يجب ان تنتقم .. يجب ان تكون نهاية فرانسيس مثل نهاية مايلز وابشع!
فجأة سمعت صوت طرق على الباب...عقد حاجبيها باستغراب..مستحيل ان يطرق نيكولاس الباب!..انزلت قدميها وعدلت جلوسها ثم قالت:

-"تفضل"

فتح الباب ودخلت منه جيسيكا بابتسامة هادئة...مشت نحو ليزا ببطئ ثم قالت:

-"هل تسمحين لي بالجلوس؟"
-"اجل بالطبع، اجلسي"

جلست جيسيكا وقالت:

-"انت مستغربة من وجودي هنا اليس كذلك؟...حسنا كنت اقول لنفسي ان علينا ان نتعرف...فليس من الجيد ان تظلي هنا دون ان نعرفك.."

ابتسمت ليزا وهي تلاحظ ارتباك جيسيكا الخفيف وقالت:

-"بالطبع يجب ان نتعرف...ماذا تريدين ان تعرفي عني؟"
-(اتسعت ابتسامتها)" حسنا...لا أريد أن اكون قليلة ذوق...وادخل في الامور الشخصية مباشرة...لذا...اخبريني..عمرك؟ ..هواياتك؟"

صمتت ليزا قليلا وهي تحدق بجيسي ثم اجابت:

-"عمري 20 سنة، لا اظن ان لي هواية محددة"
-(باستنكار)"عشرون سنه!!..لكن...ألست صغيرة على الزواج؟"
-(ببرود)" علميا وصحيا ودينيا .. لا .. لست صغيرة"

سكتت جيسيكا ولم تقل شيء...فسألت ليزا:

-"إذن هل تزوجتي بيير حبا به ام بماله؟!"

جحظت عينيها باستنكار من وقاحة سؤالها ثم وقفت وقالت بانفعال:

-"لو سمحتي ليزا...انت تتخطين حدودا كثيرة بسؤالك هذا!..دعي صورتك سليمة عندي افضل لك"

لم تتغير ملامح ليزا الباردة فخرجت جيسيكا بسرعة من المكان...همست ليزا بضجر:

-"محادثاتي مع هذه لعائلة قصيرة جدا...لا اظن اننا تجاوزنا الدقيقتين في الكلام!"

هزت كتفيها بعدم اهتمام ووقفت متجهة الى الخزانة...لكن اوقفها دخول نيكولاس الغرفة...سألها بدون اهتمام:

-"لماذا كانت جيسيكا هنا؟"
-(بنفس نبرته)" ليس لشيء مهم"

رمى مفتاح سيارته على الطاولة الزجاجية فانتبه لوجود هاتفها .. قال بسرعة وكانه مستعجل:

-"رقمك القديم قد تم فصله من الشركة المختصة بطلب مني..هل قلت لك؟...وبالمناسبة ، رقمي محفوظ عندك .. لا تتصلي رجاءا.."

مشى بسرعة نحو المنضدة الموجودة على يسار السرير وفتح الدرج وبحث عن شيء ... ومن الواضح انه لم يجده لانه اغلق الدرج وتوجه الى المنضدة الاخرى...تكتفت ليزا وهي تتابع حركاته..جيد انه قال لها ان رقمه محفوظ...هي لم تقم بعمل استطلاع في الهاتف اصلا!...قالت بملل:

-"هل لي أن أعرف عن ماذا تبحث؟"

نظر اليها وقال :

-"ابحث عن شريحة هاتف قديمة..هل رأيتها؟"
-"لا...لماذا تبحث عنها؟!"
-"لا يجب عن تعرفي"

ابتسم اخيرا عندما وجدها ثم مشى نحو الباب...لكنه سرعان ما التفت نحو ليزا عندما تذكر شيء ما ... وسأل بطريقة غريبة:

-"ليزا...من هي أمك؟"

سكتت لوهلة وشعرت ان الجو صار هادئ جدا!...عندما لاحظ تشتت نظراتها استدار بكامل جسده نحوها ومشى حتى صار امامها ... اعاد سؤاله مجددا:

-"من هي أمك ليزا؟"
-"لا يجب أن تعرف، مشكلتك مع فرانسيس وليس معها"

اقترب اكثر وكرر سؤاله بنبرة أكثر حدة...نظرت الى عينيه مباشرة وقالت بحدة:

-"لماذا انت مصر على معرفة ذلك؟!"
-"لانني أريد أن أعرف"

ابتعدت خطوة للخلف وسرعان ما دخلت الخزانة واغلقت الباب....قطب جبينه باستغراب...لقد كان سؤاله سؤالا عابر...لم تكن الاجابة تهمه...أراد فقط معرفة اذا كانت امها ايضا مثل فرانسيس...لكن الآن هو يعرف ان هناك شيء ما خلف بريانكا يجب ان يعرفه!









~*~*~انتهى~*~*~




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-17, 01:25 AM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





(خلف الستار)
الكاتبه: ريم أحمد









~*~*~~*~*~


الفصل السابع.



فتحت الشمس عينيها لتطلق اشعتها فوق بريطانيا معلنة عن اقبال يوم الاحد .. فهب الناس الى عملهم ، وازدحمت البلاد بالسيارات ذات المقود الذي على اليمين...صوت الأبواق وصوت طلاب المدارس...كل هذا يزعج الاشجار التي تنتشر بقلة حول الطرقات، وبعيدا عن المدينة المزدحمة..في مكان مرتفع قليلا، يتربع قصر آل فيندار العملاق بكل غرور...بداخله ساندرا تحضر نفسها للجامعة، وجيسيكا تتكلم مع تيدي...وبيير مع الجد في مكتبه، أما في تلك الغرفة ذات طابع العصور الوسطى...فتحت ليزا عينيها بكسل...نظرت حولها وهي تحاول تذكر ما حدث بالامس، لقد كانت تدرس..ثم ..
نظرت نحو سرير نيكولاس فوجدته نائما ويعطيها ظهره...همست :

-"يا اللهي!"

طوال الايام الماضية لم تنم ليزا .. في الصباح عندما يخرج نيكولاس تغفو قليلا...واذا ارادت اراحة نفسها في الليل تنتظر ان ينام نيكولاس ثم تتمدد على الكنبة..لكن بالامس هي لا تعرف كيف اقتحمها النوم رغم الأرق الذي كان يكبلها طول الايام وهي تدرس!
ابعدت الغطاء عن نفسها ، لم تكن متغطية!..هل غطاها نيكولاس عندما جاء!..احمرت وجنتيها بخجل من هذه الفكرة..هي غير معتادة على ان يهتم بها أحد...خصوصا لو كان رجل، نظرت اليه عندما شعرت به يتحرك...انقلب لجهتها فصار سهل عليها تأمل وجهه...هزت رأسها لتطرد هذه الأفكار وهي تهمس:

-"ربما جاءت كلارا قبله"

نظرت الى الطاولة الزجاجية فوجدت كتبها مرتبة فوقها ...اجل بالطبع كلارا من جاء..نيكولاس مستحيل ان يرتب شيء ... ابتسمت لانها استطاعت اقناع نفسها بهذا ثم وقفت وذهبت للخزانة...احضرت ملابسها التي ستلبسها ثم دخلت الحمام لتستحم...
عندما خرجت كان شعرها مبلول وتحاول تجفيفه بالمنشفة ... لكنها تفاجأت من جلوس نيكولاس على الكنبة..او على سريرها بالأحرى...نظر اليها ببرود ثم قال بنبرة ناعسة:

-"لم تتأخري كثيرا في الداخل!...ساعة فقط!...هيا عودي واكملي ساعتين اخريين...وكأن لا أحد يشاركك الحمام!"

حدجته بعصبية من سخريته ثم انزلت المنشفة عن رأسها وقالت:

-"ماذا تظن!...ساعة هذه مدة قصيرة جدا بالنسبة لفتاة...شعري وحده يحتاج ساعة"

وقف وهو يتمتم بضجر:

-"لماذا بليت نفسي بهذا الزواج الكاذب"

مشى نحوها ثم اخذ المنشفة من يدها ووضعها على رأسها وهو يقول ببرود:

-"جففي شعرك سريعا، انظري الى الأرضية، لقد امتلأت بالماء"

ثم تركها ودخل الحمام...احمر وجهها من الغضب...ماذا يظن نفسه هذا الوغد؟!...شعرت انها ستنفجر ان لم تفعل شيء يهدئها ... لم يكن امامها الا ركل الكنبة ففعلت ، ثم جلست عليها وهي تتحسس رجلها بألم وهي تتمتم ببعض الشتائم عليه، امسكت هاتفها وهي ترى كم الساعة فوجدتها السابعة والنصف...يجب ان تصل للجامعة في الثامنة ، لكن فطور العائلة يبدأ في الثامنة!..وكأنها تهتم لقوانينهم الغبية مثلا؟...مشت بسرعة الى الخزانة ، جففت شعرها بالمجفف ثم مشطته بعجل وربطته كذيل الحصان، ارتدت حذاء رياضي ثم رفعت اكمام قميصها ... ازالت العدسات الطبية من عينيها وهي تقول:

-"كم انا مهملة، لقد نمت مع هذه العدسات اكثر من مرة، ستتضرر عيني "

قررت ان تشتري نظارة تلبسها وقت الدراسة...ولا يهم باقي اليوم، المهم ان لا تتضرر عينيها، وضعت العدسات في علبتها ثم تناولت احدى الحقائب من الرفوف وخرجت ، رمت علبة العدسات في القمامة واختارت الكتاب الذي ستأخذه معها ، وهنا خرج نيكولاس من الحمام...نظرت اليه بتلقائية فوجدته عاري يلف منشفة على خصره ويضع منشفة على رأسه، رفعت حاجبها ببرود وهي تقول لنفسها (لا يحترم كوني فتاة معه، ويريدني ان احترم وجوده بالغرفه!) ابعدت نظرها عنه بضجر وتوجهت لخارج الغرفة..اوقفها قائلا:

-"انتظري.."

التفتت له وهي تقول بعجله:

-"ماذا تريد؟!..يجب ان اذهب الآن"
-"انتظري خمس دقائق ريثما ارتدي ملابسي"

تركها ودخل الخزانة...شدت على اسنانها بغيظ ، تشعر انه يريد تأخيرها فقط لا غير...ظلت واقفة مكانها تهز رجلها بعصبية الى ان خرج وهو يزرر أزرار القميص، قال لها ببرود:

-"تم تغيير موعد محاضرتك ، بدل ال3 ساعات التي كنتِ تقضينها في الجامعة كوقت فراغ...صارت محاضرتك تبدأ في التاسعة والنصف ، والأخرى في وقتها المعتاد "

جحظت عينيها بصدمة ثم قالت:

-"لحظه..دعني افهم الأمر، أنت غيرت موعد محاضرتي بدون اذن مني؟!..بدون معرفتي أصلا؟!...اصلا كيف سمحت الجامعة بتغيير الموعد ؟؟!!"
-(بسخرية)" الحق علي، فعلت هذا من اجلك!..ليزا، هل نسيتي من انا؟!"

تنهدت بقلة حيلة...ماذا قد تفعل الآن وهو فعل ما يريد؟...اكملت طريقها للباب ثم خرجت لكن قبل ان تغلقه خرج نيكولاس معها، مشى بجانبها الى ان وصلا للمصعد .. وبالصدفة وصلت ساندرا بنفس الوقت، نظرت اليهما بنوع من الكره ثم سبقتهما بالدخول الى المصعد...نظرت ليزا لنيكولاس باستفهام فهز الآخر كتفيه بعدم مبالاة ودخل المصعد وهي خلفه...قال نيكولاس ببرود:

-"بما ان جدي اخيرا اقتنع ان لا خطر عليك يا ساندرا ستذهبين انت وسام للجامعة بدون ان اكون او يكون بيير معك، وموعد محاضرتك سيكون بنفس موعد محاضرة ليزا الاولى...لذا يا ليزا ستذهبين معهما"

فكرت ليزا(اذن غير موعد محاضرتي ليكون بنفس موعد محاضرة ساندرا!؟) قالت ببرود:

-"لن أذهب مع أحد، سأذهب وحدي"

لم يهتم نيكولاس لكلامها واكمل:

-"وبما انك يا ساندرا ليس عندك الا محاضرة واحدة...فإما ان تنتظري ليزا للواحدة ظهرا او تتصلي بسام ليأتي إليك"
-(ساندرا باندفاع)" انتظرها للواحدة ظهرا!...هل انت مجنون؟!..بالطبع سأعود للمنزل، انا ينتهي دوامي عند الحادية عشر!"
-(ليزا بسخرية)" محاضرة واحدة؟!..وعند الحادية عشر تعودين؟!..واو...اسمع نيكولاس...انا سأذهب لوحدي بالمواصلات، لا انا ولا انت نريد ان يعرف احد بانني زوجتك..يجب ان اظل مجهولة، واذا جئت مع ساندرا فسيتأكد الجميع من انني زوجتك"

فتح الباب المصعد ليخرج منه نيكولاس بدون اهتمام لكلام هذه او هذه،بينما كانت ساندرا تشتعل غضبا من ليزا، وليزا بينها وبين نفسها (ساذهب لوحدي رغما عنك)
جلس نيكولاس امام جيسيكا فقالت:

-"صباح الخير"
-(ببرود)"صباح الخير"

جلست ليزا بجانبه وقالت لجيسيكا:

-"صباح الخير"

ردت عليها الأخيرة بهدوء..قالت ساندرا بسرعة:

-"جيسيكا تعالي، اريد التحدث معك"

لم تناقشها جيسيكا وذهبت معها...التفتت ليزا الى نيكولاس وقالت بصوت منخفض:

-"سأذهب وحدي يعني سأذهب وحدي"

نظر اليها ببرود وقال:

-"لن اسمح لك بالذهاب بالمواصلات، اما ان تذهبي مع احد الحراس او ظلي هنا"

ضيقت عينيها ثم قالت بنبرة غريبة:

-"حسنا إذن، لن أذهب "
-"جيد جدا"

وضعت قدم فوق الأخرى وصمتت...بينما كانت ساندرا تقول لجيسيكا:

-"لا شيء مهم اريد قوله، فقط لم اشأ الجلوس معهما"
-"لماذا؟"
-"أكرههما، خصوصا تلك الحقيرة...قال لن تذهب معي للجامعة قال!..وكأنني أريدها ان تذهب معي مثلا!"

ابتسمت جيسيكا وهي تعرف ان ساندرا تغار...هي بطريقة او بأخرى تهتم لنيكولاس، امسكت بيدها وسحبتها الى الصالة الداخلية...
في هذه اللحظة نزل الجد وبيير الدرج بعد ان انتهيا من المناقشة نظر كل من ليزا ونيكولاس اليهما ... فلاحظت ليزا نظرات بيير الخبيثة نحوها، عقدت حاجبيها باستغراب وعلمت ان هناك امر يتم حبكه ضدها!...قال نيكولاس ببرود:

-"اجتماع منذ الصباح الباكر؟..ما هو هذا الامر المهم"

قال الجد وهو يعدل ربطة عنقه الأنيقة:

-"بيير يريد عقد صفقة ناجحة جدا مع شركة لتأجير السيارات، سيكون منعطف ناجح في سياسة شركتنا"

نظر نيكولاس نحو بيير وقال:

-"بدأت تفهم"

شد بيير على يديه بعصبية لكن لم يقل شيء وجلس امام ليزا التي تحدق بعينيه مباشرة وكأنها تقول : انا اعرف ماذا تريد!...شتت نظره بعيدا عنها بينما استرق الجد نظرة اليها ويقول بنفسه (قد لا تكونين حقيرة فعلا .. لكن لو حاولتي الاضرار بحفيدي ولو بمقدار شعره...سوف يحدث شيء لن يعجبك!) وضع نيكولاس يده على ذقنه عندما لاحظ نظراتهم لليزا ووضع في باله الف احتمال واحتمال ...ارادت ليزا ابعاد هذا الجو المتوتر فقالت:

-"أين العم رون؟"
-(رد بيير)" قال الممرض انه بحاجة للنوم"

همهمت بفهم .. وهنا جاء رئيس الخدم ليخبرهم ان الفطور جاهز

ولا داعي لذكر تفاصيل ما حدث، بعد الفطور ذهب كل واحد الى عمله، لكن نيكولاس صعد ليحضر مفتاح سيارته وليزا تتكلم مع كلارا في الخارج...

-"هل لاحظتي نظرات ساندرا لك؟!..وكأنها تريد قتلك!"
-"اجل، أتعلمين...اظنها تريد نيكولاس!"
-"لكن لو كانت تريده لتقربت منه قبل ان يتزوجك"
-"لا أعرف، ربما هي تكرهني فقط"
-"ربما"

سمعت ليزا صوت ضحك في الخلف، استدارت ... فوجدت تيدي يركض هاربا من جيسيكا نحوهما...وبسرعة قامت بحمله بسرعة فتفاجأ هو من ذلك ... توقفت ضحكاته ونظر اليها باستغراب...وتوقفت جيسيكا عن المشي خلفه...همست له ليزا:

-"هل نهرب من ماما؟"

هز رأسه وابتسم فركضت ليزا به بعيدا عن جيسيكا بينما عادت كلارا الى عملها ... ابتسمت جيسيكا بعدما فهمت ان هذين الاثنين تآمرا عليها!...توقفت ليزا عند النافورة الكبيرة على يسار القصر وجلست على حافتها وبحضنها تيدي...امسكت يده وهي تمسح على اصابعه الصغيرة بابهامها وتقول:

-"لماذا تهرب من امك؟"

رد عليها بلغته المضحكة:

-"ماما تريد اطعامي وانا لا اريد!"
-"لكن يجب أن تأكل لتكبر!"
-"لااااا..."

ضحكت عليه ثم سألت:

-"هل تعرف من انا؟...ما اسمي؟"
-(بتردد)"العمه نيكولاس؟"

ضحكت مرة أخرى بقوة وقالت:

-"لا لا...اسمي ليزا...نادييني ليزا"
-"ليزا؟"
-"اجل ليزا"

ابتسم وهز رأسه برضى .. لكنه دفن رأسه بحضنها بسرعة عندما جلست جيسيكا بجانبهما...قالت ليزا بدفاع:

-"الآن لا يريد أن يأكل...لكن بعد قليل ستأكل صحيح؟"

هز رأسه وهو في حضنها فاتسعت ابتسامة جيسيكا ثم قالت:

-"تحبين الأطفال؟"

صمتت ليزا قليلا ثم اجابت بهدوء:

-"لا أعرف، تيدي هو أول طفل استطعت لمسه او التكلم معه ... وبمجرد النظر اليه اشعر بضرورة الابتسام!"

لم تعلق جيسيكا وهي تتأمل عيني ليزا اللامعة!...لكن سرعان ما عاد اليها البرود عندما شاهدت نيكولاس يخرج من القصر ويتلكم مع كلارا...والأخيرة تشير نحوها..
ابعدت تيدي عن حضنها واعطته لأمه ثم توجهت لنيكولاس الذي أشار لها بأن تأتي، وقفت امامه فقال:

-"هناك مكان يجب أن آخذك اليه"
-"وما هو هذا المكان؟"
-"ستعرفين عندما نصل"

امسك يدها وسحبها معه الى حيث سيارته...


~~**~~**


في الشركة، كان بيير يفكر في السبب الذي دفع جده للتفكير بهذه الطريقة ..
جده ليس سطحي للدرجة التي تجعله ينبذها بسبب انها من "العامه" هناك شيء عليه معرفته..لكن كل شيء بوقته!
المهم الآن ان يتمم هذه الصفقة ، اذا نجحت فهو سوف يطمس وجود نيكولاس في الشركة!


~~**~~**


مرت ساعة ونصف ولم يصل نيكولاس وليزا الى وجهتهما ... قالت ليزا بضجر:

-"نيكولاس، الى أين نحن ذاهبان؟؟!"
-"ها قد وصلنا"

نظرت ليزا الى المبنى الذي توقفا عنده، فتحت عينيها بصدمة وبدأت دقات قلبها تتسارع .. رمشت أكثر من مرة ثم فتحت الباب ونزلت...كيف لم تنتبه انهما كانا يسيران في هذا الطريق...لم تكن مركزة به!...كيف لم تلاحظ اختفاء المباني من الطريق؟!...الشيء الوحيد الذي استغربته انهما في مكان كله عشب وشجر..لكن..ان يكونا هنا؟!!
قال نيكولاس بعدما نزل من السيارة:

-"تعالي معي...تعبت حتى استطعت اقناع البنك بأن يسمحو لي بالدخول"

مشى لداخل البوابة بدون ان يلتفت اليها...بلعت ليزا ريقها وحاولت تمالك نفسها ... لا يمكنها الدخول..لا يمكنها...لكن شيء ما بداخلها يصرخ ويقول لها ادخلي، لملمي شتات روحه من هناك!
تقدمت ببطئ ومشت بتردد خلف نيكولاس الذي استدار وقال بعصبية:

-"ابطأ...ابطأ...لدينا اليوم كله"

ثم اكمل السير ... رفعت رأسها ونظرت الى ذلك الجزء المحترق من هذا المنزل ... اغمضت عينيها بقوة مانعة تسلل تلك الذكريات واسرعت الخطى خلف نيكولاس...
فتح الأخير الباب ودخل ... قال ببرود:

-"هذا هو المنزل الذي توفي فيه ابن فرانسيس من الام الأخرى، ما لا افهمه هو لماذا يتحفظ البنك على قول اسم المالك!..هل هو لوالدك ام لام اخوك هذا؟"

لم تكن ليزا مركزة في حرف من كلامه... لقد كانت اشباح الذكريات تحيط بها، هناك احتضنها مايلز..هناك تكلم معها باسراره..هناك حذرها من فرانسيس..هناك واساها واضحكها!...سحبت قدميها على الارض بتردد ومشت الى الداخل أكثر ... رفعت عينيها ونظرت الى الصورة الكبيرة المعلقة على الجدار...تجمعت الدموع في عينيها ووضعت يدها على فمها لتمنع الشهقات...كانت صورة مايلز مع والده وهو صغير!
انزلت نظرها الى الطاولة التي تقبع تحت تلك الصورة...طاولة احتوت الكثير الكثير من الذكريات!...مشت اليها ببطئ...امسكت احدى الصورة الصغيرة الكثيرة فوقها وازالت الغبار عنها باصابعها..فظهرت ملامح وجهها الضاحك..بجانبها مايلز يرقص معها...وصورة أخرى كانت بين مايلز وجوهان تحاول الابتعاد عنهما...فهما التقطا هذه الصورة لها مباشرة بعدما انتهوا من التمارين الرياضية وكانا متعرقين وهي لا تريد لمسهما!
سقطعت دمعة من عينها وازعجت شهقة حزنها هدوء المكان!...استغرب نيكولاس من هذه الشهقة فاقترب منها وقال:

-"ما بك ليزا؟"

لم تجبه...لأنها لم تسمعه اصلا...لاحظ هو وجود خطين متوازيين من الدموع على خديها بينما تضع يدها على فمها منعا للشهقات...
ابتعدت للخلف ببطئ بعدما تركت الصورة واستدارت لتنظر لباقي المنزل...اخذ نيكولاس الصورة بيده وشحب وجهه من الصدمة عندما استطاع تمييز وجه جوهان...ووجهها...وشخص آخر!
نظر اليها وهي تتلمس الاثاث برؤس اصابعها ... ما الأمر الذي لا يعرفه!
توجهت ليزا الى الدرج الطويل وصعدته بترنح ...خشي نيكولاس ان تسقط فمشى بسرعة حتى صار خلفها والتزم الهدوء...من ينظر الى ليزا يعرف انها ليست في عالمنا الآن!
نظرت حولها فرأت نفسها تركض على الدرج وهي تحمل هاتف جوهان وهو يركض خلفها بينما مايلز يضحك بشدة ويطلب منها اعطاء الهاتف له ليرى مع من كان يتكلم .. فهما سمعاه وهو ينطق كلمات الحب والهوى لتلك المجهولة!...ابتسمت من بين دموعها ثم توقفت عند آخر درجة، كانت خائفة من التقدم أكثر .. لا تريد ان ترى أحداث ذلك اليوم مرة أخرى، هذا الطابق محترق بشكل كامل..بالكاد صمد هذا الاثاث!
لكن رغم افكارها هذه...مشت خطوة..وراء خطوة...حتى صارت امام غرفتها القديمة، امسكت مقبض الباب وفتحته بقوة وكانها تكسر الذكريات تلك...كان نيكولاس خلفها عاجزا عن رؤية ملامح وجهها وعاجز عن تفسير ما حدث لكنه لاحظ آثار الحريق!..(ربما هذه اثار الحريق التي قتلت الشاب..)
كانت الشمس تضيء الغرفة .. فتضح رؤية الآثار التي خلفها الحريق في غرفتها التي كانت في يوم من الأيام ذات جدران وردية ... والاثاث الملون المرح!
اقتربت من سريرها فشاهدت نفسها نائمة ومايلز يلعب بشعرها محاولا ايقاظها...زادت دموعها ولم تعد قادرة على حبس بكائها اكثر...عضت على شفتها السفلى وحلقها آلمها ، نظرت الى المكتب الصغير الذي كانت تدرس عليه...كان مايلز يقف بجانبها..يكتب الامتحانات لها..دوما كان معها!
لكن الآن، الغبار يملأ المنزل كله وكأن تلك الأيام لم تكن!...تكتف نيكولاس وهو يرى غزارة بكائها...ما بها؟!..ما الذي يبكيها...هل كانت تعرف اخوها؟..لكنها قالت انها لا تعرفه!
استدارت هي ومشت بسرعة الى خارج الغرفة...وقفت تتأمل آثار الحريق بكل ألم، خطت عدة خطوات حتى وجدت نفسها محاطة باللون الاسود...اللون الذي طمست به النار جدران الممر...
كان هناك باب واقع على الأرض..هو باب غرفته طبعا!...أخرجت آهة تعبر عن ما بداخلها، لماذا تريد الدخول وهي تعلم ان هذا سيدمر نفسيتها تماما؟!
وقفت فوق الباب ونظرت الى الغرفة...فجأة شعرت ان كل شيء عاد لطبيعته بدون آثار حريق!..مشت ببطئ حتى صارت عند تلك الطاولة الصغيرة المنقلبة على وجهها، عدلت موضعها...ثم لملمت ما تبقى من حجارة الشطرنج من الارض ووضعتها فوق الطاولة...هذه كانت لعبتها مع مايلز...لطالما هزمها! لكن لماذا لم يهزمها في آخر مرة؟!...لماذا لم يبقى ليضحك على ملامحها الحادة ؟!
رأت كل شيء يشتعل امامها...رأت مايلز يقف بخوف ، نظر اليها وقال بسرعة:

-"ليزا...عزيزتي...إبقي خلفي"

لم يكن منها الا ان تقف خلفه بسبب خوفها...بدأت النار تلتهم كل شيء ومايلز لا يعرف كيف يخرج نفسه وليزا من هنا!..نظر حوله بضياع ... فجأة ظهر رجال من خلف النار...يلبسون ملابس مقاومة لها!...ظنتهم للوهلة الأولى جاءوا لمساعدتهما...لكن عندما استدار مايلز واحتضنها علمت انهم لا ينوون خيرا! .. سحبوها منه..كانت تصرخ وتحاول فك نفسها من بين يدي الرجلين الذين امسكاها...لكنهما اقوى منها!...امسك باقي الرجال مايلز الذي حاول الدفاع عن نفسه بكل السبل لكن لم يستطع!...سكبوا فوقه سائل..بالتأكيد هو سائل سريع الاشتعال...ثم دفعوه للنار!...سمعت صراخه..صرخت...بكت...نادت عليه بأعلا صوتها..ترجتهم ان يتركوها...كان يصرخ ويتألم!..كان يحاول الخروج من النار لكنهم يدفعوه اليها كلما خرج...لقد نظر اليها...أجل نظر اليها!..كان وجهه يحترق..كل جسده يحترق...نظر اليها وكأنه يودعها...ثم دفعه احدهم للخلف ووقع...ولم يقم!...ظل بمكانه!...شعرت ان قلبها احترق...شعرت ان روحها تغلي!..لقد مات امامها...وليست أي ميتة!
صرخت بأعلا صوت تملكه:

-"مااااااااااااااااااااي� �ز"

ثم سقطت على ركبتيها..ركض اليها نيكولاس وامسكها من كتفيها...قال بصوت عالي:

-"ليزا...ما بك...ليزا!!"

لكنها لا تستجيب!..فقط تبكي! وتنظر للأمام بدون ان ترمش!...ارخت جسدها وجلست على الأرض ثم دفنت وجهها بين يديها وهي تهمس:

-"حرقوه امامي!...لم اكن قادرة على فعل شيء!...قيدوني!...لقد جعلوني اشاهد موته!..رأيته...جلده...جلده صار اسود!..نظر الي...لقد لقد...آه مايلز!"

انزلت رأسها وظلت اصوات شهقاتها تلفح سمع نيكولاس..لم يعرف ماذا يفعل او كيف يواسي حزنها هذا...رفع يده بتردد ووضعها خلف رأسها ثم سحبها لحضنه...اخذت نفسا عميقا تحاول انعاش روحها فيه لكنها فشلت!...ذلك اليوم المشؤوم، ترك في قلبها فجوة لا يمكن علاجها ابدا!...شدت على قميص نيكولاس بقوة...تتمنى لو انه مايلز...تتمنى لو ان مايلز يعود للحياة .. ولو للحظة، لكن مستحيل..رأت جسده يستسلم للنار ويتفحم!
ابتعدت عن نيكولاس ببطئ ثم وقفت ومشت بتعب الى خارج هذه الغرفة المشؤومة، تنهد نيكولاس ولحق بها...ظلت تمشي حتى وصلت الدرج...جلست هناك ومسحت دموعها .. جلس نيك بجانبها وقال:

-"لا اظنك تريدين الكلام؟"

نظرت اليه ولمعة الدموع ما زالت في عينيها ... قالت بصوت خنقته الغصة:

-"لماذا جئت بي الى هنا؟"
-"ظننت لو جئنا..سنستفيد بإيجاد شيء ..."
-(قاطعته)" لن تجد شيء هنا، هذا المنزل لم يدخله فرانسيس من قبل .. هذا المنزل..منزل مايلز"
-"لكن من هو مايلز؟..ليزا لا افهم شيء!"

مسحت دمعة هربت من عينها ثم اجابت:

-"مايلز هو اخي، من امي.."

جحظت عينيه بصدمة فأكملت:

-"لقد خلطت بالأمور يا نيكولاس...(الأخ) الذي تتكلم عنه، لم يكن من ام اخرى..بل هو ابن امي..هل تريد أن تعرف من هي أمي؟..أمي هي زوجة احد الوزراء السابقين...المتوفي"

لم يعرف ماذا يقول من الصدمة!...عضت على شفتها السفلى ثم قالت:

-"هذا المكان يضم ذكريات كثيرة جدا لي...نيكولاس، طريقة موت مايلز ظلت سرا!...اجبروني على مشهادته يموت!...انا حتى لم اخبر امي بهذا!"

وضعت يدها على فمها ثم ركضت بسرعة الى الخارج..خارج هذا المنزل بأكمله..يكفيها وجع قلب!
ركبت في السيارة وكتمت كل دموعها..وحاولت استعادة رباطة جأشها حتى يصل نيكولاس، حتى البكاء لا يمكنها اخراجه...تشعر ان عليها اخفاء كل شيء في قلبها...ولا يجب ان يرى دموعها احد..هذا ما حصدته من تربية فرانسيس الصالحه!
اقفل نيك البوابة ثم صعد في السيارة وانطلق باتجاه القصر، لم يتكلم احدهما طوال الطريق...هي في حزنها تسبح وهو يحاسب نفسه..ندم على احضارها الى هنا، لكن كيف سيعرف انها تعرفه او انها تحبه مثلا؟!
بعد عدة دقائق نظر اليها ، كانت تركي رأسها للزجاج ونظرها للأمام ، بينما هناك دموع متعلقة برموشها..ترفض الخروج او العودة من حيث أتت!
تنهد بقلة حيلة وعاد يراقب الطريق، (لحظه!..قالت انهم اجبروها على مشاهدته يموت؟!..هل كانت في المنزل عندما مات؟!..لكن..من هم اصلا؟!)
حك ذقنه بتفكير وقرر ان يتركها اليوم ولا يسألها عن شيء لحين آخر..

عندما وصلوا للقصر ، فتحت ليزا الباب فقال لها نيكولاس قبل ان تنزل:

-"سأذهب للشركة.."

لم تهتم له وانزلت رجلها فأكمل بسرعة:

-"انا آسف ، ما كنت سآخذك لهناك لو علمت.."

توقفت حركتها لبعض الوقت دون ان تنظر اليه ثم نزلت بسرعة واغلقت الباب ... تأملها نيكولاس وهي تمشي للداخل ولم تلتفت له ابدا، قطب جبينه عندما خطرت بباله فكرة معينة ثم انطلق بسرعة للشركة...


~~**~~**




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-17, 01:26 AM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

توقفت ساندرا عن الكتابة ثم وضعت يدها على خدها بملل .. بدأت تعد الدقائق لانتهاء المحاضرة، فجأة امتدت يد ووضعت لها ورقة امامها..نظرت الى الشخص صاحب اليد فرأت شاب لم تعرفه..عقدت حاجبيها ثم فتحت الورقة حيث وجدت مكتوب فيها : آنسة ساندرا، هل زوجة السيد نيكولاس فعلا من جامعتنا؟
تأففت بكره من هذه الاسئلة المستمرة التي تسمعها يوميا...وقفت بعصبية وصرخت :

-"لا...لا...لا زوجة نيكولاس ليست من جامعتنا...وهي اصلا متخرجة منذ سنتين او أكثر...لا أريد سماع أو رؤية اي سؤال آخر بموضوع ابن عمتي نيكولاس"

التفت اليها كل الطلاب بتفاجؤ من صراخها..قال الدكتور باستغراب:

-"آنسة ساندرا..ما الأمر؟..كيف تصرخين في وسط المحاضرة هكذا؟!"

لم تعر سؤاله اي اهتمام وحملت حقيبتها وكتابها بسرعة وخرجت من القاعة تمشي بعصبية بعدما حدجت صديقتها تلك..لقد فهمت صديقتها ان الفتاة التي رأتها لم تكن خطيبته فعلا انما هي فتاة عادية اراد نيكولاس معاتبتها على تطاولها عليه....لكن قريبتها فهمت الموضوع بشكل خاطئ...ورغم انها شرحت الامر لعشرين شخصا..ما زال هناك من يأتي ويسألها اذا كان الأمر اشاعة ام حقيقه..
كانت تمشي في الرواق وهي تتذمر بصوت منخفض من هؤلاء الذين يحشرون انفسهم بكل شيء...لو ان نيكولاس تزوج بفتاة افضل من ليزا لما تعرضت هي لكل هذه المضاقيات!
لو انه فقط لم يأتي للجامعة ابدا!...تنهدت بقلة حيلة وشعرت برغبة في البكاء، لماذا كلما فكرت في أن ليزا هي زوجة نيكولاس تثور اعصابها وتغضب من لا شيء؟!
تأففت وهي تضرد هذه الأفكار من بالها ثم اخرجت هاتفها لتتصل بسام ليأتي ويأخذها، وفجأة ارتطمت بشيء ما ووقعت هي وكتبها على الأرض...

-"اوه!..يا اللهي!...آسف..أنا آسف جدا آنستي...اعذريني!.."

فتحت عينيها بألم ونظرت لصاحب الصوت، كان شاب ذو بنية قوية .. طويل..وبملامح رجولية جميلة..والأجمل من كل هذا...صوته الرخيم!
رمشت عدة مرات ثم حاولت الوقوف فتقدم منها بسرعة ومد لها يده...امسكتها بدون تردد فساعدها على الوقوف ثم اخذ كتابها عن الأرض وقال:

-"أنا حقا آسف، لم أكن منتبه..وأنت غير منتبهة..لذا..."
-(قاطعته بسرعة)" لا..لا مشكلة..لم يحدث شيء"

ابتسم بإمتنان لها وقال:

-"شكرا لك، والآن يجب أن أذهب"

تركها وذهب يهرول حتى اختفى عن نظرها...ظلت تحدق بالمكان الذي كان يقف عنده لدقيقة او اثنتين...ثم ابتسمت ببلاهة وأكملت المشي ... اتصلت بسام وطلبت منه المجيء بسرعة..جلست على أحد المقاعد في انتظار مجيء سام ، وكل من يمر من امامها يرمقها بنظرات غريبة، تكره كونها ابنة رون فيندار عندما تكون في الجامعة..فهذا يسبب لها ضغط كبير!
بعد قليل ، جلست فتاة بجانبها...نظرت اليها فقالت الفتاة بسرعة:

-"مرحبا..هل يمكننا التحدث؟"

عقدت ساندرا حاجبيها..هي رأت هذه الفتاة من قبل لكن أين؟...قالت بتردد:

-"حسنا..لكن من أنتِ؟"
-"انا جيني...صديقة ليزا"

شهقت ساندرا بصدمة وقالت بسرعة:

-"هل أكدتي لأحد أن ليزا صارت زوجة نيكولاس؟"
-"لا...أنا أصلا لم أحضر للجامعة منذ ذلك اليوم، وللآن لم يتحدث معي أحد!"
-"الحمد لك يا رب!...اسمعي، اذا سالك أحد انفي ذلك بشدة...قولي انها غابت لظرف شديد جدا..لا تقولي لاحد انها زوجته!"

هزت جيني رأسها وصمتت ... ابعدت ساندرا نظرها عنها ثم قالت:

-"اذن ما الأمر الذي كنت تريدين قوله لي؟"
-(بتردد)"حاولت الاتصال بليزا..لكن خطها القديم قد صار خارج الخدمة...هل يمكنك اعطائي رقمها الجديد؟"

تصنمت ساندرا ولم تعرف ماذا تقول...هي لا تعرف رقم ليزا اصلا!..شعرت بالخجل للحظة ثم تنحنحت وقالت:

-"عزيزتي، انا آسفه لكن لا يمكنني اعطاءه لك من دون اذن ليزا، سأسألها اولا ثم أقول لك...والآن علي الذهاب..جاء من يأخذني"

ثم مشت بسرعة قبل ان تقول جيني أي شيء...تنهدت الأخيرة بحزن وعادت من حيث أتت...


~~**~~**


قال سام لنيكولاس:

-"انا ذاهب لإحضار الآنسة ساندرا من الجامعه"
-"لكن وقت دوامها لم ينتهي بعد!"
-"لا أعرف..هي اتصلت"
-"ابعث أي احد آخر لإحضارها...لدينا عمل"
-"حاضر"

عاد نيكولاس ينظر في الاوراق التي امامه بينما اتصل سام باحد حراسه ليحضر ساندرا...عندما اكمل..قال نيكولاس:

-"ألم تعرف ماذا يحدث مع ماكس والآخرين؟!...غريب انهم لم يقوموا بأي فعل من اسبوع!"
-"بصراحة نيكولاس...انا لم أفهم تحركاتهم، يبقون في المنزل 24 ساعة..واذا خرجوا، يذهبون الى ملهى او بار...يبدو وكأنهم قرروا البقاء بعيدين"

وضع نيكولاس القلم من يده وأرجع ظهره للخلف ثم قال:

-"لا أظن هذا، مستحيل...حتى لو قرر ماكس التنحي جانبا، فرانسيس لن يهدأ قبل أن يأخذ ابنته من بين يدي"
-(بتردد)" بهذا الشأن، نيكولاس...انا أظن ان افكارك اختلفت قليلا، فلم يعد الهدف الوحيد من الاحتفاظ بالسيدة ليزا هو الانتقام المشترك...على أي حال، ألم تقطع وعدا لجدك بأن لا تفعل ابدا ما يهيج الاوضاع ما دام ماكس هادئ؟..فكيف ستنتقم معها؟"

ابتسم نيكولاس بخبث وصمت لدقيقة ثم اجاب:

-"أجل اختلفت، قطعت الوعد لجدي لأنني متأكد من ان ماكس سيتحرك بيوم من الأيام..لهذا علي ان أكون مستعدا تماما، ووجود ليزا معي هو الورقة الرابحة..انهم يحتاجون فرانسيس .. وفرانسيس يريد ليزا .."

صمت وهو يرمق سام بنظرات غريبة ففهم الأخير ما يعنيه نيكولاس بالضبط فقال بوجوم:

-"انت لن تجعلها ضحية أليس كذلك؟"
-"اذا احتاج الأمر، فقد اقتلها بنفسي يا سام...أنت تعرفني"
-(بانفعال)" لكن يا نيك!...انها ، انها ليست كما تظن..هي، هي تحتاج لأحد بجانبها!"
-(ببرود)" انت بجانبها!...أوليست صديقتك الآن...ارجوك سام لا تدخل العواطف في عملنا فأنت أكثر شخص يعرفني، لن يهمني شيء في طريق تحقيق هدفي!"

لم يعرف سام ماذا يقول فشد على يديه بعصبية وبان الشريان الذي في جبينه ... لم يهتم نيكولاس له وسحب الاوراق عن الطاولة ثم قال:

-"أريدك ان تجمع لي بعض المعلومات عن هذه الشركة، هناك مشروع في ذهني للشركة..والعمل مع هؤلاء قد يساعدني كثيرا"

هز سام رأسه واخذ الورقة من يده ثم خرج وهو يفكر في ليزا...بعدما تقرب منها في الاسبوع الماضي..رأى كم هي لطيفة فعلا...وكم تكره فرانسيس...يجب عليه ان يقنع نيكولاس بأهمية دورها في هذه اللعبة .. وبهذا ستصبح احدى اهتمامات نيكولاس الاولى!


~~**~~**


مر الوقت بسرعة .. تعبت الشمس من مد الناس بالدفئ فاختفت خلف الجبال ... لينوب عنها القمر ، جاذبا النجوم حوله
كان بيير جالسا مع جيسيكا ورون بينما ساندرا في غرفتها ، قال بيير :

-"أين ليزا؟...غريب انها لم تكن على العشاء...لو جدي هنا لما قبل بهذا!"
-(جيسيكا)"لا أعلم ... أخذها نيكولاس في الصباح الى مكان ما...وعندما عادت كانت غريبة، وذهبت مباشرة الى غرفتها .. وعندما نادتها الخادمة للغداء قالت انها نائمة..وعلى العشاء ايضا نائمة، ربما هي متعبة قليلا"
-(باستغراب)" متعبه!...لا أظن ذلك، الا اذا كانت.."

قبل ان يكمل كلامه فتح باب المنزل ليدخل منه نيكولاس مع الجد وسام...كان الجد يخبر نيكولاس بآخر التطورات بعلاقته مع مسؤولي الاقتصاد في البلد ... قال نيكولاس :

-"جيد جدا، يجب ان نبقى على تواصل مباشر معهم حاليا"

وقفوا بالقرب من بيير وجيسيكا وألقوا التحية ثم قال نيكولاس شيء ما بصوت منخفض ومد بملف الى سام ثم سأل:

-"أين ليزا؟"

اجابت جيسيكا بهدوء:

-"لا أعرف...لم أرها منذ الصباح، ربما هي متعبه"

هز نيكولاس رأسه ومشى نحو المصعد وسام ذهب نحو الدرج ليذهب الى غرفة المراقبة...بينما جلس الجد مع بيير وجيسيكا...

وصل نيكولاس الى الطابق الثالث فخرج من المصعد وتوجه الى جناحه...عندما فتح باب الغرفة وجدها مطفأة...فظن ان ليزا نائمة، عندما اضاء النور وجد أن الغرفة فارغة تماما وهادئة...مشى الى الخزانة وفتحها لكنها كانت معتمة أيضا..وواضح ان لا أحد في الحمام..
عقد حاجبيه باستغراب وذهب الى مكتبه لعله يجدها هناك .. لكنها لم تكن...همس باستغراب:

-"أين يمكن أن تكون؟!"

رفع الهاتف واتصل بكلارا وطلب منها المجيء الى مكتبه فورا...بعد دقائق كانت كلارا تقف امامه..سألها بصرامة:

-"أين ليزا؟"
-(باستغراب)"لا أعرف سيدي، لم أرها منذ الصباح"
-"نعم؟؟!!...ولماذا أنت موجودة في غرفة المراقبة؟!..افتحي هاتفك بسرعة ودعيني أرى"

فتحت كلارا هاتفها بسرعة فهو موصول بجهاز المراقبة في القصر ... اخذه نيكولاس ونظر في الكاميرات التي من الممكن انها اظهرت ليزا...عندما تتبع الكاميرات من وقت وصولها الى القصر..رآها تدخل الى غرفته...قدم الوقت ليرى ان خرجت...فرأى خادمة تأتي وتطرق بابها...علم انها جائت لتناديها للغداء...بعد ان ذهبت الخادمة خرجت ليزا من الغرفة .. لكنها لم تذهب لغرفة المائدة!...فتح تسجيل الكاميرا المثبته امام باب المصعد في الطابق الثاني لكنها لم تذهب هناك...رفع رأسه ونظر الى كلارا بحدة وهو يقول:

-"هل الكاميرا الموضوعة امام المصعد في الطابق الرابع صالحة ام لا؟"
-"لا سيدي...لا"

همهم بفهم واعاد لها الهاتف ثم خرج بسرعة متوجه الى المصعد...ضغط على زر الطابق الرابع ، وعندما وصل استغرب من ان المكان كله مطفأ! اذا لم تكن ليزا هنا فإذن هذه مصيبه!
مشى بحذر الى ان صار في الصالة الكبيرة ذات الحائط الزجاجي المطل على حوض السباحة...فتح الباب وخرج الى المسبح فشعر بنسمات الهواء العليل...رفع رأسه فوجد القمر يراقبه بصمت...
مشى بخطوات خفيفة مبتعدا عن المسبح الى حيث حديقة الأزهار الذابلة، ولم يجد ليزا هناك ايضا، فمشى الى الباب الذي يدخله الى غرفة جده وجدته قديما ثم دخل من غرفتهما الى داخل المنزل ... مباشرة الى المطبخ المصغر المفتوح ثم خرج منه وذهب الى غرفة "الموسيقى" كما كانت تسميها جدته...اغمض عينيه وهو يتأمل ان تكون ليزا هناك أنار النور فوجدها تجلس على الكنبة ذات الشكل الانسيابي وتضم ركبتيها الى صدرها ، رفعت رأسها ونظرت الى الشخص الذي ازعج خلوتها فرأته يقطب حاجبيه بغضب ويمشي نحوها ... انزلت قدميها عن الكنبة واشاحت وجهها بعيدا عنه ... جلس بجانبها وكاد يتفوه بكلمات التوبيخ لكنه صمت في آخر لحظة عندما تذكر ما حدث اليوم ، اغمض عينيه وطرد الغضب ثم فتحهما وقال بهدوء:

-"لماذا أنتِ هنا؟"

تعرف ليزا انه لن يبحث عنها الا لانه يريد معرفة بعض المعلومات فقالت مباشرة:

-"ماذا تريد أن تعرف بالضبط؟"

ابتسم مباشرة وهو يقول بنفسه (الحمدلله انها فهمت...لست بحاجة لمواساتها مثل الاطفال لأخذ الكلام منها) قال :

-"أريد أن أفهم كل شيء من البداية...كيف صارت زوجة الوزير زوجة فرانسيس...واريد معرفة كل شيء عن اخوك هذا وكيف احتفظ به فرانسيس!"

تنهدت ليزا ثم وقفت ومشت نحو البيانو الكبير الذي يتوسط الغرفة وهي تقول:

-"مات والد مايلز وعمره 7 سنوات...يبدو انه لم يكن على وفاق مع امي اصلا .. فبعد مدة قصيرة جدا من موته ، تعرفت امي على فرانسيس...وهذا الأخير كان خبيث جدا ...."

ضغطت على ازرار البيانو فخرج صوت مزعج فاستدارت نحو نيكولاس واكملت:

-"كان فرانسيس يريد ابن له ليورثه اسم عائلة ميكاي...لكن لانه يعرف ان وريث عائلة ميكاي يعيش حياة خالية من الاستقرار، أراد ان يملك ابن ليس من صلبه!...حتى لا تكون تربطه به علاقة دم مباشرة ، فاذا حدث له شيء لن يهتم! "

ابتسمت بحزن وسخرية بنفس الوقت ووضعت يديها خلف ظهرها واكملت:

-"فعندما عرف ان امي عندها طفل ذكر عمره 7 سنوات...رآى ان هذه هي فرصته المناسبة..طفل صغير يمكن تشكيله!...فأوقعها في حبه...ثم تزوجها وعمر مايلز 8 سنوات، وبدأ برحلة تشكيله، لكنه كان يخبر امي ان الوقت ليس مناسبا لانجاب الاطفال ، ليس قبل ان يبلغ مايلز "العمر المناسب" كما كان يوهما دائما...لكن للاسف الشديد ، حملت امي بي بغلطة منه كما يقول .. كان فرانسيس مصدوم من هذا لكن سعيد بنفس الوقت...فبما ان الامر حدث وحدث...اذن لو كان المولود ذكر فسيرمي مايلز من النافذة ولن يهتم!"

أخذت نفسا عميقا وصمتت قليلا...فقال نيكولاس:

-"أكملي، قولي كل شيء بالتفصيل الممل"
-"حسنا...وبعد 7 شهور جئت انا ... دائما اظهر في الوقت الخطأ! ... كان فرانسيس مكتئب لانني فتاة، لكنه ايضا لن يستسلم للقدر ابدا...فقرر ان يستفيد مني ومن مايلز سويا، اكمل مايلز تدريباته .. الجميل في أسلوب فرانسيس انه يدربنا على كل شيء الى ان نصير في عمر العاشرة يقول لنا ما هو...وما العمل الذي يقوم به...وما دورنا فيه، لكن المدة التي اوجدها الله لمايلز كانت كفيلة بان تبني له فكرا غير قابل للانحراف...فوالده كان رجل صالح يربيه على الصلاح...وامي امرأة متعلقة بالدين كثيرا...فالعشر سنين الاولى من حياته كونت لدى اخي مبدأ ثابت...غير هذا، هو كان ذكي جدا واعقل من ان ينعت بـ طفل.."

استدارت ليزا مرة اخرى نحو البيانو محاولة ابعاد ملامحها المتعبة عن نيكولاس فهي تشعر ان كل جسمها يرتجف من التعب...اغمضت عينيها واجبرت نفسها على التماسك وجلست على كرسي البيانو ...بلعت ريقها واكملت:

-"يجب ان اعترف ان لفرانسيس فضل علينا..فهو جعلنا نمتلك كل هذه الخبرات والمهارات!..بدأ يدربني ويعلمني كل ما يجب ان اعلمه عندما بلغت السادسة من عمري...كانت صالة منزلنا عبارة عن مركز تدريب لي ولمايلز...في هذا الوقت كان مايلز قد علم بمعنى (عائلة ميكاي) وماذا يفعلون..وفي داخله رفض رفضا تاما ان يخضع لمثل هذا...لكن ما كان بيده فعل شيء .. فاستمر مع فرانسيس في التدريب ...والاطلاع على اعماله، بينما كانت امي لا تعرف شيء..فما زالت تزرع المبادئ الدينية بي وبه دون ان يهتم فرانسيس، بل بالاحرى هو لم يكن يجلس في المكان الذي فيه امي لانه يكرهها..وعندما وصل عمر مايلز 13..قرر ان يجمع المعلومات عن فرانسيس ويستغل مواهبه في البرمجة والاختراق ضده، فكان يذهب معه لكل مكان ويشهد الصفقات والاتفاقيات ويسجلها صوتيا..وفي بعض الاحيان يلتقط الصور بحجة "تخليد اللحظة" وفي نفس الوقت كان يتقرب مني...صار بالنسبة لي اخ واب وصديق...وكان يلقنني كره اعمال الجريمه ... ويفهمني انه لو طلب مني القيام بعمل سيء علي الاعراض عن هذا"

سقطت يدها المرتجفة على ازرار البيانو رغما عنها وتسارع نفسها .. لكنها تماسكت واكملت:

-"كبرنا على هذه الحالة، وعندما صار عمري عشر سنين...اخذني مايلز الى ذلك المنزل وواجهني بكل شيء مباشرة...واخبرني ان والدي سيء جدا وعلي ان لا استمع له ابدا ما حييت..لكنه ايضا طلب مني ان استغل كل ما يقدمه لي من تعليم وتدريب واستغله لمصلحتي...فكانت له الضربة الموفقة في اقناعي واستجذاب افكاري بعدما كسب حبي له وابتعاد حنان فرانسيس عني...وعندما صارحني فرانسيس بأمره..اتبعت تعليمات اخي بان لا اقوم بأي رد فعل، وبعد ذلك كثر ذهابي مع مايلز لمنزل والده "الصيفي" لدرجة اننا كنا نقضي فيه اسابيع دون العودة لمنزل فرانسيس بحجة اننا نرفه عن انفسنا...لم يكن ابي يجرؤ على اذية امي خوفا من ردة فعل مايلز..لانه كان خائفا من خسارته...وعندما صار عمره 20 عاما...حان الوقت ليقوم بأول عمل لمصلحة ميكاي ...لكنه رفض كل الرفض...واخبر فرانسيس بانه خائف من ان يفشل...وانه يحتاج الى المزيد والمزيد من الوقت لينمي مهاراته اكثر .. ووعده بانه سيقوم بشيء يفاجئه ...وانا صرت اكره فرانسيس اكثر يوما بعد يوم...مرت خمس سنين، وفرانس حذر جدا من مايلز بعد ان طال انتظاره...وبعد ان صار يقضي شهورا في منزل ابيه وفي بعض الاوقات ياخذني معه....لكنه ايقن بالنهاية ان صبر فرانسيس يكاد ينفذ...فأعطاني نسخة عن كل المعلومات التي جمعها...وجعلني اطلع عليها...وقال لي ان علي اكمال طريقه لو حدث له شيء...لكنه حذرني من القيام بأي فعل غبي...وعلي ان انتظر واستفيد من كل ما يقدمه فرانسيس لي حتى ابلغ السن المناسب..وتأتيني الفرصة المناسبة...علي تسليم كل المعلومات للحكومة..وهم سيتصرفون...وفي ذلك اليوم..."

كان نيكولاس يستمع لها بكل تركيز...يخاف ان تضيع منه ذرة من القصة...طأطأت ليزا رأسها واكملت بغصة:

-"كنا نلعب الشطرنج في غرفته...اصرخ عليه ويضحك علي...لم ننتبه لما يدور خارج الغرفة..فكان هناك من قام باشعال النار بالقرب منها...لا افهم كيف، او لا اذكر ما حدث...اقتحمت النار الغرفة بقوة..فتصنمنا انا وهو من الرعب ..لم يكن بمقدورنا الخروج ولم يكن بمقدورنا القفز من النافذة..او لم يخطر هذا ببالنا!...التهمت النار نصف الغرفة...ثم خرج رجال من النار يرتدون ملابس مقاومة لها ...سحبوني من حضن مايلز ثم سكبوا عليه مادة سريعة الاشتعال ورموه في النار...اجبروني على رؤيته يحترق...اجبروني على سماع صوته المتألم ... وصرخاته المناجية...ثم بعدما مات وتفحم جسده امام ناظري...كسروا النافذة ورموني منها...فتلقفني رجال آخرون... واخذوني لسيارة كانت قريبة من المنزل ..هل تعرف من كان في تلك السيارة يا نيكولاس؟..كان فرانسيس ينتظرني فيها!...عندما رأيته...امسكت يديه..هززته بشدة وانا اخبره ان هؤلاء الرجال احرقوا مايلز...فما كان منه الا ان قال كلماته التي لن انساها ما حييت: (حرقناه لنحرق العار الذي لحق بعائلة ميكاي بضمه اليها ...الآن يا ابنتي انت هي الوريثة...انت من سيكمل مشواري...يجب ان نحرق كل من يقف في طريقنا) هذه هي الكلمات التي شلتني وجمدت كياني ... ثم بعدها، اتعبت طلب مايلز...واضطررت ان اعيش 4 سنوات...4 سنوات مع الشخص الذي حرق اخي!..اضطررت على تناول الطعام معه!...ان اراه امامي دون القدرة على فعل شيء...بدأت اجمع الأدلة عليه مثل مايلز...لكن عنفه على امي ظهر...يضربها ويصرخ فيها يوميا..لدرجة انه اراد قتلها قبل سنيتن...في تلك اللحظة خرج كل الحقد والكره الذي في داخلي..هددته بانني ساقتله واقتل نفسي ان قتل امي..ومن وقتها اعلنت تمردي عليه ...تلك الاربع سنين كانت الاصعب يا نيكولاس...كانت الاصعب!...يجب ان احرقه مثلما حرق اخي...يجب ان اقتله مثلما قتل امي!"

كانت تبكي بغزارة وهي تروي هذا الجزء .. وصوتها تحشرج في حلقها، ظل نيكولاس جالسا بمكانه وهو مصدوم من الذي سمعه، ثم سرعان ما عاد اليه بروده ووقف بكسل، مشى اليها ببطئ...وضع يده على كتفها وقال:

-"هذا يكفي للآن، دعينا نخرج من هنا..لا يجب ان ياتي احد الى هنا"

استنشقت دموعها ومسحتها وهي تلوم نفسها لانها لم تتماسك امامه وبكت للمرة الثانية بوجوده...وقفت ومشت بسرعة مبتعدة عنه...لكن بمجرد ان صارت خارج الغرفة توقفت واتكأت بيدها على الحائط بتعب...ربما هبط ضغطها..او سكريها...لا تعرف..لكنها متعبة جدا
سمعت خطوات نيكولاس الذي توجه ليطفئ النور فعدلت وقفتها واكملت المشي مقاومة ضيق نفسها..لكنها لم تستطع!..توقفت وانتظرت مجيء نيكولاس...وعندما صار بجانبها قالت له ببرود:

-"انزل انت...سألحق بك"

رمقها ببرود ثم امسك بيدها وقال وهو يمشي وهي خلفه:

-"امشي...لا اريد ان يعرف بـ.."

سحبت يدها بسرعة من يده قبل ان يشعر بارتجافها...لكنه قد شعر بها بالفعل منذ امسكها...هو لاحظ شحوب وجهها وعلم انها متعبه ... اغمضت عينيها بقوة وبلعت ريقها ثم مشت امامه عندما ايقنت انه لن يتحرك ...
بضع خطوات كانت كفيلة بسرقة طاقتها كلها...وضعت يدها بسرعة على الحائط لتتوازن ويدها الاخرى على رأسها ...تأملها نيكولاس قليلا وهو يفكر (بالتأكيد هي متعبه...لن استغرب هذا فهي لا تنام وبالكاد تأكل..واليوم بطوله لم تشرب ولم تأكل... غير الضغط النفسي) تنهد وقال:

-"انت متعبه..لا تكابري ودعيني اساعدك بالـ..."

لم يكمل جملته عندما سقط جسدها على الأرض مغمى عليها...هب اليها بسرعة، ثنى احدى ركبيته وجلس على الأخرى ثم حملها بحذر وتوجه الى المصعد...


~~**~~**


تنهد سام ونظر الى كلارا التي قالت:

-"لا أفهم لم يصر على اظهار نفسه بدور الرجل الصلب البارد"
-"لا أعلم...لكنني اشفق على ليزا، يا ترى ما الامر الذي كانت تخبره به؟..."

لم تعلق كلارا وهي تعيد اللقطة عندما خرجت ليزا من غرفة الموسيقى فمسح نيكولاس على وجهه بحزن وظل ينظر الى مكان جلوسها لبعض الوقت ثم ذهبت ليطفئ النور ...
بينما لم يكن هناك كاميرا خارج الغرفة اصلا...


~~**~~**


ازاح نيكولاس الستارة الرمادية التي نادرا ما تتزحزح من مكانها .. فظهر الشباك الكبير الذي يمتد من حافة الطاولة التي تستند على ذلك الحائط الى السقف...ويلامس اطراف باب الشرفة ، فتح الستارة لكي تدخل اشعة الشمس وتضايق ليزا قليلا ...فباب الشرفة لا يوصل الشمس للسرير...
تسللت الخيوط الذهبية الى عينيها فرمشت عدة مرات وهي في حالة الوعي واللا وعي ، فتحت عينيها ببطئ وهي تقطب جبينها ... بدأت تستعيد ذكريات تلك اللحظة...لقد اغمي عليها!!
نهضت بسرعة وكان شيء لدغها ... نظرت حولها فوجدت نفسها تنام على سريره الاسود المريح !...وضعت يدها على رأسها ثم نظرت الى المكان الذي تتسرب منه اشعة الشمس الساطعه تلك... تلك الواجهة من غرفة نيكولاس تطل مباشرة على مكان بزوغ الشمس فتكون قوية جدا في الغرفة في بدايات النهار...
عندما رأت النافذة العملاقة استغربت وشكت انها في غرفته...فهي لم تعلم بوجود نافذة كبيرة من قبل!...افزعها صوته البارد:

-"لم اظن انك ستستيقظين ابدا!"

نظرت اليه بصدمة فرأته يجلس بقدم ويرخي الاخرى على طرف الطاولة التي تحتل الحائط تحت النافذة وعليها بعض الزينة الخزفية...يحمل بين يديه كوب من الشاي الاخضر الدافئ...
اغمضت عينيها لبعض الوقت وهي تتذكر بعض الخيالات...في الليل استيقظت لكنها سرعان ما عادت للنوم من شدة نعسها فبدا وكانه حلم...فتحتهما وهي تقول :

-"ماذا حدث؟... "
-"فقدتي الوعي، ويبدو ان جسمك استغل الامر وقرر ان ينام قليلا بعد ان حرمتيه منه لاسبوع كامل"

رفعت غرتها عن وجهها وانزلت قدميها عن السرير من الجهة المعاكسة للجهة التي يجلس امامها نيكولاس...وذاك الاخير مشى نحوها...مد اليها كوب الشاي وقال:

-"اشربي هذا حتى يأتي موعد الفطور"

نظرت الى كوب الشاي..ثم رفعت نظرها الى عينيه الباردتين، ثم عادت تنظر للكوب واخذته من بين اصابعه قائلة:

-"شكرا"

همهم بدون اهتمام ثم خرج الى الشرفة...عندما فتح بابها الزجاجي هبت نسائم باردة الى الغرفة فاقشعر بدن ليزا لكنها تنفست بعمق واستنشقت رائحة الشاي مع الهواء البارد .. كم كانت تحتاج للنوم!
عكر مزاجها صوت قرقعة بطنها الجائع...وقفت وارتشفت القليل من الشاي ثم وضعت الكوب على المنضدة ودخلت الحمام...غسلت وجهها واسنانها ثم خرجت بسرعة ، بحثت عن هاتفها فوجدته على الطاولة الزجاجية...نظرت الى الساعة فوجدت انها الثامنه الا ربع...شهقت بخوف من انها تأخرت لكن سرعان ما تذكرت ان موعد محاضرتها تقدم...نظرت الى الشرفة حيث يجلس نيكولاس على المقعد الابيض وتذكرت ما حدث يوم امس، كل ما اخبرها به مايلز...قالته لنيكولاس، تشعر بضيق في صدرها لمجرد تذكر انها وحيدة في هذه الحياة...الشخصين الوحيدين اللذان امتلكا روحها...غادرا الدنيا بأبشع الطرق!..
عندما تحزن تتغير 180 درجة ... وتفضل الانعزال عن العالم كله فذهبت للطابق الرابع لانه مهجور كما قالت كلارا لها
ابتسمت بسخرية على نفسها ثم اخذت كاس الشاي عن المنضدة وذهبت للخزانة...غيرت ملابسها ثم نظرت الى نفسها في المرآة...تأففت بضجر وهي تتأمل شعرها..لا تريد ان تمشطه...ستطلب من كلارا ان تجدله لها وكفى...
شربت من الكوب وخرجت من الخزانة فرأت نيكولاس يكتب شيء في هاتفه وهو يقف بجانب الطاولة الزجاجية...قالت بهدوء:

-"رأيي لم يتغير منذ الأمس، لن اذهب مع ساندرا وسام...ولا مع اي حارس، اكره الحراس..."

رفع رأسه ونظر اليها ببرود ثم قال بتململ:

-"سنناقش الامر بعد الفطور...هيا ننزل"

ضيقت عينيها بغيظ من بروده وخرجت من الغرفة خلفه...

على طاولة الطعام...جلس كل شخص في مكانه ، وضعت الاطباق امام الجميع وكان طبق ليزا هو الوحيد المغطى بغطاء يشبه نصف الدائرة...
عقدت حاجبيها باستغراب وشعرت ان لنيكولاس يد في الأمر...هل يخبئ لها وجبة عن عشر وجبات تحت هذا الغطاء كتأديب لها لانها فقدت وعيها ام ماذا!
قبل ان تبتعد بخيالها اكثر ... ازال رئيس الخدم الغطاء فصدمها ما رأت...كان هناك مفتاح سيارة فقط لا غير!...زاد تعجبها اكثر والكل استغربوا ايضا..الا نيكولاس لم يعطي أي رد فعل ولم ينظر اليها اصلا....
قالت باستنكار:

-"لكن ما هذا؟..هل سآكل مفتاح سيارة؟!"

قال نيكولاس ببرود وهو لا ينظر اليها:

-"هذا مفتاح سيارتك الجديده التي تنتظرك في الخارج...بما انك لا تحبين ان يرافقك احد للجامعة...فوجدت ان افضل شيء هو ان يكون لديك سيارة خاصه"

اتسعت عينيها على اوسعهما وفغر فاهها ... قالت بتلعثم:

-"نيك...نيـ...هل انت جاد؟"

نظر اليها اخيرا وقال:

-"بالمناسبة...فكرة مفاجئتك في طبق الطعام كانت فكرة كلارا ولا يد لي فيها "

ابتسمت بفرح...بل ضحكت وامسكت يده...هزته وهي تقول بسعادة:

-"شكرا نيكولاس...شكرا ..شكرا"

ثم تركته واخذت المفتاح وركضت بسرعة لتخرج الى الحديقة وترى سيارتها...ظهر شبح ابتسامة على شفتيه بعدما خرجت وفي باله يقول: (فليكن ذلك كتعويض لك عن الجرح الذي فتحته لك يوم امس وجعلك تدخلين حالة مؤقته من الاكتئاب..)
بينما اشتعلت ساندرا من الداخل وشعرت برغبة ملحة للقيام واللحاق بها لرؤية السيارة الجديدة هذه...وظلت جيسيكا وبيير على دهشتهما .. والجد بيتر احتفظ بهدوءه..بينما رون ابتسم بسعادة لسعادتها...

وجدت ليزا سيارة جاكوار من احدث طراز تصطف امام المدخل يقف بجانبها كل من كلارا وسام...شكلها انسيابي ولونها اسود جميل...نزلت الدرج قفزا نحوهم ثم احتضنت كلارا بقوة وهي تقول:

-"شكرا شكرا شكرا"

ضحكت كلارا وقالت:

-"لا تشكريني انا...اشكري نيكولاس فهو من احضرها لك"

تركتها ليزا ثم احتضنت سام الذي تفاجأ جدا ... فهو غير معتاد على هذا ابدا...لم يبادلها الحضن فابتعدت عنه ليزا وهي تضحك ...احتضنتهما عوضا عن احتضان نيكولاس...فكم تشعر برغبة في ذلك!
ضغطت على زر المفتاح فاصدرت السيارة صوتا يعلن عن انفتاحها ... فتحت الباب وركبت ...تأملتها من الداخل قليلا ثم ضغطت على زر تشغيل المحرك وانطلقت بسرعة...دارت حول حوض الازهار الذي يحتل منتصف الطريق الدائري امام البوابة الكبيرة ثم عادت مكانها ...
قال سام:

-"فقط اتمنى ان لا تؤذي نفسك بها"
-"لن يحدث ذلك ابدا"

ابتسمت عندما قالت جملتها ونزلت منها ... قالت لكلارا :

-"لا اظن ان الوقت مناسب...لكن هل يمكنك تجديل شعري؟"

ضحكت كلارا ثم سحبتها من يدها نحو الأرجوحة الكبيرة بالقرب من النافورة اليمنى وبدأت تجدل شعرها....


~~**~~**


وضع ماكس قدم فوق الأخرى وهو يرتشف القليل من قهوته ثم قال بهدوء لفرانسيس:

-"اذا، هل اقتنعت؟"

فكر فرانسيس قليلا في كلام ماكس...اخبره انه في النهاية عندما ينهار نيكولاس سيكون اخذ ليزا منه كسحب الشعرة من العجين...لهذا عليه ان يصبر!...تنهد فرانسيس بقلة حيلة فهو لا يملك بيديه اي خيار آخر .. اجاب:

-"وكأن لدي خيار...لكن يا ماكس، احذركم جميعا من اذيتها...افعلوا ما تشاؤون بالجميع...الا هي...يجب ان تظل سليمة...والا حدث شيء لا يسركم"

هز ماكس رأسه بتفهم .. في هذه اللحظة دخل أليكس المكتب وعلى وجهه ابتسامة واسعة...سأله ماكس:

-"اذن هل خطتك تسير بشكل جيد؟...لا تنسى اننا نضع ثقتنا فيك"
-"لا تقلقوا ... الى الآن ما زالت الامور سالكة، دعونا نتمنى فقط ان لا يحدث شيء يخرب خططنا"







~*~*~انتهى~*~*~




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-17, 12:53 PM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


\\



(خلف الستار)
الكاتبه: ريم أحمد









~*~*~~*~*~


الفصل الثامن.



وصلت ليزا الى جامعتها ومزاجها في افضل حال بعد هدية نيكولاس الرائعة لها...
عندما دخلت قاعة المحاضرة لاحظت النظرات الغريبة نحوها ... فاللذين في القاعة يظنون انها هي زوجة نيكولاس لانه منذ انتشر الخبر...غابت هي
كانت تنتقل بنظرها بين الوجوه واختفت ابتسامتها عندما لاحظت ريبتهم...جلست على أقرب مقعد فارغ وقررت تجاهلهم...لكنهم هم رفضوا تجاهلها!
اقتربت احدى الفتيات منها...جلست بجانبها ثم قالت بحماس:

-"قولي لي ارجوك آنسة ليزا...هل انت هي زوجة السيد نيكولاس فيندار...ارجوك قولي الحقيقة ارجوك"

أول شيء خطر ببال ليزا هو خاتم الزواج...كيف لم تنتبه ولم تخلعه؟!...اخفت يدها في حقيبتها كانها تبحث عن شيء وهي تقول:

-"حقا؟!..هذه المرة الثانية التي يتم سؤالي عن هذا...مرة سألوني ان كنت خطيبته ومرة ان كنت زوجته!...لا اعلم لكن هل شكلي يوحي حقا باني زوجته؟!"

كانت تقول هذا الكلام وهي تحاول نزع الخاتم من يدها باصابعها دون تدخل يدها الاخرى..ونجحت!...سقط الخاتم في الحقيبة فأخذت نظارتها التي اشترتها قبل وصولها ثم اغلقت الحقيبة بهدوء والفتاة تقول:

-"لكن لماذا غبتي منذ اليوم الذي أعلن به عن خطبة نيكولاس؟"

تأففت ليزا بضجر ولكن انقذها دخول الدكتور...عاد كل الطلاب الى مقاعدهم ، قبل ان يبدا الدكتور في نطق اسماء الطلاب ليرى من غاب ومن حضر...دخلت جيني بسرعة وهي تقول:

-"اعذرني يا دكتور...لم اقصد التأخر"
-(بهدوء)"لا مشكلة...انا دخلت الآن ايضا"

هزت رأسها بابتسامة ثم توجهت للمدرج...لكنها صدمت عندما رأت ليزا تجلس هناك!...لم تستطع منع نفسها من الاقتراب منها وقول:

-"كيف حالك ليزا؟"

حاولت ليزا اظهار البرود ثم اجابت:

-"بخير جيني...بخير"

تنهدت الأخيرة ثم بحثت عن كرسي اخر وجلست....نطق الدكتور اسماء الطلاب الى ان وصل لاسم ليزا...استغرب من انها موجودة فقال بهدوء:

-"آنسة ليزا ، لقد غبتي لمدة اسبوع ... ما هي مبرراتك؟"
-"اعذرني سيدي، لكن توفيت والدتي، والرئيس يعرف هذا فـ..."

لم تكمل كلامها فقال:

-"حسنا، عليك ان تعرفي انني اجريت امتحان في الاسبوع الذي غبيته وهو امتحان مهم جدا بالنسبة لك، وآسف على اخبارك انك حصلتي على علامة صفر"

شهقت ليزا بخوف من هذه الفكرة وقالت باندفاع:

-"لا سيدي ارجوك...الا الصفر...أنا يمكنني ان اشرح..انا.."
-"آنستي، يمكنك مراجعتي في مكتبي بعد انتهاء المحاضرة"

عضت على شفتها السفلى بندم، لماذا غابت عن الجامعة اصلا؟!...ذلك الاسبوع المشؤوم!..تأففت ثم ركزت كل افكارها على المحاضرة...
وعندما انتهى الوقت وخرج الدكتور...وضبت ليزا اغراضها بسرعة وكانت ستتبعه لولا ان جيني قالت لها بصوت هادئ وخافت:

-"تعازيّ لك يا ليزا...على..موت السيدة بريانكا"

توقفت حركة يدي ليزا ثم استدارت لجيني وقالت بهدوء:

-"شكرا لك"
-"انا لا افهم حقا لماذا فعل فرانسيس هذا...لماذا لم تخبري الشرطه؟"

ابتسمت ليزا بسخرية ثم ربتت على كتفها وقالت:

-"عزيزتي، الشرطة لن تفيدني في هذا .. ليس الآن، كل شيء في وقته"

ثم حملت حقيبتها وقالت:

-"ألقاك في مقعدنا المعتاد في الساحة الشرقية، يجب أن أذهب خلف الدكتور"

لم تترك مجال لجيني لتتكلم وركضت نحو الدكتور...وفي مكتبه، جلست امامه وقالت:

-"ارجوك ... اذا لم انجح في هذه المواد فلن اتخرج في نهاية هذا الفصل الصيفي...لقد تعبت جدا لأتخرج في ثلاث سنين لذا أرجوك سيدي...أرجوك...سأفعل أي شيء لتعدل العلامة...يمكنني ان امتحن الآن لو أردت"

تنهد الدكتور ثم قال وهو يعقد اصابعه فوق الطاولة:

-"حسنا ليزا...لا أريد أن أكون سبب في فشلك، لكنني احتاج لحجة قوية"
-"قلت لك!...أمي توفيت !"
-"ألم تقولي هذا لتتستري على انك زوجة السيد نيكولاس فيندار؟"
-"لا ... هي توفيت حقا"

قالت جملتها وطأطأت رأسها بحزن...هز الدكتور رأسه وقال:

-"حسنا إذن، غدا..هل يمكنك الامتحان غدا؟"
-"أجل بالطبع، شكرا لك"

ابتسم لها فخرجت وتوجهت الى حيث تجلس جيني ...تراقب المارة بعينين تائهتين!
جلست ليزا بجانبها وقالت:

-"هل تأخرت عنك؟!"
-"لا ..لا...بالنسبة للمسافة التي عليك قطعها"

ابتسمت ليزا ثم ازالت النظارة الطبية عن عينيها...تكلمت جيني بتردد:

-"لقد حاولت الاتصال بك، لكن رقمك تم فصله من الخدمة...هل لديك رقم جديد؟"
-"اوه..أجل بالطبع.."

اخرجت ليزا هاتفها من حقيبتها وكتبت رقم جيني ثم ضغط امر اتصال...فرن هاتف جيني، قالت جيني بضحكة:

-"ما زلتي تحفظين رقمي؟...تحفظين كل الأرقام!...كيف لك قوة على هذا؟!"
-"ليس كل الأرقام، التي تهمني فقط...ثم ان هذا سهل على من وصلت عمر العاشرة وهي خبيرة اخترق!"

ابتسمت جيني ولم تعلق... قالت ليزا:

-"جيني؟...أمازلتي تسكنين في منزل أليكس؟"
-"اجل"
-"لكن لماذا يا عزيزتي؟!...عودي الى فرنسا هذا أفضل لك، أليكس مجرم...لا تريدين ان تتورطي معه!"
-"لكنني أحبه يا ليزا...احبه!...غير هذا، علي اكمال دراستي"

تنهدت ليزا ولم تعرف ماذا تقول لهذه الحمقاء...مرت دقيقتين صمت، حتى قالت جيني:

-"والدك وأليكس..لا ينويان خيرا..."
-(بتأهب) "لماذا؟..هل سمعتي شيء؟"
-"قال أليكس انهم سيسافرون وسيطول سفرهم...وحسب فهمي، فإن هذا السفر تدبر بسبب نيكولاس..أي انهم سيضرون نيكولاس...هل تعلمين ان أليكس كان ينوي تفجير حفلة زواجك؟!"

ابعدت ليزا عينيها ببطئ عن جيني وشردت في افكارها ..في نفس الوقت كانت ساندرا متوجهة مع صديقاتها الى الكافيتيريا..جلسن حول طاولة وطلبت ساندرا النادل فجاء اليها، انحنى باحترام وقال:

-"أجل آنسة ساندرا، ماذا تحبين؟"
-"اجلب لنا ثلاث كؤوس عصير مثلج"

هز رأسه منصاع وذهب، قالت ساندرا لصديقتيها:

-"اليوم كدت انفجر من القهر، نيكولاس احضر سيارة لزوجته لانها لا تحب الحراس والخروج معهم!...اتصدقون هذا!!...انا في حياتي لم يُسمح لي الخروج من المنزل بدون مرافقة رئيس الحرس!...ولا يوجد مرأة في عائلة فيندار ركبت في مكان السائق!...اذا أردتي سيارة محددة اذهبي واشتريها..لكن ايضا ستحصلين على حارس سائق معها"

قهقهت احداهن ثم قالت:

-"قولي انك تغارين منها...هذا ليس غريب على السيد نيكولاس...فهو يفعل ما يريده هو دون الالتفات لأي قوانين"

تأففت ساندرا وصمتت...تقدم منها شاب، وقف امام طاولتها وقال:

-"آنسة ساندرا!"

رفعت ساندرا رأسها ونظرت اليه...سرعان ما عرفته...هو ذات الشاب الذي اصطدم بها بالامس!...قالت بانفعال:

-"اهلا!"
-"آنسة ساندرا...اعذريني، يوم أمس لم اعرفك..فأنا لست من هذه الجامعة..واصدقائي اخبروني انك من عائلة فيندار...فأتيت اليوم لأعطيك هدية تعبيرا عن أسفي!"

اكمل جملته وقدم لها الهدية الصغيرة...وضعت ساندرا يدها على صدرها بامتنان وهي تقول:

-"اوه..شكرا لك..حقا..أنا.."
-"لا داعي لقول شيء آنستي...فقط اقبلي هديتي"

اتسعت ابتسامتها وهي تأخذ الهدية من بين يديه...فتحتها فوجدت عقد من الفضة فيه...قالت بسعادة:

-"انه رائع جدا...شكرا يا...مممـ...صحيح لم تعرفني عليك؟"
-(بابتسامة)"اسمي هو مارك، تشرفت بك"
-"الشرف لي أنا...إذن، بما انك لست من هذه الجامعة...ألن تأتي الى هنا مرة أخرى؟"
-"اجل..هذا ما كنت سأفعله...لكن اذا أردتي، ستجدينني كل يوم عندك"

همهمت ساندرا ثم قالت:

-"حسنا إذن...سيكون من الجيد لو رأيتك كل يوم!"

انحنى لها مارك بلطف ثم عاد الى اصدقائه...قالت صديقتها:

-"ياا اللهي!!...ما اجمله!!!...اووه، ليتني انا هي انت!"

ابتسمت ساندرا بخجل وهي تتأمل الهدية....


~~**~~**


في مكتب الجد الفخم، في أعلى طابق في الشركة ... يجلس بكل ارتياح على كرسيه المتحرك خلفه الزجاج الذي يظهر منظر المدينة والبنيان العاكسة الاخرى مع الضباب الهادئ...يضع يده على الطاولة ذات الزجاج الاسود وينقر باصبعه عليها ...ينظر لنيكولاس الذي دخل المكتب بخطوات ثابتة ..منتصب الظهر...ويعقد يديه خلف ظهره قائلا:

-"نعم جدي...طلبتني؟"
-"اجلس نيك...اجلس"

جلس نيكولاس امامه فقال بيتر:

-"اظنك تعرف لماذا طلبت رؤيتك..."
-"اجل...من اجل المشروع الذي أريد الاشتراك فيه مع الشركة الايطاليـ.."
-"نيكولاس!!...انت تفهمني، لا تغير الموضوع وتتظاهر بأنك لا تفهم"

اغمض نيكولاس عينيه بقلة حيلة وحنى ظهره للأمام ثم قال:

-"أرجوك جدي...دعني اتعامل مع زوجتي كما اريد"
-"نيك...انت بهذا تكسر قوانين القصر"
-"وما هي قوانين القصر؟!...ماذا لو كسرتها؟!...هل سيتهدم؟!...انت تبالغ يا جدي"
-"هل سبق لك يا نيكولاس ان رأيت مرأة من نساء آل فيندار تقود سيارة في الشوارع وحدها؟!...ماذا لو حدث لها مكروه؟...ما موقفنا امام العائلات الأخرى؟!...آل فيندار لا يمكنهم وضع حراس لنسائهم؟!"
-"في هذه الحالة لن يعرف اي احد انها زوجتي حسنا...ولا تناقشني في الموضوع رجاءا...لنعد الى الموضوع الأهم وهو المشروع"
-(ببرود)" اذكرك انها ابنة فرانسيس، والى الآن انا لا اثق بها ... لا تتفاجأ لو خانتك..او قدمت شيء لوالدها ضدك..."
-(بابتسامة سخرية) "اذا هذا ما تخطط له انت وبيير؟..تريدون ان تدبروا مسرحية تجعلني اظن انها تخونني؟ أليس كذلك؟...اطمئن...حتى لو رأيت ذلك بأم عيني فسأقول انها مجبره...انا أثق بها كل الثقة"

كان نيكولاس يفكر بسر نظرات جده وبيير الى ليزا ... وتوصل الى انهم يريدون حبك شيء ضدها...ولم يكن متأكد من شكوكه الا الآن...عبس الجد عندما قال نيكولاس كلماته لكنه لم يتفاجأ، فنيكولاس أذكى من أن تنطلي عليه خدعة كهذه..قال بهدوء:

-"لا أنت مخطئ...هذه ليست من شيمنا...على كل حال، لا داعي لنناقش موضوع المشروع، انا أثق بقراراتك"
-"حسنا اذن"

وقف نيك وانحنى قليلا لجده ثم خرج من المكان...


~~**~~**


ها قد مالت الشمس ليحل العصر ... عاد نيكولاس للقصر باكرا تاركا منافسه في الشركة (بيير) يسرح ويمرح بها...لكنه واثق ان مشروعه سيكون نجاح كبير ..فليس قلق من اعمال بيير...
كانت الصالة خالية الا من الخدم ... صعد الى جناحه ، فتح باب غرفته فلم يجد ليزا هناك...رمى سترة بذلته على الكنب ثم بعث رسالة لكلارا يسألها عن مكان ليزا...فأخبرته انها في المكتبة الكبيرة...
جلس على سريره وهو يتذكر شكلها وهي نائمة بعمق ... ابتسم بسخرية ثم خطر بباله ان عليه معرفة بعض المعلومات عن فرانسيس الآن..

خرج من المصعد وتوجه مباشرة الى باب المكتبة ... كان بابها مميز وكبير جدا، دفع الباب ببطئ ودخل ... كانت المكتبة تحتل نصف الطابق ... فكانت عملاقة جدا...الجدران كلها رفوف كتب...هذا غير الرفوف التي تصطف بنظام مرتب في انحاء المكتبة على شكل خطوط عرضية....ويوجد سلم منزلق مثبت في أعلى الحائط الى اسفله ...يمكن تحريكه لأي مكان حول الجدران ليتمكن زائر هذه المكتبة الغنية بأخذ أي كتاب من الرفوف المرتفعة جدا جدا .... وبما ان الجدران كلها رفوف...فليس هناك مكان للنوافذ!...لكن الهندسة المتقنة الجذابة، أوجدت نافذة مستطيلة الشكل ممتدة في أعلى الحائط المقابل للباب ... تسمح بدخول نور الشمس بشكل يعطي جو مريح جدا للقراءة...يتغير منحناها مع تغير موقع الشمس...وتوجد المكيفات التي تجعلك تتحكم في جوك الخاص داخل هذه المكتبة العملاقة... اما بالنسبة للكتب ... فهذه المكتبة التهمت في رفوفها كتب تدرج عمرها من الف سنة الى أحدث كتاب تمت كتابته!...كتب من مختلف الثقافات واللغات ، فيمكنك ان تجد كتاب ألف ليلة وليلة بجانب كتاب شعر لـ إدوين مورغان !
وفي منتصف هذه المكتبة الذي يتمنى كل قارئ دخولها...توجد طاولة دائرية فخمة...اطرافها مزركشة بنقوش ذهبية تروي ثقافات اوروبا كلها!...مع كراسي من المخمل الأحمر المريحة .. وعلى إحداها كانت ليزا تجلس بعدما انهت تأملها المطول لهذه المكتبة الخلابة..وبعد ان سيطرت على دهشتها ... نست كتابها الذي من المفترض ان تدرس فيه للامتحان على الطاولة...والتهت بقراءة كتاب (الكون الأنيق) لـ براين غرين ... لم يظهر صوت خطوات نيكولاس نحوها لان المكتبة مفروشة بأفخم السجاد للحفاظ على الهدوء حتى من الخطوات!
وقف بعيدا عنها ، يتأملها مع نظاراتها!...بدا مستغرب كثيرا من شكلها ، لماذا ترتدي نظارات اصلا؟!
تنحنح .. وكان يقف امامها في الجهة المقابلة من الطاولة، رفعت رأسها ونظرت نحوه باستغراب ... تقوس حاجبيها بعدم اهتمام عندما عرفت انه نيكولاس ثم اكملت قراءة ... مشى نحوها وجلس على الكرسي الذي بجانبها ، شعرت بحركاته لكنها لم تبالي...سحب الكتاب من يدها بسرعة ثم اغلقه ووضعه على الطاولة ... ظلت ثابته على حركتها واصابعها مرتبة في الهواء وكانها ما زالت تمسك الكتاب...اخذت نفس عميق و استدارت نحوه بكل جسدها وقالت بانزعاج:

-"نعم؟"

وضع سبابته الى جانب شفتيه ووسطاه تحتها وباقي اصابعه تلامس ذقنه وهو يتأمل وجهها ... رفعت حاجبيها باستغراب كبير من نظراته الغريبة لها .. هزت رأسها وكأنها تخبره "ماذا؟" فابتسم ثم اشار الى عينيها وقال:

-"لماذا ترتدين النظارات؟!"

تذكرت ليزا انها تضع النظارات وشعرت بالاحراج...فهي لا تحب ان يراها احد بهذه النظارات ابدا...بالكاد تتحمل وضعها في المحاضارت امام الطلاب!!...لهذا كانت تضع عدسات!...خلعت النظارات بسرعة ورمتها على الطاولة بطريقة لا تجعلها تنكسر وابعدت وجهها عنه لتقول:

-"لماذا يعني يرتدي الناس نظارات طبية؟!"
-"لكنني لم أعرف من قبل ان لديك مشكلة في عينيك..لم ترتدي النظارات من قبل!"
-"لانني كنت اضع عدسات .. اكره النظارات"

صمت كل منهما لدقيقة وليزا تنظر الى كتابتها وفي نفسها لا تريد ان تدرس .. كيف تدرس وحولها كل هذه الكتب الكثيره؟!...تشعر انها ستقرأ كل الكتب اليوم!...قال نيكولاس :

-"جئت لنتكلم...لم تعطيني أي معلومة عن فرانسيس او أليكس الى الآن"
-(بتأفف)" هل هذا وقتك؟"
-"طالما انت في هذا القصر فهو وقتي!"
-"نيكولاس أرجوك!..ليس الآن، عندي امتحان يجب ان ادرس له"

قالت جملتها وسحبت كتابها وتظاهرت بانها تدرس...ظل ينظر اليها لعدة ثواني ثم قرر ان يتركها رغم انه متأكد من انها لم تدرس ولا تريد ان تدرس...وقف واخذ النظارة عن الطاولة ، اقترب منها...وضع لها النظارة على عينيها وقال بسخرية:

-"ضعي النظارات ثم تظاهري بالدراسة!"

ظلت تنظر اليه وهو يرجع خصلة من شعرها للخلف لتثبت النظارة مكانها ويبدو مركز جدا في ما يفعل!...لا تدري لم أتاها شعور غريب مفاجئ جعل الدماء تدفق الى وجنتيها بسرعة لتشعر بسخونة فيهما!...ابعدت يده عنها وهي تقول متظاهرة بالضجر:

-"ثبتت ثبتت..يكفي هذا..دعني أدرس"

كاد ان يضحك لكنه تماسك وقال:

-"بالمناسبة، لم أرى احد تليق به النظارات مثل ما تليق بك...انت جميلة بها"
-(باحراج)"قلت لك دعني أدرس يا نيك ولا تجعلني أغضب...اعلم انك تسخر مني...فأنا أبدو مثل الذبابة بها"
-(بضحكة)" حسنا...لن اتعب نفسي باقناعك، ادرسي جيدا ها"
-"حسنا لكن أخرج.."
-"صحيح...لماذا ما زلتي تصاحبين حبيبة أليكس تلك؟"
-"من؟ جيني؟...وما أدراك؟!...هل تراقبني يا سيد نيكولاس المحترم؟!"
-"طبعا أراقبك...هناك حارسين مختلطين بالطلاب يتبعوك اينما ذهبتي...كان اتفاقنا ان اقدم لك الحماية وانت تقدمي لي المعلومات...ووجودك في الجامعة قد يسبب خطر عليك"
-"لكنني لا أحب أبدا أن يراقبني أحد...حتى فرانسيس لم يكن يرسل من يراقبني تجنبا لغضبي"
-"لانه غبي...أعيد سؤالي...لماذا تصاحبينها؟"
-"نيكولاس انها صديقة لي...ومستحيل أن تؤذيني...كما انها اليوم أعربت عن حسن نيتها .. لهذا لا تعاملني كالاطفال وتعلمني من اصادق ومن لا اصادق"
-"فتاة مثلك فعلا يجب ان أعاملها كالاطفال...قد يستخدم أليكس تلك الفتاة كطعم لك!"
-(بغضب)" نيكولاس لا تناقشني في الموضوع واغرب عن وجهي"

ظل يقف مكانه لعدة ثواني ثم استدار وخرج من المكتبة تارك اياها تشتعل من الغضب والخجل والحرج في آن معا...


~~**~~**


ها قد مر شهر عن زواج نيكولاس وليزا ... شهر مليء بـ "الآكشن" بينهما ، تحسنت به علاقة ليزا مع جيسيكا أكثر ... وساندرا على حالها ، اما علاقتها مع بيير والجد...ما زالت سطحية جدا...ولم تدخل معهما في حديث منفرد أبدا ... وصداقتها مع كلارا وسام تنمو أكثر وأكثر ...
ولكن الأهم من كل هذا...هي التغيرات التي حدثت في قلبها!

نزل نيكولاس من سيارته امام مدخل المنزل فركب بها أحد الحراس ليأخذها ويركنها في المرأب ... كان يتحدث في الهاتف ويقول:

-"إذن لقائنا سيكون في نهاية الأسبوع ؟...أجل بالطبع...لا لا اطمئن سيكون العقد عادل جدا...حسنا، الى اللقاء يوم السبت القادم"

وضع هاتفه في جيبه وهو ينظر الى ليزا المنشغلة بلابتوبها وهي متربعة على حافة النافورة ... كان غاضب جدا منها في الفترة الأخيرة واعصابه لا تتحمل كلمة منها..وكأن صبره نفذ...مشى باتجاهها وهو عاقد الحاجبين وعلامات الغضب تتضح على قسمات وجهه...كانت ليزا منشغلة لدرجة انها لا ترى حولها غير الملفات التي امامها، فمنذ أن عرفت برجوع أليكس وفرانسيس الى البلد وهي تراقب اوضاع الشركة وتراقب حساب أليكس ... وتحاول الوصول لأي معلومة عن جوناثان...
وقف نيك امامها وهو يحاول ضبط اعصابه وقال:

-"ليزا...يجب أن نتحدث الآن"
-"لحظه .. قليلا...دعني انهي هذا.."

لم ينتظر أي ثانية واغلق شاشة اللابتوتب فسحبت ليزا اصابعها عن لوحة المفاتيح بسرعة...حمل اللابتوتب بيده وقال:

-"الآن يا ليزا"

لاحظت غضبه فقالت بهدوء:

-"أعد لي اللابتوب ثم نتكلم"

لم ينصت لها وقال بوجوم:

-"الآن...الآن ستحدثينني عن الاتفاقيات التي كان يعقدها فرانسيس مع المافيا...الآن ليزا"

استغربت من اسلوبه المقتضب ... صحيح انه لا يحدثها بلطف عادة لكن ليس بهذا الاسلوب ايضا!...قالت بعد ان وقفت:

-"على الأقل اهدأ قبل أن أخبرك...وأعد لي اللابتوب رجاءا"
-"ليزا لا تتهربي...منذ اسبوعين وانا احاول معرفة اي معلومة منك لكنك تتهربين بطريقة تثير غضبي!..تتحججين بأي شيء .. أو تعطيني رأس الخيط وتتركينني في حيرتي!...في نهاية هذا الأسبوع سأذهب الى ايطاليا وأريد أن أعرف كل شيء قبل ذلك!"

صمتت ولم تعرف ماذا تقول ... أجل تعرف انها تتهرب من اعطاءه المعلومات، لانها تريد البقاء معه اطول مدة ممكنة!...وتعرف انه لو اعطته ما يريد سيتركها وتنتهي علاقتهما ... لكنها لا تريد ذلك...شيء ما في داخلها يريد البقاء في هذا القصر بشدة...عندما لم يجد نيكولاس رد منها قال :

-"لماذا لا توفين بالاتفاق؟"

لماذا لا توفي بالاتفاق؟!..لانها تريد البقاء بجانبك!...لم لا!...وقلبها مال نحوك رغم ان عقلها يحاول سحبه بعيدا!...أليس هو من كان يقربها منه؟!...أليس هو من كان يتصرف تصرفات غريبة في بعض الأحيان لا يمكن تفسيرها تجعل قلبها يرفرف ثم يذهب؟!...ترددت قليلا في اعطاء الاجابة لكنها قالت اخيرا:

-"لأنك حقير.."

تفاجأ من اجابتها لكنه قال :

-"وان يكن...هل كوني حقير يمنعك ذلك من قول المعلومات لي؟"
-"حقارتك ستجعلك تتركني بلا حماية من فرانسيس بعد ان تأخذ كل المعلومات التي تريدها لهـ.."

قبل أن تكمل كلامها الذي اخترعته من اللاشيء .. رأت جهازها يطير في الهواء ثم يستقر في مياه النافورة ونيكولاس يقول:

-"هكذا ساكون حقير!...يا آنسة ليزا ، أنا نيكولاس الذي لا يخلف بوعده...ولست انا من سيترك شريك له في منتصف الطريق ويذهب.."

لم تكن تسمع كلامه ؛ فهي نسيت وجود فكها السفلي من الصدمة وهي ترى اللابتوب يغوص في الماء .. وعينيها كادتا ان تخرجان من مكانهما!...تحولت انفاسها لشهقات خفيفة متوالية ... ظلت تنظر الى المكان الذي سقط فيه بصدمة ثم قالت بهمس:

-"ماذا فعلت يا أحمق!"

وسرعان ما هبت الى حافة النافورة...مدت يديها وهي ما زالت تحت صدمتها وحاولت ان تنتشل اللابتوب لكنه كان بعيد عنها فاستدرات الى نيكولاس...امسك بمئزره وهي تهزه بشدة وتصرخ:

-"ماذا فعلت يا احمق!!"

كان مستغرب من ردة فعلها .. ومع ذلك لم يعطي أي ردة فعل...ظلت تهزه وهي تقول:

-"هل تعرف بماذا تسببت الآن!!...لقد تسببت بضياع 17 سنة من عمري وعمر اخي في جمع المعلومات!...يا تافه يا أخرق!...كل المعلومات موجودة عليه!!"

تركته ثم وضعت يديها على رأسها وهي تمشي بتوتر وتتمتم بكلام لم يسمعه نيكولاس الذي قال:

-"هيا بربك...ما هذا النواح...بالتأكيد ان المعلومات محفوظة في usb"

توقفت عن المشي ونظرت اليه بعينيها الجاحظتين ثم قالت بعصبية:

-"usb?...usb??!...لا سيد مستبد...ليست محفوظة في usb ... ما رأيك الآن؟!...النسخة الوحيدة التي املكها كانت في اللابتوب فقط!"

وضع يديه خلف ظهره وهو يفكر بالخطأ الذي فعله توا ... لكنه سرعان ما قال بنبرة مستفزة:

-"هذا يعني أن اتفاقنا سيتم انهاءه قريبا...وكل منا يعود من حيث ظهر"

زادت صدمة ليزا أكثر من حقارته ونذالته ووجدت نفسها تتحجج بحجج واهية لتبقى:

-"ماذا؟!...تنهي الاتفاق!!...يستحيل ان اسمح لك بهذا!...أنت لن تتركني وتذهب هكذا!!...على الأقل عوضني عن تعبي الذي ذهب ادراج الرياح بسببك!...ثم ..ثم ان فرانسيس قد يؤذيني!!...انا اعرف كل المعلومات لكن ما ضاع هو الادله!"

لم تتغير ملامح وجهه واستدار ذاهبا للقصر...نظرت ليزا نظرة تحسر أخيرة على اللابتوب ثم تبعته ... كان يستمع لهرائها دون ان يهتم ... يفكر فقط في حل لخطأه .. المعلومات لا يمكن انقاذها .. لكنها محفوظة في دماغ ليزا...يمكنه ان يكتفي بهذا .. على كلن هو لا يحتاج لأدلة...الذي سيطلب الادلة هو القاضي..وليس هو...فحاليا تكفيه المعلومات وحدها دون ادلة...رغم هذا احب استفزاز ليزا قليلا...دخل القصر وليزا خلفه تقول بانفعال:

-"...انظر الي وانا اتحدث معك!!...اما ان تجد لي حلا لفعلتك هذه او ان تعوضني عن تعبي ب200 مليون دولار واريدها باليورو!"

ولسوء حظ ليزا اليوم .. كانت ساندرا تجلس هناك وسمعت كلامها ... وقف نيكولاس عندما انتبه لساندرا واستدار لليزا ...وضع يده على فمها حتى لا تنطق بترهات أكثر وتفضحهم...
عندما سمعت ساندرا كلامها المنفعل...التفتت نحوها ورأت كيف أن نيكولاس بحاول اخراسها...قالت ببرود:

-"هذه هي الفتاة التي فضلتها على كل نساء العالم لتتزوجها!..كم انك جشعة يا ليزا... 200مليون دولار على ماذا؟!...واأسفاه عليك يا ابن عمتي"

ابعدت ليزا يد نيكولاس وقالت لها :

-"وما علاقتك انت؟!...اعترفي انك تحبيه وخلصينا!..منذ دخلت هذا المنزل وانت تكرهينني...بالتأكيد كنت تحبينه لكنه لم يأخذك للأسف!...ليتك اخذته وارحتيني منه"

قالت جملتها ومشت نحو المصعد بغضب وتشعر انها تحترق من الداخل...اولا يغرق لابتوبها..ثم يقول لها سينتهي الاتفاق...وتلك الحمقاء المسماة ساندرا زادت الطين بلة بكلامها!...ضغطت على زر الطابق الثالث وتكتفت بعصبية وبدأت بهز رجلها ... الآن كيف ستحل هذه المصيبة؟!...
ارتخت اعصابها بنوع من الحزن لانها اضاعت تعب مايلز بكل هذه البساطة!...لم تحفظ المعلومات بحافظة usb لانها وضعت فيروس يدمر اي cd او حافظة تحاول نقل المعلومات لها...حفاظا على امان المعلومات اكثر .. واللابتوب يظل تحت عينها ...
فتحت باب الغرفة ودخلت وهي مطأطئة الرأس ... لكنها رفعته فجأة عندما تذكرت أمر مهم غاب عن بالها!..أجل..هذا الحل الوحيد!


انصدمت ساندرا من كلام ليزا وقالت لنيكولاس لتبرر:

-"مستحيل ان احبك طبعا!..انت مثل أخي!..انا فقط حزينة عليك لانك اخترت فتاة لا تليق بك"

ابتسم نيكولاس بسخرية وشعر براحة نفسية بعدما استطاع اثارة غضب ليزا وكأن هذا ما كان يحتاجه فقط...


~~**~~**


وضعت الخادمات العصير والحلويات امام فرانسيس وأليكس وجون ثم انصرفن...اكمل أليكس كلامه:

-"وعندها ستتحطم عائلة فيندار ولن يأويهم الا الشارع... هكذا ستأتي ليزا لك تزحف وتطلب منك المغفرة.."

ابتسم جوناثان وقال:

-"بصراحة أعجبتني الخطة كثيرا...وكم أنا متحمس لتلك اللحظة التي ينهار مجد فيندار فيها"

هز فرانسيس رأسه ثم قال:

-"ماذا لو نجعلهم يعيدونها لنا بأنفسهم دون ان اضطر للانتظار؟!"
-(كلاهما)"لكن كيف؟!"
-"بسيطة...يمكننا ان نرسل تهديدا لبيتر..ونقول له ان نهايتهم اقتربت...وهم من ادخلوا الخراب لبيتهم...عندها سيفهم بيتر انني اتحدث عن ابنتي...وصدقوني انه سيعدها لنا"

فكرا قليلا ثم قال جون:

-"لا لا..لا أشجع هذا ابدا، ربما سيؤذونها .. وسيزيدون الحصانة على انفسهم اكثر...وستصبح خطة أليكس وماكس صعبة التحقيق"
-"اجل بالضبط..دع الأمور على حالها يا فرانسيس ولا تخرب علينا خطة كامله بسبب تلك الخائنة"

تنهد فرانسيس .. فهو يعرف ان خطته تلك لها سلبيات أكثر من الإيجابيات، لكنه فعليا اشتاق لليزا جدا ويريدها في حضنه!


~~**~~**


كانت ليزا تمشي ذهابا وإيابا امام نيكولاس وتفكر بكل عمق بخطتها ... انها فقط بحاجة شيء أكيد ... شيء يمكنها من..
تنرفز نيكولاس منها وقال بعصبية:

-"اجلسي...اصبت بالدوار من مشيك المستمر!...قلت لك انه بما ان المعلومات في ذهنك فهذا هو المهم فقط!"

نظرت اليه وضيقت عينيها وهي تقول:

-"انت اصمت...لا تنطق بحرف واحد، لو انك لم ترمي اللابتوب لما ضاعت المعلومات"

تنهد بقلة حيلة ومسح وجهه بيده...قررت ليزا ان لا تخبر نيكولاس بخطتها .. لانه لو عرف بها لرفض رفضا قاطعا...وربما كان سيحتجزها في القصر !
لكن ما هذا الشيء الذي سيجعلها تضمن الثقة!...ما هو؟!
جلست بجانبه ثم قالت بنبرة آمرة:

-"أريد لابتوب جديد...فورا"
-"الآن؟!...الساعة تقارب الحادية عشر ليلا!"
-"وإن يكن؟!..الآن أريد لابتوب"
-(بتأفف) " حسنا لكن بشرط!...ستجلسين بهدوء"

نظرت اليه بغضب اكبر وقالت:

-"نيكولاس!!"
-"حتى لو طلبت من سام جلب لابتوب اخر غير الذي وجدوه يرفه عن نفسه في النافورة...فبرأيك متى سيصل؟...عند الواحدة؟!...نامي الآن وسأحضر لك واحد غدا"

دفعته من كتفه بقوة ثم وقفت وهي تقول من بين اسنانها:

-"حتى لو وصل فجرا!...أريده"

حل الصمت قليلا وكلاهما يحدج الاخر بنظرات نارية...تنهد نيكولاس أخيرا وقال:

-"استخدمي جهازي حاليا، مهما كان الامر الذي ستفعلينه لكن حاولي ان لا تتأخري بالسهر"

كادت ان ترد عليه بالرفض لكنها صمتت وابتسمت ابتسامة خبيثة وخرجت من الغرفة بسرعة نحو مكتبه...ان تستخدم جهازه هذا أفضل بكثير...قد تجد ما تريده هناك!
هز نيكولاس رأسه بأسف عليها...عندما تغضب تصبح منفعلة جدا على كل شيء...

مرت ساعتين وليزا تنبش المعلومات في جهاز نيك بحثا عن ضالتها ... وأخيرا وجدت ما كانت تبحث عنه ، في ملفات كانت محفوظة منذ سنة 2014 .. قرأت كل المكتوب بتمعن ، ولأن نيكولاس رجل دقيق جدا .. وجدت كل ما تحتاجه ، نسخت ما تحتاجه على ورقة ثم اخذت لقطات شاشة من الاوراق الرسمية الموقعة والتي تؤكد المعلومات التي كتبتها في الورقة وبعثتها لنفسها في facebook واخيرا اغلقت الجهاز وتنفست الصعداء...
بدت متوترة جدا من خطتها..هذه اول مرة تخاف ليزا من تنفيذ شيء نسجه عقلها الذي يتمتع بالحس الاجرامي ..دائما تفعل دون ان تفكر بالنتائج...لكن هذه المرة الأمر كله مختلف...الخطر لا يقتصر عليها فحسب، بل على فيندار كلهم ايضا!...لا ، في الواقع ان نيكولاس قادر على اخراجهم من هذه المشكلة في طرفة عين!...أجل .. فها هي قرأت الملف وأي أحد اطلع عليه يمكنه اقصاء الخطر عنهم!...وبهذا يبقى الخطر محيط بها هي، لهذا يجب ان لا يكون نيكولاس هنا عندما تنفذ!...يجب ان تظل الامور عالقة والحال في ضجة لعدة ايام!..لكن كيف ستبعده...هل تحذف الملف؟..لكن بالتأكيد سام يعرف عنه او موجود معلومات عن هذه الحادثة في الشركة!...هل يجب عليها تدبير خروج لنيكولاس؟!
ابتسمت عندما تذكرت كلام نيكولاس عندما قال لها انه سيسافر يوم السبت!...هذه فرصتها!...يجب ان تستغل الايام القادمة في التفكير في التفاصيل...يجب ان تتوقع ما سيحدث، ويجب عليها ان تحبك الأمور...وان تكون مستعدة للمفاجئات!
وضعت رأسها على الطاولة واخذت نفسا عميقا واغمضت عينيها ...


~~**~~**


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-17, 12:55 PM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




يوم الجمعة...
وضع النادل الطعام امام كل من ساندرا ومارك ثم انصرف...قال مارك:

-"انا حقا لا أصدق أننا هنا مع بعضنا!...شكرا لقبولك دعوتي!"

ابتسمت ساندرا وهي تقول متصنعة الهدوء:

-"الشكر لك مارك!...إذن، حدثني عن نفسك قليلا؟"

دار بنظره في الأرجاء بتفكير ثم قال باسلوب مرح:

-"حسنا..لا اظن ان ما ستسمعينه سيثير اهتمامك!...بالنسبة لفتاة من عائلة فيندار، فأنا عصفور في قفص!"
-"لا تقل هذا ارجوك!..كوني ولدت في هذه العائلة لا يعني انني مميزة...ففي نظري الناجحين هم من يصنعون مجدهم بإيديهم..لا يولدون فيه!"

هز رأسه بتأييد ثم شرب قليلا من العصير وقال:

-"انا شاب ولدت في عائلة بسيطة، مات ابي قبل مدة...وانا الآن أريد اكمال دراستي والتوظف...سأتخرج في نهاية هذا الفصل الصيفي"
-"اهاا..حسنا، وما هو تخصصك؟"
-"المحاسبة..اجل"

زفرت ثم ابتسمت وامسكت الشوكة والسكين لتبدأ الأكل...قالت بمزاح:

-"تعلم...لم أتوقع حقا ان يسمح لي بالخروج معك...اعني، اظن لو اخذت اذن جدي لمنعني دون اي تفكير..لكن جيدا ان اخي متفهم "
-"انا ممتن لهذا!"

كانت نبرته اللطيفة...ونظراته العميقة تشعرها بالخجل بعض الشيء...لكنها تحاول تجاهل هذا الأمر...تكلما في أمور كثيرة .. حتى وصلت دفة الحديث الى نيكولاس:

-"اووه انت لا تعرفه ولا تريد ان تعرفه!...باارد ... وعملي جدا! (بضحكة) وزاد علينا البلاء بالتزوج من واحدة مثله"
-"حقا!!...هل هي تشابهه الى هذا الحد؟!"
-"لا يمكنك تصور الشبه!...لكن هناك القليل من الاختلاف، هو يحب السلطة والقيادة وهي لا تبالي بأحد"
-"وما ادراك انها لا تبالي؟"
-"يعني..لا أعرف...فقط هكذا أراها"
-(ضحك وقال)"ذكرتيني بقريب لي...هو هكذا، تقريبا طباعه تطابق طباع نيكولاس...فقمت بعمل مقلب به!...اعطيته المشروب على اساس انه عصير...وفي النهاية اصابته الثمالة...ولا انسى كم ضحكنا ذلك اليوم"

فكرت ساندرا قليلا بكلامه وهي تتخيل شكل نيكولاس ثمل!..ابتسمت على افكارها لكنها سرعان ما عبست...هو بالتأكيد سيميز الطعم!...لم لا تخلطه مع العصير!..ويكون مركز من النوع القوي!...ضحكت وقالت:

-"أوحيت لي بفكرة رائعة يا مارك!...غدا سيسافر نيكولاس، وسأتحجج بهذا لأقيم امسية صغيرة...وافعل نفس ما فعلته بقريبك به"
-"بالتوفيق لك!...ليتك فقط تصوري لي فيديو عنه في تلك اللحظة!"

عندما سمعت ساندرا جملته وجم وجهها...كيف يريدها ان تفعل شيء كهذا!...عندما لاحظ تغيرها قال بابتسامة تهرب:

-"ما بك!...أنا فقط أمزح!"

اومأت بالإيجاب وشربت القليل من العصير...


~~**~~**


ليلا..
اتفقت ساندرا مع جيسيكا على خطتهما وطلبا من الخدم صنع بعض الحلوى لهذه الأمسية...بينما كان نيكولاس في مكتبه يعمل....وليزا كعادتها تقرأ في المكتبة الكبيرة...
كان كل شيء معد في الصالة الداخلية والكل موجود الا صاحب العلاقة وزوجته!
فاتصلت جيسيكا بليزا وساندرا بنيكولاس...وخلال دقائق كانا متواجدين هناك...قالت جيسيكا بمرح:

-"بما انك ستسافر غدا يا نيكولاس فقررنا عمل امسية لتوديعك"

رفع حاجبه ببرود ثم قال:

-"وكأن هذه هي أول مرة اسافر بها او آخر مرة!"

ارتبكت قليلا ثم قالت بحماس:

-"لكن هذه اول مرة يكون سفرك في آخر الاسبوع أليس كذلك؟!..اليوم الجمعة لم لا نحتفل!"

ثم نظرت الى ساندرا لعلها تفعل شيء يخرجها من هذا الموقف المحرج...وقفت الاخيرة وقالت باندفاع:

-"ثم من قال انها حقا الامسية خاصة بك فقط...نحن نريد ان نفرح قليلا وتحججنا بك...أليس كذلك جدي؟"

ابتسم بيتر وقال:

-"بالطبع...دعونا نخرج من جو العمل والرسميات قليلا"

دارت عينا ليزا بضجر من هذا وقالت:

-"افرحوا انتم...أنا اريد اكمال القراءة"

واستدارت لتخرج...لكن يد نيكولاس امسكتها بسرعة...قربها اليه وقال بهمس حاد:

-"لن أكون في هذا بدونك...عيشي شعور الضجر الذي اعيشه كل مرة كهذه"

اشاحت وجهها وهي تعض على اسنانها بعصبية ثم همست:

-"اكرهك"
-"وانا ايضا"

سحبها من يدها وجلس معهم...قالت ساندرا بحماس:

-"حسنا إذا، ما رأيكم أن نشرب شيء قبل ان نبدأ بالحلويات؟"

وافقوها الرأي فاستدارت الى الطاولة المرتفعة وذهبت جيسيكا معها ... اليوم لم يسمح للخدم بالتواجد في هذه الامسية...بحجة ان ساندرا تريد اراحتهم قليلا!...قدمتا العصير للكل...ولكن (للصدفة)!..لم يبقى هناك كأس لنيكولاس!
قالت ساندرا:

-"حسنا دعني اسكب لك عصير آخر"

لم يهتم للأمر فاستدارت ساندرا وسكبت العصير مضيفة اليه اقوى نوع مشروب ... وضعته امام نيكولاس وشغلت جيسيكا موسيقى لطيفة ...كان الكل يتكلم فيما بينهم ويضحكون احيانا الا ليزا فهي لا تعرف فيما يتكلمون اصلا!
مدت يدها لعصيرها لتشرب وهي تفكر في خطتها لم يبقى الكثير...عدة ساعات فقط على سفره!...رفعت الكأس لفمها فقال نيكولاس بصوت منخفض:

-"على فكرة..هذه كأسي"

نظرت اليه ثم نظرت للطاولة فرأت كأسها مكانه...كلا الكأسين كانا قريبين من بعضهما فلم تنتبه!...اكمل كلامه بنبرة تكبر:

-"وانا اصاب بالقرف اذا شرب احد من كأسي"

استفزها بهذه الجملة فشربت الكأس كله مرة واحدة ثم وضعته على الطاولة وقالت:

-"براحتك..اقرف كما تشاء"

انتبهت كل من جيسيكا وساندرا لما فعلته ليزا فشعرتا بخبية أمل ... لكن سرعان ما ابتسمت جيسيكا بخبث وهمست:

-"حسنا...حدث تغيير في المقلب..."

وقفت وقالت متظاهرة بحسن النية:

-"دعيني اسكب لك المزيد عزيزتي ليزا"

نظرت اليها ليزا باستغراب ثم اعادت نظرها لنيكولاس وقالت:

-"أجل لو سمحتي...وبهذا الكأس"

وهي تشير الى كاس نيكولاس...هبت جيسيكا اليها وأخذت الكأس وقررت هذه المرة تقليل كمية العصير وتكبير كمية المشروب...ابتسمت ساندرا وكادت ان تضحك لكنها تمالكت نفسها وقامت شغلت اغاني حماسية ثم طلبت من بيير ان يرقص معها بجنون ففعل...وكانت واثقة ان ليزا ستشاركهم قريبا!!
اعطت ساندرا العصير لليزا وصارت ترقص مع ساندرا وكلتاهما تضحكان ... ابتسم الجد بيتر بسعادة وهو يرى سعادة احفاده ثم اقترب من نيكولاس وقال:

-"هل حضرت نفسك للغد؟"
-"أجل بالطبع جدي.."
-"كم يوم ستغيب؟"
-"ربما اسبوع لا ادري..."

فجأة قامت ساندرا بسحب يد بيتر وهي تصرخ بحماس:

-"ارقص معنا جدي"

وقف بيتر دون القدرة على الرفض وشاركهم الرقص...تأففت ليزا من هذا الوضع وشربت العصير ... ارخى نيكولاس ظهره للخلف بملل...لا يحب هذه الاجواء ابدا...كان كلاهما هادئ...تناولت ليزا قطعة حلوى واكلتها .. مرت دقيقتين ، ثم وقفت واقتربت منهم حيث يرقصون ، كانت تبتسم على اشكالهم وبسرعة سحبتها ساندرا وسكبت لها مشروب في كأسها وهي ترى المفعول بدا...قالت بصوت عالي ليصل الصوت الى اذنيها:

-"اشربيه مرة واحده"

لم تتردد ليزا وشربته مرة واحدة فامسكت ساندرا يديها وصارت ترقص معها وتضحك معها ... ثم سحبتها جيسيكا وهي تتكلم معها بصراخ وحماس
استغرب نيكولاس وهو يراها هكذا...فهو لم يكن يظن ابدا انها من هذا النوع!
فجأة قامت ليزا بابعاد الجميع من حولها وقالت بصوت عالي وحروف ثقيلة بعدما اصابتها الثمالة:

-"اتركوا لي الساحة هياا"

كانت تعقد حاجبيها بتركيز لتقف بثبات دون ان تقع...ابتسمت ساندرا بخبث ثم غيرت الاغنية لتنطلق (ديسباسيتو)بصوت موسيقاها...
رفعت ليزا رأسها بتثاقل لترى من غير الاغنية ولكن نظرها لم يكن ثابت وواضح فتجاهلت الامر ورفعت يديها في الهواء لتبدأ الرقص....استدارت بسرعة كدوران فرأت الطاولة التي تنتشر عليها الحلويات...قالت بفرح:

-"كم انتم لذيذون"

نست امر الرقص واقتربت من الطاولة بخطوات مترنحة ..بدأت تأكل بلا وعي .. وفجأة توقفت الموسيقى...التفت الجميع فشاهدوا نيكولاس قد نزع السلك ومشى نحوهم بعصبية...فهو ايقن انها ثملة من خطواتها الثقيلة ونطقها الغريب للحروف..
تقدم منها...امسك كتفيها وابعدها عن الطاولة وهو يقول:

-"توقفي عن هذا ليزا"

التفتت اليه بصعوبة فهو يقف خلفها ويمسك كتفيها...قالت بانزعاج:

-"اتركني .. اوف"

نظر الى علبة المشروب وزاد غضبه عندما قرأ نوعها...نظر الى جيسيكا وساندرا وقال بحدة:

-"من فعلت هذا؟!"

لم تستطيعا كبت ضحكاتهما وقالت جيسيكا وهي تتكئ على كتف بيير من شدة الضحك:

-"اقسم انني اتبع خطة ساندرا فقط"

ردت عليها ساندرا من بين ضحكاتها:

-"كاذبه!...كان هدفي هو نيكولاس وليس ليزا!"

لم تعي انها فضحت نفسها بنفسها!...بدأت ليزا تضحك ببلاهة على ضحكهما وعينيها شبه مغمضتين...قال نيكولاس بانفعال وهو يحاول جعل ليزا ثابتة بدون تمايل:

-"سأتصرف معكما لاحقا"

قال بيتر بضحكة خفيفة:

-"هيا يا بني...ليس هذا بالامر المهم!"

التفتت اليه ليزا وقالت بصوت حاد:

-"جدي بييتر!!...انت هنا!"

هز نيك رأسه بأسف على حالها و قال:

-"ساندرا...سأذكرك من هو نيكولاس قريبا، تريدين ان اسكر ها؟!..انا سأريك...وانت جيسيكا، سأجعل ليزا تتدبر معك"

اكمل جملته وسحب ليزا بعيدا عن طاولة الحلويات اذ انها كانت تحاول اخذ بعض منها وخرج متوجه للمصعد...عندما ذهب انفجر الجميع ضاحكين...

ضغط نيكولاس على رقم ثلاثة...فتسللت يد ليزا وضغط رقم اثنين مرارا وتكرارا...امسك يدها بقوة وهو يقول بقلة صبر:

-"ليزا توقفي"

نظرت اليه وقالت بغضب بكلمات غير مترابطة:

-"هذا انت يا سيد انت!...مفسد الحفرات والافلاح؟!"

حاولت سحب يدها منه ولكنه امسكها جيدا وكرر:

-"قلت لك توقفي"

انفتح الباب عند الطابق الثاني فابتسمت بغباء وقالت:

-"هيا نخرج!"

مشت للخارج لكنها ارتدت للخلف لتصدم بنيكولاس بعدما سحبها نحوه وهو يقول:

-"ليس هنا"

عاد الباب يقفل مجددا فقالت ليزا بحزن:

-"انت تريد سجني هنا!"

كان مقطب الجبين ويحاول تصبير نفسه عليها....رفعت رأسها ونظرت لعينيه وقالت وهي تمد يدها نحو جبينه:

-"همممـ...هل قال لك احد من قبل انك جميل؟..لكن اقسم ستكون اجمل لو ابتسمت!"

فك عقدة حاجبيه بتلقائية بعد تعليقها ثم انفتح الباب فتركها لتخرج امامه...نظرت الى قدميها وقالت:

-"انظر!!...هل لك بنطلون مثل بنطلوني؟...هل فكرت ان تتأمل رجليك وانت تمشي من قبل؟"

دفعها للأمام بخفة دون ان يرد...كانت تمشي بجانبه وتصطدم به كل ثانية فأزعجه هذا فسبقها بالمشي...صرخت بضجر:

-"ههاااي انت!..لا تسبقني!"

توقفت عن المشي وتخصرت ونظرت للأعلى وهي تقول:

-"يا اللهي يا اللهي...هذا الرجل احمق...صبرني عليه!"

لفتها شكل الثريا المعلقة فابتسمت ثم تربعت على الأرض لتتأملها براحتها...استدار نيكولاس عندما هدأ المكان .. تنهد عندما رآها تجلس وتتأمل الثريا ببلاهة ثم ذهب اليها...رفعها من خصرها عن الارض ودفعها للامام وهي تتذمر لكنه لم يأهبه بها...
ظلت تتذمر وتدخل بموضوع وتخرج من آخر الى ان وصلوا غرفته...فتحها وجعلها تدخل وهو يتأفف بضجر منها...اغلق الباب ثم جلس على احدى الكنبات...ضيقت ليزا عينيها بكره لتصرفاته وهمست:

-"تؤ تؤ تؤ ... كيف سأتحمل هذا السخيف!"

نظرت للحائط الذي بجانبها وشهقت:

-"ياه!...انظر لكل هذه الاشياء الجميلة!"

وهبت للوحات تتلمسها بيدها وتتأملها كطفل يتعرف على العالم لأول مرة... مسح وجهه ثم وقف وذهب اليها...امسك يدها وسحبها الى الأريكة...اجبرها على الجلوس وقال:

-"اذا تحركتي من مكانك سوف اقتلك"

تأففت ثم ارخت ظهرها للخلف .. لم تمضي دقيقتين حتى قالت بصوت عالي:

-"اووف ما هذا!...ملل وضجر!...ارفع رأسك من هاتفك وتكلم معي.. يوه!"
-(دون ان ينظر اليها)"اذهبي للشرفة واهديني بعض الهدوء"

وقفت وهي تنظر نحوه بازدراء ثم نظرت حولها بحثا عن باب الشرفة ثم مشت اليه بسرعة...فتحته بقوة واندفعت للخارج...استنشقت الهواء وهي تصرخ:

-"اووه ما اجمل الهواء"

انتبه نيكولاس لخطأه وفكر في انها قد تقع من الشرفة لانها ثملة ولا تعرف ماذا تفعل!...جحظت عينيه بصدمة وهو يراها تقترب من الحافة...ركض اليها بسرعة .. ابعدها عن الحافة وهو يقول:

-"يكفي استنشاق هواء...دعينا ندخل"

دفعته بعيدا عنها لكن بسبب بطئ وضعف حركتها لم يتزحزح من مكانه...قالت :

-"وما دخلك انت ها؟!...عد الى هاتفك ودعني هنا"

اغمض عينيه لفترة ثم فتحمها وقال:

-"سأشغل لك الأغاني اذا دخلتي"

لم يكد يكمل جملته حتى ركضت الى الداخل...ضحك بخفة عليها ودخل مغلقا الباب خلفه...امسك هاتفه وكتب اول اسم اغنية خطرت بباله ... بدأت الموسيقى فقالت ليزا بحماس:

-"اوووه!...انا اعرف هذه الاغنية جيدا!!"

بدأت المغنية بالغناء وليزا تغني معها بجنون...لكن شتان بين هذا الصوت وهذا الصوت!...فصوت ليزا كصوت ماتور السيارة او ما شابه؛ خصوصا بهذه الطبقة من الصوت وهذا النوع من الاغاني!
ندم نيكولاس اشد الندم على وضع هذه الاغنية خصوصا عندما بدأت ليزا بالقفز بجنون...قال بصوت هادئ:

-"ما رأيك ان نشغل اغنية هادئة؟"
-"اغنية رومنيسة!"

امسكت الهاتف قبله وهي تحاول كتابة جملة (my heart will go on ) لكن لم تتمكن بسبب عدم وجود نظارة وما زاد الطين بلة انها ثملة فدفعت الهاتف لنيكولاس وهي تطلب منه وضعها ... فما كان منه الا كتابة الاسم وتشغيل الاغنية...وبمجرد ان بدأت الموسيقى امسكت يده وسحبته معها لمكان فارغ وهو يسايرها فقط...
وضعت يديها على كتفيه وهي تتمايل على صوت الموسيقى الهادئة...همس نيكولاس بقلة حيلة:

-"يا اللهي!"

لم تتحرك يديه من مكانها وهو فقط يسايرها بخطوات قدميها ... لكن فاجأته ليزا عندما قالت:

-"احبك!"

عقد حاجبيه باستغراب..لكن سرعان ما تلاشى استغرابه عندما اعادت كلامها:

-"احبك جاك!.."

ابعد يديها عنه بعصبية .. تمثل ايضا!...لم يبقى الا ان تجلب سفينة التايتنك هنا!...استدار ذاهبا الى سريره فقالت:

-"لا تهرب جاك!...سأذهب معك"

استدار اليها مرة أخرى ودفعها من ظهرها نحو الباب وهو يقول:

-"هذا يكفي...هيا أخرجي ونامي في الردهة مع الاشباح "

شهقت برعب وابتعدت عنه بسرعة وهي تقول:

-"لا لن اخرج!..."

قبل ان يقول نيكولاس شيء رن هاتفها!...تركها وذهب اليه..رفعه عن الطاولة ليقرأ اسم جوهان...كانت تقف خلفه مثل البلهاء...مد لها الهاتف بعدما فتح الخط...وضعته على اذنها وقالت :
-"ألو؟!"
-"ليزا!...اشتقت لك!..كيف حالك؟"

انزلت الهاتف عن اذنها وهي تقول لنيكولاس بهمس:

-"كيف يتكلم هذا الشيء؟"

اعادت الهاتف لأذنها وقالت:

-"كيف حالك؟"

استغرب جو قليلا لكنه قال:

-"بخير بخير!...افترض انك عدتي من شهر العسل أليس كذلك؟"
-"من انت يا هذا؟!..وعن اي عسل تتكلم؟"
-"ليزا انا جوهان!"
-"من جوهان؟"

سحب نيوكولاس الهاتف منها واجاب جوهان :

-"مرحبا جوهان..كيف حالك؟"
-"نيكولاس؟...انا بخير..وانتم؟...ما بها ليزا؟"
-"ليزا ثملة الآن!"
-(ضحك)"ااه حسنا...اتفهم، هل عدتما من شهر العسل ام لا؟"
-(بسخرية)" آه عدنا طبعا"
-"جيد جدا..كنت انتظر هذا لأدعو ليزا عندي..فانا اريد التكلم معها..هلا أخبرتها ان تتصل بي عندما تعود لرشدها؟"
-"حسنا حسنا...سأخبرها..الى اللقاء"

قطع الاتصال وهو يراقب ليزا كيف تتأمل الغرفة..عندما توقف عن الكلام قالت:

-"اذن ... من صاحب هذه الغرفة؟!..انها كئيبة جدا وتحتاج لبعض اللون الوردي!...ثم يا انت..ذكرني ما اسمك؟"

دارت مقلتيه بضجر وهو يجيب:

-"نيكولاس"
-"نيكولاس..نيكولاس..نيك!..اذ ا يمكنني مناداتك نيكي...مثل (ميكي) ميكي ماوس!"

رمقها ببرود ولم يجب...قالت بضحكة بلهاء:

-"في الحقيقة انك فعلا تشبه ميكي ماوس!...آه...أشعر بالنعس"
-(باندفاع)"لماذا لم تقولي هذا من قبل!"

سحبها للكنبة وجعلها تنام ثم احضر غطاء ووضعه فوقها وقال بوجوم:

-"تصبحي على خير"

ذهب للخزانة ليبدل ملابسه..وعندما خرج وجدها تتكلم بهمس مع نفسها...لم يهتم واطفأ النور ثم تمدد في سريره...وقبل ان يصل رأسه للوسادة قالت باستنكار:

-"ستنام على السرير وانا هنا!...هذا ظلم!"

وقفت بسرعة ومشت اليه...تمددت بجانبه وسحبت الغطاء عليها وهي تقول:

-"اذهب انت ونم هناك"

قالت جملتها الصارمة واغمضت عينيها...ظل نيكولاس ينظر اليها لفترة وهو يكاد يجزم ان هذه هي المرة الاولى التي تسكر فيها ليزا...وايضا من اقوى انواع الشراب!..هذا يفسر تأثيره القوي عليها...
انزل رأسه على الوسادة باسترخاء واغمض عينيه..
مرت الدقائق...ربما نصف ساعة...وهو غير قادر على النوم!..ليس وهي بجانيه!...
كان يراقب تقلباتها بصمت...انقلبت لتصبح مقابلة له وضمت نفسها اكثر فلامس رأسها صدره...استنفر جسده من قربها وجلس...رفع شعره عن جبينه ونظر اليها ببرود ثم سحب نفسه لحافة السرير ونام ...

في اليوم التالي..فتحت ليزا عينيها بكسل ، واول ما رأته هو ظهر نيكولاس...عقدت حاجبيها باستنكار وجلست...وضعت يدها على رأسها بسبب الصداع الخفيف الذي تشعر به وحاولت تذكر ما حدث...بالكاد ترى خيالات... هل هذا حلم ام ماذا؟!
نظرت الى نيكولاس وفكرت لماذا قد تنام هي هنا؟!...ماذا حدث الليلة الماضية؟! .. مدت جسدها نحو نيكولاس ، وضعت يدها على كتفه وهي تهزه بلطف وتهمس:

-"نيكولاس...نيكولاس استيقظ هيا..نيك"

رمش اكثر من مرة فابتعدت ليزا وهي تقطب جبينها بعدما لاحظت رائحة نفسها المقرفه!...جلس نيكولاس ونظر اليها وهو مقطب الجبين...قال ببرود:

-"ما زلتي هنا؟!"
-"نيك ماذا حدث؟!..لا أكاد أذكر شيء"

ابتسم بسخرية وهو يتذكر تصرفاتها ثم قال:

-"لقد ثملتي"
-(باستنكار)"انا!!"
-"اجل انت...طبعا بتخطيط من ساندرا وجيسيكا...ولا أريد اخبارك ماذا فعلتي وانت غير واعية!"

فتحت عينيها على مصراعيهما..اذن لم يكن حلم!...احتلت ملامح الغضب قسمات وجهها وارادت ان تذهب لهاتين الاثنتين وتعلمهما درسا..لكن عندما انزلت قدميها عن السرير قال نيكولاس بسرعة:

-"انسي الموضوع الآن"

وقفت دون ان تنصت اليه وقالت:

-"لا يمكن"
-"ليزا...سأسافر بعد قليل..فلا تتسببي بمشكلة!"

وقف هو الآخر ونظر للساعة .. يجب ان يسافر خلال ثلاث ساعات...سيستقل طائرتهم الخاصة...توجه للحمام فجلست ليزا وهي تحاول تذكر ما حدث بالتفصيل!..كم تشعر بالاحراج!
وضعت يدها على خدها تتحسس حرارته .. عقدت حاجبيها ثم همست:

-"يجب أن أتجاهل الأمر"

دخلت الخزانة واختارت ملابسها ...وبعد لحظات خرج نيكولاس وهو يلف المنشفة على خصره...اعتدات ليزا على هذا فلم تهتم وانتظرته حتى يدخل الخزانة لتدخل الحمام...

عندما خرجت لم تجده في الغرفة فابتسمت براحة...جففت شعرها ومشطته .. كانت ترتدي فستان كحلي للركبة مع حذاء مرتفع قليلا لونه (بيج) .. وعندما انتهت..وجدت نيكولاس ينتظرها جالسا على الكنبة، قالت بهدوء:

-"كم تبقى عن وقت سفرك؟"
-"يجب أن نخرج الآن"

هزت رأسها بإيجاب وبدأ التوتر يتسلل اليها .. ستنفذ خطتها الآن!
ذهبت نحو الطاولة واخذت هاتفها عنها وبدأت بكتابة رقم ما ... قال نيكولاس:

-"اتصل جوهان يوم امس...يريدك ان تتصلي به "

هزت رأسها ولم تقل شيء...قال بسخرية:

-"هل اشبه ميكي ماوس حقا؟"

نظرت اليه باستغراب من سؤال فأكمل:

-"هذا ما قلته عني ..."

كتمت ضحكتها وهي تقول بسرعة:

-"لا لا!...لم اكن اعرف ما اقول كما تعلم!...انا لم اقصد طبعا...آسفه"
-"بالطبع لم تقصدي...لانك قلتي انني جميل ايضا!"

جحظت بصدمة واشاحت نظرها عنه ... ماذا قالت ايضا؟!..ما الغباء الذي تفوهت به ايضا؟!..لا تريد أن تعرف المزيد!...قالت بنبرة حادة وسريعة:

-"انت تعرف انني كنت ثملة ولا اعي ما اقول..فلهذا لا تفتح الموضوع مرة أخرى رجاءا..وهيا امشي .. يجب أن تكون في المطار الآن"

احتفظ بابتسامته الغامضة على شفتيه وخرج قبلها من الغرفة...نظرت ليزا الى ذلك الرقم نظرة أخيرة وخرجت خلفه


~~**~~**


في المطار ... شرح نيكولاس لسام كل شيء يريد حدوثه في الشركة في غيابه وليزا تراقب .. لقد جاءت معه "لتوديعه" لتظهر امام العائلة بهيئة الزوجة المحبة فقط...
قال نيكولاس أخيرا:

-"واخبرني بكل خطوة يقوم بها بيير يا سام..وداعا الآن"

مشى عدة خطوات مبتعدا لكن ليزا لم تستطع منع نفسها من اللحاق به...وقفت امامه لتجبره على التوقف وقالت بارتباك خفيف:

-"قد تسمع انني خنتك...او تسمع انني أريد الاضرار بك...لكن ارجوك نيكولاس..لا تحكم علي مباشرة..واصبر لتعرف الحقيقة..انتظر للنهاية!.."

عقد حاجبيه باستغراب من كلامها وظن انها علمت ما كان يخطط له جده فابتسم ببرود وقال:

-"حسنا حسنا...لن اصدق اي شيء من هذا...وداعا الآن"

تركها ومشى نحو طائرته الخاصة...

عادت ليزا الى سام ومشت معه الى المخرج ...
في السيارة كان عقلها مشغول جدا وتتنهد كل دقيقتين وكأنها تحمل هم الدنيا فوق كتفيها...التفت اليها سام وقال أخيرا:

-"ليزا ما بك؟...هل انت متضايقة او ماذا؟"

نظرت اليه وقالت :

-"لا سام...انا متعبة قليلا..وقلقة على نيكولاس"
-(ابتسم)"لا تقلقي عليه...انه يسافر دائما!"

ابعدت نظرها عنه وهي تومئ بالايجاب..لو تعرف فقط يا سام لم هي قلقة لربما ضربتها الآن لتعود الى رشدها!..لكن ماذا يمكنها ان تفعل غير هذا؟!..هل تنظر الى تعب اخيها يضيع بغمضة عين دون ان تفعل شيء؟!

-"هل اشتري لك مسكن..او اي شيء يخفف تعبك؟"

عاد سام يتكلم بنبرة لطيفة وقلقه...ابتسمت له وقالت:

-"لا يا عزيزي لا...قد اتحسن عندما نصل القصر"

اغمضت عينيها وهي تفكر (سأشتاق لك يا سام حقا..انا اصلا كل يوم اشتاق اذا مرت خمس ساعات دون ان اتكلم معك!..فكيف بعدة ايام؟!) ارخت رأسها براحة وقررت ان تنام ..

بعد ساعتين...كانت في غرفتها تمشي وتدور حول نفسها بتوتر...لقد اتصلت به وطلبت منه ان يأتي للقصر ويأخذها!...اغمضت عينيها وهي تتذكر المحادثة:

-"مرحبا..من معي؟"
-"مرحبا..انا ليزا..تعال الآن لقصر فيندار وخذني...لا تناقش ولا تسأل...سأنتظرك"
-"ماذا!..ليزا!!..انتظري.."

قطعت الاتصال قبل ان تسمع رده!...نظرت الى حقيبتها التي وضعت بها ما تريد وكانها تتاكد من وجودها... لماذا تشعر ان هذه هي آخر مرة ستدخل فيها هذا القصر!؟
ما هذا الجنون التي تقوم به!...لا يقلقها شيء بقدر ما يقلقها رد فعل نيكولاس...هل سيفهم ام انه سيخلص نفسه وعائلته ويتركها تواجه نتائج غباءها؟!
نفضت رأسها من هذه الافكار وعقدت حاجبيها بعزم .. وان يكن؟!..هي لا تحتاج آل فيندار ابدا..يمكنها تدبر امورها لوحدها...ما اعظم شيء قد تتعرض له؟..القتل؟..لا مشكلة لديها في هذا!..على أي حال هي قتلت منذ اليوم الذي احترق فيه مايلز واحترقت روحها معه!
جفلت عندما رن الهاتف بيدها .. رفعته نصب عينيها وقرأت الاسم .. اخذت نفس عميق واجابت بثبات:

-"أجل؟"
-"لا أريد الاقتراب من القصر كثيرا...اخرجي، وعندما أراك سوف اقترب"
-"حسنا اذن...ها انا قادمة"

قطعت الاتصال ثم ازالت النظارة عن عينيها ووضعتها في حقيبتها وخرجت من الجناح .. الى الطابق الأول حيث تجتمع العائلة..نظرت اليها جيسيكا وساندرا بترقب وكانهما بانتظار عقاب...لكن ليزا اصلا لم يكن ببالها ذلك الموضوع...مرت من امامهم دون ان تتفوه بحرف...استغربوا قليلا !..قالت جيسيكا بابتسامة بلهاء:

-"ألم يخبرك نيكولاس بما فعلنا؟"

التفتت اليها ليزا ..نظرت اليها بعينين فارغتين من اي تعبير واجابت:

-"بلا قال"

قال الجد مباشرة:

-"الى أين أنت ذاهبة؟"
-"طلبت من نيكولاس الخروج مع صديقاتي ووافق...وداعا"

قبل ان يقول احد شيء خرجت من الباب ... مشت نحو البوابة الكبيرة مارة بحوض الزهور الدائري الكبير الذي يتوسط الطريق الدائري ... كان سام يتكلم مع احد الحراس بأمر ما...وقفت امامهم بثبات وقالت:

-"افتحوا البوابة"

قال سام باستغراب:

-"الى أين سيدتي؟"
-"اتصلت بنيكولاس واستأذنت منه للذهاب مع صديقاتي...افتح الباب سام هيا"

كانت لهجتها جافة صارمة مما اثار الريبة في سام لكنه امرهم بفتح البوابة دون جدال...فهي سيدة له في النهاية ويحق لها امره!...نادت كلارا عليها من بعيد...سمعتها..لكنها تجاهلت النداء وخرجت...بمجرد ان رآها فرانسيس من بعيد حتى اقترب بسرعة منها ... اوقف السيارة امامها ففتحت الباب وجلست بجانبه دون ان تتكلم.. ودون ان تنظر اليه..تأملها والدها قليلا ثم حرك السيارة مستديرا عائدا من حيث أتى بسرعة...
ظل سام يراقب السيارة حتى اختفت من امامه...لم يستطع رؤية السائق لان الزجاج اسود ومعتم...لكنه حتما رجل!
عاد الى عمله وكأن شيء لم يكن...بما ان نيكولاس على علم بالامر فلا يحق له التدخل...حتى وان كان مرتابا من هذا..فلو اتصل بنيكولاس وسأله عن صحة الامر سيظهر بصورة الفضولي الذي يقحم نفسه في كل شيء امام صديقه وسيده!
اقتربت منه كلارا وسألته :

-"الى أين ذهبت ليزا؟"
-"لا أدري...عندما تعود اسأليها"

ثم تركها وذهب...فكرت كلارا قليلا في المكان الذي من الممكن ان تكون قد ذهبت اليه ليزا لكنه عجزت عن معرفته فعادت لعملها ...

مرت الدقائق في السيارة والوضع هادئ جدا...الى أن سأل فرانسيس وهو لا ستطيع اخفاء سعادته في صوته:

-"لماذا جعلتني آتي وآخذك؟"
-(ببرود)" لم أعد أريد البقاء في ذلك القصر المظلم أكثر من ذلك"
-"ماذا عن نيكولاس؟"
-"ماذا عنه؟"

عندما لاحظ اجاباتها الجافة علم ان هناك شيء ما حصل بينها وبين نيكولاس فقرر ان يسكت الى ان يصلا المنزل سيتكلم معها...
وكعادتها ليزا ، ترتدي وشاح البرود والحدة طوال وقت تواجدها بالقرب من فرانسيس...فلا تريد ابدا ان يخمن ما يدور في بالها...او ما تشعر به..ولطالما اتقنت هذا الدور!

حاول فرانسيس ان يسرع قدر الامكان ليصل للمنزل بأقصر وقت ... وعندما وصل ، أمر احد رجاله بأن يعيد السيارة الى الشركة التي استأجرها منها!...قالت ليزا:

-"لماذا استأجرت سيارة؟"
-"لم أرد أن يتعرف رجال نيكولاس القذرين على سيارتي!"

همهمت بفهم واستدارت لتمشي مشيتها الرصينة لباب المنزل...وعندما دخلت ودخل فرانسيس خلفها...احتضنها بكل شوق وهو يقول:

-"واخيرا عدتي لرشدك!"

ربتت على ظهره بدون نفس .. كم هو شعور غريب!..أول مرة في حياتها يحضنها والدها!...لِمَ تشعر بتلبك في الامعاء وخفقان في القلب!؟!
حتى مع نيكولاس لا تشعر بذلك!...ربما لانها متأكده من أن أي شيء يفعله نيكولاس يكون بدون اهتمام منه...لكن في هذه اللحظة..شعورها تشتت بين الكره والحاجة لهذا الحضن منذ زمن!
لدرجة انها فكرت لوهلة لو انها نفذت ما يريده .. ربما حصلت على الأب المثالي...الذي يشاركها افكارها وتشاركه افكاره!
سرعان ما ابعدت هذه الفكرة عنها ودفعت والدها بخفة وقالت:

-"هذا يكفي الآن"

مشت للكنبة ورمت عليها حقيبتها ثم جلست...اول شيء نظرت اليه هو المكان الذي وقعت فيه جثة والدتها..أغمضت عينيها بألم ثم فتحتهما وسألت:

-"هل أليكس هنا؟..أو جوناثان؟"
-"لا أحد هنا غيري"
-"هذا أفضل"

جلس بجانبها وهو يقول بنبرة أكثر جدية:

-"اخبريني ليزا حقا...لماذا عدتي؟..ماذا يدور في بالك؟!"

نظرت اليه...ابتسمت بخبث واجابت:

-"سئمت من عائلة فيندار المعقدة...فما رأيك أن يكون أول عمل لي على طريق ميكاي هو فضحهم؟!"









~*~*~انتهى~*~*~



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-08-17, 02:11 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

\\






(خلف الستار)
الكاتبه: ريم أحمد








~*~*~~*~*~


الفصل التاسع.



لم يستوعب فرانسيس كلامها وسأل باستنكار:

-"فضحهم؟؟!"

اخذت ليزا نفس عميق ثم زفرته مع كلمة:

-"أجل"
-"لكن!...أنا لا أفهم، لماذا...كيف؟!"

قبل ان تنبس ليزا .. دخل أليكس وجوناثان وهما يتحدثان بانسجام...لكن حل صمت مريب مفاجئ عندما شاهدوا ليزا جالسة هناك!
امتقع وجه أليكس بصدمة...ثم قطب جبينه..احمر وجهه بغضب..ومشى بسرعة نحوها وهو يقول:

-"ايتها الـ(..) كيف تجرؤين على القدوم هنا و..."

كاد ان يصفعها لولا ان فرانسيس وقف بسرعة وابعده عنها وهو يقول بحدة:

-"أليكس...اهدأ..واجلس"
-"أجلس!!...أجلس!!...كيف لك ان تستقبل هذه الخائنة هنا!...ماذا تريدين؟!..هل نيكولاس في طريقه الى هنا ايضا؟!"

قالت ببرود وهي تضع رجل فوق أخرى:

-"اولا..لم يكن ولائي لكم من قبل لتنعتوني بالخائنة...ثانيا هذا منزل أبي وآتي اليه متى شئت..ثالثا ، افترض ان نيكولاس الآن في ايطاليا"

حافظ جون على هدوءه طوال الوقت...وضع يده على كتف أليكس المنفعل وهمس له بشيء ما فجلسا معا امامها وامام فرانسيس...قال الأخير:

-"إذن ليزا...دعيني أفهم ما تريدين بالضبط...اشرحي لي"
-"الشرح لن يفيد..فليحضر لي احدكم لابتوب "

صرخ أليكس :

-"لابتوب!..لابتوب لتخبري رجال زوجك اننا مجتمعون هنا هيا ادخلوا واقتحموا المكان؟!"
-"اوف أليكس!...اصمت ولو لثانية"

نظرت الى والدها وقالت:

-"أريد لابتوب الآن"

تردد فرانسيس قليلا لكنه اخيرا ذهب الى مكتبه واحضر جهازه وعاد اليها...ناولها اياه فأخرجت ليزا الورقة من حقيبتها وبدأت بالعمل..مرت عدة دقائق دون ان تقول شيء...قال أليكس بنفاذ صبر:

-"هل يمكننا معرفة ما يحدث هنا؟!"

ابتسمت ليزا بخبث وادارت الجهاز ليتمكنوا من رؤية الشاشة وهي تقول:

-"هذه أوراق رسمية موقعه من قبل محققين وقضاة...تبين هذه الورقة ان سبب وفاة الشاب....آه لحظة انتم لا تعرفون القصة"

اعادت اللابتوب الى وضعه الطبيعي على رجليها وبدأت تشرح لهم الموضوع من البداية:

-"كرهت نيكولاس وكرهت آل فيندار في هذا الشهر فقررت ان أريهم من أنا!...وجدت ملف هذه القضية في جهازه..انها تتكلم عن شاب توفي في احدى المعامل التابعة لشركتهم بسبب عطل بها سنة 2014 .. وهذا طبعا خبر سيكسر نفوذهم ...فهو سيكون كافيا بفضحهم وتكويم بعض الديون عليهم...ففي النهاية شركتهم مستهدفة واي احد سيستخدم هذا الدليل ضدهم!...الشاب فقد حياته بابشع صورة ممكنة...وكل هذا بسبب ركاكة الآلات!...وهم تستروا على الموضوع ولم يخرج هذا الخبر!...هذا الكلام الذي قلته كله قبل قليل ، حقيقه..لكن مع لعبة صغيره!"

قال جوناثان باهتمام:

-"وما هي لعبتك ليزا؟..مستحيل ان تترك عائلة فيندار شيء كهذا خلفهم ويتسترون عليه دون ايجاد حل!"
-"بالضبط!...هم لم يكونوا بحاجة اصلا للتستر عليها...ففي الواقع بعد تحقيق طويل تم اكتشاف ان العطل الذي في الآلة ما هو الا فعل فاعل!...وموت الشاب كان مدبر!...اذن فهي جريمة قتل..ولا تسجل في حق الشركة!..لكن.."

ضغطت على زر ما في اللابتوب واكملت:

-"اذا تم اضافة بعض البهارات لهذا الخبر...واخفاء امر المجرم ...خصوصا انه لم يتم ايجاد الفاعل حتى الآن ... فيمكننا اعطاء هذا السبق الصحفي لعدة شركات اخبار في البلد .. ونقول ان فيندار أرشوا القاضي ليقول انها جريمة قتل..لكن في الحقيقة ان اهمالهم في الاشراف على المعامل ادت لهذه الحادثة المؤسفة ... ويوجد الكثير من العمال المهددة حياتهم بالخطر!...وربما هناك اصابات اخرى اخفتها اموال هذه العائلة الجشعة!...ولدرجة حقارتهم هم لم يعطوا تعويض لعائلة الشاب حتى!...وهذه الوثائق الموقعة بسبب الموت ستثبت التهمة عليهم .. مع اخفاء الورقة التي تقول انها جريمة قتل...فما رأيكم بهذه الفضيحة؟!...تخيلوا معي كم من شركة ستسحب تعاملها مع فيندار...وكيف سيهاجم الرأي العام هذه القضية!...صحيح انها ملفقة...لكن في حالتهم...فانها فرصة جوهرية لكل متحدي لهم في سوق العمل!"

صمتت وهي تراقب تقلبات وجوههم!...تفاجؤ مع سعادة مع دهشة مع استغراب واستنكار!...قال أليكس بتلعثم:

-"لكن انت تقولين هذا فقط لتجعليننا نصدق حسن نيتك أليس كذلك؟!...لن تجرؤي على نشر خبر مثل هذا!"

ابتسمت بثقة وهي تدير شاشة اللابتوب نحوه ... ليرى كلمة (تم الإرسال) تملأ الشاشة!...قالت بهدوء:

-"لقد تم ارسال هذا الخبر فعليا، ساعتين فقط...وستكون البلاد كلها مشغولة بقراءته .. وستتفجر مواقع التواصل الاجتماعي بالهاشتاقات والنقاشات حول الموضوع...انها فوضى يا أليكس!...فوضى!"

صمت الجميع غير مصدقين ما قامت بفعله الآن!...هذه المرأة قامت بفضح العائلة بدم بارد...قامت بالخطوة التي كانوا يتمنون الوصول اليها بضغطة زر!
ابتسم فرانسيس بفخر ووضع يده على كتفها وهو يقول:

-"هذه ابنتي التي أعرفها...هذه ابنة ميكاي الحقيقة...انا شاكر جدا لانك تمكنتي من التخلص من افكار مايلز العوجاء في عقلك"

غضبت فقط من نطقه كلمة مايلز...وقفت بعصبية وهي تقول:

-"كوني أردت ان انتقم منهم لنفسي..لا يعني انني سامحتك على ما فعلته مع اخي وامي"

ثم اخذت حقيبتها وتركتهم وصعدت الى غرفتها...

نظروا في وجوه بعضهم غير مصدقين ما حدث للتو...لقد اختصرت عليهم طريق طويل!...قال جون بهدوء:

-"كنت اتوقع ان نيكولاس لا يعاملها بروية...ففي النهاية هو عدو لوالدها ولا ينصت لقلبه ابدا...لكن لم اتوقع ابدا ان تقوم هذه المجنونه بالانتقام منهم بدون ان تهتز لها شعره!"

قال أليكس بنبرة كلها تفاجؤ:

-"ما يحيرني هو انها لم تتصل وتخبرنا بما تنوي...لم تتردد في تنفيذ خطتها!..يستحيل هذا!..هناك شيء يدور خلفها...شيء لا نعرفه!"

قال فرانسيس بتضايق من شكوك أليكس:

-"ان تذهب اليه لا يعجبك!..ان تقف ضده لا يعجبك!...ما الذي يعجبك بالله عليك؟!..مهما يكن، ابنتي عادت الي ولن افرط بها"

اكمل جملته ثم ذهب الى مكتبه...

رمت ليزا حقيبتها على سريرها وهي تسترد انفاسها...لقد قررت ان لا تترك منفذ لآل فيندار بالهروب من اتهاماتها!...مهما قالوا الآن سيظهر انهم رشوا القاضي وستحدث بلبلة!...جلست على سريرها وسحبت هاتفها من حقيبتها...فعلت شيء ما به وابتسمت بخبث، الآن اصبح الأمر واحدة بواحدة!..هو رمى اللابتوب الخاص بها في النافورة...وهي لن تترك له منفذ!...واذا لم يفهم كلامها في المطار، فستهدده!
ضحكت على افكارها ثم انزلت الهاتف ونظرت حولها، لقد تم تنظيف الغرفة .. لكن لم يعد أي شيء كسابق عهده!...حتى المرآة فيها شق طويل بالوسط مع فجوة في الأعلى...تنهدت وهي تتذكر موت والدتها، اشتاقت اليها كثيرا!
هبت واقفة فجأة عندما تذكرت هدفها الحقيقي من القدوم الى هنا...مشت نحو خزانتها ... سحبت الدرج السفلي لها ليظهر خشب القاعدة...تذكرت انه من الممكن ان يدخل اليها احد فاسرعت الى باب الغرفة و اغلقته بالمفتاح ثم عادت لتكمل عملها ... نزعت ذلك الخشب من مكانه..ففي الحقيقة سبق و قامت بعمل فتحة هنا فكان سهلا ان تنزعه...وعندما اخرجته...ظهر لابتوب اسود مغبر من تحته...تنفست الصعداء وابتسمت عندما رأته...انتشلته من مكانه واعادت الخشب مكانه ثم اعادت الدرج وتوجهت لسريرها...وضعت اللابتوب عليه ونفضت الغبار عنه وحاولت فتحه، لكن البطارية فارغة...خفق قلبها بسرعة .. بنوع من السعادة والحزن وهي تتذكر ذلك اليوم:

(كانت نائمة في غرفتها في منزل مايلز الصيفي...دخل اليها ... ايقظها بلطف كعادته .. مزح معها قليلا ثم ناولها هذا اللابتوب وقال:

-"ليزا..يوجد هنا كل المعلومات التي اخبرتك عنها..كل شيء هنا، اذا حدث لي شيء أكملي الطريق من بعدي كما اتفقنا"
-"لم تقول هذا يا مايلز!...لن يحدث لك شيء..ستكون بخير.."
-(قاطعها)" لا ندري ماذا يخفي لنا القدر!...لكن عديني ان تحافظي على هذه المعلومات جيدا!"

حاولت ليزا التماسك وعدم البكاء وهي تجيب:

-"أعدك"

قبلها على رأسها واحتضنها ثم وقف وقال بمرح :

-"اذن هيا دعينا ننزل ونتناول الفطور!")

تنهدت ليزا واغلقت اللابتوب ... لقد اخذته الى هذا المنزل واخفته في ذلك المكان بعد ان نقلت كل المعلومات الى جهازها...لقد علمت انه يجب تواجد نسختين عن المعلومات لهذا احتفظت باللابتوب رغم خوفها من ان يكتشف فرانسيس مكانه!..او يعلم انها ما زالت تحتفظ بهذه الملعلومات الخطيرة عنه!...صحيح ان عملها في الاربع سنين ضاع في النافورة ...الا ان ما قامت به لا يقارن ابدا مع ما فعله مايلز..لن تكون المعلومات التي جمعتها سوا كلام زائد يتفوه به القاضي...والحكم واضح من قبل اصلا!
وقفت ثم ابعدت حقيبتها واللابتوب عن السرير...رفعت الفراش ليظهر خشب السرير ...وضعت اللابتوب هناك بين الخشب والفراش ثم اعادت كل شيء كما كان ثم فتحت باب الغرفة قبل ان يكتشف احد انها مقفلة اياه بالمفتاح فيشك في الامر...
تأمل فقط ان تكسب ثقتهم بما فعلت...فاذا لم يثقوا بها...لن تتمكن من اخراج هذا اللابتوب من هنا ولن تخرج هي الا على المقبرة...


~~**~~**


مرت الساعات بطيئة ثقيلة على كاهل الجد بيتر ... ها قد حل العصر ، وهو يجلس في الصالة مع افراد العائلة ووجوههم سوداء بعد انتشار ذلك الخبر!
من يمكنه فعل ذلك!...من سيفعل شيء كهذا بهم!...من وضع يده على تلك المعلومات!...هذه القضية كانت سرية!
كان بيير يشبك يديه تحت ذقنه وغير قادر على الحراك او قول شيء من صدمته ... تقدم سام الذي كان مصدوم مثلهم وقال:

-"سيد بيتر...لقد احضرت معلومات السيارة التي اخذت السيدة ليزا"

اكمل جملته وهو يبلع ريقه خوفا من ردة فعل بيتر...وقف الأخير عندما لاحظ نبرة التردد في صوت سام وذهب معه الى مكتبه...بعدما انتشر الخبر .. ومرت الساعات دون ان تتصل ليزا...شك في موضوع انها قد تكون السبب وراء كل شيء!..فطلب من سام ان يأتي بمعلومات السيارة بعد ان اخذ نمرتها من كاميرات المراقبة...
جلس في مكتبه بتعب وكأنه مرض فجأة وقال:

-"تكلم يا سام"

اغمض سام عينيه .. هو نفسه غير مستوعب ما حدث فكيف ستكون وطأة الخبر على الجد!...قال بتردد:

-"اتضح يا سيدي...ان السيارة تابعة لشركة تأجير...وعندما طلبنا معرفة من آخر من استأجرها..."

بلع ريقه وواصل:

-"كان طلب الاستئجار باسم فرانسيس ميكاي سيدي"

جحظت عيني الجد بصدمة ... رغم انه توقع الامر، لكن ان يكون حقيقي فهو أمر آخر!...تحولت صدمته الى غضب كبير جدا وصرخ بكل انفعال:

-"أرأيتم!..ألم أقل لكم ان هذه الحرباء ستؤذي حفيدي...لكن لم تؤذيه هو فقط...بل فضحت العائلة كلها...تبلت علينا وستكون السبب في خسارتنا لكل شيء!...هذه الحقيرة الوضيعة ابنة الكلب!"

اغمض سام عينيه بألم...لا يعرف ماذا يقول...لقد وثق بها...لم يكن ظاهرا عليها انها تنوي اي شيء يضر نيكولاس...لقد..لقد خدعتهم جميعا!...
وقف الجد وهو يضع يده على قلبه ويصرخ:

-"اتصل بالتافه نيكولاس واخبره بما فعلت زوجته هذه الحقيرة"

قال سام بهدوء محاولا امتصاص غضب الجد:

-"سيدي...ان السيد نيكولاس بالكاد خرج من الاجتماع ... سيعود اذا عـ.."

صرخ بيتر بقلة صبر حتى كادت حنجرته تخرج من مكانها:

-"دعه يأتي ويحل هذه المصيبة التي تسبب بها هو بجلب هذه الكلبة الى منزل عائلتنا المحترمة!"

انحنى سام له غير قادر على تغيير رأيه وخرج من المكتب ليجد بيير يقف خارجا ويستمع لكلامهم بصدمة...ليزا السبب بهذه الفضيحة!...لكن من هو فرانسيس هذا اصلا؟!...نظر اليه سام بنظرات متأسفه وكأنه يتأسف عوضا عن ليزا ثم توجه لغرفة المراقبة...حاول الاتصال بليزا للمرة العاشرة لكن هاتفها مغلق!...تنهد بأسف وفي نفسه يتأمل لو كان الخبر كاذب .. ثم قام بالاتصال بنيكولاس...

دخل بيير الى جده الذي يحاول التقاط انفاسه بصعوبه...قال بقلق:

-"جدي هدئ من روعك أرجوك...لا تؤذي نفسك"

كان بيتر يتنفس بسرعة ... بل ينفث النار غضبا... ربما لو انه لم يتوقع ان تفعلها ليزا لأصابته الجلطة الآن من الصدمة...ربت بيير على كتفه وهو يسأل:

-"كيف تكون ليزا هي السبب؟...من هو فرانسيس هذا؟!"

حرك الجد عينيه الجاحظتين نحو بيير ... كانت عينيه تروي سلسلة من العقابات التي يفكر بها لليزا...قال من بين أسنانه:

-"فرانسيس هو والدها...وهو احقر شخص يمكن ان تتعرف عليه يا بيير..وهو ايضا لا يريد لنا الخير ابدا ابدا..وابن عمتك الغبي ذهب وتزوج ابنته التي تشاركه في افكاره الاجرامية طبعا!"

ارتفع حاجبي بيير باستنكار وتفاجؤ!...هل نيكولاس بهذا الغباء!...هذا الذي دائما ما يتظاهر بالرصانة والذكاء وسرعة البديهة...يتزوج ابنة شخص يضمر لهم الشر!...ضرب الجد الطاولة بعنف من غيظه وقال بانفعال:

-"احضر لي دواء الضغط يا بيير...هذه الحرباء، انا سأريها من هم آل فيندار"

خرج بيير بسرعة من المكتب ذاهبا لأول خادمة رآها في طريقه..طلب منها احضار دواء جده بسرعة فذهبت للمطبخ ركضا بما انه اقرب من الصعود لجناحه...
مسح بيير على وجهه بعدم تصديق، إذن عائلة ليزا لم تكن رافضة لهذا الزواج كما ادعت...بل ان نيكولاس رفضهم وارادها هي فقط!...لكن كيف، لا يمكنه استيعاب الأمر!...نيكولاس لا يتعامل مع مشاعره!...انه فقط يستخدم عقله وقلبه عاطل عن العمل...فكيف تزوج هذه الحرباء؟..هل يعقل انه احبها لهذا الحد الذي يجعل عينيه معميتين عن حقيقتها؟..ام ان هناك امر آخر يريده نيك منها؟!


~~**~~**


هربت الاصوات كلها من حول نيكولاس ليحل الصمت المفاجئ على عقله وكأن الكهرباء انقطعت عنه من صدمة ما سمعه الآن!..وقف وقال بانفعال:

-"ما الذي تتفوه به يا سام؟!...لا يمكن هذا!...متى حدث ذلك؟؟!"
-"سيدي اهدأ قليلا...انتشر الخبر بعد الواحدة ظهرا، وهي الآن لا تجيب عن اتصالاتنا..بل ان هاتفها مغلق"

وضع يده على رأسه غير مستوعب الأمر...صرخ بغضب:

-"لكن من أين تعرف هي هذا!!..ولماذا لم تتصل بي عندما خرجت؟!..أين الحرس من اللحاق بها؟!"
-"قالت انك سمحت لها فكيف لي ان اتصل سيدي؟!..ثم انت لم تأمر بارسال من يراقبها...فقط عينت من يبقى معها في الجامعه!"

احترق داخله من الغضب فقطع الاتصال ورمى الهاتف على الكنبة...بدأ يمشي بانفعال داخل جناحه في الفندق ... امسك مزهرية ورماها على الأرض بكل قوته لتتفتت الى قطع...همس بغيظ:

-"كيف فعلت ذلك!؟..لماذا؟!"

هل تريد معاقبته مثلا لانه رمى اللابتوب؟..
وفجأة تلاشى كل غضبه...مسح ذقنه بتفكير...ثم ابتسم واعتدل في وقفته، توجه الى الكنبة..اخذ الهاتف وكتب رسالة الى سام: (غدا صباحا سأكون في بريطانيا)


~~**~~**


جلست في المكان الذي لطالما جلست فيه والدتها حول المائدة ... امامها يجلس أليكس وبجانبه جوناثان، وفرانسيس يترأس الطاولة...امسكت الشوكة والسكين وبدأت تأكل بهدوء متجاهلة نظرات أليكس الحارقة...ومراقبة جوناثان لكل حركة تقوم بها!
شربت القليل من العصير فقال فرانسيس:

-"إذن بنيتي...ألن تحدثينا عن القصر، عن العائلة؟.."

رمقته ببرود ثم اجابت اجابة مختصرة:

-"ثراء فاحش...وكلهم غريبوا الاطوار"

نقلت نظرها الى أليكس الذي لم يأكل شيء وهو يحدق بها..قالت بسخرية:

-"ماذا؟..هل اشتقت لي لدرجة تمنعك من إبعاد نظرك عني؟"

ازدادت نظراته حده فرفعت حاجبها بعدم اهتمام وأكملت تناول الطعام وهي تفكر في كيفية تخرج بها من هنا...لا تتوقع أبدا أن يسمح لها بالخروج من المنزل بدون مراقبة ومرافقة من 5 حرس على الأقل...

بعد العشاء اجتمعوا في الصالة، جلست بدون مبالاة وسحبت جهاز التحكم من الطاولة وبدأت بتغيير المحطات عن الشاشة الكبيرة المعلقة على الحائط ... كان جون وأليكس يتهامسان وفرانسيس في مكتبه..
فجأة سحب منها أليكس جهاز التحكم واطفأ الشاشة وقال:

-"ماذا تريدين؟"
-"ماذا اريد؟"
-"ليزا...انت لم تعودي الى هنا عبثا"

اشحات نظرها عنه بضجر فقال جون:

-"أين هاتفك...يجب أن نسحبه منك ، قد نطمئن هكذا قليلا"

ابتسمت بسخرية وهي تعلم انهما يريدان نبشه لعلهما يجدان ما يجعل شكوكهما يقينا...وقفت بكسل وقالت:

-"لدي فكرة افضل...انتظراني هنا قليلا"

صعدت بسرعة الى غرفتها...اخذت هاتفها الموضوع على طاولة المرآة، حاولت فتحه لرؤية الكم الهائل من الاتصالات لكن اكتشفت انه غير مشحون...همست:

-"هذا افضل"

نزلت اليهما مرة أخرى فوجدت فرانسيس هناك...نادت بصوت عالي على احدى الخادمات وطلبت منها احضار وعاء فيه ماء فاستغربوا طلبها...دقيقتين وكان طلبها امامها...قالت:

-"بما انكما يا أليكس ويا جوناثان خائفان من ان اكون غير صافية النوايا تجاهكم بسبب هذا الهاتف!..إذن.."

فتحت غطاء هاتفها ... نزعت البطارية ورمتها في الماء ... ثم سحبت شريحة الخط وكسرتها ورمتها في الماء..ورمت الهاتف في الماء من بعدها...وابتسمت على ملامح الاهوجين اللذين يراقبانها...ولسان حالها يقول: تريدان تفتيش الهاتف ها؟...لن اسمح لكما بتخريب خطتي ابدا...
قال فرانسيس بهدوء:

-"هل ما فعلته الآن بسبب هاذين؟"
-"اجل...انهما غير مطمئنين مني"

تنهد فرانسيس وطلب منهما مرافقته الي مكتبه...وعندما صارت وحيدة في الصالة، تقدمت منها احدى الخادمات الكبيرات في العمر...احتضنتها فتفاجئت ليزا جدا!...قالت تلك الخادمة:

-"عزيزتي ليزا..لماذا عدتي الى هنا؟!..لماذا عدتي الى الجحيم برجليك؟!"

ابتعدت عنها وهي تتلمس وجهها وتقول:

-"قتلوا بريانكا...لا تسمحي لهم بان يقتلوك!"

ابتسمت ليزا عندما استطاعت تمييزها...انها المرأة التي لطالما كانت تراها مع والدتها ويبدو انهما صديقتين...لا تعلم ان والدتها صديقة كل الخادمات هنا لانها كانت تعمل معهن يوميا...قالت ليزا:

-"لا تقلقي...سيكون كل شيء على ما يرام"
-"أرجو هذا من كل قلبي!"

تنهدت ليزا وهي تتذكر نيكولاس...اذا كان لا يزال في ايطاليا فلا يمكنها ان تتصل به...كانت ستطلب هاتف هذه السيدة لتتصل...لكنها قررت تأجيل الامر للغد، فربما يكون قد عاد...سألت المرأة بهدوء:

-"لماذا فعلتي هذا بعائلة زوجك؟"
-(تنهيده)"الامر يتطلب فعل هذا"

ابتعدت عنها الخادمة وانحنت باحترام وعادت للمطبخ...استدارت ليزا وصعدت لغرفتها، رمت نفسها على السرير وحاولت النوم رغم انها تعرف ان نومها الآن مستحيل...فهي معتادة على السهر!
ظلت تتقلب لما يقارب الساعة، ثم نهضت ومشت في الغرفة بدون هدف...اغمضت عينيها مع تنهيدة، لماذا تشعر بالندم على ما فعلته!...بالتأكيد الآن تضاعف كره العائلة لها، ربما سيعلمون انها ابنة خارج عن القانون!...ربما سيكرهها نيكولاس ولن يساعدها في الخروج من هنا...سيتركها ويكمل حياته بكل طبيعية...اجل فلماذا يعود لها؟!..على الأرجح هو الآن يبتسم بخبث ويفكر في طريقة يكسرها بها!
لكن لماذا يا ليزا تفكرين اصلا بهذا؟!...ماذا لو تركك؟!...ستكملين انت حياتك كما كنت ستكملينها قبل ان تقابليه في الجامعة صدفة...ستنتظرين الوقت المناسب ثم تسلمين الأدلة للشرطة، لن يتغير شيء...ولن تتعرضي للإيذاء حتى!
وضعت يدها على صدرها بعدما شعرت بانقباض قلبها...
لكن ماذا عن هذا القلب الذي يريده بشدة!...مجرد التفكير في انها لن تراه مجددا...وستصبح في قائمة اعداءه يجعلها متضايقه!
تأففت وهي تفتح باب الشرفة وتخرج اليها...ضمت يديها الى صدرها من الهواء البارد ...
هل تحضر نفسها لخسران شخص آخر مهم في حياتها...ام تتفاءل؟!


~~**~~**



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-08-17, 02:12 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي





عاد أليكس الى منزله بعد ان سمع كلام فرانسيس...لماذا هو الوحيد المرتاب من ليزا؟!...حتى جوناثان يقول ان ما فعلته يجعلهم متأكدين انها ضد نيكولاس...لكنه يوافقه الرأي في كون لديها هدف آخر!
قهره فرانسيس بقوله انه وثق بها بعدما رأى ما فعلت...وعليهم ان يثقوا بها ايضا!
دخل المنزل وهو مقطب الجبين فسمع جيني تقول بلطف:

-"أهلا بك"

نظر لها بحدة وكأنها فعلت شيء غير جيد له فتقهقرت للخلف خطوة بتوتر..ثم ثبتت مكانها وهي تسأل:

-"ما بك؟"

اقترب منها ووقف امامها مباشرة .. قال بصوت منخفض كالفحيح:

-"لماذا تخطط ليزا؟...ما الأمر الذي تنوي فعله؟!...بالتأكيد أنت تعرفين، انها صديقتك وانت ترافقينها في الجامعه!"

توترت جيني كثيرا من اسلوبه واجابت:

-"ماذا تنوي؟.ماذا حدث؟!"
-"ليزا عادت اليوم الى منزل فرانسيس...لقد نشرت هي الخبر عن آل فيندار، لكن انا واثق انها تسعى لشيء آخر...انت تعرفينه أليس كذلك؟!...تكلمي"

قال آخر كلمة بصراخ فجفلت جيني وقالت بدفاع عن نفسها:

-"اقسم لك انني لا أعرف أي شيء...انها لا تتكلم معي في هذه الامور!..هي بالكاد تتكلم معي حول الدروس والمحاضرات!..وكأنك لا تعرف ليزا مثلا"

زفر بحرارة وتركها صاعدا لغرفته...
تنهدت جيني ثم همست:

-"ماذا فعلت هذه المجنونه بنفسها!"


~~**~~**


-"إذن هكذا الأمر!...لا أكاد أصدق هذا!...ليزا!"

جلس بيير بجانبها وقال:

-"هذه الحقيقه...ألم أقل لك ان نيكولاس وجدي أخفيا عنا أمر مهم؟...واتضح ان ليزا ابنة شخص خارج عن القانون!...وانظري الى ما فعلته هي بنا!...لكن ما لا افهمه، نيكولاس كيف كان بهذا الغباء ولم يتخذ الحيطة والحذر؟!..وان كان يحبها..لماذا لم يحذر منها؟"

طأطأت جيسيكا رأسها بحزن، لا تصدق ان ليزا فعلت هذا حقا...لقد كانت أفضل من أن تخدعهم!...قال بيير بهدوء:

-"أعرف بما تفكرين يا جيسي...ان المجرم دائما ما يظهر طيبته حتى لا يتم الشك به...وهي فعلت نفس الشيء"

تنهدت جيسيكا ولم تعرف ماذا تقول...تمدد بيير على السرير وابتسم قائلا:

-"لكنني سعيد بصراحة!...الآن جدي لن يثق بنيكولاس كالسابق...سيهبط نيكولاس للأسفل، وسأكون انا فوق...وسأضحك عليه بكل سخرية وشماته"
-"لا تجعل الطمع يولد كل هذا الكره يا بيير"

نظر اليها وقال ببرود:

-"طمع؟...من قال انه طمع..انا لا اهتم بالنقود بقدر ما يهتم هو بها..انا فقط اكره هيمنته على كل شيء..اكره سيطرته..لماذا يحصل على كل شيء؟..هو ليس حتى من عائلتنا!"
-(شهقت)"بيير...لماذا تقول هذا؟!...ان نيكولاس من العائلة..اسمه مربوط باسم جدك، الوصاية كانت لجدك يا بيير، ليس لنيكولاس ذنب بما حصل في السابق"
-"عمتي البلهاء!..كم ان النساء غبيات!"

قال جملته ثم انقلب على الجهة الأخرى مبعدا وجهه عن جيسيكا التي لا يريحها ابدا تفكير زوجها، هل تسمي هذه غيرة وحسد؟؟...أم هو كره فعلا؟!

ومن جهة اخرى كانت ساندرا تجلس في الحديقة الخلفية للقصر حيث يوجد المسبح الكبير ... تستنشق الهواء البارد بكل راحة وهي ترتشف من قهوتها الساخنة، على وجهها ابتاسمة شامته
تتمنى لو ان نيكولاس أمامها لتتشمت به...وتقول له انظر ماذا فعلت زوجتك...صحيح ان بيير لم يوضح لها الامر كثيرا..لكنها تعلم ان ليزا السبب وهذا ما يهمها ...
تنفست بعمق ثم امسكت هاتفها وبعثت رسالة لمارك تجيبه بها عن اسئلته القلقه حول وضعهم الآن..كتبت:
(لا تقلق مارك، سيتم حل الأمر بأسرع وقت...فكل ما قيل هو افتراء وكذب)


~~**~~**


استيقظت السماء بعد ليلة عصيبة مر بها الجد بيتر، حررت الشمس اشعتها لتخترق الضباب بعد نومها العميق...وعاد القمر الى مخدعه لينام مهئيا نفسه لنوبته المسائية...
بالكاد غفى الجد ساعة او ساعتين، كيف ينام وهذه الفضيحة تراقبه بعيني البوم طوال الوقت!؟...كيف يرتاح وهو يعلم ان مجد عائلتهم مهدد؟!
غير ملابسه ونزل للأسفل، فتفاجأ من وجود العائلة كلها هناك ... سألهم بهدوء:

-"لماذا انتم مستيقظون من الفجر؟"

رد عليه بيير:

-"كيف ننام وهذه المصيبة التي وقعت علينا بسبب نيكولاس لم تحل بعد؟"

تنهد الجد ثم أشار لسام الذي يقف هناك بصمت ليقترب منه، سأله :

-"متى سيصل نيكولاس ليحل هذا؟"

اشاح بيير بنظره بعيدا متضايقا من جده...ما زال يتكلم ويقول ان نيكولاس سيحل الامر؟...ألا يبعده عنه بعد هذه المشكله؟
أجاب سام :

-"قال أنه سيصل في الصباح، ولكن لا أعرف متى بالضبط...بالتأكيد لن يصل الآن...بالكاد أشرقت الشمس سيدي"
-"لو كان يريد ان يفر من سخطي عليه ان يكون هنا خلال ساعتين"

تنهد سام ثم قال :

-"هناك بعض الأمور التي عليك معرفتها سيدي"
-"تكلم"
-"بقيت في الشركة طوال الليل، وهناك رجال أعمال عبروا عن استيائهم منا .. وهناك من انسحب من العمل معنا، والأهم من ذلك ان أفراد فيندار مطلوبون لحضور جلسة محكمة، في قضية ارشاء واحتيال واهمال!..والميزانية في انخفاض "

الجمت الصدمة جميع السامعين.. غير قادرين على استيعاب ما قاله... أكمل سام بتردد:

-"والجلسة اليوم...سيدي"

قال بيير بانفعال:

-"كيف سارت الامور بكل هذه السرعة؟!..كيف تكون الجلسة اليوم؟!...ما هذه الترهات التي تقولها يا سام"

رد عليه ببرود:

-"سيد بيير، هناك الكثيرين ممن يترصدون فرصة لإطاحتكم أرضا، وربما تم تقديم مئة طلب لمحاكمتكم خلال الساعات الماضية"

قبل ان يفتح بيير فمه .. التفت الجميع نحو الباب الذي فتح ... يدخل منه نيكولاس منتصب الظهر ويديه خلف ظهره...توقف قليلا وهو يراقب ملامحهم ، ومشى لجده ببطئ...وقف امامه وقال ببرود:

-"صباح الخير"

لم يرد عليه الجد ... فقال بيير بنبرة مستفزة:

-"بالتأكيد انت تعرف ما حدث ... ما رأيك بالهدية التي قدمتها لك زوجتك؟"

نظر اليه نيكولاس ببرود..وابتسم..ثم قال:

-"لقد عدت للتو من المطار...احتاج للراحة، أراكم لاحقا"

تعدى جده بخطوتين نحو المصعد...لكن أوقفه صوت ساندرا المنفعل:

-"ماذا؟!..لا يوجد أي أنفعال؟!...لا غضب ولا حزن ولا أي شيء؟!...زوجتك من تسبب بهذا يا نيك...لم انت بارد هكذا؟!...هل انت سعيد بما حدث؟!"

ابتسم بدون ان ينظر اليها واكمل طريقه للمصعد، لكن قبل ان يدخل به سمع جده يقول بصرامة:

-"معك اليوم والغد، ان لم تجد حلا فانسى انك من آل فيندار"

توقف قليلا ونظر نحوه وكأنه يخبره ان هذا لا يهمني ثم دخل المصعد ...
ضرب بيير الكنبة بغضب وهو يقول:

-"أرأيت حفيدك؟!..ما رأيك؟...هل يروقك هذا؟"

لم يلتفت اليه بيتر وتوجه للدرج صاعدا لمكتبه...تنهدت جيسيكا ثم قالت:

-"يجب أن أذهب لأرى ان استيقظ تيدي او لا...وسأطمئن على عمي رون"

وقفت ونظرت الى ساندرا قائلة:

-"وانت؟...ألن تحضري نفسك للجامعة؟"
-(باقتضاب)"ما زال الوقت باكرا..ثم اني لن اذهب اليوم، سأرى ماذا سيفعل نيكولاس"

هزت جيسيكا كتفيها بعدم اهتمام وذهبت للمصعد...ضغطت الزر وانتظرت قليلا حتى ينزل المصعد اليها ...

دخل نيكولاس غرفته ببطئ...جلس على الكنبة وشبك اصابعه عند ركبتيه بتفكير...كلامها في المطار كان تلميح لأمر ما، وبما انها طلبت منه الانتظار للنهاية وعدم الحكم عليها مباشرة ... فهو واثق ان هدفها ليس إيذائهم، سينتظر ويرى ماذا ستفعل...
ابتسم ، ما هذه الفتاة الغريبه؟...لماذا لم تخبره بما تنوي؟ هل تحب وضع الالغاز ام ماذا؟...(بماذا تفكر يا نيكولاس...هل كنت سأوافق اصلا لو قالت)
نظر للطاولة فرأى خاتمها هناك!...عقد حاجبيه باستغراب ثم مد جسده نحوه ليلتقطه ويتأمله في يده، لماذا تركته هنا؟!..رفع حاجبيه بتفاجؤ من الفكرة التي راودته، ربما قالت كلامها في المطار لتشتيته، بينما هي فعلا تقف ضدهم؟!..لم لا، يجب ان يفكر في كل الاحتمالات!..حسنا سوف ينتظر ويرى ماذا تريد هذه المجنونه..فلو كان هذا حقيقا فسوف يدمرها في غمضة عين...وضع الخاتم في جيبه ثم خرج من الغرفة ليذهب الى مكتبه ليقرأ ملف هذه القضية...هو يعلم انها استخدمت المعلومات في جهازه عندما قال لها ان تستخدمه...


~~**~~**


كانت تجلس ضامة ركبتيها على صدرها فوق سريرها وهي تفكر في ألف فكرة .. منذ الأمس لم يهدأ عقلها ولو لدقيقة واحدة، تشعر انها رمت نفسها في فوهة البركان دون ان تدري...لم تنم الليل ابدا
طرق احدهم الباب فقالت بدون اهتمام:

-"ادخل"

فتح جون الباب ودخل ، عقدت حاجبيها باستغراب..فهو آخر شخص فكرت في ان يكون الطارق، قال بابتسامة:

-"صباح الخير"
-(ببرود)" صباخ الخير؟...ماذا تريد؟..أليس لديك منزل تنام فيه فبقيت عندنا؟"
-"بصراحة لا ليس لي منزل...لست بحاجة له هنا، فمنزلي في روسيا"

نظرت اليه نظرة غريبة عندما سمعت آخر كلمة منه ثم سألت:

-"عند ماكس؟"
-"أجل بالضبط...هل عرفك عليه نيكولاس؟..لا أظن ذلك؟..فأنت عدوة له في النهاية!"

لا تدري لما انقبض قلبها ليخبرها ان تواجد جون معها لوحدهما امر عليها تجنبه تماما...وقفت بسرعه وقالت:

-"أخرج من غرفتي"
-"ماذا؟..هل ذكرتك بكون (حبيبك) يكرهك؟"

عقدت حاجبيها ... كم ان لكنته مشابهة للكنة نيكولاس! ...اقتربت منه اكثر وثبتت نظرها في عينيه وقالت:

-"أظن انك لا تعرف انني اذا كرهت شخصا، أنسى كل شيء يربطني فيه حتى لو كان ابني"

حتى نظراته تشبه نظرات نيكولاس!...شكل عينيه!...هل بدأت تهلوس بنيكولاس؟!...كيف يشبهه وذاك لون عينيه سوداء وهذا لون عينيه اخضر...ذاك شعره اسود فاحم وهذا شعره بلون الشوكولاته الفاتحه...وبالتأكيد نيكولاس أهيب وأجمل!..بماذا تفكرين ليزا؟...من بين كل الافكار التي شغلت دماغك لعدة ساعات ، استقر دماغك على هذه الفكره؟!..قال جون:

-"اذن انت لا تختلفين كثيرا عن والدك في النهاية؟"

تنهدت بضجر وقالت بعصبية:

-"جوناثان اخرج من غرفتي الآن"

اشار بيديه اليها كي لا تنفعل ثم قال بانسحاب:

-"حسنا حسنا...سأخرج لكن لا تقتليني"

ابتسم بسخرية على آخر جملة له وخرج من غرفتها...
تأففت وجلست على طرف السرير...(لقد بدأت اشتاق له فعلا!)

في الأسفل كان فرانسيس يقرأ الجريدة اليومية بكل راحة وعلى شفتيه أجمل ابتسامة، ترأست جملة فيندار تخسر مجدها) الصفحة الأولى بالخط العريض...
نظر للساعة ثم نظر الى جون الذي ينزل الدرج درجتين درجتين ثم قال:

-"جوناثان...جلسة أفراد فيندار في المحكمة ستكون عند الثانية عشره .. ما رأيك أن نحضرها ونستمتع بالمشاهده؟"
-(بابتسامة)"لم لا...معنا تقريبا ثلاث ساعات لنحضر انفسنا"
-"أفكر في أخذ ليزا أيضا، ليراها زوجها بعد هذه المفاجأة الصغيره"

اقتربت احدى الخادمات وقالت بهدوء:

-"الفطور جاهز سيدي"
-"حسنا...اصعدي ونادي ليزا"

هزت رأسها بطاعة وصعدت اليها .. طرقت الباب ودخلت، كانت ليزا على نفس وضعيتها .. قالت لها السيده ويل :

-"عزيزتي ليزا؟...لم تغيري ملابسك؟"

عندما رأتها ليزا هبت اليها بسرعة..قالت مباشرة:

-"هل لديك هاتف؟"
-"أجل..لـ.."

قاطعتها باستعجال:

-"ارجوك أعطيني اياه هيا"

اخرجته السيدة ويل من جيب مريولها وناولته لليزا التي سحبته بسرعة .. كان الهاتف صغيرا جدا بالنسبة للهاتف الذي كان معها .. كتبت رقم نيكولاس بسرعة وانتظرت ان يجيب .. لكن انتهى الاتصال قبل ان يجيب!...وضعت يدها على قلبها بتوتر واعادت الاتصال..ثواني وجاءها رده:

-"من معي؟"

اتسعت عينيها وسحبت السيده الى داخل الغرفة ثم اغلقت الباب وقالت بصوت خافت:

-"نيكولاس...أنا ليزا"

شهقت السيدة بصدمة .. أما نيكولاس قال بهدوء:

-"أهلا ليزا...انتظرت اتصال منك"
-"لم اتصل لأنك كنت في ايطاليا"
-"عدت منذ بضع ساعات..ما تفسيرك لما حدث؟..هاتف من هذا؟"
-"لا يهم هاتف من، اسمع .. كل ما فعلته كان لكسب ثقة فرانسيس لبعض الوقت، لكن هل تثق انت بي؟"

حل الصمت لبعض الوقت، ودقات قلب ليزا تتسارع اكثر، قال أخيرا:

-"هل هذا سؤال؟!...أليست الاجابة واضحة؟"

اغمضت عينيها وقالت:

-"لا يهم، اسمع انا أريد الخروج من هنا...وانت من سيساعدني في الخروج"
-"هل يمكنك ان توضحي لي أولا لماذا فعلتي كل ذلك؟"

تنهدت وهي تنظر للسيدة ويل المصدومة ثم اجابت:

-"المعلومات يا نيك، النسخة الثانية منها هنا...كان يجب أن أستعيدها"

مرت دقيقة او دقيقتين دون ان ينطق أحدهما كلمة، الى أن قال نيكولاس:

-"كيف ستخرجين؟"
-"لا أعرف كيف بالضبط...لكنني سأخبرك كيف عندما اجد طريقة...وداعا"

قطعت الاتصال وزفرت بحرارة، قالت السيدة ويل بصوت منخفض ومصدوم:

-"ما الذي سمعته قبل قليل؟"

امسكت ليزا بيديها وقالت:

-"سأشرح لك كل شيء فيما بعد، لكن الآن دعيني أنزل اليهم "
-"الفطور جاهز لعلمك"
-"حسنا هذا جيد.."

قالت جملتها ثم خرجتا سويا...


~~**~~**


انزل نيكولاس الهاتف عن اذنه ونظر اليه مطولا...يجب ان يكون مستعدا لأي شيء، وحاليا هو واثق بأنها لا تضمر لهم الشر...
سمع طرقا على الباب فقال:

-"تفضل"

دخل سام ووقف امامه ثم قال:

-"ماذا ستفعل الآن؟"
-"بشأن ماذا؟"

رفع سام حاجبيه باستنكار من بروده وقال بانفعال:

-"بشأن ليزا!!...ثم ماذا عن جدك؟...هو بالكاد يقف على قدميه بعد هذا الخبر!"
-"لا يهمني شيء"

قال جملته اللامبالية وانزل نظره الى اللابتوب امامه، سأل سام بغضب:

-"جلسة المحكمة بعد ثلاث ساعات، ألا ترى انه من الأفضل لو تجد ما تقوله للقاضي على الأقل؟!"
-"وهل تظنني سأذهب مثلأ؟"
-(باندفاع)"نيكولاس!...أظنك سمعت ماذا قال جدك"

ابتسم نيكولاس ورفع نظره اليه .. قال بنبرة غامضه:

-"سام؟..ألا تثق بليزا؟"

هدأ سام وارتخت ملامحه بعد هذا السؤال الغريب .. قال بهدوء:

-"إذن هي لا تريد إيذاءنا؟!"
-"ربما"
-"ربما؟!"
-"لننتظر فقط "


~~**~~**


ذهب جوناثان وفرانسيس الى المحكمة بعدما رفضت ليزا الذهاب رفضا قاطعا بحجة انها لا تطيق رؤيته، فتركوا عندها الحرس متجمهرين حول المنزل وعيونهم ترقب تحركاتها بكل تركيز...
جلست في المطبخ تراقب الخادمات بشرود، فكرت في ان تذهب للمحكمة..ومن هناك تذهب مع نيكولاس مثلا، لكن وجدت ان تنفيذ هذا سيكون مستحيل مع وجود الكم الهائل من الصحفيين، يجب أن تجد الطريقة المناسبة لتنفذ هذا...وربما عليها استغلال عدم وجود فرانسيس في المنزل...
نظرت الى السيدة ويل وقالت بهدوء:

-"هل يمكنك ان تقدمي لي خدمة أشكرك عليها العمر كله؟"
-(مباشرة)"طبعا"

تنهدت وانزلت نظرها للأرض .. ثم نظرت حولها .. واعادت نظرها للسيدة ويل لتقول بصوت منخفض:

-"اذا حدث لي أي شيء...اذا خرجت من هذا المنزل ... أريدك ان تذهبي لغرفتي، ارفعي الفراش عن السرير ستجدين لابتوب..."

وضعت يدها فوق يد السيدة واكملت:

-"هذا اللابتوب يجب أن يصل لقصر فيندار ... لا تقبلي أن تعطيه لأحد سوا نيكولاس، اطلبي رؤيته شخصيا وهو لن يرفض هذا...سيده ويل، ان لم يصل هذا اللابتوب الى القصر، فاعتبري انني وامي واخي لم نكن يوما على قيد الحياة!"

توترت السيدة من كلام ليزا المبهم والغريب لكنها هزت رأسها برضى بدون اي نقاش...
وضعت ليزا رأسها على الطاولة واغمضت عينيها..فكرت في عدة خطط للخروج لكن كلها غير كامله، لن تنجح!...فكرت في أن تذهب للجامعة لكن طبعا سوف يذهب معها حفنة من الحرس ولا يمكن لنيكولاس القدوم حتى لا يتسببوا باثارة ضجة حتى لا يلتفت الناس وتصبح الفضيحة اثنتين!...
ولا يمكنها الهروب من المنزل...ولا يمكنها ان تطلب من نيكولاس جلب ثلاث سيارة مليئة بالحرس ليشتبكوا مع رجال والدها لتهرب هي!...
رفعت رأسها وهي مصممة على تنفيذ ما ببالها .. ذهبت الى المكان الذي توضع فيه السكاكين ... سحبت واحدة متوسطة الحجم ، ستسبب لنفسها ضررا كبيرا كالانتحار مثلا ليأخذوها للمستشفى... ومن هناك يمكنها الهرب!...خصوصا قبل ان يعرف فرانسيس ويرسل رجاله...
كانت السيدة ويل تراقبها .. وعندما سحبت السكين هبت اليها لتسأل بفزع:

-"ماذا تريدين ان تفعلي يا مجنونه؟!"
-"اعطيني الهاتف رجاءا"

اعطتها الهاتف بتردد فأخذته ليزا وذهبت لغرفتها والسيدة ويل تلحقها خوفا عليها، عندما اغلقت ليزا الباب مانعة دخول السيدة صرخت الأخيرة:

-"هل تريدين قتل نفسك؟!!...هل انت مجنونه!..ماذا حدث لك يا ليزا، هل تريدين ان تتركي والدك يفعل ما يشاء؟!...لقد مات اخوك...وماتت امك..هل ستقتلين نفسك أيضا؟!"

اغمضت ليزا عينيها مانعة الذكريات من الدخول لعقلها وقالت بهدوء من خلف الباب:

-"ستتصلين بالاسعاف.."
-(ببكاء)"ليزا أرجوك، افتحي الباب ودعينا نتفاهم"

لم تتحرك ليزا من مكانها ولم تقل شيء...نظرت الى السكين والهاتف، فتحت السجلات لترى رقم نيكولاس .. لكن اوقفها كلام السيدة ويل الباكي:

-"اقسم ... انني لن آخذ اللابتوب أبدا لقصر فيندار لو فعلتي ذلك، اقسم انني سأدفنه معك...وانت تعرفين انني أوفي بالقسم"

ارتخت ملامح ليزا ... لم تعرف ماذا تقول، ابتعدت عن الباب وتركت السكينة تسقط على الأرض ثم توجهت للسرير..دخلت السيدة ويل وهي تمسح دموعها واخذت السكين عن الأرض وقالت لليزا:

-"كنت أعرف أنك أعقل من أن تفعلي هذا..."





~*~*~انتهى~*~*~





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-08-17, 12:03 PM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




(خلف الستار)
الكاتبه: ريم أحمد









~*~*~~*~*~


الفصل العاشر.



انتشرت الأخبار بسرعة كبيرة في الوسط المحلي...أفراد عائلة فيندار لم يحضروا الجلسة...واكتفوا بارسال المحامي! حدثت بلبلة كبيرة امام المحكمة بين الصحفيين، فكيف لهم ان يرفضوا المجيء؟!...هل يتم اعتبار ذلك هروب من المواجهة ام رفض الاعتراف بالتهمه؟!
لم يقبل القاضي وجود المحامي وحده...لكن المحامي ألقى جملة واحدة جعلتهم يؤجلون الجلسة رغما عنهم

-"سجلاتكم تؤكد براءة آل فيندار...تأكدوا من أوراق القضية أفضل لكم!"

ولكن رغم هذا ما زالت الاخبار تصر على انه حتى لو وجدت ورقة تؤكد براءتهم قانونيا...لكن يبقى هناك الرشوة!...فعلى السلطة ان تكثف تحقيقها خلف الأمر لتتأكد من صحة هذه الرشوة...

ومن جهة أخرى يستغربون ان نيكولاس فيندار لم يظهر أي ردة فعل منذ ان علموا انه عاد من ايطاليا..وهذا أمر مستهجن، فكيف للحفيد الأكثر خطرا وعدائية ان يترك الامور دون التدخل بها؟!

أغلقت ليزا الشاشة وشردت بأفكارها، ان لم تتمكن من الخروج بأسرع وقت ممكن فسوف تتفاقم الأمور أكثر...اغمضت عينيها بتعب وضمت ركبتيها لصدرها اكثر، عندما عاد فرانسيس وجوناثان من جلسة المحكمة يوم امس كانا في غاية الغضب؛ فهما لم يتوقعا ابدا تهرب فيندار...
الغريب في الأمر انها لم ترى أليكس منذ ان حطمت هاتفها...
كم هي متعبة وتحتاج للراحة...لم تذق طعم النوم منذ ان وصلت هنا!...اغمضت عينيها في محاولة لجذب النوم لكن عكر هدوءها نداء فرانسيس:

-"ليزا...ليزا ...تعالي"

تأففت بغيظ منه وقامت لترى ماذا يريد، كان يجلس في الشرفة الكبيرة القريبة من الصالة...عندما وصلت وجدته يحدث أحدهم في الهاتف، قال لها بلطف:

-"خذي يا ليزا...أليكس يريد التحدث معك"

عقدت حاجبيها باستغراب واخذت الهاتف منه وعادت للداخل...وضعت الهاتف على اذنها وقالت بوجوم:

-"نعم؟..ماذا تريد؟"
-"ليزا...علينا ان نتحدث انا وانت ،لذا يجب ان نخرج سويا"
-(بسخرية)"هه...واو...هل تتوقع مني أن أقبل؟!"
-"ليزا...انت وانا نعرف ان بيننا كلام يجب ان ننهيه، ولا اظن انني سأسيطر على نفسي ولا اصرخ بك وهذا سيغضب والدك...دعينا نخرج والا.."

صمتت ليزا وهي تفكر ان هذه فرصة جيدة للهروب!...شكرت الله بينها وبين نفسها ثم قالت:

-"كم انت غبي يا أليكس، والدي سيرسل معي من يحرسني منك أصلا.."

قالت كلامها لترى ان كان سيمنع مجيء الحرس او لا...قال ببرود:

-"أقنعته انني أريد توثيق العلاقة بيني وبينك، فربما نتزوج يوما ما...فلا أظن ان حارسا قد يأتي"
-"أليكس هل تراني بهذا الغباء الذي سيجعلني أخرج مع شخص يكرهني ويتمنى قتلي وحدي وبدون حراسة أيضا؟!"
-"لا...لكنني أعرف أنك أذكى من ان تتجاهلي طلبي، في النهاية ان جيني عندي، ويمكنني فعل ما أريد بها...فما رأيك الآن؟!"

جحظت عينا ليزا بصدمة، ما هذا الكلام الذي يتفوه به؟!...اذن هو الآن يستخدم جيني كرهينة دون ان تدري تلك الغبية!..اغمضت عينيها لتأخذ نفسا عميقا ثم زفرته وهي تقول:

-"ان الوقت غير مناسب الآن...ما رأيك ان تأتي لأخذي عند السادسة مساءا، او السابعة ان شئت؟"
-"الخامسة والنصف"
-"حسنا الخامسة والنصف، هل اختار المطعم ام تختاره انت؟"
-"طبعا انا من يختار "

صمتت!... ابتسمت وقالت:

-"حسنا، والآن اغرب عن وجهي"

قطعت الاتصال وقالت في نفسها ان عليها اخبار نيكولاس بالامر...اعادت الهاتف لفرانسيس فسأل:

-"ماذا دار بينكما؟"
-"سنذهب لمطعم مع بعضنا ... سأرى ماذا يريد مني هناك"

ابتسم فرانسيس وأومأ رأسه بالإيجاب...
عادت للداخل بسرعة وتوجهت للسيدة ويل...طلبت منها الهاتف ثم صعدت لغرفتها، جوناثان ليس في المنزل ولا تعرف اين ذهب...

كتبت رقم نيكولاس واتصلت به...


~~**~~**


كان يمشي في الحديقة ويفكر في ليزا...لم تعاود الاتصال به ابدا! ..بدأ يقلق ويفكر في انها من الممكن ان تتعرض للخطر!...فجأة شعر بارتجاف الهاتف في جيبه، انتشله من هناك وقرأ الرقم فعلم انها ليزا...اجاب مباشرة وبعصبية:

-"لماذا لم تعاودي الاتصال بي؟!...على الأقل أطلعيني على ما يجري"
-"نيكولاس...اصمت قليلا، وجدت الطريقة التي سأخرج بها من هنا"
-"كيف؟"
-"سأخرج مع أليكس لمطعم ... سيأتي لأخذي عند الخامسة والنصف، عليك ان تكون بمكان قريب، المشكلة انني لا اعرف أين سيأخذني!"

صمت نيكولاس قليلا وهو يفكر ثم سألها:

-"هل تعرفين اسماء مطاعم قريبة من منزلكم؟!..او شيء كهذا، فلا اظنه سيبتعد"
-(بارتباك)"يوجد الكثير من المطاعم القريبة ، نيكولاس..ان أليكس حذر جدا"

تنهد ونظر نحو الحرس ثم قال:

-"افكر في ارسال من يراقب منزلك، لكن الطريق المؤدي للقصر يعج بالصحفيين الذين ينتظرون اي شيء يخرج من القصر..غير قادرين على التقدم نحو املاكنا...وان خرج احد الحرس فلا اضمن ان لا يتبعه احد!"
-"اعلم، آه...لا أعرف ماذا أقول، كيف ستخرج انت من هناك ؟!"
-"سأحلها..المهم، انا سأكون في الشركة فلا يمكنني التواجد في مكان آخر لوقت طويل، سأنتظر اتصال منك هناك...على كل حال مكان الشركة متوسط، آمل ان لا تكونوا بعيدين جدا "
-"حسنا...أراك قريبا"

همهم بدون اهتمام ثم قطع الاتصال، توقف عن المشي ومسح فمه بتفكير ثم استدار عائدا لداخل القصر، فتح له احدهم الباب الكبير فدخل يمشي بسرعة نحو الدرج...غير آبه بنظرات بيير الحارقة له وهو يجلس هناك، عندما وصل الطابق الثاني توجه مباشرة الى غرفة المراقبة حيث يوجد سام وكلارا ، فتح الباب فالتفتت اليه كلارا التي تجلس امام الشاشات وقال سام الذي يقف بالقرب من الباب:

-"نيكولاس؟...ماذا هناك؟"

قال نيكولاس بسرعة:

-"يجب ان نتحدث"

وقفت كلارا بتأهب إذ يبدو الكلام الذي سيقوله مهم جدا، اغلق نيكولاس الباب من خلفه وقال بهدوء:

-"قد تعود ليزا اليوم الى القصر"

شهقت كلارا؛ فهي للآن لا تعرف ان ليزا لا تخونهم، شعرت بخيبة كبيرة عندما علمت انها السبب بانتشار التهمه...نظر اليها نيكولاس وقال:

-"اطمئني، ليزا ليست ضدنا!"

قال سام باندفاع:

-"أنت لم تفهمني أي شيء حتى الآن!..لماذا فعلت ليزا ذلك؟..كيف ستعود!؟..متى ستعود..أين فرانسيس عنها؟!"

اومأ نيكولاس له لينتظر قليلا ثم اجاب:

-"عندما تعود ستشرح لنا هي الامر"

قالت كلارا بسعادة يخالطها بعض الريبة:

-"كنت اعرف انها لا تقف ضدنا، لكن ألم يؤذيها فرانسيس..اذا كان لم يقم بأي ردة فعل سـ.."
-(قاطعها نيكولاس)"هي قامت بنشر تلك القضية لتكسب ثقته..."

رفعت كلارا حاجبيها بفهم واستغراب فأردف سام:

-"وكيف ستعود هي؟!"
-"سنساعدها ، ولهذا السبب انا أريد التحدث معكما"
-(كلارا)"كلنا آذان صاغية"
-"جيد، اسمعي كلارا، انت عليك ان تتابعي الامر في القصر هنا..يجب ان تمنعي جدي من القيام بأي شيء، فأنا اتوقع انه يريد الاعتراف للصحافة بان ليزا هي من فعلت هذا لتساعد والدها ضدنا لينقذ مجد العائلة من الانهيار وتحاسب ليزا على افترائاتها..وان علمت الصحافة بذلك فإن فرانسيس مفضوح معها أيضا، واذا حدث هذا انتما تعرفان تابعات المشكلة..!"

أومآ بالإيجاب فأكمل موجها حديثه لسام:

-"أنت عملك سيكون معي، لكن ليس الآن..على كل حال، علي الآن التحدث مع الشركة الايطالية واقنعهم ان كل الاخبار كاذبه وانقذ مشروعي.."
-"لكن نيكولاس!...ماذا عن جدك؟ انت لم تتحدث معه، وهو غاضب منك لأبعد حد...على الأقل أخبره ان ليزا ليست كما يظن!"

قال سام كلامه بقلق فأضافت كلارا:

-"وماذا عن المحكمة والاتهامات؟..ألا يجب ان نجد حل لكل هذا أيضا؟"

استدار نيكولاس غير مهتم لكلامهما ثم قال وهو يفتح الباب:

-"كل ما يهم الآن هو عودة ليزا الى هذا القصر قبل ان يؤذيها احدهم، وأنا واثق انها تحمل كل الحلول بين يديها..بل الافضل لها ان تملك الحلول لتتجنب غضبي"

خرج واغلق الباب...تنهد سام ونظر الى كلارا وقال:

-"كنا في واحد صرنا في اثنين!"

ابتسمت كلارا وقالت:

-"انهما يليقان ببعضهما أليس كذلك؟"
-"بل أخطر شيء هو جمعهما!...لو تظل هذه العلاقة قائمة لسنة ، أظن ان الاقتصاد سيتدمر والجد بيتر سيموت قهرا وبيير سيموت بجانبه وستجف المحيطات!"

ضحكت كلارا بصوت عالي وقالت:

-"لكن ما علاقة المحيطات في النهاية؟!"

ابتسم سام وهو يهز رأسه بقلة حيلة ثم خرج خلف نيكولاس...


~~**~~**


تربعت فوق سريرها الدائري ووضعت يدها على خدها بعصبية، تكاد تصاب بجلطة من الذي اسمه نيكولاس...لماذا هو هادئ وبارد؟!...لماذا لم يقم بأي شيء؟!..وكأن العائلة لا تهمه وهو ليس جزء منها! ماذا عن ليزا!..هل سيتركها دون عقاب!
قطع افكارها دخول جيسيكا ، نظرت اليها وقالت:

-"أهلا جيسيكا، تعالي"

مشت جيسيكا نحوها وجلست امامها ... قالت بلطف:

-"ما الذي يزعجك؟"
-"الذي يزعج العائلة كلها"

تنهدت جيسيكا ونظرت للنافذة الكبيرة ثم اعادت نظرها لساندرا وقالت:

-"كل شيء سيحل، ماذا استفدتي عندما تغيبتي عن الجامعة ليومين؟"

تنهدت ساندرا بقلة حيلة وانزلت يدها عن خدها وقالت:

-"كنت أريد أن أرى...ماذا سيفعل نيكولاس"
-"ساندرا...لماذا تكرهين ليزا؟"

رمقتها ساندرا بنظرة استغراب ثم اجابت:

-"وهل تريدين مني ان احبها بعد ما فعلت؟!"
-(بهدوء)"لا أقصد الآن، منذ البداية.."

انزلت ساندرا نظرها ليديها اللتان تلعبان بطرف بلوزتها ثم قالت بنبرة ضائعة:

-"لا أعرف، ربما لانني كنت اتوقع شيء آخر، أو ربما لأن الكل كان رافضا لها، أو ربما بسبب طبعها الجاف..لا أدري"

حركت جيسيكا يدها ومدتها الى يدي ساندرا المرتبكتين وامسكت باحداها بلطف ثم قالت بابتسامة:

-"كنت تتوقعين شيء آخر وخاب ظنك...كنت تتوقعين ان تتمكني من ايقاع نيكولاس في شباكك، ثم ترفضين الارتباط به لإشباع غرورك أليس كذلك؟!"

رفعت ساندرا عينيها نحو جيسيكا بصدمة فاتسعت ابتسامة الأخيرة وأكملت:

-"أو ربما لترتوي أنوثتك...فيا له من شعور رائع ان تنالي قلب شخص لا يعجبه شيء! "
-(بتردد وارتباك)" لكن كيف.."
-"كيف عرفت؟..من مهاتفاتك مع صديقاتك، من نظراتك نحوه، من كرهك لليزا...وبما انني أعرف انك لا تحملين له ذرة حب...بل شعورك نحوه أقرب للبغض، فكان هذا أكثر تفسير منطقي"

صمتت ساندرا غير قادرة على قول شيء ثم تنهدت وابتسمت وانزلت نظرها ليديها لتقول:

-"لكن في النهاية وجدت الشخص الذي أريده لي حقا!..وهذه الأفكار غادرتني!"

رفعت جيسيكا حاجبيها بتفاجؤ ثم عدلت جلوسها لتقول بحماس:

-"هيا أخبريني!...ماذا يحدث معك!؟"

ضحكت ساندرا بخفة ثم قالت:

-"اسمه مارك...جميل جدا، لطيييف لأبعد حد، وكلامه كله يذيب القلب...لا أدري كيف جمعني القدر به، لكن منذ النظرة الأولى عرفت انه مميز!"

ضحكت جيسيكا قليلا ثم قالت:

-"ألا تحملين له صورة!؟"
-"بلا طبعا...لدي صوره كلها التي نشرها في حساباته"

قالت جملتها ثم اخرجت هاتفها وفتحت على صوره وناولته لجيسي التي تأملته جيدا...قالت ساندرا:

-"وهو الآن قلق على عائلتنا أكثر منا!"
-"ساندرا!!...أخشى ان يكون ذاك النوع الاستغلالي!"

فكرت ساندرا قليلا وقالت:

-"فكرت في هذا من قبل...لكن لم أجد فيه شيء يدل على هذا!"

ابتسمت جيسيكا وهي لا تريد أن تعكر مزاج ساندرا أكثر وقالت:

-"إذن علي أن أقابله يوما ما...انه فعلا جميل جدا"

قالت جملتها واعادت الهاتف لساندرا التي ابتسمت واحمرت وجنتيها...فجأة سمعا صوت طرق خفيف جدا على الباب، ضحكت جيسيكا وهي تقول:

-"بالتأكيد هذا تيدي، أميز طريقة طرقه جيدا"

قالت ساندرا بعدما قفزت عن السرير:

-"سأفتح له الباب هذا الصغير اللطيف"

ركضت نحو الباب وفتحته ببطئ ليظهر تيدي بقامته الضئيلة، يحمل دب صغير بين يديه ويرفع رأسه نحو وجه ساندرا...قال بلكنته المترنحة:

-"هل أمي هنا؟"

لم تستطع ساندرا مقاومته وحملته بين يديها لتطيره في الهواء ثم قبلته وقالت :

-"أجل ها هي امك هنا"

ذهبت معه الى جيسيكا التي تراقبهما وعلى وجهها اجمل ابتسامة...جلس تيدي في حضنها ونظر الى ساندرا ثم قال:

-"هل نلعب؟"
-(بحماس)" طبعا سنلعب!!"

ابتسم فقامت ساندرا لتحضر ألعابه التي ينساها هنا من خزانتها...


~~**~~**


دخلت جيني ببطئ لمنزل فرانسيس ، بحثت بعينيها عن ليزا لكنها لم تجدها في الصالة....اقتربت منها السيدة ويل وهي تسأل:

-"آنسة جيني، كيف يمكنني مساعدتك؟"

التفتت اليها جيني وأجابت بنبرة مترددة ويشوبها القليل من الخوف:

-"هل ليزا ... هنا حقا؟"

هزت السيدة ويل رأسها بالإيجاب فهمست جيني بشيء لنفسها ثم قالت:

-"أريد أن أراها"
-"انها في غرفتها آنستي، يمكنك الذهاب اليها"

شكرتها جيني وتوجهت للدرج...صعدته ببطئ وهي تتلفت للخلف كل فترة وكأنها تتأكد أن أحد لا يمشي خلفها، وتوجهت لغرفة ليزا...طرقت الباب وفي بالها ألف فكرة...قد تراها مكسورة اليد أو القدم!...ربما وجهها متنفخ من الضرب!..أو ربما هناك جرح بجانب شفتها!
لكن عندما فتحت ليزا الباب بعد ان كانت قد أقفلته بالمفتاح...تنهدت جيني براحة وهي تراها سليمة فاحتضنتها .. لتعقد ليزا حاجبيها باستغراب كبير...ابتعدت جيني عنها وهي تقول :

-"كنت اظن انهم آذوكِ!...لماذا عدتي الى هنا يا مجنونه؟!"

سحبتها ليزا للداخل واغلقت الباب لتقول بانفعال غير مبالية بأسئلتها:

-"جيني يا غبية!...هل تعرفين ان أليكس يجعلك رهينة عنده دون ان تدري يا حمقاء؟!..لقد هددني بك قبل قليل!"

جحظت عينا جيني غير مصدقة كلامها ثم قالت بدفاع:

-"مستحيل!!..هو لم يؤذيني يوما!..صحيح انه منعني من المجيء عندك فاضطررت لتجاهل احدى المحاضرات لآتي وأراك، لكنه لن يؤذيني!"

تنهدت ليزا بقلة صبر وجلست على طرف السرير وقالت :

-"يا غبية...اسمعي، أنت لن تصدقيني أعرف...لكن نصيحة لك من أخت، عودي لفرنسا يا جيني..عودي لفرنسا!...على الأقل من أجلي!...هل تريدين ان تكوني نقطة ضعف لي؟!"

عقدت جيني حاجبيها ، لا يمكنها تخيل أليكس يهدد ليزا بها، أصلا هل تهتم ليزا لها لهذا الحد؟!...هي واثقة من انها ستتجاهل تهديداته اذا أرادت ذلك ولن تهتم!...ثم ان أليكس لم يؤذها بالكلام من قبل..فهل سيفعل باليد؟!...قالت بعدم اقتناع:

-"انت أصلا لا تهتمين لأمري كثيرا فكيف سيهددك بي؟!"

وجمت ليزا وقالت:

-"فعلا!..لا أهتم لك كثيرا، اذا قال لي سأطلق النار على رأسها فلن أهتم...حسنا يا جيني...على كل حال لماذا جئتي؟!"

تنهدت جيني وتجاهلت كلام ليزا ثم قالت:

-"هل لك يد في فضيحة فيندار؟!..لا أصدق نفسي!"
-"بلا يا جيني...أنا من فضحتهم ووجهت لهم كل تلك التهم، هل من خطأ؟!"

جحظت عينا جيني وقالت بانفعال:

-"كيف تفعلين ذلك يا غبية؟!"

اشاحت ليزا نظرها عنها بعدم مبالاة...تنهدت جيني وقالت:

-"لا يمكنني التدخل بما تفعلين على أي حال، لكن أريد أخبارك انني قلت للدكتور انك تعرضتي لإنتكاسة صحية واجبرتك على الغياب"

هزت ليزا رأسها وقالت ببرود:

-"شكرا"

تأملتها جيني لبعض الوقت وأيقنت أن ليزا ليست في مزاج جيد للكلام او لرؤية وجهها حتى فوقفت وقالت:

-"علي أن أذهب الآن، لا أريد أن يراني جوناثان هنا"

لم تهتم ليزا لكلامها فخرجت جيني مطأطئة الرأس .. وعادت من حيث جاءت..

تنهدت ليزا وقد ضايقها كلام جيني، لا تعرف الى متى تظل تثق به هكذا...ولا تعرف كيف ستخرجها من غفلتها!
تمددت على السرير بإرهاق واغمضت عينيها في محاولة لأخذ غفوة...
لكن عقلها كعادته انشغل في نبش كل الماضي والحاضر ... تأففت وانقلبت على الجهة الأخرى معاندة للأرق ... وتنادي النوم...


~~**~~**






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-08-17, 12:04 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي












رمشت عدة مرات عندما شعرت بشيء يمشي على رموشها، سرعان ما ابتعد ذلك الشيء عن عينها ففتحتها جيدا مع عينها الأخرى لترى جوناثان يقف امامها بابتسامته المنحرفة لخده اليسار...شهقت وقالت بانفعال:

-"ماذا تفعل هنا!"

جلست ورمقته بنظرات حادة جدا ... لم تتغير ابتسامته وقال :

-"وأخيرا استيقظتي...منذ خمس دقائق وانا احرك رموش عينيك لتقومي"

رفعت حاجبها وقالت :

-"ولماذا استيقظ هل أفهم؟...لرؤية وجهك مثلا؟!"
-"أليكس ينتظرك في الأسفل، يقول ان لديكما موعد او ما شابه..حقا؟!"

جحظت عينيها ووقفت بسرعة ... قالت بارتباك:

-"كم الساعة الآن؟!"
-"الخامسة..او الخامسة والنصف..او بينهما"
-"اخرج من الغرفة بسرعة"

خرج بدون نقاش فبدلت هي ملابسها بسرعة ووضعت هاتف السيدة ويل في حقيبتها وخرجت من الغرفة تركض نحو الدرج...وقفت واخذت نفسا عميقا واعادت اليها ملامح البرود ثم نزلت الدرج بخطوات ثابتة ... فالتفت جيمع من كان يجلس في الصالة اليها بعد ان سمعوا صوت خطواتها..
عندما نزلت آخر درجة قال فرانسيس:

-"أرجو ان يكون كل شيء بخير"

اجاب أليكس ببرود:

-"لا تقلق"

نظر جون الى أليكس وأومأ له بحركة غير ملحوظة فابتسم أليكس وقال:

-"هيا دعينا نخرج عزيزتي ليزا"

رمقته ليزا بنظرة استصغار ثم نظرت الى السيدة ويل التي كانت تقف بعيدا وتتأملها بخوف، اغمضت ليزا عينيها بمعنى انها ستكون بخير فابتسمت السيدة ويل مداعبة قلقها...
مشت ليزا ببطئ نحو يد أليكس الممدودة لها ووضعت يدها بها ليخرج كلاهما معا...
نظر فرانسيس لجون وقال:

-"لنكمل حديثنا، لماذا تريد الذهاب لمنزل أليكس؟"
-(بهدوء غريب)"هناك شيء خاص بي نسيته عنده واليوم احتجته...سأحضره"
-"لماذا لم تطلب من أليكس احضاره؟"
-"لم أكن اعرف انه عنده...قبل قليل سألته عنه فقال انه رآه في غرفتي التي كنت فيها عنده"

هز فرانسيس رأسه بعدم اهتمام وتابع مشاهدة الاخبار التي تناقش موضوع آل فيندار...فخرج جون من المنزل ..

ظل كل من ليزا وأليكس صامتين طوال الطريق للمطعم...وعندما وصلا قالت ليزا بابتسامة سخرية:

-"ألا تلاحظ انك ابتعدت كثيرا عن المنزل؟!"
-"وهذا المطلوب...هيا انزلي"

قال جملته ونزل قبلها ليدخل المطعم ويحجز لهما طاولة، تبعته ليزا وهي تشعر ببعض التوتر...حفظت الطريق جيدا، وقرأت اسم المحل بكل تركيز وكانها تخاف ان يفوتها حرف، جيد ان هذا المطعم لا يبعد الا عشر دقائق الى ربع ساعة عن الشركة في حال قاد نيكولاس بسرعة كبيرة!
جلست مقابل أليكس ورمقته بنظرات تقييم؛ وكأنها تشخص حالته النفسية الآن لتعرف بأي أسلوب تتكلم معه...قال هو بابتسامة جانبية:

-"إذن ليزا، كيف حالك؟"
-"أدخل في الموضوع يا أليكس"

تجاهل كلامها وأشار للنادل كي يأتي..

-"دعينا نأكل شيء ما قبل ان ابدأ!"

شعرت انه يريد التلاعب بأعصابها فانتشلت الهاتف من الحقيبة بخفة دون ان ينتبه لها وهو يراقب النادل وهو يقترب، أرادت ان تكتب رسالة لنيكولاس لكن لم تستطع بسبب أليكس الذي قال:

-"ماذا تريدين يا ليزا؟"

نظرت نحوه ببرود ثم نظرت للنادل وقالت بلهجة حاده:

-"لا أريد شيء، فقط أريد الذهاب لدورة المياة..هلّا تدلني عليها؟"

ابتسم النادل وقال بلباقة:

-"بالطبع آنستي، تفضلي معي"

اسقطت ليزا الهاتف في الحقيبة ثم حملتها ومشت مع النادل بينما أليكس ينظر اليها بنظرات متفحصة...دخلت للحمام واغلقت الباب خلفها..ولم يكن فيه احد غيرها...وقفت امام المرآة لتنظر لنفسها قليلا ثم اخذت الهاتف وبعثت رسالة لنيكولاس محتواها هو انا في المطعم بجانب السينما الاقرب للشركة, تعال بسرعة...لا أظن ان أليكس ينوي خيرا، وربما تكون هذه آخر مره أخرج بها من المنزل)

وبمجرد ان ضغطت زر ارسال انفتح الباب بقوة، شهقت بجفلة ونظرت للشخص الذي فتحه فرأت أليكس!...قال وهو يمشي نحوها بسرعة:

-"هل تظنينني غبي لتستغفليني؟!..كنت اعلم انك لم تعودي عبثا"

كان يوجه نظره للهاتف ... فرمته الى أحد غرف المرحاض بقوة، اما ان يكون قد انكسر او وقع في ماء المرحاض!...عندها عرف أليكس انها فعلا تنوي لشيء غير جيد فقال من بين اسنانه:

-"مع من كنت تتحدثين؟!"

وقف امامها ولا يفصل بينهما الا بضع انشات ووجهه مقابل لوجهها ليلفحه بانفاسه الحارة...قالت ببرود مستفز :

-"لا شأن لك"

اشتعل غضبا فامسك بعضدها بقوة وسحبها الى خارج الحمام دون اي مقاومة منها او صوت...قال وهو يشد اكثر على ععضدها:

-"ماذا تنوين ان تفعلي؟...مع من تكلمتي؟..سام؟..جوهان؟"

كان نيكولاس ينتظر اتصال او رسالة منها بترقب...فما ان وصلت رسالتها حتى رآها فوضع قبعته الانيقه على رأسه ولبس النظارات ووقف بسرعة متجه لخارج مكتبه، صادف سام في طريقه فقال:

-"سأذهب لجلب ليزا، اجلب ثلاث او خمس رجال احتياطا ودعهم يلحقون بي معك"
-"ماذا؟..لن ادعك تذهب لوحدك!"
-"نفذ ما طلبته منك فقط"

ثم تركه وتوجه مباشرة لمواقف الشركة الخاصه بهم...شغل سيارته وقادها بسرعة كبيرة مخترق جمع الصحفيين الذين يريدون أي شيء يصورونه، لكن سرعته لم تمكنهم من اللحاق به!

دفعها الى كرسيها بقوة فجلست عليه بهدوء...ازداد غضبه اكثر من هدوئها الغريب هذا فجلس امامها ... اشار بسبابته نحو رأسه وهو يقول:

-"فكري بمصلحتك ليزا ، انت تحت قبضتي الآن ويمكنني فعل أي شيء بك..اخبريني ماذا تنوين عليه"

ابتسمت بسخرية ورمقته بطرف عينها ووضعت قدم فوق الاخرى وهي تكتف يديها وتقول:

-"اذن جئت بي الى هنا لتحقق معي ؟...وان اخبرتك، ماذا أكسب بالمقابل؟"
-"أجل لأحقق معك هل عندك مانع؟!..ليزا، لا تجعلي اعصابي تثور أكثر"

تجاهلت كلامه واشاحت بنظرها بعيدا عنه وهي تقول في نفسها (تحتاج لربع ساعة فقط يا نيكولاس، ارجوك اسرع، قبل ان يفعل هذا المعتوه شيء ما يخرب كل خطتي!)
ضرب أليكس الطاولة بعصبية فالتفت الاشخاص القليلين الموجودين في المطعم نحوهما...نظر حوله ثم همس بغضب:

-"ليزا، انصحك بان تكسبينا لجانبك افضل لك..اظن ان نيكولاس الآن يتطلع لقتلك!"

لم تشأ ليزا ان يخرجها أليكس من المطعم وكانت هناك طريقة واحدة لاستفزازه واجباره على الجلوس هنا لمدة اطول...وقفت وهي تعدل حقيبتها على كتفها وتقول:

-"أريد العودة لمنزل ابي...هيا امشي وخذني اليه"

كم يكره نبرة الامر والثقة الزائدة في صوتها!..وكم تستفزه لهجتها الحادة الصارمه!...امسك يدها واجبرها على الجلوس مرة أخرى وهو يقول بصوت كالفحيح:

-"لن نذهب لأي مكان قبل ان تخبريني بكل ما يدور في عقلك الحقير هذا"

لم تستطع كبح ابتسامة النصر فظهر له انها تتحداه بابتسامتها فأصر على معرفة ما يجول في بالها اكثر..رفعت يدها لتشير للنادل لكي يأتي فجاء اليها مسرع....قال بلباقة:

-"كيف استطيع خدمتك آنستي؟"
-"أريد كأسين من العصير البارد..لتنخفض حرارة أحدهم"

انحنى النادل باحترام ثم توجه للمطبخ..حاول أليكس تهدئة نفسه فهو في مكان عام ولا يجب ان ينفعل ...

مرت عشر دقائق أخرى ثقيلة جدا على كاهل ليزا وهي تحاول امتصاص غضبه احيانا..واشعاله في احيان أخرى..
وانفتح باب المطعم، دخل نيكولاس بخطوات ثابتة..ساعدت كل من القبعة والنظارة في اخفاء شكله مبدئيا مع انشغال الناس في الكلام والاكل فلن يلاحظوه بسهولة...متوجها الى احد العاملين..همس له:

-"سأحجز المطعم كاملا لساعة...والآن فورا، دع الجمي يخرجون ما عدا من يجلس هناك"

اكمل جملته وهو يشير الى طاولة ليزا وأليكس، ثم اعطاه شيك بـ50 ألف...عندما رآى النادل اسمه على الشيك والمبلغ الكبير فما كان منه الا ان يتوجه مباشرة الى المدير بعدما حذره نيكولاس من الاشهار باسمه..
كانت ليزا تهز رجلها بتوتر وهي تحدق بأليكس...لم تعد فيها طاقة لتجنب اسئلته وشكوكه، وضع نيكولاس يده على الطاولة فالتفت اليه كليهما، لم يميزه أليكس للوهلة الأولى لكن ليزا عرفته مباشرة فبدأ قلبها يخفق بقوة وسرعة كبيرة!..جلس نيكولاس وقال بابتسامة ساخرة:

-"اشتقت لكما كلاكما!"

سحب كأس العصير من أمام أليكس وارتشف منه، ذاك الأخير ربط لسانه من الصدمة وهو جاحظ العينين...نظر الى ليزا لعله يجد تفسير فوجدها تنظر لنيكولاس بنظرات غريبة لم يفسرها..لكن بالتأكيد ليست خوف!

بدأ الزبائن بالخروج من المطعم متذمرين بطلب من العاملين ، كان نيكولاس يراقبهم وهم يخرجون بنظرات باردة، فأيقن أليكس انه حجز المطعم فأخرج هاتفه من جيبه وكتب رسالة سريعة لجوناثان مع الحرص على ان لا يراه نيكولاس او ليزا..
عندما اصبح المطعم فارغ الا من العاملين...انزل نيك قبعته ونظارته ببطئ ثم قال:

-"ليزا ليزا ليزا..هكذا خنتيني ببساطه؟!"

واتبع جملته بابتسامة سخرية...وقف أليكس وقال بانفعال:

-"ابتععد عنها يا نيكولاس، لم تعد تخصك"

نظر اليه نيك وكانه ينظر الى حشرة ثم قال:

-"أليكس هنا...لم أرك!..فلا أرى الحشرات التي تحت قدمي!...امشي امامي ليزا"

اكمل جملته ووقف...قبل ان تتحرك تلك الاخيرة امسك أليكس بيدها وقال باندفاع:

-"هي فعلت ما يجب فعله، لن اسمح لك بالاقتراب منها"

ضحك نيكولاس ضحكة مستفزة جدا فسحبت ليزا يدها بعنف منه ووقفت بجانب نيك قائلة:

-"اعذرني..فليس هناك لبؤة تبقى بجانب الظبي بوجود الأسد"

احاط نيك كتفيها بيده وهو يبتسم بشماته على ملامح أليكس المصدوم، استدار معها ليخرجا لكن فاجأه دخول جوناثان رغم منع النادل له..توقع حدوث شيء كهذا لكن تمنى ان تخيب ظنونه!..قال بصوت عالي:

-"نيكولاس نيكولاس نيكولاس..عزيزي..هل كنت ستذهب دون ان تلقي علي السلام؟"

ثم نقل بصره لأليكس وأومأ برأسه بخفة دليل على ان الامر تم، قال نيك:

-"لا أصدق عينيّ!...ما اجمله من اجتما لنا الثلاثة!...دعونا نجلس ونشرب كوبا من الشاي!"
-(همست ليزا)"ماذا سنفعل؟"
-(همس لها)"دعينا نستفزهم قليلا"

اشار نيكولاس بيده نحو العاملين وقال بصوت متهدج:

-"اذهبوا جميعكم الى المطبخ..هذا اجتماع لا يهمكم"

توجهوا بدون نقاش الى المطبخ...جلس نيكولاس على احد المقاعد باسترخاء وطلب من ليزا الجلوس بجانبه ففعلت..كان أليكس لا يزال مصدوما من ما يراه، لا يعرف هل هو مصدوم اكثر من ردة فعل نيكولاس الهادئة تجاه خيانتها ام من حقارتها وعودتها ليه وكانها لم تفعل شيء!؟
قالت ليزا ببرود:

-"لماذا انت شاحب يا أليكس؟...مصدوم؟...دعني اخفف وطأة الصدمة عنك قليلا، كل ما فعلته كان تمثيل، لمصلحة اردتها لي، ونيكولاس على دراية بكل شيء!"

جحظت عيني جون وأليكس بصدمة أكبر...ان الفضيحة التي رمتها ليزا للاعلام ، انها شيء لا يغتفر!..كيف سمح لها نيكولاس بالتلاعب بمستقبل الشركة هكذا؟!...قال نيكولاس:

-"تعالوا واجلسوا معنا، لا تخجلوا..المطعم مطعمي!"

شد أليكس على اسنانه بقهر، وضع جون يده على كتفه ليهدئه قليلا ثم مشى نحو الثنائي وجلس قائلا:

-"واو نيك، لقد وجدت شريكة حياة بمثل حقارتك ..تهاني!"
-"شكرا، لا داعي للإطراء"

قالتها ليزا عندما جلس أليكس بجانب جون..قال الأخير:

-"حسنا، دعوني احزر، زواجكما من أي نوع؟..أعمال مشتركه؟..مصلحه؟...تسليه؟...بج ميع الأحوال لن يكون حب كما نقلت الصحافة أكيد"

وابتسم عند أخر جملة...رد عليه نيكولاس ببرود:

-"تعرف انني لا احب ان يسألني احد عن خصوصياتي يا جون"
-"نيك عزيزي..هذه ليست خصوصيات..هذه أعمال!"

تدخلت ليزا في المحادثة:

-"بالمناسبة، ارجو ان يصور لي احدكم ردة فعل فرانسيس عندما يعلم بالخبر!"

بدأ قلق نيكولاس يشتعل، من المفترض ان يكون سام قد وصل مع الرجال...لكن أين هم الآن؟! يخاف ان يتدخل رجال أليكس في أي لحظة .. فلن يستطيع اخذ ليزا ولا النجاة بنفسه!...وقف ونظر الى أليكس الذي يتكلم مع ليزا بععصبية دون ان تعطيه الأخيرة أي اهتمام ثم قال:

-"اجتماع ظريف، لكن للأسف، لدي أعمال اهم منكم"

مشى خطوة للأمام فوقفت ليزا لتتبعه..لكن جوناثان كان اسرع منها...وقف وامسك يدها وهو يقول:

-"ليس بهذه السرعة نيك، دععني اضيفك على حسابي!"

حاولت ليزا سحب يدها منه لكنه وبسرعة مفاجئة لفها ليصبح ظهرها ملاصق لصدره ثم كتف يديها الاثنتين بقوة حتى لا تقوم بأي ردة فعل، أيقنت ليزا انه مهما فعلت لن تهرب منه وهو بكل تركيزه هذا...
ظل نيكولاس محافظ على بروده وهو يقول:

-"جون..اتركها افضل لك"

ابتسم بسخرية وظل يكبل ليزا...مشى نيكولاس خطوتين نحوه لكن أليكس أنقض عليه ولكمه على وجهه بقوة وهو يصرخ:

-"لا تتوقع ان نتركك تأخذها ببساطة!"

لمس نيك ذقنه ثم نظر الى أليكس ببرود وقال:

-"ابتععد عن طريقي فأنا لا أحب ضرب البنات!"

اشتعل أليكس غيظا فوق غيظه وانهال على نيك بلكمات قوية وسريعة...استطاع نيك تفادي اغلبها لكن طالته بعضها...عندما طفح به الكيل سدد ركلة لبطن أليكس فاندفع الأخير للخلف خطوتين بألم...تسارعت دقات قلب ليزا اكثر خوفا على نيكولاس لكن ما بيدها شيء لتفعله!
اشتعل شجار بين الاثنين..يتلقى كل واحد منهما ضربات ليست هينة..استغل جوناثان انشغالهما وسحب ليزا للباب..لكنها بدأت تقاومته ومحاولة الفرار من قبضته..همس بجانب اذنها بخبث:

-"لن تهربي مني ابدا"

صرخت بغضب:

-"اتركني والا..."

عندما صرخت التفت نيكولاس اليها واشتعل غضبا وهو يرى جوناثان يحاول جرها للخارج...امسكه أليكس من ياقته وصرخ:

-"ستلحق بوالدتك قريبا."

كل ما يفكر به نيكولاس الآن هو استعادة ليزا ولن يتردد في قتلهما معا من أجل هذا...
احاط وجه أليكس بيديه وضرب رأسه بجبينه ثم امسك شعره ودفع رأسه للطاولة بقوة ففقد أليكس وعيه من الضربة، او هذا ما ظنه نيكولاس الذي ركض الى جوناثان ليحرر ليزا منه ليدرك الأخير انه بحاجة يديه للدفاع عن نفسه ضد هذا الاعصار فترك ليزا ودفعها بعيدا عنه لتسقط هي أرضا...
لكمه نيكولاس .. لكن قبل ان تصل يده لوجهه امسكها جوناثان بسرعة، صرخ نيك:

-"ليزا أخرجي من هنا بسرعة"

هزت رأسها بالنفي وكأنه يراها، انها لن تتركه بوضعه هذا ابدا...انتبهت لحركة أليكس الذي بدأ يستعيد تركيزه، ثواني..ووقف على قدميه...كان ينظر الى ظهر نيكولاس الذي يمسك بيد جوناثان ويده الاخرى يمسكها جوناثان!...كان ينظر اليه بكل حقد، همس:

-"سأقتلك يا وغد"

عندما فتح سترته وظهر مسدسه على خصره انقطعت انفاس ليزا من الخوف على نيك...وتوقف الزمن من هول هذه اللحظة!...سبع ثواني فقط فصلت بين ان يمد أليكس يده للمسدس ويسحبه ويوجهه الى ظهر نيك...سبع ثواني فقط كانت كافية لليزا التي نهضت وركضت بروحها لتقف بين الرصاصة التي انطلقت من فوهة المسدس وبين نيكولاس الذي يبعد عنها ثلاث أمتار...وجملة واحدة ببالها: (لن أسمح لكم بخطف روح شخص آخر أحبه)..
وقفعت ليزا هناك في اللحظة التي ضغط فيها أليكس على الزناد...لكنه انصدم لرؤيتها تقف حاجزا!...كيف ظهرت امامه فجأة لا يعرف!
حتى الرصاصة التي تخترق سرعة الصوت تمنت لو انها تعود الى داخل المسدس قبل ان تمزق بطن ليزا وتستقر في احشائها!
(ماذا سيفعل فرانسيس لو علم انني اطلقت النار عليها!) هذا ما كان يفكر به أليكس!
جزء من الثانية فقط فصلت بين صوت اطلاق النار وبين التفات نيك وجون الى مصدره...فرأوا أليكس يمسك المسدس ويوجهه نحوهما، بل بالأحرى نحو ليزا التي ارتدّت للخلف خطوتين..وباغتها ألم فظيع لم تشعر به من قبل..من شدة ألمها لم تستطع ان تصرخ حتى!..اكتفت بآهة خافته مخنوقة عميقة خرجت من اعماق صدرها...
ارتخت يد أليكس وسقط منه المسدس وهو جاحظ العينين وشاحب الوجه...وكانت صدمة نيكولاس وجون اكبر!...ابتعد جون خطوة معلنا انسحابه...وعاد الزمن يسير بسرعته الطبيعيه، أشار جون بعينيه لأليكس كي يلحقه فركض أليكس خلفه تاركان ليزا ونيكولاس المصدوم..
حركت ليزا يديها ووضعتها على الجرح ثم أخرجت صرخة مكتومة..جثت على ركبتيها ببطئ خشية ان يزداد ألمها...ركض نيكولاس اليها ، جلس أمامها وهو يقول بتوتر:

-"لماذا ليزا؟!..يا اللهي!"

امسك كتفيها وساعدها على الجلوس وهو ينظر الى مكان الجرح الذي غرق بالدم!...استطاعت ليزا تحرير صوتها أخيرا وأخرجت آهات الألم العالية..انزلت رأسها بتلقائية الى كتف نيكولاس وهي تتألم وتتأوخ...كان الأخير مرتبك لا يعرف ماذا يفعل او كيف يتصرف!
شدت ليزا بيدها الأخرى على كتفه من الألم فشعر بأظافرها تخترقه مع آهاتها التي تعبث بكيانه!
ابعدها عنه ثم مددها على الأرض بحذر شديد وهي تتألم وبياض عينيها صار مائلا للحمار بسبب اعصابها المشدودة، كتمت انفاسها رغما عنها؛ ففي كل نفس تأخذه تشعر برصاصة أخرى دخلت جسدها...
ازاح نيكولاس يدها عن بطنها محاولا رؤية موقع الجرح بالضبط لكن الدم وارتباكه منعاه من رؤيته!
قال :

-"ارجوك تماسكي ليزا، تماسكي"

نظر الى العاملين الذين خرجوا على صوت اطلاق النار وانصدموا من الذي رأوه!
اقتحم سام المكان وتفاجأ عندما رأى منظر ليزا والدم يملأ قميصها والأرض..ويظهر القلق والارتباك على وجه نيكولاس..ما كان منه الا ان صرخ:

-"نيكولاس...ماذا تنتظر، احملها وتعال"

كان صوت سام لوحده داعم نفسي له فاستيقظ من ارتباكه وحملها بحذر رغم ألمها وخرج خلف سام الذي قال لرجاله ان يدخلوا للمطعم ويأخذوا تسجيلات الكاميرات ويفعلوا اللازم لمنع العاملين من قول حرف واحد...
فتح سام باب سيارة نيكولاس الخلفي فوضع الأخير ليزا فيه ثم استدار حول السيارة ليفتح الباب الآخر ويجلس عند رأسها بعدما وضعه على فخذه..
شغل سام السيارة وانطلق بأعلى سرعة نحو أقرب مستشفى...
كانت ليزا تمسك بيد نيك وتشد عليها بقوة من الألم بينما يده الأخرى يشد بها على كتفها .. كانت تصرخ وتتأوه وتتلوى...بينها وبين نفسها سعيدة لأنها أخيرا استطاعت حماية احد احبائها من الموت بعد ان فقدت أثنين!
لكن بما ان اصابتها في مكان حساس جدا ومليء بالاعضاء الحيوية، هي تعرف ان نسبة نجاتها ضئيلة، لهذا قالت من بين آهاتها:

-"نيك...قد أفقد الوعي في أي لحظة، يجب أن تسمعني.."

تأوهت قليلا ثم أكملت رغم رفض نيك الذي يريدها ان تحتفظ بطاقتها:

-"هناك امرأة ستأتي للقصر ...ستعطيك لابتوب..فيه كل المعلومات التي تحتاجها، لكنه محصن جيدا...كلمات السر فيه كلها موحدة وهي AF16b2m5L7 ..انتبهوا للحروف الكبيرة والصغيرة، سجل ذلك سام"

صرخت صرخة خافته وتجمعت الدموع في عينيها من الألم، بدأ شدها على يد نيكولاس يخف..فصرخ:

-"لا لا لا...ليزا، لا تفقدي الوعي، انظري الي...ركزي معي وتكلمي في أي شيء، ليزا!"

ابتسمت ثم عادت تعقد حاجبيها وتحاول فعلا البقاء واعية...
هدأت حركتها قليلا واغمضت عينيها فانسابت دمعتها على خدها...لكنها ظلت تضغط على يد نيكولاس لتشعره انها لم تفقد الوعي...وتشبع لهفة قلبها واشتياقها له، بينما كان هو يهز كتفها ويطلب منها فتح عينيها..لكنها لن تتمكن من ذلك، وفجأة وجدت نفسها في صالة منزلهم...طفلة عمرها ثمان سنوات...تتدرب على فنون الدفاع عن النفس مع مدربها الصارم...و اخيها يتزحلق على الديرابزين ويصرخ:

-"ليزاا...تعالي نلعب انا وانت"

تركت تدريبها وركضت الى مايلز بسرعة، امسك يدها وخرج معها الى الحديقة والمدرب يناديها دون ان تكترث..لكن فجأة تحول كل شيء لغرفة مليئة بالحواسيب ذات الشاشات السوداء والتي تعرض لغة (01) تهطل بسرعة كالمطر..
وقد صار عمرها 13!..ثم رأت حقيبة من النقود تطير فوق رأسها...وبعدها التفتت نحو صوت مايلز يناديها لتذهب معه الى منزلهما المعزول عن المدينة...


~~**~~**


هزها نيكولاس لتستيقظ من غيبوبتها لكنها لا تستجيب ويدها ارتخت كليا...كان سام ينظر اليهما من المرآة كل لحظة .. قال بقلق:

-"اصابتها خطيرة جدا...لا اعرف ان كانت ستنجو"

رفع نيكولاس رأسه ونظر اليه بحدة وهمس:

-"هي ستعيش، يجب أن تعيش!"

لم يجبه سام .. مرت دقائق أخرى حتى توقف امام مدخل الطوارئ ونزل يصرخ وينادي الاطباء..
ثم فتح باب ليزا وحملها و قال لنيك:

-"لن تنزل...سيتعرفون عليك"

ضرب المقعد بقهر .. لكنه سرعان ما تذكر وجود قبعة في جيب السيارة، وضعها على رأسه بسرعة .. كانت قبعة رياضية لا تتناسب مع بذلته الملطخة بالدماء...نظر الى الدم الذي على المقعد فأغمض عينيه ثم نزل من السيارة، لحق بالممرضين الذي جلبوا نقالة ووضعها سام عليها...
ركضوا الى العمليات بسرعة...كان الناس منشغلين باصاباتهم وبوضعهم فلم يكونوا لينتبهوا لنيك..واذا ما نظروا نحوهم فسيراقبون جسد ليزا وليس وجهه..
لم يكن هناك امام العمليات الا شخص او اثنين، منع الممرضين دخول نيك وسام وهم يقولون:

-"ممنوع الدخول"

قبل ان يغلق الباب دفعه الجراح الذي ركض بسرعة نحوهم ودخل ليرى ليزا...
مسح نيكولاس على وجهه بتوتر وأدار وجهه للحائط...
وضع سام يده على كتفه ولم يعرف ماذا يقول...فهو بحاجة لمواساة أكثر من نيكولاس...قال الأخير ببرود:

-"لماذا تأخرت؟"

حاول سام فهم سؤال نيكولاس قليلا ثم اجاب:

-"آه، لقد منعنا رجال أليكس من المجيء وقطعوا علينا الطريق، لكن فجأة انسبحوا من المكان فأتينا مسرعين.."


~~**~~**


-"هل انت سعيد بما فعلت الآن؟!"

صرخ جون وهو يقود السيارة بسرعة...فأجاب أليكس بصراخ هو الآخر:

-"لم أكن أريد اصابتها، هي وقفت فجأة امامي!!"
-"يا اللهي يا اللهي يا اللهي...لا يجب ان يعرف فرانسيس بهذا!"
-"أعلم انه لا يجب أن يعرف!"

صمت كلاهما قليلا...لكن سرعان ما عاد جون يعاتبه:

-"هل كان ضروري ان تنقض على نيكولاس كالثور الهائج!؟..كان يمكن ان نفعل شيء آخر وليزا في قبضتي"

مسح أليكس الدم الذي يسيل من جبينه وانفه ثم قال:

-"لم أسيطر على أعصابي.."
-(بصراخ)" هذه ليست حجه!...لو عرف ماكس بما جرى اليوم لن يعجبه هذا أبدا!"
-"جون اصمت رجاءا...وكأن هذا يعجبني مثلا، أن أراهما يتآمران علينا ونحن كالبهائم مصدقين لها!"

قال جون بتفكير :

-"أتعلم، اظن ان شيء ما آخر لا نعرفه..يستحيل ان يسمح نيكولاس لليزا بأن تتلاعب بمجد فيندار لمصلحتها!"
-"أعلم...وهذا ما يحيرني وما جعلني أصبح غاضب أكثر، طبعا..إن نيكولاس لا يهتم بفيندار!..على أي حال هو منحدر من عائلة أخرى عريقة اكثر منها!"

ضرب جون المقود بعصبية ثم قال:

-"دعني آخذك لعيادة لتقطب جبينك"
-"أوف...حسنا هيا"


~~**~~**


مرت ساعتين وليزا في العمليات ، ونيكولاس وسام على اعصابهما...
وأخيرا خرج الجراح ، هرعوا اليه فسأل بهدوء:

-"ماذا حدث؟..وماذا تقربون للمصابة؟"

رد نيكولاس بانفعال:

-"هل هذه أسئلة مهمة الآن؟!..قل لنا كيف حالها أولا"

رمقه الجراح ببرود لكن سرعان ما تغيرت ملامحه للتفاجؤ عندما ميز وجهه..قال بصدمة:

-"نيكولاس فيندار؟!"

اغمض نيكولاس عينيه في محاولة لتهدئة نفسه ثم اجاب من بين اسنانه:

-"أجل...نيكولاس فيندار، والتي في الداخل زوجتي...قل لي كيف هي الآن"

رمش الطبيب اكثر من مرة ثم اجاب:

-"انها ... انها بخير الآن، توقف قلبها لدقيقتين لكن..لكنها ستكون بخير"

سأل سام بتوتر:

-"هل اصابتها خطيرة لهذا الحد؟؟!"

فكر الجراح قليلا كيف سيصف لهما لكن لن يفهماه فاكتفى بقول:

-"أجل خطيرة...بعض الشيء"

اخذ نيكولاس نفس عميق ثم قال:

-"حسنا، ستأتي بسيارة اسعاف الآن لنأخذها الى القصر"

جحظت عينا الطبيب وقال بانفعال:

-"تأخذها للقصر؟!...لتوها خرجت من العملية وتأخذها للقصر؟!..هل انت..!...لقد اتصلنا بالشرطة أيضا وسيصلون في أي لحظة لأخذ اقوا.."

قبل ان يكمل جملته قال نيكولاس بغضب:

-"ماذا فعلت؟..اتصلت بالشرطة؟!..من طلب منك هذا؟!"
-"انه جزء من عملي سيدي...ان زوجتك تعرضت لاطلاق نار وهذا ..."

قاطعه أليكس بنبرة حادة:

-"ستذهب للشرطة وتأخذهم لأي مريض يحتاج للشرطة...واما زوجتي فلا أريد أن يعرف أحد أي كان انها كانت في هذا المستشفى او انها تعرضت لاصابة..لا أريد أن يعرف كائن انني كنت هنا اصلا...موضوعها اتركه لي"
-"لكن سيدي!...القوانين.."
-"انا فوق القوانين، ولا أهتم بالقوانين...اسمع، كما دخلنا..سنخرج"
-"لكن يجب أن ندخلها ال icu ..يجب أن نطمئن على حالتها..يجب أن نتابعها...انها بحاجة للعناية الطبيه!"

نظر نيكولاس لسام ثم اعاد نظره للطبيب وقال:

-"ما مقدار الخطر الذي قد تتعرض له ان لم تدخل icu؟"
-(بتردد)"لا أعرف..لا يمكنني أن أحدد، هذه انسانه..وضعا مستقر الآن لكن لا يمكننا التكهن بما قد يحدث فيما بعد..ستكون مخا.."

قاطعه نيكولاس:

-"لن انتظرك لتحدد درجة الخطر، لو بقيت زوجتي هنا فهي مهددة أكثر.. قد يؤذوها بطريقة لن نكتشفها الا بعد وفاتها...في القصر ستكون في مأمن أكثر، طبيب العائلة سيعتني بها جيدا..نفذ ما طلبته منك...واياك ثم اياك ان يعرف أحد بإصابة زوجتي او وجودي هنا...يكفي ان تكتب هذا في تقريرك وتخفيه تحت الأرض!"

لم يعرف الطبيب بماذا يجيب وهو يحدق بوجه نيكولاس المنفعل ... قال سام بهدوء:

-"اهدأ قليلا نيكولاس، يا طبيب..هلا نفذت ما قاله وخلصنا؟"

تسمر الاخير في مكانه لبعض الوقت ثم قال:

-"حسنا، سأجعلهم يجهزون سيارة اسعاف."

هز نيكولاس رأسه برضى وقال:

-"سيقودها سام .. وستذهب انت معنا في طريق الذهاب"

كان يريد ان يعترض لكن نظرات نيكولاس الحادة جعلته يوافق بدون نقاش...







~*~*~انتهى~*~*~



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-08-17, 06:14 AM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي












(خلف الستار)
الكاتبه: ريم أحمد










~*~*~~*~*~


الفصل الحادي عشر.



مر امامها شريط حياتها كاملا، لكن بشكل غريب وغير مترابط!...إلى ان صارت داخل المطعم، اطلق أليكس النار نحوها، لكن الرصاصة لم تصبها!..بل أصابت نيكولاس!
فجأة صار كل شيء أسود من حولها، ومن البعيد يلوح لها كل من مايلز وبريانكا ونيكولاس..يودعونها!

استيقظت بشهقة واندفع جسدها للأمام بجفلة ، لكن سرعان ما ارتدت للخلف من ألم بطنها...أغمضت عينيها بقوة وهي لا تستسيغ ما يحدث معها، لا تعرف أين هي أو ماذا حدث...لماذا تتألم بهذا الشكل أصلا؟!

كان نيكولاس جالسا على الكنبة الكبيرة وبيده الهاتف، لكنه غفى فجأة وسقط الهاتف من يده ليصدر صوتا، جعل ليزا تستيقظ جافلة..فهي كانت في حالة الوعي واللاوعي..شعرت انها بدأت ترى هذا الكابوس منذ فقدت وعيها لكن في الحقيقة كابوسها لم يبدأ الا قبل 15 ثانية من جفلتها...
استيقظ نيكولاس على صوت شهقتها، وآهات ألمها...فذهب اليها بسرعة، اضاء النور الخافت الذي فوق المنضدة ووضع يده على جبينها قائلا بقلق:

-"ماذا حدث؟"

عندما رأت ليزا وجهه استعادت وعيها بالكامل وبدأت تتذكر ما حصل معها، رمشت عدة مرات ووضعت يدها على بطنها ثم قالت بصوت خافت:

-"نيكولاس هل أنت بخير؟"

استغرب منها، تسأله ان كان بخير وهي في حالتها هذه؟!..أجاب بهدوء:

-"لا يجب أن تسأليني انا هذا السؤال، انظري لنفسك...سأنادي الممرضة فورا"

امسكت يده قبل ان يذهب وقالت:

-"لا، انتظر"

اتكأت على يدها الأخرى في محاولة للجلوس لكن ألمها منعها من ذلك كما منعها نيكولاس...امسك كتفيها وثبتها بالوسادة وهو يقول بصرامة:

-"يجب أن ترتاحي، لا تتحركي أبدا"

بلعت آهاتها، ثم قالت بقلق:

-"أخبرني ماذا حدث بعد ان فقدت وعيي؟..أين ذهب أليكس وجون؟"

هز رأسه رافضا الإجابة وهو يقول:

-"أنت تتألمين، يجب أن أنادي الممرضة...لنتكلم فيما بعد"

ومشى لخارج الغرفة، اغمضت ليزا عينيها بقلة حيلة...لا تريده ان يبتعد عنها انش واحد، ليس الآن على الأقل!...
انتبهت لوجود كانيولا في يدها مرتبطة مع انبوب لين صغير يمتد الى كيس مغذي معلق بحاملة خاصة بجانب السرير ليمدها ببعض الطاقة التي اضاعتها...
تنهدت وتلمست مكان الجرح برؤوس أصابعها، لا تريد ابدا ان تعيش تلك اللحظة مجددا...لا تريد ان تتألم كما تألمت وقتها، لكن رغم هذا هي ليست نادمة ابدا على حماية نيكولاس...
بعد قليل عاد نيكولاس مع الممرضة...وقف اسفل السرير يراقب...والممرضة تقول :

-"يبدو ان مفعول المخدر قد انتهى تماما"

كانت ليزا تشعر بوخز مؤلم مكان الجرح لكن في نفس الوقت هي غير مركزة في أي شيء عقلها مشتت في كل مكان...ضخت الممرضة بعض المسكن في وريدها من الكانيولا ثم قالت:

-"سيحتاج لعدة دقائق، ارجو ان لا تتحركي سيدتي...ولا تضغطي على الجرح"

قالت ليزا :

-"اريد شرب الماء"

ظل نيكولاس واقفا مكانه لم يتحرك .. وقالت الممرضه بلطف:

-"لا، ممنوع ان تشربي أو تأكلي أي شيء حتى يسمح الطبيب..وقد يحتاج ذلك لعدة ايام!"

ثم انحنت لها باحترام وانحنت لنيكولاس وخرجت، رفعت ليزا يدها ووضعتها على جبينها مع اغماض عينيها، تشعر بتعب وانهاك كبيرين، تشعر ان طاقتها فعلا تلاشت...
تنهدت وقالت:

-"انا آسفه يا نيك...لقد تصرفت بجنون، وتفاقم الوضع كثيرا، ليس كما خططت"

تأملها قليلا، رغم ان المكان مظلم والضوء الذي بجانبها خافت، الا انك يمكنك رؤية علامات التعب عليها بكل وضوح..الهالات السوداء تحت عينيها وضعف صوتها وشحوب لونها...
اقترب منها وجلس بجانبها ثم قال بهدوء:

-"حاولي ان لا تفكري في شيء الآن"
-"ربما لو حاولت ايجاد طريقة أخرى..."
-"شششششـ"

ارادها ان تصمت، فلا داعي لهذا الكلام الذي تقوله، ما حدث قد حدث، وهو لم يتعرض الا لرضوض خفيفه...على أي حال هو واثق انه لو كان مكانها...لفعل نفس الذي فعلته، هذا جهد اخيها، وانتقامها...لا يمكنه لومها ابدا؛ هو كان السبب في ضياعه بداية وهي استعادته...بالتأكيد كان سيفعل نفس الشيء غير مهتم لأي نتائج.
حل الصمت لبعض الوقت...حتى سألت:

-"كم الساعة الآن؟"

نظر للشرفة وقال:

-"تكاد الشمس تشرق"
-"وانت مستيقظ لم تنم"

انزلت يدها عن جبينها بعد قولها هذه الجملة .. بدأت تشعر بالنعس الشديد...لم يكن بمقدورها مقاومة انغلاق جفنيها حتى...فنامت
تنهد نيكولاس ووقف ذاهبا الى الحمام، عنندما نظر لنفسه في المرآة وجد بقعة زرقاء على خده ، وطرف عينه مزرق أيضا...
هذا غير الجرح الصغير في شفته من الداخل، متناسيا باقي الرضوض التي فيه...نظر للقميص المرمي على الأرض..انه مليء بالدم ، دم ليزا طبعا!
توجه للجاكوزي ليسمح لجسده بالاسترخاء قليلا...

~~**~~**

وقف كل من أليكس وجون أمام فرانسيس الذي تعب وهو يتصل بهما ليأتيا ويشرحا له أين ذهبت ابنته...
صرخ فيهما بعصبية:

-"خرجت ليزا ولم تعد!!...أين ذهبت؟..ماذا فعلتما بها؟!"

توتر أليكس ... فقال جون بتملص:

-"ابنتك خدعتنا جميعنا.."
-"خدعتنا!؟..كيف خدعتنا ومتى؟!"

نظرا الى بعضهما ثم قال أليكس :

-"كل ما فعلت، مجيئها الى هنا..فضيحة آل فيندار..كلها تمثيلية، كانت تريد شيء ما لها..وعندما حصلت عليه اتصلت بنيكولاس ليأتي ويأخذها من المطعم الذي كنا فيه!"

جحظت عينا فرانسيس بصدمة ، لكنه سرعان ما عاد لعصبيته وهو يصرخ:

-"كاذب!...لن يسمح نيكولاس بان توجه هكذا اتهامات لهم!...ثم ما هذا الجرح الذي في جبينك هل يمكنني أن أفهم؟!..لماذا أشعر انكما آذيتماها واخفيتما الأمر؟!..وهذا الجرح منها وهي تدافع عن نفسها!"

قال جوناثان بعصبية:

-"لماذا لا تصدقنا؟!..جرحه هذا بسبب نيكولاس!..لقد تعاركا"

بدأ فرانسيس يمشي ذهابا وإيابا وهو يقول بعدم تصديق:

-"كيف؟!..مستحيل!...لماذا تعاركتما أصلا؟!...انه مكان عام، لن يلفت نيكولاس الانظار اليه!...وفي هذا الوقت اين كانت ليزا .. تراقب مثلا؟..لا مستحيل"
-"كنت اقيدها"

التفت فرانس الى جون ... قال بهدوء بعد صمت دقيقه:

-"حسنا، لنفترض ان كلامكما صحيح، ماذا كانت تريد من القدوم الى هنا؟"

شتت أليكس نظره واجاب بتردد:

-"اسألها هي وليس نحن"

جلس فرانسيس على الكنبة ووضع يده على ذقنه بتفكير، ليس بعيدا ان تفعل ليزا هذا .. لكن ماذا كانت تريد، هذا هو السؤال! كان يتوقع ان هناك شيء ما يحدث غير مضبوط...ولكنه نفى هذه الفكرة من رأسه محاولا اقناع نفسه انها عادت من طيب خاطر!
تنهد وانزل رأسه بحزن...حل الصمت في المكان لعدة دقائق، الى ان قال جوناثان بهدوء:

-"ابنتك تعمل على الانتقام منك، ربما فعلت هذا فقط لتقهرك، قالت بلسانها انها لم تسامحك"

نظر اليه فرانسيس بطرف عينه، ثم قال :

-"لماذا لم تخبراني مباشرة بعد ان أخذها نيكولاس؟"
-"ذهبنا لتقطيب جبيني"
-(بنبرة غريبه)" لكنني اتصلت بكما ألف مره بعدها يا أليكس"

صمت أليكس ولم يعرف ماذا يقول، فأجاب جون بسرعة:

-"لم نعرف كيف سنخبرك بالأمر، ظننا أنها ستكون صدمة لك"

هز رأسه باقتناع ثم اشار لهما ليخرجا...
وفي السيارة قال أليكس باستغراب:

-"أرأيت هدوءه!...لم أتوقع هذا أبدا"

ثنى جون شفتيه ليشير الى انه لا يعرف ماذا يقول ثم شغل السيارة وانطلق...


~~**~~**


أنهى بيتر مهاتفته مع مدير فرع الشركة في تركيا وانزل الهاتف بيده المرتجفه الى طاولة المكتب..اغمض عينيه وحاول تمالك نفسه لكنه لم يستطع، فرع تركيا كان يعاني من ازمة مادية مفاجئة وكانوا سيمدونه بالمال اللازم خلال أيام لكن مع هذه الاتهامات ومع انسحاب بعض الشركات من معاملاتهم ، صار من غير الممكن سحب اي مبلغ من الفرع الرئيسي في بريطانيا فهم بحاجته!...اذا لم يتم حل الأمر سريعا سينهار فرع تركيا وسيتطلب الكثير والكثير من الاموال لإعادة الحركة فيه!
شد على يديه وخرج من المكتب بسرعة، وعندما وصل رأس الدرج صرخ بعالي صوته:

-"أين نيكولاس الأهوج!...نيكولاس!..أين أنت"

نزل الدرج بسرعة ووقف كل من جيسيكا وبيير بتأهب من صوت بيتر المخيف والمفاجئ، بينما حول رون نظره الى الدرج بتوتر...
عندما وطئت قدمه الأرض صرخ مرة أخرى وبغضب أكبر على بيير:

-"أنت وهو جالسين هنا مثل البهائم وشركاتنا تكاد تدمر!...ماذا فعلت خلال الثلاث أيام اخبرني؟!...يا لكما من وضيعين!."

صمت لثانية ليأخذ نفس ثم صرخ بغضب أكبر:

-"أين نيكولاس!!...بسببه حدث كل هذا"

قال بيير بإندفاع وغضب:

-"لماذا تلومني على شيء فعله نيكولاس!..ثم من قال لك انني لم أفعل شيء!...وقعت العقد مع شركة السيارات التي لم تقتنع بالشائعات التي خرجت عنا، ستدعمنا الشركة بأقرب وقت!"

قال بيتر بانزعاج وعدم اكتراث:

-"اصمت بربك، ليس لي مزاج لكلامك ... جيسيكا ، ألم تري نيكولاس؟!"

أجابت جيسيكا بتلعثم:

-"جدي..لا..لا أعلم، خرج يوم أمس الى الشركة و...لا أعلم بعدها، ربما لم يعد بعد"

في نفس هذه اللحظة انفتح باب المصعد ، التفت اليه الجد بيتر وفي باله ان يوبخ نيكولاس أشد التوبيخ لو كان هو ... أراد البدء بالكلام لكن عندما رأى ساندرا تخرج منه ضرب كف بكف ومشى نحو المصعد ليذهب ويرى ان عاد او لا، اوقفته ساندرا باستغراب:

-"جدي لم انت غاضب هكذا؟!"

نظرت لأشكال بيير وجيسيكا، احدهما مشتعل من الغضب..والأخرى متوتره، اعادت نظرها لجدها فقال:

-"نيكولاس هو الذي يغضبني، تكاد شركاتنا تنهار وهو لم يقم بفعل شيء للآن، سأذهب وأرى ان عاد من الشركة أو لا"

قالت بسرعة:

-"بلا عاد!...لكن يبدو انه مريض جدا!"

ارتخت ملامح بيتر بخوف وقال بسرعة:

-"مريض؟!...مريض بماذا؟!"

نظر بيير الى جيسيكا وقال من بين اسنانه:

-"انظري، كان غاضب منه وعندما علم انه مريض نسي كل شيء!...فليمت بهذا المرض..آمين!"

تفاجئت جيسيكا منه ولم ترد عليه، قالت ساندرا بتردد:

-"لا أعلم، بعد منتصف الليل خرجت من جناحي...ورأيت الطبيب براون خارج من جهة جناح نيكولاس، وخلفه سام...اظن انه اتصل به من أجل نيكولاس"

خاف بيتر أكثر وقال على مضض:

-"سأذهب لأراه الآن"

قالت جيسيكا بسرعة:

-"سأطمئن عليه أنا أيضا"

قالت جملتها ونظرت الى بيير بنظرة ذات معنى ، وكأنها تخبره : هذا يبقى ابن عمتك
فزفر الأخير بحرارة ومشى معها الى الجد فقررت ساندرا ان تذهب معهم أيضا...

كان نيكولاس يتربع على الكنبة الكبيرة بحيث يستطيع رؤية ليزا براحته وهي نائمة في سريره ، وفي حضنه اللابتوب الخاص به، يقوم ببعض الأعمال غير مكترث بارتباك الشركة ...
فتحت ليزا عينيها .. رمشت عدة مرات وعقدت حاجبيها، تحاول التركيز لكن كل شيء حولها مشوش، لكن سرعان ما استقر نظرها وتذكرت انها في القصر...تنهدت ثم نظرت ناحية نيكولاس لترى ان كان قد نام او لا، وعبست عندما رأته بكامل تركيزه يعمل على اللابتوب...
استندت على يديها محاولة الجلوس وحدها لكن آلمها جرحها كثيرا فخرجت منها آهة صغيرة كالصرخة، التفت نحوها نيكولاس وأنزل اللابتوب عن رجليه بسرعة وهب اليها...
قال بعصبية:

-"لماذا لا تحبين البقاء ثابتة بالله عليك!؟"

قالت بابتسامة وهي عاقدة حاجبيها بألم:

-"أريد الجلوس"

هز رأسه بقلة حيلة ولف ذراعه حول خصرها وذراعه الأخرى على ظهرها ليساعدها في الجلوس ، فشعرت ليزا بمرور تيار كهربائي في جسدها جعل قلبها ينتفض واختفت ابتسامتها!
نست كل شيء حتى ألمها، لم تعد تحس بشيء غير لمساته!
أوقف الوسادة وسحب الوسادة الأخرى ووضعها خلف ظهرها أيضا ، كل هذا وملامحه تنم عن عصبيته...تركها أخيرا بعدما تأكد انها مرتاحة وقال:

-"هل هذا جيد؟...سأنادي الممرضة الآن"

قبل أن يستدير سمع صوت طرق على الباب...ثم انفتح، نظر ليرى من دخل ، فوجد انه جده!
بهتت ملامح الأخير عندما رأى ليزا التي بدورها تفاجأت عندما رأته...نظر الى نيكولاس الذي كان بارد من دون أي انفعال ... تقدم بضع خطوات وهو يشير الى ليزا، يحاول تكذيب عينيه لكن لا يمكنه جعل الحقيقة سراب!...قال بصوت أشبه بالهمس:

-"ليزا!"

دخلت جيسيكا بعدما انهت نقاشها الهامس مع بيير لتنصدم الأخرى من وجود ليزا، وتنتقل صدمتها الى بيير وساندرا!
تكلم الجد مرة أخرى ولكن بصوت أعلى ومفعم بالغضب:

-"ليزا هنا!!...لماذا هذه الحقيره الخائنة هنا؟!...ما الذي تفعله هنا!!"

كتف نيكولاس يديه بعدم اهتمام وقبل ان يقول أي شيء .. سبقه بيير:

-"هذا يعني انك متعاون معها ضدنا!؟..لم أرى أكثر منك وقاحة من قبل!...بل أنت الوقاحة بعينها!...تجلبها للقصر يا نيكولاس!..تجلبها للقصر!!"

تأفف نيكولاس ، كم يكره ان يدخل أحد لغرفته .. بالكاد يطيق دخول جده ، قال بلامبالاة:

-"سأشرح لكم فيما بعد الآن اتركونا"

شد الجد على اسنانه وهو يشعر بازدياد دقات قلبه...تقدم نحو ليزا بسرعة وبباله يريد خنقها والتخلص منها، أخذت عقل حفيده ودمرت العائلة...وتعود للقصر أيضا!
قال من بين اسنانه وهو يكاد يصل اليها:

-"ايتها التافهه الحقيرة..كيف تعودين الى هنا"

وضعت جيسيكا يدها على صدرها بخوف من الذي سيحدث وظلت ساندرا تقف خارج الغرفة تراقب بتأهب...
قالت ليزا بسرعة :

-"انتم لا تفهمون، يمكنني الشرح"

لم يهتم بيتر لكلامها وكاد ان ينقض عليها لولا ان نيكولاس وقف حاجزا بينهما ... وضع يده على صدر جده وأبعده بلطف للخلف قليلا ثم قال:

-"ان كنت لا تمانع، دعنا نتحدث في الأمر خارج الغرفة"

زاد غضب الجد وزادت دقات قلبه سرعة ، لم يكن بيده الا ان يستدير ويتوجه للباب ... ليس بيده فعل شيء وحفيده يقف حائلا بينه وبين هذه العدوة الجديدة للعائلة!

لحق الجميع ببيتر فاستدار نيكولاس لليزا وقال:

-"سأذهب وأحل الأمر.. لا تتحركي من مكانك"

قالت بسرعة:

-"نيكولاس انا يمكنني ان اشرح الأمر، يمكنني حلـ..."

قاطعها بصرامة:

-"سأذهب الآن.."

استدار غير مبالي بندائها وخرج من الغرفة متوجها لجناح جده حيث تصدر الاصوات والذي هو بجانب جناحه...كان الباب مفتوح وقبل أن يدخل سمع كلام بيير المنفعل:

-"انه يعمل ضد هذه العائلة!...أصدقت أخيرا؟!...هو وهي خائنان، ويجب ان تتم محاكمتهما لتوجيه تهمة باطله الينا، واجبارهما على قول الحقيقة"

قال نيكولاس ببرود ردا عليه:

-"اصمت انت وأفلامك...جدي أستمع لي"

نظروا اليه وصرخ بيير بغضب:

-"ولك عين لتتكلم معنا أصلا!...أخرج من هنا قبل ان تسبب جلطة لجدنا، يكفي كذب"

قال نيكولاس وقد بدأ يغضب من بيير:

-"بيير قلت لك اغلق فمك"

قال الجد بعصبية:

-"اصمتا كلاكما!"

ثم وجه نظره وسبباته الى نيكولاس وقال وهو يهرس الحروف تحت اسنانه:

-"خاب ظني فيك يا نيكولاس، تعبت عليك كل هذا الوقت ... لم أكن أتوقع ان تفعل شيء كهذا بيوم من الأيام!"
-"جدي، أنا لا يمـ.."
-"لا تناديني بجدي بعد الآن!...لا أتشرف بكونك ابن ابنتي، وكما قال بيير...ستحاكم انت وزوجتك الوضيعة"

أراد نيكولاس أن يتكلم لكن ساندرا قالت بنبرة حادة:

-"ماذا يا نيكولاس!..ماذا بقي لتقول؟!..هل ستدافع عنها؟..لنفرض انك لست مشترك معها، لا يمكنك ان تبرر لها....انـ ـهـ ـا محتالة"

قال نيكولاس بتأفف:

-"لا تتدخلي أنت، كلام الكبار يصمت عنده الصغار"

فتحت عينيها بصدمة وكانت سترد لكن جيسيكا وضعت يدها على فمها بسرعة فالوضع غير مناسب لتدخلهما...سحبتها من يدها لتخرجا من الغرفة...لكن توقفا بصدمة من كلام الجد:

-"نيكولاس فيلموس ابولانت...انت لا تنتمي لعائلة فيندار العريقة"

ابتسم بيير بانتصار وامتقع وجه نيكولاس...بينما استدارت جيسيكا وساندرا لتتأكدا ان من يتكلم هو الجد، هل ما سمعوه حقيقي أم هذا خيال!

شهقت ليزا التي كانت تمشي مستندة على الحائط بصعوبة لتذهب اليهم بصدمة وجحظت عينيها...لكنها أكملت مشيها بشكل أسرع رغم ألمها...يجب عليها أن تحل الأمر الآن...
سكن الجميع في غرفة الجد محاولين استساغة ما سمعوه!
عدل نيكولاس وقفته وعادت اليه ملامحه الباردة ثم قال:

-"حسنا ، أنت لا تريد أن تسمع..إذن .. اراك يوما ما"

انقبض قلب الجد ... لا يعرف كيف نطق جملته، لكن بالتأكيد لم يقصدها!...أراد أن يقول شيء ليوقف نيكولاس أو يعتذر له...لكن لسانه عقد عندما جاء صوت ليزا المتعب:

-"يجب أن تسمعوني كلكم"

كانت تستند بيد على الباب..وظهرها منحني قليل للأمام فهي لا يمكنها ان تقف باعتدال مع جرحها ذاك..ويدها عليه، استدار نيكولاس نحوها وقال بعصبية:

-"لماذا قمتي من الفراش!!"

مشى نحوها فتركت الباب ومشت خطوة للأمام وهي تقول:

-"نيكولاس ليس له يد بالأمر.."

تأوهت فأسندها نيكولاس إليه وقال:

-"يجب أن ترتاحي، اصمتي وهيا معي.."

كان الجميع متفاجئ ... لاحظوا شحوب ليزا وضعفها، وبدا انها مصابة في بطنها ... ابتعدت ليزا عنه وهي تقول بانفعال وألم:

-"نيك أصمت انت، يجب أن أتكلم...لن ادعهم يوجهون اللوم لك ولن أسمح لهم بإقصائك عن العائلة وانت لم تفعل شيء ولا تدري عن شيء!"

اغمضت عينيها بقوة من الألم ثم نظرت للجد وقالت :

-"لقد استغفلت نيكولاس، ولم يكن هو يعرف شيء"

قال الجد :

-"ولماذا فعلتي هذا؟!..لا يوجد سبب يبرر لك ان تعرضي مجد فيندار للخطر..يجب أن تنالي عقابك"

كان نيكولاس لا يزال يمسك بيدها فسحبتها منه وتقدمت خطوة وهي تقول:

-"معي الحل لهذا، والسبب ستعرفه فيما بعد.."

استدارت لنيكولاس فتألمت وكادت تسقط لولا ان نيكولاس كان سريع واسندها بسرعة .. قال بسرعة:

-"سنحل كل شيء فيما بعد، الآن يجب أن ترتاحي"

قالت بدون مبالاة :

-"اعطني هاتفك نيكولاس"
-"انا قلت يـ..."
-(بصوت عالي)"اعطني هاتفك وحسب يا نيكولاس...ارجوك!"

صمت قليلا وهو يراقب ملامحها المترجية فحملها وأجلسها على كنبة قريبة ثم سحب هاتفه من جيبه واعطاها اياه...اقترب الجد منها أكثر وقال:

-"آمل حقا أن يكون لديك حل..."

لقد هدأ الجد كليا بعدما رأى أنها مصابة..وربط كلام ساندرا عن الطبيب مع حالتها، وفكر في انها قد تعرضت لأذى منهم وقرر ان يتروى قليلا ويسمع كلامها..
أما بيير وجيسيكا وساندرا ظلو في أماكنهم يراقبون الموقف بكل استنكار واستغراب ...
قالت ليزا بعدما فعلت شيء بالهاتف:

-"لقد سجلت الكلام الذي حدث، عندما شرحت لهم انني سأفضحكم، وتعمدت أن أقول فيه ان كل ذلك ملفق وكذب ومجرد تبلي...."

قالت جملتها وشغلت التسجيل الصوتي الذي بعثته لنفسها بعد ان صعدت لغرفتها ذلك اليوم...
بدأ الصوت من انغلاق باب سيارة، ثم صوتها الذي يبدو بعيدا جدا تسأل فرانسيس لماذا لم يأتي بسيارته...واجابها انه لا يريد ان يعرفوه...
ثم تحركات وكلام غير واضح كثيرا...بالكاد تظهر بعض الكلمات...وبعد دقيقتين بدأ الحوار مع فرانسيس عندما أخبرته أنها تريد فضح آل فيندار...واستنكاره الشديد، ثم حل الصمت .. وبعدها صوت رجل غاضب يشتمها بأسوأ الشتائم...كان أليكس...كان صوته الغاضب يقترب أكثر وأكثر لدرجة انهم خافوا ونظروا الى ليزا ، ظنوا انه آذاها ... قالت بهدوء:

-"ركزوا في الصوت فقط"

جلس الجد بجانبها على الكنبة وبجانبها الآخر يجلس نيكولاس...واقتبروا الثلاثة أكثر وكلهم اهتمام لمعرفة ما يجري...بعد دقائق بدأ الحديث المهم من التسجيل كله:

(-"هذه أوراق رسمية موقعه من قبل محققين وقضاة...تبين هذه الورقة ان سبب وفاة الشاب....آه لحظة انتم لا تعرفون القصة"

اعادت اللابتوب الى وضعه الطبيعي على رجليها وبدأت تشرح لهم الموضوع من البداية:

-"كرهت نيكولاس وكرهت آل فيندار في هذا الشهر فقررت ان أريهم من أنا!...وجدت ملف هذه القضية في جهازه..انها تتكلم عن شاب توفي في احدى المعامل التابعة لشركتهم بسبب عطل بها سنة 2014 .. وهذا طبعا خبر سيكسر نفوذهم ...فهو سيكون كافيا بفضحهم وتكويم بعض الديون عليهم...ففي النهاية شركتهم مستهدفة واي احد سيستخدم هذا الدليل ضدهم!...الشاب فقد حياته بابشع صورة ممكنة...وكل هذا بسبب ركاكة الآلات!...وهم تستروا على الموضوع ولم يخرج هذا الخبر!...هذا الكلام الذي قلته كله قبل قليل ، حقيقه..لكن مع لعبة صغيره!"

قال جوناثان باهتمام:

-"وما هي لعبتك ليزا؟..مستحيل ان تترك عائلة فيندار شيء كهذا خلفهم ويتسترون عليه دون ايجاد حل!"
-"بالضبط!...هم لم يكونوا بحاجة اصلا للتستر عليها...ففي الواقع بعد تحقيق طويل تم اكتشاف ان العطل الذي في الآلة ما هو الا فعل فاعل!...وموت الشاب كان مدبر!...اذن فهي جريمة قتل..ولا تسجل في حق الشركة!..لكن.."

ضغطت على زر ما في اللابتوب واكملت:

-"اذا تم اضافة بعض البهارات لهذا الخبر...واخفاء امر المجرم ...خصوصا انه لم يتم ايجاد الفاعل حتى الآن ... فيمكننا اعطاء هذا السبق الصحفي لعدة شركات اخبار في البلد .. ونقول ان فيندار أرشوا القاضي ليقول انها جريمة قتل..لكن في الحقيقة ان اهمالهم في الاشراف على المعامل ادت لهذه الحادثة المؤسفة ... ويوجد الكثير من العمال المهددة حياتهم بالخطر!...وربما هناك اصابات اخرى اخفتها اموال هذه العائلة الجشعة!...ولدرجة حقارتهم هم لم يعطوا تعويض لعائلة الشاب حتى!...وهذه الوثائق الموقعة بسبب الموت ستثبت التهمة عليهم .. مع اخفاء الورقة التي تقول انها جريمة قتل...فما رأيكم بهذه الفضيحة؟!...تخيلوا معي كم من شركة ستسحب تعاملها مع فيندار...وكيف سيهاجم الرأي العام هذه القضية!...صحيح انها ملفقة...لكن في حالتهم...فانها فرصة جوهرية لكل متحدي لهم في سوق العمل!"

صمتت وهي تراقب تقلبات وجوههم!...تفاجؤ مع سعادة مع دهشة مع استغراب واستنكار!...قال أليكس بتلعثم:

-"لكن انت تقولين هذا فقط لتجعليننا نصدق حسن نيتك أليس كذلك؟!...لن تجرؤي على نشر خبر مثل هذا!"

ابتسمت بثقة وهي تدير شاشة اللابتوب نحوه ... ليرى كلمة (تم الإرسال) تملأ الشاشة!...قالت بهدوء:

-"لقد تم ارسال هذا الخبر فعليا، ساعتين فقط...وستكون البلاد كلها مشغولة بقراءته .. وستتفجر مواقع التواصل الاجتماعي بالهاشتاقات والنقاشات حول الموضوع...انها فوضى يا أليكس!...فوضى!")

أوقفت ليزا التسجيل إلى هذا الحد ونظرت الى الجد وقالت:

-"هذا دليل على برائتكم بالكامل..."

كان نيكولاس واثق من انها ستفكر في كل الأمور ... لم يكن متفاجئ من وجود هذا التسجيل...ابتسم قليلا ثم نظر الى وجه ليزا فعقد حاجبيه...زاد شحوبه واصفراره...حتى شفتيها صارتا من دون لون، قال:

-"هذا يكفي الآن، وجدنا حل ولا داعي لقول باقي التفاصيل الآن...يجب أن ترتاحي"

كانت ليزا تقاوم ارتجاف يديها فعلا...فهي شعرت بانخفاض ضغظ دمها وانتهاء طاقتها، قال الجد وهو الآخر انتبه لارتجاف يديها:

-"معه حق، يجب أن ترتاحي"

اغمضت عينيها بقوة غير قادرة حتى على قول شيء ووقع الهاتف من يدها بدون ان تشعر...وقف نيكولاس بسرعة وحملها بحذر فأرخت رأسها على صدره، تشعر ان قلبها يرتجف أيضا من التعب ، من الجيد انها لم تفقد الوعي اصلا...
كتمت آهاتها طوال الوقت!
نظر نيكولاس الى جيسيكا...هو يعلم انها الوحيدة التي لا تكن له الكره، قال بتهذيب:

-"جيسيكا، هل يمكنك استدعاء الممرضة؟...ستجدينها في جناح الضيوف، وان قابلتي سام في طريقك او كلارا ، اطلبي منهما الاتصال بالطبيب براون"

هزت رأسها وخرجت مسرعة من الغرفة ...
وخرج نيكولاس بعدها، لا تعرف ساندرا كيف تحركت قدميها ولحقت به!

ظل بيير واقفا مكانه وهو ينظر للجد ، ضحك قليلا بعدما خرجت ساندرا وقال :

-"أليس هذا مضحك؟"

نظر اليه الجد باستغراب، ما الشيء المضحك فيما حدث!..قال:

-"وما المضحك يا بيير!"
-"دليل براءة فيندار، موجود مع نفس الشخص الذي اتهمهم!...شيء مثير للسخرية!"

لم يعطيه الجد أي انفعال وابعد نظره عنه فخرج بيير ...
أرخى بيتر ظهره للخلف وشرد في افكاره...

انزلها نيكولاس ببطئ وحرص على السرير ، فتحت عينيها ونظرت له بضعف..أرادت قول شيء لكنه قال بصرامة:

-"اصمتي ولا تتكلمي، يكفي ما فعلته بنفسك"

أنّت قليلا ووضعت يدها على صدرها وكأنها تحاول تعديل انفاسها المرتجفة، لو ظل الألم ألم الجرح وحده لكان أفضل..لكن التعب صار تعب جسمي كامل..
قالت ساندرا بنوع من القلق وهي تقف عند الباب:

-"هل ستكون بخير؟"

نظر اليها نيكولاس ، لم يعرف ماذا يجيب .. فسكت ولم يقل شيء، عقدت ساندرا حاجبيها بتعاطف مع ليزا فصوت الأنين الخافت الذي تصدره يبين كم انها تتألم وفي نفس الوقت متعبة ..
بعد قليل جائت جيسيكا تركض مع الممرضة، وقفت جيسيكا بجانب نيكولاس يراقبان...والممرضة سألت على مضض:

-"ما الذي حدث سيدي؟!"
-(بهدوء)"لقد قامت من الفراش ومشت"
-"ماذا!!..كيف سمحتم لها؟!"

لم تنتظر الاجابة ووضعت يدها على جبين ليزا، شهقت .. انتظر نيكولاس ان تتكلم لكنها لم تفعل!..سأل بعصبية:

-"لماذا شهقتي؟!"

نظرت له لثانية ثم اعادت نظرها لليزا وقالت:

-"لا أعرف، عندما يأتي الطبيب سيقرر...سيدة ليزا، هل انت واعية معي؟"

اومأت برأسها بضعف ... فقامت الممرضة مباشرة بإمساك يد ليزا وضربت باصابعها على مكان الأوردة لتضع لها كانيولا جديدة غير التي نزعتها...ثم أوصلت انبوب المغذي بها..
نظرت لنيكولاس ثم لجيسيكا ثم قالت بتهذيب:

-"أريد الكشف عن الجرح ، سيدي"

فهمت جيسيكا القصد مباشرة فمشت نحو الباب، ظل نيكولاس واقفا مكانه لبعض الوقت ثم خرج خلف جيسيكا قائلا:

-"سأطمئن الفتيات عنها"

أغلق الباب فتمتمت الممرضة بشيء ما ونظرت لليزا، تبدو كالجسد الميت تماما!
هزت رأسها بأسف عليها وقالت:

-"لن أعطيكي مسكن حاليا، سأنتظر قدوم الطبيب ليرى ماذا سيفعل"

لم تكن ليزا مركزة معها فلم تأبه بما قالته..الليلة الماضية قامت الممرضة بمساعدة كلارا بتغيير ملابس ليزا الملطخة بالدماء لبيجاما خفيفة من الساتان الوردي... فما كان عليها الا ان تفتح الازرار فقط لترى الضمادات التي تلتف حول خصرها مثبتة الشرائح القطنية الموضوعة مكان الجرح...

خارج الغرفة وقف نيكولاس بجانب الباب مكتف يديه ومركيا ظهره للحائط، كانت جيسيكا وساندرا تتهامسان قليلا..ثم سألت ساندرا:

-"ما بها ليزا؟"

نظر لهما ببرود وقال بدون اهتمام:

-"اصابتها رصاصة في بطنها، لا شيء مهم..ستشفى فقط لو انها تتبع اوامر الطبيب، لكنها تريد اثارة غضبي باتعاب نفسها فتتعبني معها، وكأن هذا ينقصني"

اكمل جملته ودار بعينيه بضجر، انزلت جيسيكا نظرها للأرض بصدمة وتعاطف وحزن على ليزا..بينما ظلت ساندرا تحدق فيه بتفاجؤ، قالت بتردد:

-"من اطلق عليها النار؟"

ظل صامت لبعض الوقت ... ثم قال :

-"أليكس، احد الاشخاص الذين ظهر صوتهم في التسجيل.."
-"لكن...ما الذي قد يدفع ليزا لفعل كل هذا؟!..بما ان والدها سيء لماذا تعود له؟"
تفاجأ نيكولاس قليلا لانها تعرف بأمر فرانسيس لكنه استنتج ان جده من اخبرهم في حالة غضب...هز كتفيه بمعنى انه ليس لديه اجابة فقررت الفتاتين الانسحاب من المكان، وفي طريقهما للمصعد قابلا كل من سام وكلارا آتيان..

قال سام لنيك :

-"هناك امرأة، المرأة التي تحدثت عنها ليزا..معها اللابتوب، وتطلبك شخصيا"

انتصب نيكولاس في وقفته ثم نظر لكلارا وقال:

-"ادخلي عند ليزا، اعتني بها فأنا ليس عندي صبر لهذا...لن أعود اليوم الا في الليل"

ظلت كلارا تحدق في عينيه لبعض الوقت وظهر شبح ابتسامة على شفتيها ثم دخلت للغرفة، أشار نيكولاس لسام كي يتبعه ونزلا للأسفل.
خارج القصر، حيث كانت السيدة ويل تنظر حولها بترقب وخوف وارتباك وتحمل في حضنها اللابتوب بكل حرص .. كان الجو مائل للبرودة خصوصا مع هذا الوقت المبكر من اليوم...
كل ما كان يجول في بالها هو الخوف على ليزا ، والخوف على نفسها من فرانسيس...
بعد دقائق رأت الحارس التي تكلمت معه عند وصولها قادم ومعه نيكولاس فيندار بنفسه، لا تكاد تصدق انها تراه امامها فعلا....وقفت بسرعة وانحنت باحترام وارتباك..قال نيكولاس ببرود:

-"إذن..هذا لابتوب ليزا؟"

هزت رأسها بالإيجاب ثم مدت اللابتوب نحوهم فأخذه سام ..قال نيكولاس:

-"حسنا، شكرا لك...يمكنك الانصراف الآن"

بدأ قلبها يتسارع بخوف من نبرته البارده الآمره ، فلم تتمكن من قول انها تريد رؤية ليزا..شعرت ان قوتها تلاشت في الهواء من هول هذا الشخص الذي يقف امامها ..
فما كان منها الا ان تمشي مبتعدة عنهم نحو البوابة الكبيرة..فجأة وصل صوت كلارا لسام في سماعات اذنه:

-"سام..سام، أين تلك السيدة؟..ليزا تريد رؤيتها ومقابلتها الآن..لا تقل انها ذهبت!"

مباشرة نادى سام بعالي صوته:

-"يا سيدة...انتظري لا تذهبي"

نظر اليه نيكولاس باستغراب مستفسرا..فقال سام بسرعة:

-"ليزا تريد رؤيتها"

رفع نيكولاس حاجبه ولم يقل شيء..ظلت السيدة ويل تنظر نحو سام باستغراب، فاقترب منها وقال بأدب:

-"سيدتي، ان السيدة ليزا تريد رؤيتك الآن ان لم يكن لديك مانع"

اتسعت عينيها بفرحة واجابت بنبرة تملؤها السعادة:

-"بالطبع ليس لدي مانع..أريد رؤيتها بشدة"

ابتسم وأومأ لها لتتبعه ففعلت, جعلها تصعد بالمصعد وحدها وطلب من كلارا ان توافيها هناك ثم عاد الى نيكولاس...سأل:

-"هل تريد رؤية المعلومات الآن؟"

اجاب نيكولاس :

-"لا، ليس الآن...لكن لنأخذ اللابتوب معنا للشركة"

وقبل ان يذهب سأله سام بسرعة:

-"ماذا ستفعل بشأن التهمه؟...وكل الأمور الأخرى؟"

فكر نيكولاس قليلا ثم قال بابتسامة:

-"سنسلم الدليل للمحامي.."

فاخفض سام رأسه ، اذا استخدم هذا الدليل ضد ليزا فهو سيودي بها للهلاك، لكن بالتأكيد سيجد طريقة ما يخرج ليزا من الموضوع...اصلا لماذا يقولون انها ليزا؟

مشى نيكولاس مبتعدا وهو يقول:

-"هيا احضر سيارتي وتعال، لدينا من الأعمال ما يكفي ليشغلنا ثلاث ايام متواصلة"

وبمجرد ان خرجا من القصر وصل الطبيب ..

~~**~~**













لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:36 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.