آخر 10 مشاركات
وقيدي إذا اكتوى (2) سلسلة في الغرام قصاصا * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : blue me - )           »          96 - القرار يعود لك - ايما دارسى - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          499 - أكثر من حلم أقل من حب -لين غراهام - أحلام جديدة جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          219 - صديقان ...وشيئا ما - جيسيكا ستيل (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          أرواحٌ تائـهـة في غياهِبِ القَدَر (الكاتـب : الـميّادة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > الأقسام العامه > الملتقى الإسلامي

 
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-08-17, 08:09 PM   #1

slaf elaf

? العضوٌ??? » 322637
?  التسِجيلٌ » Jul 2014
? مشَارَ?اتْي » 880
?  نُقآطِيْ » slaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond reputeslaf elaf has a reputation beyond repute
افتراضي الصدام والمصلحة الذاتية .. طريقا الهاوية




والتوسُّع في البلدان الأخرى لجلب المنافع الذاتيَّة. إِذَنْ المصلحة المحضة التي تعمي الأبصار هي أمُّ الحروب والشرور.

لا نكاد نقف على عصرٍ من أعصر التاريخ إلَّا ونجد مثل تلك النزعة الهمجيَّة متأصِّلة لدى كثيرٍ من الناس؛ ففي سبيل الحصول على المصلحة الذاتيَّة تتقدَّم لغة الحرب على ما سواها من الحلول اللا محدودة.

فمن اللافت أنَّ معظم من كتبوا في تاريخ الحروب الصليبية بحملاتها المتعدِّدة على مدار التاريخ الوسيط قد سوَّغوا الأسباب الداعية لها إلى أمرين اثنين: أوَّلها: طبيعة الصراع الديني، وثانيها: الطمع في ثروات الشرق، حتى خُيِّل لآلاف العامَّة والفلَّاحين والفقراء من الأوربيِّين أنَّ الشرق جنَّة الخلد؛ ولذلك حرَّكتهم المطامع الشخصيَّة الذاتيَّة، فضلًا عن أحوالهم المزرية في بلدانهم، وكلُّ هذا بتخطيطٍ من الأمراء والكبراء وبابا الفاتيكان؛ ممَّا ألهب عواطفهم، وأضحى الموت في بلاد الشرق نوعًا من أنواع المغفرة من الذنوب التي ارتكبوها في ماضيهم[1]!

لقد "نشأ عن عزم القوم على غزو فلسطين اشتعال النفوس حميَّة، وصار كلُّ واحدٍ يرجو إصلاح حاله، فضلًا عمَّا يناله في ملكوت السموات، فغدا العبيد يطمعون في فكِّ رقابهم، وغدا أبناء الأسر الذين حُرموا الميراث بسبب نظام البكريَّة، والأمراء الإقطاعيُّون الذين كانت قسمتهم جائرة يطمعون في الاغتناء، وغدا الرهبان الذين أضنتهم حياة الأديار -وجميع المحرومين طيب العيش، وكان عددهم كبيرًا- يُعلِّلون أنفسهم بأطيب الأماني. حقًّا لقد أصابَ القوم نوبةٌ حادَّةٌ من الجنون، فرغب الإقطاعيُّون والعبيد والرهبان والنساء والأولاد وجميع الناس الزحف، وأخذ كلُّ امرئٍ يبيع ما يملك ليتجهَّز، واستعدَّ من الرجال 130,000 مقاتل لغزو فلسطين حالًا"[2].

فماذا جنت أوربَّا من هذا النزاع؟!

لم يجنِ الأوربيُّون من تلك الحروب الهوجاء والإبادة الجماعية لآلاف المسلمين والأوربيِّين أنفسهم إلَّا الصراع والتصادم والحرب الضروس، التي استمرت ما يقرب من 200 عام متَّصلة، قُتل فيها من الجانبين مئات الآلاف من البشر، بل ظلَّ تاريخ تلك الحروب عاملًا من عوامل استثارة الأحفاد؛ هؤلاء الذين تجري الدماء في عروقهم غضبًا وحميَّةً لأجدادهم ومقدَّراتهم وتراثهم المقدَّس الذي دُنِّس في تلك الحروب القديمة.

ويبدو أنَّ سحر الشرق ظلَّ ماثلًا في عقول وقلوب الأوربيِّين، فحالما اكتشف البرتغاليُّون طريقًا جديدةً في الملاحة العالميَّة هي رأس الرجاء الصالح في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي حتى انتعشت تجارتهم، ولو أنَّهم اتَّخذوا مبدأ المصلحة المشتركة في تعاملهم مع العرب والهنود والآسيويِّين لكان خيرًا لهم؛ فمن المعلوم أنَّهم -ولأجل مصلحتهم الذاتيَّة المحضة- احتلُّوا مناطق في الهند والباكستان وعمان وهرمز وبعض المناطق في شرق إفريقيا، كلُّ ذلك لنهب ثروات تلك المناطق، وجمع الضرائب، وتحقيق أقصى منفعةٍ شخصيَّةٍ لهم؛ لذا قامت الثورة العربيَّة الكبرى في هرمز وموانئ الخليج وعُمان ضدَّ البرتغاليِّين في نوفمبر سنة 1521م، التي يُمكن إجمال أسبابها في قرار ملك البرتغال بوضع موظَّفين برتغاليِّين في إدارة جمارك هرمز بدلًا من الهرامزة، كما نجد كذلك أنَّ المعاملة القاسية للأهالي التي تسبَّب فيها مشرفو الجمارك هؤلاء قد قلَّلت من أرباح الحكَّام والتجَّار معًا، ثُمَّ عرقلة السلطات البرتغاليَّة للنشاط التجاري لسكان الخليج مع موانئ الهند، وفرض ضرائب باهظة أثقلت كاهل الناس والحكام، وعدم اهتمام البرتغاليِّين بالشكاوى حول تلك القضايا...[3].

وعلى جانبٍ آخر كان البرتغاليُّون أوَّل مَنْ تَنَبَّه لجزر إندونيسيا العامرة بالخيرات، وذلك خلال حركة الكشوف البحريَّة، وكان لسقوط دولة الإسلام في الأندلس سنة (897هـ=1492م) أثرٌ كبيرٌ في وثبة البرتغاليِّين والإسبان على العالم القديم، وخاصَّةً البلاد الإسلاميَّة منه.

وقد احتلَّ البرتغاليُّون (مالاقا) سنة (917هـ=1511م)، وأقاموا بها قاعدة حربيَّة بحريَّة متقدَّمة للإغارة على الجزر الإندونيسيَّة ونهب خيراتها واستعباد أهلها، وكانت جزر (المولوك) الغنيَّة بالتوابل من أكثر الجزر الإندونيسيَّة تعرُّضًا للحملات الصليبيَّة البرتغاليَّة، ومع توالي الحملات البرتغاليَّة على إندونيسيا، سيطر البرتغاليُّون على شمالي سومطرة سنة (928هـ=1522م)، وجزيرة (سيلبيس) سنة (947هـ=1540م).

ودخل الإسبان ميدان الصراع على خيرات البلاد الجديدة، فوصلوا إلى جزيرة (بورنيو) وجزر (المولوك) عام (928هـ=1522م)، وكانت تلك الجزر وقتها تحت حكم المسلمين، ولهم بها مملكةٌ كبيرةٌ هي مملكة (بيدور) وحاكمها السلطان جمال الدين، وقد استقبل هذا السلطان المسلم الوفد الإسباني وأكرم ضيافته وهو لا يعلم ما يُخبئه له هؤلاء الحاقدون؛ إذ ما لبثوا أن احتلوا الجزيرة وعملوا على فرض النصرانيَّة بالقوَّة على أهلها، وكذلك فعل البرتغاليُّون[4].

إذًا كان سبيل البرتغاليِّين والإسبان في الحصول على المصلحة الذاتية، وما صاحبه من عوامل القمع والاستهزاء والتنكيل بالآخر سببًا قويًّا في نشوب الصراع والتصادم بين الجانبين، والذي خرج البرتغاليون والإسبان على إثره منهزمين مدحورين، وللأسف فإنَّ مثل تلك المشاهد التاريخيَّة -التي قاربت أن تكون سننًا مكرَّرة- لا يكاد الإنسان يستفيد منها!

ولعلَّ قصَّة الولايات المتحدة، وخاصَّةً قصَّة المستعمرات الأولى في تلك القارة، وعلاقة الأوربيِّين الوافدين بالسكَّان الأصليِّين "الهنود الحمر" كانت من أقسى القصص التي تعكس لنا أثر المصلحة الذاتيَّة في مجريات التاريخ البشري، خاصَّةً إذا كانت هذه المصلحة منطلقة من مبدأ تجاهل مصالح الآخرين.

لقد ترك الهنود الحمر الأوربيِّين يُكوِّنون مستوطناتهم على امتداد المحيط الأطلسي، ولمـَّا كثرت أعداد المهاجرين بدءوا في الانتشار باتِّجاه الغرب الأميركي، وأراد هؤلاء المستوطنون أن يستولوا على أراضي الهنود الحمر -الذين كانوا يقتاتون على الأراضي المزروعة والصيد- بالقوَّة والغصب، ولم يكن هناك مفرٌّ في ظلِّ هذه الأجواء المشحونة أن يتقاتل الجانبان، وقد قتل المستعمرون والمستوطنون حتى عام 1900م ما يقرب من 112 مليون هندي، ولم يتبقَّ إلَّا ما يقرب من 400 ألف هندي فقط؛ ما يُدلِّل على وحشيَّة ودمويَّة الحروب التي اشترك فيها الجيش الأميركي مع المستوطنين البيض في إبادة السكان الأصليِّين، ولو استعاض المستوطنون ثقافة الحرب بثقافة الحوار والتعارف، ومحاولة تعليم هذه القبائل سُبل التقدُّم والرقيِّ المدني، وعملوا على اندماجهم في المجتمع الجديد؛ لأدَّى ذلك إلى تعدُّديَّة رائعةٍ تفخر بها أميركا الجديدة، التي نادت في عقودها الماضية بالحريَّة والسلام ونشر قيم الديمقراطيَّة، وتناست أنَّ ميراثها التاريخي مليءٌ بالدم والنار[5]!!

ولقد وصف أحد شهود العيان وهو المطران "برتلومي دي لاس كازاس" دمويَّة الإسبان في تعاملهم مع سكَّان أميركا الوسطى الأصليِّين في مذكراته (المسيحيَّة والسيف)، بقوله: "خلق الله هذه الشعوب الغفيرة رضيَّة لا تعرف الشرَّ والرياء، إنَّها شعوبٌ طيِّعةٌ بالغة الوفاء لأسيادها الطبيعيِّين وللمسيحيِّين الذين تخدمهم، بل إنَّها أكثر الشعوب تواضعًا وصبرًا ومسالمةً وسكينة؛ إنَّها لا تعرف الضغينة ولا الصخب والعنف والخصام، شعوبٌ تجهل الحقد وسوء الطويَّة، وتعفُّ عن الثأر والانتقام، شعوبٌ مرهفةٌ رقيقة الحاشية، ناحلةٌ هزيلةٌ لا تطيق أجسادها الرهق، وسرعان ما يهلكها المرض مهما كان... إنَّ لهم ذهنًا ثاقبًا شديد الوضوح، وهم أذكياءٌ منفتِّحون لكلِّ عقيدةٍ صالحة، وتراهم يُلحُّون على معرفة الشاردة والواردة، إنَّ كثيرًا من الإسبان -غير الكهنة- يعترفون بأنَّهم لا يستطيعون أن يُنكروا طيبة أنفسهم وحميد خصالهم، ولربَّما كانت هذه الشعوب أسعد أهل الأرض لو أنَّها عرفت الله، لقد غشي الإسبان هذه الخراف الوديعة غشيان الذئب والنمور والأسود الوحشيَّة التي لم تجد طعامها أيَّامًا وأيَّامًا، ومنذ أربعين سنة وهم يفتكون بها ويُعذبونها ويُبيدونها، كلَّ يوم فظاعة غريبة مختلفة لم نسمع ولم نقرأ عن مثلها من قبل، كانت هذه الفظائع شديدة لم تُبقِ في الجزيرة الإسبانيَّة اليوم سوى مائتي هندي من أصل ثلاثة ملايين"[6].

نعم، قتل الإسبان ما يقرب من ثلاثة ملايين إنسان بلا جريمةٍ ولا جريرة، اللهُمَّ إلَّا إنَّهم أقلُّ شأنًا في أعينهم، وأحقر ثقافةً مقارنةً بثقافة المحتلِّ المتقدِّم، وتجاهلوا المشتركات الكثيرة بينهم وبين أولئك المستضعفين.

لقد قتل الإسبان أهل الجزر الأصليِّين، ولم يُراعوا المشتركات الإنسانيَّة التي يأتي في أوَّلها وعلى رأسها إنسانيَّة الإنسان وقيمته، لقد تناسى الإسبان لغة الحوار، وتجنَّبوا المميِّزات الكثيرة الموجودة في هؤلاء الهنود، تلك التي ذكرها المطران في مذكراته، هذه المميِّزات نلمس فيها بكلِّ وضوحٍ أنَّهم قابلون للتعارف، قابلون للآخر مهما كان لونه وثقافته وبيئته، لكن تكبُّر الرجل الغربي وغروره أعماه عن احترام الحقِّ الآدمي لهذه الشعوب الوادعة، فأخذ يقتلهم كأنَّهم داءٌ عضالٌ يجب التخلُّص منه!



تلك الرؤية المخزية التي نلمسها في تلك القرون الغابرة لم تتغيَّر -للأسف- في واقعنا وعصرنا الحاضر؛ فكثيرٌ من الصراعات العرقيَّة والاضطرابات التي نشبت في عصرنا سواءٌ بين الصرب والمسلمين أم بين الهوتو والتوتسي، ليست في جوهرها حروبًا دينيَّة، كما أنَّها ليست صراعات بين ثقافاتٍ أو حضارات، وليست ناتجة -أيضًا- عن أحقادٍ قوميَّةٍ قديمة؛ إنَّها في واقع الأمر حروبٌ غذَّاها رجال العصابات الباحثون عن مصالحهم الذاتيَّة، وأهل الجهل الذين لا يعترفون بالآخر، ولا يقبلون به.



لقد كانت الخرافة التي تُسوِّغ لحروب المسلمين والصرب والكروات أنَّهم شعوبٌ مختلفة، ولقد دحض كثيرٌ من العقلاء هذه الفكرة، منهم الصحفي المخضرم وأستاذ الصحافة الأميركي (كرس هدجز) الذي قال: "إنَّ الولايات المتحدة في الواقع والدول الغربيَّة اعتمدت في قرارها بعدم التدخل (لمنع الحرب بين المسلمين والصرب) على طائفةٍ من الخرافات، منها أنَّ الكروات والمسلمين والصرب يُمثِّلون شعوبًا مختلفة، علمًا بأنَّك لا تكاد تُميِّز أحدهم عن الآخر... لا تكمن جذور هذا الصراع في الخرافات التاريخيَّة المتداولة؛ وإنَّما تكمن في أمراء الحرب الذين بسطوا سيطرتهم على البلقان، بقي ميلوسوفتش وأبواق دعايته ينشرون الكراهية والأكاذيب يوميًّا عير محطات الإذاعة والتلفزة في بلجراد؛ ممَّا حفَّز جماعات صربيَّة على عبور الحدود إلى داخل البوسنة لتبدأ حملاتها الإجراميَّة التي أشعلت فتيل الحرب، لقد صُوِّرت الحرب للعالم الخارجي على أنَّها صراعٌ بين حضارتين على طرفي نقيض، في حين تعكس في جوهرها رغبة كلٍّ من ميلوسوفتش في صربيا وفرانيو تدجمان في كرواتيا والقيادات الطائفيَّة الأخرى في كبت أصوات المفكِّرين والمثقَّفين والكُتَّاب وتنصيب رجالٍ على استعدادٍ لأنْ يُحوِّلوا كلَّ عملٍ أدبيٍّ أو فكريٍّ إلى أداةٍ لنشر التعصُّب القومي والأساطير التاريخيَّة"[7].

لقد أدَّى الغرور والصلف والأنانيَّة المفرطة إلى تجاهل المشتركات الكثيرة بين هذه الشعوب القريبة من بعضها، والمتعايشة منذ أقدم العصور، إن تاريخ البلقان يُؤكِّد على أنَّ هذه الأمم -باختلاف أديانها- قد قَبِلَ كلٌّ منها الآخر دون تكلُّف أو مشقَّة، لكنَّ ثقافة الحرب، والإيمان بالقوَّة الوحشيَّة، والبحث عن السيطرة المطلقة من قبل "العصابات" -كما أطلق هدجز- حال دون كلِّ تعارفٍ ممكن، ولقد قُتل في حصار سراييفو الشهير ما يقرب من 250 ألف إنسان بلا ذنبٍ أو خطأ.

وفي القارة الأوربيَّة نجد التعدديَّة في البنية الاجتماعيَّة لكثيرٍ من دولها واضحةً رأي العين، وكثيرٌ من هذه الدول تفتخر بهذه التعدديَّة وتعتبرها مصدر قوَّتها، بل إنَّ بعضها قدَّر الأقليَّات وأعطاهم حقوقهم، وجعل لهم ممثِّلين في البرلمانات، وهذا ما نجده في فرنسا وإنجلترا على سبيل المثال، حتى إنَّ هذه الأخيرة قد عيَّنت وزيرًا مسلمًا في حكومة ديفيد كاميرون الأخيرة.

لكنَّ تاريخ أوربَّا في العصر الحديث شاهدٌ على مآسٍ لا تكاد تُحصى، من حيث إقصاء الآخر، وعدم الاعتراف به في تلك المجتمعات، وأبرز مثالٍ على ذلك ما فعله هتلر في ألمانيا قبل الحرب العالمية الثانية، فضلًا عمَّا ارتكبه في تلك الحرب العالميَّة من قتلٍ لآلاف البشر، وإبادة كلِّ من لم يقبل الفكر النازي الوحدوي في أوربَّا كلِّها، وكانت جرائمه فاجعة، ولقد أجبر الألمان على قبول الفلسفة النازيَّة العجيبة، ولم يجرؤ أحدهم على أن يرفع رأسه محتجًّا، ولقد طبع كلَّ شيءٍ بالطابع النازي الإقصائي، لدرجة أنَّ أحد الزعماء النازيِّين ويُدعى هرمان جورنج قال: "إنَّ الألماني الحقيقي يُفَكِّر بدمه"[8]!

ولذلك ارتكب الألمان أفظع الجرائم في الحرب العالميَّة الثانية، حتى كان حلم هتلر السيطرة على العالم من منظار ألماني نازي، وإنَّه يُمكننا أن نقول: إنَّ الحرب العالميَّة الثانية دليلٌ صارخٌ على عدم الاعتراف بالآخر وإقصائه.

ونحن لا نقول: إنَّ تاريخ المسلمين لا يحمل مثل هذه المشاهد؛ فكم من الحكَّام الظالمين الذين تولَّوْا أمر المسلمين لم ينظروا إلَّا لمصلحتهم الخاصَّة، مُعْرِضين عن مصالح الرعيَّة والشعوب! ولذلك كانوا وبالًا على المسلمين بل وعلى العالم؛ مثل محمَّد بن تومرت الذي قوَّض أركان دولة المرابطين لتحقيق منفعته الذاتيَّة، وغيره كثير، بل إنَّ قيام الدولة العباسية كان قيامًا دمويًّا، وكان الأولى النصح والإرشاد للأمويِّين بدلًا من إراقة أنهارٍ من الدماء.. ولا يخفى على القارئ الكريم أنَّ العالم الإسلامي الآن يُعاني من هذه الطائفة من الحكَّام -إلَّا من رحم الله- هؤلاء الذين لا يبحثون إلَّا عن مصالحهم الذاتيَّة، فكم من الخسائر خسرتها البشريَّة جرَّاء فكر صدام حسين!

إنَّ الشرَّ ليس له وطن، وكلُّ بلاد العالم عانت من أولئك الذين نظروا إلى الدنيا من منظورهم الخاص، ولم يعتبروا بأيِّ مصلحةٍ لغيرهم، وكم يكون شقاء الناس إذا ابتُلُوا بأعدادٍ من هؤلاء يسيرون بالعالم إلى المهالك.. والسؤال: إلى أين نحن متَّجهون الآن؟ هل إلى تعارفٍ يقود إلى مصلحةٍ مشتركةٍ تسعد بها الأرض وترقى بها الحضارات، أم إلى تصادمٍ يُفسد الكون ويُدَمِّره، وينطلق بالبشر إلى هاويةٍ مهلكة؟!

كتاب المشترك الإنساني.. نظرية جديدة للتقارب بين الشعوب، للدكتور راغب السرجاني.

[1] راغب السرجاني: قصَّة الحروب الصليبيَّة، ص39-47.
[2] جوستاف لوبون: حضارة العرب، ص322، 323.
[3] محمد حميد السلمان: الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج في الفترة ما بين 1507م إلى 1520م، ص292، 293.
[4] شريف عبد العزيز: مقال بعنوان "تاريخ الحروب الدينية المعاصر"، موقع مفكرة الإسلام، على الرابط: www.islammemo.cc/.
[5] منصور عبد الحكيم: الإمبراطورية الأميركية، البداية والنهاية، ص29-35.
[6] برتلومي دي لاس كازاس: المسيحية والسيف، وثائق إبادة هنود القارة الأميركية على أيدي المسيحيين الإسبان، ص21- 23.
[7] كرس هدجز: الحرب حقيقتها وآثارها، ص36، 37.
[8] جواهر لال نهرو: لمحات من تاريخ العالم، ص478.




slaf elaf غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:31 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.