| 6 - ستندمين ! بعد ظهر اليوم التالى , عندما رأت ليا ماتيوس مرة أخرى كان الوقت متأخرا , صباح السبت تأخرت على الفطور وعندما نزلت كان ماتيوس وفيليب في المكتبة يتحدثان فى الاعمال . وبما أن الرجلان كانا مشغولين , اقترحت باربرة الخروج للتسوق في برادفورد ومع أن كاتي لم تكن متحمسة للفكرة وافقت . قالت باربرة وهى تجلس إلى جانب ليا فى المرسيدس : - بصراحة , أود لو تبقى فى المنزل . أوأثقة أن ماتيوس يسمح لك بقيادة هذه السيارة الثمينة ؟ - ألا تثقين بي ؟ في الواقع لم أقد هذه السيارة منذ أخذت رخصة السوق , أعتقد أن ماتيوس كان يثق بي أيضا . - كان يثق بك ؟ وما الذى غير رأيه بك ؟ - آه ! هذا وذاك . أين كاتي ؟ نحن فى انتظارها منذ عشر دقائق . سألت باربرة بفضول : - أليس لديكم شاب يقود السيارة ؟ أذكر .. قاطعتها : " انه جورج ماتيسون . ولكنه لا يعمل في عطلات الأسبوع , إلا إذا طلب منه ماتيوس ذلك " . - ألم تشعري بالميل تجاهه ؟ - من أخبرك ؟ اهو ماتيوس ؟ حسنا . أنت مخطئة , أنا وجورج صديقان , صديقان فقط . هزت باربرة كتفيها : " لا تغضبي . هذا أمر طبيعى " استدارت ليا تنظر إليها : - ماهو الطبيعى ؟ ان أعبث مع جورج ماتيسون ؟ - حسنا . إنه فى مثل عمرك . وعلى ما أذكر هو شاب وسيم . - وماذا في هذا ؟ - من هن فى مثل عمرك يحببن أن يغازلهن الشباب . - أما أنا فلا . تنهدت باربرة : - لماذا أنت " لا " أنا لا أقترح عليك التفكير في الزواج به . شهقت ليا : " الزواج ؟ الزواج ؟ لماذا يعود كل حديث إلى الزواج ؟ قلت لك ليلة أمس . " ردت باربرة تقاطعها بحدة : " آه ! حسنا ليا ! " أحست ليا بالندم على ما قالته فهى لم تقصد أن تكون فظة , ولكنها تنفعل كلما جاء أحدهم على ذكر مغادرة " ماتلوك ايدج " فتمتمت : أنا أسفة " فى تلك اللحظة , خرجت كاتي بكامل أناقتها من المنزل , فضغطت باربرة على ذراع ليا بعطف : - لا بأس عليك . ما كان على فتح فمى الكبير , سيدبر ماتيوس الأمور على هواه . لكن ليا تعترض بشدة على سيطرة ماتيوس على مصيرها , لأنها تريد أن تسيطر هى على حياتها الخاصة .. لكن صعود كاتي لورد إلى السيارة منعها من التفوه باعتراضها . كانت " برادفورد " مكتظة بالمتسوقين في يوم السبت . بعد إيقاف السيارة , وجد الثلاثة صعوبة في البقاء معا . فاقترحت باربرة : - لماذا لا نفترق على أن نلتقى وقت الغداء ؟ انتظرت مع ليا عدة دقائق حتى تمكنت كاتي من اللحاق بهما وأردفت : - أين ستنتاول الغداء ليا ؟ أتعرفين مطعما جيدا ؟ إن اتفقنا على اللقاء فى الواحدة , فلن نضيع الوقت في التفتيش عن مطعم جيد , أو التفتيش عن بعضنا بعضا . ردت كاتي ببرود " أوافقك الرأى " عبست ليا مفكرة , ثم قالت بارتياب : - هناك مطعم " كراون " الذى يتناول في أحيانا ماتيوس طعامه . صاحب باربرة بلهفة : - ليس هناك مكانا أفضل . سنلتقى في مطعن " كراون " في الساعة الواحدة . ابتسمت كاتي وهى تبتعد , وما إن ابتلعها الزحام , حتى تنفست باربرة الصعداء , وأمسكت بذراع ليا تقول : - احمد الله على ذهابها ! تعالى الآن , رافقيني إلى أقرب مقهي , أنا بحاجة إلى كايك بالكريما الكثيفة ! - أو لن نفترق ؟ - بالطبع لن نفترق . أفكر في القيام ببعض التسوق . لم أرغب في أن تعترض الآنسة لورد على اقتراحاتي . أنهتا القهوة والحلوى الغنية بالشوكولا , ثم إتجهتا إلى مخزن كبير للبيع . لم يبد لليا المحل الخاص بالمراهقات مبهرجا وهي الى جانب باربرة . ماهى إلا ساعة حتى اشترت باربرة لليا أثوابا جميلة تضيفها إلى خزانتها , ومن بين ما اختارت سترة جميلة وثيابا داخلية , وفستان نوم مخرم حتى الخصر , وفستانا آخر من الشوفين المطبع . واشترت لها أيضا كنزتين ., وتنورة رائعة من " الشاموا " وسترة حريرية. احتجت ليا , وهما تضعان المشتريات في صندوق السيارة قبل الذهاب لملاقاة كاتي : - لا أدري ما سيقوله ماتيوس . ردت باربرة بثبات : " سيوافق , لقد وافق على مظهرك ليلة أمس , أليس كذلك ؟ " - آه ! أجل . رغبت فى أن تبوح لها بما قاله بالضبط ولكنها لم تفعل . كان الصبح واعدا بيوم جميل ولكن الطقس تغير وهن يتناولن الغداء وما إن خرجن من " الكراون " حتى بدأ المطر بالانهمار , فقالت باربرة وهي ترفع رأسها نحو السماء : - فلنعد إلى المنزل لأن هذا المطر لن يتوقف . ولا أرغب أن أتبلل , أترغبان في هذا ؟ نظرت ليا إلى كاتي : " لا أهتم . أيوافقك هذا ؟ " حركت كاتي أنفها عندما سقطت قطرة مطر عليه : - يوافقني طبعا . فكان أن أسرعت ليا نحو السيارة . بدت " ماتلوك ايدج " حتى تحت المطر جميلة . كانت المياه تتقطر من الأشجار على ظهور الخيول التى التجأت للاحتماء بأغصانها . قالت باربرة , تستعيد ذكريات قديمة , وكأنها تعكس أفكار ليا : - أتتصورين العربات التى تجرها الخيول تسير فوق هذا الممر المرصوف بالحصى ؟ كان لماتيوس مركبة خفيفة في الإسطبل , يجرها حصانان . رفعت كاتي حاجبيها : " وماذا حدث للمركبة ؟ " ضحكت ليا : " آه ! لقد قلبتها مرة في إحدي النزهات . فكان أن تخلص منها ماتيوس " قالت باربرة بخوف : " آه أفهم السبب ! كدت تقتلين ؟ " - أجل . هذا ما قاله ماتيوس كذلك . كان ماتيوس وفيليب ما يزالان فى المكتبة عندما وصلن إلى المنزل . تركت باربرة ليا تفرغ المشتريات من صندوق السيارة سرا , ودخلت إلى المنزل مع كاتي . عندما انضمت ليا إليهما في غرفة الجلوس , كانت السيدة فلاندرز تقدم شاي الساعة الخامسة . أعلنت مدبرة المنزل : - قال السيد ثورب إنه يريد محادثتك قبل العشاء آنسة لورد . جف فم ليا , فقد عرفت السبب وأحست بالذنب لأنها كذبت عليه , ولكنه لم يمهلها وقتا للشرح . قررت أن تصحح خطأه حالما تنهى احتساء الشاي . اختفت كاتي بعد ارتشافها نصف الفنجان تقريبا , وبعدما رفضت كل العروض لتناول البسكويت . قالت باربرة ساخرة بعد ذهابها : - ستتحضر للمقابلة ! واخذت سندويشا من السلمون المدخن : - أتشعرين بأن الآنسة لورد تتمني لو تكون سيدة هذا المنزل ؟ ردت ليا عن غير اكتراث : - لن تكون الأولي . إن ماتيوس يقاوم الدائبات إلى هذه السيادة منذ زمن , ولا أظنه يلاحظ هذا ابدا . صبت باربرة المزيد من الشاي : - لست واثقة , فهو لم يعد شابا . يجب أن يتزوج , عاجلا أم آجلا . - لماذا ؟ هزت باربرة رأسها : " لماذا ؟ تعرفين لماذا . إنه بحاجة لمن يرث ما يملك . أليس كذلك ؟ " - أتقصدين ابنا ؟ - أو ابنة . لا أظن أن الإرث يهمه كثيرا . إنه بحاجة لزوجة لتلد له وريثا . احدوبت كتفا ليا : - لن يتزوج امرأة ككاتي لورد أبدا . - لماذا لا ؟ أعترف انها لا تعجبنى . ولكن لا يمكنني أو يمكنك الحكم على ما يعجب ماتيوس . شعرت ليا بجسدها يتوتر وباربرة تتكلم . وهذا أمر سخيف بالطبع لايمكن لماتيوس أن ينجذب لكاتي لورد . إنها باردة جدا متطرفة في كل شيء وهذا يكرهه ماتيوس ويعترض عليه . ولكنها أدركت أن لا شأن لها بهذا , باربرة على حق . كيف لها أن تحكم على ما يعجبه من النساء ؟ لقد دعا كاتي إلى منزله لأوهى الأسبابا . فماذا لو كان معجبا بها فعلا ؟ ماذا إذا جاء بها إلى هنا ليرى كيف تنسجم مع حياته ؟ وكيف تتوافق مع ليا ؟ ربما هذا ما جعله غاضبا عندما عاملتها بطريقة فظة . - هل أنت على مايرام ؟ كانت باربرة تنظر إليها باستغراب . فسارعت ليا إلى لملمة شتات نفسها . - أجل . أجل . بالطبع , ولماذا لا أكون على مايرام . عبست باربرة : - لا أدري . لقد شحب لونك بشكل فظيع فجأة . وقفت ليا : - لاتكوني سخيفة . أظنني تعبت من نقل الأغراض . - انتظري حتى يراها ماتيوس . على الأقل لن يقول إن كاتي علمتك كيف ترتدين الملابس . - لا . لن يستطيع قول هذا . أراك فيما بعد باربرة , أريد الصعود لأخرج المشتريات من أكياسها . بعدما أقفلت باب غرفة الجلوس , لم تتجه إلى الدرج بل أسرعت إلى مكتبة ماتيوس , مترددة لحظة قبل أن تدق الباب . - فيما بعد سيدة فلاندرز . كانت نبرة ماتيوس النافذة الصبر مسموعة بوضوح من وراء الباب الخشبي الصلب . ولكن ليا دقت ثانية . لأنها تعرف أنها لن تجد فرصة أخرى لمكالمته قبل أن يتحدث مع كاتي . - قلت لك فيما بعد سيدة فلاندرز . صمت فجأة عندما رأى ليا : - آه ! هذا أنت . ماذا تريدين ؟ ألم تقل لك السيدة فلاندرز إنني مشغول ؟ - بلى . تجد صعوبة في المحافظة على تهذيبها عندما يكلمها بهذه الطريقة . كان قد تخلص من ربطة عنقه وفتح أزرار قميصه . سمعته يقول : " حسنا " شاهدت فيليب في الغرفة وراءه منصبا على بضع أوراق . رفعت نظرها إلى نظرة ماتيوس المنتقدة : - أريد محادثتك . - عم حديثك ؟ - إنه . أمر خاص . هلا منحتنى لحظات من وقتك . المسألة حياة أو موت . تحولت عيناه من اللون الأخضر إلى الرمادي . - صحيح ؟ - لا - إذن انتظري . تراجع إلى الغرفة , قبل أن تستطيع منعه , وأقفل الباب . استسلمت في غرفتها إلى احباطها وغضبها , فرمت إلى الأرض الأكياس التى رتبتها من قبل على السرير . ماتيوس لا يطاق . لقد تعمد إذلالها . لا تريد أن تفكر في ما ظنه فيليب جفرسون عندما تحدث إليها بتلك الفظاظة . ماذا يحاول أن يفعل ؟ أيحاول دفعها إلى كرهه ؟ ألم يقل لها سابقا إن من السهل أن تكرهه , وها هي تصدقه ! نزلت إلى العشاء مرتدية بزتها الجديدة . كانت بزة جذابة من القطن الوردى اللون , الذى أبرز اسوداد شعرها , وبشرتها العاجية . توقعت عندما كانت ترتدي ملابسها أن يصل ماتيوس إلى غرفتها غاضبا , ولكنه لم يظهر فكان أن توصلت أخيرا إلى استنتاج بأنها تبالغ في حساسيتها . كان الضيوف كما في الأمسية السابقة مجتمعين للعشاء . قال لها فيليب : - ماذا أقدم لك أيتها السيدة الشابة ؟ماتيوس لم يصل ولكنني واثق بأنه لن يعترض إن قدمت لك ما يفتح شهيتك . نظرت إلى ما حولها فى الغرفة . تتبادل الابتسام مع باربرة . ثم تحركت عيناها إلى كاتى الجالسة برشاقتها المعتادة في مقعدين بذراعين . - ليس من عادة ماتيوس التأخر عندما يكون عنده ضيوف . قالت كاتي : " لقد تأخر في الذهاب لتغيير ملابسه " توترت أعصاب ليا بسبب الاعتداد بالنفس الذي تراه على وجهها . - أمضيت أنا وخالك وقتا في الحديقة . وذلك بعدما أنهى مناقشته مع السيد جفرسون . صاح فيليب : " ناديني فيليب كاتي . هل أقدم لك شرابا آخر قبل أن يصل ماتيوس " ارتشفت ليا شرابها متوترة , ولقد اقتنعت أن تصرفات كاتي لا تحمل الخير لها . عما تحدثت مع ماتيوس في الحديقة ؟ لماذا تجلس هكذا وكأنها قطة ابتلعت قطعة لحم ؟ لا يبدو لها أن الحديث الذي تبادلاه سبب لها إحراجا . ظهر ماتيوس في الوقت الذى أعلنت فيه السيدة فلاندرز أن العشاء جاهز , فاعتذر على التأخير . - وصلتنى مكالمة من أميركا . وكنت على وشك النزول . نظرت ليا إلى وجهه , فلم ترد دليلا على الغضب الذى توقعته . بل على العكس , طافت عيناه فيها بذهول . كانت الوجبة لذيذة , صدور دجاج مطهوة بالخل والحليب وقطع لحم مجفف , وبطيخ وخيار بين ثلاثة أنواع من الحلوي . لأول مرة منذ فترة , استمتعت ليا بالطعام . بعد تقديم القهوة في غرفة الاستقبال , اعتذرت ليا لتصعد إلى غرفتها فلاشك أن ماتيوس وضيوفه يريدون السهر حتى وقت متاخر . شعرت بالسرور لأنها لم تفكر كثير في ماتيوس , فمن الواضح أنه تبادل مع كاتي حديثا لطيفا قبل العشاء وهى ترفض اعتبار تعليقات باربرة أكثر من مجرد أقاويل . انتزعت قرطها من أذنيها وأخذت تتفرس في صورتها في المرآة في هذا الوقت سمعت طرقة خفيفة على بابها , وضعت القرط الذهبي المستدير على طاولة الزينة , وتقدمت تفتح الباب ثم تراجعت مذهولة : - ماتيوس ! - اجل . ماتيوس . هل لي بالدخول ؟ فكرت بسرعة : - الوقت متأخر . ألا يمكنك الانتظار حتى الصباح ؟ دخل إلى الغرفة ليتجاوزها : - اقفلى الباب ليا . أريد محادثتك وأفضل ألا يسترق أحد السمع إلى حديثنا . تنهدت بعد صمت عدائي قصير ثم أقفلت الباب وهي تقول بتحد : - حسنا . ماذا تريد أن تقول ؟ أنت غامض , ماذا سيقول ضيوفك عن اختفائك فجأة ! رد ببرود : " يعرف أحدهم على الأقل أين أنا . كاتي , ولكن لاشك أن تعرفين سبب قدومي , فما أنت بغبية " - شكرا لك . لكن مخطىء ليس لدي فكرة عما سبب انزعاجك . - انزعاجي ؟ لا تمثلى على ليا . تعرفين ما أزعجني , لقد تعمدت تضليلي . وأريد تفسيرا . احتاجت إلى الكثير من الشجاعة لتبتعد عن الباب ولكنها ابتعدت أخيرا . أمسكت الفرشاة عن طاولة الزينة , وبدأت بتمشيط شعرها . - لم أضللك ماتيوس . ألا تذكر أننى حاولت أن أكلمك بعد الظهر ولكنك كنت مشغولا . انتزع الفرشاة من يدها : - وكيف لى أن أعرف سبب قدومك ؟ - لم تمهلنى وقتا لأتكلم . أليس كذلك ؟ لقد صففت الباب في وجهى . - كنت مشغولا . - ليست غلطتي . - لماذا لم تنتظري ؟ نظرت إليه ساخطة : - أين ؟ خارج باب مكتبتك ؟ ماذا تريد أن أفعل ؟ ان أجلس على ممسحة الباب , وهو المكان الذى تود لو أبقى فيه ؟ اسود وجهه غضبا : - هذا غير صحيح ! لماذا لم تخبريني بالأمس بأن الثياب غير جديدة ! - كانت جديدة بالنسبة لي . - لم تخترها كاتي . - قالت كاتي إنها قذرة رخيصة , فلماذا أخبرك ؟ - لماذا فعلت هذا ؟ - فعلت ماذا ؟ - لماذا رفضت ارتداء الثياب التي اختارتها لك كاتي ؟ - لانها لا تناسبني . - ماذا تعني ؟ - لإنها لا تناسب عمري . أشار إلى ما ترتديه : - وهل هذا جديد ؟ - اجل - لماذا لم ترتديه إذن ليلة أمس ؟ - لاننى لم أكن املكه ليلة أمس . لقد اشتريته لي باربرة اليوم . ضرب مؤخرة الفرشاة على راحة يده : - هكذا إذن . وما رأي باربرة بالثياب التي اختارتها كاتي ؟ - إنها توافقني الرأي . - أعتقد أنك أخبرتها قصة محزنة عن عدم تعاطف كاتي معك ثم قلت لها إنك تكرهينها لأنها كل ما ترغبين أن تكون عليه . نظرت إليه بازدراء : " لا ! هذا قول فاسد قذر " - لكنك تكلمت عنها . ألم تفعلي ؟ - ليس كثيرا - أراهنك ! أحست ليا بالغضب يتصاعد بسبب سخريته : - أتعتقد أن كل ما يشغل بالى هو التفكير في كاتي لورد . حسنا . أنت مخطيء . إذا كنت تصدق كل ما تقوله فهذا لايعنى أن على أن أحذو حذوك . وبما أننا نتكلم عنها فمن الأفضل أن تعرف أنها تحبنى بمقدار ما أحبها ! صاح بصوت ملؤه الشر : " ليا " لكنها تجاهلت إنذاره وقالت ساخرة : - هذا صحيح . وإذا كنت تخطط لجعلها سيدة " ماتلوك ايدج " فعليك التخلص مني أولا ! صاح وهو ينظر إليها بغضب : - ليست فكرتك بسيئة فلم أر منذ مجيئك إلى هنا إلا المتاعب . حبست أنفاسها شاهقة " آه ! " ثم شهقت متألمة من فظاظته المتعمدة - كيف تقول كلمات كهذه ؟ - هذا صحيح . انت متوحشة مدللة وقد آن لك أن تكبري . لم تستطع رغم الصدمة السماح له بالنجاة بما قاله : - هل هذا صحيح ؟ لقد جرح كرامتها . آلمها كثيرا . لكنها ترفض الاستسلام بلا قتال . ربما ستندم فيما بعد . وربما ستكره نفسها لما ستقدم عليه . ولكنها تشعر الآن بأهمية أن تكسب المعركة , إن لم يكن الحرب كلها . رمت بكل النواحى الاخلاقية جانبا , ومدت يديها تمسك بوجهه بين راحتيها . فاجأته وإلا ما نجحت . تحول غضبه إلى عدم تصديق عندما عانقته . كانت صدمته أقوي من أن يستطيع القيام بسيء عدا الوقوع , كانت أناملها ترتفع إلي مؤخرة عنقه , تضغط نفسها إليه . صاح بصوت مخنوق : " ليا " تمسكت به , رافضة تركه ولكنه تمكن أخيرا من إبعادها عنه وأسرها بين ذراعيه بطريقة مؤلمة . قال بصوت مرتجف : " أيتها الكلبة الصغيرة ! أيتها الأنانية اللعينة ! " وقبل ان تقدر على منعه , ارتمي إلى الخلف فوق السرير وجرها معه ليضعها على ركبتيه وجهها إلى الأسفل . صاحت شاهقة : " لن تفعل . لن تجرؤ ! " مد يده إلى الفرشاة . علمت من خلال وجهه المظلم بالغضب أنه سيفعل , فأخذت تتوسل : - ماتيوس , أرجوك . لا تفعل ! أرجوك ! لكنه لم يصغ إليها . كانت عيناه غريبتين , وكأن مشاعره هى التى تسيطر على أفعاله . فأخذ قلبها يخفق بوحشية . لم تكن رغم نشاطها وحيويتها وشبابها ندا له فى القوة . نزلت الفرشاة بما لا يقل عن ست مرات على مؤخرتها وفي كل مرة كانت تؤلمها بجنون . ولم يمنعها من الصراخ إلا خشيتها أن تسمعها كاتي . عندما تركها , كانت تبكى بصمت . الدموع تنهمر بغزارة على وجنتيها . أحست بالغثيان وبالإذلال كما لم تحس قط . وقفت مشيحة له وجهها . لقد فعل ما بوسعه لإهانتها . سادت بضع دقائق من الصمت المطبق الذي لم يقطعه سوي أنفاسها المضطربة . أخيرا تمتم ماتيوس : - آه ! ياالله ! ثم وقف فجأة فتسمرت ليا لأنها مقتنعة بأنه يسستمر في تسوية شخصيتها . ولكنه لم يزد على كلامه . بل سمعت وقع قدمية فوق الأرض , وماهى إلا لحظات حتى صفق الباب وراءه . في تلك اللحظة أدركت كم كان كبتها لمشاعرها شديدا . تصاعد الغثيان إلى حنجرتها . فأسرعت إلى الحمام لتفرغ ما في معدتها في الحوض , فكان أن امتزجت الدموع مع العرق المتفصد من بشرتها المرتجفة . | |