آخر 10 مشاركات
عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          معذبتي الحمراء (151) للكاتبة: Kim Lawrence *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          ثَأري..فَغُفْراَنَك (الكاتـب : حور الحسيني - )           »          الرزق على الله .. للكاتبه :هاردلك يا قلب×كامله× (الكاتـب : بحر الندى - )           »          شـقّ الـغَـمـام (الكاتـب : مدامع حزينة - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          263 - بيني وبينك - لوسي غوردون (الكاتـب : PEPOO - )           »          ندبات الشيطان- قلوب شرقية(102)-للكاتبة::سارة عاصم*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : *سارة عاصم* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree2Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-04-09, 01:08 AM   #11

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي


مشكوره ذوق و cloud of hope والله يعافيك ياقمر والتكملة جايه باذن الله


المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس
قديم 05-04-09, 04:55 AM   #12

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي

3/البحث عن وهم
الآن ..ماذا؟
لم يكن لأناقة غرفة الجلوس الفسيحة في منزل هايدن جاكوبس أي تأثير عليها وذلك للهوة التي يستحيل طمرها بين الرجل الذي عرفته وأحبته في العالم الرائع لجزيرتها الاستوائية ،وبين ذلك الكاتب المتعجرف، المليونير المشهور.
حسنا جدا.. لقد حققت ما صممت أن تفعله ،لكنها الآن لا تعرف ما يجب أن تفعل بعد ذلك. فهي لم تفكر الى أبعد من نقطة اختراق عزلة هايدن جاكوبس الخاصة ..اذ كان هذا هو الهدف الوحيد الذي أبقاها حية منذ أن اكتشفت أنه مايلز.
انها لم تتخل أبدا بعد أن غادر مايلز الجزيرة، عن أملها في عودته.. و كان ليون بعد عودته في اجازة للجزيرة ،وقد أقلقته حالة أخته العاطفية ، هو الذي أخبرها أخيرا عن هايدن جاكوبس.. لقد كان في لندن حين تفجرت الصحافة الانكليزية بالعناوين الأولى والصور عن المليونير المفقود، وعودته المعجزة الى عالم الأحياء ..ولم يمر وقت طويل حتى عرف فيه الرجل الذي كانوا عرفوه باسم مايلز.
قال لها بقسوة:
ـ مايلز مات.. لكن بالنسبة لك ..كما أنت ميتة بالنسبة له.. لقد وجد ماضيه ياادنا.
كان مصمما على انتزاع أخته من حلمها اليائس.. وأكمل بصوت لطيف:
ـ لكنه خسرك.. اما أنه نسيك أو يحاول أن ينسى كل شئ حدث له منذ رماه الموج على جزيرتنا ..قالت الصحف انه يرفض اعطاء أية معلومات عن الستة أشهر الذي غابها، لكنني أظن أنه أصيب بنوبة فقدان ذاكرة أخرى ،لم تبق شيئا سوى ثقب أسود لأيامه في سانت باتريك.
لكن نظرة ادنا الميتة الجامدة أرعبته ..و سألت:" من هو ..يا ليون ؟".
فقال لها ليون كل ما يعرف ،ولم يخ.ف عنها شيئا ثم أكمل:
ـ هكذا ترين ياحبيبتي.. أنها قضية خاسرة ..انه لا يحتاج اليك الآن ..لقد عاد مرة أخرى ذلك الرجل الشهير الثري الصحيح الجسم ،وقد يرتاب بأي شخص قد يدعي معرفته به خلال فقدانه الذاكرة ،حتى ولو أقنعته أنك كنت مهمة له وقتا ما.. فأنا واثق من أن لا مكان لك في حياته الآن، لذا تقبلي الواقع وحاولي نسيان أنك قابلته يوما !
لكن ادنا لم تفعل هذا .وحين استعد ليون للعودة الى انكلترا ،،تركت سانت باتريك معه مصممة على شق طريقها بقوة الى ذاكرة مايلز ،مهما كان الثمن الذي ستدفعه، ولم تجد صعوبة في جمع المعلومات عنه.. وكما حذرها ليون ،كان شهيرا جدا قبل اختفائه ،وأصبح أسطورة منذ ذلك الوقت، و عرفت أنه متحدر من عائلة قديمة ارستقراطية ..والداه ماتا وهو طفل ورباه اثنان من أعمامه، تمكنا من تبديد ما تبقى من ممتلكات العائلة ..لكن مع عبقريته في الكومبيوتر ،ونزعته التجارية اللامعقولة.. أعاد هايدن اسم عائلة جاكوبس وثروتها الى أكثر مما كانت عليه من مجد سابق وقد بلغ الثلاثين.. اكتشفت أنه لم يتزوج أبدا ..كان هناك بضع شائعات حول خطوبة مبكرة لاحدى قريباته البعيدات ،و تدعى باولا جاكوبس ،لكن الخطبة كما يبدو، فسخت قبل رحلته الغامضة ،كما تميل الصحافة الى أن تصف اختفائه.
فهمت من المقالات العديدة ،أن هايدن جاكوبس كان يوما عابثا مجنونا..هكذا ابتلعت كرامتها، واستخدمت نفوذ عائلها،وعلاقاتها الاجتماعية ،ووكيل أعمالها دويل فرانسيس من بينهم، مصممة على أن تتعرف اليه اجتماعيا، لكنها هنا أيضا اتضح لها أنها في الاتجاه الخاطئ..فواضح أن هايدن جاكوبس، تخلى عن دائرته الاجتماعية..وحسب قول الصحافة كان يقضي أكثر أوقاته على متن يخته. و نادرا ما يزور بريطانيا.
باختصار كان بالرغم من كل شهرته، لا يمكن الوصول اليه.
بعد سنتين من هذا ،قدمت الفرصة نفسها لها..فقد عاد هايدن جاكوبس الى لندن ككاتب. وبمساعدة الحظ الحسن اختار دويل فرانسيس ليكون الوكيل الذي يمثله.
كانت واثقة جدا ..ومتفائلة الى حد السذاجة حين هاجمت ذاكرة هايدن جاكوبس المغلقة أول مرة..و ها هي الآن تجفل،تذكرة الألم الحاد والاذلال اللذين أحست بهما في أول لقاء لها مع عيني الكاتب الزرقاوين الخاليتين من أية مشاعر..ثم، مثله مثل اليوم، صرف النظر عنها دون أي أثر للتذكر.
وحدث هذا قبل بضعة أسابيع، كان دويل فرانسيس وهايدن جاكوبس يتناولان الغداء مع مخرج سينمائي واقترح دويل عليها أن تظهر في المطعم وكأنما بالصدفة، ليتمكن من تقديمها.
على عك اليوم ، فعلت ما بوسعها لتظهر كما كانت أيام سانت باتريك..وتذكرت كم أحست بالسخافة في ثيابها الواسعة الشعثاء وسط رواد المطعم الراقي. لكنها جلست تنتظر دويل فرانسيس ليقدمها له.
عند رؤيتها عينيه الزرقاوين تزدادان سودا كأنما تكدره ذكرى مرتبكة ..ظنت أن اسمها اخترق ذاكرته الميتة..وبسذاجة حمقاء، ابتسمت له كما كانت تفعل في الماضي..لكن لم يتجاوب معها ببسمة مثلها..وبقي وجهه باردا سلبيا الى أن تلاشت ابتسامتها في هزيمة محرجة.
وكان هذا فشلا مذلا..ولم تتمكن الا من اثارة ارتياب هايدن وازدرائه..ومثله مثل المنتج السينمائي اللذين كانا يراقبان محاولتها الخرقاء لفتنته..ظنها هايدن مجرد فتاة مولعة بالنجوم، تحاول أخذ فرصتها معه.
مع ذلك رفضت الاستسلام ..حين سمعت بتعديل نص قصة الجزيرة الضائعة ليصبح سيناريو لفيلم سينمائي، قفزت تتمسك بآخر بصيص أمل.
ـ آنسه جايمسون !
صوت جويس المرتفع الحاد، جاء من ورائها، ليخترق الضباب الذي غطى أفكارها المؤلمة .
ـ هل أنت بخير؟
رفعت ادنا نظرها، وجنتاها مخضبتان باحمرار قاتم ..آخر ما تحتاج اليه أن تفاجأ وهي تحلم أحلام اليقظة في غرفة جلوس الكاتب. لحسن الحظ كانت جويس هي التي فاجأتها وليس هايدن جاكوبس.
نظرت جويس بلهفة الى الفتاة الأكبر سنا:
ـ أكان هايدن فظا معك ؟أنا آسفة ..انه مستبد في بعض الأوقات !
ـ أوه..لا..لا..لاعلاقة لما..للسيد جاكوبس بشئ.
وقفت على قدميها مكملة:
ـ لم أكن متأكدة ما اذا كان علي أن أنتظره..لقد تركني فجأة..أترين؟
تبدد عبوس جويس على الفور :
ـ أوه..لا بأس في هذا اذن..بدوت لي حزينة جدا وأنت جالسة هنا ..ظننتك لم تفهمي أنك حصلت على العمل. لقد قابلته قبل رحيله، وقال انك مقبولة..وبالطبع تعرفين لماذا..أليس كذلك؟
وابتسمت بطريقتها الطفولية تذكر ادنا بنفسها:
ـ انها ضحكتك ..وهذا واضح !
رمقت ادنا الفتاة مفكرة،متعجة من دقة حسها ،وضحكت:
ـ لا أرجو هذا ..لا شك أن لديه أسبابا أفضل..فلو كانت ضحكتي فقط، لكان استخدمك أنت.
ـ أوه..أنت تعرفين ما أعني،فأنا واثقة من أنك سكرتيرة متفوقة..لكنني أراهن على أن ضحكتك هي السبب، واسمك بالطبع، ان رواية "العاصفة "هي أفضل رواية عنده.
فجأة نظرت الى ادنا نظرة غريبة وأكملت:
ـ انه اسم غريب، أليس كذلك؟
بدأت ادنا تتجه الى مدخل الردهة، وهي تزداد قلقا لدقة ملاحظة الفتاة.
ـ يجب أن أذهب الآن..سيكون لدنا وقت كاف للحديث غدا.
تجمدت عينا جويس:
ـ أوه لا..لن يتوفر لنا وقت لهذا..فما ان تبدأي العمل لن يعو لي عذر للمجئ الى هنا..انه لا يحب العائلة كثيرا و..وأنا من العائلة تقريبا.
ـ لكنه بكل تأكيد يحبك.
ـ لأنني فقط أذكره بشخص ما..انه..
صمتت جويس ثم استدارت لتنظر الى ادنا..للحظات بدت وكأنها ستقول سر فقدان هايدن لذاكرته، لكن صوت وقوف سيارة في الخارج أنقذها..وقالت لصديقتها الجديدة:
ـ لا شك أن هذه باميلا.لا يجب أن تبالي كثيرا لو أنك رأيتها غير ودودة في البداية..لقد مر هايد ببعض التاعب مع سكرتيرته الأخيرة، وتميل باميلا لأن تكون شكاكة بكل امرأة تأتي الى هنا..لكنها محبوبة فعلا، وأنا واثقة من أنها ستحبك ما ان تعتاد عليك.
ثم قطبت تصغي الى الصوت المرتفع الرتيب لوقع خطوات بحذاء عالي الكعبين، تسرع فوق الباحة المرصوفة خارج الباب الأمامي.
ـ لا يبدو أن هذه باميلا..عجبا..أوه..انها باولا !
دخلت امرأة بنية الشعر، تخلع عن كتفيها معطف فرو ذهبي اللون،برشاقة عارضة أزياء، كانت احدى أجمل النساء اللواتي رأتهن ادنا في حياتها ، لكن الوجه الرائع الجمال الذي أدارته نحوها، بدا متعاليا كئيبا .
قالت جويس بصوت مغيظ حاد:
ـ أوه..تبا..انها باولا..ماذا تفعلين هنا؟
التفتت عينا المرأة الجميلتان الخضراوان المزينتان الى الفتاة الشابة:
ـ أرجوك..لا تستخدمي هذه اللهجة معي..يافتاة ..أين خالك؟
ردت جويس باختصار:"خرج..وهذه ادناجايمسون..".
واستدارت الى ادنا بتردد ظاهر.
ـ هذه باولا جاكوبس.
تشدقت المرأة في كلامها قائلة:
ـ باولا بارتود..أفضل أن أدعى باسم عائلة زوجي السابق.فهناك أسر كثيرة من عائلة جاكوبس تنتمي لأصولنا.
وبسرعة تذكرت ادنا أن هذه هي "ابنة العم البعيدة"التي قل ان هايدن كان مخطوبا لها في شبابه.
وتابعت ابنتا العم حديثهما،متجاهلتين وجودها..وكانت باولا تقول:
ـ ياللازعاج..قال لي انه سيكون هنا بعد الظهر..جئت أتكلم معه حول حفلة نهاية الأسبوع..هل تمكنت من اقناعه بها؟
هزت جويس رأسها نفيا باستياء، فأكملت المرأة تسأل:
ـ ولماذا بحق الله؟ على أي حال، انها حفلة يوم مولدك ،وليس مولدي.
ـ لا أريدها ،ولا يريدها هايدن كذلك..اضافة الى هذا، يمكنك مناقشة الأمر مع ادنا..انها سكرتيرته الجديدة.
ردت باولا بابتسامة آلية:
ـ أوه ..حقا؟أتمنى أن تكوني أفضل من الأخيرة، فقد كان العمل آخر اهتمام لها..أين تعيشين؟
ردت ادنا باختصار:"في لندن".
لم تكن في حياتها قد خوطبت بمثل هذه الطريقة الفظة المتعالية. وبدا الارتياح على المرأة:
ـ حسنا جدا ..أنت اذن لن تقيي هنا.
تدخلت جويس متحدية:
ـ ستقيم هنا ..ستنتقل في الغد ، وتعمل مع هايدن في تحول قصته الى سيناريو.
نظرت المرأة اليها بقسوة:
ـ أوه..حقا؟حسنا..لن يمنعك هذا من الاهتمام بعلاقات ابن عمي الاجتماعية..وأتوقع منك أن تساعدينا في ترتيبات يوم مولد جويس التاسع عشر..فأنا أفضل أن لا أزعجه في أمور كهذه.
بدت فجأة متوترة بالرغم من تفوقها المتحفظ، وأدركت ادنا أن المرأة تخاف من ابن عمها المهيب. فردت بخشونة وهي تحس بالأسى على الجميلة:
ـ سأكون مسرورة..ربما سنتحدث بهذا في الغد.
لكن باولا لم تنته بد، وكافأت ادنا بابتسامة حلوة:
ـ أتمنى أن تستمتعي بعملك.هايدن رجل ساحر..ألا تظنين هذا؟
وكان هذا تحذيرا، لاسؤالا..ردت عليه ادنا باتسامة مهذبة وهي تتجه الى الباب الأمامي:
ـ لقد تعرفت اليه لتوي..لكنني أعر أنني سأستمتع بالعمل في كتابه..والآن..أرجو المعذرة..
لاحقتها نظرات باولا القاسية المشككة حتى سيارتها..وتساءلت عما اذا كان هايدن ،وقد عاد من "رحلته"يفكر مجددا بخطوبته المفسوخة..فالقلائل من الرجال يمكنهم مقاومة جمال باولا الواثق من نفسه.
كان شقيقها ليون، في المنزل حين وصلت، ويكاد يموت جوعا..قال لها وهي تدخل:
ـ لقد تأخرت..كنت على وشك البدء بتناول العشاء لوحدي، ماذا حدث لك؟
رمت ادنا حقيبة الكتف الكبيرة، وعدة ملفات على منضد الدهة:
ـ اضطررت لمقابلة شخص ما بخصوص عمل..ولست جائعة.تناول أنت طعامك..سأتناول شيئا بسرعة فيما بعد.
ـ أو..لا..لن تفعلي هذا..دجاجتي المسلوقة تستحق بعض الاحترام..لقد عانيت مشقة كبيرة في اعدادها.
ـ حسن جدا أيها المستبد، سأحضر نفسي في دقيقة.
ناداها وهي تجرجر نفسها متراخية:
ـ هاي..هل هنك مايسوء ؟تبدين غريبة.
استدارت تنظر الى وجهه القلق:
ـ ليس سيئا بالضبط..لكن..سأخبرك ونحن نتناول الطعام.
كانت تحمل مخطوطة كتاب سميكة في يدها حين انضمت اليه في غرفة الطعام الصغيرة حيث يتناولان وجباتهما عادة..وسألها:"ما هذه؟".
وسكب لها كمية طعام كبيرة في طبقها.
ـ قصة لم تنشر بعد:"الجزيرة الضائعة".
ضحك بنعومة:"تبدو لي وكأنها موطننا".
سألته بلهجة حذرة:"هل سمعت بها من قبل؟".
ـ لا أظن هذا ..من مؤلفها؟
منذ تركت منزل هايد جاكوبس، كانت تتسائل عما اذا كانت ستطلع ليون على سرها..وها هي فرصتها..لكن شيئا كان يصدها.حتى الآن، كانت تشاركه كل الخطط المتعلقة بمايلز، وتشركه في آمالها المتصاعدة، وتبكي على كتفه بعد كل فشل يحطم قلبها. ولاتظن أنها قادرة على تحمل توبيخ ليون ..أخيرا قالت:
ـ أه..أنت لن تعرفه..هذه أول قصة له.
ـ وهل كلفت بكتابة السيناريو؟
فاسترخت تعابير وجه ادنا الحذرة:
ـ ليس حقا..أنا مجرد شبح..حتى ولا هذا، سمني موظفة لها اسم سكرتيرة..فقد أعجبني الكتاب.
تابعت تعطيه المعلومات عن الكتاب والعمل قبل أن يسألها، ثم أكملت:
ـ ثم أنا بحاجة الى الخبرة..والوظيفة لم تصبح لي بعد ..سأمر باختبار أولا.
وقفت تجمع الأطباق المتسخة متجنبة العينين الضقتين المفكرتن.
كان احساس ليون القلق يزدادعمقا وهو يراقبها ،بعد قليل جلست على الأريكة قرب المدفأة المشتعلة، منغمسة بقراءتها للمخطوطة، تقلب صفحاتها واحدة واحدة بسرعة مذهلة، تتوف بين فترة وأخرى، تسجل ملاحظاتها على دفتر صغير.
أخيرا سألها وقد احظ الكوة الكبيرة من الصفحات على الأرض:
ـ ألست تقرأينها بسرعة؟ لا أستطيع أن أصدق أنك أنهيت كل هذا في ساعة واحدة.
رفعت رأسها اليه مفكرة لحظة:
ـ أوه ..أنا لا أحتاج سوى لقرءة آخر الفصول..وأنا الآن أراجع أول قسم لأرى اذا كان هناك أي تغيير في النص الأصلي.
ثم عادت الى القصة وهي تبتسم له،فسألها مجددا:
ـ أنت تعرفين الكاتب منذ فترة..أليس كذلك؟
ارتفع رأسها بحدة وذهول:
ـ ماذا؟..ما الذي جعلك تقول هذا؟
كانت عينا ليون تراقبانها بشئ من الريبة:
ـ كيف تفسرين اذن واقع معرفتك بالنص الأصلي للقصة؟
للحظات أحست برغبة لقول الحقيقة..كنها سرعان ما قررت أن تلتزم قرارها الأول..يجب أن تمر بهذا وحدها هذه المرة..وسمعته يسأل بلطف:
ـ أتودين أن تخبريني بالأمر؟
هزت رأسها:
ـ ليس بعد ليون..ليس قبل أن أعرف ين أقف.
اتصل بها دويل فرانسيس،فيما بعد، ذلك المساء. يبدو أنه تكلم مع هايدن جاكوبس، واستطاع أن يعطيها كل التفاصيل العملية التي نسي الكاتب أو رفض ،نقاشها معها. ولم تكن بحاجة الى تأكيد منه بأن فرصتها للاحتفاظ بالعمل ضعيفة جدا.
ـ أنا لن ألغي أي عقد لك الآن يا ادنا..جاكوبس ينوي مغادرة لندن بعد عشرة أيام، سنعرف خلالها اذا كنت ستبقين أم لا .يجب أن تجعلي من نفسك سكرتيرة لا غنى له عنها اذا كنت تريدين الاستمرار.
ـ أعرف..ولا أظنه مسرورا كثيرا بتصوره قضاءه عدة أسابيع وحده معي على متن يخته.
ساد صمت قصير من الناحية الأخرى للخط، ثم:
ـ هل سبب لك وقتا عصيبا؟ لا يجب أن تنزعجي منه يا عزيزتي، انه رجل عظيم وتعرفين هذا..انه ألطف بكثير مما يظهر.
ـ أعرف عن فقدانه للذاكرة يادويل..فقد أخبرني بنفسه.
بدت الدهشة على صوت الوكيل:
ـ أحقا فعل هذا ؟ حسن جدا ..انه على الأقل يثق بك.
ضحكت بمرارة:
ـ أوه..لا..لايثق بي..يظنني أسعى وراءه،أو وراء ماله،ويعلم الله ماذا غير ذلك..
فحاول الصوت الجاف تهدئة غضبها:
ـ لديه أسبابه يا حبيبتي..انه محاصر من الناس، والنساء خاصة، والكل يدعي أنه كان يعرفه خلال أشهر الضياع،ويحاول ابتزازه..ولو كان سيصدقهم، لكان له دزينة زوجات على الأقل..هذا الى عدد من الأولاد..
أجفلت ادنا :
ـ يا الله ! لم أفكر بهذا أبدا ..ظننت أن لا أحد من المفترض أن يعرف..
ـ لم ينشر هذا في الصحف لحسن الحظ..لكن هايدن ارتكب غلطة بارسال شرطة تحري ومحققين خصوصيين لكل جزيرة من جزر المحيط الهندي ،محاولا أن يجد ماحصل له خلال الأشهر التي تلت تحطم طائرته،وهذا آخر شئ يذكره قبل أن يفقد ذاكرته..لا يستطيع الكثير من الناس مقاومة فرصة الحصول على بعض المال..لكنه طر الجميع طبعا..انما لا يمكن لومه لارتيابه وحذره..خاصة مع امرأة مثلك.
ـ ماذا تعني ..امرأة مثلي؟
حسن جدا..أنت شابة جذابة، ولو عذرت عجوزا على قوله، لم تكوني ماكرة جدا في الطريقة التي حاولت فيها جذب اهتمامه..وفوق كل هذا عزيزتي، يعرف أنك قادمة من السيشل..فماذا تتوقعين اذن؟
تأوهت بتعاسة:
ـ ليس أكثر مما حصلت عليه ..أعتقد..بدأت أفهم الآن لماذا نظرت الي عائلته بارتياب أيضا.
ـ ليس جويس الصغيرة ..بالتأكيد؟
ـ أوه لا..ليس هي. لكن احدى بنات عمه..لقد حذرتني تقريبا أن أرفع يدي عنه.
وامتنعت عن تسمية باولا خوفا مما ستسمع.
ـ لا تقلقي من عائلته..كلما كان اعجابهم بك أقل، كان هذا أفضل..انه لا يخفي كراهيته لهم. ولا عجب في هذا..لقد تصرفوا بشكل مخجل خلال فترة فقانه وحين عودته كذلك.
ـ هيا الآن يا دويل..لاشك أن السعادة غمرتهم لعودته؟
ـ لا يمكن أن تكوني مخطئة أكثر من هذا. لقد كانوا مستائين جدا حين أدركوا أنهم سيضطرون الى التخلي عن المال الذي ظنوه أصبح لهم.حتى مالكولم، الذي عامله دائما كأخ له، كان متعلقا بحب مركزه الجديد كرئيس لأمبراطورية جاكوبس وتكدر جدا لتلقيه خبر عودة هايدن من بين الأموات. انها ليست عائلة حقيقية له يا ادنا. مجرد أبناء عم من بعيد يعيشون عالة عليه منذ سنوات ،ويستنزفونه.
ـ أنا ..لم أكن أعرف هذا يادويل..ما أفظع ذلك.
وتنهدت ،ثم تابعت:
ـ أتمنى لو لم أقنعك بأن تتدبر أمر لقائي به.
ـ حسنا، الأمر متأخر جدا الآن يا ادنا .ويجب أن تثابري على عملك..ولأجلي أنا، لا تجعليه يندم على قراره..قد ينتهي بك الأمر الى اكمال السيناريو معه، وهذه هي النقطة الرئيسية بالنسبة لي .هل قرأت الكتاب؟
ـ لا تقلق..سأنهيه ولو أمضيت الليل كله.
ـ فتاة طيبة ،لكن حاولي أن تنامي..ستحتاجين الى قوتك في الغد يا عزيزتي. اذا ظننته قاسيا اليوم، فانتظري لتري ما هو مخبأ لك، ما ان تبدأي العمل له.
***

Anissao likes this.

المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس
قديم 05-04-09, 09:23 AM   #13

cloud of hope
 
الصورة الرمزية cloud of hope

? العضوٌ??? » 85268
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » cloud of hope is on a distinguished road
افتراضي

الله يسلم هالأنامل الحلوة اللي تكتببأنتظارك حبيبتي الرواية مثيرة وحلـــوة


cloud of hope غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-09, 11:26 AM   #14

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي

كانت باميلا، الصغيرة الحجم ،والمتوسطة العمر ،هي التي فتحت لها الباب في الصباح التالي..ولا شك أنها كانت تعلم بأمر الوظيفة الجديدة .وقبل أن تعرف بنفسها ، أوضحت مدبرة المنزل المخلصة، أن ادنا مرحب ببها بن "الموظفين"الا أن من المتوقع منها أن تبتعد عن طريق السيد هايدن .
قالت بلكنة ايرلندية، وهي تقود ادنا الى الغرفة الاضافية الكبيرة:
ـ أنا واثقة من أنك ستجدين هنا كل ما تحتاجينه يا عزيزتي.
كان في الغرفة تلفزيون صغير، كتب، جهاز موسيقى..في الواقع، كانت المرأة قد عملت جاهدة على ألا يكون لديها عذر للتفتيش عن التسلية في مكان آخر من المنزل.
وتابعت مدبرة المنزل مترددة، محاولة التخفيف من وطأة تعليمات رب عملها الوقحة:
ـ يحب السيد هايدن أن يتناول طعامه في القسم المخصص له من المنزل..لذا، أرجو أن لا تمانعي في تناول طعامك وحدك ..ويمكنك دائما أن تنضمي الي في المطبخ اذا شعرت أنك بحاجة الى الصحبة..سيكون لطيفا جدا أن أتحدث مع شخص يهتم بشئ غير الشائعات..مثل جويس الصغرة أعني..
وافقت ادنا تطمئنها:
ـ انها كثيرة الكلام ..أليس كذلك؟ وهذه غرفة جميلة ..انني مسرورة جدا ..وأنا واثقة من أنني سأكون مرتاحة تماما هنا..على أي حال ،انها لبضعة أيام فقط ،أليس كذلك؟
بدا الارتياح على العجوز مع انقضاء الجزء الكريه من مهتها وانطلقت تظهر لادنا مملكتها الصغيرة منتهية بمكتبة ادنا الخاصة.
ـ قال السيد هايدن ،ان بامكانك استخدام هذه الغرفة متى شئت..غرفه الخاصة هي من الجهة الأخرى من الفيلا لذا لا تقلقي حول ازعاجه.
كانت غرفة جمية حسنة التهوية، أصغر و أكثر دفئا، من غرفة الجوس الفخمة.
الامتياز الوحيد لمبادئ العمل فيها كان منضدة المكتب الجلدية السمراء، الأنيقة، و خزائن الملفات المماثلة. واتجهت عينا ادنا مباشرة الى جهاز الكومبيوتر الخاص انتاج شركة جاكوبس، الموضوع على منصة خاصة..كان بالنسبة لجهازها كسيارة رولز رويس.
قالت باميلا، في آخر تقرير للتعليمات الدقيقة:
ـ سيكون السيد هايدن هنا بعد قليل. طلب مني أن أقول لك أن تحاولي الابتدء بالتعرف على جهازه الكومبيوتر، وأن تعلميني اذا كنت تحتاجين لشئ خر.
ـ لا شئ أبدا..الجهاز مكتمل تماما.
تقدمت الى المنضدة، وجلست على المقعد المريح المرتفع الظهر، المتحرك، واستدارت الى الجهاز..ثم تظاهرت بالانغماس في الجهاز غير المألوف لها.
كانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة بكثير حين دخل رب عملها الجديد الغرفة، مجيبا على تحيتها الصباحية المهذبة بتمتمة خشنة..لم يكن مزاج هايدن جاكوبس حسنا هذا الصباح..هذه الصفة كانت ما تزال القاسم المشترك بينه وبين مايلز . لكنه أجفل لرؤية ذلك الوجه الجميل المفعم بالحيوية، المبتسم بأمل ظاهر.
قال بخشونة:
ـ انسي الأمر..لم أخطط للبدء بالعمل اليوم. تابعي قراءة النسخة.. لا أعتقد أنك حصلت على فرصة للنظر اليها حقا.
قاطعته بحبور:
ـ أوه..لكنني فعلت يا سيد جاكوبس..أنهيتها ليلة..
نظرته الساخطة أوقفت حديثها.
ـ توقفي عن مناداتي السيد جاكوبس..اسمي هايدن..ظننت أننا تجاوزنا هذه النقطة بالأمس.
بدا أن لا وقت لديه، ولا النية للعبث.
ـ بكل تأكيد..أنا آسفة..أنهيت قراءتها ليلة أمس ياهايدن..ليس بامعان، ولكن بما يكفي لفكرة عامة.
أجفل:"هذا انجاز هام، اذا أخذنا بعين الاعتبار كونها مؤلفة من خمسمائة صفحة".
في الواقع لم تكن مضطرة لقراءة سوى المائتي صفحة، التي كتبها أخيرا في السنوات الثلاث الماضية..ومرت بسرعة على الجزء الأول الذي تعرفه عن ظهر قلب تقريبا..أو هكذا ظنت.لكنها سرعان ما ندمت على تفاخرها الطائش..فقد قام بتغييرات أساسية في نسخه القديمة التي كتبها في سانت باتريك، وكادت تكشف نفسها لو أشارت الى أحداث وشخصيات لم تعد موجودة.
قال هايدن بقليل من الحماسة:"من الأفضل أن نبدأ الآن".
ابتسمت ادنا له بابتسامة باردة مهذبة، ولم تقل شيئا. أخيرا اخترق الصمت الذي طال بابتسامة خشنة:
ـ من الأفضل أن تقومي أنت بالخطوة الأولى يا ادنا..أنا لم أشترك في كتابة سيناريو من قبل.
تقبلت اعترافه السهل بالهزيمة:
ـ حسن جدا..اذا أنت تكرمت بالقاء نظرة على ملاحظاتي.
أعطته الأوراق المطبوعة بالكومبيوتر وهي تشرح له قائلة:
ـ لقد أنجزت هذه هذا الصباح.
لو أنه تأثر بانتاجها غير الطبيعي، فهذا لم يبدو عليه. وكل ما كان على استعداد لأن يقوله هو:
ـ أرى أنك لم تجدي صعوبة في العمل على الكومبيوتر..أي نوع تستخدمين؟
ذكرت له الصنف وتمتم موافقا:
ـ بطئ.. لكن يعتمد عليه.. أعذريني الآن.
دون أن يجلس بدأ يراجع الصفحات المطبوعة. حين رفع عينيه أخيرا عن الصفحات، لم يبد عليهما أي تأثر بالأسلوب..وقال بهدوء:
ـ أجل..يعجبني هذا..انها افتتاحية مثيرة للفضول..سنبقي على هذه..لكن تحفظي الوحيد هو معاملتك للفتاة"اليكسيس". أقترح أن نلتزم بنصي.
احتجت مجفلة:"لكنني التزمت به".
ـ بكل تأكيد لا يظهر هذا.."اليكسيس"التي كتبت عنها ساحرة جدا، أعترف بذلك، لكنني أجدها انسانة أكثر من اللازم، ومشوشة الذهن بالنسبة لأنثى محولة بشريا.
قطبت بحيرة:"انسانة محولة الى بشر؟".
نظر اليها طويلا بعينين ضيقتين:
ـ هل أنت واثقة من أنك قرأت القصة؟ أعني قصتي أنا؟ أم أنك تكتبين قصة خاصة بك؟
بذعر ،راجعت أول الفصول في ذهنها، ثم قالت:
ـ آسفة هايدن..لكنني حقا لا أعرف عما تتحدث.
ـ أنا أتكلم عن "اليكسيس"..الروبوت البشري..الأنثى المحولة الى بشر..تبا !
أخيرا انجلت تقطيبة ادنا المحتارة..اليكسيس في الصيغة الأصلية كانت روحا تنزع الى الأذى..ولم يكن هناك اشارة الى روبوت بشري من صنع الانسان..في عجلتها لقراءة الكتاب، تجاوزت التغيير الذي قام به.
قالت ببرود:
ـ أنا آسفة..قلت لك انني راجعت الكتاب بسرعة..ولم يخطر ببالي أن تكون محولة الى بشرية.
ـ عجبا ..كيف يمكن لهذا الواقع أن يفوتك..ظننته واضحا جدا.
الطريقة الوحيدة أمامها للخلاص كانت الهجوم:
ـ حسن جدا، لا يمكن أن تكون مقنعا جدا حول كونها محولة الى بشرية..فقد بدت بشرية جدا بالنسبة لي.
صمت طويل ، ثم سأل مشاكسا:"أصحيح؟".
ـ أجل..ومع أنني قد أخاطر في التدخل فيما لا يعنيني، أقول انه من الخطأ اعتبارها آلة من صنع البشر.
لقد تمادت كثيرا..دويل فرانسيس نبهها الى أن تبقي رأيها نفسها، وأن تكبح مخيلتها المبدعة..فعملها هنا تقني بحت، والعبقري هو هايدن جاكوبس وحده.
لكن ردة فعل كانت بعيدة عن التصور. اذ قال باعتدال:
ـ حسن جدا..سنستبقي هذا الآن، وسأراجع القصة بحذر أكبر فيما بعد.
تمتعت باعتداد نفس كسبته..هذا أول صراع بينهما،وعلى الأقل، خرجت منه منتصرة.
رمى هايدن الصفحات المطبوعة، استقر بارتياح على أريكة جلدية رائعة، ساقاه الطويلتان ممدودتان على كرسي للقدمين..اذن هكذا سيكون مركزي عملهما..هو يتمدد بكسل قرب الجدار الزجاجي، يتمتع المنظر الأخضر للمروج بينما هي تجلس مستقيمة الظهر خلف المنضدة، تواجه الجهاز.
تابع يلتقط نص كتابه:
ـ حسنا..دعينا نكمل..أيمكن؟ أظنني أعرف من أين نتابع من هنا.
استوت ادنا في جلستها، يداها على مفاتيح الطباعة مستعدة للعمل.
سألته بمكر:
ـ خارجي أم دخلي؟
ـ أرجو عفوك؟
ـ من المفترض أن نصف كل مشهد بالتفاصيل الأساسية..نهار أو ليل..خارجي أو داخلي..الخ..فأي مشهد سنكتبه الآن؟
نظرته الباردة، أخبرتها أنه فهم نيتها في كشف جهله بهذا الخصوص. وقال بهدوء:
ـ سأترك لك كل التفاصيل التقنية..ولسوف أفهم كل شئ بعد بضعة أيام. أما حاليا، دعينا نركز على الحبكة العامة، والعناوين الواسعة للسيناريو كله..ورغم جهلي، أفترض أن هذا ،يكون أول اهتماماتنا.
توهجت وجنتا ادنا وهي تحس الحرج. انه محق، طبعا..فهذه أول مرحلة، وكان يمكن أن تقول هذا لو لم تكن متشوقة بغباء كي تدهشه بذكائها.
تابع، وكأنه يسخر منها..العين بالعين !
ـ لكنك أنت الخبيرة .لذا أنا سعيد جدا بأن ترشديني.
هزت رأسها بذهن متلبد، شاعرة بغباء كامل..هايدن جاكوبس ستكون له دائما اليد العليا ،كما كان مايلز تماما، وأكمل:
ـ هل لنا أن نبدأ اذن؟
كانت بداية بطيئة مترددة..كانت مضطرة لترك منضدتها كل بضع دقائق، لتقطع المسافة بينهما الى حيث كان متمددا لتقارن أوراق نسخته بأوراقها..حتى أن عضلات ظهرها وكتفيها بدأت تتألم..لكنه سرعان ما ضجر، كما دل عليه صوته الساخط.
أخيرا وفي تنقلها العاشر عبر الغرفة..توقفت مسمرة ثم انفجرت ضاحكة.فكل ما يجري سخيف منا للعقل. وانضم هايدن الى ضحكها المقطوع الأنفاس، دون توقع منها، بضحكة منخفضة مألوفة جدا لها.
ـ أوافقك تماما..فهذا لن يوصلنا الى أي شئ..اذن أيتها الذكية..كيف تقترحين أن نقوم بهذا؟
وقف يرمي نسخته من يده على الأرض..
أخيرا توصلا الى نوع من الاتفاق..فهو مايزال يحتفظ بروح مايلز المرحة والقدرة على السخرية من الذات، وكل هذا عاد اليه عن طريق سلاح فعال من ادنا..ضحكتها التي لا تستطيع صدها.
رسمت خطة بسيطة معقولة..واذ حصلت على موافقته ،ارتدت بنطلونها الجينز الواسع وكنزتها الضخمة القطنية التي تصل الى تحت خصرها النحيل.
الآن انطلقا في عمل متناغم..عادا معه الى نظام تعاونهما كما كان على أرض الجزيرة..الجو العدائي في الغرفة، تغير ..وسادت الضحكات، والمزاح السريع المتبادل، الذي طالما كانا يجيدانه..كان واضحا أنهما مازالا يتشاركان التعاطف الفريد من نوعه الذي كان يجعل كل مهما يقرأ أفكار الآخر حتى قبل أن يشكلها في كلمات.
حين دخلت باميلا تحمل صينية من السندويشات وابريق قهوة طازجة، وجدت المكتبة في خراب مكتمل..كل الأثاث مدفوع الى الجدار، ليترك الوسط فارغا..رب عملها مستلق على معدته، بينما مساعدته الجديدة، في بنطلون رث، وكنزة عملاقة،تزحف من حوله، تنظم وتعيد تنظيم الأوراق المبعثرة والصفحات التي كانت تغطي كل السجادة العاجية السميكة..راقبتهما للحظات بذهول. فهي لم تر هايدن أكثر استرخاء منه الآن وذلك منذ عودته من رحلته الجهنمية.
حيا هايدن المرأة المسنة بابتسامة واسعة:
ـ آه..باميلا، كنت على وشك الصراخ لمزيد من القهوة.
وبشئ من الصدمة، استعادت ادنا وعيها، لتدرك أنها مازالت غريبة بالنسبة له.
قالت مدبرة المنزل المسنة بحزم، ناظرة حولها بيأس تبحث عن ممر نظيف الى منضدة القهوة:
ـ تكاد الساعة تصل الى الثانية يا سيد هايدن..وأنا أصر على أن تتوقف وتتناول شيئا تأكله.
ـ دعينا وشأننا يا باميلا..وخذي السندويشات معك..لا أريدها.
نظرت اليه ادنا بانتقاد..لقد تناولت الفطور في الساعة الثامنة وهي الآن تتضور جوعا..قالت المدبرة:
ـ قد لا تكون جائعا يا سيد هايدن، ولكن الفتاة لم تتناول طعاما منذ وصلت الى هنا..سأترك الصينية قرب الأريكة وعليكما أن تجدا طريقكما اليها.
وبنظرة يأس أخيرة، تركت الغرفة.
شقت ادنا طريقها عبر وفوق، الأوراق، لتهاجم السندويشات اللذيذة المنظر، رافضة أن ترهبها قلة اعتبار رئيسها لمشاعر الآخرين.
ضحكة خافتة كسولة، وصلتها عبر الغرفة، لترسل رجفة في جسدها..وبحذر استدارت نحوه. كان جالسا على الأرض، مستندا بظهره الى المنضدة، يراقبها بتلك التسلية الكسول والمحطمة للقلب، والتي تذكرها جيدا.
قال بعفوية:"وأنا من ظننت بأن الأرواح لا تأكل..".
علق الطعام ف حلقها..وأكمل:
ـ ... لكنك لست روحا، أليس كذلك؟أنت بشر بشكل يبعث على السخط.
لا يمكن لهذا أن يحدث...بقيت تقنع نفسها مرات ومرات..لا شك أنها تحلم في يقظتها..بكلمات قليلة عفوية، ممازحة، قفز فوق كل الحواجز، فوق كل السنوت التي تفصلهما..أخذ دما يجري بجنون في عروقها، وأجبرت نفسها على البقاء حيث هي، وجهها يخلو من كل تعبير. بعينين متسعتين، غير مرتجفتين، انتظرت حركته التالية.
ولكن لم يحدث شئ..كان الرجل ينظر اليها بابتسامة لطيفة، لغريب ودود، لا يدري أبدا تأثير الكلمات غير العادية التي نطق بها لتوه.
ـ حسنا..أكملي طامك يا امرأه.
صوته كان مايزال دافئا، وكسولا كصوت مايلز، لكن التعبير الجاف المثير للسخط، كان لهايدن جاكوبس:
ـ وصبي لي فنجان قهوة..أريد اكمال هذه.
كأنها مطعونة بسكين حادة، خرج نفسها الأسير في آهة منخفضة مسموعة. وصدمتها خيبة الأمل.
جلست..فأجفل لما رآه من شحوب وجهها:
ـ هاي..هل أنت بخير؟ أناآسف..من الأفضل أن نتوقف الآن لترتاحي قليلا..سنتابع فيما بعد.
أخيرا تمكنت من ابتلاع لقيمات، لكنها وضعت النصف الباقي من السندويش في الصينية.
ـ لا..دعنا نتابع..أنا بخير، حقا.
فلم يصر عليها.
ـ حسن جدا..اذن..هاتي سندويشاتك الى هنا ..بامكانك أن تأكلي وتعملي في ذات الوقت،ألا تستطيعين؟
مرت اللحظة، كانت قصيرة جدا، حتى أنها بدأت تظن نفسها تخيلت كل شئ..عادت على رؤوس أصبعها الى مكانها، قرب جسده الطويل المسترخي..بجهد انساني متفوق، تمكنت من أن تنفض عنها صدمتها المؤقتة، والعمل بالنسبة لها علاج قديم..كان مايلز يظنها تدفن شوقها له بالعمل المبدع المجنون، الذي يحولها من عاشقة، الى زميل عمل.
كانت الساعة قد تجاوزت التاسعة حين استوى هايدن أخيرا في جلسته، ومطط ذراعيه، وقوس ظهره العريض بالطريقة المألوفة القديمة التي مزقت ادنا من الداخل، وأعلن أنه بحاجة الى القليل من التمشي..
فقالت ببرود:
ـ شكرا لله..بدأت أظنك لا تتعرض لمثل هذا التعب الانساني.
كانا يجلسان متقاربين، ينظران معا الى النص النهائي للخطة العامة، شاعرين بالسعادة لانجازهما..استدار اليها:
ـ كم أنا فظ لا أراعي شيئا يا حبيبتي.
أجفلت ادنا، دون ارادتها، وأكمل:
ـ في المرة القادمة، من الأفضل أن توقفيني حين تشعرين أنني أدفعك بقسوة. لقد حذرتك بالأمس أنني أميل الى تجاهل الآخرين.
ردت بصوت منخفض وكأنما لنفسها:
ـ لا أعتقد هذا..لا أظن أنك دون احساس وبارد المشاعر،كما تحاول أن تظهر.
ـ هذا جميل جدا منك يا حبيبتي..لكنني هكذا، ومن الأفضل أن تصدقي..ما رأيك الآن بأن نركض معا قليلا؟
لاحظت أنه اعتبر أنها تركض باستمرار كأمر مسلم به، مرة أخرى ،دون أن يدرك، كانت ذاكرته لمدفونة بعمق تتلاعب، وبطريقة مستقلة عن عقله الواعي.
لحقت به الى أبواب الباحة المرصوفة، ثم الى الأبواب الخشبية في نهاية حديقة الفيلا، الي قادتهما الى ممر ضيق عام يتجه الى المرج. لا شئ يمكن أن يكون مختلفا عن الشاطئ الرملي في سانت باتك، أكثر من ليل لندن والعشب المبلل تحت حذاءيهما. مع ذلك انطلقا معا بركض بطئ، جنبا الى جنب، كما كانا يفعلان تماما منذ سنوات، في الجزيرة.
كان ركضا قصير المدى مقارنة بالأميال اتي اعتادا أن يركضاها، لكنها كانت مقطوعة الأنفاس حين وصلا الى الفيلا المظلمة.
قالت تعتذر وهي تلهث، محاولة التقاط أنفاسها:
ـ أحتاج الى التمرين..فأنا لم أحرك عضلة واحدة منذ أتيت الى لندن.
ـ منذ متى كان هذا؟
ـ أوه..منذ ثلاث سنوات ، تقريبا.
ـ جئت من السيشل، أليس كذلك؟ما اسم الجزيرة؟
ـ سانت باتريك.
ـ أوه..أجل.
دفعها أمامه، وأسرع بها الدرجات القليلة الى المنزل الهادئ الساكن، ولكن حين أصبحا في أمان في الداخل، ابتعد عنها، ما بدا لادنا وكأنه اشمئزاز مفاجئ. لكنها لاحظت الألم والارتباك اللذين غشيا وجهه، والطريقة التي نظر فيها اليها.
كانت تسير نحو المطبخ حيث ما زالت باميلا المسكينة منتظرة لتطعمهما، حين لاحظت أنه يسير في الاتجاه الآخر..وقال من فوق كتفه:
ـ قولي لباميلا، انني سأتناول طعاما بسيطا في غرفتي..اذا سمحت ..لا أشعر برغبة في وجبة كاملة.
توقفت مسمرة..مصدومة بفاظته المفاجأة، في وقت لم تتوقع منه هذا..وقالت ببرود:
ـ لقد كانت تحافظ على الطعام ساخنا لك طوال المساء..وتعرف هذا..ألا تظن أنك تدين لها ببعض الاعتبار؟
ـ اذا كنت أدين لها..فهذا بيني وبينها، ولاأرى كيف أن لك شأنا بعاداتي، الا اذا كنت غير قادرة على قضاء ما تبقى من الأمسية وحدك.
ردت بتوتر:
ـ لا تدع هذا يزعجك، لقد أمضيت معظم حياتي على جزيرة ليس فيها سوى أخي وأبواي أمضي أمسياتي معهم. لذا صدقني، أنا معتادة تماما على أن أكون لوحدي..عمت مساء !
أمضت عدة دقائق قبل أن تهدئ من جرح كرامتها..وذكرت نفسها أنه قد يعامل "أميرة" بنفس الطريقة المرتجلة..مايلز، وهايدن، لا يهتمان بالكياسة،فكلاهما يفعل بالضبط ما يشعر به..لكن الفارق، أن مايلز كان سيرغب برفقتها..بينما هايدن الآن ينكمش الى قوقعته باردا، وحيدا.
كانت العاصفة في الخارج قد انفجرت بقوة حين أنهت ادنا طعامها، وانسحبت الى خلوة نومهاالمريحة، متعبة جدا، مرهقة، لاتستطيع ارتداء قميص نومها، ولا أن تزحف الى تحت الغطاء. أذناها كانتا طنان بأصوات االريح المعولة، والمطر اللاسع خارج النوافذ التي لا ستائر لها.
جلست على السرير الكبير تفكر بهايدن..المقفل بابه عليه والمنغلق على نفسه. وتتسائل عما اذا كانت أحاسيسه أو دوافعه، لا يحكمها عقله الواعي ،وانما تحركها ذكرى ليلة مماثلة وعاصفة أخرى..أكثر ضراوة وشراسة من هذه النسخة الصغيرة.
***


المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس
قديم 05-04-09, 03:28 PM   #15

بنوته عراقيه

نجم روايتي وعضو بالسينما ورئيسه تغطيه و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارThe Vampire Diaries

alkap ~
 
الصورة الرمزية بنوته عراقيه

? العضوٌ??? » 9075
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,449
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » بنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

سلمت الايادي حبيبتي

بنوته عراقيه غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 05-04-09, 10:00 PM   #16

السيده ملعقه
 
الصورة الرمزية السيده ملعقه

? العضوٌ??? » 1236
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 948
?  نُقآطِيْ » السيده ملعقه is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك عالروايه الرووعه

ننتظرك حبيبتي


السيده ملعقه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-09, 02:09 AM   #17

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي

4/خيانة ذاكرة
###
كان الصمت المخيف الثقيل هو الذي أيقظ إدنا تلك الليلة..بقيت مستلقية جامدة في فراشها، تفسر سبب توترهابالصمت الخانق الذي يسبق عادة هبوب العاصفة. لكن العواصف العاتية الخطيرة لا تثور في مثل هذا الوقت من السنة.. هكذا، مثلها في ذلك مثل أبويها، وكل المحليين الذين يسكنون سانت باتريك، صرفت النظر عن جرس التحذير الذي أطلقت أحاسيسها. وقررت أن الأمر لا يعدو أن يكون عاصفة عادية.. وكانت على وشك العودة الى النوم، حين وصلت إليها أصوات آهات أمها المثيرة للشفقة عبر الجدار الذي يفصل غرفتيهما.
حين وصلت إدنا إلى جانب أمها، كان باتريك جايمسون يتصل عبر الهاتف ليستدعي طائرة هليكوبتر لنقله و زوجته إلى"ماهي"لإجراء جراحة طارئة.. كانت غريس جايمسون تعاني من ألم مبرح، ولا حاجة لطبيب ليشخص لها غثيانها الشديد، والوخزات المؤلمة الحادة في جانبها الأيمن على أنها نوبة التهاب الزائدة الدودية.. فالعيش في جزيرة منعزلة كان يوجب على أسرة جايمسون أن تكن على معرفة وحذر تامين بأي إشارة مرض.
في أقل من عشرين دقيقة، حطت طوافة المستشفى الصغيرة على المهبط البدائي المرصوف في حديقة المنزل وحمل مايلز غريس بين ذراعيه، ونزل بها السلم ، ليمددها برفق على المحفة..وقال باتريك جايمسون لإبنته:
ـ سأتصل بك حالما يكون لدي ما أخبرك به..في هذه الأثناء من الأفضل إغلاق كل مصاريع النوافذ الخشبية المقاومة للعاصفة. يبدو أن عاصفة قوية على وشك الهبوب.
انتظرت إدنا الى أن أقلعت الطوافة، ثم أخذت للإستعداد للعاصفة.
استغنت عن مساعدة الخدم، الذين لكل منهم منزله ليهتم به، ثم أعدت هي ومايلز المنزل لأي شئ يخبئه الجو الذي لايمكن التكهن به.
اتصل والدها بعد ساعة، ليقول لها أنهم وصلوا المستشفى بأمان، وإن أمها الآن تخضع للجراحة.. ولقد وصلا في الوقت المناسب، قبل أن تنفجر الزائدة.
كانت الساعة قد بلغت الثانية، قبل أن تنسحب هي ومايلز كل إلى غرفة نومه..وكانت إدنا مرهقة جدا بما قامت به من جهد في منتصف الليل، ومشغولة الفكر بحالة أمها.
استيقظت بعد ساعتين من النوم المتقطع، كل أحاسيسها متوترة لوقع المطر الشديد على المصاريع الخشبية الواقية من العاصفة، وعلى صوت الريح الشديد المخيف..على الفور، تذكرت مخطوطة قصة مايلز، ومخطوطة السيناريو الذي تعمل على وضعه، والموضوعين ،دون اكتراث،في خزانة خشبية في السقيفة.
وأسرعت إلى الخارج، لتقف لحظة عند باب غرفة مايلز، تفكر في أن توقظه، كي لا تذهب إلى الشاطئ وحدها..لكنها عرفت أنه سيمنعها من الخروج، وهكذا قررت أن تتابع ما بدأته لوحدها.
كانت مضطرة لتتصارع مع باب المطبخ الخلفي الضيق في وجه الريح الشرسة العاتية، وعلى الفور أصيبت بالبلل من جراء المطر البارد، الذي أخذ يلسع وجهها، وكأنه أطراف خناجر مدببة. كانت الريح تهب في اتجاهها، تعوي كحيوان جريح، تقاومها في كل إنش تتقدمه وهي تنزل السلم إلى الشاطئ. كان يجب أن ترتدي أحد المعاطف الواقية من المطر، الموجودة في خزانة في الردهة الرئيسية.. لكنها كانت مبللة حتى العظام، ترتجف بردا بشكل مثير للشفقة.
في منتصف الطريق توقفت، وقد غمرها الرعب من الجو المجنون الذي رمت نفسها فيه.. هذه ليست عاصفة عادية.. ولم يعد لديها أي شك في أن هذه عاصفة هوجاء، ربما تكون مقدمة لإعصار.
فجأة برز جسم ضخم ضبابي من قلب ذلك الجحيم، جعلها تكاد يغمى عليها من الرعب..وفقدت قدماها ثباتهما على الدرجات الحجرية المنزلقة، وبدأت تترنح دون شئ يحول دون إنقلابها رأسا على عقب، إلى الأسفل حيث الرياح العاصفة.
وما لبثت أن شعرت بالأمان وهي تميز في ذلك الجسم مايلز في معطفه الواقي من المطر.
ـ أيتها الحمقاء..ماذا تفعلين هنا؟
صاحت ليسمعها:"المخطوطات ! إنها في السقيفة ! ".
فرد صائحا:"إنها معي !".
دس ربطة كبيرة ملفوفة بعطف واقي من المطر بين ذراعيها، وفجأة كانت قدماها متدليتين في الهواء، وهو يرفعها تحت ذراعه وكأنها دمية متراخية.
كان وصول إدنا قد استغرق أكثر من عشرين دقيقة وهي تنزل مواجهة للعاصفة..إنما الآن، ومايلز يتسلق السلم مع اتجاه الريح، فقد أصبح خارج باب المطبخ في أقل من خمس دقائق، اذ كانت الريح تكادتدفع قدميه عن الأرض دفعا.
ما إن أصبحا أمام المنزل ، حتى أعادها إلى الأرض بعد أن تأكد من أنها أمسكت بحاجز الشرفة الحديدي، ثم جرها معه إلى الداخل مغلقا الباب في وجه العاصفة المجنونة.
أخيرا أصبحت صفحات الكتابين آمنة فوق منضدة المطبخ، رغم بلل طفيف لحق بها.
قال وهو يخلع لمعطف:
ـ في المرة القادمة التي تقررين فيها دفع ضحية مسكينة لعمل إبداعي عبقري، تأكدي من أن يصنع نسخة ثانية من عمله.. أنت مبللة جدا أيتها الحمقاء..وأنا كذلك. أين مفتاح النور؟
تركته وشقت طريقها في الظلام إلى مفتاح النور..لكن لم يحدث شئ، فقالت باستسلام:
ـ انس الأمر، من الصعب أن يعمل المولد في عاصفة كهذه. ستجد مصباح"الكاز"خلفك، عى الرف الأعلى..لا بد أنه ممتلئ. وعلبة الكبريت إلى جواره.
بعد دقائق من الشتائم المتدفقة، أضاء المطبخ نور باهت كليل.
ـ أين المدفأة؟.. لا أذكر أنني رأيت مدفأة في المنزل.
ـ نحن لسنا في انكلترا..إننا لا نحتاج أبدا إلى تدفأة هنا.
كا منشغلة بالموقد القديم الطراز، الذي يحتفظ به لمثل هذه المناسبات، التي يفشل فيها مولد الكهرباء بإعطاء الطاقة للفرن الحديث..حرارة الموقد اللطيفة جعلتها تحس بعدم ارتياح في ملابسها المبللة. وقالت له:
ـ هناك بعض البطانيات في الخزانة التي في الردهة الرئيسية..من الأفضل أن تخلع ملابسك، بينما أحضرها إليك.
أحست أنها أفضل حالا الآن وهي سيدة الموقف، فهي معتادة على العواصف بعكسه هو.
كان قد خلع قميصه ووقف قرب الموقد، يدعك جسده البارد بشدة بمنشفة المطبخ.. كان الضوء الباهت للمصباح يقع على ظهره النحيل القوي. ولم تستطع تحويل عينيها عنه. بدا وكأن له عينين في مؤخرة رأسه..فقد أجفلها بقوله:
ـ توقفي عن التحديق بي يا إدنا.. وبدلي ملابسك !
رمت إليه ببطانية وهي ترتجف، ثم ذهبت إلى غرفة مجاورة وبدلت ثيابها المبللة.
عندما عادت حاولت أن تحمي نفسها من نظراته، وهي تشعر بالذنب، فقالت:
ـ أوه..يا مايلز..أنا آسفة..لم أكن أقصد أن..
ارتفعت عيناه لتنظر في عمق عينيها:
ـ اصمتي، قطتي الصغيرة..نحن الآن بين يدي الأقدار، كما أعتقد..ولا جدوى من محاربتها.
سألته مستغربة:
ـ أنت لست غاضبا.. إذن؟
تجاهل سؤالها ،واستدار عنها:
ـ هيا يا إدنا فلنصعد إلى فوق، فنحن بحاجة للراحة بعد هذا العناء.
دفعها أمامه:
ـ هيا..من الأفضل أن تسيري أمامي، فأنت تعرفين المنزل أكثر مني.
والتقط المصباح.
سارت أمامه مباشرة إلى غرفة نومه، وتملكها شئ من الدهشة وهي ترى أن صوت العاصفة والمطر والريح في الخارج أصبح خفيفا جدا ، إلى درجة همهمة بعيدة مخنوقة، بالمقارنة مع ضربات قلبها العنيفة..ثم قال:
ـ أنت جميلة، أتعرفين هذا؟ أحاسيس تدلني على أنني لا شك رأيت بضع نساء في أيامي، مع أنني، لا أستطيع أن أتذكر واحدة منهن..لكن ماأعرفه أنك تخطفين أنفاسي بجمالك..
أدارت رأسها لتواجهه، فإذا به يركز عينيه على وجهها عينيها اللتين تسمرتا عليه. لم يستطيعا إخفاء المشاعر المكشوفة في نظراتهما، فقد كانت نوعا من المشاعر تملكت الروح والجسد معا. أخيرا أخفضت نظرها، لم تعد تستطيع تحمل المزيد من العذاب لكشفها عما في نفسها..
ثم قال:
ـ أوه..كم أحبك يا إدنا !
وعرفت من شدة وقوة الكلمات أنه أعطاها بذلك عهدا .فابتسمت والدموع تترقرق في عينيها:
ـ و أنا أحبك يا مايلز.
فجأة شعرت بالخوف، والرعب من المجهول، فهي لا تعرف إلى أين يقودها هذا المجهول الغريب الحبيب.
ابتعدت عنه وقلبها يعصف في مسار مغاير
تمتم قائلا:
ـ نامي الآن يا إدنا.. وإن لم تسمعيني قبل الآن:أحبك.
في الصباح نزلت إلى تحت فالتقت به،قالا دفعة واحدة عن العاصفة التي كات تزمجر بالأمس:
ـ لقد انتهت.
وضحكا معا ،وسألها مايلز.
ـ أترغبين في تفقد الأضرار في الخارج؟
واتجهت إدنا فورا إلى الهاتف، لتتصل بالمشفى لتسأل عن أخبار أمها. لكنها رفعت صوتها بحيث يصل إلى المطبخ حيث كان مايلز يحضر الفطور.
ـ الهاتف مقطوع.
رد عليها:
ـ وكذلك المولد..لا كهرباء..
سألها بعفوية، بعد أن رمت ملابسهما المبللة إلى سلة الغسيل:
ـ هل أنت معتادة على الخدم؟
ـ أستطيع العناية بنفسي جيدا دونهم، إذا كان هذا ما تقصد..إذا كنت تظن أن نقص المال قد يبعدني عنك فأنت تضيع وقتك سدى..هذا إلى أنك ستجني الملايين من كتابك.
لكنها ندمت على كلماتها قبل أن تنهي جملتها..فقد خبت ابتسامته، ونظر إليها بمزيج غريب من السخط وشئ يشبه الندم. ثم قال بهدوء:
ـ كلي فطورك يا إدنا..واصمتي.
لكن الضرر حصل..وذكرى ذلك الزجر الغاضب أصبح الآن يغشى أفقها الأزرق.
كانت الشمس تشرق متألقة فوق الفوضى الموحلة التي تركتها العاصفة ورائها.زلكن الضرر، بوجه عام، كان قليلا. وكان أهل الجزر معتادين على تقلب جو المحيط الهندي الذي لا يمكن التنبؤ به.
سقيفة الشاطئ ذهبت..عمدانها كانت مدفونة تحت السقف النخلي..لكن الطابعتين المحميتين بغلافيهما لم تتضررا.. حتى الخزانة الخشبية المتداعية كانت ما تزال هناك، وقد تناثرت حطاما ،بوقوع أحد الأعمدة عليها، ولحسن الحظ كانت فارغة،ليس فيها سوى بعض أدوات الكتابة و ورق الطباعة الفارغ..
تنفست بارتياح لوصولهما إلى الخليج، ووجدا أن"غريس" يخت العائلة، يتأرجح بهدوء فوق المياه الساكنة، وهو ما زال مربوطا بمرساة بأمان..وقالت إدنا متنهدة:
ـ سبق و انجرف اليخت إلى البحر مرتين في الماضي. تعال، لنعد ونتصل بالمستشفى عبر الراديو في المركب.
جاء صوت باتريك جايمسون الرنان بعد قليل، يخفي قلقه خلف توبيخ متوتر:
ـ حان الوقت لتتصلي..كنت أحاول الإتصال بالمنزل منذ السادسة صباحا.
ـ الهاتف مقطوع يا أبي..ولقد تأخرنا في النوم..كيف حال أمي؟
كانت غريس بخير كما أكد لها والدها، لكن كانت فرصة عودتهما إلى المنزل قبل نهاية الأسبوع ضئيلة جدا..فلا وسائل نقل.."ماهي" على عكس سانت باتريك، ضربتها العاصفة بشدة، وقد سادت الفوضى كل شئ..وسألها بحذر:
ـ ما هي الأضرار.. عدا خطوط الهاتف؟
عرفت ما يريد فعلا أن يسمعه:
ـ أنا بخير يا أبي، وكذلك مايلز..المنزل لم يمس،مولد الكهرباء توقف، لكننا سنتدبر أمرنا يا أبي..لا تقلق، بلغ أمي حبي.
ـ سأفعل ..وقولي لمايلز إنني أشكر له مساعدته..أحس بالإرتياح لوجوده هناك ليرعاك..وداعا الآن.
الصمت في قمرة اليخت، لم يكن يقطعه سوى همهمة المحيط..وكان مايلز يقف خلفها، صمته ينطق بأكثر من الكلمات.
استدارت بغضب تواجهه:
ـ لا تنظر إلي هكذا يا مايلز..فهذا أمر سخيف..فقد كنت ترعاني..ليلة أمس، كان يمكن أن تطيح بي العاصفة و أنت..
قاطعها بهدوء: "اصمتي يا إدنا".
و ابتعد عنها متجها إلى سطح المركب.
لحقت به ، فقال:"كدت أفقد سيطرتي على نفسي بالأمس وهذا ما لا أريد أن أتعرض له ثانية فربما لم أستطع في المرة الثانية تمالك زمام نفسي وفقدت السيطرة".
ـ إنك ..إنك لا تفكر بما قلته منذ أيام عن تركك الجزيرة فيما لو فقدت القدرة على ضبط نفسك..أليس كذلك؟
كان يقف قرب سياج المركب، ينظر إلى الجزر البعيدة السابحة في الضباب في الأفق الأزرق.
ـ لا يمكنك يا مايلز..لا يمكن أن تذهب ! ليس الآن !
استدار ليواجهها، فتنفست الصعداء وهي ترى وجهه منفرج الأسارير:
ـ لا تفكري بهذا يا إدنا..والآن، ما هي الإجراءات العادية في الجزيرة بعد العاصفة؟
لم يكن لديها خيار سوى طاعة أوامره حرفيا..وفيما بعد،أبعدت أية فكرة عن المستقبل، وأية لهفة أو كآبة من رأسها.
ذلك الصباح حين عادا إلى المنزل، وجدا سوزي و بلاك منكبين على العمل بنشاط، ينظفان المكان عائدين إلى عملهما المعتاد في منزل أسرة جايمسون. وانتظرا عودة سوزي و بلاك إلى عائلتيهما، ليسبحا،ويغطا، ويجولا في أنحاء الجزيرة، يتجنبان بحذر أية مواجهة قد تؤدي بهما إلى تصاعد مشاعر لا يمكنهما السيطرة عليها.
لكنهما كانا أكثر استرخاء في الأيام التالية..
وكانت هذه أجمل أيام حياتها..وبسببها بالضبط، لم تعد قادرة على التكيف مع أي نوع جديد من الحياة فيما بعد.
كان كريما في حبه،مع ذلك لم يكن جياش العاطفة و لا رومانسي بشكل مطلق..و لم تعد إدنا بالنسبة له روحا خالية،كما لم يعد هو أمير الأحلام..كانا مجرد رجل و امرأة، تربط بيهما علاقة حب.
الليلة التي سبقت عودة ريس وباتريك جايمسون إلى المنزل، لم تعد إدنا تستطيع كبح التوتر. سألت:
ـ مايلز..ماذا غدا؟
ـ تعنين اليوم ..أليس كذلك؟
ـ تعرف ما أعني..ماذا سيحدث حين يعودان؟
ـ ماذا لو عدنا إلى العمل؟
ـ أرجوك يا مايلز ..أجبني..
ـ لست أدري..دعينا نقرر و نحن نواجه الواقع..أيمكن هذا؟
لدهشتها تكيفا فورا مع التغيير الحتمي لحياتهما في وجود والديها..و عادا فعلا إلى العمل، و إلى رياضتهما المتنوعة. و أبقيا حبهما تحت رباط محكم..
لكن الإحساس باقتراب المصير المحتم، أصبح دائما الآن في نفس إدنا..كانت تشعر وهي تراه كل يوم في وقت الفطور بارتياح شديد وكأنما كانت تتوقع أن يختفي أثناء الليل..لم يقل لها أي شئ عن خططه، ولا أظهر لها أي دلائل عن وصوله إلى قرار..لكنها عرفت أن المجهول قادم، وهي عاجزة عن فعل أي شئ يمنع ذلك.
كان الوقت بعد عشرة أيام من عودة أبويها..وكانا يعملان في سقيفة الشاطئ، ظهرا إلى ظهر كالعادة..طابعتاهما تتنافسان معا في طقطقة شرسة.
فجأة صمتت طابعته، وقال دون أن يلتفت:"كيف حالك يا إدنا؟".
ردت بأدب ساخر:"بخير..شكر لك".
استدار إليه مبتسما:
ـ هذا على الأقل جسر تمكنا من إجتيازه.
ـ هل ستخبرني قبل أن ترحل؟
رد برقة:
ـ لا ..أنا آسف يا حبيبتي..لا أظنني قادرا على مواجهتك.
ـ سأقول لك وداعا الآن إذن.
ـ وداعا يا إدنا.
التفت إليه تواجهه..وبقيا ينظران إلى بعضهما للحظات يأس لا زمن لها، وبصمت كمل. ثم جعلها ترفع رأسها لتلتقي عيناها بعينيه الزرقاوين العميقتين، وكأنما يحاول طبع صورتها في ذهنه.
الألم الصرف الذي رأته في عينيه خرق قلبها. فابتسمت تحاول إراحته، ناسية بؤسها للحظات. أخيرا، رد عليها بابتسامة متكسرة، وتركها.
أدارا ظهريهما لبعضهما ليعاودا الطباعة.


المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس
قديم 06-04-09, 04:36 AM   #18

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي

في اليوم التالي كانت تسبح باكرا في الصباح كعادتها، و على مسافة بعيدة من الشاطئ، حين شاهدت طائرة صغيرة ذات مقعدين تحط على المدرج الصغير تحت المنزل.. وذابت كل قراراتها المتصلبة ،وهي تسبح بجهد إلى الشاطئ.. حين وصلت أخيرا إلى الشاطئ، كانت الطائرة الصغيرة تتحرك استعدادا للإقلاع..عبر النافذة رأت طيف مايلز وجانب وجهه المتكبر. وما كان عليه سوى أن يدير رأسه ليراها تقف، على عمق الركبتين في الماء، جامدة دون حراك.. لكنه استمر ينظر إلى الأمام بثبات..ثم اختفى.
اكتشفت فيما بعد ذلك النهار، أن مايلز تحدث مع والديها يوم عودتهما بالضبط من المستشفى في"ماهي".. وكان عنيفا في إصراره على أن يكون صريحا معهما.
بالطبع، لم دهشا لسماع حبه لابنتهما.. لكن صدمتهما جاءت حين فهما أخيرا أن لا مجال للزواج.
قالت غريس وصوتها يقطر ألما و إشفاقا:
ـ لم يخف عنا شيئا يا إدنا..أخبرنا حقيقة مجيئه إلى سانت باتريك ،وعن فقدانه لذاكرته.. إنه رجل دون ماض، دون هوية، وليس من حقه أن يربطه معك.
ـ أتعنين ،أنك و أبي شجعتماه على الرحيل؟
تدخل والدها:
ـ لا..لم نفعل..فأنا لم أحتج إلى مراجع لأشكل رأيا حوله..لأنني أعرف الرجل الطيب حين أراه.
قالت غريس بحزم:
ـ اقترح والدك أن يبقى هنا، ويبدأ حياة جديدة..لكنه رفض. قال إنه مضطر أن يعثر على هويته قبل أن يقبل بثقتنا به.. وهو محق يا إدنا، يجب أن تنتظري عودته، معافى تماما..أو..
أكملت إدنا الجملة:
ـ أو أن أتعلم العيش دونه..أعرف هذا، لقد سمعته يقول هذا مرات و مرات..حسنا جدا..لا يمكنني فعل شئ غير هذا، أليس كذلك؟ لم أسأل عن رأيي، و لا استشارني أحد..أنتم، و مايلز، والجميع، تدارستم مستقبلي بعناية وتعقل..لكن ما من واحد منكم أخذ مشاعري بعين الإعتبار..أنا شابة، والحياة كلها أمامي..وسأتجاوز المحنة..أليس كذلك؟
نظر والدها بصمت إلى هذه المرأة القاسية التي جاءا بها إلى الحياة. وأكملت:
ـ حسن جدا ..قد أكون شابة، وحياتي كما تقولون ما زالت أمامي. لكنني ،أبدا، أبدا، لن أتجاوز محنتي أو أنسى مايلز. ولن يكون لي رجل غيره..لذا من الأفضل أن تقولا له هذا في المرة القادمة عندما يتصل بكما.
لكن، لم يكن هناك"مرة قادمة"فبالرغم من وعده أن يعلم الوالدين بمكان وجوده، إلا أنه لم يتصل أو يكتب، أو هكذا قالا، على الأقلربما لحمايتها.
لحسن حظها، تملكتها غريزة الحفاظ على الذات، للأيام التي تلت، الأسابيع،والأشهر..فهي لم تكن تعرف الألم من قبل..لم تكن قد واجهت من قبل أي عداء حقيقي أو قسوة، لذا لم يكن لها دفاعات، ولا وسائل حماية ضد الألم الثابت المستمر، دون كلل..كانت خسارتها تبدو لها حية في كل زاوية من الجزيرة، كل نشاط يومي،كل صوت ورائحة، في الواقع ، في كل شئ شاركته مع مايلز..وبرح بها الألم، وسلبها حتى الغضب، أو الكراهية، للرجل الذي كان سبب كل هذا.. كانت تعلم أن الشوق إليها يؤلمه هو أيضا، وهذه المعرفة زادتها معاناة.
مرت ستة شهور..وعاد اليوم مجددا، يسجل مرور سنة على إلقاء الأمواج بمايلز على شاطئ الجزيرة، مع ذلك، كان الألم ما يزال حادا، قاسيا ،يدمر روحها كما كان دوما. وفي ذلك اليوم جاء ليون في عطلته السنوية ليخبرها بأمر هايدن جاكوبس.
لم تكن قد لمست سيناريو قصة مايلز منذ رحيله..فما ان عرفت أنه أخذ معه النسخة الوحيدة، غير المنتهية من عمله حتى فقدت الإهتمام بعملها..لكنها قبل تركها لسانت باتريك إلى انكلترا، نزلت إلى السقيفة، وأخرجت الملف السميك، تنوي استخدامه كدليل على علاقتها السابقة..إنه دليلها الوحيد الملموس في الواقع..عند ذلك فقط، وجدت رسالته الوداعية على قمة الأوراق المطبوعة.
"لن أطلب منك مسامحتي يا إدنا، فكلانا يعرف أنك لن تسامحيني..ولكن، تذكري فقط ،كلما فكرت بي، بأن ذاكرتي مهما كانت خائنة في الماضي، فستبقى دائما مخلصة لك. قلبي يقول لي إنني لم أحب يوما مثلك، وكياني كله يصيح عاليا أنني لن أحب سواك..لذا، يا حبي، إلى اللقاء...مايلز "

***


المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس
قديم 06-04-09, 09:47 AM   #19

بنوته عراقيه

نجم روايتي وعضو بالسينما ورئيسه تغطيه و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارThe Vampire Diaries

alkap ~
 
الصورة الرمزية بنوته عراقيه

? العضوٌ??? » 9075
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,449
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » بنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مشكوره حبيبتي بالانتظار

بنوته عراقيه غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 06-04-09, 11:13 AM   #20

المطر الباكي
 
الصورة الرمزية المطر الباكي

? العضوٌ??? » 79893
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,068
?  نُقآطِيْ » المطر الباكي is on a distinguished road
افتراضي

طعنة شوق كحد السكين ، أخرجت إدنا من ماضيها إلى فوضى الحاض اليائس.
بدا لها أن من الصعب أن تصدق أنها بالأمس فقط كانت مستعدة أن تتخلى عن ذراعها الأيمن لفرصة قضاء بضعة أيام في صحبة هايدن جاكوبس..أما الآن، فقد تمنت لو أنها لم تقنع نفسها بالدخول في هذا الموقف الصعب. كانت قد ظنت، أن الألم الذي خبرته بعد رحيل مايلز، قد أعطاها مناعة ضد أي شئ.. لكنها لم تفكر بالجهد الذي يفوق مقدرة البشر، والذي ستضطر إلى ممارسته على عقلها وأحاسيسها..فهذا أبعد بكثير من مقدرتها.
وقررت أمرا.
كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل، والوقت متأخر جدا للإتصال بدويل فرانسيس. لكنها ستتصل به في الصباح، وتطلب منه أن يبحث عن غيرها،ويبعدها عن هذا العذاب.
بدا لها هذا أمرا ممكنا، وسهلا..بإمكانها أن تسيطر على فوران الذكريات المؤلم، والشوق الذي يثيره مجرد النظر إليه، طالما الرجل نفسه يرفضها، بالعجرفة غير المكترثة. إنه يبدو مثل مايلز، وواضح أنه يتمتع بقدرة مايلز على السيطرة على أحاسيسها..ومثله مثل مايلز، كان يبهرها بذكائه الحاد، ومواهبه غير العادية..لكن حبها المستعصي، الذي لا يهتز، لمايلز،كان يرعاه ذلك المزيج الرائع من الدفء والمعرفة، والحنان، وكل هذ كان حصرا بمايلز وحده..قد يكسب هايدن إعجابها، لمواهبه وذكائه، لكنه لن يستطيع فرض سيطرته على قلبها.
لكنها خلال ذلك اليوم الأول، شاهدت عودته شيئا فشيئا إلى الرجل الذي عرفته يوما..كان في المصاحبة المتوالفة في عملهما، يخلع عنه تلك القوقعة القاسية الواقية،ليكشف طبيعته الأصلية، أكانت هذه طبيعته في حياته الحالية أم في تلك الضائعة المنسية.
وكأنها تقع في الحب مجددا..مع ذلك، فالفرصة في أن تجد السعادة في هذا الحب الجديد غير موجودة في الواقع.
لم تكن لتشك في أنها قادرة على أن تجعله يريدها..خلال السنوات الثلاث المنصرمة كان لديها الدليل القاطع على قوة تأثيرها على الرجال..لم تتطلبه يوما، ولا فهمته حقا، لكنها ليست عمياء لتتجاهل الواقع..ولم يزعجها هذا كثيرا وتمكنت دائما على أن تتوقع مسبقا تلك الدلائل التي لا مجال لنكرانها، فتولمن يحاول التأثير في مشاعرها إلى صديق مخلص طيب..ولم تشعر يوما بأي إغراء في أن تستجيب لأي منهم.
لكن مع هايدن،كانت تعرف أن لا قوة لها على المقاومة..وكيف تستطيع أن تقاوم، وهي عرفت حبه مسبقا؟
أمن الممكن، في بقائها قربه، وفي تحريكها ذاكرته بلطف، أن تستطيع استعادة مايلز إلى الحياة مجددا؟
مع ذلك هذا ليس ضمانا بأنه، وهو هايدن، سيحبها كما أحبها مايلز، وهو وحيد فاقد الذاكرة..أذناها كانتا تضجان بالكلمات المتألمة التي قالها تلك الليلة في السقيفة "إذا استطعت الثقة في مشاعر رجل لا ماضي له ولا مستقبل بل حاضر فقط مؤلف من قصة خيالية نصف منتهية، عن جزيرة مسحورة. إذن، نعم أنا أحبك".
كانت واثقة من أنه قد يسترجعها ما إن يعرف الحقيقة.. ولو لمجرد العرفان بالجميل، أو الإحساس بالواجب، فقد ضحى مايلز بحبه لها بسبب إحساس سخيف بالمسؤولية، الإنصاف، الفروسية، سمها ما شئت. وهايدن قادر كذلك على التضحية بنفسه، واستعادتها مجددا، ولنفس الأسباب تماما.. وهذا شئ لا يمكن أن تقبل به..فهي تريد حبه لا إحسانه.
بحلول الساعة الثانية، كانت ما تزال مستيقظة، رأسها يضج بذات الأفكار،تدور وتدور.. حتى أنها لم تكن قد خلعت ملابسها بعد.
قد يكون من الأفضل لها أن تستخدم ساعات اليقظة هذه، لتأخذ مشهدا من السيناريو القديم، وتجهزه لليوم التالي، حين يعودان للعمل معا.. يبدو أنه لا يمانع في أن تظهر شيئا من إبداعها، وهي واثقة من أنه سيوافق على معظم ما تقدمه له.
تمكنت من أن تصل المكتبة بسهولة..لا شك في أنها وهايدن تركا الأنوار مضاءة حين تركا الغرفة..فقد كان هناك شعاع ضئيل مترسب عبر غرفة الجلوس الواسعة إلى الباب. دخلت لترى أن الغرفة كان مضاءة فقط بمصباح يعطي نورا مباشرا إلى المقعد الجلدي.
لكن ما إن وصلت المنضدة، حتى بدأ قلبها يخفق بقلق.
عرفت أن شيئا ما قد حدث لحظة وجدت الدرج مفتوحا.لقد أبقته بنفسها مقفلا طوال اليوم، فآخر شئ كانت تريده، هو أن يلاحظ هايدن وجود المغلف الرقيق، الذي تحفظ فيه أول بضعة مشاهد من السيناريو الذي أنهته أيام سانت باتريك.
والمغلف اختفى.
لم تندهش كثيرا حين وصلها صوت من على المقعد الجلدي.
ـ إذا كنت تبحثين عن نسخة السيناريو، فهي معي هنا..وأنا متأثر بشكل بالغ.
كان جالسا مختبئا في المقعد. وحدهما ساقاه الطويلتان كانتا ظاهرتين، مرتاحتين على كرسي جلدي منخفض للأقدام. وأكمل:
ـ واضح أنك تشاركينني امتناعي عن النوم. لذا دعينا نتابع العمل..أتمانعين في أن تقتربي مني أكثر؟
حين لم ترد أدار المقعد الجلدي بسرعة ليواجهها.. الضوء المنخفض جعل عينيه الزرقاوين تلمعان بغضب بارد مفزع:
ـ قلت اقتربي !
مثلها مثل الروبوت المحول إلى البشر في قصته، وجدت نفسها تسير ببطء إلى أن وصلت إلى جانبه.
ـ اجلسي هنا ..على الكرسي المنخفض.
حين ترددت ، امتدت يده تشدها إلى الأسفل بقسوة ثم قال بصوت منخفض ناعم، جمده غضبه المكبوت:
ـ الآن ..دعينا أخذ الأمر قطعة قطعة.. لقد حصلت على الوظيفة منذ أكثر من أربع وعشرين ساعة..وعلى افتراض أنك كنت واثقة جدا من نفسك..فما زلت غير قادرة على معرفة شئ عن مشروع الفيلم، قبل اجتماعي بالمنتج الذي جرى قبل أسبوع..كيف تمكنت إذن من إنتاج ما يوازي ربع القصة، مقسمة إلى مشاهد منظمة، مشكلة بشكل مناسب بما فيها الحوار المكتمل؟
رفع صوته قليلا بعد أن بقيت صامتة، وهو يأمرها: "أجيبيني يا إدنا ".
كان عقلها يعمل بجنون..محاولا اختراع كذبة مقبولة.
ـ لدي قصتك منذ أكثر من شهر..أخذتها من.. دويل أعطاها لي..
ـ دعك من هذا يا حبيبتي..فهذه النسخة من القصة بقيت على كتمان شديد..فما هي القصة الحقيقية إذن؟
ـ أنا..أحد الموظفين الصغار هناك صديق مقرب مني حصل لي على نسخة.
ـ إذن استغليت بكل برود، نذلا مسكينا ليقوم بعمل إجرامي، يمكن أن يضع حدا لحياته المهنية، هذا إذا كان محظوظا..لماذا؟ لماذا تهتمين بالحصول على نسخة من قصتي؟
لم تعد مخيلتها قادرة على العمل، فنظرت إليه عاجزة، فأكمل يستجوبها بقسوة:
ـ أهي القصة نفسها؟ أم أن الأمر هو ما شككت به أول ما وقعت عيناي عليك؟.. أنت تسعين ورائي..فهل أنا مصيب؟
بدا لها هذا الرد الممكن الوحيد الآن..فأطرقت بضعف.
ـ هكذا إذن.. وصلنا إلى هذه النتيجة..حسن جدا، فلنسمع القصة. ما الذي تجدينه مهما بما يكفي لتذهبي إلى هذا المدى؟ مالي؟ اسمي؟أم مجرد افتتان بسحري؟
آخر كلماته اخترقت ضعفها، فصاحت به:
ـ أيها النذل..النذل البارد المتعجرف !
ـ نذل..أجل..كما أنني متعجرف، إذا كنت تصرين على ذلك..لكنني عل الأقل ذو كرامة..وهذا أكثر مما يمكنك أن تدعيه لنفسك.
كل بؤسها ومشاعرها المتؤلمة انفجرت دفعة واحدة، في ثورة غضب لم تصدق نفسها قادرة عليها. فاندفعت قبضتاها نحوه، تمطران صدره القاسي الذي لا يلين، بضربات متواصلة..تركها تنفس غضبها لحظات، م وبسهولة أمسك بقبضتيها بيد واحدة، ليوقف هجومها عليه.
صاحت:"أوه..لا ! ".
هذا ما كانت تخشاه طوال الوقت..المواجهة عن قرب مع وجهه النظيف الحليق، والذي يسلبها درعها الوحيد ضد ذكرى وجه مايلز الملتحي.
ـ أوه..أرجوك لا..دعني !
الألم الشديد الذي أحست به من قبضته الساحقة، كان خلاصها.
كان مختلفا تماما عن مايلز..وأحست برضى غاضب متوهج حين تركها، لتعود إلى الكرسي المنخفض.. وسألها بخشونة وهو يراقبها:
ـ حسنا، هل كان هذا يستحق الإزعاج؟
كانا الآن، هادئين تماما، وباردين كالثلج. وقالت:
ـ دعني أرى ما إذا كان بالإمكان الرد على سؤالك نقطة نقطة. بالنسبة لمالك ، يملك والدي ما يكفي ليبقيني وأخي في عيش رغيد، حى ولو لم نقم بأي مجهود لكسب معيشتنا. أما اسمك..حسنا، بصراحة، أفضل أن أكون مشهورة باسمي. أما بالنسبة لسحرك..فقد كنت حريصا جدا على أن تبقي هذا السحر مخبأ، كما يبدو، بقصد حماية نساء مثلي، من الإفتتان بك..لا يمكنك أن تصدق أبدا أنني قد أتحمل كل هذه المتاعب للحصول على مخطوطة قصتك، واستعبد نفسي في كتابة السيناريو لمجرد ما تصورته عنك ؟
توقفت مقطوعة الأنفاس،محاولة أن تملأ رئتيها بالهواء. لكنها أدركت الآن أنه كان يهتز بالضحك. وقل لها خلال ضحكاته:
ـ يا الله..أنت لم تتلعثمي مرة واحدة خلال كلامك! يجب أن تترشحي لمنصب رئيسة وزراء.
انتظرت متجهمة الوجه، إلى أن عاد إلى جديته فأكملت كلامها:
ـ سأقول لك لماذا كنت مصممة هكذا للحصول على كتابك..والعمل معك..أردت العمل في السيناريو، لأنه سيأثر كثيرا على مستقبلي المهني.
ـ كسكرتيرة ؟
اتجهت إلى شيء من الحقيقة بعد أن كذبت:
ـ أنا لست سكرتيرة..أنا كاتبة سيناريو.
ظنت أنها لمحت شيئا من خيبة الأمل، وكأنه فقد اهتمامه بها، من الواضح أنه يعتبر الطموح المتحجر أمرا مبتذلا.
ـ أتعنين أنك تحت وهم أن العمل معي سيدفعك إلى عالم كتاب السيناريو المغلق؟
ـ لا..فليس هذا ما أعنيه أبدا..لأنني كاتبة محترفة..مع تسعة سيناريوهات باسمي..ومنتجة كذلك لمسلسلات تلفزيونية، إضافة إلى روايات درامية..لكنني أردت أن يكون لي سجل في سيناريو قصة رئيسية لها اعتبار و أهمية أكثر من الروايات القصيرة..وأردت أن يكون لدي شئ جاهز أبدأ العمل به قبل أن يسبقني أحد..ولم أكن أعرف أنك ستصر على أن تقوم بالسيناريو بنفسك.
كانت بالتدريج تعود إلى الوقوع في حبائل عادتها القديمة من الثرثرة:
ـ هكذا طلبت من دويل أن يحصل لي على العمل معك. وكنت مستعدة إلى النزول لمستوى مساعدة، لأحصل على خبرة أستخدمها فيما بعد، أعني في وضع سيناريو يحمل إسمي.
فجأة رأت تلك النظرة القديمة الكئيبة تجتاح وجهه..كما حدث له في اليوم السابق حين سمع ضحكتها، ثم بعد ظهر اليوم وهو يراقبها تأكل السندويش..وسألت باشفاق:"ما الأمر؟".
ـ إدنا..اسمك إدنا..وأنت لم تنتحليه كجزء من خطتك للوصول إلي..أليس كذلك؟
ـ لا..لم أفعل هذا. إن اسمي هو إدنا فعلا.
لم يكن يصغي إليها بل بقي يردد اسمها :
ـ إدنا! إدنا! إدنا...إنه قريب جدا..لماذا لا أستطيع الوصول إليه؟
ترقرقت الدموع في عينيها..لقد شهدت مرور مايلز بنفس العذاب عددا من المرات، وهي لا تستطيع سوى مراقبته عاجزة:
ـ أوه..أرجوك مايلز..توقف عن تعذيب نفسك.
انزلق الإسم من بين شفتيها دون تفكير، وبشكل طبيعي، حتى أن لحظات مرت قبل أن تعي ما فعلت..راقبته وهو يرفع رأسه ببطء، يركز بجهد عينيه القاتمتين العميقتين عليها.
ـ بماذا ناديتني؟
فات الوقت للتراجع، فقالت بوضوح:"مايلز..ناديتك مايلز".
أسرت عيناه عينيها للحظات طويلة معذبة..لكنهما لم تظهرا أي دليل على المعرفة، ولا حتى الشك..ثم، وبصوت عادي، سألها:"من هو مايلز؟".
عاد الدم يتدفق مجددا في عروقها ،وأحست بارتياح غريب.
ـ أوه..إنه صديق.
ـ هل هو الموظف الصغير؟
مرت لحظات قبل أن تتذكر أنه يعني من ساعدها.
ـ الموظف الصغير؟ أوه..لا. بالتأكيد لا..فمايلز هو..كان شخصا مميزا.
ـ كان؟
ـ أجل.
ـ وهل مات؟
ترددت، محاولة أن تكذب، لكنها ترددت أمام تشاؤم غريب:
ـ لا..إنه فقط..رحل.
بقي صوته باردا جافا، لكنها أحست بالإشفاق منه عليها:"وأحببته؟".
أطرقت بصمت، فأكمل:
ـ أفهم من هذا أنك ما زلت تحبينه..هل لنا أن نتكلم عنه؟
ـ لا..لاأظنني أستطيع..يس بعد.
أمعن النظر متجهما في وجهها الخالي من أي تعبير:
ـ أوه..فهمت..إذن أنا كذلك أمر في فترة تجربة، أليس كذلك؟
ـ أرجو عفوك؟
قال بهدوء:
ـ أنا كذلك يجب أن أبرهن على أنني أستحق ثقتك..هذا ما كنت تحاولين قوله لي ..أليس كذلك؟
وقفت إدنا، وقد وصلت إلى نهاية قدرتها على التحمل، وقالت بهدوء محولة عينيها عن عينيه الماكرتين:
ـ أنت مخطئ ..لست مضطرا للبرهنة عن شئ..بإمكانك الحصول على ثقتي في أي وقت إذا شعرت أنك بحاجة إليها.
لم تر التعبير الذي ألان ملامح وجهه القاسي الوسيم:
ـ من الأفضل أن تذهبي إلى النوم الآن يا إدنا..وإلا فلن تكوني ذات فائدة لي في الصباح. لا تنسي، يجب أن تدخلي هذه المشاهد الأربعة إلى الكومبيوتر، قبل أن أعاود استعبادك في الساعة العاشرة.
ـ أتعني أننا لا زلنا معا؟ وأنني لست مطرودة؟
ـ يا الله..لا! لسوف توفرين علي الكثير من الوقت مع وجود نسخك الأولى..إضافة إلى هذا، لن أستطيع تحمل خسارتك..فأنت كاتبة سيناريو ممتازة.
كانت عند الباب حين قال:
ـ لمعلوماتك فقط يا إدنا..قررت أن أسترشد بغرائزك الأنثوية..لقد تخليت عن "اليكسيس" الروبوت البشري وهي الآن فتاة حقيقية من لحم ودم..وعلى وشك بلوغ سن الرشد..كي نتمكن من الحصول على قصة حب مقنعة.
أجفلت:"أنا لم أنتقد أبدا قصة الحب في قصتك..قلت فقط إن..".
ـ إنها جافة كثيرا ..وكلانا يعرف هذا..إذن، هذه هي فرصتك لتبرري ثقة دويل فرانسيس بك..ومهما كلف الأمر، عليك أن تحولي اليكسيس إلى إدنا وتتركيها تجد فارس أحلامها.
ـ ماذا؟
أدهشها ما يختزن في ذاكرته، وسمعت مايلز يقول عبر فم هايدن:
ـ لها نكهة أبعد بكثير، ولا شك أنك التقطت صدى "العاصفة"في قصتي..ظننت نفسي أخفيت الآثار جيدا، لكن يبدو أن كشفتني.. لن أهينك بعد الآن بشكوكي..لكن، يبدو مصادفة غريبة أن اسمك هو اسم أحد الأرواح.
ردت متهالكة:
ـ أجل ..أليس كذلك؟ والأكثر من هذا،أنني ولدت وتربيت في جزيرة مسحورة مثل التي في قصتك..ما رأيك بهذه المصادفة؟
كانت قد وصلت إلى الباب تقريبا..حين جاءها صوته الرقيق يوقفها، وديا، وعفويا بشكل مخادع:
ـ لحظة واحدة يا إدنا.
استدارت :"نعم؟".
ـ أعرف أننا تحدثنا في هذا من قبل، لكن اسمحي لي أن أسألك مرة أخرى ولن أكررها.أعدك..أكنت تعرفينني آنذاك؟
ـ آنذاك؟ أتعني حين...
ـ أعني حين كنت نفسي الأخرى..وكما اقترحت أنت بالأمس، حين كنت روحا ضائعة..هل عرفتني آنذاك؟
اتخذت قرارها في لمح البصر..وقالت بوضوح:
ـ لا..لا..لم أكن أعرفك!
تفرست فيها عيناه الباردتان عن كثب لوقت قصير، وقال بصوت منخفض:
ـ يبدو عليك الأسف..أعجب لماذا..
ـ لأنني كنت سأحب أن أساعدك لتكشف غموض فترة الضياع..والآن..
وترددت.
ـ نعم ..تابعي!
ـ لأنني أظن أنك كنت ستسعد بصديق مقرب.
وتركته دون كلمة أخرى.
لم تتصل بدويل فرانسيس في الصباح التالي..فقد نسيت في الواقع أنها قررت الإتصال به..فذلك اللقاء الليلي مع هايدن مسح من دماغها كل قرراراتها المتعلقة..ومهما كان الثمن، مهما كان الألم،فهي مصممة على البقاء، وجعل نفسها مساعدة لا يستغني عنها هايدن جاكوبس أبدا.. حتى لا يعود له الجرأة على أن يتركها خلفه.

***


المطر الباكي غير متواجد حالياً  
التوقيع
مثلي ما صار بحياتك .. لا ولا عمره بيصير
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:28 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.