آخر 10 مشاركات
كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          بقايـ همس ـا -ج1 من سلسلة أسياد الغرام- للكاتبة المبدعة: عبير قائد (بيرو) *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          أهواكِ يا جرحي *مميزة & مكتمله* (الكاتـب : زهرة نيسان 84 - )           »          586 - حب لايموت - صوفي ويستون - ق.ع.د.ن ( عدد حصري ) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          602 - عودة الحب الى قلبي - كارول مورتيمر - ق.ع.د.ن *** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          صفقة طفل دراكون(156)للكاتبة:Tara Pammi(ج2من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-04-16, 10:51 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewity Smile 1 18- بين السكون والعاصفة -كاي ثورب -عبير قديمة (كتابة &كاملة)**










شبكة روايتي الثقافية
رويات عبير القديمة ..
18- بين السكون والعاصفة ..
للكاتبة .. كاي ثورب ..
الملخص
وجدت ليان نفسها في بوينس آيرس بلا مال ولا صديق ووقعت في ورطة لم ينقذها منها سوى ريكاردو مندوزا.
فاعتبرت انها مدينة له بأنقاذها ، وأوضح لها ريكاردو ان بامكانها رد الدين والحصول على عشرة آلاف جنيه بالاضافة الى ذلك ، لكن الشرط الذي وضعه ريكاردو مندوزا يقضي بأن تتزوجه ليان زواجا صوريا لمدة ستة اشهر كي ينتزع الارث من اخيه غير الشقيق...
وعندما وافقت مرغمة وجدت نفسها امام عالم عنيف لم تشهد مثله من قبل، فهل تبقى في تلك المزرعة ام تفر مع اول منقذ يعرض عليها الفرار؟






روابط الرواية
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 23-04-16 الساعة 11:20 PM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 10:56 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الاول ..
1- ماذا يريد ريكاردو ؟
الارجنتيني كان يتحدث بالأسبانية .... قصده تجاوز جهلها اللغة , وفهمت قصده . فدفعت بيدها الشراب الذي لم تمسه بعيداً عنها وهزت رأسها وهي تنهض وتسوي هندامها بيديها في رباطة جأش مفاجئة . وقالت له :
" لا ..."
ونهض هو الآخر وعلى وجهه معالم الحيرة والغضب وراح يتساءل في صوت مرتفع عن سبب تصرفها . وأخذت الانظار تتجه نحوهما من الموائد المجاورة . وقد ثار الاهتمام حول الفتاة الانكليزية الشابة النحيلة القوام ذات الشعر الرمادي المصفف على شكل ناقوس . واستلفتت نظر رجل يجلس أمام مائدة مجاورة أخذ يرمقها بسخرية . كانت تعرف في وضوح مالذي يفكر فيه ... تماما كما يفكر الرجل الجالس في مواجهتها على الطرف الاخر من المائدة .... آه ما أشد غبائها فلم تدرك أي مكان كان ذاك الذي وأي شيء كان يرجى منها , فهي ليست في موطنها لندن بل غريبة في بوينوس ايرس : مدينة أجنبية في أرض اجنبية . ولم تشعر ليان بوحدة عارمة كما أحست في تلك اللحظة .
وراح الارجنتيني يستحثها على لتعود الى مكانها وقد خفض من صوته في حين أخذت لين تبحث عن كلمات تبلغه بها بأنه مخطىء , ولكنها لم تعثر على شيء منها يناسب مقتضى الحال . تراءى لها – وهي على حافة الجنون – أن كتب التعبير اللغوي لم تتسع لمثل هذه المواقف .
--------------------------------
وتصورت أن في استطاعتها أن تستدير ببساطة وتبتعد عنه . ولكنها شكت في أن يكون الامر بمثل هذه السهولة . واجتذبها مرة أخرى حملقة الرجل الجالس على المائدة المجاورة . وتنفست في عمق وببطء قبل أن تسأله :
" هل تتحدث الانكليزية ؟"
فرفع أحد حاجبيه السوداويين وأجابها بلغة انكليزية ممتازة ولكن بنبرة ضاغطة على الكلمات لتأكيدها :
"نعم ... هل تريدين مني أن أترجم لك ؟"
فهزت رأسها وهي تتمنى أن تكون في أي مكان آخر غير هذا المكان , وقالت له :
" سأكون شاكرة لك إذا اوضحت له أنني لست في متناول يده بالصورة التي يظنها , فهناك خطأ في الامر ."
فسألها وقد ازداد حاجبه ارتفاعاً :
"إنك تعملين في هذا الملهى ... أليس كذلك ؟"
فقالت وهي في شدة الحرج والارتباك :
"نعم , ولكن ليس في هذا المجال ... أرجوك ياسنيور ..."
وتركت بقية العبارة تخفت وتتلاشى واضعة في اعتبارها أن غالبية الجالسين على الموائد المجاورة تلتفت اليهما . وغاص قلبها في صدرها وهي ترى صاحب الملهى يتجه نحوهما وسط الصالة المزدحمة التي يملأها الدخان , وقد اجتذبته بلاشك تلك الجلبة الخافتة . انه الرجل اللاتيني البدين الاصلع , الذي تشعر نحوه بالامتنان الشديد لأنه منحها عملاً , فلماذا تراه الآن في تلك الصورة المختلفة ؟
عرفت طبعا الاجابة على هذا السؤال . وان كانت هي نفسها لم تدرك هذا السبب من قبل .
كان يرى من المسلم به مع كل الاحتمالات أنه لا اعتراض لديها على أن توسع من نطاق عملها كمضيفة ليشمل كل نواحي الترفيه عن الزبائن .... سذاجتها المضحكة هي التي وضعتها في هذا الموقف .
وهز الرجل الجالس على المائدة المجاورة كتفيه استهاجانا وكأنه استجاب لرجائها بدون ان يصدقها , وتحدث الى جليسها بالأسبانية وبسرعة وطلاقة حتى انها لم تستطع ان تلتقط سوى كلمة هنا وهناك . وأنهى كلامه في اللحظة عندما وصل صاحب الملهى , وترك جليسها ينظر في عدم ارتياح , مدركاً أن بعضاً من سوء الفهم قد حدث , واتجه الى صاحب الملهى يتحدث اليه في ألفة وتودد , وتحول في ثوان الى رجل وديع يتذلل ويقول :
" المعذرة يا سنيور مندوزا ."
وتجاهل صاحب الملهى الرجل الجالس على الطرف المقابل من المائدة وجذب ليان من ذراعها ليرغمها بالقوة على الجلوس الى مائدة الرجل الآخر , وهو ينطق بالمزيد من عبارات الاسف والاعتذار , وتركها حيث هي ثم اتجه الى جليسها السابق وطرده .
والتقت عينا ليان اللتان أصابهما شيء من الانبهار بالعينين السودوين اللتين أخذتا تنظران اليها بازدراء غير مستتر . ولم يكن وجهه مما يعيد الطمأنينة الى نفسها وله قسمات مشدودة ومتوترة ولونه زيتوني غريب , يعلوه رأس متحجر أملس , وله شعر أسود فاحم , يرتدي سترة بيضاء على كتفين عريضتين . ومن المؤكد ان القميص تحتها من الحرير الطبيعي . كان رجلاً طويلاً نحيلاً يتمتع بالقوة او النفوذ . لقد أدخل الخوف الى نفسها لبعض الوقت . وخرجت عن صمتها قائلة :
"أنني لا أعرف بالضبط ماذا قلت له , ومع ذلك فأنني أشكرك لأنقاذي ."
وبأنحناءة بسيطة من رأسه تنم عن سخرية قال لها :
"اذا كان مظهر الرجل لم يعجبك فلم قبلت صحبته من البداية ؟"
فقطب جبينها في ضيق وقالت :
"كان يبدو لطيفاً , وهذا هو عملي أو هكذا ظننت ."
وفي لهجة تتسم بالشك , لم تستطع ليان ان تلومه عليها , قال لها :
"هل أفهم انك تحاولين القول بأنك لم تكوني على علم بمتطلبات عملك هنا ؟ ربما تكونين جئت حديثاً الى الارجنتين ؟"
----------------------------
ونظرت اليه نظرة تنم عن الصراحة والسذاجة وقالت :
"حقا ... يمكنني القول بأنه لا عذر للغباء , ولكنني اعتقدت في الحقيقة أن هذا العمل يتطلب مجرد الجلوس مع الزبائن واظهار المودة نحوهم . فتلك هي متطلبات مثل هذا العمل في البلد الذي جئت منه ."
وبدون ان يطرأ تغير يذكر على تعبيرات وجهه سألها :
"وهل سبق لك القيام بمثل هذا العمل في وطنك ؟"
فأجابته :
"قمت به مرة , الا أن الملهى حيث عملت كانت له تعليمات صارمة تحظر مخالطة المضيفات للزبائن خارج نطاق الملهى وملحقاته ."
وابتسم ابتسامة باهتة ظهرت معها للحظة أسنانه البيضاء وقال :
"وهنا أيضا يطبقون النظام نفسه . فهناك في الطابق العلوي غرف خاصة لأداء الغرض المطلوب ."
وأمسكت خديها الدافئتين بيديها وهي غير قادرة على مواجهة نظرته المتفحصة الساخرة وصاحت قائلة :
"يا ربي ... كان علي ان ادرك أن هذا العمل عرض ممتاز جداً لدرجة تثير الشك في حقيقته , فالحصول على عمل مع مأوى يبدو وكأنه منة من السماء وانا في الواقع ...."
وأطرقت برأسها عندما جال بذهنها خاطر معين , ورفعت رأسها تنظر اليه وتقول في تردد :
"هل لي أن أسألك عما قلته لهذين السيدين ؟"
وظهرت روح المرح عليه وان كانت ممزوجة بقدر من الازدراء , وأجابها بقوله :
"بكل تأكيد .... أبلغتهما أنني أشتريت وقتك لهذه الليلة ."
وسألته وقد أصابتهما صدمة وهي لا تكاد تصدق :
"ماذا فعلت ؟ لا يمكن أن تكون قد فعلت هذا ! "
فرد عليها قائلاً :
"كانت تلك الطريقة الوحيدة لتجنب المتاعب , فان , ريوس لن يغتبط اذا رفضت مجالسة أحد الزبائن بلا سبب وسوف يطالب غداً بنصيبه من الاجر الذي ستحصلين عليه الليلة ."
وعضت ليان شفتيها وبدت كالمستجير من الرمضاء بالنار . ولم تكن تدري بالضبط كيف يمكنها التصرف في هذا الموقف . وقالت أخيراً :
" لن أكون هنا غداً . بل سأرحل الآن وفي الحال ."
وبينما دفعت بكرسيها الى الوراء , استرخى هو على كرسيه في هدوء وقال لها :
"كلا .... لن تفعلي , وسوف تلزمين مقعدك حتى أسمح لك بالأنصراف , الا اذا كنت تفضلين ان استدعي ريوس من جديد ليقنعك ؟"
وراقبها وهي تتراجع وتستقر في مقعدها وقال لها :
"حسنا انك تظهرين فطنة الآن ."
فردت عليه ليان في جرأة :
"سنيور مندوزا ... أعرف أنني كنت غبية من جميع النواحي ولكنك لن تستطيع بأي حال من الاحوال أن تحملني على قضاء مزيد من الوقت معك رغماً عني . ان أحداً لا يستطيع منعي من مغادرة المكان ! "
وبدون ان يتأثر بثورتها سألها قائلاً :
"هل تظنين ذلك ؟ ما زال أمامك الكثير لتعرفيه عن أساليب رجال من نوع ريوس ... انه يعطيك مرتباً وينتظر منك عائداً مناسباً , واذا حرم من ذلك ربما يجد وسائل أخرى للحصول على الربح . هل سمعت عن تجارة الرقيق الابيض ؟"
وصدر منها صوت احتجاج ممزوج بالسخرية وقالت له :
"انك تحاول ان تبث الفزع في نفسي ! "
فرد عليها قائلاً :
"ربما أحاول قليلاً فأنك تستحقين التخويف . ولكن سوق الرقيق الابيض موجود رغم ذلك . وفتاة انكليزية في لون بشرتك ومظهرك سوف تحقق كسباً هائلاً ."
ثم سألها وهو يرمقها بنظرة مجردة من الشفقة :
"هل ما زلت ترغبين في الرحيل ؟"
-------------------------------------
وهزت ليان رأسها اتريد ان تصدقه , وتجرؤ على عدم تصديقه وراحت تستعطفه في صوت خفيض :
" أرجوك , انا لست من ذلك النوع الذي تفكر فيه . كنت تائهة وبائسة عندما قبلت هذا العمل . ولم يكن أمامي ما أفعله غير هذا ."
وأخرج علبة سكائر ذهبية أخذ منها سيكاراً رفيعاً ووضعه بين شفتيه ثم أشعل القداحة وأخذ الدخان يتصاعد بينهما لبعض الوقت , ثم قال :
"عليك اذن ان تروي لي القصة كلها . متى جئت الى بوينوس ايرس لأول مرة ؟"
فأجابته :
"جئت أمس ."
ولاحظت دهشته فأسرعت تكمل كلامها :
"كان مفروضاً أن ألحق بفرقة الرقص وهي تؤدي عرضها في ملهى ريوس وعندما وصلت الى هنا كانت الفرقة قد رحلت لتوها الى بورتو أليفري . لقد أخطأت الوكالة في تحديد موعد السفر ."
فسألها قائلاً :
"ألم يكن في مقدورك اللحاق بها في بورتو ؟"
فأجابته :
"لم يكن لدي ما يكفي من المال لتحمل نفقات الرحلة كما أنني لم اتمكن بعد من الاتصال تلفيونياً بالوكالة في لندن ."
وكان من الصعب معرفة رد الفعل لدى مندوزاالذي سألها :
"وهل ذهبت الى قنصلية بلدك ؟"
فقالت :
"حاولت ذلك اليوم ولكنها مغلقة بسبب عطلة نهاية الاسبوع ولا يتوافر معي المال لأقضي ولو ليلة واحدة في أي فندق , ولهذا فأن ريوس عندما عرض علي ان اعمل كمضيفة هنا في الملهى مع منحي غرفة سارعت بقبول العرض . ولكن كان يجب علي , كما قلت أن أعرف المزيد عن هذا العمل ."
فقال وهو يتفحصها بنظرة غريبة :
"نعم كان يجب عليك أن تعرفي . اذا فأنت راقصة ... هل أنت راقصة ممتازة ؟"
فأجابته :
"أتمنى ان أكون كذلك . أنني على مستوى جيد أتاح لي في أي حال الفرصة للمجيء الى أمريكا الجنوبية ."
فابتسم ابتسامة ساخرة وسألها :
"وهل كل زميلات فرقتك ذوات شعر أشقر ؟"
فقالت :
" نعم أعتقد ذلك ."
فقال :
"اذا فالرقص ليست له أهمية سوى أهمية بسيطة ."
وسألته عما يقصده فأجابها بقوله :
"ان ماأريد الوصول اليه هو أن مواطني بلدي سوف يجتذبهم المنظر وحده يغض النظر عن مسوى الموهبة , ويدفعون الثمن تبعا لذلك . فاللون الاشقر الطبيعي نادر في هذا الجزء من العالم ."
فلمعت عينا ليان وهي تقول له :
"انا راقصة محترفة يا سنيور ."
فقال :
"لا أشك في هذا . ولكنني لا أعتقد في امكانك الرقص مع أي فرقة ذائعة الصيت . شاهدت فرقة بلوبيل غيرلز في ريودي جانير ومنذ فترة وأعضاء تلك الفرقة يتمتعن بالجمال والموهبة . ولكنك لم تدعين للانضمام اليهن ."
فأجابته :
"انا لست هيفاء القوام بالدرجة التي تجعلني صالحة للانضمام الى فرقة بلوبيل غيرلز ."
---------------------------
وتركته يحملق فيها بعض الوقت ثم قالت فجأة :
"لكنني في أي حال لست عضواً في تلك الفرقة .... وليست غلطتي أن الوكالة أرسلتني الى المكان الخطأ ."
فصحح لها كلامها قائلاً :
"المكان المناسب في الوقت غير المناسب. وهل كان عليك ان تحلي مكان شخص آخر ؟"
فقالت :
"نعم كان لابد أن تعودي احدى الراقصات الى الوطن بعدما سقطت سقطة شديدة , وستكون الفرقة ناقصة الآن . ولكن هذا لا يهم في ضوء ما قلته لي , أليس كذلك ؟"
فرد عليها قائلاً :
"لا تخاطبيني بهذه اللهجة , الحقيقة مؤلمة , ولكن لا داعي للسخرية انك لست الآن في وطنك انكلترا ."
وكتمت ليان الرد الحاد الذي قفز الى شفتيها . فقد كان على حق , ولم تكن هي كذلك . وهي في تلك اللحظة بالذات ليست في وضع يسمح لها أن تضايقه لأكثر من هذا ولم يكن الاعتذار ليفيد كذلك , فلزمت الصمت وقد بدا عليها الامتعاض .
وقال لها :
"لك قدرة على التعلم بسرعة , وتلك دلالة لا بأس بها ."
وأطرق هنيهة قبل أن يسألها في نبرة مختلفة :
"ألم تعترض أسرتك على سفرك وحدك الى هذا المكان البعيد ؟"
فأجابته :
"ليس لي أسرة , نشأت في دار للأيتام ."
واكتسب صوتها حزماً وهي تقول :
"انا الآن في الثانية والعشرين من عمري وأستطيع السفر وحدي وقد فعلت ذلك غير مرة ."
فقال لها :
"ولكنك لم تسافري الى مكان بعيد كهذا من قبل . وعندما تبلغين من العمر ما بلغته بعد عشر سنوات او احدى عشر سنة قد تدركين أن الاستقلال لا يحقق للانثى سوى القليل ."
فردت عليه قائلة :
"خلال عشر سنوات او احدى عشرة سنة سأكون قد تخطيت الفترة التي يمكنني فيها ان أعبأ بهذا ."
ودارت ببصرها في أرجاء الصالة ذات الضوء الخافت والمزدحمة بالموائد المتقاربة والمزينة بالديكور المبهرج .
وأخذت الموسيقى تصدح بالألحان اللاتينية الامريكية ليرقص على أنغامها الزبائن الذين اكتظت بهم منصة الرقص .
وكان صوت الموسيقى يكاد يعلو على أصوات الزبائن ورأت زميلاتها المضيفات يجالسن الزبائن على الموائد المنتشرة هنا وهناك .
وسألها قائلاً :
"هل أقتنعت بما قلته لك ؟"
فأجابت وهي تنظر اليه :
"اقتنعت جزئياً وما زلت أعتقد أن في امكاني الخروج من هنا في أمان اذا قررت ."
فهز كتفيه استخفافاً وسألها :
"واذا فعلت الى أين تذهبين ؟ فأنت باعترافك ليس لديك المال الكافي وأسعار الفنادق باهظة ."
فقالت :
"ان لدي ما يكفيني الليلة وربما الليلة القادمة أيضاً اذا ما عثرت على فندق أرخص قليلاً .فلابد أن تكون هناك فنادق رخيصة ."
-------------------------
فرد عليها في ضيق :
"هناك الكثير منها ولكنها لا تصلح لأية امرأة تفتقر الى الحماية , ان المشكلة سوف تجد الحل في الوقت الملائم . وحتى يحين هذا الوقت يشرفني أن تظهري بمظهر من يستمتع بصحبتي ."
وألقى ببقايا السيكار في المطفأة وقال لها :
"تعالي نرقص قبل ان أطلب الشراب ."
ولم تتحرك ليان وقالت له وهي على حافة اليأس :
" سينيور مندوزا , يبدو أنني لم أستطع أن أوضح لك أنني غير مستعدة لقبول حمايتك على أساس تلك الشروط . كما أنني غير مستعدة للبقاء هنا والعمل لحساب ريوس . انا ذاهبة الآن أحزم أمتعتي وأرحل , واذا ما حاول أي شخص منعي سأستدعي البوليس ."
" من الافضل اذا ان تفعلي ذلك الآن لأنني سوف أمنعك ."
وانتظر رد فعلها ولكنها لم تترك مقعدها فقال لها :
"انك من الحكمة بحيث لا تتحديني . سنرقص معا كما قلت لك ."
وكانت قامته أطول مما كانت تظن . وأحست وهو يراقصها بقوته وخشونة يده مما ادهشها لأن هذا الرجل اعتاد أن يكون في مركز الآمر الناهي لا يقوم بعمل يدوي . وسألها عن أسمها فقالت :
"ليان ... ليان تريفور ."
فنطق الاسم بصوت ينم عن الرضا والقبول وقال لها :
"انه اسم غير عادي بالنسبة الى فتاة انكليزية ولكنه جذاب , انا ريكاردو مندوزا ."
فردت عليه بالتحية وأحست بأرتعاشة خطيرة في صوتها فتخلت عن أي تظاهر بالمرح وقالت له :
"أرجوك ..... هل لنا أن نوقف هذه اللعبة ؟ سوف أرحب بمساعدتك لي يا سنيور مندوزا ولكن ليس ...."
وعندما ترددت أكمل هو كلامها قائلاً :
"ولكن ليس مقابل الثمن الذي انت متأكدة أنني سأطلبه . هل دار بخاطرك أنني قد لا أجد في جوانب سحرك الانكليزي شيئاً لا يقاوم مثلما فعل جليسك السابق ؟ أنني أفضل أمرأة دافئة ومتجاوبة , وليست باردة كالثلج .! "
وسألته بجفاء عفوي :
"ولماذا احتفظت اذا برفقتي ؟"
فأجاب :
"كانت تلك الوسيلة الوحيدة التي تتيح لي ان اساعدك . ولقد بادرت أنت بطلب المساعدة , وبمنحك اياها جعلت من نفسي مسؤولاً عنك .... وانا لم أبد في أي وقت أية رغبة في قضاء الليل معك , هذا من نسج خيالك . وربما تلقيت درساً أنت في امس الحاجة اليه اذا , أرغمتك على أداء المهام التي أنا مؤهل لها وسوف يرحب ريوس كثيراً بتوفير المكان لي ."
فقالت بصوت خفيض :
"أنني آسفة .... لقد أسأت الفهم ."
ومضى يقول لها :
"نعم , هذا ما فعلته , ولكن لا تكرري ذلك قلت انك ترحبين بمساعدتي لك وسوف تنالين هذه المساعدة ولكن بشرط أن تفعلي ما أطلبه منك بالضبط فهل توافقين على ذلك ؟"
وكانت الشكوك ما زالت تروادها الا انها كانت مضطرة لأن تثق به , فلا خيار امامها .
وأجابته بقولها :
"نعم ... ماذا تقترح ؟"
فرد عليها قائلاً :
"فيما بعد ."
وفي تلك اللحظة تغير الايقاع الموسيقي فقال لها :
"تستجبين استجابة جيدة لموسيقانا , فهل تشعرين أنها تحرك وتراً في داخلك ."
------------------------
فقالت :
"أظن ذلك . ايقاع يجعلك ترغب في التوافق الحركي معه . إنك ترقص بمهارة يا سنيور ."
وأحنى رأسه قليلاً ردا على هذه المجاملة ولكنه قال :
"هذه الكلمة سنيور أصلها لاتيني وعليك ان تناديني ريكاردو ."
كانت تفضل أن تتمسك بكلمة سنيور التي تبدو أكثر أماناً الى حد ما ولكنها وضعت نفسها بين يديه سواء من أجل الاحسن او الاسوأ . وقالت وهي تتمنى الا يفضح صوتها خوفها وارتعاشها :
"حسنا يا ريكاردو ."
وسألها :
"لو عرض عليك الاختيار بين العودة الى وطنك واللحاق بزملائك الفنانين فأيهما تختارين ؟"
فأجابت :
"أشك اذا كان هناك مجال للاختيار فلقد وقعت عقداً لاتمام الاسابيع الست المتبقية من جولة الفرقة . ولا يحتمل ان يزودوني بأجر أحد المساكن هنا , لأنه ما من مسكن منها يوافقني ."
وتنهدت قليلاً ثم اضافت :
"وفي أي حال ليس هناك عمل يجعلني أعود الى الوراء , والسبب الوحيد الذي جعلني أقبل العمل في لندن كمضيفة أنني لم أستطع أن اجد عملاً آخر اكسب عيشي منه . فأنا لا أعرف الضرب على الآلة الكاتبة او مسك الدفاتر او أي شيء من هذا القبيل ."
وسألها :
"ألم تتح لك دار الايتام وسيلة لكسب العيش بطريقة أكثر استقامة ؟"
فأجابت :
"جرت محاولة في ذلك . كانت لي معرفة بالطهي فالتحقت بعمل في مطعم أحد الفنادق قرب منزلي عندما كنت في السادسة عشرة , وكان المفروض أن أتعلم كل ما يتعلق بتقديم الطعام ,ولكن كل ما فعلته هو تنظيم المطبخ ونقل الطعام للزبائن . وتركت المطعم عندما بلغت الثامنة عشرة . وعملت لدى احدى الاسر في كريدون حتى أجد لي مخرجاً ..."
وتوقفت عن الحديث وقد انتابها الارتباك فجأة , وقالت :
"آسفة ... فربما لا تريد سماع كل قصة حياتي ."
وأجابها وهو يرمقها بنظرة غامضة :
"بالعكس فهذا ما اريد بالضبط هل كنت تعيسة في تلك الدار وأنت طفلة ؟"
فأجابت :
"كلا . كان بيتاًً ممتازاً . ولم يفتقر أي منا للعطف بل أتيح لي هناك ان أتلقى دروساً في الرقص ."
فقال لها :
"ولكن ليس بهدف ان تعملي في هذا المجال ."
فقالت ليان وهي تضحك :
"كلا . وأذكر مرة أنني عندما كنت في الخامسة عشرة استفسرت اذا كان في استطاعتي التقدم لاداء دور في المسرح الايمائي المحلي , فقد كان من عادة هذا المسرح تشغيل أطفال البلدة ضمن الكورس كمنشدين . وقد أصيبت المشرفة على الدار بالرعب لمجرد التفكير في أن واحدة من اطفالها تفكر بالعمل في مسرح المحترفين ."
فسألها :
"ولكن ألم يسمح لك باستخدام موهبتك من وقت لآخر ."
فأجابت :
" نعم بالتأكيد , كنت نجمة فرقتنا الموسيقية . وألوم المشرفة على الدار بسبب أفكارها اذ كانت مهمتها الحاق الخاضعين لرعايتها بأعمال محترمة تدر دخلاً مضموناً . وكل ما في الامر أنني لم اتحمل التفكير في قضاء أفضل سنوات عمري في أعمال جادة مملة ."
------------------------------
فقال ريكاردو في مرح :
" كان يمكنك أن تجدي زوجاً يخرجك من هذا الوضع أم أنك تعتبرين الزواج أيضاً على الدرجة نفسها من الملل والجدية ؟"
فأجابته قائلة :
"لا أعرف . أنني أفترض ان هذا انما يعتمد على نوع الرجل الذي اتزوجه ."
وسألها :
"ألم تفكري أبداً في الزواج ؟"
فأجابته :
"فكرت فيه . وأتصور أن كل الفتيات يفكرن في الزواج في مرحلة من مراحل العمر ."
وضحكت وهي تقول :
"عندما كنت طفلة في الرابعة عشرة فكرت في روعة الزواج من رجل مثل النجم السينمائي جين كيلي , غير أنني كنت صغيرة بطبيعة الحال , وفي التاسعة عشرة قررت أن اعطي الاولوية دائماً لعملي . وكنت قد احترفت الرقص قبل اتخاذ هذا القرار بأسبوع . ولم أتراجع عن قراري هذا حتى عندما اصبحت فرص العمل متوفرة لي . وكان هذا جميلاً حقاً ."
وسألها :
"لابد ان يكون هناك رجال رغبوا في مصاحبتك ولاشك أنك لم ترفضي كل اتصال بهم , اليس كذلك ؟"
فأجابت :
"كان لي أصحاب . ولكن أحداً منهم لم يكن جاداً في صحبته ."
وسألها في اصرار غامض سبب لها ضيقاً :
"أليس هناك من ينتظر الاستماع اليك عند عودتك الى لندن ؟"
فأجابت في تردد :
"لا يا سنيور ..."
فصحح لها الكلام بقوله :
"ريكاردو ..."
فقالت :
"ريكاردو اذا !"
ورفعت وجهها تنظر الى وجهه , واعتراها شعور غريب بالاضطراب وسألته :
"لماذا تسألني كل هذه الاسئلة ؟ ليس ثمة ما يهمك فيما أشعر به أو افكر فيه ..."
وارتفع حاجباه السوادوان في عجرفة وقال لها :
"أنا الذي اقرر ما الذي يهمني . أتريدين الجلوس الآن لتناول مشروب ؟"
فأومأت ليان برأسها وهي تقاوم الرغبة بالفرار من هذا الرجل , وكانت امامها فرصة لتفعل ذلك . وسألته وهي تتظاهر بالحزم بينما هي ابعد ما تكون عن الشعور به :
"هل ان اعرف مالذي تنوي ان تفعله ؟ اذا كنت تعرف ريوس معرفة جيدة فربما تكفي كلمة منك لاقناعه بخطأه ."
فقال لها في قبول :
" سوف اتحدث الى ريوس . وان كنت لا تردين تناول مشروب فاذهبي لاحضار امتعتك وسأكون في انتظارك لنرحل عندما تكونين مستعدة لذلك ."
فسألته:
"والى اين سنذهب ؟"
تنفس في ضيق وقال :
"عليك ان تفعلي ما اقوله لك , او هل ستمتنعين ؟"
فقالت :
"حسنا , سأفعل ولكن ..."
فقال لها :
"اذا افعلي ذلك وبسرعة فالوقت يتأخر بنا وسوف تكونين في أمان تام , وهذا ما اضمنه لك ."
----------------------------
وسمحت ليان لنفسها بأن تغادر منصة الرقص عندما ضغط بيده اسفل مرفقها . كانت تشعر باضطراب وقلق و يساورها قدر كبير من الشك , ولكن هل كان امامها سبيل آخر . فبقاؤها هنا في الملهى امر بعيد عن التفكير , حتى لوقبل ريوس ذلك وكل ما يمكنها فعله ان تذهب مع الرجل الذي احسن اليها وهي تأمل انها تستطيع التصدي لاية متاعب أخرى قد تواجهها في المستقبل .
ولم يعترض احد سبيلها وهي تصعد غرفتها في الطابق الثاني .
ونظرت الآن الى غرفتها بنظرة جديدة وتجنبت النظر الى السرير المغطى بالحرير , انه مكان على مستوى عال جداً وهو ما يتضح من نوعية الاثاث والديكور , وكان يجب عليها ان تشعر بزهو لأنها أصبحت أهلاً لأن تعمل في هذا المكان . ونظرت الى انعكاس هذه المشاعر على وجهها في المرآة الضخمة المعلقة فوق السرير وابتسمت ابتسامة ساخرة .
عاد اليها لونها الطبيعي من جديد . وكانت تعرف أن لها وجهاً جذاباً ولكنه قطعاً لم يكن على درجة كبيرة من الفتنة . وحذرها بعضهم من ان جمال الشعر والبشرة هو نقمة وليس نعمة في هذا الجزء من العالم .
وعاودها سريعا الشعور بالقلق عندما تذكرت الرجل الذي ينتظرها . ستكون في مأمن ... هذا ما قاله لها , ولكن كيف لها أن تتأكد من صدق كلامه ؟ هذا الرجل ريكاردو مندوزا غريب عنها ليس الشخص الذي يمكن تجاهله بسهولة . وفي أي حال أدركت أنها تخرج من موقف كريه لتقع في موقف آخر مماثل . لكنه ليس أمامها في تلك اللحظة الا أن تثق فيه .
كان ينتظر عند نهاية السلم الحديدي عندما هبطت أخيراً وهي تحمل حقيبتها وبحركة من أصابعه استدعى أحد الخدم الذي سارع بحمل الحقيبة , وسبقهما نحو الابواب الخارجية . ووقف ريوس يرقبهما من جانب بعيد في القاعة . وكان من الصعب معرفة انطباعاته من خلال الجو المفعم بالدخان . وهو ان كان يعترض على ترك ليان للخدمة لديه فانه بالتأكيد لم يقم بأي تحرك لمنعها من الخروج .
وخرج الاثنان من باب خلفي ليصلا الى شارع خلفي يلفه الظلام والجو الحار . وكانت سيارة اجرة تقف منتظرة , ومنح ريكاردو بعض المال للخادم الذي حمل الحقيبة ودلف الى داخل السيارة خلف ليان , وأعطى السائق اسم أحد الفنادق .
ولزمت ليان الجانب الذي تجلس فيه في المقعد الخلفي وهي متنبهة وحذرة تماما لوجوده معها في الظلام , وأحست بالارتياح عندما خرجت السيارة من الشارع الخلفي الضيق لتدلف الى طريق عام يعج بالناس والسيارات . وكانت الاضواء المتعددة الالوان تتلألأ في كل مكان لتبهر الابصار .
وملأ سمعها صوت الموسيقى المذاعة من الراديو . وسألته وقد نفذ صبرها ولم تعد تحتمل مزيداً من التوتر :
"ما الذي قلته لريوس ."
فهز كتفيه استخفافاً وقال لها :
"لم أقل له شيئاً , كان راضياً عن السماح لك بالانصراف ."
وأخذت ترمق وجهه الذي توهج بوميض الاعلانات الضوئية وسألته :
"هل أعطيته مالاً ؟"
ورد عليها :
"طبعاً . والا فكيف يمكنه ان يتحمل خسارة مثل هذا الدخل المنتظر ."
وارتفع صوته وهو يقول لها بسخرية :
"ريوس رجل يزن كل شيء بميزان المال , طلب ثمناً غالياً للتنازل عنك ."
فصاحت فيه بلهجة يائسة :
"ولكنني لا أستطيع ان أرد لك الثمن فوراً على الاقل . هل لك أن تخبرني بالمبلغ الذي أدين لك به ؟"
فقال لها وهو يرفع يده لانهاء الكلام في هذا الموضوع :
"لا جدوى من ذلك . وعندما تصلين الى الفندق سوف تتوجهين الى غرفتك مباشرة وغدا سيكون وقت للكلام ."
---------------------------
فقالت :
"عن أي شيء نتكلم ؟ فعلت من أجلي مافيه الكفاية ولا يمكنني بعد هذه الليلة أن أفرض نفسي عليك اكثر ."
فأجابها باللهجة المتعجرفة التي ان تحدث بها في الملهى :
"انا لا أتخلى عن مسؤولية أنجزت نصفها فقط , ولا تجادليني بعد الآن في هذه المسألة أو غيرها الا اذا كنت تفضلين البقاء مع ريوس ."
ولم تكن ليان واثقة اذا كان سيعيدها فعلاً الى الملهى لو رفضت الامتثال لتحذيره . ولم تكن هناك وسيلة لمعرفة ما يمكن ان يفعله اذا تعرض لاستفزاز مثير وبالنظر الى كل الاعتبارات لا يمكنها أن تقدم على تلك المخاطرة .
وتنهدت قائلة :
"وهو كذلك .... فهمت قصدك وسوف أفعل ما تريد , وخدعتها ابتسامته وهو يقول لها :
"لن اطلب منك شيئاً يخرج عن حدود امكانياتك , لا أطلب منك الا أن تطيعيني . النساء الانكليزيات يجدن صعوبة في الخضوع لسلطة الرجل . أما هنا فالاناث يتعلمن منذ ولادتهن أن الرجل هو سيدهن . وفي مقابل ذلك يكتسبن حمايتنا واحترامنا . فهل هذه صفقة خاسرة ؟"
فردت عليه بعد لحظة :
"لا أعرف أنني أظن ان هذا انما يتوقف على مزاج الاشخاص الذين يعنيهم الامر فأنا نفسي تعلمت أن احتفظ باستقلالي عن الآخرين ."
فقال لها :
"قد يرجع هذا الى طبيعة نشأتك ومعرفتك بأن دار الايتام لن تظل تعليك الا الى سن معينة , كنت سيئة الحظ لافتقارك الى اسرة تحيطك بعناية خاصة . وكان رب الاسرة كفيلاً بأن يكبح جماح تمردك قليلاً ان لم يكن تماماً ."
فابتسمت ليان وهي تسأله :
"وهل تظن أن الزوج ربما يفعل ذلك أيضاً ؟"
فأجابها وقد ارتسم على فمه تعبير ساخر :
"لو كان فيه شيء من الرجولة لما أمكنه ان يتحمل حماقتك المتحررة , وفي ظل هذه الظروف قد أشعر بالامتنان لأنك على ما انت عليه ."
فاقترب حاجباها من بعضهما وقالت له:
"أنني لا أفهم ماتقصده...""
فرد عليها قائلاً:
"ليس هناك مايحملك على أن تفهمي الليله ,قلت لك سوف نتحدث في الصباح"
واعتدل في جلسته عندما بدأت السيارة تهدئ من سرعتها لتتوقف وقال لها:
"دعي كل شي لي.""
ولم يكن أمامها الا أن تطيعه وخرجت ليان من السيارة خلفه لتقف امام واجهه فندق فاخر متلألئة بالأضواء وأخذت الحيرة تزداد داخلها .وأياً كان تفكيره لن تسعى لمعرفته قبل أن تتكيف الآن مع هذا الموقف , ولكن كم يكلفه ذلك ؟ وأي شيء سوف يتوقعه منها في المقابل ؟
كان الفندق فاخراً من الداخل والخارج . فالسجاد والديكور حديث وجميل . ولما كانت ليان تعلم أن الدثار الذي وضعته فوق كتفيها قبل ان تغادر الملهى من النوع الرخيص نسبياً توقفت بعيداً عن قسم الاستقبال الى ان يحجز ريكاردو غرفة لها,ولم تتأكد أنها
ستكون فعلاً غرفة مستقلة الأ بعدما رأت المفتاح في يد خادم الفندق.
وصعد ت ليان في المصعد الى الطابق الخامس ,وسارت خلف الخادم بزيه الازرق الداكن عبر ممر مفروش بالسجاد الممتد من الطابق الأرضي حتى الطابق الخامس. وجاء ريكاردو الى غرفتها واعطى الخادم الذي حمل حقيبتها بعض المال. ونظرت ليان الى ورق الحائط الفرنسي ذي اللون الرمادي والى الستائر الحمراء المخملية الناعمة ,والأثاث الأبيض الكلاسيكي والسجادة الحمراء الكثيفة انها تعلم أن ثمن كل ذلك يفوق مقدراتها ....
------------------------------------
وقال ريكاردو :
"هذا الباب يؤدي الى غرفة الحمام الخاص بك وأقترح أن تنامي الليلة نوماً مريحاً بدون أن تتأخري كثيراً ."
وتساءلت بدون أن تلتفت اليه :
"وهل أنا في حاجة الى ذلك ؟ أعني لكي استطيع تحمل الصدمة ."
فسألها وهو يبتسم :
"وهل تظنين إنك سوف تتعرضين لصدمة ؟ ربما تكون الكلمة المناسبة هي الاستمتاع ."
فاستدرات نحوه وأومأت اليه وهي تستعطفه قائلة :
"أرجو ألا تتركني في جو الاثارة هذا . انك تريد مني شيئاً ما في مقابل ما تفعله وأوضحت هذا . فهل لك أن تبلغني ما هو ؟"
فأجابها :
"سيكون ذلك على مائدة الافطار , فلابد أن يتوفر لي الوقت لبحث كل شيء قبل ان أتخذ القرار النهائي . بل ربما أقرر ألا أطلب منك شيئاً , وفي هذه الحالة فان مناقشاتنا ستكون ذات طابع مختلف ..."
وألقى نظرة أخيرة على الغرفة ثم قال لها :
"سنتناول الطعام في غرفة الجلوس الخاصة بي في الثامنة والنصف . أيمكن التوجه الى الجناح رقم 734؟"
فردت عليه :
"أعتقد ذلك ."
أصبح مؤكداً لها أنها لن تستطيع مهما حاولت أن تأخذ منه رداً على تساؤلها فليكن موعدها معه اذن الثامنة والنصف ....
وقال لها وهو يبتسم ابتسامة مصطنعة :
"تصبحين على خير ."
وظلت تحدق في الباب المغلق دقائق عديدة بعدما تركها وهي تحاول أن تتفهم الاحتمالات المختلفة لهذا الموقف . فهو لم يبد أي اهتمام شخصي بها حتى يكون ذلك مقدمة للطلب الواضح الذي يطلبه منها . فما هو اذا الشيء الذي يهمه ؟ انها لا تملك مهارات يمكنها أن تفيد ؟ وليست لها روابط من أي نوع , فهي مجرد فتاة انكليزية وحيدة وتائهة في مدينة أجنبية .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 10:58 PM   #3

saadia brahmi

? العضوٌ??? » 316991
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » saadia brahmi is on a distinguished road
Rewitysmile11

Hgtggggrtyyhjk]

saadia brahmi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 11:01 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني ..
2- مأزق بعشرة الآف جنيه ...
مع مطلع الصباح لم تتضاءل حالة الخوف التي أنتابتها . ونهضت بعدما نالت قسطاً كافياً من النوم وأخذت حماماً وارتدت زياً أخضر فاتحاً . وتوجهت الى جناح ريكاردو الذي يعلو الطابق حيث غرفتها بطابقين وطرقت الباب وهي تحدث نفسها عما يفعله ريكاردو لو أنها قررت أن تغادر الفندق في هذا الصباح الباكر بدون ان يراها . وكان من الصعب ان تتصوره يتركها تفلت منه بسهولة . ورغم ذلك سوف يحتاج الى تمشيط مدينة من أضخم مدن العالم مثل بوينس أيرس حتى يجدها , ولامت نفسها لأنها لم تفكر في ذلك من قبل .
وظهر ريكاردو وهو يرتدي بدلة لونها بيج , وقد طرأ عليه تغير طفيف نسبة الى الامس . وكان الافطار معداً على مائدة مجاورة لنافذة واسعة يمكن أن تلقي منها نظرة شاملة على المدينة .
وجلس على الكرسي المقابل , وسألها اذا كانت نعمت بنوم هادىء , فأجابته :
"نمت نوماً مريحاً في شكل معقول ولدي الكثير في رأسي لأقوله ."
فأجابها بأنه ايضا لديه ما يقوله , وعندما شرعا في تناول الافطار سألها عما اذا كانت تفضل طعاماً انكليزياً ليطلبه لها . فأجابته انها ستكتفي بتناول القهوة وشرائح الخبز .وأخذت تحتسي القهوة وهي ترقب وجهه متمنية أن ينطق بما يريد , ولما طال وقت الصمت بصورة غير محتملة سألته :
"أنك لا تمضي كل وقتك في بوينس أيرس كما هو واضح , فهل تخبرني من أي مكان في الارجنتين جئت ؟"
" جئت من لابامبا , تلك السهول الشاسعة التي تبعد مئات من الكيلومترات الى الجنوب ."
فسألته اذا كانت تلك منطقة زراعية فهي تعتقد انه لا يمكن ان يكون مزارعاً , فأبتسم وقال لها :
"استانسيا مندوزا تختص بأنتاج الماشية فقط وهي تصدر اللحوم الى مختلف أنحاء العالم ."
وبدأت عندئذ تنظر اليه نظرة جديدة وتذكرت سبب خشونة يديه . أنه اذن أحد بارونات الماشية في الارجنتين ويمكنه ان يركب الجياد يوماً في مزرعته . فلا عجب اذا لم كان يتعامل في المسائل الحالية بلا مبالاة . لقد أشتهر بعض هؤلاء بأنهم من أصحاب الملايين . ووضعت فنجان القهوة على المائة بيد تهتز وسألته :
"هل أتخذت قرارك ؟"
فمس السيكار بشفتيه قبل ان يجيبها وعيناه تلتقيان بعينيها عبر المائدة :
"نعم . ولدي أقتراح سأعرضه عليك ."
فتظاهرت بالبرود والهدوء وسألته :
"أقتراح أتعني ان تعرض علي عملاً ؟"
" هل تريدين أن تكسبي عشرة الآف من الجنيهات الاسترلينية ؟"
فنظرت اليه ليان وقد شلّ تفكيرها فجأة وسألته :
"أنا .... هل تمزح ؟"
"كلا . إنني أود أن أستعير خدماتك لمدة ستة أشهر . وفي نهاية تلك المدة سأعيدك الى أنكلترا وأتخذ التريتبات لأيداع هذا المبلغ في حسابك في أي بنك تحددينه ."
" خدماتي ؟"
فقال لها في حزم وبتهكم :
"ليس بالصورة التي تظنينها , أبلغتك أمس أي نوع من النساء أفضل . ولا داعي لأن تخافي مني , أذ ليست هناك أية مهام ستؤدينها , وكل ما أريده منك هو حضورك ."
----------------------------------
وظهر بريق أخضر ناعس في عينيها وأحمر خداها قليلاً وهي تقول :
"هذا شيء مطمئن جداً . فهل لي أن أسألك ما سيكون عليه وضعي في بيتك ؟"
فأجابها في هدوء :
"ستكونين زوجتي !"
وعندما همت بالكلام رفع يده قائلاً :
"ستكونين زوجتي بالاسم فقط ولفترة الستة أشهر وحدها ."
فسألته وهي مبهورة وقد بدا عليها قدر كبير من حدة الغضب :
"وما الذي سيحدث بعد ان تنتهي فترة الستة أشهر ؟"
" سوف يلغى كل شيء , وتعودين الى وطنك متحررة من أي ورطة , وبدون حاجة لأن تعملي لكسب عيشك ."
وهزت رأسها ببطء وهي تقول :
"أنني لا أفهم لماذا ؟"
" سأشرح لك على ألا تقاطعيني اثناء ذلك ."
واسترخى في جلسته وهو يسيطر على مشاعره وقال :
"لكي أحكي القصة من البداية لابد ان أعود سنوات عدة الى الوراء الى الوقت الذي توفيت فيه أمي وقام والدي بأحضار كارلوس , أبنه غير الشرعي ليعيش معنا في الاستانسيا . وكارلوس يصغرني بأربع سنوات . وعندما توفي والدي منذ أسابيع قليلة ترك وصية بأن يعهد بأمر المزرعة للأبن الذي يتزوج أولاً . وكان أبي يعرف أن كارلوس يعتزم فعلاً الزواج من أبنة جار لنا في حين لم تكن لي أية خطط بالمرة في هذا الشأن . وأنا بأعتباري الابن البكر لأبي لا أريد أن يستولي كارلوس على حقي . هل هناك حاجة لأن اقول المزيد ؟"
وتنفست ليان بعمق وبطء وهي تحاول أن تجمع شتات أفكارها وقالت له :
"نعم , أعتقد ذلك ."
" وهل هناك شيء لم أوضحه بعد ؟"
" كلا , أوضحت الامر بجلاء تام . وأنا أفهم السبب الذي يدفعك الى التعجيل بالحصول على زوجة . ولكنني فقط لا أدرك السبب الذي جعلك تختارني انا بالذات لأداء هذا الدور . فمن المؤكد أن أحدى نساء بلدك ...."
" ان أي واحدة من نساء بلدي لن تقبل الشروط التي أضعها للزواج فأنا لا أريد أن أظل مرتبطاً , فهي مجرد وسيلة لتحقيق غاية ."
" ولكن لماذا حددت الزواج بستة أشهر ."
" لأن هذا هو الشرط لذي فرضه أبي . إذ كان يعرف بمقدرتي على الوفاء بالشرط الاول , ولكنه إعتقد أن من غير المحتمل أن تقبل أمرأة الشروط الموضوعة للزوج ."
"كان في أمكانك ان تحبط خططه بأختيارك أمرأة تريد الاحتفاظ بها كزوجة . فمن المؤكد أن هناك نساء تقفز أي منهن لاقتناص فرصة تتيح لها أن تصبح سنيورا مندوزا ! "
ونظر اليها بعينيه السوداوين نظرة صارمة ثم قال لها :
"ما يجب أن تعرفيه قبل ان نواصل هذه المناقشة هو أن تكبحي جناح ميلك للسخرية , ولابد ان أنال أحترامك ..."
فمدت ذقنها الى الاعلى وقالت :
"ولكنني لم أوافق على أستمرار هذه المناقشة , فالفكرة كلها مستحيلة أو هي منافية للعقل والطبيعة ."
" أتقولين هذا برغم أن المبلغ هوعشرة الاف جنيه ؟ فأين هو العمل الذي يمكنك أن تكسبي منه عشرة الآف جنيه خلال ستة أشهر ؟"
" لا أعرف ."
ودفعت بكرسيها الى الوراء بحركة حازمة وأضافت :
"ولكني أرفض ذلك , وسوف أحصل على ما أحتاجه من قنصلية بلادي ."
"اليوم هو الاحد والقنصلية مغلقة ."
---------------------------
ولم يتحرك , الا أن شيئاً ما في تعبيراته جعلها تبقى . ونظر اليها لحظات طويلة صعبة قبل أن يضيف قائلاً :
"لو حاولت مغادرة هذه الغرفة دون أذني أستطيع أن أتحدث هاتفياً مع ريوس وأجعله يحضر لأخذك , وسوف يبتهج كثيراً بأستردادك ."
فقالت وقد تغلبت عليها مشاعرها بدون أن تقتنع كثيراً بما تقوله :
"إنك تقول ذلك لمجرد تهديدي , وريوس لا يملك السلطة لارجاعي الى هذا الملهى رغما عني ."
" أتظنين انه لا يستطيع ؟"
وهز كتفيه في سخرية وهو يتجه نحو الهاتف ورفع السماعة قائلاً :
"سوف نرى ."
وراقبته ليان بأحساس من لا يعيش الواقع وهو يدير القرص مرة واحدة ليحصل على خط خارجي , ثم يدير الرقمين الاولين ... لا يمكن أن يحدث هذا لها , فهو أشبه بالحلم أو الكابوس , وقبل أن يدير الرقم الثالث التقت عيناها بعينيه وهي تعض على شفتها السفلى ولا تكاد تعرف ما اذا كان يجب عليها ان تصدقه أم لا , فهو على درجة من القوة تمنعه من قول الحقيقة . وسألته بصوت غريب :
"لنفترض أنني وصلت الى السلطات أولاً ."
" لن يسمح لك بذلك ."
وإنتظر لحظة أطول ثم رفع أصبعه عن قرص الهاتف ووضع السماعة قائلاً :
"إنني آسف لأضطراري لأستخدام هذا الاسلوب لكنني في حاجة ماسة الى مشاعر أكثر رقة لكبح جماح الرغبة في السيطرة . فغدا عند الغروب سيتزوج كارلوس من إزبيلا . وقبل هذا الوقت لابد أن أعود ومعي زوجة . فهل توافقين أن تفعلي ما أطلبه منك ؟"
فنظرت اليه وقد بدت بلا حول ولا قوة وسألته :
"ولكن ماذا سيحدث بالنسبة الى عملي ....والوكالة."
" كل شيء سيتم تدبيره , فهل تعطينني وعدك ؟"
" وهل سأظل سجينة اذا أعطيتك وعدي ؟"
فأجابها وقد شدت نظراته عينيها :
"كلا ولكن اذا نكثت بوعدك ما من مكان في المدينة أعجز عن أن أعثر عليك فيه . واذا ما عثرت عليك ...."
وبدون أن يكمل كلامه طلب منها أن تعطيه وعدها .
وقالت ليان وهي مضطربة وغير قادرة على أن تستوعب الموقف كله :
"انك لا تترك لي مجالاً لأي بديل آخر ... حسنا أعطيك وعدي ."
فبدا عليه الارتياح وقال لها :
"حسنا . يمكننا الان أن ننهي طعامنا ."
" ولماذا أنا بالذات ...؟ لماذا اخترتني ؟"
"لأن متطلبات هذه المهمة متوفرة فيك . فليست لك أسرة تنتظر معرفة أخبارك , وليست لديك ارتباطات لا يمكن التملص منها , ولست خاضعة لتقاليد نساء بلدي , كما أنك في حاجة للمال ."
فردت عليه بحرارة :
"كلا إن حاجتي للمال ليست شديدة , لقد وافقت لأنك ارغمتني على ذلك وليس من أجل المال , وأنا ما زلت غير واثقة اذا كنت لا تخدعني فيما يتعلق بريوس ."
" ليست لهذا أهمية كبيرة .لقد أعطيتني وعدك ."
" ولك أن تثق في وفائي بوعدي ."
ورفع كتفيه القويين وهويقول :
"إنني أثق أنك سوف تلتزمين بالتعقل وتحافظين على وعدك . ولكن اذا حدث ونكثت بتعهدك سوف تفضلين ألف مرة لو أنك قررت العودة للعمل مع ريوس ... هل كلامي مفهوم ؟"
فقالت وقد بدأت درجة حرارتها تقل :
"تماماً . وأنا ممتنة لأن الترتيب الذي بيننا هو مجرد اتفاق عمل ."
" ربما , وسوف تجدين لدى أبناء اللاتينية حبيبا يتفق مع ميولك ."
" وما الذي تعرفه عن ميولي ؟"
وسألها وهو يرفع حاجبيه السوداويين :
"أتظنينني مخطئاً في تقديري ؟ هناك طريقة يمكن التأكد بها ."
---------------------------------
فقالت له بسرعة :
"وعدتني بأن علاقتنا ستكون علاقة عمل ."
" أهكذا ؟ هناك من اللاتينين من يسعده جداً أن يوفر لك ماهو أفضل , فأن كنت تتفقين معي في هذا الرأي عندما يحين وقت أنفصالنا يمكنني أن أهيء لك خوض هذه التجربة ."
فردت عليه في حدة :
"كلا ... سوف أختار من أحب اذا أردت أن أتخذ لنفسي حبيباً ."
فقال لها في لهجة تحذيرية :
"ولكن ليس خلال الاشهر الستة المقبلة , وسواء كانت علاقتنا علاقة عمل أم لا فان زوجة أحد افراد عائلة مندوزا يجب ان تلزم نفسها بأقصى درجات الحذر . ويجب أن يبدو زواجنا في عيون الاخرين زواجا حقيقاً وفعلياً . وأي خروج من جانبك عن الخطوط التي أحددها لسلوكك سوف يعامل بالطريقة التي جرى العرف عليها .... وسوف تحصلين على أجرك كاملاً ."
" هكذا بدأت أفهم ."
قالتها ليان وهي تتظاهر بالبرود وتقاوم في نفسها الرغبة في أن تقول له أنها لن تستمر في هذه العملية رغم تهديده لها . واذا كان هناك احتمال نسبته واحد في الالف لأن يعيدها الى ريوس فأنها ليست مستعدة لأن تقبل ذلك. إلا أنها تستطيع أن تجعل الامر صعباً أمامه , وهو ما سوف تفعله . وأضافت قائلة :
"لا أعتقد أن عشرة الآف جنيه مبلغ يرضيني إنني أريد عشرين ألفا ."
ومرت فترة صمت ثقيلة , ثم أخذت عيناه تضيقان كأنهما تبعثان تهديداً لها , وأخذ يحدق في وجهها ويمر ببصره على عنقها , وقال لها :
"سأجعلك تدفعين مقابل ذلك ثمناً غالياً ."
فردت عليه بصوت غليظ ودقات قلبها تسرع :
"وبذلك تتخلى عن هدفك ؟ ان إلغاء عقد الزواج يتطلب عادة اثبات عدم الدخول ..."
" لم نتزوج بعد ."
" ان تعهدك يقابل تعهدي بالنسبة الى الزمان والمكان , فهل تجرؤ على نقض وعدك من أجل الآف من الجنيهات ."
فقال لها وهو يعض على أسنانه :
"المال قيمته ضئيلة , ولكن العرض الذي قدمته لك عادل . ولو إنك تصرفت وفق ما صرحت به فسوف تخسرين العرض كله ويصبح لك زوج يجد متعته في ممارسة أقصى درجات الانتقام منك . فهل تخاطرين بهذا ؟"
فأدركت انها لن تستطيع التغلب على هذا الرجل , وقالت له في صوت خفيض .
" حسناً .... لقد ذهبت أنا اذاً الى مدى أبعد مما كان يجب ."
فقال لها وقد أخذت لهجة الازدراء تخف حدتها :
"نعم لقد فعلت , وفي أمكانك الحصول على خمسة عشرة جنيه ."
فرفعت رأسها وقالت له انها لا تريد هذا المبلغ , ولكنه أصر على أن تحصل عليه وقال لها أنها على حق لأن المرء يجب ألا يتوقع أكثر من مجرد ثمن عادل مقابل مثل تلك الخدمة . فردت عليه في لهجة يائسة :
"سنيور مندوزا .... أرجوك لا تجعلني أدخل في هذه العملية .... فأنا لا أستطيع ذلك ."
" سوف تستطيعين ويمكنك ذلك , والا فأنك تعرفين البديل ."
"انني لا اصدق ما قلته فيما يتعلق بريوس ."
" لا أهمية الان لتصديقك أو عدم تصديقك اياي , فقد أعطيتني وعدك فعلاً في هذا الشأن , ولن أسمح لك بنقض هذا الوعد ."
ونهض وهو يدفع بكرسيه في عنف وبطريقة توضح أكثر من الكلام مقدرته على ممارسة العنف وقال لها :
"غداً سيتم الزواج ثم نطير في الحال الى الاستانسيا , ولن تغادري الفندق الا اذا كنت بصحبتك ."
------------------------------
ونظر اليها في أعجاب برشاقة قوامها ثم قال لها :
"إذهبي الان الى غرفتك وعندما نتلقي مرة أخرى يجب أن يكون كلا منا في حالة ذهنية أفضل ."
وغادرت ليان المكان بدون أي نقاش وهي سعيدة لأنها سوف تتخلص من سيطرته ولو لفترة قصيرة . وعندما وصلت الى غرفتها استندت على الباب وهي تحاول جمع أفكارها . الامر كله يبدو أكثر من خيالي وأكثر من مجرد شيء لا يصدق . هل يحتمل ان تكون القصة كلها أو هذا الجزء منها على الاقل مجرد حلم ؟
أنها تعلم أنه ليس بحلم , فالتفاصيل غاية في الوضوح وعليها أن تقرر ما الذي ستفعله . ولكن ألم تتخذ قرارها فعلا ً. أن ريكاردو مندوزا ليس الرجل الذي يتظاهر بادعاءت فارغة , واذا قال انه يستطيع ان يعثر عليها في أي مكان تختبىء فيه فأنه يعني أنه قادر على ذلك فعلاً .فما العمل اذن ؟ واهتزت الارض تحت قدميها . ولم تشأ ان تجد لنفسها مخرجاً , فالنساء هنا لا تنصفن من ظلم الرجال كما يبدو .
ومر الصباح في بطء . وعندما أنتصف النهار أتصل بها ريكاردو تلفونياً ليسألها عما اذا كانت ستتناول طعام الغداء في غرفتها أم أنها تفضل أن تتناوله معه في المطعم , فردت عليه بسرعة :
"سأتناوله معك في المطعم ."
أدركت أنه لا فائدة من بقائها بعيدة عنه فما دامت قررت المضي في هذه العملية عليها ان تعتاد على صحبته .
وقال لها وقد اكتسب صوته رقة :
"حسناً , سوف أقابلك في البهو خلال خمسة عشر دقيقة ."
وأخذت تسرع في ارتداء ملابسها المناسبة وان كانت لا تناسب زوجة رجل ثري . سوف تتمسك في المستقبل بارتداء ملابس معينة تفضلها ورغم انه ربما يحاول ارغماها على الالتزام بما اتفقا عليه لن تمضي فترة الشهور الستة المقبلة الا بالطريقة التي تتفق مع شخصيتها .
وأثناء مرورها في الردهة المزدحمة لمحت زوجاً او زوجين من السياح وسألت نفسها عما يمكنه ان يحدث لو طلبت منهم مساعدتها . وتباطأت فعلاً وهي تمشي بالقرب من زوجين يبدو أنهما انكليزيان , ولكنها عادت فأسرعت الخطى اذ رأت ريكاردو يراقبها وهو واقف قرب مدخل المطعم . وقال لها ريكاردو في سخرية :
"حسناً فعلت بعدم استسلامك لأية نزوة , انني لم أكن لأجد صعوبة في اقناع هذين الاثنين بأن زوجتي الانكليزية المتمردة تمارس دعابتها على حسباهما ."
" لم أصبح زوجتك بعد ."
ورد عليها وهو يهز كتفيه في استخفاف :
" ولكنك تؤدين الدور من الان وأمامك الكثير لتتعلميه ."
وجلسا الى المائدة التي حجزها ريكاردو في المطعم المزدحم , وقالت له ليان :
"أعتقد أنك متحجر القلب ولا تعبأ بأي شيء سوى تلك المزرعة ."
فطلب منها ان تنطق الاسم الصحيح للمزرعة بالاسبانية وهو استانسيا , وسألها عما تعرفه من اللغة الاسبانية . ولما أجابته بأنها لا تعرف الا القليل قال لها أنها عندما تغادر الارجنتين يجب ان تكون قد بلغت درجة عالية من الالمام بالاسبانية . وسألته :
"هل تخليت عن فكرة تعليمي كيف تتصرف المرأة على الطريقة الارجنتينية ؟"
"كلا , ولكن ستة أشهر ستكون كافية لذلك , وأنني آمل ان تكون علاقتنا خالية من المتاعب بقدر الامكان .... ولهذا سنعقد اتفاقاً : واذا أظهرت تساهلاً معي أمام الناس فأنني أتعهد بأن اتغاضى عن هفواتك عندما نكون وحدنا ."
فأبدت ليان موافقتها وان كانت قد أحست ببعض الشك في كلامه عن البقاء وحدهما . ولكنها أبعدت الشك عن نفسها لأنها تدرك بأنه لن يضحي بخططه وحرياته لمجرد الاستحواذ على أمرأة لا يشعر نحوها بأي شيء . وأعربت عن شكها اذا كان يعرف الحب . وطلبت منه ليان أن يحدثها عن الاستانسيا ومن يعيش فيها سواه هو وأخيه .
-------------------------------
فقال لها أنه أخ غير شقيق وليس له أي حق فيها . وسألته اذا كان يكرهه , فقال ان لديه أسبابه . وعادت فاستفسرت منه اذا كان يكرهه لأنه أبن غير شرعي أم لأنه محبوب من الناس . فقال لها أنها على حق في استفسارها لأنه هو نفسه ليس له سوى أصدقاء قلائل ولكنه يحافظ عليهم وأضاف :
"إن ما اعرفه عن كارلوس لا شأن لك به , فقد قمت بأدراة شؤون الاستانسيا على أكمل وجه منذ مرض أبي لأول مرة , ولمدة خمس سنوات وأنني لا أعتزم التخلي عن أشرافي عليها ."
" ولكن هل سيظل كارلوس يقيم فيها ؟"
" يمكنه الاقامة فيها هو وايزبيلا , الى أن يتمم بناء منزل آخر لهما وذلك مالم يكن كارلوس يفضل ان يتولى ادراة مزرعة ريخا والد ايزبيلا والذي سيرحب بذلك خاصة ان السن تتقدم به وسوف تصبح المزرعة ملكا لكارلوس آخر الامر ."
"وهل ايزبيلا هي الابنة الوحيدة لريخا ؟"
"نعم اذ ماتت امها وهي تضعها , تماماً مثل ما حدث بالنسبة لأمي . وتقيم في البيت أيضا أنييز التي كانت تعمل ممرضة لي من قبل وهي الان رئيسة الخدم . وعلى بعد ستين كيلومترا من هنا تقر بلدة سنتينا . وينبغي الا تذهبي الى تلك البلدة الا اذا كنت بصحبتك ."
فرفعت ليان رأسها وسألته :
"وهل سأظل اذن حبيسة داخل الاستانسيا ؟"
فابتسم وقال لها :
"لن تجديها كما تظنين مكانا مقيداً لحركتك . فالمرء يحتاج الى يوم كامل ليصل على ظهر الخيل الى أحد أطرافها . هل سبق لك ركوب الخيل ؟"
" ليس كمن يعتاد ذلك أو على درجة من الخبرة ."
"ستكسبين اذا خبرة أخرى تعودين بها الى انكلترا فسوف أعلمك بنفسي ركوب الخيل ."
وأخذ يداعبها بقوله :
"هل تشفين سريعاً من الضرب ؟"
" وهل سأتعرض للضرب ؟"
" ليست هناك من وسيلة لترك انطباعاً دائم لديك سوى ضربك . وعلى أية حال فأن الايام سوف تبين هذا . الطعام مقبل وسوف تدخلين السرور الى نفسي بتناولك القليل من كل لون , وبعد ان ننتهي من تناول الطعام سوف نتجول في المدينة فلن يكون لدينا وقت غداً ."
وأحست ليان بحلقها يجف وهي تتذكر انها تتزوج غداً من ذلك الرجل الغريب الذي اختطفها ! إنها لا تحتمل التفكير في ذلك ورغم هذا فليس أمامها وسيلة للفرار , أنها غلطة الوكالة وسوف تقاضيها عند عودتها اذا كانت ستعود . فستة أشهر تبدو كأنها العمر كله , يمكن ان يحدث أي شيء خلالها .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 11:12 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث ...
3- السيد في العرس ...
من الطائرة وعلى ارتفاع ثلاثة الآف قدم بدت الافاق لا نهائية والسهول منبسطة مترامية الاطراف , ولا يكسر حدة رتابتها سوى الخطوط المتقاطعة للطرق الترابية التي لا تنتهي . قال ريكاردو ذات مرة ان خط السماء الى الجنوب عندما تبزغ منه سلسلة التلال المنخفضة نكون قد وصلنا الى المنطقة . وسلسلة تلال سييرا دي تانديل تقع على حدود أرض مندوزا .
وحتى الان لم يطرأ أي تغيير في رقعة الاراضي المعشبة برغم ان المسافات البعيدة الممتدة الى الجنوب يكتنفها الضباب الشفاف .
وأخذت ليان تختلس النظر الى الرجل الذي تزوجته منذ ساعات قليلة . وتتأمل يديه القويتين اللتين تتحكمان في أجهزة الطائرة , كان من الصعب عليها ان تتصور ان كل هذا يمكنه ان يحدث خلال يومين فقط ورغم هذا فأنها هنا الان وأصبحت سنيورا مندوزا , زوجة أحد أثرياء الارجنتين , وهو رجل لا يمكن لعالمها ان يطاول عالمه . ان هذا العالم الذي يمتلك فيه الاشخاص الطائرات الخاصة والثروات الطائلة لم يكن ولا يمكن ان يصبح عالمها . وهي لا ترغب في دخوله , بل ان مجرد تحملها الحياة ستة أشهر في مثل هذا العالم سوف يستنفذ كل طاقة لديها .
وما كانت ليان قد بدأت تدرك وهي في الزورق النهري الذي أقلها مع ريكاردو الى المطار أن الرجل الجالس الى جوارها أصبح زوجها ويملك السلطة عليها بحكم التقاليد التي ما زالت النساء تعامل بمقتضاها كمواطنات من مرتبة ثانوية الى حد بعيد . ان تفكيرها في ذلك الامر كان شيئا مزعجا .
وعادت بذاكرتها – وهي يائسة – الى الليلة السابقة وأخذت تحاول استكشاف روح المغامرة التي دفعتها الى ما هي فيه الان . اذ صحبها ريكاردو الى واحد من افخم الاماكن الليلية بعد ان اشترى لها ملابس تحلم بها كل أمرأة , وبأرتدائها طرأ عليها تغيير واكتسبت ثقة في نفسها . أنها تعلم ان الرجال الاخرين ينظرون اليها بأعجاب وينظرون الى ريكاردو بحسد , مما أدخل السعادة الى نفسها . وادركت انها تحس بالزهو والغرور , والحياة فيها ماهو أهم من هذا . وتمنت لو أنها تبعد مليون ميل عن هذا المكان وعن هذا الموقف وتمنت العودة الى بلادها .
ونظر ريكاردو اليها لحظة وهو يفحص ملامحها وسألها :
" إنك هادئة جدا , هل أصبحت فجأة تخافين مني ؟"
فأجابته بصوت خفيض يحمل نبرة لوم وتوبيخ :
"إنني لا أعرفك بالمرة ولا أفهمك ."
" الفهم سيتحقق ان اردت ذلك . ولكن اذا لم يتحقق فأن هذا لن يهمّ كثيراً ."
" بشرط أن أفعل ما يطلب مني , أليس كذلك ؟"
"ولكنك لم تبذل جهدا كبيرا في الرجاء أمس ."
" يوم أمس كان مختلفاً كنت مضطراً لأرغامك على الموافقة فلم يكن هناك وقت لمحاولة الاقناع بالاسلوب الرقيق ."
فصمتت فترة طويلة وسألته :
"أتعني انك كنت تخدعني عندما هددت بأعادتي الى ملهى ريوس ؟"
" نعم فلم يكن ليطلب اعادتك اذا لم تكن لديك رغبة في ذلك , ان ريوس رجل وضيع ولكنه ليس غبياً ."
فقالت وقد اصفر وجهها وأصبح متوتراً .
"خدعتني ودبرت الامر كله !"
------------------------------
" قلت لك انني كنت في امس الحاجة الى ذلك . وكانت لدي أنا نفسي شكوك عندما وصلنا الى الفندق ولكنني تغلبت عليها . وعليك ان تفعلي مثلي ."
وأضاف في تهكم :
"من الافضل أن تعلمي أنني لست قاسي الفؤاد بالصورة التي تخيلتها أول مرة ."
ولم تشعر ليان بأن هناك فرقا . فهي هنا الان , أليس كذلك ؟ لقد أستغل سذاجتها وهذا بحد ذاته قسوة .
وقال لها :
"انا أفضل ان نكون أصدقاء لا أعداء فان هذا سيجعل الامور أسهل ."
"بالنسبة اليك أم بالنسبة الي ؟"
" بالنسبة الينا , انت اعتدت على كسب عيشك ألا تعتبرين هذا مجرد عمل ؟ انه لمدة ستة أشهر فقط ."
فقالت :
"انفترض أنني رفضت العودة بعد ستة أشهر ؟ هل فكرت في هذا ؟"
وتغير وجهه وأصبح متوتراً ومنفرداً من جديد وقال لها في صوت خفيض :
"لن تجرؤي على ذلك ."
وكان على حق في هذا , فهي لن تجرؤ . كما أنها لا ترغب في ذلك , فستة أشهر فترة أكثر من كافية . وردت عليه :
"لا داعي لأن تقلق لن أثير أية مصاعب وسوف يسعدني ان اتخلص منك ."
" سوف اتأكد من هذا ..... وصلنا الان . وخلال لحظة أو أثنين سترين هبوط الطائرة ."
ولمحت ليان الابنية وقطعان الماشية ترعى العشب في حراسة راكبي الخيول . وقال لها ريكاردو أن الماشية يتم تجميعها ونقلها الى محطة النقل بالسكك الحديدية ومن هناك تتجه رأساً الى منطقة لابلاتا الساحلية حيث يوجد المجزر .
وسألته :
"لم يتبق من عمر هذه الماشية اذن الا القليل , أليس كذلك ؟"
فهز كتفيه بلا مبالاة وقال لها :
"الانكليز وحدهم ذوو حساسية خاصة لمثل هذه الامور , فالحيوانات تربى من أجل اللحم ."
وهبطت الطائرة في سهولة ويسر وتوقفت على بعد يارادات قليلة من مجموعة المباني عند أحد طرفي المدرج . وخرج رجل خلاسي من أحد تلك الابنية , يرتدي ملابس خشنة . وملامحه صارمة , وابتسمت له ليان فرد عليها بنظرة متفرسة تثير الارتباك . وتحدث اليه ريكاردو قليلا بالاسبانية ثم صحب ليان الى سيارته التي كانت تقف في الانتظار بينما أخذ الركاب الاخرون يخرجون الامتعة من الطائرة , وبعد أن فرغ الخدم من وضع الامتعة في السيارة انطلق بها ريكاردو في الحال بدون أن يتحدث مع الرجل مرة أخرى .وبينما كانت السيارة تقطع الطريق الترابي سألته ليان في تهكم :
"هل يتم تربية هذا الرجل للقيام بالخدمة فقط ؟"
فرمقها بنظرة سريعة متجهمة وسألها :
"هل هذا مزاح ؟"
" كلا اني لا اجد في معاملة البشر كالماشية شيئا يدعو للمزاح على الاطلاق أليس للرجل اسم ."
فقال لها في غضب :
"إنني لا أقدم زوجتي الى خادم , فعادات بلادي تختلف عن عادات بلادك ."
" أنت على حق فقد زالت العبودية من بلادي بانتهاء العصور الوسطى ."
" الناس ليسوا مستعبدين , فهم أحرار في المجيء والذهاب كيفما شاؤوا ."
" وكيف ذلك ؟ من شكل الملابس التي كان يرتديها ذلك الرجل يتبين أنه وأمثاله لا يملكون الكثير من ماديات الحياة . فكم تدفع لهم ؟"
"كفى ! ليس هذا من شأنك ."
" لابد ان يكون لي شأن بهذا ان كنت سأقوم بدور زوجتك . أم ان المفروض ان تتعامى المرأة عن احتياجات الطبقات الدنيا ؟"
----------------------------
وقال لها بدون أن يرفع صوته لكن بلهجة حازمة :
" انني لا أقبل أن اتلقى دروسا كهذه من أية امرأة . فهل تريدين أن تشعري بثقل يدي ؟"
فتنهدت ليان وسألته :
"وهل هذا ردك على كل شيء ؟"
"كلا . ليس بالنسبة الى كل شيء , وانما بالنسبة الى فتاة انكليزية تظن نفسها فوق هذه المعاملة ."
فأمتنعت عن الرد وتعمدت السكوت فنظر اليها قائلا :
"قلت لك ان التكيف مع عاداتنا جزء ضروري من اتفاقنا . فلا تضطريني الى وضعك في مكانك الصحيح أمام الاخرين ."
وبدأت الشمس تميل الى الغروب لتكسو بحمرتها المناطق الطبيعية ذات المعالم غير المحددة . انها بعيدة الان عن وطنها وتعيش في عالم آخر . وتشعر بأنها وحيدة تماما .
ابتلعت الكلمات العنيفة التي قفزت فجأة الى حلقها وقالت له بصوت أجش قوي :
"ريكاردو يجب علي ان احتفظ بشخصيتي . الا ترى ذلك ؟ ولا استطيع أن اتصرف بالطريقة التي تتصرف بها المرأة الارجنتينية . فلابد ان أسأل أسئلة تغضبك . وقد لا ترضيني الردود , ولكن تلك هي الطريقة التي اتصرف بها . واذا حاولت ألا أتصرف على هذا النحو أمام الاخرين يجب أن تحاول أن تعاملني على قدم المساواة عندما نكون وحدنا كما وعدت ."
فأرتفع أحد حاجبيه وقال :
"لا أذكر انه سبق لي ان وعدت بأن اعاملك على قدم المساواة ."
"العبارة التي قلتها عن التغاضي عن هفواتك واعتقد ان تلك هي هفواتي . وانت لا تستطيع ان تعالجها بالتهديدات والتحذيرات , وتستطيع ان تخفف منها بأن تثق في انني أريد ان اتعلم شيئا عن بلادك وانا هنا . ويمكنك ان تعلمني ومع ذلك لا أعد بأن أحب كل ما سوف أعرفه ."
وسكت فترة قبل ان يبتسم ويقول :
"انني لا اعرف امرأة تتحدث الى الرجل بمثل هذه الطريقة . قد اكون انا ايضا بحاجة لأن اتعلم شيئا . حسنا سأبذل جهدي بكبح جماح انفعالاتي بالنسبة اليك , ولكنني لا استطيع ان اعد بألا أغضب منك . فهل هذا يسعدك اكثر ؟"
" نعم, كثيرا ."
ونظرت الى السهل المظلم ورأت اضواء من بعيد وسألته :
"هل هذا هو المنزل ؟"
" المنزل في الاتجاه الاخر ."
وأضاف في لهجة جافة :
"نحن الان في طريقنا مباشرة لحضور حفل الزواج ."
فاعتدلت ليان في جلستها ونظرت اليه قائلة :
"كلا يا ريكاردو لا يمكنك ان تفعل هذا ! "
فقال لها في لهجة حازمة لا تقبل التراجع :
"لابد ولا جدوى من محاولة اقناعي بتغير رأيي . فكارلوس يجب ان يعرف في اقرب وقت انه لايمتلك استانسيا مندوزا ."
ولكن هذا سيفسد الحفل ."
"ورغم ذلك فسوف يجتاز هذا الموقف ."
وأخذت تتلمس في ملامحه النحيلة علامة تشير الى أي تساهل وسألته :
"ايزبيلا ..... هل تكرهها هي ايضا ؟"
" كلا ."
وقبض بشدة على عجلة القيادة وضغط شفتيه وأضاف :
"ولكنها بزواجها من كارلوس فقدت الحق في ان اراعي مشاعرها ."
فقالت له في استعطاف :
"انتظر حتى الصباح على الاقل , واتركهما الليلة, ارجوك يا ريكاردو ! "
"هل تظنين اننا نكون اكثر شفقة بهما لو تركناهما يعودان الى الاستانسيا مندوزا ليجدانا هناك ؟"
----------------------------------
"لا اعرف , ولكن يجب ان تفعل ذلك , ان أي شيء افضل من اقتحام حفل الزواج نفسه ! "
وقال بدون أي بادرة للتراجع :
"لا اوافقك , فكلما عجلنا كلما كان ذلك افضل ."
وسكتت ليان . اذ بدا لها ان لا فائدة ترجى من وراء ذلك . وبقلب محزون راقبت الاضواء وهي تقترب . ورأت المنزل ذا الطابقين يحف به فناء متسع . وسمعت صوت الموسيقى والصيحات والضحكات . وما ان لمح الحاضرون ريكاردو في سيارته حتى تراءت انفعالات مختلفة في ضوء المشاعل و القناديل .وفتح أحد الخدم باب السيارة فنزلا منها وصحبها ريكاردو نحو المدخل الذي تعلوه الاقواس . وأخذ الحاضرون يفسحون لهما الطريق وسط المكان المزدان بالزهور بينما انتشرت في الفناء الموائد العامرة بالاطعمة ومن حولها المدعوون الذين ارتدوا الزي الاسباني التقليدي . واتخذ العروسان مكانهما فوق منصة في نهاية الفناء وبجوراهما زوجان مسنان اعتقدت ليانا نهما والدا العروس . وأحست بذراع ريكاردو يتصلب قليلا تحت ذراعها بينما عيناه تتطلعان الى جمال الفتاة الاخاذ وهي بخيبة امل زوجها لديه أكثر من سبب ليكره أخاه غير الشقيق , فلعله كان يريد ايزبيلا لنفسه .
ولم يصدق بعض الحاضرين عيونهم وهم يرون ريكاردو , في حين شعر البعض بالاسى بينما أبدى واحد او اثنان مشاعر الابتهاج لمجيئه .
وتملك الجميع غمرة من حب الاستطلاع حول هذه المرأة , وأخذ ريكاردو يومئ برأسه يمنة ويسرة ليرد على تحية الحاضرين , لكنه لم يحاول التحدث مع أي منهم ومضى بها نحو العروسين بينما أصيب افراد الحاشية التي أحاطت بهما بذهول كاد يجمد الدم في عروقهم وهم يتوقعون , ما سوف يحدث .
كان كارلوس أقصر قامة وذا جسم ممتلىء وأقوى من اخيه غير الشقيق . وكان وجهه وسيما يعبر عن الجرأة . وشعره اسود مجعداً وكان يرتدي زياً رائعاً يذكرها بزي مصارعي الثيران . قال كارلوس بالاسبانية :
"وهكذا عدت ياأخي لتحضر حفل زواجي واصطحبت معك ضيفاً ."
وكانت ابتسامته التي وجهّها الى ليان تثير الحيرة لأنها تنم عن رفض الاحتمالات التي ينطوي عليها وجودها في هذا المكان . وقال لها :
"مرحبا سنيوريتا ."
فصحح له ريكاردو كلامه قائلاً :
"بل سنيورا .... تزوجنا صباح اليوم في بوينس آيرس "......
وخلال السكون المفاجىء لمحت ليان علامات الارتياح على وجه العروس الجميل . وظنت انها أخطأت اذ كيف تغتبط زوجة لأن زوجها فقد كل شيء ؟ كرهت ليان نفسها بسبب ما تفعله وكرهت ريكاردو لأنه دفعها الى المشاركة في هذه العملية . وبغض النظر عن سلامة الموقف او خطأه فأن هذا لن يحل المشكلة .
وكان كارلوس هو البادىء بالكلام وقال في صوت منخفض متهدج وبأنفعال مكبوت :
"هذا مستحيل ."
" لدي ما يثبت ذلك اذا اردت الاطلاع عليه ."
قالها ريكاردو بلهجة لا تنم عن الانتصار . ونظر الى ايزبيلا وهو يضع ذراعه على كتفي ليان ويضمها اليه قائلاً :
"زوجتي انكليزية وتتحدث الاسبانية قليلاً لسوء الحظ , ولكنها سوف تتعلمها ."
واتجهت ايزبيلا نحو ليان تصافحها بكلتا يديها وقالت لها في هدوء بالانكليزية :
"مرحبا بك يا أختي , لابد ان تشاركينا العرس انت وريكاردو ...."
واقترب فرنسيسكو ريخا من زوج ابنته , وفهمت ليان ما يقصده وهو يقول له :
"الامور تغيرت الان يا كارلوس , وبيتنا هو بيتك الان ."
ووضع يده على ذراعه فأسكت الكلمات التي كاد ينطق بها كارلوس ..وأضاف قائلاً :
"هذا افضل يا بني ."
-----------------------------
وتخلصت ليان من ذراع ريكاردو لترد على تحية ايزبيلا وهي تشعر بثقل في اعضاء جسمها وبقلب حزين وآسف لما يحدث . ولكنها حاولت أن تعبر بنظرات عينيها عما تشعر به .
وهمس أحد الحاضرين ببضع كلمات فابتسم ريكاردو واعتذر عن البقاء قائلاً ان الرحلة كانت متعبة وان ليان ترغب في ان تستريح , فقالت إيزبيلا بلهجة احتجاج :
"ولكن اليوم هو يوم عرسكما وعرسنا . ولا يجب يا ريكاردو ان تغادر الحفل قبل ان تشربا النخب . هل تريد ان تحرم عروسك من حقها في مستقبل سعيد ."
وقبل ان يرد عليها ريكاردو اتجهت الى زوجها وجذبته من يده وقالت له :
"ألا توافقني يا كارلوس على ضرورة بقائهما بعض الوقت ؟ اننا الان أسرة واحدة ."
ونظر كارلوس الى اخيه بعينين مليئتين بالانفعال ودعاه هو وليان لتناول الطعام .فهز ريكاردو كتفيه بلا مبالاة . وسمحت ليان لريكاردو الذي لم تكره أحداً مثلما كرهته , بأن يصطحبها الى المائدة الرئيسية لتجلس هي في مواجهة إيزبيلا ويجلس ريكاردو عن يسارها في مواجهة كارلوس .... وحاولت ليان ان تيدو طبيعية ولكنها لم تستطع وبينما بدأ الخدم في تقديم أطباق الطعام سألت إيزبيلا ليان :
"هل تعرفت بريكاردو منذ فترة طويلة ؟"
وتهيأ ريكاردو لسماع ردها بدون ان يبدو على وجهه أي قلق لما يمكن ان تقوله . حسنا انها اذن ستقول لهم الحقيقة , فهذا ما يستحقه فردت على ايزبيلا بدون ان تنظر الى ريكاردو :
"منذ يومين فقط ."
فقالت ايزبيلا في دهشة :
"انها فترة قصيرة جداً . لابد انكما وقعتما في الحب في الحال عندما تقابلتما."
فردت ليان في حرارة :
"نعم . المرء يتم انقاذه من مصير أسوأ من الموت يقع تحت التزام هائل ."
فاتسعت عينا ايزبيلا وأعربت عن شكها فيما تسمع فتدخل ريكاردو ليقول لها :
"الشيء الذي ستعرفينه عن زوجتي أنها تميل الى الدعابة بصورة تختلف عنا , وليان تقصد المزاح معك ."
وضغط على ركبتها من تحت المائدة محذراً وسألها :
"اليس كذلك ؟"
وأخذت دقات قلبها تسرع ولكنها سيطرت على نفسها وهي تجيبه :
"اذا قلت ذلك فأنت دائما على حق يا ريكاردو ."
فهم الجالسون عن قرب تلك الكلمات في حد ذاتها غير انه من المشكوك انهم فهموا المعنى المقصود من ورائها . ولكن الرجل الجالس الى جوار ليان لم يخطىء في ادراك المعنى . وسمعته ليان وهو يجتذب أنفاسه واتجهت بنظرها وهي تبتسم ناحية ايزبيلا التي كانت تنظر في دهشة , وقالت لها :
"ريكاردو يطلب مني ان اعامله على الطريقة الارجنتينية . فهل تساعديني لتعلم الطريقة الصحيحة ؟"
فأجابتها وهي تبتسم :
"انك تسخرين مني مرة أخرى ."
أحست ليان بأنه لا يصح اقحام إيزبيلا في هذا الامر الذي يتعلق بها وبريكاردو وحدهما وقالت لها :
"اغفري لي يا ايزبيلا " وهي تضحك ..
"كلا , إنك تتصرفين بطريقة مختلفة ولكنها مسلية . أليس كذلك يا كارلوس ؟"
فوافقها كارلوس ونظر الى ريكاردو قائلا :
"أنت على حق وانت أيضا محظوظ في اختيار ايزبيلا فهي عروس رائعة ومتألقة ."
--------------------------
ونظرت ليان الى المدعوين من حولها وهم يتحدثون لغة لم تتقنها بعد ... انه ليس عالمها .... وهي لا تصدق ان ما تعيشه هو الواقع وأن ريكاردو هو زوجها . فهي لا تحبه بل ولا تشعر بود نحوه .
وهو بالاضافة الى تحجر قلبه يميل الى القوة في تعامله , اذ لم يكن هناك حاجة لمثل تلك المواجهة وفي هذا الوقت بالذات . لقد فعل ذلك لكي يعاقب إيزبيلا أيضا مع كارلوس . ولكن كارلوس لم يسلبه اياها وانما نال ماهو حقه فعلاً . فقد أحبته ايزبيلا وهو ما يتضح من الطريقة التي تنظر وتتحدث بها اليه . ألا يرى ريكاردو ان من الظلم ان يعاقب امرأة لأنها اختارت احداً غيره ؟
ولم يشأ ريكاردو ان يمكث اكثر لحضور الحفل الراقص الذي يستمر حتى الساعات الاولى من الصباح وقال :
"قمنا برحلة طويلة وما زال علينا ان نقطع مسافة أخرى الى بيتنا ."
ونظر الى كارلوس في برود :
"كلا سنقيم هنا , هذا هو بيتنا الان , لقد فزت بأستانسيا مندوزا ولا أريد أي جزء منها الان ."
وفي الطريق المظلم الذي قطعته السيارة قالت ليان لريكاردو :
"هذه أسوأ تجربة مررت بها في حياتي ."
" وكذلك بالنسبة الي ."
" ولماذا فعلت ذلك اذا ؟"
" اوضحت لك السبب . كان ضروري ان انهي الامر معه وبهذه الطريقة يضطر كارلوس لقبول الامر الواقع . اذ لا يوجد انسان يريد اثارة المتاعب في يوم عرسه ."
" أعتقد أن كارلوس تصرف بطريقة ملائمة ."
"أنك تبدين الاعجاب به ."
فردت عليه في تحد :
"نعم ألا يجب ان افعل ذلك ! "
" يمكنك ان تكني له ما تشائين من مشاعر ولكن ما اريده منك هو ان تعبري عن الاخلاص لي في الظاهر ."
"لا شك في هذا ."
"أحقا ؟ سنرى , ان ستة أشهر هي فترة كافية ."
" أنني سأكره هذا المكان ."
" وكيف لك ان تكرهي شيئاً لم تعرفي عنه سوى القليل جداً . ألم تقولي انك تريدين ان تعرفي اشياء عن بلادي . ونظراً للظروف الحالية فأنني افضل امتناعك عن اجراء أي اتصالات مع أي شخص خارج بيتي لأنه اذا شك كارلوس في حقيقة الامر لن يتوانى عن استغلال ذلك ."
" وكيف ؟ هل سيعرض علي مزيداً من المال لأرحل قبل انتهاء فترة الاشهر الستة ؟ أشك أنه يستطيع ان يتحمل هذا العبء الان ."
أوقف ريكاردو السيارة فجأة وفي وجهه تعبير غير واضح وقال لها :
"المبلغ الذي عرضته عليك مقابل الخدمة التي ستؤدينها من مالي الخاص . كانت امي ثرية . وتركت لي كل شيء تحت الوصاية الى ان بلغت سن الخامسة والعشرين . استانسيا مندوزا تعني بالنسبة الي اكثر مما تعنيه من ناحية القيمة المالية ...... وسيظل كارلوس يحصل على دخل من الاستانسيا ومدى الحياة ."
" لو قدر له أن يأخذه ."
" سوف يأخذ هذا الدخل .... انك تبدين اهتماماً واضحاً بكارلوس هل تحسدين ايزبيلا لأنها تحظى بعناية هذا الرجل الليلة ."
فأحمر وجهها في الظلام وهي تقول له :
"لا تكن مضحكاً ."
فأمسك بعنقها واسفل ذقنها يهز رأسها مما جعلها تصرخ في ألم وقال لها :
"اياك ان تقولي لي هذا الكلام مرة اخرى ."
--------------------------------
واضاف يقول في هدوء مقيت :
"انجذبت نحو كارلوس في الحال لمست ذلك في عينيك ."
وجذبها نحوه بعنف وبلا أية عاطفة وهي لا تستطيع الفكاك من قبضته . وعندما دفعها الى الكرسي بعيداً عنه شعرت بأنها قد جفت من أي شعور نحوه حتى من الكراهية ولم تستطع ان تنظر اليه عندما اوقف السيارة مرة اخرى وبعنف .
وعندما وصلا الى مزرعة مندوزا لاحظت انها اكبر بكثير من المزرعة التي غادراها منذ حوالي عشرين دقيقة . وكانت الاشجار منتشرة فيها وبها الكثير من المباني التي تتلألأ داخلها الانوار واصطحبها ريكاردو نحو باب المنزل الذي يؤدي الى قاعة فاخرة فيها اثاث فخم ومدفأة تمتد من الارض الى السقف , وقد زينت بأحجار مماثلة للاحجار الخارجية وهبطت سيدة عجوز على السلم وهي ترحب بمجيء ريكاردو . وقال ريكاردو لليان بالانكليزية :
"هذه هي انييز رئيسة الخدم , عاشت مع اسرة مندوزا لأكثر من اربعين سنة ."
ثم قال لأنييز بالاسبانية :
"هذه زوجتي ليان . انها تتحدث بلغتنا قليلاً ."
وحيتها اينييز بجفاف وبدون ان تبتسم ..
وطلب منها ريكاردو اعداد الغرف الغربية , فسارعت بالصعود لتلبية طلبه . وسأل ليان ذا كانت تفضل تناول مشروب اثناء الانتظار فطلبت فنجان من القهوة . واعرب لها عن اسفه لانه يجد نفسه مندفعا للتحدث بالاسبانية بصورة اسرع بعد عودته الى بيته . فقالت له ان هذا افضل لها فهي تستطيع ان تفهم قدرا اكبر من الكلام اذا قيل لها ببطء معقول . وقال لها بدون ان يفقد البرود :
"هذا سيجر المزيد من المتاعب عما لوتحدثت يالانكليزية ."
وجذبها من ذراعها مرة اخرى وصعد بها الى غرفة واسعة مفروشة بالسجاد الكثيف الفاخر . وفيها عدة ارائك وموائد منخفضة موزعة في ارجائها , وبعضها مطعم بالفضة والبعض الاخر محلى بأنواع مختلفة من الخشب . وتؤدي الابواب الزجاجية الواسعة الى شرفة مغطاة , في حين تؤدي القناطر الى الفناء المركزي . وضغط ريكاردو على زر الجرس قائلاً :
"كل الغرف في الطابق الارضي تؤدي الى الفناء الذي تطل عليه غرف النوم المتعددة . وجرت العادة ان يتناول الضيوف الطعام في تلك الغرفة الفسيحة , فهي مركز البيت كله ."
واعطى ريكاردو اوامره الى الفتاة التي ردت على ندائه . وجلس على اريكة في مواجهة ليان وانتظرت ليان حتى اشعل سيكاراً وقالت له :
"بيتك جميل يا ريكاردو ."
" تغير قليلاً منذ وفاة امي , كان ذوقها يميل الى الخطوط البسيطة وظلت القاعة الخارجية وحدها محتفظة بالطابع الاسباني ."
وشد إنتباه ليان لوحة معلقة فوق المدفأة تمثل امرأة شابة لها الجمال الاسمر الوضاء نفسه الذي لمسته في ايزبيلا . وسألته :
" هل هذه أمك ؟"
" نعم , لقد رسمت لها تلك اللوحة بعد زواجها بوقت قصير ."
" كانت جميلة جداً ."
"نعم . كانت في الاربعين فقط من عمرها عندما توفيت ."
"وكم كان عمرك وقتئذ ؟"
"تسعة عشر عاما .وهي سن تكفي لأن يشعر المرء بوطأة الازدواج على القلب والعقل . كانت مندوزا استانسيا ثلث حجمها الحالي قبل ان يتم ضمها الى مزرعة اسرة أمي ."
وتساءلت ليان اذا كان يقصد بذلك ان أباه تزوج من أمه لهذا الغرض وحده . هذا سوف يفسر الكثير , وخاصة فيما يتعلق باصراره على عدم السماح لريكاردو بأن يتولى الاشراف على الارض التي هي من حقه بالوارثة عن الابوين .
------------------------------
وسألته :
"ألا يوجد أحد من أقرباء امك على قيد الحياة ."
" أختان , وهما خالتاي , وتعيش احداهما في بويونيس آيرس ."
ومن دون حاجة لأن يفصح لها ادركت ليان انهما يحصلان على دخل من الاستانسيا .
واحضرت الفتاة جوانيتا القهوة وهي تبتسم فحيتها ليان سعيدة اذ رأت مودة في وجهها .
واحتست نصف الفنجان ونظرت الى ريكاردو قائلة :
"آسفة لما انفلت مني من حديث فلم أكن افهم كل الظروف المحيطة ...."
فقال في تهكم :
"وهل فهمت الان ؟"
"أفضل من ذي قبل . ولو انك شرحت لي هذا كله من قبل ...."
"قلت لك فقط ما اعتبره ضرورياً لأجعلك تخلصين لأتفاقنا . ولا تتوقعي مني ان أعتذر لك عما حدث بيننا فأنت تستحقين هذا . ولو أنك اثرتني ودفعتني الى العنف مرة اخرى سأجد وسائل اخرى للتنفيس عن نفسي ."
" لن يتكرر هذا مرة أخرى ."
"وأنا واثق من هذا ."
وحضرت إينييز لتخبره بأن الغرف جاهزة .
فقال لليان :
"ستعرفك إينييز بمكان نومك عندما تفرغين من تناول فنجانك ."
فسارعت ليان بابتلاع القهوة غير عابئة بما احدثته بسخونتها الشديدة في شفتيها . وقالت انها جاهزة , فصعدت خلف إينييز التي اصطحبتها بدون ان تنطق بكلمة واحدة الى غرفة لها حمام خاص . وهي غرفة فاخرة واسعة ذات مظهر حديث وفيها مدفأة .
وفتحت ليان باب الغرفة المطل على الشرفة لتتنشق رائحة الزهور , المنتشرة حول البيت الذي تحيط به مختلف النباتات .
انه كالواحة او كجزيرة في بحر لا نهاية له من العشب . وهي قد تعتاد على الحياة في ارض ريكاردو ولكنها لن تتعلم كيف تحبها . والواقع انها لا تحتاج الى هذا اكثر مما تحتاج لأن تحب ريكاردو . ان هذا الزواج ليس بزواج حقيقي . وعليها ن تظل – تردد – لنفسها هذا : انه ليس حقيقة .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 11:18 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4- السور المثقوب
احتاجت ليان الى اسبوع لتعتاد على مناظر الافاق المتشابهة التي لا تتغير والتي تحيط بأرض مندوزا من ثلاثة جوانب ولم يعوضها بعض الشيء سوى مناظر سلسلة تلال سييرا دي تانديل الجنوبية ذات الصخور الجرانتيية التي تشبه كثيرا صخور بلادها انكلترا . بني المسكن من تلك الصخور التي احضرها جد ريكاردو من تلال سييرا منذ خمسين عاما .
وذات صباح أبلغ ريكاردو ليان أنه نادرا ما كانت تخلو المزرعة من ستة ضيوف على الاقل , ويتذكر عندما كان طفلا الزوار يفدون عليها بملابسهم الجميلة في المناسبات المختلفة ويستمعون الى الموسيقى . وقال :
"كانت هناك مناسبات عديدة قبل ان تمرض امي ."
" وهل استغرق مرضها فترة طويلة ؟"
وتبدل وجه ريكاردو وقال لها انها ظلت مريضة لفترة طويلة جدا . ثم غير مجرى الحديث وسألها :
"ما مدى تقدمك في تعلم ركوب الخيل ؟"
وقبلت ليان هذا التغيير في مجرى الحديث بدون ان تبدي أي رد فعل لذلك واجابته :
"ان خوسيه يجعلني اركب الحصان بدون ان أمسك اللجام حتى أعتاد على حفظ توازني ."
وابتسمت قليلا واضافت قائلة :
"من الغريب ان كبير عمالك لا يتحدث الانكليزية على الاطلاق وبرغم ذلك لا يجد صعوبة في التعبير عن المعنى الذي يريده . انه بارع في الركوب ."
ورد عليها ريكاردو بابتسامة متحفظة وقال :
"عمل خوسيه هو ركوب الخيل ."
" ولكن تحت امرتك ."
" نعم تحت امرتي وأمرة مديري الاقسام المختلفة ."
ونظر اليها في تفحص وهي تقف في الفناء تحت أشعة الشمس بردائها المكون من الجينز الازرق والقميص القطني المخطط واضاف :
"كان يجب عليك ان تلبسي ملابس أكثر ملاءمة لأنك اذا ركبت الخيل لمسافة طويلة بتلك الملابس فأنها سوف تبلى نتيجة احتكاكها بالسرج الجلدي ."
" أعارني خوسيه فراء شاة لأضعه فوق السرج وهو مريح جدا ."
" فراء الشياه لا يليق بك ."
قالها في حدة واضاف :
"ألق به , لو أنك أعطيتني مقاسات جسمك لأحضرت لك بعض السروايل والاحذية الملائمة لذلك ."
وكان ريكاردو نفسه يرتدي بنطلونا جميلا مخصصا لركوب الخيل وحذاء جلديا طويلا لامعا كشعره الاسود اللامع تحت أشعة الشمس .
وعندما سألته اذا كان سيخرج أومأ برأسه وقال :
"ذاهب لأرقب عملية وشم الماشية بالعلامة التجارية . فالقطيع يجب ان يكون جاهزا للشحن في نهاية الاسبوع ."
"هل المكان بعيد ؟"
" محطة الشحن بالسكك الحديدية تبعد مسافة ميلين , هل ترغبين في مرافقتي ."
" نعم , بالتأكيد ."
-----------------------------
لقد أرادت ليان ان تذهب الى أي مكان على سبيل التغيير حتى ولو كان معنى ذلك انها ستمضي الوقت مع ريكاردو .انه الشخص الوحيد الذي يمكنها التحدث اليه ببضع كلمات انكليزية . ورغم انها تتقدم في تعلم اللغة الاسبانية الا أنه ما زال امامها الكثير .
وخلال الاسبوع الاخير سارت الامور في نمط منسجم . كانا يلتقيان عند تناول وجبات الطعام ويلتقيان أيضا خلال النهار , الا أن ريكاردو كان يمضي معظم الوقت بعيدا عنها حتى يتجنب البقاء معها لفترة طويلة . ولم تكن تلومه فقد كانت تعلم اضطراره للعمل في الاشراف على مزرعة مندوزا . والعرض الذي قدمه اليها أصبح الان حقا مسلما به لريكاردو ولا يمكنها ان ترفضه .
أحضر لها ريكاردو قبعة تشبه قبعته التي قال من قبل انها كانت ملكا لأمه . وهي محشوة من أعلاها للوقاية من الصدمات عند السقوط , مثلما تصورت , اذ يبدو أنه لا يسقط من فوق الخيل في تلك المناطق سوى النساء . وتوجها سويا الى اصطبل الخيل القريب من المنزل .
أثناء اعداد السرج على ظهر الحصان الذي ستركبه انتهزت الفرصة لتلقي نظرة أخرى على واجهة المنزل وهي لا تصدق أنه منزلها ولو لفترة محددة .
أن بيتا كبيت مندوزا يحتاج الى اطفال لخلق جو عائلي . هذا ما فكرت فيه ليان وهي تحس بعضلات صدرها تنقبض قليلا . ولكن لن يكون في هذا البيت أطفال بالمرة لأن ريكاردو لا يرغب بالزواج الدائم . وعندما ترحل سيعيش وحيدا الا من الخدم . وسوف تتولى إينيز بلا شك رعايته الا انها عجوز لم تتعود على التحدث كثيرا . فالى من اذا يلجأ رجل في مثل ذكائه ومعلوماته من أجل التنشيط الذهني خلال السنوات المقبلة . مهما كانت الاختلافات بينهما فقد اتاحت له على الاقل قدرا من التنشيط الذهني من خلال مسائل ناقشاها أثناء الفترات القصيرة التي أمضياها معا .
وأحضر السائس انثى الخيل التي اعتادت ليان ان تتدرب عليها وأوقفها الى جانب الحصان الاسود الضخم الذي يركبه ريكاردو عادة ولاحظ ريكاردو ان انثى الخيل تصدر عنها حركات عصبية عنيفة فنهر السائس وطلب منه احضار غيرها . وقال لليان انها لو ركبتها لكان في ذلك خطر مؤكد على حياتها وأضاف :
"ألا يعتقدون ان الحصان الخاص بي صعب جدا في قيادته ؟"
" ولماذا تركبه ما دام صعبا في قيادته الى هذا الحد ؟"
قالتها ليان وهي تخفي اضطرابها وهي لا تعرف أي حصان آخر سوف تركبه بدلا من ذلك الذي اعيد الى الاصطبل . فقال لها ان السبب في ذلك هو ان الحصان الخطير يجعله ينشغل به ليس فقط بيديه اللتين تمسكان بزمامه بل ايضا بعقله .
"ان أحدا لا يمكنه يسيطر على هذا الحصان والتفاهم والصلة القوية التي تربط بين الرجل والحيوان لاتمنع ميل الحيوان الى طبيعته وحياتك كانت ستتعرض للخطر الشديد ."
وأطلقت ضحكة مصطنعة وهي تقول :
"كنت ستهب لأنقاذي بلاشك ."
ولاحظت أنه يرفع أحد حاجبيه وهو يقول :
"أواثقة أنت من هذا ؟"
قالها بلهجة جعلتها ترد عليه باندفاع :
"نعم فأنت تريدني أن أظل على قيد الحياة للوفاء بشروط وصية ابيك أليس كذلك ؟"
فضغط على شفتيه وهو يقول :
"ليس بالضرورة , فالشيء الوحيد الذي يؤدي الى الخلال بشروط الوصية هو تعمدك الرحيل قبل انقضاء الفترة المحددة . ويمكنني ان اؤكد لك إنك لن ترحلي . هيا ان حصانك جاهز ."
وتبعته ليان الى حيث يقف الحصانان في انتظارهما وقد ارتسم على شفتيها تعبير ساخر . كانت ترغب في ذلك , ولكن ريكاردو ليس الرجل الذي يجعلها تفلت بفعلتها بدون ان ينزل بها العقاب . كالميتة ليس لمدة ستة أشهر فقط وانما الى الابد .
----------------------------------
خصص لها هذه المرة حصانا ذكرا . وساعدها ريكاردو لتمتطي صهوته في حين أخذت عينا الحصان تدوران نحوها . وأخذ ريكاردو يدربها على الطريقة الصحيحة لركوب الخيل وكيفية التحكم في اللجام والتعامل مع الحصان مما أسعدها كثيرا وجعلها تقول له :
"لا أذكر انني ركبت من قبل حصانا مثل هذا ."
ورد عليها في سخرية :
"أهملوا تعليمك يا صغيرتي ... وقد بدد خوسيه وقته بهذا البطء في تدريبك ."
ثم سألها فجأة :
"ألم يسبق لأحد ان أحبك ؟"
"كلا لم يحدث ابدا ."
وسألته وهي تتحاشى النظر اليه وقد اخذت نبضات قلبها تسرع :
" وهل كان هذا يسعدني أكثر ؟"
"كان سيتوقف على الرجل نفسه . وسيحتاج اولا الى اخضاعك قبل ان يبدأ في حبك . وليس بمقدور كل الرجال القيام بهذا ."
واعتقدت ليان أثناء موجة سريعة من الانفعالات تمتلكها , ان في مقدور ريكاردو ان في ان يفعل هذا . اذ اثبت فعلا مقدرته الفائقة على ذلك ليلة احضرها الى مزرعة مندوزا . ولكنه فعل هذا في فورة من مشاعر الغضب وليس عن رغبة فيها .
سألته بسرعة :
"اين تذهب كل تلك المياه الغزيرة . أمطرت السماء ثلاث مرات في الاسبوع الماضي ولم يبق منها شيئا فوق الارض ؟"
"هناك عدد ضئيل من المنخفضات العميقة التي تحتفظ بالمياه اكثر من عدة ساعات . فالارض اسفنجية مما يجعل المياه تتسرب بسرعة من خلالها .وهذا هو السبب الذي يجعلنا بحاجة الى استخدام الخزانات لحفظها . أما فوق تلال سييرا فألامر يختلف لأنك ستجدين هناك المجاري المائية والبحيرات نظرا لأن التربة الصخرية يمكنها الاحتفاظ بالمياه على سطح الارض ."
ونظرت ليان الى الافق البعيد وسألته :
"هل سبق لك ان ذهبت الى تلال سييرا ؟"
" ذهبث اليها كثيرا .... ولكنني لم اتوجه اليها منذ بعض الوقت ."
وقالت ليان لنفسها ان ريكاردو ربما لا يريد الابتعاد عن أرض مندوزا ! الفترة تتيح لكارلوس ان يحكم قبضته عليها ؟ وسألته بصوت مرتفع :
"هل تسمح لي بزيارة هذه المنطقة ؟ لدي رغبة في ذلك ."
" لا يمكنك الذهاب وحدك . فالتلال قد تبدو لك قريبة , ولكنك تحتاجين الى يوم كامل للوصول اليها على ظهر الحصان ."
" يمكنني ان اذهب اليها بالسيارة ."
" ان ردي ما زال هو الرفض القاطع , لأنه من السهل ان تظلي الطريق هناك , والسيارة لها قدرة محدودة على اختراق الممرات . لكي تتمكني من مشاهدة تلال سييرا يجب ان تذهبي اليها على ظهر الحصان ."
وأطرق هنيهة وهو مسترخ على ظهر حصانه وأضاف :
"ربما نقوم برحلة قصيرة تستغرق يومين او ثلاثة الى تلال سييرا بعد ان ننتهي من عملية شحن الخراف ."
ورمقته بسرعة وسألته :
"هل سنقوم بهذه الرحلة نحن فقط ؟"
فرد عليها بجفاف :
"ولم لا ؟ إننا أمام العالم رجل وزوجته . ومن الذي يدري او يهتم بما اذا كنا نبيت في خيمة واحدة او خيمتين ؟"
من الذي يهتم فعلا ؟ وخلال موجة من الانفعالات التي انتابتها استحثت الحصان على الهرولة في حين انتصبت واقفة على قدميها وهي على ظهره . فأمرها ريكاردو في حدة ان تجلس وقال لها انها ليست في لندن , وان الوقوف اثناء هرولة الحصان لا يحدث الا في العروض الاستعراضية وعليها ان تتواءم مع الطريقة الارجنتينية في ركوب الخيل , وعرفت منه انه سبق له ان زار لندن وسألته اذا كان غاضبا فأجابها بأنه غاضب الى حد ما لأنها تتبع أسلوبا يثير غضبه فأعربت له عن أسفها .
---------------------------
ولكنه قال لها :
"كلا أنك لست بآسفة . وان كان هناك ما تأسفين له فهو طلبك مني ان أساعدك تلك الليلة في ملهى ريوس ."
وقالت له وهي لا تنكر هذا :
"لم يكن أمامي أي بديل آخر ."
"هناك بديل دائما ولكني أعتقد انه لم يكن بمقدورك , في مثل هذه الحالة ايجاد بديل افضل ."
"ومن المؤكد انه لم يكن سيدر علي مثل هذا الربح الوفير ! "
وكان الحصانان قريبان من بعضهما الى حد جعله يمسك ذراعها بقوة فانحشرت ساقها بين الحصانين مما جعلها تتأوه وقال لها ريكاردو :
"ستذهبين بعيدا جدا يوما ما . انني احتاج اليك ولكنني لم أقم بشرائك ."
وكانت ليان تتألم ولكنها رفضت الاستسلام وسألته :
"وبماذا تصف هذا اذن ؟"
" انه تعويض عن ضياع وقتك وفرصتك ."
" أنك تجادل في امور تافهة ."
ورمقها في حدة وهو يقول :
"كلا .... ولو أنني اشتريتك لطالبت بالحصول الكامل على ممتلكاتي في ليلة عرسنا ."
" وهل تضيع حقك في فسخ عقد الزواج ؟:"
"هناك وسائل اخرى لفسخ العقد فأحرصي على الا تضطريني الى البحث عن أحدى تلك الوسائل ! "
فحاولت ان ترطب حلقها الذي جف فجأة وصاحت فيه :
"ريكاردو ...."
"قد يفيدك ان تفهمي معنى الخضوع للرجل وقد تحترمينه عندئذ ."
" كنت سأكرهك . لو لمستني ..."
" أنني ألمسك الان . تقصدين لو أخذتك عنوة . ماذا كنت ستفعلين اذا ؟"
" حاول وسترى ."
نظرت اليه نظرة متهورة ولكنها احست بسرعة أنها أخطأت عندما رأت تعبيراته تتغير وسألها :
"هل تتحدينني ؟"
فقالت وقد جف حلقها مرة أخرى وهي تتجنب النظر الى وجهه :
"كلا انني لم اكن أعني ذلك ."
فقال لها في سخرية :
"فهمت . ولكن ما زالت هناك ظلال لكلماتك , تضايقني . فهل تريدين سحب أي كلام آخر قلته منذ لحظات ؟"
" أظن ذلك ."
وأمسك بها وهزها بعنف مما جعل حصانها يتقدم خطوتين فاستحث حصانه هو الاخر على التقدم الى الامام ليسيرا الى جواره وقال لها بدون ان يتركها :
"من الافضل لك ان تفعلي الان ."
"حسنا , ان أحدا لم يشتريني ."
وفعلت اقصى ما تستطيع لكي تتمسك بما تبقى لديها من كبرياء ورفعت رأسها في تحد وهي تضيف :
"بل أستؤجرت , هل هذا افضل ؟"
ونظر لحظات الى وجهها المتجهم وقال لها انها تحاول تسوية الموقف في تأفف , ثم تركها فأخذت ليان تدلك أعضائها التي تؤلمها . وسألها :
"هل ما زلت ترغبين في مشاهدة الماشية وهي توشم بالعلامة التجارية ."
فقالت في كآبة :
"شرط ألا يتم وشمي أنا أيضا ."
--------------------------
فابتسم قائلا :
"ستحاتجين الى وشمك أكثر من مرة لكي تقتنعي , ولكنني مصمم على ان اقنعك ."
وبينما أخذ يتقدم بحصانه حدثتها نفسها بأنه مهما كانت تهديداته لها فأنها ستظل في مأمن منه لأنه لا يمكن ألغاء الزواج اذا دخل بها واية وسيلة أخرى يلجأ اليها لفسخ الزواج ستكون اكثر صعوبة . ولهذا فأن أي قدر من الاستفزاز لن ينسيه مصالحه .
ووصلا الى محطة الشحن بالسكك الحديدية وهناك رأت قطعانا كبيرة من الماشية محتجزة داخل اسوار مرتفعة من الاسلاك ويتم وشمها بالنار بالعلامة التجارية لمزرعة مندوزا . وخرج من وسط فريق العمل احد العاملين وأسرع نحو سيده ريكاردو , وبعدما حيا ليان التي ردت عليه التحية بمثلها , واخذ يتحدث معه في كلمات فهمت منها ان الامر يتعلق بالخراف والسور . وتجهم وجه ريكاردو وقال لها انهما سيعودان في الحال . وانتظرت حتى تم اعداد حصانيهما فركباهما ثم سألته اذا كانت هناك مشكلة . فقال انه سيحدثها عن ذلك فيما بعد , وان المشكلة كان يمكن ان تحدث لو لم يعد خوسيه العدة لمعالجة الامر .
وأضاف قوله :
"اقتحمت بعض خراف مزرعة ريخا السور الشرقي لأرض مندوزا . وتمكن خوسيه من اعادة تلك الخراف وسد الثغرة في السور ."
" فهمت , لم يحدث أي ضرر اذا ."
وولكن تعبيرات وجهه ظلت متجهمة وأضاف :
"خوسيه يعتقد ان الثغرة حدثت في السور عن عمد ."
وسألته بسرعة :
"من يمكنه ان يفعل هذا ؟"
" ربما يكون كارلوس هو الذي قام بذلك فهو يعرف مدى بغضي لوجود الخراف في أرض مندوزا ."
" ولكنه سيكون تصرفا لا جدوى من ورائه . لأنه مع تلك المساحات الممتدة من الارض سيتطلب الامر عدة أشهر حتى تستطيع مئات الرؤوس من الضأن احداث أي اثر محسوس."
فرد عليها بصبر نافذ :
"ان الامر يختلف . فرأس واحدة او ألف رأس , كل هذا لا يهم ."
وحرصت ليان على التحدث بنبرة حيادية وهي تقول له :
"انك تقصد ان المسألة تتعلق بالمبدأ نفسه , أليس كذلك ؟"
" هذا صحيح . فأن فرنسيسكو ريخا يستطيع ان يستخدم أرضه كيفما يشاء ولكنني لن اسمح لأي من خرافه بدخول أرض مندوزا ."
" ولكن ربما تكون قد دخلت عرضا . ربما يكون خوسيه قد أخطأ في تصوره ."
" ان خوسيه يعتقد أن أسلاك السور قطعت فهناك قليل من الشك في انها لم تقطع . ولمصلحة من اذا تفسرين هذا الشك ؟ ألمصلحة كارلوس ؟"
فعضت شفتيها وقالت :
"لا أرى أية مصلحة يمكن ان يجنيها من وراء ذلك ."
" لن يجني شيئا , ولن سيكفي كارلوس انه نجح في انتهاك حرمة ارضي ."
واوصلا شق طريقهما في صمت قبل ان تسأله ليان :
"ما الذي سيحدث الان ؟"
فهز كتفيه بأستخفاف وقال :
"سأعيدك الى البيت ثم استقل سيارة وأوجه تحذيرا الى أخي غير الشقيق ."
" أي تحذير ؟"
"انه تحذير لن يخطىء فهم معناه . ولو تكرر ذلك مرة اخرى فسيتم اطلاق النار على اغنامه وارسالها اليه ميتة ."
فالتقطت ليان أنفاسها وقالت له :
"كلا , إنك لن تفعل ذلك ."
" بل سأفعل ."
قالها بلهجة حازمة لا تراجع فيها واستحث حصانه على التقدم ووجهه متجهم .
وأدركت أنها ضايقته بدفاعها عن كارلوس ولكن كان لابد ان يأخذ احد جانب التعقل في هذه المسألة .
ولم يتحدثا بعد ذلك الا حتى وصلا البيت وما ان هبطا من فوق حصانيهما حتى بادرت ليان بقولها :
"أرجو ان تأخذني معك ."
"كلا , ستنتظرين هنا الى ان أعود ."
وأدركت من نبرة صوته أنه لا جدوى من مجادلته . وراقبته وهي تشعر انها لا حول لها ولا قوة وهو يتحرك بالسيارة نحو بوابة المنزل ويبتعد .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 11:20 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

5- ظهور ابن البلد ...
تناولت طعام الغداء وحدها وهي جالسة عند أحد أطراف المائدة الكبيرة . وقدمت لها خوانيتا القهوة فشكرتها بالاسبانية وهي تأمل كسب صداقتها , فالخدم في هذا المنزل يعاملون معاملة حسنة لكن قواعد البروتوكول تطبق بصرامة . ولم يكن أمامها ما تفعله سوى انتظار عودة ريكاردو . ولمحت سيارة ريكاردو تقترب وهي جالسة خارج المنزل بالقرب من القوس الحجري الذي لابد ان تمر تحته السيارة . وتوقف ريكاردو وقال لها وهو يرفع حاجبيه :
"أظن ان المكان ليس مريحا في الداخل مما جعلك تجلسين في الخارج هكذا كالشريدة ؟"
فردت عليه وهي تهب واقفة :
"شعرت بالسأم , ولم يترك لي الخدم شيئا اعمله ."
وحاولت ان تستكشف من وجهه ما حدث لكن بدون جدوى فسألته :
"كيف سارت الامور ؟"
"وكيف تتوقعينها ان تسير ؟ لم يحدث عراك إن كان هذا ما كنت تأملين في سماعه ."
فهزت رأسها باحتجاج وقالت :
"انني لا اريد أي شجار بالمرة بينك وبين كارلوس , وما الداعي لأن تصبح لدي مثل تلك الرغبة ."
" ربما لأزالة السأم عنك .فالمنازعات العائلية هي عادة مصدر ترفيه لمن لا شأن لهم بها غير ان كارلوس ليس من العائلة بالمعنى الحقيقي للكلمة كما تعتقدين ,أنة ثمرة الغرام..
اليس هذا تعبيراً مهذباً ؟"
-----------------------------
واخذت ملامحه تزداد قتامة وقال:
"الشهوة هي التعبير الأكثر ملاءمة .وليس هذا بالموضوع الذي سأناقشة معك هنا,تعالي الى السيارة."
وقالت في لهجة احتجاج:
"البيت ليس بعيدا عن هذا المكان ويمكنني أن أذهب اليه سيرا على الأقدام "
ورمقها بعض الوقت فتنهدت وتحركت لاطاعته . وأحست وهي تشعر بالدهشه ،بأنها هي وريكاردو يقفان عند طرفي نقيض . لم تكن تقصد بالضبط الكلام الذي قالته عن كارلوس.لأن هذا كان معناه ذر الملح فوق جراح من يتطلع الى الانتقام الا ان شيئا في نفسها منعها من تقديم اعتذار كامل لأن ريكاردو لم يكن على حق تماما في هذا الموقف .
وسألته عندما وصلا الى المنزل :
"هل تناولت طعامك .أردت انتظارك ولكن إينيز أصرت على أتناول الطعام في موعده المحدد"
"إينيز على حق لأنها لم تكن تعلم متى أعود "
ودار حول السيارة وفتح لها الباب لتنزل وهو يقول لها :
"بدأت تتعلمين قبول المجاملات الصغيرة المنتظرة من الرجل تجاه المرأة .وكنت منذ أيام قلائل فقط تتركين مقعدك في السيارة حتى قبل أن أترك نفسي مقعدي "
"منذ أيام قلائل فقط كانت لدي روح المبادرة ولكن يبدو أنك أضعفت في تلك الروح أيضا "
فضاقت عيناه وهو ينظر اليها من ارتفاع ست بوصات هو فرق الطول بينهما ويسألها :
"وأية صفات أخرى فقدتها منذ مجيئك الى أرض مندوزا؟"
فقالت وهي تزيح خصلة من شعرها عن وجهها وتتجنب النظر اليه:
"لا أعرف كنت أتكلم لمجرد الكلام ،فإنك تجعلني أقول أشياء لا أعنيها "
"لاأحد يفعل ذلك ،ولكنني أسلم بأنك لا تقولين دائما ما تعنيه."
وسار نحو المنزل لينهي الكلام في هذا الموضوع وتركها تسير وراه وهي متخلفة بخطوة عما يعتقد أنه مكانها الصحيح ،وذلك حسب ما تصورتة ،وفكرت فيما قالته وتساءلت بينها وبين نفسها عما قصدته من وراء تلك الملاحظة المبهمة .ان شيئاً عميقاً بدخلها حفزها الى هذا الكلام ، انه شيء غريزي لا سيطرة لها علية وانزاح عقلها قليلاً لئلا يحجب عواطفها تماماً وسارعت إينيز عندما رأت سيدها تستقبله ، وهى عادة تتصرف بروح مختلفة في حضور ريكاردو .وعندما سألته عن أي طلبات يريدها أجابها انه تناول طعامه انه يريد منها_ اعداد القهوة ليتناولها في الخلاء وأوشكت ليان ان تقول أنها تناولت القهوة فعلا. ولكنها سكتت وأحست بأنه لا بأس من تناول القهوة مرة أخرى خاصة وأن ريكاردو في مثل حالته هذه يحتاج الى من يجالسه ويرفه عنه .وأرادت ليان أن تعرف ماذا جرى في منزل ريخا.كانت في الفناء ظلال بسيطة كاالعادة في مثل هذا الوقت من النهار .ورأت ليان المزارع المسن انريكو يمر ببطء وقد انحنى ظهره بفعل تقدم السن وبسبب العمل الدائم والدئب في المزرعة ، فاالمنطقة الجميلة المحيطة بالمنزل ثمرة جهود هذا الرجل الذي سيخلفه ابنه من بعده في أداء المهمة نفسها , فأولئك الذين يخدمون في المزرعة يعتبرونها بيتهم تماما مثل أي فرد من عائلة مندوزا .
وتقيم داخل المزرعة عائلات قانعة بحياتها التي تفتقر لأي شيء يقرب من الترف .
ووجدت نفسها تسأله فجأة :
"هل رأيت إيزبيلا ؟"
ورد عليها وهو يخفي مشاعره :
"نعم رأيتها وهي تبلغك تحياتها وتمنياتها بأن تتكيفي مع الاشياء الكثيرة التي تفرق بين هذه البلاد وبلادك ."
----------------------------------
" إيزبيلا لها بصيرة نافذة ."
فرد عليها بجفاف :
"انها أمرأة ."
فرمقته بنظرة سريعة وهي تقول :
"ألا توافق على أن بيننا شيئا مشتركا ؟"
" بغض النظر عن اختلاف الثقافتين تشتركان في الغرائز الاساسية وهو ما ثبت من تصرفات كل منكما ."
" ان كان ما فهمته صحيحا فانك تعني بكلامك تركيز الاهتمام على الهدف الرئيسي . وهل تظن ان ايزبيلا لم تتزوج من كارلوس الا بسبب اعتقادها بأنه قد يمتلك الضيعة؟ ان كان صحيحا فانها ستحقق النتيجة نفسها بزواجها منك ."
فقال في حدة :
"ان أحدا لم يطلب منها الزواج مني . وكفى كلاما في هذا الموضوع ."
واحست بأنها قالت أكثر من اللازم , فلقد أحب ريكاردو ايزبيلا وفقدها عندما تزوجت من أخيه غير الشقيق , وكان على وشك ان يفقد معها الاستانسيا أيضا وهو لا يريد أن يذكره أحد بذلك . وبردت القهوة في فنجانها ولكنها تناولتها برغم ذلك وهي تشعر بالجو المتوتر الذي يحيط بها . واحست بالمائدة الممتدة ترمز للحاجز الذي يفصل بينهما . وخامرتها فجأة رغبة في ان تلمس يده السمراء التي يضعها على المائدة . فهذا الرجل زوجها ورغم ذلك لا تمثل أي مكان في حياته . وتساءلت ما يمكن ان يثير الحيوية فيه . وتمالكت نفسها فجأة , هي معتوهة ؟ ان آخر شيء تريده هو ان تقيم معه علاقة عاطفية من أي نوع . وكسرت حدة السكون لتسأله :
"هل ستذهب مع الماشية الى لابلاثا ."
فأجابها انه لن يذهب اليها ولكنه سيلتقي مع المشترين في بلدة سانتينا الاسبوع المقبل لتعديل شروط التعاقد .
فسألته :
"هل يمكنني أن اذهب معك الى سانتينا حيث أقوم بجولة في ارجاء البلدة أثناء انشغالك بالعمل مع هؤلاء الناس ؟"
" ان شئت الذهاب فاعلمي ان اولئك الذين يجعلون أنفسهم عرضة للاهانات والمضايقات يجب ألا يدهشوا عندما يتعرضون لذلك . إنني أتصور إمكان تعرضك لحالة لا تحتمل ."
" الامر يختلف فانني سأخرج في ضوء النهار ."
" وتعرضين نفسك أمام أنظار الجميع وانت تختالين وتتباهين بلون بشرتك ."
فردت في حدة :
"إنني لا أختال ."
" قد يكون هذا صحيحا من الناحية الافتراضية , ولكنك تجتذبين الانظار اليك .... وأنت في حاجة الى رجل لحمايتك ولن أكون موجودا عندئذ , سوف اصحبك الى اسانتيانا عندما تتم الصفقة . ولكن اثناء ذلك عليك ان تفعلي ما اطلبه منك وان تمكثي في المنزل ."
فقالت في حرارة :
"هذا ليس بيتي , بل انني لا امارس حريتي حتى كضيف ! "
فهز كتفيه بلا مبالاة وقال :
"الحرية تعني اكثر من مجرد القدرة على التجول في أي وقت يشاء المرء . اذهبي الان لأخذ قيلولة ."
" لا يمكنني النوم في منتصف النهار ."
" لا داعي لأن تنامي . يكفي ان تأخذي قسطا من الراحة ."
" ان احدا لا يذهب الى الفراش في منتصف النهار بسبب الحر , وهو ما يحدث أيضا في انكلترا ."
فرمقها بنظرة طويلة وقال :
"أتريدين مضايقتي . اننا نقترب من نهاية الشهور الحارة هنا في سهول بامبا .وفي انكلترا يندر ان يأتي يومان متعاقبان من الحر الشديد خلال فصول الصيف المعتادة , والعمل هنا يبدأ مبكر جدا عن بداية ساعات العمل في المحلات والمكاتب في بلادكم . والاغفاءة لا تعني الاستغراق في النوم وانما الهدف منها أعادة النشاط الى الجسم والذهن عندما يصبيها الارهاق الشديد ."
---------------------------------------
وأطرق هنيهة ثم قال :
"إنني أصر على ضرورة التزامك بعادات بيتنا والبقاء في غرفتك حتى الساعة الرابعة ."
ونظرت اليه وهو يرمقها بدون ان تخفي امتعاضها وقالت :
"أظنك تعني ان من الخير لي ان افعل هذا ."
" نعم . لابد من ذلك ."
" ولكن هذه القاعدة لا تسري عليك بطبيعة الحال ."
فاشتدت نظراته صرامة وقال :
"أنا سيد نفسي . فهل تفعلين ما يطلب منك أو أجعلك ....؟"
وأدركت ليان انه يريدها ان تتركه الان فنهضت وتركته بدون ان تبدي مزيدا من الاحتجاج . ودلفت الى غرفتها ذات الضوء الخافت المريح وراحت تفكر فيما يمكن ان يفعله ريكاردو خلال الساعات المقبلة , هل يقرأ أم يجلس ليفكر . وهل صحيح انهما قد يمضيان فترة بعد الظهر سويا يتحدثان حديث الاصدقاء أو يتبادلان الحب .... انها تعتقد ان ريكاردو كان سيصبح رجلا آخر مع أمرأة يحبها . كان سيدللها ويحميها ويتملكها بكل ما في الكلمة من معنى . انها ستصبح جزءا منه .
وحاولت ان تخلص عقلها وقلبها من تلك الافكار . فريكاردو لا يستطيع ان يحبها , وهي لا تريده ان يفعل ذلك . وليس هناك شيء يمكنه ان يجمعهما على وفاق .
ودعاها ريكاردو لتصحبه مرة أخرى بعد يومين الى محطة شحن الماشية بالسكك الحديدية فقبلت دعوته بترحيب حذر . واستيقظت في الصباح الباكر والجو مبلل بالرطوبة المحببة . انه أفضل وقت على الاطلاق لركوب الخيل عبر سهول بامبا , فالجو منعش ونقي . أصبح ركوب الخيل هوايتها المفضلة لقضاء وقت الفراغ . ركبت العديد من الخيول ولكنها أحبت الحصان الذي ركبته لأول مرة . واسم هذا الحصان بالاسبانية هو روخو نسبة الى لون شعره البني المائل للأحمرار ولم يقم أحد بركوب هذه الفرس منذ ان أبدت اهتمامها بها فهل كان ذلك شيئا عرضيا ام مدبرا . هذا ما ستحاول اكتشافه .
وأخذ ريكاردو ينظر اليها وهو يبتسم اثناء مشاهدتها لعملية شحن الماشية في عربات السكك الحديدية . كانت ترتدي سروالا مخصصا لركوب الخيل كان يخص والدته واكثر ملاءمة من السروال الجينز الذي كانت ترتديه من قبل كما ارتدت قميصا قامت بثني كميه وتدلت خصلات من شعرها من تحت القبعة وأخذت تتطاير مع النسيم لتكشف عن وجه خال من المساحيق فيما عدا لمسة خفيفة وردية من أحمر الشفاه .
وقال لها ريكاردو فجأة :
"تغيرت . انك تختلفين كثيرا عن الفتاة التي رأيتها ذات ليلة لأول مرة في ملهى ريوس ."
فسألته باستخفاف :
"هل تغيرت الى الاحسن أم الاسوأ ؟"
فضحك وقال :
"الى الاحسن طبعا , والا لما قلت هذا . ان أي رجل لا يبدي رأيه في شكل امرأة ما لم يكن مجاملا لها ."
" لا يفكر كل الرجال بالطريقة التي تفكر بها ."
" لأن كل الرجال ليسوا ارجنتتينين . وقد تظنين ان اللاتينين لهم محاسنهم في هذا المجال ."
" أعتقد اعتقادا جازما بأن اللاتيني يعرف طريقه الى قلب المرأة ."
وكادت تعض لسانها وهي تراه يرفع حاجبه في بطء ويقول لها :
"ان كان لها قلب فأنه قد يصل اليه ."
------------------------------
وتمنت ليان ذلك . كانت كلما نظرت اليه تشعر بالتوتر يعتريها . وكانت الاوقات التي تستطيع فيها نسيان طبيعة علاقتهما قليلة ومتباعدة في حين اعتادت ان تتخيل نفسها وقد بلغت نهاية فترة الستة أشهر وهي تتساءل عما سيكون عليه شعورها عندما تغادر هذا المكان . ان شطرا من نفسها ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر في حين أن يعيش مع انسان آخر كل تلك الفترة الطويلة بدون ان يترك ذلك اثرا في حياتهما ؟ وقالت له بسرعة :
"إنني أشعر بالجوع فهل ستعود لتناول الافطار ام ستنتظر حتى تنتهي عملية الشحن ؟"
" سأعود معك . ويستطيع خوسيه ان يعنى بالامر هنا .... وبانتهاء الشحن يمكنني أن اشعر ببعض الراحة والاسترخاء ."
وفي الطريق أطرق هنيهة قبل ان يسألها في رقة :
"في الطريق تشعرين ان الحياة في المنزل تثير الضجر ؟"
"ان استخدام كلمة ضجر هنا هو استخدام غير سليم , والكلمة الاكثر ملاءمة هي : الاحباط فليس امامي ما افعله عدا ركب الخيل والقراءة وإينيز لا تسمح لي حتى بترتيب فراشي ."
فقال لها بجفاف :
"ربما تكون غير راضية عن طريقتك فقد ظلت تشرف اشرافا كاملا على تنظيم المنزل لفترة طويلة حتى انه يصعب عليها ان تترك جزءا من البيت بدون ان تشرف عليه ."
وقالت ليان لنفسها ان اينيز يصعب عليها ان تتخلى عن ذلك وخصوصا لشخص مثل ليان .
وقالت له وهي تتعمد الاستخفاف :
"لو انني كنت زوجتك حقا لكانت ...."
فقاطعها بابتسامة وقال :
"انك زوجتي فعلا , من الناحية القانونية وان لم يكن من الناحية العاطفية . ومن الان يمكنك اذا اردت ان تستأثري بأي جانب تختارين من المهام التي تؤديها اينيز . وكل مايجب عليك هو ان تبليغها بذلك ."
" لن تطيعيني ."
" الامر متروك لك لألزامها بأن تطيعك ."
فمالت الى الامام قليلا لكي تحك رأس الفرس روخو في المنطقة بين الاذنين وسألته بصوت خفيض :
"أحقا ؟ وهل تعلم اينيز اننا لا نذهب الى الفراش سويا ؟"
فأجابها ريكاردو في برود :
"لم أناقش هذا الامر معها اطلاقا . واعتقد ان استخدامنا غرفتين غير متصلتين بباب اعطى كل خدم المنزل مجالا للظن والاقاويل , وفي جناح البيت وكان يجب علي ان اراعي هذا النقص عند اختياري الجناح الشرقي فيه غرفتان كان يستخدمانها ابواي ويربط ينهما الباب الذي حدثتك عنه . فهل تفضلين الانتقال الى هذا الجناح لأنقاذ ماء الوجه ؟"
وجعلتها ملاحظته الساخرة ترفع ذقنها الى اعلى وهي تقول له :
"تأخر الوقت قليلا للقيام بذلك . ألا يشارك الزوج زوجته غرف واحدة في هذه البلاد ؟"
" الامر اختياري . فالكثيرون يفضلون استعادة عنصر التشويق والاستثارة عن طريق انفاصلهما لكي ينام كل منهما على سرير مستقل عقب المعاشرة الزوجية . والامر متروك للزوجين ان هما فضلا قضاء الليل كله سويا ."
وتمنت ليان ان تسأله عن أي الحالين يفضل ولكنها تجنبت استثارة احاسيسه بهذا السؤال . وسألته:
"قلت ان الامر متروك للزوجين .... ألا تعني بذلك ان الامر متروك للزوج ؟"
" أتقصدين انه لا مجال للأختيار للزوجة الارجنتينية سوى الخضوع لمطالب الزوج ؟"
" وهل لها ان تختار ؟"
-------------------------------
" الرجل الذي يفتقر تماما الى المهارة في تحريك مشاعر المرأة لدرجة تجعلها تقابله بالصدود لا يستحق افضل من هذا ."
" وما من لاتيني طبعا يفتقر الى تلك المهارة ."
فمال الى الامام فجأة لكي يمسك بلجام حصانها ويوقفه الى جانب حصانه . ولاح في عينيه بريق يحمل في طياته معاني خطيرة وهو يقول لها :
" هل تحاولين استثارتي لأعاشرك معاشرة الازواج ؟"
وقالت له وهي تتمنى الا يسمع خفقان قلبها :
"ان كنت اسعى حقا لأستثارتك فلأنك تستدرجني لأفعل هذا , واعتقد انك تتعمد هذا ."
فقال لها وهو يبتسم ابتسامة غير متوقعة :
"ربما تكونين على حق في هذا . وارج وان اعلمك يوما ما المبادىء الخاصة بكيفية التصرف والسلوك ."
وترك اللجام واعتدل فوق السرج وهو يقول :
"حاولي ان تتذكري من اجل صالحك وليس من اجلي اننا نستطيع بقليل من الجهد ان نمضي معا وقتا سعيدا ."
وأدركت ليان انها هي التي يجب ان تبذل كل هذا الجهد .
واحست انه لا جدوى من وراء ذلك ولم يعد يهمها كيف تسير الامور .
وفي نهاية الاسبوع هبت عاصفة ممطرة شديدة جعلت من الصعب على المرء ان يخرج من البيت . وادركت ليان ان فصل الشتاء سيكون قد انقضى نصفه عندما يحين وقت مغارتها للأرجنتين . ولكن هذا التفكير جعلها تشعر بأن يوم العودة الى الوطن ازداد ابتعادا . وعندما تصل في النهاية الى انكلترا سيكون فصل الخريف قد حل هناك , ولكنها ليست متأكدة بعد من هذا .
وسافر ريكاردو صباح الاثنين الى بلدة سانتينا بعدما اتخذ التريتبات لقضاء الليل هناك . وادركت ليان ان الصفقات التي سيبرمها ريكاردو تتضمن مبالغ طائلة . وكفت عن المطالبة باصطحابه لها في رحلته الى سانتينا وكافأها على ذلك بأن وعدها بزيارة البلدة في الاسبوع التالي .
واحست ليان بأن ساعات اليوم اخذت تطول مع ادراكها بأنه لن يعود الى المنزل الليلة كان يترك البيت احيانا عدة ساعات اثناء النهار ليناقش امور العمل مع مديري المزرعة , إلا انه خلال الليالي القليلة الماضية كان يحرص على ان يمضي الوقت معها بعد تناول العشاء في الحديث وتدخين السيكار وهما يستمعان سويا الى مجموعة اسطواناته العديدة .
ولمحته ليان مرة او مرتين وهو يرقبها في حيرة كأنه يتساءل اذا كانت الروح العدوانية ستعود اليها من جديد . ان تلك الروح كانت تطغو عادة قرب السطح ولكنها تنجح في تهدئتها بمهارة . وليس من السهل معرفة كيفية التعامل مع رجل مثل ريكاردو مندوزا , الا انها وجدت نفسها تستمتع بالتعامل معه . وهي تدرك انه نوع خطير من المتعة الا ان البديل لذلك , وهو مواصلة الشجار معه , لا يحقق أي هدف مأمون .
وأمضت صباح ذلك اليوم في العمل على تحسين مستواها في اللغة الاسبانية مستعينة بقاموس اعطاه لها ريكاردو , وساعدتها خونيتا بقدر ما استطاعت في تعلم نطق الكلمات باللهجة المحلية .
وأمضت كعادتها فترة بعد الظهر في القراءة والاسترخاء على كنبة ممتدة تحت الظل في الفناء الى ان حان وقت خروجها لركوب الخيل للمرة الثانية خلال اليوم . وكان قد تم اعداد الفرس روخو للركوب بوضع السرج فوقه عندما وصلت الى الاصطبل . ووجدت الحصان ديابلو الخاص بريكاردو يقف هناك تحت اشعة الشمس وهو ايضا ينتظر ريكاردو كما اعتقدت ليان , وقد افتقده كما افتقدته هي ايضا . وحدثتها نفسها بأنها سوف تتمكن يوما من ركوب ديابلو وامامها متسع كبير من الوقت اذ ما زال امامها اكثر من خمسة اشهر تمضيها في الارجنتين .
-------------------------
وعندما عادت الى المنزل كانت الساعة قد بلغت السادسة دلفت الى المنزل من بوابة خلفية لتستخدم الدرج المؤدي الى غرفتها . وشاهدها رجل يجلس امام المائدة تحت احد القناطر فوقف ليحيها في دهشة وهو يناديها :
"سنيورا مندوزا ؟
وردت عليه ليان وهي محيية وهي لا تكاد تصدق . فهو رجل انكليزي كما يبدو من ملامحه و ملابسه . وابتسم لها وهو يقول :
"انا غرانت ادواردز صديق ريكاردو . ويبدو انني اخترت وقتا غير ملائم لهذه الزيارة ."
فقالت له بسرعة في لهجة تأكيد :
"كلا على الاطلاق انه شيء رائع ان ارى احد ابناء وطني . ارجوك ان تجلس ."
وشكا لها غرانت من امرأة مسنة حاولت ان تمنعه من الدخول وابلغته بأن ريكاردو غير موجود في المنزل وأنه خرج للعمل . فضحكت ليان وقالت له :
"انك عندما تعرف اينيز على حقيقتها ستجد انها ليست سيئة وكل مافي الامر بأنها لا تعبأ بالغرباء . واعتقد انها تظن انهم كلهم يريدون سرقة الفضة ."
فضحك غرانت لهذه الدعابة وقال لها :
"انني لا اكاد اصدق انك زوجة ريكاردو , فعندما قابلته منذ شهرين لم يبلغني بأنه متزوج ."
فابتسمت قائلة :
"لم يكن قد تزوج بعد . تزوجنا منذ اسبوعين فقط في بوينس ايرس , هل تقيم في الارجنتين غرانت "
" اعمل حاليا كخبير استشاري في حقل جديد للبترول في شاكو ."
" وهل تقابلت مع ريكاردو هناك ؟"
" كلا تقابلنا في ري ودي جانير و عندها كنت امضي عطلة نهاية الاسبوع وقام احد الناس بتعريف كلا منا بالاخر . وقبل مغادرتي المدينة وجه الي دعوة لزيارة الاستانسيا خلال اجازتي المقبلة واتيحت لي فرصة قضاء فترة اجازة لمدة اسبوعين فقررت ان ازور الاستانسيا تلبية لدعوة ريكاردو , الا انه كان يجب ان اتصل به اولا بدلا من ان أفاجئه بالزيارة , لقد جئت بالسيارة الى هنا من مطار سانتينا , ويمكنني ان اتوجه الى هناك الليلة على ان اسافر غدا بالطائرة ."
فردت عليه ليان بسرعة :
"لا يمكنك ان تسافر قبل ان تلتقي بريكاردو على الاقل , واستطيع ان اعد لك غرفة .وسوف يعود ريكاردو صباح غد , وهو في الحقيقة موجود الان في سانتينا ."
"أحقا هو هناك ؟ كان في استطاعتي ان ألمحه لو انني مررت بسيارتي من داخل البلدة ولكن ازدحام الاسواق فيها جعلني اسلك الطريق المؤدي مباشرة الى هناك ."
وأطرق قليلا ثم سألها :
"لابد انكما عدتما لتوكما من رحلة شهر العسل" .
"لم يكن لنا شهر عسل ."
قالتها بسرعة بدون تفكير وسرى الدفء في جسمها وهي تراه يحدق فجأة في محاولة للتكهن بسبب ذلك . ولكنها تداركت الموقف في الحال وهي لا تدري ما اذا كان شهر العسل بالمفهوم البريطاني يلقى قبولا في الارجنتين , وقالت :
"لم يكن لدينا الوقت لقضاء شهر العسل بالصورة الملائمة . اذ كان يجب على ريكاردو ان يعود ليشرف على شحن الماشية ولكي يلتقي مع المشترين . وسوف تقل مشاغل العمل الان الى حد ما الى ان تحين فترة الشحن المقبلة ."
ولاحظت اقتراب اينيز في هدوء فتأهبت لتأخذ دورها كسيدة البيت . بغض النظر عن الطابع المؤقت لهذا الدور . وقالت لأينيز بالاسبانية :
"سنيور ادواردز سيقيم الليلة هنا على الاقل . وارجوا عداد غرفة له ."
فتصلبت رئيسة الخدم وقالت في امتعاض :
"ان سيدي ..."
-------------------------
فقاطعتها ليان قائلة :
"سنيور ادواردز حضر بدعوة منه , اطلبي من خونيتا احضار الشاي لنا ."
فنظر اليها ادواردز في اعجاب وقال لها بعد ان انصرفت اينيز :
"انك تعرفين كيف تديرين دفة الامور هنا .
دهشت ليان عندما عرفت مدى اليسر الذي تدار به الامور في المنزل بعدما تخطت الحاجز الذي كان يجعلها تتردد في اصدار الاوامر . فأينيز لا تستجيب للرجاء الذي يوجه اليها بلهجة مترددة لتفعل شيئا ما , لأنه اعتادت على الخضوع للأومر وهي لا تدهش الان عندما تذكر كيف كان ريكاردو يبدي ضيقه بالنسبة اليه شيئا سهلا وطبيعا .
واتخذت ليان كرسيا الى جوار ادواردز وسألته :
"حدثني عن عملك , هل هو ممتع ؟"
الامر يتوقف على مدى نظرتك الى العمل نفسه فالظروف هنا بدائية جدا . وظروف العمال المحلية تبدو افضل . وفيما عدا ذلك الامر يرجع الى الخبرة ."
" هل تعمل حرا بعقد خاص ؟"
" انني معار من شركتي ."
" هل انت متزوج ؟"
فابتسم وهز رأسه قائلا :
"هذا العمل لا يصلح لرجل لديه زوجة واولاد يفكر فيهم . انه لن يتمكن من رؤيتهم حتى لمدة ستة اشهر . انني اعمل على تكوين ثروة قبل ان استقر . وقد حددت لنفسي سن الخامسة والثلاثين كحد اقصى ومعنى هذا انه ما زال امامي ست سنوات ."
وسألته ليان بلهجة استخفاف :
"وماذا سيحدث لو انك التقيت قبل ذلك بفتاة تريد الزواج منها هل ستطلب منها ان تنتظرك ؟"
" لا يمكن التفكير بهذا الاسلوب , ربما كنت سأعيد التفكير في هذه الحالة , فهذه الامور قد تحدث بسرعة ."
فقالت وهي تخفض بصرها :
"نعم قد يحدث هذا فعلا ."
وخيم الظلام بسرعة غير مألوفة . وخلال لحظات تحولت السماء من حالة اللا شفافية الرقيقة الى الحالة المخملية الكثيفة . واخذت النجوم تتلألأ في كثافة . وبدأت اصوات الليل المعهودة تداعب الاذان بدون ان يلحظها احد الا اذا توقفت . وترددت ضحكة خوانيتا التي صدرت من اتجاه المطبخ ... وعن بعد بدأت تسمع اصوات عزف الغيتار في إيقاع بطيء .
وجذب ادواردز انفاسه وقال لها :
"الحياة هنا آمنة , اليس كذلك ؟ وهي تختلف عن المكان الذي جئت منه . في أي مكان في انكلترا كنت تقيمين ؟"
" في لندن ."
وأحست فجأة بألم الغربة والحنين للوطن . فشهر فبراير / شباط في انكلترا يميز بالبرد والرطوبة وربما الضباب ايضا ولكنها في هذه اللحظة تتمنى بكل ما فيها من احاسيس ان تكون في وطنها .
وصاح ادواردز قائلا في ابتهاج :
"وانا ايضا من لندن , ولدت هناك . وقد مرت ثمانية عشر شهرا منذ رأيتها لآخر مرة . كم من الوقت مر منذ مغادرتك لها ؟"
ورأت ليان انه ليس ثمة ما يدعو لتلفيق قصة غير حقيقة , فقالت له :
"ثلاثة اسابيع ."
وتعمدت النظر الى وجهه لترى تعبيراته وهي تبتسم وقالت :
"انني اعلم ان الامر يبدو الي انا ايضا لا يصدق . فقد اصبحت تائهة بعد ان تخلت عني فرق الرقص التي كان مفروضا ان انضم اليها في بوينس ايرس , وفي تلك الاثناء عثر علي ريكاردو وتزوجنا خلال يومين ."
ونظر اليها وهو غير متأكد مما يسمع وقال :
"حقا انني اعرف ان اللاتيني يتميز بسرعة اتخاذ القرارت ولكن هذه الحالة سجلت سابقة لا مثيل لها . اذ لابد انك تأكدت فعلا من مشاعرك نحوه ."
-------------------------------
وكان هناك اغراء كبير يحفز ليان ان تندفع في سرد القصة كلها ولكنها بذلت جهدا في مقاومة هذا الاغراء , وهزت كتفيها وهي تضحك قائلة :
"ريكاردو ليس بالرجل الذي ترفضه امرأة ."
فحملق فيها قائلا :
" اتقصدين انك تزوجته من اجل المال ؟"
" وهل من الصعب تصور ذلك ؟"
" نعم , فأنت لست من النوع الذي يبحث عن الذهب , أتريدين ان تقولي لي انك لا تحبينه ؟"
وكان السؤال مباشرا بحيث لا يمكنها ان ترواغ في الرد عليه , كما انها في الوقت نفسه لا تستطيع ان تتظاهر أمام هذا الرجل بأنها تكن لريكارو تلك العاطفة .
وقالت له :
"ارجو ألا تحكم علي يا غرانت . فهناك أشياء تتعلق بزواجي , لا يمكنني التحدث عنها . ولقد قلت في هذا الشأن اكثر من اللازم ."
وفي تلك اللحظة احضرت خوانيتا الشاي فشعرت ليان بالارتياح وبدأت تقدم الشاي لغرانت فانتظر حتى امسك بالفنجان في يده وقال لها في صراحة :
"انك تستطيعين ان شئت ان تطلبي مني الا أتدخل في شؤونك ولكننا انكليزيان وهذا يجعلني اشعر بالاهتمام بشكل ما ازاء هذا الامر ."
وسألها بعد تردد :
" هل لجأ ريكاردو لأي نوع من القسر لحملك على الزواج منه ؟"
وردت عليه بسرعة أحست بها :
"كلا , وكان يجب ألا أحكي لك شيئا من هذا . لا أدري ما الذي جعلني أفعل ذلك ؟"
" أنا أعرف السبب . فأنك تحتاجين الى انسان يقف الى جانبك , وهؤلاء الناس هم رجال ريكاردو وليسوا ,لقد شعرت بالزهز عندما قابلتني بكل هذا الترحيب الان . وبعد ان عرفت السبب فانني ادرك الان لماذا يسعدك ان تري أي شخص ليس من اصل اسباني – ويمكنني ايضا ان ادرك السبب الذي جعل ريكاردو يسارع بالاستثناء بك . فأنت فتاة جميلة جدا يا ليان , ومن النوع الذي يسلب عقول الرجال . وكان بجب على ريكاردو ان يتيح لك الوقت اللازم للتدبر والتفكير ."
وادركت ان الافتراض الذي فكر فيه هو شيء طبيعي في ظل الظروف المتاحة امامه . فقد اعتقد جان ريكاردو وقع في حبها وجرفها بعاطفته قبل ان تتاح لها فرصة التفكير في القيم البعيدة المدى لعلاقتهما وهذا بعيد عن الحقيقة ولكنه افضل بكثير من الورطة التي دفعت بنفسها اليها عندما روت له نصف الحقيقة . ان غرانت ادواردز صديق لريكاردو ولا يجب عليها ان تفعل اكثر من هذا خشية تحطيم تلك الصداقة لمجرد الحصول على حليف مؤقت انها ما زالت تتصرف على مسؤليتها بدون عون من أحد .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 11:21 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 11:26 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7- قرار خاطىء
وصلا الى مشارف بيت ريخا بعد الثالثة بقليل . لأول مرة ترى ليان هذا البيت في ضوء النهار . وهو بيت جميل له خطوط متناسقة وغير متوازية وليس فخماً كبيت مندوزا لكنه يشعرك بالالفة . وتمنت ليان ان يكون لها بيت كهذا ان كان عليها ان تعيش في مثل هذا المكان .
ولم يكن هناك احد خارج البيت كالمعتاد في مثل هذا الوقت من النهار , حيث يأخذ الناس أغفاءة في وقت القيلولة . وادركا انهما جاءا في وقت غير ملائم ولكن لا مفر من ان يعلنا عن حضورهما . وتقدم من السيارة خادم في زي مهندم وجميل , طلبت منه ليان ان يبلغ السنيورا كارلوس بأن السنيورا مندوزا والسنيور ادواردز جاءا لزيارتها . فقال لهما ان السنيورا كارلوس تستريح في الفناء . وعندما لمحت ايزبيلا الزائرين القادمين نحوها ألقت جانبا بالكتاب الذي كانت تقرأ وهي تشعر بالدهشة للمفاجأة التي اسعدتها , وقامت لتحيتهما وهي تبتسم في حيوية وتقول :
"تمنيت ان تقومي بزيارتي وها انت هنا . وكنت اعتقد ان ريكاردو لن يسمح بهذا . ألم يأت معكما ؟"
" كلا , انه لا يعرف حتى بمجيئنا , والا لما وافق على ذلك , هذا غرانت ادوا ردز الذي يقيم معنا في بيت مندوزا وهو خبير بترولي ويعمل حالياً في تشاكو ."
وطلبت من ضيفيها الجلوس ريثما يتم احضار المشروبات , وأبلغتهما بأن كارلوس يغير ملابسه وسيحضر حالاً .
ولاحظت تغير تعبيرات وجه ليان فابتسمت قائلة :
"يجب الا تساورك الشكوك نحو كارلوس الذي سيغتبط لأنك لا تشاركين ريكاردو مشاعر عدم الثقة . فالرجال تتسم مشاعرهم بالحدة , وليس عندهم أخذ وعطاء . "
فتدخل غرانت قائلاً وهويضحك :
"انا شخصياً اعتقد ان النساء أسوأ الاعداء , ولكن هذا مجرد رأي صادر عن رجل ."
فردت عليه بضحكة مماثلة قائلة :
"انك تسخر مني لانني اتكلم عن الرجال بصورة عامة وماكان يجب علي ان افعل ذلك , رغم ان الاغراء شديد ."
وسألت ليان عما احسته خلال الفترة القصيرة التي امضتها في سهول بامبا وهل احست في البداية بضجر كمعظم الاوروبيين . فقالت لها انها احست في البداية انها في ضياع وكانت تخشى ان تضل طريقها وهي تتجول بحصانها , ولكنها ادركت ان الحصان يعرف طريقه الى البيت دائماً . فسألتها ايزبيلا اذا كان ريكاردو قد خصص لها بعض الخيول فأجابتها بأنه اعطاها حصاناً يدعى روجو فردت ايزبيلا :
"أعرفه فهو حصان وديع وقوي ولكنه ليس على درجة كبيرة من الروعة وريكاردو اناني يحتفظ لنفسه بأحسن الخيول , وهو لا يعرف انني امتطيت مرة حصانه ديابلو وغضب كارلوس عندما علم بذلك ولكنني رجوته الا يبلغ ريكاردو ."
فسأل غرانت :
"" هل كان هذا قبل ان يتشاجرا ؟"
ردت ايزبيلا في حزن :
"نعم . ولكنهما لم يتعاملا ابداً كأخوين صديقين . منذ زواجي بكارلوس لم أرا ريكاردو سوى مرة واحدة للأسف ."
---------------------------------
ولمحت ايزبيلا كارلوس قادماً فنادته :
"كارلوس انظر من جاء لزيارتنا .... أليس هذا شيئاً رائعاً ."
فاقترب وهو يرتدي زياً انيقاً , وقال بابتسامة لم تكن صافية تماماً :
"انه لشيء رائع فعلاً , وان كنا لا نتوقع ذلك , هل يعلم ريكاردو بهذه الزيارة ؟"
فردت عليه بالنفي وهي تشعر بالاسف لمجيئها .
لكنها ادركت ان وجودها هنا اوضح حقيقة مشاعرها وتعاطفها . وقدمت غرانت لكارلوس فأخذا يتحدثان عن المسائل المتعلقة بالكشف عن البترول . واثناء ذلك دعتها ايزبيلا لمشاهدة بقية اجزاء المنزل فقبلت بعد تردد لانها لن تشأ ترك غرانت ينفرد بكارلوس الذي قد يبلغه بأن زواجها من ريكاردو تم توقيعه بدقة حتى ينتزع ريكاردو ارض مندوزا منه , وذلك رغم ان كارلوس لا يعرف بالابعاد الكاملة للمؤامرة . ولكن يحتمل جداً ان يمتنع كارلوس عن اثارة هذه المسألة مع غرانت الذي لا شأن له بالامور التي تخص عائلة مندوزا .
البيت مريح من الداخل كما يوحي بذلك مظهره الخارجي .
واعتذرت ايزبيلا لأن ابويها يأخذان اغفاءة في مثل هذا الوقت كل يوم كعادة ابناء هذا الجيل . وسألتها ليان في اهتمام :
"اعتقد انك قد اعتدت قضاء وقت طويل في ارض مندوزا في الماضي ؟"
فضحكت ايزبيلا قائلة :
"نعم , واعترف بأنه جاء وقت كنت اعتقد فيه انني احب ريكاردو ."
" الى ان ظهر كارلوس ؟"
" كلا , وبعد ظهوره ايضاً الى ان جاء يوم انقذني فيه كارلوس من السقوط عن الحصان ديابلو فادركت عندئذ انه الرجل الذي اريده , المرأة كما تعرفين يجب ان تكون مرغوبة ومحبوبة في آن معا ."
وادركت ليان ان ايزبيلا كانت امرأة مرغوباً فيها حقا . ويمكن القول ان ريكاردو يأس منها وهو يرى الفتاة التي احبها تخونه مع اخيه الذي يمقته . وهي لهذا لا تدهش كثيراً عندما تراه يدفن مشاعره العميقة في قرارة نفسه لانه بهذا الوضع لا يمكن لأية امرأة ان تجرح عواطفه مرة أخرى .
وعندما عادتا الى كارلوس وغرانت احست ليان بأن غرانت ينظر اليها نظرة غريبة ولكنه تظاهر بأنه طبيعي عندما ذكرت ليان ان الوقت حان لذهابهما . وغادارا المنزل وسط ألحاح من ايزبيلا بأن يعودا للزيارة مرة أخرى قبل انتهاء اجازة غرانت . وقال لها غرانت وهما يبتعدان عن المنزل ان ايزبيلا امرأة سخية وانه يدرك السبب الذي يجعلها تحبها , وهو ان كلا منهما تتسم بحسن الخلق . فهما تتمتعان بالمظهر الحسن ولا يحدث عادة انسجام بين امرأتين لهما المستوى نفسه من الجاذبية , انه شيء مخالف للطبيعة .
وقالت له ليان انها تشعر انها خرجت عن طاعة ريكاردو لقيامها بزيارة أسرة كارلوس , وان ريكاردو سيغضب كثيرا عندما يعلم بذلك وعندما قال لها الا تبلغ ريكاردو بهذا اجابته انها ان لم تفعل فان كارلوس سوف يبلغه .
واعرب لها عندئذ عن اعجابه بشخصية كارلوس ودماثة خلقه , ولكنه اشار الا انها لم تبلغه بأنه مجرد اخ غير شقيق لريكردو . فقالت له ليان عندئذاً :
"ومن الواضح ان كارلوس ابلغك بذلك , وعن أي اشياء اخرى تحدثتما ؟"
" تحدثنا في اشياء مختلفة ."
وحاول ان يتهرب من الرد بتحويل موضوع الحوار مما جعل ليان تحس بأن كارلوس قد ابلغ غرانت بشيء ما . فهل ابلغه بالقصة كلها ام بما يكفي لكسب تعاطفه . واعتقدت ان الشيء الاكثر احتمالاً هو انه بذل جهده لكسب تعاطفه
. من خلال تشوية سمعة ريكاردو وكشف المؤامرة التي نفذت في اللحظة الاخيرة لحرمانه من الميراث الذي يستحقه .
وبعدما قطعا حوالي ثلاثة اميال شاهدا سحباً من الغبار تقترب في الاتجاه المعاكس . وبعد تكشف النظر عن عربة يجرها زوج من الخيل يرافقها فارس على جواده . وكاد قلبها يتوقف عندما عرفت هذا الجواد بملامجه ولونه المميز . فقالت لغرانت انه ريكاردو وطلبت منه الابطاء في السير .
----------------------------
وعندما اقتربت العربة لاحظت ليان انها تحمل عددا من رؤوس الخراف الميتة . واقترب ريكاردو بجواده من غرانت الجالس خلف عجلة القيادة وسأله :
"أين كنتما ؟"
فردت ليان وهي تحاول ان تبدو واقعية :
"ذهبنا لزيارة ايزبيلا ."
فشدد قبضته على المقود مما جعل الحصان يرفع رأسه الى أعلى , وقال لها انه سيبحث الامر فيما بعد . وطلب من غرانت ان يعيد زوجته الى البيت في الحال . وعندما ابلغه غرانت بأنه هو الذي اخطأ لأنه هو الذي اقترح على ليان زيارة بيت ريخا وأنه لا داعي لألقاء اللوم على ليان , قال له ريكاردو بأنه سيقرر فيما بعد من الملوم . وسألت ليان ريكاردو اذا كان اطلق النار بنفسه على تلك الخراف فقال لها انها قتلت بأمر منه , وانه لا اعي لأن تشغل نفسها بتلك المسائل وأمر ريكارو سائق العربة بالسير .
وتحرك غرانت بالسيارة وهو يقول :
"ما شأن تلك الخراف ؟"
" هدد ريكاردو كارلوس بأنه سيقتل خرافه اذا وجدها في ارض مندوزا مرة أخرى ,وهو يعتقد ان كارلوس يتعمد ذلك لينتهك حرمة ارضه ."
" وهل هو مهتم الى هذا الحد الا تطأ الاغنام أرضه ."
" هذا يشغل كل فكره انها مسألة مبدأ , فلا يجب ان تختلط الماشية بالغنام في أرض واحدة ."
" توجد مزارع كثيرة يختلط فيها الاغنام بالماشية بدون أي تأثيرات ضارة ."
وقال غرانت وقد تغيرت لهجته انه متأكد من انها ارغمت على الزواج من ريكاردو وانه لا يعرف أي نوع من السيطرة يفرضه عليها فقالت له انه قد اتيح لها ان تختار وناشدته الا يطلب منها ان تكشف له عن المزيد لأن المشكلة لا تتعلق بها وحدها . فقال لها ان المشكلة لابد ان تخصها ان كانت لها علاقة بها بأي شكل من الاشكال . والعلاقة مؤكدة من جميع النواحي , ولا يمكنها ان تعيش بقية حياتها رهن ارادة ريكاردو ونزواته حتى لو كانت تحبه . فردت عليه ليان مدفوعة بعاطفة لا سيطرة لها عليها , وسألته :
"وما الذي يجعلك متأكداً انني لا احبه ؟"
" أحقا تحبينه ؟"
" لا أدري .... لا اعرف حقيقة شعوري ."
" اياً كان شعورك , فليس هذا بالحب ."
وقال في توتر وهو يرقب الطريق الترابي أمامه :
"هل لي ان أسألك سؤالاً شخصياً ؟"
" كلا , وارجوك الا تتدخل في هذه المسألة ."
" اصبح لي دخل بهذه المسألة منذ التقينا .... ولن اترك الامر هكذا مالم تقنعيني برغبتك في البقاء مع ريكاردو ."
ورمقته وقد اخذت تتنازعها مشاعر متضاربة . وفكرت في تحاول مرة اخرى افشاء الحقيقة له , ولكنها ادركت انه لا فائدة ترجى من وراء ذلك فالزواج حقيقي وان كان لن يستمر , ولن يسمح لها ريكاردو مطلقاً بأن تخرق اتفاقهما او الاتفاق الذي فرضه عليها مقابل الثمن الذي سيدفعه , انها لا تريد هذا المال بالمرة .
وما ان وصلت السيارة الى بيت مندوزا حتى دلفت ليان مسرعة الى البيت بعد ان اعتذرت لغرانت . انها لا تعرف متى يعود ريكاردو , وقد أوشك الليل ان يرخي استاره بعد نصف ساعة . ما زالت تذكر النظرة الصارمة التي رمقها بها ريكاردو عندما فاجأهما في ارض ريخا كما انها لا تنسى منظر الخراف المقتولة . أي نوع من الرجال هذا الذي يسمح لنفسه بقتل حيوان كهذا , لقد كان في امكانه ان يعيد الخراف المتسللة الى كارلوس الذي سيحس بخطأ تكرار ذلك فلا يفعل هذا مرة أخرى .
وسمعت ليان صوت ريكاردو يغني بنبرته التي ما زالت غاضبة , واعتقدت ليان التي كانت ترتدي ملابسها بعدما اخذت حماماً , ان عودة ريكاردو بسرعة تشير الى انه لم يضيع وقتاً في مناقشة أخيه غير الشقيق .
-----------------------------
وتخيلته وقد القى بالاغنام المقتولة امام كارلوس كما تخيلته وهو يرمق ايزبيلا , ان كانت قد حضرت هذا المشهد بنظرة نارية , فهذا كله يحدث بسببها . ولكنها ليست مخطئة , فيجب على ريكاردو ان يدرك ان من حقها ان تختار من تحب .
ودخل ريكاردو غرفتها بعدما استأذن هذه المرة في الدخول وانتظر حتى اذنت له . واحست بأنه مرهق وفي داخله احساس عميق بالقلق يفوق ما يعانيه من ارهاق بدني . وسألها وقد ضاقت عيناه :
"هل تجدين متعة في تحديك لي ."
" كلا ."
" ظننت انني لن اعرف شيئاً عن زيارتك لاستانسيا ريخا ."
" في الواقع كنت متأكدة انك ستعلم بها ."
فرفع حاجبيه قائلاً :
"فأنت اذا لا تخشين غضبي ؟"
فانتصبت تقف في مواجهته ودقات قلبها تسرع لكنها حرصت على ان ترفع رأسها وهي تقول له :
"وهل كل ما تريده هو ان اخشاك ؟ وهل تلك هي وسيلتك الوحيدة لتضمن طاعتي لك , اردت زيارة ايزبيلا فهي المرأة الوحيدة في المنطقة التي يمكنني التحدث اليها ."
" ورأيت كارلوس ايضا . لقد كانت المتعة الكبرى لكارلوس هي ان يروغ من الحقيقة أمامي ."
" مثلما كانت متعتك في طرح اغنامه امام قدميه ."
" انها اغنام ريخا , وقد تم تحذيره ."
وعندما حاولت ان تتكلم رفع يده قائلاً :
"لن اسمع منك المزيد . فأنت تتحديني فقط , ولكنك تمضين معظم اليوم ايضا مع ضيفنا ! "
" اعتقد انك طلبت السهر على ضيافته ."
"ولكن ليس بهذا الاسلوب الصارخ . الا تظنين ان الخدم لاحظوا الطريقة التي تتحدثان بها وتضحكان وكيف اخذتما تتلمسان الاعذار للاقتراب من بعضكما ."
" ليس هذا بصحيح ."
" أحقا ؟ لقد لوحظ عليكما ذلك ."
" بواسطة اينيز على ما اظن ."
" لا يهم بواسطة من . وانني لن اسمح بشيء من هذا بعد الان , واذا كنت لا تريدين انهاء زيارة ابن بلدك هذا لنا , فعليك الالتزام بأداب السلوك في التعامل معه . وفي الوقت نفسه عليك الابتعاد عن استانسيا ريخا ."
وظلت ليان تحملق في الباب لحظات طويلة بعد انصراف ريكاردو . انه رجل متصلب ولا يسهل الوصول الى قلبه . انها تذكر الايام التي سبقت زيارة غرانت للبيت واقتحام ريكاردو غرفتها تلك الليلة . كانت هناك اوقات تشعر فيها انها توشك ان تتفهمه ولكن تلك الايام ولت الان ولم يعد بينهما الا العداء , وتساءلت اذا كانت تستطيع ان تتحمل فترة الخمسة اشهر المتبقية تنفيذاً لأتفاقهما . انها لا تستطيع ان تذهب الى أي مكان لو غادرت الاستانسيا , وحتى لو تركتها ستظل زوجة ريكاردو . فلا مخرج امامها من هذا الوضع . واثناء تناول طعام العشاء لم تلاحظ أي تغير في المعاملة بين ريكاردو وغرانت , وبرغم ذلك فهي لا تعرف اذا كان ريكاردو قد تحدث مع غرانت بشأن زيارتهما لأرض ريخا . وابلغهما ريكاردو انه مضطر ان يسافر غداً بالطائرة الى تانديل رغم ان الجو سيكون عاصفاً , ومن غير الملائم ان يصحباه في هذا الجو , بل الافضل لهما البقاء في المنزل . ولاحظت ليان من لهجته الممزوجة بالغضب والالم انه يقصد معنى آخر بالجو العاصف خاصة انه اصبح لا يثق في بقائهما منفردين .
---------------------------
وبعد ذهاب ريكاردو في صباح اليوم التالي اقترح غرانت على ليان ان يتوجها لزيارة سانتينا على ظهر الخيل , فرحبت بالاقتراح فورا لرغبتها في الذهاب الى أي مكان خارج مزرعة مندوزا . وعندما توجها الى الاصطبل نصحهما السائس بعدم ركوب الجياد في هذا اليوم لأن السحب الملبدة تنذر بالمطر فقالت ليان انهما سيعودان قبل هطول المطر وهي تحس بأنهما مالم يخرجا الان فلن يتاح لهما ذلك مرة اخرى .
وبعد ان خرجا بالجوادين قال لها غرانت انها في حاجة لاتخاذ قرار , فطلبت منه عدم اثارة الموضوع مرة أخرى . واقترح عليها ان يتسابقا فرحبت وقالت له انها تستطيع ان تسبقه الى المضخة الهوائية التالية . وانطلقا في مرح وسط المروج والماشية والغيوم تتجمع فوق تلال سييرادي تانديل . واقترح عليها غرانت ان يتوجها الى محطة شحن الماشية بالسكك الحديدية , فقالت له انها بعيدة والمطر يوشك ان ينهمر فأجابها انه لا يهم ان تبتل ملابسهما .
وبدأ المطر ينهمر وهما ما زالا يبعدان مسافة كبيرة عن محطة الشحن فلجأ الى كوخ قريب للأحتماء به .
ومع صوت الرعد قال لها غرانت انهما قد لا يتمكنان من مواصلة السير قبل مضي ساعات عدة . فقالت له :
"في أي الحالات يجب علينا ان نواصل السير "
" أخائفة انت مما قد يحدث اذا عاد ريكاردو قبلنا ؟"
فردت وهي تتجنب النظر اليه :
"ريكاردو وصل الى تانديل الان . وان استمر هطول المطر على هذا النحو فربما لا يعود ."
"اعتقد انه سيعود , ولو لمجرد التأكد من التزامنا بآداب السلوك , انه لا يثق في وجودي معك ."
"كلا , انه لا يثق في انا , وهو يعتقد انني اشجع الناس على التودد الي ."
فرد عليها بنبرة حركت مشاعرها :
"حقا انك تفعلين ذلك بأشد الاساليب رقة .... إننا نجذب نحو بعضنا ولو كنا التقينا قبل زواجك هذا لحدث لنا الشيء نفسه ."
ونظرت اليه ليان وهي تشك في صحة ما يقوله . فالظروف وحدها جمعت بينهما وأثارت فيه مثل هذا الاهتمام بها . ولو كانا في مكان آخر لأصبحت في نظره فتاة عادية . وادركت ان رجلاً مثل غرانت يحب مواجهته بالتحدي . وسألته :
"ما الذي قاله لك كارلوس ؟"
" قال لي ما يكفي لأعرف انك قد استخدمت كأداة . هل عرفت قبل زواجك منه السبب الذي دفع بريكاردو الى التعجيل باتخاذك زوجة على وجه السرعة ."
" نعم علمت ."
" ورغم ذلك فأنت مستمرة معه في هذا الوضع ."
فطلبت منه ليان الا يتحدث معها في هذا الموضوع لأن الكلام لن يغير من الامر شيئاً , وانها اصبحت مرتبطة بهذ الرجل . فقال لها انه ليس هناك ما يرغمها على ان تظل مرتبطة به وانه يستطيع ان يخرجها من هذا الوضع اذا ارادت .
ومضت فترة من الصمت قالت ليان بعدها بنبرة مختلفة وكأنها تتحدث بصوت غير صوتها :
"أعلم انك تحاول ان تكون لطيفاً ومتفهماً , ولكن لا حل لهذه المشكلة , فانت ستذهب الى عملك وليس لي مال يخصني بالمرة , فهل استطيع ان اقترض منك مبلغاً يمكنني من العودة الى انكلترا وسأكون ممتنة لك دائماً ."
فتهلل وجهه وقال لها :
"ليان , انني لا احاول فقط ان اكون لطيفا , فأنا احاول ان اخرجك من هذه الورطة من أجلي مثلما هو من اجلك , ماذا اقول اعبر لك عن شعوري نحوك ...."
واطرق قليلاً واضاف بصوت اجش :
"انني احبك ليان واعتقد ان حبي لك بدا منذ اول ليلة , وعليك ان تدعيني اخرجك من هذا المكان , ويمكننا ان ننسق الامر , فليس لريكاردو أي حق ادبي عليك ."
فردت عليه في ألم :
"ان له حقوقاً قانونية , ولا يمكنني ان اغادر ارض مندوزا فهو لن يدعني أذهب ."
----------------------------------
فقال لها بلهجة اصرار مفاجئة :
"لن نطلب منه هذا , فسوف نذهب الان وقبل ان يعود , يمكنني ان استأجر طائرة من سانتينا وعندما نصل الى تشاكو سيجد من الصعب عليه ان يفرض عليك أي نوع من الحقوق ."
وشحب وجهها واتسعت عيناها وهي تقول :
"غرانت , هذا مستحيل , وانت تعرف ذلك ."
فرد عليها بسرعة وبلهجة اقناع :
"كلا , ولا شيء يصبح مستحيلاً اذا اصررنا على تحقيقه , يمكننا العودة الى البيت الان خلال ساعة , ونستطيع اعداد انفسنا ونغير ملابسنا خلال ساعة اخرى ونحتاج الى ساعتين اخريين للوصول الى سانتينا ولن يعود ريكاردو قبل مرور هذه الليلة , وحتى اذا فعل سنكون قد وصلنا الى تشاكو ."
"وماذا عن العاملين في المنزل ؟"
"وما شأنهم بنا , هل سيمنعوننا من الذهاب . فليحاولوا ذلك ."
صحيح ان ليان لا تحب غرانت لكنها تشعر بالامان وتشعر بأنها مرغوب فيها ولكن ليس كما يرغبها ريكاردو . وغرانت يعرض نفسه لمتاعب يفر منها معظم الرجال ,
ولكنه يجد ان الامر يستحق المخاطرة , واذا كان معنى ذلك انه سيفوز بها في النهاية ومثل هذا الرجل من السهل الوقوع في حبه لأنها تريد ان تحبه وهما يستطيعان معا ان يواجها أي شيء قد يحاول ان يفعله ريكاردو .
وقالت له بصوت أجش :
"اتفقنا , سأذهب معك يا غرانت , فهيا نسرع , أرجوك ! "


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-04-16, 11:27 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن .....
8- الهروب
وعادا الى الاسطبل حيث سلما الحصانين الى السائس بيدرو , ثم دلفا الى المنزل من المدخل الخلفي عن طريق الفناء وصعدا الى الشرفة بدون ان يريا أحدا أو يرهما احد وقال لها انه سيحضر امتعته ويأتي الى غرفتها فأبلغته بأنه ليست لديها حقائب وانها ستضع اشياء قليلة تخصها مع امتعته . فقال ان في امكانهما شراء ما يحتاجان اليه فيما بعد ولن يستغرق وقتاً طويلاً في اعداد نفسه .
ودلف الى غرفتها من الباب المؤدي الى الشرفة , فاسرعت ليان بوضع اشيائها القليلة داخل حقيبته بدون ان تسمح لنفسها بأن تفكر في أي شيء , فقد اسلمت قيادتها لغرانت . واثناء نزولها على السلم لمحتهما اينيز بدون ان يخطر ببالها في تلك اللحظة معنى وجود الحقيبة مع غرانت . فقال لها غرانت بالاسبانية :
"نحن ذاهبان , ويمكنك ان تقولي لسيدك اننا لن نعود ."
ورغم شعور اينيز بالصدمة اشفقت على ليان مما سيفعله ريكارو عندما تبلغه برحيل زوجته مع ضيفهما . واستقل غرانت السيارة برفقة ليان في طريقهما الى سانتينا التي تبعد مسافة اربعين ميلاً تقريباً . وكان المطر ما زال ينهمر ولكن ليس بالشدة نفسها التي كان عليها منذ بعض الوقت .وساد الصمت بينهما لفترة من الوقت احس فيها كل منهما بالتوتر الذي يعتمل في صدر الاخر . وعندما اصبحا عند مشارف البلدة كانت ليان تهتز من داخلها وتشعر بأنها مريضة . واخذت تحدث نفسها عما تفعله هنا مع غرانت ؟ وكيف يحققان سعادتهما معا بالهرب ؟
------------------------------
ولو كان غرانت يشعر نحوها بتلك المشاعر التي حدثها عنها لبقي وواجه ريكاردو وقال له انه يعتزم اخذها معه .
ولكن هذا ليس عدلاً لأن ريكاردو سيطلب من رجاله عندئذ وضع غرانت في احد القطارات المتجهة الى الساحل وربما لقنه درساً ايضاً لكي يذكره عند عودته الى وطنه .
وعندما وصلا الى مطار سانتينا ادركا انه لا توجد سوى طائرة واحدة جاهزة للايجار الا ان الطيار غير موجود ولابد من الانتظار بضع ساعات . فاقترح عليها غرانت ان يبيتا في سانتينا حتى الصباح او يأخذا قطار الساعة السادسة والنصف الذي يتوجه نحو الساحل . فقالت له انهما لو باتا الليلة هنا فمن المؤكد ان ريكاردو سيعثر عليهما . فرد عليها ان هناك وسيلة لمنعه من ارجاعها معه اذا عثر عليها وذلك بأن يثبتا له ان كلا منهما يحب الاخر وبذلك يمنعه كبرياؤه من ان يعود بها . فقالت له بنعومة :
"ولكنه قد يقتلنا معا ."
" ولماذا يفعل هذا , انك بزواجك اعطيته ما يحتاج اليه , وليس ثمة ما يدعوه الان لأن يقوم بدور كلب الحراسة معك .
" لقد ذكرت الكبرياء الان, وهذا وحده سيكون سبباً كافياً ."
ونظرت ليان الى وجهه وقالت له بصوت يعبرعن الشك الذي يعتمل في نفسها :
"غرانت , هل انت واثق من مشاعرك نحوي , اذا كان كل ما تريده هو ان تمضي ليلة معي ...."
فقاطعها غرانت بصوت حاد وهو يجذبها ويضمها وقال :
"لا يمكن ان يكون الامر هكذا ؟ من تظنينني ؟ انني طبعا اريدك , ولكن ليس لليلة واحدة , انني اريد ان اتزوجك ."
وحاولت ان تبتسم وان تصدقه وهي تقول :
"وماذا عن خطة السنوات الست ."
" الى الجحيم بهذه الخطة فقد وضعتها قبل ان اعرفك ."
" والى الجحيم ايضا بعملي في تشاكو اذ يمكنهم العثور على واحد غيري ."
فردت عليه باحتجاج :
"لا يمكنك ان تتخلى عن عملك تماماً , لن اجعلك تفعل هذا من اجلي ."
" لا يمكنك منعي , وانا لن اتخلى عن عملي , بل سأترك تلك الوظيفة فقط ويمكنني ان اعثر على غيرها بسهولة ."
وبدأت ليان تحس بالاثار التي ستنجم على المدى البعيد عن التصرف الذي يقدمان عليه . فقد تحطمت حياتها الان كما سيفقد غرانت كل شيء , ومهما كان شعوره نحوها الان فسوف يأتي وقت يكرهها فيه عندما يشعر بأنها السبب في انهياره . وجذبت يديها من بين يديه قائلة :
"لا فائدة من هذا , الامر كله جنون , سوف اعود يا غرانت ."
" كلا ! "
"بل يجب ان اعود , استخدمتك كوسيلة للخروج من موقف كان يمكن ألا اقع فيه لو احسنت التصرف انني لا احبك , ولا اعتقد انني استطيع ان اروض قلبي على حبك ."
فقال لها في اصرار :
"لا اعتقد هذا فأنت تقولين ذلك لاعتقادك بانني اقوم بتضحية ما عندما آخذك معي . ولو كنت لا تشعرين بشيء ما نحوي لما وافقت على الفرار معي ."
"لم أقل انني لا اشعر بشيء نحوك ...."
وقال لها :
"وما المشاعر التي اثارها فيك ريكاردو ؟ هل يعوضك حبه عن أي شيء آخر ؟ هل هذا هو كل ما لا تريدين تركه ؟"
-------------------------------
فهزت رأسها قائلة :
"ريكردو لم يبد الحب نحوي , فما بيننا هو اتفاق عمل , وبعد خمسة اشهر اخرى سأكون حرة في مغادرة هذا المكان , ومن ثم فلا داعي لكل هذا . انني آسفة لتضلليلك على هذا النحو يا غرانت ولم أكن اريد ان تتطور الامور الى هذا الحد ."
ونظر اليها وكأنه يراها لأول مرة وسألها عن نوع الاتفاق الذي تم بينهما فقالت :
"اقصد انه استأجرني لأعيش معه ستة اشهر حتى يفي بشروط وصية ابيه . واذا رحلت فعلا الان سوف اخسر ثروة صغيرة ."
فهز رأسه بشدة وقال لها :
"لا أقبل هذا الكلام , ولكنني أعلم انك يائسة من الفرار , واي مبلغ من المال لم يكن ليغريك على البقاء معه ان كنت قادرة على الرحيل ."
ولمس وجهها في رقة وهو يقول :
"ليان اسعدني كلامك الذي قلته الان كما لم يسعدني أي كلام آخر من قبل . وكنت اعتقد انك تعيشين مع ريكاردو بكل مشاعرك رغم انك لا تحبينه , إن رجلا مثله ما كان له ان يتركك وشأنك , ولو كنت مكانه لفعلت الشيء نفسه ."
فردت عليه بقولها :
"ليس من الانصاف ان اذهب معك وانا أعلم انني لا احبك . ولابد ان اعود لأنني ملزمة التزاماً اخلاقياً بأن اتم ما بدأت ."
ورد عليها في اصرار متجدد :
"لن اتخلى عن هذا الامر بسهولة . وانا لا الومك لعدم تصديقك حقيقة مشاعري نحوك , فأنا استحق هذا بسبب اقتراحي بأن ندع ريكاردو يرانا سويا . لنذهب الى البلدة الان ونبحث عن مكان نبيت فيه ."
وعندما رمقته بنظرة سريعة تدارك قائلا :
"حسنا , لنبحث عن مكانين للمبيت ."
واحست برغبة مفاجئة في العودة الى مزرعة مندوزا . قد لا تكون سعيدة هناك , ولكنها على الاقل تعرف أسوأ ما فيها . وتوسلت الى غرانت ان يتركها تأخذ السيارة وتعود , على ان يستقل هو القطار في الصباح , فأجابها بأنه لن يذهب بدونها . وادار محرك السيارة وتحرك بها . وتوجهت الى غرفتها في الفندق لتستريح بعدما ابلغها غرانت بأنه سيلتقي بها في الثامنة . واضطجعت على سريرها الصغير وهي تفكر اذا كان ريكاردو قد عاد الى المزرعة ام انه يمضي ليلته في تانديل كان يجب عليهما ان يأخذا السيارة ويوصلا السير بها حتى يصبحا بعيداً عن متناول يد ريكاردو . ولكن هل هذا ما تريده حقاً ؟
انها اتخذت تلك الخطوة الاخيرة فأنه سيفقد مزرعة مندوزا . فهل يحتمل ضميرها وزر هذه الفعلة ما بقى لها من عمر ؟
وسمعت دقات على الباب فنظرت في ساعتها وسط الظلام فاذا هي تشير الى الثامنة الا الربع . لقد حضر غرانت مبكرا عن موعده . فنهضت واتجهت لفتح الباب بدون ان تشعل انوار الغرفة , ووجدت نفسها فجأة امام وجه ريكاردو المتجهم ( يا مرحبا ...) فتسمرت في مكانها بدون ان يبدو عليها أي تعبير وقال لها :
"البسي حذاءك , هناك سيارة تنتظر في الخارج ."
وسألته بدون ان تبدي حراكاً :
"اين غرانت ؟"
--------------------------------
فرد عليها والشرر يتطاير من عينيه السوداوين :
"أتجرؤين على النطق بإسمه أمامي ! لقد خرج من نطاق رعايتك الآن ."
وابيض وجهها وهي تقول :
"ريكاردو , أرجوك قل لي ماذا فعلت به ؟"
" لم افعل به شيئاً , وسوف يوضع في القطار صباح غد بدون ان يناله أي أذى لينقله الى السال بعد ان يتلقى تحذيراً بالا يرجع مرة اخرى ."
" واذا عاد ؟"
فقال في لهجة تحمل معنى التأكيد الصارم :
"سوف اقتله , هيا البسي حذاءك والا اخذتك من هنا حافية القدمين ."
وقالت له وهي تسرع باطاعته ان لديها بعض الاشياء تريد اخذها , فطلب منها ان تترك كل شيء مكانه . وتركها تخرج امامه , وعندما مرت امام غرفة غرانت احست بأنه يجب ان تفعل شيئاً , ففتحت الباب بسرعة لتجد غرانت جالساً على سريره وبجواره رجلان من مزرعة مندوزا يحرسانه , فسألها غرانت اذا كانت على ما يرام وشكا لها من هذين الحارسين يقيدان حركته وانه في ذعر منهما .
وهنا تدخل ريكاردو وابلغه بأن هذين الرجلين لديهما تعليمات بالمحافظة عليه الى ان يحين موعد سفره في القطار . وقال له انه محظوظ لانه لم يتبع معه الوسائل الاخرى التي تتبع مع رجل مثله .
وادركت ليان ان تلك هي فرصتها الوحيدة للتحدث الى غرانت فقالت له بسرعة :
"غرانت , انصت الى ما اقوله لك , انني اريدك ان تذهب وتنسى هذه المسألة تماماً , كنت سأعود في أي الحالات , وقد ابلغتك بهذا منذ قليل , إنني أسفة لما حدث ."
فنظر اليها بحدة ثم رفع كتفيه مبديا موافقته وقال لها انه آسف هو ايضا . وجذبها ريكاردو عندئذ خارج الغرفة وغادرا الفندق واستقلا السيارة في طريق العودة . وبدأت ليان تتحدث الى ريكاردو عندما خرجت السيارة من سانتينا ...
" كنت أعني ما قلته منذ قليل , كنت فعلاً سأعود ."
فرد عليها في جفاف وسخرية :
"هذا واضح , كنت ستعودين عن طريق الساحل كما اعتقد اليس كذلك ؟"
"كلا , وانا اعرف انك لن تصدقني ."
"وما دام الامر كذلك فمن الافضل ان تلزمي الصمت اثناء الرحلة , فأنا لست مستعداً الليلة لمجادلاتك ."
فردت عليه وقد وصلت الى حافة اليأس :
"لابد من مناقشة الامر , فلا يمكنك ان تتجاهل ما حدث ."
فقال لها في رقة :
"سأفعل ما أريده , وهذا ما سترينه , عندما عدت من تانديل بعد ظهر اليوم كان هذا لابلاغك بحدوث تغير في شروط اتفاقنا ."
" أتقول تغيير ؟"
"إنني أريد إبنا وسوف تنجبينه لي ."
فأبرقت عيناها واعتدلت في جلستها وهي تقول له :
"كلا , إنني افضل الموت على هذا ."
فرد عليها بسخرية :
"من السهل عليك ان تقولي ذلك الان , ولكن الحياة حلوة , عندما علمت برحليك كنت اعتزم قتلك , ولكن هذا هو ما منعني , إنك محظوظة ."
فنظرت اليه في حدة قائلة :
"اتفاقنا لمدة ستة اشهر , وقد قطعت لي وعداً ."
" أعطيتني انت ايضا وعدك , اننا الان متكافئان ."
-------------------------------
وبدا عليه الغضب لاول مرة منذ مغادرتهما الفندق . وقال لها :
"سبق ان قلت لي انني لا اختلف عن ابي , وربما كنت على حق في هذا , فقد كان ابي يأخذ ما يريده بدون مراعاة لمشاعر الاخرين , وانني اعتزم ان افعل هذا الليلة . ومن الان فصاعد سنعيش كزوج وزوجة ."
وأطرق هنيهة كأنه يتوقع ردا منها , ولكنها اطبقت شفتيها دون ان تنطق بكلمة , فأضاف قوله :
"وفي اليوم الذي تنجبين لي فيه ولداً سأمنحك مبلغاً من المال يجعلك تعيشين حياة مرفهة . ويمكنك في تلك الحالة الذهاب الى صديقك غرانت ! "
وتنفست في توتر وقالت :
"وهل تظن انني سأوافق على هذا ؟ هل تعتقد انني سأترك طفلي معك ؟"
"الطفل سيصبح احد افراد اسرة مندوزا أي ارجنتيني ."
وهز كتفيه بعدم مبالاة وهو يضيف :
"برغم ذلك تستطيعين البقاء معه اذا شئت بوصفك امه ."
فرمقته ليان وهي لا تصدق ما تسمعه وقالت بنبرة مذبذبة :
"أتقول اذا شئت , لماذا تفعل هذا يا ريكاردو ؟"
فرد عليها بوجه متوتر :
"وقع كارلوس امس في الخطأ عندما ذكرني بأنني اذا لم انجب وريثاً فان أرض مندوزا ستؤول الى اسرته , وانا لن اسمح بذلك ."
"وما الذي ادراك بأنني سأنجب اطفالاً ؟"
" ولماذا أشك في هذا , فأنت شابة وفي صحة جيدة ."
فردت عليه في غضب وحرارة :
"كالماشية التي تصلح للانجاب ."
واندفع جسمها الى الامام عندما اوقف ريكاردو السيارة فجأة وبعنف . وقال لها انه ليس حيوان , وانه سيعرف كيف يجعلها هي تتوق الى ما يريده . وغاصت ليان في مقعدها وهي تحس بأنها فزعة من ريكاردو , ولم يكن مصدر فزعها اعتزامه معاشرتها معاشرة الازواج , وانما كانت تخشى ان تقع هي في حبه , قد يرغمها على ان تسلم اليه ولكنه لا يستطيع ان يمتلك عقلها ومهما يكن فان الحب ليس أمراً حيوياً بالنسبة اليه .
وعندما وصلا الى المنزل كانت اينيز تقف في الانتظار وهي تنظر اليها بدون ان تبتسم وبدون ان يظهر أي احساس بالانتصار في نظرتها . وصعد ريكاردو اولاً ثم طلب من ليان ان تلحق به ولكنها وقفت مكانها فقال لها :
"هيا اصعدي غرفتك قبل ان احملك اليها بنفسي ولن يجلب لك هذا سوى المهانة ."
وطوقها بذراعه ورافقها في الصعود , فسألته في توتر وهي تشير الى ما يعتزم عمله معها الليلة :
"أتقصد ان تلحق بي مزيدا من المهانة ؟ أليس كذلك ؟"
" انني زوجك واعتزم مشاركتك الفراش , وسواء أتم ذلك برغبتك أم بدون رغبتك فالامر متروك لك ."
وتوجه كل منهما الى غرفته , واحضرت اينيز بعض الطعام والحساء والقهوة الى غرفة ليان ورمقتها بنظرة ذات معنى . فالمعتاد ان الزوج يضرب الزوجة الهاربة بعد ان يعيدها الى البيت . وهذا ما يجعل اينيز تفسر سبب مظهر الخضوع الذي تبدو به ليان الان .
وارتشفت ليان قليلاً من القهوة المرة وجلست في توتر تنتظر مجيء ريكاردو . لا فائدة من قيامها باغلاق الباب لأنه يستطيع ان يخلعه من مكانه ويطرحه ارضاً فهو بيته وهي زوجته وليس امامها أي مكان آخر تلجأ اليه لتكون في مأمن منه .
ودلف ريكاردو الى غرفتها في هدوء وأغلق الباب خلفه .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:23 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.