65- ممر الشوق – جانيت دايلي- روايات عبير القديمة
الملخص
لا شيء يسمم حياة الأنسان مثل الشك ... حين يقع المرء في دوامة الشك تنقلب يومياته الى جحيم ... جاسيكا الفتاة المرهفة, الرقيقة تحول عمرها الى غليان حين شكّت بعواطف برودي نحوها , في صباه حاول برودي الزواج من شقيقتها جوردانا ولكنها رفضته لأنه شاب فقير ومن عائلة متوسطة , أما الآن وبعد سنوات طويلة عاشها برودي مهاجرا جامعا ثروة , فهل محت الأيام حبه القديم ؟ أم أنه عاد لينتقم من الفتاة التي رفضته فقيرا بالزواج من شقيقتها الصغرى ؟ جاسيكا حائرة , هل هي ضحية ... أم وسيلة يستعملها برودي للأنتقام من أختها؟ عواطفه , هداياه والنزهات ... كل هذه الأشياء الجميلة أتكون طعما يقرّبها من المصيدة ؟ كيف تكتشف الحقيقة, وأين تجد حلا لمشاكل قلبها ؟ أنها تحبه وتكرهه في اللحظة نفسها, تريده وتهرب منه, كيف تتخلص من شكّها القاتل؟
رابط الرواية
المحتوى المخفي لايقتبس
- 1-عابر سبيل
الشمس تسطع في وسط السماء , لتزف بشرى أقتراب الربيع, والأشعة الذهبية تصطدم بالرياح الشمالية القارسة , فتمتزج بأنفاس الشتاء الباردة.
فجأة , هبّت عاصفة هوجاء , فتصاعد الغبار ولفّ الشوارع , وأشتدت وطأة الأزدحام عند تقاطع الطرق .
مشت جيسيكا ثورن وحيدة على الرصيف , تجيل طرفها عبر زجاج المخازن , وهي ترتدي معطفا أخضر , وقد فكّت أزراره قليلا كي تترك النسيم يتغلغل الى جسمها الناعم.
أحكمت رباط حقيبة يدها على كتفها , وأعادت يدها الى جيب معطفها , فراح الهواء المزعج يعبث بشعرها الأشقر الحريري, وتداعب خيوطه الذهبية وجهها الأملس , لم تشأ جاسيكا أن تصفف شعرها المبعثر على الفور , فلم العجلة؟ ستعيد تمشيطه عندما تأوي الى مكتبها وتستريح.
وأضطربت نظراتها الموجهة نحو هضاب تانيسي المتعالية عند شاثانوغا , هناك كان الربيع يتجلى من خلال الظلال الوارفة على السفوح , فقد أخضرت أوراق الشجر وكست الأعشاب الأرض وبدأ تجدد الحياة واضحا , بعدما تفتحت براعم الورود المظللة بالخضار لتعد المتنزهين بتشكيلتها الزاهية .
كانت جاسيكا غافلة عن هذا الجمال شاردة في أحلام طفولية حين أصطدم كتفها بسيدة تعدو بخطوات مسرعة.
" عفوا , سيدتي".
لكن السيدة لم تفطن لها , بل تابعت سيرها بدون أنتباه .
عند تقاطع الطريق , أندفع الضوء الأخضر من الأشارة الضوئية , فخفّت مسرعة , لكن ما أن بلغت فسحة العبور حتى بان اللون الأصفر ولم يعد بأمكانها التقدم , فأخذت السيارات تتلاحق , وكان عليها أن تنتظر مع بقية المارة عند حافة الرصيف , هناك لفت أنتباهها رجل ممشوق القامة , وقف الى جانبها بكامل أناقته.
حاولت أن تتذكر وجهه لكن الهواء عبث بشعرها المتدلي من جديد, وسرعان ما عادت الصورة غامضة الى مخيلتها فنفذت نظراتها الى وجهه المتجهم , وحدّقت الى سمات القساوة في ثناياه وقالت لنفسها( هذه الشخصية ليست غريبة عني, لقد ألتقيتها قبل لكني لا أستطيع أن أحدد أين , فهذا النوع من الرجال لا ينسى بسهولة ... أنه وجه من الماضي رسم الزمن التجاعيد حول عينيه وفمه , وناهز الخامسة والثلاثين , وبسبب عمره تأكدت أنها لم تلتق به على مقاعد الدراسة فهي لم تتجاوز الثالثة والعشرين بعد.
ما الذي تبدّل ؟ المحيط الذي عرفته فيه , أم الملابس التي كان يرتديها؟ بدلته القاتمة الثمينة صممت على يد أشهر الخياطين , وقد بدا مرتاحا بمشيته مما يدل على أنه أعتاد هذا النوع من الملابس .
لم يسبق لها أن رأته بمثل هذه الأناقة يوم عرفته أيام زمان, ماذا كان يرتدي ؟ تعذرت عليها الأجابة على هذا السؤال.
حين لاحظ الرجل أنها تتفحصه بدقة راح يرميها بنظرات متسائلة , كانت عيناه الزرقاوان قادرتين أن تخرقا بنضارتهما صلابة الماس, حتى ألتفاتته ليست بغريبة عنها ... لكن ما الذي جعلها ترتعش في هذه الللحظة ؟ دقات قلبها تزداد , أحساسها المضطرب يملي عليها بضرورة تجنب أي أتصال بهذا العائد بعد طول غياب ...
وبدأت صورة وجهه تتوضح شيئا فشيئا , كانت نظرته المصوبة نحو جاسيكا وهو يحدق مليا بشعرها العسلي وعينيها المكحلتين بالخضار توحي بأنه يعرفها جيدا والا لماذا تراه يتأملها بهذه الدقة ؟