329 - رواية الحب و الواجب مركز دولي (كتابة /كاملة )**

[Evil Smile]

الفصل الثالث

لم تكن "شارلين" تصدق أذنيها، "بنيامين جيلمور" كان محترفًا
عالي القيمة،وكان هذا يبدو لها كيلا طافحا من التفاهة والسخرية،إذكان هذا...هذا الهاوي سيصير مكلفا بالإشراف على عملها ، وكانت السخرية من الموقف مرة.
أما "بن" فكان قد لاحظها وهو مسرور.
-لماذا إذن اخترتما أن تراقبا ترميم "نادي اليقظة"؟ هل هي التي طلبت ذلك؟.
كان في وسعه أن يقرأ على وجهها مثلما يقرأ في كتاب،إن العمل كان بالنسبة إليها مثل الدين،بحيث كان في إمكانها أن تلقن درسا لـ "ميشل" نفسه.
-أوه، أعتقد إنني قد وجدت في مكان مناسب لكن في وقت غير مناسب.
أجاب دون اكتراث:
من وقت إلى آخر ،عندما أكون غير مستعد ؛ فإني أفاجا بأسرتي تتذكرني وتطلب مني خدمة ما. الحمدلله إن هذا لايحدث كثيرًا جدا.
روت "شارلين" المناقشة إلى صديقتيها اللتين حملقتا باتساع أعينهما، لم يكن المنزل تنقصه غرف خالية. ولم تكن هذه هي المشكلة خاصة بالجوار .إن "بن" سيعيش على بعد أمتار منها سيعوقها عن أن تركز ذهنها في عملها . وكانت على يقين من ذلك ، وتنهدت:
-لدينا ست ساعات لكي نفكر. حتى تلك الحظة يجب ان نذهب للبحث عن "جيلمور".
ملم تحدد ماذا يكون بعد ذلك ،فإنها ستكون مرتبطة بالغداء معه.وكانت تجهل كذلك إذا كان النظر يسره أم لا.
وأعطت تعليماتها .ووضعت همها في أن يكون كل شيء مرتبا.
وكانت حرارة الطقس تزيد شيئا فشيئا .وحوالي الساعة الخامسة كانت الفتيات الثلاث-مع ذلك-قد نجحن في تقدير سائر الأعمال التي يجب عليهن مواجهتها من العمل الضخم إلى التشطيبات النهائية ، وكتابة قائمة كاملة بالمواد الضرورية ،وأعلنت "شارلين"
استحقاقهن للراحة.
وقد حدث في هذه اللحظة أن انفجرت"كارول" والتي كانت ضجرة منذ بداية مابعد الظهر قائلة:
-إنني .. إني لا أريد أن أساكن شخصين غير معروفين.
وهمهمت وهي ترجف:
-إنني لن أحتمل ذلك،لماذا لانجعلهم يقيمان ي بيت من البيوت الخلوية يا"شارلين"؟ إن اقل مكان كاف للحياة.
وكان أول دافع عند "شارلين" أن ترفض، ثم ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها.
-إن إيواء مستهتر معتاد على الرفاهية في كابينة خشنة من الخشب..سيجعله أفضل.
فكرة ممتازه.
وفحصت الفتيات معمل الرصاص ، وأقمن المصابيح ، وفتحن النوافذ لكي يظهر المسكن المرتجل أكثر قبولًا،وعندما فرغن أصبحت الغرفة أكثر إضاءة وتهوية .ولكن السجاد كان مغطى بالغبار وكان السقف مليئا بنسيج العنكبوت وصاحت "شارلين"و"كارول"في صوت واحد:
-إنني أسأل نفسي :متى يكون لدينا وقت فراغ لتدبير المنزل؟.
وكان"بن"وصاحبه يريدان الإقامة في مكان خاص بهما ،ولكن يلزمهما أن ينظما شؤونهما دون خدم، وكانت الفتيات متلهفات على العمل في الترميم ، لا للعب دور غسالات أو نساء مخادع .
وقد شغل هذا فراغهن ، وانتهت"شارلين"قبل أن تذهب لكي تستحم وتغير ملابسها. وارتدت بنطلونا قصيرا من الكتان وقميصا متناسق الألوان أعادت إليه صبغته لونه البرونزي ثم مسحت شعرها مدة طويلة لكي تعقده في عقدة مرنة على شكل ذيل حصان . وانضمت إلى صاحبتيها في السيارة "الجيب".
ووقفن في الساعة السادسة أمام منزل خلاب ذي أعمدة . محاط بمنتزه من أعواد الند وأشجار أستوائية تكاد تخفي كرمة عذراء رائعة مجوفة و منحونة ذات شرفات ثلاث . وتتعلق أمام النوافذ المفتوحة كانت هناك عناقيد عنب معلقة مضيئة ذات أوراق خضراء حيث يلعب الضوء في انعكاسات ذهبية وفضية.
وكان "بن" ينتظرهن في ساحة الدار جالسًا على كرسي طويل.وعلى الرغم من جبيرة الجبس وعكازيه ، فقد كان يبدو متالقًا صحة.وشعت نظراته الخضراء عندما دخلن ومرت بسرعة على "كارول" و"إليزا" ثم إستقرت على"شارلين" .
وخلال نصف الساعة، نجحت "شارلين" بصعوبة في نطق بعض الكلمات ، بينما بقيت "كارول" الخجلى كالمعتاد صامتة. وأخيرًا اضطرت "إليزا" إلى القيام بكل مطالب النقاش ، وصاحت بمرح وهي تتذوق السمك الطازج الذي قدمه لهن المضيف، أطنبت في مدح "بن" على الفيلا الجميلة الخاصة به.
وتقبل "بن" هذا المديح بنغمة لامبالاة وقال:
-نعم إنه منزل جميل ، إن شركة "جميلمور" أعتدته على الدوام لموظفي إدارتها.
وألقى نظرة على "شارلين" التي تنظر من النافذة إلى المحيط،وقال:
-هذا الفردوس الصغير محظوظ بحوض للسباحة.
وتابع كلامه بتهكم يمكن إدراكه:
-لو أنك سئمت كثيرا و أردت أن تقومي بغطسة .
فهزت كتفيها بخفة واجابت بتلقائية وهي تشير إلى كومة من الصناديق:
-هل تحتفظ بأسلحة وأمتعة تريد أن تحملها معك إلى "نادي اليقضة"؟.
تقبل كلامها مبتسما،وكان يلزمه أن يمضي مابعد الظهر في حزم كل شيء ، وشعرت هي فجأة بأنها أذنبت في السخرية منه، فلم يكن سهلا عليه – وهو ذو قدم في جبيرة من الجبس ويعاني وجهه تعبا واضحا- أن يقبل هذه السخرية.
ومع كل هذا ، فإنه يستحق هذا الاذى من كان لديه الفكرة السخيفة في نقل الأثاث إلى مواقع العمل.
-حسنا ،هيا إلى هناك
والقت إلى "كارول" و"إليزا" الأمر؟
-يجب حمل كل شيء .
وفي ربع ساعة كومن سلسلة من صناديقالكتب وحقائب لاحصر لها للملابس في السيارة "الجيب" ثم تسلق كل منهم كيفما اتفق في السيارة . وقال"بن" بينما كانت"شارلين" تتحرك بالسيارة "الجيب":
-إنني راض عن رؤيتكن غير وحيدات في مكان منعزل كهذا.
وأضاف:
-إن فكرة ترككن وحدكن لاتعجبني إطلاقًا ياعزيزاتي" شارلين" إنك لم تنسي أنك ذهبت بي إلى الغداء بعد إصابتي .. أليس كذلك ؟
شعرت "شارلين" بحمرة الخجل حتى أذنيها ،وتضاعفت سوء مزاجها ،وخلفها سمحت "إليزا"لصيحة دهشة خفيفة جدا أن تفلت منها.
ولدهشة "بن" العظيمة أنه عندما وصل لم يشهد مايكدره .فقد رأى نفسه يسكن في شاليه أرضي مهتز قليلا. وشاهد ما حوله ثم هز رأسه وأعلن:
- هذا جيد جدًا ، إن "بوجي" وهو الصديق الذي سينضم إلي ، فرددت "شارلين" في صوت خفيض :
- -"بوجي"؟ياله من اسم بعيد الاحتمال.
- وتصورت أنه مستهتر آخر أكثر قسوة وتفاهة من"بن" ذاته.
- نعم ،إنه" إسترالي" . وسيعمل حرفيا ، وإنني واثق في أنه سيعجبك.
- كان مطعم الذي اختاره "بن" يوجد إلى الوراء قليلا من قرية "هاليوا"ولهذا المطعم ردهة واسعة مزينة بطريقة جميلة بالإزهار المتوجة، وآنية من الخزف ذات طلاء صيني لامع أسود،وعلى الاخص شرفة مغطاة بعريش ،تشرف على الشاطىء مباشرة حيث سيستقران هناك غير بعيد عن دغل استوائي والفانيليا ذات الرائحة العصرية .
- وجلست "شارلين"وهي تتمنى من صميم قلبها ان لايكون المكان مكلفًا . اتخذ "بن" مكانه في مواجهتها ، ووضع عكازيه مع سكون الالم ،وكانت شموع وردية تلقي رقيقًا ، وكان ثلاثة من لاعبي الجيتار الهاواينيين يستهلون نغمة مرحة، ولفترة قليلة كادت "شارلين"تنسى أنهم مرتبطون بجدول محدد للاعمال .
- وقد دفعتها "إليزا" و"كارول" إلى أن تلبس –بعناية خاصة- ثوبا من الحرير ذا قطعتين الأولى طويلة بخطوط مستقية ، والأخرى قصيرة ذات لون أزرق خفيف،واستغلت بمهارة أصباغ اللون القرمزي عينيها ، وظللت – بخفة – جفنيها بلون البنفسجي .
وكان "بن" ذاته متأنقا، بقميص أبيض لامع مفتوح على عضلاته المفتولة، وبنطلون صيفي ابيض أيضا يحدد سيقانه الطويلة الرياضية المتينة. لقد كان وسيما لكنه – في الوقت نفسه- ذو بنيان رجولي إلى درجة هائلة . ولم تجد "شارلين"كلمة أخرى لكي تصف أسفها بخصوص ماوقع له.واشتكى هو قائلا:
-اضطررت إلى أن أقطع بالمقص معظم بنطلوني. وإلا فلم أكن لأتمكن من لبسه بسبب جبيرتي.
-كم من الوقت يجب ان تحتفظ بها؟
-ثلاثة أسابيع على الأقل . إنني لا أريد أن أفكر في ذلك.
ثم قال:
-هيا نتناول طعامنا أولا ،هل تريدين ذلك ؟ ثم نقترب بعد ذلك من الموضوعات الجادة.
وانشغل لبرهة بالحديث مع خادمة .
وشعرت "شارلين"بكثير من الراحة ، ولكن نادرا ما أحست بمثل انطباع التغريبهذا، كل شيء كان مختلفا عن قريتها الوطنية"بلنجهام"في ولاية "واشنطون"حيث يكون الشتاء باردا والروائح والألوان والخضرة.. والناس أنفسهم .
منذ سنوات كانت "شارلين" تشتغل كثيرا لكي تستطيع أن تحصل على إجازات، ولكن هنا يجب ان يتمتع كثير من العملاء باوقات الفراغ الممتدة طول السنة .
أي أثر سيحدثه هذا،على سبيل المثال ،أن تضطر هذه السيدة التي ترتدي ثوب سهرة فضيًا إلى مجالسة رجل – كان يتكلم في جوف أذنها لمجرد أن تبرم معه اتفاقًا بخصوص العمل؟
كانت سارحة في أحلامها لدرجة انها لم تر أن "بن"كان يحدق إلى وجهها، وكانت انعكاسات سمراء مذههة تتلاعب في شعرها ،والخط الدقيق لعنقها.
واضطر الخادم الذي أحضر ماطلبه"بن"إلى أن يسعل في خفة لكي يجذب انتباههه.وأطال"بن"في فحص ماأحضره الخادم،ولم ير النظرة المنكسرة من "شارلين"لما لمحت قائمة الثمن...وشعرت "شارلين"بقلق مميت وتمنت لو لم يكن الحساب مقيدا بطريقة جيدة ، وقال "بن"في مرح:
-يبدو عليك أنك جائعة للغاية .إني اتعشم الا يدهشك الغداء كثيرا.
حتى النجارون المعماريون يأكلون أحيانا شيئا آخر سوى "الهامبورجر" كما تعرف.
ضحك ضحكة صافية ،وقال:
-إنني لا اشك في ذلك لحظة واحدة ،ولكنني اشك ان احد في غرب الولايات المتحدة يعرف كل ماستاكلينه هذا المساء.
وعندما رأت الطلبات تصل تباعًا ،اضطرت إلى أن تعرف بأنه لم يكن مخطئا , إنها لم تسمع أبدا عن أغلب القشريات والخضراوات الغربية المقدمة،ورغم ذلك قإنها لذيذة.وشاهدها "بن"وهي تلتهم الطعام بسرور وسألها مفاجئأ:
-لماذا تريدين مني غير هذا الذي اكونه؟.
شعرت "شارلين"فجأة بأنها متحيرة جدا.وهل كان النفاق في رأيها المجامل له واضحًا؟ وتمتمت بطريقة غير حاذقة :
-من هذا الذي تكونة ؟أنالا....
ليست هذه غلطتي،إذاكنت قد ولدت في اسرة مثل أسرتي،فهل أقاطعها؟ وفوق ذلك ، احكمي في هذا:إنني اصغر إخوتي الأربعة ،وتفصلني تسع سنوات عن أخي الذي يكبرني ،وهو اقربهم إلي .وعندما بلغت سن الرشد،كانت أسرتي كلها ماعداي تشتغل لحساب مقالات "جيلمور"وطلب مني أن أحذو حذوهم،ولكنني أدركت بسرعة أنه ليس لدي ميل للتعامل بالأرقام .وفضلت بعد ذلك زراعةالخضراوات.وشغلت نفسي بالزراعة .ودرست علم الأحياء "البيولوجيا"لم أرغب قط أن أصبح مزارعًا جنتلمان . في الحقيقة إنني لم أكن مدفوعا بالحاجة .لم تكن لدي رغبة في شيء مهم.
وكانت "شارلين"تريد ان تعامله بخشونه .. صبي فقير ..ولد غني وتابع كلامه:
-وفضلا عن ذلك فقد أظهر اخواتي موهبة غير عادية في تدبير اعمالنا.ولم يحتاجوا الي،وقنعت بان اكون عاطلا.
"قانع؟" كان كونه كذلك يسره بالتاكيد !
-الم تشغل قط اية وظيفة؟ الم تكسب عيشتك بنفسك ابدا بطريقةاو باخرى؟
وترقبت اجابته بنفاد صبر ادهشها هي نفسها . هل رفضت اذن تقبله على نحو ماكان ؟
-بكل تاكيد نعم،لقد عملت في ستة وثلاثين الف وظيفة:حطابًا في "كندا" صيادًا في" السويد"راعيًا الاغنام في "استرالا" ولم يفلح هذا الا في زيادة تاكد "شارلين"من شكوكها .انه لم يشتغل حقيقة قط ،لقد كان يتسلى في تنقل من نشاط الى اخر هاربا ، متعطلا.
-والان ،هل تعمل؟
-هوذا،وسبابقى مادام هذا يشوقني.
وقد خصص بقية وقت الوليمة لتفصيل الاعمال لمشروع النادي.
وبعد انتهاء تناول المانجو والموز اللذيذان استاذنت"شارلين"وغادرت المائده لكي تدفع الحساب.
وجعلتهاجملة المبلغ تتردد.ولحسن الحظ سجلت كارت الضمان الخاص بها دون قلق او مضايقة . وعندمارجعت أخرج"بن"كارت البنك الخاص به
فقالت:
-انني سددت الحساب الان.
وبان عليه الغضب واعاد حافظة نقوده الى جيبه دون ان يقول شيئا واسرع خارجا وهو يقول :
-لاتكرري ابدا دعوتي .فعندما اتغدى مع سيدة فانني ادفع الحساب..تذكري هذا.
-لاتثر فضيحة هكذا ،انها مأدبة عمل .وقد كنت انا التي دعوتك.
واستقلا"الجيب"ومدت يدها نحو مفتاح الاتصال ،ولكن "بن"اوقفها .وتلاقت نظراتهما.وبعد عشرين ثانية تصادفيا بقلبة خاطفة علامة على عاطفة لم تكن "شارلين"تتوقعهاابدا. وكان جسمها لايطاوعها .وتتكلم رغم انفها، وارتعد قليلا فتعانقها.وعندما انفصلاسريعاوهما مبهوران،استشعر "بن"السروروقال:
-غدا ساشتري عربة بعجلتين ذات سطح قابل للطي:فليس ثمة ما هو اكثر ارهاقا من سيارات الجيب.
واصطنعت"شارلين"ابتسامة باهتة ،ولوت راسها نحوه وانطلقت بالسيارة .
وامضت المسافة كلها تلوم نفسها بشدة.هذا الانجذاب المذنب نحو رجل على الاطلاق – ليس للمشاعر عنده ادنى اهتمام يجب ان يتوقف فورا .
وعندما هبطت من السيارة امام النادي ارادت ان تبين له ماتفكر فيه.ولكن لم يسعفها الوقت بالكلام ،اذ كانت "اليزا"و"كارول"في انتظارهما،وصاحت الاولى تخاطب "بن":
-القى بعضهم حجرا كبيرا من النافذة بينما كنا نثرثر في الصالون وذهب"بوجي"لاكتشاف الامر ولم يرجع حتى الان.

[رغد تبوك]

يسلمووووووووووووووووو رووووووعه الروايه من ملخصها اتمنى ماطولي علينا وتنزليها اول باول

[Evil Smile]

الفصل الرابع

أحست"شارلين"باستيلاء غضب أصم أبكم عليها،وهي ترى "إليزا"وقد راحت،بدلا نت ان تتحدث اليها،تنحت مباشرة الى "بن"منذ ان صار "جيلمور"الشاب مديرا لشركة مقاولات "كوسيني"مكانها. وفي نبرة جافة أجابت:
-"كارول"،هل يمكنك ان تستدعي الشرطة من الكابينة،من فضلك،فان "إليزا" منذ ان اختفى "بوجي"...
وتدخل"بن"بسلطته:
-لحظة.. لاتتصلي تلفونيا يا"كارول"،فهذا خطر جدا .ومن جهة اخرى،"بوجي" على نحو ما اعرف فانه لن يقوم بمجازفات غير مجدية ،ولن يتاخر ظهوره ثانية . والحل الوحيد المعقول في هذه اللحظة هو البقاء متجمعين حتى عودته.
ولكي تتوافق اقوالهم رن صوت في الظل على مسافة قليلة :
-لقد رايت احدهم يهرب نحو المنتزه متابعا الشاطئ، وكان لسوء الحظ يجري اسرع مني وفضلاً عن ذلك فان المد والجزر سيمسحان الآثار.
رات "شارلين" شابا عملاقا اشقر يظهر فجاة.واضاف انه قد استدعى هو نفسه الشرطة.
دخل الجميع المسكن، وقد غطى ارض الصالة بقايا زجاج مكسور .وفي ركن منها حجر كبير ملقى على الارض. فاقشعر بدن"شارلين" وقال"بن":
-لم يكن لدي وقت لكي اقدم "بوجي"اليكن. اسمهالحقيقي"جيمس كراوفورد".
صافحته "شارلين"مرة ثانية ،ولم يكن يبدو لها جذابا فحسب .بل كان خجولاايضا بعضالشيء ولطيفا جدا، وكان يرتدي قلادة ،وله لحية تجمل سيماته،وله عينان زرقاوان شاحبتان وشكل زهرة على الراس.
واعلن مبتسما:
-انني اسف لاننا التقينا في هذه الظروف السيئة.
ووصل ضابط الشرطة ،ولم تستطع "شارلين" ان تخفي ابتسامة.
فقد كانت اكبر سنا وجسما من"بن"و"بوجي"ولم يجد احد فاعلاسوى قوى الطبيعة هنا في "هاواي" لوكان هذا ممكنا. وكان لون ضابط البوليس قمحيا يميل الى السمرة .والشعر اسود،مثل شعر بقية مواطني الجزيرة.
_القميسير"كيمو ناكاناني"المسؤول عن دائرة "هاليوا".
كشؤ الرجل عن انياب يتطاير منها الشرر.وكانت عيناه السوداوان تلمعان كانهما عقيقاحمر.ورات له "شارلين"هبية ملك من ملوك "الف ليلة وليلة".
واضاف قائلا:
-ادعوني "كيمو"فقط.
ودعاه"بن"للجلوس معهم.ثم ناوله"بوجي"قطعه من الورق مطبقة شارحا:
-هذه الورقة كانت مضمومة الى رسالة عجيبة عثرنا عليها.فقرا"كيمو"في صوت عال:
-حسنا..يمكن القول :ان زائركم الغامض لديه احساس شخصي وكان"بن"قد كحم بانه خير له ان ياخذمكانا الى جانب "شارلين"على اريكة صغيرة من الخيزران تكفي شخصين بالكاد،لذلك تلامست سيقانهما،ومع ذلك فقد تعمدت الا تنظر اليه.
وقال في صوت خافت في اذنها:-هذه الاريكة غير مريحة مثل السيارة الجيب،اليس كذلك؟.
وقال "كيمو":
-في الغالبان هذه احدى عصابات الشبان الجانحين،لكنهم سيعاقبون في الوقت المناسب اذا اقتضى الامر.انهم لايعملون،ويقضون وقتهمفي التسكع على الشاطئ بسياراتهم القديمة . ولكن هذا المساء لم ار اي شخص ناحية البحر.
وفجاة رفع عينية نحول"كارول"الجالسة امامه،فان الفتاة لم تقل كلمتين طوال المساء ،وكان يتمنى بوضوح ان يتركها في راحتها:-اخبريني يا آنسة"تومبسون"ان اسمك هكذا، اليس كذلك؟.
فصححت له"كارول"قوله،حيث قالت في صوت لايكاد يسمع :
-بل سيدة "تومبسون"، انني مطلقة.
وثبتت يديها دون ان ترفع عينيها،ورمقت نظرة"كيمو":
-هل تقمن وحدكن هنا انتن الثلاثة؟
فتدخلت "كارول"لتشرح انهن قد حضرن لكي يقمن باعمال،وان "بن"و"بوجي"يقيمان معهن في الموقع.
فعلق "كيمو"على كلامها قائلا:
-طيب،فانني لااحب ان اعرف انكن دون حماية.
-ثم تشجع واستطرد قائلا:حيث ان الوقت معتم لفحص المتنزه،فانني ساحضر غدا صباحا.
واستاذن وهو ينظر مليا الى "كارول"اكثر من الاخرين،ثم انصرف وقال"بن":
-يجب على احدنا ان ينام هنا هذه الليلة،اليس كذلك يا"بوجي"؟
انني سابحث عن ماكينة حلاقتي.
وقاطعته "شارلين"في حدة:
-هذا هراء ،فنحن لسنا دجاجات مبتلة،وفي الوقت المناسب سنصرخ طلبا للنجدة اذا احتاج الامر.
بدالها ان فكرة بقاء"بن"معهن تحت سقف نفسه لايمكن احتمالها ونظرت الى"إليزا"التي تهيات لمعارضتها نظرة حادة،فرضخت ،وقالت دون اقتناع:
-هذاحقيقي،فنحنلانتاثر هكذا بسهولة.
واختفى الرجلان وحيتهما النجارات الجريئاتبتحية المساء في نشاط كاذب ولزمت كل منهن سريرها.وعندما اطفات "شارلين"مصباحها،رات الشاليه في الخارج مازال مضاء ،هذا الوميض الذي لمحته الليلة مثل فانوس طمانها،ومن ثم نامت...
وايقضها صوت غير عادي ففتحت عينيها .لم تكن الشمس قد بزغت بعد.ولكم من اين تاتي هذه الموسيقى الغربية؟ كان هناك صوت... بوق واصوات اخرى مثل قرع الطبول قبيل الفجر عند العسكريين.
ومع ذلك لم تكن قد سمعت احدا يتكلم عن هذا في اية ضاحية من الضواحي.ووقفت تنتظرصاحبتيها وهما تقومان بتمريناتهماالصباحية،وقد لبست "شارلين"بنطلونا ازرق قصيرا وبلوزة بيضاء ،وصندلا لينا،سارت عدة خطوات في سير منتظم ثم بداتتؤدي عدة حركات:مد،ثني،مد....إلخ.
وفي الشاليه ظهر"بن"خارجا لتوه من الحمام،لم يكن قد افلح في النوم،فقد كانت جبيرة الجبس تعوق اقل حركة .وكان يقوم بزينته طوال الوقت تاركا احدى ساقيه خارج البانيو.اما الان ،فقد ظهر اثناء قيامه بالحلاقة جالسا في توازن على كرسي.
كانت الشمس رائعة . ونظر في تجاه النافذه ولم يتحرك.
وكانت"شارلين"على بعد امتار منه،فمد جسمه...ووثب واستدار...
وكان المنظر في ضوء الصباح الذهبي ذا شيءمن السحر .وتامل فيها ،وماكينة الحلاقة في يده.وكانت "شارلين"ذات قامة رائعة،
وسالته:
0هل سمعت البوق هذا الصباح؟
-لا،لكنني اعرف من اين يصدر.هناك قاعدة حربية وراء الاكمة وعندما تهب الريح في تجاه المناسب نسمع نداءاتهم.
فردت في دهشة:
-وراء الاكمة،هذا مثير للفضول ،لقد كان لدي انطباع ان الصوت ياتي من مكان قريب جدا من المتنزه.
-ان هذه خدعة مضحكة فانه يصدر عن شريط مسجل .
وملا طبقة بكمية من الـ"كورن فليكس"تستطيع"شارلين"طيلة الاسبوع تقريبا ان تتغدى عليها.
وفي ساعة الثامنة والدقيقة الثلاثين تماما كانت مجموعة "كوسيني"قد شرعت بالعمل.وفي الساعة العاشرة اقسمت "شارلين"انها ستدفع "بن"في سيارة "الجيب"وتتركة في قلب الدغلعلى بعد خمسة عشر كيلو مترا من هناك،ولكنه اعتبرها مجنونة.ولم يترك لها دقيقة واحدة لكي تتمهل ،ودار حولها ،وصفر بفمه وبكثرة،وسالاسئلة سخيفة ،وعطل "إليزا"و"كارول"بتعمد مغايظتهما.
وبدلا ان يغضبا استغرقتا في الضحك.
وطرحت عليه قولها وهي تضغط اسنانها في الساعة العاشرة :
-"بن"لماذا لاتنزع المسامير من هذه الكومة من الخشب من فضلك؟.
والقت عليه "كارول"نظرة دهشة ."شارلين"لاتعيد قط استعمال المسامير المستعملة ،وواضح ان "بن"لايعرف شيئا عن هذا ،فقداستعار مطرقة صغيرة وراح ينزع المسامير وهو مبتهج.
وساد السلام بينهمامدة نصف ساعة .
وفي الساعة الحادية عشرة الا ربعا،اشار"بن"وهويجفف جبهته بقولة:
-لماذا لا نذهب الى المقهى للراحة ؟انني اكاد اموت من الحر.
فغمغمت"شارلين":
-اذهب الى هناك وحدك.فاختفى ثم عاد.وساد صمت مدة ربع ساعة ثم قال:
-"شارلين"هل لديك النية ان تقيمي في هذا الشاليه حقا؟
فاعطت في مل تفسيرات مثل:انها قد سمعت ذلك من قبل مرتين على الاقل .وهذا يعني عشريندقيقة ضاشعة ...الخ.
لكنه صاح في الساعة الحادية عشرة وثلاثين دقيقة:
-انني افهم ضرورة هدم هذا السقف يا"شارلين"ولكن لاتصدقي ان..
فقالت فجاة وهي مغيظة :
-لماذا لاتذهب للتنزه مع "بوجي"؟ انني اكره ان يقاطعني احد هل يتمنى كل منكما ان يدفعني الى الا افعل شيئا؟
وتجاهل ملاحظتها الجافة وابتسم.
-لقد رحل "بوجي"نحو الشاطئ الغروب.اني اسف اذ لم استطيع ان اصحبه صدقيني .ولكنني من الان فصاعدا لن اعطلك كثيرا،واعدك بشرفي .
وغاب لمدة عشرة دقائق، ثم رجع وعكازاه تحت ذراعية
-هيا ،ضعي ادواتك،لنذهب جميعا الى الغداء في"هاليوا"انني صاحب الدعوة
وكان يقول هذا دون امل،معتقدا ان المقاطعة هذه المرة ستنتهي بشنقه.
-فليكن.
تنهدت "شارلين"وهي تخلع بلوزتها لكي تضعها في ركن واضافت:
-على شرط ان ننال اغفاءة عندما نعود.
وكان غير قابل لان يغضب نفسه.وفي ظروف اخرى تستحق هذه ان تكون صفة عظيمة.
استقل الجميع سيارة "الجيب"واعطى "بن"عنوان مايسمى "كازينو الوردة"
وعندما وصلوا الى هناك ،وجدوا بصعوبة مكانا على مائدة وصل اليها قبلهم "كيموناكاناني"حيوه ببتسامة على الشفاه.
-يالها من مصادفة ،انني اتي الى هنا للغداء كل يوم.
وكان يلبس زيه الرسمي الذي يعطيه مزيدا من الهيبة.
ودعاه"بن"لكي ينضم اليهم،فانزلق على المقعد بجوار"كارول"وابتسمت له"كارول"الخجول،ولكنها ابتعدت بهدوء لكيلا تلمسه. اما "شارلين"فلم تكن لديها هذه الفرصة اذ كانت محصورة بجانب الحائط واستند"بن"دون حرص فزاحم ساقها وذراعها. وكان اسوا شيء هو ذلك الاتصال الذي لم يعجبها حقا.
واسرعت هي تتابع المناقشة كيلا تضطر الى ان تشرد بذهنها اكثر من هذا.
وسالته "كارول"بينما كانت وجبة سرطانات بحرية عملاقة تقدم لهم.
- هل عشت طوال حياتك في "هاواي "يا"كيمو"؟
- نعم فقد ولدت هنا،وعائلتي اصلها من هنا،وفد اسلافي الاوائل من جزر "بولينزيا"في اقوارب صغيرة،وكان جدي يحكي لي هذا كثيرا وقد قطعوا بجسارة اكثر من عشرة الاف كيلو متر من المحيط قبل ان يقوم الكابتن"كوك"برحلاته بسبعة قرون .
وكانوا يبحرون مستهدواذا كان هذا التاريخ يثير اهتمامك،يا"كارول"فان بوسعي ان اعيرك كتبا في هذا المجال.
وهمس "بن"في اذن الفتاة "شارلين":
وانت يا"شارلين"ما الذي تحبين قراءته؟.
وكان يتكلم بقوة ،وكانت "إليزا"تسمعهما فاجابت ساخرة:
-انها تلتهم كتب المعمار،وصناعة الاثاث ،والتكنولوجيا،ما اضجر هذا .
انها لاتفكر فيما سوى ذلك.
قال"كيمو":
-يجب ان اقوم بدورة في المتنزه بعد الظهر اليوم ،هل تريد ان تاتي معي "بن"؟
فاجاب "بن" رابط الجاش:
-سيكون هذا من دواعي سروري،ولكني كنت اؤدي مهمة عاجلة جدا هذا الصباح، واريد ان...
وصعقته"شارلين"بنظرة،فضحك من اعماقه.
- لقد كنت امزح ،ساعود لاصاحبك بكل تاكيد ،ولكن اذا رجع "بوجي"فقط،قبل ان اقضي النهار في النادي.
وفكرت "شارلين" في تكملة كلامة "لكي يحميهن"،لقد اوشكت ان تنسى الحديث المقلق في الليلة السابقة.

[غــلا]

واااو باين انها روووعه بانتظاارك يااقمر

[Evil Smile]

الفصل الخامس
- شكرا يا"شارلين" ، و لكن حدث انني قد تناولت غدائي قبلا مع "كيمو"عند اخته "لونا" و زوجها.
كان "بن" راجعا الى النادي ، عند هبوط الليل.و كان قد مضى يحيي العاملات في مطبخهن ، وبلمحة الى محتوى الاطباق اقنعته انه ربما قد حصل على فرصة تناول الطعام في موضع اخر.
ولما كان هذا هو ورد "شارلين" في اعداد الوجبة وضعت قائمة الطعام الاولية لكي لا يقال انها متسلطة .
وعرج في مشيته الى البوفية لكي يقدم اليها كيسين كبيرين من المواد التموينية .
ما هو ما يحل محل الحبوب التي حملتها اليك وسمحت لك ان تعيدي دعوتي من وقت الى اخر.
واخرج زجاجات من اللبن و السكر و المربى ، وفخذ عجل كبيرة مملحة ثم القى عليهن نظرة خاطفة .
الكيس الثاني اكثر اثارة للاهتمام ، لقد احضر من حديقة اخت "كيمو" و عرض باختصار فواكه فاخره غربية ، مانجو، كيوي، موزا، ثمرة المحامي ، قال:
- انني اشير عليك باعدادها الان.
ولم تجعله "كارول" يقولها مرة ثانية: فقد اعدت سلطة فاخره من الفواكه و كان "بوجي" الذي ادار راسة نحو النافذة، قد ارسل الى البقال لكي يرسل الثلج بالفانيليا. وعندما رجع كان يصحبه "كيمو"، اذ التقى به مرة اخرى في جميع الانحاء، وكانت الحلوى المقدمة مفرجة ، وحيا الجميع مواهب "كارول" .
-في الظهر ساروي لكم قليلا من تاريخي.
وعندما انتهوا ،القى "كيمو" نظرة ، واضاف:
-والان جاء دوركن ، من اين كانت اصولكن ايتها الشابات؟
فقالت "إليزا":
دلقد جئنا جميعا نحن الثلاثة من مدينة صغيرة تسمى "بيللنجهام" في شمال ولاية " واشنطن" قريبا من حدود "كندا" ،حيث ولدت "كارول" هناك منذ اثنين وثلاثين عاما، و"شارلين" منذ ستة و عشرين عاما، وانا منذ ثلاثة وعشرين عاما.
وقطبت " شارلين" و "كارول" حواجبهما ،فانهما ان لم يمنعا "إليزا" فانها ماكانت تتاخر عن اعطاء مواصفاتهما ،واذواقهما المفضلة و الوان قمصان النوم الخاصة بهما ، وبدات "شارلين" تقول:
-اسمعي يا " إليزا".
والسوء الحظ عندما قالت هذا لم يكن ثمة متسمع اكثر انتباها.
-اننا التقينا بعد درستنا . وكنا الفتيات الثلاث الوحيدات في كل الولاية في تخصصنا في ترميم نجارة السقالات .
و كانت " شارلين " الاولى في الدبلوم في سن العشرين .
وكان ثمة همهمة اعجاب من جانب احد الذكور. ثم القى " بن " فجاة قوله:
-بالمناسبة ، انك لم تحدثيني عن استخدام مساعد، يا " شارلين "،
ان لدي واحدا في حضورك ..." بوجي ".
اتجهت الانظار نحو الشاب الاسترالي الذي ابتسم مرتبكا:
-حقا ، انني في حاجة الى العمل ، ولقد قلت لنفسي ان ...
فصاحت " شارلين " :
- هل انت في حاجة الى العمل؟
- فقال " بن ":
- ثوبي الى رشدك . " بوجي " نفسه ليس من الكسل في شيء ، انه يكسب عيشة من عرق جبينه.
فغمغمت:
اني.. انني ارى ان العمل غالبا قاس، كما تعرف.
فاظهر " بوجي "عضلاته مثل مصارع في عيد شعبي ، وقال:
- هذا لا يجعلني خائفا، فقد رايت اخرين .
- حسنا ، هذا حق ، انني اعينك ، ونحن نبدا في الساعة الثامنة و النصف تماما كل صباح.
و كانت مناقشا
وكان يبدو عليه انه لا يعرف التعب ، ويصحو في الساعة السادسة صباحا، لكي يتامل لحظة طويلة قبل ان ياخذ موقعه.
وكان " بن " وحده يشعر بالضجر بازدياد ، وكان يسبح ويتريض بانظام ، ولكن هذا لم يكن يكيفيه يقينا ، فهو لم يصل الى رؤية " شارلين "اكثر من عشرة دقائق في اليوم ، وكانت مناقشاتهما تتنا قص وتقتصر على مثل:
-هل ستحضرين للغداء معي في المدينة ؟
- كلا ، يا " بن " فانني منقبضة ، كما انني لا اخرج اثناء الاسبوع .
- هيا نقوم بدورة في سيارة " الجيب " على طول الساحل هذا المساء .
- مستحيل ، فانني اريد ان انتهي من وضع البلاط في صحن الدار.
ان مخرب الاثار الغامض الذي كان قد هاجم النادي لم يكن قد ظهر ثانية.
ودون شك لان احد الرجال الثلاثة : " بن " او " بوجي " او " كيمو " كان حاضرا دائما.
و في حوالي نهاية الاسبوع الاولين كان قد اعيد بناء اثنين من الشاليهات وحسب " شارلين " المزانية . واعلنت انه من اجل الاستمرار بطريقة اكثر فاعلية ، ان شيئين اصبحا حتميين: تليفون للموقع ، وسيارة " كاميون " تسمح بالذهاب للبحث عن المواد النافصة حتى نتجنب النفقات الباهظة لتسليم البضاعة.وفي يوم الثلاثاء حضر شاب من " هايوان " لكي يركب خط التلفون .وذهبت " شارلين " لكي تجعله يعمل ، وبعد ساعة وهي عائدة تبحث عن ليمونادة طازجة لفريقها، لم تصدق عينيها ، فقد كان عامل التليفون يلبس مايوم الحمام . فالقت فوطة على كتفيها وتركت ادواتها وتهيات للانصراف ، وهي تصفر بصوت خافت وصاحت غاضبة :
-فيم تعمل اذن؟
فابتسم بملء شدقيه و قال :
- اه ، انني ساسبح قليلا ، فالمرء يموت من الحر ، الا تجدين ذلك ؟ ولم تكن " شارلين " قد سمعت قط شبيها بهذا ، فقالت :
- اسمع ! هذا لايصلح البتة ، فخط التليفون يجب ان يقام هذا الصباح ذاته، و هذا خارج التساؤل الذي يجعلك تتوقف . انني انتظر استدعاء الممونين من لحظة الى اخرى . انني مسؤلة عن هذا العمل ..
- ومع الاسف كان يبدو انه لم يتاثر اقل تاثير ، كذلك اتسعت ابتسامته وقال لها:
- هل تجهلين انهم هنا في " هاواي" ياخذون الامور ببساطة . وفضلا عن ذلك يجب عليك ان تاتي لتسبحي معي .
وتهيات " شارلين " للاحتجاج بشدة ، عندما ظهر " بن " فشرحت له الموقف في كلمتين غاضبتين ، فصعق الشاب فورا بنظره ناريه وقال :
-انني امثل مقاولات " جيلمور " وشركائه. ان الرئيس المدير العام بالضبط ،فلو كان التليفون هنا لايعمل ستكون لديك اخباري ،واخر تفصيلة من التفاصيل هي ان :
هذا الشاطئ خاص ودخوله ممنوع بغير تصريح . و كما لو كنت قد حدثت معجزة . هز الموظف راسه ، واستانف عمله في الحال ، وابتسمت " شارلين " اعترفا بالجميل . وكان " بن " يتالق بسلطة مفاجئة لن تجعله للشك .
ولما تم الخط التليفوني ، راقب " بن " الموظف الشاب و هو ينصرف ولاحظ رقم سيارته وانتهز "بوجي " فترة الغداء ، وحضر ليرى " بن " في غرفته ، وتحدثا نصف ساعة طيبة في العمل والتقنية ، وفي تجاه الرياح ثم تململ " بوجي " وقال :
-التقيت هذا الصباح على الشاطئ بتلك الشابة التي كانت تبدو مهتمة بك كثيرا منذ شهر .
فسال "بن "و قد رفع حاجبيه:
- "هيلين ديبي لو "؟
- فتاة شقراء جميلة .
فاستنتج " بن ":
- انها " ديبي لو " انني لا اكاد اتذكرها .
- لقد سالتني برقة بالغة عن اخبارك. هل تود ان اقترح عليها الحضور ؟ انها ستسليك .
- لافائدة ، فان ماوانا الفعلي ليس بذي فخامة لان نستقبل فيه طالبات وظيفة . اليس كذلك ؟
فالقى " بوجي " نظرة لاهية على التاثيث القليل وقال:
-لقد عرفنا اسوا من هذا ، الاتتذكر اقامتنا في جبال " كندا " وجذوع الصنوبر المقشورة التي تسمح بمرور الريح ، والموقد الذي لا يعمل ؟
فهز " بن " راسه قائلا:
يقينا، ولكن بمرور الوقت كنت ساحب كل شي اكثر قليلا من الراحة ... ان الظفر بشخص لكي يشتغل الخط ، ويعد الوجبات الغذائية سيسمح لنا ان نتدخل غالبا مع الجيراننا
ولكن "بن " توقف فجاة ، واعتدل في جلسته، وتناول عكازيه، وكان على وشك الاهتداء الى فكرة عبقرية .
-قدني الى المدينة يا " بوجي " انني اعتقد انني وصلت الى حل لمشاكلنا .

[Evil Smile]

الفصل السادس

لابد أن تكون صبيحة اليوم التالي خصبة في وقائعها . فقد وصل الفريق إلى البدء في العمل تماما عندما وصلت بغتة سيارة نقل ضخمة في الممر , فرفعت شارلين رأسها , و اطلقت صرخة ترحيب حماسية :

_ انظروا سيكون لنا اخيرا سيارة , لقد امرت بها دون ان اقول شيئا عنها لافاجئكم .

و فتحت كارول و بوجي اعينهما الكبيره إن السيارة المطلوبة كانت مدهشة ايضا بسبب ابعادها مثلما هي بسبب الصدأ الذي غزاها .

و انحنى سائقها الهاوايني المبتسم حتى الأرض , و اعطى الاوراق الى شارلين و انصرف بخطوات سريعة حتى الطريق الكبير حيث ينتظره زميله في سيارة فولكس فاجن .

و صعدت إليزا المتفائلة كعادتها الى كابينة القيادة و قالت :

_ لايوجد راديو . و لكننا نستطيع بلا ريب ان نضع واحدا بسهولة .

و همهمت كارول و هي تمد اصبعها بطول لوح الزجاج الذي اهتز بطريقة مقلقة :

_ انني غير واثقه ان الراديو سيكون هو المشكلة الوحيدة .

و هز بوجي رأسه و هو ذاهل و قال :

_ لا تقولي لي انك اشتريت هذه السيارة يا شارلين فهذا غير ممكن انها ترجع الى الحرب العالمية الثانية على الاقل انني اتذكر انني رأيت شبيها لها في استراليا انها سيارات كانت على وشك التحطم منذ وقت طويل .

و ألقت عليه شارلين نظرة شزر و قالت :

_ هذا النوع من المحركات من ماركة فارجو مشهوؤ بعدم قابليته للتلف انني فحصت المحرك ووجدته يعمل كالساعه و ربما تترك صناعة السيارات قليلا للرغبة و لكن الميكانيكي اخبرني ان هذا لا يمكن تجنبه مع وجود الملح و على اية حال انني اشتريتها لشركتي و كيفما تكون فإنها تعجبني .

و اطلق بوجي آهه و قال :

_ هل رأيت السقف ؟ انه عرضه لأن يطير عند اول هبة ريح .

فردت بجواب سريع في لهجة رقيقة :

_ لا يهم سنربطه بالحبال و سيتم انجاز العمل .

فأضاف بوجي مبتسما في صيغة لاهية و متسامحه و خجول دفعة واحده : _ كما تريدين و مهما حدث فإنني ارفض ان اتدخل .

و عاد يراقب خلاطة الاسمنت حيث يجهز الاسمنت لإعداد ارض الشاليهات .

و كانت إليزا تقفز فوق مقعد السائق لكي تختبر الزنبركات و قالت :

_ هيا يا شارلين تعالي معنا في نزهة في الساعة العاشرة تماما .

و كانت شارلين تتحرق شوقا للإنطلاق و لكن يجب عليها ان تعرف كيف تظهر نفسها ذات صلابة و قالت :_ بعد الظهر يأتي ما بعد العمل حيث نكون مشغولات جدا في ذلك الحين .

كان من الواجب على عامل الرصاص و كهربائي هاليوا ان يحضرا لكي يقيما التركيبات الجديدة في اليوم نفسه و كانت شارلين تريد ان يكون كل شي جاهزا قبل حضورهما و بينما كانت إليزا تخلع حوض الغسيل القديم كانت كارول قد انتزعت الاسلاك الكهربائية و انتهت من ثقب فتحة حيث تحسب قياس وضع نافذة .

و قد تذكرت انها ستكون ملزمة بتسليمه الواحا من الخشب منذ الآن . فضلا عن ذلك تردد سماع صوت محرك مرة اخرى لاشك انه النجار و خرجت ثانية الى الممر نافدة الصبر .

و لكنه لم يكن النجار لقد كان كيمو الذي لا يمكن تجنبه مع اثنين من المسافرين و في الخلف عرفت بن و من تكون تلك المرأة الجالسة في المقدمة ؟ و أوقف السيارة خلف سيارة النقل و ذهب يفتح باب جارته و رأت شارلين و هي ذاهله امرأة من هاواي تظهر فجأة .

و دفعة واحدة تنحى بن من السيارة و ألقى لمحة خاطفة عليهن و نادى :

_ إليزا , كارول , بوجي تعالو الآن من فضلكم اريد ان اقدم لكم شخصا ..

و كانت نظرة عينيه الخضراوين اكثر خبثا من كل وقت .
و سألت شارلين نفسها في تنهيدة مكتومة : _ أي دور طيب اعده ليلعبه ؟

و دون ان يحسب حسابه جعلهم يضيعون وقتا ثمينا و في الحقيقة كان من الواجب ان يحسب ضمن الساعات الاضافية كل الانقطاعات التي سببها .

و استأنف بن كلامه عندما اجتمع الكل حوله :_ اصدقائي الاعزاء يشرفني ان اقدم لكم العمة لاني ..

و كان للمرأة الهاواينية اشارة صغيرة بالرأس رشيقة جديرة بملكة تحيي رعاياها .

لم تكن كبيرة جدا لكنها جميلة و ممتلئه و ذات عينين واسعتين سوداوين و يتأرجح من اذنيها قرطان ذهبيان , و لها ثوب ذو ازرار كبيرة ارجوانية يكسوها بعظمة و جلال .

و ضغطت على ايديهم دون ان تفارقها ابتسامتها و قالت : _ ادعوني العمة لاني مثل كل الناس هنا سيكون هذا اكثر بساطة

و رجحت شارلين انها حوالي الخمسين من عمرها و قالت لنفسها انها يجب ان تكون قد انجبت نصف دستة من الاطفال و انها كانت تشبه كثيرا عمتها روزا في بيلنجهام التي لا تهاب ابدا موكب اطفال يزقزقون .

و استأنف بن كلامه : _ العمه لاني قبلت ان تحضر لكي تعتني ببوجي و بي و حاميتنا هذه تمتلك مقطورتها الخاصة التي ستقيم بها و سيحضر شخص بعد ظهر اليوم لكي يوصل الماء و الكهرباء فهل يلائمك التنظيم يا شارلين ؟

و كانت شارلين صامتة اذ استولت عليها الدهشة تماما و كان لديها الى درجة كبيرة ميل الى ان تنسى اذا ما كانت محظوظة و لم تنازع في نفس المشكلات التي كان اغلب الناس ينسونها مثلها من انها كانت هي ايضا موظفة عنده بنفس الصفة مثل الآخرين .

و كانت لاني ذاتها ودودا جدا و لكن شيطانا ماكرا كان يدفعها الى ان تسأل متى يصل رئيس الخدم و خادمة الغرفة بدورهما .

فأجابت أخيرا : _ تبدو لي فكرة ممتازة .

و هز بن رأسه ثم قطب حاجبيه و هو يرى سيارة النقل و قال : _ لمن اذن هذه السيارة التي تسد الممر ؟

فأجابت بسرعة : _ لشركة كوسيني ...هذه سيارتنا الجديدة .

فرد : _ فلنر يا شارلين لقد قلت : انني وضعت سيارة الجيب في ادارتك منذ وقت طويل على نحو ما كنت تتمنينه ماذا ستفعلين بهذه القلعة التي توشك على الانهيار ؟ هل تعرفين ماذا سيصلح للعمل ؟

فأضافت بخبث لذيذ : _ بالإضافة الى ذلك فإنه اذا كنت انت و بوجي في حاجة دائما الي فإنني على استعداد تام ...

و توقفت عن الكلام و حضر المورد لكي يأتي بالألواح المطلوبه و استؤنف العمل في بداية ما بعد الظهر و اثبتت المقطورة الجديدة المضيئة الخاصة بالعمة لاني وجودها و قد اقاموا تحت غابة من النخيل بمعزل عن الاكواخ .

حلمت شارلين و هي لاهية ان الحديقة بدأت تاخذ هيئة ناد للإجازات و في ساعة الغداء قامت لاني حينذاك بغسيل كبير كانت تجففه تحت الاشجار و كانت رائحة شهية تفوح من مطبخ المقطورة .

و في المنزل كان دور شارلين ان تعد الطعام و تأملت في هيئه كئيبة اواني الفطور المكومة في حوض الغسيل و علب حفظ الطعام

و اقترحت : _ فلنأخذ سيارة النقل و لنذهب لتناول طعامنا هامبورجر في هاليوا ماذا تقولون في ذلك ؟

صفقت إليزا و ابتسمت كارول في هدوء ظاهر .

و شاهد بن السيارة تبتعد و غمغم من بين اسنانه : _انك لم تعملي لي وقتا طويلا يا شارلين و انا متأكد من جانبي انني مستفيد مع العمة لاني .

و في الوق ذاته كانت شارلين تفكر في انها ايضا قد كسبت معركة و لكنها ليست مع بن و انما مع سيارة النقل و قد كان لديها ميل قوي قلق الى ان تنحرف نحو ممر جانبي و كان يجب عليها ان تثبت عجلة القيادة بكل قواها .

و قالت في نفسها : _ القلعة الكبيرة ذات هيئة بالنسبة الي مقاومة قليلا و تذمرت شارلين بينما كان الجمالون ذو السنام أي سيارة النقل تجعلهم يهتزون على مقاعدهم و قالت : _ هذا هو اقل ما يمكن للمرء ان يقوله .

و لكن المحرك دار بطريقة جيدة و الفرامل جديدة .

و في الصباح التالي استيقظت شارلين من جديد على صوت بوق و مكثت فترة طويلة لا تتحرك و تنصت الى النغمات الحزينه التي تتموج في الفجر المضيء.

ثم انسحبت من السرير و العضلات متوجعه قليلا بسبب العمل في اليوم السابق . و كانت مسيرة صغيرة على الشاطيء كفيلة بأن تمسح ذلك و لم يكن بن مزروعا امام نافذتها لكي يلاحظها عن بعد على نحو ماكان يفعل كل صباح .

و احست احساسا غريبا انها مخدوعه و انه في الغالب يغيظها و لكنه كان ايضا مداعبا من قرب عند استرخائه .

_ صباح الخير يا شارلين .

التفتت الى ما ورائها و كانت العمه لاني راجعه من نزهه ترتدي ثوبا فاخرا زمردي اللون . به ازهار كبيرة جميلة و كانت تمسك صندلها في يدها و تدوس على الرمل بقدميها العاريتين في سرور ظاهر و كانت ذات مشية رشيقة للغاية .

_ صباح الخير يا عمه لاني اخبريني هل سمعت بالمصادفة صوت بوق هذا الصباح ؟

كانت النغمات قد شغلت بالها اكثر فأكثر , لانها كانت تعتقد انها وحدها التي ادركتها .

انها لا يمكن ان تكون تسجيلا حملته الريح على نحو ماكان يظن بن فمن وقت الى اخر كان عازف البوق تفوته نغمة .

و قالت العمة لاني : _ نعم سمعته انها طريقة جميلة لتحية الصباح .

_ و لكن من اين يأتي في رأيك ؟

_ من يعلم ؟ من هنا او من هناك ؟ أي اهمية في ذلك ؟

عجبا هذا هو حبيب القلب .

و كان بن قد وصل بعكازيه و بدأت شارلين تحتج .

_ هذا ليس حبـ ....

و توقفت و كان بن قد وجد نفسه على مدى الصوت .

و انصرفت المرأة الهاواينية و هي تعلق بعاصفة من الضحك .

_ انني سأعد فطوركما .. عودا في غضون ربع ساعة .

[عازفة اوتار الحب]

يسلمووووووووووووووووووووو

[غداف]

تسلمين على المجهود وكمليها

[Evil Smile]

ان شاء الله و سوري ع التاخير انشغلت شوي

[Evil Smile]

الفصل السابع

صاحت شارلين و جالسة الى المائدة الصغيرة في المقطورة :

_ ثلاث بيضات ؟ انني لن استطيع ان اكلها كلها يا عمتي لاني في العادة انا لا اتناول سوى ...

فأكمل بن في نفور : _ بعض كورن فليكس جاف دون لبن او سكر هل تعرفين ؟..

فألقت العمة لاني على شارلين نظرة قاسية و قالت : _ مع كل العمل الذي انهكك فإنك تصابين بالهزال لابد انك تموتين حقا .

انك سوف تبتلعين كل البيض الى آخر فتاته و الفواكه و الخبز المحمر ( التوست )

و نفذت شارلين و هي تتنهد ثم صرحت بأنه لم يكن اصعب من هذا عندها

و قضت على البيضة الثالثة و هي مسرورة عندما انفعت إليزا : _ شارلين؟ والدك يطلبك بواسطة الهاتف..

_ إليزا تعالي لتتناولي الفطو انتي و كارول ..

العمه لاني : _ انني واثقه من انكما لم تأكلا شيئا بالمرة في الصباح

لم تجعله الشابتان يقول مرتين و ضحكت شارلين من رؤيتهما تجريان بينما كانت هي نفسها تتناول سماعة الهاتف.

_ بابا هل هو انت ؟ نعم .. حسن جدا . نحن الثلاثه في اتم عافية .. لا الطقس هنا شديد الحرارة , هل عندكم جليد الآن ؟

و انصتت بينما والدها كان والدها يعطيها اخبارا عن سائر العائلة.

_ يريد توني ان يشترك في مناهج المساء و لكن لو كان هذا يسمح له فيما بعد بوظيفه ...

و انصتت من جديد ثم هزت رأسها

_ بابا قلت لك الآن لا تقلق انني سأكسب هنا كثيرا مما يسدد هذا الدين .

و طيلة ما كنت تتكلم كانت تتخيل اباها واقفا في المطبخ الصغير في المنزل الذي نشأت فيه منذ ان ماتت زوجته و غادرته شارلين لابد انه وحيد هناك تماما..

و اصرت قائلة : _ لا ليس ثمة أي هم يشغلك اننا سنسدد كل شيء حتى آخر سنتيم . سوف ترى

و كان يلوح انه جد معذب و جد عجوز حتى انها احست بعينيها مبللتين و مسحتهما بحركة غاضبة.

_ اسمع هذا وعد ... الى اللقاء .

و انبعث فجأة صوت جعلها تنتفض ..

_ اهناك شيء لا يجري على ما يرام يا شارلين؟

و كان بن و لم يكن قط يعبر بمثل هذه الرقة و اضطرت ان ترفع رأسها فورا لكي تطرد دموعها ولاحظت في غضب انها لم توفق.

و اجابت في لهجة عدوانية غير مقصودة : _ لا شيء خاص كل شيء يمكن ان يكون متعبا .

و التقط منديلا من جيبه و جفف خديها في رقة بالغه و سألها :

_ هل وصلت اخبار سيئه من عائلتك؟

زفرت نفسا و قد سئمت بغتة : ليس أكثر من المعتاد ان زوج اختي توني متعطل دائما و اختي ماريا تنتظر مولودا جديدا و الجليد عندهم منذ يومين .

و لف بن ذراعيه حول كتفيها و لاطفها مثل طفلة صغيرة في حاجة الى المواساة :_ و هذا يكفي لان يجعلك تبكين ؟

و همس : _ بالنسبة الى التعطل فإنني افهم ذلك و لكن ميلادا مقبلا و عاصفة من الجليد ليسا شيئا مأساويا .

فقالت مفسرة : _ ماريا لديها صبيان الآن و مالديهم من المال قليل و بالنسبة الى ابي فهو مصاب في ظهره بسبب سقوطه من احد الاسقف و الجليد يمنعه من متابعة علاجه و يجب ان يجعلك هذا تظهر ساخرا و لكن في العائلات المتواضعة قد ينقلب اقل حادث الى مصيبة و هذا نوع من المواقف يخيل انك لم تقابله ابدا في محيطك .

فأجابها دون كدر او غيظ .

_ فلندع هذا جانبا انك لم تفسري لي كل شيء انني اريد ايضا ان تسمعيني كلاما عن قرض .

_ نعم بالنسبة الى نفقات المستشفى الخاصة بامي كنا مدينين اذ نضعها في عيادة خاصة و لكنني لا اريد ان اضايقك بهذه التفصيلات .

_ انني اطلب منك ان تحكي لي كل شيء و الا فانني ساسبر غور إليزا و كارول حتى اعرف منهما كل شيء ..

و استسلمت قائلة: _

حسنا ... كانت امي امرأة غريبة بعض الشيء فلنقل انها عصابية و ليس هذا منتظما على مدار السنة و قد نشأت بناتها الثلاث بضمير ووعي و لكن دون سرور و دون محبة حقيقية و اخيرا اصبحت مكتئبة و صار واجبا على ابي ان يلحقها بالمستشفى لكي يتأكد من انها ستعالج علاجا جيدا .

و اختار مؤسسة فاخره غالية جدا من حيث القروض لانه لم يكن لديه الوسائل و توفيت والدتي منذ عشرة شهور و يجب علينا في الوقت الحاضر ان نسدد الدين ذلك هو التاريخ بأسره .

_ كل العائلات لديها مشاكل يا شارلين .

و غمغمت و قد اجتاحها الغم : _ كلها .... بدرجات متباينه

لماذا يجب على البعض ان يكدحوا في العمل لكي يواصلوا الحياة بينما ينعم اخرون بحياة ذهبية .

و استأنف بن بعد تفكير : _ اصغي الي انني لست في حاجة الى كافة النقود التي كسبتها بالعكس انني انفق منها قليلا جدا اذا شئت فإن بوسعي ان اقدم لك قرضا .

و في التو تمردت و صاحت : _ هذا بكل تأكيد خارج الموضوع انني ارفض ما تعرضه علي من هذا الوجه هل تسمعني ..؟ و الآن دعني فإنني متأخره على عملي .

و راقبها بن و هي تجتاز الباب ثائرة فأخفى يديه في جيبيه و هو يهز رأسه .

و فيما بعد كانت العمة لاني تدعو الفتيات الثلاث كل صباح لتناول الفطور حتى ان شارلين انتهت الى ان تحضر بانتظام نصيبهن من التموين .

و دون ان تعترف لها كانت تستمتع بهذه الوجبات في صحبة بن و لن تتحمل ان تعود الى القهوة السوداء و الكورن فليكس .

و فضلا عن ذلك فإنها كانت كثيرا جدا ما تشارك ايضا في الغداء و لكن شارلين ظلت عنيدة بالنسبة للعشاء . و كانت هذه مسألة مبدأ مادمن يبقين وجبة على الأقل جانبا وكن يمكثن بحكمة في كل حالة في صورة رمزيه . الا ان إليزا و كارول لم تكونا موافقتين على وجهة النظر هذه . فقد كانتا تجهزان قليلا للقيام بخدعة في العمل . ففي ذات مساء حيث كانتا تبتلعان بضيق حساء اشترينه وضعت إليزا ملعقتها غاضبة : _ ان رائحة الشواء هذه التي تأتي من المقطورة تصيبني بالجنون لقد دعتنا لاني عشرات المرات لكي ننضم اليهم ... لماذا لا نقبل ؟

سيكون من السهل علينا ان نعيد النقود التي تخصصها للتموين و ان نأكل بطريقة صحيحة و فضلا عن ذلك فاننا نهدم عمل كثير من الرجال , و يبدو منطقيا ان نتغذى نتيجة لذلك .

و عبرت كارول عن رأيها في قوة . و انتقلت نظرة شارلين من الواحدة الى الأخرى ثم تنهدت تنهيدة عميقة و قالت : _ و بعد اسمعا انني استسلم .

و اسرعن نحو الباب و نزلن الى المقطورة حيث استقبلتهن عاصفة كبيرة من الضحك و صاحت إليزا و هي تستنشق الرائحة اللذيذة للشواء المصحوبة بالبطاطا اللذيذة .

_ لدي انطباع بانني عدت الى الحياة .

و لاحظ بن شارلين و هي تتذوق كل لقمة في سرور صامت و كان قد وصل الى ملاحظة اول نصر .

و في نهاية اسبوعها الاول في النادي طلبت العمة لاني الى العاملين ان يبنوا نوعا من الكلة المغطاة امام المقطورة لكي تحول الكلة دون البعوض و كان هذا يغلق صحن الدار المعد على عجل حيث يمضي الجميع ساعات بهيجة للغاية في المساء يشربون عصير العنب الهندي و هم يستمعون الى لاني و هي تعزف على آلة الإيكيليه المحليه و من حين الى آخر كان بن يخرج الجيتار الخاص به لكي ينضم اليها . و كان الآخرون يغنون حينذاك في صوت خافت بينما كان تلاطم الامواج البعيدة يشكل نوعا من الموسيقى الحزينه .

و كانت جماعتهم الصغيرة تتجمع اكثر فأكثر في اسرة تحلم احيانا بأن تبتسم شارلين بذاتها اسرة غريبة الاطوار قليلا وودودة .

و في كل مرة كان العمل يسمح لكيمو ان ينضم اليهم بعد العشاء كان يجذب كرسيا قريبا من كارول و اذا لم تمزج صوتها الجميل الواهن بصوت المغنين كان يضطرها الى الكلام معه وللأسف لم تكن كارول الخجولتجيب اكثر الوقت الا بكلمات من مقطع واحد .

و ذات يوم بعد ان تشاورت شارلين و إليزا صممتا على التدخل فطرحت إليزا هذا السؤال اثناء فترة السكوت القصيرة التي اتفقت لهما بعد الظهر

: _ لماذا تظهرين البرود لهذا الرجل الجذاب الودود للغاية بقدر ما يهتم بك ؟ اعترف اني لا افهم !!

و قاطعهن دخول العمة لاني التي احضرت ابريق ليموناده و اكوابا

و قالت احداهن مهددة اياها بإشارة من سبابتها :

_ انك ستجعلينني اشرب هذا فورا انكن ستجففن في الشمس انه لأمر سيء جدا للون الوجه و الرجال لن ينظروا اليكن بعد الآن .

و جلست العمه لاني فوق العشب بجوارهن و شرحت هذه الثرثاره إليزا قائلة : _ انني كنت اؤنب كارول الا تحسبينها قاسية جدا مع هذا المسكين كيمو يا عمه لاني ؟

فأجابت المرأة الهاواينية في نبرة حادة : _ نعم كيمو جذاب و امين و انت انيقة و جميلة يا كارول سيكون لك معه اطفال رائعون .

صارت كارول تحت لونها البرونزي قرمزية اللون وحدجتها العمة لاني بنظرة قاسية و غمغمت كارول : _ و بعد هذا ليس شيئا يرى مع كيمو نفسه ببساطة انني ... انني كنت متزوجة فيما سبق و لم ينجح زواجي و ليست لدي الرغبة في اعادة الكرة .

وضعت العمة لاني تحت ذراعها يدا صغيرا سمراء سمينة ذات اظفار مصبوغة و قالت برقة : _ انك لم تجدي الرجل المناسب و ذلك كل شيء انه لم يكن يعرف كيف يحبك اما كيمو فهو يعرف ذلك و يتفق هذا مع النظرات التي يلقيها عليك .

و افترت شفتاها فجأة عن ابتسامة و قالت : _ لقد كان لي ثلاثة ازواج : احدهم توفي و الثاني هجرني و انا هجرت الثالث و هو انجليزي مجنون الى حد ما و بعد رغم هذا فانني سأكون مستعدة لان اكرر ذلك غدا اذا وجدت رفيقا مناسبا .

و قد جعلها طيشها و حبها الحماسي للحياة تسر لان ترى ذلك .

و انتهت الى القول : _ و بعبارة اخرى سوف تكونين مخطئة ان تثبطي همتك في اول محاولة .

و فضلا عن ذلك تركزت عيناها على شارلين .

: _ و انت نفسك يا عزيزتي شارلين لا يجب ان تجري هكذا بسرعة اعطه على الاقل فرصة ان يلحق بك انك تفهمين الى ماذا يشير تلميحي أليس كذلك !!

كان هذا دور شارلين في ان تنفعل فألقت نظرة تحقير على إليزا التي كانت تضحك من طرف خفي ثم انصرفت العمة لاني و احاطت سارلين كتفي كارول بذراعها بمودة .

: _ انك تعرفين انه لذا اكدت لاني انك جميلة فذلك لانه صحيح فضلا عن اننا جميعا نعرف ذلك و عبرت عن نفسها في رعونة الى حد ما و لكن بإخلاص يا للأسف و غمغمت كارول و هي تغضي ببصرها .

_ انني اتخيل انه يجب ان يكون المرء كفؤا لان يحب نفسه ان هذه ليست حالتي .

و انصرفت بخطى نشيطة .

و جعل المنظر شارلين تفكر ماذا تفعل لكي تجعل كارول تثق في نفسها و في توترها تذكرت ان لاني قد طرحت ملاحظة اخرى .