آخر 10 مشاركات
غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          1011 - ها قد اتت المتاعب - ديبى ماكومبر - د.نـــ (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] نار الغيرة تحرق رجل واطيها،للكاتبة/ black widow (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حَــربْ معَ الــرّاء ! (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          مرحبا ايها الحب -عدد ممتاز- بوليت أوبري - روايات عبيرجديدة [حصرياً فقط على روايتي] (الكاتـب : Just Faith - )           »          `][جرحتني كلمتهاا][` (الكاتـب : بحر الندى - )           »          نار الغيرة تحرق رجل واطيها ....للكاتبة....black widow (الكاتـب : اسيرة الماضى - )           »          وصية الزوج (الكاتـب : Topaz. - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-06-10, 01:00 PM   #11

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتربت من غلين أكثر وأمعنت النظر في ملامح وجهه ، وفجأة تراءى لها وجه جبرد ، كان الشبه بين العم وابن أخيه طفيفاً ، فقد كان وجه جيرد يدل على العزيمة والقوة ، بينما وجه غلين أكثر رقة وضعفاً ، ولك تنكر بينها وبين نفسها أن غلين وسيم الطلعة على الرغم من الجروح التي تحيط بعينيه المغمضتين ، أما من حيث الطول فقد بدا وهو ملقى على فراشه أنه ليس أقصر من عمه إلا بالشيء القليل0
عادت إلى مقعدها ثانية ، وحاولت ألا تفكر بجيرد ، ولكن هذا لم يكن سهلاً عليها 0 ترى ماذا قال لوالدة غلين ؟ هل شرح لها الحالة كما هي ؟ هل أخبرها عن اختفاء فالنتينا ؟ أم أنه أخفى هذه الحقيقة أيضاً كما فعل مع غلين ؟ إذا كان ضميره لم يؤنبه على خداع ابن أخيه ، ووجد لذلك مبرراً فلماذا لا يخدع أرملة أخيه ؟ وهو يستطيع أن يسكت هذا الضمير على ما يبدو ، مدعياً أن لا فائدة ترجى من إزعاجها بلا سبب 0
نظرن إلى ساعتها ثانية ، وكانت تشير إلى السابعة ، ترى كم من الوقت ستبقى هنا ؟ وكم من الوقت سينام غلين أكثر من ذلك ؟ حتى ولو كانت هي صديقته ، وهو فارس أحلامها فلا أحد يتوقع منها أن تجلس طيلة هذا الوقت إلى جانبه 0
أخذت تفكر في طول غياب جيرد ، شعرت بالدم يجري حار في عروقها 0 أين يقضي جيرد وقته الآن ؟ فهو لم يشأ أن يضيع وقته جالساً بالقرب من ابن أخيه ، لا شك أنه الآن في الفندق يستريح ، ويتمتع بالمناظر الأخاذة التي تحيطه خاصة وأن هناك من يجلس إلى جانب غلين طالما أن كاترين موجودة لتمثل له القصة التي اختلقها !!
حركة عند الباب أبعدتها عن أفكارها وأعادتها إلى الواقع ، فالتفتت لترى جيرد يدخل ثم يغلق الباب بهدوء خلفه 0 حياها في لطف 0 ثم سألها إن كان قد طرأ تغيير على حالة غلين ، أخبرته أن لا تغيير هناك ، وأضافت :
((جميل منك أن تعود ))
وقف جيرد بجانب فراش غلين وأخذ ينظر إليه ، ثم التفت إليها وأجاب :
(( آسف على تأخري ، ليزا لم تكن في البيت عندما اتصلت بها في المرة الأولى ، ولم أتمكن من الاتصال بها حتى موعد الغداء ))
(( موعد الغداء ؟ ))
نظرت كاترين بسرعة إلى ساعتها وكانت قد قاربت السابعة والنصف ، وأما جيرد فقد هز كتفيه ، وهو يدور حول سرير غلين إلى حيث كانت تجلس وقال :
(( الوقت الآن هو بعد الظهر بقليل في بلدتنا ))
وأخذ يحدثها عن بلدته ، وعن بيته ، لكن كاترين أبت الدخول في مثل هذا الحديث وصاحت غاضبة :
(( كم ساعة تتوقع مني أن أبقى جالسة هنا يا سيد جيرد ؟ أنا بالحقيقة أضيع وقتي ))
((أنت قلت أنك ستبقين حتى يستيقظ غلين ، وأنا لا أعرف كم يطول ذلك ))
((ولكن من الممكن أن يستمر في النوم طوال الليل ))
(( أخشى ذلك 000يا فالنتينا ))
أحنت رأسها متجاهلة نظراته :
(( أنا متعبة ، وأريد أن أذهب إلى الحمام لأغسل وجهي ))
(( تجدين الحمام تحت الممر تماماً ، عودي بسرعة ))
وعندما عادت وجدت جيرد جالسا ً على الكرسي الذي كانت تشغله ، ولكنه هبّ واقفاً وسار نحوها قائلاً بصوت منخفض :
(( ممرضة الليل كانت هنا منذ لحظة ، وفي رأيها ، أنه من الممكن أن ينام غلين ثلاث أو أربع ساعات أخرى ، وهي تقترح أن أصحبك لتأكلي بعض الطعام ، ثم نعود ))
صاحت كاترين :
(( لا أستطيع ، لن أفعل ذلك ))
قال جيرد بصراحة :
(( أخشى أنك ستفعلين ما أقول 000))
(( ولكن سيمون ؟ ))
رفع جيرد أصبعه إلى فمه مشيراً باليد الأخرى إلى الرجل الذي في الفراش ، مما اضطر كاترين أن تتوقف عن إتمام ما كانت تريد أن تقول 0
ثم قال :
((يوم واحد يا كاترين ، أكثير أن أطلبه منك ؟ ))
هزت رأسها دلالة على القبول وقالت :
(( لكنني لا أستطيع الخروج معك بهذا الهندام 000))
تملل جيرد يريد الاعتراض ولكنها لم تترك له مجالاً للحديث وتابعت كلامها :
(( سأذهب إلى المنزل ، أغتسل وأبدل ثيابي ثم أعود ، وطالما أنت هنا فإن غلين لن يحتاج إلي ))
هز جيرد رأسه وقال :
((سآتي معك ، وانتظرك ، ثم أعود بك ، وهذا من أجل السرعة فقط ))
بصعوبة استطاعت كاترين أن تخفض صوتها وهي تقول :
(( ماذا تعني ؟ أنت لا تثق بي ولا تصدق أني سأعود 0ليكن في علمك أنا لا أكذب ياسيد جيرد ))
غمغم بخشونة :
(( بحق الله 00كفي عن مناداتي سيد 000قولي جيرد فقط ، وإني آت معك مهما تبدين من اعتراض 0 أنا لا أريد أن يغير سيمون خطتي ويهدم ما بنيت ويجعلك تتجاهلين الفكرة من أساسها ))
(( ولكنه ، لا يستطيع أن يفعل ذلك ))
(( لا يستطيع ؟ !! ومع ذلك سآتي معك ))
تركا غلين بين يدي ممرضة قديرة 000قالت :
(( لا تقلقي يا آنسة ، سأعتني به جيداً ، تمتعي بفترة من الراحة ، يبدو عليك أنك بحاجة إلى ذلك ))
بينما كانا يسيران نحو المصعد قال جيرد :
(( أنت تلعبين دورك بإتقان ، حتى أنني كدت أن أصدق أنك تهتمين بغلين ))
(( أنا اهتم بغلين فعلاً ، كما اهتم بأي إنسان في مثل وضعه ))
(( إلى أي حد ؟ إني لأعجب ))
وعندما وصلا إلى العمارة حيث تسكن ، لم تجد أثراً لسيارة سيمون في المرآب ، فأحست أنها تخلصت من مأزق حرج ، وقالت في نفسها : لا شك أنه ينتظر مكالمة منها حسب وعدها ، فإذن عليها أن تتصل به مرة ثانية ، في أية حال أحست أنها مذنبة بحقه 0
نزلت من السيارة ، وكان المساء بارداً جداً فأسرعت تدخل المبنى إلى المصعد ، ظنا منها أن جيرد سينتظرها بالسيارة ، ولكن يبدو أن هذا لم يكن رأيه ، بل كان وراءها مباشرة 0 ولما توقف المصعد في الطابق السادس ، سارت في الممر تبحث عن المفتاح في حقيبتها ، ولما فنحت الباب كادت تتعثر بشيء ، فانحنت لتلتقط الظرف الذي وجدته ملقى على الأرض 0 وتطلعت إلى جيرد مدهوشة تبحث عن تفسير لذلك 0أخذ قلبها يخفق بشدة ، وسألت نفسها ، ترى ممن هذه البرقية ؟
أغلق جيرد الباب واتكأ عليه سائلاً :
(( ألا تريدين أن تفتحي الظرف ؟ )

قلبت الظرف بين يديها بأصابع مشدودة ، في انتظار معرفة ما يمكن أن يحمله في طياته 0
خيم الصمت عليهما بضع لحظات ، اقترح جيرد بعدها أن يفتح الظرف بدلاً منها ، ولكنها هزت رأسها بالنفي ، والحقيقة أنها كانت تدرك ما يمكن أن يحتويه هذا الظرف 0
ابتعدت عن جيرد وتقدمته في المدخل حيث أنارت المكان وبيدين مرتعشتين فتحت الظرف وأخرجت منه الورقة الوحيدة الموجودة فيه ، كانت برقية مختصرة جداً وبسيطة جداً في ذات الوقت ، كانت من فالنتينا تماماً كما توقعت :
- ذهبت إلى جوبورغ ، لاتقلقي ، والدي سيعتني بي 00فالنتينا 0


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:04 PM   #12

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

قرار متسرع



تناول جيرد البرقية من يد كارين ، بينما كانت تلقي بنفسها على الأريكة بعينين شاردتين لا تدري ماذا تقول ، فلم تكن بحاجة إخفاء الحقيقة عنه ، خصوصاً وهي متأكدة أنه سيعرفها حتماً 0
قرأ جيرد البرقية وقال بهدوء
((كنت أظن أن أباك يعيش في جوهاتسبرغ ))
((إنه يعمل هناك بالفعل ، ولكنه لم يسبق وأن دعا أياً منا للحاق به ))
(( لا أظن أن فالنتينا يهما ذلك على الإطلاق ، المهم عندها ان تنفذ بجلدها فقط ، أما أن يعيش غلين أو يموت ، فهذا أمر ألقت به بعيداً عن ذهنها ، لست أدري كيف كانت تحبه ، وهي لم تنتظر على الأقل لتعرف ما سيؤول إليه أمره!!))
هزت كاترين رأسها ، وهي تحس بالألم يعصر قلبها ، كيف استطاعت فالنتينا أن تتصرف مثل هذا التصرف ؟!! تترك غلين بين الموت والحياة وتتركها هي تتحمل نتائج أعمالها الطائشة 0
ألقى جيرد البرقية أمامه على الطاولة ثم أضاف :
((حسناً ، على الأقل عرفت الآن أين ذهبت أختك))
لم تعد لدى كاترين القدرة على التفكير ، وأجابت مترددة :
(( نعم 00ماذا سيحدث الآن ؟ ))
((تبدين مرهقة الأعصاب جداً 0 دعيني أفكر بالأمر ، واذهبي هيئي نفسك للعودة ، هل لديك قهوة ؟ ))
(( نعم ))
(( اذهبي 0 وأنا سأحضر القهوة ))
وقفت كاترين لحظة وهي مذهولة ، لا تدري ماذا تفعل ، لم يكن أمامها سوى الطاعة لقد ذهبت فالنتينا ، وأخذت جميع أغراضها ، وغادرت البلاد من دون أن تترك ولو كلمة صغيرة تنبئ أختها بمكانها ، والآن ترسل إليها برقية موجزة من مطار هيثرو ، وهي متأكدة أنا لن تستطيع الوصول إليها ، إلا بعد أن تكون قد أمنت على نفسها ، وبلغت مقر أبيها بسلام 0
خرجت كاترين من الحمام ومازال الذهول يخيم عليها ، وأخذت تخرج ثيابها من أحد الأدراج ، وهي تلف جسمها بمنشفة زهرية اللون يتهدل شعرها العسلي الحريري على كتفيها يزيد جمالها سحراً وفتنة 0
اعتقد جيرد أن كاترين ما زالت في الحمام عندما ناداها ولم يسمع الرد فدخل الغرفة يحمل فنجان القهوة ، وفوجئ بها ، ولكنه لم يلتفت إلى احتجاجها الصارخ ، ووضع الفنجان أمامها فوق الدرج ، وقال آسفاً :
(( حقاً أنا آسف ، ظننتك في الحمام ، عندما ناديتك ولم تجيبي ، عفواً إني أكرر اعتذاري ، أنا آسف ))
صاحت وهي ترتعش :
(( أخرج من هنا ))
(( أنا خارج ، تمتعي بقهوتك ))
لحقت كاترين بجيرد في غرفة الجلوس ، بعد ربع ساعة تقريباً ، وهي بعد خجلى ووجهها الفاتن لا يزال يتألق بحمرة الخجل ، كان جيرد يستلقي على الأريكة بارتياح وقد خلع سترته بحرية كأنه في بيته ، نظر إلى وجهها ، مركزاً نظره على عينيها ، وسألها وهو يقف :
(( هل أنت مستعدة ؟ ))
(( مستعدة ؟ مستعدة لأي شيء ؟ ))
ثم نظر إلى بنطالها البني المخملي ، وإلى قميصها ذي اللون العنبري 00إنها لم تكن مستعدة للخروج ، وأضافت :
(( هل سنعود إلى المناقشة ثانية في هذا الموضوع؟ يا سيد جيرد فريزر 0000))
(( جيرد ، من فضلك ))
(( حسناً ، جيرد ، بالتأكيد إن برقية فالنتينا غيرت كل شيء الآن ))
(( بأي طريقة ؟ ))
(( بأي طريقة ؟ بكل الطرق سيد جيرد ، فالنتينا كما تعلم لن ترجع ، ولو أنها تريد ذلك لما رحلت ، وأنا لا أعرف ماذا أنت فاعل ))
(( أنت محقة ، أنا لا أستطيع أن أفعل شيئاً على ما يبدو ))
((حسناً إذن 000))
قالت ذلك وهي تلمح إليه بالخروج ، ولكنه قال :
(( حسناً إذن 000ماذا تعنين بذلك ؟ لعلك تعنين أنك لست عائدة معي إلى المتشفى ؟ وأنك ستتركين غلين يصاب بنكسة عندما يكشف ما فعلته أختك ؟ ))
(( ولكن ما ذنبي أنا في كل ذلك ؟ كان على ابن أخيك ألا يدع فالنتينا تقود السيارة من البداية ))
نظر جيرد إلى شفتيها المرتجفتين وقال :
(( أنا أعلم بأنه لا ذنب لك ، وأن ابن أخي هو الذي سمح لها بأن تقود السيارة ، ولكن هل هذا يعني أنه يجب أن يقاسي كل هذا العذاب ؟ ))
بدا الارتباك على كاترين وهي تقول :
(( جيرد ، أرجوك ، أنا لا استطيع الاستمرار في هذه اللعبة ))
نظر جيرد إليها نظرات بعثت القلق والاضطراب في نفسها ، ثم قال :
(( كاترين أرجوك ، إنها مدة مؤقتة ، فقط حتى يستعيد غلين بصره ، ويصبح قادراً على تحمل الصدمة ، وعندها سيكشف الحقيقة بنفسه ، أكثير علي أن أطلب منك الاستمرار بالتظاهر أنك فالنتينا ، إلى ذلك الحين ؟ ))
لم تستطع كاترين إخفاء التعاسة التي ظهرت في عينيها وانعكست على وجهها ، وقالت :
((أنت لا تعرف ما تطلب مني 000))
(( أظن أنني أعرف ))
(( ولكن سيمون لا يرضيه 00 ))
(( أنا متأكد أنه لا يرضيه ( قاطعها بخشونة ) ولكن لا تنسي أن غلين يتأرجح على حد السكين بين الموت والحياة ))
قالت باحتجاج :
(( حتى غلين نفسه لا يرضى 000))
هز جيرد رأسه وقد علت وجهه مسحة من الكآبة وقال :
(( أنا أعلم أيضاً أنه لا يرضيه عندما يعلم بذلك ، لكن ليس الآن يا كاترين ، لساعده الله ، فهو يحب أختك كثيراً جداً ، فهل أنت مستعدة لأن تخبريه أن شقيقتك تركته على هذه الحال ، وهربت منه ؟ ))
استغرقت كاترين في التفكير في كل ما حدث وما سيحدث ، وصحت على صوت جرس الباب ، قدرت أن يكون سيمون هو الطارق ، اعترفت بأنها لم تعد تقوى على احتمال مشاحنة عدائية ثانية بينهما ، ولكن ، كان عليها أن تفتح وتدخله ، وبإيماءة حائرة من رأسها ، اتجهت نحو الباب 0
كان جيرد أسرع منها ، وأعترض طريقها ممسكاً بذراعها ، وقال بصوت منخفض حنون :
(( حسناً ، ما هو قرارك ؟ ))
قالت كمن لا حول له :
(( قراري ؟ جيرد هناك من يقف بالباب ))
ومن غير أن يسمح لها بالمرور قال :
(( إنه سيمون ، لا أشك في ذلك ، كاترين أريد أن أعرف ما هو قرارك قبل أن تفتحي الباب ))
هزت كاترين رأسها :
(( أنا لا أعرف بعد ))
(( إذن فكري ))
رن جرس الباب ثانية ، فقالت :
(( جيرد ، دعني أمر ، سيمون سيتساءل عما يحدث هنا ))
حاولت جاهدة أن تبعد ذراعه عن طريقها ، ولكنه كان قريباً ، قريباً جداً منها 0 ملأت رائحته العطرة رئتيها ، وأحست بقوته ، فداخلها هلع مفاجئ 0 يا الله إذا لمسها الآن فإنها لن تستطيع أن تقاوم0
نظرت إلى عينيه بعجز ورجاء ، فرأت فيهما انعكاساً لمخاوفها ، لا شك أنه عرف بما يدور في رأسها ، مما زاد في ارتباكها ، وفي لحظة أحست أنها طليقة ، ومن دون أية كلمة أزاح ذراعه وابتعد عن طريقها ، لم تحاول كاترين أن تلتفت إلى الوراء ، بل أسرعت إلى الباب تفتحه 0
لم يكن هناك أحد ، أطلت برأسها إلى الخارج ، فرأت سيمون يعبر الممر عائداً إلى المصعد 0 مرّ في خاطرها للحظة أن تتركه يرحل ، ولكن عقلها جعلها

تنطق باسمه 0
التفت إليها ، وهتف باسمها عائداً يسرع الخطى 0
(( كاترين حبيبتي ، يا للسماء 00ظننت أنك لم تصلي إلى البيت ))
أحست كاترين بارتباك شديد ، فأفكارها مشغولة بأمور أخرى ، أمور فضلت أن تبعدها عن ذهنها ، وألا تفكر فيها مطلقاً 0
تبعها إلى الداخل ، وألق الباب خلفه ، وأضاف :
(( لقد اتصلت بالمشفى ، ولكنهم أخبروني أنك ذهبت إلى البيت 000))
(( أخبروك ! لماذا اتصلت بالمشفى ؟ ألم تستطع الانتظار ؟ ))
أجاب سيمون بشيء بغرور :
((لا تنزعجي ، فأنا لم أخبرهم من أكون ، قولي الحقيقة يا كاترين ، ألست تأخذين المسألة بجدية أكثر من اللازم ؟ إنها ليست قضيتك ))
(( سيمون أرجوك 000))
حاولت إسكاته مخافة أن يسمع جيرد كلامه ، ولكن سيمون عزم على أن يقول كل ما يريد قوله ، دافعاً بها أمامه إلى غرفة الجلوس ، وهو يقول :
((إن مشكلة فالنتينا مشكلتها وحدها ، ولا تخص أي إنسان آخر ، حتى ولو كان أختها ، ولا يمكنك أن تستمري هكذا في حمايتها ، فالنتينا ناضجة بما فيه الكفاية ويمكنها أن تعتني بنفسها ن وإذا كان نصف ما قاله جيرد حقيقة 000من ؟ جيرد فريزر ؟!!))
(( هذا ما كنت أحاول قوله لك يا سيمون ))
تمتمت وهي تحس بالتعاسة تخيم عليها ، ولما رأت جيرد وقد لبس سترته في غيابها ، أضافت :
(( لقد 00لقد وصلنا لتونا من المتشفى ))
(( حقاً ؟؟))
(( نعم حقاً وعلي أن أعيدها إلى هناك ، هل أنت آتية كاترين ؟ ))
أدخلت كاترين يديها في جيبها ، وهي تحرك كتفيها في ضعف ، وعيناها تنطقان بالبؤس ، من دون أن تجيب جيرد على سؤاله ، وجهت كلامها إلى سيمون ثانية :
(( جاءتني برقية من فالنتينا ))
تمتمت وهي تشير إلى البرقية على الطاولة :
(( اقرأها ))
هز سيمون كتفيه بلا مبالاة ، ولكن حب الاطلاع دفعه لكي يتناول البرقية 0بعد أن قرأها أعادها إلى كاترين مرة أخرى ، وقد أحمر وجهه غضباً ، وهتف صارخاً :
(( تلك الشيطانة الصغيرة ، لقد وجدت لنفسها مكاناً تأوي إليه ))
قالت كاترين :
(( هذا ما يبدو ))
سأل جيرد :
(( هل اختفى جواز سفرها أيضاً ؟ ))
بعد أن بحثت كاترين عنه ، عادت إليهما وهي تهز رأسها بالإيجاب 0
وضع سيمون ذراعه على كتفها من غير كلفة وقال :
(( إذن هي بالفعل سافرت إلى أبيها ، وهذا يجعلك خارج الشرك الذي أعد لك ))
قال سيمون ملاحظته الأخيرة وهو ينظر بطرف عينيه إلى جيرد ، أما جيرد فقد هز كتفيه بلا مبالاة ، وسأل كاترين متجاهلاً سيمون وكلامه تماماً :
(( هل أنت قادمة معي ؟ ))
((بالتأكيد لا ، إنها ليست قادمة!))
سيمون هو الذي أجاب وهو يرفع ذقنه بعداء00وتابع :
(( يا سيد جيرد ، لقد صبرنا كلانا عليك كثيراً وكنا لطيفين معك للغاية ))
تجاهله جيرد وسأل كاترين :
((حسناً كاترين القرار الأخير هو لك 00))
ولكن في الواقع أنه لم يكن قرارها ، وهو يعرف ذلك ، فإذا حصل شيء لغلين فهي لن تسامح نفسها أبداً
(( آسفة سيمون ))
سحب سيمون ذراعه من كتفيها ببطء ، وسأل :
(( أنت ذاهبة معه ؟ ))
(( يجب أن أفعل ))
(( كاترين ، يجب ألا تفعلي شيئاً ))
نظرت إلى جيرد 00وقالت :
(( بل يجب ، لبعض الوقت ، ياسيمون ، يجب أن استمر في التظاهر بأنني فالنتينا ، ولكن حالما يصبح غلين بصحة تسمح له لأن تقال الحقيقة 000))
قاطعها سيمون بغضب :
(( وكم سيأخذ من الوقت هذا الشفاء ؟))
(( بضعة أيام ))
ردد سيمون ساخطاً :
((بضعة أيام وأظن أنه يجب علي أن أمضي في طريقي بينما حبيبتي كاترين تلعب عند غلين دور المحبة الحزينة ))
(( سيمون – أرجوك – إنه أقل شيء يمكنني أن أفعله ، ألا تدرك ذلك ؟))
(( بصراحة ، لا ، ولا يهمني كثيراً ما يحدث لغلين أو لعم غلين أيضاً ))
هز جيرد كتفيه بعدم اكتراث ، ومن أجل كاترين ابتلع الاهانة ، وسار نحو الباب ، وعندما التقت عيناها بعينيه ، أحنى رأسه ، وقال بصوت ملئ بالمعاني :
((سأنتظرك في السيارة ))
هزت كاترين رأسها تعبيراً عن شكرها 0 ولما غادر جيرد ، أمسك سيمون بكتفيها وهزهما وقال غاضباً :
(( كاترين ، لا تفعلي ، إنك تتلفين نفسك 000))
لمست كاترين وجنته بلطف ورقة ، وقالت :
(( إنها أيام فليلة يا سيمون 00لا تقلق أستطيع أن أقوم بهذه المهمة ، فأنا لا أريد لهذه العائلة أن تقع في مصائب أخرى ))
(( آه حسناً ، أرى أنك مصممة ، لم يعد عندي ما أقوله حتى أثنيك عن عزمك ، ولكن كل ما آملة الآن أن تعرفي تماماً ما أنت مقدمة عليه !))
مضى سيمون في طريقه يملؤه الغضب والحزن ، أما كاترين فقد صحبت جيرد إلى مطهم صغير غير بعيد عن المتشفى 0 أرادت أن تطلب طعاماً خفيفا ، ولكن جيرد أصر على أن يقدم لها وجبة كاملة 0 وفي النهاية وعلى غير ما توقعت أكلت كاترين كل ما قدّم لها دلالة على جوعها الشديد ، أما هو فلم يأكل إلا قليلاً ، وأخذ يحدثها عن حياة غلين في لندن 0حدثها باختصار عن سبب التحاقه بالجامعة في لندن ، وعن مكان سكنه ، وهواياته ، وبما أنها كانت تدرك شخصية أختها السطحية ، فإنها كانت متأكدة إن فالنتينا ، لم تكن لتعير اهتماماً لماضي غلين أو حاضره!! فقد كان اهتمامها الرئيسي ينصب على الحفلات والمسرات فقط ، وطالما أن غلين يستطيع تحقيق ذلك لها ، فقد بقيت على صلة به ، وإلا فإنها علىاستعداد أن تتركه بأية لحظة ، أنه من المدهش حقاً أن لعوباً مثل فالنتينا ، يمكنها أن تثير عواطف غلين الصادقة إلى مثل هذا الحد ، وتسألت كاترين ، ترى إلى متى يجب أن يبقى مخدوعاً هكذا ؟
كانت الساعة قد تجاوزت 11 عندما استيقظ غلين ، فجف حلق كاترين عندما رأته يتحرك ، يا الله لماذا أختار جيرد تلك اللحظة بالذات ليذهب ، ويتكلم مع الطبيب ؟!! لقد بقي مدة جالساً معها صامتاً ، مخافة أن يصحو غلين على حديثه ، ولكن الذنب لم يكن ذنبه ، الطبيب المختص هو الذي طلب منه أن يلحق به في مكتبه بعدما زار غلين وعاينه 0
(( فالنتينا ؟!!))
إنه مما أزعج كاترين حقاً ، أن يكون اسم أختها هو أول كلمة تخرج من شفتيه ، عندما استيقظ ، فانحنت إلى الأمام ولمست بخفة وجنته ، وقالت :
(( أنا هنا غلين ))
(( فالنتينا ))
نطق اسمها ثانية ، وهو أكثر وثوقاً من نفسه ، وبدت عيناه الزرقاوان كأنما تنظر إليها :
(( كيف 000كيف تشعر ؟ ))
قالت كاترين ذلك وهي تنظر نحو الباب وتتمنى عودة جيرد في أسرع وقت ، وتابعت :
((لقد نمت عدة ساعات ، ألست جائعاً ؟ ))
كشفت شفتا غلين عن أسنان بيضاء كالثلج بابتسامة حلوة ، وأصابعه تمسك بمعصمها يقربها منه ، قال :
((هل كنت جالسة هنا طيلة هذا الوقت ؟ ))
(( عمك أخذني لأتناول شيئاً من الطعام ، وماعدا ذلك كنت أجلس أراقبك وأنت نائم ))
سرت رعشة في عروق غلين وهو يحاول جاهداً أن يتمسك بكاترين ، وقال :
(( صورتاي ليست جميلة ، أعرف ذلك ، وأظن أنك لا تستطيعين النظر إلي ))

كتمت كاترين تنهيدة أسى في صدرها ، أما غلين فقد غير مجرى الحديث وسأل :
(( هل جيرد هنا ؟ ))
(( لقد ذهب مع الطبيب في مكتبه ))
((جيرد رجل غريب،أليس كذلك ؟ جميعنا نعتمد عليه ))
قالت : ((الجميع ؟!))
(( أعني أنا وأمي ، وأبي ، وبقية الرجال 000))
(( علمت أن أباك قد توفي ))
خرجت الكلمات من فمها على غير وعي منها ، وتمنت لو أنها لم تتسرع لكن لم يبدو على غلين أي انزعاج من كلامها ، وقال :
(( أبي قد توفي منذ مدة ، والذي أعنيه هو جدي ، والد أبي ))
(( أني متأكدة أن جميع أفراد أسرتك سيسرهم أن يعلموا أنك تتماثل للشفاء ))
سكتت عن الكلام جافلة ، عندما أحست بأصابعه تقبض بقوة غير متوقعة على معصمها ، ويقربها منه وهو يسأل :
(( هل سأشفى حقاً ؟ هل سأكون بخير ؟ هل سمعت أي شيء عن حالتي ؟ فالنتينا ، هل هناك ما تخفونه عني ؟ أرجوك أخبريني ))
استطاعت كاترين أن تتحرك بصعوبة في مقعدها ، نظرت نحو الباب ، تتمنى دخول أس إنسان كي ينقذها ، ولكن الباب بقي مغلقاً ، وكان لزاماً عليها أن تعيد الطمأنينة إلى نفسه ، فقالت محاولة أن يكون صوتها صوت الواثق من نفسه :
(( بالتأكيد ، بالتأكيد ستكون بخير ، إن جروحك ليست عميقة كما تعتقد وهي فقط حول عينيك 00كان من الممكن أن تصاب بارتجاج في الدماغ ، ولكن ليس هناك سبب 000))
قاطعها وعلامات الإرهاق تبدو في نبرات صوته :
(( فالنتينا ، ولكني أعمى !! ألا تدركين ذلك ؟ إني أعمى و لا أستطيع أن أرى شيئاً ، ماذا سيفعلون من أجل استعادة بصري ؟ ))
(( لا أدري ماذا سيفعلون ، ولكني أعرف أنه عمى مؤقت ويحدث أحياناً بعد الصدمات ))
(( هل أنت متأكدة حقاً ؟ ))
تملك كاترين أسى عميق ، فهو مع كل ما جرى له ، لم يحاول توجيه حتى ولا كلمة لوم واحدة لها ، وقالت تضغط على ذراعه بتردد :
(( أنا متأكدة ، ولكن المسألة تحتاج إلى وقت ، هذا كل ما في الأمر ))
فجأة قال غلين بصوت هامس :
(( أنا لم أخبرهم بشيء ، لا يمكن أن أفعل ذلك ، لم تكن غلطتك ، أنها تلك القطة 000، فالنتينا حبيبتي كوني مطمئنة ، ولا تقلقي ))
أسعفها دخول الممرضة الليلية إلى الغرفة ، وهي تسأل :
(( هل استيقظ مريضنا ؟ ))
ثم تقدمت منه وتابعت بروح مرحة ، تلك الروح التي تتطلبها مهنتها :
(( كيف تشعر هذا المساء يا سيد غلين ؟ هل ستدع الآنسة فالنتينا تذهب إلى البيت لتنام قليلاً ؟ ))
سأل غلين بارتباك :
(( كم الساعة الآن ؟ ))
نظرت الممرضة إلى ساعتها وهي تقترب منه لتجس نبضه ، وقالت :
(( إنها الحادية عشرة والنصف تقريباً ، والطبيب سينغ ، سيأتي الآن ليراك وأنت مستيقظ ، وإني أقترح أن تذهب الآنسة فالنتينا لترتاح الآن ، وتعود إليك في صباح الغد))
وقفت وهي تشعر بالامتنان لهذه الممرضة التي أنقذتها من هذا الموقف ، وقالت :
(( نعم , نعم سوف آتي في الغد ))
أمسك غلين بأصابعها وسألها :
(( هل سيسمحون لك بذلك ؟ أليس لديك عمل في الغد ؟ ))
ثم التفت إلى الممرضة وأضاف :
(( فالنتينا ممرضة أيضاً ، في سنتها الأولى في مشفىسانت ماري ، وهكذا سأكون في أيد أمينة عند عودتي إلى البيت ))
اضطربت كاترين وأحمر وجهها ولكن الممرضة كانت مشغولة بمعالجة غلين فلم تلحظ ذلك ، وقالت من دون أن تنظر إليها :
((أنا أعرف ممرضة هناك ، اسمها مارغريت فليمنغ ، هل تعرفينها ؟ ))
(( الاسم مألوف لدي 00من الأفضل أن أذهب الآن ، سوف أراك غداً ))
انحنت كاترين وصافحت غلين مودعة بلطف ، أراد غلين أن يحتج على هذا الوداع العادي ، لكن الممرضة لم تترك له فرصة لذلك ، فأخذت مكانها وابتدأت ترفع كم قميصه لتقيس ضغطه0
ولكنه قال وعيناه غير المبصرتين في اتجاهها :
((حسناً ، سوف أراك غداً 00أريد ان أقول 000))
قاطعته الممرضة ن وقد أحست به يرتجف عند قوله (( سوف أراك ))
((حسنا سيد غلين هذه ليست الطريقة المناسبة لتودع بها صديقتك ))
اجتازت كاترين الممر وهي تحس بإرهاق شديد ن مع أنها لم تقم بأي عمل 0كان جيرد واقفاً في نهاية الممر ، مستغرقاً في مناقشة مع رجل أسمر اللون يلبس رداء أبيض ، عرفت كاترين انه لا بد أن يكون الطبيب ، فجأة رفع جيرد نظره فرآها ودعاها للانضمام إليهما ، وقدمها للطبيب قائلاً :
(( الآنسة كاترين مالوري ))
ثم وجه حديثه لكاترين :
((كنت في هذه اللحظة أشرح للدكتور سينغ ظروف وملابسات الحادث ))
رفعت كاترين نظرها إليه وقالت :
(( أنت تعني 00))
قاطعها الطبيب :"
(( يعني ، أنه أخبرني أنك لست الآنسة الصغيرة ، مع أن غلين فريزر مقتنع بأنك فالنتينا ))
عضت كاترين على شفتيها :
((وما هو رأيك ؟ ))
((عن السيد غلين ؟ أو عن خداعك له ؟ ))
(( عن الاثنين ))
قال الطبيب :
(( السيد غلين سيشفى قريباً ، جروحه ليست خطيرة ، وهو يستطيع أن يغادر المتشفى بعد أسبوع أو أقل ))
(( آه شكراً لله ))
(( أما بصره فهو مسألة أخرى ))
(( ولكني فهمت أن عماه مؤقت ))
قال الطبيب بهدوء :
(( قد يكون كذلك ، العمى الذي يعاني منه غلين هو حالة تشنج ، ونحن لا نعرف ما فيه الكفاية عن حالات التشنج العصبي هذه حتى نستطيع أن نقول بثقة كاملة متى سيعود إليه بصره ))
(( وماذا عن فالنتينا ؟ هل تظن أنه يجب أن يعرف شيئاً عنها ؟ ))
(( لا ، ليس الآن ، أنا أعرف صعوبة هذا الأمر عليك آنسة كاترين ولكن الآن ليس هو الوقت المناسب ، ليتلقى غلين هذه الصدمة ، فهو بحاجة إلى راحة واطمئنان ، وعلينا أن نتعاون على توفير هذا الجو له ))
اختار جيرد هذه اللحظة ليفجر قنبلته ، فوجه كلامه للطبيب قائلاً :
(( لقد قلت أن غلين يمكنه الخروج من المتشفى بعد أسبوع ، أليس كذلك ؟ ))
هز الطبيب رأسه وقال :
(( ربما عشرة أيام ))
قطب جيرد جبينه وقال :
(( عندئذ ، إذا أصبح غلين قادراً على السفر ، فسيرافقني عائداً إلى وطنه ، وسوف أجري له الترتيبات اللازمة مع مشفى كالجري ن ليواصلوا معالجته هناك ، وريثما يحين ذلك الوقت ، سأسافر وحدي إلى بلدي كندا لقضاء بعض الأعمال ، ثم أعود في الوقت المحدد لاصطحابه إذا لم يكن لديك اعتراض على ذلك ))
(( لا أجد أي سبب على الإطلاق يمنع ابن أخيك من السفر بعد عشرة أيام ، والرحلة ستكون ممتعة بالطائرة ))
(( أنا أملك طائرة خاصة ، وسيلقى فيها كل عناية
ورعاية ))


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:05 PM   #13

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

ارتجفت كاترين عن سماعها بأن جيرد سيتركها هذه المدة وحدها مع غلين،كما دهشت عندما عرفت أنه يملك طائرة خاصة لنفسه،إنها لم تلقمن قبل رجلاً يملك طائرة خاصة،فما هي الأعمال التي يقوم بها يا ترى؟ بدت الأمور معقدة بالنسبة إليها،وأحست أن سيمون كان محقاً عندما حذرها مما هي مقدمة عليه 0
لم تسمع كاترين ببقية الحديث الذي دار بين الطبيب وجيرد ، لأن أفكارها كانت مشغولة بوضعها ، وما ستؤول إليه حالها 0 وعندما ودعهما الطبيب ومضى نحو غرفة غلين ، التفتت إلى جيرد وقالت من غير أن تترك له مجالاً للكلام :
(( لا يمكنك أن تذهب وتتركني وحيدة مع غلين ، فأنا لا أستطيع الاستمرار في هذه اللعبة من غير مساعدتك ، إنني لا أعرف شيئاً عن غلين ، فكيف يمكنني معالجة الأمور ، عندما يحدثني عن فالنتينا ، عن المستقبل الذي يصبون إليه ، عن الذكريات التي لا أعرف عنها أي شيء ، عن الناس الذين لهما صلة بهم ، إنه في الواقع عمل جنوني ، من الجنون أني رضيت الدخول في هذه التمثيلية منذ البداية ، وأما الاستمرار فيها فهو أشد جنوناً ))
هز جيرد رأسه وقد ضاق صدره وقال :
(( هدئي من روعك يا كاترين ، أنا أعرف أنني بهذا ألقي العبء كله على عاتقك،ولكن طالما أصبح غلين قادراً على السفر فيجب أن أذهب لمهد الطريق ))
(( تمهد الطريق ؟ ماذا تعني؟!))
(( نغم أمهد الطريق ، يجب أن أرى ليزا ، يجب أن أخبرها عن حاله ، أليس من حق والدته أن تعرف كل شيء عنه ؟ ))
قالت صائحة :
(( ألم تخبرها أنه أعمى ؟))
(( اسمعي لا يمكننا أن نناقش الأمر هنا ، دعيني أخبر غلين أنني ذاهب وسأوصلك إلى البيت ))
(( لا تتعب نفسك فسوف استقل سيارة عمومية ))
صاح جيرد :
(( لا تكوني سخيفة ، لن تجدي أية سيارة في هذا الوقت ، انتظري هنا قليلاً ))
كان جيرد محقاً في قوله ، عن السيارة على الأقل ، كم كانت كاترين بحاجة لكي تنفرد بنفسها بعد كل ما سمعت ، لتواجه الأسبوع المقبل الذي ستكون فيه وحدها مع الأعمى المذعور ، زمت شفتيها بمرارة عندما فكرت بالعمى 000وهي تعلم أنها كانت هي العمياء الحقيقية عندما رضيت الدخول في هذه اللعبة 0
كان جيرد قادماً نحوها نشيطاً مليئاً بالحيوية ، على الرغم من أنه لم ينم إلا قليلا ،أو أنه لم ينم على الإطلاق في الليلة الماضية 0
(( دعينا نذهب ))
لم يكن لدى كاترين الخيار ، كان عليها أن تطيع أوامره ، بأية حال كانت تحس بأنه شخصية خلقت لكي تأمر فتطاع 0
كانت الساعة الثانية عشرة وخمس وأربعين دقيقة ، عندما وقفت سيارة مرسيدس أمام المبني ، وكاترين عزمت على ألا تصحو مبكرة في صباح الأحد ، مهما كانت الأسباب 0
عندما أرادت الخروج من السيارة ، وضع جيرد يده على ذراعها وقال :
(( أريد أن أشكرك فقط ، وإني لأقدر فيك كل ما تفعلينه لأجلنا ، وتأكدي أنك لن تكوني الخاسرة ))
تأثرت كاترين بنغمة صوته الجذابة ، ولكنها أبعدت يده عن ذراعها وقالت :
(( أنا لا أريد أي شيء منك يا سيد جيرد،إن ما أفعله ، أفعله من أجل غلين وليس من أجلك،ليلة سعيدة ))
(( كاترين 000))
سمعت نداءه وهي تسرع إلى داخل المبنى ، ولم تتوقف لترى إن كان يتبعها ، قفزت إلى المصعد من غير أن تلقي نظرة إلى الوراء
لقد أمضى جيرد طيلة صباح الأحد ، أي اليوم السابق لموعد سفره عند ابن أخيه ، وهو ما فعلته كاترين كذلك ، التي كانت اتفقت مع سيمون ، أن يأتي المساء ، كي يصطحبها لحضور حفلة فرقة بارتوك الموسيقية 0
إنه لمن الممتع حقاً بعد كل العناء الذي قاسته كاترين ، أن تجلس بارتياح في القاعة الفسيحة الفخمة ، وتترك الألحان الشجية تنساب إلى سمعها بعذوبة ، وتحس أنها استردت شيئاً من حريتها السلبية ، تتصرف بها كيفما تشاء 0
ولكن ما لم يغب عن مخليتها أبداً ، إمارات التوتر والاستياء التي ظهرت على وجه جيرد عندما أعلمته بخطتها ، وفي اليوم التالي في ظهر يوم الاثنين سافر جيرد إلى كالجري وتركها وحيدة مع غلين 0
أثناء الأسبوع الذي غاب فيه جيرد ، بذلت كاترين جهدها لتبعده عن مخيلتها ، وتقصيه عن تفكيرها ، عزمت على نسيانه ، ولكن هذا لم يكن سهلاً عليها ، فكثيراً ما كان يذكره غلين ، فيعود جيرد إلى ذاكرتها ، كانت كاترين تلمح إمارات الارتياح تلوح على وجهه ، عندما يتحدث عن عمه ، ولذا لم تكن تحاول مقاطعته أو تغيير مجرى الحديث 0
أما عن أخبار فالنتينا ، فإن والدها لم يتصل هاتفياً ، بل أرسل إليها برقية يخبرها فيها أن شقيقتها عنده ويطمئنها عليها ، كما وعدها أن يكتب لها مفصلاً في المستقبل 0
كان من الصعب على كاترين أن تجد تفسيراً لغلين عن عملها اليومي أثناء النهار ،وزيارتها له في المساء ، فمواعيد عمل أختها كانت تختلف ، فتلك كانت تعمل بعض أيام الأسبوع في النهار ، والبعض الآخر في الليل ، ولم تجد كاترين لها مهرباً إلا اللجوء إلى الكذب من جديد ، وأخبرته أنها استطاعت الحصول على إذن خاص بسببه ، يسمح لها أن تعمل نهاراً طيلة أيام الأسبوع لتقضي الأمسيات إلى جانبه 0
أصبحت أتعس الساعات وأقساها بالنسبة إلى كاترين ، تلك الساعات التي تقضيها منفردة مع غلين ، خصوصاً وأنه أخذ يتماثل إلى الشفاء ، وغدا أشد قوة وأكثر جرأة مما كان ، صار بمقدوره التودد إليها ، و يحاول أن يغادر الفراش ويجلس على الكرسي ، أو يمشي قليلاً في الغرفة ، يستطيع الاقتراب منها ، ويتلمس بشوق وجهها الذي طالما قتن به وأحبه 0
لم تكن كاترين تدري كيف تتصرف أو ماذا تفعل كي تخفي اضطرابها ، كيف تسكت دقات قلبها الخائفة ، فإنها إن صبرت على مداعباته ، فهي تخشى أن تمتد يده ، يعبث بشعرها الناعم الأملس ، فينحل وينسدل على كتفيها ، وعندئذ يدرك غلين أنها ليست فالنتينا ذات الشعر القصير المموج ، عندئذ يدرك الخدعة ، فماذا عساها تفعل ، من سينقذها من تلك الورطة ؟ أما إذا ابتعدت عنه ولم تترك له مجال لذلك ، فسيحسب أن عواطفها نحوه قد خمدت أو تغيرت ، مع أنه يتوقع ولا شك ، بعد الذي حصل ، أن تزداد له حباً وبه تعلقاً !!!
كان عليها أن تحتاط للأمر ، من غير أن تدع الشك يتسرب إلى نفسه 0
استمرت عيناه على حالهما ، ففي بادئ الأمر كانت كاترين تستطيع أن تطمئنه وتبعث الأمل في نفسه ، ولكن عندما أخذت الأيام تمر تباعاً يوماً بعد يوم آخر ، وهو لا يزال يعيش في حلكة الظلام ، ازدادت مخاوفه كثيراً ، وأضناه اليأس ، وأدركت أنه بذلك لم يعد قادراً على اكتشاف شخصيتها ، ولكن كاترين في الواقع لم يعد خوفها من أن يكشف هويتها ، يوازي خوفها عليه من أن يستمر في عماه ويصاب بارتجاج في دماغه 0
أصبح غلين كثير الكآبة ، قليل الحركة ، يمضي وقته عند زيارتها له ن يسألها عن حاله ، يسألها عن رأي الأطباء في وضعه ، ينتظر كلمة تعيد إليه الأمل 0
وتبعث في نفسه الرجاء ، لقد تقبل سفر عمه إلى كالجري بارتياح ، لمعرفته أنه عند عودته سيصحبه في إجازة طويلة إلى بلده ، وعلى هذا الأساس طلب من فالنتينا – حسب اعتقاده – برجاء مشفوع ، بكثير من الحزن ن أن ترافقه في إجازة تأخذها لنفسها أيضاً ، وأكد لها أنها ستسر كثيراً في المزرعة 0
دهشت كاترين عندما عرفت أن جيرد يملك مزرعة ، فهي تعلم ، كما هو معروف في انكلترا ، أن أصحاب المزارع نادراً ما يتسع لهم الوقت للقاءات والسفر ، كما أنهم لا يملكون طائرات خاصة يطيرون بها ويرجعون عبر المحيط كلما يحلو لهم ذلك ، إن أكثر ما يستطيعون فعله هو الذهاب إلى الأسواق ، في أية حال هي تجهل طبيعة المزارع في كندا ، فلعل جيرد عضو في جمعية زراعية أو ما شابه0
تلقى سيمون خبر حالة غلين وكآبته من غير استياء ، وقال :
((إن أي شخص ، يدع مثل الأخت الطائشة تقود سيارته ، يستحق أكثر مما حدث له ويحدث ، لا شك أن هذا الشاب معتوه!!))


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:06 PM   #14

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

جرى هذا الحديث في مساء أحد الأيام ، وقد اصطحب كاترين إلى بيت أمه 0
وضعت السيدة ترافس – والدة سيمون – صينية على الطاولة بجانب كرسيها ، عليها صحن فيه بسكويت ، وثلاثة فناجين من الشاي ، ثم قالت تؤكد كلام ابنها :
(( هذا صحيح يا كاترين ، فأنا لا أعذر أختك أبداً على ما فعلت وعلى هروبها ، وأعجب كيف تعالجين هذا الأمر على حسابك ، بلا مبالاة !!))
(( بلا مبالاة ؟))
رددت كاترين تلك الكلمات وهي تنظر إلى السيدة ترافس باستغراب ، وسمعتها تتابع قائلة :
((بالتأكيد بلا مبالاة ، وأنت تمثلين دور أختك ، وتمنحين غلين عواطفك ، مع أنك تدركين ما يمكن أن تكون عليه النتائج ))
(( حقاً كان على غلين أن لا يسمح لأختي بقيادة السيارة ، ولكنه لما كان مغرماً بها كثيراً ، ويفعل كل ما يرضيها ، كي يراها سعيدة ، ارتكبت هذا الخطأ ، نحن جميعاً نقر أنه خطأ ، ولكن ماذا كانت النتيجة ؟ إنه الشخص الوحيد الذي أصيب ، وهو الشخص الوحيد الذي يعاني ، أليس ما أصابه عقاباً كافياً لما فعل ؟))
ومن غير أن يلتفت إليها ، أو يقتنع بكلامها ، قال سيمون وهو يتناول قطعة من البسكويت :
(( على أية حال ، فإن رأيي يتفق مع رأي والدتي ، وأظن أنه حظي بالكثير من كرمك ))
(( من ؟ غلين ، لا هو لم يحظ 000))
قاطعها سيمون موضحاً قصده :
(( لا ، ليس غلين من أعني ، إني أعني عمه بالطبع 0 يمضي هكذا ، ويتركك تتحملين المسؤولية بمفردك ))
هزت الأم رأسها متدخلة :
((وهذا ليس مناسباً من أجل سيمون أيضاً ، هل تشعرين بما يحس به ، عندما يسأله بعض الأصدقاء عما تفعلين في المتشفى ؟ إن للناس ألسنة تتكلم يا عزيزتي ! ))
نظرت كاترين نحو سيمون وقالت وشفتاها ترتجفان :
(( أصدقاء ؟ من ؟ ))
((توبي ريتشارد ))
ذكر سيمون الاسم وهو غير راغب في أن تقحم والدته هذا الموضوع في مناقشاتهم ، أما كاترين فقد هزت رأسها باستغراب ، وقالت :
(( إذن هو ريتشارد ، بربك سيمون ، هل يمكنك أن تسمي هذا الإنسان صديقاً؟ ))
(( لا ، لكنه كان زميلي ، وهو يعرفك من بعيد ))
(( ورآني في المتشفى ؟ ))
(( نعم ، رآك مع عم غلين ، فقد كان توبي ذاهباً إلى المتشفى ليزور أمه المريضة هناك ، تماماً في الوقت الذي خرجت فيه بصحبة جيرد ))
(( آه ، عرفت ))
لقد فهمت كاترين أن زيارتها لغلين ليست هي المقصودة ، ليست هي التي كانت تزعج سيمون ، بل ظهورها بصحبة رجل آخر ، أنها تسمع الكثير عن توبي وسمعته السيئة ، وهي تقدر الآن ما الذي قاله ن وتخيلت أي تأويل يمكن أن يكون قد قدمه لسيمون :
(( على كل ، كيف حال غلين هذا المساء ؟ ))
تدخلت السيدة ترافس بهذا السؤال عندما رأت الغضب يطل من عيني كاترين ن غير راغبة في الدخول في مشادة ثانية ، خصوصاً وأنها لم تكن متأكدة تماماً من الجانب الذي سينحاز إليه سيمون ، والسيدة ترافس تعلم أنه في الغالب كان يقف إلى جانب كاترين ، حتى ولو كانت ادعاءات الوالدة صحيحة 0
أرادت كاترين أن تتجاهل السؤال وتتابع قصة توبي ريتشارد ، ولكنها لم تكن ترغب في أن يدب الخلاف بينها وبين سيمون الآن ، فاصطنعت ابتسامة باهتة وأجابت :
(( إن حالته الصحية في تحسن مستمر ، أما مسألة البصر فهي المشكلة الرئيسة ))
سألتها السيدة ترافس :
(( ألا يستطيع رؤية أي شيء ؟ ))
((مطلقاً ، مسكين هو غلين ، أحس بأني حزينة جداً من أجله ))
نفذ صبر سيمون وهب واقفاً وهو يقول :
(( أوه ، متى سيعود جيرد هذا ؟ متى تتوقعين أن نتحرر من هذا الواجب ؟ كاترين أكاد اختنق ))
وضعت كاترين فنجان الشاي من يدها على الطاولة ، وقالت :
((آسفة ، لأنك تشعر بهذا الشعور ، ولكن ماذا تريدني أن أفعل ؟ هل أتوقف عن زيارة غلين ؟ ))
أخذ سيمون نفساً عميقاً وقال :
(( حسناً ، ولكن عندما يعود عمه 00))
(( عندما يعود عمه ، سوف يصطحبه إلى بلده))
قالت ذلك وهي تشعر أنها ستفتقد غلين 00
عادت كاترين مساء الخميس من المتشفى إلى البيت مباشرة ، وفتحت الباب على رنين الهاتف ، نظرت إلى ساعتها فألفتها تشير إلى التاسعة والنصف تقريباً ، توقعت أن يكون المتكلم جيرد ، فلم تتعجل الرد ، عندما رفعت السماعة انتابها شعور غريب لم تستطع تحديده ، كان كان الصوت آت من بعيد ، قفز تفكيرها رأساً إلى أبيها ، فقد يكون قرر أخيراً أن يتصل بها ، إلا أن صوتاً آخر هو الذي سمعته ، صوت عميق ينبض بالحياة ، إنه صوت جيرد 0
((لا أظن أني أيقظتك من نومك ، هل فعلت ؟ ))
قال ذلك بعد أن حياها وردت التحية 0
((لا ، الآن قد وصلت ، كنت أزور ابن أخيك ، من أين تتكلم ؟ ))
أجاب بصراحة :
((من موزباي فقد أردت الاطمئنان على غلين ))
((لماذا لم تتصل بالمشفى ؟ ))
(( لقد اتصلت ، وتكلمت مع غلين ، في اللحظة التي تركته بها ، لهذا فإني أتحدث إليك ))
تسمرت راحة كاترين بالسماعة ، وغاصت في الأريكة ، وسألت :
(( ولكن لماذا ؟ ))
((لأسألك أنت عن حاله ؟ فأنت تعرفين الحقيقة أكثر منه بالتأكيد ))
هزت كاترين رأسها وقالت :
((لا جديد , غير أن اضطرابه ازداد بسبب عدم رجوع بصره إليه ))
قال جيرد بصوت حزين :
(( الله وحده يعلم كيف سيتمكن غلين من التعايش مع هذا العمى الذي لا يعرف أحد متى تكون نهايته ))
صمتت كاترين هنيهة ثم قالت :
(( هل أخبرت والدته بذلك ؟ ))
(( نعم أخبرتها ، فوقع عليها وقوع الصاعقة ، وكذلك على والدي))
(( أنا آسفة ))
أحست أنها كلمات تافهة تلك التي تفوهت بها ، ولكنها لم تجد كلمات أخرى مناسبة تقولها 0
وأضافت :
((متى ستعود ؟ ))
((لماذا ؟ هل اشتقت إلي ؟ ))
((بالتأكيد ، فإن غلين ، اشتاق إليك كثيراً ، وهو يذكرك دائماً ، ولا بد أنه سيشعر بالتحسن عندما تعود ، ويغادر المتشفى ))
((حسناً سأعود مساء الجمعة المقبل ، وسأتصل بك صباح السبت ، هل هذا يناسبك ؟ ))
(( لا بأس ))
وقبل أن ينهي المكالمة قال :


((كاترين ، أريد أن اعتذر عن تلك الليلة ، في الحقيقة لم أكن أقصد إغاظتك ، ولا أدري ماذا كنا سنفعل أنا وغلين بدونك ، سأراك يوم السبت ، إلى اللقاء ))
وضعت كاترين السماعة ببطء مكانها ، ومرت بضعة دقائق قبل أن تخلع معطفها ، أحست برعشة قوية تسري في جميع أوصالها ن وبضعف المّ بها 0 ولكنها عنفت نفسها ، لأنها أخذت بجاذبية هذا الرجل ، فالمسألة كلها أنه كان مؤدباً ، وسبب اتصاله بها كان واضحاً ، لقد كان قلقاً على ابن أخيه ، وعليها ألا تنسى أن غلين هو من يحتاج إليها ،وليس جيرد ، ومع كل هذه الأمور التي تقنع نفسها بها ، لم تستطع إنكار حقيقة أنه رجل جذاب 00


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:09 PM   #15

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

سخطت كاترين من عواطفها السخيفة ، كما خشيت منها أيضاً فهي ما عادت تلميذة مدرسة ، تنجذب لأول رجل يتودد إليها ، بل بلغت من العمر الحادية والعشرين ، وكان لها عدد من الزملاء والأصدقاء ، منذ كانت في السادسة عشرة من العمر ، وكذلك هي وسيمون ، فقد مضى على صحبتهما ثلاث سنوات ، ولم تشعر نحوه في أية لحظة بما تحس به الآن ، قالت في نفسها : على أية حال ، غلين وعمه سيسافران قريباً ، ويخرجان من حياتها إلى الأبد ، وهذا هو الأفضل 0
عندما استيقظت صباح السبت لم تستطع أن توقف ما أحست به من مشاعر ، فلا بد أن جيرد قد عاد من رحلته ، تناولت فنجاناً من الشاي ، وهي تتصفح أحدى الصحف ، كانت تنتظر 00وعندما رنّ جرس الهاتف ، قفزت لتجيب 0
ولكن لخيبتها كان المتحدث سيمون 0 يطلب منها مرافقته ووالدته يوم الأحد ، إلى زيارته خالته إدنا لتناول طعام الغداء عندها 0
هذه الفكرة لم تكن مقبولة أصلاً لدى كاترين ، فهي تعرف أن أدنا مثل السيدة ترافس تماماً ، ليس لديهما حديث إلا عن أوجاعهما ، والعمليات التي أجريت لكل منهما ، وهذا لاشك شيء مضجر إلى حد كبير ن بالإضافة إلى أنها لا تستسيغ الطعام الذي تقدمه تلك الخالة 0
قالت تجيب سيمون على دعوته :
((آه ن سيمون ، دعني أفكر في الموضوع ، فأنا لا أعرف متي سيسافر غلين وعمه ، وأغرب أن أكون طليقة في الغد ، لأقوم ببعض الأعمال المنزلية 0))
رد سيمون منزعجاً :
(( لا أظن أن يوماً واحداً سوف يؤثر على هذه الأعمال ))
(( ولكنك تعلم يا سيمون ، أن الأحد هو يوم عطلتي ، وهو اليوم الوحيد الذي يمكنني القيام فيه بما يترتب علي من أعمال المنزل ))
((لم يكن هذا رأيك يوم الأحد الماضي ، عندما أصطحبك جيرد وقضيت اليوم بطوله في المتشفى ))
(( حسناً سيمون ، أنا آسفة 0 سوف أراك في المساء ، وعندئذ نبحث الأمر ))
(( أريد ردك الآن كاترين ، نعم الآن ، فأنت تعرفين أن خالتي يجب أن تعرف مسبقاً ، كي تهيئ الغداء حسب عددنا ))
(( لا أستطيع الرد الآن ، وكما قلت لك أترك الأمر للمساء ))
(( أنا آسف كاترين ، سأذهب أنا وأمي ، فأنا لا أقدر أن أرتب أموري حسب ظروفك ))
عرفت أنها أغضبته ، ولكن في الواقع لم يكن لديها أدنى ميل لتلبية هذه الدعوة ، ولا أي استعداد لتستمع من جديد إلى قصة عملية الغدة الدرقية التي أجرتها خالته 0
وقالت :
(( لا بأس ، إذن سأراك في المساء ))
وبكلمة مقتضبة تدل على الموافقة أنهى المكالمة 0
بينما كانت ترتد ثيابها ، رن جرس الهاتف ثانية ، وفي هذه المرة كان جيرد هو المتكلم ، وعندما سمعت صوته أحست برعشة تسري في جسمها ، بدا بتحيتها ، ثم قال :
((متى أستطيع أن أراك ؟ هل ترغبين في تناول الطعام معي ، أنت وسيمون ؟ ))
(( لن أرى سيمون حتى المساء ، أما أنا فلا أجد مانعاً من مرافقتك ، أين ؟ ومتى ؟ ))
حدد لها مطعماً يلتقيان فيه تمام الساعة الواحدة ظهراً وأنهى الحديث 0
ترى أي طائرة هذه التي تأخذه وتعيده عبر الأطلسي متى شاء ؟!!
هذا ما جال في خاطر كاترين ، بعدما أعادت سماعة الهاتف مرة أخرى إلى موضعها ، من الذي يقودها ؟ إن الطائرة ملك لجيرد 0هذا ما عرفته ، أما أن يكون هو من يقود الطائرة فهذا ما لا يمكن تصديقه ، فهي لم يسبق لها أن سمعت أن هناك من يقود طائرة الآف الأميال ، ويبقى نشيطاً إلى درجة أن يصحبها إلى تناول الغداء 0
لبست كاترين ثياباً بسيطة مرتبة ، لم تحاول المبالغة في أناقتها لئلا يظن أنها تفعل ذلك من أجله ، مع إنها شعرت أن جميع تصرفاتها تدل على أنها ترغب في ذلك ، ثم سرحت شعرها ، وربطته بشريط حريري خلف عنقها ، تاركه بعض خصلاته تنساب على أذنيها 0
نظرت إلى مظهرها نظرة رضا ، عندما وقفت أمام المرآة تتأمل نفسها ، قبل مغادرة المنزل 0
كانت تتوقع أن تجد جيرد ينتظرها عند الباب ، ولكنها هي التي تأخرت عن الموعد المحدد بضعة دقائق ، فالسائق لفّ بها كثيراً في الطرقات ، حتى اهتدى إلى المكان الذي أشارت إليه 0
تقدم نحوها أحد العاملين في المطعم ، فسألته على الفور عن السيد جيرد فريزر 0
أحنى رأسه دلالة على وجوده ، وعلى شفتيه ابتسامة لطيفة 0
سارت كاترين في رواق مظلل باللون الأخضر الجميل إلى صالة حديثة تضيئها قناديل مختلفة الأشكال والألوان ، مما زادها رونقاً وجمالاً ، فوجدت نفسها تقف إلى جانب طاولة رئيس القائمين على خدمة الرواد ، وعند ظهورها وقف بأدب ، سألته عن جيرد ، ولكن قبل أن تسمع الجواب ، كان رجل يشق طريقة نحوها تحت الأضواء الخافتة ، رجل طويل القامة ، داكن اللون لا يمكن أن تخطئه أبداً ، أنه جيرد 0
(( شكراً لوجي ، الآنسة معي ))
أحنى لوجي رأسه بأدب وصمت 0
(( آسفة لأني تأخرت ، حسبتك ذهبت 00000))
قاطعها جيرد :
(( من المستحيل أن أفعل ذلك ، تعالي إلى طاولتنا هناك ، يمكننا تناول بعض الشراب ، قبل اختيار ما نريد أن نأكل ))
بدا الارتباك على كاترين وهي تبتسم له ، وتسير حيث يقودها ، إنها تدرك أنه يراقب كل حركة من حركاتها ، فكانت تحاول أن تهدئ عواطفها ، لقد بعثت رؤيته مرة ثانية القلق في نفسها ، وتحولت عيناها إلى وجهه بافتتان لم تتمكن من إخفائه 0
لكن يبدو أنه لم يكن ينظر إليها ، لقد كانت نظراته تتجاوزها إلى الطاولة التي يقودها إليها ، كانت هناك امرأة شابة ، تبدو أنها تكبرها ببضع سنوات فقط ، نحيلة ، سمراء ، ناعمة الملامح 0
التفتت إلى جيرد ، ظنت أنا مخطئة ، وليس هذه طاولتهما ، ولكن تبدد شكها عندما سمعت جيرد يقول وقد أحنى رأسه بأدب :
(( اسمحي لي أن أقدم لك أرملة أخي ، ليزا ، هذه كاترين شقيقة فالنتينا ))
مدت ليزا يدها نحوها وهي تقول :
(( أنا سعيدة بلقائك كاترين ، أخبرني جيرد عن كل ما فعلته من أجل ابني ، وأنا حقاً شاكرة لك فضلك ))
تناولت كاترين اليد الممدودة إليها مصافحة ، وقالت :
(( ليس هناك ما يستحق الشكر ))
جلست كاترين على الكرسي الذي سحبه جيرد لها ، وهي لا تكاد تصدق أن هذه المرأة يمكن أن تكون والدة غلين ، فهي تبدو أصغر من ذلك بكثير ، وأصغر من أن تكون أرملة أيضاً ، ولهذا خالجها نظرة شك في نظرة ليزا إلى جيرد ، وشعرت أنها لا يمكن أن تكون نظرة أرملة إلى شقيق زوجها فقط ، ثم سألتها كاترين :
(( هل رأيت غلين سيدة ليزا ؟ ))
(( نعم ذهبنا إليه من المطار مباشرة ))
(( كيف حاله؟ ))
ومن قبل أن تستطيع ليزا الإجابة أجاب جيرد :
(( رأيناه كئيباً جداً ))
تدخلت ليزا قائلة :
(( لا تقل هذا يا عزيزي ، ستظن كاترين أن غلين بم يكن سعيداً برؤيتي ، وأنت تعلم العكس ))
رد جيرد بسرعة :
(( كاترين ليست سخيفة ، فهي تعرف حاله أكثر من أي شخص آخر , ليزا يجب أن نواجه الحقيقة 000أن نقدّر غلين وحالته شيء وأن تفاءل خيراٍ هو شيء آخر ))


أمسكت ليزا ذراع جيرد بشيء من الدلال وهي تقول :
((لا شك عندما يعود إلى المزرعة ، عندما يستطيع السير على قدميه ويشعر بالهواء العليل يداعب وجهه 000))
قاطعها جيرد بصراحة :
(( أتراني ألاعب أطفالاً ؟ لم لا تكوني واقعية ، ليزا ؟ أنت تعرفين أن غلين غادر موزباي ، لأنه لم يكن مغرماً بالمزرعة ولا بأعمال المزارع ))
تغاضت ليزا عن الإهانة التي لحق بها ، وقالت :
((جيرد ، هذا ليس حقيقياً ، على أية حال فإن غلين يحتاج لقضاء بعض الوقت هناك ، ليتمتع بالهواء الطلق على الأقل ، وسوف يعود إليه بصره عندما يعود إلى بيته ))
أحنت كاترين رأسها لئلا تنظر إلى المرأة الأخرى عندما كان جيرد يجيب بجدية :
(( ليزا ، إن غلين سوف لا يرى شيئاً قبل مرور بضعة أسابيع ، أو بضعة شهور ، ولكننا سنأخذه معنا بأية حال ، لأن ليس لدينا فكرة أخرى ، ومع ذلك فعلينا معرفة رأيه أولاً ))
تمنت كاترين لو أنها كانت بعيدة عدة أميال عن هذا المكان ، عندما التفت إليها جيرد ، وبان الارتباك على وجهها تحت نظراته الثاقبة ، وجه إليها كلامه :
(( كاترين ، غلين يريد أن تذهبي معنا إلى المزرعة ، ولما أخبرته أنه لا يمكنك ترك الوظيفة ، أصرّ ، وقال أنه بحث معك الأمر ، ولم يكم لديك أي اعتراض ))
(( أنا 00أنا 00))
لم تستطع كاترين قول أي شيء ، وحبست الكلمات في صدرها ، حقاً أن غلين لمّح إلى أنه يتمنى أن ترافقه إلى المزرعة ، ولكنهما لم يبحثا الأمر جدياً ، وسمعت ليزا تقول باختصار :
(( من الواضح أن كاترين لا تعرف شيئاً عن الموضوع ، في أية حال ، فالفكرة من أصلها سخيفة ، غلين يحتاج إلى ممرضة وليس إلى صديقة ))
((لكنك نسيت أن غلين يعرف أن فالنتينا ممرضة ، وليست الفكرة سخيفة كما تظنين ، فإن غلين يحتاج إلى الراحة ، والنقاهة ، ولكن هل يتحقق له هذا برفقتنا أنا وأنت فقط ؟ ))
قالت ليزا باحتجاج :
(( هناك أبوك ))
وعند هذه النقطة تدخلت كاترين :
(( أنا 00أنا لا أعرف ماذا قال لك غلين سيد جيرد 000))
(( جيرد ، من فضلك ))
قال ذلك بإصرار ، أما كاترين فقد أحمر وجهها وتابعت :
(( حسناً أنا لا أستطيع مرافقته إلى كندا ، لا يمكنني 000الفكرة مضحكة ))
ارتعشت شفتا جيرد وهو ينظر إليها قائلاً :
(( هل هي مضحكة فعلاً ؟ حتى ولو كانت تضع حداً بين شقاء غلين أو عدمه ؟ ))
نظرت ليزا إلى كاترين نظرة غامضة وتدخلت :
(( جيرد ، لا تكن مأساوياً إلى هذا الحد ، ماذا يمكنها أن تفعل أكثر مما نفعله نحن ؟ ))
قال جير بوضوح :
(( حسناً ، إنها الجسر الذي يربط بين حياته هنا والحياة التي نجبره عليها في المزرعة ، ألا تعرفين أنه يعلّق على فالنتينا آماله ومستقبله ؟ ))
تدخلت كاترين :
(( ولكني لست فالنتينا ))
(( غلين يظن أنك فالنتينا ، وهذا هو المهم في الأمر ))
أخذت كاترين تفكر ، هل يمكن أن يخطر ببال جيرد ، أنها من الممكن أن تتنازل عن وظيفتها بهذه البساطة ، لترافقهم إلى مكان مجهول في أواسط كندا ؟!! الموضوع بأكمله يتنافى مع المنطق ، إلى جانب ذلك ماذا سيكون رأي سيمون ؟
وكأن جيرد طالع أفكارها فقال :
(( أنا لا أطلب منك أن تتركي حياتك هنا وعملك ، وما يهمك فيها من أمور ولكن ما أطلبه منك هو فقط أن تحصلي على إجازتك السنوية وترافقينا وتأكدي انك ستعجبين كثيراً بالمزرعة ، ولن تندمي مطلقاً على قيامك بهذه الرحلة ، خصوصا وأننا هيئنا لك جميع أسباب الراحة الممكنة هناك ))
قلبت كاترين شفتيها وقالت :
(( جيرد غلين وقف على قدميه ، ويمكنه الآن أن يتحرك،أنت تقول أنه يعيش مأساته ولن يكتشف حقيقتي،ولكن متى عاد إلى بيته, وابتدأ يستعيد ثقته بنفسه، فإنه عاجلاً سيكتشف أنني لست فالنتينا ))
(( كيف ؟ ))
((أولاً ، وهو الأهم شعري ، شعر فالنتينا قصير وأجعد ، وأنت تعرف أن شعري ليس كذلك ))
تدخلت ليزا :
((يمكنك أن تقصي شعرك ، إنها فعلاً أمور سخيفة ، وأنا لا أفهم كيف تعالجان المسألة ، أنا لا أظن أن الشعر القصير المتموج فيه حل للمشكلة ))
(( ولكني لا أريد أن أقص شعري ))
تجاهل جيرد أرملة أخيه ووجه كلامه إلى كاترين ، وقال بهدوء :
(( يمكنك أن تلبسي شعر مستعار ، ولا أظن أن هناك مانعاً عندما يكون ارتداؤه ضرورياً ، في أي حال دعونا الآن نتناول طعامنا ، ويمكننا إكمال مناقشتنا فيما بعد ))
كان الطعام شهياً ، ولكن لم يكن لدى كاترين أي قابلية لتناوله ، فقد شعرت بشيء من الخوف من الجو المشحون الذي يخيم على المائدة 0
تناولت كاترين فنجاناً من القهوة بدل الحلوى ، وهي تنتظر بفارغ الصبر أن يستكمل جيرد المشاحنة ، ولكنه لم يفعل ، بينما أخذت ليزا تتحدث بكل لطف وأدب مع كاترين بأمور لا علاقة لها بالمشكلة الأساسية على الإطلاق 0
منتديات *****
كانت الساعة الثالثة بعد الظهر تقريباً ، عندما غادروا المطعم ، وجيرد كما في المطعم لم يتحدث في السيارة إلا قليلاً


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:11 PM   #16

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

اخترقت ليزا صمته ، وهي تضع يدها على كتفه من غير كلفة ، وسألت :
(( عزيزي جيرد ، ألا تشعر أنك كنت غير لطيف معي ؟ أنا أظن أن كاترين قامت بمجهود جبّار من أجل غلين ، وآن لها أن تعيش حياتها كما تريد ))
أحنى جيرد رأسه من غير أن يجيب بشيء ، بل كانت نظراته تنصب على كاترين ، نظرات لوم وعتاب ، وجعلها تشعر بشيء من الخوف وعدم الارتياح 0
كان غلين في انتظارهم ، وكم كان مزعجاً لكاترين عندما أحاطها بذراعيه ، لكنها عملت جاهدة على التخلص منه بلطف ، وبقي ممسكاً بيدها وهو يحدث والدته 0
(( أماه ، قولي الحقيقة ؟ أليست جميلة ؟ إنني مجنون بها ، ولولاها ما كنت أدري ما كان سيحل بي في تلك الأسابيع الماضية ))
تصنعت ليزا ابتسامة باهتة ، وهي تجلس إلى جانب ابنها ، مما اضطره أن يترك يد كاترين ، ثم قالت :
((ولدي ، سوف تعود معنا إلى البيت ، بيتك ، وكل ما مرّ بك سيبدو ككابوس مخيف مضى ، وسوف تتغير جميع مشاعرك هناك ، وأنا متأكدة ))
سحب غلين نفسه بعيداً عنها ، وأخذ يمشي بخطوات غير ثابتة عبر الغرفة ن رأت كاترين طاولة طعامه في طريقه ، ولكن قبل أن تتمكن من الوصول إليها لتبعدها ، كان قد تعثر بها 0
تطلعت كاترين إلى جيرد في ألم ، وهي تعيده إلى كرسيه ، ثم رد على كلام أمه :
(( نعم ، سوف أشعر بالاختلاف ، فالاختلاف الوحيد الذي سأشعر به ، هو أن هناك مساحات شاسعة يمكن أن أقع فوقها وأشياء كثيرة يمكن أن أتعثر بها!))
وقفت كاترين بجانب كرسيه ، وسمحت له أن يمسك يدها ، وقالت :
(( غلين ، لن تقع ، صدقني سوف تتحسن ، ولكن يحتاج ذلك إلى بعض الوقت وإلى بعض الصبر وأظن أنك قادر على ذلك ))
حرّك غلين رأسه وتتطلع نحوها بعينيه الزرقاوان غير المبصرتين ، وقال :
((فالنتينا ، إني خائف


أحست فالنتينا أن قلبها يكاد ينفطر لآلامه ، ولم تعد تحتمل ، وقالت :
((أريد الذهاب إلى البيت ))
أعاد غلين كلماتها :
((أريد الذهاب إلى البيت ، ولكن ليس وحدي ))
قالت الأم :
(( لن تكون وحدك يا بني000((
لكن هذه المرّة نظرة واحدة من جيرد كانت كافية لإسكاتها 0
أما غلين فقد أضاف :
(( أريدك أن تأتـي معي فالنتينا ، سوف تأتي ، أليس كذلك ؟ إذا لم تفعلي ، فلن أذهب أنا أيضاً ))

رحلة مفاجئة


عندما وصلوا إالى الفندق ، بعد خروجهم من المتشفى ، نزلت ليزل هناك ، وتابعا الدرب إلى بيت كاترين ، كالمعتاد أصر جيرد على مرافقتها إلى الداخل 0
(( أنت تعرف أن هذا سيحدث ، هذا ما سيفعله غلين أليس كذلك ؟ يا لك من خسيس ))
واجهت كاترين ، جيرد بهذه الحقيقة بعد أن دخلا إلى غرفة الجلوس ن وأدارت ظهرها نحوه ، لتخفي الدموع التي انسابت من عينيها ، ليتها لم تقل ذلك ، ليتها أعطت نفسها فرصة لتفكر بما تقول ، حتى لا يزل لسانها بما تندم عليه 0
هز جيرد كتفيه بلا مبالاة ، وألقى بنفسه على الأريكة ، عادت ونظرت كاترين إليه بعد أن مسحت دموعها ، وهي تحدث نفسها ، عجيب هذا الإنسان ، كم من السهل عليه التكيف مع ما يحيط به ، ,وأخذت تقارن بين شخص يطير فوق الأطلسي في طائرته الخاصة ، وبينه وهو مستلق دون اهتمام على أريكة بسيطة في شقة متواضعة 0
بعد برهة صمت ، قال جيرد :
(( حسناً ، أنا أعرف ما كان سيفعل غلين ، وأنت أيضاً تعرفين طالما بحث الموضوع معك ))
دارت كاترين في مكانها ، و هي تقول :
(( هو لم يبحث الموضوع معي ، فقط قال أنه لا يستمتع بالعطلة في المزرعة ، هذا كل شيء إني أقسم 00))
((حسناً ، حسناً ، لا تكوني عصبية إلى هذا الحد ، ولكني أؤكد لك أنك ستسرين بزيارة المزرعة ))
(( لا ، لن أفعل ، لأني لست ذاهبة ))
هب جيرد على قدميه واقفاً وقال :
(( ماذا تعنين ؟ ماذا تعنين أنك لست ذاهبة ؟ لقد أخبرت غلين أنك ستفعلين ))
وضعت كاترين يد مرتجفة على رأسها وهي تقول:
((أنا أعرف ماذا قلت لغلين ، ولكني لا أستطيع ، يجب أن تعرف ذلك ، أرجوك جيرد لا تنظر إلي هكذا ، أنا لا أستطيع الاستمرار في هذه اللعبة ))
((لم لا ؟ ))
خطا جيرد خطوة إلى الأمام باتجاهها ، ومع أنها كانت طويلة القوام ، كان عليها أن ترفع رأسها حتى تنظر إليه وأجابت :
((لأني لا أستطيع ))
(( يمكنك أن تأخذي إجازتك السنوية،أو إجازة بلا راتب ، ولقد أخبرتك أني سأعوض عليك كل الخسائر ))
(( لا ، ليس هذا هو السبب ))
((بحقك 000ما هو هذا السبب إذن ؟ ))
نفذ صبر جيرد فأمسك كتفيها بشدة وتابع :
(( أنا لا أصدق أنك لا تدركين ما تقولين ، أنت تعلمين أنك إذا لم تأتي معنا ، غلين سيرفض الذهاب ، وهذا سيحطم قلب أمه ))
كاترين تشك في أن هناك شيئاً يتعلق بغلين قد يحطم قلب ليزا ، أما ما يتعلق بجيرد ، فنعم ، كان واضحاً من الطريقة التي تعامله بها ، من تصرفها نحوه ، أن قرابتهما تتجاوز حدود الصداقة والألفة ، المحبون فقط يتصرفون هكذا ، وخشيت كاترين أن يكون اهتمام جيرد بليزا أكثر منه بابن أخيه ، فأصرت على موقفها ، وقالت :
(( إني آسفة ))
قفز من مكانه غاضباً ، وهو يشد على كتفيها ، حتى أحست أن أصابعه اجتازت اللحم حتى وصلت إلى عظامها :
((إنه سيمون ، أليس كذلك ؟ ))
(( لا ، سيمون ليس السبب ، وإن كنت تريد معرفة السبب فإنه 0000))
فجأة ومن غير أن تكمل عبارتها ، شدها نحوه قبل أن تتمكن من الاعتراض ، وضمها إليه ، ثم ابعدها عنه بسرعة ، وهو لا يزال ممسكاً بكتفيها 0رفع شعره المتساقط على جبينه بأصابع مرتعشة ، وقال :
((كاترين ، أنا آسف ، أنا لم أقصد 000آسف لكن ، لكنك ستذهبين معنا ))
بالتأكيد ، كان هناك أكثر من سبب في رأي كاترين جعله يفعل ما فعل ، خصوصاً أنها لم تمثل دور البريئة ، لاتقول له أنه الملام ، فهي نفسها كانت لديها الرغبة في ذلك ، لو أرادت أن تستسلم لعواطفها ، لكنها لن تفعل 0 وأصرت قائلة :
(( لا أستطيع الذهاب ، قلت لا أستطيع ))
(( بحق 0000كاترين إن غلين يحتاج إليك كثيراً ، كلنا نحتاج إليك ))
زفرت كاترين بحرارة ، وابتعدت عنه قائلة :
(( أظن من الأفضل أن تذهب 000))
((كاترين !))
(( لآ أستطيع الذهاب معك ، و لا يمكنك إجباري على ذلك ))
ولكن عندما نظر إليها نظرة أخيرة حزينة ، قبل أن يغادر الشقة ، عرفت أنه لنم يستسلم بسهولة 0
كان عليها الذهاب إلى المتشفى ذلك المساء ، حتى ترى غلين للمرة الأخيرة ، وتحاول ألا تغضبه ، فاتصلت بسيمون هاتفياً تطلب منه أن يوصلها إلى هناك ، فأجاب سيمون بحدة :
(( ثم ماذا أفعل ؟ أقف خارجاً أنتظر خطيبتي المرتقبة تلعب دور الممرضة ، لصبي ثري فاسد طائش ؟؟))
((لا سيمون ، أنت تعلم أن غلين ليس فاسداً ، وسأبقى عنده فقط مدة ساعة ، ألم نتفق سابقاً على أن تأتي لتأخذني من هناك ))
(( إذن سآتي إلى هناك في الوقت المحدد ، في الساعة الثامنة ، أليس كذلك ؟ ))
((سيمون ، لا تتعب نفسك ، سوف استقل سيارة النقل العمومي ، ذهاباً وإياباً ، وبهذا سيكون لديك الوقت الكافي ، لتستريح بقرب والدتك ))
بدا صوت سيمون ، كمن جرحت مشاعره وقال :
(( لست بحاجة لاتخاذ مثل هذا الموقف،ولا يمكن أن تتوقعي مني لعب دور السائق كلما احتجت إلى ذلك ))
قالت كاترين متأثرة بكلامه :
((سيمون ، إنها أول مرة أطلب منك أن توصلني ، وأنت تعرف أن زياراتي كانت ضرورية ، غلين أعمى ، ألا يمكنك أن تتخيل ما يشعر به ؟ وما أشعر به أنا أيضاً ؟ وأنا أعلم أن أختي هي المسؤولة عن كل ما حدث ))
قال سيمون وهو يحاول أن يخفي سخطه :
(( كما قالت والدتي ، يبدو أن أختك تعني بالنسبة إليك ، أكثر مما أعني أنا ))
أحست كاترين بتعب شديد ، ثم تذكرت جيرد ومشاعرها نحوه ، فهزت رأسها وقالت :
(( آه سيمون ، ربما أنت على حق ، لعله من الأفضل أن نعطي أنفسنا فرصة أطول للتفكير ))
قال قلقاً :
(( ماذا تعنين ؟ أ لأني أبديت بعض الانتقاد ؟ هذا لا يعني أن تذهبي بعيداً إلى النهاية ))
(( لا ، ليس أنا 00إني آسفة ، أنا لم أقصد إيذاء مشاعرك ))
(( لم تؤذي مشاعري ، ولكنك أغضبتني ، على كل فهذا ليس جديداً علي ، ليست هذه أول مرة تغضبينني فيها بسبب فالنتينا ، وأحسب أنها لن تكون الأخيرة ))
((ماذا تعني ؟ أنني أغضبك بسبب فالنتينا ؟ ))
(( من الطريقة التي تجعلين بها من نفسك مسؤولة عنها ، أعني منذ كانت صغيرة وأنا أغضب عندما كنت أجدك تتعقبينها لتخرجينها من مآزق أو آخر ، كاترين أنت لست أمها ، وأبوك هو المسؤول عنها ، هذا ما أعرفه ))
ذهلت كاترين ، لم تكن تتوقع مطلقاً اعتراض سيمون على عنايتها بفالنتينا ، ثم قالت :
(( أظن أن الحديث قد طال بيننا سيمون ، ومن الجلي أن كلينا يحتاج إلى وقت للتفكير ، سوف اتصل بك إذا توصلت إلى حل ، ولا أظن أن نبش الحقائق الماضية يساعد على حل المشكلة ))
(( لآ أظنك جادة يا كاترين ، هل تعنين أننا لن نتقابل بعد الآن ؟ ))
(( لا بل أنا جادة يا سيمون ))
(( لا لن أدعك تفعلين هذا ، إنهما جيرد وغلين ، هما السبب ، أليس كذلك ؟ لقد تظاهرت أنك فالنتينا ، فماذا يريدان أن تفعلي أكثر من هذا ؟ تذهبين معهم إلى كندا ؟ ))
قالت كاترين بثبات :
(( ليس عندي ما أقوله يا سيمون ، وكل شيء قمت به من أجل غلين كنت سعيدة به ، أرجو ألا تنسى ذلك ))
بعدما قطعت المكالمة ، كانت تخشى أن يتصل بها سيمون ثانية ، ولكن عندما تهيأت للخروج وبقي جرس الهاتف صامتاً ، أيقنت أنه لن يفعل ، نظرت إلى ساعتها ، وعرفت أنها تأخرت عن المتشفى ، ومن دون تناول أي طعام ، استقلت سيارة أجرة لتصل في الوقت المحدد 0
ووجدت غلين وحيداً ، فحيته التحية المعتادة وجلست بجانبه ، وقال مباشرة :
((حسناً ، ما هو قرارك ؟ هل أنت آتية معي ؟ فالنتينا إذا لم تفعلي ، لا أعلم ماذا 000))
تنهدت كاترين تنهيدة عميقة ، وقالت :
(( آه غلين ، لا تقل شيئاً ، أنت عرف أنني لا أستطيع ، أنت عرف أنني في منتصف المدة التدريبية ))
تمتم غلين :
(( فالنتينا ، ألست أكثر أهمية في نظرك ، إني محتاج إليك ، لم أفكر مطلقاً أني قد أقول مثل هذا الكلام لأي مخلوق ، ولكني أقوله لك ، وعندما أتعافى ، عندما يعود بصري ، لن انتظر أكثر فسوف أربط مصيري بمصيرك إلى الأبد ))
(( غلين 000))
قاطعها قائلاً :
(( حسناً ، حسناً ما كنت أريد قول هذا ولكن ألا تظنين أنك مدينة لي بذلك ؟ ))
(( غلين !))
(( الآن أصغي إلي ، أنا، لم أقحمك في شيء ، ولكن هذا لا يغير الحقيقة ، والحقيقة أنك كنت تقودين السيارة ، أليس كذلك ؟ ))
رفعت كاترين عينيها نحو السماء ، وقالت محتجة :
(( ما كان عليك أن تدعني أفعل ذلك 00))
(( هذا صحيح ، ولكني فعلت ، على الأقل يمكنك أن تأخذي إجازة ، كما قال جيرد ، وبعدها لا يعلم أحد ماذا يمكن أن يحدث ))
هزت كاترين رأسها ، بالتأكيد يمكنها الحصول على إجازة ، ولكن بعد الذي حصل بعد ظهر هذا اليوم ، إنه أكثر من الجنون أن تفكر بالعيش في البيت نفسه مع ذلك الرجل الذي استطاع إثارة كوامن عواطفها ، وهو في الوقت ذاته على علاقة بأرملة أخيه ، وإقحامها في هذه المشكلة العويصة يشكل خطراً عليها ، ثم عادت ونظرت نحوه قائلة :
((غلين ، الأمر ليس بهذه السهولة كما تظن ))
وهو يصغي إلى نغمات صوتها ، وقف على كرسيه واتجه نحوها ، يبحث عن ذراعها ، ثم ألقى بذراعه على كتفها وقال بوضوح :
((لماذا ليس سهلاً
جمدت كاترين مكانها ، حركة واحدة من يده نحو شعرها ، وينتهي كل شيء ، كان عليه فقط أن يلمسه ، فيحل الشريط الحريري الذي يكلل رأسها بهالة عنبرية اللون ، ليعرف أن هذا ليس شعر فالنتينا ، وأدركت في هذه اللحظات أنها لا تريده أن يكتشف الحقيقة ، فخرجت الكلمات بسرعة من بين شفتيها :
((حسناً ، سوف آتي معك ، ولكن لمدة أسبوعين فقط ))
((لا ، أربعة ))
(( وهناك حل وسط ))
أبدى هذه الملاحظة صوت جاف جاء من ورائهما ، فتقدم غلين ليحيي عمه ووالدته 0
قال غلين موافقاً :
((حسناً ، ثلاثة أسابيع ، هل سمعت ذلك يا أمي ؟ فالنتينا آتية معنا ، أليست هذه أخبار عظيمة ؟))
(( عظيمة !))
رددت ليزا هذه الكلمة بدون حماس ، ولما التقت عينا كاترين بعينيها ، عرفت أن هناك شخصاً لا يرحب بها في شلالات موز 0
تأكدت جيرد أنها فبلت ذلك من أجل غلين ، أما هي فقد شعرت أنه من الممكن أن ما حصل بينهما بعد ظهر هذا اليوم قد ينمو ويزداد ، ولذا فقد عزمت بتصميم ، وهي تنظر إليه نظرة باردة عدوانية ، أن تنسى نهائياً تلك الحادثة الخاصة 0
مغادرة انكلترا كانت أسهل مما توقعت ، ولا شك أن جيرد هو الذي سهل الأمور عليها ، فقد ذهب إلى رئيسها ، وطلب إجازة لمدة أسبوعين بالإضافة إلى أسبوع أخر من غير راتب ، وافق المدير على ذلك دون تعقيد ، لا شك أن جيرد شخصية مرموقة0
لم يبقى عليها إلا أن تطوي صفحات حياتها السابقة ، وتقوم بترتيبات لازمة مع جارتها لتنتبه إلى شقتها خلال غيابها ، وآخر ما كانت تفكر فيه هذه اللحظة هو سيمون ، فقد يأتي متسكعاً حول بيتها ويكشف ما تفعله ، الأمر الذي طالما لامها عليه ، ولكنها بررت لنفسها ذلك بأن ما تقوم به هو عمل وظيفي ، بالإضافة إلى أنها لم تكن قد زارت كندا من قبل ، وكذلك لم تعبر المحيط ، وفكرة قضاء ثلاثة أسابيع في أواسط كندا الغربية ، في تلك المساحات الطلقة الشاسعة ، راقت لها كثيراً بعد سجن المدينة ، ولكن لم يغب عن ذهنها مطلقاً ما يمكن أن تولده هذه الرحلة ، فشعرت بكثير من القلق والضيق 0
في التاسعة من صباح الأربعاء ، كانت سيارة أجرة تنتظرها أمام البناء لتقلها إلى المطار ، ولما وضع السائق حقائبها في السيارة ، أحست برجفة خوف من شر مرتقب ، الحقيقة أنها تقوم بمغامرة خطرة لا تعرف نتائجها ، مهما كانت نظرتها لما تفعله ، ومع أن الشعر المستعار الأشقر كان في الحقيبة فإنها لم تشعر بالأمان على الإطلاق 0
كانوا ينتظرونها في المطار ، وكانت على المدرج طائرة خاصة ستقلهم إلى حيث يقصدون ، سألها غلين :
(( هل أعجبتك الطائرة ؟ آلة قديرة سرعتها 550ميل في الساعة تقريباً ، سريعة كبعض الطائرات الكبيرة ))
بقيت كاترين صامتة فسفرها في الطائرة لم يتجاوز الرحلة إلى أسبانيا ، وهذه الطائرة تبدو في نظرها أصغر من أن تستطيع عبور الأطلسي 0
أما جيرد فقد انضم إليهم بعدما أنهى محادثته مع رجل آخر كان يقف معه بعيداً ، وسأل :
(( هل انتم على استعداد ؟ ))
(( أظن هذا ))
أجابت كاترين وهب تحاول الاحتفاظ بثباتها ، ولكنها كانت تشعر بقربه ، وبالحقيقة التي يبدو أنه نجح في إبعادها عن ذاكرته ، من غير جهد ظاهر ، التفت جيرد إلى الرجل الذي كان يحادثه وقال مبتسماً :
(( حسناً فنس ، يمكننا الرحيل ))
ليزا أصرت على مساعدة ابنها عبر المدرج للوصول إلى الطائرة والصعود إليها ، مما ترك المجال لجيرد كي ينفرد بضع لحظات بكاترين ، وفال :
(( لا تكوني عصبية ، أنا واثق أن الرحلة ستكون ممتعة ومريحة ))
(( لا تقلق علي ، سأكون بخير ، المهم أن يكون غلين على ما يرام ))
(( حقاً 00))
مرت بهما لحظة صمت ، وعندما وضعت قدمها على أول درجة من سلم الطائرة أمسك بها يحتجزها برهة ، وقال :
(( أشكرك على مجيئك ، لم يسعفني الحظ لأشكرك من قبل ، وإني لأقدر هذا منك ، خصوصاً بعد سلوكي يوم أمس الذي كان سينسف كل شيء ))
صعدت كاترين إلى الطائرة من غير إجابة ، وهي تقول لنفسها : إن ثلاثة أسابيع برفقة هذا الرجل ، ستحمل عواطفها عناء لا يطاق 0
بد داخل الطائرة كقاعة رحبة فاخرة ، بأرائكها المريحة ، وسجادها الثمين 0
عندما جلست إلى جانب غلين أخبرها أن هناك غرفة للنوم ، خاصة بجيرد ، يأوي إليها في حالة التعب ، أو عندما يسافر ليلاً 0
قدمها جير إلى قبطاني الطائرة الذين يرافقانه ، فخاطبها أحدهما وهو فنس بطريقة ودية :
(( يمكنك بعد حين المجئ إلينا لتري كيف نقود الطائرة ))
عندما ابتدأت الطائرة ترتفع ، وأخذت تحلق في سماء لندن المظلمة ، لاحظت كاترين أن أظافر ليزا كانت تنغرز في يد جيرد ، فاستخفت بنفسها للرعشات الخفيفة التي انتابتها ، ولكن سرعان ما كبتت مشاعرها 0
كانت الغيوم تحتضنهم برقة وحنان ، ترافقهم كيفما اتجهوا إلى أن أطل عليهم نور الشمس المشرقة ، فودعتهم تلك الغمائم ببعض الدموع وغابت عن الأنظار 0
قدم لها المضيف الشراب والقهوة ، وفي وقت الظهيرة ، قدم لهم طعام الغداء الذي اعترفت كاترين أنه كان لذيذاً جداً 0
لقد أمضى جيرد الجزء الأول من الرحلة ، يجلس إلى أحدى الطاولات منكباً على دراسة بعض الملفات بتركيز شديد ، وما كان يزعجه سوى ليزا بين الحين والحين ، وتقطع عليه حبل استغراقه في أرواقه 0
أما كاترين فقد راحت في نوم هادئ لذيذ أراحها من عناء اليوم السابق ، لم تدر إن طال نومها أم قصر ، ولكن ما تدريه أنها عندما استيقظت ، بدت لناظريها معالم الحياة ، فاستفسرت قائلة وهي تلتفت إلى غلين :
(( هل وصلنا ؟ ))


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:13 PM   #17

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

ضحك غلين بلطف من سذاجتها وقال :
(( هذه جزيرة ريكجافيك ، حيث سننزل فقط ، من أجل تزويد الطائرة بالوقود ))
حدقت من النافذة غير مصدقة وقالت باستغراب :
(( ما كنت أعرف أننا سننزل في آيسلاند ))
وعندما غادروا مطار ريكجافيك ، قال جيرد :
(( الآن سننعطف نحو الشمال بالقرب من المنطقة القطبية الشمالية ، ثم نطير جنوباً فوق غرينلاند ، والمقاطعات الشمالية الغربية ، حتى نصل إلى موزباي))
رفعت كاترين حاجبيها وقالت :
(( لكنني ظننت أننا سنطير إلى كالجري ))
(( لنا مطار خاص في موزباي وهو يبعد بضعة أميال عن أملاكنا ))
دخل جيرد إلى قمرة القبطان ، وبعد لحظات ظهر فنس ودعا كاترين لكي تنضم إليهم ، فرأت جيرد يجلس على كرسي القبطان يتبادل الحديث مع زميل فنس عن قيادة الطائرة ، ولما دخلت هب واقفاً وقدم لها مكانه 0
كانت في غاية الدهشة ، أحست وكأنها تخطو في الفراغ ، قالت في نفسها : أن تجلس في غرفة الركاب شيء معقول ، على الأقل يمكنها أن تخدع نفسها بأنها تقف على الأرض ، أما في هذه القمرة ، فأحست أن لا شيء يفصل بينها وبين تلك المساحات العميقة ، وشعرت كأن الشلل يتسرب إلى أطرافها من الخوف 0
أحس جيرد كأنها سمرت في مكانها ، فكانت شاكرة لليد التي امتدت لمساعدتها ، وجلست على الكرسي وهي تشعر بضعف ينتابها ، ولما ثبت الحزام حول خصرها ، قال :
(( لم يطلب منك أحد قيادة الطائرة ، ولكن على الأقل تمتعي بهذا الإحساس ))
بالفعل بدأت مخاوف كاترين تتبدد ، وأحست بكثير من السرور ، وهي تعرف أنها على ارتفاع عدة أميال فوق سطح الأرض ، ولما عادت إلى مكانها ، قال غلين :
(( إنها مسألة بسيطة ، أليس كذلك ؟ هل تعلمين أن هناك طائرات تطير وتهبط آلياً ؟))
تدخلت ليزا وهي تنظر إلى أظافرها :
(( عندما يحدث هذا ، سأتوقف عن السفر بالطائرات))
حلقت الطائرة مدة ساعتين تقريباً ، فوق مساحات تتناثر فيها آلف البحيرات ، تتألق كالمرايا ، وسر كاترين أن غلين غط في النوم ، حيث ترك لها مجالاً لتستمتع بهذه المناظر الأخاذة من غير الشعور بالذنب كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل ، ولكنها لم تشعر بالتعب ، لأن الفترة التي نامت خلالها كانت كافية لتعيد إليها النشاط ، وكانت تترقب الوصول بفارغ الصبر0
مساحات ومساحات من الغابات العذارى تمتد بين البحيرات وأشجارها الخضراء ، تبدو معتمة يكتنفها الغموض ، بعدما أخذت الشمس بالغروب 0
و أدركت كاترين لو أن الطائرة سقطت بهم هناك – لا قدّر الله – فقد تمضي عدة أسابيع قبل أن يهتدي إليهم أحد 0
لقد رأت مدينة موزباي الصغيرة من الفضاء تمتد على شاطئ بحيرة موز ، لم يكن لبيوتها طابع موحد ، فهي تختلف عما ألفته في المدن الصغيرة في انكلترا 0
عندما هبطت الطائرة على أرض المطار ، ألقت كاترين نظرة ذهول على القمم الأرجوانية التي تمتد إلى مسافات بعيدة ، وحيال هذه المشاهد الخلابة أحست كاترين بالخشوع 0
تمت بسرعة المعاملات التي يتوجب انجازها للنزول إلى الأرض0فجيرد وغلين مرموقان في المنطقة ، كما يبدو 0
وما إن أصبحوا خارج المطار ،حتى بدت الدهشة على وجه كاترين ، فهي لم تعد ترى شيء سوى المساحات القاحلة ، فأين البحيرات التي كانت تراها وهي محلقة في الفضاء ؟ أين غابات الصنوبر التي كانت تمتد أميلا وأميال ؟ فكل ما تستطيع رؤيته الآن هو مسافات معبدة ولا شيء وراءها سوى الظلال التي عكستها ظلمة المساء 0

مرحباً موزباي


ظهرت سيارة كبيرة فارهة تسرع طوال الطريق بمحاذاة المساحة المعدة لوقوف السيارات ، متجهة نحوهم ، ثم وقفت أمامهم ، نزل منها شاب ، مراهق ، نظر إلى جيرد نظرة فيها كثير من الاحترام والأسف ، وقال :
((أنا آسف ، لأني تأخرت ولكني لم أعرف أنه يتوجب عليّ المجيء لملاقاتكم ن إلا قبل نصف ساعة فقط ، هل كانت الرحلة موفقة ؟ ))
((لقد كانت لطيفة يا تروي ، أين أبي ؟ إنه يعرف متى نصل ))
أحمر وجه تروي خجلاً وقال :
(( أظن أنه لا يعرف الوقت بالضبط))
ثم حمل الحقائب ووضعها في القسم الخلفي من العربة ، وتحول إلى غلين يسأله عن حاله 0
قاد جيرد السيارة وإلى جانبه ليزا ، ذراعها ممدودة خلف مقعده ، أما كاترين فقد حشرت نفسها بين غلين وتروي في المقعد الخلفي ، ولم تستطع في جلستها تلك إلا أن تلاحظ أصابع ليزا تعبث بياقة جيرد ، مما جعل الدم يغلي في عروقها من الغيظ 0
مرة واحدة التقت عينا كاترين بعينيه من خلال المرآة الأمامية ، ولكنها لم تفهم منهما شيء ، فقد كانت تضيق من انعكاس أنوار السيارات الآتية عليهما 0
بعد أن ابتعدوا مسافة غير قليلة عن المطار ، أخذت مظاهر الحياة تبدو لها أوضح ، رأت عيناها عدداً من البيوت غير المسوّرة تبعد قليلاً عن جانبي الطريق ، ونباح الكلاب من حولها يعكر هدأه الليلة ، والأنوار تسترق النظر من بين شقوق النوافذ ، فيتسلل بعض من شعاعها ليختلس من المساء شيئاً من عتمته ، فترى سيارة كبيرة تقف أمام مدخل كل بيت 0
وعندما انعطفت بهم السيارة إلى طريق فرعية ، قال لها غلين مبتسماً :
(( من هنا تبدأ أراضي فريزر ))
لم يتكلم جير سوى كلمة أو اثنتين مع أرملة أخيه أثناء الطريق ، وبقي طوال الوقت صامتاً لا يفارقه العبوس ، وعزت كاترين ذلك لعدم مجيء أبيه لاستقباله ، وقالت في نفسها : لعل هذا الأب قد تخلّف عن ملاقاة ولده لشيء هام 0 كما قد يكون غضب الابن لأمر أهم 0
قطعت بهم السيارة مسافة طويلة بعد أن تركوا الشارع العام ، وظنت أن جيرد يقودهم في طريق دائرية لأمر ما في نفسه ، وبعد أن اجتازوا مساحات شاسعة من الأراضي ، بدأت الأضواء تتلألأ من هنا وهناك كأنهم في وضح النهار ، وقف جيرد فجأة ونزل تروي ليفتح أمامهم البوابة العريضة 0
وعادت السيارة إلى المسير عبر تلك البوابة في طريق عريضة ، مرّوا بعدة أكواخ وعدد من الإسطبلات ، ثم ببناء طويل لا تكاد ترى نهايته ، قال عنه جيرد إنه مبنى خاص بالعمال 0
بعد قليل وقفت السيارة أمام بناء ضخم ، أقيم على مساحة هائلة من الأراضي يدل على الفخامة والترف ، مما جعل كاترين تنظر مشدوهة إلى مبنى المزرعة هذا ، وهي تسمع غلين يقول :
((أهلاً بك في موزباي ))
وقفت كاترين في الجناح الكبير المعدّ لإقامتها ، وهي مذهولة بما يحيط بها من روعة وجمال ، شيء لم تكن تتخيله ، وأسباب الترف والرفاهية ، لم تكن تحلم بها ، لم تعرف شيئاً من قبل عن بيت غلين ، بيت في منتهى الأناقة والترتيب ، فسيح ، رحب ، لا تعرف لغرفه عدداً 0
وفي الواقع قبل رؤية الجناح الخاص بها ، كان أول ما أدهشها عند دخولها المبنى ، القاعة الفسيحة التي تفوح برائحة الصنوبر ، الذي كان يحترق في الموقد الكبير ، كما لفتت انتباهها الزخارف الجميلة المحفورة على جانبي الدرج المصنوع من خشب البلوط ، الذي يفضي إلى الطابق العلوي ، وكذلك الممرات العريضة العالية مفروشة بالسجاد المزخرف الثمين ، كل شيء كان يدل على الفخامة والعظمة ، ابتداء من أيدي الأرائك أينما كانت ، إلى النوافذ المستطيلة التي تطل على المزرعة وتكاد تغطي الجدران ، تتدلى عليها الستائر المخملية المتموجة ، يبهر لمعانها الأخاذ تحت أضواء عشرات من القناديل المختلفة الأشكال 0
التقت بامرأة طويلة نحيلة القوام ، ذات شعر رمادي اللون، سمراء البشرة ، تدعى ماريا ، وشعرت كاترين بأن دماء الهنود تسري في عروق هذه المرأة 0
ماريا حيّت غلين بمودة ، ولكنها استقبلت جيرد بحرارة أكثر ، وقالت :
(( لقد تأخرت ، وابتدأت أقلق عليك ، ليس على الرجل الاستمرار في الطيران ذهاباً وإياباً عبر المحيط ، كصقر لا يعرف على أية جهة من الجبل يبني عشه ))
وزاد في كآبة ليزا ، رؤيتها جيرد يأخذ ماريا بين ذراعيه ويعانقها بحرارة مبدداً عن نفسه بعض الغم :
(( الرجل لن ينتقل بين الأقمار ثانية يا ماريا ))
ضحكت ماريا لمزاحه كثيراً ، وتابع جيرد يسأل :
(( أين أبي ؟ أين هو ؟ ))
((في المكان المعتاد ))


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:15 PM   #18

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

وعندما تحرك جيرد ليبحث عن أبيه ، احتجت ليزا قائلة :
(( جيرد ، أنا وغلين وصلنا للتو ، تناول معنا طعام العشاء على الأقل قبل ذهابك للبحث عن ذلك الرجل العجوز ))
ولكن جيرد ، وبعد دقيقة صمت ، غادرهم ، واختفى في الدرب المؤدي إلى خلف البناء ، تاركاً ليزا تغلي غيظاً 0
يبدو أن ماريا هي التي تدير وتدبر كل شيء ، طلبت من ليزا أن تعني بولدها ، بينما قادت كاترين إلى غرفتها دون التفات إلى اعتراض غلين ، وأما تروي فقد لحق بها وهو يحمل حقائبها 0
كان الجناح المعدّ لها يتألف من غرفة نوم وغرفة جلوس وحمام تتساوى مع بقية غرف المبنى في الرحابة والارتفاع والزخرفة والرسوم على الجدران تزيد المكان دفئا وجمالاً ، وهي مبهورة بما ترى تماماً ، تسير وقدماها تغوصان في طنافس ناعمة حمراء اللون ، ومازالت رائحة خشب الصنوبر الذي يشتعل في الموقد تعطر المكان 0
عبرت غرفة الجلوس إلى قنطرة واسعة تكشف عن غرفة نوم فيها سرير ضخم عالي القوائم تغطيه ستارة مخملية بنية اللون ، وكان الأثاث في الغرفتين لا يقل فخامة وأناقة وجملاً عن باقي ما في المنزل من أثاث 0
تركتها ماريا ، بعد أن أعلمتها أن العشاء سيكون جاهزاً بعد ساعة أو أكثر ، ولكن قبل خروجها علقت مبتسمة :
((لاحظت معاملة غلين لك ، إنك تعنين إنساناً هاماً بالنسبة إليه ))
تكلفت كاترين الابتسام رداً على ابتسامتها وهي تحس بالقلق ، خصوصاً أن ماريا لا تعرف شيئاً عنها ، وشعرت بالعبء الثقيل الملقى على عاتقها 0
كان أول ما عزمت عليه ، دخول الحمام كي تغتسل ، فتزيل عنها عناء السفر ، وعن نفسها ذلك القلق الذي لا ينفك يعبث بها 0
تململت كاترين في المياه الساخنة ، وقد سرى الدفء في أوصالها ، فاسترخت ، ولم تستطع أن تحول دون اغماضة قصيرة زارت جفنيها الناعسين 0
صحت على صوت نقرة قوية على الباب ، فقفزت من الماء مذعورة ، وأسرعت إلى منشفة الحمام تلتف بها
شكرت الله أن الباب كان مقفلاً 0
سمعت قرعاً وسمعت كلاماً :
((كاترين بحق 000، هل أنت بخير ، أجيبي ؟ ))
شدهت كاترين ، إنه جيرد ، جنّ جنونها ، ماذا كان يفعل في غرفتها ؟ لماذا جاء يا ترى ؟ ثبتت منشفة الحمام جيداً حول جسمها الذي فرّ الدفء منه ، واعترتها برودة كبرودة الموتى ، ثم خرجت 0
(( ماذا كنت تفعلين طيلة هذا الوقت ؟ ))
(( كنت استحم ))
((الطعام كان جاهزاً منذ التاسعة ، والآن قد بلغت الساعة العاشرة ))
((أظن أني سهوت قليلاً ))
أمسك جيرد بكتفيها بقسوة وهزها قائلاً :
(( نمت ، هل تعنين أنك نمت في الحمام ؟ ماذا دهاك ؟ هل أنت مجنونة ؟ كان من الممكن أن تغرقي هناك ))
سرى الخوف في أوصالها ، ونظرت قلقة نحو القنطرة التي تؤدي إلى غرفة الجلوس ، وقالت :
(( جيرد ، لا يحسن أن تكون هنا ))
((كاترين ، لماذا غيرت رأيك وقبلت المجيء معنا ، أنا متأكد أن ليس هناك ما يجبرك على ذلك ))
(( لا بأس فأنا هنا الآن ))
(( أريدك أن تخبريني ))
ابتعدت عنه وهي تقول :
(( من الأفضل أن تذهب الآن ))
(( ليس قبل إخباري بالحقيقة ))
كان صوته ناعماً يشفّ عن شغف عارم يملأ قلبه نحوها ، واقترب منها ماداً ذراعيه يطوقها ويضمها إلى صدره ، ولكنها تراجعت إلى الوراء وهي تقول :
(( جيرد ، اذهب الآن ، وسألحق بك في الطابق الأرضي بعد قليل ))
وقبل أن يتحرك جاء صوت غلين من غرفة الجلوس منادياً :
(( فالنتينا ، أين أنت ؟ ))
((إنها هنا ، كانت تستحم ، جئت أخبرها أننا ننتظرها على العشاء ))
كان صوت جيرد هادئاً طبيعياً ، فعجبت كاترين كثيراً لهذا الاختلاف السريع في نبرات صوته ، هل كان يمثل يا ترى ؟ أكان يسخر منها ؟ لم تستطع إيجاد جواب على أسئلتها ، وأفاقت من شرودها على صوت غلين :
(( جيرد ماذا تفعل هنا ؟ ظننت أنك رافقت أباك إلى غرفة نومه ))
(( كنت معه ، حتى دخل فراشه ، ولحسن الحظ أني جئت أدعوها إلى العشاء وإلا كانت غرقت في الحمام الذي أسلمت نفسها للنوم فيه ))
شحب وجه غلين ، وقال متلعثماً :
(( يا الهي ، هل هي بخير الآن ؟ ))
(( نعم ، إنها بخير الآن ، تعال يا غلين ، دعنا نتركها الآن ، فقد قالت أنها ستلحق بنا في غرفة الطعام بعد وقت قصير ))
جرى كل هذا الحوار وكاترين مشدوهة أمام ما يحدث ، لم تستطع قول كلمة واحدة ، ولما حاولت أن تفتح شفتيها كان جيرد قد قاد ابن أخيه عبر غرفة الجلوس إلى الممر 0 فوضعت يديها على أذنيها تبعد عنهما صوت إغلاق الأبواب الثقيلة 0
مضت فترة العشاء بطيئة كئيبة ، يسودها صمت عميق ، كأن كل منهم كان مشغولاً بهواجسه 0
عند انتهاء العشاء كانت كاترين أكثر الحاضرين شوقاً للهرب إلى غرفة نومها ، ولكن غلين أخرها ، ممسكاً بيدها عندما تمنت له ليلة سعيدة ، وأرغمها على البقاء معه بعض الوقت بعدما غادر الآخرون ، وقال :
(( لم يكن لدي الفرصة لانفرد بك اليوم ، متى يمكننا الجلوس معاً وحدنا يا فالنتينا ؟ هل العمى الذي أصبت به يضايقك ؟ ألم تقولي أنه مؤقت ؟ أم أنك وجدت جيرد أكثر جاذبية مني ؟ إني أحذرك فوالدتي لن تقف مكتوفة اليدين حيال ذلك ، فهي تتوقع أن يتزوجها ))
خرجت الكلمات مسرعة تنّم عن القلق من بين شفتي كاترين :
((آه غلين ، لا تكن أحمق ، أنا لا أعرف ما تتحدث عنه ، والأفضل أن تذهب إلى فراشك مباشرة وتستريح ))
(( آه ، متى أتخلص من هذا العمى 000؟ ))
ربتت كاترين على خده في حنان تطمئنه وهي تقول :
(( كن صبوراً يا عزيزي ، سوف يعود إليك بصرك ، وكل ما في الأمر ، أنه يحتاج إلى وقت ، والآن دعنا نذهب إلى النوم ، فالأمور ستبدو مختلفة في الصباح ))
قال غلين بخشونة :
(( لن تكون كذلك بالنسبة لي ، فالنتينا ، الصبح والمساء فقدا معناهما عندي وأصبحا شيء واحد ، فكل شيء أسود ، أسود ))
أشفقت كاترين عليه ، ووضعت يدها على ذراعه بحنان وقالت :
((آه غلين ، لا تفقد إيمانك ))
خلصها من هذا الموقف صوت جيرد قائلاً :
(( هذا يكفي يا غلين ، دعني أساعدك للصعود إلى غرفتك ، فإن كلا منكما متعب ))
وسألت كاترين نفسها ، ترى منذ متى وهو يراقبهما ، ولماذا ؟ لا يمكن أن تكون الغيرة هي السبب ، فهي ليست مغرورة إلى حد أن تتصور ذلك ، هل يمكن أن يكون جيرد صادقاً وأنه أحبها بالفعل ؟ أم أنه جاء ليفرض سيطرته عليهما ؟ 0
عندما أطلّ صباح اليوم التالي ، أزاحت كاترين الستارة المخملية عن فراشها ، وأخرجت قدمها لتغادره ، تذكرت ليلة أمس ن وأحست بالامتنان لتدخل جيرد مهما كان سببه ، كان يكفي غلين في تلك اللحظات أن تمتد يده إلى شعرها ليعرف أنها ليست فالنتينا ، وكل الحسنات المتوقعة من حضورها ستمحى في لحظة تهور وفي غمضة عين 0
كانت ممتنة فقط لتخل جيرد في تلك اللحظة ، أما غير ذلك فهي لا تريد التفكير به على الاطلاق ، لقد سلك معها سلوكاً شائناً ، ولا بدّ أنه أدرك ذلك 0وإلا فما معنى تجاهله لها طيلة المساء ؟!! يا الله لقد خانت مبادئها ، لا بدّ أنه قرأ شيئاً ما في عينيها حتى تجرأ وحاول الاقتراب منها ن وكانت شاكرة أيضاً لدخول غلين إلى غرفتها يسأل عنها في ذلك الوقت ، ولا شك أن جيرد ينظر إليها بغير احترام ، وهذا ما لن تسمح به أبداً 0
سحبت الستائر المخملية عن النوافذ ، فأثارت إعجابها تلك المشاهد الخلابة التي بدت أمامها ، مساحات ومساحات من المراعي الخصبة الخضراء التي تمتد حتى تعانق الأفق ، ذلك الحدّ الغامض الخيالي الذي يتلاشى في حزمة من الغيوم 0
وأمامها غابت الجبال تحت ستائر من الأضواء الوهّاجة ، حتى كادت كاترين تحسب أن لا جبال هناك ، وأخذت أشعة الشمس تلوّن المنحدرات بلونها الأصفر الشاحب فتكسبها جمالاً فوق جمال ، لقد سبق لها وأن قرأت في أحد الكتب أن الجبال تسحر الرجال ، وهي أيضاً ، ولأول وهلة ، لقد سرى في عروقها شعور بالنشوة والانتعاش ، ولكن لما بدأت الغيوم تكلل بياضها رؤوس المرتفعات أدركت خطرها أيضاً 0
كانت لا تزال الساعة السابعة والنصف تقريباً ، ومع أن الوقت كان مبكراً ، إلا أنها أحست بجوع شديد ، ولذا فكان أول ما فعلت أن اغتسلت و ارتدت ثيابها ، لم يكن من الصعب عليها النزول إلى الطابق الأرضي ، حيث سمعت حديثاً يدور هناك ، استطاعت أن تميز صوت ماريا ، أما الآخر فقد أخطأته عندما حسبته صوت جيرد ، لقد سمعت ماريا تقول :
((أنا لا أشعر بالعطف عليك ))
(( أنا لا أتوقع منك ذلك يا امرأة ، فقط هات بعض القهوة وكفّي عن الثرثرة ، فإنس سأخرج مع جيرد هذا الصباح ))


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:16 PM   #19

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

كان المتكلم يجلس قرب الموقد ، طويل القامة ، حاني الكتفين بعض الشيء ، ولما أحس الرجل بقدومها التفت إليها ، فرأت رجلاً عجوزاً ، رسمت السنون على وجهه عشرات الخطوط العميقة ، وأدركت على التوّ أنه والد جيرد ، بادرها بالكلام قائلاً :
(( لا شك أنك فالنتينا ، أليس كذلك ؟ تعالي أيتها الفتاة فلا حاجة للخجل ))
تقدمت منه وأجابت :
(( نعم أنا هي ، كيف حالك ؟ أنت 000))
أتّم الرجل كلامها بقوله :
(( أنا بن فريزر ، إنني سعيد لرؤيتك يا فالنتينا ، غلين حدثني كثيراً عنك في رسائله ، هل نمت جيداً ؟ ))
(( نعم ، نعم ، أنا لم أنم في حياتي في سرير فخم كهذا ))
دخلت ماريا الغرفة وهي تحمل صينية عليها فنجانين من القهوة ، ووجهت حديثها إلى كاترين :
(( هل تعلمين أن هذا الرجل خرج من البيت منذ الساعة الخامسة والنصف صباحاً ؟ ولولا جيرد لما رأيناه إلا بعد عدة ساعات !!))
تناول بن فنجان من القهوة،وقدمه لفالنتينا وقال :
(( آسف،لم أحييك الليلة الماضية,فأنا لم أكن بخير ))
أحست كاترين أن هناك ما يزعج الرجل ، وجاءها صوت من الخلف يقول :
(( حسناً ، أخيراً أنت على استعداد ، وهذا أمر تشكر عليه ))
اجتاز جيرد القاعة إليهم ، يستمع إلى أبيه الذي قال :
(( لا تظن أني استيقظت من أجل الخروج معك يا غلام ، بل لأني أردت أن أسلم على فالنتينا ، وإني لآسف لأني لم أكن هنا الليلة الماضية لأفعل ذلك ))
التفت جيرد إلى كاترين وسألها :
(( هل وجدت غرفتك مريحة ؟))
((آه ، نعم ، بالتأكيد ، إنها مريحة جداً ))
وانشغلن بالقهوة التي كانت تتناولها ، وبقيت على تحفظها معه ، مع أنه لم يكن من السهل عليها أن تتجاهل شخصاً يراقبها 0
ثم سأل أباه :
(( ألست على استعداد ؟ فإني لست عازماً على الوقوف ههنا طوال النهار ))
وضع بن فريزر فنجان القهوة من يده على الصينية وقال وهو يرمق كاترين بحركة مضحكة :
((مستعدّ تماماً ، هل سنبقى خارجاً طيلة النهار ؟ ))
((لديّ عمل كثير ، كفّ عن العبث قليلاً ، إن هورس ينتظرنا ))
وجه جيرد كلامه إلى كاترين وهو يمرّ بها :
(( هورس هو المشرف على مزرعتي ، وهو ابن ماريا ))
وتلاقت عيناهما لحظة حملت لكاترين الكثير من المعاني الغامضة ، ثم مضى 0
حديث عن الماضي


تناولت كاترين فطورها في المطبخ بلا شهية على الرغم من أنها كانت تشعر بالجوع ، وأحست أن النهار قد فقد بهجته طالما أن جيرد سيغيب حتى المساء 0
أخذت ماريا تحدثها ، ولم تترك موضوعاً يخصّ المنزل أو المزرعة إى خاضت فيه تقريباً ، لقد أخبرت كاترين أنها تقوم بتهيئة جميع الأطعمة والحلويات ، كما أنها تشرف على جميع العاملين بالبيت ، وفهمت من حديثها أن ليزا لا تهتم بأعمال المنزل ، ولا تقوم إلا بالشيء اليسير جداً منه ، كما أخبرتها أن السيد بن فريزر والد جيرد قد فقد قوته ونشاطه وأصبح على هذه الحال بعد موت ولده انغوس 0 ولذا اضطرت ليزا أن تقوم بتربية ولدها وحدها وأصبحت تعتمد على جيرد في جميع شؤونها تقريباً 0
قالت كاترين مشتركة بالحديث :
(( هل هناك شيء أساعدك به ؟ ))
(( تساعدينني أنا ؟ أنت هنا لمساعدة غلين كي يستعيد صحته وقوته ، أرجو من الله أن يعيد إليه بصره ))
(( آمين!))
وأضافت ماريا :
(( يبدو أن غلين لا يستطيع الصبر ، حتى يأتي اليوم الذي يرحل فيه ، ولو أن والدته تريد عكس ذلك ))
(( هل المزرعة مهمة بالنسبة إليها إلى هذا الحد ؟ ))
(( يمكنك قول ذلك ))
(( أظن أن المزرعة ستؤول إلى غلين لو بقي أبوه حياً ))
(( لا ، فإن جيرد ماكدونالد الجدّ ، ترك المزرعة لحفيده جيرد 000))
(( إذن لم يكن بن والد جيرد هو المالك ؟ ))
(( لا ، كانت المزرعة لماكدونالد ، والد أمه ، والد السيدة مارغريت 0 في ذلك الوقت كانت هناك سيدة بالفعل ، سيدة بالمعنى الحقيقي ))
شعرت كاترين بأن في كلام ماريا تلميحاً على أن ليزا لم تكن تلك السيدة 0
وقالت :
(( يبدو أنك تعرفينها ))
(0 بالتأكيد هي التي أحضرتني إلى هنا ، وبقيت معها حتى ماتت ن المسكينة ، لقد ماتت بعد ولادتها مباشرة ، فكرس أبوها ماكدونالد كل حياته لها ))
تنهدت ماريا تنهيدة عميقة في أسى وتابعت :
(( لقد كان ماكدونالد سعيداً عندما تزوجت ابنته مارغريت من بن فريزر 0 لكن سعادته لم تكتمل ، لأن بن لم يبد أي اهتمام بالمزرعة ، عاشت مارغريت خمسة عشرة عاماً بعد زواجها ، ولحق بها أبوها بعد ذلك بعشر سنوات ))
فهمت كاترين أن زواج مارغريت من بن لم يكن موفقاً ، كما أراده والدها أن يكون ، ولكن كاترين بعد ما رأت بن فريزر ، لاحظت أنه كان رجلاً وسيماً وجذاباً ، و لا شك أن المرارة والأسى هما اللذان حفرا في وجهه هذه الخطوط العميقة 0
لقد استلطفته كاترين وارتاحت إليه ، وشعرت أنه إنسان بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، أما إنه لا يهتم بالمزرعة فهذا أمر يعنيه هو فقط 0
قطعت ماريا حبل أفكارها وقالت :
((أظن أن الوقت مناسب لأقدم إلى غلين طعام الإفطار ، أليس كذلك ؟ ))
وقفت كاترين مسرعة ، وقالت :
(( دعيني أفعل ))
(( حسناً ، لم لا ؟ أظن أنه سيكون أكثر سعادة أن تقدميه أنت بدلاً مني ، ولو أنه لا يراك الآن 0 مسكين هذا الفتى ، فإن قلبي يكاد ينفطر من أجله ))
أخذت كاترين تصعد درجات السلم على مهل وهي تحمل له طعام الافطار 0
وجال في خاطرها سؤال ، ترى من أراد أن تكون غرفتها بعيدة عن غرفة غلين ؟ فهي ممتنة لمن رتب هذا الأمر ، كائناً من كان ، فهل هو جيرد ؟ أم هي ليزا ؟ لابدّ أن لكل منهما أسبابه لإبعاده عنها 0
كان غلين هو الذي فتح لها باب غرفته بنفسه عندما طرقته ، فأدهشها ذلك ، وهي كانت تحسب أنه لا يزال مستلقياً على فراشه ، وبعد أن تبادلا التحية ، جاعلة الصينية حاجزاً بينهما 0 سألته :
(( أين أضع لك الفطور ؟ ))
(( هناك على الطاولة قرب النافذة ، يمكنك أن تتحدثي إلى أثناء تناولي هذا الطعام إن كنت تتحملين مراقبة أعمى يأكل ))
(( غلين ، لا تقل هذا ، فأنت لست أعمى ، كم مرة قلنا لك أن هذا الأمر مؤقت،وإن بصرك سيعود قريباً ))
صمت غلين برهة ، ثم أخذ يتحدث إليها وهو يأكل ، حدثها عن المزرعة وكيف تسير الأمور فيها ، هالها أن تسمع أن في المزرعة خمسين ألف رأس من الماشية تحتاج جميعها إلى رعاية وتنظيم ، وضحكت من نفسها على سخف تصوراتها عن تربية الماشية ، وهي تسمع شرح غلين المستفيض ، ثم قال :
(( بالرغم من وجود رئيس العمال في المزرعة ، فإنني مهما أحببت المزرعة ، فلن يقارن بحب جيرد لها ، ذلك الحب الذي يجري في عروقه ، أما أنا فكسول مثل أبي ))
(( ولكن يبدو أن أمك تحب المزرعة ))
(( آه ، نعم ، حب أمي يدور حول جيرد فقط ، و لا أدري لماذا تزوجت أبي ، فلم يكونا سعيدين معاً مطلقاً ))
كتمت كاترين أنفاسها وقالت :
(( آه غلين ))
(( إنها الحقيقة ، فهما لم يكونا سعيدين أبداً ، بل كانت المشاحنات بينهما مستمرة ، وأغلب الظن أن تلك المشاحنات كانت بسبب قضائه معظم أوقاته في الصيد ، أما أمي فقد كانت تفكر في جيرد ))
بالرغم من أن غلين لا يستطيع رؤية ملامح الذهول التي بدت على وجه كاترين ، فإنه غيّر مجرى الحديث ، وسألها :
(( فالنتينا ، هل عندك خبرة في ركوب الخيل ؟ ))
(( نعم ، قليلاً ، كنا تندرب على ذلك ونحن في المدرسة ))
قال غلين مستغرباً :
(( نحن ؟ آه ، نعم ، أنت وكاترين ، لقد تذكرت 0 ما قالت لك عندما أخبرتها بأمر سفرك معنا إلى كندا ؟ )) ((آه ، كانت فرحة جداً من أجلي ))
(( حقاً ، لقد أدهشتني ، ألم تقولي لي سابقا ، أنها كانت توبخك دائماً وتريدك أن تتصرفي باتزان ، من غير أن تترك لك فرصة للّهو ؟ لا بد أنها تختلف عنك كثيراً ؟))
(( حقاً ، ولكن عندما عرفت ما أصابك ، لم تمانع))
(( حسناً ، ما رأيك في الخروج لركوب الخيل هذا الصباح ؟ فأنا أحس بأن الشمس مشرقة ، والنهار صحو جميل ، مناسب للخروج ، وأريد أن أريك المزرعة ، أعني جزء منها طبعاً ))
(( لكن ، هل تستطيع 00))
قاطعها غلين قائلاً :
((نعم استطيع إيجاد طريقي ، فالنتينا ، أنا ولدت هنا ، وتدربت على ركوب الخيل في هذه المراعي منذ صغري ، منذ كنت في الثالثة من عمري ، ولن أجعل من نفسي سخرية لأحد ، إذا سأعتني بعض الشيء ، وبالمناسبة سوف أريك مبنى العمال ، فأنا أريد أن أتحدث إلى فوسنغ وهو الطاهي هناك ))
سمعا طرقاً خفيفاً على الباب ، فصاح غلين غاضباً :
(( من هناك ؟))
ومن غير أن يلقى إجابة ، فتح الباب ودخلت ليزا ، ولما وجدت كاترين هناك نظرت بطرف عينها ، ثم قالت تحدث ابنها :
(( يا عزيزي ، لم أكن أعرف أن فالنتينا بصحبتك ، فجئت لأطمئن عليك ))
((أنا بخير يا أمي ، لقد نمت جيداً ، وتناولت فطوري الآن ، وبعد أن أرتدي ثياب الخروج ، سنتجّول أنا وفالنتينا على ظهور الخيل ، في أرجاء المزرعة 0


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-10, 01:16 PM   #20

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي


قالت ليزا ، وهي تنظر إلى كاترين :
(( ليس من الحكمة يا ولدي أن تفعل ذلك ، فما زلت تحتاج إلى كثير من الراحة ))
تدخلت كاترين وقالت :
(( أظن أن أمك على صواب ، لعلك تكون أفضل في الغد ، فليس في الأمر عجلة ))
دار حول السرير وألقى بنفسه على فراشه وأجاب :
(( حسناً يا فالنتينا ، أنا أقبل إذا وعدتني بالخروج معي في الغد ))
قالت أمه بغضب :
(( هل يمكنك معرفة كيف سيكون حالك في الغد ؟ أسأل جيرد أولاً ))
(( جيرد 00جيرد 00إلى متى سيستمر وصياً عليّ ، أرجوك يجب أن أكون وصياً على نفسي ))
أخذت ليزا نفساً عميقاً ، ورشقت كاترين بنظرة صفراء وقالت :
((حسناً ، سوف لا أقول شيئاً أكثر من هذا الآن ، ولكن إذا حصل أي مكروه فأنت وحدك المسؤول ))
كانت كاترين تعلم أنها كانت تعنيها بهذا الكلام ، ولكن غلين أسرع وأجاب :
(( ستكون غلطتي وحدي ! إهدأي يا أمي سوف لا يحدث إلا الخير ))
((أرجو ذلك ، في كل حال سأذهب وارتدي ثيابي ، ثم أعود إليك ، عندما تكون وحدك ، أريد أن أسمع منك أخبار الجامعة ، ولا شك أن فالنتينا ستسمح بذلك ))
كان يبدو موقف ليزا ، أنها تميل إلى تعكير الجوّ الذي يحيط بها بأي طريقة ، وتسألت : ترى لماذا تكرهها ليزا ؟!! فإن كانت تكره فالنتينا لما فعلت ، فهي تعلم بأنها ليست فالنتينا ، وإنها هنا فقط لمساعدة غلين ، ريثما يعود إليه بصره ، وهي لا تشكل أي خطر عليها 0
في وقت لاحق من الصباح ، شعرت كاترين برغبة في الخروج إلى الهواء المنعش ، حيث يمكنها إخفاء قلقها وراء البهجة التي ستحس بها من جراء شعورها بأنها وحدها في أحضان الطبيعة تلفح الشمس وجهها ، ورائحة الحشائش الخضراء تملأ رئتيها ، وقبل

أن تخرج ، أخبرت ماريا برغبتها ، فلم تبد المرأة العجوز لذلك أي اعتراض ، أكثر من أنها حذرتها من الابتعاد عن المنزل ، وتأكدت كاترين أن لا مجال للضياع ضمن المساحات الشاسعة التي يرى الإنسان فيها إلى بعد عدة أميال 0
ومع ذلك فقد أخذت كاترين بنصيحة ماريا ، وبقيت ضمن المنطقة التي تحيط بالمبنى ، كما قضت وقتاً ممتعاً تتفرج على الخيول التي جذبت انتباهها قبل العودة إلى المنزل 0
لم يكن في غرفة الطعام سوى كاترين وليزا عندما حان موعد الغداء 0
فبدأت ليزا بالكلام قائلة :
(( بالحقيقة ، عليك ألا تشجعي غلين على تصديق أن حياته ستستمر معك ، أعني كأنك ستشاركينه حياته في المستقبل ، إن مساعيك تتعارض مع شفائه 000))
قالت كاترين وهي تلهث :
((أنا لا أعلم أني فعلت شيئاً من ذلك ))
((أنت تعرفين تماماً أن ركوب الخيل آخر شيء يمكن القيام به ، ففي حال إذا سقط 000))
تدخلت ماريا وهي تحمل بعض الأطباق من الطعام :
(( غلين يركب الخيل منذ نعومة أظفاره ، فلا تحطمي ثقته بنفسه يا سيدة ليزا ))
(( لم أسألك رأيك يا ماريا ، إني أحس بصداع ، فهل يمكن أن تعطيني دوائي ؟ ))
أخذت ماريا الأمر بروح طيبة ، أما كاترين فقد التفتت إلى طعامها ، فهي لا تريد أن تحشر نفسها في مشاحنة مع والدة غلين 0
اختفت ليزا بعد الغداء 0 ويبدو أنها ذهبت إلى ابنها ، وعادت كاترين إلى غرفتها ، تكتب رسالة إلى أبيها ، ولم تذكر فالنتينا بشيء 0 ولكنها فقط أخبرته أنها تقضي إجازتها في كندا ، ولتفكر فالنتينا بهذا كيفما شاءت 0
كان العشاء أكثر متعة وتسلية ، بوجود بن فريزر ، وقد تواجد الجميع حول المائدة 0
كان غلين يجلس إلى جانب كاترين ، ويسألها أين قضت طيلة بعد الظهر ، ولاحظت من ذلك أن ليزا لم تكن عنده ، قالت :
((ظننت أن أمك 0000))
(( والدتي قضت معي فقط خمس عشرة دقيقة ، وبعدها كنت أصغي إلى التلفزيون ، يا الله كم لعبة البيسبول ممتعة بالسمع ، عندما لا تقدرين أن تريها ))
أما جيرد فقد بقي منطوياً على نفسه كالليلة السابقة ، وما عدا سؤاله لكاترين عن كيفية قضائها يومها هذا ، لم يشارك في الأحاديث مطلقاً 0
وعندما التقت عينا كاترين بعينيه رأت الغضب يطلّ من أعماقهما دون أن تعرف ما الذي يجول في خاطره 0
والد جيرد هو الذي أضفى على الجلسة حيوية وبهجة ، بقصصه الشيقة اللطيفة ، وكان يبدو أنه قصد بها تسلية كاترين 0
كانت كاترين سعيدة جداً بالاستماع إليه ، مرتاحة لصداقته ، حتى أن غلين راعى ذلك ، عندما انتهى العشاء ، وسمح لعمه أن يقوده إلى غرفة الجلوس ، عندما خرج جيرد ، مدّ غلين يده يعبث بخصلات شعر كاترين ، ثم تمتم :
(( أحس أن شعرك صار أكثر نعومة من المعتاد ، كما أني لا أنكر عليك أنني أشعر أحياناً كأني لا أعرفك من قبل 000))
((غلين من الأفضل أن تذهب إلى فراشك ))
قالت كاترين هذا الكلام لتتهرب به من الرد عليه ، أما هو فقد وقف وقال :
(( حسناً ، كما تشائين ))
ولما بلغا أولى درجات السلم ، أصر غلين على الصعود إلى غرفته لوحده ، وقال :
(( سأعرف طريقي من دون تلك العصا التي أعطاها الطبيب لي أني أرفض التجول بعصا ))
لم تمانع كاترين وهي تحس أن غلين يجب أن يعتمد على نفسه ، ولكنها راقبته وهو يصعد ، ثم عادت 0
التقت بجيرد خارجاً من غرفة الجلوس ، فتراجع قليلاً ليسمح لها بالمرولا فقال لها :
(( أين غلين ؟ كنت قادماً لأوصله إلى غرفته ))
تحاشت النظر إلى عينيه وقالت :
(( لقد ذهب ، أراد الصعود وحده وأظن أن هذا هو الأفضل ))
لحظة صمت مرّت بهما ، حسبته قد رحل خلالها ، ولكن عندما رفعت رأسها وجدته لا يزال واقفاً ينظر إليها ، وقال بصوت منخفض :
(( أظن أنه يجب عليّ أن اعتذر ، لم أجد فرصة لأفعل ذلك الليلة الماضية ، فهل تصفحين عني ، أنا لست همجياً إلى هذا الحدّ))
اتكأت كاترين على حافة الأريكة ، وتمنت لو أنه يذهب الآن فهو قدّم اعتذاره ، ولا تصدق انه يعنيه حقاً 0
مشى حتى وقف أمامها ، لكنها لم تنظر إليه فتكلم ثانية :
(( أليس عندك ما تقولينه ؟))
هزت كتفيها وتمتمت :
((حسناً ، قبلت اعتذارك ))
ثم لمس شعرها المستعار وقال :
(( آني آسف ، أظنك ستلبسينه أكثر مما توقعت ))
نظرت إليه نظرة خاطفة ، فلمحت في عينيه تعبيراً لطيفاً فقالت :
(( لماذا لم تحسب أنني سأحتاجه طيلة الوقت ؟ ))
كانت كاترين تتجه نحو الباب إلى غرفتها ، عندما ظهرت ليزا وقالت متجاهلة كاترين :
(( هكذا إذن ، أنت هنا يا عزيزي ، كنت أبحث عنك والآن وجدتك ))
كانت كاترين تدرك وهي تمضي أن عيني جيرد تلاحقانها 0وأصابعة تعبث بلطف في شعر ليزا الحريري المتموج0


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:42 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.