آخر 10 مشاركات
رواية ****أبعد من الشمس *** (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          أحــــ ولن أنطقها ــــــبِك "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : *my faith* - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          لماذا الجفاء - آن ميثر ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          حواجز الصداقة -بيني جوردان(كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          67 - زواج بالإكراه - فلورا كيد - ع.ج ( كتابة فريق الروايات المكتوبة/كـامله )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          203 -حب من أول نظرة / سالى وينت ورث )(كتابة /كاملة **) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          شركة رش مبيدات داخل وخارج الرياض (الكاتـب : الرفاعي فرحات - )           »          الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-08-11, 09:57 PM   #1

هناء12
 
الصورة الرمزية هناء12

? العضوٌ??? » 189400
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » هناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond repute
New1 قلب في المنفى "مكتملة"




قصة قلب في المنفى

الجزء -1-

قصة « قلب في المنفى »


مقدمة

ذنب لطيفة أنها ابنة الريف ... بتقاليده الصعبة وأهله المتعصبين، تصدت لعراقيل إخوتها، فأرغمت على الزواج من ابن عمها الذي كان يحبها، وهي لا تبادله الحب، فرضيت به وكان شرط زواجها به أن تكمل دراستها.
إلا أنّ الزوج لم يف بوعده، فما إن أنجبت ولدين حتى خيّرها بين البقاء في البيت، وبين الانفصال إذا أصرت على مواصلة الدراسة، وفي لحظة اختيار صعبة اضطرت إلى اختيار الدراسة... وهذا ما أدى إلى حرمانها من رؤية ولديها، وتنكر العائلة لها.
ولأنها وجدت نفسها بالمدينة لوحدها شاء القدر أن تتزوج أكثر من مرة وتنجب من زيجاتها.
نجحت في حياتها الدراسية ثم المهنية وأصبحت بمرور السنين سيدة أعمال بعد أن احتلت مراكز مرموقة. لكنها فشلت في بناء حياة زوجية سعيدة. أما الرجل الوحيد الذي أحبته وأحبها من بين أزواجها الأربعة وأنجبت منه بنتا، تدخلت أيادي الشر والضغينة ليتم الفراق بينهما ...

بداية القصة:

بالجامعة ... بالضبط «كلية الطب»... كانت مجموعة من الطالبات سنهن ما بين الثامنة عشر والواحد والعشرين... كن خمسة... كان حديثهن عن نتائج الامتحانات للفصل الدراسي الأول... كانت ملامح الحقد والغضب بادية على وجوههن وهن يتحدثن ونظراتهن متجهة نحو مجموعة أخرى من الطالبات كن في كامل سعادتهن وهن يهنئن الطالبة النجيبة «وردة» ... قالت الطالبة جميلة وكلها غضب وهي تنظر صوب الطالبة وردة من بعيد:
- يبدو أنها دخلت مستعدة هذه السنة أيضا.
ترد عليها الطالبة دلال:
- معقول هذا !... ابنة الفلاحين تتفوق علينا كلنا.
في تلك اللحظات تنضم إليهن الطالبة إيمان بعد أن ركنت سيارتها، وما إن سمعت حديثهن وعرفت من المقصودة به حتى قهقهت وقالت:
- يظهر أنّ هذه الطالبة ... أقصد الطالبة وردة سوف تطير برجا من عقولكن !
ترد الطالبة ليلى:
- ألست غاضبة بعد أن تحصلت وردة على المرتبة الأولى وكان ترتيبك بعدها؟
تضحك إيمان غير مبالية وتضيف قائلة:
- إنها ليست طالبة عادية... إنها ذكية وتستحق الريادة.
جميلة:
- لكن أنت أذكى منها، وكنت دائما الأولى.
ترد إيمان بتواضع، بعيدا عن الغرور:
- هذا كان في الثانوية.
رباب:
- أنا بصراحة من رأي أن نزيحها من طريقنا.
تعقب إيمان معترضة:
- حرام ... دعوها وشأنها.
رباب:
- لا... لابد أن نفعل شيئا، فلا ندع ابنة الفلاحين تتفوق علينا، بل سنقف لها بالمرصاد، خصوصا وأنها متكبرة علينا.
ترد إيمان:
- أنا بصراحة غير موافقة على تصرفاتكن الصبيانية هذه، ثم لا تنسين السنة الماضية سرقتن لها دفتر المحاضرات قبل الامتحانات بيومين ومع ذلك ظلت الأولى...
وقاطعت جميلة حديثها قائلة:
- طبعا الغلطة كانت منا، كان المفروض أن نسرق كذلك دفاتر محاضرات صديقاتها.
ردت إيمان:
- ذلك لا يغير من الأمر شيئا فوردة لم تتصل في تلك الأيام بأية صديقة لها مما يدل أنها كانت تراجع دروسها يوميا بعد المحاضرات، وليس عند الامتحانات، وهذا يدل فعلا أنها طالبة ذكية وغير عادية.
يعم صمت للحظات أدركت فيه الطالبات صحة كلام إيمان وما إن همت إيمان بالانصراف حتى قالت جميلة:
- إلى أين ؟
ردت إيمان:
- إلى البيت طبعا.
قالت جميلة مبتسمة ثم ضاحكة:
- هل تسمحين لي بالمفاتيح ؟
ابتسمت إيمان وقالت:
- ممكن طبعا... لكن بشرط أن تسبقنا رباب بسيارتها أو تبقى بعدما نذهب فأنا بصراحة لا أتحمل تسابقكما في الطريق السريع.
ضحكت رباب وقالت:
- لا اطمئني أنا باقية ساعة أخرى ... المهم نلتقي غدا في النادي.
***
ركبت جميلة أمام المقود، وإلى جوارها إيمان وجلست في الخلف الطالبتان دلال ونريمان ... وما إن راحت تقترب بالسيارة من الطالبة وردة وصديقاتها حتى نظرت إلى المرآة العاكسة وتبادلت إشارة مفهومة مع صديقاتها اللواتي بالخلف، وفجأة تضغط على دواسة البنزين لتزيد في السرعة وإذ بالماء الذي بالطريق يتطاير على وردة وصديقاتها، جميلة ودلال ونريمان تضحكن بصوت مرتفع، أما إيمان التي فوجئت بذلك التصرف غير الأخلاقي فراحت تصرخ وتعاتب جميلة، وطلبت منها بكل غضب التوقف ... في تلك اللحظات شرعت وردة في تنظيف ثيابها... بينما استنكرت زميلاتها ذلك التصرف ... حيث قالت هدى بغضب:
- لقد توقفت السيارة، سأنال منهن جميعا.
وردت حنان التي أخذت نصيبها من تطاير الماء:
- خصوصا تلك التي اسمها جميلة ... فهي التي كانت تقود السيارة.
وما إن تأهبت هدى للذهاب تتبعها الصديقات حتى أوقفتهن وردة قائلة:
- يا بنات..لا داعي للغضب... قد يكون ذلك حدث رغما عنها.
ونطقت سميرة:
- كم أنت طيبة يا وردة ... لو قامت بهذا الفعل طالبة أخرى ليست من جماعتهن ... لكان الأمر عاديا غير مقصود ... أما وقد حدث ذلك من جميلة بالذات وزميلاتها فهذه لعبة من ألاعبهن الخبيثة.
في السيارة ... كانت تصر إيمان على نزول جميلة لتذهب وتعتذر من وردة وصديقاتها ... فكان رد جميلة:
- لا... لن يحدث هذا أبدا... معقول ؟! أنا جميلة بنت الأكابر تعتذر من ابنة الفلاحين ؟!على كل حال سأنزل ... ولن أعتذر !
تستوقفها إيمان قائلة بكل طيبة وهدوء:
- يا جميلة أنت من ارتكبت الخطأ ... ويجب أن تعترفي وتعتذري.
ونطقت دلال:
- بصراحة … يا إيمان أنت تدافعين عن هذه الطالبة كثيرا ... كأنك معجبة بها.
وفاجأتهن بقولها:
- أنا أدافع عن الحق وأقول الحقيقة، ولا أنكر إعجابي بهذه الطالبة، إنها مثال للطيبة والأخلاق والاجتهاد خصوصا وأنها أصغر طالبة بالكلية، كما أني سأنزل للاعتذار إليها بحكم أني صاحبة السيارة.
وراحت إيمان تقترب من وردة وصديقاتها اللواتي ما زلن واقفات تنظفن ثيابهن... وما إن وقفت إيمان أمامهن ووجهت نظرها إليهن ثم نحو وردة قائلة بكثير من الخجل:
- أنا آسفة لم حدث أرجو المعذرة.
ونطقت وردة مبتسمة:
- لا... حصل خير.
وقاطعتها حورية قائلة:
- السيارة لك لكن أرى أن من كانت تقودها هي التي من المفروض أن تعتذر.
وشعرت إيمان بإحراج شديد ثم قالت:
- بما أن السيارة لي فأنا من أصرت على تقديم الاعتذار نيابة عنهن.
ثم أضافت إيمان مبتسمة موجهة كلامها لوردة:
- نسيت أن أعرفك بشخصي ... اسمي إيمان... أدرس معك بالكلية ... إلا أننا في قسمين مختلفين..وكذلك نتائجي قريبة من نتائجك ،وفي كل مرة أحصل على المرتبة الثانية بعد الطالبة النجيبة وردة.
ابتسمت وردة ومدت يدها بكل تواضع لتسلم عليها قائلة:
- تشرفنا بمعرفتك.
وما إن أرادت إيمان أن تنصرف حتى استعجلتها جميلة باستخدام منبه السيارة... فانصرفت إيمان وهي تقول:
- عطلة سعيدة يا بنات.
تصل إيمان إلى السيارة فتستقبلها جميلة بغضب قائلة:
- يا سلام ... كان ينقص أن تأخذيها بالحضن حتى تقبل اعتذارك... أنا بصراحة أكاد أجن ... ماذا يعجبك في هذه الفلاحة المتكبرة ؟
ضحكت إيمان وقالت:
- والله يا بنات أنتن تحقدن عليها بلا سبب ... فوردة فتاة متواضعة وجادة ومجتهدة ... ونحن بنات الأكابر ننظر إلى غيرنا من برج عال.
***
في الحي الجامعي ... وردة في غرفتها تحضر حقائبها... فجأة تسمع دقات على الباب ... وما إن فتحت حتى صرخت من شدة الفرحة:
- زينب ! ؟...
وراحت وردة تعانق زينب ... كانت ترتدي لباسا تقليديا يوحي بأنها فتاة من الريف ... وهي من عمر وردة ... ثم سألتها:
- كيف حضرت إلى المدينة ؟ ومن أوصلك ؟
- فردت زينب:
- لقد تعبت حتى أقنعت أبي كي يأخذني معه ... لأشاهد المدينة ... لقد مررنا على أحمد بكليته... أسرعي فأبي على عجلة من أمره !
ابتسمت وردة وهي تغلق حقيبتها وقالت:
- خالي دائما مستعجل.
وقبل أن تغادر الحي الجامعي... سلمت وردة على صديقاتها حيث قالت لحورية:
- هل ستبقين هنا طوال الأسبوعين؟
ردت حورية:
- لا طبعا ... الأسبوع الأول سأقضيه عند خالتي أما في الثاني فأفضل العودة هنا ... حتى أحضر نفسي للامتحان الاستدراكي.
وابتسمت وردة وقالت:
- بالتوفيق إن شاء الله.
- هيا يا جماعة … عطلة سعيدة.
وتركب وردة السيارة مع زينب التي كانت تجلس إلى الخلف... أما أبو أحمد فكان أمام المقود، وابنه أحمد إلى جواره وهو شاب في الثالثة وعشرين من عمره.
***
تصل السيارة إلى القرية ... كان في استقبالهم الجدة وأبو يوسف وأم أحمد وأم يوسف وكل أولاد الخال... وردة بعد أن سلمت على الجميع راحت تقترب من الجدة وقالت لها بصوت حنون:
- كم اشتقت إليك.
ضمتها الجدة بكل حنان وقد إغرورقت عيناها بالدموع التي راحت تداريها عن حفيدتها وقالت:
- وأنا أيضا... كلما اقتربت العطلة ترقبت حضورك بفارغ من الصبر...
***
... وردة بالمزرعة صحبة بنات الخال... بينما كانت البنات تتجاذبن الحديث عن مواضيع شتى... كانت وردة تتابع حديثهن بسعادة ... وفجأة تشعر بلحظة حزن لما التقط سمعها حديثهن عن ما اشترته أم إحداهن وما تعلمته الثانية من أمها... راحت تبتعد عنهن قليلا لتتذكر آخر مرة زارتها أمها وكان ذلك منذ سنتين... حيث حضرت أمها وهي سيدة أنيقة في نهاية العقد الرابع من عمرها ترتدي ألبسة محتشمة ونظارة سوداء ومنديلا على رأسها... كانت تجالس وحيدتها في الصالون وعلى مقربة منهما الجدة التي بقيت تراقبهما دون أن يراها أو يعرف مكان تواجدها أحد... كانت الجدة رغم سعادتها برؤية ابنتها ولو من بعيد إلا أنها كانت قلقة... حيث كان أبو يوسف وأبو أحمد في الصالون المقابل... نطق الأخ الأكبر وهو أبو أحمد:
- ما كان عليها أن تأتي... كان يكفي أن تبعث من ينوب عنها.
ورد أبو يوسف وهو يحاول تهدئته:
- يا أخي اهدأ كلها دقائق وتغادر المنزل وترجع من حيث أتت.
ونطق أبو أحمد:
- لا هذه المرة سيكون تهديدي لها بالقتل نعم بالقتل لو حاولت الاقتراب من بيت العائلة ... فهي مهما حاولت أن تخفي شخصيتها الكل يعرفها هنا بالقرية.
في الصالون الثاني فاجأت وردة أمها حين ردت عليها:
- الآن فقط تذكرت أن لك ابنة، أربع سنين وأنت في الخارج و...
وتقاطعها الأم:
- لا يا حبيبتي بل أربع سنين وأنا بين الحياة والموت.
وردت وردة بكل برودة:
- ومن سنتين عدت فأين كنت... ؟
وتشعر الأم بإحراج شديد فراحت تبحث عن الكلمات فتقاطعها وردة:
- أشياء كثيرة قيلت عنك وكدت أن لا أصدقها لولا أنك تعمدت أن تهملني وتنسني كل هذه السنين.
وترد الأم مدافعة عن نفسها:
- وردة حبيبتي تأكدي أنني لم أتأخر إلا من أجلك.
وتقاطعها وردة:
- على كل إذا كانت زيارتك من أجل عودتي معك فأنا قررت البقاء هنا.
وتحاول أم وردة أن تنطق في نفس الوقت هي والجدة، فإذا بصوت أبو أحمد يطغى على صوتيهما عندما قاطعاهما قائلا وهو يقترب منها:
- وما دام وردة قد اختارت البقاء فأنا ليس لدي مانع، لكن ليكن في علمك أن زيارتك هذه لها ستكون الأولى والأخيرة.
تشعر لحظتها وردة بإحراج وهي ترى أمها تهان أمامها وتنظر إليها بنظرات مليئة بالعطف والحزن، لحظتها لم يكن أمام وردة سوى الانصراف بسرعة قبل أن تضعف بعد ذلك القرار الذي اتخذته... أم وردة تحاول أن توقفها وهي تناديها...
دخلت وردة غرفتها لتبكي بحرارة... تعود وردة من الخيال إلى الواقع على صوت أحمد ولما انتبهت إلى وجوده قال لها:
- لا... يظهر أنك كنت غائبة عنا تماما.
ابتسمت وقالت:
- لا أبدا... فقط تذكرت كيف أنني الوحيدة من بنات العائلة التي تابعت دراستها الجامعية.
رد عليها أحمد مبتسما وممازحا:
- طبعا... البركة في خطيبك.
وما إن اكتشف غياب ابتسامتها وصمتها حتى اقترب منها قائلا:
- أنا آسف !؟
ردت وردة مبتسمة:
- ولم الأسف ؟...
ونطق أحمد:
- لأنني أنا من وضعك في هذا الموقف الحرج... يوم اشترطت في خطوبتنا، ضرورة متابعة دراستك.
ابتسمت وردة وراحت تتذكر ذلك اليوم... يوم كلم أحمد أبوه قائلا:
- أبي... أرجوك وافق على دخول وردة الجامعة.
ويرد أبو أحمد:
- ماذا تقول يا ابني... أتريدني أن أكون أضحوكة العائلة.
وينطق أحمد:
- يا أبي ... وردة تريد دراسة الطب وأظن أنها أشرف مهنة ... بل قريتنا بحاجة إلى طبيبة ... وإن شاء الله وردة ستكون أول طبيبة تزورها كل نساء القرية.
ويحاول الأب أن ينطق فيقاطعه أحمد:
- أرجوك يا أبي وافق وإن كنت خائفا عليها من المدينة، فلا تنسى أنها خطيبتي وبحكم ذلك سأتابع تحركاتها، رجلي على رجلها بل وستكون عيني الساهرة عليها بالمدينة.
تمر لحظات صمت وتردد ولم يكن أمام أبو أحمد سوى الموافقة قائلا:
- آه منك... طول عمرك تلح وتصر وتصبر وتنال ما تريد.
وردة التي كانت تسمع الحديث في خفية مع بنات الخال... كادت تطير فرحا... وراحت تجري إلى غرفة جدتها لتعانقها وتزفها الخبر... ونطقت زينب مهنئة وردة قائلة:
- انتصارك ودراستك أعتبرها أنا وبنات العائلة انتصارا لنا جميعا وإن شاء الله يأتي اليوم الذي نفتخر بك كطبيبة.
تعود وردة من الخيال إلى الواقع على صوت أحمد قائلا:
- ألم أقل لك أنني وضعتك في موقف حرج وعلي أن أعفيك منه خصوصا وأنك أصبحت الآن في السنة الثالثة بكلية الطب والكل فرح بنتائجك ومن المستحيل الوقوف ضدك ... وقد أصبحت ملقبة من الآن بـ"طبيبة القرية".
قالت وردة ممازحة:
- إذن أفهم من هذا أنك تريد أن تتخلص من هذه الخطوبة بعد أن عثرت عن الخطيبة الحقيقية.
وينطق مندهشا:
- أنا !... أنا إن كان علي فأنت تعرفين شعوري تجاهك... لكني أشعر بأن شعورك نحوي هو شعور الأخت بأخيها.
وتشعر لحظتها وردة بحرج وبعمق حزن أحمد فتنطق قائلة بعد فترة صمت وبصوت كله رقة وحنان:
- وهل حب الأخت لأخيها شعور يستهان به ؟
وينطق أحمد بصوت عامر بالأسف والحسرة:
- لا يا وردة، أرجوك لا تغضبي مني، فأنا وإن كنت أحبك أكثر من حب الأخ لأخته فأنت تعرفين جيدا كم أقدرك وأحترمك، لذا قررت يوم أتعرف على شريكة حياتي ستكوني أول من يعرف ذلك ...
تشعر وردة بالارتياح وترد على أحمد قائلة:
- وأنا سأكون سعيدة بذلك.
***
بالمدينة... وبالضبط بإحدى الشركات الكبيرة الخاصة بإنجاز وتنفيذ تصميمات هندسية لمختلف البناءات... مديرة وصاحبة الشركة السيدة لطيفة «أم وردة»... كانت في مكتبها الفخم بالطابق الرابع للشركة... كانت تشعر بنوع من القلق والإرهاق وهي تطالع مجلة طبية علمية... وكان عنوان الصفحة التي كانت تطالعها باهتمام « مرض العصر... السيدا... ». رفعت رأسها وكان يظهر عليها القلق وهي تمسح بيدها على وجهها وكأنها تريد أن تتأكد من شيء ما... لحظتها سمعت دقات الباب، ازداد قلقها وهي تغلق المجلة لتخفيها في الدرج، حاولت أن تبدو طبيعية وهي تأذن للطارق بالدخول... دخل عليها شاب في حوالي الثالثة والعشرين من عمره.
اقترب منها قائلا:
- أمي أرجو أن لا أكون قد أزعجتك بحضوري.
تبتسم وهي تستقبله:
- لا أبدا يا رامي يا حبيبي... تفضل.
قال رامي:
- أمي كنت مارا من هنا ... فقلت اسلم عليك.
قالت الأم:
- كيف هي أحوالك وأحوال أخيك ...
قال رامي بصوت متلعثم:
- بصراحة...
فقاطعته بصوت قلق:
- ما بك يا رامي؟... مصطفى حدث له شيء؟
ورد رامي مطمئنا أمه:
- لا يا أمي لا تقلقي... كل ما في الحكاية هو أن مصطفى تخاصم مع أبي وفضل أن يترك البيت وهو الآن عند صديقه فتحي.
ونطقت الأم:
- طبعا كل هذا بسبب إهماله لدراسته... على كل اطمئن سأذهب إليه وأحضره.
قال رامي:
- لكن ... تعرفين جيدا أنه سيرفض.
وتشعر الأم بنوع من الحرج ثم تحاول أن تصطنع الابتسامة قائلة:
- على كل ... سأحاول إقناعه بالعودة على الأقل إلى منزل والدكم.
وقبل أن ينصرف رامي ذكر أمه قائلا:
- هل مازلت تذكرين وعدك لي؟
ابتسمت الأم وقالت:
- طبعا ... عندما تتحصل على درجة الماجستير..فإن سيارة أخر طراز ستكون في انتظارك...
***
تغادر الأم المكتب على متن سيارتها وتتجه إلى حيث يوجد مصطفى رفقة صديقه فتحي... وبعد لقاء ساخن مع ابنها... تخرج بعد أن أقنعته بالمجيء ليعيش معها... بعد خروجها... يظهر الصديق فتحي قائلا لصديقه مصطفى:
- يا أخي... أكاد لا أفهمك... تخلق المشكلة لتتأزم علاقتك مع والدك لكي تذهب تعيش مع والدتك... الوالدة تحضر بنفسها لتتوسل إليك بالعودة إلى منزل والدك أو الذهاب معها... فإذا بك تصطنع الغضب وعدم رضاك عن المعيشة معها... لكن في الأخير ترضى وبدل أن تخرج معها في الحال تزداد دلالا وتقول لها بكل برودة "اذهبي وسألحق بك فيما بعد".
وينطق مصطفى قائلا:
- يا أخي ماذا تريدني أن أفعل واحد فتح عيونه على أب مليونير وأم هي الأخرى أصبحت الآن من المليونيرات، لكن المليونيرة عاشت بعيدة عنا لنفسها فقط، وفجأة وبعد أن تعودت على حياة رغد اكتشفت بعد عمليات حسابية أن هذه الحياة الرغد لو حدث للمليونير مكروه فلن أنال أنا وأخي رامي سوى فتات من هذه الحياة الرغيدة، خصوصا وقد اكتشفنا أن أبانا هو الآخر متزوج بأكثر من واحدة وله في كل بلد ورثة، إذن المليونيرة التي كنا نتدلع عليها أصبحت الآن مهمة وعلينا أن ننسى ماضيها.
وينطق الصديق:
- آه منك ومن أفكارك.
وتابع مصطفى قائلا:
- لا بالعكس لست صاحب الفكرة الأولى فأختي حياة يظهر أنها سبقتني إلى الفكرة، فهي من يوم كلمتني عن طموحاتها في إنجاز مؤسسة صغيرة للتصميمات الهندسية وهي تداوم الزيارة للوالدة بحجة أخذ الخبرة منها، لكن الحقيقة أنا فهمتها.
ويضحك فتحي ويبتسم قائلا:
- الخبرة والمادة طبعا...
***
بالقرية ...
وردة تحضر حقيبة السفر، تقترب منها زينب قائلة:
- كم سنشتاق لك.
وردت وردة مبتسمة:
- وأنا أيضا سأموت شوقا إليكم وإلى خضرة الريف.
في تلك اللحظات يستأذن أحمد بالدخول ليقول لوردة:
- وردة... محامي والدتك يريد مقابلتك.
اندهشت وردة وقالت:
- غريب... ماذا يريد مني؟
توقفت ثم تابعت بقلق:
- أمي !؟
أدركت نفسها فتلعثمت في الكلام وتابعت:
- سنتين مرت على زيارتها الأخيرة، بل لم تتجرأ حتى زيارتي بالكلية مع أنها لا تبعد عنها سوى حوالي 25 كلم فقط.
وقال أحمد:
- لا أظن أنها تعلم بدخولك الكلية.
تضحك وردة بصوت حزين قائلة:
- بل لو أرادت أن تعرف ماذا أفعل في كل ثانية من حياتي ولو على بعد مئات الكيلومترات فلن يؤخرها أو يمنعها أي شيء.
التحقت وردة بصالون الضيوف فكانت كل العائلة بانتظارها ... فراحت تسلم على أخيها رضا وأختها سعاد وهما أكبر منها سنا، في بداية العقد الثالث من عمرهما، بعدها ينطق خالها أبو يوسف:
- المحامي عادل أنور، أظن تعرفينه.
وما إن توجهت بنظرها نحوه حتى تذكرته وقد راح خيالها إلى الماضي البعيد يوم أحضرها نفس المحامي إلى القرية يومها لم تكن تتجاوز العاشرة من عمرها وقدمها لهم قائلا:
- إنها وردة ابنة أختكم السيدة لطيفة.
ويرد أبو أحمد بغضب:
- يا أخي لعلمك أنه ليس لنا أخت بهذا الاسم.
ورد المحامي:
- تأكد يا أخي بأنني لم أحضر إلا لمهمة إنسانية... فالسيدة لطيفة تعرضت لحادثة سيارة وهي الآن بين الحياة والموت ولقد تم نقلها على جناح السرعة لتعالج بالخارج... هي في حالة جد خطيرة... لقد قمت بغلق الشركة والفيلا وهذه هي المفاتيح ... وهذه وحيدتها ... ولا أظن أنه يوجد أحد أولى بهما منكما.
ويرد أبو يوسف بنوع من الكبرياء:
- نحن لا يهمنا أي شيء له علاقة بها ... لا هي ولا مالها ولا...
وتوقف عن الكلام لما وقعت عيناه على الفتاة البريئة وهي في سن البراءة... ثم اقترب من أخيه أبو أحمد وتحدث معه قليلا، ثم عاد ليقترب من المحامي قائلا:
- نحن سنقبل بقاء الصبية لكن ليكن في علمك وعلم من تعمل عندها فبعد عودتها تعود أنت بنفسك لأخذها، أما أغراضها فلا تهمنا فلتبقى بحوزتك باعتبارك محاميها.
أم لطيفة التي كانت تراقب الحديث من بعيد كانت جد حزينة وقد اغرورقت عيناها بالدموع ورغم ذلك الحزن الصامت شعرت بارتياح كبير لما قبل ولداها استقبال الصبية... فراحت تدفع عجلات الكرسي الجالسة عليه لتضم الصبية بكل حنان وترحب بها بكل رفق وحب.
تعود وردة من الماضي إلى الواقع وهي تقدم يدها للمحامي لتحيته ... بعدها نطق أخوها رضا دون مقدمات قائلا:
- سيادة المحامي جاء برسالة شفوية من ... من عندها فهي تطلب رؤيتنا جميعا... طبعا أنا وسعاد رفضنا الذهاب.
ونطق المحامي موضحا:
- يا ابنتي والدتكم مريضة جدا... وأملها أن تراكم جميعا حولها قبل أن تودع هذه الحياة... أرجوك يا ابنتي يجب أن تأتي معي أنت وإخوتك.
عم صمت رهيب في الصالون ... وكل العيون منصبة نحو وردة ... وردة تجول بنظراتها نحو كل أفراد العائلة... ثم تستقر عيونها على الجدة التي ظهرت اللحظة أمام باب الصالون... بعدها نطقت قائلة بهدوء:
- طبعا... لا... لن أذهب إليها.
توقفت للحظة وتابعت:
- فأنا مع ما يراه إخوتي.
الكل تلقى ردها بكثير من الارتياح والفرحة ما عدا الجدة وابن الخال «أحمد» فكان الحزن باديا على وجهيهما، وكذلك المحامي الذي شعر بخيبة أمل، وردة تغادرهم بسرعة نحو غرفتها، المحامي يحاول أن يوقفها وهو يناديها ... فرد عليه أبو أحمد:
- لا... أظنك سمعت ردهم بأذنيك ... وأرى أنّه من الأحسن أن تنقل لها ردهم فهو طبيعي ما دام أنّها كانت السباقة إلى نسيانهم.
***
وردة في غرفتها... تائهة بعيون حزينة... تدخل عليها الجدة التي راحت تقترب منها بهدوء... وما أن أدركت وردة بوجود جدتها حتى تبادلت معها النظرات بصمت وفجأة يظهر أحمد قائلا:
- وردة ... يجب أن تسافري إلى والدتك...
لم ترد عليه ووجهت نظرها إلى جدتها وكأنها تريد أن تقول لها «وأنت ما رأيك؟» وتفهم الجدة معنى تلك النظرات فتنطق قائلة:
- مهما حصل ومهما كان... فهي أمك وقد تكون فعلا بحاجة إلى رؤيتك أنت وإخوتك ... وأقول لك للمرة الأخيرة مهما كان الأمر فهي أمك وعليك أن لا تنسي ذلك.
وترد وردة بصوت حزين:
- المصيبة أنني لم أنس بعد أنها أمي... رغم تأكدي أنها لا تستحق لقب الأمومة...
وتنطق الجدة قائلة:
- لكن أخطاء أمك جاءت نتيجة أسباب وظروف أقوى منها.
وترد وردة:
- لكن أخطاء أمي هي أخطاء لا تغتفر... أما عن ظروفها فهي من صنعت ظروفها بنفسها وبإرادتها.
ثم تسكت للحظات وتتابع:
- على كل يا جدتي اطمئني سأسافر ما دام مصرة، فأنا لدي إحساس أنه رغم أنك غاضبة منها ... وعلى الرغم أنك لم تظهر ذلك فأنت لا تزالين تحبينها وتدافعي عنها بعيونك وبصمتك، ورغم كل ما حصل منها تجدين لها كل الأعذار.
***
بالمدينة …
وبالضبط بفيلا السيدة لطيفة... وفي الطابق السفلي... في الصالون اجتمع الإخوة الثلاثة... حياة ورامي ومصطفى..كان الحديث عن إخوتهم ووالدتهم المريضة... حياة وهي شابة في السابعة والعشرين من عمرها قالت:
- يا ترى ... ماذا تريد من رؤيتها لنا كلنا ؟
ويرد عليها مصطفى بنوع من الاستهزاء:
- طبعا واحدة تريد أن تودع الحياة وتريد أن تقسم ثروتها على أولادها.
ويرد عليه رامي بنوع من الغضب:
- مصطفى أرجوك... ما هذا الكلام؟... هل مرض أمي يستدعي منك الاستهزاء واللامبالاة إلى هذه الدرجة.
وتنطق حياة بعد تفكير عميق:
- آه لو صدق كلامك يا مصطفى... فهذا يعني أن بقاءنا إلى جوارها من بداية مرضها ... ليس له أية فائدة مادام أن ثروتها سيشاركنا فيها آخرون.
ويرد عليها رامي:
- من يراكما وأنتما تقومان بخدمتها بكثير من الحب والرحمة والعطف وبقلب مليء بالحنان لا يصدق بأن ذلك هو نفاق ... فكلامكما يخالف حقيقة أفعالكما... فهل يعقل أن تكون خدمتكما لها من أجل ثروتها؟
وينطق مصطفى موجها كلامه لرامي:
- هل تنكر أن وجودك الآن ليس من أجل ثروتها، ثم لماذا تقول ثروتها... إنها ثروتنا ... نعم ثروتنا... لقد كان ثمن هذه الثروة هو تخليها عنا في يوم من الأيام ... ثم أننا على الأقل نزورها... فأين إخوتنا فنحن نكاد ننسى شكلهم...
يشعر لحظتها رامي بنوع من الإحراج ... وبعد لحظة صمت يرد بنوع من التردد:
- أنا صحيح لا أنكر أمنيتي أن أنال بعض من مالها وثروتها... لكن ليس إلى درجة أنني أنتظر موتها في أي لحظة ...
***
... في غرفة السيدة لطيفة ... كانت نائمة على سريرها بوجه شاحب وقد نقص وزنها قليلا... وما هي إلا لحظات حتى وجدت نفسها محاطة بجميع أولادها حيث جلس بالقرب من سريرها رامي، مصطفى وحياة... أما وردة ففضلت الجلوس على كرسي بالقرب من السرير... في حين أن سعاد ورضا فقد فضلا البقاء واقفين وكأنهما في استعجال من أمرهما... الأم تحاول أن تنطق بصعوبة قائلة:
- وأنت يا رضا وسعاد... ألا تجلسا ؟
ويرد رضا بنوع من الكبرياء:
- لا اطمئني فنحن هكذا أحسن... ثم نحن مستعجلين ... يا لله تكلمي ... فلماذا طلبت حضورنا ؟
ونطقت الأم بصوت ضعيف:
- لأنني من زمان لم أراكم فاشتقت أن أراكم أمامي كلكم مجتمعين حولي...
ونطقت سعاد:
- إذن أظن أننا نفذنا طلبك ولا حاجة لنا بالبقاء أكثر.
تشعر لحظتها الأم بحزن عميق ... أما حياة تحاول أن تقترب منها لتحضن يدي أمها بكل حنان... لكن الأم بكل لطف ولباقة تبعد يدها وهي تقول:
- أرجوك يا ابنتي أعذرني فمرضي معدي... ولا أريده أن ينتقل إلى أي واحد منكم.
وترد حياة وهي تصطنع الحب والحنان:
- بل أرجوك أنت يا أمي ... لا تضخمي من مرضك... معقول نزلة برد تفعل بك كل هذا وتزيدك كثيرا من الوساوس.
وينطق مصطفى مصطنعا هو الآخر الحب والحنان:
- وأنا من رأي حياة يا أمي... فكلها أيام وتقومين بالسلامة... نعم يا أمي... دعك من هذه الوساوس.
ويتابع رامي:
- بل يوم وتقومين بالسلامة بإذن الله.
الأم تتوجه بنظرها نحو وردة التي مازالت صامتة ساكنة في مكانها لم تتحرك ولم تقل شيئا... بل هي الوحيدة التي فضلت الصمت ... لم تنطق لا بكلمة لوم ولا بكلمة حب...
بعدها تنطق الأم قائلة:
- أعرف يا أبنائي الأعزاء ... مهما قلت ومهما اعترفت لكم فلا أظن ستسامحونني... بل لا أظن ستسمعون إلي أصلا... لكن كل ما أطلبه منكم هو أن لا تنسوا أنكم إخوة ... وحاولوا أن تتقربوا من بعضكم... إن لم يكن ذلك في حياتي على الأقل حاولوا بعد مماتي... فأنا أيامي في هذه الدنيا أصبحت معدودة... فأنا فعلا مريضة ومرضي خطير... بل محكوم عليه بالإعدام في أي لحظة...
ونطقت حياة وهي تصطنع البكاء:
- لا... أرجوك يا أمي لا تقولي هذا...
وترد الأم:
- بل إنها الحقيقة... ووصيتي بعد موتي تركتها عند المحامي.
مرت فترة صمت تبادل فيها الإخوة نظرات الحيرة والدهشة... وفجأة اخترق صوت وردة ذلك الصمت لما سألت أمها:
- وهل لنا أن نعرف أي مرض خطير هذا الذي أصابك؟
سؤال وردة أحرج الأم كثيرا، فقالت في أعماق نفسها وفي صمت " طول الوقت بقيت صامتة وكنت أسأل نفسي لماذا هذا الصمت؟... كنت أريدك أن تقولي أي شيء... لكن أنت بالذات لم أكن أتوقع منك هذا السؤال... يا ترى لماذا ؟ لماذا هذا السؤال ؟ هل لأنك لم تصدق أنني فعلا مريضة؟ ... أم هل فعلا تريدين معرفة هذا المرض بصفتك طبيبة المستقبل "... وفي الأخير وبعد تردد تنطق بعد أن استجمعت كل قواها وشجاعتها:
- ... أنا... أنا مصابة بمرض السيدا...
وما إن ذكرت اسم المرض فإذا بحياة ومصطفى ورامي ... ودون شعور يبتعدوا عنها... في حين سعاد ورضا تبادلا نظرات كلها دهشة وحيرة وقد تراجعا قليلا إلى الوراء... أما وردة فلقد بقيت في مكانها مسمرة وفي كامل دهشتها... حياة تصطنع البكاء والإغماء عليها وهي تردد:
- لا... لا... لا أصدق.
رامي ومصطفى يساعدانها ويحملانها إلى الخارج... في نفس الوقت سعاد ورضا يخرجان في هدوء بحجة تأخرهما... بينما بقيت وردة في مكانها... صمت يعم الغرفة... الأم رغم ما أصابها من أسى وألم نتيجة تعرف أولادها على سرها الخطير... إلا أنها أخفت دموعها وحاولت أن تبدو أقوى من مرضها وهي تقول لوردة:
- وأنت ألم تهرب بعد، ألست خائفة من العدوى، من هذا المرض الخطير؟
وردة لم ترد على أمها واكتفت بالنظر إليها... ثم تقوم وهي تقترب منها قليلا قائلة بصوت هادئ وهي تربت على يد أمها:
- وما يصبنا إلا ما كتب الله لنا.
ثم تنصرف بهدوء تاركة أمها لوحدها تبكي في حرارة من تصرف أولادها...
***
في الأسفل ... في الصالون كان الجدال قائما بينهم...
قالت سعاد موجهة كلامها لكل من مصطفى ورامي وحياة:
- أرى أنكم الأولى والأنسب بمراعاتها والحرص على صحتها.
كلام سعاد أحرج إخوتها وبعد تردد نطق مصطفى:
- قد يكون كلامك صحيح... لكن لا تنسي أنكم أيضا أولادها ومن واجبكم مراعاتها.
ويرد رضا:
- نحن كما ترون نسكن بعيدا عنها... ثم أنا رب أسرة وغير ممكن أن أتركها... وسعاد كذلك فهي أم لرضيعة ووردة غير ممكن أن تترك دراستها...
ونطقت حياة:
- وأنا أيضا عندي ما يشغلني.
وقال مصطفى:
- وأنا كما تعلمون أعيد السنة الأخيرة بالجامعة للمرة الثالثة ولست مستعدا أن أعيدها للمرة الرابعة هذا إذا سمحوا لي طبعا.
ونطق رامي:
- إذن الحل الوحيد هو أن نقيم القرعة.
ونطق رضا بدهشة واحتجاج:
- ولماذا نقيم القرعة فنحن بصراحة لسنا المعنيين فأنتم المعنيون... ثم إذا...
ويقاطعه مصطفى:
- لا... الحل الوحيد هو أن نحضر لها ممرضة خاصة تقوم برعايتها.
ونطق رضا باحتجاج:
- لا... إلا هذا... هل تعرفون ما معنى هذا؟... معناه أن كل الناس ستعلم بالمصيبة التي أوقعتنا فيها حضرة الوالدة … هل تعرفون ما معنى أنها مصابة بالسيدا...
... خارج الصالون... كانت إحدى الخادمات تقترب منهم حاملة صينية المشروبات وما إن سمعت اسم المرض حتى توقفت مندهشة... داخل الصالون ينطق مصطفى قائلا:
- يا أخي حدد موقفك... فأنت لا تريد أن ترعاها ولا تريد القرعة... ولا تريد غيرنا أن يقوم برعايتها...!!
وتنحاز حياة إلى صف مصطفى وتوجه كلامها لرضا وسعاد:
- ألاحظ أنكما تستغنيان عن رعايتها، يا ترى هل أنتم في غنى عن ثروتها بعد موتها ؟
تلك الكلمة وقعت على رأس وردة كالصاعقة... بينما أحس رضا وسعاد بنوع من الحرج ... لدرجة أنهما لم يردا على كلام حياة إلا بعد فترة صمت حيث قالت سعاد بنبرة مترددة:
- لعلمكم ... أننا أصلا لم نكن راضيين على حضورنا بل رفضنا الحضور لولا إلحاح ورجاء وردة...
ويحاول مصطفى أن يرد عليها ... لكن وردة التي ظلت صامتة لفترة تتابع ذلك النقاش تفاجأ الجميع بصراخها:
- يكفي... يكفي أرجوكم... أنا سأرعاها بنفسي.
***
في المطبخ ... اجتمع كل عمال الفيلا من سائق وطباخين والبستاني ومديرة المنزل ... الطباخة التي سمعت حديث الأولاد تنزع المئزر وهي تقول:
- أنا بصراحة بعد الذي عرفته لن أبق هنا ولو دقيقة.
وتخرج ويلحق بها بقية العمال باستثناء السائق ... وكان خروجهم خفية دون أن يراهم أحد.
في الصالون ... بينما مصطفى ورامي وحياة ارتاحوا لقرار وردة ... رضا وسعاد في كامل دهشتهما وهما يحاولان اقناعها للعدول عن قرارها حيث قالت سعاد:
- لا يا وردة ... يجب عليك أن ترجعي معنا حالا... أنت لست مسؤولة عنها...
وينطق رضا قائلا:
- أنت بالذات غير مطلوبة لرعايتها... أنت أصغرنا ثم الدراسة في انتظارك.
وينطق مصطفى:
- بالعكس إنها أحسن واحدة فينا القادرة على رعايتها... فهي طبيبة وستكون حذرة أكثر حتى لا تنالها العدوى ...
ويرد عليه رضا بغضب:
- أصمت أنت ... وردة ليست طبيبة بعد، فهي ما زالت طالبة في السنة الثالثة...
وتنطق وردة بهدوء:
- قد أكون فعلا صغيرة ... ولم أنل الشهادة بعد، لكن ما تعلمته لحد الآن كاف لأرعاها كممرضة على الأقل.
ورغم محاولات رضا وسعاد لكن وردة قررت البقاء لرعاية الوالدة... رضا وسعاد غادرا الفيلا... وحتى مصطفى ورامي وسعاد فقد فضلوا مغادرة الفيلا بعد أن كانوا شبه مقيمين عن


ترقبو ا الأجزاء المقبلة بأحداث مثيرة

ندى تدى likes this.

هناء12 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-08-11, 04:02 PM   #2

هناء12
 
الصورة الرمزية هناء12

? العضوٌ??? » 189400
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » هناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond repute
افتراضي سلام وتحية



مازلت أنتظر ردودكم أين انتم ..................؟
على كل سأنزل الجزء الثاني وأنتظر ردودكم بفارغ الصبر

رمضان كريم وصح فطوركم


هناء12 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-08-11, 04:26 PM   #3

هناء12
 
الصورة الرمزية هناء12

? العضوٌ??? » 189400
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » هناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond repute
افتراضي قصة قلب في المنفى




-هل تنجح وردة كممرضة لوالدتها؟

-هل فعلا الوالدة مريضةبمرض العصر وكيف إنتقل إليها إنها أسئلة وردة؟

- ماموقف عائلتها لأمها لما قررت الوقوف الى جانب والدتها.

- ما موقف وردة لما تكتشف أن والدتها مصابة بمرض آخر.

الجزء -2- من قضة قلب في المنفى.


***
بعد خروج الإخوة جميعهم ... شرعت وردة في التجول داخل أركان الفيلا بخطوات ثقيلة... وجهت نظراتها نحو السلم المؤدي إلى الطابق العلوي وراحت تتذكر أيام كانت لا تتجاوز سن العاشرة من عمرها... كانت يومها تنزل السلم..تجري هاربة من المربية... تدخل إلى غرفة المكتب... حيث أمها تراجع بعض الملفات... وما إن اقتربت منها الوالدة تعانقها وتقبلها وهي تقول مبتسمة:
- لا يا حبيبتي يجب أن تتناولي الحليب.
وترد الصبية وردة:
- لكن يا أمي أنا كبرت على كوب الحليب.
تضحك المربية وكذا الوالدة التي تقول:
- أبدا... الحليب للكبار والصغار... ثم ألا تريدين أن تكبري وتكملي دراستك لتصبحي محامية أو طبيبة مشهورة؟
***
تعود وردة من الماضي إلى الواقع... تصعد الطابق العلوي وبالضبط نحو غرفتها... فتحت غرفتها وراحت تتقدم إلى الداخل... كانت غرفة مملوءة بالألعاب ودمى كثيرة... جلست على السرير وراحت تتناول دمية في شكل دب ولحظتها راح خيالها إلى الماضي... كانت تستعد للنوم وإلى جوارها ذلك الدب... الأم تغطيها جيدا ثم تقبلها بحرارة... وردة تنطق قائلة وهي تضحك:
- والدب ألا يستحق قبلة هو الآخر؟
تضحك الأم لبراءة وحيدتها ... وتقبل الدب ثم تعيد تقبيلها وهي تتمنى لها ليلة سعيدة ... تعود من الماضي إلى الحاضر... وهي تنظر إلى الدب الذي بين يديها... بعدها تنظر إلى الساعة... ثم تترك الدب وتخرج لتنزل إلى الأسفل حيث المطبخ فلم تجد أحدا... فراحت تفتش عن عمال الفيلا في غرفهم، فوجدت أنهم غادروا الفيلا بعد أن أخذوا أغراضهم... احتارت وتألمت لهذا الموقف ... وبينما هي تائهة بعيون حزينة فإذا بصوت السائق حسين وهو رجل في العقد الخامس من عمره قال بصوت هادئ:
- لقد عرفوا حقيقة مرضها ففضلوا المغادرة.
نظرت وردة إليه وبعد فترة صمت قالت بصوت حزين:
- على كل إذا أردت أنت أيضا اللحاق بهم و...
ويقاطعها قائلا:
- تقصدين الهروب منها... لا يا ابنتي فأنا...
وتقاطعه قائلة:
- لا والله لا تظن أنني سأغضب لو فعلت ... فهذا من حقك فإذا كان أولادها هربوا منها فما بالك بالغير.
وينطق السائق:
- وأنا يا ابنتي لست مثل الآخرين ... فأنا لا أتنكر لوالدتك التي عشت من خيرها ... ولست مستعد للتخلي عنها...
وترد وردة بعد تردد:
- حتى لو قلت لك بأن مرضها خطير ومعدي.
ويرد السائق:
- صحيح ليس لدي معلومات كافية عن هذا المرض ... وثقافتي محدودة لاستيعاب مدى خطورة هذا المرض ... لكن تأكدي إذا كانت العدوى ستنتقل إلي لتشفى هي ... فأنا مستعد لها مهما كان الثمن...
وترد وردة:
- إنها عدوى خطيرة.
ويجيبها السائق:
- ولو يا ابنتي... ثم إنّ والدتك مريضة، وبغض النظر عن نوع مرضها فهي بحاجة إلى من يقف إلى جوارها، خصوصا وهي في أيامها الأخيرة.
لحظتها تغرورق عيون وردة بالدموع رغما عنها، بينمايتوجه السائق نحو المطبخ قائلا:
- اذهبي يا ابنتي لترتاحي وأنا سأحضر العشاء.
وتوقفه قائلة:
- لا... دعك من المطبخ... أنا سأتكلف بهذا... فقط قل لي ما هي أكلاتها المفضلة وأنا سأحضرها...
***
في غرفة الوالدة...
تدخل وردة وبين يديها صينية بها العشاء... راحت تقترب من الأم لتضع الصينية على طاولة بالقرب من سريرها... ثم اقتربت من أمها قائلة بصوت حنون:
- العشاء جاهز.
راحت الأم تنظر إلى وردة لفترة مندهشة قائلة:
- أنت من أحضرت العشاء... أين... !!
وقاطعتها وردة قائلة وبهدوء وبتردد:
- لقد... لقد أخذوا إجازة... ماعدا السائق...
أدركت الأم الحقيقة فقالت بصمت «بل قولي أنهم هربوا» ثم فوجئت وردة بسؤالها:
- وأين إخوتك ؟
تشعر وردة لحظتها بحرج شديد ... تحاول أن تنطق لكن تجد نفسها مترددة فقاطعتها الوالدة قائلة:
- طبعا هم أيضا هربوا.
وتنطق وردة قائلة لتغير الجو الحزين:
- هيا يجب عليك أن تأكلي قبل أن يبرد العشاء.
تحاول وردة أن تقترب من أمها لترفع رأسها وتساعدها على الإستناد إلى الوسادة... لكن الوالدة تبتعد عنها بلباقة قائلة لها:
- أرجوك... لا تحاول الاقتراب مني أكثر ... لا أريدك أن ترثي عني هذا المرض الخبيث.
تحتار وردة من تصرف أمها لكنها لا تبالي وراحت ترفع الملعقة لتؤكلها بنفسها قائلة:
- هيا تفضلي.
لكن الأم تفضل التراجع عن الملعقة قائلة:
- أتركي الملعقة بالصينية وسأحملها بنفسي.
ترددت وردة ... ثم تتذكر ما قالته لإخوتها «أنا التي سأرعاها بنفسي»... تعود وردة إلى الواقع قائلة:
- بل ستأخذينها من يدي... من المفروض ألا تقومي بأي مجهود... هيا تفضلي.
وأمام إصرار وردة ... لم يكن أمام الوالدة إلا أن تتناول حساءها من يد ابنتها ... وبعد أن تناولت ما استطاعت، راحت وردة تحمل الصينية، فاجأتها أمها قائلة بصوت حنون مبتسمة:
- أشكرك على حضورك وبقائك.
وترد وردة قائلة بهدوء:
- بقائي واجب علي بصفتك مريضة وبصفتي أنا طالبة بكلية الطب...
عندها ظهر على الوالدة نوع من الارتباك، فهي لم تكن تتوقع ذلك الرد من وردة... فبلعت ريقها واختفت ابتسامتها... وردة هي الأخرى أدركت أنها كانت قاسية في ردها على أمها...
***
وتمر الأيام...
في الريف وبالضبط في دار العائلة... كانت العائلة مجتمعة... وكانت زينب تقرأ رسالة من أخيها أحمد وما إن أنهت الرسالة حتى نطق أبوها قائلا:
- أسبوع مر ولم تعد بعد... بل ولم تنتظم حتى بكليتها... يا لله اكتبي لأخيك وأخبريه أن يتصل بها... لقد اختارت البقاء معها... إذن لا هي منا ولا نحن منها...
***
... بالمدينة وبالضبط بالجامعة «كلية الطب»... الطالبة إيمان مع صديقتها... كن تتحدثن... لحظتها تقترب منهن الطالبة جميلة لتقطع حديثهن وهي تقول في كامل فرحتها:
- أبشري يا إيمان أمامك فرصة لتصدر قائمة الناجحين... بنت الفلاحين أصبحت لا تداوم على الدروس ونقاط البحوث الأخيرة جميعها تحصلت فيها نقاط عادية...
في الوقت الذي تشترك فيه بقية الصديقات في هذه الفرحة، نطقت إيمان بصوت حزين وبكل جدية:
- يا بنات يجب أن تفهمن شيئا واحدا وهو أن النجاح وتصدر قائمة الناجحين لن يكون وليد الصدفة وترصد الفرصة... النجاح والامتياز يأتي بالاجتهاد الدائم والمنافسة الشريفة تكون من أجل الدراسة فقط وليس...
وتوقفت تنظر إليهن للحظات ثم قامت لتغادرهن قائلة:
- وليس بالحقد وبالغيرة وبترصد الفرص...
***
... في النادي
اجتمع الإخوة الثلاثة، مصطفى، رامي وحياة حيث قال مصطفى:
- بصراحة أنا خائف أن تشك في غيابنا عنها.
ونطقت حياة:
- تشك لو كنا نذهب إليها نأخذ منها أي دراهم وهي في هذا الظرف.
ورد عليها رامي:
- فعلا فنحن اتفقنا أن لا نأخذ منها ولا درهم وهي مريضة، ثم ابتعادنا عنها طبيعي بحجة أننا على أبواب الامتحانات.
ونطق مصطفى:
- تشك أولا تشك فأيامها أصبحت معدودة، مسكينة وردة يظهر أنها لن تصمد بعدها لتلحق بها.
وتنطق حياة:
- لا اطمئن فهي طالبة ذكية في كلية الطب وأكيد أنها قادرة على حماية نفسها.
ويرد مصطفى:
- أخشى أن يكون كلامك صحيحا.

وتضحك حياة وتقول:
- وهل يعقل طالبة في السنة الثالثة طب تصبح في يوم وليلة طبيبة وقادرة على حماية نفسها من ألعن الأمراض حتى لو كانت فعلا أذكى الأذكياء.
ويضحك الثلاثة...
***
بالفيلا كانت وردة جالسة في الصالون أمام الموقد وكان على مقربة منها السائق حيث كان يحدثها قائلا:
- صحيح أنهم تربوا عند آباءهم ... لكن وما إن كبروا حتى ألفوا بيت الوالدة فهم لا يغادروه إلا نادرا... والغريب أنّه من حوالي شهرين حياة ومصطفى قررا الاستقرار عندها.
بعدها استأذن منها ووجه لها سؤالا بعد تردد:
- لكن قولي لي يا وردة لو لم تكوني طالبة طب هل كنت ستبقين إلى جوارها؟
وكأنه فاجأها بسؤاله... ولما قرأ الصمت في عيناها أدرك نفسه فقال:
- أرجو المعذرة يا ابنتي يظهر أنني تدخلت أكثر فيما لا يعنيني.
وبعد فترة صمت ردت وردة بهدوء وبصوت حنون:
- لا بالعكس... أنت تسألني سؤالا لا طالما خطر ببالي ولم أجرأ أن أصارح به نفسي ... صدقني لو قلت لك أن إجابتي عن هذا السؤال هي...
وتوقفت ووجهت نظرها إلى أعلى السلم ثم أكملت بعد تنهيدة عميقة:
- لست أدري ... نعم لست أدري ماذا سيكون موقفي لو لم أكن طالبة طب، لكن كل الذي كنت أشعر به وأنا هناك في بيت العائلة ثمة شيء كان يشدني ويدعوني للبقاء هناك، ولما حضرت هنا شعرت أن ثمة شيء هنا هو الآخر يشدني ويدعوني للبقاء.
في تلك اللحظات تسمع وردة صوت أمطار غزيرة وبرق ورعد شديد مما جعلها تقوم بسرعة نحو الطابق العلوي وبالضبط نحو غرفة والدتها... لهفتها في الذهاب بسرعة إلى غرفة أمها جعل السائق يقول بصوت خافت بعد أن غادرته وردة:
- الأكيد فعلا أنك لو لم تكوني طبيبة لكان التصرف نفسه مع والدتك.
ثم دعا ربه من الأعماق بشفاء الأم.
***
تقترب وردة من سرير أمها فوجدتها تسعل ولم تنم بعد ... فتناولها الدواء وراحت تقدمه لها قائلة:
- تفضلي إنه موعد الدواء...
وفجأة دوى صوت الرعد ... فاهتزت يدها ... لتسقط الملعقة قبل أن تصل فم والدتها... فتضطر إلى مساعدة أمها على تغيير الثياب... وفي الأخير تنصرف إلى الحمام... وهي تغسل يديها فإذا بعينيها تستحمان في الدموع فترمي بقطعة الصابون من يدها وتنظر إلى يديها ثم إلى وجهها في المرآة وتنطق وهي تبكي:
- هل يعقل هذا يا رب؟ ... أغتسل وأنظف نفسي وأغير ثيابي كلما اقتربت منها ولمستها... لا... لا... لا يا رب... ...
***
في اليوم الموالي... وفي الصباح... بعد أن تناولت الأم قهوة الصباح... همت وردة لحمل الصينية فأوقفتها الأم لما قالت:
- هل لديك دراسة هذا الصباح...
وقبل أن ترد وردة قالت في صمت «دراسة... أكاد أنسى أنني طالبة» ثم تنطق قائلة:
- ولماذا السؤال ؟
وقالت الأم:
- لا... فقط أردت أن تبقي معي لبعض الوقت ما دام أنك في المساء تصرين على أن أنام مبكرا...
وردت وردة في صمت «لم تعد مواعيد الدراسة مضبوطة معي من يوم حضوري»... بعدها نطقت بصوت مرتفع وهي تجلس بالقرب منها:
- تفضلي فأنا دراستي بعد ظهر هذا اليوم...
وقالت الأم بعد تردد:
- ممكن أسألك سؤالا؟
وقالت الابنة:
- طبعا تفضلي.
لكن الأم وجدت نفسها في موقف حرج فلم تجد ما تقوله حيث شرعت تكلم نفسها «الحقيقة أسئلة كثيرة أريد أن أسألها لك لكن ؟!»... أدركت وردة ذلك التردد والحيرة على وجه ولسان الأم ... فنطقت قائلة:
- إذن أسألك أنا ... إن لم يكن لديك مانع؟
وكأن وردة أنقذت أمها من موقف حرج... حيث نطقت الأم وصوتها تكسوه نبرة السعادة:
- تفضلي يا ابنتي اسألي أي سؤال يخطر ببالك.
ونطقت وردة دون مقدمات:
- كيف انتقل إليك هذا المرض ؟
تصمت الأم وقد فاجأها سؤال ابنتها... وردة بدورها تشعر بأنها أوقعت أمها في موقف حرج فقالت:
- أنا آسفة... إذا كنت أحرجتك بسؤالي... فأنا لم أبغ من خلاله سوى معرفة الحقيقة، فأنا أعرف أن هذا المرض ينتقل إما عن طريق نقل الدم أو...
وتتوقف لحظة لتنظر إلى أمها ثم طأطأت رأسها في إحراج مما جعل الأم تدرك جيدا كلام ابنتها وتشعر بحزن عميق ثم تستجمع كل قواها لترد على ابنتها:
- أكملي وقولي بعلاقات لا شرعية... لا... لا يا ابنتي لست من ترضى لنفسها بالحرام... أنا صحيح ارتبطت في حياتي بأكثر من رجل لكن ذلك قدري وكان على سنة الله ورسوله...
وسكتت للحظات فنطقت وردة بعد أن أدركت غلطتها غير المقصودة:
- أنا آسفة... فأنا كما سبق وأن قلت لك أردت أن أعرف الحقيقة، لأن طرق انتقال هذا المرض معروفة.
ونطقت الأم بصوت يائس وحزين:
- لا بأس... مادام أنك طرحت السؤال ... وتريدين معرفة الحقيقة سأقولها لك... المهم أن تصدقينني...
وبدأت الوالدة تحكي قائلة:
- كان طبيبا... أشرف على علاجي بدءا من الغيبوبة التي دامت شهورا وشللي الذي دام أكثر من سنتين. كان نعم الأخ ونعم الصديق... زرع في قلبي الإيمان والثقة بنفسي بعدما كنت قد كرهت الحياة ... تمنيت الموت على أن أعيش بقية عمري مشلولة أشحت الشفقة والمساعدة... طلبني للزواج وأنا لا أزال مشلولة أتحرك في كرسي العجلات... رفضت ذلك بلباقة رغم تأكدي من حبه لي وصدق مشاعره... ومع ذلك كان يذكرني بالموضوع مرة بعد مرة... لكن الحقيقة أنني لم أعد أفكر في الزواج من زمان وبالضبط من يوم طلاقي من أبيك...
تتوقف للحظة لتدرك نفسها قائلة:
- أقصد من يوم رحيل والدك ... ومن شهر جاءني خبر وفاة الطبيب الصديق بمرض العصر ومن يوم عرفت سبب وفاته... غادرني النوم وبدأت أتذكر أيام إشرافه على علاجي... وبدأت أعراض غريبة تظهر علي كالحمى... فانتابني الشك بأن يكون المرض انتقل إلي... ففكرت أن أعرض نفسي على الطبيب لكن خفت فرحت أقرأ كل ما كتب عن هذا المرض وأعراضه فوجدتها نفس الأعراض التي بدأت تظهر علي فكان من الطبيعي أن أعرف بأنني مصابة بهذا المرض...
وتنطق وردة وهي في كامل اندهاشها:
- تقصدين أنك تأكدت من إصابتك بالمرض عن طريق الشك وما قرأتيه في الكتب والمجلات... وليس عن طريق التحاليل الطبية... هل يعقل أن تكوني مصابة لمجرد الشك ؟
وترد الأم قائلة:
- الوحيد الذي بإمكاني أن أصرح له بشكوكي هو الدكتور نجيب عبد العزيز وهو نفسه الدكتور الذي أرسلني بعد الحادثة وباشر علاجي بعد عودتي... لكن مع الأسف هو حاليا مسافر... وحتى ولو كان موجودا فلا أظن أنني كنت سأتجرأ وأحكي له... لأنني... لأنني...
وتسكت عندما يختنق صوتها بالبكاء... وتنطق وردة قائلة:
- لأنك خائفة أن تصدق شكوكك... ويعرف الناس حقيقة مرضك فيتهرب الكل منك... وهل تظني أنهم لم يعرفوا بعد...
ونطقت الأم في دهشة :
- طبعا أكيد لا... فمعارفي على علم أنني مسافرة...
تضحك وردة بحزن قائلة:
- لا... لا تحاولي أن تقنعي نفسك أنهم لا يعرفون عنك شيئا لحد الآن... الذي عرفته عنك حتى وأنت مسافرة فصديقاتك بالأخص... لا يتوقفن عن السؤال عنك بالهاتف بل مرات تحضرن شخصيا للاطمئنان عنك حتى وأنت مسافرة.
لحظتها راح تفكير الوالدة إلى الماضي القريب لتتذكر كيف كان بيتها يكاد لا يخلو من الزائرات للسؤال عنها... وتعود من الماضي إلى الواقع لتنطق بصوت حزين:
- معذورون طبعا... إذا كان أقرب الناس إلي قد تخلوا عني بكل سهولة بحجة وبدون حجة...
لحظتها تتجه وردة إلى خزانة الملابس... تفتحها وتحضر ثياب لوالدتها وهي تقول بجدية:
- هيا يجب أن تقومي الآن معي إلى مخبر التحاليل...
وترد الأم في حيرة:
- الآن !؟...
ونطقت وردة:
- نعم الآن ... وحالا...
وقالت الأم بصوت حزين:
- ممكن أسألك سؤالا قبل أن أجري التحاليل.
ونطقت وردة بصوت هادئ:
- أعرف هذا السؤال الذي يؤرقك ... فأنت تتساءلين عما إذا ثبت أن الأعراض التي تعانين منها ما هي إلا أعراض لمرض الوساوس ... فماذا سيكون موقفي هل سأبقى أم سأعود إلى بيت العائلة؟
وبعد صمت تتابع:
- طبعا سأعود إليهم فأنا بصراحة أحببت الإقامة هناك بل أفكر بعد تخرجي أن أفتح عيادتي هناك... ثم حضوري هنا كان بسبب طلبك ... أما بخصوص بقائي لحد الآن فهو كما تعلمين لأني طالبة طب وكونك المريضة...
تشعر لحظتها الأم بحزن عميق وهي ترى وتسمع من ابنتها التي تجاملها كمجرد مريضة بحاجة إلى طبيبة أو ممرضة... تكاد عيناها تغرورقان وهي تنطق قائلة بصوت حزين:
- ولو أثبتت التحاليل صحة إصابتي بهذا المرض... وهذا أراه احتمالا أقوى من احتمال إصابتي بمرض آخر... فهل يا ترى ستبقين على الأقل لغاية ما توارينني التراب ؟
كلام الأم وهي تكلمه بصعوبة أثر في وردة ومع ذلك تحاول أن تبدو أمامها عادية وقوية لا تستسلم للعواطف... واقتربت منها وجلست وقالت بصوت هادئ:
- لماذا أنت مصرة على إصابتك بهذا المرض اللعين ؟
وتنطق الأم قائلة بصوت المتوسل:
- أرجوك... أريد وعدا منك أنك لن تتركيني إلا بعدما...
وتضع وردة يدها بكل رفق على فم الوالدة قائلة:
- أعدك أنني لست من تترك...
تصمت ثم تتابع:
- سأبقى لغاية ما أتأكد من شفاءك.
ثم قامت وهي تقول:
- هيا ... قومي الآن...
قالت الأم بصعوبة:
- أرجو أن ننتظر إلى غاية عودة الطبيب نجيب عبد العزيز...
***
وردة في الجامعة وهي تقترب من صديقاتها... فإذا بها تفاجأ بتهربهن منها وهن تختلقن حججا للانصراف، فمنهن من تقول لديها عمل بالمكتبة ومنهن من تقول بأنها مضطرة للعودة إلى البيت مبكرا لظروف شخصية بل وحتى دفاتر المحاضرة اختلقوا الحجج حتى لا تعيرها ولا واحدة منهن الدفاتر خوفا من العدوى،لكن وردة لم تكن بالفتاة الغبية وقد أدركت سبب تصرفهن فبقيت جالسة لوحدها، فإذا بصديقات الطالبة إيمان يمرن بجوارها وبكل جرأة واستهزاء ترمي إحداهن وردة بالجريدة، وردة تحاول أن تتحكم في أعصابها لكن أمام ضحكاتهن وغمزاتهن تتوتر وتتجه صوب دلال التي رمتها بالجريدة وحاولت أن تنال منها بكل غضب وفعلا كانت ستتركها جثة هامدة لولا حضور إيمان وتدخلها حيث ابتعدت الصديقات ولم تتجرأ إحداهن من الاقتراب من وردة، أولا خوفا من العدوى، وثانيا خوفا من قوة وردة التي ظهرت أمامهن فجأة، بينما نطقت دلال قائلة موجهة كلامها لوردة:
- والله كان من الأجدر عليك أن تشفي غليلك وتنالي من الصحفي الذي كتب عن المليونيرة المصابة بمرض العصر.
تشعر وردة لحظتها بالإهانة وراحت تقلب صفحات الجريدة بقوة وقرأت عناوين إحدى الصفحات «المليونيرة المصابة بمرض العصر»... لم تكمل قراءة ما كتب تحت العنوان... وأمام تجمع الطلبة تنسحب بسرعة مهزوزة القلب، بينما بقيت صديقات إيمان تتبادلن النكت بضحكات، في حين نطقت إيمان قائلة بغضب:
- ما بكن ؟!
وردت عليها جميلة:
- الطالبة النجيبة ابنة الفلاحين أتضح أنها ابنة مليونيرة ويظهر أنها لن ترث ثروة أمها فقط بل سترث منها مرض العصر أيضا ...
وتكمل حديثها بالضحك في حين ردت إيمان في حيرة:
- هل لي أن أفهم ماذا تقصدن ؟
ونطقت دلال:
- طبعا تعرفين أنّ وردة قد أصبحت غير منتظمة في حضورها إلى الكلية وعندما تحضر فإنّها تأتي في سيارة خاصة رفقة سائق خصوصي لم يكن هذا يحدث من قبل، وفجأة بدأت أعز صديقاتها في التهرب منها...
وتابعت جميلة قائلة:
- طبعا كل هذا أثار فضولنا وبعد التحريات اكتشفن أن إحدى الطالبات كانت لديها قريبة تعمل بفيلا والدة وردة ومنها علمنا أن والدتها مصابة بمرض العصر، والكل ابتعد عنها ما عدا وردة التي كانت تعيش من قبل ببيت جدتها لأمها وهي الوحيدة التي تقوم برعايتها.
ويظهر على إيمان الحيرة والدهشة ... عندئذ قدمت ليلى الجريدة لإيمان... فراحت إيمان تقرأها بصوت مرتفع «فوجئ المجتمع الراقي بإصابة إحدى سيداته بمرض خطير وهومرض العصر والمرأة هذه معروفة ومشهورة فهي كانت مهندسة كبيرة ثم سيدة أعمال ومليونيرة مشهورة... الكل تخلى عنها ما عدا أصغر أولادها التي بقيت لتسهر على رعايتها كونها طالبة بكلية الطب... لكن المسكينة أصبحت غير منتظمة في دراستها فبعد أن كانت الأولى بالكلية أصبحت غير قادرة على متابعة دراستها بانتظام بسبب أمها المليونيرة التي مع الأسف لن ترث منها فقط ثروتها بل من المحتمل أن ترث مرضها أيضا »... يظهر على إيمان التأثر لما قرأته ... وقالت بنوع من الشفقة:
- حرام... حرام أن يصنع الصحفي شهرته على حساب سمعة وكرامة غيره.
***
وبينما تخرج وردة من الجامعة مسرعة فإذا بها تلتقي بابن عمها الذي حضر من أجلها وما إن رأته حتى توقفت وحاولت أن تبدو طبيعية أمامه ... قال وهو يقترب منها:
- جئت لرؤيتك.
وردت وردة:
- الآن فقط تذكرت أن لك ابنة عمة...
ورد عليها بعد أن أدرك لومها:
- أرجوك لا تغضبي مني ... فأنا كنت أتمنى أن أزورك عند عمتي للاطمئنان عليك وعليها ...
بعدها ذهبا إلى نادي الجامعة وجلسا لتناول بعض المشروبات ويكملا حديثهما... حيث قالت وردة:
- هل ما زالوا مصرين على مخاصمتي وعدم السماح لي بالعودة إلى بيت العائلة ؟
ورد عليها أحمد في أسف:
- مع الأسف كلهم مصرون ... ما عدا طبعا الجدة فهي كما تعلمين عندما يتعلق الأمر بعمتي فإنها تفضل الصمت...
تكاد عيناها أن تسبحا في الدموع لتقول:
- كيف حال جدتي... كم أنا في شوق إليها... في شوق إلى صمتها الذي يحيرني... وإلى عيونها الحزينة التي أرى أنها تحمل أسرارا لا أعرفها...
ورد أحمد:
- هل يعقل أن تكوني قد اشتقت إليها وقد مر أسبوعان عن غيابك عنها ... وأنت التي تعودت الابتعاد عنها بحكم الدراسة لأكثر من شهر؟
وأطلقت تنهيدة بعمق وقالت:
- فعلا كنت أغيب عنها لأكثر من شهر لكن كنت أصبر، وأخفي شوقي، وأقول العطلة اقتربت وهان البعد... لكن وضعيتي الحالية مختلفة وشوقي لها يزداد مع كل يوم، لأنه ليس لدي ما يعوضني هذا الشوق، فأنا لا أعرف إن كنت سأعود يوما إلى القرية أم لا...
ويقاطعها أحمد:
- لا أرجوك لا تقولي هذا... ستعودين إن شاء الله أنت وعمتي فأنا لن أتخلى عنك أبدا ... فالذي يصبرني على عدم زيارتك ببيت العمة هو ليس الخوف منهم بل لا أريد لأي واحد منا أن يقطع العلاقة مع بيت العائلة وخصوصا الجدة ...
وردت وردة:
- معك حق... سنصبر لغاية ما يأتي الفرج من الله... فرغم قسوتهم معي إلا أنني لن أحقد عليهم أبدا.
وتحاول أن تصطنع جو الفرحة ... حيث تابعت وهي تبتسم:
- وصراحة أكثر فخالي أبو أحمد رغم أنه لا يطيق سماع أو رؤية الوالدة إلا إنني اشتقت إليه.
ويرد أحمد:
- أنا معك ... فأبي مع الأسف قاس جدا على عمتي وهو جد غاضب منك لأنك أطلت المكوث عندها ... وأنا صراحة أكثر لم أشأ أن أزورك يوميا حتى لا أنقل لك غضبه منك ... وحتى لا تتأخري في رعاية المسكينة عمتي وخصوصا أنها في أيامها الأخيرة.
فجأة تغيب ابتسامتها المصطنعة وهي تنظر إلى الجريدة ثم قالت:
- هل تعلم يا أحمد؟... أمي ليست مصابة بالسيدا واحتمال كبير أنها مصابة بمرض الوسواس أو أي مرض آخر...
ونطق في دهشة :
- ماذا تقولين ؟!...
وردت بسرعة:
- نعم هو ما سمعته بالضبط... فهل يعقل أن تكون مصابة وهي لم تقم بأي تحليل طبي ؟
ويرد أحمد دون أن ينتبه إلى ما يقول:
- وهل يعقل أيضا ما قاله أبي عنها ؟!
وسألته بدهشة:
- وماذا قال عنها خالي؟
وبنوع من التردد حاول أن ينطق لكن وردة تستعجله:
- أرجوك تكلم ماذا قال خالي عنها... ؟
وينطق أحمد في هدوء:
- أبي في أول الأمر تلقى خبر مرضها باقتناع أنها فعلا مصابة بالمرض لكن فيما بعد ساوره الشك وقال لماذا لا يكون مرضها مجرد حيلة لتتمكن من جلبك إليها...
وتتنبه وردة جيدا إلى ما قاله أحمد ويأخذها تفكيرها إلى اليوم الذي طلبت منها الأم تأجيل التحاليل لغاية حضور الدكتور صديقها... لحظتها أدرك أحمد صمت وردة فتابع قائلا:
- بصراحة حتى لو كانت شكوك أبي صحيحة فأرى أنه من حق والدتك أن تستعمل كل الطرق لتعيدك إلى حضنها.
وتنطق وردة وهي تمسك بالجريدة لترفعها قائلة:
- لكن ليس على حساب سمعتها وسمعتي بل وسمعة كل العائلة...
ويرد أحمد:
- أما أنا فلا أشك أن يكون تصرفها هذا حيلة لإرجاعك إليها مع أنني أوافقها في أن تستخدم أي طريقة لإرجاعك إليها...
تقوم وردة بسرعة بعد أن استأذنت من أحمد بالانصراف.
***
تصل إلى الفيلا... بالداخل وبالضبط بالغرفة كانت الأم مستلقية على سريرها وعلى مقربة منها جلس المحامي وأمامه حقيبته مفتوحة يحاول غلقها بعد أن وضع بها بعض الأوراق وهو يقول:
- على كل اطمئني... المهم أن تقومي بالسلامة...
وردت لطيفة:
- أنا فعلا مطمئنة على كل شيء ما دمت موجودا... المهم يا أستاذ عادل أن تتكفل بكل أوراق التركة...
وهو يقوم لينصرف ...
فإذا بوردة تفتح الباب بقوة ودون استئذان ... وكانت تظهر على وجهها ملامح الغضب... حيث أنها لم تلق التحية ولم ترد حتى على تحية المحامي بل فاجاءته قائلة وهي ترمي بالجريدة أمام أمها:
- طبعا كانت تمثيلية محبوكة جدا من طرفكما.
الأم والمحامي يتبادلان نظرات الاستغراب... في حين فضل المحامي الانصراف بعد أن أدرك حرج والدة وردة...
وردة بكل غضب تتجه نحو خزانة الأم لتخرج لها ثيابها قائلة وكلها غضب:
- هيا معي ... الآن... يجب أن تقومي بالتحاليل ... وعند دكتور أنا التي تختاره وليس أنت...
الأم مازالت مندهشة وفي حيرة من التصرف المفاجئ لوردة ،حيث نطقت:
- لكن أنا...
وتقاطعها وردة:
- أرجوك... لا داعي لأي تمثيلية... الآن سننزل لعمل التحاليل...
لحظتها ... السائق يستأذن للدخول قائلا:


هناء12 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-08-11, 05:06 AM   #4

فاطمة كرم

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية فاطمة كرم

? العضوٌ??? » 103308
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 18,261
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond reputeفاطمة كرم has a reputation beyond repute
Icon26

أهلا عزيزتي هناء بكِ وبروايتك الثالثة في روايتي وفي قصص من وحي الأعضاء

بعد إذنك نقلتها للقسم حتى تكتمل وبعدها تعود للمكتملة

ونصيحة انتظري حتى يقرأ الأعضاء الفصول التي أنزلتيها وبعدها أنزلي الفصول تباعاً كي تأخذ روايتك حقها في المتابعة

أرجو منكِ قراءة قوانين القسم

https://www.rewity.com/vb/t169971.html

في أمان الله



فاطمة كرم غير متواجد حالياً  
التوقيع


لقراءة أعمالي (روايات- قصص- مقالات- جوابات :D ) انقر هنــــا
رد مع اقتباس
قديم 14-08-11, 05:02 PM   #5

*مريومة*

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية *مريومة*

? العضوٌ??? » 177455
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,427
?  مُ?إني » قسنطينة
? دولتي » دولتي Algeria
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » *مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute*مريومة* has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
السَّعادةُ تنمو قُربَ نوافذنا و لا تقطفُ من حدَائِقِ الغُرباء.
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

عزيزتي هناء:
أهلا بك مرة أخرى
هذه روايتك الثالثة؟
لم أقرأ لك سوى "بين مخالب الزمن"
أرجو ان تنبهيني في المرة القادمق في كل مرة تضعين فيها رواية جديدة
إذا لم يزعجك هذاطبعا
ستكون لي عودة بعد القراءة
رمضــــــــــــــــان كريم


*مريومة* غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-08-11, 01:17 AM   #6

هناء12
 
الصورة الرمزية هناء12

? العضوٌ??? » 189400
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » هناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond repute
افتراضي


شكرا عزيزتي فاطمة يظهر كنت متسرعة في البحث لذلك لم أتوصل الى القصة في البداية.


هناء12 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-08-11, 02:18 AM   #7

هناء12
 
الصورة الرمزية هناء12

? العضوٌ??? » 189400
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » هناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond repute
افتراضي

[FONT="Arial Black"][/FONT

عزيزتي مريومة شكرا للإهتمام بل يسعدني ويشرفني ذلك وأعدك مرة ثانية بإعلامك فقط أتمنى أن اتلقى أرائك ونقدك بصدر رحب وللعلم قلب في المنفى انزلها في أجزاء.
ملحوظة: لقد قرأت الفصول الثلاث لقصتك وإن شاء الله أتابع البقية في أقرب وقت حتى أعرف النهاية نهاية المناظرة بين غرور عادل وكبرياء صباح
الى اللقاء ورمضان كريم.


هناء12 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-08-11, 02:29 AM   #8

هناء12
 
الصورة الرمزية هناء12

? العضوٌ??? » 189400
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » هناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond repute
B10



الجزء-3-من قصة قلب في المنفى


- آنسة وردة... في الأسفل آنسة تدعى إيمان قالت أنها طالبة بالكلية نفسها التي تدرسين فيها.
تحاول وردة أن تتذكر الطالبة إيمان..من تكون ؟ ... ينصرف السائق لتلحق وردة به بعد لحظات... وهي تقترب من الصالون في الطابق السفلي ... وما إن أبصرت الطالبة إيمان وتعرفت عليها حتى اقتربت منها وراحت تنظر إليها مستغربة من هذه الزيارة غير المتوقعة من طالبة لا تربطها أية صداقة بها، في حين كانت نظرات إيمان مليئة بالحرج بعدها نطقت:
- أنا آسفة لهذه الزيارة المفاجئة، ودون سابق معاد.
تحاول وردة أن تبتسم قائلة:
- لا... أبدا... تفضلي بالجلوس... أهلا... أهلا بك.
وما إن جلست حتى قالت إيمان:
- لقد أحضرت لك جميع المحاضرات المتأخرة...
تسلمت وردة الدفتر وهي في كامل حيرتها من هذه الزيارة ومن هذا التصرف... أدركت إيمان حيرتها فقالت:
- وردة... أعرف بأنك مستغربة من زيارتي ومن تصرفي هذا... لهذا أقول لك بكل صراحة... أنا من زمان كنت أتمنى صداقتك... صداقة حقيقية.
وردت وردة قائلة:
- لكن لا أظن الطالبة إيمان الغنية عن كل تعريف في الكلية بحاجة إلى صديقات... خصوصا صديقات مثلي...
وردت إيمان ... وقد أدركت ذكاء وردة:
- من حقك ألا تصدقي... بل ومن حقك ألا تصدقيني خصوصا وأنني أنتمي إلى جماعة الطالبتين: جميلة ودلال...
وتبتسم وردة وتقول بعد أن أمعنت النظر والتفكير إلى إيمان:
- رغم أنني استغربت حضورك إلا أنني أصدق كل كلمة نطقت بها حتى وإن كنت من الجماعة التي تليق بك مظهريا على الأقل واسمحي لي على صراحتي هذه.
تشعر إيمان بنوع من الارتياح من صراحة وردة فقالت:
- ذكائك وصراحتك وتواضعك ... عملة نادرة لصداقة حقيقية...
وقامت واقتربت من وردة ومدت لها يدها قائلة:
- هل تقبلين صداقتي ؟
بعد فترة تبتسم وردة وتمد يدها لتصافحها قائلة:
- تشرفني صداقتك... لكن قبل أن تنصرفي أريدك أن تعرفي حقيقتي وبالخصوص حقيقة أمي...
تبتسم إيمان باطمئنان قائلة:
- أعرف ما تريدين قوله ... وردة أنا عرضت عليك صداقتي والصداقة التي أريدها إذا لم تكن أثناء الشدة مع بعض ... فلا داعي لهذه الصداقة.
ونطقت وردة مبتسمة في سعادة:
- يظهر أنك ستكونين الصديقة الوحيدة لي...
وترد إيمان:
- أما أنا فأنت الصديقة الوحيدة التي بحثت عنها من زمان...
وهي تهم بالإنصراف ... أحضر السيد حسين صينية المشروبات لكن إيمان تعتذر وهي تقول:
- أنا الآن مستعجلة وإن شاء الله سأشربها في يوم آخر.
وفجأة تتوقف وتنظر إلى وردة التي غابت ابتسامتها... تدرك إيمان ذلك... فتقترب من الصينية التي مازال السائق حسين حاملا إياها فتتناول الكوبين حيث تقدم الثاني لوردة قائلة مبتسمة:
- لا بد من شرب نخب الصداقة...
وراحت تشرب كل الكوب... ثم ابتسمت فبادلتها وردة الابتسامة وهي تنصرف قالت:
- وردة حاولي أن توفقي بين رعايتك لوالدتك وبين الدروس التطبيقية، أما المحاضرات فلا تحملي هما...
وما إن انصرفت إيمان... وانصرف السيد حسين بالصينية حتى راحت تستلقي جالسة على الأريكية، وقد أطلقت تنهيدة من الأعماق، وهي تشعر لحظتها بارتياح... وبينما هي جالسة مغمضة العينين، فإذا أمها التي وقفت أمامها تخاطبها بصوت حزين:
- هيا بنا... أنا تحت أمرك.
تظهر الدهشة والحيرة على وردة، ومع ذلك قامت لتتبع أمها التي راحت تمشي أمامها بخطوات ثقيلة، مما جعل وردة تشعر بعطف وحرج ... قائلة بصوت متردد:
- إذا كنت متعبة ... فيمكننا تأجيل ذلك إلى الغد أو لأي...
تنادي الأم على السائق حسين وهي لا تبالي باقتراح وردة... وما إن ظهر حسين حتى قالت -متجاهلة مساعدة وردة لها-:
- هيا ... ساعدني.
ورد السائق:
- إلى أين يا سيدتي؟!... وأنت متعبة ويظهر عليك الإرهاق.
ونطقت السيدة لطيفة:
- أريدك أن تأخذني إلى أقرب مخبر تحاليل.
وأمام إصرار الأم رافقت وردة والدتها...
***
وبعد أن وصلت الأم إلى المخبر ... أخذت منها كمية من الدم فأغمي عليها... مما أستدعى ذلك بقاءها في السرير لساعات حتى استعادت وعيها... خلالها شعرت وردة بحزن وأسى ...
***
بعدها أعيدت إلى الفيلا وتم إحضار طبيب خاص...
وعند خروج الطبيب ... قدم لها وصفة الدواء وقال لها:
- إنها مرهقة جدا ... ما كان يجب أن تقوم بالتحاليل وهي في هذه الحالة، إنها بحاجة إلى رعاية تامة وراحة كبيرة ... لا أظن أنها تشكو من أي مرض خطير... يبدو أنها أرهقت نفسها أكثر من اللازم ... لكن إذا لم تشف بهذا الدواء فإني أفضل نقلها إلى المستشفى...
***
أسدل الليل ظلامه، ووردة جفاها النوم، وهي تتذكر كم كانت قاسية مع أمها... تركت سريرها وراحت تفتح غرفة والدتها في هدوء ... دخلت واقتربت منها... راحت تجلس على الكرسي القريب من السرير ... وما هي إلا لحظات حتى فتحت الأم عينيها مما جعل وردة تدنو منها أكثر وهي تقول:
- أرجوك نامي، فأنا إلى جوارك.
حاولت الأم أ ن تبتسم ... في حين تابعت وردة قولها:
- أنا آسفة...
وترد الأم بصعوبة وبهدوء:
- ولم الأسف ؟!
وردت وردة:
- لا داعي لتجاهل تصرفاتي الحمقاء معك.
وحاولت الأم أن تنطق قائلة:
- بالعكس ... لقد قضيتي على تهربي وعلى خوفي من الحقيقة، ودفعت بي إلى مواجهة مصيري ... لأضع حدا للشكوك التي كانت تراودني ثم...
الأم وهي تحاول الكلام بصعوبة،لم يكن أمام وردة إلا أن أوقفتها عن الحديث ... لما وضعت يدها بكل حنان على فمها قائلة بصوت حنون:
- أرجوك نامي الآن... أوصاني الطبيب بأن لا أجعلك تقومين بأي مجهود، وأعدك لما ترتاحي ... فلك مطلق الحرية في الكلام...
تبتسم الأم ... وأمام إصرار ابنتها أغمضت عينيها واسترسلت في نوم عميق.
***
في الصباح..
وردة تحضر بنفسها صينية القهوة للوالدة، وبينما هي تناولها الفنجان حتى نطقت قائلة:
- وردة ... هل يمكنني أن أسألك سؤالا ؟!
وتشعر وردة بحرج ثم تنطق:
- تفضلي...
قالت الأم:
- أعرف أن عائلتي لها موقف خاص مني ... باستثناء أمي فهي ليس لها أي موقف... لكن أنت ما رأيك في... ؟
وبنوع من التردد قالت وردة:
- أنا... أنا …
وتقاطعها الأم:
- أرجوك... أعرف أنك صريحة... ولتعلمي بأنني سأتقبل ردك مهما كان...
وتشعر وردة بحرج كبير ... فلم تنطق بكلمة بل طأطأت برأسها ... حينها تابعت الأم قولها:
- أعرف أنهم يقولون عني بأني أغير الرجال مثلما أغير الأحذية... لكن هل لديك مانع أن تسمعي مني قصة حياتي من البداية؟ ... وخاصة قصة زواجي وأزواجي.
رفعت وردة رأسها فتابعت الأم حديثها بعد أن أطلقت تنهيدة عميقة:
- طبعا لا أطلب منك أن تصدقيني... بل اسمعيني مثلما سمعت حكاياتهم عني...
ولم تترك فرصة لرد وردة ... فراحت تحكي لها قصة حياتها بدءا من طفولتها أيام كان والدها على قيد الحياة... فقالت:
- كانت أمنية والدي أن ينهي ولداه شريف ومحمد دراستهما الجامعية... لكن الاثنان توقفا عن الدراسة ولم يجتازا مرحلة الثانوية وفضلا ممارسة التجارة مباشرة... فخيبا أمله... ولأنني كنت مجتهدة جدا في دراستي منذ طفولتي وكنت دائما أحلم بأن أكون مهندسة... لهذا اكتفى أبي بتعليمي وأصبحت أمنيته، وراح يشجعني على متابعة دراستي رغم معارضة أخواي وأعمامي وأخوالي باعتبار أن مكان الفتاة في نظرهم ينحصر في البيت ... كما أن الدراسة في الجامعة تتطلب الانتقال إلى المدينة ... وهذا أيضا في نظرهم عار وعيب ... صادف أن أحبني أبو رضا الذي يملك محلا تجاريا في المدينة... طلبني للزواج... لكني في الحقيقة لم أكن أبادله أي شعور لذلك احترم أبي موقفي... لكن ضغط أخواي وعمي جعل أبي يطالبني بالتفكير وإعادة النظر ... ويشاء القدر أن يتوفى الوالد في حادث سيارة ... ينجو منها محمد بينما ... أمي المسكينة فأصيبت بشلل من جراء هذه الواقعة ... ويصر أخواي إما أن أوافق على الزواج أوأن أتوقف عن الدراسة ... فلم يكن أمامي إلا أن أشترط على ابن العم متابعة دراستي الجامعية بعد الزواج... وتم زواجي معه وأنا أدرس في الجامعة... لكن مع الأسف تأخرت عن دراستي عندما كنت حاملا برضا... فكانت فرصة لابن العم ليلح علي في ترك الجامعة للأبد... لكنني صممت وذكرته بوعده لي، غير أنه و أمام إلحاحه وغيرته لم يزدن ذلك إلا إصرارا أنا أيضا على متابعة دراستي ... فساعدتني مربية على تربية رضا حيث كانت ترعاه أثناء غيابي في الجامعة... ولما بلغت سعاد سنة من عمرها نلت شهادة الماجستير... ومن حسن حظي وجدت عملا كمهندسة بإحدى الشركات القريبة من المنزل... كان طموحي أن أحقق ذاتي من خلال عملي ... لكن أبو رضا فاجأني ببيع المنزل والمحل المتواجدين في المدينة واشترى بالمال بيتا وقطعة أرض في القرية... فكان ظنه أن يضعني أمام الأمر الواقع.
تتوقف لحظة لما سمعت صوت وردة:
- غريب
وردت الأم:
- ماذا تقصدين ؟
قالت وردة:
- ما حدث لك مع ابن عمك هو نفسه الذي يحدث لي مع ابن خالي لكن مع فرق كبير...
وترد الأم وعلامات الاستفهام بادية على وجهها:
- لم أفهم ماذا تريدين أن تقولي ؟
قالت وردة:
- من المفروض أني في نظر العائلة خطيبة أحمد ابن خالي وهو طالب بكلية الآداب ... لقد كان السبب في إكمال دراستي الجامعية حيث وافقت على خطوبتي له شرط أن أكمل دراستي الجامعية ... أو بالمعنى الأصح هو من اخترع حكاية الخطوبة لكي يتسنى له رعايتي بالجامعة...
وردت الأم في دهشة:
- أنت الآن مخطوبة لابن خالك وأنا...
وتقاطعها وردة:
- ألم أقل أنّ ما حدث لك هو نفسه ما يحدث لي لكن مع فرق كبير وهو أن ابن خالي إنسان شهم ... فرغم حبه لي إلا أنه أدرك واحترم شعوري الأخوي نحوه ففضل مساعدتي كي أتم دراستي ... ولست أعرف كيف سيكون رد فعلهم لما يطلعون على الحقيقة يوما ما ؟
ثم توقفت وتابعت قائلة:
- المهم ماذا حدث بعد ذلك ؟ أنت...
وأدركت الأم أن وردة تسمعها فعلا ... فسعدت لما طلبت منها أن تتابع قصة حياتها فما كان على الأم إلا أن تابعت قائلة:
- لكنني لم استسلم للأمر الواقع لإحساسي بأن أبا رضا خان العهد والوعد... فصممت البقاء في المدينة للإقامة والعمل... فخسرت قضية حضانتي لأولادي... ورغم أن المحكمة سمحت لي برؤية الأولاد مرة كل أسبوع ... لكن أبوهما وبمرور الأيام حرمني من رؤيتهما... بل حرمت حتى من زيارتهما وزيارة العائلة في القرية... وبعد طلاقي منه نفتني العائلة وتعمدت إنكاري ... ولأنني وجدت نفسي وحيدة ومطلقة وكانت الأعين كلها موجهة إلي ... خصوصا وأنني كنت مقيمة بفندق المغتربات... مما اقتضى الأمر أن أوافق على الزواج من زميل لي بالشركة بمجرد انتهاء شهور العدة... كلانا كان في بداية حياته المهنية فاتفقنا أن نبني حياتنا يدا بيد... عشت معه السنوات الأولى من زواجنا في سعادة ... إذ كنا متفاهمين جدا ... لكن وما إن جاءت أخته المطلقة لتعيش معنا حتى بدأت الخلافات والمشاكل بتدخلها في حياتنا في كل كبيرة وصغيرة... بل وراحت تدعو صديقاتها بمناسبة ودون مناسبة سواء كنا في البيت أوفي الخارج... في بداية الأمر حاولت أن أتفهم وضعها كمطلقة وأفهم نفسيتها ... فسعيت أن أكون لها أختا وصديقة لأفهمها أن بعض تصرفاتها لا يليق بها كمطلقة ... فعليها المحافظة أكثر على سمعتها ... لكن للأسف لم أتمكن ... وتعقدت الأمور بيننا ... فإذا بي اكتشف أنه تزوج بإحدى صديقاتها... فلم يكن أمامي إلا أن صممت على الطلاق... حصلت على الطلاق وكان الثمن أن أتخلى عن حضانة حياة لصالح أخته... واشترطت عليهما أن أراها أسبوعيا، لكن فيما بعد لم أتمكن من العيش دون ابنتي فحاولت بشتى الطرق أن أعيد حياة لحضانتي لكن دون جدوى ... وبعد طلاقي عرض علي الزواج أكثر من واحد ... لكني قررت أن لا أكرر التجربة بعد تجربتين فاشلتين... غير أن رؤية المجتمع للمرأة المطلقة لا ترحم... خصوصا وأنني أصبحت رئيسة مكتب بعد أن طلبت من الشركة نقلي من الشركة التي كنت أعمل بها رفقة طليقي...
وفي مكتبي الجديد أصبحت أشرف على عدد من العمال بالإضافة إلى الاجتماعات التي كنت مضطرة حضورها بداخل المدينة وخارجها ومقابلاتي لكثير من أصناف الرجال ... كل هذا جعلني أعدل عن قراري وأوافق على الارتباط بأحد أكبر أغنياء البلد ... تعرفت عليه عند زيارتي لصديقتي زوجة المحامي عادل ... كان معروف عنه بأنه هو الآخر له تجارب في الزواج ... وكانت كلها فاشلة ... في البداية رفضت وخفت... لكن إلحاحه وثقافته ومنطقه في الحياة غيّر من موقفي ... فكل واحد منا صاحب تجارب فاشلة ... وهذا ما يزيد من فرص التفاهم لتفادي الأخطاء والوقوف أمام صعوبة الحياة ... واشترطت عليه أن أستمر في عملي ... الذي لا علاقة له بمركزه وثروته... فأمدني بكل المساعدات المادية والمعنوية... ولم تمر سنتان حتى أصبحت رئيسة لأكبر الشركات في البلد... وكنت أملك الجزء الأكبر منها باسمي الخاص... رغم أن أبا رامي أراد أن يمنحني مساعدة مادية لأنفرد بالشركة لكنني رفضت وفضلت أن أكسبها بإذن الله بمجهودي الخاص... ومرت السنين وأنجبت مصطفى ورامي... ولم تعق تربيتي لهما في مواصلة دربي ... رغم أن أبا رامي كان هو الآخر يلح علي لأترك العمل وتصفية الشركة... وحاولت مرارا أن أقنعه بأن العمل بالنسبة لي لا علاقة له بالمادة بقدر ما هو تحقيق لذاتي وشخصيتي ودوري ووجودي في هذا البلد الذي هو بلدي طبعا ورغم أنني استطعت إقناعه إلا أنني فشلت في وضع حد لغيرته الزائدة عن حدها ... كانت غيرة قاتلة مما زاد ذلك في كثرة المشاكل التي كانت تبدأ لأتفه الأسباب ... فلم يكن أمامي إلا أن خيرته بين حريتي وغيرته التي ليس لها مبرر ...
وتوقفت لحظة حيث تذكرت يوم واجهته بذلك فكان رده باستفزاز:
- يظهر أنك تعودت على عيشة المطلقات!!
وكان ردها بغضب:
- سالم أرجوك حافظ على كلامك...
عادت من الماضي إلى الحاضر لتكمل قائلة بصوت حزين:
- كلامه استفزني بل أصاب كرامتي ... فلم أعبأ بنفسي إلا وأنا أطلب منه الطلاق... طبعا رفض طلبي وأمام رفضه... فضلت الإقامة بشقة بمفردي بعد أن رفعت قضية طلاق أمام المحكمة...
بينما كانت وردة تستمع باهتمام ... ومرة على مرة كانت تنظر إلى الساعة وقد لاحظت الأم ذلك وما إن توقفت لتسألها حتى استأذن السائق في الدخول قائلا:
- آنسة وردة السيارة جاهزة.
قامت وردة مسرعة قائلة وهي تنصرف:
- أمي بعد إذنك ... يجب أن أخرج حالا...
تركت أمها تائهة ... تكلم نفسها: «طبعا هي في عجلة للتعرف على نتائج التحاليل... ».
***
تصل وردة إلى المخبر... وما إن أخذت التحاليل وعرفت النتائج حتى عادت إلى الفيلا على جناح السرعة... وعند اقترابها من غرفة أمها راحت تخطو خطوات متثاقلة ... دخلت في هدوء ... فلاحظتها الأم ... فزادت دقات قلبها وراودها القلق فعاشت وقتها أصعب لحظات عمرها ... وهي تنتظر ما ستقوله وردة التي ابتسمت وهي تقدم لها التحاليل قائلة:
- نتائج التحاليل تثبت أنك لست مصابة بأي مرض.
عندها اغرورقت عيون الأم بالدموع وهي تكاد ألا تصدق فقالت بصوت حزين وخنوق بالبكاء:
- لا... لا ... أنا لا أصدق ما تقولين...
وتنطق وردة:
- لست أنا من يقول... بل التحاليل هي التي تؤكد بأن إصابتك هي مجرد وسواس لا أكثر ... وليكن في علمك بأن هذا المرض بقدر ما هو بسيط فإنه ممكن أن يقضي على صاحبه...
***
تعود وردة إلى الكلية... تلتقي وردة بصديقتها إيمان... ذلك اللقاء الحميمي أثار انتباه ودهشة كل من صديقات إيمان وحتى صديقات وردة...
قالت إيمان لوردة:
- لقد عثرت لك على إنسانة في منتهى الطيبة والأخلاق إنها قريبة مربيتي...
وردت وردة:
- حقيقة أنا عاجزة عن شكرك...
وتنطق إيمان :
- وهل بين الصديقات حساب وتشكرات... هيا ... هيا بنا إلى مؤسسة الجريدة...
***
اتجهتا نحو السيارة... وما إن همت إيمان لفتح باب سيارتها حتى أوقفتها جميلة وبصوت خافت وكأنها لا تريد لوردة أن تسمع قولها:
- إيمان ما بك ؟ هل جننت ؟ هل نسيت ؟
ابتسمت إيمان وقالت لوردة الجالسة إلى جوارها داخل السيارة:
- وردة هل يمكنك أن تعطيني نسخة من التحاليل التي معك...
وقدمت وردة لإيمان نسخة التحاليل بعد تردد...
إيمان سلمت النسخة بدورها لصديقاتها ولم تنتظر ردهن وأقلعت بالسيارة... تاركة صديقاتها في كامل حيرتهن... تصل السيارة إلى حيث مؤسسة الجريدة التي نشرت ذات يوم خبرا تحت عنوان «المليونيرة المصابة بمرض العصر»...
***
توقفت السيارة... نزلت وردة تسأل داخل المؤسسة عن الصحفي المتخصص في صفحة «عيون على المجتمع الراقي»... وما إن عرفت مكتبه... حتى اقتربت من المكتب واستأذنت بالدخول قائلة:
- الأستاذ فؤاد بن صالح.
وكان رده بعد أن ترك القلم:
- نعم تفضلي...
بعد التحية ودون مقدمات فضلت البقاء واقفة قائلة بصوت هادئ:
- اسمي وردة... طالبة بكلية الطب... ابنة المهندسة وسيدة الأعمال لطيفة قاسم...
وراحت تقدم له الجريدة ثم تابعت:
- طبعا كان بإمكاني وبإمكان الوالدة أن ترفع قضية ضدك لرد الاعتبار.
وحاول أن ينطق قائلا:
- لكن أنا...
فقاطعته قائلة:
- أعرف ما ستقوله... طبعا تريد القول أن ما نشرته كان دون الإشارة إلى اسم الشخص المعني... لكن لا تنسى أن الرموز التي استعملتها كانت واضحة وضوح الشمس... ولم يكن ذلك من الصعب على أي واحد أن يفك الرموز وأن يتعرف على شخصيتها، على كل أنا لم أحضر لأعاتبك رغم ما ألحق بسمعتها من ضرر.
وراحت تسلمه نسخة من التحاليل وتابعت قائلة:
- بل جئت بهذه النسخ من التحاليل الطبية ... وبإمكانك التأكد من الأصل من المخبر... سأتركها لك ولضميرك وللصفحة التي تعودت أن تنشر فيها فضائح الناس ... أقصد أسرار وخصوصيات الناس التي هي في نظرك فضائح دون التأكد من صحة المصدر...
خرجت وتركته في حيرة من أمره وقد ظهر عليه الندم حيث راح يقلب صفحات الجريدة ثم صفحات التحاليل في آن واحد... ثم توقف لحظة وقد نظر إلى الأوراق التي أمامه نظرة لها بعد ... ثم أمسكها وراح يتردد بين أن يقطعها أوأن يكمل كتابتها ... وفي الأخير يقرر تقطيعها.
***
بعد يومين قررت وردة مغادرة منزل الوالدة بعد أن أحضرت لها سيدة اسمها رقية في حوالي السادسة والخمسين من عمرها لتساعدها في المنزل...


هناء12 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-08-11, 01:49 AM   #9

جلنارag

نجم روايتي وعضوة في فريق الترجمة وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي الأعضاء وقلوب احلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية جلنارag

? العضوٌ??? » 94675
?  التسِجيلٌ » Jun 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,782
?  مُ?إني » Babylon
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » جلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond reputeجلنارag has a reputation beyond repute
¬» قناتك mbc4
افتراضي

شنو هالأبداع أختي العزيزة هناء ..جذبني في البداية أسم الرواية ..وبعدها قرأت محتوياتها كلمة كلمة بشغف لا يصدق , بصراحة عزيزتي وأؤكد لك إن روايتك هذه ستنال الأعجاب الشديد وذلك لحبكتها المتينة , ولفكرتها القوية ..الأسم وحده يكفي ..قصة الوالدة الحزينة أثرت بي كثيرا ..ولكنها أمرأة شجاعة رغم الصعاب التي مرت بها , دار بها الزمن ليغدر بها في النهاية بتخلي اولادها عنها ..

وردة ..هي وردة زرعت من حنان خالص ..قلب الأم وروحها ..هذا ما أعتقده ..أعجبتني صراحتها وأحساسها المرهف ..

اسلوبك مميز للغاية ..متشوقة من قلبي ان أقرأ المزيد عن الرواية

تحياتي وأخلاصي


جلنارag غير متواجد حالياً  
التوقيع
ابتدأ المشوار ..مع السمراء ..سمراء اليونان الجزء الأول
وليكمل مع سمراء اليونان الجزء الثاني
وسرت بكم ومعكم مع الذكريات في

طوف الذكريات
ولأرقد ..في ملاذي الحبيب عيناك ملاذي
ولأعود معكم في:
حبة القلب

اشتقت لك ميمو
رد مع اقتباس
قديم 16-08-11, 02:13 AM   #10

هناء12
 
الصورة الرمزية هناء12

? العضوٌ??? » 189400
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 120
?  نُقآطِيْ » هناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond reputeهناء12 has a reputation beyond repute
افتراضي

عزيزتي جلنار اولا مرحبا بك ورمضان كريم

أسعدني إعجابك بالقصة وأتمنى أن تعجبك البقية كما أنتظر ردك ونقدك بصدر رحب وللعلم لدي قصتين مكتملتين بقسم القصة الطويلة المكتملة وهما-1-بين مخالب الزمن و-2- لقاء نجمة


هناء12 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:41 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.