آخر 10 مشاركات
ندبات الشيطان- قلوب شرقية(102)-للكاتبة::سارة عاصم*مميزة*كاملة&الرابط (الكاتـب : *سارة عاصم* - )           »          602 - عودة الحب الى قلبي - كارول مورتيمر - ق.ع.د.ن *** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          [تحميل]من قريت الشعر وانتي اعذابه من كتبت الشعر وانتي مستحيلة لـ /فاطمه صالح (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          بقايـ همس ـا -ج1 من سلسلة أسياد الغرام- للكاتبة المبدعة: عبير قائد (بيرو) *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree132Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-06-13, 02:56 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




شـّابتر الحـّادي عـّشر

أسهمّ كيّــّوبيـدّ العـّالقة


صبـّاح يـّوم المـّواليّ ، كعّادة إليـزابيّث استقضت بـّاكّرا و أخـذّت حمـّاما منـعشـّا ثمّ ارتدت فستـّانا جميـّل
من تصـّميمّ شـانيل ثـمّ وضـعّت كريمـّات على بّشرتهـّا المـّائلة لسـّمرة طّبيعية ، بـّعد كـّل هـذّا إتجـّهت إلى
ذّلك السـرير حيّث يـّنامّ زوجـّها و رّبتت على كـّتفه بـكّل حنـّانّ ثـّم همسـّت فّي أذّنه بـّصّوت رقـّيق أنثوي
مـّثير
ـ عـّزيزي استيقّظ حـّان مـّوعدّ ذّهابكّ إلى العمـّل
ـ دّعيني أنـّام قـّليلا فقطّ ،
ـ لا أستطـّيع فإنّ أردّنـّا سّحق نايّت يجّب علينـّا العمـّل بجـدّ ، ألّيس كذّلك ؟
زفـّر كـّايلّ بـغـّيض و وقفّ متجـّها بخـطّوات متـّكاّسلة كيّ يـغّسل وجـّهه أو مهمـّا كـّان ، لقدّ كـّان الجـّو
جميـّلا و المـزاجّ رائـّعـّا فقطّ لو لمّ تذّكـّر اسمّ نايتّ على لسـّانها ، تبّا كمّ سـّيرتهّ تـّلهب النـّيرانّ فيّ قـّلبه
لمـّا يجبّ عليـّه العمـّل دومـّا ؟ و لمـّا يجّب عليهـّا مـّقـّارنتهّ به دومـّا ؟
تنهدّ و رشّ المّياه على وّجهه مـّراراّ كيّ يستفيّق جيـدّا ، حسـّنا ما منّ مـّفر فإنّ أرادّ كّسب ثـّقة جـدّه و
أعضـّاء مجـّلسّ الإدّارة فـّسوفّ يـّحصّل على المنـّصبّ منّ بـّعد جـدّه ، و إنّ أرادّ أن يّفعل ذلكّ يجبّ عليهّ
أن يبـّعدّ ذلكّ الوغدّ من طـّريقه

/

فيّ أحدى ضـّواحي لنـدّن مـدّينة الضـّبابّ ، حيـّث يـّوجدّ ذلك المـّبنى عـّتيق الـطّراز منّذ الـخمّسينيـّاتّ كـّانتّ
ضـّجة تـّصدر منهّ بـكلّ فـّوضى فـمـّا إنّ مـّر شّخص من أمامهّ حـّتى أعـّربّ عن استغـّرابهّ ، فـكيّف يّكون
هـذّا الضجيجّ و جميـّع سكـّانه كبـّار و الآهمّ أن مـّالكته سيدّة فرانسيسّ إمرأة المـّجتمع الـّراقية
لكـّن كيـّف لراحـّة و أنّ يـّعرف المبنّى أبـّوابها حينّ تكونّ مـّاريّ تعـّيش فيه، تـّلك الشّابة ذّات عشـّرين و
تصـّرفاتّ طـّفلة فيّ العـّاشرة منّ عـّمرها فقدّ كـّانتّ تتكئ على بـّابّ شّقتها و تـعـّقد ذّراعيهّا إلى صـّدرها
رافّضة فـكرّة إدّخالّ أيّ أحدّ
بينمـّا و فيّ الجـّهة المقـّابلة كـّان ويـّليام دّويلّ جـّارها يّضع يـّدّق الجـّرسّ بشكـّل مستمـّر و بجـّانبه يـّوجدّ
نـّايت ذّو المـّلامح الـحادة و الوجـّه الشـّاحبّ فـّبعدّ معـّرفته مـّا حـدّث من قّبلّ نـّايتّ أرادّ أنّ يصـّلحّ
الـّوضـّع بينهمـّا فقـّال ويّليام بنبرته اللـطيّفة
ـ مـّاري عـزيزتيّ من فـّضلكّ دعينـّا نحـّل الأمرّ بـطّريقة سّلمية ، لقدّ أتى نايتّ خصّيصّا لـرؤيتكّ
رمـقهّ نايتّ بـحدّة ، كيّف لهّ أن يكـذّب و هو أمـّامه ؟ من أتى لـرؤية مـّن ؟ تنهـدّ بضجـّر و استنـدّ على
الجـدّار الذيّ خـّلفه بـكلّ إرهـّاق فّي الجـّانب الآخر كـّانت ماري جـّالسة فيّ الأرّض تضمّ ركبتيهـّا إلى
صدّرها و قدّ أحمر وجهها كـّاملّا كمـّا أنّ عينيهـّا منـّتفختينّ بشدّة و تـّظهر هـّالاتّ سوداء تحّت جّفنيهـّا ،
تّوجدّ أيضا بقّعة بّنفسجيةّ بخـدّها ، كـّان منـّظرها كمـّا لو كـأنّها شخّص قدّ رمي فّي منتصّف اللّيل من
حـّانة بـعدّ أن تسّبب في إزعـّاج الزبائنّ ، رّفضت أنّ تقابله لمنـّظرها الأليمّ أولاّ و لأنهّا خجلة من ماّ حـدّث
سـّابقّا ثّانيا ، قـّالت بّصوت عـّالي
ـ أعـّلم جيـدّا أنه لمّ يـأتي من أجلّي إنهّ غـّاضبّ مني
نـّظر ويّليامّ بـاستيـّاء كيّ يتسللّ الندّم إلى قـّلبهّ لكنّ نايت تجـّاهله تمـّاما و بـخـّطوات كـّسولة كـّاد أن
يـّرحلّ لولا ذّراع ويّليام التي رّفضت تـّركه فـّرد عليهاّ بنبرة سـّعيدةّ لا تـّلاءم المـّوقفّ تماماّ
ـ لاّ بـالطّبع لاّ إنهّ يشـّعر بالذّنب و قدّ آتى شّخصيـّا لرؤيتكّ و تأكد بـأنكّ بخير
ابتسّم نـّايت بّسخريةّ لاذّعة ، هو يّشعر بالذّنب ؟ فـتـّحدثّ بصّوته المـّبحوحّ الهـّادئ ذوّ لهـجّة متـّهكمة
ـ أجـّل جـدّا
فتحـّت سيدة فرانسيس بّاب شقتها و خـّرجت و قد كانّت تـرتدي معطّفا اسود اللون جميـّل و قبـعة لطّيفة
بنفّس اللونّ ، عندمـّا رأت كـّلا من سيدّ ويليام و سيدّ نايتّ يقفـّان خـارج شّقة مـاري تـّقدمت منهم بفّضول
ـ ما الأمـّر؟
ابتسمّ ويليـّام بلبـّاقة شديدّة محّييـا إياها ثـمّ قـّال بـلهجة مـّرحة و مشـّاكسة
ـ أحـّاول القيـّام بـدّور كيـّوبيدّ بينّ شجـّار المتحـّابين هـذّا ، لكّن لا أستطّيع أن أرمّي بسهمي إنّ كانت
مـاري ترفّض فتـحّ البـّاب ، أليس كذلك ؟
ضحكّت سيدّة فرانسيس ثمّ أخرّجت مفـتاّح الثـّاني لشـقة و سلمـّته إلى ويليـامّ ثـمّ قـّالت بنـّبرة لطـّيفة تحدّث
فيهـّا شابينّ و سـّرعان ما انقلبت إلى عّصبية بمجّرد توجيهها الكلام إلى ماري
ـ يـّاله من أمـّر نبيلّ تـّحاول القيـّام به ويـّليامّ لو لم أكـّن مستعجـّلة لدّعوتكم إلى فنجـّان شاي لكنّ للأسفّ
، مـــاري أيتهـا المتسـّولة حـّاولي الخـّروج من جـّحركّ ذلك قـّليلا و التسوقّ كيّ لا تـأتي إلينـّا فّي
منتصّف الليّل لتـطّلبي أشياء خيـّالية ،
ودّعتهما بلطّف ثمّ زمـّجرت بغّيض و رحـّلت بينمـّا تـّقدم ويـليامّ و فتحّ البـّاب بكـّل سهولة ، عندّما شـّعرت
ماري بالنورّ يتسلل إلى مخبـأهـّا قـّامت من أرضية المـطّبخ و طّلت برأسهـّا بـّاحثة عن النـّور لمـّا وجدّت
كـّلا الشـّابين يقـّفان أمـّامها ، صـّرخت بّرعب ثمّ كـادّت أن تسرع هاربة إلى غرفتهـّا لولا أنّ ويليـّام
أمسكـّها من خصّرها و ثّبتهـّا على كـّرسي ، قـّال بدّهشة و هو يـّنـظر إلى وجهها
ـ إنهـّا كالخـّريطة ، تـّبا أكل هـذّا من فـّعل تـلكّ الفتاة ؟
شّـعّرت مـّاريّ بالخـجّل و قدّ تـّوردّت وجنتيهـّا إحـّراجاّ ، فـقّامتّ بتـّغطيّة وجههاّ كمّ هوّ سّخيـّف مـّوقفهـّا
الآن لذّا صـّاحتّ
ـ لاّ
كتـّم ويّليامّ ضحكـّته ثمّ ردّ عليهاّ بكلّ خبـّث
ـ إذّن أهيّ من فـّعل نايت ؟ كـّنت أعّلم أنهّ مخيـّف لكّن ليسّ لهـذّا المستوىّ و أناّ الذيّ كنـّت أتساءل عن
سّبب عـّدم فـّتحكّ البـّاب
أومـأّت مـّاريّ نفيـّا ، ثمّ قـّالت بكلّ اندفاع و حمـّاس بينمـّا وقـّوف نـّايت إلى جـّانبّها لا يـّزالّ ثـّابتـّا فيّ
طيـّاتّ ذّكريـّاتها
ـ لا إطـّلاقّا بلّ هو منّ سـّاعدنيّ ليتـكّ رأيتّ ملامحّ زمـّلائيّ أقّسم أنّ قـّلوبهمّ قدّ تـّوقفت عنّ العـّمل لوهلـّة
، كـّان بمثـّابة فـّارسّ
صـّمتت بذّعر عنـدّما لمـّحتّ ابتسـّامة نـّايتّ السـّاخرة و كـّادّت أنّ تّرحلّ لولا إمسّاك ويّليامّ معصمهـّا
فـّجعلها تـّعودّ لتـّجلّس بمكـّانهاّ مـطّيعة ، قـّالّ بكلّ مـّرحّ
ـ نـّايت من فـّضلكّ هـّلا أحضـّرت ليّ علبـّة الإسـّعافّات الأولّية منّ شّقتي ؟ إنهّ فيّ الدّرجّ الثّانيّ بجـّانب
رحـّل نـّايت متمتّما ببّضعة شّتائمّ ، إنهّ يـّعلمّ تـّماماّ أيّن مـّكان العـّلبة لذّا لا داّعيّ لجميـّع هـذّا الشـّرح
المفّصل و فيّ حينّ خـّروجّه اختفت هـّالة المـّرح منّ حـّول ويّليامّ و قدّ أظهرتّ عينيهّ مـدّى قـّلقه الـشدّيدّ
و خـّوفه فـوضـّع يدّيهّ على وجّنتيّ مـّاريّ بكلّ لطـفّ و تـّحدثّ بـّلهجةّ هـّادئة خـّافتةّ و قـّلقة
ـ هـّل أنتّ بخير ؟
ضحكـّت مـّاريّ بخجـّل و وضـّعت يدّها على رأسهاّ بكلّ تـّوتر ثمّ ابتـّعدتّ قـّليلاّ عنهّ قـّائـّلة بّمرحّ و سـذّاجة
ـ بالطـّبع و لمـّا لا أكـّون بـّخير ؟ أنـّا بـأفّضل حـّال و أنـّا ممتـّنة فـّعلا لـوجودّ نـّايت فيّ تـّلك اللحـظّة فـّلولاهّ
لمـّا كـّنت أعـّلم لمـّا قدّ أّفـّعله لقدّ أنـّقذنيّ فـّعلاّ
تـّنهدّ ويّليامّ ثمّ أبـّعدّ يـدّيه ، كـّانّ بالفـّعل قّلقـّا فـّهي فـّتـّاة كـّالـزجـّاج تـّمامّا إنّ دّفعتّ انكسرت إلى أشّلاء و
لاّ شيءّ قدّ يـّعيدّها إلى طّبيعتهـا لذّا هو فـّعلا ممتّن لـوجودّ نايتّ فـّقـّال بـنبرة جـدّية
ـ مـّاريّ أنـّأ أعّلم جيـدّا أنّ كـّونكّ خـطّيبة نـّايتّ ليسّ بالسـّهل على الإطـّلاق و أعـّلم أنّ نـايتّ لّيس
بالشّخص اللـطّيف أبدّا الذّي قدّ يمـدّ يـّده لّيسـّاعدّ أحـدّا لكنّ من فّضلكّ هــّلا بـّقيت بجـّانبه ؟ هـّلا أكـّملت
هـذّه المـّسرحيةّ معـّه ؟
رمشّت باستغراب شديدّ منّ كـّلامهّ الغـّـّامض فّلما هيّ قـدّ تتـّخلى عنّ نـّايتّ ؟ ألّأجّل كـلامه ؟ بالطـّبع لاّ
فـّهي لّيستّ بجـّاحدة للمـّعروفّ و أيّضـّا هنـّاك شيّء أخـّر يمنعهّا من تـّركه ، لذّا أجـّابتّ بـّكلّ هـدوءّ و
جـدّية
ـ لنّ أرحـّل حتّى يطـّلب هو منيّ الابتعاد
قـطّب بكـّل استنـكـّار ، هيّ لا تفّـهمّه .. لا تفـّهمه على الإطـّلاقّ فّليسّ هـذّا مـّا يـّعنيه أبدّا ، أتّى نايتّ حـّاملا
العـّلبة بكلّ ضجّر ثمّ رمـّاها على وّيلّيام بكلّ بـّرودّ ، ليجّلس على الأريكـّة حيّنها رفّع ويّليام حـّاجبه
باستياء ، كيّف له أن يتصّرف بهذه الطـّريقة الفـّظيّعة بـّعد كل الذّي قـّاله ؟ لذّا حمـّل هاتفّه و تـّظاهرّ
بالـّرد قـّائّلا بكلّ سـّعادة
ـ حبّيبتيّ لقدّ كّنت فّي انتـظاّر اتصالك ، أنّا متـّفرغّ الآن ..
ثمّ وقفّ و هوّ ينـظرّ حوله ، على شـّفتيه ابتسـّامته المشـّهورة التيّ سـّحرتّ قّلوبّ الفتياّت ثمّ ذّهبّ
مسـّرعاّ بينمـّا زفّر نايتّ بغيضّ ، أوراّقه مكشـّوفة تماماّ لكنّ لنّ يّفعل ماّ يريدّ
بـّعد مّرور خمسّ دقّائقّ على رحيّل ويّّليام الّشخص الذيّ يّخلقّ جواّ من المـّرح و الـّراحة للجميـّع شدّت
ماّري قّبضتّيها بكلّ تّوتر ثمّ اقـّتربت منّ نـّايت مـتّرددّة و وقفـّت أمامه ، ثمّ أنزلّت رأسهاّ متـّجنبة احتـّكاكّ
نظّراتهماّ و همسـّت بـهدوء
ـ أنـّا آسفة ، لكـّننيّ هـكذّا .. أنـّا فـتّاة استغرقت ثّمانيةّ عشّر عـّاماّ كيّ تجمـّع الشجـّاعة الكـّافية لمغـّادرة
منـّزلهاّ و عـّامينّ لكيّ أسترجّع أختيّ لكنّ لمّ أستـطعّ ، أناّ ذلكّ النـّوع من فتيـّات اللواتّي يهربنّ عندّما
تتفـّاقمّ الصّعاّب من حـّولهنّ ، أنـّا جبّـانة و لستّ فخـّورة لقّول هـذاّ لكنّ هذّه هيّ أنـّا ، و بالـّرغم منّ
طبـّاعي المستأصلة فـأننيّ أحـّاول و بشـدةّ أن أكونّ قـّوية مثـّلك لا أهـاّب شّيئا ، أحـّاول بشدّة أنّ لا
أحـّرجكّ لذاّ أرجوّك أعـ
تنهـدّ ، كيّف هيّ تتجّنب نـظّراته و تنـزلّ رأسهـّا بكلّ ترددّ ؟ إنهّا بالفـّعل جّبانة و ضـّعيفة الشّخصية ، إتجـّه
إلى المـطبّخ و أحضّر علبةّ الإسعافات الأولية فـأشّار لهاّ بالجّلوس ، لتـطّيعه دونّ تـّردد ، فّردّ بـّهدوءّ لأولّ
مـّرة كـّان قدّ حـدّثهاّ بهذهّ النبرة الهـّادئةّ و بمـّزاجّ مـّعتدلّ سـّاكنّ
ـ لـّستّ أهـّابّ شيئـّا و إنمـّا أواجـّه مـّخاّوفيّ
وضـّع ضـمـادّات على شـّفتيهـّا و بالقـّرب من عينهـّا حّيث تّقع تـلكّ البّقعة البنفسجية ، لقدّ بـدّا مـّركزا و
بشدّة فّي عـّمله ، فقدّ كـّان يّضع تـلكّ الضمـادّة بـّرفق شدّيد على وجههـّا لذّلك تـّوقفت عن التنـّفس كّي لا
تـّزعجـّه ، إنتهـّى فـأخـذّت شـهيقـّا طـّويـّلا ثـمّ ضحكـّت و قـّالت بّفضولّ
ـ بالنسّبة ليّ فـأناّ أخـّاف والدّي أوّلا و الحشـّرات ، تجمـّع الناّس و الأماكنّ الضيـّقة و المرتفعة أيضـّا ،
ماذا عنكّ نايت ؟
ابتسمّ بهدوءّ و فـركّ المـّرهم على خـدّها، فـاحتدّت عينيهّ و ازداد غموضّهما فاستغـّربت مـّاري من تـّغّير
ملامـّحه ، ردّ ببـّرود يّشابه الصّقيعّ
ـ بّشر الذّين يعتـذّرون و الذّين يتـّظاهرون بالـطّيبة أنـّا أكـّرههمّ
لماذا قدّ يقول شيّئا مّثل هـذا ؟ بّشر الذّين يعتـذّرون ؟ شّهقتّ بذّعر و أمسكّـت يدّه بكلّ خوفّ ثمّ أشّارت
على نفسهـّا قّائلة
ـ أنـّا ؟
قّطبّ بإستنـكاّر منّ نـظّراتها التيّ تتـّوسل لهّ كيّ يّقول لا ؟ فنـزعّ يدّه من حضّنها بجـّهد و وقّف مستعـدّا
لرحيّل لكنهـّا سّارعت و سحّبته منّ قميصه فّاختـّل تّوازنه و سقطّ الاثنين أرضّا ، كـّحتّ ماّري محـّاولة
التنّفس بينماّ أمسكّ نايتّ رأسهّ بّكل ألمّ ،
فتحّت مـّاريّ عينيهّا بصدّمة عنـدّما رأتّ وجـّه نايتّ القـّريبّ منهـّا ، بينمّا فتحّ هو عينهّ اليمنى بكّل كسـّل ،
لمـّا و دومـّا عنـدّما يكونّ بجـّانبها تـّحدثّ أمورّ مثّل هـذّه ؟ لابدّ أنها الكـّارما أو شيّء من هـذّا القّبيل فردّ
بحـّقدّ على سـّؤالهاّ سـّابقّا
ـ أجـّل ،
ضحكـّـتّ بتوتّر ، إلى متـّى سوفّ تستمـّر بـّتّصرفّ هكـذّا ؟ يـّال الإحـّراج لكنّ ليسّ لدّيها تـّلك القـّوى
العّظيمة التّي تسمـّح لهاّ بإسـّقاطّ نايتّ لذّا وضـّع يدّها على جّبينه بـّعدماّ لاحـّظت تلكّ الهّالاتّ السّوداءّ
تحّت عينيه و التّي بالكـّاد ظـّاهرة ثمّ شـّهقتّ ، كـّان بـّارداّ كالجليدّ تمـّاماّ فـّقـّالت بـّقلقّ
ـ هل أنـّت مـّريّض ؟
شّتمّ بخـّفوت و هو يحـّاول الجـّلوسّ مـّبعدّا جسّده عنهـّا ، أيّ وضـّع هـذّا الذّي يتحـدّثان بهّ ؟ فّي حينّ أنّ
مـّاري لمّ تـّباّلي أبدّا و لمّ تـّحمرّ وجـّنتيها كـّعادّتها بلّ استقـّامتّ فّي جـّلستهاّ مستنـدّة على ركّبتيهّا كـّفتاة
مـطّيعة و انـحّنتّ قّليلّا ، يّاله منّ سـّخف فـّهو قدّ أتى منّ أجلّها لرؤيتهـّا و الاطمئنان عليهـّا بينماّ هيّ لمّ
تـّهتمّ أبدّا و أمـطّرته بـأسـئلتهاّ الغـّبية
ـ أنـّا أسّفة
أدّار وجّهه للجـّهة الأخرىّ ، ألمّ يـّقل لهّا أنهّ يكـّره الأشخـّاص الذّين يـّعتذرونّ أكثّر شيءّ في الـوجودّ
فـلماذا بـّحق السمـّاء هيّ تعتـذّر الآن لكنهاّ أكمـّلت حـدّيثها غـّير مبـّاليةّ بـتهجمّ مـّلامـحّه
ـ لقدّ أنقـذّتني سّابقّا و أناّ لم أقّل شكـّرا و لقدّ عـّالجتني و أناّ ثـّانية لمّ أقّل شكـّرا ، فّي الحـّقيقةّ نّـايتّ
أنـّا
قـاطّعهـّا بـّنبرتهّ المتـّهكمة و الـجـّاحدّة
ـ أجـّل و كـأننيّ أهتـمّ، دّعيناّ من الكـّلام فـّكلمّا تـّفوهتّ بـحّروف أكثّر كلمـّا وقّعت مصـّائّب أكثـّر
زمت مـاري شفتيها بانزعاج تام و لمّ تـّقل شيئـّا ، لطـّالمـّا كـّانت وحـيدّة فّي شقتهـّا حّيث تـّبقى هنـّا لأيـّام و
أسـّابيـّع دونّ لمحة من نـّور ، تـّبقى هنـّا لوحـدّها فتكـّتفي سيدّة فـّرانسيس بالاطمـّئنان عليهـّا أحيـّانـّا لكـّن
الآن و منـذّ أن دّخل نـّايت لحيـّاتهـّا لقدّ تـّغير كـّل شيء
لقدّ صـّارت تتحدّث أكـّثر ، تـّخرج أكثـّر و تبـّتسمّ أكثـّر .. قدّ لا يـّعلم هو لكّن ما قـدّمه لهـا أكثـّر ممـّا
يتخـّيله هو فكّيف تستـطّيع هي تـّركه بعـدّ كل هـذّا ؟ ويّليامّ لا يـّعلم فـّعلا ما الذّي يتحـدّث عنهّ ، ابتسـمتّ
بلطّف و صـّفقت بيدّيهاّ بمرحّ و فـّرحـّة ،
لاّ يـهـمّ إنّ كـّان والدّها يـّرفّضها و أختهـّا تخـّلت عنهـّا ، كـذّلك فـّعلت والّدتها .. لا يـّهم إنّ لمّ يكنّ لدّيها
أصدّقـّاء مـّادامّ نـّايت بـجـّانبها فـّهي سـعيدّة ، هـذّه اللحـظاّت التيّ يـّقضيـّانها مـّع بّعضهما فّي الحـدّيث أو
حتـّى فيّ الشجـّار بـالنسبةّ لهـّا
لا تـّقدرّ بثّمن
بينمـا كـّانت مـّاري منـّشغلة فّي الابتسـّام و التـّفكيّر كـانّ نـّايت قـدّ وقفّ و نفـّض الغـّبار عن مـّلابسه ثمّ
أحـّضر معـطّفها الأحمـّر الذّي دومـّا مـّا تـّرتدّيه و رمـّاه عليهـّا فـأمسكـّته بـّدهشة ليـتحـدّث بـّنبرة مـّاكرة
و خبيـّثة
ـ الآن دّعينـّا نـزورّ آل لبيـّر الأحبـّاء
يـّعيشّ البّعضّ فيّ الحيـّاة كـّعابّر سّبيلّ يـّسيـّر إلى حيّث تـّشير بـّوصلته أو إلى أينّ يـقـّول قـّلبه فـيّلتقيّ
بـأنـّـاس فيّ رحـّلتهّ ، أولائكّ النـّاسّ مخـّتلفونّ فيّ أرائـّهمّ و بتصـّرفاتهمّ ، لا يستـطيّع التنبؤ بتـحركـّاتهم ،

/

كـّان سيدّ رويّ يجـّلس منكسّا على كـّرسيهّ واضـّعا رأسه بينّ ذّراعيهّ و قدّ أهلكهّ التفـكيّر و أتـّعبهّ ،
فقـدّ كـّان يـّنـظرّ إلى شـّاشة الحـّاسوبّ حيثّ قدّ ظهـّرتّ فيهّ ابنته المحبّوبة كلّير تـّقومّ و بكلّ غـّباءّ فيّ لوم
مـّاري على أخـطاّئه هو
كيـّف لهـّا أنّ تكونّ بهـذّا السـّخف ؟ فمـّا دّخل مـّاريّ في طـّرده لآرثر ؟ إنهـّا مـّجردّ فتاةّ ضـّعيفةّ لا تـّقدّر
على إيذّاء نـملّة، كمّ هو متـّعب فـّعلا تـّربية أبّنائه
فـّرفعّ عينيهّ العـّسليتيـّن نـّاحيةّ ذّلك الـرجّل ذوّ العـّضلاتّ ، كـّان أسّمر البّشرة و ذّو شـّعر أسودّ مـّبعّثر
يـّرتدّي بذّلة عـّمل رّسمية ، فقـّال لهّ سيدّ رويّ بـّهدوءّ
ـ أنـّا لا أعّلم كـّيفّ أعتـذّر ، رجـّاء أوصـّل أسّفي الشديدّ إلى سيدّ نـّـايتّ لبيّر و أخـّبره أنّ هـذّا التصـّرف
لنّ يّمر بـّسهولة سـأحرّص على معـّاقبتها
انحنـى فـّرانسوّا اليـدّ اليمنـّى لنايتّ بكلّ لـّباقةّ ثمّ عـّادّ للـوقّوف باستقامة ، تـّحدّث بـّنبرة هـّادئة مبـّحوحـّة
ـ أرجـّوا أنّ تتـّحكمّ فيّ سّلوك أطفّالك أكّثر لأنّ سيدّي قدّ غـّض البّصر هـذّه المـّرة فقطّ لاحــّترامه الشديدّ
لكّ
أومـأ سيدّ رويّ بكلّ خـجلّ و إحـّراجّ متـّوعدّا فيّ دّاخله على أنّ تنـّال كلّير تمّاما مـّا تـّستحـّقه ، كيـّف لهـّا
أن تتـجـرأ على العـّبثّ مـّع مـاري و هيّ الآن خـطّيبة ذّلك الشيطّان ؟ طـّوالّ سنـّوات عـّمله حـّاول تـّجنبّ
قدّر المستـطّاع الاحتـّكاكّ به لكنّ خّـربتّ ابنته كلّ شيء ، ألا تـّعلمّ ما الذّي هـّو قـّادر على فـّعله ؟
فجـأةّ تـذّكر صـّور آرثرّ ، تـّلك الـّصور التيّ كـادّت أن تسببّ لهّ بـأزمـّة قـّلبيةّ أو ربمـّا بالمـّوت حـّتى فـّرفّع
عينيه سّريـّعا إلى فـّرانسوا الذّي قدّ تـأهبّ لرحيـّل و قـّال بـّصدّمة
ـ أيـّعقل أنكمّ أنتمّ من أرسـّلتمّ تـّلك الصـّور إلى سيدّ جـّونـّاثان ؟ والدّ مـّاري ؟
ابتسـمّ فـّرانسوّا ببـّرودّ مخـّيفّ ، أليسّ ذّلك واضحـّا و جـّاليا للعـيّان ؟ فــأخذّ ذلكّ الحـّاسوبّ من مـكّتب
رويّ و وضـّعه فيّ حـّقيبتهّ ليـّرد عليهّ
ـ تـّلكّ كـّانتّ مجـّردّ ملاحـظّة بسيـطّة كيّ لا تـّعبثّوا مـّع آنستنـّا الصـّغيرة، ... يومـّا هنيـّئاّ سيدّي

/

وضـّعت تلكّ الشـّابة ذّات الشـّعر الأحمـّر الطـّويل يدّيهـّا على ركّبتيهـّا و هي تلهثّ منّ شدّة التـّعب و تنـّظر
نـحو تلكّ البنـّاية البالية و التي تشّبه منـّزلهمّ في دّرجة القدّم ،
تـرتدّي معطـّفا و وشـّاحـّا مع نـظّارتينّ تـغـطّي فيهـا مـّلامحـّها و كّي لا ينتبه لهـّا أحدّ، لكّنّ هي لا تـّعلم
و أنها و بارتدائها لمثّل هـذه المـّلابّس فهي تـّجذّب الشكوكّ من حـّولها،
اختبأت خـّلف الجـدّار جيدّا عنـدّمـّا لمحـّت شـّابا طـّويلا ذو شـّعر أشـّقر يـّخرج من المبـّنى ، وقّف فّي
الأسفـّل و وضـّع سمـّاعات على أذّنيه ثمّ شـّغل المـّوسيقى بـّصوت مرتـّفع ، همسـّت الفـتاة بـّغيض
ـ ويـّليـامّ دّويـّل ، الرجـّل الذّي يتدّخل فّيما لا يـّعنيه دومـّا ، ما الذّي يـّفعله شخّص مثله هنـّا ؟ ظننته من
المشـّاهيـّر .
مـّر فتى صـّغير أمـّامهـا يـرتدي الزى المـّدرسي و يـأكّل حـّلوى فـأمسكـّـته من يـّاقته ليندّّهش ، كـادّ أن
يصّرخ لولا أنهـّا قـّالت بغيض
ـ هششش أنـّا لن أختطّفك ، اسمـّع أريدّ منكّ أن تخـبّرني ما الذّي يـّفعله ذّلك الشـّاب هنـّا ؟ أتعرفه ؟
نـظّر الفتى إلى ويـليـامّ المنـدّمج مع الأغنية ، ثمّ عـّاد بـعينيه نـّاحية فـّلور و قـّال بـمـّلل
ـ أنـّت هي المـرأة العـّاشرة التي تـأتي لتسـأل عنه لكـّن أؤكـدّ لكّ أنه لنّ يهتمّ بكّ فـقدّ سبّق و أتت
له نسـاء أجـّمل منكّ و رفّضهن ،
قطّبت فـّلور بـّعصبية شدّيدة ثمّ قـّالت بـعنّف و هي تـّهزه يمينـّا و شمـّالا
ـ و لمـاذّا أهتمّ بأخرّق مثله ؟ أتـظنني بتـلكّ البـّلاهة و الغـّباء لأقّع فّي حّب متعجّرف مثله ؟ لا يـّعقل ،
هـّل أنت تـظن أنني مـتّرصدة ؟
زّّفر الفـتى بـّغيّض و قدّ بدأ رأسه بالدّورانّ فـنـّزع يدّيهـّا عن يـّاقته و نـّفضّ ملابّسه باهتمام شديدّ قـّائـّلا
ـ لا أعـلمّ لست أنا من يسـأل عنه يا آنسة
شـّتمتّ فـلور بـّغضب بـعدّها رسمـّت ابتسـامة لطّيفة مصـطّنعة على شفتيهـّا و هي تـّربت على كـتّف الفتى
ـ حسنـّا شكـّرا لكّ على لا شيء ، سـؤال أخـّير لكّ هـّل لا زاّلت مـاّري روبـّرت تعّيش هنـّا بهـذا المـبنى ؟
ـ أجـّل فّي الطـّابقّ الثّاني أظّن الشـّقة الأولى على الـيمينّ ، أتعرفينها يـا آنسة ؟
دّفعته جـّانبـّا و هيّ تـّقول له بغيّض بينمـاّ عينيهـّا مركزتين على ويـّليام
ـ و ما شـأنك أنت ؟ أليّس لدّيك مـدّرسة ؟
قـطّب الفتى و رحـّل تـّاركـّا إياها، بينمـّا هنـاكّ شيء وحيـدّ فّي بـاله .. لمـاذّا سكـّان هـذا الـحّي بـهذه
الغـّرابة ؟ و لمـّا هو لا يـزال يـّعيش هنـّا ؟ و لمـّا جميـّعا يمسكونه هو ليـسألونه عـّوض أصدّقاءه ؟ لقدّ
فكّر جدّيـّا فّي كسّب بـّعض المـّال مقـّابل سردّ القـّليل من المعـّلومات عن جيـّرانه ، أنّ يكونّ مخبـّرا فّي
هـذّا الحيّ لأمرّ ممتـّع
تنهـدّت بـّغيّض ثمّ سـّارت عـائدّة لأن وجـودّه قدّ يـّعرقلّ خطّتهـّا ، لا بـأس سـتّعودّ مجددّا عندمـّا لا يـكون
ويـليـام هنـّا

/

فّي مقـهى عـادّي ، حيُّث يـوجدّ القـّليل من الزبـّائن لأنّ الـيوم لا يـزال فّي بـدّايته
كـّان يجـّلس على إحدى الكـّراسيّ في إحدى الطـّاولات المنتشرة بـكثّرة شـّاب ذو شـّعر بـّني بجـّانبه فتـّاة
تشبـّهه ، لقدّ كـّناّ كـّلا من كلـّير و آرثـّر عـّائلة غـلوري .
تنهـدّ آرثـّر بـتفكـّير عمـّيق ، الآن بـعدّما طـّرده صدّيقه الـوحيـدّ من ذّلك النادّي الذّي كـّان مـلجـأه الوحيـدّ
و الذّي كـّان يـنـّام فيه طـّوال الأيـّام المـّاضية فـإلى أينّ يلجـأ الآن ؟ رفـّيقـّاته معظمهن يمـّلكنّ صديقـّا
و كليـّر أخته لنّ تستـطّيع إيـوائه فـّهي لا تـزالّ تـدّرس بالجـامعة ّ و لا تـّمتلك مـّالا كثـّيرا لتـّعطي إيـاه ،
فجـأة طـّرأت فيّ بـّال كليـّر فـكّرة عندّما كـّانت تمسكّ بكـّتفهـّا الذّي ألمـّها بـعدّ ّذّلك العـّراك الطـّويل ،
ضحكتّ ثمّ قـالت بمكـّر و حقدّ
ـ آرثـّر أنت تتذّكر مـّاري أليس كذلك ؟ أختّ مترصدّتكّ المجنونة
نـّظر إليهـّا آرثر بواسطّة عينيه العّشبيتين و المّلل يتـأكّله ، كّيف لا و الحدّيث يدّور حـّول فـّتاتي روبـرت ،
فقـّال بضجـّر و هو يـّحرك المـّلعقة فّي ذلكّ الكـّوب المليء بالقهوة
ـ كيـّف لي أنّ أنسى ؟ غـّيري دّفة الحدّيث فـأنـّا بالكـّاد أصبحّت أتـحمّل سيـّرة أسميهما الآن
لمّ تهتمّ لطّلبه و لمّ تسمـّع إلى ما قاله حتّى بـّل أكملت ما بجّعبتها من كـّلام و نبـّرة الحقدّ قدّ طغتّ على
صـّوتها
ـ مـّاري يـا آرثـّر ، مـّاري تلكّ الفتاة الجبانة التيّ كـّانت دومـّا مـّا تختبئ خـّلف فـلور أصبحـّت اليـّوم
خطيبـّة الـرسمية لنـّايت آل لبيـّر ، ذّلك الـرجّل النـّابغة الذّي تخرجّ في السـادّسة عشّر من عمـّره و
استـّولى على جميـّع مـّلكيـّات دوغلاسّ
قطّب آرثّر و قدّ بدّأ الأمرّ يسترعي اهتمامه ، كيـّف لاّ و نايتّ هو الموضوع ، كشـّر عن أسنـّانه المصـطّفة
و البيضـّاء ثمّ تحدّث بفضّول قـّليل
ـ كيـّف نـّالت تلكّ الحمقـّاء من عـّبقري مثله ؟ هل أنت واثقة أنّ هذه لّيست إشـّاعات ؟ لأننّي أشكّ بهـذّا
فـّعلا
ـ لاّ ، صدّقا لا ، لقدّ رأيت بـأمّ عيناي و هو يدّافع عن مـّاري عندمّا حـّاولت أنـّا أنّ أصلحّ مـّا أفسدّته أنت
، لكّن هـذّا لّيس مـّا أنـّا بصددّ قـّوله ، أنـّا أريدّ أن نستغـّل تلكّ الغـّبية جيدّا مـّا دمنـّا في هذه الفـّوضى
بسبب والدّها
ـ أنتّ محقّة ، العبّث معهـّا سهلّ جدّا كـأخذّ الحـّلوى من فـّم طّفل لكّن نـّايت لّيس كذّلك ، هوّ إن أرادّ سوفّ
يمحي عائلة غـّلوري من وجه الكـّرة الأرضية كـأنهاّ لمّ توجدّ قطّ
صمّتت كليّر قّليلاّ و قدّ عـّادت بـذّاكرتها إلى الخّلف ، حيثّ ما أمـّرها نايتّ بالركوعّ أرضـّا و هي نفـذّت
أوامره بـّغير إرادّتها ، كـأنها مجّبرة على تـّنفيذها فقـّالت بـرجاء
ـ لكّن آرثّر ، لقدّ تسببت فـّلور بطّردكّ من المنزل و حّرمانكّ من جميع أموالكّ أفـّلا تـّريدّ ردّ الاعتبـّار
لكّرامتكّ ؟ بحّق الجحيمّ إنهمّ مجـّرد فقـّراء فلمـّاذا أنت خـّائّف منهم لهذه الدرجة ؟
تهـّات عينـّاه فّي الـواجهة للحـظّات و هو يـّراقب المـّارة ، و على شـّفتيه ابتسـّامه لا تـكادّ تـظهّر ، أختهّ
قلقة عليهّ و لدّيها الحّق بذّلك فـهو اعتاد العيشّ الرغيدّ و بدونّ أموال والدّه فـّلا يستـطّيع تـّدّبر أمره كمـّا
و أنّ جميع أصدّقاءه يتـّهربونّ منه و رفيـّقاته معظمهنّ نسـّاء متزوجـّات و لّسن مستعـدّات لجعـّله يدّخل
بيوتهنّ هكـذّا ، قـّال بهدوء
ـ أنتّ لا تـّعلمين من هو هـذّا الذّي تتحدّينه يا كـلّير
تغّيرت ملامحّ كـّلير للحـّظات متـّرددة ثمّ ضّربت بقّبضتها على الطـّاولة و هي تقـّول نـّافية
ـ لاّ ، أنـّا أريدّ النيـّل منهمّ جميـّعا كّيف لنـّا الاستسـّلام و نحن لمّ نجّرب بـّعد ؟ دّعنـّا نفـّعل ما باستطاعتنا
لإسقاط عائلة روبرت لقدّ سئمت فـّعلا من التصـّاقهم كالجرار فّي أسفّل أقدّامنا
رفّع يدّيه دّلالة على أنه اقتنع بكـّلامهـّا فابتسمـّت بسـعادّة و حمـّلت هاتفـّها لتتصّل بحّبيبهـّا ققد اشتاقت
اليه ، تنهدّ آرثّر و أخذّ يفكّر عمـّيقا ، إنهّ ليسّ بالشخص الحقـودّ لكنّ إن تعدى أحدّ على ممـتّلكاته فهوّ
هالكّ لا محـّالة . يمكنّ القول أنّه ردّ دينّ .. ردّ الاعتبـّار لذّاته المـذّلولة و المحـطّمة التّي أخذّتها عائلة
روبرت منه




sira sira likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 13-07-13 الساعة 10:08 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-13, 04:39 AM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



شـّابتر الثـّاني عـّشر

حـّروفّ منّ نـدمّ

وسـطّ لمحـّات الـظّلام و غـّروب الشمّس الداّفئةّ مـّا بينّ طيـّات لنـدّن المـّعمرة ، فيّ تـّلك الغـّرفة
الصـّغيرة ذّاتّ الألوانّ البّاهتةّ و الجـدّرانّ المتآكلة كـّان هوّ يجـّلسّ بكلّ يـأسّ و أسى على حـّاله فيّ
زّاوية صّغيرةّ لا تكـّاد تـّرى ينـظرّ إلى رقّاص السـّاعة و هو يتـّقدمّ فيّ كلّ ثّانـيةّ معـّلنا العـدّ التنـّازليّ
لنهـاّية هـذاّ اليومّ و بـدأ يّوم آخرّ
روتينيّ ، كمّ يّشفقّ على نفـّسه الآن ؟ كـمّ هو يـّكره نفـّسه الآن كمّ هو يـّبغض يّحقدّ يمقـّت هـذاّ الوضـّع
الذّي فيهّ الآن أنّ تـّـرى يدّيكّ و هما بلاّ فـائدّة، تلكّ اليدّ السمراء العاملةّ التّي لطّالما جّرت خّلف الدّنيا
لتكّسب بّضعة دّنانير تطّعم
بهـّا فمّ صاحبّها المتشّقق من أعبـاّء و همـّومّ التي يحمّلها على كتفّيه ،
صـّاحّبها هو ذّلك الرجـّل الأسمـّر ، الذّي طغى شبحّ الكـّبر على ملامّحه و بالـّرغم من أنهّ لا يـزاّل فّي
نهـّاية الأربعينات إلاّ أنهّ يبدّوا ككهـّل قضت عليه الشيـّخوخة ،كـّان ينـّظر بعينّين بنّيتينّ شـّاردتينّ إلى
تلكّ الـورقة الجديدّة من التـّحاليّل التيّ قدّ سلمهاّ له الطـّبيب تـّوا و التّي تستـدّعى بقـّائه فّي المّستشفى
للقـّاء العـّلاجّ الضـّروري و اللاّزم ،هـذّه المرة لا مـّجال إلى الرفّض و لا حـتّى الهـّرب فقدّ أهلكه
المـّرض و أتعبته المقـّاومة و أنهكـّه التمثيـّل بـأنه بخيّر ،
هـذّه المـّرة ، إنهـّا المـّوت
جـّلس على الأّرض فّي تلك الـزاوية كعـّادته عندّ تلقّيه أخبـّارا شنيـّعة ثمّ وضـّع ذّراعه على وجهه و
نـّزلت دّمعة وحيدّة يتيمـّة ، دّمعة رجـّل مـّريضّ
دمـّعة شخصّ محتـّاجّ ، لّيس محتـّاجـّا إلى المـّال و لا حتـّى الذّهب .. إنهّ فقطّ بحـّاجة لتـلكّ اليدّ الحـّانية
التيّ تمسحّ على ظهره و تحّضنه بكـّل دفء لتقيه من هـذّا العالمّ القـّاسي و لتـّخبره بصـّوت رقيـّق
حـّنون أنّ كلّ شيء سيكون
بخيـّر، و أنهـّا هنـّا معه
أجـّل إنهـاّ تلك المـرأة التّي يحّن لها الكـّل عندّما مـّروره بصدّمات من هذه الدّنيـّا ، تـّلك المـرأة التيّ
لطـّالما سـّاندّته ،لطـّالمـّا وقفـّت بجـّانبه .. لطـّالما أحبـّته لكنهّ أبـّعدهاّ بكلّ قـّسوة عنهّ أبعدّها غـّير آبه
بـدّموعهـّا أوّ حّبهّا له الذيّ يسّكن كّيانها
يـّا تـّرى لوّ أسّرع إليهـّا الآن ، لوّ ركضّ حـّافيّا شـّوارعّ لندنّ لها فـّهل ستقّبل بهّ ؟
بالـّرغم من الجـّروحّ التي سببهـّا لهّا هل ستقبل به و هو الآن شخصّ عـّاجز على حـافة النهـّاية ؟
تنهـدّ و مسـّح دمـّعته بكـلّ ألمّ ، ثمّ وقفّ مستنـدّا على سـّريرّه لـّيحملّ ذلكّ الدّفتر الأخـّضرّ الصـّغيرّ ،
أمسكـّه بـأنـّامله المـّرتجفّة ليخـطّوا حـّروفـّا منّ نـدّم بينماّ شّفتيه تهمّسانّ بكـّلمة واحـدّة فقطّ
ـ أنـّا أسّف
دّخلت فـّلور إلى غـّرفة والدّها الذّي أصّبح لا يـّغادّرها إلا قـّليلا فـّلمحته يـّكتبّ شيئـّا فّي دفّتره الخـّاص
بالدّيونّ ، الذّي لا يـّقترب منه أحـدّ فوقفّت فّي مكانهـّا باستقـامة و قـّالت محدّثة إيـّاه
ـ أبّي لقدّ صـّار الفـّطور جـّاهـزا منـذّ فـّترة ، ألنّ تـّنزل ؟
رّفع عينيه البنيتين اللتينّ قدّ ظـّهرت من تحّتهمـّا هـّالات من السـّوادّ و قدّ كـّانت معـّالم المـّرضّ بـّادية
عليه ، نـظّرامطـّولا إلى ابنتهّ الكبـّرى و الشخّص الوحيدّ الذّي تبقى بجـّانبه بـّعد أنّ غـّادره الكـّل ، ثمّ
قـّال بـجّفاء
ـ لا أريدّ ، لدّي رحـّلة عـّمل يجّب عليّ أنّ أجـّهز لهـّا لذّلك أحضـّري الطـّعام إلى هنـا ثمّ و في المـّرة
القـّادمة أريدّك أن تسـتأذّني قـّبل الدّخول ، أفهمت ؟
قـطّبت فـّلور بانزعاج من مـزاجـّه المنعـدّم هـذه الأيـام ثمّ استـدّارت راحـّلة دون أن تـّقول لّه شيئـّا و
هي تتمتـّم مـّعلقة على كـّلامه لكن فجـأة عـادّت إليه ثمّ قـالت بقّلق
ـ أبيّ هل أنت بخير ؟
كـّح سيدّ جوناثـّان قـّليلا ثمّ مسحّ بيدّه على وجهه الـشـاحب جـدّا و أومـأ بـرأسه دّلالة على الإيجاب ،
ثمّ ابتسمّ بهدوء لوهلة و قال
ـ أنـّا بخيـّر بـّل أحّسن حـّالا ،
رمّقت فلور والدّها بطّرف عينهـّا ثمّ اتجّهت إلى الأسـّفل و لمّ يـّخبوّا عليهّ قـّلقهـّا الشديدّ ، فـابتسمّ هـذه
المـّرة بسّخرية علىّ حـّاله ، بالـّرغم منّ كـّل مـّا فـّعله لا زالتّ بجـّانبه كالغـّراء تمـاّما

/

ضبـّاب لندنّ قدّ قشـّع نـّورها تمـّاما كـّقلبهّ الذّي فقدّ الأمـّل ، يضـّع البيـّانو على الأرّض و بـأنامّله
الطـّويلة يّداعبّ مفـّاتيحه بـّلا هـّوادة بـّاحثّا عنّ كلـّماتّ تصّف حـّاله فيّ هـذّه اللحـظّة ،
تنهـدّ بحـزنّ ثمّ أغّلق عينيه و استلقى بـّجانب آلته ، لمـّاذا يّشعر بـّهذا الكـّم من الألم ؟ كـانّ ألافّ الإبر
تـّغرز فيّ قـّلبه ، مـّا سّره يـّا ترى ؟ صـّمت قـّليـّلا ثمّ همسّ بـّصوتهّ الهـادّئ اللطـّيف يحـّاكي نـّغمة النـّاي
فّي جمـّاله
ـ أشـّعر أنّ كـّل يّوم هو نفـّسه و هـذّا يحبطنيّ لكنني المـّلام ، لقدّ جـّربت كل شيء لأهـّرب لكنّ هـا أنـّا مجـدداّ
أطـّاردكّ مجـددا
مجـددا و مجـددا .. أنـّا وقعـّت فيّ حبـكّ
مجـددا و مجـددا .. حـّاولت ألا أخبـّرك
أشـّعر أنّ كل يّوم هو نـّفسه ، إنهّ يسحبّني للأسّفل مثـّقلا أنفــاسي لذا هـّا أنا مجددا أطـّاردك مجددا ،
لمـّاذا أنـّا أخبـرّك بـهذا ؟
مجـددا و مجـدداّ لقدّ وقـّعت فيّ حبكّ
تـّوقف عن العـّزف و على شـّفتيه ابتسـّامة حـّزينة ، إنسـدّل شـّعره الأشّقر على جـّبهته بعـّشوائية و
ارتجفت أصّابعه فلمّ يـّعد قـّادرا على الجـّلوس حتى ، فجـأةّ رنّ جـّرس منقـذاّ إيّاه من دّوامة أفكـّاره
التعيسة تـّلك فـّوقف و بّخـطّوات سـّريعة فتـّح البـّاب ليـّرى آخر ّشخصّ قدّ تـّوقعهّ
كـّانت تـّلك المـرأة شديدّة الأنـوثةّ بمـعطّفها الأسـود و شّفتيها الحـّمراوتين متوكزتين بينمـّا رموشها
الكـّثيفة قدّ زادّتها جـّمالاّ ، إنهـّا إليزابيثّ لبيرّ تلكّ المـرأة التـّي يكـّرهها فعـّبس غـّير قـّابل على
استقـّبالها و قـّال بـّبرود
ـ ما الأمـّر ؟
بـّعد فّترة كـّان يجـّلس ويـّليـّام بكـّل هدوء على الكـّرسيّ و بينّ يدّيه فنجـاّن شـّاي سّاخن ، أمـّامه كـّان
تـّقف إليـزابيثّ بـّحضورهـّا الطـّاغي و ابتسـّامتهـّا المشـّرقة ، بتنـّورتها الحمراء القصيـّرة و قميصها
الأبيّض العملي ، أمالت رأسها قـليلا
ناحية ويـليام و هي تقول بّرقة
ـ صـّوتكّ الحـّزين قدّ انسـّل إلى أعّماق قـّلبيّ ، يّا ترى من هيّ تلكّ النـجمة التي احتلت سمـّائكّ ويـّليام ؟
رفـّع حـّاجبه دّلالة على استنكاره لـحدّيثها الفـّارغ هـذّا ، و لما قـّد يحّب هو إحـدّاهن ؟ فـّحـّرك المـّلعقة
بـدونّ اهتمـّام و هو يـّردّ عليها
ـ دّعينا منّ المجـّاملات و الأحـّاديث التـاّفهة و لنـذّهب إلى المـّهم ، ما سّبب زيـّارتك ؟
زمـّت شّفتيها بـّطـّفولية و جـّلست أمـّامه واضّعة قـدّما على الأخرى بكلّ راحـّة ثمّ همسـّت و عينيهـّا
ثـّابتتينّ عليه
ـ لقدّ اشّتقت إلى صـدّيقيّ ،
ـ نحنّ لم نكنّ قطّ ،
قطـّبت و قدّ بدأ صّبرها يّنفذّ من احتـّقاره لهـّا فأخرجّت من حّقيبتهـّا علبة سيجـّارة ، لتضـّع واحدة بينّ
شفتيها مّظهرة عـدمّ استـلطّافها لطـّريقته الفـّظة تـّلك فـّقـّالت بـّطّريقةّ هادئة
ـ حسنـّا ، أريدّ منكّ أن تـّدّبر ليّ لقاءا مـّعه
ابتسمّ ويـّليام و نـّزع السيجارة الفاخرة بّرقة من بين أصّابعها ثمّ وضـّعها بكّل قسوة على الصحّيفة
مطفـئا إياها ليّقول بـبرودّ
ـ و لمـا يجّب علي بحق السماء أن ألبي لكّ طلّبك
تنهدت إليزابيث بضجّر ثـمّ اقتربت من ويليام و وضعت كلتا ذراعيها حول رقبته ، لتهمسّ بصوت مثـّير
ـ أذّكر أنكّ كنت معـجّبا بّي ويـّلي ، ما رأيكّ لو
قطّب ويليام و هو يستـمعّ لهمسها الذّي يصبحّ أكثر خفوتا شيئا فشيئـاّ و عندما أنهت حديثها دّفعها
جـّانبـّا ضـّاحكا بّسخرية شديدّة
ـ أنا كـّنت مـّعجبا بكّ ؟ أرجوكّ أخبريني فـذاكرتي لا تـّسعفني ، إليـزابيث جميـعنا نعلّم بـألاعيبكّ المـاكرة
لذّا لا أحدّ ستنطلّي عليه خدّعتكّ ، أخدعني مرة عار عليك أخدعني مرتين العار علي
زمت إليزابيث شفتيها بانزعاج و رمت نفسها على الأريكة لتقول بأسى
ـ أوه لماذا تنفكون ذكر ألاعيبي ؟ أنا بريئة
رسمّ ويليام على شـّفتيه ابتسامة سـّاخرة متهكمـّة ، أتـّظن أنهّ و بـّنبرتهاّ هـذّه سـّوف تنجحّ في
استمـّالته ؟ يـّالها من إمـرأة حـّمقاء ليـتّحدث باحتقـّار
ـ و هل يـّقول القـاتل عن نفسه قـّاتلا ؟ أخرجي من منزلي لا أريدّك ان تدنسيه بحضوركّ ،
زفرت بغّيض و حمـلت حقيبتهـّا لتخرجّ لولا أنها توقفت قـبّل أن تقوم بفتح البـّاب لتـّقول بلهجة تحذيرية،
ـ ألستّ واثقـا جدا ويـلي ؟ أناّ الآن أستطيّع أن أمحييك من الوجودّ ، القوة التي أمتلكهاّ و النفوذّ الذّي
أملكه لا يقدر بثمن ، تمـاماّ كمـّا عـّلمت بموقع عّّيشكّ استطيع أيضـا أنّ أضّع موقـّعـا لموتكّ
فتحّ ويليام البـّاب على مصارعيه ثمّ ابتسم بسخرية شديدة و دّفعها خـّارجـّا لتكـادّ أن تسقطّ لولا أنها
تماسكت في اللحظة الأخيرة ، قـّال ببرود
ـ على من تكذّبين إليزابيث ؟ أنـّا هو الـوحيدّ الذي لا تستطـّعي الاقتراب منه ،

/

يدّيه تّقبضّان على المقّودّ بكلّ راحّة بينمـّا عينيه الدّاكنتين تـّراقّبان الطـّريقّ بـّعدم اهتمام ، و المـطّر
يّهطـّل بـّقوة فيّ ذلكّ اليومّ المعتـّم من أّيام لندّن العـّديدّة ، فّي حينّ أنهّا تـّجلسّ بجـّانبه بهـدوءّ محـّاولة
التـّصّرف بلّباقة فـّلا زالّت ذّكريّات حـّفلة الخـطّوبة تـّداهمّ عقّلها و مـّواقفها المـّحرجةّ كـّالشّوك يّغرز فيّ
قّلبها ، تنـظرّ منّ خـّلال النـّافذة إلى المـّارة متـّسائلة يـّا ترى هل هـمّ يـّلعـّبون دّورا وهميّا فيّ حيـّاتهمّ
مثّلها ؟ و هلّ يتقـّاضون أجـّرا منّ أجلّه ؟
إنهـّا تـّعلم جيـدّا أنّ نـّايت لمّ يصطحّبها مـّعه رغّبة فيّ تـّمضية الـّوقت معّا أو لتـّعرف عّليها أكّثر فـّهو
أفّضل من ذّلك ، لكنّ السببّ الخّفي الذّي جـّعله يـأخذّها لا يـزالّ غّير مـّعروف بالنّسبة لهـّا حتى الآن
لذّلكّ انسّاقت خـّلف فـّضولهاّ و حـّاولت أن تـّفتحّ مجـّالا للحـدّيث مـّعه لـّعلّها تصّل إلى نقـّطة تـّوضحّ لها
لمـّا هـماّ ذّاهبين لزّيارة عـاّئلة لبيّر العـزيزة

هـّزت رأسهاّ نافية هـذّه الأفكـّار المـّزعجـّة محـّاولة أنّ تـّكسب بّعض الجـّرأة فـحسّب زيـّارتها الأخيرة
لقّصر لبيّر فـّهي لمّ تكنّ بذلكّ الشخصّ المحّبوب الذّي يبحـّث عنه الجـميـّع لذا يجـّب عليها أن تـّحسن
صّورتها أمامهمّ و تتـّصرفّ بـكلّ احتـّرافّفـّرفـّعت أصّبعها الصـّغير هـّامسة بـّنفسهـّا أول الأشياء يجبّ
عليها أنّ لا تـّسقطّ على رأسهـّا أو يّختل تـّوازنها ثمّ رّفعت السّبابة مـّركزة ثـّانيّا يجبّ أن تتحـدّث بلّباقة
و احتـّرام شّديدّين أمامّ جـدّ بيتر فـّهو يمّقتها ، ثـّالثـّا يجبّ أن تجـّعلهم يّصدقون أنهمّا بالفـّعل ثّنائيينّ و
رابـعـّا حسنـّا كلّ ما يجّب عليها فـّعله هو إحسان التـّصرف و حسّب هـذاّ فقط
لطـّالما كـّانت جيـّدة في إطـّاعة الأوامـّر إلا مـّؤخـرّا و هـذا يّفسر حـّقد والدّها عليهـّا فـّهي كـّانت تـّطيـعه
فيّ كلشيءّ لكنّ و بتـّمردها قدّ أعلنت الحـّرب لكنّ و بتذّكر والدّها ألا يملكّ نـاّيت أبّا ؟ لمّ يسّبق له و أن
تـّحدث عن والدّيه
. حسّنا ليسّ كما لو كـأنهّ تحدّث عنها بّخصوص أي شيءّ لكنّها مستـّغربة عدّم رؤيتها لهمّا ؟
لدّيها فـّضول لمـّعرفة من يكونـّان هـذّين الشّخصين الذّين ربيّا رجـّلا فـّولاذّيا كـّنايتّ ، فـاستجمعـّت
شجـّاعتها و أغّلقت عينيها بـّخوف قـّائلة مسـّرعة فيّ كلماتهاّ
ـ نـّايت أنا لم ألتقي بوالديكّ أبدا لذا أنا أتساءل أين يكونان و أّي من الأشخّاص هما ؟
انتـظرّت لكن لمّ يجّبها فاستدارت ببطء ناحيته ، كان ينصّت للموسيقى غـّير مبّاليّا بهّا .. تنهـدتّ و عـّادت
تنـظرّ إلى المـاّرة من جـديدّ ، إنّ أرادّت أن تـّعرفّ منّ يكون هو نـّايت يجّب عليها البحّث بنفسها لا أن
تسـأله هو ،
بـّعد بّرهة وجـدتّ أنهـّما قدّ وصـّلا إلى القصـّر ، فّهاهي البـّوابة تـّفتحّ أوتومـّاتكيّا بـّعد أن تـّعرفت على
مـّلامحّ نايتّ ليكملّا سيـّرهما وسطّ تلكّ الأشجـّار الطـّويلة و التي يتمّ الاعتنـّاء بهّا بشّكل ممتـّاز ،
دّار حـّول نـّافورة على شـكلّ وردّة جميـّلة تلتّف حـّولها فّرشـّات بالـّرغم من أنهماّ في فّصل الشتـّاء ،
حيـّن ركنهـّا و خـّرج حـّاملا معـطّفه على ظـّهره لتتـّبعه مـّاريّ .. تـّحدثّت بارتباك
ـ ناّيت هـّل جـدّك غـّير نظـّرته اتجاهي أمّ لا زالتّ نفسها ؟
تـّوقف ممـّا جـّعلها تـّرتطمّ به فـاستدار نـّاحيتها يـّرمقها بـّنظراتهّ الحـّادة ثمّ أمسكّ معّصمها و وضـّعه
بـذّراعهّ ليـّرسمّ ابتسـّامة بـّاردة على شـّفتيه مـّجيبا إيّاها
ـ و هل فـّعلت أنتّ شيئّا يستحقّ الثنـّاء ليّغير نـظرته ؟ علىّ أيّة حـّال دّعينـّا نمثّل بجدّية هـذّه المـّرة
صّمتت على مّضض ، لقدّ فـّعلت عدّة أشياء تستحـّق الثّناء فيّ حيـّاتها لكنّ الآن لا يتبـّادر إلى ذّهنها أيّ
شيءّفـزمتّ شّفتيها باستياء و سـّارت مـّعه ، دّخـّلا ليجـدّا أنفّسهما فيّ غـّرفة كبيّرة و واسـّعة مزينةّ
بـّنقـّوش ذّهبية فيّ جـدّرانها و يـّوجدّ أريكـّات منّ أجـّود الأنـّواع فيّ الـوسطّ مـعّ مـّائدة دّائرية و لمّ يكنّ
هنّاك أيّ أحدّ فـأكمـّلا طـّريقهماّ و فتـّح نـّايت بـّابّا ليجـدّ أنفسّهما فيّ غـّرفة الأكـّل حيّث يتـرأسّ الجـدّ
الطـّاولة التيّ وضـّع عليها أشّهى أنـّواع الطـّعام و بجـّانبه كـّايل المتـّململ بينمـّا خـّلفهما يوجدّ صـّف
من خـّادمات الـلواتي ينتـظرّن بّفارغ الصّبر أوامرّ من أسّيادهن فيّ حـّين أنّ رئيسّ الخـدّم يـّقف على
مبـعدة ثـّلاثة خـطّوات من السيدّ بيتر ،
عنـدّما فـّتح نـّايت البـّاب إتجـّهت جمـّيع الأنـظاّر نـّاحيته فانحنى الخـدّم احتـّراما لتنحنـّي مـّاري أيّضـّا
بّسرعة ، سـّار بـخـطّوات كـّسولة إلى مقـّعده و جـّلس
نـظرّت مـّاري من حّولها بـتوتر ثمّ وقفتّ بجـّانب نـّايت و عـّادت تنـّحني بّسرعة و هيّ تتـّحدثّ بـّطـّريقة
شديدّة الاحترام و التـهـذّيب
ـ مـّرحبـّا سيـديّ أرجـّوا أنّ لا تـّمانـّع انضمامي لكمّ
سـّحبها نـّايت من فـّستانهاّ فجـّلست بينمـّا قطـّب كايل مستنـكّرا فـّعل نـّايت ؟ مـّا الذّي يـّريده بجـّلبها إلى
هنا ؟ ما الذيّ يحـّاول إثبـّاته ؟ هـذاّ غـّريبّ و ليسّ من صـّفاتهرفـّعت مـّاري شـّوكة و الـّسكين بّعناية
متـّذّكرة طـّريقةّ ويّليام فيّ الشّرح ، يجبّ عليها أنّ لا تخـطأّ ثمّ غـّرزت سكينّ في شـّريحة اللـّحم ممـّا
جـّعل مـّرق يـّرشها قـّليلا على وجّهها ، فـّرمشّت قـّليلا و نـّظرت بـّنصّف عينهاّ إلى نايتّ لتجـدّه شّـاردّا
فابتسمت و عـّادت تنـظرّ بنفس الطـّريقة إلى الجـدّ و كـّايل لتجـدّ أنّهما يـّراقّبانها بـّبرودّ ، ضحكـّت و هي
تضـّع يدّها خـّلف رأسها قـّائلة
ـ إنّ الأكـّل لذّيذ جـداّ ها ها ،
قطـّب كـّايل مشـّمـّئزا، مـّلابسهـّا معـدّمة اللونّ من كـّثرة الاستعمال و لا تـّضع أّي مـّاكيـّاج على وجهها
كمـّا أنّ شـّعرها متشعث قـّليلا ، مـّا الذيّ رآهّ بهـّا ؟ بحقّ السمـّاء إنهاّ فّتاة أقّل من العـّادية ، فجـأة فـتحّ
البـّاب لتـّدخل إليـزابيثّ و بـّخـطّوات واثّقة جـلّست بجـّانب زوجـّها ثمّ تّحدثّت بـّلهجة لطـّيفة
ـ أعتـذّر على تـأخري جـديّ فـّجـّلسة التـّصوير قدّ استغـّرقت وقّتا أطـّول من المـّعتادّ
أومـأ الجـدّ بـأنهّ لا بـأس ليكـّمل الجميـّع أكـّلهم ، بـّعد فترة تـّوقفت مّاري عنّ محـّاولة تـّقليدّهم و لمّ تـّغب
عنها نـظرّات الاحتـّقار منّ قّبل أّسرة لبيّر فـّواضحّ جـدّا أنهّم لا يريدّونهـّا ، ارتشّفت العـّصير متمـّنية
وّجودّ ويليـّام فيّ هـذّه اللحـظّة ،أنّ تجـدّ شخصّا يـّواسيها
صحيحّ أن نـّايت هـّنا بجـاّنبها لكّنه لا يّبـّالي فعّلا ، أحيّانا تـّظنه لا يّهتم إنّ كانوا يّصدّقونهما أو لا ، لا
يّهتم بهـذّه المـّسرحية و لا بّها فجـأة تـّحدثت إليـزابيث ممّا جـّعلها تـّفيق من غـّيبوبتهـّا
ـ آوه أعـّذريني مـّاريانا لمّ أركّ ، كيّف حـّالك ؟
عـّلى من تـّكذب ؟ لقدّ رأتها و رمّقتها بـّحقدّ إذن لمـاذا هـذّه النبرة اللطـّيفة ؟ بينمـّا ردّ عليها نـّايت ببـرود
ـ مـّاري، اسمـها مـّاري
أّصدرت إليـزابيث صّوتا دلالة على استدّراكها خـطأهاّ لمّ يكن فـّعلا خـطأ بّقدر ماهو مـّتعمدّ ، لكنّ مـاري
ابتسمت بّمرح و ردّت
ـ أنـّا بخيرّ شكـّرا لّسؤالكّ ،
نـظر إليها كاّيل لثّواني قـّبل أن يـّقول بّسخرية
ـ أجـّلبتها لأنكّ خـّائف من زيّارة إليزابيث لها ؟ هـّل زوجتـّي بـّذلك الـّرعب ؟
كـّاد نايت أّن يـّرد عليه لّولا رّنين هـّاتفه ، رّفـعه و هو مقـطبّ الحـّاجبين ليّرى اسمّ فـرانسوا يـّعلوا
شـّاشته ، فـّوقفّ و انحنى بـّخفة لجـدّه ليّغـّادر مسـّرعا بينما ابتسمت ماري بـّسذاجـّة و بـّقيت فيّ مكانهاّ
، كانت تـّرغب فيّ الذهاب
خـّلفه لكنّ هـذا ليس بتصرف لائّق فـّأمسكّت بـطّرف الكـأسّ تـّلعب به حين تـّحدث سيد بيتر ببـّرود
ـ كمّ دّفع لك ؟
شحـّب وجـّه ماري منّ طـّلاقته فيّ الـسؤال و نـظرّت نـّاحيته غـّير مـّصدقة ، كّيف له أن يسّـأل هـكذا
بـّدون أيّ خـجلّ أي احتـرام و عينيه تـّوقدّان غـّضبا ، فـأجـّابت ماري متلعثمة
ـ أرجـوا المـّعذرة سيد بيتر ؟
أعـّاد سـّؤاله بـكلّ حـدّة و عـّصبية
ـ لقدّ قّلت و بـّوضوح كمّ دّفع لك نـّايت لـّتصبحي حّبيبته ؟ أنـّا أعلمّ ذوق حـفيدي جـيدا و منّ المـّستحيل
أن يـخـّتار إمـرأة مـّثلك كـزوجة له لذا أخبريني الآن ، هل تمـلكين ما تـّهددينه به أو هو من طـّلب منك
القـّيام بـّهذه التـمثيلية الـسخيفة ؟
وقفـّت مـاري بّصدمة ، ثمّ أجـّابته
ـ و لمـّا قدّ أهـدده ؟ مـّا صعـّب في تـّصديق بـأننيّ خـطيّبته ؟ يـّا سيدي أنتّ مخـطأ فعـّلاقتنا لّيس مّثل
مـّا تظـنه ..
ابتسمتّ إليـزابيثّ ببـرود و هي تـّشاهد تـوتر مـاّري و احمـّرار وجـّنتيها الـشديدّ ، لتـّدّخل مـّوضوع
النـّقاشّ بّنبرتها الهـادئة المثيرة
ـ جـديّ ، أرجوك لا تّخـاطبها بـهذه اللهـجةّ فـّربمـّا نحن لا نـّعلم ذوق نايت جيـدّا كمـّا أنني واثّقة أنّ لا
أحدّ قد يّقدر على إجبار نايت على فـّعل شيء ما
صمـّت جـدّ بـّغير رضى لّيس من أجلّ إليزابيثّ لكنّ لأنّ الـوقت غيّر مناسب لحديثّ مثل هـذا ، إنهّ
مستـغّرب كيف لم يّستطّع الحـّفاظ على ربـّاطة جـأشه لكنّ تّصرفّات نايت البـّاردة جـّعلت يّقوم بـّتصرف
مثّل هـذا ، إنه لا يـّريد أن يـّعيشّ كذبة من أجـّل إرضـّاء الغـّير إنهّ يـّريده أنّّ يّشعر بالسـّعادة ، إنهّ فقط
يّريد أن يكون حـفيده سّعيدا فـّهل هذه أمنية يّصعب تحقيقها ؟ بينماّ لم تّستطـّع مـّاريّ أن تـّتحمـّل أكثّر
فـّردّت عليه
ـ يـّا سيدّ بيتر أنـّا أعّلم أننّي لّست بالفّتاة المّثالية التيّ تـّرغب بهاّ كـّابنتك فيّ القـّانون لحـّفيدكّ لكنّ أنـّا
أحـّبه فـّعلا و منّ المستحـّيل أن أؤذي نـّايت إنّ كنت تـّريد أن تصّدق أو لا هـذا شّـأنكّ لكنّ أنّ تـّصف
عـّلاقتنا بـزيفّ و التـمثّيل فـهـذا مـّا لا أتحـّمله ،
قـطّب سيدّ بيتر و وقفّ يـنـظر إليها بـّحدة ، كـّيف تـّجـرأت أن تّرد عليه و هو رئيسّ هـذّه البّلاد بـأكملها ؟
ألا تـّعلم معّ من تتـحدث ؟ كـّاد أنّ يـّرد لولا أنهاّ قـاطعته بـّصدق
ـ أنـّا أعلمّ أنكمّ جـميعا لا تـّريدوننيّ لكن لو أنكّ تمنحني فـّرصة يـّا سيديّ فـأناّ أعـدّك أننيّ لن أخيبّ ظنكّ
، سّوف أفّعـل المسـتحيّل من أجـّل سـّعادته
صّمتت عنـدّما لمـحت نايتّ قـّادما فـّرمقت سيدّ بيتر بّحدة هي الآخرى ، لا تـّعلم لكنّ لأنه يشّكل تـّهديدا
.. لأنه يستطيّع أن يّبعد نايت عنها فـّهذا يجـّعلها ثّائرة بطّريقة لم يّسبقّ لها أنّ شّعرت بّها فـّأمسكـّت
بـّحقيبتها الصّغيرة بشدّة محـّاولة ان تستمد القليل من القوة ليّقول جـدّ ببـّرود
ـ حتى لو عنى ذلك تـّركه
إلا هـذاّ ، كلّ شيء إلا هـذا .. حينّ جلسّ نايت فيّ مقـّعده و قدّ لاحـظّ نـظرات مارّي المتوترة و مـّلامح
بيتر المحتقنة بّشتى أنواع الغـّضب ، أكلّ قطـّعة من فّاكهة المانجو و تحـدثّ
ـ هل هناك خطبّ ما ؟
أومـأّت ماري نـّفيا و على شّفتيها ابتسامة لـطّيفة محـّاربة دموعهـّا ، لما يّتم رفّضها منّ قّبل الكـّل ؟
والدّها و والدّتها أختهـّا و أصدّقائها ثمّ الآن عـّائلة خـطّيبها ، إنهّا ليسّت بّالفتاة السيئة فلمّا لا يمنحونهـّا
فّرصة ؟ لما لا ينـظرون إلى معـدّنها الحـّقيقي فـّخلف هـذّه الملابسّ فتاة تتـّوق للحصّول على عـّائلة و
الآن بـّعدما وجـدّت نايتّ يحـّاولون أخـذّه منهـّا ، إنهّ الـوحيدّ الذي وقفّ بجـّانبها و بالـرغم منّ بّروده
لكنـّه يبـقى الـوحيدّ و لنّ تـّبتعدّ عنه و لنّ تتـّركه إلا إذا طـّلب هو ذلكّ ، تحـدّث كـّايل بـّسخرية
ـ إلـيزابيثّ دعينـّا نـّرحل
وقفّت إليـزابيّث بـّكلّ ثّقة و احتضّت ذّراع زوجـّها ليّغـادرّا بينمـّا نـظرّات مـّاري تتـّبعهما ، تـّلك الثّقة
التي تتمتـّع بها إليزابيثّ تتمنى لو أنها تمـّتلكها لكـّانت حّياتها أسّهل الآن فهمسـّت
ـ يـّال تـّعـاسة ،
نـظرّ نـّايت بـّبرود إلى مقـّعد كايّل و إليزابيثّ الفـّارغين ، أحـّاولا أهانته تـّوا ؟ و ما الذي يّعنيه مغـّادرة
طـّاولة الطـّعام بينما يوجدّ ضيّف مهم بينهم ؟ فـاستـدار نـّاحية جـدّه الذيّ يّرتشف قهوته التركية بـّكل
آدابّ و قـّال بصّوت عّالي حـادّ جـّعل كـّايل و إليزابيثّ يـّقفان
ـ أفّهم من تـّصرفاتكمّ قـّليلة الـّلباقة و عديمة التـهذّيب هـذّه أن مـاري لمّ تنلّ إعجابكم، أليس كذلك ؟
رمقـته ماري بصدّمة في حـّين أكـّمل هو حـدّيثه بـّنبرة غـّاضبة جـّعلتهم يّدهشونّ فـّعلا فـّنادرا مـّا يّظهر
ملامح عدى البرود،
ـ لا بـأسّ فـالكـّل مـضطر لتحـّمل آخر و رأيكمّ لا يـّهمني تمـّاما كـّوجودكمّ و
استـدار إلى جـدّه و قد احتـدتّ عينيه بـّشكل خـطيّر ثمّ ابتسـمّ بسـّخرية، و اسّتقامّ ليّظهر طـّوله ليمسكّ
بـيدّ ماريّ و يـّقول بـّخبث
ـ إنّ كان الأمر لا يـّعجبكم فـّلما لا تـّحاولون مـّنعي ؟
يـّعلم تـّماما أنّهم لا يّستطيـّعان فعل شيءّ له لكنّ جـدّ بيتر يـّقدر ، فـّرد عـّليه كـّايل بـغّيض محـّاولا التكتمّ
عن مشـّاعره و إظهـّار صـّفات اللامبّالاة على وجـّهه
ـ و لمـّا قد نفـعل هـذا ؟ إنهـّا حيـّاتك أنتّ و لا دخـّل لناّ
رفـّع نايت حـّاجبه بسّخرية ، إنـّه يعلم تماماّ أن كايل يـّريده ان يكون لوحده في حـّرب النفوذّ هذه و
باتخاذه ماري خـطّيبة له فقدّ أفسدّ معـظم مخـططّاته و هو يـّظن أنه سّوف يكون دورّ ماري كـخطّيبته فقطّ
لا أكثّر و لا أقّل لكن ما لا يـّعلمه أنّ أفكـاّره أبّعد من هـذاّ و لمّ يجب كـّايل كعـّادته بّل سّحب مـّاري و
خـّرجا من غـّرفة الأكـّل وسطّ عدم رضى الكـّل مسـّرحيته أبّعد ممـّا يتـّوقع الجميـّع ، أبّعد منّ التـمثّيلية
و أبّعد من لـّعب أدوارّ سخـّيفة بالكـّاد تنطلي على أفّراد أسرته

/

لمّ يكن يّتوقع هـذّه التـّصرفات الخـّرقاءّ من ابنيه الذّي قدّ حـّاول تـّربيتهمّا على النـحوّ الصـّحيح ، حـّاول
أنّ لا يـجعّل المـّال يـّعمي قـّلوبهمّ و أنّ يجـّعلهم يتصـّفون بالخـّلق الحسّن و الأفكار العـظّيمة ، تلكّ
الأفكـّار التي تـّوصلهمّ إلى القـمةّ أولاّ و إلى محبّة النـّاس لهمّ ثـّانيـّا و إلى فـخّره هو ثـّالثّا لكنّ الآن و
هـاهي ابنته تـّجـّلس أمـّامه تـّمسك بين يدّيها هـّاتفها النـّقال الجـديدّ فيّ الأسـّواق تـّحدثّ حبيّبها بكـّل
لطـّف ،
إنهّا عـّكس مـّا تمنى فّابنه زيـّر نسّاء لا يـكفّيه زواجه من إمـرأة روسية و لا حـتى لـّعبه مـّع رفّيقاته
الـمتـزوجـّات بينمـّا أبنته قد أعماها شّهرة شّركتهم فـتـّرى صّفات الغـّرور تـّكسوها من أعلى رأسها
إلى أخمص قدّميها ، كمّ هو مـّخزي ، و الآن ما الذي قدّ يفـّعله ليصّلحهم ؟ فحـّاول الحـدّيث مـّع كلّير
ـ عـزيزتي ضـّعي الهـاّتف جـانبـّا أريدّ التـحدثّ معك فيّ مـوضوع مـّهم
أشـّارت له أن يـمنحـّها بـّضعة دّقائقّ فتنهـدّ بـأسى ، بالـّرغم من أن نايت رجـّل قـّاسيّ يّصفونه
بالشيـطّان لكنّ يعـتمدّ عليه ليسّ كـإبنه آرثر فإنّ أراد البحثّ عنه الآن لوجدّه في إحدى النـوادي اللـّيلة
مـّخمورا ، أنتظر و انتظر حتـّى تـّكمل كـّلامها لكنّها لم تـّفعل قـطّ فـّوقف بـّبرود و أمسكّ هـّاتفها لـّيرميه
فيّ حـّوض الأسمـّاك وسطّ دّهشتها ،
عـّاد يـجّلس مـكانه وضّعا قـّدما على الآخرى و بين يـّديه كوبّ شـّاي سـّاخن يـّدفيه فّي هـذاّ الجـو
المـمـطّر ، رمقّهـّا بـّغـّضب عـّارم و قد نسى جميـعّ خـططه فيّ جعلها تـّعترف بما فـّعلته بـنفسهـّا و قـّال
بـّعصبية
ـ أخبريني الآن ما لمـاذا هـّاجمت مـّاري ابنة سيد جـوناثان بتلكّ الـطّريقة و فـّورا ؟ ألا لا أريدّ أعـذارا
واهـيةّ بل أسبابا مقـنعة أفهمت ؟
صـمّتت كلير للحـّظات فيّ وضـعيتها و قدّ شـحبّ وجهها كمـّا لو كـان الدمّ بـأكمله قدّ سحب من جسمهـّا
لكنّ تـذّكرت مـّا قـّام بّه سيدّ جوناثان روبـّرت عـّندما أخرجّ أخيها الـوحيد من منـزله فقطّ لأنه لمّ يـّرد أن
يتزوجّ ابنته العـّاقة تـّلك لـّيغزوالـحقدّ وجههـّا فقـّالت بـّحدة
ـ ماذا فـّعلت ؟ لقدّ أعطّيتها مـّا تّستحقه تـلكّ الحـّقيرة فـّبسببهـّا قدّ طّرد آرثر منّ المنـزلّ ،
قـطبّ سيدّ روي محـّاولا الحـّفاظ على أعـّصابه ، بينمـّا أتتّ سيدّة ليكسي مـّسرعة و بين يدّيها منـّشفة
عنـدماّ سمعـّت أصواتهما العـّالية فقـّالت بـّتوتر خائفة
ـ ماذا ؟ ما الذي يجـّري الآن ؟ ما الذي حـدّث ؟
تـّجاهلها الـّسيد رويّ و هـو يـّرمق ابنته بـّغير رضى، و ردّ عـلى كلاماتها الوقحة في نـظره بـّعصبية و
صّوته يـّعلوا شيئا فشيئا
ـ كيفّ تّقولين أنها السّبب فيّ طـّرد آرثر ؟ أهيّ من طـّلبت منه مصّاحبة النـّساء أمّ أجبّرته على الزواجّ
من فـّلور ؟ أهيّ من كانتّ تدّفع بّالمشروب فيّ فمه كلّ ليلة ليعـّود مخـمورا ؟ أمّ هي من أقّنعته بـّتركّ
الشـّركة و التـّسول خـاّرجا رّفقة زمرة من الفـّاشلين ؟ بـأي حق تتهمينها ؟ إنهّ رجـّل فـّاسد نال ما
يستحقه
قطـّبت كلير و قد ثار غّضبها ، كيف له أن يـحتقر ابنه لهاته الدرجة ؟ فـّردت بّصوت غاضب أكثر من
والدها
ـ حقـّا ؟ إنك تـّعلم بـأنه شـّاب مستهتر قـّبلا فـلما لم تـّطرده مسبّقا قبل أن يـأتي ذلكّ السّافل إلى بيتنا ؟
احمر وجه سيد روي و احتقن بـّعصبية فلم يسهل عليه التنفسّ و أصّبحت ضّربات قلبه تـتبـاطأ لخرج من
دّرج دواءه و يّأكل حّبة ثم يـّرتاحّ قـليلا ، تنهـدّ بـأسى و أجاّبها
ـ لأننيّ تـأملت و بزواجه من فلور سوف يستقيم ، أنه سوف يصّبح رجـّلا يعتمد عليه لكنني أهمـّلت
مستقبل فلور و خنت ثقة صديقي الذي ائتمني على ابنته فـأقل شيء أفعله له هو جعل ذلك الفتى يّعلم
بّسوء تّصرفاته وقفت كلير بـّغيض و مرت من أمامه لتسّرع إلى غّرفتها في حين جلست سيدة ليكسي
بجانبه تـهدئه بـحنان كي لا يتطور الأمر و يّصاب بنوبة قـّلبية

/




sira sira likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 13-07-13 الساعة 10:10 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-07-13, 04:41 AM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

/

تـّوقفت تـّلك الشـّابة ذات الشـّعر الأصّهب المنـسدّل على ظهّرها أمـّام تـّلك الـشّقة الصـّغيرة ذات الـّرقم
406 ، تـّرن الجـرّس مـّرارا و تـّكرارا دونّ أن يـّرد عليهـّا أحـدّ و عنـدّما شّعرت باليـأسّ يتسـلّل إلى
قـّلبهـّا جـّلست على الأرضّ مستنـدّة على الجـدّار الذي خـّلفها و تـّضع قـدّما على الأخرى بـكلّ راحـّة ،
أمسكـّت بـّهاتفها النـّقال و نـظرّت إلى كمّ تـّشير السـّاعة ،
لقدّ أتّت منـذّ حـّوالي سـّاعة إلاّ ربـّع و لمّ تـفتحّ ماري مهمـّا طـّرقت أو رنتّ الجـّرس ، أظنّ أنه الـوقتّ
المنـّاسب لاستسـّلامها لكنهّا لم تـّستـطّع الـرحيل و هي لم تـّرها حـّتى يبـدوا أنّ و بّسببّ عدم تـّقبل
والدها لّزيّارة مـاري ذلكّ يـجّعلها لا تـّجدها في كل مـّرة تـّحاول أن تـّزورها، حسـّنا هي لنّ تـّرحل سـوف
تـّبقى و تنتـظـّرها حتى تـّحصل على استفسـّار منها،
كيـّف لها أن تتـزوج بـنايت آل لبيرّ و من أينّ قـدّ جـّلبت الـ 500 مـّليون دّولار و كيـّف أصّبحت خـطّيبته
و أينّ بالضبطّ قدّ تـعّرفت على ويليـّام و نايت فتصـدّيق أنهّ حبيبها صّعب خصوصـاّ و أن ماري فـتاة غير
اجتمـّاعية منـذّ أن كانت رّضيعة
أغلقت عينيها ثمّ فتحتهمـّا لتجدّ ويليـّام يّقف على مبـّعدة متـّر منها ينـظرّ إليها باستغـّراب و بينّ يديّه
مفتـّاحه قـّالت له فلور بّسخرية
ـ يـّا رجـّل هل تتـّعقبني أم مـاذا ؟
صـمتّ ويليام مفـكّرا للحـظات في كـّلامها ثمّ أومـأ نـّفيا و على شفتيه ابتسامته المشـهورةّ التي
يستعملها مع النـّساءّ ثمّ قـّال بمرحّ
ـ لمّ أركّ منذ مـدّة طّويلة آنسة روبرت ، كيـّف حـّالك ؟
وقفّت فلور و نـّفضت الغـّبار عن مـّلابسها بينما ملامح البرود تعلوا وجهها ، كمّ تـكرهه لقدّ خـدّعهما
هي و والدها و الآن يّرسم هذه الابتسامة البلهاء على شفتيه كما لو كـأنه بـّريء لمّ يّفعل شيئـّا لذاّ
ردّت بـّغيض
ـ كنت أفّضل حالا عنـدّما لمّ أركّ لكن الآن أشّعر بالغّثيان ، على كلّ حـّال ما الذي تـّفعله هنا ؟ أتريدّ
أن تـّملئ رأسّ أختي بالمـّزيد من ألاعـّيبك السخيفة ؟
رفّع حـّاجبه بـاستنكـّار من كلامهـّا ثمّ وضـّع المفتاح أمام أنـظارها و هو يـّقول بـّغيض
ـ أنـّا أعيشّ هنا و تلك هي شّقتي التي تـجّلسين بجـّانبها كمـّا أنني لا أظن أنّ الشّخص الذي يـحاول
ملء عقّل ماري بالألاعيب هو أنـّا ،
تـأففتّ فـلور و مرتّ بجـّانبه لتـّدفعه متـّعمدة بينما رمقها ويليام باستغراب ثمّ هز رأسه و تنهـدّ بكل قلة
حيلة ليتجه إلى شقته ، حيـنّ رن هـّاتف فلور فجـأة و يّعلوا الشـّاشة اسمّ والدّها ، ارتبكت لفترة عندما
انتابها شعور أنه يّعلم أين هي الآن لكنّها نفت هـذه الفكرة سـّريعا و ردّت عليه بـّهدوء
ـ أهـّلا والدّي، ما الأمـّر ؟
فيّ الطـّرف الآخر كـّان سيدّ جوناثانّ يكحّ باستمـّرار و قدّ أهلكه التـّعب بينما قدّ ازداد وجهه شـّحوبـّا
و هـّالات حول عينيه سّوادا و قدّ قـّال بـّنبرة خافتة متعبة
ـ فلورا أحضري لي رويّ فـّورا
ثمّ أغلّق السـماعة حينّ أهلكه التعبّ ، رّفعت فلور حاجبها مستنكرة فعلته هذه ثمّ تذمرّت بـّكره و هي
تغير وجهتها منّ البّقاء أمام شقة ماري حتى عودّتها إلى منـزلّ السيدّ غلوري رويّ الـرجّل البـّائسّ

/

بـّعد مرورّ أسبـّوع على زيـّارة مـّاريّ لقّصر لبيّر ، عـّادت الأوضـاعّ إلى طـّبيعتها كـّما لو كـأنّ زيـّارتها
لمّ تحـدّث قطّ حيثّ أنّ إليـزابيثّ لم تـهتمّ فعـّلا بـوجودّ هـذّه الدّخيلة و لا كـّايلّ مـّا دمـّت مجـردّ إمرأة مـّارة
فيّ حيـّاة نايتّ لنّّ تـّوجدّ أيّ مشـاكلّ

بالـّرغم منّ أننـّا أشخّـاص مخـّتلفون نـّعّيش بـطّرق مخـّتلفة و لنـّا شخصّيات متـّنوعة لكّن سيجدّ الحـّزن
طـٍّريقـّا نحو حيـّاتنـّا ، لتـجدّ أن مـعّظم البشـّر يتخبـطّون في مشـّاكل لا حًّصر لهـّا ، مشـّاكل بالنسبة لنـّا
نحنّ قدّ تكونّ بسيطة و لا تستـحّق
الاهتمـّام و للبعضّ إنهـّا كل شيء و بّسبب هذه المشكّلة لنّ يستـطّيع التقدّم أو حـتّى المضي قدّما فّي
حيّاته فكـّان ذلكّ الشـّاب ذو الشعـّر البني المـّصفف بشكل رائـّع ، و تلكّ السترة الجلدّية الجّميلة معّ
سـّروال الجيـّنز و حـذّاء تصميمه مشـّابه لسترة فكـّان رمـّزا للأنـّاقة و الجـّاذبية الخّاصة ، إنهّ ذّلك
الـبيسبـّول الشهيـّر سيدّ كـّايل آل لبيـّر الذّي قـّاد فـٍّريقه للنّصر
يجـّلس فّي مكـّتب فخمّ جـدّا ، و خـّلف هـذّا المـكّتب يـوجدّ ذلكّ الرجّل ذو شـّعر الأسودّ الحـّالك فابتسـّامتهّ
السـّاخرة فنـّظرته المليئة بالكبـّريـّاء و عينيهّ الزرقاوتينّ شديدتا الدّكنة ، يرتـدّي قميصـّا رمـادّي اللونّ
خـطّى بقلمه مسـّرعا على الـّورقة ليتشكّل إمـّضائه المميـّز، ثمّ سحّب الملّف الأخر ليّعطيه نـّظرة
تفحصيه بينمـّا لا يبـّدوا عليه الاهتمـّام بتغّير ملّامح كـّايلّ إلى السخطّ و الغـّضب، فقـّال الأخير بحدة
ـ يـا إبن العمة ، متى تعيرني القليل من وقتك ؟
ـ حينمـّا تستـأذّن لدّخول
رفع كايل حاجبه دلالة على استنكاره فوضع يده فوق مكتب نايت الزجاجي و طٍّرق بواسطة أصابعه
عليه فـتوقف نايت عن الكتابة بقلة صبر و عقد ذراعيه منتظرا ، فابتسم كايل واضعا قدما على الأخرى
بغرور
ـ كما ترى فنحن لم نتبادل الكلام منذ فترة و قد قادني اشتياقي الرهيب نحوك دون دراية لذا ، أخبرني يا
ابن العمة ، كيف حالك ؟
تنهد نايت ببرود ثم نزع نظارتيه و وضعهما جانبـّا ، يفضل استماع الى كلام ماري الفارغ بدل
استفزازات كايل ، فتجاهله كعادته حيث ان نظره لا يزال مركزا عليه ليكمل كايل حديثه
ـ إليزابيث ترسل تحياتها لكّ ،
رنّ هاتف نايت فـّامتدت يدّ كايل و التقطه قبلّ أن يقوم نايت برفع إصبعه حتى ، ابتسمّ كـايل مستفزا إياه
ثمّ نـظر إلى اسـمّ المتصـّل كان صديقه ويليـامّ و صـورته تعلو الشاشة ، رّفع السمـاعة ببرود و نظراته
تلاحق نايت ثمّ ردّ بابتسامة
ـ أهلاّ ويليـّام ،
قطّب ويـليام باستغراب ثم نـظر إلى شـاشة هاتفه متـأكدا أنه اتصل بنايت لا أحد غـّيره ، تنهد بخفوت و
تخلخلت أصابعه شعره الأشقر الذهبي ليقـول بـتعاسة
ـ أهلا كـّايل ، هل تقوم بإزعاجّ نايت مجددا ؟ كم مرة أخبرتكّ ان تتـركه و شـأنه ؟
ـ و لا مرة ، اسمـّع أنّا ضجّر لدّرجة الموتّ و أريدّ الذهاب إلى الحانة بـّرفقتكمـّا و لأنكـما لمّ تقيما لّي
حفّلة وداع العـزوبية فلا تستطيعان الرفّض
أجـّابه نايت بّسخرية لاذّعة و هو يـأخذّ الهاتف من بين يدّيه ،
ـ لا داعيّ ، جميـعنا نـّعلمّ انكّ فـعلت بدون حاجة لمساعدتنـّا ،
ضحكّ ويـليام في الطّرف الآخر و كـادّ أن يـّرد لولا أن نايت قطّع الاتصـّال و أطفـأ هاتفه ليـرميه جانبـّا
ثمّ يـأخذّ ملفـّا أخرا ليدّرسه ، قطّب كايّل بانزعاج و وقفّا مـغادّرا قـّائلا بـّصوت عالي
ـ أنا أنتـظرّك ، لا تتـأخر

/

شـّهر أكتوبرّ ، حّيث تهبّ ريـّاح لندّن فيّ كل الأرجـّاء فيهـطّل المـطّر بدّون توّقف و تتسـاقطّ حبـّات الثلجّ
الصـّغيرة تلكّ فيّ الأرضّ ، و لهـذّا كـّان يـّرتدّي معطّفه و يضـّع الوشـّاح حـّول رقّبته مـّانعـّا أيّ منفذّ
للهـواء بالمـّرور ، أنفه محمرّ و خدّيه كذّلك رّن الجـّرس عدّة مـّرات حتىّ فتحّت سيدّة فرانسيسّ بـّابهـّا
أخيـّرا و نـظّرت مطـّولا إلى ويـّليـام ، يرتجّف فيّ مكانه من شدّة البـّرودة فقـّالت باستغراب
ـ ويـّل ما الأمر ؟
ـ سيدّة فرانسيس التدّفئة لا تـّعمل و الشبكـّة كذّلك أيضـّا ، لذّا هلّ يمكنكّ مناداة سيد بول لكّي يّصلحها ؟
قطّبت سيدة فرانسيس ثمّ أومـأت بالنفيّ و هي تقـّول بلهجة جمعّ فيها كلّ الأسى و الشـّفقة ، كّيف لا و
الموضوع يّخص جـّارها الوسيمّّ ؟
ـ للأسف زوجي ليّس هنا و أنـّا ذاهبة إلى إجتمـّاع سيدّات الحيّ الآن كمـّا أن إصـّلاح التدفئة يستغـّرق
أيـّاما خصوصـّا لأن الأنابيبّ قديمة
طـأطأ رأسه بخذّلان فتحّسرت فرانسيسّ ثمّ أمسكّت مفتاح شّقتها و قدّمت إليهّ لتضع بين يديه البـّاردتين
و اللّتين تكادّ أن تتجمدّا ، قـّالت بابتسامة
ـ إبقى في شقتّي ريثّما يقومّ بول بإصلاحّ التدفئة ،
أبتسم ويليـام ، ابتسامته الجذابة المشهورة بين النـّساء و التيّ أطاحّت بالعدّيد ثمّ عـّانقها بـّخفة و هو
يّشكرها صـّادقّا بينمّا خّجلت سيدة فرانّسيس و ضّربته بحّقيبتها طّالبة منه الابتعـّاد ضـّاحكة
فدّخل إلى الشـّقة و جّلس على الأريكة ثمّ لفّ نفسه بذّلك الغطـّاء الموجودّ هناك ، من الجميل ان يمتلكّ
الإنسان جيران يـّراعونه و يسعون لراحتّه ، فجـأة أعطّـته سيدة فرانسيس كوبّ من القهوة الساخنة و
قاّلت مبتسمة
ـ ستـساعدّ على إعادة توازنّ حرارتكّ و إنّ لم تتحسن اتصل بي أو بماري فبالرغم من إنها بلهاء لكنها
ممرضة جيدة ،
ـ حسنا سيدة فرانسيس إنني ممتنّ لكّ و لا أريدّ أن أتعبك أكثر من هذا
ـ عـزيزي أنتّ بمثابة ابن لّي لذا لا تقل مثل هذه الامور مرة أخرى و الا سـأغّضب
ابتسم ويليام و لم يقّل شيئـا فـّربتت فرانسيس على شعره الأشّقر المتموجّ و رحـّلت مسرعة إلى
الاجتمـّاع ، بينمـّا استلقى ويليام و هو يضّع يده على عينيه بكل تعب مفـكّرا فـّيما حـدّث سّابقا زيـّارة
إليـزابيثّ تـّقلقه و ثـّورانّ فـلورا أيضّا فـّتنهـدّ بـّأسى ، لمـّا هو محـّاط بـّنسـّاء مخيفـّات مّثلهن ؟ يجـّب
عليه التـّصرف فـّورا قـّبل أنّ تتـطورّ الأمـّور إلى مـّا لايحمـدّ عـّقباه

/

فيّ تلك الطـّريق الطـّويلة التـّي عـّبرتهـّا بـّاحثة ، لمّ تـّكن تعلّم أنهـّا و خّلال تـّلك الفـّترة التـّي أمضتهـّا
مـّلبية طّلب والدّها بجّلب روبرتّ له ، لمّ تكّن تـّعلم أنّ مـا أحتاجه فعـّلا هو وجودّ ابنتيه بجـّانبه يّخففان
منّ ثقـّل المـّوت ، و من هـجّرانّ روحـّه
لجسدّه مـدّ يدّه إلى هـّاتفه محـّاولا الوصوّل إلى رقّم احدّيهما ، لكّن كّيف ؟ كيـّف و هـّاتين العينينّ قدّ
غشاهماّ الـظّلامّ و هـّاتين الشّفتينّ اللتـّان اعتـاّدتا على تلفتّ بوبرّ من الشتـّائمّ طـّوال الـّوقت همـّا الآنّ
تنـّاجّيان للفّظّ كلمة واحدّة فـقطّ ، واحدة فقطّ لا غـّير هـذّا الجـسدّ الذّي كـّان معه طوال رحّلته بّهذه الدّنيـّا
هوّ الآن على وشكّ تـّركه ، فصـعدّ إلى السـّريرّ بصـّعوبة و قدّ أهلكته المقـّاومة لا فـّائدة الآن ـ لا فـّائدة
فـّلا مجـّال للـهرب منّ المـّوت .
ابتسـمّ بـألمّ موجـّع ، ثـمّ و تـّدريجّيا تـّوقف عنّ المقـّاومة و تـّوقف عن انتـظاّر فّسكّنت أصـّابعه بالقـّرب
من قـّلبه و تسّربت البـرودّة إلى عـٍّروقه فانكسر ذّلك الأمل الذّي حـّمله للحظة مـّوته فيّ أنّ تّفهمه ابنتيه
، تتفهـّما سّبب قـّسوته و جفـّاءه بدّون أن يّضطر للكـّلام
ـ تلكّ اللحـظة لمّ تـأتي أبدّا

آنتهـى ـ حـّروف منّ نـدمّ ـ حـّروف لمّ تـّقّل أبـداّ

sira sira likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-07-13, 09:18 AM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


شـآبتر الثّالث عشّر

هـّجران الـروح لمـّولاها

كـّان يومّا ممطـّرا من أيـّام أكـّتوبر الجميـّلة ، فزّينت الأرّصفة بحّبات من ثـّلج نقـّية ببيـّاضهـّا و بجـّانبهّ ورّيقات ذّبلتّ لتنمـّوا
بمكـّانهـّا ورودّ أجمـّل و أشدّ عبقا ،تّقفّ فـّلور الابنة الكبـّرى أمـّام منـّزل السيدّ رويّ و تـّرن الجـّرس منذّ ثـّواني قّليلة حتى
تفتحه كلير غلوري التي ما إن رأتّ فلور أمامهّا حتى كّشرت بّغضّب و كـّادت أن تـّغلق البـّاب لولاّ يدّ الأخيرة التي منعتهـّا ،
قـّالت بلهجة محذرة و بـّاردة
ـ هلّ عمي روي موجود ؟
قطّبت كلير و رفّضت أن تخبرها بـأي شيء ، فقدّم سيدّ روي من الخّلف لينظر ناحية فلور باستغراب ؟
ألّيس جوناثان الآن يّرفضّ أنّ يكلمه ؟ مـّا سبب وجودّ ابنته هنا إذّن ؟ و لمّ تطّل فلور من تساؤلاته بلّ قـّالت بتهذيب
ـ عمي روي لقدّ أرسّل والدّي فيّ طّلبكّ لرؤيته وجها لوجهّ،
ـ مـاذا ؟ إذّن لمـّا لم يّرسل بذّلك عـبّر الهـّاتف ؟
ـ لا أعلمّ لمـّا لا تـسـأله بنفسكّ حين تّصل ؟
فكـّر معـّمقا فيّ السبّب الذّي قدّ يجـّعل السيدّ جوناثان يتـّحدث معه مـجددا ؟ فـّجون ذوّ كبـّرياء عـّالي و إنّ أراد سوف
يّرمي بّصداقتهم المتينـّة أدّراج الـّرياحّ من أجلّ كـّرامته و لنّ يكون السببّ جيـدّا لكنهّ دّخل لكيّ يـّحضّر أشيـّاءه وسطّ نـظرّات كلير
المعـتّرضة ، قـّالت بـحدة تـّكلم فّيها فـّلور اللامبّالية
ـ لمـاذاّ لا تتـّركوننّا و شـأننـّا ؟ أنتـمّ كّكلابّ بالـّرغم منّ أنّ أصّحابها يّطردونها إلا أنها تـّعود بذلّ لتـّلعب بأذّيالهم من
حـّولهم
رفـّعت فلورا نـظرّها إلى كلير ببّرود و قدّ بدا أنها تـّمسك أعّصابها كيّ لا تتـّهور لكنّ فيّ النهاية لم تسّتطعّ أن تـّبقى محافظة على
هدوءها لتمدّ يدّها ناحية رّقبة كلير و تـّدفعها إلى الجـدّار الذّي خلّفها بكل قـّوة ، اقتربت منها بغضبّ و النيّران مسـّعرة تـّجول بـّكل
قّطرة في دمّها لتـّتحدثّ بنبرة مخيّفة
ـ جرّبيّ أن تـّقولي هـذاّ مجدداّ لأريكّ ما الذي يّمكن للكـّلاب أن تـّفعل إنّ أرادت أن تـّنقلب على أّصحابها
ثمّ دّفعتها لتـّسقطّ أرضّا بإحتـّقار و كره حيّن أتى العـمّ روي مسّرعا و لمّ يلحـظ تـّلك المعـّركة التي حـدّثت تـّوا منّ أفكـّاره العـّميقة
اتجـّاه صـّديقه ، تـّبعته فـّلور ببـّرود و هي تـّرمق كليرّ بّسخرية شديدّة ، كـأنهّا تـّقول أينّ قّوتك التيكنتّ تتّسلحين بها ؟

/


قـّصر آل لبيّر ، الذّي شيدّه الـزمن جمـّالا تلفه الورودّ من جميـّع الأنحـّاء و تعـّلوه أشجـّار ذّات نسيّم عليـلّ ، فّي أحدّى غـّرفه الكثيـّرة بالطـّابع الثـّانيّ
، كـّانت ذّات ديكور يـّختلف عن القّصًر اختلافـّا تامـّا و جـّو ، فالرياح عاتية تهب مزمجرة فتلطم نوافذّها فـّاتحة إياها و أبوابهـّا مغلقة إيـاها مصـّدرة
صوتاً مخفياً ترتعد له الفرائص ، بدء المطر ينهمر بغزارة ؛ و الأنواء تنطّفئ و تعـّود للانـّارة كمـّا لو كـأنها لـّعبة الغمضة ، برد قارص يزلزل الإقدام
ذّلك الـّجناحّ ذو الجـدّران الـسّوداء الـداّكنة و الفـّارغ الموحّش ، ذات السقف الخشبي الرائع والمرسوم باليد والذي يعطي بعدا أعمق ورقي محددا مقياس
هذه الغرفة وكذلك إحتوائها أنتيكات فرنسية وقطع أثاث مطبوعة بنقوش حيوانية و سـّرير واسـّع صّنع بواسطة خشب الماهوغني يشد الانتباه ،
السجاد التابستري جميـّل ينمي عن ذّوق رفيـّع ، مستلقـّيا على الـسّرير و فيّ حـّضنه حـّاسوبه المحـّمول بينمـّا يده التيّ زّينها بّساعة كبيـّرة من
المـّاركة المشهورة رولكّس تخـطّوا على لوحة التـّحكم بـّكل سهولة ، قطّب ثمّ تنهدّ و هو يـّفركّ رقّبته من التعبّ ، فجـأةّ فتحّ بابّ الجنـّاح
ليدّخل جـدّه فقـال نايت ببرود
ـ ما الأمر ؟
تقدّم الجدّ بيتر منه ثمّ جلّس على الـّسريرّ بجـّانب نايتّ اللامـّبالي و قال مباشرة محدُّثـا إيـاهّ و نبرة الصـّرامة تعـّلو كلاماته
ـ ماهي خـطّتكّ هذه المرة نـاّيت ؟ ما الذّي تريدّه بحق السماء ؟
احتدّت نـظراتهّ الموجهة نحو جدهّ بشـكّل مخيّف و ارتفـّع حـّاجباه دّلالة على النكـّران بينمـّا تـّقوسّت شفتيه بـّعبوس ، ليكمل بيتر حديثه
ـ أريدّ أن أعلمّ ما إنّ كنت استعملت تلك الفتاة كتمويه لكّي لا تـّلبي لي طّلبي ؟
تنهدّ نايت بغّيض عندّما علمّ الموضوعّ و أكمـّل الكـّتابة مجيـّبا جده
ـ و لماذا انت حانّق هكذا ؟ ألست أنت من تـريدّ زواجي بـأي طّريقة كـّانت ؟ لقدّ أخبرتني و بّكل وضوحّ سـّابقـّا و أنا أقّتبس منكّ
' أريدّ منكّ أن تتـّزوجّ مهما كـاّنت الفتاة أريدّك أن تـّعيشّ حيـّاتكّ '
هـزّ الجدّ بيتر رأسه بـّعدم رضي ثمّ أشـار على نايتّ بحنقّ و هو يقـّول يـائسـا
ـ لكن لا أراكّ متغـّيرا، عندما أردّت منك الـزواجّ ذّلك بـّقصدّ أن تتـغير و تصبّح إنسـّانا أن تشـّعر أكّثر و تحّب و تـّثق بالنـّاس
لا أن تبقى منغـّلقا على نفسكّ
لمّ يتحدّث نايتّ فـرمقه جده بـّاستنكـّار ثمّ وضـّع يدّه على كتفه و قـّال بتسـاؤل
ـ الا تـّحبهـا ؟ مـاري ؟
ابتسمّ بسخرية شديدّة ، يحّبها ؟ فتاة مثـّلها ؟ بلهـّاء و غـّبية ؟ حمقـاء لدّرجة الجـّنون ؟ تّصّف نفسها بالمتـّرصدة
و تعيشّ في عـّالم الأحلام ؟ تـّبحث عن فـّارسّ أحلامهـّا و تـّغّضب عندّ تـّقبيلها ؟ أي إمرأة هذه ؟ أجـّابه
ـ أجـّل ، أنـّا غـّارقّ فيّ حبّها تمـّاما و أريدّ الـزواجّ منهـّا
ـ أنـّا أنتـظّر إذّن ، و متى قدّ حددّت موعدّ الزفـّاف إذن ؟
ـ قـّريبـّا جداّ ، أقّرب مما تتصـّوره
صمتّ الجـدّ على مضضّ ، لا يـدّري لما لكـّن دائمـّا إذا كان موضوع الحـديّث نايتّ فإنهّ يّحّاول فّهم المـّعنى خلف كل كلمة يّتفوه بها
إلا أنّ محاولاته دائما ما تبوء بالفّشل بينما قـّال نايت ببّرود غير مهتم لشّرود بيتر
ـ لديّ رحـّلة عـملّ بـعدّ سـّاعة لذا أستـأذنكّ
وقف الجدّ بهدوء و خـّرج ، لقدّ طرده بـّطريقة مبّاشرة متى .. متى سيذوب هذا الجليدّ ؟ هز رأسه بـّأسى و هو
يهمس لنفسه
ـ أخـّاف أن يستمر للأبدّ

/

ظـّهرّت الشمـّس من خـّلف تـّلك الغـّيومّ ببطـّء كـأنهـّا خجّلة من تـأخّرهـّا و غيـّابهـّا الطـّويل فرّفعـّت هـّاتفهـّا و التقطت صـّورة
لهـذّا اليـّوم الغـّير عـّادي ثمّ نـظّرت إليهـّا ،وضـّعت يدّها على قـّلبهـّا الذّي يستمـّر بالخفقـّان ، متـألمّـّا و متـّنبـئـّا بمصيـّبة قـّادمة ،
فقـّادّهـّا قـّلبهـّا إلى حّيثمـّا يـّريدّ ، أو إلى أينمـّا هي تـّريدّ لكّن عقـّلهـّا يـأبى تـّركهـّا و كبـّريـّائهـّا المـّجروحّ يـّرفضّ إفـّلاتهـّا ،
قدّميها تسيران بخطى مضطربة و لا تّعلم لمـّا ، يدّيها ترتجّفان بشدّة غّير قادّرة على إمساكّ قلم و لا تّعلم لمـّا ، قّلبها يّنبض بّسرعة
كـأنهّ شهدّ الموتّ بينّ هاتينّ العينينّ و لا تّعلم لما فّوسط تّلك الضّجة فيّ هـذا الدّرس الذي تّعتمد عليه معظم علاماتها قدّ وقفتّ بإضّطراب
لا تدّرك ما الذي يجّب عليها فّعله ، أنفاسها تخنقهاّ و أفكاّرها ترعبها حينّ تقدمتّ منها كليّر مكتفة ذراعيها و ملامحهاّ يغزوها الاحتقار متـذّكرة
ما الذي فّعلته أختها فلور صّباحا بهاّ لتّقول بـسخريةّ و حقدّ
ـ ألمّ تسمـعّي الأخبار مـّاري ؟
رمقتها ماري باستنكار و رفّضت التحدث معها بـعدّ آخر موقفّ لها معهاّ لكنّ كليرّ آبت إلا الانتقام عندما لمحتّ ماري تخـّرج كتّابها لكيّ
تذاكر لهذا الامتحان المهمّ و قدّ خطـّرت فيّ بآلها فـكرّة قدّ تكونّ كذبة تفوهت بهاّ لحظة غّضب لكنهاّ حقيقّة،
ـ أنتّ تجلّسين هناّ لا مبّالية بينماّ والدّيك يّرافقّ الموتّ ،
تّوقفت ماري عن المـذاّكرة و قدّ شحبّ وجههاّ بشدّة ، كيّف لا و الموضوعّ يخصّ والدّها فـّعادتّ تّقف و هي الآن تّعلم
ما سّبب إضـّطرابّها و قـّالت بتوتر
ـ مـّا الذّي تـّقولينه أنت الآن ؟ والديّ ما بـه ؟
ابتسمتّ كلير بّخفوت و هي تتـذّكر مجيء فلور و طلّب سيدّ جوناثان لرؤية والدها ثمّ رفّعت كّتفيها بلا مبّالاة
ـ لقدّ آتت آختك و آخبرتنا أنه يّحتضر
نـظرّت إليها غّير مصدّقة فكّيف لوالدهاّ رجلّ القاسيّ أن يّصبح مّريضا بينّ ليلة و ضحـّاها ؟ لكنهاّ قدّ قالتّ أنه يحتـّضر ؟
ماذا إذاّ كـّانت صّادقة ؟ لكنّ الامتحـّان يترتبّ عليهّ نصّف عـّلامة هـذا الفّصل لا تّستطيّع المغـّادرة و من جـّهة آخرى ماذا
إذا كان حـّقا يّحتضر ؟ قد لا يتسنى لها رؤيته مجددا ؟
-

وضـّعت يدّها على قـّلبهـّا الذّي يستمـّر بالخفقـّان ، متـألمّـّا و متـّنبـئـّا بمصيـّبة قـّادمة ، فقـّادّهـّا قـّلبهـّا إلى حّيثمـّا يـّريدّ ،
أو إلى أينمـّا هي تـّريدّ لكّن عقـّلهـّا يـأبى تـّركهـّا و كبـّريـّائهـّا المـّجروحّ يـّرفضّ إفـّلاتهـّا ، فـو بغضون سـّاعة من الركض لمّ تـّدركـّها
، وجـدّت نفسهـّا تـّقف أمـّام ذلّك المنـّزل الذّي وعـّدت بـّعدم المجيء إليه ثـّانية ، تـّرددّت كثيـّرا قـّبل أن تـّقبل على تـّقدم خـطّوة واحدة
للأمـّام لولا سـّماعهـّا فجـأة لصّراخّ أختهـّا المتـألمّ لحدّ الوجـّع ، و بالـّرغم من سـّماعهـّا لصوتّ بـكـّاء فـّلور المـّرير و العـّالي إلاّ
أنّ قدّميهـّا لا زاّلتـّا تـّرفضـّان الدّخول ،هـذّا غـّريبّ فـّعلا ، فهبّت نسـّمة ريـّاحّ من خـّلفهـّا كـأنهـّا تحّثهـّا على الاستمـّرار لتعقدّ العـّزم
و شدّت بّقبضتها على فستـّانهـّا المتـّراقًّص مـّع نغمّات الّرياح لتخطوا خـطّوة فخطّوتين فـّثلاثّ لتجدّ نفسهـّا تفتحّ بــّاب منـّزلهـّا قدّيمـّا
مـدتّ يدّها المـّرتجّفة بّترددّ لكنهاّ أنـزلتها سّريعـّا مديّرة رأسها ، لا تّستطيّع سوف يّرفضونها مجـدداّ هي لن تـّقدر على تحملّ رّفض
الكّل لها حينّ انتقل إلى مسامعها صّوت صّرخة فلور المستغـّيثة و المتـّوجعة فـفتحتّ عينيها على وسعهماّ قّلقا و دفّعت كبرياءها جـّانبا ،
ذلك الكبّرياء الذّي لا طالّما حـذّرها نايت من رميه و الذيّ لطالما أنبهاّ لأجلّه قدّ رمته
فصـّعدت الـّسلم ركضـّا إلى حيّث استغاّثة أختها المـّتألمة، إلىّ حيثّ يـأمرهاّ قّلبها بالذّهاب ، إلى حيّث نـّادتها روحّ والدّها المـوجوعّة نـّظرت
من خـّلال عينيهـّا البنيتينّ الواسـّعتين إلى جّسم فـّلور المـّرتمي على جّثة والدّها و التّي تهـّزه باستمرار رافـّضة تـّركه بالـّرغم من محـّاولة
روي المستميتة لدّفعهـّا جـّانبـّا ،تقدّمت بـهدّوء إلى دّاخلّ غـّرفة والدّها ، التّي لمّ تدّخلهـّا منذّ سنينّ ، و كمّ انتابتها من مشـّاعـّر حّينهـّا
، مشـّاعرّ نسّتهـّا .. الدّفء ، الحـّنينّ ، الأبوّة ، العـّائلة
وقّفت أمـّام جسـدّ والدّها الممـّدد بـّلا حـّراكّ و شّفتيه قدّ انقّلبتا للـونّ الأّزرقّ ، ثمّ وضـّعت يدّها على كّتف السيدّ روي و قـّالت بـّعدم استدّراك
ـ ما الذّي يحدّث ؟
و بينّ سـّؤالهـّا البريء و الجـّانبي تسمـّع صـّوت فـّلور المبـّحوحّ الحـّزينّ و هي لا تـّزال تهـّز ذّراع والدّها بقـّوة واهية
ـ لقدّ أحضـّرت عمي روّي ، أرجوكّ أفق ، أبّي أعدّك أننّي لنّ أضـّع كـّوب القـّهوة على الطـّاولة و هو سـّاخن ، أعدّك أننيّ
سـّوف أتوقفّ عن إعـّادة كّلامكّ بسـّخرية من خـّلفكّ و أعدّك أنني سـأعيدّ مـّاري إلى المنـّزل و أعدّك أنني سـأبقى بجـّانبكّ
و لن أترككّ أبدّا ، لذّا فقطّ افتحّ عينيكّ هـّاتين من أجـّلي ، أرجوكّ لا تـّرحـّل
سـقطّت مـّاري على ركّبتيها و قدّ خّذلتها قدّميها بّذهول و صـدّمة قدّ ألجـّمت لّسانها ، ما الذيّ تقصدّه
فلور بّلا تّرحل ؟ أفعلا هو قّد ذهب ؟ لكنّ إلى أينّ ؟ ما الذّي تتفوه أختهاّ من تّفاهة ؟ إنهّ هنا أمامهمّا
فّلما تّصرخ هـكذاّ كما لو كـأنّ الحّياة قدّ انتهت ؟ بينماّ احتّضنها عمّ روي بّخفة و هو يّهمس بّنبرة خاّفتة
ـ لقدّ تّوفي
الذّهول قدّ سـّيطـّر على ذّهنهـّا ، فّي هذه اللحـّظة بالذّات أدركـّت أنّهـّا فقدّت فـّردّا أخـّر من عـّائلتهـّا دون أنّ يتسنى لهـّا وداعه
، دّون أن يتسنى لهـّا طّلب الغـّفران منه ، دّون أن يتسنى لهـاّ أنّ تـّشرحّ لهّ ، لقدّ تـّوفيّ هكـذّا ببسـّاطة ،
، لقدّ فقدّت فردّا من عـّائلتهـّا ، أمسكـّت بيدّيه و قـّبلتهـّا كـّانت تعّلم لوّ قدّمت مـّرارا لطّلب الغّفران لماّ
استطّاع رفّضها و لنّ يخّيب ظّنها بّه لكن لمّ تكنّ لدّيها تلكّ الشجـّاعة و هو يـّعلم ، إنهاّ لم تستطـّع أن
تواجّهه فـّلما رحّل هـكذا دونّ أن يّدّعها تجّلس في حّضنه و لو لمـّرة واحدّة ؟ أنّ تنـادّيه بـأبيّ و هو
يبتسمّ بكلّ لطّف ، أهـذّه أمنيّة كبّيرة ؟ أهيّ مستحيّلة ؟ أن تكونّ وسطّ عـّائلتها و أن تبتسمّ بكل سـّعادة أهي مستحـّيلة فّعلا ؟
حـّاولت فـّلور إسناده على الوسـّادة التّي خّلفه كيّ توقظه فتـّقدمّ عمّ رويّ و صـّفعهـّا بـأقصى قـّوة
يمتـّلكهـّا ، فنـّظرت إليهّ فـّلور لّوهلة بسيـّطة من الـّزمنّ ثمّ عـّادت تنـّظر إلى جسّدّ والدّها الممـدّد بـّلا
حـّركة ثمّ إلى أختهـّا التيّ قـّادها القدّر
مسحـّت دّموعهـّا بهـدّوء ظـّاهري و تمّتمّت بـّكلمات شـّكر بسيطّة لعمهـّا تـّشكـّره لإيقـّاظها من
غـّفوتهـّا ، أو منّ جـّنون الذّي أصـّابهـّا ، بـّعدهـّا تـّقدمـّت إلى أختهـّا الـّصغرى مـّاري و وضـّعت يدّيها
على كّتفيهـّا
إلتفتت إليهـّا مـّاري المـّنصدمةّ و بعينيها الكثير من التساؤلات ، لتجّتنب النـّظر إليهـّا فليسّ كمـّا لو أنها
تمتلكّ الإجـّابات بنفّسها ، فـّلم تستـطّع مـّاري التـّفوه بشيء ، كمـّا لو كـأن الدّموع قدّ جفـّت و قّلبها
قدّ تّوقف عن العـّمل ، كمـّا لو كـأن الكّلمات تلاّشت و العبّارات إختفت
إنهّ والدها من تـّوفى الآن ـ و هيّ لا تـزاّل على خّصام مّعه، هلّ من شيء يّستحّق الثـّراء أكّثر من هذا ؟ كيـّف لها ان
تـّطلب منه السمـّاح الآن ؟ إنهـّا النهـّاية
بعـدّ مرور يـّوم واحـدّ ،
تـّكلفّ العـمّ روي بكـّل شيء يخّص صدّيقه الوحيدّ و العـّزيز ، منّ جـّنازتهّ البسيطـّة المقّتصرة على أفردّ
العـّائلة فقطّ المكـّونة من ابنتيهّ و زوجـّته السـّابقة سيـّليـّا التّي و بعدّ اختفـّاء دّام أعوّاما عـّادت لظّهر
فّي فترة الظهيرة
مـّرتدّية فستـّانا أسودّ طويّل و قفـّازينّ مع قّبعة بنفسّ اللونّ أيضـّا ، تـّقف على مبعدة من الحضـّور و
مكـّتفية فقطّ بإلقـاء نظرة أخيـّرة على زوجها السـّابق من بـّعيد .
لمّ تحتمّل ماّري منـّظر والدّها و التـّراب يـّرمى عليهّ ، التـّراب الذّي خّلق منه هاهو الآن يـّعاد إلى أصـّله
فأغلقت عينيهـّا بشدّة
أمـّا فـّلور ، كـّانت تّقف على مقـّربة من والدّها تّرفع ذّلك التـّراب و تـّرميه عليهّ بدّون أّن يـّرف لهـّا جّفن
، أجـّل قـّلبهـّا لا يحتـّمل فقدّان فردّ أخر من عـّائلة روبرتّ ، أجّل قّلبها لم يعدّ يتحمل كل هذا البعدّ و
هذه اللعنة التي قيدّتهم فلم يصّبح شخص الا و اسم عائلته روبرت يبتعد أقصى مسافة عن إخوته آو
والديه ،
جـّلست مـّاري على الأرّض بـعدّ انتهاء كل لمـّراسمّ و مغـّادرة الجميـّع لتـجّلس فـلور بجـّانبها و هي
تحمـّل ذّلك الدّفتر الأخضّر الصـّغير بينّ يدّيهـّا ، وسطّ هذا الهـدّوء الذّي عـّم المقـّبرة تحدّثت ماري بنبـّرة
لطّيفة محـّاولة تـّخفيف عن أختهـّا التي أخذت كل شيء على عاتقها
ـ مضّى وقت طّويل منـذّ أنّ جلّسنا إلى جـّانب بّعضنا هـكذّا، لقدّ اشتـّقت إلى تـّلك الأيّام
أومـأت فلور بـّهدوء و التفتّ ماري ناحية أختها بّشرود، لمّ تطّلب منه أن يّسامحها بـّعد و هو لا يـّزال
غـّاضباّ منها ، ابتسمت و أشـّارت على الدّفتر لتقـّول بنـّبرة مبحـّوحة حزينة
ـ أتـّعلمين ما هــذّا يـا ماري ؟
أومـأت ماّري بالنفّي مسّتغربة فـأكملّت فـّلور كـّلامهـّا ،
ـ إنهّ سببّ الذّي دّفعــّني للابتعـّاد عنكّ ،
رمّشت مـّاري بّعينيهـّا البنّيتينّ اللتـّان و على وّسعهـّمـّا أّصبحتـّا غـّير قـّادرتين على الانفتـّاح ، ثمّ مـدّت
أصـّابعهـّا الطـّويلة و أمسكـت بذّلك الدّفتر الأخـّضر ، الّسبب الذّي دّفع فـّلور بـّعيدا عنهـّا ثمّ فتحتهّ ،
الـّصفحة الأولى كـتب عـّليه بخطّ واضحّ دّفتر الدّيون ، قـّالت بتسـاؤل
ـ الدّيون ؟ أهـذّا الدّفتر يخّص والدّنـّا ؟
أومـأتّ فـّلور بالإيجاب ثمّ قـّلبت الصفحـّة الأخـّرى ، لمّ يكنّ دّفترا لدّيونّ بـّل دّفتـّرا كـّتب فيهّ جميـّع
مـّشـّاعره و رحـّلاتهّ ، جميـّع مـّا لمّ يستـطّع التـّفوه به يـّومـّا ، مـّا لم يسمحّ له كبـّريـّاءه بقـّوله ، نـّظرت
إلى اسمهـّا المّزينّ على اليسـّار
ـ عندّما أتتّ تلكّ الطـّفلة الصّغيرة إلى منـّزليّ ، كمّ شـّعرت بالفـّرحة العـاّرمة لـرؤيتهـّا فقطّ ، كّنت أريدّ
منهـّا العـّودة و أريدّ منهـّا أن تـطّلب منيّ الـعودة لكّن يـّا بؤس سـّعادّتي عندّما أخّبرتي أنهـّا أتتّ لأخذّ
فـّلذة كبّدي الأخرى منّي ،
أنـّا أريدّ مسـاّمحتهـّا ، و أربت على رأسهـّا لأخبّرها أنّها لمّ تـخطـأ أبدّا و مـّا حدّث في المـّاضي كـّان
مـّجردّ غـّفوة لكّن لا أستطيـّع بالـّرغم من أن هـذّا القّلب سـّامحها لكّن الكلمـّات تـأبى بالخـروج
مـّررت عدّة صّفحـّات و دّموعهـّا قدّ بدأت في التجـّمع ، أمـّا فـّلور فـّتنهدّت بـأسى و أخذّت الدّفتر عنهـّا
لتكمـّل بّصوت عـّاليّ ،
ـ اليـّوم لكّن يـّكون اليـّوم الذّي سـأرحـّل فيهّ بّل إنهـّا بدّاية لنهـّايتي، تـّلك النهـّاية التّي كّنت فّي
انتظارها لتـأتي و توقّظني من سّباتي العمّيق و هـجّرانيّ لكّن و عنـدّما أتتّ وجدّت نفّسي أنهّ ما كـّان
أبدّا يجّب علي انتظارها،
تلكّ اللحـّظة التيّ توقظني من طّغيانّي و الحقدّ الذّي طغّى على قّلبي مـّا كان يجّب عليّ انتظارها ،
بّل السـّعي خّلفهّا و المحـّاولة جـّاهدا أيضـّا
فالآنّ و بعدّ أن أدّركني المـّرضّ فـأصبحّت أصـّابعي هـذّه التّي تطـّاولت على الكـّثير من النـّاس عـّاجزة
عنّ كـّتابة كّلمة فـّما بّالكنّ بجّملة ؟ أو رسـّالة ؟
وأنـّا الآنّ أريدّ أنّ أعتـذّر إلى كّل مـّن أخطـأت فّي حقّه يـّوما مـّا و بالأخصّ إلى ابنتـّاي ، أكثّر من أوجّعتهمّ و ألمتهّم ،
إلـّى فـّلور ، تلكّ الطّفلة الصـغّيرة التيّ لطـّالمـّا حمتنيّ و بالـّرغم من أننّي كنت طّاغيّا و لا أنفكّ شتمها
أو ضّربهـاّ في بعضّ الأحيـّان إلا أنهـّا كـّانت تـّنظر إلّي بّشفقة و رحمـّة ، و بالـّرغم من أننيّ حـّاولت
كثيـّرا إبعـّادهـّا لكّنها كـالغـّراّء ، غـّراء جميـّل
أعـّلم أنكّ يـّا فـّلور ، مستـاءة من أمكّ لأنهـّا تـّركتنيّ و أعّلم أنكّ حـّزينة لأننّي ظّلمت مـّاري بّشتى
الطـّرق و أعـّلم أنكّ تـفهمينّ جيدّا لمـاذّا فـّعلت كل هـذّا ، أنـّا أسّف فـّعلا ، فقدّ حـّاولت تـّزويجكّ من
آرثّر باعتقادي أنه الرجّل الصـّالح الذّي سيحميكّ منيّ و من الجميـّع لكننّي كنتّ مخطأ
أنـا أسفّ
إلى مـّاري ، ابنتي الثـاّنية .. أنـّا أعلمّ أن لا ذّنب لكّ فيمـّا حدّث بالمـّاضي و أنـّا أعلمّ أنكّ ما كـّنت

تدّركين مـّا تفعلينهّ لأنكّ صـّغيرة ، و أنـّا أسّف أيضـّا لأننيّ طردّتك من المنـّزل الذّي لمّ تعّرفي بهّ حبـّا و
لا دفء ، أنـّا أحبكّ يـا طـّفلتي الصـّغيرة ، أحبكّ جدّا لدّرجة جّعلتني أبعدّك عنّي كّيّ لا أؤلمك أكثر
أمـّا عن قّصة الـ 500 مليـّون تـّلك فـّلا وجودّ لهـّا بـّل هيّ مجرّد كذّبة منيّ كيّ ترضى فـّلور بالـزواجّ من
آرثّر و كّلانـّا أنا و سيدّ جورجّ غلوري نعّلم بهـذّا ، لذّا لنّ تـضطّرا لأنّ تّقلقّا بشـأن الدّّيون من الآن فّصـاعدّا ،
لقدّ اخترعت قّصة الـ 500 مليـّون دّولار لأننيّ رأيت فّي آرثر الـّرجل المنـّاسب الذّي سّوف يـّنقذّكنّ و
سـّوف يّقف بجـّانب فـّلورا ،
أنـّا أسّف لذّا مـّاري ، أعّلم أنّه لّيس لدّي الحّق فّي طّلب أيّ شيء منـكّ ، لكـّن أرجوكّ أعدّلي عن
هـذّا الـزواجّ و أتـركّي رجّل أل لبير و شـأنهّ ، أعّلم أنه هو الذّي دّفع المـّال و أعّلم أن مـّا تكّنينه لهّ ليّس
حبّـا ، لذّا أرجـّوكّ عّيشي حّياتكّ و لاّ تـّقبلّي بـأنّ تـكونّ خـادّمة
أنـاّ أسّف يـا ابنتـّاي فـّكل مـّا قّـاسيتنهّ كـّان بّسبب رجـّل أحبّ امرأة ،
رجـّل أحبّ امرأة و امرأة أحبتّ ذّلك الرجّل بـالرّغم من عـّيوبه ، لكّن بخيّانتنـّا لمّ نتعـّادل
ذّلك الرجّل كـّان والدّكم و تلكّ المرأة هيّ أمكمّ سيليّا ،فلمّ أعلّم قيمتهّا إلا بـعدّ رحّيلهـّا و بعدّ رحّيلهـّا تـّركتني
محّطّما مشتتـّا ، لمّ أدّرك معنى أنّ تفقدّ شخصّا يحّبك من أعمـّاقه قّلبه و يهتمّ بكّ قّبل الاهتمام بنفّسه ، لذّلك لا
تـّلوموهـّا على ماّ فعلت ، لقدّ كانت مجّروحة من رفّضي لحّبها بعدّ كل تلكّ السنينّ
أنـّا أسفّ لأنكنّ لم تّختبرنّ شعـّور العـّائلة
أنـا أسفّ لأننيّ لم أكّن لكّن أبـّا تستنـدّن عليهّ ، و أنـّا أسفّ لأننيّ أقول هـذّا الكـّلام بـّعد فوات الأوان
و أنـّا أسـّف على كلّ شيء
شـّعرت الفّتاتين بّصدمة عـّميقة من مشـّاعره ، لمّ تـكن لتـّظنا و لو لّيوم فّي حّياتهما أنّ هـذه هيّ
أحاّسيسّ والدّهما الحـّقيقية ، فـبدأّت دّموع فـّلورا بالسـّقوط و قدّ تـّهاوت جـدّران قّوتها من حـّولها فـّلم
تـّجدّ أي منجى سّوى حـضن أختهـّا الّصغرى لّيلمها بّكل حـّنان ، كلّتاهما قدّ عـّانتّا و قدّ حـّان وقـّت
وضـّع النقـاطّ على الـحرّوف لقدّ حان وقـّت لمّ شّمل عـّائلة آل لبيّر من جـديدّ بـّعد فـرّاق دامّ سنينـّا ،
بينمـّا وضـّع مـّاري يدّيها حول ظّهر فـّلور تّطـّب عليها بكّل خّفة عنـدّما هـمسّت بّصوت خـّافتّ و بـّعيدّ
ـ لكّن فـّلور لما قدّ يكتّب كلمـّات مثّل هذّه ؟ كـأنه كّان يـّعلم بـأن أجّله قدّ اقترب
تـّوقفت فـّلور عن النـّحيب كمـّا لو كـانّ كلمـّات ماريّ الـّهامسةّ قدّ أيقظتها من نـّوبة انهيارها الـوشيكة
فاعتدلت في جّلستها و رفعتّ يديها عاليا إلى السمـاء لتقول بنبرة لطيفة و رقيقة
ـ لأنه كـّان يـّعلم فّعـّلا ، والدّنا أصيبّ بسـّرطان الدّم اللوكيمـّيا منذّ ثـّلاثّ سنينّ قبّل رحّيلكّ بـّعامّ واحدّ
و أنـّا اكتّشفت ذّلك لهـذّا أردّت الـّوقوف بجـّانبه ، لأنّ والدّنا العـّنيدّ يرّفضّ تـّركنا جّانبه و لأنه والدّنا
السيدّ جونـّاثان روبـّرت فكّان عنيدّا جّدا لإخّبارنـّا ،
تلعثمت مـّاريّ في أحّرفهـّا ثمّ نـّظرت إلى قّبر والدّها ، لتقول بأسى
ـ لمـّا لم تـّخبريني بذّلك ؟
ـ لمّ أعلمّ كيّف أخّبرك ، فـأنتّ كنت مخّتفية لمدّة عامينّ و لمّ نستـطّع أن نـّعرف مكـّانكّ ثمّ أنتّ ظّهرت
فجأة في الآونة الأخيرة و لمّ أعلمّ حينهـّا كيّف قدّ انقـّل لكّ هذه الأخبـّار خصوصّا لأنّ والدّي يّرفضّ أن
نتقـابل نحن الاثنين
تنهـدّت فـّلور ثمّ مدّت يدّها ناحية مارّي ، أمسكتها الأخيرة بإحكـّام لتقّف و تـّلقي نـظرة أخيرة على
المكـّان ، ابتسمـّت بهـدوء و شدّت على يدّ فـّلور لتبتسمّ هي أيضـّا ، فقــالت ماري بّنبـّرة حـّاولت قدّر
الإمكان جعلها مرحـّة
ـ لا تـّقلق والدّي لقدّ تمّ لمّ شمـّل عـّائلة روبّـرت ، و سّّوف لنّ نفتـّرق أبدّا مهمـّا كانت الأسّباب و مهمـّا
طـّال الـزمـّان ،
صـّرخت فـّلور بّصّخب و هي تـّرفع يدّيهمـّا عـّاليـّا في السمـّاء ،
ـ إلى الأبدّ ،
كـّانت نـّظرات تلكّ المـرأة الصّهباء تـّلاحّقهمـّا باستمـّتاعّ و تـّنظر إلى حّركاتهمـّا الواهية فّي رفّع
معنوياتّ بعضهما بّعضـّا ، صّوتّهما و بـّفعل الريـّاح ينتقـّل إلى مسـّامعهـّا ليطمئنّ قـّلبها أخيـّرا على
ابنتيهـّا ،
ابتسمـّت هي أيضـّا بهدوء و أنـّزلت القـّبعة على رأسهـّا أكثّر لتـّغدوا مـّلامحها غـّير واضحة للعيـّان ثمّ
رّفـّعت مطريتها و غـّادرت المـكـّان ، لّيس للأبدّ لكنّ لأنّ يحينّ الوقت المنـّاسب للغـّفران ،

/

بـّعد مـّرور أّسبوع على وّفاة سيدّ جوناّثان روبـّرت ، كـّانت كلّير تـّجلس فّي مقـّهى عـادي تـّمسك بينّ
يدّيها كوبّ قّهوة تـّركية سـّاخنة و تتأمل المارة بمـّلل منتـظرّة وصـّول آخيها الذي أصّبح في الآونة
الأخيرة من صّعب رؤيته ، حـّين تـّقدم ذلك الشّاب ذو الـّشعر الّبني منهـّا و جلّس بـضجرّ أمامهـّا قـّائلا
ـ ما الأمرّ الطـارئ ؟
نـظرّت إليه كليّر ببـّرود ، لقدّ اتصلت به قـّائلة أنّه يوجدّ شـيء طارئ يجب عليها التحدث معه و هـاهو
الآن يـأتي لّيسـألها ما الأمرّ بـعد مرور أربعة أيامّ ؟ لقد أصبحّ آرثر فعلا مهمـّلا لكنها لم تهتم فـعلا فهذه
هي شخصيته لذلك ردتّ بابتسامة
ـ لقدّ توفي جون روبـّرت
قطبّ آرثر و نـظف أذنها كأنه لم ّيسمع الخـّبر جيـدا ثمّ رمش بـعينيه عدّة مرّات ، هل ذلك الـرجل قدّ
توفي ؟ لكن لطالما رآه بّصحة جيـدةّ ، هـز كـّتفيه بمللّ و أجّابها بـعدم اهتمام
ـ إذنّ ، أتـردين منيّ أن أعزي أبنتيه أم ماذا ؟
هـزت كلير رأسها نّفيا بـّقرف و مجـردّ كرة مصّافحة عائلة روبرت تصّيبها بالغّثيان ثمّ همـّست بـّحدة
ـ أجننت ؟ لا طـّبعا لكنّ بما أنّ ذلك الـعجوز قـدّ توفي أخيرا فـهو عقبةّ قد أزيلت من طـّريقنا و الآن نستـطيع أنّ تعذّب
ابنتيه و نقتلهما و لن يّقول أحدّ شيئا
صمتّ آرثر قليلا متـعجّبا من كـّلير بالـّرغم من أنهّ هو منّ طـّرد من المنـّزل و هوّ منّ حرمّ من النقـودّ و
جميـّع أملاكـّه إلاّ أنه لّيس غـاّضبـّا مثـّلها ، ابتسـمّ بسخـّرية حسنـّا غّضبها يّكفيّ لشخصّين أوّ أكثّر ،
قـّال ببـّرود
ـ إذّن ؟
زمـّت كليّر شّفتيها باستياء منه ثمّ وقفـّت و أنهـّت قّهوتها بّرشفة واحـدةّ لتمسكّ بـحّقيبتها و هي
تـّقول بـّغيضّ
ـ لا تـّهتمّ ، عـندماّ أجدّ خـطّة سـوفّ أعلمكّ
و سـّارت مسـّرعة ، رّفع آرثر كـّتفيه متجـّاهلا إيّاها و نـظرّاته مـّركزة على تـّلك النـّادلة الجـّميلة التّي
تصّب لهّ العـّصير



sira sira likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-07-13, 09:19 AM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


/

نـزعّ نـظاّراته بّضجر و وضـّع يديّه فيّ جيّب سـّرواله بكلّ مـّلل بينمـّا عينيه الخّضراوتين تـجّولان فيّ المـكاّن حيـنّ لمـحّ وجـودّ مـديّر أعمـّاله
يّقف على مبـعدّة منه منتـظراّ إيـّاه ، تـّقدم منه بـخـطّوات كـّسولة راسمّا على شّفتيه ابتسـاّمة مـّرحة ، رفـّع أصبعيه و ضـّرب جـّبهة مـديّره لّيقول بّمشاكسة
ـ أينّ ذهب عـّقلك ؟
نـظرّ إليهّ مدير أعمـّاله بـّعدم استيـعـّاب ، كيّف لّويليـّام أن يكونّ هـنا أمامه بـّعد أن رّفض الـظهور عّلنا ؟ احتضـّنه بـّخفة و هو يـّرد عليه بّفرح
ـ يّا رجـّل لقدّ اشتقت إليكّ كثّيرا ،
ضحـكّ ويليـام و هو يـّربت على ظـّهره ، بالـّرغم من أنهّ يكره شّركته لضغـطهمّ الدائمّ عليه لكنّه يبقى المكانّ الوحيدّ الذي يشعر بالانتـماء إليه
، نغـماتّ الموسيقى تصّدح في الأرجـّاء و رنينّ النـّاي الـّرقيق مـّع أوتـّار الغـيتار الـذّهبية كلّ شيء هنا يجـّعله يّشعر أنهّ جـزء من هـذه العـّائلة
الـكبيرة ، تـّرك المـديّر و ملامحـّه المـّرحة قدّ غـزت وجهه بكلّ عنفوان و حـّرية
ـ إذنّ ما الأمـّر الطـّارئ الذّي لا يحتـملّ التـأجيـّل و الذيّ يجـّب علي حـّضوره شّخصيـّا ؟
ارتبك المـديّر و قدّ كان ذلكّ جـّاليا عليه فالتفت إلى الخـّلف حيثّ يّقف شـّاب ذو شـّعر بنيّ مصـّفف بـّعنايةّ فـّائقة و بنيةّ قوية يحمـّل غيتارّا
كـّان يـنـظرّ إليهـماّ بـبرودّ و نوع من الـّسخرية حين أشّار له المـديّر أن يـتقدمّ فـأطـاّع طّلبه ليّقف أمامهمـّا ، قـّال المـديّر بـّتوتر
ـ ويـّليام هـذا أوسكـار ... احمّ شـّريككّ فيّ الأغنيةّ القـّادمة
رّفع ويّليام حـّاجبه باستنكار و هو ينـظرّ إلى ذلك الـّشاب المـدّعو بأوسكار فـمنّ طـّريقة ملابّسه و جـّلوسه يبـدوا كـّمغني روكّ كيّف
له أن يّنتجّ أغنية قـّادمة معه ؟ قـّال ببّرود
ـ مستـحيلّ ، أخـّبر الـرئيسّ أنني أرفّض هـذا الإدّماجّ السّخيفّ
ابتسمّ المـديّر بتوترّ و رّفع عينيه إلى الأعـّلى محـّاولا أن لا يـنـظرّ إلى ويليام مبّاشرة كيّ لا يـزيدّ توتره و ردّ عليه
ـ حسنـاّ ذلكّ مستـحّيل نوعـّا مـّا لأنّ الـرئيسّ قدّ أعلنّ شّراكتهما لّصحافة ، صـّدقني لقدّ أخبرته أنكّ تـّرفضّ فـكرة الإشتـراكّ
مع أي شخصّ لكنه كـّان غـّاضبّا قـّليلا لأنكّ لم تـّكتبّ أغنية بـّعد و لقدّ أخبرك معـّجبيك أنّ ألبومك التـّالي سيـخرج بـّعد شـهرينّ
لكنكّ أستغرقت ثّلاثة أشهر و نـحنّ لم نـرى أي تـّطور بّعد لذا كمـّا ترى
زفـّر ويّليام بـّغيضّ ، كيّف له أن يّقرر مـّصيره هـكذا دون أنّ يكون له أيّ رأي في المـّوضوعّ ؟ بينمـّا تـّقدم منه أوسكار و وضـّع غيتاره
أمامّ ويّليام ليّقول بّنصف ابتسامة
ـ لست مـّوافقا على أن أكون شـّريككّ أيّضا فـأسلوبكّ لا يـّعجبني لكن مـّا دامّ أنّ الأمرّ قد وصّل إلى الصـّحافة فـأناّ لست مـسّتعدا أنّ أدخل فيّ
دوامة من الـنكـّران و الأسـّئلة اللانهـاّئية لذا لننتهي من الأمر فقـطّ
رمـّقه ويـليام ببـرودّ ثمّ رفـّع يده لـّصافحه ، مادامّ أن الأمر قـدّ وصل إلى الصـّحافة فما بيـدّه فـّعل شيء الآن سوى تـّقبل
أوسكـّار

/

فيّ إحدى تـّلك الأمـّاكن المـظلمـّة حيثّ لا يـّعرف الـنور طـّريقّا لها ، مسـتّودع كبيـّر مليء بـصّناديّق تـّحتوي على نفّس الـتّصميمّ
بالـّرغم منّ إخـّتلاف وجهة الصـنادّيق ، رسـمّ ذلكّ الـرجّل ذو الـّبذلة السـّوداء على شـّفتيه ابتسـّامة سـّاخرة بينمـّا يـدّه تـّقبضّ على رقـّبة
ذلكّ الشـّاب دونّ رحـمةّ ، همسّ بـأسى مصطـّنع
ـ يـاّل الأسـّف كـّانت سـّمعتكمّ مشـّرفة لكنّ لقدّ انتهت أمجـّادها ،
رمقـّه شـاّب بـّحقدّ و هو يحـّاول التمـلصّ من قـّبضته لكنّ فـّرانسوا لمّ يـّعطيه أيّ مجـّال للـهـّرب أوّ حتىّ التـّحرك فـّهاهو
قـدّ سددّ لكـمة جـعّلته يّفقد وعـّيه ، ثمّ رفـّع هـّاتفه و قـدّ علّت مـّلامحـه الـّبرود و الـصـّرامة حيـّن إنتـّقل إلى مسّامعه صـّوت سيدّه المـّبحوحّ و الهـادئ
ـ ما الذيّ اكتشـّفته فـّرانسوا ؟
ركـّل فـّرانسوا الشـّاب بـّسخريّة و رفـّع بيدّه اليسرى ورقة كبيّرة بهاّ مخـططّ لمشـّروع يبـدوا فيّ غاية الضـّخامة ،
ـ لقدّ كانّ شككّ فيّ محله سيدّي فـشّركة جـونسونّ حـّاولت أنّ تـّستغـّفل شـّراكتنا و تبيـّع نفسّ التصـّميم لنـّا و لمجمـّوعة فوتوشيـّبا
تنهـدّ نـّايت بـّبرودّ ثمّ رمـىّ ذلكّ الـملفّ أرضـّا لـتتخـّلل أصـاّبعه الـطّويلة شـّعره الـحّريري النـّاعم ، لقد ّضجـّر من هـذه المـّؤامـّرات
الفـّارغة و يـّا ليتها تـّنجحّ ؟ كلّها تـّبوء بالفـّشل قـّبل الـخطوةّ الأولى حتى ، هل أعـدائه فـّعلا بـّهذا الـّضعف ؟ قـّال ببـّرود
ـ فـٍّرانسـوا اهـتمّ بالأمـّر سـّوف أغـّادر ليّلة إلى لنـدّن و لحينّ عـّودتي أريدكّ أنّ تـّضع سيدّ جونسون الصـّغير بينّ قبضتكّ
أومـأ سيدّ فرانسوا بإحـترّام كمـّا لو كـأن نايتّ يراه و هـذاّ لشدّة وفـّاءه ثمّ أجـّاب بـّنبـرة خبيـّثة و مـّاكرة
ـ أوامـرّك مـطاّعة سيدّي


/



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-07-13, 11:18 PM   #26

lovemanga
 
الصورة الرمزية lovemanga

? العضوٌ??? » 129001
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 496
?  نُقآطِيْ » lovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond reputelovemanga has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

lovemanga غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-07-13, 05:36 PM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



شـآبتر الرابع عشّر

هفـّواتّ الماّضي بينّ مستقبـّل الـغدّ

فيّ أحد المنـازلّ العـّديدة المـّوجودة بـّذلكّ الحـّي البسيطّ ، يّغلبّ لـون الـّرمادي على جـدّرانه بـدّاخله فيّ الطـّابقّ الثـاّني حيثّ تـّوجدّ تلكّ الصـّهباء
الجـّالسة بـكلّ هـدوء علىّ سـّرير والدّها تمسكّ بينّ يدّيها دّفتره الـّصغير ، منّ يـّراها لمّ يصـدقّ أنهاّ و قّبل أسّبوع كـّانت مـّنهارة تـّرفض تصـّديق
أنّ والدها قدّ توفي أمامهـّا حّقيبة سـّوداء متوسطّة الحـجمّ ذات قـفّل مميز قدّ جـّلبها الـّعم رويّ
أمـّا تـّلك الفتاة ذات الشـّعر البـّني الأشـّعث القّصير كـّانت تجـّلس فوقّ المنضـدّة و على شّفتيهـّا ابتسـامة لطّيفة، متبـّادلة شّتى أنواع الأحـّاديّث مـعّ
عمـّهمّّا روي، بنـّبرتهـّا المـّرحة و شّخصيتهـاّ السـّاذّجة
ـ لا أصدّق عميّ فحتى بـّعد كل هذه السنين لا تـّزال كمـّا أنتّ بلّ تـّغيرت لتصبحّ أكثّر وسّامة ، هلّ سيدّة ليكسيّ لازالت تصآب بالغّيرة من آجلك ؟
الكـّل يـّعلم أنهاّ تحـّاول نـّزع هـذاّ الجـّو الحـّزين من قـّلوبهماّ و كـّلاهما يـّعلمان أنهاّ الأكثّر حزنـّا بينهم ، فـهي لمّ تـّذرّف و لو دمعّة ابتسـمّ العـمّ
رويّ بـهدوء و جـّلسّ أخيـّرا على الكـّرسي بـّعد أن تـعّبت قدّميه من الـّوقوف ليكـّمل حـدّيثهما الجـّانبي الذّي يـّقطـّع صّمت المـّوحشّ
ـ أجـّل لا تـّزال لكّن إن كـّان أحدّ منـّا قدّ تـّغير كلّيا بهذه الـّغرفة هو أنتّ مـّاري ، بالكّاد تـّعرفت عليكّ عند الوهلة الأولى
ابتسمتّ ماريّ بغير استيعاب لكّلماته الغآمضة و هي بالكـآدّ قدّ عـرفت المعنى منّ خلفّها
ـ أنـّا ؟ لا أظن ذّلك ،
أجـّاب بمـّغزى و هو يـّرمقهـّا بنـّظرات لمّ تستطـّّع مـّاري تفسيرهـّا و لمّ تـّلمحها قطّ
ـ كـّليـّا ، أهـذّا لأنكّ أصبحـّت خطيبّة ذّلك الـرجّل الشهيـّر نـّايت آل لبير ؟
ضحكـّت مـّاري و هي تـّشير بيدّهـّا دلالة على أنه يمـّزح بـلا شكّ، ثمّ اقتربت منه أكثـّر و هـذّه عـّادتهـّا عندّ الارتبـّاك أو التـّوتر
ـ نـّايت ؟ لا هـذا مستـحّيل
ـ الجـّرائدّ تـّقول عنكمـّا سنـدّريـّلا و الأمـّير ، معـطّية بذّلك عـّنوان لقّصة حبّكمـّا لذّا أنـّا أظنكّ فـّعلا تـّغيرت بعدّما التـّقيته
مـّاري بـّتوتر : و كيـّف ذّلك ؟ أنـّا
ـ لقدّ أصبحـّت أكثـّر انفـتاحـّا يـا ماريّ و قدّ لا تـرينّ ذلك بّنفسكّ لكنّكّ تـّغيرت عن نفسكّ المـنـطّوية تـّلكّ ، كـّنت لا تتـجـرأين على فّتح حدّيث
مـّع أحد و ها أنت الآن مـّكونة الكثير من الأصدّقاء و قدّ حللت مشـّكلة والدّك مع الديونّ حتى لو كان الأمروهميـّا ، لذا أقول لكّ بلى أجدّك
قدّ تـّغيرت ، و الفّضل يـّعود إلى خطّيبكّ نايت
صمـّت روي و لمّ يـّقل شيئـّا بـّعد هـذّا، فـنـظّرت مـاّري إلى النـّافذة بـّشرودّ و هي تـفكّر أحقـّا قدّ تـّغيرت ؟ ربمـّا ، لا بل أكيـدّ فإبتسمت بـمرحّ
تـّاركة هذا الأمر جـّانبـّا
ـ فـلورا هل وجدّت ما تـبحّثين عنه ؟
هـزت رأسها دلالة على النفـّي ثمّ تـّوقفت عن النّبش في أغـّراّض والدّهما الـّراحـّل و استلقت على الـّسرير بـتـّعب، فجـأة رنّ الجـّرس فـّسـارعت
مـّاري بالقفـّز و الذّهاب لفتّحه محـّاولة التـّهرب من نـظرّات رويّ الخافتةّ ذات المعانيّ و الكّثير من التساؤلات
حّينهـّا رأتّ شّخصـّا لمّ تكّن لـتتـّوقع مـجيئه أبدّا ، نـّايت يّقف مستنـدّا على الجـدّار و ذّراعيه معـّقودتّين ، يـّرتدّي معـطّفا أسـّودّ تمـّاما مثّل شـّعره
الحريري المنسـدّل على جـّبهته الشـّاحبة و وشـّاحـاّ رمـّاديّا كعـّينيه اللتـّان تقـدّحان بـّرودّا و جمـّودا ، ابتسمـّت مـّاري بـّعدم استيعاب و قدّ انتـّقل
إلى مسـّامعهـّا صوّته الحـّاد و الغـّاضب
ـ أينّ إختفيت بّحق الله ؟ و لمـاذّا هـّاتفّك مـّغلقّ ؟ أتـّعلمينّ كمّ تـّطلب منيّ الـبحّث عنكّ من وقـّت ؟
سـألتهّ ببـّلاهة كمّ من وّقتّ فـرمّقها بـّحدةّ لتتدّاركّ سـّؤالهـّا الـغّبي و تتّراجـّع إلى الخـّلف مفسحة لّه بالمـّرور فـظّهـّر خـّلفه
ويـّليام المبتسمّ بطـّلته المّشرقة ، كانت عاجزةّ عنّ التعبيرّ فـنايتّ خطيّبها الوهميّ قدّ بحثّ عنها ، حيّنها شعـّرت بشيّء يّعصر قّلبها و كمـآ لو
كـأنّ قدّميها لمّ تعدّ تحملانّ وزنها و عندّما لاحـظّت فـلور تـأخر مـاري في المجيء صّاحت بّصوت عـّالي من الغـرّفة المـجاورة
ـ مـّاري ، من هنـّاك ؟
لمّ تستطعّ ماري أن تجّيبها و لو بـحرّف واحدّ فدّهشتها منّ قدوم نايت و ويليام إلى منزل والدها أكّثر من أيّ ، تّقدم ويـّليام و ألقى عليهـّا
الـّتحية بمرحّ لكّن لمّ يجدّ منها تـّجاوبـّا فقـّال نايت بسخرية
ـ أو تـّظنين أنكّ تستـطّعين الهـّروب من قـّبضتي ؟ حـّتى لو وصّلت إلى النّصف الآخر من العـّالم فـأنا سـأجدّك
دمـّعت عينيهـّا فجـأة فـّتـّوتر ويـّليام و تـّبادل نّظرات الاستـّغرابّ مـّع صدّيقه ، لكّن الأمرّ المفـاجئ أنهـّا مـّاري نفسهـّا الخّجولة التّي كّانت
انطوائية فيما مـّضى قدّ رمّت نفسهـّا بينّ ذّراعي نـّأيت ثمّ بدأت بالبكاء المـّرير
خـّرجتّ فـّلور من الغـّرفة مسـّرعة متـّعثرة في خـطّواتها و خّلفها السيدّ رويّ ، لكنهمـّا تّوقفـّا عندّما وقّعت أعينهـّما على منـّظر مـّاري كّيف
قّبضتها الصـّغيرة تشدّ على معطـّفه راّفضة تـّركه ، كيّف لدّموعهـّا المنهـّمرة أن تبـّلل صـّدره ، كيـّف هيّ تخبـأ رأسهـّا فّي حضّنه إنها صـّغيرتها
مـّاري فتحدّث نـّايت بحدّة محدّثـّا فـّلور و نبـّرة تهـدّيد شدّيد اللـهجةّ ،
ـ ما الذّي فعلته ؟
قطّبت فـّلور و رغـّبت في تلكّ اللحظة لو أنهـّا تـّنتـّزع أختها الصـّغرى من بينّ بـّراثنه بقّصوى شدّيدة ، فقـّالت محدّثة أيـاه بغّضب
ـ بل قّل ما الذّي فعلته أنت ؟ أيّن كـنت أنت عندّما أتممنا مـّراسمّ دّفنّ والدّنا ؟ هل كـّنت بـجّانبها ؟ دّعني أتذّكر ؟ أجّل بل لمّ تكّلف نفسكّ عناء
الحـّضور حتّى
ألجّم لسّان ويّليـّام من الصدّمة و ألتفت مستديرا ينـّظر إلى ناّيت ، مـّاري والدّها قدّ توفى ؟ فطّغت علّيه مّلامحّ الحّزن بينمـّا انسحّب عمّ رويّ
من المنـّزل تـّاركـّا شـؤون عـّائلة روبّرت خّلفه ، فقـّال ويّليـّام بهدوء
ـ أقدّم تعازي الشدّيدة و بالـّرغم من أنهّا متـأخرة ،
ابتّسمت فـّلور بّسخرية فرمّقها ويّليـّام باستنكّار ، هذه الفتـّاة تـّبدوا مـّتلبدة المشـّاعّر و لا تـّروقه على الإطلاق أبـّعد نـّايت مـّاري ممسكّا إيـاها
من كّتفيهـّا ثمّ نـّزل إلى مسـّتوى عينيها الزجاجيتين اللّتان قدّ عكّستا مـّدى الألمّ الذّي تمّر
به ثمّ قال ببـّرود و نبـّرته المبحوحة قدّ انطّلقت كالسّهم إلى قّلبهـّا
- لمـّا تّدعين الحـّزن ؟ لّيس كمّا لو كـأنكّ تحّبينه، ألسّت أنت من كّنت تتفادّينه ؟ يبدوا أنكّ قدّ صّرت ممثـلةّ بارعةّ لكنّ من الأفـّضل أن تّفصلي
عمـلكّ عنّ حيـآتكّ الواقّعية، دّعنا من هـذّا فـأنا قدّ أتيت لأخبركّ أنّ موعدّ الـّزفافّ فيّ نهاية هـذّا الشـّهر لذّا كوني على
صّـاح وّيليـّام محـّاولا تحـذّيره و عبوسه واضحّ للعيـآن
ـ نـّايت
بينمـّا تّوقفت ماري عن البكـّاء فـّورا كمـّا لو كـأنّ دموعهـّا قدّ جفّت، ماذا كانت تنتـظرّ منه بالضبطّ ؟ أنّ يربت على رأسها بدّفء و يّخبرها
بـأن كلّ شيء سوف يكون بخيّر ؟ هـذّا نايت قّلبه من جـّليد ، شّعرت حّينها بالخزّي و الشّفقة على حـّالها ،
ما الذّي كانت تّفعله ؟ لماذا عندّما رأته تسّاقطّت الجدٍّران من حولهـّا ؟ فقـّالت و العـّبرة تخنٌّق رّقبتها
ـ أنتّ محقّ كالعـادّة ، فـأنتّ تـّعلمّ كل شيء ، منّ أكون و معّ من أكون أو أيّن أكونّ ، أينّ أعيشّ و أينّ أذّهب و عـّائلتي لكنّ
.. لكّن
شدّت قّبضتها بـقوة واهّنة و صـّرخت بـّوجهه بينما دّموعها قدّ شكلّت خـطّا، خـطاّ منّ عينيها إلى أقّصى وجنّتيها
ـ كونكّ تـّعرف هـذّه الأشيـاء لا يعـّني أنكّ تـّعلم ما بّقلبي
ثمّ نـّظرت إليه بحـّزن و ركّضت إلى الأعـّلى، لتغّلق باب غـّرفتها بـأخرّ ذّرة طـّاقة تمتلكهـّا ثمّ بـدأت فيّ البكـّاء المـّرير، لقدّ ظنتّ و عندّما تخّلت
عنها عـّائلتها ، أنّ الشخّص الوحيدّ الذّي سيّفهمّها و يهونّ عنها هو نـّايت ، ظّنت أنه بالرّغم من برودّه و ردودّه السـّاخرة فخّلف هذا الجـّدار
إنسـّان مّثلها يبحّث عن الأمـّان و الحّب ، عن العـّائلة لكنّ ربمـّا فعلا غطّاء الكّتاب مثّل محتواه
بينمـّا رفّع نايت حاجبه دّلالة على استنكار تصّرفها ثمّ أخرجّ يده من جّيب معطّفه التيّ رفّضت ساّبقـّا أن تبـّادلّ ماري الحنانّ و وضـّع بطـّاقة جميـّلة
مـّزخرفة على الطـّاولة فـّرمقته فلور بحقدّ ليّقول ويّليام بـترددّ
ـ نقدّم لكّ تعـازيّنا الحـّارة لفّقدان والدّكمّ و لنحنّ شديدو الأسّف لأنناّ لمّ نسمّع بهـذّا سّـابقّا
نـّظرت إليه فلور من أخمصّ قدّميه إلى أعلى رأسه بّسخرية ثمّ كحّت قّليـّلا و هي تشّير على البـّاب ،
ـ منّزلنا يّـعذّر وجودّكما ، غـّادرا
استـدّار وّيليـّام ليّتجه بخطوات بطيئة نـّاحية المخـّرج و هو يّرددّ في نفسه كمّ يكّره أختهـّا الحقودّة هـذّه ، يّكرههاّ و لا يحّب التعـّامل معهـّا و
لولا الواجّب لما كـّان تحدّث معها أبدّا و لكنّ من الآن فصـّاعدا يبدوا أنهّ سيكونّ لدّيهما الكثّير من اللقـّاءات الغـّير سـّارة ، بينمـّا قـّال نايتّ ببرودّ
ـ و نحنّ لا يّشرفنا التواجدّ في منـّزلكّ
قطّبت فـّلور بعّصبية ثمّ أمسكـّت بالكـّرسي الذّي أمامهـّا و قدّ ارتفّع عن الأرّض قـّليلا لتـّقول بحـدّة و غّضب
ـ إننّي أحضّر اجتماعاتّ تّخص السيطرة على الغّضب لذّا إغّضابي قدّ لا يكونّ أفّضل شيء تّفعله ،
عـّاد ويّليـّام أدّراجه و أمسكّ نايت من ذّراعه لّيقوده خـّارجّا قّبل أن يّقول شيئا يزّيد من الطّين بله ، بينمـّا رمقّت فـّلور نايتّ
بكره و حقدّ .. لنّ تسمحّ لأحدّ أنّ يقفّ بينها و بينّ أختها بّعد الآن ، حتّى لو عنى الأمّـر القّيام بشتى أنـّواع الأسـّاليب و جميـّع الطّرق ملتوية
كّانت أو مبـّاشرة ، خبيثة أو بريئة
لاّ لن تسمـحّ له بـأخذّ ماري من بينّ يدّيها بـّعد فـراقّ دامّ أعوامـّا ، لنّ تسمحّ لشخصّ مثّله أنّ يـرتبطّ بّفتاة مثّل ماري

/

فّي قّصر آل لّبير المشـّهور
بغـّرفة الاستقّبـّال المـّوجودّة في جناحهما الخاّص كـّانت تّروح و تجيّء فّي مسيـّرة طّويلة من التـّفكيـّر و هي تقّضـمّ أظـّفرهـّا بغّيض غّير
آبـّهة بجّلسة التقّليم التـّي أقـّامت بها صـّباحا ، ما الذّي يجّب عليهـّا الآن فـّعله ؟ كّل شيء يبـدوا بـّعيدا عن متـّناول يدّها كمـّا لو كـّأن منّصبهـّا
الآن غـّير كـاّفيّ لتّلبية مـّطالبهـّا الصـّغيرة
زفّرت بـّقّلق و اتجـّهت إلى غـّرفة النـّوم ، عـّّبرتها و صـّوت كّعبهـّا يكّسر صّمت المكان فيّ كّل خـطّوة تخطّوهـّا ، تـّوقفت أمـّام مـّرآة كبيـّرة و
نـّظرت إلى نفسهـّا بواسطّة عينيهـّا العّشبيتينّ ، شّعرها الأسودّ المسترسل على ظّهرها بكّل أنوثة و فّسـّتان السـّهرة الأحمرّ المتنـّاسق معّ جسدّها ،
شّفتيها المثّيرتينّ بطـّعم الكـّرز و رموشّّها الطـّويلة السّاحرة ، بّشرتهاالسمـّراء الخـّالية من آي شـّائبة ، همستّ بخفوت
ـ أّليس هـذّا كـّافّيا ؟
دّخل كـآيل فّجـأة و رمـّى سّترته الجـّلدية على الأرضّ بلا مبـّالاة ثمّ استلقى على سّريرّ مغـّلقـّا عينيه بتعب ، قـّال مستاء
ـ ذلك الـعجوز الماكر ما إن يـّعلم بـأن قدمي قدّ وطـأتّ أرضّ شّركته حتى يّسرع فيّ طلّبي كما لو كـأنّ جميع الموظّفين غيّر مرئيين
لمّ تهتم فـعلا بتـذّمره فهذا هو كايّل إنّ سار خطّوتين بغير إرادّته قـّال تـّعبت لذلكّ نـظرّت إليه بـطرف رمّوشها ثمّ همست له بـكلّ هدوء
ـ هل نـآيت في الشّركة ؟
لمّ يجّبها كـّايلّ بّل وضـّع الوسادة على رأسهّ و جذّب الغطـّاء ليخلدّ إلى النـّوم غّير مبـالي بّغيرتها الشديدّة من نايت ، دومـّا ما تـسـأله عنه
و تحّثه على الذّهاب إلى العمـّل خوفّا من فقدّانه لنصّيب الأكبّر فيّ الأسهمّ لكّنه فعلا لا يهتمّ ، لدّيه كل مـّا يحـّتاجه من مـآل لكنّ لدّيه أيضّا هذه
الـّرغبة الجّامحة فيّ التّفوق على نـّايت لّيس لأجّل المـّال أو الأسّهم لكّن فقطّ لأنه يحتّاج إلى ذّلك

/

فيّ منـّزل متوسطّ الحجمّ ـ حّيثّ تّعيش عـّائلة غـّلوري بمجـدّها
يتـرأسّ طّاولة الأكـّل السيدّ رويّ بجـّانبه زوجـّته المـّحبوبة ليكّسي و أيّضـا ابنتهـّما الفـّاتنة كلّـير حّيث يّعمّ الصمـّت أيّضـا هذا المنـّزل و لّيس لّعدم
وجـّود أفّراده و إنمّا لتـّوتر الجـّو العـّارمّ منذّ رحّيل آرثـّر ـ بسمة ليكّسي و سندّ كليّر
تحدّثت ليكّسي بّقلق و هي خـّائفة من طّرح هـذّا المـّوضوع مجددّا على زوجـّها ،
ـ عـّزيزي مـّا رأيكّ أن نعـّيد آرثر ؟ أظّنه قدّ تّعلم دّرسه الآن لقدّ مرت فـّعلا فترة طـّويلة و أنا لا أحتـّمل بّعده عنّي
تّوقف روي عن الأكـّل و وضع الملعقة جـّانبـّا ثمّ قـال بغّضب مكبوت
ـ لقدّ توفيّ صديّقي منذّ ثّلاثة أيّام و أنت تتحدّثين عن إعـّادة ابنك ؟ لقدّ أوضحّ أن لا رغّبة له بالاعتذّار من جوناثان و أنا أوضحّـت لكّ أنني من
المستحّيل أن أدّخله إلى بيتي
تحدّثت كّليـّر بغضب هي الأخرى أيّضا
ـ ألمّ يمتّ جوناثان ؟ حسنا إذن لقدّ حلتّ المشكلة فمادام لا يوجدّ شخصّ ليعتذرّ إليه لا داعيّ فعـّلا لطّرده ، أليسّ كذلك أمي ؟
صـّاح رويّ بّصوته العـّاليّ و قّبضته تـّضرب الطـّاولة فتنـّاثرت قطّرات من الحسـّاء في الأرجـّاء
ـ أتّقولينّ أنه إن توفّي الشخصّ فلا داعيّ للاهتمام ؟ أينّ ذهبت أخلاقك ؟ إنيّ فـّعلا محتّار إن كـّنتم أبنائيّ حقـّا ؟ من أينّ
أتتكمّ هـذه القسوة ؟
صّرخت سيدة ليكّسي بحـّزن
ـ أترّيد أن تفعل مثله ؟ أتريدّ أن تّطرد آرثر مّثلما فعل هو معّ ماري ؟ أتريدّ أن تّبقى على خّلاف معه حتى ممـّاتك ؟
صمّت العمّ رويّ بـهدوء و لمّ يجدّ أي كّلامه يّقوله بعدّ جمّلة ليكّسي ، أجّل إنه مدّركّ لخطـئه لمّ يكن يجدّر به طّرده لكّن هل يعيدّه و هو
لمّ يتّعلم شيئا ؟ لمّ يّتعلم أنّ يّكون رجّلا نبيّلا يّقدر النسـّاء كمـّا يقدّر والدته ؟ أنّ يكّف عن الشّرب المستهتر والحّفلات الماجنة ؟ ما فائدة ان كان بجانبه
ما دامت هذه الّصفات تّعزوا حيّاته ؟
هو يحبّ ابنه و يّريده معهّ ، لكّن لّيس قّبل أن يّتعلم دّرسه أولا


/




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-07-13, 05:38 PM   #28

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



/
جـّدران غّرفة وردّية اللونّ بّسرير صغير مّزين بّشرائطّ بيضّاء و غطـّاء أزرّق كلونّ السمـّاء الصّافي ، خـّزانة كّانت تحتـّوي على مّلابسهـّا و
لا تـّزالّ اعتادّت عندّما تسـتاء أنّ تـأتي إلى هذه الغـّرفة و تّبقى هناّ حتّى تّحن أمهـّا سيّليـّا و تجّلب لها مـّا تّريده ، و الآنّ بالرغمّ من أنهـّا حزينة و مستـاءة
جـدّا لكّن لا أحدّ يّشفق عليهـّا ، رّفعت يدّيها إلى السّقف حيّث علقت قدّيما عليه صورة فّرقتها الغنـّائية المشّهورة ، هل هذا ما يعنيه ان تكون كبيرا ؟
طّرقت فّلور البّاب ثمّ دّخلت و بّينّ يدّيها صّينية فيّها عجت البيضّ و مشّروب الطـّاقة ، جّلست على السّرير بجـّانب مـّاري لتّضع الصّينية بينهمـّا و قدّ
زينت شّفتيها بابتسامة جميّلة
ـ أسّعدّ صبّاحكّ عـّزيزتي ،
ردّت ماّري التحّية بهدوء و شّربت العصّير دّفّعة واحدة ثمّ أعـّادته إلى مكانه فنـّظرت إليها فـّلور مـطّولا باستغراب فقـّالت عندّما لمحّت مّلامحها التعيسة
ـ ماذاّ بك ؟
صمّتت مارّي و لمّ تجّبها بّل رّفعت تلكّ البطـّاقة التي تركّها نـّايت سّابقّا و عادّت لتّفكير العمّيق كمـّا لو كـأن الليلة السّابقة لمّ تكنّ كاّفية ، كشّرت فّلور
بغّيض عندّما لمحّت اسم أختهّا مـّاري روبّرت قدّ ربطّ بزخـّارفّ جميلة بجـّانب نـّايت لبير ، قـّالت بحدة
ـ أنتّ ، لا تّخبريني أنكّ تفكرينّ جدّيا فّي ما قّاله ذّلك المـّعتوه ؟
رّفعت مـّاري حـّاجبها باستنكـّار ثمّ وقفّت و فتّحت النـّافذة لتستدّير ناحية فّلور مجددّا و على وجهها نـّظّرات جدّية
ـ بالطـّبع سـأفكرّ بذّلك ، أليسّ هو خطّيبي ؟
فـّلور بحدّة : خطّيبك المـّزيف ، المـّزيف إنّ كنت قدّ نسيت
شدّت ماري على قّبضتهـّا، هيّ تـّعلم هـذّا جيـدّا و لا تحـّتاجّ لأي أحدّ كيّ يذّكرها فقـّالت بهدوء و تـّردد
ـ أنتّ لا تـّعلمين شيئا فـّلور ، لا تـّعلمينّ ما نـّايت بالنسبة لي ، إنهّ مصـدّر قـّوتي و منه استمدّ شجـّاعتي و بجـّانبه فقطّ أشعر بالأمانّ ، أيضـّا و
أمامهّ فقطّ تّتلاشى كلّ جدّرانّ طـّاقتي هوّ منّ جّعلني أعودّ كيّ أستـّرجـّعكّ ، هو منّ سـاندّني و إنّ كان حتّى هو غيّر مدّركا لذّلك ، إنهّ من
صّرخت فلورّ بعصبية و أحدّاث البـّارحة تّمـّر من بّين عينيهـّا كمذّكر حّي ،
ـ هل أنت بّلهاء أم ماذا ؟ إنهّ يعـّاملكّ كمـّا لو أنكّ أحدّ جرذانه يستعمّلك متى ما يشـاء ، ألا تـّملكين كّرامة ؟ بعدّ كل الذّي حدّث و كل الذّي عشته
تتّصرفينّ كمـّا لوّ أنكّ ، سحّقا
نـّزلت دّموعهـّا ، إنهّا تّعلم ، لقدّ قـّالت أنهاّ تعلم فلا داعيّ حقّا لا داعي لجّرحها أكثّر ، تحدّثت بنـّبرة خـّافتة تّعلو تّدريجّيا مع كّل حّرف يخرجّ من بينّ شفتيها
ـ لمّا ؟ لما لا أملكّ كرامة ؟ أخّبريني فّلور هل الكّرامة تّعني لكّ أنّ تتّخلي عنّ من سـّاعدكّ جانبـّا ؟ عنّ ابنتكّ و عنّ زوجكّ ؟ كماّ فعل والدّي ؟ لما
الكرامة فوق كلّ شيء ؟ أنـّا سّعادّتنا هي الأهمّ
كّشرت فّلور ، صّحيحّ أن والدّها قدّ أبّعد أمهمـّا عنّهما لكّن هي لا تّهتمّ لما فّعله فقـّالت بّبرود
ـ ما فعله والدي من شـأنه هو ، و أنـّا فّعلا لا أهتمّ لأنّ لي أفعالي لأحاّسب عـّليها و لن أنـّظر إلى مـّا صنعه الآخرينّ كلمحة لمستقّبلي ، و إّن
كنت فّعلا تهتميّن لوالدّنا هكذّا فلما لا تنفذّين وصيته ؟ ألمّ يّنصحكّ أن تعيدي الـ 500 مليون دولاّر إلى صّاحبه و تّعيشي بّسعادة ؟ فمادامتّ سّعاتنا فوق
كلّ شيء كمّا تّقولينّ لما لا تفعلي ذلك ها ؟
نـظرت إليها غـّير قـّادرة على قـّول أيّ شيء ، لما كل هـذا التعـقيدّ ؟ لمـّا الكبريـّاء و السـّعادة ؟ لماّ الكـرّامة و الـّراحة يتنـّافسان ؟ لمـّا هي مضـطرّة
على الاختيار ؟ وقفـّت بـّهدوء ثمّ أمسكتّ بـّمعطفها و خـّرجت من ذلك المنـزل غـّير آبهة بمنـاداة فـّلور المستمرة لها

/

وحيـداّ كعـّادة فيّ شـّقته يجـّلس على الأريكـّة و يشـّاهد التـّلفاز بـّعدم اهتمام مفـكّرا بمـّا حدث سـّابقـّا و كـّلام نايت القـاسي ، تـنهدّ بغيضّ و هز رأسه نفيّا
.. فيّ أحيان كثّيرة يتملكه الذّنب لأنهّ و بسببّه قدّ تـّعرفت ماري على نايت ، بّسببه أصّبحت الأوضـّاع على ما هي الآن ، يـتذّكر جيـداّ كـّلمـّات نايتّ الـّباردة
و السّاخرة عنـدّما حـّاول أن يـّوقفه و أنّ يمنعه من دّخول فّي دوامة من الأكـّاذيبّ و الألاعيبّ المنـمقةّ عنـدّما أخبّره أنّ يـّجد شـخصّا آخر غير مـّاري اللـطيّفة ،
كان منغمساّ فيّ أفكاّره حينّ رن هاتفهّ لكيّ يّوقظه من غـفّوته ، نـظرّ إلى إسمّ المتصـّل ثمّ كشـّر بـّكره إنهّ أوسكـار صـدّيقه لهـذه الفترة من الزمن فقطّ قـّرر
تجـّاهله ثمّ وقفّ هامسّا
ـ لا يمكنّ أن أدّع الأمورّ تـّسوء أكثّر من هـذّا ، يجبّ عليّ التـّحرك
أمسكّ بمفتـّاح سّيارتهّ و ركضّ خـّارجا من الـّشقة ، يجبّ عليه فّعلا التـّحرك فلو إستمـّر الـوضع على ما هو عليه الآن سوف يّخسرّ نايت وجودّ ماري
بجـّانبه و إنّ حدثّ ذلكّ قدّ تـجّعلها إليزابيثّ نقـطةّ ضـّعف له و هـذا ما لن يّسمح بـحدوثه أبداّ

/
بـّعد مـّرور أسبـّوع آخرّ
فّي قّصر لّبير ـ حيّث يوجدّ العـديّد من الأّسرارّ و الكّثير من المّناوراتّ ، إنه كّنز يّعّشق كّل صحاّفّي لإيجـّادّه و كـّل صّحيفة لّسردّ قّصته ، ففّي تّلك القـّاعة
الكّبيرة التّي تضّم أفـرادّ هذه العـّائلة الكـّريمة ، كـّان الجـدّ بيتر يجّلسّ مبتئسا الطـّاولة و بجـّانبه على اليسـّار يجّلس كـّايل رّفقة زوجته المحّبوبة و الفّاتنة
إليـّزابيّث
كـّانّ صوتّ المّلاعّق هو الوحيدّ الذّي يتجـرأ على إّصداّر نغمته بهـذّا المكـّان الموحّش ، عندّماّ رّفـّع بيّتر عينيه إلى مقّعدّ نايت الفـّارغّ ثمّ رّمق رئيس
الخدّم ليّتقدم إليه مّسرعا و قدّ كادّ أن يّتعثر بخطّواته ،حيّنما إقترب كّفاية من سيدّ بيتر ، قـّال له الأخير بنبرة جّمهوريةّ عـّالية كمـّا لو كـأنّه مّلك يخـاطّب حّاشيته
ـ أّين هو نـّايت ؟
أخرجّ رئيس الخـدّم بـطّاقة مزّينة و مـّزخرفة جميّلة بـّأطّرافّ ذّهبية و وضّعها بينّ يدّ بيترّ ليمسكها الأخيّر و يّفتحهـّا ، كّي يجـدّ بطـّاقة دّعوة لحّفل زفّاف نايت
و التـّاريخّ فيّ الأسّفل ابتسمّ بـهدوء و راحة ثمّ نـظّر إلى رئّيس الخدم مجددّا معطّيا إياه الإشارة لتكّلم و كذّلك فّعل
ـ سيدّي ، سيدّ نايت قدّ ذّهب منذّ يومّين إلى فرنسـّا لأنه يوجدّ خلل بشركات الموجودة هنـاكّ و لقدّ طلبّ مني أن أعطيكّ هذه الدّعوة حـّالما أجدّك متـّفرّغـا
ـ حسنـا إذن ، لما لم تخبرني يا كـايل أن نايت قدّ ذهب في رحلة عـمّل ؟
وضـع كـايل المـّلعقة جـّانبا و قدّ كشـّر بـكّل قّرف من ذّكر فقطّ سيرة نايت المحبوبة لدّى جده ثمّ قـالّ بعدم إهتمام
ـ أنت تـّعلم أنه لا يخبرني بشـيء،
ابتسم الجـدّ و نـظّر إليهمـّا ثمّ قـّال بـّفرحة لمّ بستـطّع إخفـاءهـاّ
ـ نايت سوف يتزوج في الـثامن و العشرين من هذا الشهـّر ، أليّس هذا خبّرا مفـّرحا ؟ كمّ أنا سعيدّ لأنه قّرر إنهاء وحدّته تلكّ و جّلب رفيقة تشـاركه حياته
رفعت إليزابيث عينيها بّصدمة ناحية الجدّ بعدما كـانت غّير مهتمة بما يحدث من حولهـّا ، و شّحب وجههاّ فـّنـظرت إلى كـّايل ، بينمـّا وقفّ الجدّ و غـادّر
مسـّرعا كّي يبّشر جميـّع أصدّقائه بزواجّ الـشـاب الذّين يطّلقون عليه اسم الجليدّ ، كمّ هو متـّشوق لرؤية الصدمة على ملامحّ أوجههم عـندّ اختفائه ، قـالت
إليزابيّث بتّوتر و عّصبية
ـ كيف سوف يتزوج بـحق الجحيم ؟ هـذّا غير مقبول أبـدّا
نـظر إليها كايّل ببـّرود ، رؤية تصرفاتها الغـّاضبة و أفكـّارها الغير عـّقلانية يجّعلانه يّشعر بالغيرة من هـذا النايت ، كّيف هي تّظهر جميع هذه المشـّاعر
لنايت أما إن كان الأمر راجّعا له فّستتصرف ببـرودة كما لو كـأن الأمر لا يعنيها ، لكزته في خصره و قالت هامسة
ـ أتعلم ماذا يعني هذا ؟ يعني أنه إن مات نايت فجميع ممتلكاته و أسهمه سوف تنتقل إلى تلك الحقيرة ، أنا لن أسمح بهذا
شـّعر بالغـّيرة تـتـّصاعدّ كالنيّـران فيّ قـّلبه المّحب هـذاّ و قدّ عـجّز عنّ إخفـّاء ملامحّ القهر و الغيضّ التي عـّلت وجهه فـّوقف و ردّ عليها بحـدّه
ـ افعلي ما تريدين ،
شعرت بالدهشة و هي تراه يسير مسرعا إلى المخرج و بّرفقته خادمين ، إنه لنادر فعلا أن يتركها تّفعل ما تشاء فهو و دوما ما يكون بجانبها مهما كان
مخططها و الآن يتركها ؟ شتمت بالبرازيلية لكنها ابتسمت فجـأة باستدراك الآن بعدما تّركها كايل تـفعل ما تشـاء ، الآن سوف تلجـأ إلى خططّها المثّيرة و
الخطيرة ، لا حـدّود لتفكيرها ، ضحكت بـخفوت و هي تهمس قـاّئلة
ـ سوف تموتينّ يـا ماريّ قبّل أن تطـأّ قدّميكّ القّصر ، و قبـّل أن يّقترن إسمكّ بنايتّ لنّ تري نـّور هـذّه العـائلة أبدا و لن تحضي بنفوذي أبدا ، سـأحرّص
على جعلكّ أشلاء
/



sira sira likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-08-13, 05:19 AM   #29

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

شـآبتـّر الخـّآمس عـّشـّر
ٌُ ~ نسـّاء يــّعلمن مـّا يــّردن ~

فيّ أحدى ضـّواحي مديّنة الضّباب لنـدّن حيثّ كـآن الشّفق يـّزن السمـآء بـّلونه العجّيب ، سقطّت ورقّة وردّية منّ بينّ أغّصان تلكّ الشجّرة العـمّلاقة
إلى شّرفة غـّرفتها الصـّغيرة ، أغّلقت عينيها بإنزعـّاج تآمّ و قدّ آثار ضـّرب فّلور المسّتمر لها آخر خيطّ من أعّصابها فـّوقفت بـّغيضّ و رمـّت الغطاء
أرضا بكلّ أسى ثمّ خـّرجت عـآبرة ذلكّ الـّرواقّ لتـّصل إلى الصـآلة ،جـّلست بـّقوة على الأريكّة و شـّغلت التلفاز لتنظرّ إليه بكآبة عندّمـّا رمّت فلور
كّلمـّاتهـّا أمـّام مـّاري ، كـآن ذلّك بمّثابة إنذار أخيـّر و وحيـدّ ينبئها بـأنّ لا تـّقدم على هـذه الخـطـّوة و أنّ تتـّركّ عـّائلة لبّير و شـأنهـّا ، أنّ تختفي من أمامّ
نظّري نايتّ للأبدّ و تمضّي قدّما في حيّاتهالكّن هنـّاك سـّر ، سّر صّغير لا يعلمّ به أحدّ سوهاّ و هي خـآئفة من أن تكتشفه نسمة الهـّواء حتّى ، ذّلك السـّر هو
من يتأرجح بينهّا فكّرها البسيطّ عـّالقّآ بينّ خّياراته المتـّاحة لكنّ ألمّ يحنّ الوقـّت لكشّفه ؟ تنهـدتّ بـّبرود حينّ تفـاجأّت بـمجيء فـّلور من الخـّلف و بين يدّيها
فنجانيّ قـّهوة سـّوداءّ وضـّعتهما على تلكّ الطاولة المزينة بشراشّف وردية ثمّ ابتسمت بحماس متـّابعة المسلسل بينمـّا نظراتها و في الحقيقة متصلبة على
أختها الصـغرى كيّف تجعلّ ماريّ تتخلى عن نايتّ و هي متمسكةّ به بشدة ؟ ألا تـّوجدّ طـّريقة لتـّركه ؟ ليسّ كما لو كـأنهّ ملاك خالي
من الأخطاء لكيّ تتـّعلق به لكنهّ شيطآن بـّهيئة بّشريّ ، شخصّ آنانيّ نرجسيي من أجلّ مصّلحته قآم بّخلق فّوضى و هآته الفّوضى من شـأنها أن تدّمر ماري
، همسـّت فـّلور بـّحدة
ـ إبليسّ
هـّي لنّ تسمحّ لهـآ باتخاذ قّرار خـاطّئ و الذّهاب معّ ذّلك المتعجّرف المعـّتوه إلى لعّبته الخـّاصة ، بطّريقة أو بـأخرى لنّ يحدّث هذّا ، ستعيدّ الـ 500
ملّيون بنفسها إليه و حينها ستقول له باحتقار وادعا ،التفتت إليها ماري باستغرابّ
ثمّ قـالت متسائلة بعدمـّا رّفعت فنجان قهـوة إلى مستوى شفتيها الوردّيتينّ و قدّ حاولت أن تبعد هذا الصّمت المطّبق
ـ هـذّا غـّريب ، كيـّف قدّ غـّيرت رأيكّ فيّ المجيّء إلى العّيش بّشقتي بـّعدما كـآن رفـّضك قـآطّعا غّير قـآبل لثّنيه ؟
ابتسمـتّ فلور بلطّف ، لنّ تدّعها فيّ شقتها لوحدّها كي يـأتي ذّلك المعتوه و يـجّعلها تّقبل دون تّـردد بهذا الزّفاف اللعينّ ، سوف تبّقى هنا فرّدت على أختها
ـ أهذّا يعني أنكّ لا ترغّبين بوجودّي ؟
أومأت مـاري نافية و قدّ أحمرت وجنتيها من الإحراج لآن نبرة فـلورّ كانت مستاءة قليلا فـردّت بخفوت و تـّوتر ـ لآ طـّبعا لقدّ أسـأت فهميّ كليـآ ،
فـأناّّ أتتـّوق للعـّيش معكّ كعـآئلة مجـددا لكنّ فقطّ تـّغيركّ لـرأيكّ هو ما آثـار استغـرابي
مـّررت فـّلور إصّبعها على حـافة فنجان القهوة بكلّ هدوء و عينيها تّراقبان ماريّ المتوترة بينما شفتيها تنطّقان بـّمغزى من خلفّ كلماتهاّ
ـ سنعيشّ للأبدّ معـاّ و لنّ يهمّ المكـآن
ابتسمت ماريّ بـلطفّ و ارتشفت القّليل من فنجانهاّ فيّ حين كادّت أن تـّعود لّشّرودها و بّئر أفكارها لوّلا رنينّ جرّس المنـزلّ فجـأة مما جـّعلها تـّقف
بّسرعة و قدّ ظهرت عليّها ملامحّ التـّرحيبّ و السعادة بينما قالت فلور بـّنبرة قدّ كان غير الرضا فيها واضحا ،
ـ أتتـّوقعين زائرا ماري؟
ضحكتّ بّسرور و هيّ تقوم بّفتحّ البّاب ليّظهر منّ خلّفه ويّليام بّقامته الـّرشيقة و تقاسيم وجهه الـّوسيمة ، شّعره الأشّقر ربطّ بعضهّ و تـّرك بّعضه حيثّ
أن عينيهّ تجّولان بماري محـاولاّ تّقييم حالها الآن قّبل إلقاء التحية، كـآنّ هـذّا الشـآب الذّي يّقف هنـا هو أول صديق مـاري قدّ حضيت به لذاّ سوف تبقى
تكّن له دومـا محبة و الوفـآء ، فاقترب و احتضنها بـخفة قـائّلا
ـ أنا آسف لأننيّ لمّ أكنّ هناكّ عندما تـّوفي والدّك، لمّ أكن أعلمّ
شـّعرت بالخـّجّل و التـّوتر لكنهـا وضّعت يدّها خّلف ظهره متـّرددة و هي تـّرتجّف ثمّ قالت بهدوء و لطّف
ـ أشكـّركّ فما قّلته الآن يكّفيبجانبه كانت تقفّ سيدة فرانسيس و مهما جاهدتّ في إخفاء دموعها رثاء على حال جارتها الصغرى لم تستطّع
فالتفتت نصّف التفاتة و قـّالت بلهجة متكبرة مصّنعة و هي تمدّ يدّها مليئة بّشتى أنواع الحّلويات و عـّلبة قهوة
ـ خـذيّ هآته الأشيـاءّ أناّ لا أعطيّها لكّ لأنني أشّعر بالشّفقة نحوكّ فلا تّسيئي فّهمي بّل أناّ أقدّمها لكّ فقطّ لكيّ لا تـّطّرقي أبوابّ الغـّير على الـراّبعة صّباحا
، لديّ عمـّل لذاّ وداعا
أمسكّتهمّ ماري متفاجئة منّ رحيّل سيدّة فرانسيسّ و اضطرابها الشديدّ ، فـّوضع ويليام يدّه على كـّتف مارّي و هو يتـّقدم عـابرا ذلكّ الـرواقّ الصغير قـائّلا بتهكمّ
ـ لقدّ كانتّ تبكيّ عندما علمتّ بّوفاة سيدّ جوناثانّ و طلّبت منيّ القدومّ معهاّ كيّ تستجمعّ الشجاعة الكّافية لتعـّزيكّ لكن يبدوا أننيّ كنت بلا فـائدّة
فضحكّت الأخيرة و وضّعت جميـّع الأشياء فّوق المنـّضدة القـّريبة منهآ لتدّع ويلّيام يدّخل بينمـّا ظهرت فلور آتية من غرفة المعيشة ، عندمـا رأى ويليـام
فـلور تّوقف و امتنع عن التقدم أكثّر فقـالت ماري و هي تشير على أختها بابتسامة
ـ ويل أعرفكّ بفـلورا روبـرت أختي الكبـرى ، فـلور هـذا ويليام دويـّل جـاريّ و صديقي المفـّضل
ابتسمت فلور بتكّلف و مـدّت يدّها مكّرهة نـحوه فـأمسكهـّا ويليـام ثمّ ضـغطّ عليها بـخفّة و كـذّلك فـّعلت هيّ بينمـّا حّرب النـظّرات قدّ أعلت البـدآية ، إنهاّ لا
تـّعلم أنهمـّا قدّ تعـارّفا و كـّرهـا بّعضهمـّا بعضـّا فقـآل ويـليام بلهجته العـابثة و المبطّنة بّسخرية مخفّية
ـ لي الشـّرف فـلورا ، لكّ جمـآل فـّريد من نـّوعه
رمّقته بـحدة ، و رغـبت فعلا حينها بـّقول له أنه لا داعي لتملقـها لكنّ وجود مـاري عـّرقل كّلماتها و اضطرت لردّ عليه بلبـاقة و تهذيب إن أرادت
رّبح مـاري إلى جانبها
ـ بّل لي الشّرف سيدّ دّويل ،
صّفقت ماريّ فجـأة بّمرح ثمّ أمسكتّ كل واحدّ منهما منّ ذّراعه و عينيهاّ تـّلمعانّ بّشدة، لتـّتحدثّ بّحماسّ جّعلهما يجّفلان رّعبا
ـ ألّيس من الـّرائع لو أنّ أعز أصدّقائيّ يتـزوجّ من أختيّ ؟ سيكونّ ذلكّ مدّهشا هـكذاّ لنّ أفقدّكما أبداّ
رّمق ويليام بعينيه المشدوهتينّ فلور و قدّ تمنى حينهاّ لو أنهّ يبّقى عـازبّا أو يّصبح راهبّا طّوال فترةّ عيشّه في حينّ أرادّت فلور أن تلقى حتفهاّ قبّل مجيء
ذلكّ اليومّ المشئوم فحتّى لو بقي ويليام الرجل الوحيد فيّ هذاّ العـالمّ فلنّ تلتفت إليه ، ضحكتّ ماريّ و هي ترى ملامحّ الصدمةّ عليهماّ ثمّ قـّالت بسذاجّتها
المعتـادّة و هيّ تدفّعهما إلى غرفة المعيشة
ـ أوه يـا إلهي لقدّ نسيتّ أنهّ لديّ محاضرة مهمـة على سـّاعة الحادّية عشّر ، يجبّ عليّ الاستعداد ها لا تعيرانيّ اهتماما
ثمّ أسرعتّ راكضـّة إلى غـّرفتها و فكـّرة ربطّهما معهاّ قدّ بدأت تدورّ بخلدّها لترسخ شيئا فّشيئا بّعقلها ، فتقدمّ ويليامّ بلامبـالاة و جلّس على الكرسيّ بينما
قدّ خابّ ظنه قـّليلا فكيّف سيتسنى له الحديّث مع ماري و إقناعها بـّفكرة الزفافّ مادامتّ هآته العـمّلاقة هيلك بجانبها ؟ سكبّ القّليل من القـهوةّ لنفّسه و
التقط قطعةّ حلوى ليبدأ فيّ مشاهدةّ التلفاز بانسجام مصطنعّ فـوقفّـت فلور أمامه و هي تعلم تماما أنه يحاول تجنبّ الكلامّ معها ،قالت بنبرة هامسةّ و حـادة
ـ إنّ كنت قدّ أتّيت لإقناعّ ماري بـزواجّ من صديّقكّ المتعجرّف فـّلا تحلمّ حتىّ بذلكّ لأننيّ لن أسمحّ لكّ أبدا
قطبّ ويّليام بـّاستياء منها ، ما الذيّ هي قدّ تـّعرفه عن نايت لتناديه بالمتعجرّف ؟ و منّ هي لتـّقول هآته الكلمـآتّ عديمة الأخلاقّ له ؟ لكنّ و بالرغم من
فـّظاظتها و بالرغمّ من نظرتها التيّ تقطّر بحاراّ منّ كراهيةّ فقدّ بـادرّها بابتسامة لطيّفة
ـ و منّ أنت حتىّ تخبرينيّ بهذا ؟ أظنّ أن مارّي شآبة راشدّة يحقّ لها إختيـّار ما تريدّ و أناّ هناّ حتى أطلّب منهاّ تأنيّ قبّل الاختيار لست مثلكّ أحاول أن أمليّ
عليها ما تفعله بـّعد أن دّخلت حياتها منذّ أسبوعين
أمسكتّ فلور بّقبضتها و قدّ كادتّ أن تفقدّ أعّصابها فّعلا فابتسامته تستفزهاّ لهاويات الجنون لكنهاّ تحاملت على نفسهاّ و أجّابته بنبرةّ متهكمةّ
ـ حقـّا ؟ أتلومني لأننيّ أردتّ أن أبعدّ ذلكّ الرجلّ المتشكلّ بهيئة إنسانّ بينماّ هو خالّي من أيّ صفة تمدّ للإنسانية منّ طريقّ أختي ؟ ذلكّ الرجلّ الذي تدعي
أنهّ صديقك .. ذلكّ الرجلّ الذي لم يعرّ حزن ماري أيّ إهتمام بل تهجمّ عليها بكلّ همجية ضـآربّا بمشاعرها عرضّ الحائط ؟
وقفّ ويليامّ فـّورا ، كيفّ لها أن تهين نايت هكذا أمامه ؟ فـّكشّر عن أسنانهّ ثمّ استدارّ ليتنفسّ بعمق بعدهاّ وجه نظراته ناحيتها و هو يقول بّبرود
ـ ما مشكلتكّ بالضبط ؟ بلّ من أنت حتى تهيني نايتّ هكذا بينما أنتّ لست أفضّل منه ؟ أنتّ يا إمرأة من تدّعي إنقاذّ ماريّ في حينّ أنك لا تباّلين فعلا بما تـّريد هي
، أليس هذا أيضّا نوعاّمن ضّرب مشاعرها بالحـائط ؟
صمتّ لدّقائّق ثمّ ابتسمّ بلطفّ و هو يـّكمل حديّثه محاولاّ استمالّة عطفّها
ـ نحنّ بّشر يّا فلور و لسناّ ملائكّة، نحنّ نخطـأ و نتعّثر و نفّشل فّلا أحدّ مناّ كاملا لذّلك منّ فضلكّ امنحي ماريّ و نايتّ فرصةّ
استاءت كيّف استطاع أن يّلين قّلبها قّليلا ناحية ذلكّ المدعو بنايتّ فـّأمسكت بّمعطّفها و وشـاحها لتّغادر مسّرعة ، لقدّ خطـّرت فيّ بالها فكرة

/

جّالسا على كرسيه في مكّتبه الكّبير ذلكّ ، جـدّران غـرفته مغطاة بزخّارف ذهبية تمتد إلى سقفّ حيث وجدت ثرية عـملاقةّ ، مكتبة لا بـأس بها تحتوي على
عدد كبير من الكّتب و نـافذة من أسفل الأرضية إلى الأعلى تطّل على حديقة منّزله فيّ فّرنسا ، وّضع نظارته جانبا و هو يفّرك عينيه بإرهاق ، بينمّا جرائدّ
عديدة تحتوي على نّفس الصّورة الملتقطة ، صـّورة لرئيسّ شركة جونسونّ و بجانبه تـّقرير عنّ تمـّويل خفيّ سـّاعد جونسون للوصّول إلى ماهي عليه الآن،
وٌّقف ببرودّ ثم رمـى الصّحيفة جانّبا و قدّ صّر على أسنانه بكّل حدة لّيخرج صوّته البّـارد و المّبحوح كمّا لو كـأنهّ صدى في تلكّ الغرفة الواسعة رّفع هـاتفّه
و ضغطّ على أرقامّ محفوظة في ذاكّرته
ـ .. حّاول الاتصال الآن بصوان و أقترح عليهم شراكتنا ، سوف يّقبلون بالفعّل ، أينّ هو ذّلك المـّعتوه ؟ حسنّا أعتمدّ عليك فرانسوا
تنهد بحدة بعد إنهاءه للمكالمة ، يا لها من لعبة سخيفة تدخله فيها جونسون ، ألا تعلم أنه يمتلك بالفعل السوق ، أولائك البلهاء يحاولون إدخال عائلة لبير
بشـأنها العظيم في لعبتهم السخيفة عديمة الخبرةرفّع سّترتهّ الجلديّة الّبنيةّ و وضـّع قّبعته على رأسهّ ثمّ سـّارع بالخـّروج ، يجبّ عليه أنّ يخـطّوا الخـطّوة
الأولى ناحيّة شـّركة جونسّون قّبل أنّ يـّعلم أيّ أحدّ بذلكّ ، ركبّ سّيارتهّ اللامبّرغيني الجديدّة و التيّ استوردّها فرانسواّ منّ أجلّه منذّ ما يـّقاربّ يّومين فقطّ
لّيكون محطّ استعمالها بّفّرنسا ثمّ أداّر المقودّ باحترافية ليتجّه إلى حيثّ تـّلحّ عليه أفكـّاره الذّهاب
بـّعد مـّرور سـّاعتينّ تمكنّ من الـّوصول فيهّا إلى حيّ مهجور بني فيهّ مصنـّع تّهالكّ من شدّة قدّمه ، ركّن سّيارتهّ أمامّ البـّوابة ثمّ خـّرج و سار وسطّ قطّرات
المـطرّ المنهطّل بكلّ كسّل بينماّ عينيهّ تـّقاومانّ النومّ فتـّح البـآب بركّلة قـّوية ثمّ وضـّع يديّه فيّ يجبّ سترتهّ ببرودّ ، و كشّر عن أسنانهّ مستعداّ للمواجـّهة
بينماّ قـدّ ظهرت حالة الخـطرّ من حـّوله و احتدّت ملامحّ وجهه بكلّ تقاسيمهاّ ، كـّان المصنـّع مليّئا بصـّناديقّ عدة و فيّ حالة فـّوضى ، معظمّ هذه الصـّناديق
كانت مرميةّ و قدّ فتحتّ لتـّظهر بّضاعتها بشكلّ واضحّ لنايتّ تّوقف عنّ السّير عندماّ وصلّ إلى وجهته و ركّز عينيهّ بتقّييمّ شـاملّ على ذلكّ الـّرجل الذيّ
ربطّت قدّميه و يدّيه إلى الكـّرسي فيّ حين كانّ التعبّ واضحا عليه و بجانبهّ توجدّ صينية أكلّ صدئة ، رمقّه نايتّ باحتقار ثمّ قـّال بـّنبرة حادةّ
ـ لقدّ التقينا أخيـّرا وجهاّ لوجّه يـاّ ... رئّيس
ببطّء شديدّ قّاوم ذلكّ الشـّاب تّعبه و ألاّم جسدّه المرّهق لينـظرّ إلى نايتّ بـّحقدّ دّفين ، ثمّ همسّ بّصوت خـّافت كالأفعى
ـ لمّ أكنّ لأظن أبداّ أنّ هـذّه هي طّريقتكّ فيّ اللعبّ سيدّ نايتّ ، بل بالأحرّى ظننتكّ شخصـّا مستّقيماّ آسفاه فقدّ خابّ أملي بكّ
عمّ السكونّ قـّليلا ، عندماّ أتى فـّرانسوا فجـأةّ ليّقفّ بإحتـّرام و استعدادّ خلفّ نايتّ ، فيّ حينّ تـّقدم الأخير بـّكل برودّ ناحيّة ذلكّ الشـآب ، سددّ قّبضته
إلى مـّعدته بكلّ قوة فإرتدّ الكرّسي للخلّف و سقطّ لّيعم الغـّبار فيّ كل مكانّ ،إنحنى و أمسكّه من ذّقنه لّيقول بـّصبّر
ـ لستّ هنا لدّردشة معكّ ، أخّبرني كيّف حصّلت على مستندّات المشّروع ؟ كيّف تجـرأتّ على خيانتيّ أناّ ؟
رمقّه الشـّاب بـّغيضّ ثمّ قـّال بّصوتّ غـّاضب و عّصبي
ـ أتظننيّ بهذه البّلاهة لأكشّف عن أوراقّي لعّدوي ؟ بربكّ
قـطبّ نايتّ و رّفع يدّه على ذّقن شـّاب ، سحبّ مندّيله و قـّام بّمسحّ يديّه ليّرميه بعدها بينماّ يّراقبّ فرانسوا الوضّع محاولّا كتّم ضحكـّته ، لقدّ بدأ يّفقدّ أعصابه
و عندماّ يّفقد نايتّ أعّصابه تحدثّ العـجّائبّ ، عـدّل من وضّعية الكرّسي و تحدثّ
ـ إسمـّع أتظن أن أوراقّك فعلا مهمة بـّعدما قدّ خسرتّ ملايين الأسهم و أصبحتّ مدانا بالبلايين ؟ يجبّ عليك فيّ هذه اللحظة أن تتوسّل لعقدّ شراكة معي
لعلني أنقذكّ لكن لا بـأسّ فلا بدّ أن رأسكّ قدّ تـأذى تماماّ كجسدّك لذلكّ سوف أعطيكّ فّرصة آخيرة ، فإن أخبرتنيّ منّ الذيّ تجرأ اللّعب بذّيله من حولي
سوفّ أساعدك بانتشال مؤخرتكّ من الأرض
نـظرّ إليهّ جايسّون بّعينيهّ الـحادّتين و لو أنّ يديّه لمّ تكوناّ مربوطّتين فقطّ ، لوّ أن قدّميه لمّ تكوناّ مشلولتينّ عنّ الحركّة فيّ هـذه اللحـظّة فقطّ لأراه منّ
يكونّ فعلاّ رئيسّ شّركة جونسونّ لأمسكّ بّفمه هذا الذيّ يّقطر سّما و قطـع لسّانه لإشّلاء ، لكـّنه ابتسمّ بسّخرية لاذّعة و هو يـّرد عليه بّكل ّثقة لا تلاءم موقفه
ـ بّل من هـّؤلاء الذّين يّلعبون منّ حولكّ ، نحنّ ذّئـّاب يّا نايتّ و الذّئابّ لا تـّخرجّ لوحدّها
تـّقدم منهّ فـّرانسوا و بينّ يدّه عصى حديدّية التقطها قّبل فّترة ، كـّان يّسحبها على الأرضّ لتصّدر صّريرا مزعـّجا يصّم الأذانّ ، رفّعهاّ فجـأة و هوى بّها
على قـّدم جايسونّ اليمنى بكلّ قـّسوة لّيمتزجّ صوّت أنينّه معّ صوتّ انكسّار عـّظمه ،
تخّللت أصّابع فـّرانسوا شّعر الشـّاب الأشّقر و دّفعه لّيكون بّمستواه ، حيّث أن المسّافة بينّ وجهيهماّ لا تـّكاد تبعدّ سنتمترينّ و لّيتحدثّ بّنبرة مخّيفة حـاّقدة
ـ هلّ أجلّب لكّ قـّلما و ورّقة لكّتابةّ أسّمائهمّ أمّ يجدرّ بيّ أنّ أصنعّ حبّرا منّ دمكّ ؟ يـّا فتى
لمّ يكنّ يملكّ جايسون فيّ هذا الوقتّ سوى نـظرّاتهّ التيّ قدّ تّشفع لهّ غـّليل بركّان حقدّه ، أنّ يكونّ لعبةّ بينّ أيادّيهم هو أّسوء مصّير قدّ سقطّ فيه ،
فّهمس بّنبرة سّاخرة بّالرغم منّ آلامه
ـ قدّ تبدواّ يّا نايتّ الآن قّويا ، متملكّا و لا تهـّاب شيّئا لكنّ صدّقني سّوف يـأتيّ اليومّ الذيّ تّخسر فيه كلّ شيء .. هـذاّ الجّبروت و هـذاّ الكّبريـّاء و هـذّه الكـّرامة
، سّوف يّسقطّ قناعّ بّرودكّ يوماّ و سوفّ أحرصّ على أن أكونّ أناّ منّ يّدفعك للحّضيض
لكـّمه فـّرانسوا فـّإندّفعت الدماّء من فمه ، فيّ حينّ أدارّ نايتّ ظّهره لهّ و ليّتجه بخـطّوات كسّولة نـّحوّ المخـّرج عندماّ تّوقفّ فجـأة و استداّر نصّف دورة ينظرّ فيها
إلى جايسون ، ابتسمّ بـّهدوء و أشّار لفرانسوا كيّ يّنزع الحبّال ثمّ تـّحدث بنبرة سّاخرة محّتقرة
ـ يسّرني أنّ أراكّ تحـّاول
شّعر جايسون بالدهشةّ و هو يرى نايتّ يرحلّ غيرّ مباليّ به و بجانبّه يده اليمنى و حاّرسه الشخصّي فـّرانسوا ، طرّيقة سّيره الكّسولة و ملامحّ وجههّ البـّاردة
جّعلته يشّعر كما لو كـأنهّ حشّرة قذّرة منّ المستحيلّ لها أبدا أن تصل إلى مكانته ، لقد أحتقره و استهان به ، استهزأ به هو رئيس شركة جونسون ، وقفّ بإرهاق
و بخـّطوات متمايلة سريعةوصـّل إليهما ، حيثّ كان نايت يهمّ بالّرحيلّ و هو يّصعد إلى متن سّيارته ، صّرخ بّقوة و حقدّ قدّ أعمى بّصيرته و حتىّ فكـّره بينما على شفتيه
ابتسامة شماتة
ـ هلّ يعني لكّ إسمّ ديـّمتري شيئا ؟
تّوقف نايتّ بّصدمة و إلتفت مسّرعا إلى حيّث كانّ جايسون يّقف ، ملامحـّه قدّ تغيرت و لأولّ مرة رأى فرانسوا نايت يظهر تعبيرا على وجهه عدى البرود ،
كانت عينيه تنطّقان بّالصدمة و الدهشةّ .. ثـّواني حتى تحولّت هـذه النظراتّ المشدوهة إلىّ نيّران وقودّها الغّضب ، سّارع نحوه و أمسكه من يّاقته ليّرفعه عن
الأرّض ، صّرخ بّحدة و نبرةّ عالية مزمجرةّ
ـ أّين هو ؟ أخبّريني أينّ هو قّبل أن أفصّل رأسكّ عن جسدك ، أينّ هو ؟
ضحكّ جايسون بّقوة و قدّ أعجبّه فقدانّ نايت لأعـّصابه ، لمّ يكن ليتخيّل أبداّ أنّ تّفوه باسم ديـّميتري فقطّ قدّ يّوقظ مشـآعره أو يجـّعله بهـذا الشكلّ فّأكملّ
كلامه قـّائلا بخبثّ
ـ ديميتري هو قـّائد القطيّع

/

فّي منـّزل غّلوريّ ، على عكّس آرثّر الذّي لمّ يـّعدّ بإمكانهّ إيجـّاد لّقمة العيّش ، كّان السيدّ رويّ يّترأس الطـّاولة و يـحتّسي النبيذّ بكّل هدوءّ لـّوحده بّعد
أنّ رفّضت زوجّته ليكسّ أنّ تكّلمهّ ، و فيّ ظّل انسجامه الشديدّ معّ الأنبـّاء رّن جـّرسّ منـّزله فأشّار للخـّادمة بـانّ تفتحّه نفذتّ أمرهّ ثمّ بـّعد بّرهة أتتّ و
انحنت بأدّب و لبّاقة
ـ سيدّي تّوجدّ شّابةّ فيّ الخّارجّ تـّقول أنهّا تدعى فـّلور روبّرت و تّريدّ أن تراكّ فـّهل أدّخلها؟
أشـّار لها بيدّه فـأسّرعت و أدّخلت فـّلور التيّ تقدّمت منهّ و صاّفحتهّ باحترام لتجّلس أمـّامه على الكـّرسيّ ، فقـاّل العمّ رويّ بتسـّاؤل
ـ ما الأمرّ فلور ؟ هل حدّث شيء مـّا ؟
أجـّابتهّ فلور بّنبرة بـّاردة و هيّ تضعّ يدها على الطـّاولة لتسندّ رأسها عليهّا بينماّ قدّ بدى عليهاّ الملّل الواضحّ
ـ لا لّم يحدثّ شيء، لقدّ أتيتّ فـقطّ لأنهّ لديّ بضعة أسّئلة أريدّ منكّ الإجـّابة عليهاّ
أومـأ لهّا مشّيرا لكيّ تكّمل كلامها و قدّ استرعتّ انتباههّ ، بينما فتحت فلور حقيبتها و أخرجتّ بضعة مستنداّت لتّضعهما على الطـّاولة بجـّانب كـأس
العمّ روي تمـّاما ثمّ قـّالت بـّهدوء
ـ لقدّ وجدتّه هاتّه الأوراّق فّي مكتّب والديّ و كلّ ما أريدّ منكّ الآن هو أن تخبرني ما الذي قد تعنيه هذه الأّوراق ؟
حمل رويّ الملّف بفّضول ثمّ فتحـّه ، ابتسـّم بـّهدوء و هو ينـظرّ إلى ذلك الـّعقد الذيّ زينه توقيع جوناثانّ و بجـّانبه توقيعه هوّ ، لقدّ كان عـّقدا وهمّيا
عندماّ أرادّ كلاّهما أن يزوجّا أبنائهما منّ بعضهماّ البّعض ، نـظرّ إليها للحظات ثمّ ردّ قـّائلا
ـ ما الأمر ؟ لقدّ ظننت أنكّ تّعلمين أنه مزيفّ ؟
تنهـدّت فلور بـّغيضّ ثمّ أشـّار على بـّند المبـّطل لهذا العقدّ حيثّ كتّب بوضوحّ إن أرادّ جوناثان التملصّ منه فّيجب
عليه أن يدّفع الـ 500 مليونّ دولاّر كتـّعويضّ لخسّائر التي ألحقّها بّعائلة غلوري ، فعـّادت تتـّحدث مجددا
ـ أناّ أعلمّ ، كّلانا نعلمّ و ماّري تعلمّ أيضّا لكنّ و بسّبب هذا العقدّ المزيّف جلّبت ماريّ الـ 500 مليونّ دولارّ و أظنكّ تـّعلم تمـّاما مصدرّ هذه الأموال ؟
أومـأ عمّ روي بالإيجاّب ، إنهّ واضحّ تماما أنّ ماريّ قدّ جلبت هاتّه الأموالّ من خطيّبها نايتّ لكن ما الأمر الذي تـّريد فلور أن تـّصل إليه لا يزّال
مبّهما بالنّسبة له ، فّعقدّ يديه بـجاّنب صدّره لتـكملّ فلور كّلامها بـّغيض
ـ أريدّ منك أن تجدّ حلاّ يجّعل ماري تعدّل من فكرةّ الزواج بّهذا المدعو نايت ، أظنّ أنّ قّصة الـ 500 مليونّ دولاّر تخفيّ أكثّر مماّ نعرفه لذلكّ أفّضل
أن تنسحّب ماريّ من هذه الزيجةّ
قطـّب رويّ بعدم استيعابّ لكّلماتهّا ثمّ صّاح بّاستنكـّار بّعد أن تـّدارك الوضعّ
ـ هل أنتّ مجنونة أم ماذا ؟ منّ هذا الذيّ يّرفضّ أن يكونّ نسيبّا لّنايت ؟ أرجوكّ لا تتدّخلي فلور فـماري و مماّ رأيته هيّ تحبّ ذلك الرجّل حبّا جماّ و
بـّفرضك لرأيكّ فـأنتّ تـّحطّمين ما بنيته أنت و أختكّ تواّ ، لا تنسيّ أنّه تمّ إعادة لمّ شملكما منذّ شهرّ تقريبّا و أن تتدخلي فيّ خصوصياتها قدّ يهدمّ العلاقة التي بينكما ،
ـ لكـّن .. سيدّ رويّ أنتّ لا تـّفهم فـّنايت ليسّ كما يبدوا
ضّربّ رويّ بّقبضته على الطاّولة فـّتّوقفت فلور عن الكلامّ و رمقته بكل دهشةّ ليّكمل هو حدّيثه بـّهدوء
ـ أناّ أعلمّ عن الإشـّاعات التي تدورّ حوله ، أنهّ رجلّ أنانيّ بّلا أخلاق يّسعى لتدميّر كل من يّقف بطـّريقه و أعّلم أيضّا أنهّ لّن يترددّ فيّ القّضاء عليكّ إن
حاولت إعتّراضّ زواجه من ماريّ ، فـحسّب ما رأيتّ فهو يّحب ماريّ
تـأوهتّ فلور بـّتعّب و وضعت وجهها بين يديها غير مصدقة ، لقد سمع منتصفّ الكلام فقطّ فلو جلّس روي حتى النهاية لرأى كمّ هو وضيع ذلك الرجلّ
فوقفّت بـّغيضّ و أمسكت حقيبتها لتـّخرج مسرعة ، لما لا يساندها أحد ؟ كلهم يعلمون أنه سيء الطباع فلما لا يقفون فيّ وجه هذا الزفاف ؟
بينماّ وقف روي و حملّ ذلك الملفّ لكيّ يضعه فيّ مكتبه و يـّخرج هو الآخر بعدّ أن ضاقت به أجواّء البيت، خـّلف حديث هذين الاثنين كانّ هناك مستمع ثـّالث.
. تسللتّ ببطء إلى مكتبّ والدها ثمّ أغلقّت البّاب خلفهاّ بإحكامّ لتتجّه إلى حيثّ كان الملف مرميّا بإهمال و على شفتيها ابتسامة نصٍّر و أخذتّ تفتحّ درجاّ تلوّ
الأخّر بّفضول ، الآن بـّعدما قدّ وجدتّ هـذاّ الملفّ يجبّ عليها أن تّسرع لإحداث ضّربة ، ضّربة تـّجعل تلكّ المدعوة بماريّ تـّرتجفّ رعـّبا ، سوفّ تجّعلها الـماردّ
الخّاصّ بها ، هيّ تـأمر و تلكّ تنفذّ

/

فيّ إحدى تـّلك الغـّرف العـديدّة ، كـّانت هي تـّجلسّ على أريكة واسعة واضـّعة قدّما على الآخرى و قدّ بدى عليهـّا الإنغـّماس فيّ أفكـّارها الخاصة ،
فتـّارة تـبتسمّ و تـّارة آخرى تـّعبسّ بشكلّ واضحّ ، مـدتّ ذّراعها و سحبّت هاتفها الـّبعيدّ عنها إلى حضّنها ثمّ أخـذتّ تـّدور بينّ أسمـّاء المسجـّلة ، يّا ترى من
هو الأنسّب لمهمتهاّ ؟
حسنـّا لا بـأسّ بهـذاّ الـّرجلّ فهو بـّعد كلّ شيء يدّها اليمنى كمـّا أنهّ يّفضل أن تعطيّ مهمتها إلى شخصّ تـّثق جيدّا به كيّ و إذاّ انكشفت ألألاعيبها فّلن يّقوم
هذا الشخصّ بّفضحها ، يجبّ عليها أن تتوخى الحـذرّ أكثّر و يجبّ عليها أن تـّقدم على خـطّوتها الآن مـّا دامّ نايت لّيس هناّ فيستحسنّ كونهّ بعيداّ ، هكذاّ
سترتـّاح فيّ تـّنفيذّ خطتهاّ
اقتربّ منهاّ فجـأة محتّضنا إيّاها من الخـّلف بّقوة و بكلّ اشتياق فالتفتت إليزابيثّ ناحيته و على شـّفتيها ابتسـّامة بـّارعة الجمـّال ، مـّرتدّية فـّستان حـرّيريّا قـّرمزي
يّصل إلى منتصّف ركبّتيها جـّعلها كمـّلكة لا تـّقاوم بينماّ همسّ كايل فيّ أذنها بـّنبرة كسـّولة عـاّبثة
ـ لقدّ اشتقت إليكّ كثيـّرا عـّزيزتي ،
قـّبلها على خـدّها بـّخفة ثـّم قفـّز بّبسـّاطة ليستلقي واضعـّا رأسه على حـّضنها، فـّتخللتّ أناملهاّ شـّعره البنيّ بـكلّ لطّف لتـّقول هي هـّامسة
ـ أنـّا أيضـّا عـّزيزي ، كيـّف كان العـّمل ؟
كشـّر عن ملامحـّه بضّيق فبدا حيّنها كماّ لو كـأنه طـّفل فيّ الـّخامسة ، يكونّ مستمتـّعا باللعـّب بأشيـّائه عندماّ فجـأة يتـّم أخذّ لعبته منـّه مـذّكرينه بـّواجباته
فـأجـّابها بـتّعاسة
ـ أيجبّ عليكّ دوماّ أن تفتحيّ هـذا المـّوضوع ؟ لقدّ أخبرتكّ مسبّقا العـّمل يّبقى فيّ مكانهّ ، لذاّ من فـّضلكّ غـّيري دّفة الحديّث
ردتّ عليه إليـّزابيثّ بـّضيق هي الآخرى و قدّ سحبّت يدّها منّ خصـّلاته
ـ لماذاّ أنت هـكذا ؟ أنـتّ تـّعلم جيـداّ أنني أريدّ أن أسـّاعدكّ فـّلو تـّخبرنيّ بّصفقـّاتّك لسـّاعدتكّ لنيّلها ، لديّ معـّارفّ عدةّ
تنهـدّ كـّايلّ و وضـّع ذّراعه على عينيهّ ، العمـّل فيّ شـّركة مـّع جـدّه بمثـّابة الذّهابّ للإعـّدام بإرادّتكّ فـّهو شديدّ و قـّاسيّ مـّا إن يـّعلم بتـّواجـّده فيّ
مكتـّبه حتّى يّرسل له مـّلفات لا تحصى و يـّطلب منه الذّهاب إلى مقـّابلات عـّدة قدّ نسي مّعظمها عمـّا كانتّ تـّدور ، بّتصرفـّات جـّده عديّمة الـّرحمة
جـّعلته يـّظن أنّ نايتّ سوف يـأخذّ منصبّ الـّرئيس لا محـّالة ، تـّحدثّ فجـأة و هو ينـّهض مسـّتقيما لّيعتدل فيّ جّلسته
ـ ما الذيّ قدّ فعلته بمـّا يّخص موضوع خـّطيبة ذلكّ السـّافل مـّاري ؟
هـّزت رأسها نفّيا و رفـّعت كّتفيها دّلالة على عدمّ فعلها لشيءّ فـّوقف كـّايل و أخـذّ هـّاتفه الموجودّ على الطـّاولة ليّستعد إلى الـّرحيلّ و هو يّقول
ـ يجبّ عليكّ الإسـّراع فـّلا يوجدّ لديّنا الكثّير من الـّوقت

/



بينّ جدران الـكّلية الكبـّيرة ، فّي إحدى القـاعات المنتشرة بـكّثرة كـآن هو بجانب أخته جـّالسّا و علاماتّ الضجّر على وجهه الـجمّيل ، و كذّلك كليـّر لمّ
تكنّ تـّقل عنهّ تهجمـّا بعدّما قدّ نقلت له مـّا قاله والدّه بجّميع حواّفره ، المحاضرة قدّ انتهت منذ مدة لكنهمـّا لا يـزاّلان عالقان هنـّا، لنّ يتحّركا قبّل إيجاد
حّل لمشّكلة عائلتهما الصـّغيرة تلكّ و لنّ يسمحّا بـجثـّمان رجّل مّيت أنّ يعرّقل سـّعادتهمّا ، و مهمـّا كّلف الأمـرّ ، كـآن ينتـّظران ظهورّ مـّاريّ ، فـّكلير
لا تّعلم أينّ تعـّيش و الفـّرصة الوحيدّة لإمساكها هيّ عندّما تكّون بّين قّضبان الكّلية ، فجـأةّ قدّ رأتّ كليـّر مـارّي تمـّر منّ الـرواّق قبّل أن تسقطّ جميعّ
كتبهـّا و تضطّر للجّلوس كّي تّجمّعهم ،أسّرعت كليّر إليهـّا ثمّ رفعت نفّس الكتاب الذّي كـآن بيدّ ماري لتنـظّر إليها الأخيرة بعينيها الواسعتين ،
رمّشت مـاري قـّليلا قّبل أن تنـّزع الكـتاب بّقوة و قّد أضطرب قلبها ، فابتسمت كليـّر بـبرود و دّفعتها لدّاخل القـاّعة لتّغلق البـاّب خلّفهما بّهدوء و هي
تقّول بلهجة مهددة
ـ لدّينا حدّيث لمّ نكمله صّغيرتي مـاري ،
بّلعت ماري رّيقها بـّتوتر ثمّ وقفّت و قـّالت بارتباك
ـ ألمّ تسمعي ما قاله نايت عن الاقتراب مني ؟ أتردينّ الموت فعلا ؟
ابتسمت كلّير و على شفتيهّا مكـّر ، ثمّ وضعت يدّها على كتّف ماري المرتجّفة و أمالت رأسها قّليلا
ناحيتها لتّهمس بّخفوت
ـ عـزيزتيّ ، جميـّع الصـّحف قدّ نشّرت أنّ خطيبكّ البـّطولي قدّ ذهب في رحلةّ عمّل إلى فرنّسا لذّا حبيبتي ، هذّا حدّيث خاّص جداّ فدّعينا لا نشّركه به
تّقدم آرثّر منهـّا بهدوء فنـّظرت إليه بذّعر ، كـان يّكفي وجودّ فردّ واحدّ من عـاّئلة غلوري لكنّ الآن ما الذّي سوف تفعله ؟ وضعّ آرثر يدّه على
كّتفها الآخرى ثمّ قـالّ باستياء
ـ مـاّري ، كّيف لكّ أن تفعلي هذا بّي ؟ ألنّ تـرأفّي بّقلبكّ الذّي أحّبكّ طواعية ؟
ابتعدّت مـّاريّ عنهمـّا بّسرعة ثمّ ضّغطّت على زّر هاتفها الموجودّ بّدّاخل جّيب معطّفها، ثمّ قـّالت بتّرددّ
ـ لما أنـّا ؟
أجـّابتها كلّير بـّبرودّ
ـ لأنـكّ الحّلقة الأضّعف طّبـّعا ، يّسهل خدّاعكّ ، الآن مـّاريّ صـّغيرتنا مـّاريّ دّعينا ننتّقل إلى الأهمّ ،
نـّريدّ منكّ أن تنفذّي لنا أمـّرا مـّا
قطّبت مـّاريّ عندمـّا اجتاحتها كّلمّات نـّايت سّابقّا ، كّيف قدّ غضّب منهـّا ؟ و كمّ كـان مـّؤلمـّا سمّاعّ تّوبيخاتهّ فقـّالت بـّخفوت
ـ أنـّا لستّ مطّالبة بفّعل أي شـيء لكّما ، لذّا دّعاني أرحّل
رمّقتها كلّير بـّغضّب ثمّ نـّظرت لآرثّر فاقترب هو منّ مـّاري و أمسكّها من ذّقنها بّقوة جّعلتها تّجفّل ، فقـّال بـّحدة
ـ أنتّم السّبب فيّ جعل والدّي يطّردني من المنـّزل و يحّرمني من جميـّع مصّروفي بّشتمي و حّرماني من رؤية عـّائلتي
لذّا لا تّقولي أنكّ مطـّالبة لأنكّ لست كذّلكّ ، بّل أنتّ مجّبرة عـزيّزتي على تـّنفيذّ أوامـّرنا
رمّقته مـّاريّ بـّاشمـئـزازّ شديدّ ثمّ رّفعت يدّها و دّفعته لكّنه لمّ يتحّرك أنشا واحدّا من مكـّانه ممـّا جـّعلها تـّرتبكّ فرّفعت قّبضتها بـّخفة و
أّغلقت عينيهـّا للوهلة ثمّ فّتحتهمـّا مجددّا
حّينهاّ كـّانتّا مشّبعتينّ بالكبـّريـّاء ، بنـّظرة عمّيقة من التـّعجرّف و الآنـآنية كمـّا لو كـأنهاّ لست مـّاريّ فإرتبكّ آرثّر لكنّ هذّا لمّ يمنعه من
إبـّعادّ يده لتّقول مـّاري بهدوء
ـ أنتّ مخطـأ ، جميـّع ما حدّث لّك لّيس بّسببّنا بّل لآنّ تصّرفاتكّ اللا أخلاقية و إنحـطّاطكّ همـّا سّبب جّعلكّ في هـذّا الموقفّ تبحّث عن
شخص لتّلصّق بهّ أخطـّائكّ أنتّ كيّ لا تّشعر بالذّنب و كيّ لا تضطّر للاعتذّار ،
ـ أجّل سّلوكيّ هو خطئي أنـّا و أنّا فقطّ لكنّ من أنتّم حتّى تّعاقبوني ؟ من أنتمّ حتى تحّرموني من عائلتي ؟
إرتبكّت مـّاري ثمّ عـادّت تـّغلق عينيهـّا محاولة التفكّير فيّ نايتّ كي تستمدّ منه القوة مجددّا بينمـّا نـّظرت إليها كلّير ّغيّض و كـّادّت أنّ
تّقوم بلكّمها لولا أنّ آرثر أوقفها بإشـّارة من يدّه ، يّغضبه كيّف تّرد عليه ، فقـّال بحدة مكمـّلا كّلامه
ـ و أنتّ مجبرة على إصلاح خطأ والدّك بـمّا أنه قدّ توفي ، أفهمت هذا ؟
كـآنت تّفكر ، كيّف يجّب عليها أن تتخّلص من هذه الـورطّة قبّل تـّطور الأمورّ لشيء لا يحمدّ عقـّباه فطـأطـأتّ بـرأسهاّ قـّليلاّ ثمّ رفعته و قـّالت بـّتردد
ـ ما الذّي تريدّ مني فعله ؟
ابتسمتّ كليّر بـحقدّ و وضعت يدّها على رأّس مـّاريّ لتنّثر شّعرها بكّل خشونة و قسوة قّبل أنّ تنظّر إلى عينيهـّا و هي تقّول بـتسـاؤل
ـ أتستطعن إعادة والدكّ و أن تطّلبيّ منه ألا يدّخل أنفه فيّ شـؤون الآخرين مجددا ؟
دمعّت عّيني مـّاريّ فـابتسمت كليّر بانتصار ، هاّ قدّ عادّت ماري الضّعيفة إلى جـّانبهمّ و هي التّي ظنت أنه و بعدّ خطّبتها قدّ تغيرت فـضّربت
خدّها بّرفق لتّقول بكلّ شّفقة
ـ لا أظن ذّلك ، حسنـّا مـا رأيكّ أن تطّلبي من خطّيبك المشهور أن يّرسّل لنـّا عشرة مّلايين أو أكثّر ربمـّا مئة مليونّ حتى يـؤسس آرثّر عمله
الخاص و يّعترّف والدّي بنجاحه لتعودّ عـائلتنا كما كانتّ لكن آكثر ثراء
شهّقت مـاّري من كمية المّبلغ الكّبيرة و قدّ شحّب وجهها ، هي لنّ تستطّيع أن تطّلب هذا من نايتّ مهماّ قدّ فعلوا ، فّرفعت رأسهـّا بكبـّريـّاء و قـاّلت
ـ لا
أمسكّت كلّير بّقبضتها قّبل أن تندّفع نحوها و تّلوي رّقبتها تلكّ ، أمـّا آرثر فّرمقها بـحدّة ثمّ نـّظر ناحية أخته ، ليّقول بغضب
ـ من أنت لكّي ترفّضي ؟ ألم أخبركّ أنكّ مجبرة ؟ أيتها الغّبية الحّقيرة ، كلّير أخرّجيّ ما بجّعبتك
ابتسمت كليّر ببرودّ ثمّ أخرجتّ ملّفا من حّقيبتها الصّغيرة من مـاّركة المشّهورة شـانيّل و رّمقت مّاري بإستهزاء قّبل أن تّرمي ذّلك الملّف
بين يدّيها ، فـأمسكته الآخيرة بترددّ ثمّ فتحّته و دّقات قلبها تّرفضّ الصّمت كـّانت تّوجدّ نسخة من العقدّ المزيّف الذّي كانّ جّوناثـّان سّوف
يجّبر فلور على توقيعه مـّا إن أكمّلت المسرحية و سندّات عنّ ملكّية و أّيضـّا بضعة تسّجيّلات قـّامت كليّر باخراجها من الكـّاميرات المنصّوبة
فّي منزّلهم و تمّ تسجّيل فيها كلّ محادثة كـّانت بينّ والدّها جوناثان و العمّ روّي ، نـّظرت إليهمّا مـّاري بإستنكـّار
ـ لقدّ صّرناّ نعـّلم أنّ هذا العقدّ مزّيف من وصّية والدّي الأخيرة لذّا ما الذّي تحاولونّ الوصول إليه ؟
لمّعت عيناي آرثّر بالانتصـّار و هو يّسحبّ المّلف من بينّ يدّيها لّيقول بلهجة عـّابثة و مهددّة فّي نفّس الوقّت
ـ أنـّا أعلمّ و كلّير تـّعلم و أنتّ تـّعلمين و أختكّ تـّعلمّ لكن يـّا ترى هل الصّحافة تـّعلم ؟ ما إنّ يخرجّ هذا المّلف إلى العامة فـّيا ترى كّيف
سّتكون نّظرة المجتمـّع إلى محبوبة الجمـّاهير سنـدّريلا ؟ تلكّ التيّ نالتّ قّلب نـّايت يتـّضحّ أنهّا ليسّت سوى دّجالة تسعى لمـاّله ، و قدّ خدعته من
أجّل الـ 500 مّليون دّولار المـّزيفة ؟ مـّا رأيهمّ أن هـذّا الـعقدّ كـّان مـجردّ تـّزوير من أجّل الحّصول على شّفقة أميّرك فيّ مسـّاعدّتك ؟ أخّبرينيّ
يـّا أيتها الحلوة اللطّيفة ماري ؟
شّحبّ وجّهها كّليـّا كمـّا لو كـأنّ دّماء عـّروقها قدّ سحّبت فـنـّظرت نحوه بـّعينيها البنّيتينّ الزائغتين من الصدّمة و بّلعت ريّقها مرارّا و تكّراراّ قـّبلّ أن
تـكّمل كلّير كّلامها و هيّ تّلتف حّول مـّاريّ كإلتفاف الأفعى حولّ فريستها
ـ لقدّ خاّب ظنيّ بكّ فعلا يـّا ماري ، لّم أكنّ أظن أنكّ بهـذّا الانحـطّاط و لدّيك كّل هـذّا المـكّر لكنّ فعلا لقدّ خدّعتنا كّلنا
ارتجّفت مـّاري كـّورقة في الخـّريفّ و أنـّزلت رأسهـّا إلى الأسّفل بينمـّا دّموعها على وشكّ السـّقوط ، ما الذّي يمكنها فعله الآن ؟ كّيف يمكنهاّ
قّلب الطـّاولة لصـّالحها ؟ لمـاذّا تـأزمت الأمور إلى هذه الدّرجة ؟ سّوف يّغضب نـاّيت ، مسحّت دّموعها ثمّ قـّالت بـّخفوت
ـ حسنـّا لقدّ فهمت ،
ضربت كليّر خدها بّخفة و غمزت لآرثّر لأنّهما قدّ نجحا ، فجـأةّ رّفعت مـّاريّ نـّظرها نـّاحيتهم و قدّ تـّغيرت ملامحـّها الخـّائفة المـّرتعبة إلى التمـّاسكّ
، ثـمّ قـّالت لهمّا بـّتوتر
ـ إنّ أردّتمـّا أنّ يّغفر لك يـا آرثر عمّي رويّ خطـئكّ فـسأتحدّث له و أترجاه لكنّ فقطّ لا تـّدخّلا نـّايت ، أرجّوكمـّا لا تّعبثـّا معه
قطّب آرثّر و ضّرب خدّها بّخفة قـّائّلا و لهجة التـّلاعب تّغزو كّلماته العـّابثة
ـ لمـّا ؟ هل تحّبينه مـّاري ؟ أأنت خـّائفة عليه منا ؟
ابتسمّت بشجـّاعة و شدّت حّقيبتهـّا إلى صّدرهـّا ثمّ ردّت على كّلماته العـّابثة بلهجة أشدّ قوة كلمـّا كـّانت تتحدّث عن نايت فيها
ـ خـّائفة عليكّما منه و لّيس منكمـّا ، أنتمّا لا تـّعلمان مـّا نايت قـّادر على فعله و لا أنتمـّا تـّعلمان مـّا قدّ تـّورطّان نفسيكمـّا فيهّ لذّا نصيحتيّ أنّ لا تّلعبـّا معه
زّفرت كلّير بغيّض عندّما قدّ طّال الحدّيث عن المعـّتادّ ، فـّقـّالت بـإنـزعاجّ
ـ هل أنت غـّبية أم ماذا ؟ أتريدّين من نايت خطيبكّ أن يكتّشف لعبتك الـوقحة في سلبّ أمواله ؟ أيتهـّا الخـّرقاء ماذا يوجدّ بدّاخل رأسكّ ؟
فجـأةّ رنّ هاتفهاّ فيّ جيّب معطّفها لتّدّخل كليّر يدّها و تخّرجه ، كـّان اسمّ نـّايت ينيـّر الشّاشة كمـّا لو كـأنهّ قدّ عـّلمّ بـّفعلتهما الشنيعة هذهّ فارتجفت أوصـّال
كلّير فقطّ من فـّكرة سمـّاعهم لحّوارهم لكن هدأت عندّما تـّذكرت أنه لا يجّب عليه أبدّا أن يسمـّع ما دّار هنـّا إن كـّانت مـّاري ترّغب فّي سـّلامتها الخـّاصة ،
فّضغطّت على زّر التجـّاهل و رمّت الهاتف مجددّا لدى مـّاري لتقول بـّعدم اهتمام
ـ لقدّ تغّيرت مـّاريّ ، لكنّ لا يـّزال أمامكّ الكثير لتجّارينا نحن
خرجّ كلا من آرثر و كلّير صّّوت ضحكاتهما تّملئ القـّاعة بينمـّا أمسكّت ماري الهاتفّ جيدا و جـّلست بهدوء على الكـّرسي ، أفكـّار عديدّة تدورّ في رأسهـّا
مؤخرا و لمّ تلقى لها جواّبا كذلكّ العـدّيد من الجملّ التي بّقت عـّالقة في ذّهنهـّا
ـ أنت ضـّعيفة مـّاري ، مـّاكرة مـّاري ، حفّل الزفـّاف فيّ نهاية هذا الشـّهر ، لقدّ توفيّ والدّك مـّاري ، كّفي عن التـظاهر ، أعملّي بّوصية والدناّ ماري ،
مـاري لا تتـّركي نايت مهما حدث ،
هـزّت رأسهـّا نفيـّا و تخللت أصـّابعها شّعرها البني القّصير بّعدم حيلة، لما هيّ الحلقة لأضّعف ؟ لماّ دوماّ ما ينالّ بغض الغّّير بالرّغم من أنها تحاولّ
جاهدة كسّب حّبهم ؟ كمّ تشعر بالّشفقة على نفّسها الآن ، ما الذي قدّ يقوله نايت عندما يعلمّ ما حدث ؟ لقدّ أخبرها سّابقّا أنها خـطّيبته و هي تمثـّله
عندما يّكون غائبا ، لكنّ الآن .. همستّ بصوتّ خافتّ مشجـّع و قدّ رسمتّ على شفتيها ابتسامة بسيطـّة
ـ قدّ أكون غبية سـاذّجة و ضـّعيفة لكن أنـّا لا أستسـلمّ بـّسهولة مهمـّا تطّلب الأمـّر،

/


الـهواء المنعش يحّرك يّاقة مـّعطّفه بإتجّاه الـّريـّاح و المـطّر الخّفيفّ يّضـفي جّوا من الـرومانّسية و الهدوءّ ، أغّلق عينيهّ الـزرقاّوتين الداكّنتين بتعّب
و أرخـّى رأسه على الكـّرسيّ محـّاولا التنّعم بّقليلّ من الراحةّ لكنّ هيمتاه فهـّاهمّ يعلنونّ عنّ رحـّلته إلى لندّن الجميلّة زفّر بّغيضّ و وضـّع القّبعة على
وجههّ فـتقدّم أحدّ الـرجّال ذو البدلات السـّوداء منهّ و إنحنى بـّخفة لكّي يـّقول بـكلّ لبـّاقة و تهذّيب
ـ سيدّي ، لقدّ تـّمّ الإعلان عن رحّلتك
فتحّ نايت عينيه و نـّظر إلى ذّلك الـرجّل ذّو الـّقامة الطّويلة ، عندّها قدّ احنى جميع الحراسّ رؤوسهمّ و عمّ الصمـّت فـقـّال نايت لذّلك الرجّل القـّريب منه
ـ أليّس جميـّلا لو أننـّا نستطّيع البقـّاء هنـّا أكثر فـرانسوا ؟
أومـأ فـّرانسوا و لمّ يّقل شيئـّا فتنهد نايت و وقّف لتّعادل قـامته طولّ قامة فـّرانسوا و إتجه إلى طـّائرته خّلفه أربعة حرّاس قـّائدهم المدعو بفـّرانسوا ،
جّلس فيّ مقـعده و عـّلامات الضجّر بـّادية على وجهه ، فجـأة سمـّع جّلبة في الخلّف لمّ يهتمّ بل وضـّع سمـاعات في أذّنه و همّ بالضـغطّ على زّر الموسيـقى
قّبل أن يـأتيّ رجّل مجنونّ مّلابسه ملطّخة بالدماء و سترتهّ قدّ فسدّت أمسكّ بياقة نايت و أشهرّ بذلكّ المسدّس على رأسه غيّر مبّالي بّصراخ الركّاب أوّ
موظفّاتّ ،و قـّال بـّنبرة غـّاضبة و حادّة
ـ أيّها السـّافّل ، كيّف تتجـرأ بوضّع يديكّ القذّرتين على والدّي ، أيهاّ الشيطان ..لقدّ أصبحّ مقعـداّ ألا تّوجدّ في قلبكّ رحمة ، سّوف أقّتلك
نـظرّ إليه نايتّ بعينين بـّاردتين خـّاليتين منّ أيّ تعـّبير ، كماّ لو كـأن حيّاته ليسّت مهددةّ للخـطرّ فيّ هـذه اللحـظةّ بل ابتسـمّ بـّغـّرابة و هو يـّرفع يدّه بسّرعة
خـّاطفة أجفّل عليها جايسون ليجّعل المسدسّ لدّيه ثمّ قـّال بـّسخرية
ـ أخبـّر نيكولاّس أننيّ أنتـظره ، و إنّ أرادّ أن يهاجمني مـّرة آخرى فـّلا يّرسل كلابه
رمقـّه جايسون بدّهشة ، كيفّ التقط المسدسّ بّسرعة و كيّف رماه ناحية فرانسوا ليمسكه و كيّف أصبحّ فيّ غـّضوان ثـّواني محـّاط بّالشـّرطة و العـّديد
منّ الحـّراسّ لقدّ حان وقّت سّقوطه و هذه هي النهاية ، حيّن تقدمّ نايتّ بهدوء نـّاحية فـّرانسوا و همسّ بـّبرود
ـ لا تـّدعهم يمسكونه
أومـأ فّرانسوا بـالإيجـّاب ثمّ أشـّار لرجـّاله كيّ يـّقوم إثّنين منهما بالسيّر خلفّ جايسونّ الذيّ تـّقوده الـشرطّة رغمـّا عنه بينماّ عادّ نايت للجّلوس فيّ
مكانه ثمّ وضع سّماعات الأذّن و شـّغل الموسيقى لـّيغلق عينيه ، احتدّت ملامحّه بّقليل من الغّضب ذلكّ المدعو بجايسونّ متهورّ أخرقّ فعوضّ أن يستغـّل
إطّلاق سّراحه راحّ يجولّ فرنساّ حاملا مسدّسا فيّ جيبّ سترته ، تنهدّ و دّلك جّبينه قـّليلا فقدّ بات يّظن أن فـّكرة تركه و شـأنهّ ليستّ بالفكـّرة الـجيدّة ربما
كان من الأفّضل لو أنهّ تركه محبوسا في ذلك المصنع لمدة أطول، فيّ حينّ كانّ معظم ركـّاب الـّرحلة فيّ الدرجة الأولى ينـظرونّ إلى نايتّ بإستنـكار و
إستغـّراب شديد ، كـأنه لمّ يتعرضّ لتهديدّ توا ؟ هل هو معـّتاد على مواقفّ مثل هـذه فيّ حياته اليومية أمّ ماذا ؟ كـذلّك فـّرانسوا كـّان يجـّلسّ خلفّ نايتّ
يـّقـرأ كـّتاباّ بإنسجـّام ، هـزتّ المـّوظفات رؤوسهن نفيّا و قدّ كـّانت هـّالة عدمّ الاقتراب منهما واضحـّة تماما

/

لمـّا وضـّع الليل بسـّاطه و أنـّارت النجومّ طـّريق ضـّائع السّبيلّ ، عندمـّا دّقت سّاعة ثـّانية عـّشر أبوابهّا و كـّتب التـّاريخ يومـا جديدّا مليـئّا المفـاجـآت ،
فيّ تلكّ الـشّرفة ذات الظّلمة الحالكةّ كـّانت تّقف بـّهدوء و بين شفتيها آخر سّيجارة ، تمسكّها بإحكـام و تّضع يدها على جّبينها بّقلقّ و تـّوتر ثمّ رفعت
الهـّاتف و اتصّلت به ، مسـّاعدها الأيمنّ ، كـّان يّقف كـّايلّ خلف الستـّائر يستمـّع إلى حدّيثها إنه فيّ غـّاية الفّضول لمعرفة خطّطها لكنّ للأسّف قدّ خاّب
ظنه عندما سمـّعها تتكلمّ بلغتهـّا الأمّ فـعـادّ خـّائب الأرجـاء إلى السّرير ، لقدّ أرادّ أن يعلمّ إلى أيّ مدى قدّ تـّذهب إليزابيث لكنّ يبدوا أنهّ لنّ يـّعلم إلا إنّ
أرادت أن تـّخبره هو ، بـّعدّ لحـظاّت أتّت نـّاحيته و سحّبت معـطّفها ثمّ قـّالت باهتمام و هي تصّلح شّعرها الأسودّ و تـّضع ملمّع الشّفاه على فمهـّا
ـ كّايل عـّزيزي لدّي عملّ مهم الآن لذّا ألقـاكّ فيما بـّعد
كـّادت أن تـّرحّل لولا إمسـّاك كّايل لمعّصمها، نـظرت إليهّ بتسّاؤل فـّقـّال هو بـّنبرة خـّافتة و حـذّرة
ـ إليزابيث أنتّ لا تـّقومينّ بشـيء خطير أليس كذلك ؟
إستدارت إليه و رمّقته بعينيها المثيرتينّ ثمّ ابتسمت و أرسلتّ له قّبلة كعادّتها العـّابثة ثمّ غـّمزت و قـاّلت بـّصوت يحـّاكي النايّ رقة
ـ لا تـّقلقّ عليّ كـّايل ، أنا إمـرأة تعلم تمـّاما مـّا تريد
قطّب و إقترب منها ثمّ أمسكها من ذّراعها بـّهدوء لكنها قّبلته مسرعة فيّ خده و سـّارعت بالرحّيل غـّير آبهة لّقلقّ كـّايلّ ، إنها تـّريد من زوجها نّيل
حصّة الأسدّ عند وفاة الجدّ و إنّ لمّ يتمّ ذلكّ فلن تسمحّ لأحدّ أن يكونّ بجانبّ نايتّ قبل أن تسلبّه هي جميـّع الأموال التي بحّوزته كّل ما يهم الآن هو المّال
و المـّال ثمّ المـّال

/

مـّرت أيـّام و لا تـّزال جـاّلسة فيّ شقتها بنفسّ المـّكان على تلكّ الأريكة تنـّظر إلى نفّس البّقعة بينمـّا فـّلور تـّروح و تجيء من أمامهـّا دون جـّدوى ،
إنهـّا لا تـعّلم سّبب عـّزلتها و لمـّا هي تفـّعل هـذّا بنفسهـّا ، لكّن الأغـّلب أنها تـّريد أخـذّ قّرار حـّاسم بّحياتهـّا فإمـّا تـّسليم المـّال و العودة إلى مـّا كان
مـجرى المياه عـلّيه سـّابقّا أو القـّبول و ركوبّ السّفينة وسطّ تلكّ الـّرياح العاصفة
جّلست أمامها و لوحتّ بيدّها فلمّ تستجّب لها مـّاري ، وضـّعت قدّما على الأخرى و احتست القّليل من كـّوب الشـّاي ثمّ نـظرت إلى النـّافذة سوف تقومّ
ببيعّ منزلهمّ و تجمـّع المـّال ، بعدها سوف يغادران لنـدنّ ليّعيشا حياة هادئة خـّالية من الأخطـّار إنّ مـاريّ ستختـّارها هي بكّل تأكيد لأنها طّفلة ضعـّيفة
لكّي تّمثل شيئا بمثلّ هـذا الحـجمّ ، لقدّ انتصّرت هي علّيهمـّا كّلا من نايتّ و ويّليـّام لدّيها الأفّضلية ، فجـأة تحدّثت مـّاريّ بهدوء
ـ فـّلور ، أظنّ أننّي قدّ وقعت في الحّب
كحّت فلور و كـادت أن تسكّب الكوبّ على السجـادة لولا أنها تمالكت أعصّابها في آخر لحـظة و نـظرت بعينّين واسعتين إلى أختها التّي قدّ ارتسمت
عليها ملامحّ الجدّية ،
ـ أي حّب ؟ من تّحبين ؟
نـّظرت إليها مـّاري عميّقا قّبل أن تنطّق بكّلماتهّا، تلكّ الكلماّت التّي بقت مـطّولا بدّاخل قّلبها الصـّغير ،
ـ أحبّ نايت
شهقّت فلور من الصدمّة و لمّ تستطعّ أن تنطّق بحرفّ ، ما الذي تّقصده بـأنها تحّب نايت ؟ و هل هو بشّر لتحبه ؟ فـأكمّلت ماري حديثّها
ـ بحّضوره أشـّعر بـّالقوة كـأننيّ قادرة على فعلّ المستحـّيل ، عندمـّا يكون موجـّودا نبّضات قّلبّي تّدّق بجّنون و أصبحّ عـّاجزة عن التعبّير ،
أنـّا لا أقدّم على الـزّفاف لأننيّ مجّبرة بّل لأننيّ أريدّ التعّرف عليه أكثّر و أنّ أحبه و أنّ أفهمه أكثّر ، فنايتّ هـذّا ليسّ بالشـّاب السيئ كمـّا يظن الجميع
لقدّ أنقذني من دّين والدّي حتى لو كـّان مزّيفا و أنقذّني من بينّ مخاّلب كليّر حتى لو كـان غيّر مهتمّ ، أنهّ من سّرق قّبلتي الأولى بالـّرغم من أننيّ أنا
من كنت أحتاجه في البـدّاية لكنهّ هو من يحـّتاجني أيضـّا بجـّانبه
قطّبت فـّلور غّير مصدقة كّلمات مـاّري و أنصتتّ حتى النهـّاية بينمـّا ابتسمت مـّاري و أسندت رأسها على يدّها البّيضـّاء النـّاعمة ثمّ قـّالت بـّحماسّ
و هي سـّعيدة لإعتـرّافها
ـ لطـّالمـّا كـّنت جـّبانة لكنّ و بمجيئه هو استجمعّت شجـّاعتي فّي رمشه عيّن و أنا التيّ حاولت طـّوال عـّامين كيّ أكّسب الجـّرأة الكافية التي قد تجعلنيّ
أقدم لزيـّارتكمـّا لذّا لا تـّقولي عنه لّيس بّشـرا بّل هو بحـّاجة لّشخص من يّفهمه و أنّا سـأبذّل جهدي لذّلك
ثمّ أكمـّلت كـّلامهـّا و قدّ ظهرت نبرة المرحّ فيّ جمّلتها البسيطة هذه
ـ ألا تـعّلمين أن ماري إذا وجدّت فـّارسّ أحلامها لن تتركه بّل ستـطّارده إلى نهاية العـّالم حتى يّعترفّ لها بـّحبه ، إنهاّ مـّعركة يجّب عليّ خوضهـّا كيّ
لا أندّم مستّقبلا لأنني لمّ أحـّاول ،
تنهدّت فلور ثمّ أمسكت بيدّ مـّاري ، قـّالت بـهدوء
ـ ماّري مـّازال لدّيك الوقت لتـّراجّع ، و إن تـّراجعت سـأحرّص بنفّسي على إيجـادّ فتى أحلامكّ لا بّل سـأجدّه لكّ لذّا من فـَّضلك أتركّي ذّلك المعتوه
و شـأنه لا تـّطارديه أرجوكّ إنه أكثّر مما تـّقدرين على تحمله
ضحكّت مـّاري و احتضنت أختهـّا بّفرح لأنها قدّ أخرجتّ أخيرا السّر الذّي أرهقهـّا ثمّ أحكمت قّبضتها و قـّالت صـّارخة
ـ سـأتزوجّ ، وداعـّا للـعزوبية
و أخذّت تدّور في الأرجـّاء بكّل جنـونّ فـسـّارعت فـّلور بإمساكها لتّسقط الاثنين أرّضـّا ، ثّبتتها فـلور و قـّامت بمسّ جبينها لا توجدّ علامات على
أنها الحمى إذن فماذا هذا ؟ قـّالت باستنكار
ـ متى أحببته ؟
ـ عندّما التقيته لأولّ مرة ، كـّان حبّا من أول نظرة
زفّرت فلور بّغيضّ ، هذه الفتاة مجنونة بحقّ كيّف تحـّب شخصّا مثّله ، بـّارد المشـّاعر و أناني من الدّرجة الأولى فقـّالت للمرة الأخيرة تحاول
إقناعها في العدول عن رأيها
ـ هل أنتّ واثقة ؟
أومأت مـّاري بـرأسها مرارا و تكـّرارا ثمّ وقفت فّوق الأريكـّة الممتـّلئة بّشتى أنواع الأوراقّ و ملّفات دّروسها لتكملّ كّلامها بتشجيـّع و نـّبرة فـّرحة
ـ أنـّا إمـرأة تـّعلم تمّاما ما تـّريد
وضعت فلور يدها على ذقنها بانزعاج و استلقت على الأرّض لتغيّر قناة التلفاز و هي تهمس باستياء شديد
ـ بّل طفلة لا تـّعلم تمـاما مـّا تـّريد ، نبّضات قّلبها تدّق كلما رأته قالت حبا بّل خوفّا منه يـّا بلهـّاء ، أيّ حب هـذّا ينتجّ بعدّ أن عمـّلها كالخدم ؟ لديها عقدة نفسية
تبّا ، أتظنه حيّوان أليّف كّي تعتني به ؟وّقفّت عندّما طّفح الكّيل بهاّ و ارتدّت حذّائها ثمّ قـّالت بـبرودّ محدّثة ماّري
ـ سّوف أذّهب إلى العمّ رويّ كيّ نـّجدّ شيئا نفعله بّخصوصّ المنـّزل ، لذّا قدّ أعّود متـأخرة
ثمّ أغّلقت البّاب خّلفها بكّل عنّف ، بينمّا ابتسمت ماّري بّسذاجّة إنهـّا لا تّدركّ أن فلور لا تستلمّ بكّل بسّاطة بّل هي سوفّ تّذهب كّي تجدّ فكرة أخرى
تقنعها بالعدّول عنّ رأيهاّ فهيّ لن تسمحّ لها أبدّا بأخذّ زوجّ مثّل نايت ، لقدّ كانت تـّعلم جيداّ أن ماري تـّحب نـّايت لكّنها كـّانت تـّأمل و لآخر لـحـظّة أن
يكون هـذاّ مـّجرد وهمّ أو سّراب ، الجميـّع يّعلم أنها تـّحبه من العـّم رويّ إلى ويـّليـّام ، من سيدّة فرانسيس و زوجـّها إليها هيّ

/

يحمّل حّقيبته الصّغيرة على ظهره و يّضع نـّظارتيه غـّاليتا الثمّن، كـآن مستاء جدّا لأنهّ موجودّ فيّ حيّ قذر مثّل هـذّا ، هو الذّي اعتادّ على جميـع
أساليب الـّرفاهية و كّل مقّومات الحّياة الجيدّة يضطّر للعيشّ هنا ؟ نـّظر إلى محـّفظته حيّث قدّ أعطّته كلّير آخرّ نقدّ تملكّه بـعدّ أن رّفض والدّهمّا أنّ تسحّب
أيّ مبلغّ نقدّي من حسّابها و قدّ قّام بإغّلاقه تماماّ لأنهّ يعلم تماماّ إن كليّر لنّ تسمحّ لأخيها أبدّا بالعيّش المبتذّل و الفقير جدا
دّخل ذّلك المبنى و كانت السـّاعة تشّير إلى الراّبعة مساءا ، إتجه إلى الشقّة الأولى و طّرق البّابّ بقوة قّبل أن يّقوم بمسحّ يده بكّل قرّف ، و عكّس توقعاتهّ
فيّ أن يخرجّ عـجوزّ رثّ المّلابسّ و قدّيم الفكّر ، خـّرجتّ سيدة ترتدّي فستاناّ جميـّلا أزرّق اللونّ داكنّ و شّعرها مصّفف بعّناية على شكّل وردّة معّ ابتسامة
لطّيفة قـّالت
ـ أوهّ أظن أنكّ أنتّ الجـّار الجديدّ ألّيس كذلك ؟
أومـأ آرثر بـّعدّم اهتمام و هو يجّول بعينيه في المكـّان ، لو لمّ يكنّ في ضيقة ماّليه لمّا فّكر أبدّا باللجوء إلى هذا المبنى القذّر ، فأكمّلت السيدة كّلامهاّ بحماّس
ـ لقدّ أخبرني زوجّي بـأنّك سـتـأتيّ لذّا تّعاّل لأريكّ الشّقة بالرغمّ من أنهّا قديمةّ لكنّ لا تّزالّ تحتّفظ بأناّقتها ،
تقدّم خّلفها إلى تلكّ الشّقة التيّ تحدّثت عنهـّا ثمّ فتحتّ البّابّ بكّل هدوء ، ليدّخل آرثّر و علامات الدّهشة على وجهه ، كّانت عكّس المبنى تماماّ فهي مـّرتبة جدّا
و مـؤثثة كمـّا أنهّ لا تـّوجدّ ذرة غّباّر بها ، نـظرّ إليها و قال بتسـاؤل
ـ لمّ يّقل زوجكّ ليّ أنهـّا مؤثثة ؟ هلّ هذاّ يعنيّ أن السّعّر لّيس كمـّا هو مذّكور فيّ الإعّلان أيّضا ؟
ابتسمّت السيدّة بلطّف ثمّ وضعت يدّها على كّتفه و قـّالت بـحـّنانّ
ـ لقدّ أخبرنيّ زوجّي عنّ أوضـّاعكّ و عنّ طّردّك من الملهى الذّي كنتّ تعيشّ فيه لذّا فقمناّ نحنّ بمـّا نستطّيع فعله ، أعّلم أنها ليستّ من مستواكّ
لكّن إنهاّ أفّضل من لا شيء ألّيس كذّلك ؟
نـّظر إليها آرثّر بّعدم تصدّيقّ ثمّ أومـأ بّرأسه ، كمّ يّكره الشّفقةّ لكّن لا بـأسّ مـا دامّ لا يمتّلك حّلا أخر يّلجـأ إليهّ ، يـّا ليتّ مـّاريّ تـّقدمّ لهمّا المـّالّ
فيّ أقّرب وقّت ممكنّ ، قّبلّ أن يّصل إلى الحّضيضّ ،

/





فّي الشّقة المقـّابلة حّيث كـّان ويّليام ينعمّ بنومّ هانئ عندّما رنّ جّرس فجـأة متسّببا باستيقاظه فحكّ شعره بـّكّسل ثمّ قّام بـّرفّع تلكّ الخّصل التّي
تّساقطّت على وجهه بكلّ إهمـّال و اتجه إلى المدّخل ، فتحّ بّاب بهدوءّ ليرى إليّزابيثّ تقفّ خّلفه بّمظهرها الأنيّق و ابتسامتها المثّيرة فّرفع حـّاجبه
دّلالة على الاستنكـّار ثمّ كادّ أن يّغلقه لوّلا أنهّا دّخلت ، رمتّ معطّفها بينّ يدّيه ثمّ قـّالت بّصوت هـّادئ و رقّيق
ـ هلّ اشتقت إليّ وّيلي ؟
تنهدّ بّقلة حّيلة و رمى معطّفها على الأرضّ ثمّ اتجه إلى غّرفة النومّ و أغلّق الباّب خّلفه بالمفّتاحّ ليبتسمّ بكّل هدوءّ ، غطّى نفسه جيدّا و كـّاد أن يخلدّ
مجددّا إلى النومّ لولا صوتّ إليزابيث المـّزعجّ بجـّاذبيته
ـ ويّليام ، أنـّا ذاهبة لرؤية مـّاري فّهل تذّهب معي ؟
قطّب ويّليام بّغيض و جـّالت فيّ باله فكرة الاتصال بكّايل كّي يرى أفعال زوجته الطـّائشة لكّن وّقف مجددّا و فتحّ الباب مجددّا و نـّظر إليها بإستياء شديد
ـ ما الذّي تريدينه ؟ إنّ كانتّ لديكّ شكوى فلماذا لا تّذهبي إلى أحضّان زوجكّ ؟
جّلست إليّزابيث على الأريكة مظهرة سّاقيها الطويلتين و بّشرتها النّاعمة فزّفر ويّليام و رّفع نـّظره إلى السّقف محـّاولا اكتساب القـّليل من الصّبر
لمواجهتها ، لتتحدّث إليزابيثّ بكّل بـراءة
ـ لا أريدّ أن أشتت فكّره فيكّفيه مجـّاراة نايتّ الآن ، بالمنـّاسبة أتّعلم قّياسات خصّر ماري ؟
رمّقها بـبّرودّ و اتجه إلى المـطّبخ ليّضع إبريق الشـّاي على الموقدّ متجـّاهلا نـّغزات إليّزابيث الوقحة ، كمّ يّقلقه وجودهـّا ؟ و فجـأة رنّ جرّس المنـّزل
فّصرخّ ويليام بكـآبة
ـ بربكّ ، من هـذا الذّي يأتي على الـواحدّة لّيلا ؟
سّارع بفتحّ البّاب لّيرى نـّايت بّقامته الطويلة و شحوبّ وجهه الدّائم ، نـّظراته الحادة و المشبعة بالكبريـاّء و ملابسه الـسوداء الكـّئيبة ، شّعره الحـّريري
الذّي احتلّ جبّهته و أنفه المّسلولّ ، كـّان يبدوا كعـّارَض أزيّاء مشهور ، و كـّاد أن يدّخل لولا أن ويّليام قدّ دّفعه للخـّارج و على شفتيه ابتسامة مرتبكة
فّرمقه نايت باستغراب ليّقول بتوتر
ـ نايتّ ، آهـ لدّي رفقة الآن و ربمـّا هذا ليّس بالوقت المنـّاسب كمـّا تّعلم
نـظرّ إليه نايتّ بعينين نـّاعستينّ و مـّلامحّ مـّرهقة ، يّضع يدّيه فيّ جيبّ ستـّرته و لا يبّدوا أنهّ بـّخير فـّعلا ، فـتّحدث بنبرة خـّافتة مبحـّوحة
ـ أهـذه هي الـطّريقة التي تستّقبل فيها صدّيقكّ من سّفره ويّليام ؟
ابتسمّ ويّليام بإرتباكّ أشدّ خـّائف من فكّرة أنّ يجدّ نايتّ إليـزاّبيثّ لديه أو أنّ يلتقي بهـّا فقطّ فـّسـّارع إلى شّقة مـّاري المـّقابلة و رنّ الجـّرس دّافعا نايتّ
أمامهّ ، فّتح الباّب منّ تّلقـّاء نفسهّ و هـكذّا قدّ كّشف سّبب إقتّحامّ الكّل لّشّقتهاّ ، لأنهّا لمّ تـّغلق البـّاب يّوما فربتّ على كتفّ نايت قـّائلا
ـ ابق هنـّا إلى غـّاية التـّخّلص منهـّا ، لا تّقلق لنّ يستغرقّ الأمّر أكّثر منّ نّصف سـّاعة اسّتغل الوقتّ لتعويض ما فاتكمـّا ،
ابتسمّ ويليّام بتوترّ خوفّا من أنّ تخّرج إليزابيّث في أيّ دقيقة من الآن و دّفعه إلى شّقة مـّاريّ بينمـّا لا يّزال نايتّ مرتاباّ لتصّرفاتهّ الغّير مدروسة
ثمّ اتجه إلى شّقته ركّضا بالّرغم من أنهّا لاّ تبّعد سوى مسّافة مّترين ، دّخل و أغلّق البّاب خلفه بّالقفّل و نـّظر إلى إليزابيثّ المبتسمّة بخّبث ، كـّانت
واّقفة في الـّرواقّ و يبدّوا أنهّا سمعتّ كلّ شيء ، زفّر ويّليامّ بغّيض فّاقتربت منهّ إليزابيّث بخّفة و وضعت كّلتا يدّيها خّلف رّقبته ، قـّالت بصوتّ مثيّر و هـاّمس
ـ أعذّرني عزيزيّ لكّنكّ لستّ من مسـّتواي ، أتتذّكر هـذه الكّلماتّ ويّليام ؟
احتدّت نـّظراتهّ و دّفعها بكّل قسوة إلى الخّلفّ ثمّ قـّال بـغضّب و قدّ اختفى مرحه أدراجّ الـريّاح فإنّ إليزابيث تّعلم جيدّا نقاطّ ضعفه
ـ لما لا تخبريني ما تريدينّ باختصار فإن كانت غايتك منذ البداية ماّري لماذا أتيت إلي إذن ؟
إليّزابيّث ببرودّ
ـ ما بكّ ياّ رجّل ؟ كمّا لو كـأننيّ قدّ نشرت السمّ فيّ جسمكّ بمجردّ ملامستي لكّ كما أنتّ تـّعلم جيدّا لمـّاذا أتيت إلى هنـّا فلا داعي لسـّؤال
أمسكّ ويلّيام قّبضته خاّئفا من أنّ يلوي رّقبتها فوّرا و الآنّ دون تـّردد أو ندّم بينمـّا ابتسمتّ إليزابيّث بـّسّخرية منهّ ، كّيف يّسعى للحفـاّظ على أعصـّابه
فّرّفعت معطّفها و نـّظرت إليهّ بكّل برودّ لتقّول بخبّث
ـ محّاولاتكّ لنّ تجدّي نفّعاّ و أنتّ تـّعلم ذّلك جيدّا ، أعنّي مـّاريّ و نايتّ ؟ فقطّ اسميهمّا ليسّ لائّقينّ بجّانب بعضهمـّا البعضّ و مهمـّا فعلت لكّي تقّربهمـّا فلنّ تنجّح ،
همسّ ويّليامّ بـّعد أن استرجّع القّليل من هـدوئه ،
ـ كيّف أفّعل ذّلك و لقدّ نجّحت بالفـّعل ؟ فـنايت سوفّ يتزوجّ ماري يّا إليزابيّث ، و خـططكّ أنت لنّ تنجّح سّأقّف لكّ أنا بالمّرصاد
ابتسمت إليزابيث بتحدي ثمّ وقفّت على أصابع قدميها لتّقبله بسّرعة على خده ثمّ غمزتّ له بواسطّة عينيهـّا العسليتينّ كثيرتا الرموّش و قـّالت بخفة
ـ سنـّرى ذّلك ،
خرجّت فّقطّب ويّليام بعصبية و ضّرب الجدّار الذّي أمامهّ بكّل غّضب ، تخّللت أنامّله شعره الأشّقر الذّهبيّ لمّ يسمحّ بهـذّا أبدّا ، أبدّا ، لنّ يسمحّ لها بإيذّاء
نايتّ مجددا
/
فّي الشّقة المقـّابلة ،
شـجرة كرز كبيـرة ، طـويلة ذات وريقـات وردية تسـاقطت من خلال تـلك النافذة الـمفتوحة على الأرضية ، في غـرفة بسيطة لم يـوجد فيها سوى سرير
و مكتب مع دولاب للمـلابس ، إن فـتح البـاب ظهر رواق ضيق منه صـالة بـأريكة واحدة ، يـطل عليها المـطبخ الصغير .
كــان الـتلفـاز مفتوحا على قـناة تـذيع الأخبـار و إن تـمعن بالنـظر لأسفله وجدت شـابة ذات شـّعر بني مسترسل على ظهرها بقـوام ممشوق و عيـنين
بنفس لون شعرها، بـشرتها البيضاء صـافية .. كـانت وسط أوراق عـدّة ، ممـاّ يظهر أنها كّانت تـذاكر بـطريقة أقل ما يقـال عنها فـوضوية و قدّ وضّع
غـطّاء على جسّمها الممددّ فيّ الأسّفل ،
بينمـّا كّان هوّ يقفّ بكّل صّبر أمامّ عّتبة البّابّ راّفضـّا التّقدمّ خطوة واحدّة للأمـّامّ ، تنهدّ بـّتعّب عندّما شّعر بالدّوار فاستسّلمّ رّغبته الشديدّة في الاستلقّاء
و اتجّه إلى صـّالة المعيشةّ حيثّ ينّبعث صّوت المـذّيعّ بكّل هدوءّ
تقدّم من الأريكّة و كـّاد أنّ يسّقطّ لولاّ أنهّ تماّسكّ في آخر لحظة ، حـّول عينيهّ الدّاكنتينّ إلى الشيّء الذّي عـّرقل سيّره فـرأى مـّاريّ كعادّتها الفـّوضويةّ
مستلقية على الأرضّ ،
جـّلس بهـدوءّ ثمّ سحّب الغطّاء من فوقهـّا و وضـّعه على قدّميهّ الممدّدتين على الـمـّائدة الزجـّاجيةّ ، غّير القـّناة و هوّ متذّمر من هـذّا التلّفاز الصّغيرّ
الذّي لا يستـطّيع أنّ يرى فيهّ شيئـّا واحداّ ، عندّما وصّل إلى قناةّ الإخبارية رفّع الصّوت قّليلاّ مصغيـّا
ـ فّي أنبـّاء عـّاجلة و مثّيرة لدّهشة ، إنّ شركّة جونسّون الفـّرنسيةّ قدّ خسرّت حجمـّا هـّائلاّ من أسهمـّها ممـّا أدىّ إلى سـّقوطهاّ المبـّاشر في الحّضيضّ
و هـذّا كلّه فيّ ظرفّ ثّلاثةّ أيّام فقطّ ، يشـّاعّ أنّ السببّ هو إلغـّاء شـّركة لبيرّ تعـاّملها معهـّا و إلغـّاء الشـّراكةّ قبّل الإعـلان عن التضخمّ الكّبير الذّي
راحّت من خّلفه معّظمّ الشركات
ابتسمّ بسّخرية لاذّعة و هو يتذّكر ذّلك الـّشابّ المجنونّ الذّي حـّاول قّتله هـذه الليـّلة ، لقدّ كانّ هو رئيسّ شركّة جونسـّونّ ، كمّ أنبـأهّ نايتّ من مـّرة على
ضّرورة الانتباه لخـّطواته لكنّه لمّ يصـّغي ، ألمّ يخبّره مـّرارا أنّ يـتّوقفّ عنّ حيـّاكة المـّؤامـّرات ؟ و أنّ يكتفيّ فقطّ بّعقده مـعهم ؟ هـذّا ماّ يحدّث لكّل من
يجـّابهه فـإنّ أوامـّره فقطّ يجبّ ألاّ تـّرفّض
أغلقّ عينيهّ بتـّعبّ ، ثمّ أماّل رأسهّ على الوسـّادة التّي خلّفه و قدّ استغرّق فّي نـّومّ عمّيق حّين دّخل وّيليّام الشّقة بــّاحثّا عنهّ ، اقّترب منهّ و قدّ
رسمّت شّفتيه ابتسامّة حـّزينة ، قّلبه يـّؤلمه لدّرجة الجـّنونّ و لا دّواءّ يقيه من هـذّا الألمّ ، وضّع يدّه بهدوء على جّبينّ نايتّ البـّاردّ كالجّليدّ ثمّ همسّ بـخفّّوت
ـ لنّ أسمحّ لها بإيذّائكّ مجددّا و هـذّا وعدّ
عندّ كـّان الصّباحّ في أوجّ مجيّئه و شـّمسّ الّمشرقة منبـئة بقّدومّ أمـّل جديدّ، قدّ رحّل ضّبابّ لندّن المّغشّي على جوّ سكّانهّا فعلى قّلوبهمّ و أنـاّرتها شمّس
السمـّاءّ بّأشّعتهـاّ المنـّبثقة من الأعـّالي
نـّادّر الحدّوثّ بّلندّن ، وريّقـّات الشّجّر قدّ تسللتّ إلى أنّفهـّا محـّاولة مدّاعبتهـّا بكّل حّنـّان لتوقّظهاّ من نـّومها حيّث دّخلتّ فـّلور شّقة متّسائلة عنّ سّبب
تركّ البـّابّ مفّتوحّا لتكمّل سيّرها إلى غـّرفة المعيشّة ،
و بمجردّ مـّا أنّ سقطّ نـّظرها على مـّاريّ المستلّقية بالأرّض و نـاّيت النـّائمّ على الأريكّة بينماّ حبّات العـّرقّ قدّ تسللتّ إلى وجّنتيه فّشيئّا إلى رّقبتهّ ،
حتى صّرختّ بّرعبّ و رّفعّت حّقيبتها كّيّ تّقومّ بّضّربه لولا أنّ قدومّ ويّليام من المـطّبخ قدّ منعهـّا ، قـّال بإزعـّاج
ـ سحقّا فـّّلور كدّت أنّ توقّظيهمّ
استدارتّ ناحيتهّ و كادّ أنّ يغمى عليهـّا فجـّلست على الكرّسي بّقلة حّيلة محـّاولة جمـّع الكّلماتّ لتخّرج من شّفتيها ، وضّع صّينية على الطـّاولة التيّ
أمامهّا ثمّ ابتسمّ ببراءة ، قـّالت بكّل غّضب
ـ ما الذّي تظن نفسكّ فّاعلا أيها المنحرّف برّفقة صدّيقك ؟ كيّف تجرؤان على الدّخول إلى شّقة مـاّري فّي غّيابي ؟ هيّا قّل أعذّاركّ الواهية
ـ ليسّ الأمرّ بذّلك السّوء فّلور فقدّ أرادّ نايتّ زيـّارة ماريّ البّارحة و عندّما وجدّها نائمة لمّ يّرغبّ في إيقاظهاّ لذّلك جّلس على الأريكّة في إنتـظّار صّحوتها
كّمّا ترينّ لكنه غّفى
رمّقته بـّعدم تصدّيق ، ثمّ تنهدّت و أخذّت كوبّ الشّاي لتّشربه دّفعة واحدّة فبّعد زيّارة منزلهمّ الموحشّ و قضّاء ليّلة واحدّة كـّادتّ خلالها أن تصّاب
بالجّنونّ هي الآن تحـّتاجّ إلى أكبّر كمية من الـطّاقة ، ابتسّم ويّليام و قـّال بـّمرح
ـ لقدّ شربتّ توّا منّ كوبّي ألا يـّعني هـذّا أننـّا متـّوافقّان ؟
لمّ تـّردّ عليهّ بـّل إكّتفت بإرجـّاع الكّوب بينمـّا لاّ يـّزاّل ويّليّام يّثرثّر كـّعادّته ، ربمـّا فلوّرا ليّست الشخصّ المنـّاسبّ للحدّيث معه لكنّ هي الـوحيدة
المتوفّرة الآنّ و هو يـّرغّب أيّضـّا بالتّخلصّ من هذه الأفكـّار السّلبية و نسّيانها أيّضا
ـ ألسنـّا فيّ الـعّشرين من الشهر؟
ـ إذّا ؟
أجـّابها بـحمّاسّ بـّالـّغ و هو يّشير على الثـّناّئيينّ النـّائميّن بكّل عـّمق ،
ـ لقدّ بـّقّي أسّبوع على زواجّهما ، هـذّا رائعّ سـأكونّ أشيبنه و أنتّ وصيّفة الشّرف
لمّ تتعبّ نفسها بالنظّر إليهّ أو حتىّ الردّ عليهّ بلّ قّامت بّضربه بقدّمها فّي ركبتهّ ليتـأوه متألمّا كمّ هيّ قاسيّة، وسطّ تلكّ الضوضـّاء قـّام نايتّ بفتحّ
عينيه فجـأة و شحبّ وجهه بشدّة كما لو كـأن تدفّق الدماءّ قدّ أنقطع عنّ السّيران لّيقفّ بسرعة مستنداّ على المنضدّة فّي حينّ لمّ تقوى قدّميه على
حمـّله لّيعودّ إلى مكـّانه جاّلسا مستندا على الأريكة و قدّ ظهرت عليهّ معالمّ الألمّ فـأمسكّ بـرأسه حينّ داهمه صداّع شديدّ و قـّال بنبرة خافتّة مبحوحّة
ـ أينّ أنا ؟
تّوقفّ ويّليام عن الابتسّام و أسّرع فيّ خطواتهّ كيّ يّصل إليهّ ، حبّاتّ الـعّرق التّي قدّ اتخذّت نايتّ ملجـئا لهـّا ، وسطّ هذه الجّلبة استيّقظت ماّري ثمّ و
بكّل هدوء جّلست على ركّبتيها و وضعتّ يدّها على جّبينه ، حيّنها قدّ سّرت القّشعريرة فيّ جميـّع أنحـّاء جسدّها من شدّة بّرودّته ، كمـّا لو كـأنّه لّيس
حيّا فـّقـّالت بّقلقّ
ـ إنهّ محمومّ بشدّة ، أظنّ أننيّ أملكّ الدواء
كـادّت أنّ ترحّل لولا قّبضة نايتّ التي اشتدت حول معصمهاّ ، أومـأ بالنفيّ فـابتسمّ ويليّام بارتباكّ و هو يتحدّث
ـ لابدّ أنهّ من تـّغير الجوّ، من فرنسـّا إلى لندّن لا بـأسّ ماّري سوف تّزول هذهّ الحـّمى سّريعـّا
نـظرّت إليهما ماريّ بإستيـّاء منّ استهتارهماّ الشديدّ بّصحته فـّوقفت و بخـّطواتّ غـّاضبة إتجـّهت إلى غـّرفتها كيّ تـّغير مـّلابسها و تـّستعدّ
جيـّدا بينمـّا لا تـّزالّ فّلور مندّهشة من عدّم مـّلاحظة مـّاريّ لوجودّ أشـخّاصّ غّريبّين فّي شّقتها ؟ لابدّ أنهّا تمتلكّ تحصينـّا ،

/

تحتّ تـّلك البنـّاية القـديمّة التيّ أصّبحت و فجأة مرّتعـّا للمشـّاهير منـذّ قدومّ ويلّيام دّويلّ إلى هـذّا الحـّي ، لذّا لّيسّ غـّريّبا أن توجدّ سيـّارة
مضللة سـّوداّء بهـذّا الجـّانبّ يّقودّها رجّل يـّرتدّي بذّلة رسمية سـّوداء و يـّضع نـّظارتينّ مخفّيا لوجـّهه فقدّ بات هذا منـظرّا عاديّا لسكانّ الحيّ ،
رنّ هاتفّه فـرّفعه بسّرعة ليجّيب بكلّ صّرامة
ـ أجّل سيدّتي أنـّا فّي الموقـّع تمـّاماّ كـّما طـّلبت
فابتسمـّت تلكّ السيدّة ببـّرودّ و أغـّلقت السمـّاعة بكلّ رضى ، جـيدّ عندّما يكّون لدّيك أتبـّاعكّ يّقومونّ بكلّ أعـّمالكّ القذّرة ، همسـّت بنـّبرة
خـّافتة و رّقيقة فمنّ يسمـّعها لنّ يصدّق أنّ خلّف هـذّا الصوتّ الأنثوي المثّير عـّقلّ ممتـلئ بـأفكـّار خـطّرة ،
ـ ثـروتكّ ملّكيّ يـّا أميـّري و لنّ يـأخذّها أحـدّ غـّيريّ
فتحّ كـّايلّ درجّ مكتـّبه بـّاحثـّا عن مـّلفّ يخصّ إحدى سنـداّت عندّما انسلتّ يدّ إليزابيّث إلى خصّره ، دّهش ثمّ رّفع حـّاجبه قـّائّلا بمـّرح
ـ لقدّ أخفتنيّ ليّزا
زمتّ إليزابيثّ شّفتيها بلونّ الكرزّ و بـّقتّ ممسكـّة إياه راّفضة تـّركهّ ، فاستنـكّر كّايلّ تّصّرفها و لمّ يكّن فيّ مقدّرته رؤية مـلامحّ وجههاّ لأنهّا قدّ
دّفنتهّ بقّميصهّ ، تحدّثت بـّهدوء و نبّرة خـطّرة
ـ لا داعّي للخـّوفّ عـّزيزي ، مـّادّمت أنـّا بجـّانبّ سيكونّ كلّ شيء تمامّا كمـّا نـّريدّ
ضحكّ و دّفعهاّ بـّخفة لكيّ يكملّ بحّثه قـّائّلا بمـّزاح
ـ ألا يفترّض بّي أنا من أقّول هـذه الجـّملة ؟
ابتسمـّت إليـّزابيّث و قدّ غـادّر فكّرها إلى حّين تـّابعها الخـّاصّ ، يـّا ترى هل ستـنجّح خـطّتها في التـّخلصّ من مـّاري ؟ سوفّ يكونّ الأمّر واضحـّا
للصّحافة أنهـّا مّحاولة اغتيال لكنّ و لأنّ شركة جـّونسونّ قدّ أفلست بّسببّ نايتّ و لأنّ رئيسها قدّ هـددّ نايتّ في الطـّائرة بكّل وضوحّ فّسوف تّلصق
التـّهمة بهمّ ، هـذّا ما هي بّارعة فّي فّعله ، الكذّب و الخـدّاع

/



سّـلام عـّليكم و رحمة الله

آهـــــّلين بـنـّـات ، آحـّوالكن ؟ مـّع العـّيد و الحـّلويـآتّ ؟ يمّ يمّ بسّ e106
بـّعد سّبــات دآم شـــّهر قدّ عـّدت إلى روايـّتي العـّزيزة ، بّشـآبتر أتمنىّ
أنّ يـّكون كـآفّيا لتـّعويضّ غـّيابيّ فللأسّف لقدّ دّخلت إلى مدرّسة خـآصة
صيـّفية بـأوامـّر من المحـكمةّ العـّليا e408 و مـّع صيـآم رمضـآن لمّ أستطّع
أنّ أفتـّح عّينـّا حـّتى ، لذّا e411 أرجـّوا أنّ يـّعجبكمّ مـّا قدّ خـطاّه قلميّ
و فيّ نـهـآيةّ ،
أتمنــّى لكّ عـّيدا مبـآركّ سـّعيـداّ و كل عـآم و آنــّتم بـألفّ خيـّر ،

كـالعـّادة لـدّي فـّضول إتجـآه تـّوقعـاتكمّ فـّياليتكنّ تـّجبن علىّ هـآته الأسئلةّ
> آحس نفـّسي فيّ إختبـآر خخخ e105
1 ـ ما الذيّ قدّ تتـّوقعون من إليـّزابيثّ فعله ؟ و كيفّ يّفترض بها أن تلّصق
التهمـّة بّشركـّة جونسون ؟ أيضـّا ما هـدّفها من زيـّارة ويـّليام تحـديدا ؟
2 ـ هل ستـّرضخّ مـّاري لمـطاّلب عـآئلة غـّلوري أم تـّجد لنفّسها مخـّرجـّا ؟
3 ـ أخـّيـّرا ديـّمتري ، أوسكـآر ؟ من يكونـآن و هل سيكونـآن بّجانبّ نايتّ
و الـبّقية أمّ في الجـآنب الآخر ؟

هع هع هع و آخيـّرا أنتهـّيت ، فـّي آمان الله و رعـآيته


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-08-13, 04:18 AM   #30

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الشـآبتر السـّادس عـّشر
موعدّ بينّ الأشـواك

في تلكـ الحانة التي تعجّ بكل أولئكـ السكارى ..!
حيث وقف معظمهم يرقص بجنون على وقع أنغام تلك الأغنية الصاخبة .. التي تصدح في أرجاء المكان ,
طالبةً من الجميع أن ينسوا همومهم ويسلّموا أنفسهم فقط للإيقاع ..!
يترأس هذا - الشغب - ذلكـ الشاب صاحب تصفيفة الشعر المرفوعة لأعلى, وملامح وجهه المرتاحة التي
توحي لجميع من حوله بأنه يعيش أرغد عيش .. ويهنأ بحياته ويستلذ بها .. يستلذ بكل لحظة منها !!
لا يعلمون أنّ وراءه تلكـ الزوجة , التي تخطط وتنفذ بدلاً عنه !
فـ هاهو كايل .. يمرح ويفرح بدون ضجـر و لا كـلل , بعد أن أخبرته إليزابيث بما تنوي فعله للقضاء على نايت ,
وماري البريئة الوديعة أيضاً !
وما هي سوى إشارة من اصبعه حتى أتى ذلك النادل مسرعاً , كيف لا يفعل و كايل قد دفع للحانة ليكون هو
ملكـ الليلة وكل ليلة بدءاً من الآن ..فـ هاهو يأمر ذلك النادل , بصوتٍ عالٍ مفعمٍ بالحماس
- قدّم الشراب لجميع الموجودين هنا .. فهو على حسابي !
تصاعدت صيحات الفرح , وتهليل الموجودين باسم كايل من بين ضحكاتهم الثملة !
لتتراقص ابتسامة الانتصار تلك على شفتيه .. في كل ثانية يزيد فرحه , في كل ثانية يزيد سلطة ,
فـ كيف لا ؟ ونايت يخسر شيئاً يقترب شيئا فشيئا من خسارته أملاكه باسم شركة جونسون ,
التي تبين أنها ليست سوى درع لإليزابيث وأفكارها الشيطانية ! لم تدم ابتسامة الانتصار طويلاً ..
حتى حلت تلكـ الابتسامة الخبيثة والنظرة الشيطانية مكانها !
ليقول في نفسه , بخُبث
ـ قريباً يا نايت , قريباً , سأراكـ راكعاً أمامي حيث كل ملكك وسلطتك لي
إليزابيث .. شكراً على وجودكِ في حياتي , أنتي وأفكاركِ هذه !

~ . ~ . ~

كان فرانسوا ذلك الشاب ذو الملامح الفرنسيةّ الأنيقة و الشخصّية الصـّارمة الجادّة يجلس بكل ضجر في
واجهة المقهى يرتشف القليل من الشايّ ، و على غير عادته لم يكن يرتدي هذه المرة بذلة رسمية سوداء
و لمّ يضع أيضّا سماعات على أذنه و لمّ يحمل هاتفه بين يدّه في كل ثانية يترقب فيها اتصـّالا من طرفّ عملائه
لكنّ أنّ يجلّس بلاّ أيّ تخطيطّ مسّبق لهو أمرّ لمّ يّقم به قـّبلا لذّلك و بالرغم من أن رئيسه طلّب منه أخذّ عطلة
غيّر أنه لمّ ينصت لهّ فهاهو يـّراقبّ مبنى الذيّ دخل إلى نايت من واجهة المحل لأنهّ من المستحيل تّركه بـّعد
جنون رئيس جونسون فيّ الطائرة ، فجـأة لمحّ ذلّك الشـّاب ذو الشعر الأشقّر و الملامحّ المسترخيةّ يتـأبط ذراع
فتاة يبدوا واضحـّا عليها المّلل ، عـّرفه فرانسوا على الفورّ فهو صديقّ الوحيدّ الذي يثقّ به الرئيس ،
ابتسمّ بسخريّة إذنّ فالإشـّاعاتّ حقيقّية ، ويّليام بالفعل زيرّ نسـّاء لكنّ ما الذيّ يفعله خارجا من المبنى عندما
ذهب نايت لزيارته ؟ أيّ صديق هذا ؟ أكملّ ارتشافّ الشّاي بهدوءّ مفكرّا ، لماّ ليسّ لدى نايت سوى هـذا الأبله
كصديّق له بالرغم منّ أنه يستطيّع الحصّول على أيّ أحدّ ؟ حسنـّا قدّ يعودّ الأمرّ لشخصّيته السيئة ، و ماّ موضوع
هذه الخطبة المفاجئة ؟ كيفّ يعقل لنايت أن يمتلك وقتا للحب بينما هو لا يمتلك وقتا لنوم فيه حتى ؟ ثم أليس
هدفه هو كايل إذا لما إختار فتاة ريفية أن تكون خطيبته ؟ أحيانا من الصعب فهم شخص كنايت
فجـأة اتسعت عينيه من الصدمة و سارع بالنظر إلى حيث تقبع شقة ماري ، هل الفكرة التي طرقت رأسه الآن
معقولة ؟ بالطبع كيف لم يلحظ هذا سابقا .. فبعد أن قضى أسبوعا في فرنسا برفقته لقد اتضح القليل من طريقته
في العمل
لابد أن نايت يعتقد أن كايل قد يحاول قتله في أية لحظة من أجل الحصول على السلطة و تولي العرش من خلف
جدهم بيتر و إن حصل كايل على مبتغاه فوصية نايت مهما كان محتواها فهي ستبقى غير مهمة لأنه سيتخلص
منها بكل تأكيد لذا ربما نايت يحاول الزواج من ماري من أجل هذا ، فإن توفي هو ستنتقل أملاكه كلها إليها و لن
يهنـأ كايل بـأملاكه أبداّ إذ أن ماري سوف تظهر في الحلبة لتنافسه و برفقتها بالطبع ويليام ، لكن هل يثق نايت
بها لهاته الدرجة كي يجعلها اليد اليمنى من بعد موته ؟
قطبّ فرانسوا و اسند رأسه على ذراعه القوية بكل ضجرّ ، هذا نايت غريب جداّ لما الشركة مهمة كي يخـاطر
بحياته و حياة من حوله من أجلها ؟ فجـأة جلس أمامه ويليام و على شفتيه ابتسامته المشهورة الجذابة بينما
تساقطت خصلات من شعره الذهبي على جبينه لتعطيه مظهر الشاب اللا مبـالي ، وضع بيانو جانبا على الجدار
حين تقدمت فتاة التي كانت معه ، صهباء و ذات ملامح عدائية شرسة ،
رمش قليلا و قد بدأتّ المعلومات تنتقل بسرعة إلى ذهنه ، هذه الشابة إنها عاملة عادية لأحدى الصحف المحلية
تدعى فلور روبرت أخت ماري روبرت الكبرى التي تحرى عنها سابقّا ، ما الذي تفعله برفقة ويليام دويل ؟
هل وقعت هي أيضا بسحره يا ترى ؟
كانت كل هذه الأسئلة تدور في رأسه بينما وجهه لا يزالّ بـّاردا لا يكادّ يظهر أية ردّة فعل ، ابتسم ويليام
و أشـار على فرانسوا قائلا بمرح
ـ فرانسوا أعرفكّ بفلور روبرت ، فرانسوا اليد اليمنى لنايت
رمقته فلور بعينين حادتين تنبـآن بمدى عمق كرهها له ، بالرغم من أنها لم تقابله إلا توا لكن و بمجرد سماعها
لكونه أحد أتباع نايت هذا سبب كافي لجعلها تضعه في خانة لائحة أعدائها ، فمدت يدها بتصميم ليمسكها فرانسوا
و على شفتيه ابتسامة بسيطة إذ أنه ظن أن هذه مجرد مبادرة ودية منها لكن ما إن أمسك يدها حتى بدأت فلور
بالضغط على أصابعه بكل قوة تملكها كـأنها تقول أن ماري ليست لوحدها في حين جذبها ويليام ناحيته و هو يقول بإرتباك
ـ فلور أرجوك أتركي يده أنت تـؤلمينه ، كوني طفلة مطيعة
قطبت بعصبية و فعلت ما طلبه ويليام منها بغير رضى ، فبعد أن سحبها ويليام رغما عنها من شقة أختها فقط من
أجل أن يكون الاثنين لوحدهما و هي تشعر بغيض شديد و الأشد من هذا أنها مجبرة على البقاء معه ،
ابتسم فرانسوا بخفة مراقبا نظرات فلور المشبعة بالكراهية نحوهما ، فلم يكن ليظن يوما أن ويليام سوف يصبح
مكروها من قبل إمرأة بينما قال ويليام ببراءة
ـ لماذّا تكرهيننيّ ؟
فكرت فلور كم هو صبياني هذا الرجل فمن يراه الآن لن يصدق أبدا أنه يصبح شخصا آخر في الحانات ، يصطحب
برفقته العديد من النساء و يـأسرهن تارة بغمزاته و تـارة بكلامه المعسول المنمق اللبق ، فقـّالت بنبرة هادئة غاضبة
ـ أنت شخص منافق بلا ريب ، هذه الابتسامات الساذجة الدائمة تجعلني أشعر بالاشمئزاز
رمش عدة مرات محاولا أن يستوعب كلماتها ، أهذا يعني أن أختها ماري دائمة الابتسام منافقة أيضا ؟
نـظر مركزا إلى عينيها العسليتين غير قادر على ترجمة ما تخفيه من شعور من خلفهما مستمعا إلى بقية حديثها
ـ أنت تخفي شيئا خلف هذه السعادة أليس كذلك ؟
تنهد ويليام و وضع أسند رأسه بيده بينما رمقها فرانسوا بدهشة ، ربما قد حان الوقت للبوح بسّره ،
هذا السرّ الذي يّرهق كاهله و يجعله غير قادر عن التنفس حتى فقـال بنبرة هامسة و خافتة بعدما إقترب من فلور
ـ أنا يا فلور ، أنا قاتل مأجور
رمقته بعدم استيعاب فضحك بشدة على شحوب وجهها و الرعب الذي اكتسى ملامحها ، لتقف فـّلور بكل
عـّصبية و قدّ أمسكته من ياقته و هو من شدة ضحكـه لم يستـطّع الـمقـاومة ، كادت أن تلكمه بقوة لكنها تنهدت بيـأس
و كادت أن تسير مستعدة لرحيل بينما ويليام لا يزال متمسكا بذراعها و بنبرة كوميدية بحتة صاح قائلا مرددا كلمات من أغنيته
ـ لا تتركيني يـا حبيبتي لا تتركيني أعاني و حبك يسري كالدم في عـروقي
حاولت فلور إبعاد يده الملتفة حول ذراعها بكل وحشية و هي تشتمه بما كان في مقدمة لسانها تلك اللحظة
ليعم الضجيج في المحل ، مسببا الإزعاج
ـ أنا لا أمزح أيها الأبله ، من الآن فصاعدا أنت ممنوع من أن تطأ قدميك شقة أختي أيها اللعوب ، لن أسمح لك
بالاقتراب منها أبدا ، يا سادة هذا الرجل الذي هنا زير نساء لا تدعوه يقترب أبدا منكم
شهق ويليام و قد حطمت سمعته فقفز تاركا آلته خلفه و هو يركض مسرعا خلف فلور التي لاذت بالفرار ،
كيف تجرؤ على قول هذا عنه بعدما كان لطيفا معها ؟ بينما ابتسم فرانسوا ببرود ، أفعلا سيكون يد العون لنايت ؟
أفلا سينتقم من أجله إذا قام أفراد عـائلته بقتله ؟ هـذا الآن يبدوا مستحيلا ، نظر إلى فنجان الشاي قائلا بمتغاض
ـ أوه لا ،

/


بعد رحيل ويليام و فلور ، أسفل ذلك المبنى عند حلول الساعة العاشرة تماما تم إقناع نايت أخيرا بمغادرة الشقة
، واستطاعت ماري أن تفوز بموعد مع خطيبها و لأن نايت كان محموما فسحبه معها ليس بالأمر الصعب إذ لم يكن
يستطيع رؤية ما حوله جيداّ أو حتى تفكير معمقا في أفعاله فـظن ويليام أن هذه فرصة مناسبة لا تحدث إلا نادرا
و جعل ماري ترافقه في نزهة صغيرة لطيفة ربما
تلف ذراعها حول ذراعه بكل حماس مرتدية فستانا أبيض اللون مع سترة من قماش وردية و حذاء بنفس اللون هذه
المرة حاولت جاهدة أن ترتدي أفضل ما تملكه في دولابها لكي تجاري أناقة نايت و أيضا لتجعل هذا الموعد مثاليا ،
وقفت أمام سيارته الرياضية السوداء و أمسكت بمفتاحه لتجلس خلف المقود واضعة معصمها عليه و قدمها الآخرى
لا تزال تطأ الأرض ، غمزت له بكل مرح بينما كان يرمقها مكشرا ثم همس بصوت مبحوح
ـ ما الذي تعتقدين نفسك فاعلة بحق الله ؟
ضحكت بتوتر من نبرته الحادة و الذي بالرغم من مرضه فلا يزال قادرا على إثارة الرعب في قلبها ، لذلك تحدثت
بنبرة مرتبكة حاولت قدر الإمكان أن تجعلها مرحة
ـ ما رأيك ؟ هل يناسبني دور الفتاة الجانحة ؟
رمقها بنظرة تفحصيه شاملة ثم ابتسم ساخرا و دفعها بعيدا ليستلم مقعد السائق في حين سارعت ماري
للجلوس بجانبه بعد أن شغل محرك السيارة خائفة من أن يتركها خلفه ، نظرت إليه حيث كان يرتدي قميصا أزرق
خفيف و يلف وشاحا بطريقة لا مبالية على عنقه ، قبعة رمادية افلت منها خصلات سوداء لتنساب على جبهته الشاحبة ،
أفعلا لا بـأس بالخروج و هو في هذه الحال ؟ يبدوا مريضا بشدة ربما لم يكن يجب عليها أن تنصت لويليام ، وضعت يدها
بتوتر على جبينه فالتفت مسرعا ناحيتها كما لو كـأن كهرباءا قد سرت في جسده ،
ـ نـايت ، هل أنت بخير ؟ تبدوا شاحبا أكثر من المعتاد ربما يجدر بنا زيارة الطبيب، قد يكون الأمر جدياّ
نـظر إليها بعينين واسعتين قد بهت لونهما الأزرق الداكن لكنه لم يقل شيئا بل استدار ليراقب الطريق هامسا
بشتيمة ما إذ يبدوا أن ذكر الطبيب لم يثر إعجابه فتنهدت ماري و لم تعد تعلم كيف تتصرف معه ، ضحكت بتوتر
محاولة تغير الموضوع و هي تقول بحماس
ـ إذن إلى أين سنـذهب ؟
ـ إلى الجحيم
مـرت نصف ساعة استمرت ماري فيها بإلتزام الصمت و الشعور بغيض شديد منه ، إنه الموعد الأول الذي يحظيان
به بعيدا عن التمثيل أو الحفلات المرفهة لكنه يستمر بقول كلمات قاسية و التذمر ، مهما قالت و مهما فعلت فلن
ينظر ناحيتها كم هو صعب أن يكون الحب من طرف واحد ، همست باستياء محدثة نفسها
ـ لو أننيّ ذهبت مع فلور و ويليام لكان ذلك أفضل للجميـع ،
عادت تنـظر إلى نايت ، هناك هذه الهالة التي تنبأ بعدم الاقتـراب لا تنفك الظهور أمامها فتجعلها تستسلم قبل
المحاولة حتى ، فكرت قـليلا لو أن ويليام هنا لشعرت بقليل من الراحة لكن لا يجب عليها الاعتماد عليه للأبد فهي
سوف تصبح زوجة نايت و لن يكون ويليام معها طوال الوقت لذلك يجب عليها أن تقترب منه ، ضحكت بتوتر و صفقت
يديها قائلة بحماس
ـ أوهـ ما رأيك في لعبة الحقيقة ؟ فبماّ أنه لم تسنح لنا الفـرص في التعـرف على بعضنا أكثر لما لا نـقوم بهاته اللعبة ؟
رمقهـا للحظـات محاولا استيعاب الفكـّرة ثم عـاد يّراقب الطـريق بكل ضجر ، رفع يده بهدوء مشـيرا لها أنه موافق فظهرت
على شفتيها الورديتين ابتسامة مليئة بالسعادة ، تحدثت بنبرة فرحة
ـ إذن السـؤال الأول لي ، نايت أخبرني عن والديك فـأنا لم يسبق لي و أن رأيتهما أبدا
كان مستمرا في قيادة السيارة بينما المـطر يهطل خـارجا فـأصبح الشـارع خـاليا من المشـاة أو أي آثر للحيـاة ،
تسللت قطـراتّ لوجهه الشـاحب و إزداد لون عينيه بهوا أكثر فـأكثر ليهمس بـصوته المبحوح الخافت
ـ كلاهمـّا ميتين ، بما أنه دوري فيجب علي أن أسـألك أليس كذلك ؟
أومـأت ماري بخجل و هي تشعر بالأسف لطرحها مثل هـذا الـسؤال كبداية للعبتهما لما تستمر بالفشل ؟
كان يجب عليها أن تستنج ذلك بما أنها لم ترهما سابقا لكن غبائها سيطر عليها لكنها لن تسمح بـمثل هذا
الجو أن يتكرر مجددا ، سمعته يتحدث ببرود
ـ أنت، أفعلا كـانت قبلتك الأولى التي أخذتها ؟
بعينين متسعتين كان ينظر إليها منتـظرا جوابها بينما علا اللون الوردي وجنتيها بإحراج ، حـاولت الإجـابة لكن لم
تـخرج من فمها كلمة سليمة إذ أصبحت تتأت و تلعثم بتوتر كمـا لو كـأنها طفل يحاول تعـلم نطق الحروف لأول مرة
أما نبضـات قلبها كانت تدق بجنون و خيل لها أن نايت قد يستطيع سماعها، فابتسم بسخرية على ملامحها عندما
استطاعت أخيرا تكونين جملة سليمة و بنبرة مندفعة قالت
ـ لا ، لم تكن قبلتي الأولى أنا على الأقل لا أعتبرها كـذلك أعني من ناحية التقنية أقصد الجسدية هي كذلك لكن
من الناحية العـاطفية ليست كذلك ، أتفهم ما أعنيه ؟
لم يجبـها بل إكتفى بابتسامة خفيفة مستهزئة زيت شفتيه لثـواني لم تدم فسرعان ما اختـفت في حين قررت
مـاري تجاهل شعورها بالخجـل و الإحـراج لتسـأله بكل حمـاس
ـ سـؤال الثـاني من فـضلك أجب سيدي ، لما تتنـافس مع كايل على مركز الرئيس بالرغم من أن هنـاك من
الأموال ما يكفي الجميع ؟
أعتلى فجـأة البرود ملامحه بعد أن كان مسترخيـا و احتدت عينيه بشكـل خطير ، ها قد سـألت سـؤال آخر
لم يكن يجدر بها التفوه به يالها من غبية لما لا تنفك إفساد الجو؟ ، نايت شخص غـامض مهما حاولت جاهدة
أن تفهمه فـلن تنجح ، يـا ترى ما كمية الأسـرار التي يخفيها خلف هـذا البرود ؟ تحدث بنبرة متـألمة قليلا و قد
أهمل حـاجزه العالي لثـواني
ـ إن سقطت تفاحة فـاسدة بفم أحد أصدقائك هل ستقتلينه قبل أن يتسرب السم أكثر لجسده أم تتركينه ؟
رمشت باستنكار و لم تستطع أن تـلمح المعنى الخفي من خلف هذه الجملة ، هاته الكلمات المتـألمة و النـظرة الحزينة ،
ما الذي يعنيه ؟ أيقصد أن كايل بمثابة تفاحة فـاسدة في الشركة يحاول أن ينزعها قبل أن يقوم بشيء سيء
لجده أم ماذا ؟ هـزت رأسها نفيا دلالة على عدم فهمها ، لكنها قـالت بـبساطة
ـ و لما أنا مضطرة لقتله ؟ لما لا أحذره فقط ؟ أو أسـاعده ؟ هذا سيكون أفضل
نـظر إليها بدهشة ثم ضحك بـخفوت ، تحـذره ؟ لما لم يفكر بهذا قبلا ؟ مد يده ناحية رأسها و عبث بشعرها
قـليلا ليقـول بـسخرية
ـ أشك بـان في هـذا الرأس عـقلا ،
عـاد يقود بـهدوء فـوضعت يدها مكان ما لمس به شعرها و قد تـوردت وجنتيها خـجلا و إحـراجا، اكتفت بابتسامة
مرحة تـعبر فيها عن مدى سعادتها و هي تصيح بحماس
ـ دعنا نـمرح ناي

/

تلك السيارة السوداء المضللة تتبعهم من بعد بسابق الإصـرار و التـخطيط على الخلاص منهـا ، حين رن هـاتف
ذلك الـسائق ذو الملامح المخفية فـربعه ببرود و قام بإرسـال تلك الصور التي التقطها سابقا إلى سيدته إليزابيث
بينما كانت هي جالسة على الكرسي ، إذ أن لديها جلسة تصوير مهمة و لن تستطيع أن تتابع الأمور عن قـرب
لذا انتابها هاجس فشلها حين وصلت عدة صور لماري و نايت كلاهما يقفان أمام المبنى ، قطبت بغضب لم يكن
هذا في خطتها فهي لا تريد قتله بل القضاء على خطيبته فقط .. رفعت كـأس النبيذ و رمته بـأقصى ما تملك
لتتناثر أشلائه في الأرض بعدما ارتطم بالجدار متناسية مكانها ، استدارت إليها زميلاتها العارضات بدهشة لكنها
لم تهتم فعلا لرأيهم ففرصة كهذه لن تعاد مرة أخرى و يجب عليها استغلال إفلاس شركة جونسون إلى جانبها
مادام الخـبر سـاخنا ، وقفت ببرود لكن عادت تجلس في مكانها فلا يجب على خطواتها أن تكون واضحة للعيان
فقامت بإرسال رسالة نصية قصيرة إلى تابعها تـطلب منه إعلامها بجميع تحركاته .
لن تفشـل .. بكل تـأكيد لن تفشـل
لقد اعتقدت أن خطبة نايت كانت مزيفة و لن يجـرؤ على توثيقها بـزواج علني لكن الآن لقد تعدى جميع الحـدود
فكيف لفتاة ريفية مثلها أن تتوج كزوجة له ؟ لا يحق لإحداهن أبد ان تكون سيدة لبير غيرها و إن اضطرت لقتلهن ،
همست بنبرة قلقة
ـ أرجوا أن أنجح لا بل يجب علي النجاح
نـظرت بواسطة رموشها الطـويلة و عينيها السـاحرتين إلى لا مكـان قد شردت في أفكـارها بـعيدا ، عنـدما
جرفتها الذكريـات بـعيدا لا يمكنها أن تـهزم أبدا خصوصـا أمـام ذلك الـعجوز و نـايت ، بـعد أن قطعـت هـذه الطـريق الطـويلة
و وصـلت أخيرا إلى هدفها فلن تسمح لأحد أن يهزمها

/




sira sira likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لجلالته

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.