لأن قلبي .. يعرفك *متميزة*

raghad165 · 19-09-13, 05:25 PM

مرحبًا بكم في ┌

♫ لأن قلبي .... يعرفك ♫

•• قبل البداية ••

إنني أؤمن ... وعندما أقول " أؤمن " فأنا - إن شاء الله - أعرف تبعات الإيمان ... أما هذه الحكاية فكتبت لكي لا أسمح لنفسي أبدًا بأن أشك ولو للحظة بذلك ، ولكي أذكر نفسي مرة تلو الأخرى قبل أن أذكركم بأن العالم وإن سار كما تأبى قلوبنا التي تنبض في داخلنا بمزيدٍ من الرفض مع كل خفقةٍ ، أن الله هناك وأن الأمور ما انفكت تجري وفق مقاديره .. وهو الذي يرى ويسمع " قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى " ولذلك ( سألقيها ) .. سألقي ما كتبت ولن أخاف ...

•
•
•

♫ الإهداء ♫

إلى عائلتي الحقيقية ...... والحقيقية ..... والحقيقية ~

الأولى : أمي وأبي وإخوتي .. دومًا كنتم بجانبي، دوما سأظل ممتنة لكم .
الثانية : صديقاتي اللواتي منحنني أكثر مما أستحق :
[ رهف ياسين / مروة صابر / ربى الشايب / نور طاهر / ريم وحلا الناصر ]
الثالثة : أخواتي في هذا العالم الإلكتروني : ( أبدًا لستم وهميّون ♥ )
أخواتي الكبيرات : لولا سويتي .. فاطمة كرم .. وهبة
الرائعات : سارة وجهاد كرم ( توأمي ) . نعومي ( سمول بيبي ) . جهاد ( جيجي جيمي )

•
•
•

♫ الغلاف ♫

•
•
•

♫ ملاحظات ♫

- أتقبل النقد الموضوعي .
- موعد نزول كل فصل جديد سيتحدد في حينه .
- لا أحلل النقل بذكر أو بدون ذكر المصدر .. الرواية حصرية .
- لا بارك الله في عملٍ يلهي عن الصلاة =))

أتمنى أن أكون عند حسن ظنكم وتشجيعكم الدائم قرائي الأعزاء .. لكم أحبكم ! ♥

•
•
•

يتبع الفصل -0-
بسم الله ... توكلتُ على الله ~

{ رَغـ‘ـد 라갇 ♥ }

تواقيع لأبطال الرواية من تصميم raghad165

•

الكاتبة : raghad165
تصميم الغلافين والتواقيع : raghad165
تصميم الفواصل : كاردينيا73
تصميم البنر الاعلاني : Gege86
تصميم وسام التفاعل المميز : كاردينيا73

الفصل التمهيدي في المشاركات التالية

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث ج1

الفصل الثالث ج2

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع ج1

قريبا ان شاء الله

raghad165 · 19-09-13, 05:30 PM

-0-

~

لطالما تساءلتُ عن السبب الذي وجد من أجله الأصدقاء . هم لجوجون ، يوقعونك في المشاكل ، ولا يضعون أنفسهم على الحياد أبدًا عندما يتعلق الأمر بك .. فهم لديهم دومًا أسبابٌ وجيهة للتدخل في شؤونك الخاصة ، جاءني صوتها مناديًا لي من غرفة القياس فتذكرت أمرا آخر .. هم كذلك يجبرونك على القيام بأمور تفضل أن تحطم جليد ألاسكا على فعلها .. التسوق مثلاً !
تحركت ملالا نحوها وقلت بلا حماس : افتحي الباب أنا هنا ..
فتـحته المدعوة ( جوي ) وكانت تحرّك يديها الاثنتين على طول جذعها تباهيًا بذلك الزي الأنيق ذي الألوان الداكنة .. في الواقع ، بدت جميلة للغاية وهذا جعلني أفكر لحظيًا في أنني لو رأيتُها قبل ستة أشهر لكنتُ شعرتُ بضيقٍ شديد . فدومًا كان جمال الفتيات يشكل لديّ حسرةً لا يمكنني التغاضي عنها أو تجاوزها .. ظننت طويلاً أنني المخلوق الأبشع على الإطلاق . إلى أنْ قررتُ التخلص من عبء الكيلوات الكثيرة التي أجبرت جسدي على حملها طويلاً من كثرة ما آكله من طعام وما أمارسه من قلة الحركة،
كنت أشعرُ بخجل والديّ مني دومًا في كل محفلٍ اجتماعيّ ، لأن جميع الآباء في هذا المجتمع الارستقراطي الفارغ الذي أعيش فيه يتفاخرون بأبنائهم الجميلين الوسيمين .. وماذا أيضًا ! الأنيقين والمرسومة أجسادهم بالمسطرة وهذه الصفات لم أكن أحمل أيًا منها ... حتى عائلتي عائلة " آل الفارس " - التي لا يطوى لها علَم - كانت كذلك .. فأبناء عمومتي واجهات إعلامية من الطراز الرفيع ، واجتماعات العائلة كانت تشكل لديّ ضغطًا كبيرًا لا أقوى على احتماله في الأعياد والمناسبات – غير - السعيدة، فدومًا يشعرونني أنني لا أنتمي إليهم ! لذا فضلتُ اعتزال هذا الوسط منذ سنوات ..والحمد لله أنّ عائلتي الصغيرة ( أبي وأمي وأخي ) قررتْ العيش هنا في بريطانيا منذ زمن.. بعيدًا عن معقل العائلة الممتدة وقصورها المشيدة ومزارعها ومصانعها وشركاتها العملاقة ولكم أن تتخيّلوا ما شئتم فلديهم المزيد !
استفقتُ على وخزةٍ بسبابةِ جوي وجهتها لذراعي .. يا الله كم هي مؤلمة !! هذه الفتاة لو تدربت على الجودو لاستطاعت أن تقتل أحدهم بوكزة ! قلتُ بسرعة متداركةً تغافلي عنها : ( نعم !! )
أجابتني بانزعاج :
- أنتِ أسوأ رفيقة يمكن اصطحابها إلى السوق ! لمَ أنت هكذا اليوم ؟
حقًا أنا أشعر بكثير من الإحباط .. لو أنني لم أوافق على إحداث ذلك التغيير الجذريّ في حياتي منذ ستة أشهر عندما بلغت الثالثة والعشرين. لو أنني لم أنهِ دراستي الجامعية . لو أنني لم أخضع لإرادة أبي باعتلاء ذلك المنصِب .. دومًا كنت أخطط لحياتي بشكلٍ جيدٍ كما أعتقد . لكن أبي لم يكن يعتقد بذلك البتة .. كان يريد لي العمل في مجاله ، العمل في شركاته هنا .. كما يفعل جميع أبناء عمومتي باستثناء الفتاة المدللة الوحيدة في العائلة والتي لم يستطع جدي ( عمر الفارس ) أن يرفض لها طلبا كما يفعل دومًا ! ولن أقول : لو أنني لم أفقد الوزن .. فما من فتاةٍ تندم على أن تصبح جميلة للغاية وبشكلٍ لا يصدق – بالنسبة لها على الأقل - .. ما من أحدٍ لا يتمنى أن يكون ظاهره معبرًا عن باطنه، أن يكون خارجه جميلاً كداخله ، وأعترف فوق ذلك بأنني تخلصتُ من عقدة النقص التي لازمتني لسنواتٍ طويلة .. لمَ الندمُ إذًا يا نفسي ! في الواقع لأنني وافقت على تقديم الحفل السنوي الذي تقيمه مجموعة هورس مان القابضة هنا .. أعتقد أنه الظهور الأول لي في حفلٍ رسميٍ منذ أن ولدت من جديد .. - صحيح .. أعتقد أنه من أجل ذلك .
توجّهتُ نحو جوي بالحديث قائلة بلطف : - جوي أعتذر ، فقد كان فِكري مشغولًا.. ( ثم أمعنتُ ناظرة نحوها بتقدير ) يبدو الزي أنيقًا وجميلاً عليكِ، أعتقد أنه المناسب . ( أفكر مليًا بجدوى ما تفعله ) لكن لمْ تخبريني لمَ هذا الاهتمام الشديد بعشاء عمل؟ أليس الأمر مبالغًا فيه ؟ .
تومئ إليّ نافية .. ( لا ليس الأمر مبالغًا فيه ) وتكملُ بسعادةٍ كبيرة ( لم أكن أتوقع أن عملي كسكرتيرة سيجعلني أرافق مدير الشركة إلى عشاء عملٍ تقيمه إحدى أكبر الشركات العابرة للقارات.. والضيوف الحاضرون على أرفع المستويات ، أشعر أن هذه الليلة ستكون فارقةً لي .. لذا يجب أن أستعد لها جيدًا ) .. أومئ دون أن أستوعب الصدمة " حسنًا " ثم أنتظرها ريثما تخرج فــقد قررتْ شراء ذاك الزي .. تشتريه ثم نخرج من المجمع التجاري بينما أفكر بعجزٍ شديد .. لقد تعلمتي الجودو يا جوي .. أليس كذلك ! فقد وجّهــتي ضربتك القاضية للتو .. هل ستكونين موجودةً في الحفل!!!!! اوووه يا إلهـــي أنا أشعر بأنني أسير على حافةِ جرفٍ عملاقٍ يوشك أن ينهار فيّ .. كيف سأخرج من هذه الورطة .. إنها لا تعرف حتى أنني ابنة صاحب تلك الشركة .. يجب أن لا تحضر الحفل ، ولكن كيف سأمنعها من المجيء !
أنظرُ بخيبةٍ إلى ساعةِ يدي .. هذه ال****ب اللعينة تشبـه في سرعتها منحدرًا سائلاً ! لا تتباطأ ولو قليلاً .. ساعةٌ وربع تفصلني عن الاجتماع المقرر عقده في المبنى الرئيسي للشركة .. عليّ أن أنصرف في غضون خمس عشرة دقيقة على أبعد تقدير .. كيف سأتخلص من جوي وكيف سأتخلص من توبيخ أبي بعدها .. بم سأجيبه عندما يسألني عن سبب مغادرتي المفاجئة في يومٍ مهم كهذا ؟.. هل سأخبره أنني كنت مع صديقتي نتسكع في محلات لندن لنشتري زيًا تحضر به الحفل السنوي الذي لا أدري كيف خرج من الجحيم في هذا التوقيت!! ياااااااااااااا له من نهار !!
كأنما تسمع جوي صوت أفكاري تقول بحزمٍ يشوبه التندر : ( لن تتخلصي مني بهذه السرعة .. أجزم بأنك لم تفطري بعد ، أليس كذلك ؟ ..) أعضّ شفتي من الداخل وأزمّ فمي بعدم رضا .. أومئ إيجابًا بلا تفكير.. ثم أحاول التملص منها بشتى الأعذار بعد ذلك دون جدوى .. ألم أخبركم بأنهم لجوجون !!! نجلس في مطعم .. آخِرُ ما يشغلني اسمه ، مكانه أو حتى ما يقدمه من طعام .. أنا في حرب مع الوقت .. أنظر إلى الساعة فلا أرى فيها غير وجه " رؤوف " الذي لا يعرف الرأفة عندما يتعلق الأمر بالعمل .. أبي .. وأتساءل بحسرة .. هل سأبقى على قيد الحياة إلى حين انتهاء هذا الحفل !! أنظر إلى وجه جوي الخالي من الهموم .. تأكل بسعادة ولا تكترث لشيء آخر ... تراشقني بالكلمات حينًا بعد حين .. أجيبها باقتضاب ثم أعود إلى شرودي وآكل كل ما يقع تحت يديّ تنفيسًا عن حنقي .. لا يهم سأبدد تأثير ذلك بمضاعفة حصتي الرياضية .. لا يعقل أنها لم تشعر بسوء مزاجي اليوم .. إن شعرت بذلك لمَ لمْ تتصرف بلباقةٍ إذًا !.. أصلي لله كي ننتهي بسرعة ونخرج من هنا .. حتى أصلح ما يمكنني إصلاحه .
استرق النظر إلى طبق الطعام الخاص بها . تشرق ابتسامتي حين أراها تجهزُ على ما فيه من طعام ، أدعو النادل لكي أعطيه الحساب ثم ننصرف .. يأتي فترفض جوي أن أغرّم ثمن الطعام .. تقول لي بموضوعية : ( علينا أن نتقاسم الحساب .. فنحن لا ننام على بنك من المال ) .. يعجبني في هذه الفتاة وضوحها .. لم تقل " أنا سأدفع الحساب " فقط قالت سنتقاسمه . مع ذلك أتعرفون ذاك الشعور ، عندما ترغب في كسر عشرين صفيحة من الزجاج فوق رأس أحدهم، يحبسك مانع الأدب ... وللصراحة عدم فضح الذات وفضح مشاعرك الثائرة في داخلك ... عملاً بدرس أبي: " في مقدمة استراتيجيات النجاح : ما في داخلك لك وحدك " وعندما سألته التوضيح أجاب باختصارٍ قائلاً : " احتفظي ببراكينك لنفسك .. ومن الخارج ابقيْ لوحة ثابتة لا يتوقع خصمكِ منها المفاجآت .. وفي الوقت المناسب فاجئيهم على النحو الذي ترينه مناسبًا . من ناحيةٍ أخرى لكل إنسان داخله الذي يشغله ،ومن الظلم أن تكوني مكشوفة للآخرين بينما الجميع يغلق دونك أبواب نفسه . لذلك، عليكِ أن تميّزي ما عليكِ إخفاؤه أو إظهاره للعلن" كالعادة لا أناقشه في الدرس إلى حين انتهائه منه .. وحين أهم بفتح فمي أخفض رأسي احتراماً وأقول " أفهمكَ سيدي " هكذا اعتدت فحسب. كل ذلك استحضرته سريعاً كومضات خاطفة بينما أمسك لساني عن قول : ( بلى أنا أنام على بنك من المال .. دعينا لا نضيع مزيدًا من الوقت ) أقطع عليها الطريق وأمدّ للنادل بطاقتي الائتمانية دون كلام . يأخذها ثم يعيدها لي بعد مدة وجيزة وأتجاهل زوبعات رفضها. نهمّ بالخروج أخيرًا وقد تبقى لي من الوقت نصفُ ساعة تقريبًا ، تقع عيناها على إعلانٍ متوسط الحجم علّقَ على واجهة المحل من الخارج . هل هذا وجه المدعوين الثلاثة ... آااه كيف غفلتُ عن ذلك ، بالطبع لن يفوّتوا على أنفسهم فرصة التواجد هنا دون تحقيق مزيد من الشهرة ! ولكن لا أفهم سياسةَ شركةِ التسويق .. هل يلزم الإعلان عن افتتاح الفرع الجديد من سلسلة مقاهي " إلايت " التابعة لمجموعتنا وجود صورتهم بهذا الشكل المثير .. ينبغي أن يكون هذا الإعلان لفيلم مصاصي دماء وليس لافتتاح مقهى ! بصراحة أنا أضع كل شيء في كفة .. واحتمال الاحتكاك مع اثنين منهم في كفةٍ أخرى .. كيف سأطيق ذلك !!! حسنًا .. كوني صبورة يا عزيزتي .. هو أسبوع ثقيل الظل وسيمضي .. لا تدعيه يؤثر عليكِ سلبًا .. للتو بدأنا اللعب بجدية .. ونحن في جولةٍ مهمة ................. نحو إثبات الجدارة .

أشعر مجددًا باهتزاز شيء ما في حقيبتي .. بالطبع لم أخبركم شيئًا عن هاتفي أليس كذلك؟ لقد كان ذلك متعمدًا ، فقد سئمت كل ما يتعلق به !!.. هو لم يهدأ للحظة وبالكاد استطعت تبرير ذلك لصديقتي، لقد اتصل بي مكتب السكيرتاريا أكثر من عشرين مرة ، بالإضافة إلى مكتب الاجتماعات و تخيلوا أبي شخصيًا اتصل بي أكثر من مرة !! لا بد أنه غاضب الآن ، أنا أتخيل انفعاله بشيء من التوتر .. إن شئنا الدقة : أغشية قلبي ترتجف من الداخل كما لو أنها حلبة من المطاط يتقافز عليها مجموعة من الصِغار ! لقد بلغ الأمر منتهاه يا صديقتي .. ألتفت نحو جوي واكتم حنقي عليها بقوة فإلحاحها الشديد هو السبب لكل ما أمر فيه .. لم أستطع إيجاد عذرٍ يكفي لأتخلص من رفقتها ليومٍ واحد على الأقل ، أيعقل هذا !! أقول فجأة وبلهجةٍ شديدة السرعة " أنا سأذهب الآن .. لقد سررت برفقتكِ" ولا أنتظر ردها.. ذلك فن المباغتة الذي يعرف في مجتمعنا بالتغذي على الخصم قبل أن يتعشى عليك! أهرول مسرعة وأختفي عن أنظارها ثم اتصل بسائـقي لكي يأتي ويأخذني .. لقد طلبت منه أن لا يبتعد عن محيط تواجدنا لكي يصل إليّ بسرعة عندما أطلب منه ذلك . المسكين .. يأتي على وجه السرعة ، لا بد أنه يعلم ما أمرّ فيه ، فوجهي يفضحني دومًا حتى ولو حاولت كتمان ما أشعر به .. يقول لي بإشفاق : "آنستي .. إن شئتي يمكنني التعلل بحادث سير" ... أفكر جديًا " حادث سير ! .. ولكن لن يتوانى أبي عن التحقيق في الموضوع .. لا ، لن يمر الأمر بسلام .. الصدق أنجى يا فتاة . لقد أخبركِ بذلك مراراً، ألا تذكرين !" .. ألتقط أنفاسي المتسارعة وابتسم نحوه بشكل مبالغٍ فيه . ثم أقول بثقةٍ أعلم يقينًا أنها ستتحطم عند أول نظرةٍ من أبي : " لا عليكَ يا صديقي .. سأحل الأمر بنفسي .. شكرًا لتعاونك ولنواياك الصادقة " .
أصل إلى المبنى الضخم وخلال الطريق أخرج الحذاء ذا الكعب العالي من تحت ألمقعد المقابل لي وأبدله بحذائي الرياضيّ وأنتقي كذلك سترةً رسمية من بين ثلاثٍ علقتها سابقًا في السيارة للظروف الطارئة أختارُ أنسبها لبنطلون الجينز الذي أرتديه ومن حقيبتي أضع أحمر الشفاه الغامق قليلاً لكي أُلبس نفسي لباس الوقار كما أُمرتُ أن أفعلَ على قدر استطاعتي فأنا كما يقول أبي سأظل فتاةً فوضوية ..وحلة العامة تطغى عليّ وإن كنت أرتدي دومًا ما يرتديه النخبة ! ربما لأنني لا أحب تلك العلياء و لا أجد فخرًا بالانتماء إليها .. أنزل من سيارتي ثم آخذ نفسًا هو أعمقُ ما استطعت . ثم أسيرُ غير ناظرةٍ إلى الأرض وأرفع رأسي قليلًا – أو كثيرًا – عن المستوى الذي يسير به العاديون ، أدخل من بوابة المبنى فينحني لي الحراس وأتجاهل بعد ذلك أنظار الموظفين التي حطت عليّ وكأنني كائنة فضائية .. أطلق رجليّ للريح .. وأنسى كل شيء .. أهم بركوب المصعد فيبدو واضحًا أنه مشغول .. أعانق السلالم بأقدام رشيقة وأصل الطابق السادس غير عابئة بجفاف حلقي الجارح بشدة ! أطالع السكرتيرة الواقفة والتي يبدو على ملامحها الجزع .. إنها تنظر إليّ بوجه أصفرَ غادرته الدماء .. لا أجد كلمة يمكنني قولها لها وهي الأخرى تفضل الصمت .. أنظر إلى مكتبها فأرى ملفاتي جاهزة هناك .. أتناولها بسرعة ثم أحاول تجاوزها إلى قاعة الاجتماعات فتقف أمامي فجأة كحائط منيع ! أقول بحنقٍ شديد : " أنا مستعجلة للغاية .. ابتعدي عن طريقي ! " لكنها ترفض الابتعاد .. أعيد عليها كلماتي بنبرة أعلى علها تفهم أنني لست في مزاجٍ جيدٍ لما تفعله ! تخبرني أخيرًا بأسف : " آنستي أعتذر بشدة .. لقد أمرني السيد رؤوف بعدم السماح لك بالدخول تحت أي ظرف " ..
بماذا أمرها المبجل !!؟ كيف لذلك أن يحدث .. أحرك وجهي تساؤلًا فتردف فورًا " لقد تأخرتي خمس عشرة دقيقة وهو أخبرني بذلك بعد مرور خمس دقائق فقط على بدء الاجتماع .. لقد كان منزعجًا بشدة لأنك عطلته هو والمجتمعين عن العمل .. أنا آسفة أنستي "
رغمًا عني تتجمّع الدموع في عينيّ .. أرطب شفتيّ ظاهريًا بينما أعضّ عليها من الغيظ دون أن تشعر هذه الواقفة أمامي... ولكن لمَ ملفاتي بقيت هنا ، إن بدأ الاجتماع من دوني فلم بقيت هنااا .. ألم تطرح صورتها النهائية للتداول ؟ لقد عملتُ عليها ليالٍ طويلة !! أصرخ بالسكرتيرة بذات السؤال الذي كنت أردده في عقلي .. تجيبني وهي تخفض رأسها خوفًا من انفعالي المتوقع " لقد ... لقد أمرني السيدُ أن أخبركِ أيضًا أنه لا حاجة لكِ في الحفل "
لا حاجة لي !!!!!! هل هو التهديد أم العقاب ؟ أم ماذا بالضبط؟ لقد عدمتُ كل الحيَل .. أطلب مشورة هذه الواقفة أمامي وقد خفتت نبرتي بينما جرى الخوف في شراييني مجرى الدم .. أحاول أن لا يبدو صوتي مهتزًا وأقول بجدية : " ماذا عليّ أن أفعل الآن آنسة فيرونيكا " تخبرني وهي تطأطئ رأسها مجددًا " لقد قال لي السيدُ أن أجعلك تنتظريه في مكتبه .. قال ذلك وهو يبدو غاضباً كأن أسودًا تزأر في حنجرته " .

~

يتبع ...

raghad165 · 19-09-13, 05:34 PM

~

- كما قلتُ لك . عليك أن تستغل هذه الفرصة .. ستحقق أرباحا طائلة إن وافقت ، أنت تؤمن بالرأسمالية . أليس كذلك؟!! في الواقع أنا مستغربة لأنك لم تطلب مني ذلك بنفسك !!
ينظر نحو أمه بعدم تصديق .. هل حقًا تطلب منه الموافقة على هذا الجنون ، إلى هنا ولتذهب الأموال كلها إلى الجحيم! يعقد حاجبيه وقد اسودّ وجهه من شدة الغضب .. يصرخ في والدته بلا تهذيب :
- هل أتزوج ذاك البرميل وأغمس نفسي في الوحل فقط لجني المزيد من المال .. ما الذي دهاكِ يا امرأة ؟؟
تقطع عليه الطريق من بدايته .. غير آبهة بأنّ في جعبته المزيد ، تصرخ فيه ومع ذلك صوتها يدخل إلى مسمعه باردًا كالثلج .. حادًا كالسياط :
- أنت حقًا لا تفكر .... لذا فالأمر سيتم شئت أم أبيت ، ( تنزل بقبضتها على طاولة المكتب الضخم بقوة كبيرة وتكمل بغليان ) ستصبح سيّد العائلة لو فعلت .. كل هذه الممتلكات ، كل هذه الأراضي ، كل هذه الشركات.. ستمسك زمام "الفارس" كلها ... هل تضحي بهذا كله من أجل أمرٍ سخيفٍ كهذا !؟
يردد وراءها بصدمة : سخيــــــــــــــــــــــ ـــــــف !! .. هل ترين زواجي و مستقبلي سخيفا أمي !!
تنظر نحوه هذه المرة وقد علا وجهها تعبيرٌ غريبٌ يشبه البرق في لمعانه ، لقد استطاع تمييزه .. ليس وكأنها تنظر إليه كأمٍ حقيقية .. هذه اللحظة ، كم هي نادرة !.. في الحديث عن البرق .. كان ذاك التعبير يشبهه مجددًا ولكن في سرعة انطفائه .. تتخذ ملامحها جمودًا متوسطًا ، تقول بموضوعية محاولة إقناعه :
- عمر !! لن تتضرر كثيرًا من الأمر ....فهذه الفتاة الغبية تساوي أكثر مما تظن .. إنها أثيرة جدًا لدى جدك .. خاصة بعد أن قدمت خطة التسويق تلك .. لقد سحرته بها فقد درت على المجموعة أموالاً لا تعرف حتى تلك الحمقاءُ حجمها لذا فإن مكافئتها ستكون عظيمة!!... إضافة لذلك يجب أن تتوطد علاقة الفرع "اف" الذي نديره نحن هنا بالفرع "آر" الذي يديره عمك رؤوف بالخارج .. قبل أن يسبقنا الفرع "كي" التابع لعمك المرحوم "خالد"، ابنه جواد سيقتنص الفرصة منك إن تغابيت أكثر .. وأنا لن أسمح لهذا المدعو بالتقدم عليك مجددًا .. تفهمني !!!
لا .. لا يفهمها ، لقد تعب من نفسيةِ والدته .. إنها صعبة ، صعبة جدًا ومعقدة إلى أبعد الحدود .. هل تحاول إيهامه بأن جواد عدوه !؟ لا لن تستطيع ... يرفض كلامها جملةً وتفصيلاً .. إنه صديقه ... صديقه الذي ترك البلاد عقب وفاة والده المأساوية .. ولو كان يهتمّ لهذا الأمر لالتفتَ إليه منذ ثلاث سنوات .. لقد كان يسكن في ذات المكان مع عائلة عمه رؤوف .. في قلعتهم إن صح التعبير، لو فكر ولو للحظة بتلك العلـَـقة لارتبط بها .. يستحيل ذلك .. فقلبه محكم الإيصاد منذ ثلاث سنواتٍ أيضًا ومفتاحه رمي في أعماق محيط لا قرار له ! بالإضافة إلى أنه ليس لديه من يضغط عليه لإتمام صفقات دنيئة كالتي يُجبر هو عليها .. فوالدة جواد مختفية عن الأنظار منذ زمن ومن الظلم مقارنتها بوالدته .. لقد كانت سيدةً محترمة يقسم الجميع بأخلاقها الدمثة .. وهو آسف لكون والدته ليست كذلك . يقول محاولًا تصحيح المسار :
- أمي بربك .. جواد لن يفكر بالزواج مطلقا ولا داعي لأذكرك بالماضي ... ثم ماذا بها لو تقدّم عليّ بالمنصب ؟... في النهاية لكل منا حسابه المصرفي الذي لا يحصى لأمواله آخر .. لدينا النفوذ ذاته والمكانة الاجتماعية ذاتها ونحن جميعا نسهم في عمق القرار السياسيّ هنا ! والأموال في جيب الواحد منا هي أموال العائلة كلها لا فرق في أي جيبٍ توضع .. ثم تعلمين لمَ نصّب على كرسي إدارة الفرع كي ولم أفعل انا بالنسبة للفرع أف .. لقد توفّي مديرها .. عمي خالد أما والدي فحيّ يرزق. ومن الطبيعي أن توكل إلى جواد المهام التي كان يقوم بها والده فأخوه العابث بالكاد يستطيع فعل شيءٍ عوضا عن التسكع وتبديد الأموال.. !
تنظر بحقدٍ كبير كلما مرّ على لسانه ذكر أبنيْ عمه خالد رحمه الله .. ليست تلك النظرة موجهة نحوه لكنها مع ذلك أخافــته جدًا .. ماذا ؟ هل ستجبنُ الآن يا فتى ؟ ( يخاطب نفسه ) لطالما كان لديك كيانك الذي يهتزّ له كل ما يقع في طريقه وهي تعرف أنك إن رفضت أمرًا فلن تجبرك على فعله .. لا تضعف .. ستندم إن ألَنتَ لها الجانب كما حصل معك مرارا .. ينهض من وراء مكتبه الضخم ، يشرف عليها بطوله الفارع وبنظراته المتعالية ثم ينحني إلى الأمام قليلاً ليستند بيديه على سطح المكتب ويقول بصرامة متحديًا إرادتها وقد افترّت شفتاه بابتسامةٍ واثقة بينما بدأ وكأن سطلاً من الثلج وقع فوق رأسه فغدا هو الآخر ثلجًا مثله :
- قولي ما شئتِ .. وافعلي ما بدا لكِ ، فيما يتعلق بالتحدي ،لقد أحسنتِ تربيتي جدًا .. وأنا لن أتوانى للحظةٍ عن إثبات ذلك لكِ .. لن أتزوّج تلك الفتاة الحمقاء !! ليس وأنا عمر الفارس ..
وفي سره أكمل بعيدا عن واجهته الثلجية: " أستحقّ فتاة لا أخجل من ارتباطي بها .. فـتاة تقدّر النعمة التي بين يديها ، وليست حمقاء بليدة غريبة الأطوار !"
تسمع كلماته في قمة البرود .. تحرك شفتيها إلى جانب من وجهها باستهزاءٍ واضح .. تقول باقتضاب وهي تخرج من مكتب ابنها بخطوات ثابتة :
- أتمنى أن لا تخجل من إخباري بموافقتك على الزواج بها يومًا.. سأنسى كل ما قلته منذ الآن ، لذا مجددًا لا تخجل .. ستبدو غبيًا عندها.. أكثر مما تبدو عليه الآن .
-
تغلق خلفها الباب فيجلس على كرسيّه منطفئ الروح ويخلع ربطة عنقه بينما جبهته تتصبب عرقًا فجأة.. يحاول تقليب الأرباح مقارنة بالخسائر .. أي الكفتين أرجح ! بالطبع الكفة الثانية .. ولكن ، ماذا يعرف عن تلك الفتاة حتى يشعر بهذا الرفض الكبير تجاهها .. هل لمظهرها فحسب .. هو يأسف لذلك بل ويعتذر لنفسه إن كان من النوع الذي يلتفت إلى المظاهر ، سيناقض نفسه بالتأكيد .. فهو عمر ... عمر الشاب الأكثر نضجًا ونجاحا من بين الـــ تـــْرِبِلْ ( الثلاثي ) . وهو الذي تفوق سمعته سمعة جواد وميلاد رغم مميزات هذين الإثنين .. هو يشعرُ بأن عليه أن لا يقبل بهذه الصفقة ، لكنه لا يعرف الأسباب .. ولا يهمه أن يعرفها الآن ، عليه أن يبسط سطوة قراره .. لا مزيد من الارتباطات في العائلة .... مطلقًا !

ينبهه صوتُ طرقات خفيفة على الباب .. يعتدل في جلسته ويخرج منديله من جيبه، يمسح عرقه ثمّ يجلي صوته بنحنحة واحدة ويقول "تفضل" ، تدخل من خلفه السكيرتيرة ذات الحجاب المحتشم . إذ كان ذلك شرطًا من شروط اختيارها . فهو يحاول دومًا الثبات في وجه كل الإغراءاتِ التي تلتصق به وكأنه الصمغ .. ويضع لذلك كلّ الخطط و الإجراءات ، تقول له باقتضاب : " عمر بيك . غدًا موعد السفر إلى لندن والمدة أسبوع .. الطائرة الخاصة بها عطلٌ فني ، لذا ستسافر على متن الخطوط الوطنية بدرجة رجال الأعمال ".. أما الباقي فكان كلامًا روتينيا حول أعماله اليومية . تذكره بسفره إلى لندن إذًا ! وهل نسيَ للحظةٍ هذه الرحلة اللعينة التي لا يدري مغزاها في مثل هذا الوقت بالذات .. يضيق به مكتبه على وسعه فينهض عن كرسيه الضخم ويلتقط ربطة عنقه عن الأرض ويخرج من مكتبهِ غير عابئٍ بنداءات سكرتيرته واسألتها حول وجهته .......... إنه يريد الخروج فحسب ، وليس عليه أن يستأذنها كلما همّ بعمل شيءٍ .

~

الفصل الأول يوم السبت بمشيئة الله .. كونوا بالقرب ♥

raghad165 · 19-09-13, 05:37 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مدامع عين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لأني أحبك وم شتاقة لوجودك و عودة إبداعك .. فرحانة كتير ببدايتك الرقيقة ..
مبررررروك رغد و تمنياتي لك بكل خير ..
إلى لقاء .................

آه يا غالية ... مر وقت طويل ~
لكم اشتقت لكِ ... وكم فرحتُ بأنكِ أول من ردّ هنا ..
أتمنى أن أراكِ دومًا
كنت أظن أنكِ انقطعت عن روايتي .. ولكن يبدو أنني أنا هي من انقطعت ..
أحبك يا مدامع ♥

مدامع عين · 19-09-13, 05:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة raghad165

آه يا غالية ... مر وقت طويل ~

لكم اشتقت لكِ ... وكم فرحتُ بأنكِ أول من ردّ هنا ..

أتمنى أن أراكِ دومًا

كنت أظن أنكِ انقطعت عن روايتي .. ولكن يبدو أنني أنا هي من انقطعت ..

أحبك يا مدامع ♥

و أنا بعد أحبك رغد ..

مهما انقطعت عن روايتي يجبرني قلبي على العودة ..
لأنه عرفكم يشتاقو يحن لكم ..

وسعيدة ببدايتك و لي عودة بتعليق ..

flower90 · 19-09-13, 05:46 PM

السلام عليكم
مبرووك الرواية الجديدة البداية جميلة جدا تمنياتي لكي بكل خير :-)

رغد تبوك · 19-09-13, 06:15 PM

مقدمة رااااائعة روغودة كلنا مؤمنين ولكن التذكرة تنفع المؤمنين لنزداد ايمان
متأكدة من روعتها كروعة روايتك الاولى صفعتني بالورد
موفقة عزيزتي واكيد بانتظار روايتي

هدوء الدوشة · 19-09-13, 06:16 PM

سعدت كثيرا بعودتك رغد و بالتأكيد كنت في انتظارها .
بداية موفقة و مشوقة تعدنا برواية متميزة
في انتظار الفصل الاول يا جميلة
سلمت اناملك

Hebat Allah · 19-09-13, 06:23 PM

انا سعيد جدآ
بأني راح اتابعك من اول بداية رااائعه جدآ

والاسم ملفت ومشوق جدآ

في انتظااارك أكيد

إيناس · 19-09-13, 06:35 PM

جميل جدا جدا

روايه موفقه باذن الله

أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق
انواع عرض الموضوع
العرض العادي الانتقال إلى العرض المتطور الانتقال إلى العرض الشجري