آخر 10 مشاركات
السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          أجمل الأفلام القصيرة..«خاسب الدبابه يا غبى منك ليه».. (الكاتـب : اسفة - )           »          بحر الأسود (1) .. * متميزة ومكتملة * سلسلة سِباع آل تميم تزأر (الكاتـب : Aurora - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وخُلقتِ مِن ضِلعي الأعوجُا=خذني بقايا جروح ارجوك داويني * مميزة * (الكاتـب : قال الزهر آآآه - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          دجى الهوى (61) -ج1 من سلسلة دجى الهوى- للرائعة: Marah samį [مميزة] *كاملة* (الكاتـب : Märäĥ sämį - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-02-09, 09:53 PM   #11

optisoin

? العضوٌ??? » 76173
?  التسِجيلٌ » Jan 2009
? مشَارَ?اتْي » 726
?  نُقآطِيْ » optisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond reputeoptisoin has a reputation beyond repute
B10


:icon30::icon30::syria8:

optisoin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-09, 11:55 AM   #12

New writer
 
الصورة الرمزية New writer

? العضوٌ??? » 9368
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 154
?  نُقآطِيْ » New writer is on a distinguished road
افتراضي

Nice job keep up :D

New writer غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-09, 09:07 PM   #13

esraa

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية esraa

? العضوٌ??? » 14411
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 897
?  نُقآطِيْ » esraa is a splendid one to beholdesraa is a splendid one to beholdesraa is a splendid one to beholdesraa is a splendid one to beholdesraa is a splendid one to beholdesraa is a splendid one to beholdesraa is a splendid one to behold
افتراضي


مشكورة يا عسل


esraa غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-02-09, 09:36 PM   #14

زهرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية زهرة الأوركيد

? العضوٌ??? » 59088
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » زهرة الأوركيد is on a distinguished road
افتراضي

هلا و غلا
سجى الليل
الحمدانية
optisoin
new writer
esraa
اسعدني وجودكم و مشكورين على المرور
و إنشاء الله أنزل الرواية بسرعة.


زهرة الأوركيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-09, 09:37 PM   #15

زهرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية زهرة الأوركيد

? العضوٌ??? » 59088
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » زهرة الأوركيد is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الخامس
لن تستطعي الرحيل!


نامت كولين معظم النهار... كان يقطع نومها لحظات صحو.. تحاول فيها إعادة جمع شتات أفكارها ، و تعود تتذكر ذلك العناق الذي تشاركت فيه مع جوليانو إنريكو ، كان عناق رجل لإمرأة، بغض النظر عن أنه عاملها فيما بعد كطفلة.
لم يكن عندها وقت للتفكير لماذا ام تدفعه عنها ، ولماذا لم تجد عناقه مزعجا في وقت كانت تظن أنها تكرهه كثيرا . فكلما كانت تفتح عينيها و يجول هذا الخاطر في ذهنها كانت تجد إما تينا أو ايما تنتظر صحوها.
و عندما استيقظت تماما ، وشعرت بأنها أكتفت من النوم ، وبأن طاقتها قد عادت إليها ، كانت الشمس قد غابت في الخارج ، ولأول مرة هذا اليوم لم تكن لا تينا ولا ايما في غرفتها.
و عادت تفكر بالعناق بينهما، و أدركت عندها ، والدماء تدفئ خديها ، أنها لن تستطيع مواجهته على طاولة العشاء . هي فقط غير مستعدة بعد لؤيته.
و اكتشفت، سريعا بينما كانت تسمع وقع خطوات رجالية في الممشى، أن جوليانو ليس من النوع الذي ينتظر دعوة لزيارتها.
و فتشت بسرعة عن فرشاة الشعر ، و لم تجد الوقت كي ترتب خصلات الشعر المشعثة ، ولا أن تسرح شعرها على كتفيها . فبدون أن يزعج نفسه بالقرع على الباب ، فتحه ودخل متقدما من سريرها ، وقال بخشونة وهو يرمي لها ساعتها على الفراش :
-لقد كذبت علي .
و انتقلت عيناها من الساعة التي كانت قد نسيتها حيث كانت تعمل إلى وجهه ، فقال :
-اعتقدت أنك ستحتاجينها.
و علمت أن اللحظة غير مناسبة لشكره ، فقد كان غاضبا جدا!
-لا بد أنك أرهقت نفسك كي تنجزي ما أنجزتيه من عمل . و لا عجب أن أصبحت مريضة!
و كأنما لم يتحمل النظر إليها ، اتجه نحو النافذة لينظر إلى الخارج . وأدركت أن عليها قول شيء ما . ولكنها لاحظت أنه على وشك فقدان السيطرة على أعصابه . و كانت معتادة على استرضاء أبيها . و أوشكت أن تستخدم نفس الأسلوب معه ، عندما أتتها فكرة... لماذا تفعل ؟ منقسمة ما بين الشخص الذي كانته و بين ما تريد أن تكونه ،
أدركت أنها لن تستطيع التخلص من آثار الماضي لو أنها استسلمت عند أول صعوبة.. لماذا قد تفكر باسترضائه بعد كل الأشياء الفضيعة التي قالها لها في الماضي... و لماذا يجب أن تخاف من غضبه على كل الأحوال؟
-متى كذبت عليك ؟
-لقد كذبت علي بصمتك.. كان بإمكانك القول لي ، بالأمس وقبل الأمس ، أنك قررت تنظيف ذلك المكان ابتداء من فوق . ولم تقولي كلمة واحدة عندما دعوتك بالكسولة المثالية . هذة الكلمة أزعجتك و أناأعلم هذا ، ومع ذلك لم تقولي كلمة واحدة.
-لقد توقعت منك أن تتجول في المكان لترى بنفسك ما فعلت .على كلٍ.. لقد أفادك هذا.. وما كان يجب أن تظن...
-و لكنني لست أنا من عانى من التعب ، أيتها الحمقاء!
و هكذا أضاف لقبا جديدا مما يحتفظ به لها من ألقاب في جعبته.
-أجل لقد عانيت.. ولكنني بخير الآن . لذا لا حاجة للجدال في الموضوع... وأرجوك أن تغلق الباب و أنت خارج.
النار التي لمعت في عينيه لهذه الإهانة جعلتها تتمنى لو أنها لم تقلها ، و بدا و كأنه على وشك أن يخنقها ، وصاح :
- أيتها ال...
و صمت فجأة.. و استعدت لتصرخ... أنا آسفة.. آسفة.. آسفة! ثم شعرت بالسرور لأنها لم تفعل.. فبطريقة ما استطاع أن يسيطر على أعصابه ، و ربما لاحظ كيف شحب وجهها لعدوانيته. و قال :
-أنت على حق...
إذا كان لم يستخدم العقاب الجسدي عليها ، فهذا لأنها سوف تضطر إلى تحمل لسع لسانه .
-كنت مخطئا في افتراض أنك كسولة . أنت مستعدة للعمل الشاق لتحصلي على ما تريدين.. أليس كذلك يا جميلتي ؟
-أحصل على ما أريد؟
-ألست كذلك ؟ ألا تسعين للحصول على انطباع جيد عنك ؟ ألم تعملي على غسل وكوي الستائر وأنت على وشك الانهيار ، بقصد واحد و هو الظهور بمظهر البائسة عندما وجدتك منهارة ليلة الأمس؟
و تطلعت مشدوهة و شهقت قائلة :
- أتظن أنني...
-إنك أدركتي أن هناك أشياء تستطيعين الحصول عليها أكبر مما كنت ستحصلين عليه عن طريق شقيقك... على كل ، سأترك لك مهمة إثبات أنني على خطأ.. كولين شادو.
و تركها تغلي بالغضب و خرج .
استيقظت كولين باكرا في اليوم التالي . وغضبت من نفسها لأن رأي جوليانو لم يهمها . و لم تكن تنوي كذلك أن تبرهن له عن شيء. و كل ما كان في ذهنها و هي تنزل إلى الطابق الأرضي ، رغم شعورها بأنها ليست على ما يرام تماما ، أنها كلما عادت إلى العمل أسرع، أنها كلما كسبت ثمن تذكرتها بسرعة أكثر ، وتستطيع عندها أن تبتعد عنه و عن انتقاداته المريرة.
وخرج جوليانو من خلال أحد الأبواب عندما وصلت إلى أسفل السلم فقال لها فورا ونظرة ساخرة تطل من عينيه :
-و ما هي الملاحظات الطريفة التي تجول في رأسك هذا الصباح؟
-قبل أن تعتقد أنني أتيت لأبرهن لك شيئا.. أقول لك إنني سأعمل اليوم .
و مرت نظرة السخط على وجهه بسرعة ، لكنها لم تدم طويلا . و أصبحت نظرته فجأة مفكرة ، و عاد الشيطان إلى عينيه :
-ظنوني حولك ثبت أنها كانت خاطئة . ألم تكوني محرجة يوم أمس؟ هل خدعتني عيناي لرؤيتك محمرة الوجه عندما عانقتك قبل وضعك في الفراش؟
-ما.. ماذا تعني!
فقال بحدة:
-سأعطيك عشر ثواني للعودة إلى فوق .و إذا لم تتحركي سأحملك إلى غرفتك . و سأضعك بنفسي في فراشك.
-لن تفعل!
-أربعة.. خمسة...
و صرخت بغضب :
- أيها القذر!.. أيها المكسيكي القذر!
-ثمانية.. تسعة...
و في منتصف طريقها على السلم ، سمعت ضحكته من خلفها ، وتمنت لو أن في يدها شيء تقذفه به. كما سمعت ، الرجال المكسيكيون يتوقعون من نسائهم الخضوع التام ، و لكنها ليست إمرأته، و لا تنوي أن تكون خاضعة له.
لقد كانت خاضعة طوال حياتها... و لم يقع اختيارها إلا على المكسيك من بين بلدان العالم لتحقق حريتها!
و شاهدته من نافذة غرفتها و هو يخرج.. ليس بالسيارة كما هي عادته ، بل سمعت وقع حوافر جواد فقفزت إلى النافذة ، و رأته يبتعد على ظهر جواد أسود رائع ، كم تمنت أن يرميه الجواد عن ظهره، ولكن لا أمل بأن يحدث هذا ، كما لاحظت ، فالجواد و خياله كانا يسيران و كأنهما جسم واحد .
يبدو أنه ذهب إلى المزرعة ، وسيبقى هناك طوال النهار ، و كانت مصممة أن لا تخضع لإرادته بالعودة إلى الفراش ، فنزلت إلى المطبخ لتعرض المساعدة في اللحظة التي اختفت فيها أصوات وقع حوافر الجواد.
و أخذت تشير لتينا ، و كأنها تكنس و تغسل و تنفض الغبار ، متمنية أن تفهم ما تريد . و ظنت أن تينا فهمت عليها ، عندما أشارت إليها لتتبعها.
و لكن أملها خاب بعد أن لحقت بها عبر الردهة إلى الباحة المرصوفة خارج المنزل ، حيث أشارت إلى كولين بالاستلقاء تحت الشمس على كرسي نوم و ترتاح ، و كانت كلمة "السنيور" التي مرت من خلال تدفق الكلمات بالإسبانية منها ، كافية لتوضيح أن السنيور أمر بأن لا تمد يدها إلى شيء هذا النهار.
و لم ترد أن تزعج تينا التي كانت كالملاك معها يوم أمس ، فتمددت على الكرسي . و ابتسمت لها تينا ابتسامة مفاجئة ، و انسحبت لتكمل عملها .
و تمددت كولين تحت الشمس أكثر من ساعة ، دون أن تفكر بشيء .
المناظر الخلابة من حولها ، للمزارع على التلال العالية ، الخضراء التي تحيط بها السماء الزرقاء الصافية ، لم تترك مجالا لأية أفكار مزعجة في نفسها ، بالقرب منها كان بركة سباحة ، مياهها مغرية ، مع أنها لم تكن سباحة ماهرة ، وراء البركة تمتد مروج خضراء ، و زهور ، ملونة بكل الألوان ، وورود ومارغريت ، بينما الهدوء يلف المكان كله من حولها .
و انتقلت عيناها عن مساكب الزهور الجميلة ، ليشد انتباهها رجل يقوم بالحفر ، كان في حوالي الخمسين من عمره ، و شاهدها بدوره ، و كان قريبا منها بحيث أنه رآها تبتسم . و لكن شيئا ما في الطريقة التي كان ينظر بها إليها جعل ابتسامتها تختفي . شيء ما جعلها غير مرتاحة ، شيء يجب أن تعرف ما هو مما جعاها تقرر أن لا تجرب بركة السباحة اليوم .
و كانت على وشك أن تقرر أنها لم تعد تتمتع بالاستلقاء هنا ، عندما خرجت ايما تحمل صينية قهوة .
-لم أعلم بأنك وصلت .
و قابلت ايما هذه الكلمات التي لم تفهمها بابتسامة ، ثم لاحظت أن الفتاة شاهدت البستاني ، و علمت أنه مسالم عندما نادته ايما :
-ماركو.. القهوة!
و ارتشفت كولين قهوتها ، و لم يعد ماركو موجودا ، فعاودها الشعور بالارتياح، حتى أنها بدأت تشعر بالسعادة عندما ركضت الصغيرة بيلا إليها، و قد تغلبت على خجلها من كولين ، و هي تصيح بسرور ، دون اهتمام إذا كانت كولين تفهمها أو هي تفهم عليها مكررة كلمة "فياستا" أي الاحتفال مرات ومرات ، و علمت بعد أن خرجت ايما وراء الصغيرة ، أنهم سيقيمون لها حفلة عيد ميلاد قريبا ، و رفعت ايما يدها إشارة إلى أن الصغيرة سيصبح عمرها أربع سنوات .
و عندما بلغت الساعة الثامنة , كان شعور بالجوع يسيطر عليها ، بالرغم من أنها لم تفعل شيئا هذا اليوم ، فتناولت طعاما خفيفا ، و كان امادو و ماركو يأكلان في المطبخ عندما أدخلت الأطباق الفارغة ، وسط احتجاجات ايما وتينا ، و علمت عندها أن ماركو هو من يقوم بالأعمال المختلفة في المكان.
و قررت أن الاستلقاء طويلا تحت الشمس أمر غير حكيم ، فخرجت لتتمشى بعد الظهر ، و قامت بجولة على العديد من المباني و الاسطبلات حيث يعمل العديد من الرجال ، ذوي الشعر الأسود و العينين البنيتين على عكس رب عملهم ، و كلهم يرتدون قبعات القش ، و لم تكن من طراز (سومبريرو) المكسيكي المشهور كما تصورت كولين .
عند المساء ، ارتدت فستانها الطويل الذي ارتدته يوم تعشت مع جوليانو آخر مرة ، كانت متأكدة أن تينا قد أخبرته بما بكل ما فعلته خلال اليوم .
و لم ترغب في أن يأتي إليها بنفسه ليأمرها بالنزول ، فدخلت غرفة الجلوس عند الساعة الثامنة إلا ربع ، ووجدته هناك يصب لنفسه كأسا من الشراب...
و بدأت الكلام معه لتظهر له أنها على استعداد لأن تكون مؤدبة :
-يبدو أنك غير معتاد على الشراب الوطني.. كما أرى؟
-في بعض الأحيان.. يبدو أنك تحسنت.. ماذا تحبين أن تشربي؟
-أشرب مثلك.
و أشار إليها بالجلوس ، ثم قدم لها كأس الشراب ، و جلس في المقعد المقابل لها . كانت مصممة على البقاء هادئه و عادية ، و تريده أن يبقى هادئا إلى أن تجد جوابا على سؤال ظل يجول في ذهنها طوال اليوم ، و قالت اه:
-لون شعرك أفتح من بلقي المكسيكيين الذين قابلتهم.
و شعرت بالندم فسارعت للقول:
-آسفة لم أقصد أن أكون غير مهذبة معك؟
-هل يحيرك لون شعري؟
-أجل.. أنا لم أشاهد مكسيكيا لون عينيه أزرق أيضا.
-هناك الكثير هكذا في الشمال.. و من المعروف أننا أخذنا هذه الألوان من أسلاف فرنسيين و ليس من أسلاف اسبانيين.
ثم بدأ يروي لها كيف تلقى الامبراطور مكسيمليان الدعم من الفرنسيين ، و كيف أن البعض منهم بقي في البلاد و تزوج من فتيات محليات. عذوبة حديثه جعلت تفكيرها يبتعد عن السؤال الذي كانت ترغب حقا في طرحه عليه ، ووجدت نفسها تسأله عما إذا كان قد تعلم الفرنسية عن طريق أسلافه . فأجاب بالفرنسية "وي" ، و ابتسمت مرغمة ، لأنه تلفظ بهذه الكلمة بطريقة مضحكة.
خلال هذا عيناه بقيتا مثبتتان عليها ، و لم تفهم لماذا ، ثم قال :
-تصبحين أجمل عندما تبتسمين يا كولين ، يجب أن تبتسمي دائما .
و أزعجها هذا التعليق الذي يجب أن يكون إطراء ، فهو قد جعله يبدو و كأنه تقرير أمر واقع ، فربما لم يكن يقصد به الإطراء . و قالت له :
-أنت تتكلم الإنكليزية بطلاقة أيضا .
-لقد تلقيت تعليمي لسنوات في أمريكا... أرى أنك أنهيت شرابك ، فهل ترغبين في المزيد أم نذهب لتناول العشاء
-أفضل العشاء.
و قال لها بعد أن رآها تبتسم :
-أعتقد أن فكرة ما أضحكتك ؟
-كنت.. أفكر فقط بشيء ما .
و انتظرت كولين إلى نهاية العشاء لتسأل السؤال الذي كان يلح على الخروج من لسانها:
-جوليانو... كنت أتساءل...
-أنا مصغ إليك .
-حسنا... لا يبدو أنني أعمل بشكل جيد لكسب ثمن تذكرة سفري.
-غريب.. و لكن من رأيي أنك قمت بعمل أكثر من جيد فيما طلبته منك .
-و لكنني لا أظن هذا . لذا كنت أتساءل.. إذا...
و نظرت إليه ، و انزعجت لأن تعبيراته لم تتغير ، و انزعجت أكثر لأنه قنع بالجلوس و تركها تجمع شتات تفكيرها لما ستقوله :
-هل تستطيع أن تقرضني ثمن تلك التذكرة ؟
و هكذا خرج السؤال منها ، وانتظرت رده مقطوعة الأنفاس . ورفعت رأسها عاليا بانتظار رفضه. و سألها بعد توقف بدا لها طويلا :
-أقرضك ؟
ووجدت بعض التشجيع لأنه لم يجابهها برفض قاطع . و بدا أن كبرياؤها قد فارقها وهي تقول له :
-سأعيد لك ، كل قرش منها.. و أعلم أنك لن تتضايق من دفعها..
-هكذا إذا... لقد كنت تتجولين بفضول اليوم لتعرفي مدى ثرائي .
-لا.. ليس الأمر هكذا. لقد خرجت لأتمشى ، صحيح، و لمن ليس لأتجسس ، كما تسمي الأمر.
اللعنة عليه ، لقد فهم بشكل خاطئ ، و ابتعد كثيرا عن محاولة فهم وجهة نظرها . وكل ما نجحت به هو أنها أكدت له بأنها تسعى وراء المال تماما كأخيها.
و لم يكن عندها أدنى فكرة عن كيفية إقناعه كم هي مخلصة ، و لكن مهما يكن ، عليها أن تحاول . وعليها أن تجلس و تتحمل كل ما سيتهمها به ، فهي لن تتمكن من الصراخ في وجهه كما ترغب .
فعليها أن تخرج من هنا , وعن طريقه هو فقط يمكن تحقيق هذا .
و لكن قبل أن تتمكن من ترتيب الكلام الذي ستقوله ، كان يسخر منها قائلا :
-يبدو عليك أنك متشوقة للذهاب... هل هذا يعني أنك لا تحبين هذا المكان ؟
-منزلك في منطقة جميلة جدا... و لو.. أن الظروف كانت مختلفة ، فأظن بأنني سأكون مسرورة جدا لهذه الفرصة.. لقضاء بعض الوقت هنا.. ولكن...
-و لكنك أدركت أنني لست فريسة سهلة لعينيك؟
و ازداد غضبها ، فصاحت و قد آلمها اتهامهلها ثانية بأنها صائدة فرص.
-اللعنة عليك!
و كان رده مع ابتسامة باردة لأنه نجح في تحطيم برودها .
-تقولين بأنك ستردين المبلغ لي.. فهل يجب أن أقبل بطلبك؟
و هكذا بهدوء ، أطفأ نار غضبها بالعودة إلى الموضوع المهم ، و بدلا من أن ترميه بكوب الماء تنفست الصعداء ، و بدا لها أنه على استعداد لبحث الأمر.
-أجل بالطبع. سيكون هذا مجرد قرض .
-و هل لي أن أسأل كيف تنوين أن تدفعيه؟ مما فهمته منك ، فوالدك هو معدم مثلك تماما ، وإلا لكنت أبرقت له لتطلبي المبلغ عندما كنت في الفندق في (كواريتارو).
-والدي لا يفتقر إلى المال!
-و لكنه لا يميل لإرسال أي مبلغ من ماله لك ؟
-لقد دفع ثمن تذكرة سفري إلى هنا .
-بالنسبة لرجل بخيل هكذا ، يبدو أنه كان مستعدا للدفع لمجرد الخلاص منك . هل كان سعيدا للخلاص منك؟
و آلمها السؤال ، مما أجبرها أن تدافع عن والدها ، فقالت بهدوء :
-لم يكن في منزله الجديد مع زوجته مكان لي.
-ألم يكن والدك يحبك ؟
و جاء دورها للسخرية، فلم ترغب في أن يلاحظ أن الرد على سؤاله يؤلمها أيضا :
-لم يقل لي هذا ابدا.
-عندما يكون الحب موجودا فلا حاجة للكلام فيه ، فمعرفته غريزية .
و عادت إليها كراهيته ثانية وهي تجيبه:
-إذا..قد أفهم من هذا أن والدي لم يكن يحبني .
و شعرت بالغضب من هذا الحديث ، واستمر جوليانو بالنظر إليها دون أن يرد ، فتابعت:
-و أفضل أن لا نتكلم عن والدي أو عن نقص عاطفته لي ، لو سمحت .
-حسن جدا... و لنعد إلى ما تقترحينه لرد القرض الذي قد أفكر بأن أعطيه لك .
-سأحصل على وظيفة.. عندما أعود إلى بريطانيا.
-و ماذا ستعملين ؟ إذا كنت قلت لي الحقيقة ، فإنك لم تعملي من قبل .
-أعترف بأنني لم أعمل من قبل لقاء أجر ، و لكنني كنت مدبرة منزل والدي و كنت أنظفه أيضا .
و عرف جوليانو أنها لا تخاف من العمل أبدا .
-لا شك في هذا .
وبدا صادقا ، و علمت أنه تذكر ما قامت به في منزل المدير .
-لم أكن أريد أن أطلب منك ، و لكن بما أنني لم أجد رايان.. فأنا...
ها قد أفسدت الأمر . وأدركت هذا عندما ذكرت أسم رايان فكل ما سيتذكره الآن هو ايذاء شقيقها لفرد من أفراد أسرته، و استنتجت هذا من تصلب فكه الفجائي . يبدو أن كراهيته لرايان و كل ما فعله أكبر من أن ينساها ، ودفع بكرسيه إلى الخلف ووقف:
-أرى أن شهيتك قد تحسنت ، و لكن بما أن الوجبة قد انتهت فأرجو أن تعذريني.. فلدي أوراق يجب أن أدرسها.
-و لكن.. ماذا عن تكاليف سفري ؟
ووقفت بسرعة ، وتقدمت نحو الباب لتصل إليه في نفس الوقت الذي وصله. فهي لم تجلس هنا طوال السهرة حتى يخرج في النهاية و يصفق الباب في وجه آمالها.
-تكاليف سفرك؟ لقد اقترحت بنفسك أن تعملي لاكتسابها. وهكذا ستفعلين ، و لمن ليس في بلادك.
-و هل سأبقى.. هنا؟
-لبعض الوقت كما أظن... هذا إلا إذا كنت تنوين ان تتبعي مثال ما فعله شقيقك.
إذا.. فتفكيره لا يزال مركزا على رايان ، و أجابته:
-أنا.. لم أفهم عليك.
-لم تفهمي؟.. شقيقك ظن أنه وجد لنفسه إمرأة ثرية ، ألم يفعل هذا؟
-وهل تعتقد... هل تظن أنني قد أمثل عليك كي أحصل على تكاليف سفري دون أن أعمل بالمقابل؟
-لا أذكر أنك عارضتيني يوم أمس عندما عانقتك .
و لم تدري ما لذي يزعجها أكثر ، أهي عجرفته التي لا تطاق ، أم الخجل الذي غمرها لأنه كان يقول الحقيقة، و لكن يدها اليمنى التي تلهفت أكثر من مرة للوصول إليه ، لم يعد باستطاعتها إسكاتها ، و قبل أن تفكر ، اختارت يدها اللحظة المناسبة لتنطلق في الهواء .
وصفعته على وجهه تماما ، و هي بالكاد تعرف ماذا تفعل ، فيدها كانت تتصرف باندفاع ذاتي عنيف . و قالت بعد الصمت الذي تلا :
-بما أننا لا زلنا في مجال التذكر ، أتذكر أنني نسيت أن أعطيك هذا بالأمس .
الابتسامة التي ظهرت على وجهه لم تعجبها أبدا . و قال بنعومة :
-أنا أشعر بالفعل يا كولين شادو ، أن هذه العقوبة أكبر من الجريمة . لذا اسمحي لي يا عزيزتي كولين أن أصحح هذا التوازن.
و لم يكن لديها أية فكرة عما سيفعل ، مع أنه قد خطر في بالها أكثر من مرة بأنه يرغب في ضربها، و لكنها لم تكن تظن بأنه سيرد على التحية التي قدمتها له لتوها.
مع ذلك ، فقد أسرعت بالتراجع ، و اكتشفت أنه أسرع منها في الحركة ، و لكن ليس ليضربها.. و في لحظات لم تدري بنفسها إلا و هي ما بين ذراعيه . و جسده الذي لامسها يوم أمس قد عاد ليلامسها ثانية.
و لكن هذه المرة لا تقارن بالمرة السابقة ، و قاومت كي تتخلص ، فهي لا تريد أن تبقى بين ذراعيه.. و لكن يا للسماء.. مالذي يحدث لها ؟ إنها تشعر بالسلامة و الأمان بين ذراعيه ، و مع ذلك فلا يجب أن تشعر هكذا. و شهقت :
-لا تفعل هذا!
و استطاعت أن تبعد نفسها قليلا عنه ، و لكنه عاد ليحكم ذراعيه من حولها ، و حاولت التخلص بقوة ، و أن تجذب جسدها بعيدا عنه ، و لكنه استمر في الضغط عليها بشدة ، ثم ذهلت لشعورها بأن الخوف قد بدأ يختفي من داخلها ليخلي الطريق أمام مشاعر جديدة .
و لم تعد تقاوم بل أحست بالدوار ، و عندما تركها ، و جدت أنها تحدق بغباء في عينيه اللتان بدتا وكأنهما تكشفان كل ما يدور في أعماقها .
-ألم تكوني تتوقعين وجود هذه المشاعر في داخلك ؟
و أحست بغضب شديد لأنه يسخر من سذاجتها . و أخذت تفكر بماذا سترمي في وجهه، ثم قفزت إلى ذهنها فكرة قد تكون الحل لكل مشاكلها .
-بإمكانك الأحتفاظ بمالك... فأنا لست بحاجة إليك! أول شيء سأفعله في الغد أن أذهب إلى القنصلية البريطانية . فهم موجودون هنا لحل مشاكل مثل مشكلتي ، و لمساعدة البريطانيين المقطوعين هنا .
و تمنت أن تكون محقة... و لكن غضبها لم يؤثر به أبدا.. و لاحظت على الفور أن ما يجري وراء عينيه الذكيتين لن يعجبها أبدا .
-بعيدا عن أن ليس هناك قنصلية بريطانية في "دورانغو" فعائلتك مدينة لعائلتي سنيوريتا .
و أخذ يحدق بها ، و الجليد في عينيه على عكس المظهر اللامبالي الذي كان يتقنع به . يجب عليها إذن أن تدفع الدين قبل أن يوافق على ذهابها . لكنها ستحاول إيجاد قنصلية بريطانية في مكان ما ولو كلفها هذا المال القليل الذي تملكه ، و لكنه قال لها :
-لو حاولت الخطو خطوة واحدة خارج أملاكي ، أيتها الآنسة الشامخة الأنف ، فسوف أضع شقيقك في السجن قبل أن تحصلي على مقعد في أية طائرة .
-السجن ؟ لا تستطيع ، فأنت لا تعرف مكانه .
-لدي اتصالاتي ، و أستطيع معرفة أين ذهب . و لن يكون صعبا على البوليس أن يلقي القبض على رجل إنكليزي .
و تمنت كولين أن يبقى شقيقها مختفيا ، بالرغم من رغبتها في أن تجده . و أخفت خوفها ثم قالت متحدية :
-لا تملك شيئا ضده... و لم يرتكب أي خطأ!
-لنتخلى عن الجدال الأخلاقي ، بما أنك ملوثة مثله.. و يكفي أن أقول ، إنني أستطيع التفكير بشيء سيبقيه في قبضة البوليس إلى أن يقدم للمحاكمة .
-و لكن.. بإمكان محام بارع أن يظهر بأنه اتهم زورا.
-ربما.. و لكن ليس قبل أن يختبر الحياة في سجن مكسيكي .
و بينما كانت تحاول فهم ما يقصده ، تركها و توجه نحو الباب ، و فتحه منتظرا أن تخرج منه و تابع :
-قوانينا مختلفة عن قوانين بلدكم ، فهنا نعتبر المسجون مذنبا حتى تثبت براءته .
و تحركت كولين و كأنها إنسان آلي ، مذهولة ، لا تستطيع التصديق بأن هذا الرجل الذي عانقها بكل لطف يمكن أن ينقلب إلى رجل بارد يجري الثلج في عروقه . و نظر إليها و قد لاحظ كم أثرت كلماته بها .
-و هل ذكرت لك أن جدول محاكمنا مشغول جدا ؟ و أن على شقيقك مواجهة وقت طويل في السجن قبل ...
و تركته إلى غرفتها قبل أن يكمل كلامه.. لقد هزمها ، وهو يعرف هذا . و ليس أمامها أية فرصة سوى أن تطيعه في كل شيء إذا كانت تريد ان لا يختبر رايان شكل السجن في المكسيك من الداخل .

*******************

يتبع....


زهرة الأوركيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-09, 07:15 PM   #16

ام الجاذبية

? العضوٌ??? » 14801
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 6
?  نُقآطِيْ » ام الجاذبية is on a distinguished road
افتراضي

في الانتظار يا زهرتنا الرائعة ................................

ام الجاذبية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-09, 08:36 PM   #17

مانتي
 
الصورة الرمزية مانتي

? العضوٌ??? » 74475
?  التسِجيلٌ » Jan 2009
? مشَارَ?اتْي » 853
?  نُقآطِيْ » مانتي is on a distinguished road
افتراضي

أرجوكي كمليها بسرعة . أرجوكي أرجوكي أرجوكيييييييييييييييييييي ييييييييييييييييييييييييي يي

مانتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-09, 06:37 PM   #18

بنوته عراقيه

نجم روايتي وعضو بالسينما ورئيسه تغطيه و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارThe Vampire Diaries

alkap ~
 
الصورة الرمزية بنوته عراقيه

? العضوٌ??? » 9075
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,449
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » بنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond reputeبنوته عراقيه has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

سلمت الايادي بانتظار التكمله

بنوته عراقيه غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 17-02-09, 12:22 AM   #19

زهرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية زهرة الأوركيد

? العضوٌ??? » 59088
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » زهرة الأوركيد is on a distinguished road
افتراضي

أهلين فيكم
ام الجاذبية
منال74
بنوتة عراقية
و الله يسلمكم و مشكورين على المرور و على كلامكم الحلو...


زهرة الأوركيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-02-09, 12:24 AM   #20

زهرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية زهرة الأوركيد

? العضوٌ??? » 59088
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » زهرة الأوركيد is on a distinguished road
افتراضي


الفصل السادس
بدون خبرة


خلال ثلاثة أيام ظل قلب كولين مليئا بالمرارة على جوليانو إنريكو.وعند وقت تناول الطعام لم تكن تتكلم معه إذا استطاعت تجنبه ، و تشعر بفرح قلبي عندما يظهر الانزعاج منها . و كم كانت تفضل أن تتناول طعامها في المطبخ مع الآخرين .
ولم تكن الأمور بينهما تتحسن حتى على تتبع تعليمات الطبيب حرفيا ، وترتاح .وبعد هذه الأيام الثلاثة أصبحت كولين متلهفة لعمل أي شيء .
في اليوم الرابع جلست في الفناء الخارجي ترتشف قهوتها الصباحية ، يبدو أن هناك بعض الفوائد من تكاسلها الإجباري .و إحدى هذه الفوائد هو تعرفها بالموجودين في المنزل أكثر .
و توقف تفكير كولين عندما خرجت بيللا الصغيرة ، كعادتها كل صباح ، لرؤيتها . وتذكرت أن الطفلة الحبيبة قد أتمت الرابعة في هذا اليوم . و مدت كولين يدها إلى حقيبتها و أعطتها قطعة شيكولاتة بالحليب من النوع الذي يفضله شقيقها رايان ، و الذي جلبته معها ظنا منها أنه غير متوفر في المكسيك . وكان هذا كل ما تستطيع أن تعطيها إياه . و أخذتها بيللا بسعادة و أمسكت بها بيديها و هي تركض إلى الداخل و تصرخ "مامي" .
و كان ماركو في المطبخ عندما دخلت كولين لتعيد صينية القهوة ، واحجت تينا كالعادة ، وتقدمت ايما لتشكرها على الشيكولاتة التي أعطتها لبيللا و حاولت كولين أ، تفهم ما كانت تقول ايما بالإسبانية عن الاحتفال . فقال ماركو و ابتسامة على وجهه تبرز أسنانه الصفراء :
-ايما تسألك عن الحفلة .
لقد برهن ثانية على أنه مفيد .
و إذا كانت قد فهمت بشكل صحيح ، فهي مدعوة لحفلة عيد ميلاد بيللا بعد ظهر هذا اليوم . و بمساعدة ماركو ، وإشارات من ايما تأكدت أنها فهمت بشكل صحيح . و بعد قبولها الدعوة بابتهاج ، تركت المطبخ ، على الأقل سيكون هناك نوع من التغيير في حضورها الاحتفال .
يبدو أن ساعات عمل ايما كانت مرنة و بما أنها لم تكن تعمل بعد الظهر ، فقد تم الاتفاق على أن يرافق ماركو كولين إلى الكوخ الذي تسكنه ايما مع زوجها . وعند الثالثة صعدت إلى "فان" قديم بدا بدهانه الباهت , و محركه ، صالح لتسلق الهضاب أكثر من السير في البلد .
و خففت العربة من سرعتها بينما بدت مجموعة الأكواخ على مرمى النظر ، و مد ماركو يده ليغير يرعة السيارة ، فلامست يده الضخمة ركبة كولين ، و يبدو أن الأمر كان عفويا ، و كان تفكيرها مشغولا بأشياء أخرى ، فالتفتت إليه مبتسمة ، و نسيت الأمر ، و عاد تفكيرها ثانية إلى الحفلة .
-سأعود لآخذك سيدتي .
قال ماركو هذا بخليط من الإسبانية و الإنكليزية ، و كلنت كولين تفكر بما قاله حتى أنها لم تلاحظ الطريقة التي كان يلعق بها شفتيه.
-موتشاغراتسيس ماركو .
و توجهت نحو الكوخ الذي أشار إليه حيث تعيش ايما ، وزوجها و فوجئت عندما دخلت الكوخ الصغير الساحر . فقد كان هناك جيش من النساء.. لا بد أن عيد ميلاد طفل في المكسيك حدث كبير ، و أدركت كولين هذا قبل أن يقع نظرها على قالب الحلوى ذو الثلاث طبقات . لم تكن قد حصلت على عيد ميلاد لها طوال حياتها . و لكنها حفلة قبل وفاة والدتها ، و قالب الكاتو في تلك الحفلة ، كما تتذكر لم يكن مشابها بأي حال لهذا القالب الضخم الجميل .
و ابتسمت ايما مرحبة بها بحرارة ، و شعرت بأنها ضيفة مميزة . ثم خرجت من المطبخ إلى الحديقة حيث الطاولات و الكراسي ، و البعض منها مستعار من الجيران ، كما لاحظت كولين ، و الأطفال ثيابهم الملونة يلعبون و يمرحون .
كانت الحفلة قد بدأت عندما حضر الرجال من عملهم باكرا . و قدمت ايما زوجها لكولين ، ثم تجمع الأولاد من حوله و أعطوه قناعا من كرتون يمثل مهرج السيرك صائحين "بيناتا.. بيناتا!". فربط القناع على وجهه وحمل الدمية على عصا ، و أخذ يدور بها ، و الجميع يرقصون ويغنون و يدورون حوله ، و هم يضربون الدمية بالعصي .
ذروة هذا الحفل كان بعد أن قطعت أول ساق للمهرج الورقي الذي كان يدور به زوج ايما ، ثم إحدى ذراعيه ، و قام الأولاد بضرب الدمية بقوة ، و تساقط كل أنواع السكاكر و الحلويات من رأس الدمية . و نتج عن هذا تجمع مضحك للأولاد على الأرض ليحصلوا على ما وقع على الأرض . و تكوم الأولاد على الأرض ليجمعوا ما يقدرون عليه حتى أن ابتسامة كولين اتسعت ثم انفجرت بالضحك .
و أمسك أحدهم بذراعها فأدركت ، بعد أن خفت ضحكتها و لا زالت الابتسامة عريضة على وجهها ، أن شخص ما قد وصل و أنها تسد عليه الطريق . فالتفتت ، الواصل المتأخر كان جوليانو إنريكو ، و لاحظت أن نظرته مثبته على فمها الضاحك ، الذي بالكاد كانت تفتحه للحديث في رفقته خلال الأيام القليلة الماضية . و اختفت الابتسامة .
-هل تتمتعين بالاحتفال ؟
لقد كنت أتمتع... فلماذا جاء إلى هنا؟ و برز تحفظها البارد بكامل قوته . فقالت ببرود :
-أجل.. كثيرا.
و لكنها لم تعد كذلك . فهي الآن راغبة بترك الحفلة، فوجوده قد أفسد سعادتها ، و قالت بخشونة و لكن بأدب :
-اعذرني...
و حاولت الابتعاد عنه. سوف تودع الجميع ، ثم تبدأ بالعودة إلى المنزل ، و قد تلتقي بماركو في الطريق .
و لكن نيتها في الابتعاد عن جوليانو لم تصل إلى نتيجة . فعندما وصلت إلى حيث والدا الطفلة الفخورين، كان جوليانو إلى جانبها . وتمتم لهما ببعض الكلمات ، ثم وجدت نفسها تسير معه ويده تمسك ذراعها بحزم ، بينما كان يتبادل التحيات مع الحاضرين .
ماذا يظن أنه يفعل.. يمسك بذراعها بحزم ، بينما كان يتبادل التحيات مع الحاضرين .
ماذا يظن أنه يفعل.. يمسك بذراعها هكذا ، و أمام الجميع يظهر بأنه مرافقها ؟ وغضبت... و لم تتردد عندما أصبحا خارج المنزل في أن تجذب ذراعها من يده ، و هي تستعد لتوديعه ببرود . وقالت :
على الأرجح سأراك وقت العشاء.
و كانت هذه إشارة صرف له ، و لكنها أدركت من نظرته الغاضبة أنه لم يعجبه ما قالته.
-سأصطحبك بنفسي إلى المنزل .
-لا.. سيأتي ماركو لمرافقتي.. وسأذهب الآن ما...
-ماركو لن يأتي ليأخذك . و أنت لن تمشي إلى أي مكان في هذا الحر .
-لقد اتفقت مع ماركو أن...
-و أنا قلت له أن يتابع عمله.
و فكرت كولين بغضب.. يا لّهي كم تكرهه! و اضطرت ، قبل أن يقوم بجرها بالقوة ، أن تتجه إلى سيارته . و لكنها لم تنظر إليه و هي جالسة بقربه . و لم يقم بتشغيل المحرك على الفور ، مما دفعها للنظر إلى وجهه المتجهم .
-في المستقبل لا تخرجي إلى أي مكان مع ماركو.. هل هذا مفهوم ؟
و لم تكن تنوي أبدا الذهاب مع ماركو إلى أي مكان . و لكن هذا لم يمنعها من إجابته على الفور :
-من تظن نفسك.
-أنا الرجل الذي سيدفع أجرة سفرك .
فردة عليه بحدة :
-أنت تحب أن تكرر هذا دائما!
و ضرب بيده بقوة على المقود . لقد أثارته أكثر مما يحتمل . و قال راعدا:
-ابتعدي عنه!
و أدار السيارة بعنف.
و استغرقت رحلة العودة نصف الوقت الذي استغرقته مع ماركو ، و بصمت ثقيل يجثم كالقلعة ما بينهما.
توقعها أن تشاهد جوليانو عند العشاء كان خاطئا . و شاهدت النور من تحت باب مكتبته ، لا بد أنه أمضى عدة ساعات هناك . وربما سيتناول عشاءه وهو يعمل..و هذا أفضل لها فبقاؤه داخل مكتبته، سيوفر عليها ضرورة تحمله أكثر مما تستطيع.
و اكتشفت مستغربة أن لا شهية لها على الطعام ، و لا يمكن أن يكون السبب ما تناولته في الحفلة ، لأنها لم تأكل الكثير هناك.
في اليوم التالي كانت مشاعر الثورة تغلي في داخلها. فقد سئمت وتعبت من فرض جوليانو لقوانينه الخاصة عليها . و ها هو يوم آخر من الكسل و عدم الحركة يواجهها .
عند الساعة الحادية عشر من هذا الصباح ، أحست بالقلق و هي تقاوم أوامر جوليانو بأن ترتاح ، و فكرت بأن تنظيف منزل مدير المزرعة أفضل لها من أن لا تعمل شيءا ، و كانت في الباحة الخارجية عندما برز ماركو من جانب المنزل . و فكرت أن تعتذر له لأنه تلقى تأنيبا من جوليانو بالأمس . و سارت نحو المرجة لتفعل هذا.
و بعد الاعتذار ، رأت من ابتسامته التي تبرز أسنانه الصفراء أنه لا يحمل أية ضغينة ، وقال لها بالإنكليزية المكسرة :
-نزهة في السيارة ؟
و اعتقدت أنه يعني بأنه ذاهب إلى البلدة لعمل ما ، و أنه يعرض عليها أن يأخذها معه . و كان يحمل قطعة خشب في يده ، فربما هو بحاجة لمسامير أو أي شيء لهذه الخشبة .
و بأسف هزت رأسها بالنفي . فهي لن تستطيع بسهولة أن تنسى ما يستطيع جوليانو فعله لشقيقها لو أنها خطت خطوة خارج حدود أملاكه . و لكن التمرد في داخلها , و عرض ماركو أخذها إلى البلدة أعطاهافكرة أخرى . فقالت :
-أنت.. تأخذني إلى الكاسا الخاص بالمشرف؟
فقال لها ماركو على الفور :
-سي.. سي .
و فكرت كولين ، كم هو لطيف لأنه لم يحمل ضغينةضدها لتسببها بأن يلذعه جوليانو يوم أمس بلسانه . فقالت :
-مومنتو.. دقيقة واحدة.
و بشعور مبهج لأنها سترد الكيل لجوليانو إنريكو العظيم التبجيل ، أخذت تفتش في المكتبة حيث كانت قد شاهدت رزمة مفاتيح ، و لم تأخذ وقتا طويلالتتعرف إلى مفتاح منزل المشرف . فأخذته و أسرعت إلى حيث يوقف ماركو عادة سيارته .
و كان من عادتها أن تخرج من المنزل من باب المطبخ نحو الفناء الخارجي ، و نظرت إليها تينا باستغراب فقالت لها كولين :
-منزل المشرف... ماركو سيأخذني إلى هناك .
و عندما استمرت تينا تنظر إليها باستغراب أبرزت المفاتيح ، وكان رد فعل تينا عندها مهتاجا و صاخبا ، فقالت صائحة :
-لا.. لا..
فضحكت كولين وأجابت :
-سي!.. سي.. بلى.
و اتجهت نحو الباب.. فلتقل لجوليانو , فلماذا ستهتم به ! سوف تعلق الستائر اليوم.. و جلست إلى جانب ماركو في السيارة ، وانطلق بها ، متجاهلا خروج تينا و هي تصيح به بملء فمها بالإسبانية .
مرة أخرى خلال قيادته للسيارة ، لمست يده ركبة كولين . و لكن الابتسامة على وجهها هندما استدارت لتنظر إليه تلاشت فجأة ، حتى و لو ظنت بأنها تخيلت تلك النظرة على وجهه.
و فكرت.. لا بد أنني مخطئة ، و بدأ السرور يتلاشى ، و تحركت نحو الباب أكثر ، حتى و هي تظن بأنها تخيلت تلك النظرة في عينيه، و دفعها الشعور بالقلق للقفز فورا من "الفان" عندما أوقفها ماركو قرب المنزل . و قالت :
-غراتسياس ماركو .
و اكتشفت أنها اختارت المفتاح الصحيح ، إذ فتح باب منزل المشرف و دخلت ، الطابق الأرضي كان كما تركته ، و شعرت بطاقتها الكاملة ، فتوقفت في المطبخ حيث كانت تعليقات الستائر ، و حملتها ثم صعدت إلى الطابق العلوي و هي تتشوق لتعليقها.
و كانت تقوم بتثبيت العلاقات على الستائر عندما استدارت لسماع صوت .
-لنمرح.. ايه سنيوريتا ؟
و قبل أن يستوعب عقلها ما قاله ، و ماذا يفعل هناك ، بدأت يداه الغليظتان تفكان أزرار قميصه.. و تصاعد الذعر فيها ، وشعرت بالغثيان ، و جف فمها.. يا إلّهي.. يمكن أن تصرخ حتى ينفجر رأسها هنا ولن يسمعها أحد ، و قالت ، محاولة أن تجعل صوتها حازما :
-لا.. ماركو . لقد فهمت كل شيء بشكل خاطئ .
و بدا أنه لم يسمعها أبدا ، و ضحك ، وعيناه تجولان فوق جسدها و كأنهما تعريانها ، و اقترب منها .
و تحركت بسرعة بينما كان يفك حزامه ، و قفزت من فوق السرير إلى الجانب الآخر ، و التفتت إلى النافذة ، و تذكرت أن هذه النافذة بالذات لم تنفتح معها المرة الماضية . فقالت :
-لا.. لا مرح.
و هو بالتأكيد أقوى منها ، و لكن يجب أن تبقى بعيدة عنه ، فلو تقدم منها وأمسكها فلن تستطيع المقاومة ضد جسده الضخم . وقال :
-سي... فياستا..
إذا فهو يريد أن يحتفل . و لم تتحرك عيناها عنه ، و التقطت قضيب الستارة . قد لا يكون سلاحا فعالا ضده ، و لكن هذا كل ما استطاعت أن تجده.
و شاهدته ينظر إلى القضيب في يدها ، وبدأ يضحك ، ثم فجأة ، بعد أن ماتت ضحكته ، ظنت أنها سمعت في الصمت الذي تلا صوت محرك سيارة . و انبعث الأمل فيها ، ولكنها كانت خائفة من أن تذهب إلى النافذة لتنظر إلى الخارج. فيتمكن ماركو عندها من الإمساك بها . فهو لم يسمع شيئا ، كما لاحظت ، فقد أخذ يقترب منها بالتدريج و شاهدت النظرة النهمة في عينيه .
ثم توقف فجأة ، فقد سمع بدوره هدير صيحة :
-كولين!
و تبع الصيحة وقع أقدام تصعد السلم الحجري .
و خفق قلبها بشكل أعنف ، و هذه المرة من الارتياح ، و انهمرت الدموع من عينيها بعد أن دخل جوليانو الغرفة ، و نظرة غضب شيطاني على وجهه وقد شاهدها تدافع عن نفسها بقضيب ستارة رفيع . ثم نظر إلى ماركو الذي انفجر بالثرثرة.
ما كان يقوله ماركو ، لم تفهم كولين منه شيئا. ربما يقول بأنها هي من أتت به إلى هنا . و لكن جوليانو لم يهتم بتفسيراته، إذ أخذ يزأر و كأنه الثور البري ، و جر ماركو إلى خارج الغرفة بعيدا عن نظرها . و من أصوات الضرب واللكم و الصراخ تمكنت أن تحزر ما حدث .
و لم يكن هناك شك في ذهنها ، على الرغم من ضخامة جسد ماركو ، أنه سيحصل على أسوأ عقاب من جوليانو ، و شعرت بالأمتنان و الدفء لمخدومها الذي أسرع لنجدتها ، و أتى من حيث لا تدري لإنقاذها .
و لم تكن كولين معتادة على الاستسلام للبكاء ، و لكن خلاصها من الرعب الذي تملكها ، عبر عن نفسه بنحيب عنيف أخذ يهز جسدها هزا ، ولم تستطع إيقافه .
و كانت الدموع لا تزال تنهمر على وجهها عندما عاد جوليانو بعد دقائق . و سمعت صوت محرك سيارة ماركو ، و علمت أن جوليانو لم يقتله . و لم تستطع السيطرة على نفسها لأن دموعها ظلت تنهمر .
و تجاهلت نظرة الغضب في عينيه و أخذت تصيح بانفعال :
-جوليانو.. أوه جوليانو! إنها غلطتي.. أنا.. أنا لم أفهم.. كان علي أن أعرف...
و من خلال دموعها لاحظت أن الغضب زال عن وجهه ، و بخطوات سريعة أخذها بين ذراعيه القويتين المريحتين ، و أخذ يربت بيده على ظهرها ليهدئها ، ثم قادها نحو السرير ليجلس معها هناك ، وهمس بنعومة :
-و كيف يمكن أن تعرفي هذا و أنت تفتقرين إلى الخبرة ؟
و مد يده ليضع رأسها على كتفه . فبكت قائلة :
-كان علي أن أعرف ما هي نوعيته.. لقد شككت أنت فيه.. لذا قلت لي أن لا أذهب معه إلى أي مكان . أليس كذلك ؟
و أسكتها بسرعة محاولا تهدئتها :
-لقد طردته.. انتهى أمره الآن.. لا تفكري به .
-أنا.. آسفة..
و لكن المشاعر التي بقيت لسنوات طويلة مكبوتة خرجت من قوقعتها العادية و لم تعد تستطيع أن تسيطر عليها بأي شكل كان .
و أصبح تحفظها من الماضي ، فقد كانت عطشى إلى كل ذرة من الراحة والأمان اللذان توفرانه لها ذراعه الملتفة من حولها ، وضمت نفسها إليه ، و التفت ذراعاها حول وسطه و هي تتمسك به بلهفة .
و رفع يده عن شعرها، و وضعها تحت ذقنها ليرفع رأسها كي ينظر إلى عينيها . كم يبدو غريبا أن شخص تكرهه كثيرا يمكن أن تشعر بمثل هذه الراحة بين ذراعيه . و كل ما خطر ببالها تحت نظرته المتفحصة، كم أنها تبدو سيئة المنظر له :
-لا بد أنني أبدو مريعة .
و كان هذا كل ما استطاعت قوله ، و أصابعه الرقيقة تمسح الموع عن وجهها المبلل . و قال بنعومة :
-أنت تبدين جميلة .
و من حيث لا تدري ، استطاعت أن ترسم ابتسامة على شفتيها ، لأنه قال لها مرة أنها تبدو جميلة عنما تبتسم .
و ساد الهدوء الغرفة ، و لم تعد كولين تبكي ، و لم تعد تشعر برغبة في البكاء . كانت ملتصقة به ، لأن شيئا ما كان يحدث لها و لم تكن واثقة ما هو . و كل ما أصبحت أكيدة منه أنها قطعا لا تكرهه أبدا . لأن التصاقها به هكذا لم يكن يبدو لها أمر خاطئ . و قال جوليانو:
-أعتقد.. أن علينا الذهاب الآن .
-أجل..
و لكنها لم تبعد ذراعيها عنه ، كما لم يبعد هو أيضا ذراعيه عنها . و قال وهو ينظر إلى عينيها :
-أنا..
ثم صمت ثانية و مد ذراعه الأخرى ليلفها من حولها في عناق ناعم طويل . و همس في أذنها :
-لا تخافي..
و أرادت أن تقول له بأنها ليست خائفة ، و لكنها لم تكن متأكدة من هذا ، فلم تقل شيئا ، بل همست بصوت مرتجف "جوليانو" فقال بنعومة :
-هل ضايقتك ؟
و ردت عليه هامسة "أوه.. لا" .
و احمر وجهها لما قالته ، و ابتسم عندما شهد احمرارها . و همس لها :
-تي كويرو .
-و ماذا يعني هذا ؟
فابتسم بحنان :
-أريدك... تي آمو .
و عانقها من جديد ، و أحست بشيء في حنجرتها حاولت أن تهدئه فلم تستطع... كانت على وشك الانفجار بنوبة سعال حاد مؤلم . و انتابها الذعر لهذا ، فدفعته بصدره ليبتعد عنها ، و تركها على الفور لتجلس مرتاحة .
نوبة السعال لم تحدث . و لكنها علمت أنها أفسدت كل ما كان يجري بينهما . و كانت على وشك أن تقول إنها آسفة ، و لكن العبوس الذي شاهدته على وجهه منعها ، ثم عاودها تحفظها من جديد .
و قال لها بخشونة :
-أنت دائما تختارين اللحظة المناسبة يا كولين شادو ، لتذكري الرجل بأنك مريضة مؤخرا.. و تحتاجين للراحة!
كيف تستطيع أن تقول له أنها بخير ؟ منذ دقائق كان بإمكانها أن تقول هذا، ولكن هذا قبل أن يعود تحفظها إليها ، فالفتاة التي عادت لتكونها الآن لن تحلم أبدا بالقول له أي شيء قد يفسره و كأنه دعوة له . و سألته و هي بحاجة لأن تبعد تفكيرها عما حدث للتو ، أو عما أرادت هي أن يحدث :
- و كيف عرفتبأنني هنا ؟
و ابتسم لها ابتسامةأخبرتها بأنه أصبح يعرفها معرفة أكثر مما تفضل أن يعرفها ، و أجابها بقسوة :
-لقد عدت إلى المنزل لأجري مكالمة هاتفية حول حفلة عشاء عمل هذة الليلة.. و لكن قبل أن أقترب من مكتبي ، ركضت تينا إلي و أخبرتني أنك خرجت للتو مع ماركو.. لقد استطعت أن تري بنفسك ماذا يحدث عندما لا تطيعين أوامري يا كولين ؟
و تمنت كولين لو أنها تستطيع أن تكون قاسية مثله ، لو أنها تستطيع أن تكون تجد ذلك التمرد السابق في نفسها لتقول له إنها ليست أنثى مطيعة ، حتى و لو أن أوامره بأن تبقى بعيدة عن ماركو ثبت بأنها مصيبة . و لكنها كانت قد مرت برعب حقيقي ، لم يترك في نفسها ذرة تمرد . و قالت له :
-لقد قلت إنني آسفة!
و أملت أن يترك الحديث في الموضوع ، و لكنه لم يفعل بل سألها :
-لماذا أتيت إلى هذا المنزل ؟ لقد ظننت أن منزلي مريح أكثر .
-المكان يعجبني .
-أتقولين بأن منزلي لا يعجبك ؟
-ليس الأمر هكذا .
-و ما هو إذا؟
-أردت.. ان أعمل شيئا . فأنا أشعر بخير الآن ، ومليئة بالحيوية . لم أسعل منذ أيام .
و احمر وجهها عندما تذكرت الوخز الذي شعرت به في حنجرتها في لحظة غير مناسبة أبدا . و بشكل لا يصدق وجدته و قد عاودته روحه المرحة عندما تذكر بدوره تلك السعلة الصغيرة التي لم تكن في وقتها المناسب ، و أخذ يضحك و هو يقول :
-يجب أن تفعلي شيئا حول هذا السعال المثير للأعصاب .
و ترك لها أن تستنتج كل ما تريد من وراء ملاحظته . وعادت بسرعة إلى الموضوع الذي كانا يتحدثان به :
-أنا.. لست معتادة على الكسل . و أردت أن أقوم بعمل ما .
و لحسن الحظ نجحت في دفع تفكيره إلى إتجاه آخر ، و أختفت ابتسامته ، و لكن قسوته لم تعد ، وقال عابسا :
-لن تعودي إلى هنا ثانية .
و لم تعرف كيف ستعده بهذا ، فقلة الحركة قد أثرت على أعصابها ، و بما أن هناك الكثير من العمل هنا ، و ماركو مطرود ، فهي لن تستطيع أن تعده بأن لا تعود إلى هنا لتكمل عملها ، و لكن عليها أن تجد وسيلة أخرى إذا لم يقبل جوليانو بأن يوصلها إلى هنا... وسمعته يقول :
-هل سمعتني يا كولين ؟
-لا أستطيع.. أن أعدك.
و رفعت إليه عينيها العنيدتين ، و لاحظت أنه لا يهتم بعناد المرأة.
و لكن الأمر الآن في قبضة يدها و لن تدع هذه الفرصة تفلت . و قال لها :
-حسن جدا... تعالي إلى هنا إذا أحببت.
و ظنت أن الحديث انتهى ، فوقفت ، ولكنه لم يكن قد أنهى كلامه :
-مع أنني يجب أن أحذرك ، حتى لو طردت ماركو خارج أملاكي ، إلا أن الأملاك واسعة جدا و لا أستطيع ضمان أن لا يتسلل إليك في ليلة مظلمة . لقد قلت من قبل إن هذا المنزل كان محتلا ، ألم أقل لك هذا؟
هل هو يخدعها أم أنه جاد ؟ و هل يعتقد حقا أن ماركو قد يعود ، أم أنه قال هذا كي يخيفها و يتأكد من أنها لن تقترب من هذا المكان ثانية ؟ و اعتقدت أن الفكرة الأخيرة هي الراجحة . ولكن حتى ولو كانت راجحة ، فهي لن تخاطر . و ظهر على وجهها ذلك الوعد الذي أراده جوليانو بأن لا تقترب مرة أخرى من هذا المنزل . لكن روح التمرد عاودتها أخيرا:
-أنت كذاب قذر.
و بدأ يضحك :
-هذا ليس لطيفا منك أبدا يا سنيوريتا . بعد كل ما فعلته لأجلك!
***

و تناولت كولين عشاءها وحيدة ، و عادت إلى غرفتها ، وهي منزعجة لأن رفيقها الوحيد على العشاء كان مرتبطا بموعد عشاء عمل في الخارج ، أو ربما هو يتناول العشاء مع إمرأة ، لا ينتابها سعال عصبي في اللحظة غير المناسبة .
عندما اتلقت في فراشها عاودتها ذكرى ما قاله ساخرا "بعد كل ما فعلته لأجلك!" و لم تستطع أن تجد سبيلا إلى النوم .
بالنسبة لها ، ما فعله كان أكثر من إنقاذها من ورطتها في (كواريتارو). فهذا الصباح أيقظها من طفولتها و أدخلها إلى مرحلة الأثارة و العاطفة .
عند منتصف الليل ، سمعته يعود ، عندها استطاعت أن تنام .
و لكنها استيقظت عند الواحدة ، و شعرت بأنها لن تستطيع النوم ثانية فأضاءت المصباح الصغير قرب السرير و جلست .
و عاد التفكير في جوليانو يشغل ذهنها ثانية . و أسترعى انتباهها دخول حشرة طائرة ضخمة تبلغ الثلاث انشات طولا ، عبر النافذة لتقف على الطاولة الصغيرة قرب السرير.
و بقفزة واحدة خرجت من سريرها و اتجهت نحو الباب ، و فكرت بذعر أن لسعة هذه الحشرة قد تكون سامة ، و تحركت كولين بسرعة أكثر ، و لم تتردد سوى لحظة قبل أن تفتح الباب و تخرج ، ثم اتجهت إلى الغرفة التي أشارت إليها ايما مرة على انها غرفة جوليانو ، و صاحت :
-جوليانو.. جوليانو!
و حاولت أن تسيطر على رعبها ، مع أنها أقفلت الباب على تلك الحشرة الخضراء المخيفة . و عندما فتح الباب و هو يلف الروب من حوله أكملت :
-هناك.. شيء.. شيء في غرفتي!
-شيء ؟
لا بد أنه كان لا يزال نصف نائم ، و لكن عندما شاهد ذعرها استيقظ تماما :
-ما هذا الشيء... ابقي هنا.
و أزاحها جانبا و سار با تجاه غرفتها ، و لكنها لم تستطع تركه يدخل دون أن تنذره .
-أنها حشرة خضراء كبيرة ، و لست أدري إذا كانت سامة أم لا .
و دون تردد فتح جوليانو الباب ، ودخلت كولين معه و قلبها يخفق رعبا . رأت، كما رأى هو ، أن الحشرة لم تتحرك من مكانها ، فهمست و هي خائفة أن تبعد عيننيها عن الحشرة .
-ما هذه ؟ هل هي خطرة ؟
-عادة.. مثل هذه الوحوش ، تجد لها مسكنا في شجرة الخوخ.
-أعلم هذا. فهناك شجرة خوخ خارج غرفتي .
-يجب أن نتخلص منها يا كولين.. و عليك أن تكوني شجاعة جدا... فهل أنت شجاعة يا كولين؟
كانت تعلم أنها ليست شجاعة أبدا . فلو كانت مصنوعة من معن البطلات لكان عليها أن تترك والدها عندما طلب منها شقيقها ذلك ، وقالت كاذبة :
-أجل.. ماذا تريدني أن أفعل ؟
-أعطيني يدك.
ووضعت يدها على الفور في يده ، و هي تتمنى أن لا يشعر بارتجافها . و تقدم جوليانو نحو طاولة السرير ، فأخذ العرق البارد يتصبب على جسدها ، و هو يرفع يده الأخرى و يمدها ، و راقبته حابسة أنفاسها ، و هي ترغب في الهرب ، كلما اقتربت يده أكثر من ذلك الشيء . و شجعت نفسها كي تطبق أي تعليمات يصدرها بالحرف الواحد.
ثم ، و بعد أن بلغت أعصابها درجة الانهيار ، أطبق جوليانو يده على الحشرة بسرعة و أمسك بها ، واستدار نحو كولين و ابتسامة تملأ وجهه من الأذن حتى الأذن.. و قال:
-أيتها الحشرة البريئة غير المؤذية ، لقد أخفت كولين حتى الموت!
و بينما كانت كولين تقف مشدوهة و فمها مفتوح ، ترك يدها و تقدم نحو النافذة حيث أطاق الحشرة.
حشرة خضار غير مؤذية! و تحول خوف كولين الفظيع إلى غضب شديد لم تعرفه من قبل فأخذت تصرخ :
-أنت خنزير! أنت شيطان كذاب قذر ! لقد أرعبتني!
غضبها كان أكبر من أن تحتويه الكلمات ، و كالوحش الكاسر تقدمت منه و أخذت تضربه بقبضتيها , وأمسك بمعصميها و قال ضاحكا :
- أوه يا كولين! لقد كذبت أنت أيضا . و لم أستطع أن أقاوم هذا المزاح ، ليس بعد أ، قلت لي كم أنت شجاعة .
-هذا ليس عذرا!
و أخذت ترفسه بقدميها العاريتين ، و هي تتلوى كي تخلص نفسها ، و كان لا يزال يضحك عندما سمعها تقول "أيها الهمجي المكسيكي" فرد عليها :
-لقد ظننت أنك عاطفية هذا الصباح أيتها القطة المتوحشة ،و لكن...
-أترك ما حدث هذا الصباح خارج هذا الموضوع!
و لم تلاحظ أن مقاومتها قد تسببت في الوقوع كرسي على طاولة الزينة و أن حلية مكسيكية أثرية وقعت على الأرض.
و زادها الفشل غضبا ، لأن محاولاتها للإفلات منه كانت دون جدوى . و عادت ترفسه ثانية . و لكن هذا أكد لها أكثر ، و بألم، أنها حتى لو خرجت عن طورها ، فجوليانو يعرف تماما كيف يسيطر عليها .
فبدون أي جهد ، التقط ركبتها من خلف بقدمه ، وقبل أن يسقطا إلى الأرض لوحها كي يسقطا معا فوق السرير . و ما استردت أنفاسها حتى أحست بالفراش الثابت من تحتها و جسد جوليانو القاسي من فوقها . و عندها فقط ذهب عنها غضبها ، بعد أن اجتاحتها أحاسيس مختلفة تماما . وقالت : "جوليانو" ووجدت نفسها عاجزة عن قول المزيد فقال لها وهو ينظر في عينيها :
-لا بأس عليك.. سأتركك حالا ، و لكن دعيني أرتاح بقربك للحظات لأتمكن من الأعتذار عما فعلته .
ما فعله كان يتلاشى من ذهنها أكثر فأكثر، و كل ما كانت تفكر به الآن أنها لا تريده أن يذهب . أرادت بقاءه ، و هي تعلم أنه يريد أن يبقى ، و قال لها :
-يجب أن لا نتعانق.. هل بإمكانك مسامحتي على تخويفك هكذا؟
-و لماذا.. فعلت؟
-أكثر من مرة نظرت إلي نظرة ازدراء . و عندما أتيت بك إلى المنزل اليوم لم تكن هذه المرة الأولى التي تنظرين إلي فيها بازدراء. وكنت أخشى أن لا استطيع مقاومة مشاعري عندما تصبحين دافئة أكثر معي .
رده أدهشها و جعلها تتحرك ، و أحست به يتوتر ، و سمعته يقول بانفعال:
-ابقي جامدة.. يا كولين.. بحق الله.
-أظن.. أظن أن عليك الذهاب .
الابتسامة في عينيه أعلمتها بأنه يعرف أنها تكذب ، و لكنه تجاوز عن كذبتها ، ربما ليعوض عنها الخوف الذي أصابها، وقال و هو يبتعد عنها :
-أظن أنك على صواب .
و لكن قبل أن يتحرك أكثر ، سمعا صوتا عند الباب ، و أدركت كولين عندها أنه إذا لم يكن قرعها على باب جوليانو، و صراخها له بأعلى صوتها قد أوقظ أحدا ، فإن صوت الكرسي يقع و الحلية المكسيكية تصطدم بالأرض كافيان لإيقاظ كل من في المنزل .
و لكنها لحظتها كانت مرعوبة و لم تفكر بكل هذا . و نظرت بسرعة إلى الباب و رأت تينا لم تكن لوحدها بل أن أمادو معها يقفان أمام الباب .
و لم يكن هناك أي شك من التعبير الذي برز على وجه تينا ما قد ظنته حول ما كان يفعله السنيور في غرفة نومها .
و قبل أن تصدر كولين أي صوت ، و كذلك جوليانو ، الذي لم يقم بأي مجهود ليشرح لهما عن موضوع الحشرة ، ودون أن يصدر عن تينا و أمادو أية كلمة ، ابتعدا عن الباب و اختفيا عن النظر .
-لماذا لم تقل شيئا؟
-و ماذا كان علي أن أقول ؟
-لقد ظنا.. ظنا أننا كنا.. كنا نائمين معا.
-أولم نكن هكذا؟
و رفع حاجبه بطريقة ساخرة كانت آخر قشة تقصم ظهر البعير ، فقالت :
-ليس بالطريقة التي ظناها.
-و هل يقلقك ما تظنه تينا و زوجها الطيب ؟
و تذكرت وجه تينا غير المبتسم ، و الابتسامتين الوحيدتين اللتان رمتها بهما ، و علمت تماما أي منها تفضل . فقال:
-نعم.. نعم يهمني .
و أدركت عندها من النظرة في عينيه أن ما سيقوله لها ، إما أن يجعلها تضربه أو يسكتها.. ثم قال و هو يهز كتفيه دون اكتراث :
-حسن جدا... إذا كان رأي تينا و زوجها يقلقك لهذه الدرجة... فسأتزوجك.



*******************

يتبع....


زهرة الأوركيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:04 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.