{{ لعبة الحظ }} -- [ روايات ألحان ] كتابة - الصفحة 4

* فوفو * · 20-03-09, 03:18 PM


	الفصل الثانى عشر


	كانت ساعة واحدة من الزمن كافية لأن تقتنع ميشيل تمام بانها قد فقدت كل أثر لنيكولاس جوردون سميث . فبعد أن باع منزل الأسرة على أثر وفاة والدته منذ عشرة أعوام اختفى كلية . هل من الممكن أن يكون قد غير اسمه ؟ لكن ذلك الإجراء غير قانونى فى ولاية كاليفورنيا . قالت متنهدة وهى تدلك عضلات ظهرها المجهدة : - لافائدة فى كل ذلك . لقد تلاشى كلية فى الطبيعة . مد إيان إليها يديه كى يساعدها على النهوض . ثم قال : - يبنغى التوقف . تبدين مرهقة جدا . ظللت بضع ساعات تعملين بلا توقف . أصابهم رنين الهاتف بالذهول . رفعت الفتاة السماعة : - آلو ؟ - ميشيل .. أخبرنى جوناثان بأنك تغامرين بالعمل بالمكتب اليوم .. كانت تلك جاكى وتحدثت بصوت ينم عن أنها تبكى بحرارة .. - ماذا حدث يا جاكي ؟ - مررت بك بالبيت كى أراك منذ ساعة ووجدت والدك مستشيطا غاضبا . أقرغ جميع خزانات ملابسك وأخذ يصيح بأن قدميك لن تطأ بيته قط . شخص ما أبلغه هاتفيا بأنك قد التقيت بإيان فى المارتينينك . كادت السماعة أن تسقط من أصابع الفتاة . التقطها جوناثان بينما ضمها إيان إلى صدره : - حبيبتى .. - كنت أعلم أن وقع النبأ سيكون سيئا عليه . لكن ليس إلى هذا الحد .. كيف يمكن أن تبلغ الكراهية هذا العنف ؟ إنه والدي .. أحست كأنه ينبغى فتح أوردته بمشطرة لاستئصال الحقد من دمه . وعلى الرغم من رغبة إيان الملحة فى أن يبعث فيها الطمأنينة ويمحو منها المعاناة التى رسمت الأسى واضحا في عينيها - لم يسعه سوى أن يطوقها بذراعيه . أما هى فتشبتت به غير قادرة على كبح دموعها . بدأت مظاهر الشرور تتراءى . طالما خشيتها وطالما هابتها وإن كانت دائما تأمل خفية فى أن تحدث معجزة ما تكون فيها النجاة . أعاد جوناثان السماعة إلى موضعها وقد شحب وجهه ثم قال مخاطبا إيان : - الأفضل أن تظل معك . والدى فقد صوابه بحق . ينبغى أن يصغى إلى هذه المرة حتى لو اضطررت أن أستخدم معه القوة . نم صوته عن عنف مكبوح فقالت ميشيل له : - كن متعقلا فى التعامل معه . اجابها شقيقها الذى كان قد بلغ الباب بالفعل : - لا تقلقى . سوف أتصل هاتفيا بك لأحيطك علما بما حدث . ظل إيان وميشيل صامتين لحظة بعد رحيله . قالت الفتاة بعدها مؤكدة بقوة : - أحبك . ولن يستطيع أى شئ مما يحدث حولنا أن يحملنى على تغيير رأيي . ضمها إيان إلى صدره بدرجة أكبر وهو يقول مطمئنا إياها : - وأنا أيضا أحبك يا حبيتى أكثر من جميع من فى العالم . اصطحبها معه إلى بيته حيث سهر على رعايتها بكل ما أوتى من حنانا . وعندما ارتعشت من برودة الجو أصر على أن تنعم بحمام ساخن ساعدها بعده على الذهاب إلى الفراش . وعلى الرغم من أن الوقت كان لايزال مبكرا قليلا لحق بها على الفور .. وبين هاتين الذراعين الحانيتين وجدت فى نهاية المطاف قدرا من العزاء .

* فوفو * · 20-03-09, 03:20 PM


	- سوف تسمعنى ! هكذا حدث جوناثان أباه بصوت عال أضطر إليه حتى تكون له اليد العليا على والده . كان الخبر الذى همس له به هاتفيا بأن ابنته اتخذت لها عشيقا فى المارتيتنك كافيا لأن يذهب بصواب شارل لوجان وما زاد الطين بلة أن ذلك العاشق لم يكن سوى إيان ستوارت . كادت الصدمة التى تلقاها أن تصيبه بنوبة قلبية . ظل يذرع مكتبه ذهابا وجيئة بأسلوب تمثال ألى مختل . وقد اشتدت حدة الغضب به حتى كاد ألا يلحظ وجود ابنه . قال بصوت أبح بفعل كثرة الانفعال : - لن أقبل هذا سوف أحطم هؤلاء الأوغاد حتى اخر سنت فى خزانتهم . وهى ؟ كيف استطاعت أن تفعل بى هذا ؟ رغم أنها تعلم . لقنتها كل ذلك بنفسى . أمسك جوناثان بذراعي والده وأرغمه على الجلوس فوق أحد المقاعد الكبيرة المريحة ثم قال مردد بصوت مفعم بالمرارة : - لقنتها ؟ بذلك يمكننا القول : إنك برعت في تعليمنا الحقد والكراهية وكدت أن تنجح . تلك المشاعر العدائية التى كنت أحملها لإيان ظلت تنخر فى عظامى مثل مرض لعين حتى ذلك اليوم الذى استجمعت شقيقتى فيه شجاعتها وارغمتنى على أن أسال نفسى عن أسباب تلك الكراهية . لاح شعاع دهشة فى عينى شارل لوجان استطاع معه أن يحدث ابنه . - أسباب الكراهية ؟ جوناثان بحق الله ! - انتظر يا أبى ! لاشأن لله بكل هذا . ولا لإيان أيضا . إنه أنت . أنت وحدك الذى شحنتنى بالكراهية حتى قبل ان أبلغ سنا تمكننى من الفهم . أنت الذى جعلت من اسم ستوارت سبة نابية . - لأنهم اعداؤنا . - لا ! هكذا صاح جوناثان وهو يقبض على ذراعى المقعد الذى جلس والده عليه ويندفع نحوه بوجه غاضب كاد أن يرتطم بوجه والده . نحن نختار أعداءنا ونختار أصدقائنا . لكننا لانختار عائلاتنا وحيث إنك غير مقتنع بهذه الفكرة رتبت لأن تحقنى بمصل كراهيتك قبل أن أكون قادرا على تكوين رأيى الشخصى . سوف أظل نادما على أننى تركت الأمور تجرى فى المسار الذى اخترته أنت . على الرغم من أن إيان لم يقترف خطا واحدا فى حقى . - لكنه ووالده يحاولان تعطيل أعمالنا . - لقد أعمتك الكراهية بحق يا أبى . من الذى خرب عمارتهم ؟ من الذى وضع قنبلة منذ بضع ساعات بهدف قتل ميشيل وإيان وأنا معهما ؟ هل تعرفه ؟ صمت شارل لوجان أخيرا . - حاولت على مدى بضعة أسابيع إقناعك بأن ثمة من يستهدف آل ستوارت كما يستهدفنا لكنك ترفض الإصغاء إلى . ترفض جميع حججى . لكن كل ذلك قد انتهى الآن . عليك أن تصغى إلى جيدا . وإذا ظللت بعد انتهائى من الحديث مصصما على التبرؤ من ابنتك - لأنها كانت من الشجاعة بحيث أحبت إيان ستوارت رغم كامل علمها بما قد يترتب على هذا التصرف - فسوف أقول لك على الفور : استعد للتبرؤ منى أيضا . - ماذا ؟ - لا أحتمل مزيدا من هذه الأحقاد . لقد خجلت إذ علمت بمن وراء كل هذا . وقد انتهى كل شئ ولم يبق سوى أمر واحد . إيان وأنا لن نتطاحن أبدا .. قاطعه شارل لوجان بقوله : - لكن بشرط : إذا تعرض لك رد له ضرباته . وهذا ما سوف يصدر منه . إن الحقد فى دمه وفى دمائنا أيضا ولا مفر منه لا لك ولا له . لم يقدر جوناثان أن يكبح تنهد يأس . لن يمكنه أبدا حمل والده على التعقل . استند إلى حافة المكتب وبدأ يخاطب والده . - بمناسبة حديثك عن الدم لنتحدث إذن عن ذلك الأخ الأكبر غير الشقيق الذى قد اكون حاملا شيئا مشتركا معه .. توتر شارل لوجان وشحب وجهه تحت وطأة الصدمة : - ما هذا الذى تقوله ؟ اجاب جوناثان بهدوء : - كنت واثقا بذلك وكنت على علم به . كنت تعلم أن هيلين جوردون كانت حاملا عندما غادرت أتلانتا . تمتم شارل لوجان قائلا : - حاملا من ذلك الوغد .. ليس ذلك ابنى . - ذلك الوغد .. ابنى هل سألت نفسك خلال كل هذه السنوات عما عساه أن يكون قد حدث لهذا الطفل المحتمل أن يكون طفلك ؟ هل حدثت نفسك مرة واحدة بأن ذلك الحقد الذى صببته أنت وبراندون ستوارت على تلك المرأة من المحتمل أن يرد إليكما يوما ما ؟ شحب وجه شارل لوجان تدريجيا وأحس بجرح عميق من عتاب ابنه له . قال معترضا فى محاولة إلى أن يستعيد ذلك الغضب الذى طالما صاحب هذه الذكرى المريرة : - أنت تجهل الظروف المحيطة بهذه القصة . أجابه جوناثان بصوت فاتر : - إننى مصغ وسوف تخبرنى بالحقيقة كاملة لأنه ليس امامنا وقت يا أبى . وإذا لم نتوصل إلى وسيلة لإيقاف اعمال هذا الوغد فسوف نواجه خطر الإبادة الجماعيةبفعل رجل يبدو أنه خجل تماما من أن يعرف أيكما هو أبوه .

* فوفو * · 20-03-09, 03:22 PM


	الفصل الثالث عشر


	استيقظت ميشيل صباح اليوم الثانى على التوالى على صوت رنين الهاتف . دوى فى ذهنها صدى نشيد ما لكن لم تكن لديها القوة على التركيز بحيث تستعيد كلماته . وكما فى اليوم السابق التصقت بإيان تاركة نفسها لهدهدة صوته دون أن تفهم بحق ما كان يقوله . وعندما صمت رفعت عينيها إليه فوجدته يتأملها بحنان . قال بصوت يعوزه الرنين : - أحبك . - وأنا أيضا . محت الإبتسامة التى رمقته بها ذكريات أحداث الليلة الماضية التى صاحبها إحساس فظيع بالفراغ القاسى والتمزق . سألته : - مع من كنت تتحدث ؟ - مع جوناثان بدا لى مجهدا . ظل هو ووالده يتناقشان طوال الليل . جازفت وسألت متخوفة : - وماذا .. ؟ - ووالدك هدأ قليلا بشأن موضوعنا . ويقلول أخوك إنه صب كل غضبه على هيلين جوردون . قالت ميشيل متنهدة : - أمل أن يقبلنا أبى فى النهاية . - حاليا أصبح يعترف أن أحداث الماضى تحلق من حولنا . رواها لجوناثان بالتفصيل لكن يرى هذا الأخير أنه يتعين مطابقتها برواية أبى . - أراهن على أنهما مختلفان تماما .. - دون ادنى شك . سوف أمر لزيارة أبى بمكتبه فهو معتاد أن يذهب إلى هناك ايام الأحاد للتخلص من الأوراق غير المرغوب في بقائها . أسعدينى بأن تستريحى أثناء تغيبى . حاولت ميشيل أن تعترض بقولها : - لكننى نمت حوالى إحدى عشرة ساعة . - حبيبتى نوم ليلة واحدة لايمحو أثار التوتر العصبى المتراكم على مدى أسابيع . أعلم أنك قلقة . لكن لايمكننا أن نفعل أى شئ بشأن موضوع نيكولاس جوردون مادمنا لا نعلم الوقائع بالضبط . قالت معترضة : - تقول الرسالة : إن يوم الأحد سيكون حافلا بالمخاطر . - سأكون حذرا ياحبيتى . وما لم نقبض عليه فستكون جميع الأيام حافلة بالمخاطر . سأكون مطمئنا عليك لو أننى علمت أنك ستقضين وقتك فى القراءة او فى مشاهدة التليفزيون . كفت الفتاة عن الجدل لانها رأت أن إيان كان محقا. أحست بالخمول رغم نومها طويلا فى الليلة السابقة ورأت أن قليلا من الاسترخاء سوف يفيدها ويفيد الجنين على حد سواء . عندما تركها إيان فى وقت لاحق بمقدار ساعتين كانت مستلقية بارتياح فوق أريكة حجرة الاستقبال تستمع إلى الموسيقى الحالمة . وعدد من الكتب فى متناول يدها . أحست بعد قليل بأن التوتر قد عاودها . رقصت الكلمات التى كانت تقرؤها أمام عينيها وذعرت لسماع رنين الهاتف : - ألو .. أجابها إيان : - ليست هذه نبرة المستريح . - لا فى الحقيقة . جزعت لسماع رنين الهاتف . مضى على انصرافك ساعة ونصف الساعة . قال : - يسبب والدى لى المصاعب . لم اعلم منه الكثير . يرغب فى أن نلقى نظرة جديدة على الخسائر . لاتقلقى إذا تغيبت مدة أطول مما كنا نتوقع . قالت ثانية : - كن حذرا . - سمعا وطاعة . أعادت ميشيل السماعة إلى موضعها وظلت تنظر إلى الفضاء طويلا . شئ غير محدد يطوف بمخيلتها . لحن ما لاتستطيع استعادة كلماته . أزعج حلمها هذا رنين من الهاتف . كان المتكلم جوناثان الذى بدأ الارهاق جليا فى صوته رغم نبرة المرح التى تعمد أن تشوب كلماته .قال : - أود أن اخبرك بأن ثيابك ومتعلقاتك عادت إلى خزانتها . - جوناثان . ماذا قلت لأبى ؟ - الكثير . وأقل ما يمكن قوله الآن . إنه غير سعيد . فكرة أن يكون زوج ابنته من آل ستوارت تشحنه بالغيظ . لكنه اضطر إلى قبول الأمر عندما علم أن عملية التبرؤ منك لن تغيرمن قرارك . ثم أضاف جوناثان بنبرة حنان : - إنه يحبك كما تعلمين . أجابت ميشيل التى أحست انها مدينة لشقيقها بالكثير : - لم تكن لى رغبة في جرحه . أمل أن تكون قد أخبرته بذلك . - نعم . - أشكرك يا جوناثان . واستطرد شقيقها قائلا : - أما فيما يتعلق بباقى الأمورفهى رواية غير متماسكة . هل حصل إيان على رواية أبيه . - إنه بسبيله لسؤاله عنها . هناك بموقع العمل . - أرى أن الحق بهما هناك . ربما صدمة براندون ستوارت لرؤيتى تعيد له ذاكرته بشأن تلك الرواية . - كن حذرا ياجوناثان .

* فوفو * · 20-03-09, 03:24 PM


	عادت الفتاة إلى أحلامها وخيالاتها . على الرغم من ذلك النبأ السار الذى حمله جوناثان إليها والذى كان من المفترض أن يشغل جل تفكيرها وجدت نفسها فريسة لذلك الإحساس الغريب شئ ما يتجول بذهنها . عنصر جوهرى ذو مغزى يكاد يرفرف عند طرف لسانها . ومع ذلك لايمكنها تحديده أو التعرف عليه . بدأت تتمشى فى الحجرة وهى تدندن ذلك اللحن دون كلماته . سمعت رنين الهاتف للمرة الثالثة : - ألو ميشيل . أنا جاكى . أنت بخير؟ - نعم . - ووالدك ؟ - لقد هدأ . تحدث جوناثان معه . - إنه هو الذى أخبرنى بأنك عند إيان . أخبرنى ايضا بأنك قد تلقيت إعلانا من نوع ما بشأن اليوم . هل إيان موجود معك ؟ الإعلان . إنه هو . كان ستيف قد وعدها بأن يرسل إليها عاجلا أصل تلك الرسالة الغامضة مع رسول مخصوص يسملها يوم الأحد . لابد ان يكون حارس مكتبها قد تسلمها الآن . شئ ما بهذه الرسالة يزعجها لذا قررت أن ترى الأصل على الفور . - ميشيل.. - ماذا ؟. آه .. معذرة . لا إيان وجوناثان بموقع آل ستوارت . جاكى إننى مشغولة الآن قليلا . هل يمكننى الاتصال بك فيما بعد ؟ - لكن يا ميشيل .. ذلك الإعلان .. - سوف أتصل بك فيما بعد .إلى اللقاء يا جاكي . لم تستغرق من الوقت أكثر مما تطلبته كاتبة رسالة عاجلة إلى إيان تحسبا لأن يعود إلى البيت قبلها . ارتدت معطفها وأخذت حقيبتها وانصرفت . ما السبب فى إصرارها على رؤية تلك الرسالة ؟ لم تدر لكن ذلك اللحن ظل ملحا على ذهنها . كان المرور هادئا وأبدى سائق سيارة الأجرة استعدادا لأن ينتظرها حتى تدخل مكتبها وتعود منه . وجدت الرسالة تنتظرها هناك فعادت مسرعة والمظروف الطويل فى يدها . - إلى أين نتوجه يا سيدتى ؟ وفى انشغالها بفتح المظروف أعطته عنوان إيان على نحو تلقائى . أول ما استرعى انتباهها كان أن ستيف لم يلق بالا إلى أسلوب تحرير الرسالة . جميع حروفها بالبنط الذى تستهل به العبارات . أما هذه فكتبت بأسلوب واضح محدد كل فى سطر مستقل مع ترك مسافة بين الأربعة الأسطر الأولى وما تلاها . كانت قد كتبت الرسالة عندما أملاها ستيف لها هاتفيا دون أن تدرك أن لها مدلولا يختلف عما كان ستيف قد قرأه لها . ورغم كل ذلك احست بداهة بوجود مفتاح لهذه الرسالة يكاد أن يومض أمام عينيها . إنه إعلان . نريد لها أن تعلم هذا . نعم علمها به ضرورة . ينبغى أن تعلم أن الأحد حافل بالمخاطر . ستعرفين أننى كذبت عليك . وتتعذر حقيقة واحدة عن البوح بها . ليس المشترى .. شخصا غيرمعروف . تم له شراء ثلاث قنابل لا واحدة فقط . ربما يمكنهم وحدهم إيقافه . لقاؤنا فى الأسبوع القادم . لم تفهم من الرسالة شيئا على مدى مدة طويلة ثم انتظم كل شئ فى ذهنها . أدركت ذلك الذىشغل ذهنها وفهمت معنى لاستيقاظها وقصيدة ما تداعب شفتيها وسبب ذلك اللحن الذى ظل حائما حولها منذ الصباح الباكر . حاك عقلها الباطن الإجابة المنشورة والتى كانت هناك منذ بادئ الأمر . أخبرت سائق سيارة الأجرة بانها قد غيرت رأيها واعطته عنوان عمارة آل ستوارت . لم تزل الورقة مفتوحة فوق ركبتيها ولم تر فيها الآن سوى ذلك الإعلان الخفى الذى تضمنته الرسالة لأن الحرف الأول من كل من سطورها يؤالف الرسالة التالية : إننى سولتر . لم تجد احدا برواق العمارة الجارى تشطيبها ولا أى أثار للمشرفين على الموقع . تحيرت ميشيل لذلك . لم يخفض إيان عدد أفراد الحراسة . أسرعت تخترق الرواق متجهة إلى الدرج . لابد أنهم فى الطابق العاشر حيث وقعت أعمال التخريب . تزايدت مخاوفها مع كل درجة صعدتها واستغرقت منها دهرا من الزمان . من المستحيل أن يكون قد وصل بالفعل ولا من عند جاكى . أوربما هو الذى طلب منها الاتصال بى حتى يعرف مكان إيان وجوناثان . يبنغى أن أحذرهما على وجه السرعة . وجاكى المسكينة من المؤكد أن تكون قد أعدمت . منذ شهور ترشده وتحيطه بالمعلومات دون أن تدرك ما كان يسعى إليه فضلا عن أن افتنانها به أملى عليها أن تثق به وتخبره بكل ما كانت تعرفه عن ذلك التطاحن المرير . حدثته عن إيان وعن ميشيل منذ أن التقيا فى المارتيتنك . أدركت ميشيل الآن لماذا غيرت جاكى رأيها فجأة عندما كانتا على تلك الجزيرة . لأنها اتصلت بنيكولاس الذى أقنعها بأن صديقتها بحاجة إلى من يساندها . حتى يضمن تنفيذ خطته بنجاح . كان بحاجة إلى معلومات زودته هى بها , لهذا حرص قبل كل شئ أخر على عدم قطع العلاقة بين الفتاتين . وصلت ميشيل أخيرا إلى الطابق العاشر لاهثة ودفعت الباب . وجدتهم جميعا هناك على قيد بضعة أمتار من المصاعد . إيان وجوناثان وبراندون ستوارت . لكن قبل أن تدرك أنهم ليسوا الوحيدين بهذا المكان أحست قبضة من حديد تدفعها نحوهم . مد إيان يديه نحوها حتى يحول دون سقوطها ثم أمسك بكتفيها بلفتة مدافعة كاد قلبها أن يتوقف إذ رأت ذلك القدر من الأسى فى نظراته . قال نيكولاس بنبرة هادئة : - يؤسفنى أن الجميع ليسوا هنا . صوب نحوهم مسدسا أسود اللون بيده اليمنى تداوله بمهارة خبير باستعمال الأسلحة النارية . نظر إلى ميشيل وأشرق عليها بابتسامته الساحرة : - ألم تصطحبى والدى معك بطريق السهو ؟ لم تر ميشيل طوال حياتها شيئا أكثر خواء من عينيه . عيناه رماديتان وأخفاهما طوال الوقت من خلف عدسات لاصقة ملونة . سأله جوناثان بنبرة هادئة : - وكيف عرفت أن شارل لوجان هو والدك ؟ أطلق نيكولاس ضحكة متوترة ثم أشار إلى ميشيل بحركة من كتفه وقال : - كان يكفينى أن أراها . أننى أقرب شبها إليها منك . لكن لا أهمية لذلك على الأطلاق . لأننى اخجل من الانتماء إلى ذلك المعسكر الذى أنجبنى . سأله براندون ستوارت بعد ذلك : - ولماذا تحطمنا ؟ فأجابه نيكولاس محتفظا بهدوئه : - لانكما حطمتما أمى . كلاكما فعل ذلك عندما تبينتما أنها قد حملت . ألقيتما بها خارجا لظنكما أن الجنين لم يكن منكما . ورفض لوجان أن يستعيدها بحجة مشابهة . أمعن السخرية من الجنين الذى حملته قالت لى كل ذلك . ورددت على سمعى جميع الألفاظ النابية التى وصفتماها بها . ارتجف وجه نيكولاس - الذى خلا من كل تعبير - لحظة ثم لاح فى عينيه شعاع حقد خالص. كان انفعاله أشبه بقبر نتن ظل يضم فى ظلمته وفى صمته شيئا ما مدة طويلة. - أخبرتنى كذلك أنه ينبغى أن يكون لى اسمى الحقيقى بدلا من هذين اللذين اضطرت إلى أن تبتكرهما لى . قالت لى : إن يوم انتقامنا لنفسينا لابد أت . عثرت على كتاب يروى قصة . لوجان وستوارت قرأناه معا . وأعددنا خططنا بناء عليه . ليس كل هذا سوى من قبيل العدالة الإلهية . أن يبيدكم الحقد جميعا .

* فوفو * · 20-03-09, 03:26 PM


	قالت ميشيل مؤكدة بنبرتها الرقيقة : - ومع كل ذلك أنت من يريد إبادتنا . فقال مقاطعا : - بمقتضى خطئك . كان كل شئ سوف يسير على خير ما يرام لو كنت قد راعيت ما كان ينبغى . كنت أعتقد أنك مدركة مهمة ذلك الحقد . أشاربرأسه تجاه إيان . - كان ينبغى أن تكنى له مشاعر الحقد والكراهية عندما رتب لأن يعتقد الجميع أنه هو المتسبب فى إصابة أخيك . لماذا لم تمقتيه ؟ أحست ميشيل ببرودة شديدة حتى اصطكت أسنانها ببعضها البعض .. حدثت نفسها بأن ذلك الرجل غاية فى الحماقة بينما أصر هو على استجوابها مرة أخرى لكن بنبرة أكثر عداوة . - لماذا .؟ أجابته لما أمكنها من هدوء : - لأنى أحبه . فقال ساخرا . - ياله من خطأ أحمق ! ينبغى الآن أن تموتى معه . ترجع إلى الوراء . حيث انتقل بمنتهى الحذر إلى موقع أخربالقرب من محيط المنطقة الخالية الذى أحاطت الحبال به من قبيل تأمينه . ضحك متهكما وهو يقول : - اعددت لكم جميعا المصعد الأخير . سوف أوجهه إلى الطابق الأخير حيث يفجر اللغم الذى زرعته لكم هناك الكابل . وبدون تردد ضغط على الزر ليستدعى المصعد الأخير . قال براندون ستوارت مزمجرا : - لن تنجو من المسؤولية . أجابه ضاحكا : - كيف ؟. لقد أعددت الأدلة بوضوح . سوف تشير جميع أصابع الاتهام إلى شارل لوجان . أما أنا فسوف أشاهده يتعذب بينما يتهمه الناس بقتل ولديه واعدائه على حد سواء . فإذا ما اقتنعت يوما ما بأنه قد تعذب بما يكفى فسوف أقتله أيضا. لمحت ميشيل نظرة تأمر بين شقيقها وإيان . وأحست بناء على ضغط على ذراعها من يد إيان أنه يتأهب لإبعادها عنه حتى يتمكن من الإلقاء بنفسه على نيكولاس . شلت حركتها تماما . ولم تنج الضوضاء المنبعثة عن المصعد الذى وصل فى أن يحول انتباه نيكولاس عنهم لكن الصوت المضطرب الذى خاطبهم عندما فتح الباب جعله يقفز جانبا . سأل شارل لوجان متلعثما : - ما الذى يجرى هنا ؟ اتصل مجهول بى هاتفيا وطلب منى أن أتى إلى هنا بأقصى سرعة ممكنة بدعوى أن ابنتى وابنى يواجهان خطرا جسيما . غادر المصعد وظل يتأمل مجموعة الأشخاص المتسمرين فى أماكنهم على قيد بضعة أمتار منه عندما رأى ابنته تحتضن إيان ستوارت اتقدت عيناه غضبا . أدرك بعد ذلك وجود نيكولاس وفى اللحظة الدهرية التى التقت عيونهما فيها للمرة الأولى عرف فيها - بما لايدع مجالا للشك - ابنه . فارتسمت مشاعر المعاناة والعذاب والندم والقبول أيضا واضحة فى نظراته . تساءلت ميشيل فى صمت بعد ذلك . عما إذا لم يكن هذا الاكتشاف الفظيع هو ما لم يستطع نيكولاس احتماله ؟ لو كانت له ذرة متبقية من العقل لما فاته أن يدرك أنه بعد كل سنوات الحقد هذه .. نظرة واحدة أصبحت كافية لأن يعترف والده به . أطلق نيكولاس صيحة ذعر مدوية وهو يتعثر نحو الخلف رافعا يده الأخرى غير الممسكة بالسلاح أمام وجهه المرتجف كما لو كان ليحول دون رؤية مشهد مروع . ربما نسى أمر الحفرة العميقة التى حفرها بمحض ارداته وربما اكتفى بان فقد توازنه . حاول إيان وجوناثان إنقاذه لكن بعد فوات الأوان .

* فوفو * · 20-03-09, 03:28 PM


	تطلب الأمر ساعات وساعات من الشرح ومن الاستجواب حتى يحاط رجال الشرطة بتفاصيل ما حدث . وفى أثناء اتخاذ اجراءات إبطال مفعول القنبلة ورفع جسد نيكولاس من عمق بئر المصعد حيث كان قد هوى وحمله إلى المشرحة نبش الماضى الذى دفن منذ زمن بعيد ثم غربل . واضطر رجال الحراسة المكلفين بأمن المبنى فى حيرتهم إلى الاعتراف بأنهم لم يفهموا من كل ما حدث سوى أن براندون ستوارت كان قد أصدر لهم تعليمات بإخلاء المكان . ولأول مرة منذ قرن من الزمان تسبب الحقد فى حادثة وفاة لكن وغنى عن كل بيان كان من الواضح أن هذه الحادثة المأسوية قد وضعت نهاية أبدية لتلك الحرب . جلست ميشيل بالقرب من إيان بقسم الشرطة - حيت أدواالشهادة اللازمة - مطمئنة تماما . تأثرت لرؤية وجه والدها ومع ذلك لم تستطع عيناها الكف عن النظر إليه . بينما جمعت خيوط هذه الرواية الغريبة فى هذه الحجرة الهادئة رأت ميشيل أن عينى والدها اللتين طالما أضاءتا بالحيوية والنشاط قد فقدتا بريقهما ووجهه الصارم قد كسر وهزم . كما لو كان أمر إعادة شارل لوجان إلى صوابه قد تطلب سلسلة من الحوادث والكوارث ختامها هذه المأساة الدامية . منذ خمسة وثلاثين عاما انجب طفلا لكن أسوا أثامه لم يكن رفضه الاعتراف بأبوة هذا الجنين بقدر ما كانت مسؤوليته عن غرس بذور الكراهية . انتهت الحرب وكان الثمن مروعا . حزنت ميشيل أن حياة نيكولاس كانت شقاء وشرا ولايعلم أحد ماذا كان من الممكن أن يكون فى ظل ظروف مختلفة . ثم كانت هناك جاكي . قالت ميشيل تخاطب شقيقها بعد ما انتهى رجال الشرطة من مباشرة عملهم : - ينبغى أن يبلغها أحد بما حدث . فقال : - لست واثقا بانه يمكننى ذلك . تفهمت ميشيل الموقف . من بين الجميع كانت جاكى هى الورقة الظاهرة التى استخدمها بلارحمة وضحى بها على مذبح الكراية بنفسها مشبعة بروايات الكراهية والرغبة فى الانتقام .. سقطت فى احابيل رجل مصمم على إغوائها بهدف تحقيق هدفه المحموم . علم جوناثان جيدا ما ستكون عليه مشاعرها إذا ما علمت بما أصاب نيكولاس كما علم أكثر من أى شخص اخر أنها لن تغفر له أبدا بسبب الدور الذى لعبه فى تعاسة نيكولاس . لانه لو لم يلقن الحقد لما كانت هى قد استخدمت ألة لنيكولاس . قال مكررا : - لا أعلم ما إذا كانت لدى القدرة على ذلك . قالت شقيقته بنبرة حانية : - يبنغى ذلك . تردد قليلا ثم قال : - سوف أصطحب أبى الى البيت ثم أذهب اليها بعد ذلك . فقال براندون ستوارت الذى كان يتابع حوارهما : - اذهب إليها على الفور . أنا الذى سأذهب مع شارل لاينبغى ان يبقى بمفرده . قالت ميشيل متعجبة رغم شدة إرهاقها : - أنت ؟ - ولم لا ؟ ينبغى أن نعيش معا فى سلام . من أجل ابنائنا واحفادنا ولنبدأ على الفور . تنهدت الفتاة من الأعماق وفعل إيان وجوناثان ذلك أيضا بينما توجه هو إلى عدوه القديم الذى أخذ يرمقه بنظرات الأسى . قال براندون ستوارت عندئذ : - إذا كنت قد جئت مستقلا مرسيدس فأفضل شئ تفعله هو أن تنطلق بنا مسرعا . نهض شارل لوجان متمهلا واجابه بنبرة المتحامل : - لامحالة . لا أقبل ستوارت فى سيارتى قط . فأجابه براندون : - يتعين أن تكون البداية من الآن . تفضل معى لنتناول القهوة . - سوف ادفع انا ثمن قهوتى . قال شارل لوجان ذلك وهو يتبع ستوارت حيث غادرا الحجرة معا تحفهما نظرات الدهشة والإعجاب من رجال الشرطة الذين سبق أن قاموا باستجوابهما طويلا .

* فوفو * · 20-03-09, 03:30 PM


	الخاتمة


	تساقطت الثلوج ليلة عيد الميلاد وهو أمر نادر الحدوث فى عمق الجنون فتن أهل أتلانتا ببضعة السنتيمترات من المسحوق الأبيض الذى كسا مدينتهم التى سوف تتوقف مظاهر الحياة فيها قريبا . أما عن ميشيل فقد رأت أنه من الصواب- بعد أن كانت قد التقت بإيان بتلك الجزيرة الاستوائية الغنية بالألوان الزاهية والمناظر الطبيعية الخلابة وصارعت بعد ذلك للحفاظ على حبهما على مدى أسابيع باردة مظلمة 0 أن تختارتلك الكنيسة الصغيرة القابعة فى حضن ذلك الجزء من الريف الذى تدثر بالبياض لتشهد عقد قرانهما . كان المشهد أقرب إلى مرحلة تلاقيهما . فالمشاعر متاججة والأسى متغيب ومظلة السلام تخيم على الجميع . وقفت أمام إحدى نوافذ شقتهما تراقب سقوط الثلج مندوفا من السحاب . اقترب إيان منها بهدوء من الخلف حيث طوق خصرها بذراعين حانيتين . وعندما هم بوضع غطاء الرأس فوق رأسها استدبت بها مشاعر الحب والسعادة الكاملتين . همس لها قائلا : -أراك صامتة تماما يا حبيبتى .. أجابته بنبرة جادة : - كنت أفكر فى لقائنا .. والدور الذى لعبه القدر .. أو الحظ أيهما الذى أراد لسيارتى أن تتعطل فى ذلك اليوم ؟ وقال إيان : - لا أدرى لكن يا لسعادتى أننى قد التقيت بك ! عانقها بحرارة وهما يتأملان هذه الحادثة التى لاتنسى والتى سطرت لهما سعادة غير مسبوقة .

( تمت بحمد الله )

MooNy87 · 20-03-09, 06:12 PM

عزيزتى تسلم ايدك

بجد الرواية كانت فى منتهى الروعة

ومختلفة عن بقية الروايات فى الإثارة والتشويق

فى انتظار جديدك

* فوفو * · 20-03-09, 06:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا راغب

عزيزتى تسلم ايدك

بجد الرواية كانت فى منتهى الروعة

ومختلفة عن بقية الروايات فى الإثارة والتشويق

فى انتظار جديدك

العفو يا قمر وبإذن الله تعجبك كل الروايات التى أضعها فى المنتدى

qottat · 31-03-09, 12:35 AM

يعطيك العافيه القصه حلوة كتييير

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ماهو رأيكم في هذه الرواية بعد قراءتها ؟؟؟
الرواية في منتهى الروعة	25	75.76%
الرواية جيدة	6	18.18%
الرواية متوسطة	2	6.06%
الرواية ضعيفة	1	3.03%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 33. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع أرسل هذا الموضوع إلى صديق
انواع عرض الموضوع
العرض العادي الانتقال إلى العرض المتطور الانتقال إلى العرض الشجري