بعد مرور ثلاثة أشهر...
"صدقني مهاب... لا يجب أن تظل تحوم حولي مثل الدجاجة... صحيح أن حاتم أوصاك بي لكنني أستطيع العناية بنفسي بشكل جيد".
لم يعر زوجة والده أي انتباه، و هي تتلفظ بكلماتها مغلفة بأقوى غلاف من التهذيب و الشكر، بينما كلاهما يعرف أنها لا تريده أن يحوم حولها كالدجاجة الأم!
و كلما حاولت التخلص منه وجدته يتحدث بشكل مباشر دون أن ينظر لعينيها...
"والدي طلب مني أن أعتني بك و هو مسافر... لذلك لا تحاولي مجرد محاولة أن تخرجيني من هنا!"
ظلت تحدق به و هي تراه يدور حول نفسه محاولاً إيجاد عمل يضاف للعناية الخارقة لزوجة أبيه... وسادة تحت قدميها التي بدأت تنتفخ مع دخولها الشهر السادس في الحمل...
يتجنب بكل قوته النظر لبطنها البارزة بشكل كبير، و كأنها في الشهر التاسع لا السادس...
يتجنب أيضاً النظر لعينيها لأنه يعلم كم هي ذكية هذه المرأة، و هي قادرة على الولوج إليه عبر عينيه حتى و لو كانت حامل!
في الحقيقة هو يتعامل معها كأنه مراهقة حمقاء تخجل من حبيبها الوسيم بتجنب النظر لعينيه مباشرة!
لا يدري لم راق له التعبير؛ لترتسم بسمة ساخرة على شفتيه، سرعان ما انكمشت و ماجدة تحاول النهوض...
"لا تحاولي..." تحدث بصلادة و هو يضغط على كتفها برفق أن تظل جالسة، لكنها أزاحت يده و هي تشير للشرفة أمامها...
"أريد الذهاب للشرفة مهاب... أنا بحاجة للتنشق للهواء النظيف".
"يمكنك ذلك هنا ماجدة... فقط خذي نفساً عميقاً هنا و أغلقي عينيك و تخيلي أنك في الشرفة... و قبل أن تقولي كلمة أخرى، سأخبرك أن المطر يكاد يخلع الزجاج من شدته... نحن في فبراير يا زوجة أبي... فبراير يعني برد... برد قوي و شديد!"
أغلقت عينيها بحلم و هي تحاول أن تنفذ رغبات زوجها؛ بتحمل هذا المتفلسف...
"مهاب، لقد عشت في بلجيكا الأعوام الفائتة... هل تعلم كيف الجو هناك؟... ليس برد، و لكن ثلج... و كنت لا أختبئ كالدجاجة في الخن... بل أخرج و أتأمل ملكوت الله".
"نعم... كلام جميل... بلجيكيا ستكون وجهتي المقبلة... المهم هنا أنك تسقطين أهم شيء... و هو أنك لم تكوني حامل سيدتي... و أنك لم تكوني مصابة بضغط الحمل سيدتي... و أن صحتك ليست على ما يرام سيدتي، و عندك نقص في الفيتامينات و نسبة الحديد بدمك ليست جيدة... مما يعني أن مناعتك ضعيفة... و المناعة الضعيفة زوجة أبي ليست مؤشراً جيداً، لأجلك و لأجل الأمانة التي في بطنك!"
أسقط في يدها كما يقال و لم تجد ما ترد به عليه، لكن الروح التي فيها تأبى الاستسلام...
"حسناً... ستنام بعد لحظات و سأرى المطر بأي طريقة ملائمة!"
رفع عينيه لأعلى يرجو الصبر...
"الله يعينك يا والدي!... يا ماجدة، أنت سيدة كبيرة و واعية... لا تفعلي كمن يقطع أذنه نكاية بفمه!"
"يا ذكي، هي يقطع (أنفه نكاية بنفسه)..."
"أظن أن من حقي أن أؤلف الأمثال..."
ثم ابتسم الابتسامة الفاتنة خاصته، و هو يجد لذة في مشاكساتهما اليومية...
"هل تعلمين؟... أعلم الآن من أين أتت دعد بمزاجها المتقلب... قد تبدين هادئة لغير المدقق... لكنك شعلة حقيقية فقط لم يقترب منك و يلسع بشرارتك!"
لا يفهم لم حل سكون غريب عليها، و هي تتذكر ابنتها المعتزلة عنها... لا تدري عنها إلا شذرات قليلة وصلتها من مهاب، و فاتن التي تتعامل معها ببرود مؤلم...
أخبرتها أنها سعيدة جداً مع زوجها الذي يعشقها... لقد نلت ما تريدين دعد، فهل يوجد فيك أي لمحة للمغفرة!
لا، لا يوجد، و الدليل على ذلك قطع وصلها مع أمها... تعلم أن ابنتها أقوى من أن يسيطر عليها الصانع، لذلك تعلم أن استقطاع أمها من حياتها كان قرارها الشخصي...
"ماجدة... زوجة أبي... ما الذي حل بك؟؟"
حدقت به لثوان، و كأنها لا تعرفه... لقد غفر لوالده بسهولة لا ممكنة... يمكنها ان تعتبره رجل طيب... رجل فيه حنان، فقط لمن يستحقه... تنهدت تنهيدة كبيرة، و هي تحاول أن تتجاوز الموضوع... فقط لتصبر حتى ميلادها و ستعود بكامل قوتها القديمة، و ترجع هذه الفتاة لعقلها حتى لو شدتها منه!
"لا شيء مهاب فقط....... هل تعلم؟؟... أنت تناديني بثلاثة أسماء... ماجدة... زوجة أبي... و سيدتي... لم لا تناديني خالتي و تنهي الأمر!"
ابتسم نصف بسمة و هو يجلس قبالتها عالماً بشكل أو بآخر أن ما ينغصها هو دعد... لذلك جارها في كلماتها، ليس لسبب سوى الحفاظ على استقرار حملها...
"حسناً خالتي، خالتي... رغم أنك لا تكبريني إلا بخمسة عشر عام... لكن ما يريحك يريحنا خالتي ماجدة..."
روحه المرحة نجحت في انتزاع بسمة على شفتيها، ليتابع بمرحه...
"الآن فهمت كيف والدي صار صريع تحت قدميك... تلك البسمة كافية لتخر الركب أمامك!"
"أيها المنافق الأشر... يكفيك تملقاً..."
"ليس تملق لكن وعد... لم لا تنسي المطر خارج البيت و تقنعي برؤيته على التلفاز... تخيلي الحياة هكذا معه بطريقة جميلة... أليس الخيال هو الوسيلة الأولى للتطور و الاستمتاع!"
"حسنا ًأيها المتخيل... أعدك طالما أنت راعي الخراف حولي، لن أخرج للشرفة... لكن ما أن يعود زوجي من سفره، فلنا شأن آخر!"
حل هدوء مكان المرح الذي كان موجوداً بينهما، إلى أن قاطعته ماجدة و صوت المطر الذي يضرب زجاج النافذة أعطاها شعوراً جميلاً...
"هل يمكنني أن أسألك سؤلاً لا يخصني؟..."
لم ينظر إليها و هو يهز رأسه بإيجاب، عالماً أن عينيها ملتصقة بملامحه...
"كيف سامحت حاتم بهذا اليسر و هذه السهولة؟؟... هل كان جرمه قليل، لتغفر بسرعة أم......."
"أم؟؟"
تساءل بنصف بسمة مريرة، لتكمل بنفس اللهجة...
"أم أنك تجيد العفو... فقط من تحبهم كفاية تستطيع أن تغفر لهم بسهولة... أو ربما حبك لوالدك ضخم بطريقة جعلت الجرم أيا كان تافهاً لتخسر مثل هذه الصلة!"
لم يرد عليها لأنه لم يجد ما يرد به عليها... كان قد توقف عن الخصام و القطيعة مع والده، لكنه توقف عن سكب مشاعره المحبة بشكل كامل، إلى أن عرف بحمل المرأة، قبل عدة أشهر... يومها اتصل والده به و هو بحال لا ممكنة... في تلك اللحظة، علم أن والده ليس ذاك الضخم الذي لا يؤثر به شيء...
ليس مسلماً به كالشمس و الهواء...
هو كائن حي يضعف و يحتاج سنداً قوياً من صلبه له...
"ربما لو أخبرتها بحالتك الصحية ستجدينها هنا متجاوزة كل المشاكل التي بينكما..."
فوجئت به يقطع الصمت بجملته، لتسأله بحذر...
"هل تعرف ما سبب القطيعة بيننا؟..."
لم تحاول أن تضيع الوقت و تسأل من هي و كيف عرف...
امرأة ذكية يستطيع أي كائن أن يحبها...
ما عدا ابنتها بالطبع!
"لا، لست أعرف... لكنني أعرف أنك تتمنين أن تريها... بكل ما فيك تتمنين ذلك..."
ثم ابتسم بسمة مريرة و أخرى تطل عليه بنظراتها الميتة، تحلم بالأمومة...
"صدقيني ماجـ.... خالتي... صدقيني لا يوجد ما هو أجمل، من أن تكون لك ابنة... من لحمك و دمك... تضمينها لك... صدقيني الحياة قصيرة لكي نقضيها بالشجار... لذلك عدت لأبي... لأنه أكثر من أضيع ثانية واحدة معه بالخصام..."
ثم بكرم حاتمي أحمق غبي، و كأنه نسي العلامات التي خلفها شجاره الفائت مع زوجها، عرض...
"هل تريدينني أن أحضرها هنا؟؟"
"و هل أنت تزورها؟؟"
ابتسم بسمة مرة...
"لها زوج مجنون بالغيرة... لذلك حرم علي زيارتها في بيتها و قد علم أننا كنا من قبل مرتبطين... لذلك التواصل بيننا قل و عادة يكون عبر مواقع التواصل..."
نصف بسمة ارتسمت على شفتيها...
"لقد أخبرتني دعد، أنه كان ارتباطاً مزيفاً!"
مرر أصابعه في شعره بتوتر، و هو يرد عليها...
"ربما الأحمق زوجها، لا يستطيع فهم ذلك... هي أخت لي... فقط أختي".
اتسعت نصف البسمة لتتحول لكاملة و هي تقول...
"دعد ابنتي أقوى من أن يتحكم بها رجل كما يريد... ربما هي رأت خللاً ما لم يره زوجها لذلك تتجنبك... يوجد شيء ما مهاب أليس كذلك؟... شيء يمنعك أن تقتحم بيت الصانع مثبتا أخوتك لهاً... و كأنك تخاف من أن يؤثر هذا الشيء على حياة الفتاة، أو ربما العكس... تخاف لأجل هذا الشيء!"
لا يدري لم شعر برجفة بقلبه مع كلمات المرأة الغريبة و التي بدا و كأنها تعري كل حواجزه و تقرأ من عمق عمقه!
نعم يوجد شيء... شيء له شعر حريري طويل أسود... شيء له عيون زرق باردة و لا يفهم كيف تحرقه... بشرة شاحبة... قامة مثيرة...
فتاة يعشق أصغر تفصيلة بها!
فتاة وجد نفسه يخترق كل حواجز احترامه لذاته و هو يعيدها لعصمته... فتاة حرم على نفسه و عليها قربه لكي تقنع بحاجتها للتخلص من ادمانها المهين...
فتاة يريدها... يا الله كم هو محتاج لها!... قد تبدو بعيدة فارغة لا تعطي... لكنها بتنفسها، بتواجدها بكل ما فيها، بكل ذلك، هي تعطي دون أن تدري!
نعم هو عاشق للين... يعلم ذلك...
و يعلم أن هذا أغبى شيء حدث له...
يعشق مدمنة فضلت حبوبها على كل شيء مشتملة إياه...
يعشق عقيم لن يرى طفلاً منها... لن يجد من يقول له أبي...
يعشق مطلقة و يعلم كم يسترخص الكل من حملن هذه التسمية...
يعشق مجنونة لا يمكن التنبؤ بأفعالها و أقولها... و رغباتها تكون عجيبة...
لا يوجد رادع لها، و لا حدود أمامها في سبيل تنفيذ رغباتها...
و المشكلة أنه يعشقها لأنها هي هذه الخلطة المجنونة!
"مهاب..."
التفت لزوجة أبيه التي تحدثت بهدوء شديد...
"هل فعلاً لك شيء عند الصانع؟!"
لا سيدتي... للأسف لا شيء لي عند الصانع...
لكنني كلي انا عنده!
***
"احمليه جيداً دعد... ليس هكذا... يا ربي، في كل فتاة أم تجيد التعامل مع الأطفال بالفطرة إلا أنت!"
بتوتر و عصبية و رغبة مجنونة بالنجاح بالذات أمام زياد، الذي لا يسمع الحديث و لكنه يراها و هي تكافح بكل قوتها مع الطفل البدين بعمر شهرين و نصف...
"أنا أحمل الولد جيداً... فقط أنت المجنونة بابنك... و كأنك أول أم في التاريخ... ها أنا ذا أضع يدي تحته بشكل جيد و أضمه بحنان لصدري... و يدي خلف ظهره تسنده... بينما أنت فقط تنتقديني..."
ثم مالت بعنقها تحدث الطفل...
"الله يعينك يا كمال... ستقتل أمك أول فتاة تحبها... و حينما تتزوج سوف تنتحر زوجتك من تملك أمك المجنون!"
انتفضت فاتن بعنف و هي تقفز لتتناول الطفل منها بغيظ...
"هاتي ولدي... هاتيه، أنت لا تستحقين أن تحملي مثل هذا الملاك البريء..."
انقلبت ملامح دعد، و البريء يتقيأ بعض الحليب على صدر أمه ما أن حملته على كتفها...
"فعلا بريء... و رائحته حالياً كبريء... و أنت كذلك بنفس الرائحة..."
و مالت لتشم مؤخرة الرضيع باشمئزاز أغاظ فاتن أكثر و أكثر...
"و الآن الرائحة مضاعفة... أرجوك خذي بريئك و أعفينا من رائحته!"
"تسخرين من ولدي يا مهندسة..."
التفت لفاضل الذي اقترب مع زياد، و قد شعر أن زوجته بحاجة لمعونة من لسان دعد الذي انطلق بمزاح سمج!
"لا أسخر فاضل..."
تحدثت بسرعة و هي ترى فاتن تتوقف بفضول في منتصف الطريق لتبديل ثيابها و ثياب الطفل...
"لكن زوجتك تعامل الطفل و كأنه من ورق بردي، سيذوب في قطرة ماء!... انظر كيف تحمله... انظر... أليست نفس الطريقة التي أحمله بها... و كلما حملته تعلق علي و تنتقدني... و كأنني معتادة أن آكل الأطفال الرضع!"
"هل سمعت؟؟... هل سمعت؟؟..."
التفت فاضل لفاتن مرة أخرى ليجدها اقتربت، تتحدث بأريحيتها و اقتحامها لكل الحدود مع زياد...
"هذه العودة تسخر من ولدي زياد!"
بتلقائية مد زياد يديه ليتناول منها الطفل و سلمته إياه بسهولة جعلت دعد تبادل فاضل نظرة مذهولة، لكن الذي أشعل بها مشاعر مرتبكة هو الحنان و التلقائية التي شعت من زياد و هو يحمل الطفل متجاهلاً قيئة و رائحة حفاضه...
"و الآن أيها الملك المدلل... ألا ترى كيف يتشاجرن كل السيدات لأجلك و لأجل هذه الوسامة المذهلة؟... هذا و أنت مازالت رضيعاً، فكيف سيكون الحال و قد صرت بطول الرجل الذي يحملك..."
كان يميل بحنان ناحية الطفل الذي لم يبك و لم يفعل أي فعل متضايق كما يفعل كل مرة مع دعد!
الحمد لله أنه ولد و إلا قالت أنه أغوى الطفلة بحفاضتها!
"لكن أمك تقول عن زوجتي عودة... هل تراها عودة؟؟ لحظة لست اسمع".
قرب أذنه الخالية من الحلق من الطفل بطريقة أرجفت قلب دعد اكثر...
"اممممممم نعم نعم... فهمت عليك... هكذا هن النساء... دوماً تكون لهن أفكار غريبة بعض الشيء!"
"ماذا يقول لك؟!"
خرج صوت فاتن حاداً بجدية، جعلت حاجبي دعد و فاضل يرتفعان للحظات، قبل أن ينفجر الكل ضاحكاً عليها و قد احمر وجهها و زادت عصبيتها...
"في الحقيقة، أنت و زوجتك العودة لا فائدة منكما... هات ولدي هاته... هو الوحيد الذي يفهمنني!"
"لأول مرة أرى امرأة تتوحم قبل الحمل و بعده!"
همست دعد لفاضل، و هي ترى زوجها يحك رأسه الحليق بدهشة مازالت مستوطنة داخله...
منظره و هو يحمل الرضيع أرجف قلبها...
تعلم كم يعشق زوجها الأطفال... هي أيضا تحبهم كثيراً... لكن ليس مثله... لذلك كلما تتأكد من فشل رحمها بأن يحمل فيه جنيناً، تشعر بشعور سيء و قلق لا مبرر له تجاه حياتها الزوجية.
شعرت بفاضل يتحرك بضيافة، لم تعرف أنه يمتلكها ناحية زياد الواقف بارتباك و حيرة، مع شعوره بعدم الانتماء لهذه الأسرة على الرغم من انفتاح فاتن معه، و محاولات فاضل أن يكون مضيافاً أكثر من اللازم معه...
هو لا يشعر بالانتماء إلا مع كمال...
الطفل الذي حمله باندفاع أول ما خرج من غرفة التوليد...
كانت في المكتب مع فاضل ينهيان مشروعاً ما و قد استعادت دعد عقلها الذي كان مهاجراً في الصين... و إذا به يقف بتوتر و قلة حيلة و هو لا يعرف ما ينبغي عليه فعله، بعد مكالمة قصيرة من خادمة زوجته، لتتبناه دعد بثوان و تأخذه للمشفى و تبقى معه، تسانده، ثم لحقهم زوجها...
كانت أول مرة يرى فيها طفلاً رضيعاً يخرج من غرفة الولادة بملامحه المنتفخة، و شعره الأسود الناعم، و فمه المفتوح على وسعه بالبكاء الناعم...
يا الله ما أجمل بكاء الرضع!... فكر زياد... يجب أن يجعلها نغمة لهاتفه المحمول!
المهم، أنه بعد هذه الصلة، أصبح صديقاً للعائلة مرحبا به، خاصة أن دعد أصبحت دعد مرة أخرى...
"اعذريها دعد..."
تحدث فاضل مخرجاً زياد من أفكاره...
"هي فقط ترى أن أعني... تعرفين كيف الأمهات يكن مجنونات بطفلهن الأول!"
ملامحها تجمدت لثوان لم يلاحظها إلا زياد و هي تدرك أنها لم تشعر بعد بهذا الشعور...
مجنونة هي تعلم ذلك... و إلا ما كانت تفكر بالنقائص بزواجها بهذه الطريقة!... خصوصاً أنها مازالت في أول زواجها!
"كم حسنة أعطيتموني و أنتم تنهشون في سيرتي!"
"فاتن أنت اليوم حقاً متفجرة بالطاقة!"
جلست بقوة جوار دعد...
"نعم أنا كذلك... لأنني لست عودة مثلك... يا إلهي دعد كم أتمنى أن أراك حامل و قد فسد جسدك الجميل... يا للجمال وقتها حينما أكون أنا و أنت مثل بعض!"
"لن يفسد جسدي مع الحمل و خلافه... أنا أحافظ على أكلي... و لا أترك تماريني رغم كل شيء!"
"هل ستقولين؟؟ تمارينك خط أحمر!"
التفت لزياد الذي أخذ صف فاتن بطريقة دفاعية لأن فاضل دوماً بصف دعد...
"أنظر، أنظر من يتحدث هنا... زياد... هل أتحدث أم أترك الجيوب مغلقة!"
"لا أريد إلا كوب شاي لتكتمل متعة المشاهدة..."
خرج صوت فاتن مستمتعاً و هي تتراجع بجلستها على الأريكة براحة...
"أخيرا سيتشاجرا طائري الحب!"
"لن نتشاجر!"
التفت دعد إليها بعنف، قبل أن تنهض لتقف جوار زياد و تمد يدها تتأبط ذراعه بتملك و انتماء...
"فقط نسايرك... نحن لا نتشاجر أليس كذلك زياد!"
و قبل أن يرد زياد برد لا نعرف أهو في صف حليفته أم حبيبته، فوجئ الكل بفاضل يضحك بقوة...
"مازالت قواك فعالة سيدة فاتن... لم لا ترينا مواهبك الرائعة في الطهو... ضيوفنا ينتظرون العشاء!"
احمر وجهها باعتذار و هي تنهض مادة الطفل لفاضل الذي تلقفه بهدوء و هو يريحه في حضنه بفخر، جعل توتر زياد يشتعل و يده ترتفع لحلقه و زادت درجة التوتر و هو يرى دعد تلحق المرأة لتعاونها في تقديم العشاء...
*** |