عرض مشاركة واحدة
قديم 23-10-15, 06:08 PM   #5

محمد حمدي غانم

أديب وشاعر مصري


? العضوٌ??? » 209474
?  التسِجيلٌ » Nov 2011
? مشَارَ?اتْي » 772
?  نُقآطِيْ » محمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond reputeمحمد حمدي غانم has a reputation beyond repute
افتراضي

( 4 )

ارتجّ القطار وأطلق صافرته، آخذا في التحرك..
وتنهد (ماهر) في حرارة وتمتم:
- لم تظهر أيضا!
كانت (سلوى) تنتظره على أحرّ من الجمر، فقد اتفقا على الخروج لانتقاء الأثاث، تمهيدا لزفافهما الوشيك.
إنها مزدانة بالمزايا، لكنها رغم كلّ شيء لا تفهمه!
لا يعني هذا أنهما دائما الشجار أو الخلاف.. على العكس: هي مطيعة ومريحة في معظم الأمور.
لكنه يظل عاجزا عن أن يبوح لها بكل أفكاره وآرائه وشحطاته وخبايا نفسه.. فمحاولاته الأولى لفعل هذا أظهرت ردود فعل محبطة منها.. إمّا السخرية أو اللا مبالاة!
لم يجرؤ حتّى أن يخبرها برأيه في كل تقاليد وتقاليع الزواج، التي وجد نفسه غارقا فيها.. مئات الأشياء التي لا يرى لها جدوى، يجب أن يشترياها ليكدساها في (عش) الزوجية الضيق، لمجرد أن الناس تفعل هذا!
أشياء كثيرة تبهجها لم يكن يفهمها، فهو لا يفهم الدنيا بحواسه المجردة، لتنحصر بهجته في زجاجة عطر أو باقة ورد أو ذكرى ميلاد!.. وهي الأشياء التي كان نسيانه لها يغضبها أو على الأقل يحزنها!
وفي كلّ مرة كان يتنهد ويغمغم لنفسه بأسى:
- أين أنت يا هالة.. أين؟
***
- هل يمكنني الجلوس هنا؟
انتزعه هذا الصوت الرقيق من شروده، فأجاب صاحبته دون أن يرفع عينيه إليها:
- تفضلي.
وواصل شروده، دون أن يأبه بتلك التي جلست في المقعد المواجه له.. فالوحيدة التي ينتظرها منذ سنوات لم تأت كعادتها!
حتّى حينما سقط بصره على وجهها، كانت مجرد حركة آلية شاردة.
ولكنّ عينيها انتزعتاه من شروده، كما ينتزع الإعصار البحر من هدوئه!
وقفزت ضربات قلب ماهر لذروتها، وهو يتمتم بخفوت:
- (هالة).. مستحيل!
ابتسمت ففاحت من عينيها فرحة معبقة بنفس الشجن القديم، وهي تسأله:
- هل ما زلت تذكرني يا عمو؟
***
لدقائق ظلّ ينظر لها مشدوها وعيناه تلتهمانها التهاما، حتّى إن خديها احمرا في خجل!
لقد اكتملت أنوثتها لا شك في هذا..
ربما ليست أجمل من سلوى، لكنها جذابة بشكل آسر، وخمارها يمنحها هالة إضافية من الجمال حول وجهها الخمري، لينافس وضاءة عينيها الصافيتين.
تلعثمت وقالت بدهشة تحاول أن تخفي بها خجلها:
- ملامحك لم تتغير كثيرا.. لكني أظن أن ملامحي تغيرت.. فكيف عرفتني يا عمو؟
استمر يحدق فيها وقد ألجمه ذهوله عن النطق، وقلبه يعدو في صدره كجواد برّي انطلق أخيرا من محبسه.
آلاف الكلمات كانت تتواثب في ذهنه، فيعجز عن الإمساك بأي منها ليقوله!
ولما رآها تهرب منه ببصرها في ارتباك، تنحنح أخيرا وأجابها:
- لم تختلف ملامحك كثيرا.. فقط صرت أكثر جمالا!
ابتسمت بسعادة مشوبة بالحياء، فتابع وهو ينظر في عينيها:
- ثم إن العينين لا تتغيران أبدا، مهما تغيرت ملامح الإنسان!.. وأنا لا يمكن أن أنسى عينين بهذا الجمال، وهذا الذكاء وها الشجن.
التهب خداها أكثر وأكثر، وقالت بعتاب لا يخلو من الدلال:
- كفى أرجوك.. أنت تخجلني بكلماتك هذه يا عمو!
سألها مبتسما لينقذها من حرجها:
- ألا تبدو لك كلمة (عمو) كبيرة عليّ؟
ابتسمت وقد فهمت مقصده، فقالت بنفس أسلوبها يوم لقائهما:
- بماذا تريدني أن أناديك؟!
صمت لحظة وهو يلتهمها بعيبنيه، قبل أن يقول باشتياق جارف:
- قولي لي يا عمو!
***



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 26-10-15 الساعة 11:10 PM
محمد حمدي غانم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس