عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-16, 07:50 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفــــــصـــــــــل الســـــادس
- كان اليوم يزداد سوءا ,وفيما هدأت أعصاب ايلين أخذ تعبها يزداد أكثر وأكثر ,وكانت تعد الدقائق كى تعود إلى المنزل . حسنا ,فكرت ايلين عندما تأكدت من ملاحظتها المكتوبه بجانب آلة الطباعه الفرنسية , حسنا ذلك آخر شىء . وشدت على أعصابها لأنها تريد تسليمها الى كورد , فهو لم يخرج من مكتبه طيلة اليوم , وطلب قهوة وشطائر إلى مكتبه عند الظهر , لكنه تجاهل وجودها تماما , وذهبت هى الى المقهى الذى يقع عند زاوية الشارع مع الآخرين خلال وقت الغداء . كانت المحادثات مقتضبة , فالجميع يحترسون من كل كلمة يقولونها . احمرت وجنتاها بعدما تذكرت ما يشعرها بالاحتقار وهى ترتدى سترتها وطرقت على باب مكتبه.

- " نعم ؟ " رفع رأسه الأسود عندما فتحت باب الغرفة , وبدا مشغول البال وعيناه الرماديتين بعيدتين

- وضعت الاوراق فوق مكتبه برقه : " هذا آخر شىء لليوم , أنا ذاهبة الى البيت الآن "

- " حسنا , انتظرى لعدة دقائق وسوف أوصلك "

- " هاه.."هزت كتفيها بحدة : " ذلك سوف يبدو حسنا , أليس كذلك ؟ "

- " يبدو حسنا ؟ " رفع حاجبه وهو ينظر اليها بإمعان بعدما ضاقت حدقتاه : " عم تتكلمين بحق السماء؟"

- " أنا أتكلم عنك , تعرض توصيلى ..."إرتدت الى الخلف بتوتر , الضغط النفسى الذى عانت منه هذا اليوم تركز ألما فى رأسها .

- قال بقسوة : " أنا أعرض هذا لأنك تبدين تعبة , هل فى الأمر خطأ ؟ "

- هزت كتفيها مجددا : " هذا ما أعتقده .."

- " حسنا يا ايلين أكشفى الأمر ..."استرخى فى مقعده ولف ذراعيه حوله وهو يتكلم وكانت عيناه كالصوان الداكن وفمه مطبقا فى خط رفيع وللحظة تمنت لو يتركها لشأنها بسلام .

- رددت بوهن : " أكشف ماذا ؟ "

- " أنت تعرفين تماما ما أعنى , لذلك اختصرى المناوشات , فأنت تجهدين منذ الصباح لاختلاق معركة , فهيا ابدئى .."

- " أفترض أنك تعتقد أننى غير منطقية ؟ فقط لأنك عرضتنى للشبهه حيث أن كل شخص فى ذلك المكتب يعتقد أننى عشيقتك و أصبح من المفترض بى أن أضع بكل ذلك الحمل على عاتقى , أليس كذلك ؟ وكل ذلك جزء من الإتفاق ! "

- " ليس لدى أدنى فكرة عما تتكلمين .".قال بصوت هادىء وهو متجهم الوجه

- " أتكلم عن تدبيرك لقضاء الليل معك , هل تتذكر ؟ لم تكن لديك النيه فى أخذى الى منزلى ليلة أمس بتاتا, أم أنا على خطأ ؟لقد خططت مسبقا لكل شىء , ومشهد الإغواء الشديد , وحتى آخر ..."

- " كلمة واحدة إضافية , ويا للعون , سوف أضعك فوق ركبتى ! "وقف عندما تكلم وأبعد جسده الضخم عن الكرسى فى حركة واحدة سريعه واللون القاتم يبرز تحت عظام وجهه البارزة وعيناه الرماديتين داكنتان من الغضب , لم يكن دمه الكورسيكى أكثر وضوحا مما هو الآن : " لقد نلت كل ما أستطيع تحمله منك فى يوم واحد !"

- جفلت عندما خطا خطوة عريضة حول المكتب ليقف فى موجهتها مهددا , وظهر من مجمل حركته الغضب المكبوت.

- " او اهتممت فى إعادة تفكيرك إلى الوراء , فأنت التى هربت من منزلى مثل أرنب مذعورة وقررت أخذ نزهة فى منتصف الليل ! ولم أقحم نفسى فى عمل صبيانى كهذا منذ أن كنت فى الثامنة عشرة من عمرى والفتاة حينذاك قررت أن تعود إلى المنزل مشيا عندما تعطلت السيارة , على آية حال ماذا تعتقدين أننى ؟ مراهق مهووس يعزم على الأعتداء عليك عند أول فرصة , بغض النظر عن مشاعرك فى هذا الشأن ؟ من أجل الصراخ بصوت عال , يا آمرأة ما الذى يتآكلك ؟ "

- " لا شىء بى ! "إنه يقوم مجددا بذلك , يحول كل المسألة وكأنها غلطتها .

- كان صوته هادئا : " بل يوجد , من وجهة نظرى وللملاحظة , لقد كنت عازما على إعادتك إلى المنزل فى الليلة الماضية بعد تناول الطعام مباشرة , لم أحاول ذلك أبدا فى حياتى , ولم أكن عازما على أن أبدأ ذلك معك , وأى هدف ممكن أن يكون وراء عزمى على إبقائك فى منزلى طيلة الليلة ؟ "

- " لتقوم تماما بما فعلت , للأساءة الى سمعتى.."

- " سمعتك ؟ " حدق بها للحظة غير مصدق ما سمع ودفع برأسه الى الوراء عندما انفجر ضاحكا بصوت عال قاس مهين :" أنت لا تقدرين بثمن , هل تعلمين ذلك ؟ "وبعدما خفتت ضحكته نظر الى وجهها الشاحب بنظرات ساخرة وأنفاسه تتقطع بالكراهية : " أية سمعة هى تلك ؟ أنعشى ذاكرتى , هل هى الكاذبة , اللصة , الغشاشة , أم هى الجديدة المبتذلة ؟ اختارى ....كل ذلك ملك يديك .."

- " لا . ليس ملكى .."كانت تسيطر على سيل الدموع الذى كان يهدد بالتدفق مثل موت قاتم , فهى لن ترضيه وتلجأ الى الدموع مهما كلف الأمر : " إلا فى عقلك المخبول ."

- " آه , أنا من لديه عقل مخبول ؟ " سألها فى لهجة ساخرة : " أعتقد أن الوقت حان كى تنظرى الى نفسك بإمعان , فأنا طيلة حياتى لم آخذ قط شيئا أو أحدا ليس لى , هل تستطيعين بكل أمانة أن تقولى الشىء نفسه ؟"

- " نعم , أستطيع !" ردت بسرعة ومن دون تمهل , وهز رأسه بخفة وهو يأخذ مكانه من جديد.

- " حسنا انت مصرة , أقر لك بذلك .."استدارت لتغادر ولكن عادت ونظرت اليه عندما تكلم بصوت بارد وهو يجلس خلف مكتبه الملىء بالاوراق :" سوف أتوقع حضورك باكرا غدا صباحا " وأشار بيده الى مجموعه من الوثائق من دون أن ينظر الى أعلى : " يوجد بعض الرسائل التى تتسم بالسريه العاليه , اريد أن تتطلعى عليها وتقومى بترجمتها فى الوقت الذى أحضر فيه إلى المكتب , لذلك من الافضل أن تكونى هنا فى الساعة السابعه , سوف أترك كل المراسلات المتعلقة بهذا الموضوع ضمن هذا الملف الاحمر . هل لديك مفتاح ؟ " هزت رأسها نفيا عندما نظر الى أعلى ثم أخرج مفتاحا من درج المكتب : " هذا مفتاح إضافى ؛ انتبهى له , من فضلك ."

- انحنت لتأخذ المفتاح من يده الكبيرة , لكنه رمى به من مسافة صغيرة إلى أصابعها وكأن لمسة أصابعها تشعره بالنفور , وفى الحال عاد ليدفن نفسه فى عمله من دون أن يتفوه بأى كلمة , تلك الحركة آلمتها أكثر من كل الكلام الذى قيل من قبل , ولكنها لم تلمح له بذلك , أغلقت باب مكتبه بهدوء وغادرت بأسرع ما يمكن .

- فى وقت متأخر من تلك الليله , وهى متكورة فى سريرها , انهمرت دموع حارة من عينيها . أرهقت نفسها بالنحيب , لكن لم يبارحها الالم الموجع الذى كان يقطعها إربا إربا , استلقت لساعات فى الظلام , وعقلها المثقل يتأرجح بين مد وجزر , يبحث عن مهرب من لوضع المستحيل , لكن بعد أن أخذت بعين الاعتبار مرة كل احتمال أجبرت على الاقتناع بأنها كانت مقيدة به حتى الأشهر العشرة القادمة , وصرت على أسنانها من عذاب الخيبة , عشرة أشهر ستشاهده مع كلوديا , قريبا منها جسديا وبعيدا عنها روحيا !

- بعد عدة ساعات من النوم المتقطع الممزوج بالتقلب والنهوض حتى شعرت أن سريرها أصبح متشابكا تماما كما هو عقلها , نهضت متعبة ومشت الى غرفة الحمام , كان الظلام مايزال مخيما على الجو , مع أنها فى العادة تأخذ حماما سريعا , لكنها اليوم أخذت حماما ساخنا بطيئا وأفرغت ما يقارب نصف قارورة من زيت الحمام فى الماء حتى أصبحت المياه كثيفة يعلوها الزبد وعبق المكان برائحة رائعه. أمضت ما يقارب الساعه فى غرفة الأستحمام , طلت أظافرها وغسلت شعرها , وصممت على جعل كل جزء منها يبدو رائعا لهذا اليوم , ولم تستطع ادراك ما يدفعها لذلك , لكنها استرخت بعد الحمام وأراحت أعصابها المتعبة , وضعت فوق جسدها مرطبا غالى الثمن , ووضعت مساحيق التجميل بعناية وكأنها تعتزم الذهاب الى حفلة راقصة وليس الى المكتب .

- ضمت المئزر الى جسدها برقة , وتناولت طعام الفطور المؤلف من الخضار الطازجه والحبوب , وكان النسيم الدافىء الذى يتسرب عبر النافذة المشرعه , يجفف شعرها المنسدل مثل ستائر حريرية فوق كتفيها .

- استعدت لمغادرة الشقة فى السادسة والنصف وقررت أن تقطع المسافة الى العمل مشيا على القدمين , نزهة خفيفة تستطيع بعدها الوصول الى المكتب فى الساعة السابعة وطرد ما تبقى من توترها .

- دهشت ايلين عندما وجدت نفسها تدندن وهى تسير فى الهواء المعطر النظيف وتعجبت من مرونة الروح البشرية . وقفت لتحدق فى سرب من الفراشات تحوم حول حافة نبتت فيها الازهار البرية على جانب الطريق , وعندما وصلت الى مركز البلدة الصغيرة , توقفت برهه عند مقهى واشترت رغيفا وبعض الخضار من أجل الغداء , تبادلت التحيات مع بعض السكان المحليين القدامى الذين جلسوا فى الهواء الطلق تحت أشعة الشمس الدافئة يتمتعون بتناول فطورهم المؤلف من الفطائر الطازجة والقهوة الذكية الرائحة قبل أن تتابع طريقها .

- " صباح الخير ..."جعلها ذلك الصوت , العميق تدير رأسها بسرعة . كانت مستغرقة فى أفكارها ولم تلاحظ السيارة الطويلة الرائعة التى أصبحت بمحاذاتها : " أعرف أنها فقط ياردات قليلة , ولكن هل تودين الركوب ؟ " كان فى نغمة صوته رنة , شىء لم تستطع فهمه , لو لم تعرف أنه أمر مستحيل لكانت شككت بأنه ارتباك وحرج .

- "لا , شكرا لك , أفضل المشى ..." قالت بهدوء , من دون أن تبطىء من خطواتها ؛ إن رؤيته غير المتوقعه جعلت قلبها يقفز بقوة وقد أزعجتها ردة فعل جسده الخادعه هذه , لم لا تشعر ببرودة الأعصاب تلك تجاهه كما يبدو عليه هو ؟

- " أريد التحدث إليك , يا ايلين " هذه المرة كانت أمرا, وللحظة كانت رغبتها قوية فى أن تتحداه وتتابع سيرها , ولكن هزت كتفيها بخفة وصعدت الى السيارة عندما فتح الباب المحاذى لها , جلست برشاقة فوق المقعد الذى جعلته أشعة الشمس دافئا واختلست نظرة سريعه إليه قبل أن تركز نظرها الى خارج النافذة , كان زر قميصه الأعلى مفكوكا , وربطة العنق معلقة حول عنقه , وقد ذكرها ذلك بالفطور فى اليوم السابق , وفى السيارة المغلقة الابواب رفضت ايلين أن تتذكر شيئا كهذا , شعرت أن رجولته قد أحاطت بها ومنعتها من التفكير بوضوح وفعلت أيضا أشياء جنونيه لتماسكها , وهى تحاول أن تمحى قوة حضوره , فكرت ايلين بأن الأمر سخيف , انه يستطيع الجلوس بكل جسده الضخم متماسكا تماما , مسترخيا , ومستغرقا فى التفكير , بينما هى كانت كتلة من الأعصاب المتوترة , ذلك لم يكن عدلا !

- " أعتقد أن الفكرة كانت أن أحضر أنا باكرا لتكون كل المراسلات معدة عند وصولك ؟ " تمنت لو يتابع سيره , لكن السيارة القوية كانت تهدر ببطء , عندما استدار لينظر الى وجهها مباشرة وضع احدى ذراعيه على ظهر مقعدها بينما بقيت الذراع الثانيه على عجلة القيادة .

- " لقد أخبرتك , أردت التحدث اليك " قال بحزم , وكانت عيناه الرماديتان تجبرانها على النظر اليه

- " لماذا ؟ اعتقدت اننا قلنا بالأمس كل ما يجب أن يقال ..."شعرت أنه كان يحاول أن يكسر الحاجز بينهما ولكنها كانت تخشى أن تلتقى به فى منتصف الطريق , وهما على هذا العداء البارد بينهما , فلا تستطيع معالجة الامور ؛ لكن أى شىء آخر قد يجعلها هشة وعرضة للإنكسار ؟

- قال ببطء , متجاهلا عدائيتها : " لقد كنت مخطئة فى الامس , ولكن أنا ايضا كنت مخطئا , لقد جعلتنى افقد اعصابى باتهامك السخيف لى ؛ لقد كنت تعبا وتصرفت بشكل سيىء . لسبب ما لم أستطع النوم بشكل حسن الليلة الماضية " كان صوته خاليا من التعبير وفى نظراته وميض من ضحكة خفيفة : "هل حصل أن أخذت حماما باردا فى الساعة الثانية والثالثة والرابعة صباحا ؟ "

- أجبرت نفسها على النفى : " لا "

- " لا , لقد علمت ذلك , حسنا , لقد كان ذلك أول مرة بالنسبة لى , أيضا .ولكننى أريد أن أوضح شيئا واحدا وهو أننى لم آخذك إلى بيتى بنية أن أبقيك هناك حتى أضعك فى موقف محرج , لم تخطر على بالى فكرة كهذه حتى أشرت أنت الى ذلك بالأمس , ربما كان يجب ادراك ذلك , من جراء ردة فعلك" كان ذلك أقرب شىء للأعتذار يمكنها أن تحصل عليه , هذا ما فكرت به ايلين بصمت , وتابع كلامه: " لم أقم قط بشىء كهذا , وقد أزعجنى أن تلصقى صفات .....الخداع بى "

- رنين الصدق فى صوته لايمكن انكاره , واحتارت بما تجيب , ان جو الألفة فى السيارة كان يسرق منها اى تفكير منطقى : " أنا أفهم ...لقد أعتقدت ..."

- " نعم , أنا أدرك تماما ما أعتقدت " بدت السخريه واضحة فى كلامه

- " حسنا , أنا آسفه , ثم ...."

- زم شفتيه بصورة لم يستطع اخفاءها بشكل تام :" ماذا فعلت عندما راودتك ؟ " نظرت اليه بحدة ؛ لقد كان فى صوته رنة رقيقة مدهشة : " حقا أنت المخلوقة الصغيرة الأكثر أشواكا " ورفع خصلة من شعر حريرى كانت انسدلت فوق كتفيها ثم تركها تزحف من بين اصابعه لتعود الى مكانها فى حركة رشيقة : " لا أريد أن تتأثر علاقتنا فى العمل بما حصل بالأمس " واستدار ليمسك عجلة القيادة بيديه الاثنتين وكأنه يحاول السيطرة عليهما , وجلس يحدق فى الطريق التى تمتد أمامه : " هل تفهمين ؟ "

- لقد شعرت بطعنة حادة من الألم عند سماعها كلماته وهى توبخ نفسها على غباءها . مهارتها فى العمل هى كل ما كانت يهمه , فقط للحظة اعتقدت ...: " نعم بالطبع أفهم , سوف ننسى كل شىء عن ذلك الموضوع " كان صوتها حادا ولكنها لم تستطع شيئا غير ذلك.

- أطلق تنهيدة صغيرة عندما نظر الى وجهها : " هيا يا ايلين لا مشاعر مبيته ؟ " نظرت الى وجهه المستفسر و إلى نظراته الغامضة . تحبه , تريده ,وتكرهه , كل ذلك فى وقت واحد

- " لا مشاعر مبيته " أجبرت نفسها على الابتسام وهى تتكلم ومع ذلك لم يبد راضيا أدار المحرك وبعد نظرة سريعة الى وجهها قاد السيارة بتأن على الطريق .

- الأيام القليلة التالية كانت مليئة بالعمل مما ساعدها على تهدئة قلبها المجروح . بعد حديثها مع كورد فى ذلك الصباح عادا الى علاقتهما العادية , على الأقل سطحيا , لأن الكثير قد قيل لكى تبقى الأمور كما كانت على حالها .

- أصبح يعاملها فى هذه الأيام بحذر شديد , كان ودودا ومؤدبا ولكن متحفظا حتى أبعد الحدود , كانت كلوديا تتردد فى أكثر الأحيان , وهذا باعتقادها ما كان يجب أن تتوقعه , مع أنه مايزال مؤلما , مخالب المرأة الأخرى كانت متعددة وقوية حول كورد لتدعه يفلت منها بسهولة , ومع ذلك , بدا عليه انه يخفى انزعاجه من دخولها غرفته , كل مره دون أن تقرع على الباب , وفكرت ايلين بيأس , ربما أراد أن يبقى العمل واللعب منفصلين بشكل واضح .

- كلوديا حاليا تتجاهل ايلين , تنظر اليها بعينيها الضيقتين وكأنها غير موجودة على الاطلاق مما يجعل الارتعاش يسرى فى ظهر ايلين . الفتاة الفرنسية تكرهها , مع انها لا تستطيع أن تعرف السبب , إن جمالها غير العادى كان مدهشا ولكنه كان نوعا ما مروعا , مثل وهم مدغدغ يتحول فجأة الى واقع مرعب . ان كورد لا يشاركها فى هذه المزايا , ومهما يكن , فهى تعلم أن كورد قد زار بيت أسفانا الريفى الكبير كل ليلة تقريبا منذ زيارتها المشؤومه الى بيته , لقد عملت كلوديا على ان يكون ذلك مؤكدا .

- " هل تعملين غدا ؟؟ "سألتها ويندى فى وقت متأخر من ليلة جمعة عندما توقفت عصبة كبيرة من الموظفين لتتناول شرابا أمام أحد المقاهى الصغيرة وهو فى طريقهم الى بيوتهم : " اننا جميعا سنقضى النهار على الشاطىء واعتقدت انك قد تحبين الحضور ؟ " كان التردد واضحا فوق وجهها الصغير , فمنذ ذلك الصباح عندما وصلت ايلين وهى تحمل حقيبة كورد , عمد الآخرون الى معاملتها بتحفظ أكثر من معاملتها بود , والليلة هى المرة الاولى التى تنضم فيها اليهم , وكان ذلك بفعل لطف ويندى .

- " شكرا , أحب ذلك " لقد قررت أن تقضى يوما من الراحة ولكن شعرت انها اذا رفضت هذه الدعوة فمن الممكن أن لا توجه لها ثانية, وفى الايام القليلة الماضية كان شعورها بالوحدة يتزايد باستمرار.

- عندما حل اليوم التالى , قضت ايلين نهارا ممتعا و فى الاستلقاء تحت اشعة الشمس والسباحة تكرارا حتى أصبح لون بشرتها الذى يشبه العسل لونا بنيا قاتما وبدا شعرها وكأنه امتص أشعة الشمس وأخذ يلمع مع النور المشع . ومع حلول المساء اعتبرها الجميع عضوا فى العصبة . عندما قرروا تناول وجبة طعام فى اليوم التالى لم تجد طريقة للرفض من دون ان تبتعد عنهم مجددا , واصبحت العلاقات الانسانية غالية فجأة .

- كانت الساعة قد تجاوزت التاسعه عندما دخلت ايلين الى المطعم المزدحم وسط حشد كبير ضاحك , وسايمون وويندى كل من جهه , كانت تشعر بالتعب ولكنها احست بالسرور بعد قضاء يوم فى الهواء الطلق , وثوبها الابيض الذى ليس له كمان وصندلها المفتوح يبرزان اللون الجديد المكتسب وكأنه يسمو الى الكمال ز كان شعرها الأشقر يحوم فوق كتفيها فى شلال من الحرير , واستدارت رؤوس العديد من الرجال لرؤيتها اكثر عندما مرت بجانبهم.

- كان المطعم مشهورا باطعمة البحر الشهية , وفيما كانت بصدد تناول الطبق الرئيسى و الشهى والملىء بالقريدس والسلطعون , توضح لها مصدر القلق الذى طالما شعرت به منذ الصباح , صورة شخص ضخم , عريض المنكبين خيم فوق جميع الرجال الحاضرين , تحرك عبر الغرفة من الجهة المقابلة حيث كان يجلس بهدوء وأخذ يراقب الحفلة الصغيرة المرحة .

- " مساء الخير " كان صوت كورد رقيقا وهو ينظر حول المائدة الى الموظفين المبتسمين , ولكن ايلين شعرت أن النظرة الحادة توقفت عليها للحظة وأصبحت تلك النظرات قلقة بعدما لاحظ وجود ذراع سايمون على ظهر مقعدها ز وكانت ذراعه الاخرى فى الوضع نفسه فوق مقعد ويندى , ولكنها شعرت بأن ذلك لن يكون له التأثير نفسه فى ذلك العقل المشكك

- تحدث معهم بلطف , بمن فيهم ايلين , بشكل عام من دون أن يتكلم معها أو ينظر اليها بشكل مباشر,وبعد أن طلب الشراب للجميع شق طريقه عائدا الى مائدته , حيث كانت كلوديا تنتظره مثل عنكبوت جميله صبورة , وحقيقة وجود والدها معها لم تخفف لوعتها ولو قليلا , كان وجه كلوديا يعلن النصر .

- تساءلت ايلين اذا كانت هى التى لاحظت قساوة نظرات كورد , وكأنها منحوته من حجر صلب.ارتجفت بخفة , وعلى الرغم منها توجه نظرها الى تلك المائدة فى الزاوية المظللة .

- كان ينتظر نظرتها وابتسامته عريضة مليئة بالتهديد , ثم اصبح وجهه خاليا من التعبير عندما استدار الى كلوديا ليرد على شىء كانت قد قالته . رأت ايلين المرأة الفرنسيه ترفع يدها الى وجنتيه وتلامسه بلطف , كانت لمستها تنم عن رغبتها بالتملك له , وبعدما قال والدها شيئا ضحكت ضحكة مغيظة , وربتت بيديها على خديهما فيما نظراتها المفترسة تلتهم كورد حيا , ثم نظرت الى ايلين ساخرة.

- أنا ذاهبة الى المنزل لم تكن متأكدة من أنها تكلمت وسط ذلك الضجيج, عندئذ لمست يد سايمون الدافئة يدها برقة وكانت نظراته رقيقة ومتفهمه وهى تنظر الى حيث كانت نظات ايلين موجهة.

- " هل أنت بخير ؟ "

- جاء جوابها ضحكة هستيرية أهى بخير ؟ لن تكون على ما يرام أبدا ثانية .

- أجابت بشكل آلى : " بخير شكرا لك . لدى صداع و أعتقد أنه يجب أن أخلد الى الفراش ,أستطيع ان استقل سيارة أجرة الى المنزل من هنا " ولوحت بيديها وهى تقف , ونظر سايمون الى ويندى بقلق:"هل استطيع أخذ ايلين الى المنزل ؟ سوف أعود بعد عشرين دقيقة ."

- " حسنا " كان صوت ويندى ينم عن الاسترخاء ,فهى على ثقة من قوة علاقتها مع سايمون . حتى فى خضم آلامها كانت ايلين مسرورة ؛ لأنهما كانا ثنائيا رائعا .

- كانت عينان رماديتان لامعتان تراقبان سايمون وهو يتبعها خارج القاعة , ويده فوق ظهرها وتواريا عن الانظار عندما ابتلعهما الشارع المظلم فى قلب الليل .

- كانت ايلين مستغرقة فى النوم عندما توالت طرقات ملحة على الباب ومزقت النوم العميق , كانت الغرفة غارقة فى الظلام الدامس واختلست نظرة الى ساعة المنبه بعدما أنارت الضوء الموجود بجانب السرير محاولة أن تجبر عقلها المشوش على الاستيقاظ . " مهلا لحظة " ووضعت مئزرا ابيض فوق ملابس النوم الحريرية ومشت ببطء نحو الباب , ولكن قلقا مفاجئا جعلها تفتح عينيها اندهاشا و ماذا لو تعرض الآخرون لحادث وهو فى طريق العودة ؟ فقد حشروا أنفسهم فى السيارة الوحيدة التى استأجروها لهذا اليوم , وهم غير معتادين على قادة السيارة فى فرنسا .

- " نعم , ماذا .....؟ " وتجمدت الكلمات فى فمها عندما رأت الجسد النحيل القوى يتكىء الى جانب الباب دون مبالاة ولاحظت أن وقفته المسترخية كانت تبطن غضبا أسود و يحول الملامح المنحوتة الى قناع شيطانى اسود . كان كورد غاضبا ؛ ثائرا بصورة رهيبة خطرة .

- " حسنا , مرحبا , يا يمامتى الصغيرة " قال برقة وكانت عيناه تلمعان : " كنت اتساءل كم من الوقت تحتاجين لتجيبى . لم أقاطع شيئا , هل فعلت ؟ " وحول نظره الى باب غرفة النوم المفتوح ثم الى وجهها الشاحب : " ألن تطلبى منى الدخول ؟ "

- " لا " نظرت إليه ببرود : " إنه منتصف الليل , اذا كنت لم تلاحظ ذلك ."

- " آه , لقد لاحظت ذلك " همت بإغلاق الباب إلا انه تحرك بسرعة , واختطف مسكة الباب من يدها ثم دفع به بسرعة حتى فتحه على مصراعيه : " فى الحقيقة , استطيع ان أخبرك كم من الوقت قد مر منذ ان رأيتك لاخر مرة " ابتسم بطريقة ماكرة , وتراجعت ايلين بسرعه الى الغرفة , عندما دخل وهو ينظر حوله بنظرات خبيثة .

- " لا داعى للخوف , أليس كذلك ؟ " قال برقة وهو يدفع الباب حتى يغلقه : " الولد ....الحبيب سوف يحميك, بالمناسبة , أين هو ؟ مختبئا فى الخزانة أم مسترخيا على فراشك ؟ "

- " ماذا ؟ " حدقت به لا تعى شيئا .

- " سايمون , سايمون العزيز , العذب . أين هو ؟ أريد أن اقول له كلمة صغيرة قبل أن أغادر " وبدا فى عينيه تصميم على القتل .

- " ليست لدى اية فكرة عما تتكلم , سايمون لم يكن هنا الليلة , ولا اى ليلة , ان كانت تلك هى المسالة " وتجهمت عندما راحت معانى كلماته تسكن عقلها : " أنت لا تعتقد ......"

- " لا أعتقد ماذا ؟ " ومشى بخطوات عريضة إلى باب غرفة النوم , واختلس نظرة سريعة فى أرجاء الغرفة الفارغة , قبل أن يعود إليها ثانية بجسده الصلب : " إذا فقد غادر منذ قليل , أليس كذلك ؟ كم من الوقت بقى هنا ؟ "

- " كفى ! " قالت غاضبة وبدا الشرر يتطاير من عينيها مثلما يتطاير من عينى قطة غاضبة : " وصلت بك الوقاحة الى أن تأتى إلى هنا وتتهمنى بعلاقة مع سايمون بينما علاقاتك مع كلوديا أصبحت على كل شفة ولسان ! يالجرأتك يا كورد لاشونى ."

- " كفى " وافق على كلامها : " ولكن دعى كلوديا خارج هذا الموضوع . كل ذلك انتهى منذ وقت بعيد"

- " أنا واثقة !" عندما ضاقت نظراته كان لديها الاحساس بوجود حيوان برى قوى لا يقوى على كبح عواطفه ولأول مره أحست حقا بالذعر . كان فى تلك العينين وميض قاس لم تكن قد رأته من قبل , وكانت نظراته تقع عليها وكأنه يريد أن يدمرها .

- " اسمع , أنت مخطىء فى كل هذا " وأدركت فجأة أنه يحتاج إلى سماع الحقيقة قبل أن يخرج الموضوع عن حدوده : " لقد أوصلنى سايمون الى المنزل , هذا كل ما فى الأمر , كان الوقت متأخرا ولم يتركنى أعود للمنزل بمفردى , لقد تركته عند مدخل المبنى , هذه نهاية القصة , بإمكانك ان تتصل بويندى وتتأكد منها اذا شئت " حركت يدها بتوتر وأشارت الى الهاتف : "حسب علمى , لقد عاد اليها مباشرة " توقفت برهة عندما خطرت على بالها فكرة وعقدت حاجبيها : " ولكنك تعلم ذلك ! لابد وانك قد رأيته عائدا الى المطعم ."

- " لقد غادرنا بعدكما بفترة قصيرة جدا " وللحظة ابتعد نظره عن نظرها , ولكن كان ذلك كافيا لتدرك اين قضى بقية هذه الليلة

- " أيها الوغد !" ذهبت كل المحاولات لتهدئته وأصبحت غاضبة مثله تماما , وحاولت جاهدة بكل قواها أن تقف فى وجهه عندما أخذ تنفسها يصدر من بين أسنانها : " أنت تتهمنى بوجود سايمون معى بينما أنت تقضى الوقت كله مع كلوديا ! وتتكلم عن الازدواجية !"

- " ما حدث اننى اخذت كلوديا ووالدها مباشرة الى منزلهما وتركتهما عند المدخل , وفى طريق العودة ثقبت إحدى العجلات ولم تكن العجلة الاضافية معى . قضيت معظم الليل على حافة طريق مهجور لا يرافقنى سوى خيالى ."

- "لا اصدقك "

- " لا يهمنى ما تصدقين !"

- " من المؤكد أنك حقا , تعتقد أننى ولدت بالأمس " كان صوتها حادا , وتدفق اللون الأحمر الى أعلى وجنتيه وجعل عينيه تلمعان من الغضب , فبدا مثل نمر أسود ضخم يعد الثوانى قبل أن ينقض على فريسته .
- قال غاضبا : " أميل ميلا شديدا إلى أن أعود بك إلى بلدتى وأعلمك ما يعنى حقا أن تكونى أمراة , أنت بحاجة الى ان تتعلمى الاحترام ."

- " وكيف ستقوم بذلك ؟ تضربنى , تجلدنى ....أستطيع فقط تصور ذلك ! " كانت فوق حدود الخوف الآن.

- " أبدا ؛ يوجد طرق أخرى لإخضاع امرأة ثائرة " نظر اليها بوقاحة ثم أردف : " خاصة امرأة مثلك"

- " مثلى " وابتسمت بمرارة : " حسنا , قد لا أكون عند حسن ظنك , ولكننى على الاقل لا أستغل الناس ثم اطرحهم جانبا , عندما يحلو الأمر لى ؟"

- " تعنين اننى افعل ؟ " أطلق ضحكة قصيرة قاسية : " هل افهم انك تشيرين الى النساء فى حياتى الماضية ؟ لا شك أنك قد أعلمت بالتفاصيل عن عددهن والظروف التى أحاطت بخلافى المرير مع كل واحدة منهن !أليس لديك العقل لتدركى أن أمورا كهذه تعظم وغالبا ما تكون بعيدة عن الحقيقة ؟ "

- " لا , ولكن بالنسبة لك ليس لدى الكثير من العقل , هل لدى ؟ مع اننى أعلم شيئا واحدا ..." توقفت برهه ,يبدو أن غضبه قد تبدد لتحل محله الإثارة : " معظم النساء يردن الاشياء الطبيعية من أية علاقة إذا كن يهتممن بالرجل : الرقة , الاهتمام والاعتبار , وأخيرا الزواج والبيت والاولاد."

- " ليس النساء اللواتى عرفتهن " كان صوته باردا وحادا .: "لقد جعلت من نفسى غبيا مرة فى ذلك الاتجاه ؛ ولكن لن يتكرر الامر ثانية , أنت تتكلمين عن الحب وأنا كنت هناك ؛ إنه طريق الى جهنم . النساء اللواتى عرفتهن أردن القوة والنفوذ , لو كن صادقات لاستطعت التعايش مع ذلك ."

- وقفت صامته تحدق فى وجهه العابس فيما الغضب غادرها بفيض كبير , لم تكن ابدا فى حضرة سخرية مريرة كهذه من قبل ؛ شىء ما فى ماضيه قد وصل الى كيانه مثل جرح عميق وغطاء الندبة كان سميكا بحيث لا يخترقه شىء . لقد بنى حائطا منيعا حول نفسه من مادة صلبة لا يمكن اختراقها .

- قالت هامسة : " أعتقد أنه من الأفضل ان تذهب ."

- هز رأسه موافقا وهو ينظر اليها : " ما كان يجب ان آتى الى هنا ؛ كان ذلك جنونا منى , انها فقط الصور التى كانت تلمع فى عقلى على تلك الطريق ...." استدار بسرعة وكأنه يكره قول المزيد : " أنت على حق , لا يوجد أى سبب لوجودى هنا ."

- " كورد " لمست ذراعه بتردد وهو يغادر : " أنت على خطأ , كما تعلم , ليس فقط بشأنى ولكن بشأن تقاليد الحياة بشكل عام , وليس كل شخص كما تتصوره ".

- " أليسوا كذلك ؟ " للحظة كان يوجد شوق ملتهب معذب مكتوب على الملامح القاسية , ثم هز كتفيه بتعب : " حسنا على اى حال هذا فى الواقع لا يهم , لاشىء يدوم ؛ كل شىء يلمع ويتألق من الخارج فقط."

- " أرجوك كورد , إسمع .." .نظرت اليه بعينين أصبحتا رقيقتين فجأة , ونسيت غضبه وكل ما قاله من قبل, كان يتألم من الداخل ولكنها عاجزة عن تقديم العون له : " امنح الناس فرصة ....افتح قلبك ."

- " أنت , تعنين أنت ؟ " كانت نظراته قاسية من جديد كما كان الحائط مثبتا فى مكان . هز رأسه ساخرا: " أحب حياتى كما هى , لا تعهدات ولا توريط ."

- "لا تريد أبدا أن تنجب أطفالا , تتزوج ؟ "

- ضحك بقسوة ساخرا : "وأنجب نسخا مصغرة طبق الاصل عنى , أهذا ما تعنين ؟ ذلك سيكون أتفه شىء. بالإضافة الى ذلك , لم ألتق أبدا المرأة التى أثق بها لتكون أما لأولادى ." ضاقت عيناه وبدت ابتسامة صغيرة على طرف فمه : " لم لا , يا يمامتى الصغيرة , هل تفكرين أن تترشحى لهذا المنصب؟"

- " لا "

- " ربما يجب عليك ؛ أستطيع أن أمنحك فرصة للحكم " , وتعلقت نظراته بالمئزر , لكنها شدته باحكام أكثر, " أنت , حتما مؤهلة فى بعض الجوانب . "

- قالت بصوت خال من التعبير :" ليلة سعيدة يا كورد ."

- نظر اليها للحظة طويلة صامتا قبل أن يأخذها فجأة بين ذراعيه . بدأت تقاوم بشدة لإدراكها أنه يجب عليها ان تقاومه بعقلها قبل أن يضعف جسدها .

- قال بصوت رقيق : " أنت تريديننى , وتعلمين ذلك , أستطيع قراءة ذلك فى عينيك " شعرت بانها قزم بمواجهة ضخامته وقوته , وكأنه يحميها , ولكن , ليس الحماية ما كان يعرضه .

- " لا أريد " منعها عن الكلام بعناقه وهو يقربها منه اكثر وتابعت مقاومتها وهى تدرك أنها , ان لم تقاومه الآن سوف تضيع . لقد كان محقا , إنها فعلا تريده بقوة , ولكن ليس لليلة أو لعدة أسابيع بل الى الأبد , مع الحب الكافى من لطرفين .

- كان يتنفس بصعوبة عندما واجهته فى محاولة للهرب , وبصرخة قويه متكسرة رفعها عن الارض فيما أخذت تخبط على صدره الصلب بقبضتيها : " يجب أن أنتزعك من داخلى . أنا أعرف ماذا أنت ولكن على ما يبدو ذلك لا يشكل أى فرق , لا استطيع الاستمرار فى هذا الوضع , أراك كل يوم , أريد ..... " عندما حاولت أن تجيب عانقها مجددا وتقوست بين ذراعيه , تقاوم نفسها بدلا من أن تقاومه .

- كانت بين يدى سيد محترف وبراءتها كانت مصيدة ضد نفسها , لم تعرف كيف تقاومه لأنها أحبته , أحبته كثيرا .

- " لا أريد ان أكون هكذا .... كانت تتمتم لنفسها : لقد اعتقدت أن الأمر سيكون مختلفا ..."

- " ماذا " تجمد للحظة عندما اخترق صوتها عناقهما : " ماذا تعنين , اعتقدت ان الامر سيكون مختلفا ؟" وتجهم وجهه وهو ينظر اليها : " تعنين , معى ؟"

- نظرت اليه بسذاجة وقرأ الجواب فى عينيها البريئتين الحائرتين : "لا أصدق ذلك " كان صوته هامسا ينم عن عدم التصديق وقد تجمد وهو يقاوم اجتياح وعيه للأمر : " هل تعنين انك كنت جادة فى كلامك عندما قلت إنك لم تكونى على علاقة مع رجل من قبل ؟ ليس من المعقول أن تكونى كذلك ؟ ليس فى مثل سنك ولا فى مثل شكلك , أجيبينى يا ايلين , وقولى الحقيقة , هل كنت تكذبين فى ذلك الوقت ؟"

- " لم أكذب عليك " كان صوتها منخفضا و أبعدها عنه بحركة تنم عن الاعراض العنيف .

- " لا أصدق ما يحدث " اعتلت ملامحه القاتمة تعابير الصدمة والدهشة : " ومع ذلك أصدقك حقا هذه المرة " كان يتكلم وكأنه يحدث نفسه من دون ان ينظر اليها : " هذا يفسر ما حدث فى تلك الليلة فى منزلى,كنت خائفة منى ؟ " سألها وهو يشعر بصعوبة فى التنفس .

- لم تستطع ان تجيب ؛ منعتها , غصة كبيرة جثمت على صدرها من التنفس وعندما استدار ونظر اليها متفحصا , هزت كتفيها بصمت , كان من الصعب عليها ان تقول له , إن الذى جعلها تهرب من بيته الى الشاطىء فى تلك الليلة لم يكن الخوف ولكن معرفتها أنه كان فقط يستعملها , وأنها كانت واحدة من صف طويل ومكسبا جديدا له .

- " إذا , سايمون هو فقط صديق ؟"

- " لقد أخبرتك " كانت متوهجة الوجنتين بسبب الإهانة والحيرة عندما نظر اليها وعلى وجهه تعبير مبهم, هذا يجب ان يكون النهاية الرائعة لإمسية رائعة ! إن شعور الرفض جعل معدتها تدور فى حلقات مؤلمة

- " لقد أخبرتنى الكثير , ولكن بكل صدق , وطيبة قلب , ولكننى أخذت الأمر بإستخفاف " تلك النغمة الساخرة القديمة عادت لتلون صوته ولكن هناك شىء لم يتغير فى نظراته الرمادية المراقبة عندما جلست وتكورت على نفسها , وشعرها مسدل مثل وشاح يلمع حول وجهها الملتهب .

- " حسنا , يا يمامتى الصغيرة , هذا شىء يحدث لى لأول مرة " , وسمعت نغمة من المتعة الساخرة فى صوته مع مزيج من الفرج والتعب , لا يبدو أنه انزعج لأن نواياه قد باءت بالفشل ووجدت أن ردة فعله قد آذتها :" قد لا يعنى الأمر لك شيئا , ولكن لا يوجد العديد من النساء اللواتى يفاجئننى فى هذه الأيام."

- جازفت واختلست نظرة اليه فوجدت وميضا رقيقا غير عادى فى العينين الرماديتين وهو ينظر اليها , ويداه لم تكونا ثابتتين كالعادة وهو يثبت ربطة عنقه , وشعرت فجأة بتحسن حالتها النفسية بشكل لا يقاس .

- " لقد بدأت اعتقد أن اسوأ أيام حياتى كانت عندما اقتحمت حياتى , يا آنسه إيلين مارسيل " ومشى عبر الغرفة الى الباب حيث وقف ونظر اليها نادما .

- " أنا آسفة " كانت الكلمات ضعيفة ولكن ذلك هو كل ما استطاعت أن تقول . على الرغم من الظلال الخشنة فوق ذقنه , ملابسه المجعدة وشعره المشعث , لم تجده يوما أكثر جاذبية , كان فى نظراته شىء لم تستطع فهمه , ولكنها أحبته .

- " أعتقد أنه من الأفضل أن أذهب الآن طالما أستطيع ذلك " حملقت به صامتة متقطعة الأنفاس . لقد حدث شىء ما بينهما فى الدقائق الأخيرة وهى تشعر أنه يحاول أن يقاومه : "هل أنت على ما يرام؟"هزت رأسها مجيبة وكرر حركتها ببطء : " حسنا , سوف أراك يوم الأثنين كالمعتاد " اعتقدت أنه كان هناك تأكيد خفيف على الكلمتين الأخيرتين , ثم غادر .

- سمعت صوت خطواته الثابتة , عبر الغرفة , فتح الباب الأمامى ثم أغلق , وعندما أصبحت وحيدة استلقت وهدأت نبضات قلبها حتى أصبحت طبيعية ورحلت تلك الألوان الحمراء الحارة التى لونت وجنتيها .

- لم تركها ؟ كانت الأفكار تتضارب فى رأسها , كانت لديه القوة للبقاء , إذا لم تركها ؟ ربما امرأة لا تملك الخبرة لا تعنى له شيئا ؟ تحركت بقلق ؛ لا , ليس هذا هو الأمر .

- يبدو أنه لا يظن أن ذلك الأمر يستحق تعقيد علاقة العمل بينهما , فالأمر يختلف بين إقامة علاقة عابرة مع إمرأة اعتادت هذا النمط من الحياة , وبين فتاة بريئه تجثم على ضميره . فكرت بكلمته الأخيرة : "كالمعتاد" لقد كان يحاول أن يقول لها إن كل هذا لا يعنى له شيئا, هذا كل ما فى الأمر ! تقلبت فى نومها ووضعت الوسادة فوق وجهها فى محاولة منها لتهدئةأفكارها الحائرة وإيقاف الحالة التى اعترتها بعد ما حدث فى النصف الأخير .

- مهما كانت دوافعه , فهذا لا يغير الحقيقة المؤلمة التى عليها أن تواجهها يوما بعد يوم , لقد أحبت الرجل الذى يعتقد أنها سارقة , وباعترافه , لا يصدق شيئا من كلامها . كل اتهام وجهه إليها تحول بوضوح تام للسيطرة عليها , والحقيقة هى أنها قد اكتشفت عدة جوانب من شخصيته الليلة لعدة لحظات , الرقة التى لم تتوقعها أبدا , جعلت الأمر صعب الأحتمال . كلما قاربت سنة خدمتها على الانتهاء , كلما كان أفضل, ولكن بأى حال ستكون عندما تصبح أخيرا حرة فى أن تتركه إلى الأبد ؟


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس