عرض مشاركة واحدة
قديم 15-05-09, 09:33 PM   #12

ماندو
 
الصورة الرمزية ماندو

? العضوٌ??? » 85350
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 241
?  نُقآطِيْ » ماندو is on a distinguished road
افتراضي

. لا اعرفك
*********

أخيراً وصلا الى الارض الصلبة! استلقت روز بكل بساطة لبضع لحظات, غمرتها الحرية لتحررها من الخطر , فلم تشعر بالبرد الذي تسلل الى عمق عظامها من جراء كل رعئة هواء باردة . قربت ركبتيها الى صدرها ورفعت جسمها ضامة جسدها بذراعيها.
وقف الرجل العريب الداكن البشرة قربها, وهو يوازن ثقله على عقبي قدميه مستخدماً البراعة الغريزية للرياضي الطبييعي.
((شكراً جزيلاً, لقد انقذت حياتي.))
شعرت روز بالغرابة لأن تينك العينين الرمادتين الضاربتين الى اللون الفضي الشاخصتين نحوها بدتا خاليتي تماماً من التعابير.
((بالمناسبة ,انا روز سيد......))
نظر ماثيو الى العينين الرائعتين المفعمتين بالامتنان والبراءة , تذكر ذلك التحدي الذي رآه في هاتين العينين نفسهما من قبل , حتى لو أصرت روز على افتراضها انهما لا يعرفان بعضهما , لن يأبه ماثيو للأمر, افترض انها قد لا تعرفه لأنها كانت ثملة تلك الليلة.
فاز ماثيو بميدالية البطولة للمرة الرابعة لأربع سنوات متتالية لهذا السبب فحسب ظلت ذكرى الإحتفال في السفارة عالقة في ذهنه, حين رجع متأخراً تلك الليلة الى غرفته في الفندق ليجد إمرأة في سريره ,إمرأة ذات بشرة ناعمة كالحرير, وشعر طويل بلون الكراميل الشاحب وعينين ذهبيتين.
إنهما العينين الذهبيتان نفسهما اللتان تنظران إليه الآن .
((هل يمكنك السير؟))
ومضت روز بعينيها لسؤاله المفاجئ, وزالت الإبتسامة من وجهها بدت هادئة تجاه العدائية في تصرفه,بالطبع, لقد تعرضت حياته للخطر بسببها. وربما هو لا يستلطف الشخص المسؤول عن ذلك,إلا ان مستوى الإحتقار البارد في لغة جسده بدا عالياً حقاً ,إنه ينظر اليها وكأنها شيء بغيض جداً.حاولت ان تكافح وتمشي بغير رشاقة قائلة
((بالطبع!))
أدرك ماثيو حالما طرح السؤال أنها عى الأرجح بالكاد تعرف تستطيع الإحساس بأطرافها او السير على قدميها ,لذلك تجاهل تأكيدها الجريء وانحنى ليحملها,حين جذبها نحوه انتبه الى نعومة بشرتها,وقبل ان يتسنى له ان يفكر بالحرارة التي تفجرت في داخله شعر بالبرودة الجليدية التي تنبعث من جسدها.
لاحظ ماثيو ان جلدها قد صبغ بصبغة زرقاء مثيرة للقلق وهو أمر غير مفاجئ نظرا للظروف التي مرت بها,لذا فكر انه من الأفضل تدفئتها بسرعة.
تمتمت روز وهي تجد نفسها متدلية من دون مبالاة على كتفه
((انا.....ماذا تفعل؟))
((أجنبك تدني حرارتك , سيارتي اللاندروفر مركونة على الطريق.))
لم يضف اي كلمة اخرى الى ان وصلا الى السيارة , وهذا لم يفاجئ روز . فما الذي يستطيع ان يقوله رجل يحمل فتاة شقراء ذات وزن زائد على كتفيه؟ لكن ما فاجئها هو انه حافظ على رشاقته وهو يركض بالطريق بكامله, ومع هذا لم تتعب انفاسه.
دفع ماثيو باب سيارته لينفتح , والقى بالحمل المرتجف على المقعد الخلفي قبل ان يستدير إلى جهة السائق ويدير المحرك ليشعل السخان على اعلى درجاته.
بالكاد نظر ماثيو الى روز قبل ان يغادر الى الجهة الأمامية لسيارته قائلا
((اخلعي ثيابك المبللة.))
ثم رجع بعد عدة لحظات حاملا بطانية إنقاذ سميكة بالإضافة الى قميص ذات اربطة معدنية طرحهما على المقعد الجانبي.قال وهو ينزلق الى مقعد السائفق, ويدير وجهه نحوها.
((هل سمعتيني؟ عليك ان تنزعي هذه الثياب عنك.))
ومع ان جهاز التدفئة راح يعمل بأقصى طاقته وغدت السيارة دافئة .إلا ان روز ظلت ترتجف , في الواقع. لم تتوقع ان تتوقف عن الإرتجاف وتشعر بالدفء مجددا. قالت وهي تحاول ان تحرك اصابعها الشاحبة النحيلة التي ما تزال ضعيفة مثل بقية أنحاء جسدها
((عفوا , ان اصابعي ..........))
اضافت
((........ لا استطيع الشعور بها.))
انزلقت عينا ماثيو الداكنتان من وجهها الى اصابعها, وعمت لحظات من الصمت قبل ان يتنهد تنهيدة غضب.
((أفترض اذاً ان علي ان اقوم بذلك بنفسي ))
((تقوم ......بماذا؟))
ادعاء الجهل بدا لها افضل طريقة للدفاع عن النفس, هبت نسمة هواء باردة , ثم نسمة اخرى فيما انفتح باب الراكب الأمامي وانزلف ماثيو بقرب يكفي ليتمكن من مساعدتها , ثم أُقفل الباب بقوة.
ليس حضوره الجسدي الفارض فحسب هو ما جعل مشاركتها هذا المكان الضيق معه امر غير مريح, بل إن قوته الجسدية الطبيعية بدت عاملاً مؤثراً ايضاً. شعرت روز بالخجل من اتجاه تفكيرها , وهي تلقي نظرة على منظره الجانبي الكلسيكي, ارتجفت فتحتا انفها وهي تحاول الا تتنشق رائحة عطره القوي, وجوده بهذا القرب منها جعل التركيز على اي شيء سواه امراً مستحيلاً.
حباً بالله روز !إذا رآكِ أحدهم تتصرفين على هذا النحو فسوف يظن ان الرجل يغويكِ.
ابتلعت روز ريقها, ورفعت رأسها عازمة على أن تحذو حذو سلوكه العملي, بينما غير ماثيو موقع جلوسه ليصبحا مواجهين لبعضهما, غلا إنها بدأت بالضحك فجأة.
ارتفع احدى حاجبي ماثيو الداكنين وسألها
((ما المضحك في الآمر؟))
هوت رأسها يميناً ويساراً مجبية
((لا شيء))
تخيلت شقيقتها ربيكا وهي تقول
**إن بعض الناس لا يتمتعون بصفات الجاذبية والإغراء , لذلك فهم لا يثيرون اهتمام الآخرين**
وروز هي احدى هؤلاء , فهي لا تتمتع بجاذبية انثوية يمكنها التأثير على الجنس الآخر. فيما راحت تتتتمعن بوجهه الوسيم الجذاب, فكرت انه على الآرجح يحظى بالكثير من النساء , وهو لن يهتم لإمرأة يائسة تفتقد الى الجاذبية مثلها.
شعرت ببعض الإرتياح لأقتناعها ان ماثيو لا يرى فيها سوى إمرأة مسكينة تحتاج الى العون والمساعدة, قطع صوته الحاد افكارها المشتتة
((ارفعي يديكِ))
لو إستطاعت روز ان تنزع عينيها عن تلك العينين المزعجتين لفعلت, لكن عيناه حاصرتاها بنظرة غريبة جذابة جعلتها تقريباً غير قادرة على النظر الى شيء اخر.
((اسمع هذا ليس ضرورياً حقاً))
جزعت روز عندما سمعت صوتها يخرج كهمسة مخنوقة وأضافت سأغير ثيابي حيتن أصل للبيت.))
وبدلاً من ان يلتقط ماثيو الفرصة التي سنحت للتخلص منها , إرتسمت على وجهه إبتسامة ساخرة, وقال
(( لا تقلقي يا عزيزتي, أنا مستعج لأفترض انكِ شديدة التواضع.))
أصابتها الحيرة بسبب ابتسامته وتلك الإشارة الضمنية الواضحة في صوته, بدا ماثيو رجلاً يونانياً فظاً.
جاءت ضحكتها اكثر دفئاً من العادة لآن ما رأته اخيراً جعلها تشعر كأنها ايائسة ناكرة للجميل , فلو لم ينقذها هذا اليوناني الفظ لماتت غرقاً على الأرجح.
إدراك روز هذا أشعرها برجفة أقوى من الرجفات الآخرى التي انتابتها بتقطع, وانتقلت من اعلى جسمها الى عامودها الفقري, نظرت اليه وسألته
((هل انت يوناني؟))
((نصف يوناني ونصف فرنسي , ألم تقرأي سيرتي الذاتية.؟))
كورت روز شفتيها في تساؤل ملؤه الإستغراب وكررت
((سيرتك الذاتية؟))
اغمضت عينيها واتأكت الى الخلف مطلقة تنهيدة تعب , حتى عندما توقفت من النظر اليه , ظلت متنبهة جداً لوجوده.
تشدق ماثيو بجفاء
((معزظم الناس يفعلون ذلك.))
عادة ما تقرأ النساء المقالات المنشورة على المواقع الإكترونية بالإضافة الى مجموعة التفاهات التي تكتب عنه , وهكذا يعتقدن انهن يعرفنه جيداً.
لم يفهم ماثيو قط سبب إنجذاب أولئك النساء الى الشهرة, وفكر ان شيئاً ما يجب ان يكون مفقوداً في حياتهن كي يمضين الكثير من أوقاتهن وهن يحلمن بأن يتواجدن مع رجل غريب تماماً.
((أعذرني , انا لا اقرأ بالمقدار الذي أريد, اتمنى ان تقلّني ..........))
وأختفى صوت روز تدريجياً.
مرر ماثيو يداً في شعره الداكن, ونظر الى عيني روز بسخط مصبوغ ببعض الإهتمام وقال
((يجب الا تنامي!))
انفتحت جفون عينيها وهي تهز رأسها قليلاً مجيبة
(( عفواً...... لا...... طبعاً))
وتابعت وهي تدس يديها تحت رجليها
((انا ممتنة لك فعلاً , انت تعرف هذا!))
في تلك الإثناء أخذت لأصابع روز تسترجع دورتها الدموية وراحت تنبض بالآلم. قالت وهي تنحي للآمام مع إزدياد قوة النبض
((أعتقد انك انقذت حياتي))
((قمتِ بعمل احمق وغير مقبول))
((رأيت ذئباُ هناك))
تمكنت روز ان تفترض تفسيراً منطقياً لما حصل, وهو انه حين تصدع الجليد هرب الذئب, أو انه لم يعلق قط.
((لم أر اي ذئب))
أنكر ماثيو وجود الحيوان المذكور بتلويحة ملكية من يده . بدا واضحاً انه لم يره, لذا انه من غير المعقول ان يكون هناك.
أشارت روز
((هذا لا يعني انه لم يكن هنا))
استعاد ماثيو في ذاكرته لحظة رآها تختفي تحت المياه الجليدية فطفح غضبه من جديد وتابع
((أي انسان هذا الذي يمشي على جليد رقيق لينقذ ذئباً؟))
هو ذلك الانسان الذي عليه ان يزود شاشات القنوات التلفزيونية ببرامج عن الحياة البرية, في حين ان ممولي هذه البرامج لا يأبهون لإنقاذ حياة الحيوانات, حتى لو كان ثمة حيوان ضعيف , أو جريح.
بالطبع بإمكان روز ان تشرح هذا الآمر, لكنها شكت في اهتمام ماثيو بالموضوع. في ظل الظروف الراهنة , من الواضح ان ما اراده ماثيو منها هو اعتذار واضح وهي تجثو على ركبتيها.
((إن كان هذا نوعاً من العمل المثير لتجذبي انتباهي مجدداً, فقد نجحتِ في ذلك.))
كررت روز وهي تومئ ببلاهة
((عمل مثير؟))
ثم أضافت وارتفع صوتها في تساؤل مربك
((مجدداً؟))
((أفترض بانكِ قمتِ بهذا لانني جرحت كبرياؤك؟))
((كبريائي؟؟))
اصابت الجحيرة روز لدرجة انها لم تعد تتفوه بكلمات جديدة, بل راحت تكرر ما قاله.بينما التقت عيناها بنظرته التي تبدو خارقة كأشعة الايزر, هذا الرجل يملك فعلا عينين تبدوان كأنهما تريان ما في ذهنك وتقرأن افكارك, وهو امر مزعج لان بعض الأفكار التي راحت تطراأ على ذهنها وهي تنظر اليه لم تكن مناسبة لتشاركها مع اي كان.


لا بد انها كبحت احاسيسها لفترة طويلة, لذا تجدها الآن تتمرد عليها.
قال ماثيو على الفور
((حين تخلصت منك.))
تساءل لما تراها لم تعرض قليلا من هذه الكبرياء حين حاولت اغواءه.
اتسعت عينا روز دهشة
((تخلصت مني؟))
((في غرفتي.....في الفندق, على سريري))
ارتخى فك روز حتى كاد يصطدم بصدرها,وللحظة نسيت أمر أصابعها المتألمة . فأبتلعت غصة وهي تقول
((السرير؟ انا لا اعرفك حتى.))
((اسمعي! أوافق على مجارتك في المزاح , والإفتراض أننا لم نتقِ اذا كان هذا ما تريدينه , حسناً!))
اختفت الإبتسامة الساخرة التي لوت شفته حين أضاف
((لكنني غير مستعد لتركك تموتين بسبب تدني الحرارة , ليس بعد كل هذا الجدهد الذي بذلته لإنقاذك من البحيرة.))
ابتلعت روز ريقها بصعوبة , هذا الرجل يملك حقاً اجمل عينين رأتهما في حياتها كلها , علقت على كلامه.
(( أعتقد انك تظنني شخصاً اخراً))
أتراها تجلي في السيارة مع شخص مجنون خطير؟
صدر صوت ازيز من بين اسنان ماثيو البيضاء, المطبقة, وعلق بطريقة كريهة قائلاً
(( اسمعي! اذا كنتِ تريدين الإفتراض بأنكِ لم تحضري الى غرفتي في الفندق, فأنا لا آبه لهذا الأمر.....))
وأضاف
(( ..... لكن طريقتك لا تبدو ناجحة لرجل سبق له ان رآكِ في سريره.))
((ماذا؟))
ارتفعت يداها في حركة دفاعية الى صدرها, يجب على المرأة ان تكون شجاعة جداً او جميلة جداً لتقتحم سرير رجل شديد الوسامة كماثيو, روز ليست تلك المرأة بالطبع!.
((انت لم ترني في سريرك فقط.))
((حسناً! إذغ اردتِ ان تكوني متحذلقة......))
اعترف ماثيو بينما انخفضت نظراته الى حنايا جسمها ,
((أصبحت اكثر نضوجاً.....))
ثم تابع
((.... والحياء جديد على تاريخك الحافل بالمغامرات. هذا امر جيد!))
((ليس لدي تاريخ حافل بالمغامرات.))
الوقاحة التي ظهرت في نظراته الجريئة . انتجت سلسلة من ردات الفعل بدأت في معدتها. ولو لم تكن جالسة في السيارة لخانتها رجلاها بالتأكيد.
((هذا الوزن يناسبك.))
تلك المرأة في سرير ماثيو في الفندق تملك بنية جذابة جداً شديدة النحول وملامح فاتنة تتمناها كل عارضة أزياء, خطر ببال ماثيو حينها انها سوف تبدو دون شك أكثر جاذبية وهي مرتدية ثيابها. قالت روز
((اسمع! تماديت في مزاحك معي, وهذا يكفي.))
نظره واحدة الى تعبيره جعلت الآمر واضحاً:إنه لا يمزح.
((نحن لم نلتقِ قط, اؤكد لك هذا .))
((التقيت بالكثير من المعجبات, لكنكِ كنتِ الأبرز بينهن.))
((معجبات؟))
من الأفضل إعتبار كل هذا مزحة عابرة. فكرت روز:ابقيه سعيداً كي تصلي الى دار دورنيفي أسرع وقت ممكن, وبعد ذلك لن يكون عليكِ رؤية هذا الرجل مجدداً.
بما إنها لم تجقق تقدماً عن طريق الإنكار , حاولت ان تتبع مسلكاً اخر.
((آه , بالطبع! يمكنني ان أكل الرجال أمثالك قبل الفطور.))
لم تتمكن روز من السيطرة على ضحكة ساخرة, استنشقت نفساً عميقاً , وقد شعرت بنقص في الأوكسجين.
((لكنك ستسر إذا سمعت أن الغرق اغمد شهيتي.))
ابتلع ماثيو ريقه وهو يسحب نظراته, بدا من المؤسف انه لا يستطيع ان يقول مثل هذا الكلام عن نفسه,كل ما أمكنه افتراضه هو ان الأدرينالين ما زال يدور في دمه بعد ان زال الخطر.
تابعت روز
(( جعلني أصرف النظر عن حميتي الغذائية اليومية التي تعتمد على الرجال المتمتعين , لذا فأنت بأمان.))
ابتسم ماثيو إبتسامة النصر, وقال
((إذا تعترفين انكِ تلك المرأة))
شدت روز شفتيها بإحكام ثم قالت
((كلا, ابداً!))
((لا حاجة الى الصراخ, سرك محفوظ معي , ارتاحي))
هل هذا الرجل مجنون؟
((أيمكنك ان ترتاح اذا اتهمك أحدهم انك أقمت معه علاقة عابرة ثم رفضك؟))
((علام تعترضين؟ أعلى العلاقة العابرة أم على الرفض؟ وللتذكير, انا لا احب العلاقات العابرة.))
رأت روز لة الغضب في عيني ماثيو, وفكرت انه لآمر عظيم ان يشعر بالإهانة.
(( هذا ما أقوله...... ولا حتى انا. انا لا.......))
توقفت روز عن الكلام , وظلت دون حراك فيما انحنى ماثيو الى الأمام وفتح زمام سترتها
بعدئذٍ رفع رأسه والتقت عيونهما, ومن دون اي كلام سحبها من فوق كتفها.
((ارفعي يديك !))
من دون تفكير أطاعت روز أمره هذه المرة , فخلع عنها السترة المشبعة بالماء, أبعدت بسرعة خصلة كثيفة من الشعر الرطب عن عينيها, ثم نظرت الى سترتها وهي تسقط على ارض اللاندروفر, وسقطت معها القميص التي ارتدتها تحت السترة.
جلست روز بسكون وهي تشعر بإرتعاشات كبيرة في جلدها من جراء خوفعها , ثم رأت نظرات ماثيو تجتاحها فجأة كالمد, فأكتست بشرتها لون الخجل والإهانة.
علقت بحدة حين انقضت اللحظة المخجلة التي شلتها.
((ظننت انك تحاول إنقاذي فقط!))
نظرته الضبابية أثارت إرتجافة في جسمها , بدا هذا الآمر أشبه بتجربة الموت الوشيك،إذ انها لم تتجاوب على هذا النحو مع الرجال قط, ولا حتى مع ستين, مع انهما عملا بشكل متقارب معظم الأيام.
عملا متقاربين جدا احياناً. وهذا شكل جزاءاً من سبب رحيلها, لكنه جزء صغير فقط, لآنها لم تخف قط عدم قدرتها على السيطرة على نفسها , أما السبب الحقيقي فهو شعورها بالذنب والخجل لآنها امتلكت أحاسيس تجاه رجل متزوج.
((آه بالطبع.))
يا له من رجل بغيض!. نظرت اليه نظرة ثابته ثم قالت.
((انت لست لطيفاً جداً))
((لا لست كذلك, لست لطيفاً مطلقاً.))
سمرت نظراتها في عينيه الغاضبتين والباهتتين للحظة, ثم ارتجفت وأخفضت نظراتها , إنها تصدقه بالفعل.
متجاهلة ماثيو بقدر ما يمكنها, سحبت روز قميصها التي كانت جافة لحسن الحظ فأرتدتها وغطت بها جسمها, بحيث وصلت الى ركبتيها, بعدئذٍ خلعت سروالها الجينز بحركة لا تخلو من القلق والإنفعال.
وقبل ان تتمكن روز من سحبه حتى كاحليها, فتح ماثيو الباب ورجع الى مقعده الأمامي من دون التفوه بأي كلمة, وما لبث ان ادار المحرك , متوجهاً اليها بكلمات فقط مقتضبة بأن تشد حزام الآمان.
فكرت روز انه على الأرجح يعني ان تشد حزام الأمان وتصمت في آن, ولم يكن لديها مشكلة في كلا الأمرين. وإذا لم يكن مزاجها مؤتياً للمحادثة قط.
مضى على سيرهما بالسيارة بضع دقائق قبل ان تدرك انه لم يعرف بعد اين تسكن.
((سأنزل عند دار دورني. انه المنعطف الأخير قبل.....))
قاطعها صوت ماثيو النافذ للصبر
((لن أخذك الى هناك))
التقت نظراتهما ثم تابع
(( تحتاجين الى كشف طبي. ثمة مستشفى صغير في موبر))
((لا احتاج الى رؤية طبيب))
جاء ردة فعل ماثيو سريعاً بنظرة ملؤها الإستبداد.
((سواء كنتِ تحتاجين الى هذا ام لا, فهذا ما ستفعلينه.))
لن تقفز روز من سيارة متحركة بالطبع, لذا لم يكن لديها الكثير من الخيارات إلا ان تقبل خطته.
((هناك بطانية على المقعد الخلفي , لكنك قد تجدين عليها بضع شعيرات كلب, سنصل بعد خمس دقائق تقريباً.))
وجدت على البطانية ثلاث شعيرات, لكنها لم تبال بذلك. التفت بها ملتمسة الدفء , عرفت انه يجدر بها عدم هدر طاقتها , لكن كيف ستسمح لماتيو بالذهاب وهو يظنها شخص اخر.
((انت تعلم أنني لم أُقم علاقة معك.))
أو مع أي شخص أخر.......
لسوء حظها فإن الرجل الوحيد الذي تخيلت ان العلاقة معه لن تكون عملية آلية باردة كان رجلاً متزوجاً ولا يحق لها التفكير به. تجعد جبينها وهي تتذكر تلميح ربيكا ان وقوعها في حب رجل لا يمكن الوصول اليه ليس مجرد صدفة, وجدت روز نفسها تتذكر تلك المرة الوحيدة التي عانقها فيها ستين,ولم يكن ذلك العناق هو ما توقعته . لم يجرفها الشغف في الواقع, بل شعرت انها غريبة عن الحدث تماماً.
((لأنني تخلصت منكِ فحسب.))
مرّ تعليق ماثيو الساخر هذا كالشفرة على أفكار روز المشتتة.
((لماذا ؟ ما كان عيبي؟))
أعلن ماثيو بغطرسة ملؤها الإزدراء
(( لا اقيم علاقات عاطفية مع معجبات ثملات.))
الدم الذي عاد يجري في أطرافها الباردة اندفع الآن الى رأسها وردت
((انتظر! اعرف انك انقذت حياتي, لكن هذا لا يعطيك الحق لتختلق القصص وتدعونني بالمومس.))
((لم استعمل هذا المصطلح ,لكن ماذا تسمين انتِ إمرأة تلاحق رجالا مشهورين بهدف إضافة إنجاز او نصر أخر الى مغامراتها؟))
كررت روز ما قاله ماثيو وقد زادت حدة غضبها
((مشهورين؟))
ثم أكملت
((هل يفترض بي أن اعرف من انت؟))
قذفها بنزظرة ساخرة , قبل ان يسألها.
(( أتحاولين ان تقولي إنكِ لا تعرفينني؟))
ردت روز بحدة
((لم تقع عيناي عليك مطلقاً قبل اليوم.))
((حسناًً!))
تنهد ماثيو تنهيدة تدل على الضجر , وكما لو انه مضطر لمجاراتها تابع يقول معرفا عن نفسه
((انا ماثيو غوثيير.....))
بالطبع! عرفت روز الإسم بالرغم من عدم متابعتها لأخبار الفورميلا! على اي حال هذا يشرح الغطرسة والاعتداد اللذين يتصفا بهما هؤلاء السائقون, وهو امر سخيف جدا, يبدو ان ماثيو على الأرجح يصدق ذلك التملق الذي تنشره الصحف.
((هل يعني هذل شيئاً؟))





بدا واضحاً من النظرة الخاطفة التي قذفها ماثيو بإتجاه روز من فوق كتفه أنه لم يصدق تجاهلها له للحظة, ظهرت التسلية واضحة في نبرته وهو يقول
((لربّما يعني شيئاً اذا كنتِ معجبة بالفورميلا!))
((ظننت انك يوناني, لا يبدو اسم غوتيير يونياً!))
تلاشت الإبتسامة الكسولة من وجهه حين قال
((انا نصف يوناني . استعملت شهرة أمي مهنياً.))
((إذاً انت في الواقع.......))
((ماثيو ديمتريوس. اسمعي! لستِ بحاجة لأن تفعلي هذا. لن أخبر احداً بالآمر اذا كان هذا ما يقلقك. ربما تقدمتِ بحياتك, وأصبحت تخجلين من ماضيكِ, على الرغم من اعتقادي ان من الأفضل ان تعترفي بخطتكِ لمن انتِ على علاقة معه اياً يكن.))
لم يشك للحظة أن هناك رجلاً في حياتها, فالنساء أمثالها هن على علاقة مع احدهم دائماً.
اجابت روز بثبات
((شكراً على النصيحة.))
وتابعت
(( لكني لست خجلة, لم أفعل شيئاً في ماضيّ اخجل منه.))
وأردفت
((لا اعرف حتى اين ومتى يفترض انني حاولت...... إغوائك.))
((موناكو.))
((حسناً لم أذهب قط الى مون.....))
توقفت روز عن متابعة جملتها. لم تكن هي التي ذهبت الى موناكو بل ربيكا, ولديها البطاقة البريدية التي تثبت هذا, أغمضت عينيها, وأخرجت من شفتيها تنهيدة صامتة لم تكن المرأة التي كان يتكلم عنها ويسخر منها . المرأة التي حاولت إغواءه إلا اختها التوأم ربيكا التي تم هجرها بكل ما للكلمة من معنى في المذبح.فمسها ضرب من الجنون. بدا كل شيء واضحاً الآن . المكان , التوقيت.....التشابه! لطالما تكلمت الشقيقتان عن ذلك
>>الصيف الذي ترغب ربيكيا بنسيانه<<
حين اعترفت انها قامت بأشياء كثيرة ترغب في نسيانها,يبدو ان تصرفها الطائش على سرير بطل سباق الفورميلا احد هذا الاشياء.
آه! يا الله عليكِ يا ربيكا, كيف امكنك؟ شعرت روز بالذنب من جراء السؤال الأناني لحظة خطر في بالها.
كان سايمون ذو الشعر الناعم الأملس والإبتسامة اللطيفة , الشاب الذي يقطن بجانب ربيكا تماماً. أحبا بعضهما منذ ايام الطفولة , وبدأ يتواعدان منذ عمر السادسة عشرة ثم خطبا في عمر التاسعة عشرة.
وبدأت التحضيرات, وبدت ربيكا مذهلة ساحرة كعروس الآحلام , لم ينقص الحفل سوى العريس!
انطلقت روز بسرعة في سيارة القس الصغيرة إلى بيت سايمون, إستجابة لإتصال هاتفي بائس, فوجدت العريس يقف مذهولاً على الطريق الخاص بمنزله, سألته
((هل انت متوتر؟))
نظر سايمون إليها, وأجاب نفياً بهزة من راسه, ثم طلب سيجارة, ذكرته روز بأنه لا يدخن , ثم دخلت الى البيت, حين علمت منه بعد جهد جهيد السبب الذي دعاه الى عدم قيامه بدور العريس, تمنت لوقت قصير لو أنها تدخن هي نفسها.
((عليكِ ان تخبريها بنفسك روز. انا لا استطيع القيام بضلك. قولي لها انني اسف وإنني احبها, لكن.....ليس بهذه الطريقة.))
((آه طبعاً .هذا سيشعرها بتحسن اكبر, وهل أذكر لها قبل ذلك او بعده ان خطيبها انتظر حتى يوم زفافه كي يعترف بأنه شاذ؟))
توقعت بأن تنهار ربيكا او تجن بالكامل حين نعرف بشأن سايمون , لكن شقيقتها ظلت هادئة بطريقة تفوق التوقع.
بدت ربيكا مسيطرة على نفسها, ما بدا امرا جيدا نظرا لأن اباهما اصيب بنوبة إغماء وتصلب. وبدت امهما قلقة ومضطربة جدا بشأن إرجاع الهدايا إلى أصحابها.
أصرت ربيكا على إخبار الحاضرين شخصيا. لن تنسى روز ابدا منظر شقيقتها وهي تقف كملكة جليلة بفستانها الآبيض لتشرح للموجودين ببضع جمل مشرقة ان الزفاف لن يتم .انعصر قلبها على شقيقتها وهي تراقبها عالمة كم تتألم.
مضت أرعة أيام قبل ان تبدو ربيكا مصعوقة فعلا بالخبر, فانهمرت الدموع وثار الغضب....بعدئذ, اعلنت انها نجحت في إستعادة ما دفعته من مال لشهر العسل وبعضا من تكاليف حفل الزفاف , فقررت ان تسافر لبضعة اشهر وتتمتع بالمال, ويبدو واضحا ان اسفارها قادتها الى غرفة نوم ماثيو غوثيير.
قال ماثيو بصوت رقيق ساخر
(( أرى انك التزمت الصمت, ايعني ذلك ان ذاكرتك المفقودة رجعت اليكِ؟))
تجاهلت مدى رغبتها في إخراج كلمة اعتذار بالقوة من فم ذلك الرجل البغيض, وتغلب إخلاصها لشقيقتها التوأم على رغبتها تلك.
هزت رأسها يمينا ويسارا وقالت
((لم أذهب الى موناكو قط.))
((إذا لديك شقيقة توأم في مكان ما هناك))
اصابتها إرتجافة بينما ادارت راسها لتنظر من النافذة وهي تقول
((إن كان هذا ما تقوله.))
وتابعت
((لا اعتقد ان في المستشفى قسما للمصابين))
((إنه مستشفى , ولا بد ان يكون هناك طبيب , وإن لم يكن, فلا بد ان هناك ممرضات يمكن الإعتماد على خبرتهن.))
((انا بخير, كما انني تأخرت......))
التقطت روز مقبض الباب لتثبت نفسها بينما اتخذ ماثيو منعطفا ظانا نفسه في سيارة الفورملا1, لا في سيارة لاندروفر قديمة بالية.
((سنترك الآمر للشخص الذي تدرب ست سنوات كي يقرر إذا كنت بخير ام لا . هل يمكننا ذلك؟))
**********
اتضح ان ماثيو على حق, كان هناك طبيب في المستشفى الصغير , هو احد اطباء الصحة العامة المحليين, قال الطبيب انهما قاما بالفعل الصحيح حين سردت له روز ما حدث.
حين عادت الى صالة الانتظار بعد بضع دقائق اعتقدت لاول وهلة ان منقذها , بطل سباق السيارات قد رحل, في اللحظة التي بدأ التوتر يزول من عمودها الفقري, فصل ماثيو نفسه عن حائط التصق به.
((آه لم أرك في الظل.))
عاد التوتر الى روز مع رغبة بالثأر . لم تلتق قط بشخص أثار فيها مشاعر الكراهية مثله, إنها محظوظة حقاً, فلو أعجبها ماثيو لشعرت بطريقة غير عقلانية انها غير مخلصة لشقيقتها التوأم.
((قلت لكِ انني سأنتظر.))
انعقد حاجبا ماثيو في خط مستقيم حين ارتجفت روز لرؤيته.
((وانا قلت إن هذا غير ضروري , فأنا قادرة تماما على ان ارجع ادراجي بمفردي.))
رفع ماثيو حاجبه وقال
(( بهذه الثياب؟))
اقرت روز ان لديه وجهة نظر ,واخفضت بصرها . كانت القميص تغطي جسدها كالفستان. لكنها بدت قصيرة وفضفاضة, اما الجوربين السميكين الكبيري القياس اللذين بقيا في قدميها , فلم يكونا مثاليين للتنقل بين الناس, هذا بالإضافة الى عدم امتلاكها للمال, مع انها كرهت بأن تكون مدينة له, لكن هل لديها خيار اخر؟
((اسفة لانني سببت لك المتاعب, انا واثقة بأن لديك اشياء اهم تنشغل بها.))
((نعم.))
((آسفة))
ارتجفت شفتا ماثيو. فعلى الرغم من قولها كلمة اسفة لكن الشعور الكامن وراء تلك الكلمة بد له""اذهب للجحيم""
((ماذا قال الطبيب؟))
وجد ماثيو روز جذابة بثيابها هذا اكثر مما كانت عليه في غرفة نومه تلك الليلة, وتساءل, ألا يجعله هذا التفكير منحرفا عقليا.؟
((قال ما قلته سابقا :انا بخير, قال ايضا انني محظوظة))
اخذت روز نفسا عميقا . إذا كان الرجل لا يروقها , فهذا لا يبرر تصرفاتها السيئة تجاهه فقد خاطر بحياته لينقذها, اضافت
((وانا كذلك حقا. شكرا لك.))
نظر ماثيو لحظة الى اليد التي مدتها روز نحوه, وحين اعتقدت انه سيتجاهلها, امسك بيدها وصافحها.
من الصعب على المرء نكرانه انجذابه القوي الى شخص تفاعل معه بهذه الطريقة لمصافحة عادية بسيطة , ابتلعت روز ريقها وهي تتساءل عن سبب الرعشة الكهربائية التي ضربت جسمها.
هل احس بها هو ايضا؟
دفعت الفكرة بعيداً , ومررت لسانها على شفتيها الجافتين وهي ما زالت تشيح ببصرها عنه. وجهت كلماتها الى الحائط فوق كتفع الأيسر قائلة بصوت متهدج
((أحتاج فعلاً الى العودة.))
لوى ماثيو رأسه الداكن الشعر قبولاً لطلبها وسألها
((هل قلتِ دار دورثي؟))
ضاقت عيناه وهو يركز تفكيره , على خريطة للمكان في ذهنه..
((هذا صحيح.))
((يقع المكان بجانب طريق أنيرنس, أليس كذلك؟))
رفعت يداً الى رأسها وقالت
((أظن ذلك.))
فيما لاحظ ماثيو حركة روز الدالة على إنهاكها الشديد, تفاجأ لشعوره بغرائز الحماية لديه تتحرك بقوة . ذكر نفسه بحقيقة تلك المرأة, لكن وجد من الصعب ان يوفق بين المرأة المغامرة في ذاكرته وهذه القامة المنهكة البيضاء البشرة التي تغلبت على الموت لتوها..... من دون ان تذرف اي دمعة.
((مرت بكِ احداث شاقة في هذا الصباح, تعالي!))
لا بد انها تشعر بالتعب لآنها لم تعترض حين امسكها من ذراعها ليرشدها على الطريق
.


ماندو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس