عرض مشاركة واحدة
قديم 24-04-16, 12:38 AM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1- الجولة الاولى


القت كاترين غرانجر نظرة اخيرة على الشقة التي كانت تشغلها مع اخويهاالصغيرين طوال السنوات الثلاث والنصف الفائتة واثناء هذه المدة لم يروا والدهم مطلقا بل تعود جورج غرانجر ان يقضي معظم الوقت في الخارج ومهما حدث لأسرته من أزمات كان يتلافى وجوده لحلها ويلقي حمله كله على عاتق أسرته لتتصرف وتحل مشاكلها بنفسها
كان يزعم دائما انه وطني غيور لكنه عاش معظم حياته في بلاد اخرى غير وطنه تمتاز بمناخ أدفأ من انكلترا بعيدا عن أسرته التي كان يقول انه يحبها كثيرا مع انه كان يمضي وقتا قصيرا معها ثم ينصرف عنها غير مبال بأعبائها

ومنذ عشرة اعوام كان جورج في بلد ما شرق اوروبا عندما علم بوفاة زوجته والدة كاترين فاضطر ان يعود لمدة قصيرة كي ينهي اعمالا لم تقسو كاترين ذات العشرة اعوام على القيام بها لكنه سرعان مااختفى مرة اخرى تاركا كاترين في مدرسة داخلية كانت تكرهها كل الكره وتتمنى ان تعود الى حياة الاسرة ثانية
وبعد عامين فقط عاد الى انكلترا من جديد بصحبة زوجة يونانية شابة اسمها ماريا التي كانت سيدة لطيفة رقيقة وتركت كاترين مدرستها الداخلية وعادت الى دراستها القديمة واقامت مع زوجة ابيها
احتضنتها ماريا وتعاونتا سويا على احتمال غياب جورج غرانجر الطويل منتقلا من بلد الى اخر وراء اعماله العديدة
وكانت ماريا تتقن الانكليزية فلم تشكل لها هذه اللغة اي عائق ولكن كاترين ادركت بعد فترة قصيرة ان مكان ماريا يجب ان يكون وسط اهلها في اليونان بدلا من وجودها في بلد غريب لا تعرف احدا فيه بينما زوجها يتغيب معظم وقته في الخارج لم تكن ماريا ترى زوجها الا نادرا او اكثر قليلا مما تراه زوجته الاولى
وفي خلال خمسة اعوام ونصف من هذا الزواج انجبت ماريا لجورج غرانجر ولدين كانت كاترين تحبهما وترى فيهما عزاءها عن تغيب والدها وتحطم قلب كاترين عندما توفيت ماريا اثناء ولادة الابن الاصغر ولا شك انها افتقدت زوجة ابيها الشابة وحزنت لوفاتها اكثر كثيرا من حزن ابيها نفسه
ومرة ثانية عاد جورج غرانجر لدفن زوجته الثانية ومؤاساة ابنته الحزينة بأسلوبه الذي لا ينم عن اي عاطفة ثم تركها مرة اخرى بعد اسابيع قليلة بل كان اهتمامه بها اقل هذه المرة كانت قد بلغت الثمانة عشرة من عمرها وأظهرت الرغبة والمقدرة على ان تتولى العناية بأخويها الصغيرين
وقبل سفر جورج اعد لهم مسكنا مريحا مع سيدة تشرف على شؤونهم ثم غادر الى جزيرة داكوليس مسقط رأس زوجته الثانية حيث كانت له أعمال ونصيب في شركة ملاحة وتصدير تملكها أسرة ماريا تدر عليه ربحا يجعله في سعة من العيشولم تر كاترين او اخوانها الصغيران والدهم بعدئذ ولم يدهش ذلك كاترين برغم من انها كانت تنتظر ان يهتم بولديه الصغيرين ومنذ ثلاثة اسابيع فوجئت ببرقية موقعة باسم ستيفان ميدو بوليس تخبرها ان والدها قد مات غرقا في حادث وهو يبحر من شاطئ اليونان
ماكذبت كاترين ولا ادعت الحزن على والدها اذ كانت تراه نادرا اثناء حياته وهو غريب بالنسبة لها اما ابناه فلم يعرفا حتى شكله وصممت كاترين على المضي في العناية بأخويها والعتماد على نفسها لمواجهة المستقبل
ولم تحضر جنازة والدها بل اسرعو في تشييعه بدون ان يتركوا لها وقتا كي تترك اخويها في عهدة احد او تقوم باجراءات السفر اليى اليونان في الوقت المناسب
ثم وصلتها رسالة تعزية قصيرة ذات صيغة رسمية ارسلها ستيفان ميدوبوليس يأسف فيها لسرعة تشييع الجنازة ويبلغها تعازيه وكأنه يعرف مدى تقصير غرانجر نحو اسرته
كان ستيفان اكبر اشقاء ماريا ولكن ما ادهش كاترين ان ماريا كانت لا تتحدث كثيرا عن اهلها او وطنها ربما كان ذلك لفرط اشتياقها لهم وبعد وفاة ماريا بفترة قصيرة علمت كاترين من احدى رسائل والدها القصيرة والنادرة ان ستيفان يأمل في ضم اخويها الصغيرين الى رعايته اذ كان راس العائلة ومن واجبه العناية بطفلي شقيقته اليتيمين وكان جورج غرانجر قد رفض هذه الدعوة حينئذ وربما لئلا يبدو انه تخلى عن مسؤولياته ارتاحت كاترين كثيرا لهذا القرار فقد كانت لا تريد فقد الصغيرين لفرط تعلقها بهما ومحبتها لهما فهما في منزلة ابنيها لكنه يبدو انه اعاد النظر في مسألة ترك الطفلين مع اختهما غير الشقيقة ففي يدها الان رسالة قرأتها للمرة المائة من محامي ستيفان ميدوبوليس يخبرها فيها ان والدها قد وافق على ان يكون ستيفان وليا لأمرهماوسبب هذا الخبر صدمة قاسية لكاترين لانها اعتنت بأخويها بعد وفاة والدتهما والان سوف ينتزعان من حضانتها الأمر الذي لن تتحمله ابدا ولن تجد لفقدهما عزاء لها
ولم تجد لديها الشجاعة ان تخبر الصبيان بانهما سوف يرحلان للاقامة في بلد غريب مع خال لم يرياه من قبل وربما لن يقع نظرهما عليها بعد ذلك ابدا الامر الذي لن تتحمله ابدا فقد عاشت لهما وحدهما وليس لأحد ان ينتزعهما منها
وكان عليها ان تصحبهما الى نيقوسيا وتسلمهما الى خالهما وفي الوقت نفسه لا بد ان تجد طريقة لتخبرهما بذلك المصير الذي سوف يصعب على بول الصغير فهمه ويحطم قلبه مجرد علمه بأنه لن يرى حبيبته كاترين ثانية ويعيش بعيدا عنها بين اناس لا يعرفهم
كانت كاترين الام الوحيدة عرفها وكان لا يزال يعتمد عليها في كل شئ بالرغم من انه بلغ السنة الثالثة والنصف من عمره وحتى اخوه الذي بلغ الخامسة مازال يعتمد عليها كثيرا ثم تساءلت كيف يكون الحال عند علمهما بأنها سوف ترجع الى انكلترا وحدها وتتركهما محاطين ياقربائهما الغرباء
تركت كاترين كي شئ في عهدة السيدة هاريسون مشرفة المنزل وكانت هذه السيدة الطيبة قد تأثرت بمصيرهم فمسحت دمعتها لدى وداع الطفلين ونظرت الى كاترين وهزت رأسها في حزن فهي ماتزال في نظرها طفلة صغيرة ايضا برغم تلك المسؤوليات التي حملتها وهي يافعة
وكان الطفلان في قمة سعادتهما وفرط حماسهما لهذا السفر الماجئ وجلست كاترين بين الحقائب تنتظر السيارة لتنقلهم الى المطار وتحاول اخفاء شعورها عن الطفلين وتتركهما ينعمان ببهجة السفر والتطل للذهاب الى بلد جديد
وكانت كاترين رقيقة الملامح يميل وجهها الى الشحوب ذات شعر لونه نحاسي غامق وعينين واسعتين خشراوين وانف دقيق وفم واسع كثير الابتسام وكانت تلفت الانظار اليها دائما لكنها لم تشجع المعجبين بها ابدا لتفانيها في العناية بأخويها الصغيرين اذ كرست حياتها لهما وصممت ان تمضي بقية العمر معهما
وكان الجو دافئا في ذلك اليوم فارتدت ثوبا اخضر اللون قصيرا رائعا بدت فيه كصبية صغيرة جميلة ولما جاء بول الصغير ليتكئ اليها ابتسمت له فلمعت عيناه السوداوان بالحب والشقاوة مما ذكرها بوالدته فقد كان يشبهها كثيرا وارتاحت كاترين لذلك لأنه سوف يندمج مع عائلته اليونانية التي لم يسمع عنها ابدا
اما الكسندر فكان اقل سمرة من اخيه ولكنه يتمتع بالعينين السوداوين الواسعتين وكانت كاترين تأمل ان يكون ولي امرهما المقبل اكثر عطفا وحنوا بعكس ماتوحي به رسالته
وبدأ بول يمطرها باسئلته عن هذه الرحلة لكنها ارتاحت عندما سمعت جرس الباب يقرع معلنا وصول السيارة التي ستنقلهم للمطار بالرغم من انها كانت تتمنى معجزة تجعل ستيفان ميدو بوليس يغير رأيه ويترك الطفلين في رعايتها ولم تصدق كاترين انهم غادرو مطار هيثرو منذ اقل من خمس ساعات فهم الان يحلقون فوق مطار نيقوسيا التي بدت لها كبلد غريب
ودنيا تختلف عن دنياها بجمالها الرائع الخلاب مما رفع من معنوياتها على الرغم من السبب الذي يكمن وراء هذه الرحلة
فكرت ان تتمتع بعطلة تقضيها في ربوع تلك البلاد قبل عودتها الى الوطن وتكون ذريعة تجعلها قريبة من الطفلين لفترة اطول وبدا لها هذا التفاؤل سخيفا في هذه الظروف ولكن عندما رأت جمال البلاد صممت على البقاء لفترة معهما
كانت الامسية دافئة وبدت لها الشمس قبل غروبها ساطعة براقة لم تر لها مثيلا من قبل وتمنت ان تصحب الولدين لتستكشف الجزيرة لكنهما كانا قد نال منهما التعب ومالا الى النوم بعد رحلتهما الطويلة
الانسة غرانجر؟
سمعت كاترين هذا الصوت الرقيق يناديها فضمت الطفلين اليها بحركة لا شعورية وأومأت بالايجاب بعينيها الخضراوين فوجدت شابا طويلا اسمر ذكرها في تلك اللحظة بماريا فعرفت شخصيته قبل ان يعرفها بنفسه وقال وهو يبتسم ويمد لها يده:انا غريغوري ميدوبوليس
وكانت كاترين تعلم ان هناك اكثر من اخ لماريا لكنها كانت تتوقع ان ينتظرهم في المطار ستيفان ميدو بوليس الاخ الاكبر كان واضحا ان كان واضحا ان هذا احد اخوة ستيفان اذ وجدت كاترين امامها شابا وسيما للغاية يبتسم لها مرحبا بعكس ما كانت تتوقع من لهجة الرسائل التي وصلتها
:يسعدني لقاؤك يا سيد ميدوبوليس
قالت كاترين هذا ثم نظرت الى اليكس وبول اللذين راحا يتفحصانه بنظرة متشككة قاتمة ويقبضان على يديها بشدة
هذان هما الكسندر وبول ايها الصبيان هذا هو خالكما
انحنى غريغوري عليهما ليتقرب منهما واخذ ايديهما في يديه وضغط على يد بول بالذات لانه لاحظ ان شفة الطفل السفلى بدأت ترتعش وبدا في عينيه التعب
:سوف تروق لكما هذه البلاد لدي اطفال مثلكما بنتان وستريان اماكن كثيرة تتمتعان فيها بصحبتهما
سأل بول:وهل ستكون كاترين معنا
شعرت كاترين بخيبة امل عندما نظر اليها غريغوري في تساؤل فردت عليه بهدوء قائلة :لم يتعودا ان يكونا وحدهما
وشعرت انها ستنهار وتستسلم للبكاء اذا طالت وقفتهم وكثرت اسئلة الطفلين لكنها وجدت في عينيه السوداوين اللتين تشبهان عيني ماريا عطفا ومودة وشعرت انها ستواجه صعابا اكثر مما توقعت وودت لو كان الفراق في انكلترا وليس هنا فكلما طال الوقت صعب عليها تفسير الوقف لهما وقالت وهي تتلعثم:انا..لم..... تتح لي فرصة
وهزت رأسها فأخذ غريغوري ذراعها برفق قائلا:سيكون الامر اسهل بعد ايام قليلة والان سنطير توا الى داكوليس هيا بنا
وأشار بيده الى الطائرة خاصة تلمع في الضوء وتقبع في ركن من المطار اثار منظرها كاترين فانتعشت قليلا لكنها توقعت حدوث متاعب ثانية اذا باتت معهما ولو لليلة واحدة في بيتهما الجديد ولذا قالت لغريغوري:لا استطيع الذهاب معك
وامتلأت عيناها بالدموع وضغطت على اليدين الصغيرتين اللتين تشبثتا بأصابعها في شدة ورفضتا تركها مهما حاولت ثم قالت:ليس لي الحق في المجئ معكم
ابتسم غريغوري قائلا:كل شئ حاضر يا انسة غرانجر سوف تقيمين في المنزل الى ان يتعودا على حياتهما الجديدة فهذا ما امر ستيفان به
هذا ما امر به ستيفان! كان هذا القول يعكس تماما شخصية ذلك الرجل الذي ارسل لها تلك الرسائل الجافة وبطريقة لا شعورية رفضت ان تكون تحت اي ضغط فهي لم تنس ابدا انه سبب كل ماتعاني الان من مشاعر مؤلمة لفراق الطفلين ولم تتعود ان يملي اي شخص ارادته عليها طول حياتها ونجحت في ان تدير مجرى حياتها من غير تدخل اي رجل فلم يعجبها ان يجبرها ستيفان على البقاء مع الطفلين الى ان يتعودا الحياة هنا رغم انها بدا لها شيئا بديهيا
فقالت والانفعال يكاد يخنقها :هذا كرم من السيد ستيفان ميدوبوليس الواقع انني لم اكن انوي الحضور معهما وعضت شفتيها لكنها رات في عينيه مرة اخرى نظرة حانية خاطفة واجاب بهدوء:من الطبيعي ان يكون ذلك صعبا عليك ولذلك فكر ستيفان في ....
ثم هز كتفيه العريضتين كانه يعني شيئا واستطرد يقول:انه ليس شخصا قاسيا انسة غرانجر ولو انه يبدو كذلك احيانا فأرجو المجئ معنا
نظرت كاترين الى اخويها لترى اللهفة والدموع في عيونهما كأنهما يفهمان ما يدور حولهما من حديث وشعرت بضغط اصابعهما الصغيرة على يديها فهمست الى غريغوري قائلة:اشكرك
فابتسم في رضى وامتنان
واثبت غريغوريانه طيار ماهر كما تجدد حماس الطفلين لصعودهما في هذه الطائرة الخفيفة بسبب اختلافها عن الطائرة الضخمة التي اقلتهما وامكنهما رؤية المناظر بسهولة والصق كل منهما وجهه بنافذة الطائرة عندما اقلعت من نيقوسيا لتحلق فوق البحر فلم يسبق ان مرا بكل هذه المناظر الخلابة التي بهرتهما ونالت كل اهتمامهما
كان لون السماء ذهبيا براقا تتخلله بعض السحب الصغيرة وكانها قطع حرير ذهبي تسبح فوق البحر الذي بدا بنفسجيا في ضوء الغسق وكان البحر هادئا ناعما وكأنه قطعة كبيرة من العقيق تعكس ضوء الشمس وتتلألأ ناشرة شعاعا خلابا
:كم يبدو هذا المنظر جميلا
قالتها كاترين هامسة وكأنها تتحدث مع نفسها فالتفت اليها غريغوري مبتسما وسألها :الم تزوري اليونان من قبل ؟
لا ابدا لم اسافر الى الخارج قبل اليوم والدي كان يسافر كثيرا ويتركنا في المنزل ونادرا ما يزورنا انه يجوب الاقطار وينتقل بين البلدان
وبدت في عينيه تساؤلات كثيرة فهو كيوناني يقدس الرابطة الاسرية ويعتبرها من صميم التقاليد ولم يفهم سلوك والدهم ابدا حتى انه سألها:هل كنت تعرفين والدك معرفة جيدة؟
هزت رأسها بالنفي قائلة :لم اعرفه جيدا اذ لم نكن نراه الا قليلا حتى ان بول لم يره الا عندما كان عمره بضعة اسابيع


والتفتت الى اخويها الصغيرين فوجدتهما يتابعان المناظر :يجب ان يرى كل والد اولاده وهم يكبرون حتى يكون فخورا بهم والدك خسر الكثير لعدم رؤيتكم دائما وترككم تواجهون مصيركم وحدكم
قال ذلك وهو يهز رأسه اسفا لانه لم يتصور ان ابا يترك اولاده مختارا وخصوصا ولدين ممتازين كاخويها
ووافقت كاترين قائلة:نعم انهما ولدان ممتازان
التفت اليهما وبدت كاترين كانها تقرا افكاره انه اب لبنتين وطبيعي ان يحسد زوج شقيقته الراحلة لانجاب صبيين وسالته كاترين:قلت ان لك اسرة يا سيد ميدوبوليس؟
عندي بنتان وللأسف لم انجب صبيا الى الان
وبدا قوله هذا غريبا في نظر كاترين فالرغبة في اجاب الصبية ليست من العدل في شئ وودت لو صارحته بذلك رغم انها لم تعرفه من قبل وما رأته سوى اليوم وسألته:هل يختلف عندك انجاب البنين عن البنات؟اليسو كلهم في حاجة الى الحنان والحب؟
وبدت الدهشة في عيني الرجل الداكنتين ثم ابتسم لها وقال :انك لا تفهمين نظرتنا الى هذا الامر نحن نعتبر انجاب الصبية شيئا يفتخر المرء به لكننا نحب بناتنا ايضا ولا بد ان ماريا اخبرتك بذلك
وهزت كاترين رأسها ببطء وسرحت لحظة ثم قالت ببساطة :كنت احب ماريا كثيرا
وبدا الحزن على غريغوري وقال:ونحن ايضا كنا نحبها لذلك يريد اخي ستيفان ضم طفليها اليه
كان الغسق ما زال منتشرا عندما انزل غريغوري طائرته الصغيرة بمهارة فائقة ثم ساعد الصغيرين اللذين مالا الى النوم تعبا ومد اليها يده لمساعدتها فاغتبطت كاترين لانها لمست فيه فروسية الجيل الماضي التي ندر وجودها في عصرنا هذا
والان امامنا مسافة قصيرة نجتازها في السارة الى منزلنا
قال ذلك وهو يحمل بول بين ذراعيه ويجتاز الحقل الاخضر حيث حطت الطائرة :الصبيان سوف يستغرقان في النوم فور ذهابهما الى الفراش
ولكن كاترين لم تشعر بالتعب بل شعرت بانتعاش ومرح
كأنها تلميذة صغيرة وهي تمسك بيد اليكس وتتبع خاله الى السارة الكبيرة اللامعة التي قادها بنفسه
اجلس غريغوري بول برقة في المقعد في المقعد الخلفي واخذ الكساندر الى جانبه وهو يبتسم لهما ويهز رأسه متعجبا وقال:الولدان يشبهان ماريا الى حد انه شئ لا يصدق ....كنا نخشى...
ثم سكت فجأة ونظر الى كاترين معتذرا وهو يتخذ مكانه الى جانبها في السارة واكملت عي عبارته:ان يشبها والدي؟ انا سعيدة لانهما يبدوان كاليونانيين وليس كالانكليز وخصوصا في الظروف الراهنة حيث سيصبحان من اليونان ويعيشان بين اهلها واعتذر غريغوري قائلا:لم اقصد اي اساءة
فابتسمت كاترين وهي تفكر ان الرجال من عائلة ميدوبوليس لا يعتذرون عادة عن اي شئ يقولونه او يفعلونه وبالرغم من جاذبية غريغوري وسلوكه الذي لا غبار عليه هناك بعض القسوة فيه جعلتها تخشى اقامتها لدى اخيه ستيفان والبقاء تحت سيطرته اذ لعله يكون في مثل قسوته وبدون جاذبيته
وكانت عائلة ميدوبوليس واسعة الثراء فهي تملك جزيرة داكوليس وجزيرة اخرى تجاورها اصغر حجما ولهم شركات للملاحة واسعة تدر عليهم ربحا وفيرا فاذا كان ستيفان ميدوبوليس على رأس هذه الامبراطورية لا يحتمل ان يكون اقل غطرسة وصلفا من اخيه غريغوري ومن الارجح انه سيكون اكثر غطرسة خاصة بعد تلك الرسائل القصيرة الجافة التي تبادلها معها والتي دلت على مدى جبروته وسيطرته حتى على الاغراب
وكان الطريق الذي سلكاه في السيارة وعرا صخريا لكن المناظر المحيطة به تكشف البحر وهي مناظر خلابة بالرغم من صعوبة الرؤية مع حلول الظلام وكان الشاطئ صخريا متعرجا تتخلله خلجان رملية صغيرة تدخل فيها مياه البحر الزرقاء بهدوء اما الاشجار فكانت كثيرة متعددة الانواع عرفت كاترين منها النخيل والبرتقال والتين وكاد عبيرها وجمالها ينسيانها السبب المحزن الذي جاءت من اجله
هذه المناظر جميلة جدا
قالت هامسة وهم ينزلون من التل ويلتفون حول منعطف اخر في الطريق المتعرج :تبدو كالخيال
:ستروق لك الاقامة هنا
قالها غريغوري بجدية فالتفتت اليه وفي نفسها ريبة غامضة لانها لا تنوي البقاء في هذه الجزيرة فردت بصوت هامس حتى لا يسمعها الطفلان اللذان يغلب عليهما النعاس في مقعد السيارة الخلفي:ستروق لي حتما لو كنت مقيمة هنا
ورد غريغوري عليها بالصوت الهامس نفسه:ولكنك سوف تقيمين هنا لفترة بأي حال
وبدأت بالرد عليه ولكنه اسكتها بحركة من يده بدا فيها التسلط:يمكنك الاحتجاج لدى ستيفان يا انسة غرانجر فهو رأس العائلة وبذلك يمكنه ان يوضح لك رغباته
رغباته ...وضغى عليها شعور عارم بالمهانة لمجرد ان يملي شخص عليها رغباته ثم التفت السيارة حول منحنى ثان ودخلت بين صفين من اشجار السرو العالية وامكنها رؤية ملامح المنزل من خلال اوراق الاشجار كانت كافية لتجعلها تجزم بأنها لم تر في حياتها شيئا اجمل منه....
وكان المنزل مبنيا على الطرف الضيق من الجزيرة مياه البحر تحيطه وتظهر من كل نوافذه الحدائق الواسعة بأشجارها الكثيفة وزهورها المتعددة تمتد حتى الشاطئ وتظلل جوانب المنزل ويطوق ذلك كله شاطئ رملي متعرج وكان المنزل كبيرا لم تر كاترين له مثيلا من قبل فجعلها تحملق فيه بنظرات لا تصدق ماترى
اوقف غريغوري السيارة وترجل ثم دار حولها ليساعد كاترين في النزول كانت تصرفاته لا غبار عليها وقد راقت لكاترين كثيرا وارتاحت لها واذا كان منظر المنزل الخارجي مهيبا فداخله يفوق ذلك كثيرا حتى ان كاترين ودت لو انها لم توافق على الحضور ولو كان السبب بقائها مع الولدين فترة اطول

ثم امسكت بايديهما وقادتهما عبر البهو الفخم وكانت عيونهما مثقلة بالنوم بول على وشك البكاء ترتجف شفته السفلى لغرابة ما يحيط به من مناظر ورغم لهفة غريغوري على تسليم الطفلين لاخيه انحنى عليه وربت على وجهه الحزين وهو ينظر اليه بحنو عينيه بعينيه الداكنتين ويقول :لن يطول الوقت حتى تشعر انك في بيتك ياصغيري انك بحاجة الى النوم
فرد الصبي قائلا وهو يخفي وجهه في ثوب كاترين:انني مجهد واريد العودة الى منزلي
رفعته كاترين بين ذراعيها قائلة ودموعها تكاد تتساقط وهي ترى فمه يرتجف:ياحبيبي ستشعر ان هذا المنزل صار مثل منزلك تماما
وضع الطفل رأسه على كتفها واغمض عينيه وودت لو استقبلهم صاحب المنزل قبل ان يستغرق الطفل في النوم ولم تكن تبدو في اجمل مظهر وهي تحمل طفلا صغيرا نائما على كتفها بينما الاخر يتشبث بطرف ثوبها وقد اتسعت عيناه الداكنتان المتسائلتان وصممتا على عدم البكاء
وكأن الله استجاب صلاتها فانفتح احد الابواب الموصلة الى البهو الضخم فجأة وخرج منه رجل تمهل قليلا قليلا عند رؤيتهم وغشت ملامحه نظرة تعجب غريبة ما لبثت ان زالت توا اعقبتها نظرة قاسية صارمة جعلت قلب كاترين يغوص في صدرها لا بد انه ستيفان صاحب تلك الرسالة الجافة التي مازالت في حقيبة يدها والتي تعكس شخصيته وتدل على مدى كبريائه وصلفه:انسة غرانجر؟
ومد يده وهو يقترب منها لكن وجهه كان خاليا من اي ابتسامة مرحبة كالتي رأتها على وجه اخيه في المطار وكانت ملامح وجهه اقل وسامة من وجه اخيه ويبدو اكبر سنا منه بكثير وقدرت ان يكون في اواخر الثلاثين من عمره كان هناك شئ مألوف في مظهره ولو انه من غير الممكن ان تكون رأته من قبل ولو صح ذلك لا يمكن حتما ان تنساه
كان ستيفان اطول قامة من غريغوري كتفاه عريضتان وله سمة الرياضيين وملامح الصقر شعره اسود وعيناه سوداوين نظرته القاسية لم تقنع كاترين بأنه سيكون وليا صالحا لأمر اخويها الصغيرين
اما وجهه الداكن فكان صارما ولم يكن كاخيه عندما نظر الى الطفلين ثم قال ببرود بعدما تبادل مع كاترين تحية مختصرة رسمية صارمة :لابد ان يأوى الطفلان الى فراشهما توا فلابد انهما يشعران بالتعب
وفي الحال ظهرت امرأة سمراء من باب خلفي خفي بعض الشئ واقتربت منهم بينما احتجت كاترين قائلة :ولكني دائما ...
ولم تكمل عبارتها بل اسكتتها اشارة من يده وساء كاترين ان تطيعه وتكف عن الكلام ولم يكن في وسعها الا الطاعة في هذه الاثناء كان اليكس ينظر الى السيدة في رعب ثم خبأ وجهه في ثوب كاترين وأطبق بشدة عليه اما بول فكان مستغرقا في سبات عميق على كتفها مما جعلها تقول:يستحسن ان اذهب معهما فقد تعودت ان اصحبهما الى الفراش
وكانت مصممة هذه المرة الا تخضع لاوامر احد
لا داعي لذلك كاسيا قديرة ان تضعهما في الفراش تدربت على ذلك كثيرا
وهكذا رد ستيفان بلهجة آمرة
وكانت كاسيا اقل قسوة مما بدت لها نظرت الى كاترين نظرة توحي بالتفاهم والحنو ثم انحنت ولمست ذراع اليكس برفق وهمست له ببعض كلمات يونانية فنظر اليها الطفل متعجبا لهذه اللغة الغربية لكنه بدا متشبثا بثوب كاترين وهز رأسه محتجا ...ومرة اخرى تحدثت السيدة باليونانية وبعد لحظة رفع اليكس وجهه الى كاترين وقال:لا اريد الذهاب معهما تعالي انت ايضا يا كاترين
وارتعشت شفتاه فنظرت كاترين الى وجه ستيفان الصارم وتساءلت هل سيمارس سلطته كولي امر للطفلين الآن فورا ام انه سوف يجعلها تعودهما على طاعته بالتدريج
ورأت في ملامحه وعينيه السوداوين نفاذ الصبر واطبق على فمه المستقيم بصرامة مما افقدها الامل ولكنها قالت راجية وقد اتسعت عينيها :لن يحدث ضرر لتكن هذه المرة الاخيرة يا سيد ميدوبوليس
ورد عليها قائلا:لكن ليس لدينا وقت قبل العشاء حتى يمكنك الاستحمام وتغيير الملابس دعي كاسيا تأخذهما يا انسة غرانجر
وشعرت بيد اليكس تقبض على يدها بشدة اما بول فاستغرق في النوم على كتفها وقفت كاترين مترددة لان الطفلين اصبحا الان في كنف خالهما
ولكن بعد ذلك اليوم الطويل المجهد لن يضير احد ان تصحبهما هذه المرة الى الفراش كعادتها دائما وأوحت اليها غريزتها ان تتوسل اليه بدلا من ان تتحداه:ارجوك لن أتأخر وسيكون ذلك في صالح الجميع

ولم ترق لستيفان توسلاتها كما رأت نظرة تعجب على وجه كاسيا لمجرد محاولتها تغيير رأيه كان هذا غير وارد على الاطلاق ولذلك دهشت عندما هز رأسه موافقا وقال:انها ليلتهما الاولى هنا ويجب مراعاة شعورهما بالغربة والتعب اذهبي معهما بصحبة كاسيا ولكن لا تضيعي وقتا طويلا لأني اريد مناقشتك في بعض الامور بعد العشاء يا انسة غرانجر
ثم استدار وعاد من حيث اتى وكان واضحا انه لم يحب ضعفه والخضوع لها بينما وقفت كاترين تنظر وراءه وتتعجب من الشعور الذي ينتابها بأنها رأته من قبل فوجهه مألوف لديها رغم انها لا يمكن ان تكون رأته ونسيته
وامتدت يد غريغوري تنبهها برفق وابتسم لها مشجعا وقال :سنتقابل ثانية على العشاء
وضغط على اصابع يدها برفق وتبع اخاه عبر البهو
وبدا على وجه كاسيا التعجب والدهشة فهذه هي المرة الاولى ترى فيها من يتحدى سيدها....
ثم سارت كاترين وراء كاسيا حاملة بول وساحبة اليكس القابض على يدها بشدة وابتسمت لانها كسبت الجولة الاولى مع ستيفان فهذا شئ خطير بالنسبة لرجل مثله


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس