عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-16, 04:26 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


ادهشتها صراحته وسخرية الوضع، انها لا تكن لريتشارد الآن سوى صداقة عميقة لا اكثر.
- تبدو واثقاً جداً من نفسك ريتشارد ، كان بإمكاني ان ارفض الزواج منك ، لماذا سأقع تحت قدميك عند اول اشارة؟
- كنت سترفضين ان تصبحي زوجتي؟ سألها مبتسماً.
- ربما نعم وربما لا، لكنك لم تكن تهتم ابداً بي، كنت بعيداً جداً عني انك لطالما لاحقت احلام طفولتي ومراهقتي .
- يبدو انني كبرت كثيراً على كل حال اتمنى ان لا تكوني مخطئة بأمر علاقتك الحديثة مع غيل لأنك ستندمين لأنك رفضت طلبي!
في هذه اللحظة دخل غيل فاستقبلته بإحساس كبير بالراحة، اقترب منها ودس ذراعه تحت ذراعها.
- هل قدمت لها التهنئة؟ سأل صديقه ريتشارد.
- لا، لكنني قدمت لها نفسي. اجابه ريتشارد مبتسماً.
- كما واننا تحدثنا عن الماضي، يبدو انه لم تعد مهتمة بريتشارد سترن وانها تحتفظ بنفسها لك!.
اثناء تناول العشاء جلس د. غيل بجانب فال ثم اقترح عليها القيام بنزهة تحت ضوء القمر لأن الطقس كان قد تحسن قليلاً مع ان الهواء لا يزال بارداً ، وصلا الى الشاطئ الصخري حيث يصلهما صوت تلاطم الامواج في سكون المساء ، فشعرت فال بسعادة كبيرة ونظرت الى غيل بحنان فضمها الى صدره ليدفئها.
- اوه فال ، فال.
وحطت شفتاه الدافئتين على شفتيها ، فأحطت الفتاة عنقه بذراعيها واستسلمت لعناقه بشوق لم تكن تعتقد انها ستشعر به يوماً.
الآن غيل يكشف لها عن لذات لم تكن تعرفها، كم جميل ان تتعلم منه الحب ونيرانه! ان نفس الشعلة تحرقهما معاً، كم تحب فال طبيعة غيل الواضحة وعناقه الحار! ان وحدتهما الآن كانت اكتشاف جديد بالنسبة لكليهما.
قبل عودتهما الى المنزل، امسك غيل وجهها بين يديه وتأمل عينيها :
- سنتزج قريباً، اعدك بذلك!
- لنتظر قليلاً علينا ان نفكر بروكسان.
- عاجلاً ام آجلاً..ستتألم على كل حال. قال متنهداً.
- انها الآن تشك بأمرنا ولقد اهانتني هذا المساء، انها تشعر بعدم الراحة في هذا المنزل بيني وبين ريتشارد، لايجب ان تبقى هنا، على كل حال عندما يتزج ريتشارد من دانا ستضطر روكسان للرحيل خائبة.
- بإمكاني ان استضيفها في منزلي. اقترحت فال.
- وسأهتم جيداً بها.
- لا، ابداً أرفض هذا الحل، ربما ستقبل بالمجيء الى عيادتي ، فأنت تعلمين ان عيادتي عبارة عن مستشفى ودار للنقاهة للمرضى العصبيين.
- اشك بأنها ستقبل.
- وماذا سيحل بها؟ فهي عاجزة عن كسب عيشها...
- ماذا لو اعطيتها منزلي؟ سنبحث لها عن خادمة تهتم بها، السيدة دافي مثلاً، أنا أثق بها.
- أنت نادرة، فال وروكسان لا تستحق صديقة طيبة مثلك.
قال غيل لها بحنان وانفعال:
- لتنسى امرها الآن ولنفكر بنا نحن!
ثم ضمها من جديد بين ذراعيه وقبلها بشوق كبير حتى تملت اخذت تنظر اليه بعيني الغريق.
- يا الهي!.
قال وهو يداعب خديها:
- لم اكن اتصور انني سأحب امرأة لهذه الدرجة!

تذكرت فال كلمات روكسان التي رفض غيل حبها، وامتلأ قلبها فجأة بالامتنان، لقد كان ينتظرها هي!
- لكنني افهم الآن سبب حبي الكبير لك فال ، كنت انتظرك ياحبيبتي..انت وحدك التي جعلتني أؤمن بالحب.
في صباح اليوم التالي، اصطحبها غيل بجولة تفقدية الى منزلها، متفحصاً الغرف والنوافذ والابواب ، فأحست فال بالكآبة لأنها تحب هذا المنزل كثيراً وقد غابت عنه بضعة اسابيع وستهجره وتنتقل للعيش في لندن مع غيل بعد زواجهما، وهي ليست مستعدة للتخلي عن هذا المنزل الا اذا وافقت روكسان على الإقامة فيه.
- أتعتقد ان روكسان ستوافق على السكن هنا؟ سألته وهما يشربان كأساً في الصالون.
- على كل حال يجب ان لا تستبعد فكرة زواجها.
اعترض غيل:
- فإذا تخطت هذه المرحلة الصعبة واحسنت التصرف في المستقبل، فإنها ستتمكن من البدء بحياة طبيعية وسعيدة، لو لم يكن ريتشارد مرتبطاً مع..
- انت لا تجد ان خيار ريتشارد متعقل، اليس كذلك؟
- بصراحة لا، دانا لا تزال صغيرة ولن تصبح راشدة حقيقة كما وانها لا تحب هذا المنزل ولا تريد السكن فيه.
عقدت فال حاجبيها وهي تتذكر كلام ريتشارد ونيته ببيع المنزل وهو الذي يحب كل حجر فيه، للحقيقة هو لا يحب دانا وهذا الزواج سيسير نحو الفشل حتماً.
- مسكين ريتشارد! قالت بانفعال.
- لقد قضى زمناً طويلاً من حياته محاولاً اكتساب قلب روكسان وبالوقت الذي قرر فيه نسيانها والزواج من امرأة اخرى قررت روكسان الزواج منه، هي نفسها قالت لي ذلك.
- ومع ذلك اتتمنين ان يتزوج ريتشارد منها؟
- انها غير قادرة على .. اسعاده ، اهذا ماتعتقده؟
- على كل حال، ليس حسب قناعتي انا.
عند عودتهما الى بلادونز روك وجدا الجو عاصفاً في الداخل، ريتشارد تخاصم مع دانا في الصباح ويبدو كئيباً وشبه منهار، اما دانا فعلت العكس ، تبدو مستعدة للإستمرار في العصيان.
لأول مرة، تناولت روكسان الغداء معهم، وكان ريتشارد قد كرس لها وقتاً في فترة الصباح لتسليتها ثم رافقها الى الشرفة، ادركت فال ردة فعل دانا ولم يدهشها خلاف الخطيبين.
كانت روكسان ترتدي احد اثوابها الجديدة التي اشترتها لها صديقتها وقد اعتنت كثيراً بمكياجها وتبدو معجبة بنفسها اليوم، نظرت فال اليها بإعجاب بينما نهض غيل ليساعدها بالجلوس على مقعدها بين ريتشارد وبينه .
ظهر الانزعاج على وجه دانا ووالدتها امام اهتمام الرجلين بروكسان، فال فهمت سبب انزعاجهما، صحيح انها على علاقة لطيفة معهما لكنها لن تشاركهما كرههما لصديقتها، فكرت بكآبة في الكرم الذي كانت فيه روكسان هنا في منزلها وعندما كانت والدتها تقيم الحفلات لأجلها وتلبي كل رغباتها.

من الواضح ان روكسان لاتزال تعتقد انها محور هذا العالم، فخلال الغداء، حاولت جهدها لتركز الأنظار حولها ، بعد الغداء تأخرت عنداً في الصالون تريد البقاء فيه طوال فترة بعد الظهر، لكن غيل منعها وأمر الآنسة تيبو ان ترافقها الى غرفتها.
فيما بعد لاحظت فال غيل على الشرفة فانضمت اليه وسألته عن مدى تحسن حالة روكسان النفسية والجسدية، كان قد زارها لتوها.
- لست ادري تماماً، لكن صحيح ان هناك تسحناً، فمساء امس كانت في مزاج سيء جداً، بلتأكيد بسببنا نحن ، لم تتحمل فكرة اننا قضينا وقتاً طويلاً معاً ، ثم هذا الصباح وبعد ليلة هادئة من النوم استعادت مرحها.. وريتشارد ايضاً لاحظ هذا التغير وزارها بوقت مبكر من هذا الصباح ثم اصطحبها الى الشرفة.
- وهذا مالم يعجب دانا...
- هذا لم يفاجئني ، فريتشارد اهمل خطيبته واهتم بروكسان ، لهذا هي حاقدة عليه.
- الا تعلم دانا بأن روكسان كانت شبه خيبة لريتشارد؟
- لست ادري، لكن من المؤكد ان ريتشارد اخبرها بنفسه...
في هذه اللحظة دخل ريتشارد الى الشرفة وقد تبددت كآبته ، لقد قضى فترة بعد الظهر على الشاطئ، كان يبدو فاتناً جداً وكأنه عاد الى الوراء عشرة اعوام، فتساءلت فال كيف امكن لروكسان ان تقاومه كل تلك السنوات.
على الفور بدأ يكلمها عنها وكأنه كان يفكر بها طوال الوقت.
- لقد سرت روكسان بخروجها من غرفتها ، يجب ان لا نتركها تعيش كما في المنفى.
قدم له غيل سيجارة، فأشعلها وجلس على حافة الشرفة بجانب فال.
- تبدو افضل بكثير.
أضاف ريتشارد :
- لقد وجدت بكل سرور حيويتها الماضية ، مسكينة لقد عاشت ظروفاً صعبة في الشهور الخيرة، خاصة على الصعيد المالي، مع انها تلقت تربية جيدة وكانت معتادة على رغد الحياة والراحة، فجأة وجدت نفسها بدون اي فلس، على كل حال نصحتها ان لا تقلق من اليوم وصاعداً حول هذه المسائل ما ان تتعافى سأفتح لها حساباً في المصرف وبإمكانها البقاء قدر ماتشاء في بلادونز روك، فهذا المنزل كان لأجدادها وسأسمح لها بالإقامة فيه على راحتها.
- والآنسة جورغنسون؟
سألته فال :
- هل ستوافق؟
- لا بالتأكيد ، نحن اختلفنا هذا الصباح... ولكن، هذا لا يهمني، فأنا لايحق لي ان انسى اصدقائي حتى ولو لم يكونوا يعجبون دانا، على كل حال، اعرف روكسان قبل معرفتي بها بوقت طويل ، وادين لها بهذه الخدمة باسم الـ....
ثم قطع كلامه ورفع يده بانزعاج.

مسكين ريتشارد! فكرت الفتاة التي تتفهم حزنه، هل سيقع من جديد تحت سلطان روكسان؟ هل سيعود عبداً لها؟ ألم تكفه مرة واحدة؟ وماذا عن خطيبته دانا؟ لن يعجبها كل هذا بالاضافة الى كونه يأوي حبه الاول تحت سقفه!
أطفأ ريتشارد سيجارته ونهض بخطوة واثقة:
- من اجل روكسان، سأفعل اي شيء! ثم ابتعد مسرعاً.
نهضت فال بدورها.
- يجب ان ندخل ، بعد قليل يحين موعد العشاء.
رافقها غيل الى مشغلها حيث ضمها بين ذراعيه بحنان وتأملها بعينين تحرقهما الرغبة.
- كم انا محظوظ بك! أنت لست كصديقتك، لحسن الحظ! فال الهادئة بينما روكسان الخطرة.. كان ريتشارد يبدو ضائعاً، ألم تلاحظي؟.
- هذا ليس عدلاً ، ريتشارد يستحق ان يعيش اخيراً بسعادة ، لماذا ظهرت روكسان من جديد في حياته؟ قالت وهي تضع رأسها على كتفه.
- ربما لن تنجح معه هذه المرة.
- ستحاول بكل قواها ، ريتشارد يتكلم كثيراً، وهي ليست غبية ، ولابد انها فهمت بأنه لا يحب دانا حباً حقيقياً.
- انا مضطر للعودة الى لندن لبضعة ايام.أعلن غيل.
- لكنني سأعود في اقرب وقت ممكن، انت تعلمين.
- اوه غيل ، لست ادري كيف سأتمكن من العيش بدونك. صرخت برعب.
فداعب وجهها من جديد بحنان وابتسم لها.
- لقد سبق ونجحت بالعيش بدوني حتى الآن... وغياب ريتشارد الطويل لم يمنعك من الاستمرار بحبه ، لكني سعيد جداً بحبك، أتفهمين لأية درجة احبك؟.
- تقريباً كما احبك لكن حب المرأة للرجل اكبر من حبه لها لأنه يكون لديه اهتمامات اخرى.
- ربما...
قال مبتسماً وهو يقبلها ....
- ربما....
كان غيل قد قابل روكسان قبل رحيله، وعندما ركب سيارته دخلت فال غرفة صديقتها فوجدتها بمزاج مرح وعيناها تشعان.
- صباح الخير ياعزيزتي! اذا غيل رحل ! لابد انك ستشعرين بالضياع بدونه، لقد كلمني عن مشاريعكما، ستتزوجان! تهاني وكل اماني بالسعادة لكما! لكن من خلال تجربتي مع الرجال لا اثق به، انت بسيطة وتقنعين بأقل الأمور...
لم تكن فال ترغب بالمناقشة خاصة وان ملامح روكسان تبدلت وظهر الحقد في عينيها، هل كان غيل محقاً عندما كشف لروكسان عن حقيقة حبهما ونواياهما؟

ومع ذلك شعرت فال ببعض الفرح لأن الرجل الذي تحبه أثبت بذلك مدى شوقه للزواج منها، انه متسرع لإعلان حبهما أمام الجميع.
- لماذا تتأملينني. سألتها روكسان.
- انا جميلة، أليس كذلك؟ ان ريتشارد يزورني باستمرار ، ويبدو انه يجد لذة برفقتي ، هذه اشارة جيدة لصالحي ، لقد عاد الأمل، هذا يعيد الى ثقتي ويساعدني على تخطي الأوقات الصعبة.
لقد حان الوقت ، فكرت فال لمناقشة روكسان بمستقبلها.
- لست ادري اذا كان لديك خطة محددة روكسان ، لكنك تعلمين ان ريتشارد لديه خطيبة ولايمكنك البقاء طويلاً في منزله.
- اوه، كل شيء سيسير على مايرام بالنسبة لي ، لا تقلقي أنت ! .
اجابتها روكسان وهي تتأمل نفسها في المرآة.
- ريتشارد سيمنحني المال، وسمح لي بالبقاء هنا قدر ماأشاء، كما وانه سيكون بإمكاني ان اذهب حيثما اريد ، الى فرنسا.. او ساحل اللازورد....
- لكن ريتشارد لا يدين لك بشيء! ولايجب ان تنتظري شيئاً منه ! لا يحق لك ذلك . اعترضت فال.
بل على العكس روكسان افسدت حياة ريتشارد في الماضي ، والآن تستغل طيبته وتسامحه.
- حقاً؟ سألتها روكسان بسخرية.
- كل شيء يتوقف على طريقتنا بالنظر الى الأمور..خطيبته الصغيرة ، لن تجعله سعيداً ، انا احتقرها، فهي لم ترغب بالزواج به الا من اجل ماله وبناءً على نصيحة والدتها.
- انت مخطئة. اجابتها فال.
- والدتها امرأة لطيفة ، وكثير من الرجال يسعدهم التقدم للزواج من ابنتها الجميلة.
- عندما كنت في مثل سنها، كنت اكثر جمالاً منها، وكان كل الرجال الاثرياء يركعون امام قدمي ويعرضون الزواج علي، اليك الدليل امامك، ا ترين كيف ان ريتشارد لا يزال متعلقاً بي ويعتبر نفسه مديناً لي ، أليس هذا رائعاً؟.
بسببها كان ريتشارد قد تعذب طوال اعوام واعوام ، والآن هي تفرض عليه وجودها في منزله ، انها انانية وتعتقد انه بإمكانها الحصول على كل ماتريده!
- انا وغيل فكرنا بأن نقدم لك منزلي لتقيمي فيه، ستهتم السيدة دافي بك، سندفع لها نحن طبعاً، اذا اعجبتك هذه الفكرة بإمكانك العودة الى منزلي متى شئت.
- شكراً ياعزيزتي.
قالت وهي تشعل سيكارة.
- هذا كرم كبير من جهتك لكنني الآن لن اقول لك نعم لأنني لم افقد الأمل بالمستقبل حتى الآن ، لكنني مع ذلك سأحتفظ بعرضك كاحتياط ، فمن يدري.. على كل حال، يبدو انك انت وغيل تحدثتما طويلاً عني....
- اوه، كان لدينا مواضيع عديدة اخرى نناقشها ، فأن وغيل لا نعرف بعضنا منذ وقت طويل، ولهذا...
-اذا انتبهي ياعزيزتي! لقد سبق وحذرتك .. لا يجب ان نثق بالرجال حتى ولو كنا نعرفهم منذ زمن طويل، غيل ليس الا غريباً عنك حتى الآن.
هزت فال كتفيها بلامبالاة.
- اذا اردت رأيي، فهو لن يحمل سوى المتاعب، ولكن ...على كل حال...هذا أمر من امورك الخاصة...

كانت صحة روكسان تتحسن يوماً بعد يوم، ولقد خفى شحوبها وامتلأت وجنتها قليلاً ...الآن، حتى وبدون مكياج اختفى اثر التجاعيد عن وجهها ...كان ريشارد يقضي بجانبها ساعات طويلة ويحملها بين ذراعيه حتى الشرفة مع انها قادرة على التنقل وحدها،وكانت ترافقهم الى الشاطئ لكن ريتشارد لم يكن يسمح لها بالاقتراب من الماء، ولم يكن يبعد انظاره عنها حتى احست الآنسة دانا ووالدتها بأنه يهملهما تماماً بينما ارسل الى لندن خادمة لتشتري لروكسان الكافيار والفاكهة المغذية التي يحملها بنفسه الى غرفتها ، كما وانه اتصل بخياطتها القديمة لتخيط لها بعض الملابس الجديدة.
سرت روكسان كثيراً بالملابس ونزلت الى العشاء وهي بأبهى زينتها لقد وعدها ريتشارد ان يصطحبها الى صالون التزيين في اليوم التالي، وكم كانت دهشة الجميع كبيرة عندما عادت روكسان من صالون التجميل وكأنها عادت الى الوراء عشرة اعوام.
كل يوم بعد الظهر كان ريتشارد يصطحبها بنزهة في السيارة وقلما كان يرافقهما الآخرون ... في المساء كان يجلس الى جانبها وبعد العشاء كانا يلعبان الشطرنج او الورق وفي آخر السحرة يحملها بين ذراعيه الى غرفتها حيث يتمنى لها ليلة سعيدة.
في هذه الاثناء تروح دانا وتجيء على الشرفة او في الصالون بعصبية كبيرة ، لكنها بعد بضعة ايام بدت فجأة اكثر هدوءاً وكأنها اتخذت قراراً هاماً وتنتظر الوقت المناسب لإعلانه على ريتشارد.
ذات ليلة اخذته دانا جانباً ودار بينهما حديث طويل. في صباح اليوم التالي كانت سيارة ريتشارد في الخارج والخدم يحملون اليها حقائب الآنسة جورغنسون ووالدتها.

بعد الوداع البارد صعدت الأم وابنتها الى السيارة وأواصلهما ريتشارد الى محطة القطار.
كانت فال تتحدث مع السيدة دافي ، فلاحظت مدى انزعاج هذه السيدة من فسخ الخطوبة بين ريتشارد ودانا، كما وانها تضع اللوم على فال لأنها آوت روكسان وفتحت لها المجال للتدخل من جديد في حياة ريتشارد.
نزلت روكسان في هذا الوقت ترتدي ثوب حمام الشمس الأبيض وتجمل كتاباً تحت ابطها وحقيبة صغيرة في يدها استعداداً للذهاب الى الشاطئ لاكتساب اللون الأسمر.
- واخيراً رحلتا!
قالت بسعادة كبيرة:
- يضحك جيداً من يضحك في الآخر، اليس كذلك؟ عند وصولهما الى هنا لم يعرني احد اي اهتمام... كنت في الظل ... ولكن الآن.. سأزف لكما خبراً مهماً عند عودة ريتشارد!.
ثم امرت فال بأن تجمع كل الخدم والحدائقي وزوجته في المكتبة عند وصول ريتشارد.
ما ان وصل ريتشارد حتى اجتمع في المكتبة، فقدم لهم الشمبانيا ورفع كأسه نحو روكسان.
- لقد انتظرت هذه اللحظة منذ سنوات طويلة.
قال ريتشارد :
- اريد اخيراً ان ازف لكم خبراً يملأ قلبي بالسعادة... الآنسة بلادون .. التي لا يزال اسمها مرتبطاً بهذا المنزل وافقت على الزواج مني ، وأنا اليوم اسعد الرجال.
لاحظت فال ان ريتشارد لم يشف ابداً من جنون حبه لروكسان وان شعلة حب شبابه لم تنطفئ.
ان السعادة تكاد تخنفه اليوم بينما لا يظهر نفس الشعور على وجه روكسان التي بدت راضية فقط وملامح الانتصار على وجهها وهي تنظر الى فال التي كانت تختنق بالشمبانيا وبدأت بالسعال.
اما السيدة دافي التي لم يعجبها النبأ وبالرغم من حبها للشمبانيا فقد تركت كأسها جابناً دون ان تجرع منه نقطة واحدة وانسحبت، بعد دقائق انسحب ايضاً بقية العاملين في المنزل.
بدورها فال هناأتهما بصوت متردد:
- اتمنى لكما السعادة.. من كل قلبي.
- شكراً .
اجابتها روكسان :
- انت لطيفة جداً يا عزيزتي! ريتشارد وانا سنعيش معاً اخيراً حياة هادئة.
مدت فال يدها لريتشارد فطبع قبلة ، لكن نظرة روكسان لها اربكتها ، ثم اخبراها عن نيتها بالزواج قريباً.
- لقد انتظرنا طويلاً.
قالت روكسان :
- بعد الزواج سيصطحبني ريتشارد برحلة شهر عسل طويلة، أليس كذلك ريتشارد؟
- بالتأكيد ياحبيبتي.
قال بحماس:
- المهم ان تبقى صحتك جيدة.
- ليس اجمل من استعادة الصحة على يدي زوج محب!.
قالت روكسان بدلال:
- ولكن لماذا لا تتزوجان انت وغيل بنفس الوقت معنا؟
سألتها محدقة بها، صحيح ان هذا الزواج لا يعجبها ، لكن فال ستشعر بأنها لم تعد مسؤولة عن صديقتها طالما ان ريتشارد يهتم بها.
- على كل حال، اذا لم تعجبك هذه الفكرة ، اخبرونا على الاقل بموعد الزفاف، سنفكر بهما بذلك اليوم وسنرسل لكما هدية جميلة.
- حتى الآن لم نحدد الموعد بعد.
- لو كنت مكانك .
قالت روكسان ضاحكة:
- لفكرت بذلك بسرعة ، فغيل رجل وسيم ، لا تتركيه يفلت من بين اصابعك!
في المساء تلقت فال اتصالاً من غيل فاستلمت المكالمة في غرفة المكتب وشعرت بسعادة كبيرة لسماع صوت غيل ، اخبرته بقرار ريتشارد بالزواج من روكسان.
- على كل هذا افضل بالنسبة لروكسان ، هكذا انتهت مشاكلها العادية، كما وان ريتشارد يحبها وسيهتم بها جيداً ، انا متأكد انهما سيكونان سعيدين.
- انا بغاية الشوق لرؤيتك غيل.
قالت له بانفعال:
- هذه الأيام الخيرة بدت لي كسنوات طويلة.
- حبيبتي هذا الغياب ايضاً يعذبني ، لقد اسعدني خبر خطوبتهما، على الأقل لم يعد هناك سبب لنؤخر زواجنا، اليس كذلك؟
-نعم، انهما سيرحلان برحلة شهر عسل طويلة.
- اسمعي فال اذا كنت من التحرر ثلاثة اسابيع كشهر عسل اثناء زواجنا ، فهذا سيكون امراً مهماً جداً، انت تعلمين حياة الطبيب وارتباطاته، بينما ريتشارد ثري جداً، وليس بحاجة للعمل، وبإمكانه ان يسلي زوجته كما يشاء ومتى شاء.
- اوه غيل، لا تتفوه بالحماقات، احبك وهذه يكفي.
- اعذريني حبيبتي..ارجو ان تنتبهي لنفسك، فال! يؤسفني بعدي عنك ولكني قريباً سأكون بجانبك ولوقت طويل هذه المرة.

اقفلت السماعة وقد احمر وجهها من شدة الانفعال فصعدت راكضة الى غرفتها.
بعد يومين وصل خاتم الخطوبة الالماس من لندن بناءً على طلب ريتشارد ، فدسه في اصبع خطيبته واصطحبها للغداء في مطعم على شاطئ البحر، عند عودتها بدت روكسان متعبة فرافقتها الآنسة تيبو الى غرفتها لترتاح لكنها وقت العشاء كانت قد استعادت حيويتها.
في صباح اليوم التالي، ذهب الجميع الى الشاطئ روكسان كعادتها ظلت تحت المظلة الشمسية فتركتها الآنسة تيبو لبعض الوقت وحدها، اما فال فاستسلمت لمياه البحر تسبح برشاقة، كم جميل الاحساس بالانتعاش بين الأمواج ! كان ريتشارد قد ذهب سباحة الى الجزيرة القريبة يتفحص مركباً قديماً كان قد جنح اثناء العاصفة.
كانت الآنسة تيبو سباحة ماهرة، لكنها لا تطيل السباحة لأنها تهتم بعملها جيداً ولا تبعد انظارها عن مريضتها التي تتمتاثل للشفاء، ولا تحب استغلال اوقات الحرية التي يمنحها اياها اصحاب المنزل.
قبل الظهر بقليل ارتدت الممرضة ملابسها عادت الى المنزل لتعد الملف الطبي اليومي عن مريضتها، نظرت اليها روكسان وهي تبتعد بشيء من الاجتقار.
- صحيح انها ممرضة ممتازة، لكنها لا تعجبني ابداً ، بالمقابل هي تعجب غيل كثيراً، فهو يهتم جداً بمهنته وقلما يتأثر بحالة مرضاه، كل همه منصب على ابحاثه العلمية، كم من مريضة تعذبت من قسوة قلبه.

نظرت فال اليها بحدة، فروكسان مع انها خطيبة تملأها السعادة الا انها لا تزال تكن حقداً لغيل، من الصعب فهم روكسان ، شعرت فال بشيء من الاطمئنان لأنه قريباً لن يروا بعضهم كثيراً وهكذا لن تضطر لتمل انتقاداتها التي توجهها دائماً للرجل الذي تحبه.
لاحظت فال ردة فعل صديقتها فابتسمت لها ببرود.
- ألم يعجبك كلامي؟
- أنت ايضاً روكسان ، ليس لديك اي شفقة....
قست ملامح روكسان وقالت بحدة:
- أنا آسفة فال ، لكن خطيبك ليس نموذجاً للزوج المثالي ، فهو غير انساني، وأنت ستكتشفين حقيقته بعد وقت قصير على زواجكما، هذا اذا تزوجتما...
-لو وقع بحبك منذ خمسة اعوام، هل هذا سيكون رأيك به؟ اجابتها فال بهدوء.
- اذاً انت تعرفين كل القصة! غيل اخبرك؟ حسناً! هذا متوقع من رجل مثله لا يعرف كيف يتصرف بلباقة ، لابد انه وصفني وكأنني امرأة مجنونة تماماً بحبه ومستعدة لكل شيء كي اكسب حبه!هذا صحيح،اعتقدت لبعض انني احبه، لكنه نجح بشفائي من اوهامي... ولكن بسببه حالتي تأزمت كثيراً،لقد تخلى عني في الوقت الذي كنت فيه بأمس الحاجة له.
- انت تشوهين الحقيقة تماماً!صرخت فال غاضبة .
- تحاولين اقناعي بأنه غير مناسب كي انفصل عنه؟ مع انك تعلمين اننا على وشك الزواج، انت ايضاً ستتزوجين ريتشارد قريباً مع انك عاملتيه بقسوة لسنوات طويلة، لو لم تكوني حمقاء وغبية لتزوجتما منذ زمن طويل ولعشتما بسعادة تامة ولمااحتجت للعلاج طبي من قبل غيل كي تتخلصي من عاداتك السيئة.
- ماذا تقصدين؟ سألتها روكسان بحدة وقد شحب وجهها.
- لا ضرورة للشرح، انت تعرفين تماماً عما اتكلم؟
ثم نهضت بسرعة ، كيف يمكن لروكسان ان تحاول الاساءة الى سمعة غيل؟ هذا لايمكن تحمله.
فأضافت :
- لو انني تفحصت محتوى حقيبتك يوم وصولك الى منزلي لفهمت اموراً كثيرة، منذ ظهورك وأنت لا تحتملين وخاصة في بلاودونز روك، غيل اضطر رغماً عنه العناية بك وأنت تعتقدين ان كل شيء مسموح لك به ، وتجدين انه من الطبيعي ان تستغلي اهتمام الآخرين بك، الاتدركين مدى ماسببه وجودك من تغييرات؟ بسببك فسخ ريتشارد خطوبته من دانا، مع انها برأيي كانت ستكون له زوجة مثالية ولعملت على اسعاده افضل منك، كما وانك تحاولين تدمير العلاقة بيني وبين غيل منذ ان علمت بوجود شيء بيننا، حاولت افساد صورته في نظري واستعلمت الآنسة تيبو لهذا الغرض، كل هذا فقط لأنه لم يرضخ لسحرك وإغرائك.

ثم حملت حقيبة البحر.
- انا اعرفك منذ اعوام طويلة ولطالما كنت احبك، اما الآن فأشعر بالسعادة لفكرة انني لن اراك مجدداً.. قريباً سنفترق...وهذا الأمر يسعدني ، اتمنى ان لا اراك في طريقي مرة ثانية!
- لقد نسيت شيئاً!.
قالت روكسان وعيناها تشتعلان بالغضب.
- ريتشارد وغيل صديقان ممتازان، هما لن لن يرغبا بالانفصال عن بعضهما، ولماذا يضحيان بصداقتهما من اجلك؟
- انك انت من سيدمر صداقتهما! انت قادرة على تسميم افكار ريتشارد حول غيل.
- بالمناسبة اين ريتشارد؟
سألتها روكسان فجأة واخذت تتأمل شاطئ الجزيرة ثم مياه البحر الهادئ الخالي، لا اثر لريتشارد...
- لقد رأيته يغطس منذ لحظات، ولكن اين اختفى؟
صرخت روكسان وهي تنهض وتبحث بعينيها في البحر الواسع، بعيداً في الأفق، لفت نظرها نقطة سوداء، تأثرت كثيراً وأشارت بأصبعها بذلك الاتجاه.
- انه هو!.
صرخت مرعوبة :
- انه بعيد جداً! لابد انه يعاني من صعوبات ، وإلا لماذا تخطى حدود الجزيرة ؟ ياالهي! التيار حمله نحو عرض البحر! لابد انه مصاب الآن بالتشنج!
هذا الكلام كان كافياً لإثارة قلق فال ومخاوفها، فرمت حقيبة البحر على الأرض واسرعت نحو الماء ثم اخذت تسبح نحو البحر بحركات سريعة.
تذكرت تحذيرات غيل، لكن حياة ريتشارد اليوم بخطر وربما تتوقف على جهودها ، هل ستتمكن من انقاذه؟
تقدمت بسرعة اكبر بحركات رائعة، لكن لم يكن هناك احد على الشاطئ للإعجاب بحركاتها.. الا روكسان التي بالتأكيد تفكر بشيء آخر..لابد انها تلاحق بنظرها تلك النقطة السوداء تبتعد اكثر واكثر في عرض البحر.
نزلت الآنسة تيبو تحمل لها الشاي والحلوى، عندما انضمت اليها كانت روكسان تبدو قلقه وتفرك يديها بعصبية.
كانت فال فقدت تلك النقطة السوداء التي كانت تتجه نحوها، لكنها كانت واثقة من اتجاهها، كانت الشمس قد اصبحت حارة على رأسها ثم فجأة اصبح الماء بارداً..لابد انها تعبر الآن تياراً بارداً من الماء...
التفتت نحو الشاطئ ، كم اصبحت بعيدة! رأت الآنسة تيبو واقفة على الشاطئ وبجانبها قامة رجل سرعان مانزل الى الماء.
شعرت فيل فجأة بالدوار، ان بريق الشمس وزرقة السماء وانعكاسها على الماء،كل شيء تمازج، فبدأت تتساءل اذا كانت قد فقدت وجهتها، اذاً اين تلك النقطة السوداء؟ اذا اختفت تماماً ، فهذا يعني ان ريتشارد غرق...
تنفست بعمق وصرخت باسمه عدة مرات الى ان تعبت ، فتوقفت عن النداء ولم تتلق اي رد ، الآن بدأ التعب يستولي عليها وشعرت بخوف كبير، لماذا ابتعدت لهذه الدرجة عن الشاطئ؟ ربما من الفضل ان تعود ادراجها؟ لكن لا يجب عليها التخلي عن ريتشارد.
تذكرت كلام روكسان ، لابد انها قلقة جداً الآن! فريتشارد يواجه صعوبة ، ويجب على فال الوصول اليه لإنقاذه!
لكن التعب الشديد استولى عليها، لن تتمكن ابداً من الوصول الى الغريق، حاولت ان تمدد على ظهرها كي ترتاح لبضع ثوان وتستعيد بعض قواها ، لكنها عجزت عن تحريك ظهرها..على كل حال هاجمها التيار وحملها ..فأدركت بهلع شديد عدم جدوى المقاومة.

احست بأنها تدخل عالماً من الرعب، السماء والبحر يبدوان قد اتحدا لإغراقها مع هذا التيار، الآن هي تحس بالتشنج يشل حركة ساقها ، حركت يديها محاولة البقاء على السطح، لكن بدون جدوى.. فالأمواج الكبيرة في هذه المنطقة من محيط الجزيرة بدأت تضرب بقوة جسدها النحيف، انها على وشك الغرق.. غيل.. فكرت بيأس ، انها لم تعرفه إلا في وقت قصير, كم كانت جميلة تلك اللحظات التي عاشاها معاً! غريب! ان اول مرة سبحا فيها معاً كانت بداية لقصتهما ، والآن ايضاً البحر يسلبه اياها.
اول مرة رأته فيها كانت في شقة ريتشارد المطلة على نهر التايمز، ذلك المساء سهرا معاً حتى طلوع الفجر ليلة سفر ريتشارد الى البرزايل، كان غيل قد قال لها :
- ربما نلتقي ذات يوم من جديد...احياناً تحصل الصدف...
كما وان كلام روكسان عاد يرن في رأسها:
- ان غيل بارد ، قاس، وغير انساني...
لقد كسبت روكسان اخيراً، لكنها كانت مخطئة بالتأكيد عندما اعتقدت انها رأت رأس ريتشارد على سطح الماء.
الان تذكرت فال جيداً: انها رأت ريتشارد يتجه نحو طريق المنزل اثناء حديثها مع روكسان ، كان قد صعد من البحر بعد الآنسة تيبو وصرخ قائلاً:
- سأعود بعد قليل.
لكن الفتاتين كانتا مشغولتين جداً بحديثهما ولم تعيراه اي اهتمام ..روكسان .. روكسان الكاذبة... القاتلة.. المجرمة....
لكن فجأة كان احدهم يسبح بجانبها ويجذبها بقوة، احست بيد تمسكها ثم غابت عن الوعي تماماً.
عندما فتحت عينيها على الشاطئ كانوا يدلكون ساقيها بينما روكسان تقف بعيداً شاحبة صامتة، لابد انها نادمة جداً على فعلتها، لأن ريتشارد لا ينظر اليها وهو واقف ينشف جسده.
تعرفت فال على الآنسة تيبو جالسة على ركبتيها بجانبها، كانت الممرضة تبدل كل طاقتها وتستخدم كل علمها لإعادة الحياة الى اعضاء فال المتجمدة وكي تجبرها على رمي الماء الذي ابتلعته... ولكن الآنسة تيبو لم تكن وحدها التي تحيطها بالعناية، هناك ايضاً د. غيل الذي يوجه حركاتها ويبذل كل جهده لإعادة الحياة الى هذا الجسد الرقيق .
كان شاحباً من شدة القلق وكأنه هو الذي كان على وشك الغرق في عمق هذا البحر الواسع.
ارعبها الرعب على وجهه، فمدت فال يدها لتطمأنه بلمسة منها، لكنها تفاجأت بنوبة عنيفة من الدوار.
بعد لحظات كانت غيل يغطيها بمنشفة البحر الكبيرة ويحملها بين ذراعيه والآنسة تيبو تتبعهما.
- دعني انا احملها غيل.
طلب منه ريتشارد بلهجة الأمر :
- دعني احملها ، انت متأثر جداً بفعل الصدمة.

لكن غيل رفض بحزم، همت الممرضة مسرعة نحو المنزل فتقدمهما لتعد اكياس المياه الساخنة.
على الفور مددوا فال على السرير، لكن ريتشارد ادخل غيل بعد قليل الى غرفة المكتب وقدم له كأساً.
اما روكسان فقد عادت وحدها من الشاطئ بخطوات بطئية.
- لولاك انت لكانت ميتة غريقة الآن . قال غيل لريتشارد.
- الحمد لله انني غطست على الفور ، انا معتاد على هذه التيارات واعرف كيف اتدبر امري وسطها، لكن يجب ان لا تسبح فال وحدها مرة اخرى في المستقبل، هذا خطير جداً ، لقد جازفت بحياتها.
عندما دخلت روكسان ، رماها غيل بنظرة خالية من الشفقة ، واجتاحته رغبة بالانتقام منها، كان الدم يغلي في عروقه.
- لن تعود فال مرة اخرى الى هذا المنزل.
اعلن غيل بكل ثقة :
- ابداً ، ساطحبها معي اليوم بالذات والى الابد.
إلا ان ريتشارد اقنع صديقه بتغيير رأيه والحت فال عليه بالرجوع عن قراره.
فما ان شعرت بالتحسن في دفء السرير وبوجود غيل بجوارها ، حاولت جهدها كي تهدأ قلقه ومخاوفه ، لاطفته وداعبت وجهه بحنان محاولة ان تمحي ثنية قاتمة على جبينه، ان ملامحه كانت تخيفها...
- اذا رحلنا بهذه السرعة .
شرحت له :
- سيشعر ريتشارد بالذنب مع انه ليس مسؤولاً، لا تنسى انه انقذني من موت محتم.
- اعلم، ولن انسى ذلك.
وليخفف من حدة صوته، انحنى وداعب بلطف شعر الفتاة .
- انا ادرك حقيقة الوضع.
اضاف:
- بدون ريتشارد، لما كنت هنا الآن! سأبقى ممتناً له طوال حياتي.
ضمته فال اليها وطبعت قبلة حنان على حاجبيه.
- لم اكن لأغرق ، فالقدر يقرر اشياء اخرى... لاتفكر بالأمر! بل على العكس، فكر بكل سعادة هذا النهار! لقد جئت انت اولاً، وثانياً الحظ الكبير الذي لي! ووجود ريتشارد بالوقت المناسب على الشاطئ، اما روكسان...
- لا تحديثيني عن روكسان ابداً.
قاطعها بحدة:
- هذه المرأة كانت تسعى لإغراقك! لم يكن هناك سبب لخوف على ريتشارد من الغرق، هي كانت تعرف ذلك، وارسلتك لتضيعي وسط الأمواج الخطرة، متمنية موتك.
- ولكن... هذا ليس ممكناً! روكسان لا.. ليست مجرمة.. حتى ولو اخترعت هذه القصة بنية قتلي فلابد انها تصرفت باندفاع، فهي لا تملك روح القتل!
- اجهل ذلك.
قال بلهجة جارحة:
- لكنني متأكد من شيء واحد، اذا تزوجها ريتشارد فإنه سيندم على كل حال، هذا شأنه وهو حر، اما بالنسبة لي فأنا ارفض ان اتركك هنابين براثن هذه المرأة سأصطحبك معي.
- متي؟ ليس اليوم؟
- غداً سنذهب الى شقتي في لندن، اذا كنت بحاجة للرفقة سأطلب من خالتي البقاء معنا لبعض الوقت، ليس لوقت طويل ، لأنني اريد ان اضع نهاية سريعة لعزوبيتي.
تمتم وهو يطبع قبلة على يد الفتاة:
- سأهتم على الفور بكل الشكليات الضرورية لزواجنا.
- هل ستسمح لي برؤية روكسان فيل قبل رحيلنا؟ لقد اخبرتني الآنسة تيبو انها ترغب برؤيتي.
- وأنت ، اترغبين برؤيتها ؟سألها وملامحه منقبضة.
- نعم، انا قلقة عليها وعلى ريتشارد ، ماذا سيحل بهما؟ لابد ان ريتشارد حزين جداً.
- بل انا من يستحق الشفقة، كدت افقدك هذا اليوم.
قال بلهجة مريرة:
- لكن اذا كنت تلحين، لن اعارض على لقائك بها ، لكنني سأبقى قريباً منك ، سأنتظرك في المممر، اذا حاولت مرة ثانية ان تؤذيك، نادني على الفور!

عندما دخلت روكسان الغرفة، كانت قد فقدت كل ثقتها واطمئناتها، وجهها لم يكن يعبر عن الندم بل عن الخوف والرعب.
فهمت فال السبب ، لا شيء لا يثبت انها كانت قد ارسلت الفتاة عمداً الى الموت المحتم، فبإمكانها دائماً ان تجد عذراً على خطئها لأنها اعتقدت حقاً ان ريتشارد كان بخطر.. ولكن فال تشك بصديقتها، ألم تره متجهاً نحو المنزل؟... لكنها استسلمت لفكرة التخلص من صديقة طفولتها بدافع الانتقام كي تسبب العذاب لغيل وتجرحه في أعز مالديه.كانت فال شاحبة جداً تراقب روكسان.
- انت تحتقرينني، أليس كذلك؟
قالت روكسان وهي ترمي نفسها على الكرسي:
- غيل يموت من الرغبة بحبسي في مستشفى المجانين، لا اجهل ذلك، لكنني لست مجنونة، انا واضحة جداً، على العكس، ولم اعد مدمنة.
- اعلم.
اجابتها فال بهدوء:
- وعندما ستتزوجين من ريتشارد لن تجازفي بالعودة مجدداً الى عاداتك السيئة.
- الا يزال ريتشارد يريدني الآن. سألتها روكسان بيأس.
- نعم، اعتقد ذلك.اجابتها فال بعد تردد قصير.
- انه وحيد، وثروته لا تكفي لإسعاده،وهو متعلق بك،اذا وافقت على تكريس مابقي من ايامك في حبه ومحاولة اسعاده...
فجأة عاد الامل الى وجه روكسان.

- انه لم يكلمني عن انفصال، انا مستعدة لإسعاده، سأبذل جهدي لأمحو كل اخطائي السابقة، لكن صدقيني لست تماماً المسؤولة عنها كلها ، اعترف انني سببت التعاسة لريتشارد طوال الاعوام الماضية، لكنه كان خاضعاً لي بكل إرادته، بينما انا كنت بحاجة لرجل، لسيد يرشدني ويطمئنني،سأحاول ان احسن التصرف في المستقبل،اقسم لك، سأهتم للآخرين ولن ازعج احداً بطبيعتي الأنانية ، اشكرك كثيراً ياعزيزتي على تسامحك وكرمك، لقد كنت لطيفة جداً في استقبالي في منزلك.
ثم قبلت صديقتها وابتعدت نحو الباب حيث وقفت ونظرت اليها مجدداً.
- سأرسل لك غيل.
قالت روكسان :
- سيكون مطمئناً لرؤيتك سليمة ومعافاة!.
ثم اختفت في الممر ليدخل غيل بخطى واثقة ويضم فال بين ذراعيه.
- ان الناس كالمراكب تلتقي في الظلام...ذكرها
- روكسان تبتعد عنا، ولكننا سنجدها يوماً بالتأكيد على طريقنا...
- ريتشارد ايضاً.
اكدت له فال بصوت قوي.
- سيسافران معاً من الآن وصاعداً، وكذلك نحن يا حبيبي...



النهاية


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس