عرض مشاركة واحدة
قديم 13-06-16, 03:46 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي






الفصل الثالث

قضت كارول الساعة بالاستحمام والتحضر للعشاء , من المفترض ان يكون هذا عشاء الاحتفال بعيد ميلادها الرابع والعشرون وعليه فقد قررت الظهور بأبهى حلة , ليس لارضاء آرثر ميللر بل لإرضاء ذاتها هي , وكأن جو الجزيرة الحي والفرح قد تغلغل داخلها وجعلها تشعر بضرورة استمتاعها بكل لحظة تقضيها بهذه الجزيرة الساحرة , عليها الاسترخاء وتناسي تأثير آرثر ميللر بقربها , عليها التخلص من كل هذا التوتر والتفكير و الاستمتاع بالاسبوع الذي ستقضيه هنا.
تناولت الثوب الذهبي الضيق والديكولتيه المرصع بخيوط الفضة والذي يتناسب تماماً مع قوامها الممشوق ثم صففت شعرها وملسته ورفعته بتصفيفة فرنسية كالتاج فوق رأسها , وضعت قرطاً ذهبياً كبيراً وانتعلت الحذاء الذهبي العالي.
اضافت بعض اللمسات من الماكياج على وجهها وغمقت لون رموشها وحين القت بنظرة على نفسها بالمرآة تفاجأت من مظهرها , اللون البرونزي كان له فعل السحر عليها فقد تعمق لون عيونها وزاد لمعان شعرها وصار جسدها ساحر اللون واللون الذهبي اعطاها مسحة اثيرية كأنها آلهة السحر خرجت من كتاب الأساطير .
ابتسمت لنفسها وشكرت بسرها شقيقتها التي اختارت هذا الثوب ورشت بعض العطر على رقبتها ورسغيها ثم نزلت الى حيث كان آرثر ينتظرها وكانت ساعة السلالم تدق عشر دقات.
آرثر كان قرب البار يسكب الشراب وكان يبدو ساحراً بدوره ببذلته الرسمية البيج وقميصه الحريري , التفت اليها وظل يحدق بها بعدم تصديق للحظة والاعجاب الخالص يلتمع داخل عيونه , مشت نحوه بكل رشاقة وانوثة وقد سرت حتى اعماقها لادراكها لتأثير ظهورها عليه , تألقت العيون الزرقاء الساحرة على جسدها كله شعرت كارول بارتفاع اللون الى خديها , كأنها ترتدي ثوب نوم شفاف وليس ثوب سهرة ساحر وكادت ان تعيد النظر الى ثوبها مخافة ان تكون قد نسيت انزاله او شيء من هذا القبيل .
"
آه , مساء الخير كارول " قال وصوته يعكس اعجابه .
ماهذا خطوة جديدة بخطة اغوائه للنساء ؟ خائفة لارتعاش الضعف الذي اعتراها اصطنعت احدى اجمل ابتسامتها الدفاعية وقالت " مساء الخير آرثر انا جاهزة "
"
هذا اكثر من واضح ولكن لماذا .."
قطع جملته لسماعه صوت رنين الهاتف في طرف الغرفة فانحنى لها باعتذار واتجه نحو الهاتف.
سارت كارول الى البار وتناولت كأس الشراب خاصتها واخذت تحتسيه ببطء , وهي تسمع صوت آرثر الهامس وهو يتحدث عبر الهاتف بصوت رقيق غير مسموع .
حدسها اخبرها انه يتحدث مع امرأة ما ولهذا فقد ابتعدت نحو الشرفة البعيدة للتحديق بالبحر وهي تشعر بالامتعاض لسبب تجهاله , انهى آرثر مكالمته على عجل ثم استدار نحوها وقال " هيا لقد حان وقت ذهابنا"
لم تعلق بشيء واكتفت بأن اتجهت الى خارج الفيللا حيث كانت سيارته البروش البيضاء الرائعة.
فتح لها الباب وادخلها ثم استدار واتخذ موقعه خلف عجلة القيادة وانطلقا الى المطعم الفاخر القريب .
عيون الرجال و النساء داخل المطعم اتجهت فوراً الى آرثر و كارول وهما يتوجهان الى طاولتهما المحجوزة مسبقاً.
آرثر لاحظ نظرات الرجال المعجبة والتي كانت ترمق كارول بإعجاب واضح وكارول بدورها لاحظت نظرات النساء اليها والى رفيقها والتي كانت تحمل معنى الغيرة لوجودها مع آرثر الساحر الجذاب.

"
ماذا تشربين؟ " سألها حين وصل النادل .
"
شبانيا " قالت .
طلب لهما نفس المشروب ثم اختار هو الطعام ورحل النادل .
"
تبدين ساحرة " قال بصدق بعد ان حدق بها للحظة طويلة وعيونه غير مقروءة .
"
شكرا لك " قالت وهي تحني رأسها لتمنعه من رؤية اللون الذي اندفع لوجهها من مديحه هذا, كانت تمثل بطريقة ماهرة قالت بنفسها .
مد آرثر يده الى جيب سترته وتناول منها علبة صغيرة مخملية ناولها اياها وقال " كنت سأنتظر لحظة انتهائنا من العشاء لكني لم استطع ان افعل , عيد ميلاد سعيد كارول "
شيء ما التمع داخل عيونه للحظات قليلة فقط جعلها تلتقط انفاسها بقوة , نظرة عميقة جائعة ومهتمة جعلت الدم يتسارع داخل عروقها , لكن اللحظة تلاشت واعتقدت هي انها تخيلت ماحدث , فقد عادت عيونه لتصبح لغزاً معقداً مجدداً.
انحنى نحوها وقبل وجنتها وشفاهه صلبة وباردة وهما تلامسان بشرتها للحظات كانت كافية لتشعل دمائها ولتسرع نبضات قلبها .
بأصابع مرتعشة قليلاً تناولت منه العلبة وحدقت بها .
"
آرثر , هذا ... اقصد , لا حاجة بك لشراء هدية لي ..."
" افتحيها فقط"
"
حسنا , لكني لا استطيع ان اقبلها "
"
بلى , تستطيعين " قال بنبرة حازمة .
اخذت نفسا عميقاً ثم فتحت العلبة لتجد داخلها واحداً من أروع الخواتم التي سبق لها ورأتها في حياتها .
كان الخاتم من الألماس وبوسطه زمردة كبيرة بنفس لون عيونها تحيط بها بضعة حبات من المرجان .
شهقت لروعة الخاتم وادركت انه دون شك يساوي ثروة كبيرة .
رفعت عيونها لتلتقي بعيون آرثر وهي تشعر بالجفاف داخل حلقها , هدية من آرثر ؟ مجوهرات بالغة الثمن؟ ثمن الخدمات المتوقعة قد تم دفعه ؟ رأيه السيء بالنساء وبها قد قاده الى الاستنتاجات الخاطئة تماماً , هل افترض ان امتنانها له ستتخطى كل الحواجز؟
اخذ قلبها ينبض بقوة وقررت ان تلعب اللعبة حسب شروطه هو ولفترة قصيرة فقط , اصطنعت ابتسامة وانحنت نحوه وطبعة قبلة سريعة على وجنتيه الصلبة وارتعشت حين مد هو يده وامسك برسغها مانعاً اياها من الابتعاد المباشر عنه.
"
انه رائع , لكني لا استطيع ان اقبله آرثر!" قالت بخفة وهي تحاول نزع رسغها من يده .
"
انه لك , تستطيعين وضعه الآن , انه يتناسب مع لون عيونك"
صوته العميق كان ملحاً , ابتعلت ريقها بصعوبة وردات الفعل تتزايد داخلها بسبب ضغط اصابعه على رسغها .
"
آرثر , لا استطيع ..."
"
لكننا معرفة قديمة " ذكرها بصبر والتسلية تلون نبرته " بإمكان المعارف ان يقدموا الهدايا لبعضهم البعض في المناسبات السعيدة , تستطيعين شراء هدية لي في عيد ميلادي القادم بشهر تشرين الثاني , حينها سنصبح متعادلين اليس كذلك؟"
ببطء قرب يدها منه وتناول الخاتم من العلبة ووضعه بأصبعها ثم رفع يدها الى فمه وقبلها برقة وعيونه تحدقان بها قبل ان يفلت يدها مجدداً.
التقطت انفاسها بمزيج من الغضب والاستسلام ثم نظرت الى الخاتم الذي كان رائعاً فعلاً .
"
بما انك قد تكبدت عناء شراؤه لي وقد ثبته بأصبعي , فإنني سأرتديه لهذا المساء " قالت بابتسامة مهتزة وهي تراقب انعكاس الوان الضوء على الخاتم " انه جميل آرثر لكني حقاً لا استطيع ان أقبله "
"
لقد تقبلته فعلاً كارول والآن ها قد حضر الطعام فتوقفي عن التحدث بموضوع الهدية وباشري العشاء "
صمتت لوصول النادل الذي وضع اصنافاً شهية من الطعام البحري امامهما وانشغلا بتناول الطعام.
بعد كأسين من الشراب وجدت كارول نفسها تسترخي وتنسجم مع آرثر بحديث مطول ومرح حول عملها والنوادر التي تحصل لها به وحول اجمل الصور التي سبق لها والتقطتها وحدثها هو عن مباراياته وعن اعماله ثم سألها حال سامايا وعن دراستها وشعرت كارول انها فعلاً تشعر بالراحة للحديث مع آرثر كصديق عادي ومرح واكتشفت ان هناك تقارباً كبيراً بين اذواقهما الموسيقية وبين هواياتهما بالقراءة والسباحة والركض.

كانت الفرقة الموسيقية داخل المطعم قد بدأت تعزف لحناً ناعماً وساحة الرقص انشغلت ببعض الازواج من الحاضرين , المشروب كانت قد تغلغلت في عروق كارول وحين نظرت الى الراقصين ادركت انها اذا قامت لترقص السلو مع آرثر فالله وحده يعلم اين يتنتهي الرقصة ولهذا حين نظر آرثر اليها بإغواء وقال " أنرقص؟"
هزت رأسها فوراً وقالت " اخشى ان المشروب فد فعل مفعوله بي , اذا قمت للرقص فقط اسقط واتسبب بالاحراج لك , افضل الذهاب للمشي قليلاً على الشاطئ لتنشق بعض الهواء النقي حتى استعيد توازني " قالت هذا ونهضت من مكانها .
لدهشتها نهض آرثر بدوره وقال " اذن سأخرج لأمشيء قليلاً معك "
"
لا , آرثر , افضل ان تبقى هنا و ..."
لكنه لم يستمع ونهض وامسك بذراعها وخرجا معاً الى الشاطئ الذهبي .
نسيم البحر كان رائعاً والامواج كانت تتكسر بروعة على الشاطئ والقمر البدر المنير يتوسط كبد السماء المخلية المطرزة بالنجوم البراقة.

"
من الافضل ان اخلع هذه الحذاء" قالت كارول بضحك والكعب يغرز بالرمل ويمنعها من السير بحرية " لقد اخبرت سامايا انه لن يفيد للسير على الرمال"
انحنت لتخلع الحذاء الا ان توزانها اختل بعد ان خلعت الفردة الأولى فأسرع آرثر بالتقاطها ومنعها من السقوط ثم احاطها بذراعيه .
"
سامايا كانت على حق " تمتمت بلا تعبير وجهه القريب منها غير واضح المعالم بسبب الضوء الخافت وشعرت باعصابها كلها تتشنج من احاطة جسدها بذراعيه .
"
افلتني آرثر " قالت بنفس لاهث .
بعد دقائق قال بإغاظة رقيقة " لا ازال محتاراً بسبب ارتعاشك الغير مكترث كلما لامستك .."
"
لا تكن سخيفاً ..." بدأت وشهقت بقوة حين اخذت يداه تتحسسان ظهرها العاري ومؤخرة عنقها , اطراف اصابعه كانت ترسل بها التيارات الكهربائية الصاعقة واحست بصعوبة بتنشق الهواء واخذ رأسها يدور لقوة المشاعر التي اخذت تجتاحها وهو يقترب برأسه منها ويهمس بشيء ما قرب أذنها .
"
رائحتك لذيذة " كان يقول بصوت هامس مخنوق العاطفة واخذ يقبلها ببطء و استمتاع على العرق النابض في عنقها مقترباً من أذنها ثم الى وجنتها وحين غطى بفمه شفتيها كان هذا آخر ماتذكره قبل ان تغيب في غياهب العاطفة الجياشة التي اغرقتها وجعلتها تبادله العاطفة المتلهبة التي كان يثيرها بعناقه .

" آرثر ارجوك .." قالت بعد لحظات وهي تشعر بالرعب من شدة تجاوبها معه واخذت تقاومه بشدة والدموع تكاد تطفر من عيونها لشدة ماتشعر به من مشاعر متناقضة .
ثم اطلقها بعد لحظات وكادت ان تتعثر بالرمل وهي تحاول الابتعاد عنه وقد غطاها الآن شعور الاذلال المقيت فجلست على الرمال ووضعت وجهها بين ساقيها واخذت تبكي بصمت للحظات قبل ان تستعيد سيطرتها على نفسها ونتفضت حين شعرت بيد آرثر على كتفيها تديرها لمواجهته وظل الصمت مسيطراً بينهما وهما يحدقان ببعضهما وصوت الامواج المتكسرة على الشاطئ قربهما كالموسيقى الرتيبة الهادئة .
"
كارول " قال بصوت رقيق بعد فترة " سأحاول في المستقبل ان اتذكر اتفاقنا بقوة اكبر "
"
أي اتفاق ؟" تدبرت ان تسأل بصوت مهتز منخفض .
"
اننا لا نكترث لبعضنا البعض"
كان من المستحيل عليها معرفة ماالذي كان يدور بخلد آرثر او ماالذي كان يشعر به الآن بعد ان اعاد وضع القناع الصلب على وجهه مجدداً.
عادا الى المطعم بصمت وهي تسير امامه ثم اسرعت بدخول دورة السيدات لتصلح شعرها ثم خرجت مجدداً الى الطاولة لتعتذر من آرثر وتعود الى المنزل , فتأثير ما حدث معها قبل لحظات كان محطماً لأعصابها وارادت الانعزال والتفكير بحقيقة ماحدث , هل لم يسبق لها بحياتها ان تجاوبت مع اي رجل كتجاوبها مع عناق آرثر ميللر, هي لم تكن قديسة وعلاقاتها كانت تصل الى حد العناق فقط وحتى مع مارك الذي كان سيصبح زوجها لم تشعر حتى بنصف المشاعر التي احست بها بعناق آرثر.
لكنها لم تجده قرب الطاولة واخبرها النادل ان السينيور ميللر يطلب لهما الشراب من البار وانه سيحضر بعد لحظات .
الدموع كانت تكاد ان تطفر من عيونها مجدداً وهي تتذكر تجاوبها معه وتساءلت عما سيعتقده آرثر عنها الآن وكيف ستتمكن من مواجهته بعد الآن , وكيف ستتمكن من مواجهته بعد الآن , سترحل , سترحل غداً صباحاً مهما كانت النتيجة قالت بنفسها وهي تشعر بالغضب من نفسها وبالارتباك الكامل بمشاعرها .
صوت ضحكة قربها لفت نظرها وحين التفتت الى الوراء بادرها من كان يقف خلفها " كارول ! مفاجأة !"
بذهول حدقت بالشاب الذي كان يحمل باقة من الازهار وعلبة صغيرة وينظر اليها وعيونه الخضراء تضحكان لها بسعادة .
"
ستيف " هتفت بصوت مخنوق من الدهشة " ستيف ؟ ماالذي تفعله هنا بحق السماء ؟"
"
كان لدينا موعد سابق أتذكرين ؟"
إعترض بمرح وهو يجلس على الكرسي الفارغ امامها " ولهذا فأنا هنا متأخر على العشاء لكني على الاقل لم افوت عيد ميلادك , عيد ميلاد سعيد حبيبتي كارول "
" لا اصدق حقاً انك قد لحقت بي الى هنا ستيف " قالت وقد استعادت بعض هدوئها لكنها لم تكن تعرف ماالذي تشعر به بالضبط , أهو الغضب ان الخيبة او ماذا؟ لا شك ان سامايا قد اخبرت ستيف بمكان تواجدها حيت اتصل بها فما كان منه الا ان لحق بها الى هنا ...
هذا كان سخيف حقاً ! فهي قد افهمته الف مرة انها لا تفكر به الا كصديق عادي لكنه مصر على اعتبار صداقتها مجرد البداية لعلاقة حب هو قد بدأ بها وانتهى .
ابعدت شعرها عن جبينها وحدقت بابتسامة ستيف الراضية وهزت رأسها .
"
هل حجزت بهذا الفندق ايضاً؟"
"
اجل ! لقد فعلت وقد كلفني هذا مبلغاً طائلاً من المال لكني اجد كل شيء رائع ويبدو ان انها ستكون إقامة ممتعة لكلينا "
"
لا تحشرني انا بهذا الامر ستيف ! ارجوك انا هنا بدافع العمل "
"
ياله من عمل " قال وهو يحدق بثوبها الساحر وبتسريحتها الانيقة " لقد سبق لي وزرت هذه الجزر من قبل واعرف كل شيء بها , لقد اتيت هذه المرة لأراك انت كارول حبيبتي "

"
لا تناديني بحبيبتي ستيف ارجوك! الم نتفق على هذا من قبل"
نظر اليها بإعجاب واضح وعيونه تنتقل على رداءها وجسدها وقال بابتسام " كارول بحق السماء توقفي عن لعب دور مليكة الثلج رؤيتك بهذا الثوب الرائع ترفع حرارتي عالياً اكثر من حرارة الجو هنا"
"
لست اقوم بأي دور ستيف ! هذه طبيعتي ! اذا لم لم تكن طبيعتي تعجبك فمن المؤسف انك قد هدرت كل المال الذي دفعته الى هنا دون دعوة"
"
انا احب طبيعتك! بل أنا اعشقها , احب ان تكون نسائي صعبة المراس وثقيلات "
هزت كارول رأسها وضحكت بيأس قائلة " لا فائدة ترجى منك! لاشك انك .. اعمى اوما شابه! العالم مليء بالنساء اللواتي سيجدنك افضل رجل ظهر على وجه الارض منذ ايام ابونا آدم, ولن يكون عليك ملاحقتي ومطاردتي اينما اكون! لست مهتمة ستيف , وانت تعرف هذا فلماذا تطاردني ؟"
"
منذ ان رأيت صورة وجهك وانت تنظفين ذلك الشباك الزجاجي بغرفة الجلوس حفرت صورتك في قلبي وادركت اننا قد خلقنا لبعضنا البعض " قال ستيف باسترسال فما كان من كارول الا ان انفجرت بالضحك , على الاقل مرحه المعتاد هذا كان يبعد عنه شبح الرتابة و الملل .
"
ياله من خاتم رائع هذا الذي ترتدين كارول " قال ستيف بإعجاب وهو يمسك يدها ليحقق بالخاتم " إنه قطعة مجوهرات حقيقة لا؟ لاشك ان العمل هنا جيد حبيبتي اليس كذلك؟"
" انا .. انه هدية عيد ميلادي " قالت بهدوء .
"
لاشك انه هدية ثمينة جداً .. لكنك لم تفتحي هديتي لك" قال باحتجاج وهو يرمق العلبة الصغيرة الموضوعة على الطاولة .
"
لا لن افتحها وستعيدها معك الى اوستراليا لتقدمها لتلك المساعدة الشقراء الجميلة التي تتدرب عندك على فن النحت "
"
لكنها ساعة ذهبية رائعة و ..."
كانت كارول الآن تحدق بآرثر الذي ظهر خلف البار وهو يمسك كأسين من الشراب حتى رغم المسافة رأت الغضب يلمع داخل عيونه لرؤيته لستيف الجالس قربها على الطاولة والمنحنى نحوها بحميمة , نظرة الغضب كانت تمتزج من شيء آخر شيء اثار حفيظة كارول واشعل فتيل حنقها , كيف يجرؤ آرثر على النظر اليها بتلك الطريقة كأنه يمتلكها او شيء من هذا القبيل ولا يريد ان يقترب منها اي رجل؟
"
هيا بنا نرقص ستيف " قالت كارول وهي تنهض وينهض ستيف بدوره ويتجه بها الى حلبة الرقص.
حين وصلا الى الحلبة انتبهت كارول ان الموسيقى كانت لرقصة السلو او ماشابه , فالالحان هادئة والراقصين كانوا ملتصقين ببعضهما البعض بطريقة مثيرة.
"
لا استطيع استيعاب هذه الالحان " قال ستيف بحنق وهو يحاول الرقص بالطريقة المطلوبة دون ان ينجح " انه ليس السلو العادي افضل الجلوس والاكتفاء بمراقبة الراقصين .."
"
لا لن تفعل .." قالت كارول وهي تبتسم له بحلاوة وتلاشت ابتسامتها حين رأت آرثر يظهر خلفهما مباشرة وملامحه الباردة تعكس بريق عيونه الحانقة .
"
آرثر " قالت بخفة وإشراق " هذا هو ستيف ميالبورن صديق لي من سدني .. ستيف هذا آرثر ميللر ...المسؤول عن وجودي هنا للعمل"
"
يسرني لقاؤك ستيف " قال آرثر وتعابيره تظهر عكس مايقول " إسمح لي ان أعلم السيدة كيف ترقص البيراستا " ودون إنذار ابعد ستيف بشبه خشونة عن كارول واحاط هو خصرها بذراعيه الصلبتين .
الدم كان يندفع بشدة داخل عروقها وجسديهما يلتصقان ويتحركان برشاقة تبعاً للموسيقى ولمهارة آرثر بالرقص .
"
هذا لم يكن تصرفاً مؤدباً آرثر.. " بدأت بصوت خافت لكن ريقها جف بحلقها حين رماها آرثر بنظرة محدقة نارية .
"
البيراستا ليست رقصة مؤدبة جداً" قال بسخرية وهو يقودها بحركات ماهرة نحو طرف القاعة ويديه تتحسسان ظهرها بحرارة وتزيد بها الشرارات.
"
انا لم اقصد الرقصة " قالت بارتعاش متسائلة الى متى ستتمكن من تحمل هذا الالتصاق به " قصدت تصرفك مع ستيف "
" ستيف ؟" قال مردداً ومقلداً صوتها الرقيق " ومن هو ستيف هذا بحق السماء ؟"
"
لقد اخبرتك .. انه صديق لي من سدني "
"
وهل كنت تعرفين انه سيأتي الى هنا؟"
"
كلا.. لكن هل يهم لو كنت اعرف ؟" قالت وهي تحدق بعيونه باستفسار " هو يدفع ثمن تذكرته وثمن نزوله بالفندق! هو حر تماماً بكل مايفعله اليس كذلك مادام هو المسؤول عن سفره "
"
هل انتما حبيبين ؟"
ارتفع الدم الى وجنتي كارول وقالت " هذا ليس من شأنك "
تصلب وجه آرثر وقال " حقاً ؟ بعد طريقة تصرفك قبل دقائق على الشاطئ , يحق لي ان اسأل اتحبين موسيقى البيراستا كارول ؟"
سألها بصوت معسول واضح المعاني وكانت هذه الشرارة التي جعلت كارول غير قادرة على تحمل المزيد من التصاق آرثر بها ومن كل شيء يتبع ذلك.

"
كلا, لا احبها" قالت بحدة واسنانها تصطك " كأنها رقصة للبدائيين المهووسين ! اعذرني "
انتزعت نفسها من بين ذراعيه وهرعت خارجة من المكان مكتفية بإلقاء نظرة من بعيد على ستيف الذي كان يحتسي شرابه على البار وجهه يعكس الألم والخيبة , لا قدرة لي الآن على مكالمته او مكالمة اي شخص آخر قالت بنفسها وهي تركض مسرعة بطريق مغادرتها للمطعم.
جل همها كان الآن مغادرة هذا المكان والابتعاد قدر المستطاع عن آرثر ميللر الخبيث وكل تأثيراته عليها .
كان حذاءها العالي الكعب يغرز بالرمال ويمنعها من الركض بسرعة نحو الفيللا وحين كادت ان تصل التوي كعبها وسقطت وهي تصرخ بشدة على الارض قرب درجات الفيللا الاربعة , جلست على الدرجة وخلعت الحذاء اللعين ورمته بعيداً وهي تمسد كاحلها الذي التوى وبدأي يؤلمها.
"
اللعنة عليك " قالت وهي ترمي الحذاء.
ظهر آرثر بنفس اللحظة فتوقف واخذ يراقبها وملامحه غامضة وقال " لم يكن من داعي لتهربي مني بهذه الطريقة كارول .. لا داعي لتخافي مني.."
"
فقط إرحل ودعني وشأني ارجوك" قالت والألم يزداد بكاحلها .
"
لقد سقطت لا ؟"
"
اللعنة على ذلك الحذاء , ماكان علي ارتدائه "
"
ولماذا ارتديته هذا المساء ؟" سألها وهو يحدق بها.
"
السماء وحدها تعرف " قالت وهي تمسد كاحلها " من الآن وصاعدا سألتزم الاحذية الرياضية "
"
اشك ان يليق الحذاء الرياضي بهذا الثوب الخاص " اشار وهو يبتسم بخبث " هل آذيت كاحلك ؟"
"
كلا, انا بخير , هلا رحلت بعيداً لو سمحت وتتركني و شأني"

" بالتأكيد حين اوصلك بأمان الى غرفتك"
"
آه , بحق السماء لا .."
اقترب منها متجاهلاً كلماتها وحملها بخفة كأنها ريشة بلا وزن رغم اعتراضاتها وقال " توقفي عن لعب دور الشهيرة العنيدة من الواضح انك قد لويت كاحلك وسيزداد الألم مع مرور الوقت "
"
اتركني حالاً ! انه مجرد التواء بسيط انه كاحلي وانا ادرى به منك ! انزلني حالاً"
قالت بعصبية وقد ازداد توترها لحمله لها بهذه الطريقة , فتح الباب بمفتاحه ودخل ثم وضعها على الكنبة الكبيرة في غرفة الجلوس وهي تتمتم إمتعاضها .
ركع على الارض وامسك بكاحلها واخذ يتفحصه وقال " لا يوجد كسر , قد يكون هناك بعض التمزق في الألياف .."
"
هراء ! كان لينتفخ بشدة لو كان هناك تمزقاً بالألياف..آه , ارجوك توقف!"
التوسل هذا كان بسبب تأثير ملامسة اصابعه لجلدها لكن آرثر قطب معتقداً انها تألمت من تحسسه لكاحلها.
"
آسف , لم اقصد إيلامك , لكن يجب تفحص الاصابة بدقة "
"
انت تفاخر بمعلوماتك الطبية امامي؟"
"
لا.. انا فقط عندي خبرة الكافية بهذه الاصابة بالذات كثيراً مايصاب لاعب التنس بهذا كما تعلمين"
وصلت ماريا مدبرة المنزل على عجل وطلب منها آرثر إحضار صندوق الاسعاف الطبي.
لف آرثر لها كاحلها بمهارة وقال " اذا ظل الألم حتى الغد فسأضطر لاستدعاء الطبيب لربما الاصابة اعمق مما نظن"
"
سلامتك سينيورا " قالت ماريا فابتسمت لها كارول وشكرتها بدورها.
رن جرس الهاتف فردت ماريا التي اتت لاستدعاء آرثر.
"
سينيورا ميللر , السيد كاراكس على الهاتف"
تعبير غامض ظهر على وجه آرثر قبل ان ينطلق نحو جهاز الهاتف في الغرفة المجاورة.
"
كاراكس " رددت كارول لنفسها " انه اسم عائلة زوجة آرثر السابقة , ما الذي يريده السيد كاراكس من آرثر ياترى ؟"
فضولها كان يزداد مع كل لحظة واستغربت ذلك فهي عادة لا تحب الفضول والتدخل بشؤون الآخرين , ولهذا فقد حاولت النهوض عن الكنبة والصعود الى غرفتها قبل عودة آرثر لكن الألم كان هائلا الآن وحين حاولت ان تضغط على دمها قليلا صار الألم لا يحتمل فتأوهت بصمت وعادت لجلستها والحنق يزداد داخلها.
حين عاد آرثر كانت عيونه داكنة وتعابيره غير مقروءة فلم تستطيع كارول ان تكبح نفسها من سؤاله .
" ما الذي يريده السيد كاراكس منك آرثر , الامر يتعلق بزوجتك دون شك اليس كذلك؟"
حدق آرثر بها باستغراب كأنه مندهش لاهتمامها هذا وقال " زوجتي السابقة كماهو متوقع " رد بجفاف ثم تابع وعيونه تلتمعان بخبث " هل لي ان اعرف سبب هذا الاهتمام المفاجئ كارول؟"
"
ولم لا ؟" قالت بخفة " ام هل بسؤالي هذا اقتحم خصوصياتك ؟ كما فعلت انت حين منحت نفسك حق السؤال عن حقيقة علاقتي بستيف مالبورن!"
مرت فترة من الصمت المتوتر بينهما قطعها آرثر بقوله بعد ان جلس بهدوء على الكنبة المجاورة لها " إذن فاسمه ستيف مالبورن"
"
اجل وهو ينحدر من عائلة مهمة وثرية علاقتها كلها ضمن اجواء المجتمع المخملي الذي تعرفه جيداً"
"
الرجل مجرد متسلق , كيف بحق الشيطان تدبرت امر التورط معه؟"
اللون الاحمر الغاضب لون وجه كارول وقال " ستيف نحان ماهر سيكون مشهوراً بيوم من الايام وهو يملك الكثير من المال الذي يزيد عن حاجته وهو ليس متسلقاً , انه فنان ناجح يشق طريقه بصبر وأناة "
"
هذا يكفي " قال .

وتشابكت عيونهما وتحركت كارول بعدم ارتياح على الكنبة مدركة فجأة مدى طواعية وضعف موقفها بثوبها المثير هذا وقربه هو منها , تقلصت مكانها ولفت الثوب حول ساقيها ثم شبكت يديها حول صدرها , الالتواء البسيط الذي ظهر على فم آرثر اخبرها انه شعر بما يجول في عقلها .
"
لا تقلقي كارول , انا لن اقفز عليك كالوحش الكاسر" قال بجفاف " بالرغم من تعليقاتك المادحة في حلبة الرقص"
"
شكراً لك " قالت دون ان تنظر اليه .
"
اتشوق لمعرفة كيف اخترت هذا العمل كارول " قال " حياتك كلها معلقة بآلة التصوير لعلك ترين ما استتر خلف الصور العادية التي يراها الآخرون لا تستحق ان ينظر اليها".
"
حقاً ؟ وماذا عنك انت ؟"قالت بإغاظة لطيفة " تقضي حياتك وبيدك مضرب التنس منتظراً الطابة الصغيرة حتى ترميها بعيداً عن مرماك معرضاً نفسك للأذية اذا التوى كاحلك او خسرت ؟"
"
انها الدليل لما يسمى الطاقة الزائدة في هذه الايام وتعرفين ان عندي اعمالاً اخرى غير ممارسة رياضة التنس"
"
آه اجل اعرف عن هذا" قالت بخبث .
تقلصت عيونه بخطورة وقال " هل لي ان اعرف ماذا تقصدين بكلماتك هذه ؟"
" لا شيء " قالت بخوف.
"
بل تقصدين شيئاً ما على كل حال يبدو ان لك نظرياتك المثيرة الخاصة "
"
نظرياتي المثيرة الخاصة؟" رددت بدهشة " ماذا تقصد انت بهذا؟"
"
كارول لماذا اردت الزواج من مارك ؟" سألها فجأة .
"
لماذا؟" رددت بدهشة .
"
لماذا اردت الزواج منه ؟ ماالذي جذبك اليه دون غيره من الرجال؟"
لم تكن تعرف ما الذي يهدف اليه لكنها قررت مجاراته بلعبته هذه لبعض الوقت.
"
لأنه كان لطيفاً , رقيقاً ويعتمد عليه .."
"
هذه صفات الكلب الوفي , هل هذا كل شيء ؟"
لون الغضب وجهها لنبرة صوته وقالت وهي تحدق به بتحدي" ليس علي الشرح او التبرير او قول اي شيء لك ..."
الا انه قاطعها وهو يبتسم باستهزاء " لماذا كل هذا الدفاع , انا اتساءل ؟ الرد على سؤالي كان يجب ان يكون صريحاً وواضحاً, الا إذا كان عندك شيء تخفيه , شيء تشعرين بالعار منه ؟"
"
توقف آرثر ! لا اعرف ما الذي تهدف اليه من حديثك هذا , لكن الحقيقة انني ومارك نتمتع بعلاقة دافئة ومحبة وكان لدينا العديد من الاشياء المشتركة ..."
"
اذا لماذا عدت وتركته ؟" سألها فوراً.
"
لأن ..لأن .. هذا ليس من شأنك آرثر..."
"
دعيني انا اخبرك كارول , لربما قد اكتشفت فجأة انك بتأمينك لحياة زوجية آمنة وغير متطلبة بزواجك من مارك فإنك لن تتمكني من القيام بمغامراتك العاطفية الصغيرة "
"
ماذا؟" صرخت به بحدة لخساسة ماتعنيه كلماته وقالت " كيف تجرؤ على التفوه بهذه الكلمات ؟ فقط لأن ..."
"
فقط لأنني املك الدليل الذي يدعم قولي هذا " قاطعها بدوره وعيونه تدكن " للأسف انا لست مثل مارك كاورل , لست لطيفاً ورقيقاً ويعتمد علي وغبي متعامي"
"
اعرف كيف بدا لك الأمر حينها في تلك الليلة بالذات" قالت وهي تحاول جاهدة المحافظة على هدوئها " لكن صدقني , كان ذلك زلة صغيرة ونادرة .. لم تحدث معي من قبل ابداً ولن تحصل مجدداً! كنت مرتبطة كلياً بمارك! لو تزوجته لما كنت فكرت لجزء من الثانية بخيانته والعبث مع غيره , كنت لأكون وفية مئة بالمئة له وحده وماكنت لأخذله او اسبب له العار ..."
"
يبدو هذا ملائماً جداً و متحفظاً , هدية مناسبة لزواج محترم وعادي , كل هذا الأمان والسلام والاعتماد .. سيكون على حساب الحب؟ على حساب العاطفة ؟"
"
انت مخطئ ! " ردت وهي تحس غضبها الذي اخذ يهدد بالانفجار .
" ليس من الخطأ البحث عن الأمان والاستقرار , وكنت انا حينها احب مارك !"
"
لا تكذبي علي كارول , انت لم تحبي مارك حينها ولا تحبينه الآن , لو كنت تحبينه حقاً لما تجاوبت معي بتلك الطريقة اللاهبة " قال بهدوء.
"
آرثر هذا شيء خاطئ ! ويالك من مثالي للتكلم عن الحب ! ماذا عن الطريقة التي عاملت انت بها زوجتك وشريكة حياتك؟"
الصمت المتوتر سيطر بينهما وكان هذا الصمت يضغط بشدة على اعصاب كارول , وحين تكلم اخيراً كان صوته هادئاً لكن تعابيره غير مقروءة بتاتاً.
"
زوجتي السابقة , وماالذي تعرفينه انت حول زواجي , كارول؟ من حدثك عن ذلك ؟ مارك ؟"
"
اجل وغيره ايضاً"
"
وماذا قالوا ؟"
"
اشياء كثيرة "

"
آه حبل الشائعات حول معاملتي السيئة لزوجتي السابقة " قال بسخرية ملونة ببعض المرارة .
"
افترض انك ستنكر كل ماسمعته اذا استطعت لكن بصراحة رغم مدافعات مارك عنك الا انني اجد كل ما سمعته صحيحاً ! لقد اصيبت زوجتك بمرض عضال اليس كذلك؟"
تقلصت عيون آرثر وصارت نظرته كنظرة الصقر لكنه لم يجب بشيء فابتلعت كارول ريقها وقالت " صارت مريضة جدا لدرجة انها لم تعد قادرة على ممارسة دور الزوجة الصحيحة لا؟ ولهذا فقد سارعت انت بطلاقها والانفصال عنها ثم عرضت بكل سخاء دفع تكاليف علاجها! ونسيت كل العهود والارتباطات الزوجية بالبقاء معا في السراء والضراء ! فهذا غير ملائم لك على ما اعتقد ! القديم المعتل الى الجحيم واهلا بالجديد الصحيح والذي اخذت تعلن عن قيامك بهذه العلاقات الجديدة بكل طبيعة ودعائية ! هل تستطيع ان تنكر ذلك؟"
اللون تلاشى من وجه آرثر وادركت كارول انها اصابته بالصميم وشعرت بنشوة الانتصار فقد تمكنت اخيراً من تسجيل نقطة هي التي كانت دوماً الهدف لسهامه وحرابه والتصلب الهائل الذي ظهر على ملامحه جعلها تشعر بالخوف ولهذا فقد ارتاحت اساريرها واغتطبت حين سمعت صوت ستيف يقطع الصمت الذي تلا كلماتها.
"
كارول! لقد سألت عنك في الفندق واخبروني انك تقيمين هنا" قال ستيف وهو يدخل عبر باب الدار المفتوح " كان بإمكانك قول الوداع لي قبل اندفاعك بتلك الطريقة من المطعم ! يا الهي كارول , لقد قطعت كل المسافة من اوستراليا الى هنا فقط لأراك وانت تتصرفين كأن شيئاً لم يحدث و ..."
" آه ! ما الذي حدث لقدمك كارول ؟ هل هذا بسبب تلك الرقصة الغريبة مع هذا الشخص الجالس هناك ؟"
قال ونظر بتكبر نحو آرثر الذي نهض من مكانه واقترب من الزائر الشاب ووقف كالبرج امامه بفرق الطول الواضح بين قامتيهما , كان آرثر يبتسم ابتسامة بعيدة كل البعد عن المرح مما سبب التعكر لملامح ستيف .
"
انت تعرف ان كارول كانت لتصاب بإصابات اخطر لو ظلت ترقص معك انت , مالبورن , انت هنا بدون دعوة , وانصحك بمغادرة هذا المكان على الفور"
"
عفواً؟ " قال ستيف بحيرة وهو يحدق بآرثر وعيونه تكاد تطفر من وجهه بشدة الذهول ثم استدار نحو كارول والذهول لا يزال مرتسماً على ملامحه الطفولية .
"
ستيف ليس الآن .. " بدأت بإرهاق وهي ترفع نفسها على قدميها وتشعر بالألم الشديد" سنتكلم غداً"
"
فقط لحظة واحد كارول " اصر ستيف وهو ينقل بصره بينها وبين آرثر " هل هناك شيء ما بينكما ؟"
"
كلا لا يوجد شيء بيننا وبصراحة ستيف .."
"
لقد سمعت السيدة " قاطعها آرثر وصوته العميق قاطع " ولهذا فإما ان تجد لنفسك رفيقة اخرى لقضاء هذه العطلة او جد لنفسك فندقاً آخر غير هذا القريب من هنا"
"
حسناً في الحقيقة " قال ستيف بدفاع " لم يسبق لي ان تعرضت لمثل هذه الإهانة و .."
اليد المرشدة التي دفعت بلطف خشن ستيف نحو باب الخروج جعلت من الصعب على هذا الاخير متابعة كلماته وتصلبت كارول لتصرفه هذا وكادت ان تضحك لتسلية الموقف وللمرح الذي كان يظهر بعمق داخل عيون آرثر.
"
لقد تحول صديقك الى لوح من الخشب الفارغ" قال آرثر حين عاد وهو يسرح ببصره على جسدها الممتدد على الكنبة وعلى قبضتها المستعدة للكمه اذا اقترب منها .
"
يبدو انك تجد لذة بإهانة اصدقائي ؟ ام هل هذه هي طريقتك لمعاملة من لا يروق لك ولذوقك ؟"
"
تخلصي منه كارول " قال بنفاذ صبر وهو يتجاهل غضبها و الصلابة لا تزال واضحة على ملامحه , استجمعت كارول كل شجاعتها وحدقت به بتحدي وقالت " توقف عن اصدار الأوامر لي آرثر .. ستيف وانا بسن الرشد ونحن احرار بأن نفعل مانريد .. ولهذا فلم لا تغادر انت الى اسبانيا لتلعب التنس و ..."
بريق الازدراء داخل عيونه كان شديداً لدرجة انها امتنعت عن متابعة كلماتها .
"
ولماذا؟" حثها باحتقار رقيق " لأتركك تضحكين على ستيف مالبورن وتجعلينه اضحوكة بين يديك كما كنت تفعلين مع مارك ؟"
حدقت به بذهول وقالت حين وجدت صوتها " كيف بإمكانك قول هذا ؟"
"
استطيع قول هذا بكل سهولة , تماماً كما بإمكانك توجيه الاتهامات لي حول زوجتي السابقة المريضة المهجورة , يكفي هذا الآن , اذهبي الى النوم كارول " قال بحدة وكأن صبره قد نفذ ثم اقترب منها ودون ان تدري ماذا سيفعل حملها بين ذراعيه وهي تتخبط وصعد بها الى غرفتها حيث رماها بتؤدة على السرير وتابع " سنتابع هذا المناقشة الممتعة لاحقاً..."
" أية مناقشة ؟" سألته فوراً.
"
المناقشة التي قاطعها صديقك العزيز مالبورن كنت تخبريني عن هجري لزوجتي المريضة وجري وراء النساء الاصحاء ! اريد بشدة الاستماع للمزيد من هذا, في وقت لاحق , لكن ليس الآن , الليلة انا لا اثق بتحكمي باعصابي وصبري لأستمع للمزيد من اتهاماتك وإدعاءاتك , تصبحين على خير كارول " قال وهو يستدير نحو باب الخروج بعد ان رماها بإحدى ابتساماته الهازئة الساخرة .
ظلت كارول على وضعيتها وهي تحدق بالباب الذي خرج منه آرثر والارتباك والتعاسة تتخبطان داخلها , هي لم تعتقد للحظة ان خطأها تلك الليلة المشؤومة بتجاوبها مع معانقة آرثر وهي مخطوبة لمارك سيولد كل هذا الاحتقار والاشمئزاز عند آرثر من ناحيتها , هو يعتقد انها مجرد فتاة لعوب بلا مبادئ كغيرها من الفتيات اللواتي قد مر بتجارب معهن , لكن ان يكون آرثر نفسه في موقع الحكم عليها .. هذا ماكان يثير حفيظتها وحنقها وقررت ان عليها اتخاذ خطوات سريعة لإنهاء مهزلة هذه الرحلة , عليها العودة الى سدني باكراً في الصباح والابتعاد عن آرثر ميللر مرة وللأبد فوجودها قربه كوضع الزيت قرب النار , الانفجار اللاحق لن يعرف احد نتائجه ومعطياته , سنرحل باكراً وتعود الى محيطها المعتاد وتنسى كل ماحصل لها في جزيرة السحر هذا .

استيقظت صباح اليوم التالي لتجد الألم قد ازداد في كاحلها , لاشك ان السقطة كانت مؤذية اكثر مما اعتقدت عرجت الى دورة المياه حيث ملأت المغطس بالمياه وبالدواء ثم غطست فيه واخذت تمسد كاحلها برتابة حتى شعرت بتراجع حدة الألم بدرجة كبيرة , سمعت صوت دقة على باب غرفة نومها بعد ان خرجت من المغطس وكانت ترتدي ملابسها .
"
ادخل " قالت وقد ادركت ان القادمة ماريا .
"
سينيورا كارول لقد ابلغني السينيور آرثر ان اخبرك انه اضطر للمغادرة الى هونولولو لسبب طارئ وانه ستيتغيب طوال اليوم"
"
آه, حسناً شكرا لك ماريا"
"
كيف حال كاحلك سينيورا ؟" سألها المدبرة بتعاطف.
"
جيد , اعتقد انني سأكون بأحسن حال غداً"
تركت ماريا الغرفة وجلست كارول لتفكر بما عليها فعله , نزلت الى غرفة الجلوس وتناولت دفتر دليل الهاتف ثم اتصلت بالمطار , لخيبة املها وجدت ان المقاعد كلها محجوزة بالرحلات المغادرة هاواي الى اوستراليا من الآن وحتى يوم السبت , اي بعد سبعة ايام من الآن , وحين عرضت على المضيفة دفعها لمبلغ اضافي اذا تمكنت من تدبير مكان لها على رحلة الغد . اعتذرت المضيفة وقالت .
انها ستتصل بها في حال تخلف احد الركاب وفرغ مقعداً على الطائرة المغادرة الى اوستراليا غداً, شكرتها كارول واعطتها رقم الهاتف الفيللا ثم اعادت السماعة الى مكانها ونهضت والاحباط يحرك خطواتها الشبه عرجاء , ماذا ستفعل الآن لن تتمكن من السفر الا بعد اسبوع كامل , سبعة ايام ستكون مضطرة لقضائها هنا برفقة آرثر وايضا ستيف اذا لم يفهم انها لا تكترث له ويرحل عن الجزيرة .
استسلمت للواقع هذا وقررت الاستمتاع بوجودها لهذه الايام بهذا المكان الساحر وان تتجاهل كلياً وجود آرثر ميللر المزعج قربها , فلربما هي لن تلتقيه مجدداً ابداً بعد هذه العطلة وعليها التمتع بالجمالات حولها واخذ اكبر عدد من الصور لمعرضها الخاص حين تعود الى اوستراليا.
قضت اليوم بالاسترخاء والتمدد على شاطئ البحر واحتساء الشراب المنعش ثم غفت لساعتين بعد الغداء وحين غربت الشمس كان التورم قد زال من كاحلها واختفى الألم نهائياً.
شاهدت كارول التلفزيون ثم خلدت للنوم باكراً قبل عودة آرثر لأنها لم تكن راغبة برؤيته وفقاً لقرار التجاهل الذي قررته وبدأت تسير عليه.
استيقظت صباح اليوم التالي باكراً واستحمت ثم ارتدت لباس البحر الاصفر ونزلت الى الشاطئ.
اخذت تسبح باستمتاع بالمياه الدافئة وتشم بعمق رائحة نسيم الامواج الرائعة سبحت حتى صخرة كبيرة كانت تتوسط الامواج وجلست عليها واخذت تراقب الحشائش والطحالب الخضراء والمتاوجة مع المياه , استلقت على ظهرها على المياه المتلألأ وسرحت بذاكرتها الى رحلات السياحة التي كانت تقوم بها مع عائلتها , كانت حياتهم رائعة وكان والداها مثال الزوجين السعيدين المتفاهمين لقد علماها وسامايا على ان الحب هو اساس الزواج الناجح وان الاخلاص والوفاء هما طابعاه , ولهذا فإن شعور الذنب الذي اعترى كارول من جراء اخطأها الصغير مع آرثر كان هائلا واكد لها ان حياتها مع مارك لن تكون كحياة والديها , رغم تجاربها السطحية مع الشباب , فهي لم تختبر معنى الحب الحقيقي , حتى تجاوبها مع معانقات اصدقائها لم تقترب ابداً من شدة الانفعالات التي تشعر بها كلما لمسها آرثر ميللر او كلما اقترب بجسده او كلما قبلها بطريقته الرائعة تلك , لعل خبراته في حقل النساء بالاضافة الى جاذبيته المفرطة وجماله الساحر هو ما يجعله رجلاً خاصاً بكل معنى الكلمة بالنسبة لها. هزت رأسها طاردة التفكير بآرثر من عقلها واخذت تستمتع مجدداً بالسباحة وهي تشكر الله انها لم تجد مكاناً في طائرة الغد , فالجزيرة مثال السحر والجمال ولن تتاح لها فرصة الاستمتاع بوجودها ثانية.
خرجت من المياه وجففت نفسها ثم اخذت بعض الصور للأمواج ثم حملت الكاميرا وسبحت مجدداً الى الصخرة , كانت على وشك الجلوس على الصخرة , كانت على وشك الجلوس على الصخرة حين سمعت صوت آرثر يناديها.
"
كارول ..."
التفتت ووجدته يقترب من مكانها ولحظات وكان قربها " صباح الخير " قالت بخفة.
"
ما الذي تفعلينه هنا بحق السماء؟ " قال بغضب وهو يجلس على الصخرة قربها وعيونها تلمعان.
"
وهل هذا بحاجة لذكاء , انا اسبح كما ترى والتقط بعض الصور " قالت بطبيعية.
"
اعرف انك تسبحين وتلتقطين الصور , لكنك بعيدة عن الشاطئ والمسافة طويلة وانت كاحلك متأذي , ماذا تفعلين كارول اتريدين ان تغرقي نفسك؟"
"
لا ابداً, لقد زال الألم من كاحلي وعاد الى حالته الطبيعية , لقد كان مجرد التواء بسيط ولا داعي لتعظيم الأمور "
ابعد آثر خصلة من الشعر انسدلت على جبينه وحدق بها بحدة وحنق .
"
توقف عن النظر الي بهذه الطريقة " قالت وهي تنظر بعيداً عنه " ولماذا تبدو شديد القلق بشأن غرقي على كل حال؟ هل لأنك ستخسر بهذا ضحية تعذبها كلما احببت ؟"
صر آرثر اسنانه لمنع نفسه من الشتم ورماها بنظرة حادة قبل ان يقول بهدوء" ارى انك قد كونت فكرة جديدة حول شخصيتي .. لكن طموحي ليس تعذيبك كارول"

"
وماهو طموحك بحق السماء ؟" سألته بحدة " ماذا تريد مني ؟ سوء الحظ يلازمني منذ ان قرأت رسالة الرحلة هذه , حتى طائرة الغد المتجهة الى اوستراليا مكتظة ولا مكان بها بقطة ضالة , انت تحول بقائي هنا الى عبء ثقيل لا استطيع ان اتحمله "
قالت هذا وقفزت الى المياه واخذت تسبح بسرعة نحو الشاطئ والحنق يغلي داخلها وبدأت تشعر بالألم مجدداً في كاحلها , لحق آرثر بها ووصل الى الشاطئ وهي تنتاول منشفتها عن الأرض , وقف قربها كالطود وعيونه لامعة .
قال برقة أدهشتها " هل انت تعتبرينني كذلك حقاً كارول ؟ مجرد انسان فظ ثقيل الظل ومتسلط؟"
فتحت فمها لتنطق لكن حدة نظرته وجاذبيته المفرطة والمياه تتساقط من شعره الكثيف جعلاها صامتة , هو كان قريباً جداً منها ووجدت نفسها مسمرة مكانها دون قدرة على ابعاد عيونها عن وجهه.
"
حسناً ؟" أصر وصوته يزداد عمقاً وهو يحدق بها " هل تعتبرينني كذلك؟"
"
لا اعرف .. انا فقط لا اعرف !" قالت بصوت مخنوق وهي تستدير بسرعة للإبتعاد عنه الا ان ذراعه كانت على خصرها تجذبها اليه وتديرها لتواجهه للحظات قبل ان يطبق على فمها بعناق ذابت له وتبخرت مقاومتها وكل منطقها فارتشعت بشدة والصقها آرثر به اكثر ويداه تتحسسان ظهرها وكتفيها وفمه يكتشف رحيق شفاهها.
"كارول ..."قال يهمس ولهاثه يداعب وجنتها وصوته تخنقه العاطفة وتابع عناقه لها وقد ازدادت قبلاته حرارة ولهفة وجعلتاها تلتصق به اكثر وتحيط رقبته بذراعيها بجوع هائل ورغبة شديدة.
تنهدت برقة حين رفع آرثر شفاهه عنها وحدقت به بموجة من عدم التصديق وهي ترى العاطفة الجياشة التي كانت تشتعل داخل عيونه واخذ قلبها ينتفض بقوة بين ضلوعها.
"
يا الهي !" قال بصوت اجش واصابعه تداعب شعرها وعيونه تفتشان وجهها وعيونها " لماذا ارغب بك بهذه الشدة ؟ انت تعتقدين انني انسان بلا قلب هذب زوجته وهجرها , تقولين انك ضحيتي وانني استمتع بتعذيبك ! لكني رغم كل هذا اريد بشدة ان اطارحك الغرام الآن وهنا على الرمال الذهبية على حافة الاطلسي ! هل انت ساحرة كارول ؟ هل رميت بسحر طلسم ما علي ؟"
كلماته الرقيقة قطعت افكارها كالسكين , وزحف الواقع مجدداً الى عقلها المخدر , وتململت باحتجاج بين ذراعيه .
"
دعني اذهب آرثر" قالت بصوت مبحوح وشعور الخجل يعتريها لشدة التجاوب الذي اظهرته له وخوفها الهائل كان من شدة وقوة مشاعرها واحاسيسها نحوه .
"
سأدعك حين ارغب أنا بذلك" قال وهو يشد قبضتيه حولها ثم تابع " هيا لنعود الى الفيلللا فكاحلك لم يشف تماماً بعد"
"
اتركني وشأني آرثر " قالت بصوت حاد وهي تبتعد عنه بشدة " حين اريد مساعدتك فسأطلب منك ذلك"
"
اعتقد انك قد فعلت للتو " قال بسخربة رقيقة " عرض جريء وشجاع لعدم الاكتراث والاهتمام , كارول , انا انتظر بشوق وتلهف اعترافاً بالادارك الحسي لوجودي على فكرة لقد ذهبت البارحة لاستقبال شقيقتي وزوجها , انهم في الفندق الآن واريد منك ان تقابليهم" .
"
وإذا قررت البقاء في الفيللا بمفردي ؟" استفسرت بخفة " ماذا سيكون عقابي ياهل ترى؟"
"
ارجوك " قال آرثر باختصار " فقط تعالي لتناول العشاء معنا ساندرا وطوني طيبون جداً واعتقد انك ستحبينهم "
ابتلعت ريقها بصعوبة وقد ارتبكت للتوسل العميق الصامت داخل عيونه وسمعت نفسها تقول " حسناً , في اي وقت سنذهب؟"
"
في التاسعة سيأتون هم لتناول العشاء معنا في الفيللا"
العشاء الذي كانت كارول تجتر ندمها لموافقتها على المشاركة به اتضح انه مناسبة رائعة للتعرف على شقيقة آرثر الصغرى اللطيفة جداً وعلى زوجها طوني المهندس المعماري الوسيم .





" اذن انت هي كارول التي كلمنا عنها آرثر" قالت ساندرا وهي ترمق كارول بنظرة معجبة بثوبها الاسود الطويل والمفتوح عن الصدر والذي يبرز جمال ورشاقة جيدها وتابعت " انا مسرورة جداً لتعرفي عليك "
وعانقت ساندرا كارول بدفء وطبيعية مقبلة اياها على الوجنتين .
"
اهلا كارول يشرفني التعرف اليك" قال طوني بدوره وهو يبتسم لها بصدق.
جلسوا على الشرفة الواسعة واخذوا يتبادلون الاحاديث المرحة ووجدت كارول نفسها تنسجم مع مرحهم وطبيعتهم الممتعة , وتنقلت احاديثهم حول الجزيرة والسباحة وادركت كارول ان ساندرا تعمل كموظفة بنك في اونتاريو كندا حيث تقطن وزوجها.
"
المشكلة انني احب العمل المصرفي " قالت ساندرا " لكنه مرهق معظم الاحيان وقد لا استمر به بعد الولادة طفلي الثاني الذي سيأتي الى الدنيا بعد سبعة اشهر , لكم اتمنى لو ان لي عملي الخاص مثلك كارول " قالت بضحك " لكني اسوء ملتقطة صور في نصف الكرة الشمالي كله! ولهذا فأنا معجبة بك اكثر من اعجاب آرثر نفسه بك "
عيون ساندرا كانا بلون عيون آرثر لكن افتح قليلاً وبدت ساحرة الجمال بثوبها الشيفون الابيض الطويل وشعرها المرفوع بأناقة اعلى رأسها.

فتحت كارول فمها لتقول لساندرا ان آرثر لم يكن معجباً بها لكن آرثر الذي سمع اسمه يتردد بينهما اقترب اكثر وابتسامته مركزة على شقيقته.
"
لقد سمعت اسمي , ماذا تثرثران عني ؟" سأل بمرح.
"
كانت ساندرا تقول انها معجبة بي اكثر من اعجابك انت بي " كررت كارول بمرح " هي دون شك لاتعرف كم تولد الالفة الازدراء "
رغم نطقها للكلمات بطريقة مزاح وبابتسامة عريضة الا ان التوتر سيطر على الجو مبخراً الاسترخاء ونقلت ساندرا بصرها فوراً بين كارول وبين شقيقها وبريق خاص مدرك يلمع داخل عيونها.
عضت كارول على شفتها بشدة فهي لم تكن ترغب بإفساد جو السهرة الدافئ المريح , وشعرت الآن بعدم النضوج وبالتسرع والطفولية .. لماذا , لماذا بحق السماء تفوهت بهذه الكلمات اللعينة ؟
"
اشعر بوجود معنى خفي لهذه الكلمات " قالت ساندرا بابتسامة منتصرة " لا تدعوني اتواجد بينكما اذا كنتما على وشك البدء بشجار ما , سأذهب لاحضار المزيد من الشراب "
"
لا تقلقي ساندرا " قال آرثر برقة وعيونه المتقلصة تخبران كارول انه لم يكن مسروراً منها " كارول عندها حس كبير بالنكتة , هي تعرف انها تتمتع بـ ... بإعجابي الحي الدائم..."
انحبست انفاس كارول للبريق الذي رافق كلمات آرثر والذي ظهر داخل عيونه الزرقاء , بضحكة قصيرة جرعت قليلاً من كأس شرابها وابتسمت بإعتذار لساندرا .
" آسفة , كان هذا مجرد نكتة , لم اقصد ازعاجك " قالت بصدق ورقة فهي قد احبت ساندرا وشعرت كأنها تعرفها منذ سنوات .
"
اخبرني آرثر انك كنت مخطوبة لصديقه وانكما قد انفصلتما وانا اتمنى لك ان تقابلي فارس احلامك وان تكون خطوبتكما المقدمة للقفص الذهبي الابدي" قالت ساندرا بمرح وهي تغمز طوني بحب.
التوتر سيطر على اعصاب كارول لهذا الموضوع وسارعت بتغييره قائلة " شكراً لك ساندرا اخبريني كيف هي الحياة في كندا؟."
"
انها رائعة ورغم الصعوبة التي تواجهينها حين تبدأين بتكوين حياة جديدة في مكان جديد الا انك تعتادين على كل شيء حولك بعد فترة قصيرة , خاصة ان عملي وعمل طوني ممتازين هناك"
"
اجل فنحن على وشك افتتاح شركتنا الهندسية الخاصة" قال طوني بفخر.
"
صحيح انها شركة خاصة بنا ويساعدنا بإنشاءها المهندس الاول اونتاريو ماريو كراكس"
"
كراكس ؟؟" رددت كارول بدهشة " ماريو كراكس ؟"
الدهشة اكتنفتها لأن اسم عائلة زوجة آرثر السابقة هو كراكس , لاشك انها مجرد مصادفة فمع انها تعرف ان زوجة آرثر السابقة كانت كندية الاصل الا انه من غير الممكن انه بعد المعاملة السيئة التي عاملها آرثر لزوجته يقوم شقيقها او حتى احد اقربائها بمشاركة العمل مع زوج شقيقة آرثر نفسه .
آرثر كان يراقب ارتباكها وجاء لنجدتها بقوله بصراحة " ماريو كراكس هو الشقيق الوحيد لزوجتي السابقة غريتا"
مسدت كارول شعرها بارتباك وهي تحدق بآرثر بعدم تصديق .
"
هل انت تتساءلين كيف بإمكاننا التعامل مع احد افراد آل كراكس رغم ماحدث ؟" سألت ساندرا بذكاء .
"
اولاً مصالح عمل ماريو تتوافق مع مهارة ومقدرة طوني وماحدث قد حدث و ..."
"
كارول ليست مهتمة بالاطلاع على الدراما العائلية الخاصة بنا ساندرا " قاطع آرثر شقيقه بتحذير.. الا ان ساندرا تجاهلته وتابعت " مع ان الجميع عرف بالتصرف المخزي والمشين الذي قامت به غريتا اثناء زواجها بآرثر الا ان ماحدث قد حدث ولا يستطيع احد الآن الا ان يشعر بالتعاطف معها في حالتها المرضية هذه , وماريو شخص عقلاني وعملي ادرك ان العمل هو العمل "

" الهندسة بحاجة للمهارة وللخبرة " بدأ طوني ثم تتابع الحديث حول العمل والتجارة وما اليه ورغم ان كارول كانت تكتفي بالاستماع لمايدور حولها الا ان عقلها كان مشغولاً بالتعليق الصغير الذي قالته ساندرا حول زوجة آرثر السابقة , الزوجة غريتا هي التي ارتكبت خطأ مشيناً بحق آرثر ممادفع بهذا الاخير للإنفصال عنها اذن , وليس العكس , وهي اي كارول تركت نفسها تصدق اسوأ الاشاعات عن آرثر دون ان تعرف ان الأكاذيب هي ملح الاشاعات.
"
كارول " قطعت ساندرا حبل افكار كارول وتابعت " اريد ان اطلب منك شيئاً "
"
قولي ساندرا " ردت كارول بابتسامة صادقة .
"
ارغب لو تأتين معنا غداً الى هونولولو سنحضر المهرجان التقليدي لسنة الشمس ونتناول الغداء في قارب الذهب ثم نعود الى هنا مع غروب الشمس تستطيعين ان نحضري معك آلة التصوير خاصتك والتقاط كل الصور الرائعة لما سنشاهده هناك"
ابتسمت كارول لها وقالت بعد ان حدجت آرثر بنظرة سريعة " يسرني جداً ان افعل ساندرا لكني لا اعرف ان كان آرثر يريد ذلك بدوره "

"
هو دون شك يريد ذلك لكنه لن يعترف لك بذلك , انه شقيقي وانا اعرفه جيداً , التكبر وإخفاء كل مشاعره هما الصفتان اللاصقتان به منذ الولادة "
"
هيا ساندرا لا تكوني خبيثة " قال آرثر بمرح " سأقوم انا نفسي بإلتقاط الصور لك وصدقيني ستكون صوراً مناسبة جداً لمجلة اضحك وابتسم"
"
اذن نراك غدا كارول" قال طوني بمرح وهو يستعد ساندرا للمغادرة " تصبحين على خير"
"
تصبحين على خير " قالت ساندرا وخرجت وطوني يداً بيد الى السيارة حيت انطلقا الى فندقهما.
عاد التوتر ليسيطر على الجو بعد رحيل ساندرا وطوني وظل آرثر صامتاً وهو يحتسي الشراب ونظره سارح .
"
آرثر ..." بدأت كارول برقة " آسفة .. يبدو انني قد استمعت لاشاعات خاطئة ومغرضة عنك .. وقد حكمت عليك بدون وجه عدل.."
"
هكذا اذن ؟" قال برقة ممزوجة بالحذر صارت تعرضها هي .
"
انا اكره الاقاويل " تابعت بارتباك " لكن في ذلك الوقت لم اجد اي مبرر لعدم تصديق ما سمعته "
"
حقاً ؟ اتساءل لماذا ؟ لربما لأنني بدوت من نوع الذين سيرمون بزوجاتهم عن كل طيبة خاطر فوق الصفيح فقط لأنهن ارتكبن خطأ ما؟"
"
كلا .. انا .." قالت بارتباك دون ان تعرف ماذا تقول فهو لم يسهل عليها ما تريد قوله , لربما هي صدقت ما سمعته في السابق عنه لأن هذا كان يخفف من شعورها بالذنب اتجاه ما اقترفته معه ؟!
" والآن انت سعيدة لإعادة تقييم رأيك بي؟ يا لك من متسامحة" قال بلهجة ساخرة واضحة.
"
آرثر ارجوك..."
"
بما انك معتادة على الاشاعات والاقاويل فهل سترغبين بالاطلاع على كل القصة القصيرة كارول ؟"
حدقت به على ضوء الحديقة الخافت وجهه بعكس المشاعر المتضاربة السوداء التي كانت داخله واعتصر قلبها وقالت " آرثر .. انت لا تسهل علي مسألة الاعتذار منك"
قاطعها فورا " اذن لا تعتذري , لم يكن عندك من سبب لتثقي بي تماماً كانعدام السبب لي لأثق بك ! لربما نحن سوياً ليس من النوع الذي يثق بالآخرين !"
ابتعلت ريقها بصعوبة وهي تشد على قبضتها بقوة اتحافظ على هدوئها , كان من الاصعب الثقة بالناس الذين بإمكانهم أذيتك .. الفكرة زحفت الى تفكيرها وشهقت بخفة وقد حذرها عقلها من معنى فكرتها هذه.
"
ما الذي حدث آرثر ؟ مع زوجتك "
استفسارها المرتعش جلب ضحكة ساخرة الى وجه آرثر .
"
اذا انت تريدين ان تعرفي التفاصيل كارول؟ لقد اعقدت ذلك "
"
آرثر , هذا ليس عدلاً"
"
كلا.. ربما لا" قال وبدا كأن الغضب قد تلاشى قليلاً من داخله , يد مرتعشة قليلاً لامس خدها بخفة استدار مبتعدا واتكأ على الحافة قال" آسف لست بمزاج لمناقشة تقلبات زواجي الكارثة من غر يتا , اذهبي للنوم كارول , سأراك في الغد"
ترددت وهي تنظر الى جهته " لقد احببت شقيقتك وزوجها..."
النظرة التي رماها بها كانت هازئة بتعب " هما ايضا احباك . تصبحين على خير كارول "
"
تصبح على خير " قالت وسارت الى غرفتها.
ظل ضوء الشرفة مضاءاً بعد فترة طويلة من صعودها الى غرفتها التي ظل ضوءها بدورها مضاءاً لما بعد منتصف الليل فالنوم كان بعيداً كل البعد عن جفونها ولا تعرف على اية فكرة بالذات غفت وصحت على صياح الديك وهي تنادي اسم آرثر .
نهضت من الفر اش وهزت رأسها بشدة , مامعنى ان يكون آرثر ساكن احلامها .؟ ما الذي يحدث لها في هذا المكان ؟ لطالما شعرت بمثل هذه الأوضاع انها بحاجة ماسة لوجود والدتها بقربها حتى تتمكن من نزع الغشاوة عن عيونها وإفهامها ما الذي يحدث لها بالفعل .
نهضت من الفراش وتناولت سماعة الهاتف ثم اتصلت بشقيقتها.
"
الو سامايا؟"
"
من ؟ كارول ؟ هل جننت ؟ تتصلين بهذا الوقت الباكر؟"
"
لقد شعرت برغبة بالتحدث اليك ياسامايا"
" آه الشقيقات ! الحمد لله انني لا املك غير شقيقة واحدة " قالت سامايا بمرح وتابعت " خير كارول ماذا هناك؟ كيف تسير امور عطلتك في جزيرة الجنة ؟"
"
الجزيرة رائعة وهي فعلاً اجمل جزر العالم ! الطقس رائع وحار والبحر آه! اكثر من رائع و ..."
"
ادخلي في صلب الموضوع كارول! لقد استيقظت تماماً الآن واصبحت مستعدة تماماً لسماع اخبارك "
"
اي موضوع سامايا؟"
"
هيا كارول! موضوع آرثر ميللر ! لقد عرفت انه لم يشترك بدورة فالنسيا فلا شك انه لا يزال في الجزيرة ! هيا اطلعيني على كل شيء ولا تنسي اي تفصيل اسمعتي؟"
"
لا يوجد اية تفاصيل وشروحات سامايا" قالت كارول " الأمر فقط ان وجوده هنا هو الذي يخرب علي استمتاعي بهذه الرحلة "
"
وكيف ذلك؟" سألتها سامايا باهتمام.

"
انه يعتقد ان كل النساء لا تستطيع مقاومة سحره الفاتن وانا لا اعرف اشعر بالتوتر والا ضطراب كلما كان قريباً مني ولقد فكرت بالعودة الى سدني لكني لم اجد مقعداً فارغاً وستطول اقامتي هنا الى ايام اخرى بعد"
"
وكيف تشعرين بالاضطراب والتوتر بالرغم من نعرضك بعملك للتعرف والاختلاط مع العديد من الرجال"
"
هذا صحصح لكن لا اعرف الامر مع آرثر يختلف تماماً , اعصابي كلها تتشنج بوجوده بدرجة كبيرة والعدائية التي لم اختبرها من قبل تظهر بأقصى قوة حين يكون هو الطرف الثاني بالموضوع و.."
"
وماذا كارول ؟" حثتها بحب.
"
ولا اعرف احيانا اشعر بالخوف لدرجة انشغال افكاري به و.. حين يلمسني .. تتفجر احاسيس كلها ولا اعرف كيف اقاوم او ابتعد..."
"
هذه العوارض كلها تدل على اتجاهك نحو تورط جدي كارول فانتبهي , انت شديدة الحساسية واخشى ان اية أذية او صدمة ستعرضيين لها ستكون قاسية النتائج عليك, ومع انني احترم آرثر واعزه لكني اخشى عليك منه فهو شديد الجاذبية والثقة ومعروف عنه ولعه بالعلاقات الآنية القصيرة "
"
اعرف كل هذا سامايا ولهذا فأنا سأعود الى سدني في اقرب فرصة فمايحدث لي هنا وضع لم اختبره من قبل لكني اشغل نفسي بالتقاط اكبر عدد ممكن من الصور وبالسباحة والاستماع بالشمس والاسترخاء "
"
سآتي لزيارتك حين تعودين الى سدني ونصيحتي لك كارول ان تأخذي الامور ببساطة وان تبتعدي عن الامور التي تزعجك وتتجاهلي وجود آرثر قربك , كوني طبيعية تذكري ان حياتك في سدني وفي عملك "
"
حاضر ايتها الاخت الصغرى " قالت كارول بخفة ومرح " من يسمعك تتحدثين هكذا يعتقد انني الصغرى وانك الاخت الأكبر والأكثر خبرة ونضجاً"
ضحكت سامايا وقالت " النضج لا يقاس بسنوات العمر يا ابنتي بل بمدى الخبرات والتجارب "
"
آه يا أم التجارب " قالت كارول مقهقهة ثم تابعت " شكراً لك سامايا اشعر بالارتياح حقاً الآن , سأراك حين اعود الى سدني , إنتبهي لنفسك ولدروسك "
"
النصيحة المعتادة لقد حفظتها غيباً كارول وآن لك اسنتباط نصيحة جديدة غير هذه المعتقة "
"
حسناً , دعيني افكر .." ردت كارول " آه ... اجل انتبهي لحالك ولمدرستك "
"
الرادف !!" قالت سامايا بضحك " الى اللقاء كارول اتشوق لرؤيتك بعد اسبوع لسماع الاخبار"
"
حسناً الى اللقاء سامايا , لك قبلاتي"
تنهدت كارول بعمق بعد ان اعادت السماعة الى مكانها لطالما بحاجة لمن تفرج له همومها وتباحث معه بمشاكلها , ستحاول ان تتصرف مع آرثر بطبيعية وان تتجاهل كل التأثر الذي يملكه عليها , فاليوم هي ستقضي اليوم بأكمله معه ومع شقيقته وزوجها.
اخذت نفساً عميقاً ثم اتجهت الى دورة المياه للاستحمام وللاستعداد ليوم الرحلة المطول هذا مع آرثر , ساندرا وطوني , ارتدت كارول بلوزة مزهرة بيضاء بلا اكمام وتنورة قصيرة ضيقة , ثم سرحت شعرها بقوة حتى انسدل كشلال الذهب على كتفيها , بإضافة بعض الماكياج لعيونها ووجهها اكتملت اناقتها وغادرت غرفتها وهي تحمل نظارتها الشمسية وقبعتها القش الكبيرة .
كانوا قد اتفقوا على الانطلاق في الساعة الثامنة صباحاً وحين نزلت وجدت ان آرثر جاهزاً تماماً وينتظرها في غرفة الجلوس .
كان يرتدي قميصاً ابيض اللون مفتوح عند الصدر وجينز ازرق ضيق وشعره كالعادة كان يتهدل على جبينه بطريقة طبيعية ساحرة.
تجاهلت كارول تسارع نبضات قلبها لرؤيتها له وابتسمت برقة.
"
صباح الخير آرثر" قالت بخفة " ارجوا الا اكون قد تركتك تنتظر "
"
انت دقيقة بالمواعيد " رد بهدوء " ارى ان الكاميرا ترافقك كالعادة"
رفعت كارول كاميراتها الحديثة وقالت " الست مصورة محترفة إنها زميلتي في كل تحركاتي وبصراحة اود لو التقط لك صورة هنا والآن لو سمحت "
"
اتحتفظين بها كذكرى عن الرحلة ام لتكون ذكرى لك عني أنا "
ابتسمت بغموض وقالت له " لعل الاثنين معاً" ثم غادرت الغرفة الى السيارة.
ساندرا وطوني كانا بانتظارهما في بهو الفندق ودعوهما فوراً لتناول الفطور الخفيف والفاكهة الشهية .
جلست كارول بجانب ساندرا التي بدأت للتو احاديثها المرحة والممتعة عن مخططات يومهم هذا.
"
تبدين شاحبة قليلاً كارول " علق آرثر وهما ينطلقان نحو السيارة وخلفهما ساندرا وطوني.
"
لا, أنا فقط مررت بليلة مزعجة " ردت بخفة.
"
تحتاجين لفترة من الوقت للتأقلم مع الطقس هنا" قالت ساندرا " انا لا استطيع النوم طوال اليومين الاولين خلال كل زيارة لي الى هنا , لكني متأكدة اننا سنرهقك اليوم كارول وستعودين للنوم فور وضعك لرأسك على الوسادة "
"
لا اعتقد ان كارول من النوع الذي يغفو فور دخوله غرفة النوم" علق آرثر وهو ينطلق بسيارة الكمارو السوداء الساحرة" فضوء غرفتها كما لاحظت يطفأ بساعة متأخرة من الليل"
"
آه , فأنت اذن صرت تراقب النوافذ والمصابيح بهذه الأيام آرثر ؟!" علق طوني بمرح وهو يغمر ساندرا الجالسة قربه في المقعد الخلفي .

"
إنه اخي وانا اعرفه جيداً لكن هذه الهواية جديدة علي بالحقيقة" قالت ساندرا بضحك.
"
هيا ايها الاثنان تسليا وتندرا بموضوع آخر وإلا فسأتوقف هنا وادعكما تذهبان الى هونولولو سيراً على الاقدام"
"
موافقة على شرط ان تكون كارول معنا" قالت ساندرا وهي تغمز كارول " وحينها سنرى من سيصل اولاً الى هونولولو "
"
اعتقد اننا جميعا سنصل سوياً " قالت كارول .
"
ارى هناك إشارة تحمل إسم هونولولو إذا كانت قراءتي للغة المحلية صحيحة "
"
انها كذلك" رد آرثر وهو يوقف السيارة في ساحة كبيرة وسط حشد الألوان و الزينة.
"
ارى ان الاحتفال قد بدأ للتو" قالت ساندرا بحماس وهي تغادر السيارة.
"
هيا كارول لنجلس بمكان امامي حتى نتمكن من مشاهدة كل الفقرات"
امسكت كارول بيد ساندرا التي ركضت بمرح الى حافة صغيرة قرب إحدى المحال وجلست عليها وكارول.
لحظات وتبعهما آرثر وطوني.
"
لن تتخلى عن حركاتك الطفولية هذه ابداً ساندرا ايه؟" قال طوني بمرح معاتباً ساندرا.
"
وماذا في ذلك تعرف ان صحتي ممتازة وان الجنين متعلق بي جيداً "
"
اجل لكني اخاف عليك من الحماس الزائد ولهذا فسأراقب تحركاتك طوال اليوم" رد طوني باهتمام وحب.
"
إفعل ماتشاء طوني لكني سأتمتع بيومي هذا واعدك انني لن اركض او اقفز اذا كان هذا مايثير قلقك علي "
"
الرقص طبعاً لا يدخل ضمن المحظورات " قال آرثر بمرح .
" آه الرقص ! طبعا لا " ردت ساندرا بحماس وهي ترمق مجموعات الراقصين بثيابهم التقليدية الزاهية وهم يتماوجون ويتراقصون وسط الساحة وفقاً لموسيقى الطبول والدفوف.
"
انها رقصة المالشا " قال شارحاً لكارول ماتراه امامها " كان اهل الجزيرة يرقصونها كلما ازداد هيجان البحر وعلت امواجه , وفيها يطلبون من آلهتهم العطف و السماح لاعتقادهم ان هذه الآلهة غاضبة منهم لسبب ما وان عليهم مصالحتها ومهادنتها حتى يعود البحر الى حالته الطبيعية"
"
هذا هنا هو الساحر الأكبر " قالت ساندرا الآن وهي تشير الى احد الراقصين المميزين بزيهم وقبعاتهم المصنوعة من الورد .
"
انه المسؤول الاول عن الرقصة وكما تلاحظين الجميع يتبع حركاته وقفزاته "
"
الجزر عادة تكون مهر السحر والخرافيات " علقت كارول بحماس وقد شدتها الموسيقى والألوان .
"
اجل , ستجدين هنا العديد من الساحرات والمتنبين بالطالع, إنهم كالفجر يؤمنون بتأثير النجوم والاجرام السماوية على حياة البشر وتحركاتهم" قالت ساندرا.
"
دعونا الآن من الاحاديث وهيا لبعض الحركة" قال طوني وامسك بيد ساندرا ونزل بها الى ساحة الرقص .
الرقصة الاولى كانت قد انتهت واخذت الفرقة الموسيقية تدق موسيقى اهدأ وبدأ الراقصون يرقصون رقصة وهي مزيجاً من السامبا واللامبادا.
"
لنرى إن كنت قد تعلمت الرقص من رقصتنا الاخيرة معاً" قال آرثر وهو يمسك بيد كارول ويشدها برقة الى حلبة الرقص " لكن هذه المرة لن ادعك كارول تهربين فانتبهي "
دون ان يكون امام كارول فرصة للرقص وجدت نفسها في وسط حلبة الرقص فابتسمت لساندرا التي كانت تشجعها على الرقص ووضعت ذراعيها حول رقبة آرثر واخذت تقلد حركات ساندرا.
نبضها تسارع لرقصها معه لكنها ركزت على متعة هذه الحركات المتناغمة وجود ساندرا وطوني قربهما, جعلا توترها يخف وكان آرثر يعلمها الحركات وقد بدأ هو نفسه مسترخياً ومستمتعاً بالأجواء المرحة .
إنتهت الرقصة اخيراً وتنفست كارول الصعداء , لذلك فرغم المرح , رغم وعدها لنفسها بمعاملة آرثر كصديق عادي ورجل عادي الا ان اقترابها منه وملامسته لها كان لهما نفس التأثير الكبير السابق عليها.
اتجهت نحو ساندرا وقالت " انت بارعة بالرقص ساندرا فعلاً , اين تعلمت هذا ؟"
"
زياراتي الى هنا متكررة ومتعددة وفي كندا يقيمون دوماً المهرجانات حيث يرقصون كل انواع الرقص من الديسكو الى البريك والسامبا وحتى الرقص الشرقي"
"
يبدو هذا ممتعا " ردت كارول بحماس.
" انه كذلك فعلا" قال طوني " والآن هيا لمشاهدة المعرض الحرفي الخاص "
"
اعتذر منكم " قالت كارول وهي تتناول كاميرتها " احتاج لالتقاط بعض الصور " قالت وبدأت فعلاً بتصويرهم اولاً ثم اخذت تصور اللقاطات الرائعة والمعبرة للرقصة التالية التي كانت كما اخبرها آرثر رقصة المطر .
المعرض الحرفي بدوره كان ساحراً ويتضمن كل الاشغال الحرفية التي يقوم بها اهل الجزيرة , من تركيب الاصداف واستعمالها لصنع لوحات واشكال جمالية رائعة , الى اعمال الديكور المصنوعة من جذوع النباتات وحبالها وما إلى ذلك من اشياء جديدة كلياً على كارول.
إنسحرت كارول بالكم الهائل من الاشياء الجذابة والملونة التي رأتها في المعرض وكانت تلتقط الصور وكلها ثقة ان معرض الصور الخاص بهذه الجزيرة سيكون من اهم المعارض التي ستقوم بها والتي ستحمل كل الافادة لعملها.
"
حان الوقت الآن لنتناول البلاروستا" قال آرثر .
"
البلاروستا؟" استفسرت كارول بدهشة.
"
اجل انها الاكلة المحلية هنا " شرح آرثر وهم يتجهون الى مطعم فاخر " ستحبينها كارول دون شك , انها مزيج لعدد كبير من الاطعمة البحرية المطهوة بطريقة خاصة وباستعمال بهارات خاصة"

"
اتشوق لتذوق هذا الطبق " ردت كارول بصدق "ولكن إذا لم يعجبني طعمه ؟"
"
سيكون على آرثر تناول كل الوجبة بمفرده " ردت ساندرا بضحك " لأنني وطوني سبق لنا وتذوقنا البلاروستا وبصراحة لم نحبها ونغرم بها كما هي حالة آرثر"
ضحك الجميع لتعليق ساندرا ودخلوا المطعم . البلاروستا كان فعلاً وجبة رائعة احبتها كارول من مجرد رؤيتها لشكلها الشهي وصفق آرثر بانتصار مغيظاً ساندرا حين اعلنت كارول إعجابها بهذه الأكلة واخذت تتناولها بشهية .
"
لقد خسرت الرهان " قالت ساندرا بحزن مصطنع " لكن لا بأس قد اربح الرهان الأكبر والاهم" تابعت وهي تغمز طوني بغموض وتبتسم لآرثر.
لم تفهم قصد ساندرا من كلماتها هذه الا انها تجاهلت هذه التعليق وتتابع الغداء بمرح وطبيعية .
"
هيا الآن الى خيمة الساحرات" قالت ساندرا بصوت مسرحي ثم تأبطت ذراع كارول واتجهوا نحو خيمة زاهية ضخمة كانت في طرف الساحة.
"
انت وحبك للتنجيم " قال آرثر موجهاً كلامه الى شقيقته " الن تتعلمي بعد ان الساحرات ينطقن فقط بكلمات يحفظنها غيباً ويرددنها على مسامع الجميع "
"
هذا غير صحيح آرثر " ردت ساندرا بدفاع " بعضهم يمتهن التبصير لكن البعض يتقنه فعلا الاتذكر تحقق نبوة ماقالته تلك الساحرة لي قبل سنتين جول طوني ونجاح عمله بمكان بعيد وجديد , انا اؤمن بهذا ولعل كارول توافقني بهذا؟"
" انا في الواقع لم افكر يوماً باكتشاف ما يخئبه المستقبل لي باللجوء الى احدى الساحرات او السحرة , لكني اعتقد ان طبيعة كل إنسان تدفعه لمعرفة ما يخبئ له المستقبل , كون المستقبل شيئاً غامضاً مبهماً والانسان بطبيعته الفضولية يرغب بمعرفة كل ماهو غامض خاصة حين يتعلق الامر به شخصياً وبحياته وباموره الذاتية"
"
كلام كارول منطقيا وصحيحاً " وافقها طوني " لكن الخطأ يحدث حين يؤمن الانسان ان السحرة يعرفون حقاً مستقبله وبالتالي يسكنه هذا الهاجس ويصبح لعبة بيد المشعوذين والدجالين"
"
لن يصل احد منا الى تلك الدرجة طوني تمهل ارجوك " قالت ساندرا بمرح " سنكتفي فقط بقضاء الوقت والاستمتاع بما ستتفوه به تلك الساحرة الجميلة هناك "
الساحرة الجميلة التي تحدثت عنها ساندرا كانت عبارة عن إمرأة طاعنة بالسن كانت ترتدي كل الألوان الواهية وتضع على رأسها شالاً من الحرير الملون المقصب . وكانت عيون تبدو غجرية بكل حركاتها وسكناتها وحتى نظراتها.
تركزت عيون الساحرة على كارول من ضمن المجموعة وتفوهت بشيء ما , فنظرت كارول الى ساندرا باستفسار فقالت ساندرا " انها تقول انها تريد ان تقرأ لك طالعك , فالبرج بين عيونك يطلعها على الكثير"
ضحكت كارول وقالت " الحمد لله انني عرفت ان هناك برجاً بين عيوني , وانا اتساءل لماذا ينظر الجميع الي كلما مررت بقرب احدهم "
"
لا تسخري من كلامها كارول " حذرتها ساندرا " للسحرة الفاظهم وتعابيرهم الخاصة وهيا انها ترغب بقراءة طالعك"
"
لا من الافضل ان تبدأي انت ثم سأفكر انا إن كنت ارغب بذلك ام لا "
وهذا ماحدث فقد ناولت ساندرا كفها للساحرة التي نظرت به بعمق واخذت تتحدث بلغة البلاد بسرعة لم تستطع معلومات كارول القليلة عن اللغة المحلية تساعدها باستعياب ماكانت الساحرة تقوله.
تبرع آرثر بشرح ماتقوله الساحرة لساندرا فقال وهو يبتسم بمرح" انها تخبر ساندرا ان لديها طفلا صغيرا في مكان بعيد , وهذا صحيح فقد تركت ساندرا ابنها روكي مع والدتي في اسبانيا وهي تقول لها انها سترزق بفتاة عما قريب وان السعادة ستكون بانتظارها حين تعود الى مسكنها لأن فرصة عمل كبيرة بانتظارها هناك"
"
أرايت كارول " قالت ساندرا حين انتهت الساحرة من كلامها " معظم كلماتها صحيحة وواضحة, هيا الآن حان دورك"





" لكني لست متأكدة انني ..." بدأت كارول.
"
هيا كارول لنسمع ماستقوله لك الساحرة "
اعطت كارول يدها للساحرة التي ابتسمت لها بغموض وبعد سيل من الالفاظ المحلية السريعة تركت الساحرة كارول وصفقت بيديها بانتصار.
"
ماذا ؟ ماذا هناك ؟" استفسرت كارول بدهشة وهي تلاحظ حماس الساحرة وفرحها.
"
آه , انها تقول انك فتاة محظوظة وانك اتيت من مكان بعيد الى هنا وان الحظ الاكبر مكنوز لك هنا بين رمال الجزيرة الذهبية , هنا ستقابلين الرجل الذي ستكونين عروسه " بدأت ساندرا بحماس وهي تبتسم بفرح " سيكون رجلاً جميلاً وستتزوجينه قريباً جداً قبل مغادرتك لهذه الجزيرة"
قهقهت كارول مجدداً وقالت " لا اعتقد ذلك"
"
بلى انها متأكدة تقول ان الرجل طويل القامة وداكن اللون "
ضحكت كارول مجدداً وقالت " هذا كلام جميل لكنه مستحيل"
"
حقاً؟" قالت ساندرا بإغاظة " هل هذا مستحيل لهذه الدرجة ؟ هناك اربعة ايام من الآن وحتى نهاية عطلتك قد يحدث الكثير بأربعة ايام "

"
حسناً مادام لا نية لدي بمجرد التفكير بأمر الزواج فلا شك انني سأكون بحاجة لصدمة دماغية كبرى ولفقدان ذاكرة كامل حتى تتحقق نبؤة الساحرة العزيزة هذه"
لم تعلق ساندرا بشيء على هذا والتعبير داخل عيونها معبر.
"
اعتقد ان فقدان الذاكرة الكلي هو تمرين سبق وقمت به من قبل" علق آرثر بنعومة وقصد ثم تابع مغيراً الموضوع " سنذهب الآن الى ساحة السباق حيث يجرون السباقات على خيول غير مدجنة "
اجبرت نفسها على الاعتكاف بالصمت , تعليق آرثر كان ذو معنى غير خفي احداً لن يفهمه غيرها لكنها كانت مصممة على عدم جعله يستفزها ويدفع بها الى فخه.
ساحة السابقات كانت واسعة جداً وكانت جموع السواح تحتشد حول الحلبة وتشجع المتبارين.
"
نعتذر الآن " قال آرثر وهو يتأبط ذراع طوني " سنذهب للاستعداد للاشتراك وسأسمع من سيشجع اكثر "
قال هذا وابتعد طوني نحو الكواليس , جلست كارول وساندرا على حافة الحلبة .
"
لشقيقي مهارات عديدة وهو كما تعرفين بحالة مادية ممتازة " بدأت ساندرا وهي تنظر لشقيقتها بإعجاب وحب " واعتقد ان هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل غريتا تتمسك به وتتعلق بتلابيبه , لقد اصرت ان تحافظ على مستوى المعيشة التي اعتادت عليهما حتى.. بعد ان حدث ماحدث"

" وما الذي حدث ؟" اندفعت بالسؤال بسرعة قبل ان تتمكن من كبح جماح لسانها.
رمتها ساندرا بنظرة عميقة مفكرة وقالت " الم يخبرك آرثر؟"
"
لا..."
"
هل تهتمين لأمر شقيقي كارول؟" سألت ساندرا بفضول و عيونها الزرقاء تعكس صدق اهتمامها.
تقلصت امعاء كارول وجف حلقها وتحاشت نظرة الفتاة الاخرى .
"
ليس ... ليس بالطريقة التي تعتقدين " قالت واللون الاحمر يلون وجهها وساندرا ترمقها بعدم تصديق كبير " لست واثقة من وصف حقيقة ماهي عليه علاقتنا..."
ابتسمت ساندرا برقة وقالت " لست بلهاء كارول , هناك جو من الكهرباء و المغناطسية بينكما , الليللة الماضية واليوم مجدداً , لكني لا اريد التطفل"
"
انت على خطأ" قالت كارول وقلبها ينتفض بشدة وهي تتحاشى الاعتراف بمشاعرها الغامضة.
"
لا يوجد اي شيء مثل هذا بيننا ...."
ظلت ساندرا صامتة لفترة طويلة ثم قالت بتفكير" من الصعب على آرثر التحدث حول غريتا , لكني اعتقد ان عليك معرفة بعض الامور عن هذا الموضوع , مع انه سيخنقني اذا ما علم بذلك , لقد تقابل وإياها في إحدى حفلات رأس السنة التي اقيمت في النادي المحلي في برشلونة , غريتا كانت في التاسعة عشر من العمر وكانت ساحرة الجمال والجاذبية , كانت الفتاة المدللة والوحيدة لوالدتها , آرثر كان في الرابعة والعشرين من العمر وبصراحة كان بالغ العناد! القى بنظرة واحدة على غريتا وانسحر كلياً بها , فقط بعد ان تم زواجهما اكتشف آرثر انها لم تكن عذراء وانها كانت حاملاً من رجل آخر وقد وصل هو فقط في الوقت المناسب لإنقاذ سمعتها ..."
"
وكيف عرف آرثر ذلك ؟"
"
ظهر عشيقها السابق وطالب بفحص الدم للطفل والنتائج اظهرت صدق ماقاله ريدكو فرانشز "
"
آه ! يا للهول" علقت كارول بنفس متقطع وهي تتخيل الضربة القاضية الذي تعرض له كبرياء آرثر.
"
حدث خلاف هائل , لكن العائلتين أرتأت عدم إبطال الزواج , واقسمت غريتا بقوة انها نادمة على ماحدث وانها تحب آرثر بعمق وارادت ان تبقى معه وتوسلته كي يسامحها , فوالد الطفل كان فقيراً واعتقد ان هذا هو السبب الرئيسي لتعلقها بآرثر , على كل حال , قام آرثر بجهد جبار لمسامحتها واعتقدنا جميعا انه مجنون , فهذه لم تكن غلطة غريتا الاولى , وايضاً هي اختارت عن عمد وببرودة اعصاب إخفاء شناعة خطأها هذا عن آرثر وتقصدت خداعه , لكن لشقيقي .. معتقداته النبيلة التقليدية حول قدسية الزواج "
شعرت كارول بموجة من العار اتجاه ما اعتقدته وماقالته لآرثر حول زواجه فظلت صامتة واستمعت لمتابعة ساندرا للحديث.
"
لكني اعتقد انه شعر بالأذى الكبير وبالخيانة ولم يستطع نسيان ذلك, ظلا امام الجميع زوجاً لكن الشق كان يتعاظم بينهما وادرك آرثر انه لن يتمكن من الوثوق بغريتا مجدداً وحين ... حين انكشفت علاقتها بجون دياغو احد المحامين المغمورين إنفصل آرثر عنها وباشر بإجراءات الطلاق..."
"
وحينها اصيبت غريتا بالمرض؟"
"
اجل بعد الطلاق بفترة قصيرة "
"
وماذا حل بالطفل ؟"
"
لقد كان مريضاً منذ الولادة ولم يتمكن من المقاومة فتوفي وهو بعمر ستة اشهر فقط"
"
انها في المستشفى خاص في فيالانسيا ومرضها يتطلب عناية دائمة واهتمام مستمر , دواءها هو الكرزتيزون الذي له حدين كالسيف فهو يشفي الربو من جهة ويقضي على الألياف من جهة اخرى , آرثر لا يزال يرسل لها مبلغاً شهرياً للمساعدة في تكاليف العلاج , اعتقد انه رغم كل ماحدث لا يزال يذكر ان غريتا كانت يوماً زوجته .. وانه مسؤول نوعاً ما عن علاجها او حتى المساعدة به"

"
لكن..."
"
آه دعينا ننسى امر هذا الموضوع الآن ونفكر بأشياء اكثر مرحاً , آه هاهو طوني على ظهر الحصان ! هيا طوني هيا! "
اخذت كارول تتابع بقية احداث النهار بحذر وابتسام مصطنع فكلمات ساندرا انها ظلت تسكن افكارها وتؤرقها وتقض مضجعها.
الصمت كان ملازماً لها بطريق عودتهما وكان آرثر يوجه حديثه لساندرا وطوني ويرمقها بنظراته المشككة بين الحين والآخر ملاحظاً صمتها وتباعدها بدون ان يعلق بشيء.
كان من المفترض بها تناول العشاء مع الجميع في مطعم لاتراسا لكنها اصطنعت ألماً برأسها واعتذرت بشدة من ساندرا وطوني.
"
لكننا قد نرحل غداً وقد لا نتمكن من رؤيتك ثانية!"ردت ساندر بأسف.
"
سآتي لرؤيتكما قبل الرحيل اعدك بذلك ساندرا , لكني حقاً تعبة والألم يتزايد , لقد كان هذا اليوم رائعاً شكرا لكم , لقد استمتعت كثيراً"
"
سأوصلك الى الفيللا ثم اعود اليكم لاحقاً" قال آرثر وهو ينهض من مكانه .
"
لا داعي لذلك حقاً المكان قريب وسأسير اليه .."
لكنه تجاهل كلماتها وامسك بذراعها وسار بها الى خارج المطعم .
ظل صامتاً وهو يقود السيارة ثم حين ركنها امام الفيللا سارعت هي بالنزول . تبعها الى الباب و فتحه.





" عد اليهم آرثر سأصعد انا لأنام " قالت واتجهت نحو السلالم.
لكنه امسك بذراعها وشدها ببعض القسوة الى غرفة الجلوس وقال عيونه تبرقان:
"
تنامين والساعة لا تزال الثامنة ؟ اريد ان اتكلم معك قليلاً قبل ان تنامين " قال.
"
ماذا تريد ؟" سألت بإرهاق وهي تنظر اليه وتود من اعماق قلبها ان تعانقه وتبعده عن كل الاحزان التي تعرض لها في السابق.
"
لماذا لم تشاركينا العشاء؟" سأل وهو يحدق بها .
"
انا .. انا بحاجة للبقاء بمفردي .."
تقلصت عيونه عليها وسألها " هل هو كاحلك ؟"
"
كلا , كاحلي بخير"
"
اذن فأنت تتحاشين رفقتي"
"
كلا" هتفت بسرعة ثم عضت شفتها بندم وهي تصارع الصراع الغير واضح للمشاعر التي اخذت تلفها .
"
كلا , كارول ؟" سألها باستفسار وعيونه تسيران غور عيونها للوصول الى اعماق افكارها.
"
انا.. انا آسفة لأنني شديدة الفظاظة بشأن تعليقاتي حول زواجك .. آسفة اذا ماكنت قد اسأت الحكم عليك.. حول غريتا" قالت باندفاع حار وسريع وصوتها منخفض ومتصلب " الليلة الماضية انت لم تسمح لي بالاعتذار ولم تشرح ..."
عادت النظرة المتباعدة لتسكن عيون آرثر وقال .
"
واليوم اعتقدت ان الامور ستكون مختلفة ؟ لاشك ان ساندرا قد ادلت بدلوها بهذا الموضوع بالذات"
"
لقد تبادلنا بعض الاحاديث نعم "
التوى فمه بسخرية وارتعشت للقسوة الجليدية التي لمعت داخل عيونه.
"
زواجي بغريتا كان خطئاً سيئاً" قال باختصار " لقد انتهى , مات , اصبح من التاريخ , هذا موضوع لا اهتم لشرحه او التحدث عنه"
"
كيف بإمكانك قول هذا ؟" سألته برقة وهي تشعر باليأس و الاحباط لعدم رغبته بالوثوق بها واطلاعها على اي شيء يتعلق به.
"
كيف تدعي انه موضوع منتهي بالنسبة اليك فيما انت تزال تدفع لها تكاليف العلاج حتى الآن ؟ وكأنك .. تشعر ببعض الذنب اتجاهها ! مما قالته ساندرا ادرك انك آخر شخص ممكن ان يشعر بالذنب اتجاه ماحدث "
مرت فترة من الصمت المتوتر بينهما وعيونها المتوسعة تحدق به, شعرت بغرابة ان الشق كان يتوسع بينهما وانه بدلاً من نيتها بالتقرب منه ومؤاسته بعد ما سمعته وعرفته الا ان المسافة توسعت اكثر واصبحت اكثر عدائية وغرابة.
"
يا للأسف لأنني لم استشيرك قبل اشهر مضت " قال اخيراً باستهزاء لطيف ."والا لكانت كل مشاكلي قد حلت بأسها واقصر الطرق"
توهجت وجنتاها وارتعشت بخوف من عمق المرارة التي ظهرت داخل عينيه .
"
آرثر انت لست عادلاً ..."
"
كان علي ان ادرك انك بارعة جداً في حقل الذنب النفسي وتحليله كارول " قال بقسوة " لربما علينا العمل سوياً على هذه المسألة وتسجيل الملاحظات"
كلماته سحبت غطاءاً من البرودة على مشاعرها , التقطت انفاسها بحدة وتصلبت , هذا كان مستحيلاً لكم هي غيبة باعتقادها ان معطيات ساندرا لها حول ماضي آرثر ومهزلة زواجه قد اعطتها هي الارضية القوية لامكانية فهمها له بطريقة افضل , ما الذي كانت تفكر به بقربها منه هذا ؟ التقرب منه آخر ماتريده في هذه الدنيا.
"
سنتكلم لاحقاً" قال اخيراً وهو يتجه نحو باب الخروج " علي العودة الى ساندرا وطوني الآن فلا اريدهما ان ينتظرا لاكثر من هذا"

راقبته وهو يغادر بصمت والغضب والحنق يتزايد داخلها , ما الذي يقصده بقوله سنتكلم لاحقاً؟ هي ستأوي الى الفراش في الحال وبالطريقة التي تشعر بها الآن فهي ستكون اكثر من مسرورة اذا لم تقع عينها عليه بعد الآن ابداً.
استحمت وخففت المياه الباردة من حدة مشاعرها المتضاربة واستلقت بسريرها وقد ادركت ان النوم سيكون آخر شيء سيأتي اليها الآن , اين وعدها لنفسها بتجاهل آرثر والتصرف كأنه غير موجود ؟ اين وعدها بالاستمتاع بهذه الرحلة ؟ ولماذا تشعر هكذا الآن بعد ان علمت بمأساة زواجه ؟ بعد ان اكتشفت انه ليس الشخص السيء الذي اقنعت نفسها انه هو ؟ ولماذا كل شعور اليأس والاحباط الذي يسيطر عليها الآن ؟
نهضت الى الصيدلية الصغيرة وتناولت حبتين من المهدئ تناولتهما بسرعة وسارعت للنوم وتغطية رأسها بالغطاء , لحظات وغابت في امواج الخدر والنوم الذي كانت تحتاجه بشدة .
استيقظت في اليوم التالي وشعوراً بالصداع يسيطر عليها , لاشك ان المهدئ الذي تناولته مساء البارحة هو السبب , فهي لم يسبق لها وان لجأت لهذه الطريقة للنوم.
بعض السباحة الآن ستكون افضل دواء لهذا الخدر والتكاسل الذي تشعر به قررت وتفاجأت حين نظرت الى الساعة ووجدتها الحادية عشرة , لم يسبق لها ابداً ان تأخرت بالنوم حتى هذه الساعة .
غسلت وجهها وارتدت ثوب السباحة الاسود المكون من قطعتين واتجهت نحو الشاطئ , الصمت كان يخيم على المنزل , آرثر قد غادر دون شك الى الفندق لمرافقة شقيقته وزوجها والسيدة ماريا كانت قد حضرت طعام الفطور لكارول على طاولة المطبخ وانتهت من تنظيف المنزل وغادرت الى السوق لشراء حاجيات الغداء.





تناولت كارول بعض القضمات من الفطور ثم اتجهت الى البحر , بعد عدة غطسات شعرت بالنشاط يعود اليها وتبخرت غمامة الخدر التي كانت تسيطر عليها ومعها الصراع .
كانت قد خرجت من المياه وتجفف نفسها بردائها القطني حين سمعت صوت خطوات خلفها. استدارت بدهشة لتجد القادم ستيف مالبورن .
"
ستيف !" قالت بدهشة " الا تزال في الجزيرة ؟"
"
اجل" رد وشعرت كارول انه ليس على مايرام " لماذا فعلت هذا بي كارول ! لقد تكبدت مشقة المجيء الى هنا من اجلك ! تركت عملي وكل شيء ورائي لآتي واكون معك وماذا كان جزائي ؟ الاهمال والتجاهل التام و ..."
"
آسفة ستيف " قاطعته برقة " انا لم اشجعك على القيام بهكذا خطوة , لقد اعدت مئة مرة على مسامعك انني غير مهتمة , ولكنك مجرد صديق عادي لي , احب صحبتك اجل لكن ليس بالطريقة التي تريد او ترغب . الم اكن واضحة بهذا الشأن ستيف ؟ ولو عرفت ان سامايا ستخبرك بمكان وجودي لما كنت اخبرتها بذلك اصلاً , كان عليك ان تعرف انني لا .. انني اريد ان اكون هنا بمفردي لمجرد انني لم اطالعك شخصيا على مكان وجودي ستيف "
"
لكني اتيت وكان عليك معاملتي بطريقة اخرى وهذا الجلف المتكبر لقد اهانني وطردني امامك دون ان تحركي ساكنا, ماذا كارول هل هو حبيبك ؟ هل انت على علاقة معه؟"
"
ستيف ارجوك, لا تتدخل بشؤوني , لا يحق لك ذلك , ولمعلوماتك فقط آرثر ليس حبيبي ولست على علاقة به"
"
اذن لماذا يتصرف هو بهذه الطريقة المتملكة اتجاهك لعله يحبك ؟ لقد فهمت من نظراته لي حين رآني انه يكن لي العدواة والكره . كارول انا ..."
"
ارجوك ستيف لا تبدأ" قالت مقاطعة إياه وقد لاحظت انه يقترب منها واشتمت رائحة الخمرة تفوح منه " ستيف انت مخمور ماكان عليك فعل ذلك , عليك ان تفهم انني لا اكن لك سوى الصداقة المجردة و..."
"
لكني احبك كارول " قاطعها بدوره وهو يمسك بذراعها بقوة " احبك واريدك انت تسكنين خيالي وكل ما اريده هو معانقتك وتقبيلك .. تقبيلك بنهم يطفئ ناري و ..."
"
ستيف توقف " صاحت به وهي تحاول ان تدفعه عنها " ستيف ماذا تفعل بحق السماء.."
هوى بفمه عليها واخذ يقبلها وهي تتخبط , وتدفعه بعيداً عنها وقد سيطر عليها شعور الاشمئزاز والدوار " ستيف توقف ... ستيف ابتعد عني .. ابتعد عني .."
مقاومتها له زادت من حدة جنونه وكانت الخمرة قد قضت على ماتبقى من تعقل لديه فأسقطها على الارض وحاول مجدداً تقبيلها.

" ابتعد عني ..." صاحت بشدة وهي تتخبط للإبتعاد عنه حين سمعت صوت غاضب كان كالموسيقى لأذانها.
"
ألم تسمع ماقالته الآنسة" قال آرثر بغضب وهو يبعد بيديه جسد ستيف عنها فنهضت هي بسرعة وهي تحدق بآرثر بعدم تصديق .
"
أبعد يداك عني ..." صاح ستيف .
"
اقسم انني اذا رأيتك مجدداً هنا فإنني سأقتلك تأكد من مغادرتك للجزيرة كلها هذا اليوم وإلا سأدعك تغادرها بالقوة "
"
أنا حر و أ ...." بدأ ستيف .
الا ان آرثر دفعه بعيداً واتجه به نحو الخارج وقال كالأسد " اياك ان تعود الى هنا ثانية و إلا فإنك ستجد نفسك بين قضبان السجن "

رحل ستيف بعيدا وعاد آرثر الى كارول التي كانت تجمع اغراضها وهي لا تزال ترتعش مماحدث.
"
ما الذي كان يحدث هنا بحق الجحيم ؟" سألها آرثر بحدة حين لحقت به الى الفيللا.
"
لم يكن يحدث شيء هو .. هو كان مخموراً كل ما يحتاجه هو النوم لاستعادة تعقله و..."
"
هو لن ينام هنا " قاطعها بحنق .
"
ماذا تقصد .؟"
"
هو لن يقضي ليلة اخرى على هذه الجزيرة ولن اتردد بطرده بنفسي منها اذا لم يفعل هو بمفرده ذلك"
"
لا يمكنك ان تفعل ذلك آرثر" قالت كارول بتعاطف " انه بحالة يرثى لها ولا يمكن ان تطرده من الفندق وهو على هذه الحالة "
"
هو من أوصل نفسه الى هذه الحالة وهو كما قلت راشداً فعليه هو نفسه تخليص نفسه من الورطة التي اوقع نفسه بها .. بغبائه " قال آرثر بقسوة " وقد اخبروني انه كان يثير الشغب ايضاً في الفندق قبل مجيئه الى هنا "
هزت كارول رأسها وقالت " آه اذن انت كنت غاضباً منه ليس فقط لأنك وجدته هنا؟"
دكن لون عينيه والتمعت التسلية داخلهما وقال " ولماذا؟"
اقترب منها قليلا وقال " هل تقترحين انني فعلت ذلك بدافع .. غيرتي عليك ؟"
تعمق صوته اكثر ارسل الشرارات داخل عروقها وظلت تحدق به دون نطق للحظات. ثم قالت " حسناً ؟ الست كذلك ؟"
ما الذي كانت تقوله بحق السماء ؟
"
وهل ترغبين ان اكون كذلك؟" تمتم بصوت معسول .
"
كلا " ردت بسرعة .
" كلا ؟" رد بسخرية وعيونه تبرقان بخطورة " هل انت متأكدة كارول؟"
سافرت نظرته ببطء عليها بثوب سباحتها الصغير وثوب البحر القطني المفتوح الذي كان ترتديه فوق المايوه وتباطأت نظرته على صدرها البض ونزلت الى ساقيها المرمريتين حتى اطراف اقدامها الصغيرة.
احمرت وجنتاها بشدة وشعرت بالخجل الكامل وكأنه كان يحدق بإمرأة عارية تماماً واستدارت لتبتعد عنه الا انه سد عليها الطريق بجسده الضخم وتمتم بتكاسل.
"
هناك شيء مثير جدا حول الجسد الرطب والذي تفوح منه رائحة مياه البحر ..."
"
توقف" قالت بحدة وهي تكتف يديها حول صدرها " هذا الكلام يدل عليك بالضبط آرثر! انت ترى النساء من خلال منظارك الشهواني الجسدي .. بالحقيقة انت مجرد شخص سطحي , متكبر ومتسلط .. لاعجب ان حياتك هي مجرد تسلسل متكرر لمغامراتك هوجاء سطحية منذ انفصالك عن زوجتك"
"
حقاً؟" سألها بصوت هادئ تماماً كان كالسيف لحدتها واندفاعها وحدقت به برعب مدركة خطأها بتفوهها بكلماتها الجارجة تلك , اقترب منها اكثر وامسك بيديها بقوة وابعدهما عن صدرها ووجهه قناع داكن من السخرية .
"
وماهي حياتك انت منذ انفصالك عن مارك مالبورن واشباهه ؟ رجال اثرياء كفاية لإرضاء نزواتك ؟ ضعفاء كفاية للتنقل حولك بانتظار الامتنان والعطف ؟"
اصفر وجهها وصارعت للتخلص من قبضته وعيونه تثبتانها مكانها دون ان تعرف ماهي الطريقة للدفاع عن نفسها , لسبب ماتحول غضبها على آرثر الى لهفة وتشوق هائل شعرت به وزاد هذا من خوفها وهلعها.
"
انت لا تعرف شيئاً عني , لا شيء مجرد الاستنتاجات الخالية التي قفزت اليها منذ التقائنا .. " قالت بتأثر.
"
انت على خطأ" قال برقة وصوته ساخر " مارك اخبرني كل شيء عنك كارول , كان مسحوراً بك, اعرف انك وسامايا درستما بمدرسة فالتا وانك كنت بارعة بمادتي الكيمياء والرسم , انك تحبين اللون الابيض وتفضلين الموسيقى الهادئة الرومانسية , ان هوايتك بالاضافة الى التصوير هي المطالعة, اعرف انك تفضلين الاطعمة الفرنسية اعرف طراز الملابس الذي تفضلين حتى اني اعرف نوع الملابس الداخلية الذي ترتدين , الملابس المصنوعة من الدانتيل المخرم ..."
"
حسناً اذا كانت هذه طريقتك بالوصول الى اهدافك " قاطعته بحدة كارهة نبرة صوته المغيظة الساخرة وهي تحاول مجدداً التخلص من قبضته ورفعت يدها لتصفعه على وجهه , الا انه امسك بذراعها بقوة وشدها اليه ملصقاً جسدها بصدره ودافئاً رأسها بشعرها الرطب.





رفع رأسها واطبق بفمه على شفتيها مقبلاً اياها بحرارة وقوة سحبتها الى خيوط شبكة اغوائه . بالثواني القليلة التي تلت وفيما كانت هي تقاوم امواج المشاعر والاحاسيس التي بدأت تجتاحها ادركت كارول انها وحتى الآن لم تختبر سوى القليل من جاذبية آرثر الجسدية الفائقة ومهاراته بإثارة المشاعر والرغبات , مجنونة بعناقه ويضغط جسده عليها وبقوة ذراعه خلف ظهرها اخذت كارول تشعر بالدوار الممتع وتوقفت عن المقاومة وخفت حدة قوة قبلته لتتحول الى قبلة دافئة حسية فجرت كل مكنونات قلبها وجعلتها تتجاوب معه بدرجة اذهلتها هي نفسها وأنهار العاطفة تتدفق بكل ذرة من كيانها.
"
كارول.. يا الهي .. كارول .." همس قرب شفاهها واصبعه المرتعش يتابع خطوط شفتها العليا وتابع بصوت تخنقه العاطفة " انا اريدك ... وانت تريدينني ايضاً, استطيع معرفة ذلك من طريقة تجاوب جسدك لي"
عيونه كانت نصف مغمضة والبريق داخلهما كنجوم الليل , الحرارة اشتعلت داخلها للتعبير الواضح داخل عيونه وبالتوسل المثير بكلماته , آرثر ميللر , زير النساء المعروف يتوسل لها هي ؟ ارتعشت بشدة وشد هو قبضته عليها , حين رفعت شفاهها اليه مجدداً شعرت كأن موجات الرغبة تكاد تخنق انفاسها محولة اياها الى كتلة من المشاعر المتفجرة.

للمرة الأولى بحياتها شعرت بنفسها تطير فوق غمام النشوة والمتعة .
"
اريد ان أبادلك الحب واشاركك الفراش" همس بصوت لاهب مخنوق وهو يحدق بوجهها " لكن ليس هنا , على الكنبة كالمراهقين ! لقد انتظرت هذه اللحظة لأطول سنة انتظار بحياتي.. تعالي معي الى الفراش كارول .." توسعت عيونها وهي تحدق به به وهو يقودها الى غرفة نومه , نحو السرير الضخم الكبير الذي يتوسط الغرفة الخضراء وراقبته بخدر وهو يغلق الستائر ثم يستدير ليدرس وجهها المتورد وملامحها الدفاعية.
الخوف والرعب عادوا ليسيطروا عليها بابتعادها اللحظي عن ذراعيه وجسده ورأى هو هذا داخل عيونها , الآن وقد تحررت عن عناقه لم تعرف كيف استطاعت ان تتخيل كيف سمحت له ولنفسها بالوصول الى هنا , بدأت ترتجف وحين اقترب منها ببطء ابتعدت بسرعة حتى كادت ان تسقط على السرير.
اقترب منها آرثر خطوة اخرى ثم توقف وهو يحدق بوجهها الذي اصبح ابيضاً كوجه الموتى بعيون خارقة جعلتها تشعر وكأنه قط يتفحص فأرة يريد ان يتسلى بها .
"
كارول..." بدأ.
"
آرثر , انا آسفة , لكن ..."
"
كارول..." قاطعها وصوته كعمق الاسرار ومرتعش ببحة كادت ان تمزق احشاءها.
" لا , آرثر .. لا استطيع , انا فقط لا استطيع , حقا .. لا استطيع .."
"
توقفي" قاطعها بحدة وهو يمرر يده المرتعشة بشعره " يا الهي كارول! لا تنظري الي بهذه الطريقة , لا تنظري الي وكأنني حيوان وحشي سيجبرك على مشاركته الفراش !"
"
آه ارجوك .." قالت والدموع تكاد تطفر من عيونها دون ان تتمكن من منع ذلك بكل قوة ارادتها , استدرات مبتعدة عنه وهي تخفي وجهها بيديها " ابتعد آرثر .. ارجوك فقط اخرج وابتعد عني "
"
هل هذا ماتريدين حقا؟" قال بغضب وصوته يزداد كثافة " ان تستمري بالإدعاء اننا لا نكترث لبعضنا البعض "
بدأ يقترب منها فسارعت للقول " هذا لا يفيد , انها مجرد رغبة وشهوة جسدية , بحق السماء آرثر ! انها مجرد عملية ميكانيكية مرجردة , انها لا تعني اي شيء "
قالت وبدأت تجهش بالبكاء وهو يمسك برقة بذراعيها ويدير وجهها اليه ويشدها الى احضانه برقة ويبقيها هناك خدها كان ملتصقاً بصدره الصلب واخذت تشعر بضربات قلبه المنتفضة بشدة وقوة تضاهي قوة نبضات قلبها , وشعرت بالتوتر المتفجر داخله وادركت انه كان يضبط اعصابه بإرادة حديدية, معرفتها لهذا لم تساعدها على التماسك .
"
هل هكذا ترين مايحدث بيننا حقاً؟ هكذا ترين هذا الانجذاب بيننا ؟" سألها بصوت مخنوق " الا تريدن ان يكون الأمر هكذا كارول ؟ مجرد عملية ميكانيكية؟ بدون اية هموم حول الارتباطات ؟"
ابتعدت عنه والرعب يجتاحها لشدة ضعفها اتاهه , كلماته كانت تحمل مسحة الحقيقة , لكنه كان مخطئاً , لو لم يكن مايحدث مهيناً لكان مضحكاً ومسلياً , اذا كان مارك قد اطلع آرثر حقاً على كل المعلومات الحميمة حولها فمارك بالطبع لم يبالغ بطبيعة العلاقة الجسدية التي كانت بينهما ؟ ام هل فعل؟ أكان هذا ما يتحدث الرجال عنه حين يكونون بمفردهم , يتباهون بمنجزاتهم مع النساء؟
"
توقفي عن البكاء كارول" قال بصوت رقيق وحين لم تجيبه تابع " فضيلتك وكبريائك سيظلان بأمان ولن انسهما ابداً! اذهبي واغسلي وجهك وضعي عليك بعض الثياب"
استدار قليلاً عنها وترك الغرفة مغلقاً الباب برقة , سارت باهتزاز نحو دورة المياه وغسلت وجهها بالمياه الباردة ونظرت الى انعكاسها بالمرآة بحذر واشمئزاز , فمها كان لايزال متورماً من عمق العاطفة وصدرها لايزال يحمل آثار ماحدث.
كيف استطاعت ان تسمح بماحدث ؟ كيف انسحبت ببحار العاطفة دون تفكير؟
واجهي الحقيقة كارول , صاح صوت قوي داخلها , لو لم يظهر آرثر عدم رغبته بامتلاكك على تلك الكنبة في غرفة الجلوس لما استطعت الخروج من هذه الحالة وعذريتك لا تزال معك.
بإدراكها للتأثير الهائل الذي يملكه آرثر عليها , كيف كان بإمكانها ان تتمادى معه الى تلك الدرجة ؟
وفيما هي تحدق بانعكاسها على المرآة الضخمة امامها زحف الرد على عقلها وافكارها مثبتاً اياها وعيونها الخضراء متوسعة من الذهول والدهشة.
انها تحبه.. اجل تحبه لدرجة هائلة تثير كل رعبها وهلعها, لقد احبته منذ اللحظة الأولى التي وقع بها نظرها عليه , اثناء خطوبتها لمارك...
هي لم تحب مارك ابداً , هو قد احبها اجل , وبدا ذلك كافياً لها , كانت تريد الامان والاستقرار والصفات الغير متطلبة والتي كانت تعد بوجود هادئ غير متطلب , لا خطر ولا مخاطرة بعواطفها , وظهر آرثر ميللر بحياتها وهشم كل رباطة جأشها وخططها المرتبة الملائمة بلمحة واحدة وقصيرة عما هي عليه الجنة ...

دخلت غرفتها بخطوات مخدرة بطئية وشعرت وكأن عالمها الهادئ كله كان يتبعثر ويتحطم وهي تضع عليها ثوباً ابيضاً مزهراً قطنياً وطويلاً بلا اكمام , بيد مرتعشة سرحت شعرها قليلاً وارتدت حذاءاً ابيض اللون بلا كعب؟
اجبرت نفسها على مغادرة الغرفة لمواجهة آرثر , وهي تتمنى لو انها كانت بعيدة ملايين الاميال عن الحقيقة الساطعة التي اكتشفتها للتو واعترفت اخيراً لنفسها بها.
كان آرثر على الشرفة متكئاً بذراعيه على الحافة الكبيرة سارحاً بنظره على البحر, لم يستدير حين وصلت هي الى الشرفة وقال" ما الذي كان يفعله مالبورن على الشاطئ معك كارول؟"
الغضب مجدداً عاد ليسيطر عليها " لقد كان مخموراً كما رأيت والشخص المخمور لا يحاسب على تصرفاته"
"
حقاً ؟" سأل واستدار ليحدق بها " يا لك من محامية دفاع بارعة ؟"
تجاهلت مسحة السخرية بصوته وسألته " كنت اتساءل ما الذي اتى بك انت الى الشاطئ في تلك اللحظة "
"
اردت التحدث اليك " قال بنبرة خاصة جعلتها ترفع عيونها اليه بحدة . لم يكن من عاطفة داخل عيونه , النظرة الزرقاء كانت حادة وساطعة .
"
حسنا, هذه هي فرصتك لتقول ماتريد " اقترحت بخفة .
"
هل تناولت الطعام؟" سألها فجأة .
"
سنعود الى الفندق اذن حيث كانت ساندرا وطوني ينزلان , وسنتناول طعام الغداء هناك, وليس هنا , الاغراء بمتابعة مابدأت به قبل قليل كبيراً جداً .. " تابع وهو يرميها بنظرة اذابت تصلبها " قواي بالسيطرة الذاتية كبير لكنها ليست بلا حدود"





"انا لست جائعة حقا آرثر" قالت ببرود ادهشها هي ذاتها.
"
ارجوك كارول" كان هذا نصف طلب نصف أمر.
فابتلعت ريقها بصعوبة لنبرة الاقناع الغير مألوفة المغلقة لصوت آرثر العميق ووجدت نفسها تهز رأسها موافقة بصمت وخدر.
سارا معاً الى الفندق القريب وسألته كارول " هل استطيع ان اقابل ساندرا اريد وداعها وطوني قبل ان يسافرا "
"
لقد اضطرا للمغادرة باكراً في الصباح لأن روكي طفلهما تعرض لحادثة بسيطة"
"
ما الذي حدث له ؟" سألت كارول بإهتمام حقيقي..
"
لا شيء خطير , لقد سقط عن الدراجة وأذى ساقه وحين سمعت ساندرا بهذا سارعت بالسفر مع ان والدتي أكدت لها بمكالمتها ان روكي بأحسن حال وان ساقه قد جبرت ولكن ساندرا ولطبيعتها"
"
انها أم ومن الطبيعي ان تشعر بالقلق الكبير على طفلها , كنت اود فقط لو كان بإمكاني وداعها"
رماها آرثر بنظرة غامضة لم تستطع فهمها واكتفى بمتابعة الطريق دون ان يعلق بشيء.
وصلا الى المطعم وجلسا بطاولة منزوية بطرف القاعة ولاحظت كارول نظرات النساء الى آرثر وهما يشقان طريقهما نحو الطاولة , بعض النسوة حيينه وتركن عيونهن تتركز عليه لوقت طويل, كان جذاباً للنساء , لمعظم النساء لكل النساء, ذكرت كارول نفسها بمرارة جسده الرياضي القوي , لونه الداكن, شعره الاسود , عيونه الزرقاء .. هي لم تكن بالطبع الأولى باختيار مهارته كعاشق متمكن وهي لن تكون الاخيرة ايضاً...
ارتعشت وهو يسحب الكرسي لها وتساءلت ان كانت عيون النساء الفضولية التي تابعتهم , عيون النساء المتزوجات المجربات للمشاعر والبحار التي غرقت كارول بها قبل وقت قصير , يستطعيون ان يعرفوا ماكان يجري منذ لحظات بينها وبين آرثر؟
عليها ان تشعر بالامتنان لنبله وليسطرته على اعصابه , لكنها كانت تشعر بالارهاق والارتباك كأنها قد اعطت الكثير الكثير, بجلوسها امام آرثر بجاذبيته وسحره الهائل وبذكرى ملامساته النارية لجسدها الذي لا يزال يرتعش كان اكبر صعوبة تتعرض لها في حياتها.
"
كارول"؟؟
ادركت انه كان يسألها شيئاً ما وهي لم تسمعه او تنتبه له لغرقها في افكارها.
"
آسفة؟" ردت بسرعة.
"
كنت اسألك ان كنت تفضلي وجبة فرنسية من السلطة والبفتاك والشوربة ام ستختارين شيئاً آخر ؟"
"
اي شيء" ردت فوراً.
"
وجبة فرنسية اختار انت , لااستطيع التفكير بوضوح لماذا لحقت بي الى الشاطئ آرثر؟"

حدق بها بعد ذهاب النادل بالطلبات وقال"اردت رؤيتك والتحدث اليك "
"
انت لم تتحدث الي " قالت بصوت منخفض وهي تتحاشى عيونه وقال " اذا كنت قد اخفتك كارول فأنا آسف , لكني اعترف ان لك .. تأثير سيء علي سيطرتي على نفسي وتحكمي بأعصابي"
"
تحكمك بأعصابك ؟" رددت بعدم تصديق " تقول الاشاعة ان الاغواء هو افضل هواياتك لا يمر اسبوع واحد في سدني دون ان يتم ذكر وجود انثى ساحرة بين ذراعي لاعب التنس الشهير آرثر ميللر "
"
وهل هذا ما يزعجك؟" سألها برقة " سمعتي الصحافية هذه مع النساء ؟ انها مبالغة كبيرة كارول اعترف لك بذلك , رجل مثلي بحاجة ليظهر مع اثنين من النساء حتى تدور القصص وتكتسب الصحف ...."
"
رجل مثلك ؟" ردت وهي ترفع حاجبيها " وكيف هو الرجل مثلك؟"
"
رجل بلا جذور ؟" اقترح بخفة.
"
رجل بلا جذور " رددت باستغراب " لماذا تقول هذا آرثر ؟ لماذا انت بلا جذور ؟ عندك شقيقة رائعة وشقيق آخر مع اني لم اقابله لكنه دون شك رائع مثل ساندرا و مما قالته ساندرا لي عندك العديد من الاقارب والاصدقاء , قولك انك بلا جذور هو خيار شخصي بحت "

"
اجل بالطبع انه كذلك, منذ ان انهيت زواجي فقد اخترت الابتعاد عن الارتباطات الجدية " قال ببطء " ونمط حياتي بدوره بلا جذور ايضا , التنقل من مكان الى آخر , بتنقل مواسم مباريات التنس عبر العالم , نمط الحياة هذا يناسبني , لكنه لا يؤمن.. الدعم المساعد الذي يحتاجه الرجل.."
"
الدعم المساعد؟" استفسرت بسخرية " آه , تقصد وجود امرأة تكوي ثيابك وتغسل ملابسك وتكون بانتظار عودتك ؟"
ظل آرثر صامتاً لفترة لكنه لم يضحك لكلامها.
"
كلا , ليسن هذا ماقصدته " قال بهدوء " كنت اتحدث عن الدعم العاطفي , نوع الدعم الذي تحصلين عليه حين يكون هناك شخصين يهتمان بعمق لبعضهما البعض , اعترف ان زواجي بغريتا لم يكن نقطة ببحر هذا القسم , على كل حال , تؤكد لي شقيقتي ساندرا ان علاقة كهذه قد تتواجد فعلاً بين الرجل و المرأة , زواجها الحي السعيد هو خير برهان على تأكيدها"
"
آه , اذن انت تبحث بلا جذور عن رمزاً للفضيلة تناسب مقاس طلبك هذا ؟" قالت وهي تهز رأسها بإدراك لكن بداخلها كانت تتساءل عن اتخاذها لهذا المنحنى الهازئ رغم ان آرثر كان يتكلم بكل جدية ورزانة , تابعت تقول " اتمنى لك كل الحظ ببحثك هذا, كل ما استطيع قوله هو انني اشك بوجود هذا الرمز! لايهم كم تحصن وتحمي عالمك الشخصي الصغير لأنه حين تعطي من نفسك الكثير فإنك ستتعرض للأذية وللألم "
الكلمات ظلت معلقة بينهما كجرس الكنيسة .
"
كما تعرض مارك للأذية والألم من قبلك ؟" تمتم بقسوة تسارعت لها نبضات قلبها.
شعرت باليأس الكامل لحبها العميق لرجل مصمم على جرحها , تذكرت تعليقه السابق لها حول الذنب النفسي . كلما تخاطر بإظهار حقيقة مشاعرها له يستغل هو الفرصة ليضربها ضربة مؤلمة ليحصل على رضاه الذاتي , كان آرثر شخصية مغيظة ومنغصة , كانت هي تضيع وقتها سدى .
الخطر الذي كانت تشعر به من جراء انجذابها اليه تجسد الآن بشكل كبير وهائل بعد ان ان ادركت مدى تمكنه من ايذائها وإيلامها.
"
هذا غير صحيح " قالت بالهوء الذي استطاعته " ماكنت لأوذي مارك ابداً ! انزعاجه ومرارته لفسخي للخطوبة اقل بكثير مما كان سيشعر به في حال تزوجنا وفشل زواجنا هذا"
"
مادمت تعرفين انه ليس من تريدين فلماذا ارتبطت به منذ البداية ؟ لماذا جعلته يتعلق بك ثم رميته بتلك الطريقة ؟"
"
لقد اعتقدت في البداية انه كل ما اريد وانه سيؤمن لي كل الامان والهناء .. ثم كيف بإمكانك الجلوس وتنصيب نفسك كقاضي فيما يتعلق بعلاقتي مع مارك؟"
"
لأن الفتاة المخطوبة والتي هي على وشك الزواج فعلاً لا تتجاوب مع رجل آخر كطريقة تجاوبك الحار معي بتلك الحديقة في سدني . انت كنت بحاجة لأكثر مما كنت تطلبين . لا تخدعي نفسك كارول , انت بحاجة للكثير , كنت فقط مجرد جبانة لتعترفي لنفسك بهذا في حينه "
"
اذن فأنت تعتقد انني كنت اخدع مارك مع رجال آخرين لإشباع حاجتي ؟"
هز آرثر كتفيه بعدم اكتراث وقال " عندي مثالي الشخصي للحكم على ذلك"
"
تعتقد اذن انني كنت معتادة على القيام بهذه المغامرات الصغيرة من خلف ظهر مارك ؟"
اتكئ آرثر على كرسيه واخذ يحدق بها بتجرد " انا لم اقل ذلك ..."
"
لكنك فكرت به " قاطعته بحدة وهي تضع جانباً شوكتها والسكينة وتتوقف عن الطعام الذي لم تتناول منه سوى لقمتين " انت تحكم على كل امرأة تلتقيها وفق معايير ومقاييس زوجتك السابقة ! اليس كذلك ؟"
"
يبدو انني لا استطيع الفوز حقاً" قال بعد فترة صمت باردة وعيونه تعكس العدائية " اولا نعتني بالوحش الذي هجر زوجته المسكينة المريضة بحثاً عن ملذاته , ثم ها انت الآن تسمينني زير النساء المرير الهازئ الذي يعتقد كل النساء ****** فاسقات , هل انا مصيب بتحليل رأيك بي كارول ؟"
" آسفة آرثر" قالت وهي تهز رأسها بتعاسة غاضبة " لا استطيع تحمل المزيد من هذا .. من لعبة القط والفأر هذه.. انا لا اعرف ماذا تريد مني؟"
تحضرت لتنهض لكنه وضع يده على يدها مانعاً اياها من النهوض وقال " هذه ليست لعبة كارول , أنا اريدك"
حدقت به بعيون متوسعة بإحباط وتوتر .
"
انت تريدني ؟" رددت بمرارة " ولأي هدف آرثر ؟ فقط لترضي كبريائك باستعمالك لأنثى اخرى لتكون كالسوط الذي يضرب احباطك لزواج فاشل ؟ تريد اضافة اسمي الى لائحة العديد من النساء اللواتي يتفاخرن بقضاء علاقة غرامية حارة مع آرثر ميللر الشهير ؟ كلا, شكراً لك , لست مهتمة .."

وجه آرثر كان كالقناع الصلب وهو يحدق بها بعيون متقلصة والسخرية ترسم خطوطها العميقة حول فمه واسفل عينيه .
قال بمرارة رقيقة " يجب ان احاول اقناع ساندرا بالابتعاد عن القيام بمجهوداتها المضللة من خلف ظهري, هي تحب ان تظهر تفهمها الانثوي لحالتي , للأسف انها بالغة السذاجة لتدرك ان ليس كل النساء تملك طهارة ونقاوة نفسيتها..."
"
طهارة النفسية " ردت بعدم تصديق وهي تنهض على قدميها " انت لن تميز طهارة النفسية هذه حتى ولو صادفتها تحت ناظريك ! الرجل الذي يحاول اغواء خطيبة صديقه الحميمم ثم بعد سنة كاملة يمتع نفسه بتحريك كل شيء مجدداً لايحق له التحدث عن الطهارةً لقد نلت كفايتي من هذا آرثر.."
"
استهربين مجدداً كارول ؟" الاتهام الرقيق كان كالحلوى المسمة.
"
كلا, لست كذلك "
"
لماذا انت مرتعبة من مجرد الجلوس والتحدث؟"
"
لأنك غير قادر على التحدث! كل ماتفعله هو .. الاغاظة " قالت بغضب.
"
وانت تسجدين نفسك خلف قضبان الدفاع الصغيرة خاصتك , كالأميرة في البرج العاجي ! قال فجأة وهو يمسك بذراعها فوراً ليمنعها من الابتعاد " انسي مارك كارول , توقفي عن هذا الادعاء "
"
كلا. انت توقف عن الادعاء " صاحت وهي تكاد تنفجر بالدموع دون ان تهتم للنظرات الفضولية التي اخذت تتجه اليهما من باقي رواد المطعم " انت منافق آرثر! وسادي ! لست واثقة من سبب جرك لي الى هذه الجزيرة لتعذبني وانا آسفة لإفساد متعتك عليك, لكني لم أعد قادرة على تحمل المزيد لأكثر من هذا! سأرحل من هنا ولن أدع طرقاتنا تلتقي ابداً..."
اندفعت الدموع من عيونها والاحباط والغضب يسيران خطواتها وهي تركض خارج المطعم وتستقل اول سيارة اجرة وجدتها خارج المطعم , كانت تسمع صوت آرثر بعيداً وهو يلحق بها لكنها امرت السائق بالابتعاد فورا و الانطلاق الى هونولولو التي خطر على بالها اسمها فجأة .
وحين استدارت بنظرها بعد نصف ساعة الى الخلف وجدت ان احداً لم يلحق بها فتنفست الصعداء وادركت انها قد نجحت بتضليل آرثر ومنعه من اللحاق بها , ستغادر هذا المكان اليوم والآن وليتدبر آرثر أمر ارساله لأغراضها الى سدني لاحقاً, كل همها الآن ان تضع كل المسافة الممكنة بينها وبينه حتى لا يجدها ويأخذها بين ذراعيه ويكتشف ان انجذابها نحوه ليس بسبب الرغبة والمتعة بل لأنها تحبه تحبه بعمق قوي وقوة عميقة تذهلها هي نفسها ...
وصلت الى هونولولو عند مغيب الشمس واعطت السائق اجرته ثم نزلت الى المطعم الذي سبق وتناولت به الطعام مع آرثر وساندرا وطوني , اختارت الطاولة المنعزلة وطلبت نفس الطعام السابق وتناولته والأفكار تسكنها وتعيدها لما حدث معها في رحلة العمر هذه.*
الألم داخل قلبها كان هائلاً اكتشافها لحبها العميق له مع اقتناعها الكامل انه يحتقرها ولا يهتم لأمرها ويعتبرها مجرد حلقة في سلسلة نسائه .
دون ان تشعر اخذت الدموع تنهمر من عيونها و غادرت المطعم واتجهت الى البحر , جلست على الرمال الذهبية الملونة باحمرار الغسق وتركت الامواج تغسل اقدامها لتخفف من شدة عذابها وإحباطها , وضعت رأسها بين ركبتيها وتركت نفسها تبكي وتبكي مخففة من عمق اليأس الذي كانت تشعر به .
ستعود الى سدني و تستعيد رتابة حياتها المعتادة وسيظل الفراغ الهائل يسكن قلبها .. فهي متأكدة ان حبه العميق سيبقى داخلها حتى آخر يوم في حياتها وان مطلق اي رجل لن يستحل هذا المكان الذي انحفر بداخله اسم آرثر ميللر.
الاعتراف السري هذا كان كالسكين التي تقطع احشائها اذا كانت تشعر هكذا الآن والمسافة الكبيرة تفصل بينهما , فكيف كانت لتشعر لو انها استسلمت لاحاسيسها وتركته يقترب منها اكثر , أكان ذلك ليؤدي الى المزيد من الألم والدمار؟
سمعت صوته يناديها فأدرات رأسها حولها بلهفة معتقدة ان خيالها هو من يصور لها الخيالات ومن خلال عيونها الدامعة رأت شكلاً يقترب منها بالظلام الخفيف الذي تلا غياب الشمس.
"
كارول!" عاد لينادي.
فنهضت كالبرق ودون ان تعي ما الذي كانت تفعله اسرعت بالدخول بالمياه هاربة منه , مماقد يحدث اذا ما لامسها وعرف حقيقة مشاعرها عنده.





سخريته واستهزاؤه لن يقفا عند حد حينها وهي ستفضل الموت على توريط نفسها بهكذا موقف.
اخذت تسبح وتسبح داخلة عمق الشاطئ والدموع لا تزال تتدحرج على وجهها لتختلط بالمياه المالحة.
بدأت تشعر بالدوار وبدأت قواها تخور الا انها واصلت السباحة بحركة اوتوماتيكية وعقلها مشلول تماماً عن التفكير .
وحين بدأ الظلام يلفها بغياهبه شعرت بذراعين قويتين تمسكان بها وترفعانها فوق المياه وبعدها لم تعد تشعر بشيء مطلقاً.
فتحت كارول عيونها بتثاقل لتجد وجه آرثر المضطرب والقلق يحدق بها باهتمام هائل.
فتحت شفاهها الجافة وهتفت باسمة من بين اوتار صوتها " آرثر "
وضع اصابعه على فمها وهمس بكل حنان " لا تتكلمي كارول الآن .. لا تقولي شيء.."
"
لكني اريد ..." بدأت .
"
سأحملك الى المنزل الآن و ..." قال ووضع ذراعيه حولها .
فتململت بشدة وقالت والدوار لا يزال يسيطر عليها " لا تلمسني ..لا ..."
"
هل تجدينني منفراً لهذه الدرجة كارول؟" سأل.
"
لا أنا ...."
"
انت مغرمة بي"

توقفت عن الكلام وامسكت تنفسها فجأة دون ان تجرؤ على النظر اليه .
"
انت اكثر الرجال تكبراً وعجرفة وتسلطاً قابلتهم في حياتي كلها " قالت بارتباك وحنق .
"
لكنك تحبينني كارول " قال بصوته العميق المتلون بمزيج من التسلية والاهتمام فمازاد من ارتباكها وتوترها .
"
كلا, لست كذلك انا لست معجبة بك حتى ! انت .. انت تغظيني وتعتقد انني رخيصة وخادعة .. كلا انا لا احبك وانت بالتأكيد لا تحبني ! بصراحة اشك بإمكانية حبك لأية إمرأة ! لقد آذتك غريتا بشدة ومنذ ذلك الحين وانت تكتفي باللعب والتسلية !"
ظل آرثر صامتاً للحظات ثم حملها على حين غرة ونقلها الى كوخ خشبي صغير على الرمال ووضعها على الكنبة وجلس قربها ممسكاً بيديها بين يديه.
"
آرثر ارجوك .." بدأت وهي تشعر بالضعف الكامل يعتريها ويذيب مقاومتها وسيطرتها على نفسها , انها تحبه بجنون وتتلهف للاقتراب منه وادركت انه لم يعد باستطاعتها إخفاء عمق وقوة مشاعرها لأكثر من هذا .
"
علينا التحدث كارول " بدأ بصوت هادئ وعيونه تحتضناها بقوة سرع نبضها وحبست انفاسها , واكتفت بالبقاء مكانها باستسلام وعيونها كالمغناطيس مشدودة الى وجهه .





" اذا كنت قد عاملتك بسوء اثناء إقامتك هنا .. فأنا اعترف ان السبب كان محاولتي لتحليل وفهم طريقة ما اشعر به نحوك, وكل المشاعر السيئة عن الماضي جعلت .. الامر بالغ الصعوبة بالنسبة لي , تجربتي مع غريتا جعلتني .. جعلتني متشككاً وكتوماً .
في الحقيقة , كنت خائفاً جداً من إظهار مشاعري قبل الأوان , وحين ظهر ذلك المالبورن الشقي , اقنعت نفسي انني لا اكترث له ولك وانك لا تستحقين أرق ليلة واحدة , لكن حين شاهدته على ذلك الشاطئ كدت ان اصاب بالجنون ولو لم امسك اعصابي جيداً لكنت قتلته "
"
لكنه لم يكن بوعيه آرثر" قالت وقد استمدت بعض القوة من بقاء يديها بين يديه " ولم يكن من شيء بيننا "
طأطأ برأسه ببطء وقال " اجل.. لقد اوضحت لي ذلك بوضوح , لكن الغيرة تقوم بالخدع القاسية , كارول , وكذلك الذنب , بصراحة مشاعري نحو مارك جعلتني اعاملك بطريقة قاسية يا حبيبتي , كان مارك صديقاً حميماً لي وكان قد ساندني ووقف الي جانبي اثناء مشاكلي مع غريتا والتي كانت من اصعب الاوقات التي مرت علي حقاً , تصرفاتي ومافعلته معك وانت خطيبة مارك في تلك الليلة في الحديقة لم تكن تؤمن لي الضمير المرتاح بل كانت تشعرني بالذنب والخطأ!"
"
آه آرثر .." قالت بتأثير واشتدت قبضة يديها على يديه.
"
لكني قمت بالكثير من التفكير اثناء كل ليلة من ليالي الاسبوع المنصرم " تابع ببطء" وحين قررت مفاتحتك بحقيقة مشاعري نحوك قوبلت بتصلبك وتهجماتك علي, حين غادرت المطعم هذا اليوم شعرت بالموت .. شعرت وكأن حياتي كلها اصبحت بلا معنى.. فتشت عليك بكل مكان وحين يأست فكرت بالشاطئ هذا... ودلني قلبي انني ساجدك هنا ولو لم افعل لكنت درت الجزيرة كلها بحثاً عنك .. اردت رؤيتك ومحادثتك لكني اردت ايضاً تحديد مشاعري واحاسيسي " زادت نبرته عمقاً ودفئاً وهو يقول " كارول... يجب ان اظهر لك كيف هو شعوري نحوك " استدرات ذراعيه لتحيطان بها وتلصقانها به وتابع بصوت هامس " وان اظهر بك حقيقة شعورك نحوي ..."
عرفت انه كان عليها المقاومة والمجادلة لكن أقتراب آرثر منها وإحساسها به وهو يعانقها بطريقته تلك التي صارت جزءاً لا يتجزأ من اجمل واحلى احلامها , أذاب مقاومتها وارسل امواج الدفء والحميمية بكل ذرة من كيانها , ويبدو ان الجهد الذي بذلته للهروب منه قد جردها من كل قوة إرادتها و تصلبها, التعقل ومخاطرة ماسيحدث لها لاحقاً يتورطها مع رجل مثل آرثر ميللر تبخرا من عقلها حتى كبريائها نفسه فشل بنجدتها .
عناق آرثر الملتهب والمفاجئ لم يكن رقيقاً لكنها تجاوبت معه بلهفة وتشوق وذراعيها تشدانه اكثر اليها وشفاهها تبحث عن حرارة قبلاته .





تسللت اصابعها الى شعره الكثيف وهي ترتعش من شدة العاطفة ومن عمق حبها ورغبتها به .
وفجأة ودون سابق انذار لم تشعر الا والدموع تنهمر بغزارة على وجهها . أبعد آرثر شفتيه عنها وحدق بوجهها بذهول وقال بصوت متهدج " كارول .. حبيبتي.. لماذا هذه الدموع ؟"
"
لأني .. لأني ..." ولأنها لم تعد قادرة على إخفاء مشاعرها للحظة اخرى بعد تابعت بصوت هامس مخنوق " لأني أحبك آرثر .. أحبك كثيراً.."
اخذ وجهها بين كفيه وحدق عميقاً بعيونها وعيونه تبرقان وظهر طيف ابتسامة رقيقة على فمه وهمس " ولماذا الدموع كارول ؟ انا ايضاً احبك .. احبك كثيراً جداً .."
"
انت .... انت تحبني حقاً؟" سألته بكل ذهول العالم والسعادة تهدد بإغراقها " حقاً؟"
"
حقاً, و سأريك الى اي مدى احبك كارول " قال وبريق لنصر لامع يظهر داخل عينيه" وهكذا فلا يوجد داعي لدموعك هذه " قال واخذ يلتقط دموعها بشفاهه وهي تارة تبكي وتارة تضحك قل ان يذوبان معاً بحمى عاطفة جياشة رفعتهما من الارض الى السماء حيث النور والحب والهناء.

"
لقد اردت هذا منذ اشهر..." تمتم بصوت مبحوح قرب اذنها ويديه تتحسسان كل جزء بجسدها الجميل " آه كارول..."
وغطى بفمه شفاهها بقبلة الا انه عاد وتباطأ مجدداً وهو يشعر بارتعاشة جسدها المفاجئة حدق بها بوجهها الابيض وتوسعت عيونه بعدم تصديق وذهول .
"
انت عذراء ؟" همس وعيونه تبرقان " كارول حبيبتي , هذا مستحيل ..."
"
هذا لا يهم , اليس كذلك ؟" همست بشدة وهي تتمسك به بقوة " بعد الآن لن ابقى عذراء ! هل يشكل هذا إختلافاً؟"
ضحك آرثر برقة وخبث وقال بحنان " كلا يا حبيبتي , هذا لا يشكل لي فورق ابداً.. عدا انه يجعلني اشعر بأنني اكثر الرجال فخراً في العالم ..."
واخفض رأسه مجدداً ليقبلها بنهم وتشوق اعاد لينقلها معه الى بحار المتعة و النشوة .
بعد فترة بدت كأنها عمر كامل تململت بين ذراعيه بسعادة شد آرثر قبضته حولها ورفع نفسه على كوعه وحدق بها بحب وعيونه تعكسان كل ما يختلج داخله.
"
كيف تشعرين ؟" تمتم بهمس .
"
بسعادة فائقة " قالت وهي ترمش بعيونها وقلبها بعيونها .
"
كارول اخبريني عن علاقتك بمارك " قال وهو يشد ذراعه حولها حين شعر بتصلبها.
"
كلا , انا لا ابدأ بالخصام يا حبيبتي لكن ... انا محتار كيف انك لا تزالين عذراء"
" اعرف " قالت وقد ذاب تصلبها" كنت .. كنت غير مستعدة .. وادرك مارك ذلك فلم يضغط علي واصبح من الواضح بيننا ودون اتفاق اننا سنتظر حتى يوم الزفاف"
"
ولماذا لم تخبريني كارول" قال بنعومة " كنت لأنتبه اكثر"
"
تنتبه اكثر ؟ هل تقصد .. ضد إمكانية ان اكون طفلة ؟"
"
كلا" قال برقة وعيونه تبرقان بحب " ولماذا فعل ذلك مع امرأة الوحيدة التي احبها بهذا العالم؟"
لون الحجل وجهها وضغطت على وجهها لشدة سعادتها " هل تعني هذا فعلاً ؟"
"
بكل قلبي واحساسي..." قال بصدق واقترب منها ليعانقها مجدداً وغرقا مجدداً ببحور الحب.
"
آرثر ...." قالت بعد قليل " بشأن مارك ..."
وضع يده على فمها وقال هامساً " لا اريد ان اسمع اي شيء آخر عن مارك ..."
"
لكني اريد ان اشرح لك " اصرت " انا كنت احبه لكن ليس بدرجة كافية , كان هو رقيقاً غير متطلباً وكنت اشعر بكل الامان والاستقرار معه , كان صديقاً جيداً وكنت متعلقة جداً به, لكن حين التقيت بك بتلك الحفلة كان ...كان الامر كالصاعقة, وادركت للمرة الاولى بحياتي كيف قد تكون صواعق الحب والعاطفة الجياشة وشعرت بالرعب! وشعرت بالذنب لأن علاقتي بمارك بدت باهتة وغير مقنعة وادركت ان سعادتي لم تكن معه فتركته مع إدراكي انه سيتألم لكني عرفت اننا لن نكون سعداء معاً ! وشعرت بذنبي لتجاوبي معك اثناء خطوبتي لمارك! و ايضاً شعرت بالخوف ..."
"
لماذا شعرت بالخوف كارول؟" سألها برقة وهو يبعد شعرها عن عيونها " لماذا اردت الابتعاد عني ؟"
"
لأنني .. لم يسبق لي وشعرت بفيضان هذه المشاعر داخلي نحو اي رجل آخر بحياتي وخفت ان يؤدي هذا الى أذيتي الى الألم , هل تفهم؟"
"
افهم يا حبيبتي ! افهم" قال بتعاطف " اعرف هذا الشعور " اعرف هذا الشعور جيداً"
"
و... غريت " سألته بتردد " الا تزال .. تحبها ؟"
"
لا ازال ؟" قال بضحك" انا اشك اني كنت قد احببتها منذ البداية , مشاعري نحوها كانت فتية وكنت مسحوراً بها وبجمالها , وهذه المشاعر لم تكن قوية كفاية لمواجهة الخداع والكذب الذي قامت به غريتا, ولسنوات لم اشعر اتجاهها الا بالشفقة "

مرت فترة من الصمت وعيونهما تعبر افضل تعبير عما بداخلهما .
"
الماضي إنتهى " تمتم آرثر بحب وهو يقبل جبينها " ومعه انتهى ارتباطي بغريتا , كنت مغرماً بك طوال كل هذه الاشهر " منذ اللحظة الاولى التي رأيتك بها كارول , لا لشكي بهذا ابداً , وسأبذل كل جهدي لتكوني محمية و آمنة وسعيدة...."
ضحكت كارول وقالت " طالما انت بقربي فسأكون كذلك الى الابد ..."
"
اخبريني مجدداً يا حبيبتي هل تحبينني ؟ اريد ان اسمع ذلك منك مجدداً حتى اصدق ذلك سيتم زواجنا قبل شروق شمس الغد اتسمعين ستكونين زوجتي الى الابد ..."
"
انا احبك جداً اكثر من حبي لنفسي ... احبك لدرجة تذهلني انا نفسي و ..."
وقبلته التي كانت كاللهيب على شفاهها منعتها من متابعة كلماتها وجعلتها تظهر له بالفعل مدى حبها له وغلفتهما السعادة التي مدت خيوطها حولهما والى الابد.

النهاية


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس