عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-16, 11:58 PM   #6

علا الخالع همسات

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية علا الخالع همسات

? العضوٌ??? » 355357
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » علا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond repute
Rewitysmile21 الفصلين الأول و الثانى

الفصل الأول
لحظة الإشتعال
تلك اللحظة التى تتعانق فيها النيران مع الحطام لتدوى بوهج مثير لمن يراه بتمهل, وترقب هادئ.
شغف لمن يتلذذ بهمهمات القطع الخشبية بين ثنايا اللهب , لتكتمل السيمفونية بطقطقات مستسلمة ... ويشيع الصورة شرارات قد تبدو بلاقيمة لمن يراها على عجل ,
الا أنها في الحقيقة هى الفتيل الذى يشعل كل رماد راكد
لذا لاتستهينوا بالشرارات ولا تهملوا مراقبة النيران خاصة إذا كانت نيران هادئة
****
عيناها متسعتان بصدمة , حدقتيها مسمرة علية بهلع , قلبها يرتجف وشفتيها منقبضتان بشدة
تود الصراخ إلا أن صوتها يأبى الإنصياع لأوامر عقلها , يداه اجتاحتاها بثانية واحدة ملامسة مناطق محظورة من جسدها
ليشيعها بإبتسامة متلذذة , بينما يفر من أمامها على دراجته النارية
وماهى إلا ثانية هى تلك الفاصلة بين أحلام فتاة الثانوية الوردية لتتحول لفتاة تشعر بمرارة الإنتهاك
صرخت بشدة وهى تفيق كعادتها منذ عامين , لعامين كاملين منذ تلك الحادثة وهى ترى هذه الثانية كل يوم بمنامها , حتى أثناء غفوتها تعجز عن الصراخ , حفر أصابعها بوجهه منتزعة ابتسامته الحقيرة , أو حتى إخراج عينيه من محجريهما لعلها تريح البشر من نظرته البغيضة!
توجهت لملاذها الوحيد تلك المياه الباردة , الشئ الوحيد القادر على تهدئتها قبل الخروج لوالديها لأنها من الأساس لم تخبرهم عن لحظة التحول تلك بحياتها منذ عامين!
****
(هادية بسرعة هكذا سوف نتأخر حقا)
جاءها صوت خالها المتأفف وهى تعصق شعيراتها بقوة لينسدل على ظهرها بارتياح,
خالها هو محمد , وفقط محمد , شاب رائع يكبرها بعامين ,صديقها الصدوق و أكثر أهل الأرض فهما لها ,ومراعاة لمشاعرها.
التحقت بجامعته صدفة فبينما كانت تخطط للالتحاق بكلية الطب تعثرت بذلك الحقير قبل امتحانات الثانوية بقليل ,لتنقلب الأحداث والأحلام رأسا على عقب و يغادرها التركيز وينحصر الشغف فتبقي الذكرى المريرة مرافقة لعبث ضحكته ووصمة إنتهاكه لها, فيخونها المجموع, وتلتحق بكلية العلوم بدلا من كلية الطب لاحقه بخالها , ذلك الوسيم المرح ذو النظرة الثاقبة واللمعة الذكية المتوهجة , بشعر أسود قصير مجعد الى حد ما , إلا أنه عندما يتمازج مع بشرته الخمرية وعيناه العسليه يبدو غاية فى الوسامة.
الوسامة والثقة التى تفتقدها حد الشفقة!
للحق هى دوما تستشعره أخيها , ربما لأنه يصغر والدتها بالكثير وقد كان الأخ الأخير والوحيد فتربي ببيتهم بعد وفاة الوالدين لتأتى هى بعده بعامين وتصبح علاقتهم بهذة الروعه
أغلقت باب غرفتها خلفها بهدوء لتقابل عواصفه وهو يضرب كف بآخر قائلا باستنكار : أنتن الفتيات حقا مزعجات بطقوس النهار خاصتكم هذه !
نظرت له ببرود مغيظه إياه : ومن أجبرك على انتظارى!
ضيق عينيه مرددا بغيظ : انا المخطئ , أقسم اننى أستحق لأنى انتظرت حمقاء مثلك
ولكن قبل أن تجيب كالمعتاد ويتناقران, ويتجادلان, لتأتى والدتها لطردهما ,كان يرفع حافة الشال خاصتها المنزلقه ممسكا كفها يجرها خلفه على عجل ,ليقول بضحكات متقطعة دون النظر اليها : يكفى هذا القدر اليوم , أنا تأخرت كثيرا حقا
ظلت تنظر لظهره بحب لتغادرها دمعه بغتتة وهى تهمس لنفسها : ليتنى أستطيع ان أخبرك يامحمد فأرتاح , ليتنى أستطيع !
***
هادية هادية ,هل أنتى بخير؟
ابتسمت لصديقتها بوهن قائله : بخير ياصفاء لاتقلقى فقط لم أنم جيدا بالأمس , سوف أذهب للكافتيريا قليلا واحضر كوب قهوة لعل النعاس يغادرنى
حسنا أنا سأبقي هنا, وأكمل المحاضرة ثم ألحق بك (كان هذا همس صفاء , الصديقه المثابرة التى تحاوطها بحنان غريب وكأنها تدرك الصراع الذى تغرق به)
وغادرت القاعة ,تسير بضياع , والذكرى تأبي الخفوت ,بكل لحظة تتوهج داخلها أكثر, فتسارع هى بجمع الرماد , ونثره عليها لتخفيها عن الأعين , دون أن تعلم أن الرماد يشتعل ويشعل الذكريات أكثر فتنضج على نار هادية !
ذكرى فتاة بالصف الثالث الثانوى , تسير ببريق الأمل, نعم باقي فقط أيام لتحقق حلمها بدخول كلية الطب تخطو بطريق بيتها بمنطقة سكنية جديدة , لايوجد بها أحد تقريبا ,الشوارع دائما فارغه , تمسك بورقة شجر, فترسم عيناها بها رؤي المستقبل و أمنياته, حتى فجأه وكأنه شظايا شيطانية التحمت وتجمعت بصورة إنسان كان يخطو جانبها بدراجته النارية التى هدأت بقربها , ليتلقفها بين يديه ملامسا جسدها بشكل فج, مارا بأكثر الأماكن حساسية به ,ولولا أنه سمع صوت ما لما كان غادر بهذه السرعة مودعا اياها بنظرة سمجة منتشيه
هى ثانية كيف استطاع إنجاز كل هذا بها ! كيف شلها الهلع وكيف تسمرت قدماها وأغتيل صوتها بحلقها !
أفاقت بسرعه ...لتركض نحو منزلها بصدمة أكبر , وفزع أشد , تدور بحلقات مفرغه, تتلفت حولها خوفا من عودته أ و من ظهور آخر , صدرها يعلو ويهبط وقلبها يكاد يتوقف ! , دموعها شلالات وشعورها بالأنتهاك يتأصل داخلها.
دون القدرة على فعل شئ!
تريد حقها من ذلك الحقير , هل تخبر والدها أو والدتها ,ترى ماهو رد فعلهما , سمعت والدها مرة يقول حين شاهدوا بأحد البرامج قصة فتاه مغتصبة أنها لو كانت ابنته لقتلها بيده
ترى ماذا سيفعل لو علم ! ,ركضت لغرفتها وأغلقتها عليها بإرتجاف ,محمد بجامعته, ووالدها بعمله ,ووالدتها إما بالمطبح أو ببيت عمها الملاصق لهما مع زوجة عمها يتناقشان حول آخر فضائح وأخبار النساء.
ضمت ساقيها لصدرها لتنام كجنين فقد أمان رحم والدته , وحاله من الضبابية واللاوعى تغلفها , تحاول التفكير بأن ماحدث هو فقط تهيؤات ! فتأتى صورة عيناه اللعينة , وتخبرها قائله( نعم لقد وصمتك بلمساتى )
دوما كانت تتابع حروف المشهد من بعيد، مكتفية بمقعد المتفرج لكنها ابدا لم تكن تتخيل أن أحدهم سوف يقحمها عنوة بهذه المسرحية المكررة بعدد فتيات حواء المشاركين بالحياة على كوكب الأرض !
لم تكن تتصور انها ستكون بطلة العرض ، حتى وان كانت البطلة إسما والحقيقة مجرد مفعول بها
مجرد واحدة من كثيرات غيرها سمعت عنهن ولم تكن تصدق أن هذا قد يحدث حقا , فدارت الأقدار لتكون بنفس المكان فتملك البرهان على الإنتهاكات المستمرة بحق كل مايحمل تاء التأنيث بهذه الحياة!
( كوب القهوة خاصتك سيدتى غير متاح )
كان هذا صوت محمد المرح المنهك للغاية بعدما تجرع كوب القهوة على عجل جالسا الى جانبها , منقذا إياها من الغرق في دواماتها الخاصة كالعادة.
( لماذا أشعر وكأنك تخفين عنى أمر ما! )
انتفضت بهلع مرددة بحروف مبعثرة وهى تجمع شعيرات لم تنفلت من عقدة شعرها ( منذ متى وأنا أخفي عنك شئ فأنت صديقي )
ضيق عينيه وهو يجيب بإنهاك
- منذ فترة طويلة, ولكن أعدك أننى لن أعجز عن فهم ما يدور بداخلك وتريدين قوله لى ولكن تعجزين
صورة صفاء من بعيد شكلت لها طوق النجاة فقالت بمرح مبالغ فيه متجاهله جملته الأخيره ( لقد أتت صديقتى إذن لم أعد بحاجتك الآن )
رفع حاجب ساخر وهو يجيب بتكاسل ( سأظل ملجأك حتى آخر العمر يا صغيرتى )
ألقي نظرة عابرة نحو صفاء بخطواتها الجادة, وعقدة جبينها المعتاده, ثم أكمل ببرود ( هنيئا لك بصديقتك يا حبيبتى )
وما أن وصلت اليهم الفتاة, حتى رمقها بسخرية قائلا ( مرحبا بفتاة المستحيلات )
وغادر , هكذا ببساطه !
ألقت صفاء دفتر المحاضرات على الطاولة بغضب صارخة : خالك هذا يثير جنونى , لا يكف عن تذكيرى بخسارتى أمامه بانتخابات اتحاد الطلبة , إبتسامته الساخره هذه تجعلنى أريد تشوية وجهه وتمزيقه إربا
ارتفعت ضحكات هادية وهى تقاطعها بإحتجاج : هاااااى يا صديقتى ,لاتنسي أنك تتحدثين عن خالى وصديقي ورجلى المفضل )
أزاحت لها المقعد المجاور قائلة ببقايا ضحك : اجلسي قليلا و كفي عن تحميل كل الأحداث على أعصابك هكذا
زفرت صفاء بغضب ثم جلست لدقيقتين بهدوء تتنفس بعمق , و فجأه التفتت لهادية قائله : أتعلمين أنتما رغم تشابهكم شكلا إلا انكم مختلفان بالجوهر
رغم انك لديك نفس شعيراته السوداء و بشرته الخمرية وعيونك العسلية التى يشوبها الإخضرار أحيانا إلا أنك مثابرة مجتهدة تحصلين على ماتريدين , أما هو مخادع محتال لا أعلم كيف يكون من أوائل دفعته أو كيف يكون رئيس اتحاد الطلبة!
ابتسمت هادية بهدوء وأحزان دفينة تشوب عسل عينيها , قائلة بنبرة تحمل الكثير من المرارة : لا تأخذى بالظاهر ياعزيزتى
فبريقه خاطف يسحر الأبصار, إلا أن الجوهر غالبا مايكون مختلف
كما أنك متحاملة كثيرا على محمد , هو رجل حقيقي يعتمد عليه , يعرف وجهته جيدا ولايخطئها
نظرت لها بتأمل قائلة : أتدرين أنتما وجهين لعملة واحدة إلا أن كل منكما يصل لهدفه بطريقته هو
هو يعشق الحياة , النجاح ,تحقيق أحلامه ولكن بمرح, بسعادته بصخب لايملك سحره سواه.
أما انت تناضلين لتصلين لأهدافك , بتصميم مجهد , و عصبية قاتلة للقلب ,تعطين الأشياء أكبر من حجمها
لوت صفاء شفتيها قائلة بإمتعاض : حتى ولو كان ماتقوليه صحيحا إلا أنه سيظل دوما لايطاااااااااااااااااق











الفصل الثانى
بعيون كل مراهقة لمعة تخبرك بكم اشتياقها للأمير و جواده الأبيض ,لأن يختطفها ويجعلها أسطورته إلا أنها أبدا لم تحلم بأمير فقط شاب ,رجل بحق يكونا سند بعضهما بالحياه يحقق معها أحلامها المجنونه التى أكتفت بتخليدها لها على دفترها الأحمر ,... وتركتها لتتراكم عليها أتربة الخيبة
أرادت أن تذهب و رجلها للصحراء حيث لاأحد سواهم , يشاركهما الليل نيران مشتعلة بألسنة لهب عالية , فترى بعينيه انعكاس اللهب بلونه العجيب مابين روعة الأحمر واستفزازية البرتقالى , تنعشهم لفحات دافئة وسط دوامات الهواء البارده , ومابين المتناقضات تغلى الإثارة بعروقهم
تنظر لعيناه وسط سحابات الشمس المغادرة , لتسطر كل نظرة منه وحدها حكاية مستقلة بذاتها
حكاية شوق , حكاية عشق , حكاية أمان , حكاية حبيب تحدى الزمان
السادسة صباحا ,حيث اللفحات الباردة والسكون التام , تغمض عينيها ببطء وتهدى رئتيها شهيق نقي , ثم زفير محمل ببعض آلامها , وهكذا بضع مرات ثم تنظر نحو شرفته , رفيق المراهقة الذى كان دوما لها حلم صعب المنال , الطبيب الشاب الوسيم ذو العيون الرمادية الذى سكن أمامهم منذ بضع سنوات وحده دون عائلة , مغترب يدرس الطب بين أروقة القاهرة تاركا الأقصر بسحرها
لم تصادفه واقفا بشرفته إلا مرات معدوده فتحمر خجلا وتركض محتمية بفراشها ,كاتمة تنهيداتها بوسادتها
أرادت دخول كلية الطب معه ولكن الأقدار عاندتها بشدة , ألقت نظرة أخيره على حلم ضاع قبل نيله وعادت لغرفتها مغلقة الشرفة خلفها بحزم مذكرة نفسها ألا تعلو بأحلامها ثانية فتسقط جدران العالم فوقها وتحطمها أشلاء
****
- سيادة المعيد المستقبلي لاحاجة لك بالمذاكرة صدقنى
التفت محمد نحو هادية بمرح قائلا ( الحمقي أمثالك لن يدركوا شغف العظماء أمثالى بكل معلومة جديدة أحصل عليها )
زمت شفتيها بغيظ قائلة ( حسنا يا سيادة العظيم اليوم دورك لتحضير الفطور لكلينا لا تنسي أن أمى رفعت دعمها عنا بسبب مشاجراتك لى )
رفع حاجبه بإمتعاض مرددا ( وهذا على أساس أنك الملاك البرئ , انتى من تثير زوبعات الشجار من البداية )
اقتربت منه بغيظ مردده( محمد لاتبدأ الآن , نحتاج للمغادرة باكرا لأنه على حسب معلوماتى هناك أعطال بشبكة المترو )
قهقه بقوة وهو يقول ( حسنا ياملاك , أنا أعددت الفطور منذ فترة وكنت على وشك إيقاظك )
عقدت حاجبيها بعدم فهم متسائلة ( أين الفطور هذا , لا أرى شئ حولك يا عظيم )
كتم ضحكاته بصعوبة وهو يجيب بهدوء ( هناك على طاولة الطعام )
غادرت غرفته على عجل دون أن تنتبه لنظراته الخبيثه ولا إغلاقه باب غرفته بالمفتاح خلفها , وما أن أوشك على ارتداء ملابسه حتى جاءت صرختها المجنونه , مصاحبة لضربة قويه على باب غرفته وهى تقول من بين أسنانها ( محمددددددددد, انت مخادع ومحتال , ماهذا الفطور يا أحمق هل سأظل طوال فترة الامتحانات اليوم على شطائر الجبن والطماطم هذه ! )
أفلت ضحكاته القوية أخيرا ,بينما هى تغلى بشدة هامسة بدرجة تسمح له بسماع قولها ( لن أتفق معك على أى شئ آخر لأنك مغفل و بلا ضمير )
****
تقف منذ فترة على باب الجامعة منتظره ظهور هادية , اليوم امتحان ولابد أن يحضرا باكرا وهى حتى الآن لم تظهر
تخشي بشده أن يعطلها خالها المخبول هذا المدعو محمد, حتى الآن لاتعلم كيف يكون شخص مستهتر , لايتعامل أبدا مع الأشياء بجدية ومع ذلك متفوق
تكاد تجن لتصل لإجابه
( بالتأكيد تلقين اللوم على الآن لتأخر مدللتك !)
فاجأها صوته الساخر , نظرت له نظرة صاعقه دون أن تريحه برد , ثم وجهت حديثها لهادية قائلة : سمعت أن هناك أوراق مراجعة بالمكتبة تخص مادة اليوم اسبقينى وأنا سأحضرها
احتضنتها هادية بامتنان هامسة : شكرا جدا جدا صفاء أنا بحاجه لتناول فطورى لأن خالى العزيز أضاعه على اليوم
تمتم محمد بضجر : هل ستظلان طوال النهار تتهامسان عنى
تجاهلته صفاء متوجهه ناحية المكتبة بعد أن أهدت صديقتها إبتسامه حنونة متفهمة ,
توجها للداخل وكل منهم غارق بأفكاره الخاصة , يعلم تماما أن هذه المعقده تراه مستهترا , فتاه غبيه لا تعلم كيف تحصل على ماتريد باستمتاع لا بالإجهاد والتعب المضنى
ترى بتمسكها بعبوسها وعقدة جبينها الدائمة مع إنهاكها المستمر لنفسها , أنها هكذا فتاه جادة, وما علاقة الجد بالعبوس !
لاتعي المسكينه أنها لاتعلم كيف تحيا من الأساس
أفاق من شروده على تشبث هادية الزائد بذراعه , نظر لها خلسة دون أن تنتبه له , هناك مايضايقها ويزعجها , ينزعج كثيرا حينما تخفي عنه أى أمر لأنهم منذ الصغر سر بعضهما أصدقاء حقيقيون
يلاحظ جيدا كيف تنكمش بمجرد مرور أى شاب الى جانبها , لا هذا ليس خجلا أبدا , يريد أن يعرف مابها لكنها لا تساعد وهو لايريد الضغط عليها
يريدها أن تركض نحوه, وتخبره بسرها كما أعتادت أن تفعل
دوما سيظل سندها مهما كلفه الأمر إلا أنها منذ دخولها الجامعه متباعدة نسبيا حتى أنه أعتقد أن تباعدها هذا لأنها وجدت صديقه جديدة و هذا ماجعله ينقم على صفاء في البداية ويضيق بوجودها , ويعاملها ببرود إلا أنه أدرك أنها أيضا لاتسمح لصديقتها بالنفاذ لأعماقها
حسنا الصبر , هذا هو سلاحه بالفترة القادمه وهى ستلجأ اليه لامحاله فهو يعرفها جيدا لن تصمد أكثر .
****
يقف بشرفته متلذذا بهواء الخريف المنعش وهدوء المنطقه الرائع , عليه أن يسترخى قبل أن يذهب ليرى عمله الجديد بعد أن تخرج من كلية الطب بإمتياز مع مرتبة الشرف
نظر لفنجان القهوة بيده متذكرا نهار يشبه هذا النهار كثيرا , إلا أنه كان بنكهة العسل الموجعه
ألقي نظرة وحيدة نحو شرفتها ,تلك المستكينه الغامضة, ذات وجه الفراولة على الدوام
منذ سنوات عندما جاء لهذه الشقة, وهو طالب صادف فتاة الثانوية ذات الخصلات المعصوقه بشده ,كانت تغمض عينيها بقوة بريئه تقطع شرفتها ذهابا وايابا وهى تردد قصة
وا إسلاماه بتأثر شديد ,وعندما انتهت من ترديد كافة الأسئلة المكتوبة بالأوراق خاصتها ظلت تقفز بصخب مرددة : أستاذ على لن ينتقص من درجاتى بعد اليوم , سوف أحصل على الدرجة النهائيه ولابديل.
وسط قفزاتها لمحته وهو يقف مستندا على حائط الشرفه بإسترخاء وابتسامه مستمتعه تداعب شفتيه
ضمت أوراقها لصدرها بقوة ووجهها أصبح حبتى طماطم شديدتى الإحمرار, وأنطلقت هاربة لداخل غرفتها بخجل تاركه اياه غارقا بالضحك والإستمتاع وشعور أخر مهم جدا لمغترب مثله .....الونس!
أغلق الشرفه ببطء وعزم مغلقا باب الذكريات ,تاركا لها منفذا آخر يتملكه حضور طاغى للواقع
****
أمى أين أبي؟
التفتت لها والدتها قائله بحزن : ذهب ليطمئن على عمك لقد ارتفع ضغط دمه اليوم صباحا
لمع التأثر بعينيها وهى تردد : شفاه الله
رغم أنها لاتفضل الإقتراب من عمها ولا من ولده النسخة المطابقه له إلا أنها لاتحب أن تراه متعبا أبدا, سيظل عمها حتى وإن كان يضايقها بنبرته العملية البحته التى لاتتحدث إلا باسم مال العائلة, حتى أنه أجبر ابنتيه على الزواج من رجلين من أقاربهم ليحافظ فقط على المال بداخل العائلة
أى عائلة هذه التى تقوم على المال الزائل بدلا من المودة والرحمة والحب!
أى وثاق مهترئ هذا!
شعرت بيد أحدهم تسحبها للخارج فأجفلت لدقائق بهلع قبل أن تواجه محمد بعصبيه مبالغ فيها : محمد لا تفعل معى هذا ثانية لقد أفزعتنى حقا
ظل يتفحصها بصمت فلم تستطع النظر لعينيه أكثر , أشاحت بوجهها عنه ,كيف لها أن تخبره أنها من يومها وهى تخاف بل ترتعب كلما اقترب منها أحدهم بغتتة , ابتلعت ريقها بصعوبه موجهه له نظرة اعتذار مرحة : اللعنة على الإمتحانات ,انها حقا تفتت أعصابي, أما أنت فأنت البطل الخارق الذى لاتهتز عضله واحدة بجسده إجلالا لها
طاوع تهربها ظاهريا وهو يردد بدهشة مفتعله: هل ما استوعبته صحيحا أم أننى أتوهم! هل حقا تحسدين صديقك المقرب !
اقتربت منه بلامبالاه متعمده مربته على كتفه قائله : اطمئن يافتاى الذكى لاشئ على الإطلاق يؤثر بك
انفجر ضاحكا بشده وهو يراها ترسم تعبيرا مستاءا على وجهها ,أمسكها بهدوء هامسا : هناك أمرا ما على اخبارك به
ضيقت عينيها هامسة هى الأخرى : ماذا هناك؟
ابتسم بحنو قائلا : الجار الوسيم , الدكتور هاشم لقد تقدم بطلب يدك
اتسعت عيناها شيئا فشيئا بصدمه , وغزا الإحمرار وجنتيها وهى تردد : كيف علمت بالأمر؟
كتف ذراعيه أمام صدره قائلا : لاتستهينى بي يامدللتى فخالك يعلم كيف يلتقط المعلومات ,ثم أنه صديقي لاتنسي هذا
قرب وجهه منها فجأه قائلا بعبوس: ماهذا!
التمعت الحيرة بعينيها متسائلة بجديه وخوف: ماذا!
كتم ضحكاته وهو يجيب ببراءة : أراك تحمرين كباقي الفتيات ياصغيرتى !
للحظه لم تستوعب ماقاله, ولكن فجأه انتفضت تركض خلفه تلقي عليه الوسائد وكل ماتصله يداها صارخه : أنت لاتطاااق
جاءهم صراخ والدتها من المطبخ ونبرتها تقطر استياءا : هادية , محمد أصلحا ما أفسدتماه حالا وإلا أقسم بالله لا غداء لكم اليوم
الاثنين صرخا بنفس الوقت: لا أمى / أختى أرجوك تعلمين كم نعشق المحاشي من يدك
ثم شرعا بترتيب الوسائد بغيظ وكل منهم يحاول إستفزاز الآخر
***
هل اختبرت يوما سقوط حر من فوق السحاب لما بين تجاعيد الأرض ونتوءاتها؟
ترى ماهو الأكثر إيلاما, لحظة التهاوى من على السحاب وفقدان الحلم , أم لحظة الإلتصاق بالأرض وتفتت العظام ,أم هى تلك اللحظه مابينهما حيث لا انتماء ولا إدارك ولاشئ سوى التخبط والهلع من المصير!
تجلس أمام والدها ووالدتها ومحمد الى جانبها كدعم خفي ووالدها يخبرها بحزم : هاشم تقدم لخطبتك , مارأيك؟
كتمت ينابيع السعادة بداخلها وهى تجيب بخجل : الدكتور هاشم شخص محترم و.......
من جاء بسيرة الدكتور هاشم !
كانت هذه نبرة الوالد المتسائلة ,فرفعت عينيها بسرعه لمحمد بعدم فهم
ثوان صامته لاحظ فيها الأب نظرات التخبط بين هادية ومحمد ليقطع الشك باليقين قائلا بصرامة موجها نظراته لكليهما ( الدكتور هاشم بالفعل تقدم لخطبتك اليوم إلا أننى أخبرته أنه أحدهم سبقه بالفعل وهو
ارتفعت الأنظار نحوه وهو يكمل بتمهل شديد ( هاشم ابن عمك وليس هاشم جارنا )
ارتطام شديد لكافة آمالها بحافة صلبة مصمته وهذا ليس عدل أبدا !
أفاقت من شتات أمرها على صوت والدها ( يوم وفاة جدتك جعلتنا نتعهد لها أمام الله أننا سنزوجك أنت وهاشم لبعضكما كضمان لقوتنا وتضامننا بالمستقبل , وعمك اليوم مريض جدا وطالبنى بالوفاء بالعهد ولم الشمل ولم أستطع سوى القبول )
- لكن يا أبي...........
كانت هذه نبرتها المحتجه بضعف , ليقاطعها والدها منهيا الموضوع ( لاشئ على الإطلاق سيتم قبل أسبوع ومعك فترة الخطوبة كاملة لتقتربا من بعضكما بشكل مناسب )
وغادر الأب ولحقت به الأم وهادية تتأرجح بين الألم والصدمه , ومحمد يشعر بالعجز عن فهم مايدور بخلدها
اقترب جالسا الى جانبها , فرفعت له عينين بنظرات ضائعه , ابتلعت ريقها بتوتر وهى تهمس له بمحاولة فاشلة لطمأنة نفسها : على الأقل معى أسبوع لأفكر بالأمر, أليس كذلك !
تجهم وجهه أكثر وهو يردد بغضب مكبوت : تقصدين معك أسبوع لتقنعى نفسك بالأمر
شعر بغباؤه وهو يرى عيناها تتسعان بهلع أكبر , ولكنه الآن غاضب بشده , يحتاج ليهدأ كى يستطيع أن يواسيها ويفكران بشكل منظم
كيف لوالدها أن يرفض الطبيب الخلوق الوسيم صاحب المستقبل الباهر ويختار ابن العم الجاهل المتعجرف !
نظر لها وهى ساهمة هكذا , هامسا داخله : آه ياصغيرتى ضائعة أنت ما بين الهاشمين , وشتان مابين هاشم هذا وهاشم ذاك


علا الخالع همسات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس