عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-16, 11:38 PM   #4

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

حفل آخر...
للأمانة بدأت تزهد الحفلات...
في الحقيقة لقد بدأت تزهد كل شيء!
تنفست بهدوء الهواء المختلط بعطر لطيف، بدأ يضايقها...
لذلك ذهبت بهدوء متجاهلة زوجها لقسم المدخنين!
واقعيا لا يوجد في هذه الحفلات قسم تدخين، لكن المدخنين احترموا حاجة الأصحاء و انزووا بركن آخر...
ارتسمت بسمة ساخرة على شفتيها و الكل يتوقف، حتى السجائر أوقفت احتراقها و هم يحدقون بها... نظراتهم تبدأ بوجهها المحتفظ بجماله، ثم تنخفض لحد بطنها المنتفخ!
لم تبالي بهم و هي تتحرك حتى وصلت لأريكة و جلست بهدوء...
ثم هزت رأسها برضى، لتتبعثر خصلاته التي مازالت تقصها قصيرة مجعدة بثنيات عريضة و هي تستنشق الدخان الخانق بنهم بينما الآخرين عادوا يتجاهلونها و كأنهم قد اعتادوا على جنون الحوامل!
مالت برأسها بهدوء، لترى بطرف عينها زياد يبحث عنها...
رأته أخيرا يتجه ناحيتها و هو يمرر يده في شعره بضيق، بعدما سأل النادل عن مكان المدخنين الحمقى!...
بسمتها تتسع و هي تحمد الله، أن هرمونات الحمل لم تشمله في قائمة المحظورات...
"دعد... يا إلهي... ماذا أقول... لقد قلتها ألف مرة... أقسم أنك تملكين عقلا أصغر من عقل عمر!"
رفعت عينيها لأعلى بسأم و هي تستمع لكلماته المؤنبة المعتادة، حتى أن ابنهما عمر قد جلس يحدق بها ذات يوم محاولا أن يساعدها على أن تكبر بعقلها!
عادت تبتسم و هي تراه يجلس جوارها بحماية، و عينيه النارية على المدخنين الذين بدأوا يفكرون بترك المكان و البحث عن مكان آخر ليدخنوا به بعيدا عن المجنونة و زوجها المرعب، بينما ذكرياتها تحيد كما تفعل كثيرا لماضي بعيد...
ماضي يبعد خمسة أعوام...
مازالت تذكر ما حدث عندما أوصلته لسكنها، ثم ترجلت من السيارة و توجهت لشقتها الجديدة، تاركة إياه...
تتحرك بثقة، و هي تضم شفتيها بقوة أن تطلق ابتسامتها، بينما ينظر إليها مشدوها، قبل أن ينطلق ناحيتها ليمسكها من أعلى ذراعها...
"كيف... أعني أين... أقصد، كيف تتركينني هنا؟؟"
تراجعت بصدمة مفتعلة و لمسة يده فوق القماش الخفيف تحرقها...
"زياد... هل تخاف من العودة وحدك؟!"
مرر يده بيأس في شعره الناعم، قبل أن يقول...
"حسنا... متى سأراك؟؟"
رفعت حاجبا متحديا قبل أن تقول...
"هذه المرة جمعتنا الأقدار... المرة المقبلة اعرف وحدك أين... و قد... لاحظ أنني قلت قد، أقبل أن أتحدث معك!"
ثم أزاحت يده عن ذراعها، و هي ترفع يدها بتلويحه أنيقة...
"وداعا... أوه أقصد... ربما إلى اللقاء زياد!"
لا تعلم أنه وقف يومها لفترة طويلة مستندا على مقدمة سيارتها...
بسمة تتوسع و تتمدد على طول شفتيه... ثم بهدوء لائم الليل بدء يصفر أغنيه قديمة لعاصي الحيلاني عن الحيطان و الأبواب و السكان، و تحرك سائرا إلى أن ابتلعته الظلمة!
و في الحقيقة هو عرف (أين)... بل عرف كل (أين) تكون فيه...
كل مكان تكون فيه يكون موجود...
شقتها ملئت بالورود... مكتبها ملء بها كذلك!
وردة واحدة كل يوم...
ورود و أزهار نادرة...
اخبرها –دون أن تسأل- أنه أحضر ازهار نادرة شكلها غريب، و رائحتها جديدة، و استنبتها في بيته الجديد...
نعم بيت جديد...
ذكريات جديدة و ماضي يموت...
لكنها لم تكن سهلة...
تنفجر به برفض يحبطه كلما اقترب خطوة...
و بالمقابل هو لم ييأس...
تدفعه لأقصى حد ممكن... يكاد يسقط من مدارها، لكنه بعند يتشبث...
زيارتها للبيت كانت القشة التي قصمت ظهر البعير...
رؤية أحلامها و خيالاتها في بيت أحلامها تتحقق...
التقسيم و التوزيع الذي حلمت به منذ طفولتها...
و حينما أخبرها، أنه يريد خدماتها في تنسيق البيت رفضت!
لن تجر لهذه الخدعة... إلا أن بسمتها المرتجفة و الدمعة المتكومة على طرف عينها، قد أخبرته أنه على الطريق الصحيح!
ثم؟؟
حقا لا يمكن لأحد أن يفهم النساء...
فبعد كل المحاولات العبثية منه، و اختراقه لحاسوبها الشخصي، بواسطة أحد الهاكرز، و وصوله لكل أمانيها لبيت الأحلام، و تعبه و هو ينسقه داخليا و يصنع أثاثه بيده...
أقول بعد ذلك، وجدها تنفجر به، لأنه اقتحم خصوصيتها!
و بشجار طويل استمرا بتراشق التهم في وسط بيتهما... أقصد أنه حتى تلك اللحظة كان بيته...
المهم أنها انفجرت بنفس المنوال الذي بدأ يحفظه...
"ألا تدرك كم عانيت؟... ألا تدرك كم تعبت... ألا تفهم كم من جهود بذلت لكي أستطيع أن اكون فقط كائن حي طبيعي... لا، لست تدرك هذا ببساطة... لأنك زياد الصانع لا تفهم... زياد القوي الكامل الذي لا يفهم معنى أن يستغل أي شخص مخاوفك حتى ولو بخدعة لأجل أن يذلك!"
هز رأسه باستحسان و قد توقع الجملة التالية...
"لقد خضعت لعلاج مكثف زياد، لكي أجعلني على قوة مساوية لك... لم أعد أخاف من الزواحف رغم اني لا اطيقها... لم أعد أعاني من دوار الحركة... و الآن.........."
"لقد نسيت واحدة؟؟"
لأول مرة يقاطعها و هو يجلس على أريكة خضراء داكنة بلون أقرب للزيتي تلائمت مع الوسائد البيضاء و الخضراء و الزيتية اللون أيضا...
"ماذا تقول؟؟"
تسائلت دون فهم، ليقول بلا مبالاة يعلم انه ستتلاشى قريبا ليعود يطلب رضاها من جديد...
"لقد نسيت واحدة أخرى!"
يعلم أنها تدفعه لأقصاه كي ترى كيف سيدير ظهره و يفر...
و ربما تختبر صبره ...
و ربما تعاقبه...
و ربما تختبر غلاها عنده... لا يهم...
فقلد التصق بها التصاق القنديل بلحم طري قد التقاه!
"زياد ماذا تعني بكلامك؟؟"
يديها على خصرها، و هي تميل ناحيته على الأريكة التي فعلا أحبت تنجيدها و تصميمها الأمريكي الحديث...
"أعني أنك لتكملي قصديتك لتصبح تامة، يجب أن تضيفي آخر شيء.."
"و هو؟؟"
"الشخير طبعاً!!... لابد أن تصبحي سوبر دعد... دعد التي لا شائبة بها و لا تسمح لنفسها أن تحتاج لأحد!"
"شخير؟؟ أي شخير؟؟"
تسائلت بلا فهم، ليغلق عينيه بغباء شديد، و قد أدرك انها لا تعرف... بالله عليك زياد، كيف سيعرف النائم أنه يشخر!
"لا شيء!"
"ماذا تعني بلا شيء... و ماذا تعني بالشخير زياد الصانع؟؟"
الآن اعتدلت و هي تعقد معصميها على صدرها... و للأمانة هو لم يرها بهذه الفتنة من قبل...
"إنه لا شيء دعد...."
و باعتياد امتدت يده تتلمس مكان حلقه، لتعلم أنه متوتر لكذبته، فضمت شفتيها، قبل أن تقول بشكل مباشر...
"زياد... هل تقول أنني أشخر و أنا نائمة... و لا تكذب... من فضلك لا تفعل، فكذبك يكون مفضوح دائما!"
أغلق عينيه بيأس من حماقته، قبل أن يرد و هو ينهض ليقف قبالتها...
"قبل أن أجيب، أريد أن أخبرك أنني لم أعد أنام من يومها براحة... أقسم لك أنه أجمل صوت سمعته بحياتي... منذ أول ليلة نمت بها جواري و أنا أحبه... دعد، أنت تحدثتِ عما فات و كأنه نواقص بك... لكنني أقسم لك أنها ميزات بالنسبة لي... دوار الحركة خاصتك، أشعر به يجعلك متفردة... صوت شخيرك و أنت نائمة هو محفز لي لكي أنام... فقط وقتها أشعر أنك سليمة و أنا بخير لأنك معي... "
أخذ نفس عميق قبل أن يكمل، و هو يقول من قلبه...
"كنت في كالاهاري(الصحراء الكبرى وسط أفريقيا) لا أنام إلا بعدما أهلك من السير... أحاول أن أجعل سمفونية الطبيعة تصنع شيء مثل شخيرك ليهدئني فلم تفعل... دعد، أنت بلا نواقص، بل تكاثرت ميزاتك لترفع قدرك عن كل نساء الكون!"
ظلت ثوان تقف قبالته و ملامحها متأثرة بما يقول... دمعة تكومت على طرف عينها، و هي تضم شفتيها لثوان قبل أن تتحدث بصوت متأثر... لكنه مازال يشعر بالتوتر... أمتأثرة لتطرده، أم............
"هل حقاً أنا أشخر و أنا نائمة، و أنت لم تخبرني من قبل؟!"
مط شفتيه و هو يجد شيء فيه يدفعه لأن يمسكها من كتفيها بحنان، و يقترب أكثر و أكثر...
"لم أكن لأخبرك... كان ترياقا خاصا لي ليهدئني و أنام... لذلك، ما رأيك أن تنسي....................."
"زياد..."
همس رقيق حرقه مرة واحدة، خرج منها...
"ضمني بكل قوتك لصدرك!"
***
عادت للواقع و هي تستمع له يعطيها محاضرة عن صحتها و صحة جنينها و التدخين السلبي و نصف سيجارة، و بلا بلا بلا!
"نصف سيجارة دعد... هل تفهمين نصف سـ..................."
ضيق عينيه و هو يحدق بها مع بسمتها المحبة التي ترتسم على شفتيها... فرفع عينيه لأعلى يستجير بالخالق...
فزوجته المجنونة العاشقة لرائحة السجائر الكارهة للعطور، تجد الرومانسية المجنونة في أوقات أشد جنون...
لذلك تنهد بهدوء و هو يجلس على الأريكة جوارها...
"اظن أننا يجب أن نعود... عمر ينتظرنا في الدار، مع المربية..."
ابتسمت مرة أخرى، و هي ترفع حاجبا، مع نظرة شقية... و بتوقع ارتفعت هرموناته و هي تهمس بوقاحة...
"عمر الذي ينتظر أم أن حاجات شخص آخر التي تنتظر؟؟"
رحمة بها و بحملها كذب براحة...
"دعد... هيا حبيبتي، لنغادر قبل أن أرتكب جريمة!"
أطلقت ضحكة عالية غير مبالية جعلت أكثر من رأس يلتفت إليها، ليشد على نواجده بغيظ... لكنه كما المعتاد كتمه و هو يلعن الهرمونات و مكتشف الهرمونات و الهرمونات مرة ثانية و ثالثة و رابعة!
"أين سيد الحفل؟؟"
تساءل بنفاذ صبر لكي ينفجر بشخص آخر...
هزت رأسها برضى من هذا التقلب الذي تقلبه فيه...
"أغيد سلم علينا كلنا... و سننتظر حتى يقول كلمته الأخيرة... إلا أنني سأنتظر محسن حتى يأت بأخته... لقد وعدتها أن أحضر لها دعوة إن تخرجت الأولى على دفعتها هذا العام..."
ظل على أعصابه ينتظر الأخ أغيد أن يقول كلمته المنحوسة ليعود لبيته...
بينما في زاوية أخرى و بالضبط عند البوابة، كانت فتاة بقامة أقل بشيء بسيط عن متوسطة تقف بفم مفتوح و عيون مذهولة...
تحدق بالفخامة و الرقي حولها بنظرات مسحورة...
لقد كان هذا الجمال احلى حتى من شهادة تفوقها الأخيرة!... حسنا ليس احلى، لكنه فعلا غريب، جدا غريب!
لكن كل ذلك انقطع مع وكزة قوية من يد الرجل خلفها، بنظراته الناقمة الغاضبة، و لهجته الريفية التي لم يتخلص منها رغم مكوثه في المدينة لوقت طويل...
"ها قد حضرت لهذه الحفلة السخيفة الغبية، هيا بنا لنغادر!..."
رفعت عينيها لأعلى بصبر و هي تمتعض لتظهر فوراً غمازة في منتصف ذقنها...
ثم ضمت حقيبة السهرة خاصتها و التي جابت كل الأسواق لتحصل على نسخة مقلدة جيدة لإحدى الماركات العالمية...
و بنفس الوقت، مدت يدها تعدل حجابها الأنيق لونه الأزرق الفاتح (السماوي)
و الذي تلائم مع ثوبها الأنيق أيضا لكن بلون أزرق داكن نفس لون عينيها، و مطت شفتيها اللتان أصر أخوها ألا تضيف أي مواد زينة لهم، فكانت هي الوحيدة التي جاءت للحفل دون أي زينة، بثوب ساتر، و حجاب!
المهم أن الفتاة ردت و هي تحاول أن تسيطر على نفسها، و تتحرك بخطواتها –التي تدربت عليها طويلاً في الكعب المدبب، لتبدو أنيقة راقية واثقة...
"محسن أخي العزيز... "تحدثت بمداهنة و هي تحدق دون أن تبدو كذلك بالكل..."بما أنك قد حضرت فعلى الأقل دعنا نثبت حضورنا للسيدة دعد و زوجها... على الأقل دعني أشكرها على هذه الدعوة".
سار معها بنفس مكبوت و رغبة عارمة بترك مصدر رزقه بسبب هذه الفتاة...
أخته كما لها أختين أخريات...
ثلاث فتيات و أم برقبته...
لذلك هو يأخذ كل شيء في حياته بتخطيط دقيق...
تربية البنات ليست سهلة بل هي طريق شائك وسط الألغام...
فإما تموت بلغم منفجر، أو تقضي حياتك تنزع الأشواك التي التصقت بجلدك الذي يثخن يوما بعد يوم ليصل لآخر الطريق و قد فقد الاحساس بهم!
نعم تربية البنات ليست سهلة، و إلا ما كان هنا يقف في بؤرة فساد أخرى مع أخته التي نالت وعدا تحفيزيا من السيدة دعد لحضور حفل كما هي حفلات السينما؛ إن تفوقت...
و ظن أن كلتاهما قد نسيتا ليتفاجأ بأن النسيان في هذه الأمور نعمة حصدها الرجل فقط،
و دون إرادة منه أو رغبة أو رضا وجد نفسه يصطحب أخته لحفل ثري سخيف آخر!
لم يدر بعينيه تبحثا عن شيء ما،
و لم يركز بالديكور و الأناقة حوله...
كل تركيزه كان على الفتاة و بنفس الوقت يشعل جهاز الإستشعار خاصته لأي مغازل سخيف وقح، يظن أن أنها مثل كل هؤلاء اللواتي يحطن به!
الصبر محسن الصبر...
ستنتهي هذه الكارثة قريبا،
و يعود ليحبسها بالبيت للأبد!
و هذا ما كانت تدركه لبنى و هي ترى بعينيها انفعالات أخيها، لذلك قررت بهدوء و بساطة أن تنال كامل حقها في هذه الحفلة لكي تستحق العقوبة!
"لبنى... لقد جئت!"
اتسعت بسمتها لتحفر غمازتها بينما تتلقفها السيدة دعد في سلام حار، و هي تقبلها على الخد الأول قبلتين، ثم الخد الثاني قبلتين...
"لم أكن لأفوت هذه الدعوة، و لو كان آخر شيء أفعله بحياتي..."
ابتسمت دعد و هي تنظر لمحسن بتحية مهذبة...
"مرحبا محسن... سعيدة جدا أن وافقت على حضور لبنى للحفل... لقد أسعدت قلبي كثيرا!"
و ما شأني أنا بقلبك و أنفك!
فلهيتم بهم زوجك الذي فقد كامل حزمه أمامك...
و إلا كيف يسمح لك بالخروج بهذا الثوب!
الثوب الذي لم يحترمه محسن في عقله، هو عبارة عن ثوب حريري خاص بالحوامل لأسفل ركبتها بقليل... كمه قصير بحريره البني اللامع كشكولاته سائحة!
و كأنه عند ذكر الشيطان، ظهر الأخ ذو الدم البارد و هو يحي لبنى بهدوء و رسمية لأنه يعلم طباع محسن و يعلم أنه لا يريد أن يضغط عليه، أكثر من ذلك، كي لا يبحث عن مساعد آخر!
ثوان و وجد نفسه يسترخي قليلا و هو متأكد أن توصياته التي أعطاها لأخته فعالة... و شعر ببعض الراحة و هو يراها ترفض شرب أي شيء، فلابد أن الخمور هنا كالماء!
"يا إلهي..."
استشعاراته التي نشطت بقوة التقطت صوتا خلفه يخاطب أخته و زوجة المدير...
"أغيد... لا تقل لي انك بدأت تشعر بالملل من حفلتك!"
هز رأسه و كأنه يحرك رقبته ليمرنها من شدة ما هزها للجميع...
"لأول مرة تكوني صادقة تماما... لقد بت فريسة!"
ضحكة دعد الرقيقة لم تكن مرتفعة و هو ما أرضى زياد، لكنه أشعل حطب محسن... كيف لامرأة تحترم نفسها ان تضحك مع رجل غريب بهذه الأريحية و زوجها على بعد خطوة!
يا ربي لقد تحول دم الرجال كلهم لهلام!
التفت بحدة يحدق بالرجل متوسط القامة بشعره المجعد اللامع بمستحضر ما، مع نظاراته الطبية الأنيقة التي تحبس عينيه الذكية، ينحدر عبرهما أنف أنيق حاد ثم لحية مع شارب مشذبين بعناية محفوفين بدقة، اضافة لقامته المتوسطة و جسده الرشيق بشكل جيد، مرتاح في حلة أنيقة سوداء بثلاث قطع تلائم جسده بالكامل...
رجل محترم أو يبدو عليه ذلك، لذلك فكرة أن يذهب و يسحب أخته بعدوانية من أمامه دون سبب وجيه كانت سخيفة، خصوصا أنه لم يحادث أخته بل تحدث مع زوجة المدير الغبية. و قبل أن يتعمق اكثر في حيرته و تفكيره انتبه لزياد و هو يسأله سؤال في العمل سرق بعض من تركيزه هناك، ثم انضم شخص ما للمحادثة محررا أخته من رقابته الحذرة...
"أغيد... "
قالت ببسمة و هي تشعر أن الرائحة العطرة بدأت تزعجها من جديد، و بنفس الوقت تدرك أن زياد لن يرضى أن تعود للمدخنين، بل سيسحبها للبيت دون نقاش!
تنفست من فمها قبل أن تكمل بصوت أخنف...
"لا تقل لي أنك بدأت تمل من التمنع!"
ابتسم و هو يدور بعينيه في الحشود و كأنه يقنع نفسه و قبلها ضميره الميت، أن استغلاله لصديقته للوصول لمأربه ليس بالأمر السيء، طالما كان في ذلك مصلحتها... لقد أفادها و استفاد... هي حصلت على ما تريد، و هو حصل على ما يريد، و زياد حصل على ما يريد، و أيضا علاء حصل على ما يريد، و والد علاء حصل على ما يستحق!!... إذن لم كلما تلقى نظراتها الممتنة لأنه ساعدها في العودة لزوجها، يشعر بشيء لا يريد أن يصفه... لا يريد أن يشعر بالخزي فهو شيء مهين لفكرته في الحياة... لذلك عاد ينظر إليها بنظرات جدية قبل أن تخرج حروفه هادئة...
"لا أحب طريقة تفكير بنات هذه الأيام... أشعر أنني عجوز حينما أفكر بما أريده بالمرأة..."
ثم عقد حاجبيه و هو يلاحظ لبنى التي تقف خلف دعد بخطوة و قد بدأت ترتبك من حضوره، لكنها بقوة لم تنظر ناحية محسن لأنها تعلم أنها سترى الدخان يخرج من رأسه!
"هل أحضرت معك أميرة؟؟"
هذا ما خطر على باله و هو يحدق بالفتاة التي تقف بخجل و كأنها تتمنى أن تتشبث بدعد و تخفي رأسها في كتفها...
للأمانة قراءة محادثة كتلك في رواية ما، أو مشاهدتها في فيلم، تختلف كثيرا عن العيش وسط هذه المحادثات المخزية!
"أميرة؟؟"
سمعت دعت تتساءل قبل أن تلتفت بتوجه من نظرات أغيد للبنى، ثم تبتسم و هي تسحبها للأمام...
"أميرة أطول مني بشبر كامل أغيد... أول مرة تنسى شيئا ما... هذه لبنى اخت محسن مساعد زياد..."
لم تكمل، لكنه تذكر حينما طلبت دعوة خاصة منه لشخصين مهمين بالنسبة لها..
"آها..."
شعرت بالدم يتضاعف في خديها و هي تحاول ألا تعض على شفتيها... ففي القصص هذه دعوة مفتوحة...
لا تعضيها لبنى...
أرجوك لا تفعلي!
"مرحبا لبنى... كيف حالك؟؟" برغم أنه متوسط القامة و هي ترتدي كعب عالي مدبب، إلا أنه مال ناحيتها بمودة..." أخبرتني دعد عن الجائزة لك، لتفوقك بالمدرسة... "
ثم ضحك ضحكة قصيرة قبل أن يقول و هو يتحدث بألفة تلائم طفلة صغيرة...
"هل تعلمين حينما تفوقت في آخر سنة بالثانوية طلبت من والدي أن أذهب لرحلة إلى أوروبا فقط بثمن تذكرة الذهاب، و أنا مسؤول وقتها عن نفسي بالكامل!!"
ظلت للحظات تستمع إليه للحظات بلا فهم، حاجبيها معقودان، و هي تفكر بكلماته، ثم بهدوء دارت لتعطي محسن ظهرها، و هي ترد بصوت خافت هادئ خالي من الميوعة، به خشونة صبية...
"مرحبا سيد أغيد المفتي... لا تتخيل سعادتي أنني ألتقيك أخيرا!"
عقد حاجبيه بلا فهم، لترد بسرعة و دعد تتراجع خطوة لتستمع كعادتها بما تتوقعه...
"السيدة دعد أخبرتني انك عبقري لا مثيل لك بالعالم!"
هز رأسه بتواضع، و هو يقول بتقرير خالي من الغرور...
"في الحقيقة، انا أعد من أذكى عشرين شخص حول العالم!"
رفعت حاجبا منبهرا بلا تصديق تخفي به ان المعلومة مكررة لأنها قضت الأيام الفائتة تتعرف على سيد الحفلة التي ستدخلها لأول مرة...
"يا إلهي... هذا شيء مرعب..."
أشاح بوجهه قليلا و هو يحدق بالناس حوله...
"نعم هو كذلك... كل شيء مكرر... كل شيء متوقع... أحيانا أتوقع الكلمات التي ستخرج من من أحادثه بالضبط..."
دون أن تدري تركت خجلها و توترها من محسن يتراجع و هي تعقد ساعديها على صدرها...
"حسنا... لنختبر ما ستقوله.... ماذا تتوقع مني أن أقول؟؟"
التفت إليها لثوان و هو معجب بقوتها رغم صغر سنها...
"أتوقع أن تسأليني عن أفضل تخصص ملائم للسوق بعد أربعة أعوام!"
مالت برأسها و بسمتها تحررت ليشرق وجهها كله ليفهم أنه فعلا فاتنة، بوجه صغير على شكل قلب، و بشرة طبيعية بيضاء نقية و الحمرة الشديدة المصاحبة لتوترها من الحفل انخفضت لتصبح زينة لها، بينما أنفها المستقيم الأنيق يتوسط عينيها اللتان قصة لوحدها... اللون الأزرق الداكن المثير، و الذي لا يظهر إلا بتدقيق شديد و هو يظلم و يشرق برقة...
العيون الواسعة التي لم تحتج للكحل و قد حددت رموشها الكثيفة جمالها...
و كأنها تخبره أنها فعلا أصيلة رغم طولها بتسع و خمسين سنتيمترا فوق المائة، طبعا مع كعب الحذاء!
المهم ان هذا الفحص لم يأخذ منه الكثير و هو يرى اللوحة تكتمل مع بسمتها التي حفرت غمازة أو طابع حسن في ذقنها...
"حقا؟؟ جيد ما دمت قد عرفت ما أريد أن أساله... أريد حقا أن تجيبني سيد أغيد... ما هو التخصص الذي سيفيدني بعد أربعة أعوام... "
ابتسم لثوان قبل ان يرفع حاجبا و هو يجول ببصره على ملامح وجهها بهدوء شديد...
"أظن أن ما يلائمك يختلف عن السوق... لكن لو بيدك الأمر ستختارين تخصص فني... أي شيء له علاقة بالفنون!"
ثم نظر ليديها الصغيرة التي تحمل حقيبتها بشد قوي...
"عمل يدوي... ليس الرسم و لا النحت... شيء مختلف بعض الشيء!"
خفق قلبها لثوان بتوتر قبل أن تعقد حاجبيها لثوان و هي تحدق به... كيف عرف هذا الخبيث... هي فعلا تهتم بفن خاص مميز... لكنها مستعدة أن تراهن على خمسة سنتمترات من طولها على أنه لن يعرفه بالتدقيق!
لحظات مرت و هي تحدق به عبر نظرات ضيقة بينما دعد تراجعت خطوة أخرى تنظر لكليهما باستمتاع... لا ينقص استمتاعها بهذه اللحظة إلا سيجارة، أو دخانها بالتحديد!
"معك حق... هذا كان حلمي... لكن يوجد لديك تتمة أليس كذلك؟!"
هز رأسه برضى أنه صدمها... لقد رأى بها علامة الفنان... عرف من أصابع يديها الحساسة أن بها فن... نظراتها الفاتنة و شرودها البسيط... ألوان ثيابها البسيطة المتناسقة رغم تواضع نشأتها... كل هذا التقطه بثوان، و من أول نظرة!
"بكل تأكيد... أنا أظن أن التخصص الملائم لك، هو هندسة ديكور!"
هذه المرة لم تعقد حاجبيها بصدمة و لكن باستغراب قبل ان تهز رأسها بتساؤل...
"و لم هذا التخصص؟؟"
ابتسم بهدوء و قد عاد له الشعور أنها طفلة بريئة بحاجة لبعض الصور الملونة البراقة للحياة قبل أن تكبر لتواجه الدنيا الكئيبة...
"لأنه ناجح و له مستقبل، و يلائمك... الذكاء يشع من عينيك آنسة لبنى... و للوصول لحل وسط بينك و بين موهبتك أظن أن التنسيق الداخلي و الخارجي سيكون متنفس جيد لموهبتك!"
هزت رأسها بفهم، قبل أن تقول بهدوء...
"ليتني التقيتك قبل خمس سنوات سيد أغيد"
عقد حاجبيه بلا فهم، لتكمل و هي تبتسم تلك الابتسامة البريئة، و طابع الحسن في ذقنها يحفر أكثر و أكثر...
"في الحقيقة السيدة دعد، أعطتني هذه الدعوة لهذه الحفلة كهدية لأنني انهيت تخصصي في الهندسة الإلكترونية بتفوق... بل أنا الأولى على كل الكلية!"
***



eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس