عرض مشاركة واحدة
قديم 20-07-17, 08:01 PM   #1

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي لا تلوميني (نوفيلا ) * مميزه و مكتملة *


#لا_تلوميني


غلاف اهداء للروايه بمناسبة تمييزها




الفصل الاول
وجدتك روحي
صمت عميق ساد مكتب نائب رئيس قسم شعبة المخدرات .. صمت محطم للاعصاب .. صمت مثير للاشمئزاز يشعرها بالاختناق خاصة مع شعورها بانها تحت المراقبة .. انتفضت بقوة واقفة بحزم وهي تقطع هذا الصمت بصوتها المميز قائلة ( حسنا .. بامير لا يحق لك ان تعرضني للاستجواب بهذه الطريقة وكلانا يعلم ان ما حدث لم يكن ذنبي ولا يقع ضمن مسؤوليتي )
- حقا دفنة .. حقا هل تصدقين ما تقولين .. لم اعهدك بهذا الجبن والتنصل من المسؤولية ( انطلق الصوت الحازم ليتردد بين جنبات المكتب وصاحبه يقف بشموخ امامها .. كان شاب في اوائل الثلاثينات امتاز بشعره الاشقر ذو الخصلات المتشابكة وعيناه الزرقاوان كمحيطي اسرار عميق .. ملامحه الوسيمة وجسده الرياضي الخفيف هما اكثر ما ميزه ليمنحاه مظهرا كاملا متسم بالجاذبية المختلطة بحزم وشدة وقوة تعلمها جيدا واختبرتها عدة مرات فلقد كان معيدها في كلية الشرطة ثم اصبح رئيسها المباشر في شعبة مكافحة المخدرات هذا دون ذكر انه صديقها اللذي لا تثق الا بكلامه )
تنهدت دفنة بعمق محاولة التحكم باعصابها قبل استئنافها حوارها اللذي تعلم انها ستخسره ان لم تقنع بامير بحجتها ( بامير .. انا لا اتنصل .. ولكني تركته حي يرزق وغادرت القسم بعد ان اعطيته مهلة ليفكر بعرضي له .. ما ادراني انه سيستغل هذا الوقت لينهي حياته عند اول فرصة.. لقد كان متجاوب معي ورضخ لي)
صفق بامير بخفة هازئة وهو يقول ( احسنتي دفنة .. لا اصدق ان مثل هذا الكلام يخرج منك انت .. هل تسمين ما قدمته له عرض .. انف محطم .. تمزق اربطة اليد .. ووعد بالتعذيب المباشر ان لم يتكلم والادهى وعيدك له باستخدام عائلته ضمن تهديدك ليعترف وفي النهاية اراحك وقتل نفسه بدل ان تقتليه انت كما هددته .. اتسمين هذا رضوخ وتعاون .. هل تعلمين ماللذي يعنيه هذا يا حضرة النقيب والى اين الت الامور )
كانت تعلم ان غضب بامير وصل للذروة بما انه ناداها بلقبها الرسمي فحاولت الدفاع عن نفسها بنبرة ارتعشت رغم عنادها ( كلانا يعلم ان تهديدي لم يكن السبب في موته وان المافيا قد وصلت اليه وتسببت بتهديده وطالبته بانهاء حياته كما فعل و .. )
قاطعها بامير ضاربا على سطح مكتبه بنفاذ صبر ( منذ متى يقوم عملنا على العلم يا حضرة النقيب .. اين هو دليلك على كلامك .. كاميرات المراقبة في حجرة الاستجواب لم تنقل سوى تهديدك وضربك ومن ثم انتحار المسجون .. اللعنة كان هو ورقتنا الوحيدة والاولى لهذه المافيا دفنة وانت اضعتها بكل غباء ورميتي بثقتي فيك عرض الحائط و .. )
- كفى حضرة المقدم ... الى هذه النقطة ولا يمكنك الاستمرار واتهامي بالتقاعس .. برايك ماللذي كان علي فعله وكيف كنت ستتصرف انت .. لا اريد ادلة بيننا ولكني ساناشدك حسك التحقيقي الان .. انت تعلم ان هناك رسالة معينة وصلت للمسجون اثناء اعطائه الطعام .. لا اشكك بالشخص المعطي ولكني واثقة ان الرسالة تسللت بطريقة ما .. انت راقبت ملامح المسجون عندما رأى الطعام الموضوع امامه وكيف انقلبت اساريره وشحب وجهه عندما رأى مكونات وجبته كما تعلم ان وجبة الطعام المقدمة له كانت من المطعم اللذي نتعامل معه واللذي اخبرنا بورود اتصال ظنه منا غير الطلبية المعتادة لهذه الطلبية التي قدمت .. ربما هذا لا يعد دليل واضح ولكن ماذا تسمي تلك الكلمات التي ابتدأ بالهذيان بها ونحن نحاول اسعافه اثناء احتضاره .. لازال لدينا ذلك الخيط اللذي اسره لي .. كل ما علينا فعله هو فهم هذا اللغز فلا تبدأ الان بتقيد نفسك باجراءات كلانا يعلم انها عقيمة .. الا ان كان تصرفك يخصني بذاتي وانك تخلط بين اوراق العمل وحياتنا الشخصية ( تحدثت دفنة بغضب مستسرل وعيناها تتحديان بامير اللذي ضاقت عيناه وازداد بريق قسوتهما ليعم الصمت مرة اخرى على وضع شبيه بانفجار البراكين ومع ذلك لم تخفض دفنة عينيها في معركة الارادات بينها وبين بامير )
كان بامير اول من قاطع هذا الصمت بتساؤله الهادئ ذو النبرة المتفجرة التهديدية ( هل تعنين انني انا من يؤخر التحقيق والتقدم وانني احاكمك هكذا لغضبي الشخصي منك .. ترى هل تلمحين الى شيء حضرة النقيب .. لما لا تكونين اكثر شجاعة وتكملي عتابك لتقوليها واضحة بانني اعاقبك لرفضك لي .. هل هذا ما قصدته دفنة ؟ ) توترت دفنة وانخفضت نظراتها بخجل فسماع بامير وهو يقول صراحة ما فكرت به واوحته بكلماتها جعلها تشعر بسخفها .. انه بامير .. وهي اكثر من يعلم عن عدله وشجاعته واستحالة وقوعه بهذه الشبهة التي تتهمه بها ولكن .. غضبها المتراكم من كل ما حدث افقدها تركيزها وجعلها تهذي باي حجة لتتمكن من انتشال نفسها ومنعه من معاقبتها او حرمانها من قضيتها .. غمغمت بالرفض بصوت غير مفهوم الا ان بامير لم يعرها ادنى اهتمام وهو يلتفت عنها مضيفا بقسوة التمست فيها ارتجاف نبراته بخيبة ( اعتقد انك تعلمين الاجراءات المتبعة في هذه الحالات .. انت ستسلمين ملفات القضية لمجد وستنسحبين حتى يتم التحقيق فيما حدث و .. )
-كلا .. لن افعل .. ارجوك لا تسلم تعبي لعام كامل الى غيري فهذه قضيتي التي لاحقتها طويلا .. وكلانا يعلم ان اثبات برائتي يكمن باكتشاف دليل جديد وخيط يقودنا الى العصابة بدل ذلك المجرم .. ارجوك بامير .. هذه المرة الاولى التي اطلب منك فيها شيء .. حكم قلبك وعقلك واترك القوانين خارجا .. امهلني ثلاثة ايام واعدك ان اقدم لك امر يستحق الفخر وصدقني لن تندم فانا وانت نعلم ان التحقيق فيما حدث سيثبت براءتي الا انه سيأخذ وقتا طويلا وهذا سيجعل الوقت يفوتنا ان لم نتحرك سريعا ونستفيد بما لدينا من معلومات .. كل ما اطلبه هو ثقتك بي ( قاطعته دفنة بلهجة امتزج فيها الرجاء مع الغضب والحنق .. كانت عيناها تناجيانه وعلمت من تحدب اكتافه وحركة يده التي مسحت بباطن كفه صفحة وجهه في صراع واضح بين مبادئه وعقله اثرت فيه ان تصمت والامل يبزغ في نفسها .. راقبته وهو يعيد الالتفات اليها ويتأملها بعمق متلكئ ضايقها لشعورها وكانها تحت المجهر .. مضت دقائق اخرى صامتة كادت تنفجر فيها لولا سماعها تنهيدته وصوته الهادئ يملأ المكان بكلمات اسعدتها )
- حسنا دفنة .. ربما معك حق في امر واحد هو ان الوقت ليس بصالحنا ان اردنا الاستفادة من المعلومة الوحيدة التي نمتلكها الان من السجين .. فلا اعتقد ان فريق امجد سيتمكن من متابعة الامر من منتصفه بشكل سريع كما انني اعلم انك بريئة ولكن نتائج التحقيق ستستغرق بعض الوقت لذا سنمسك العصا من المنتصف كي لا نخالف القوانين بشكل واضح .
كلمات بامير الواثقة جعلتها تعقد حاجبيها بشك متسائل ( ماللذي تعنيه ؟ كيف نمسكها من المنتصف ) تنهد بامير بعمق مشيرا اليها ان تجلس وهو يعقب سؤالها بجوابه ( سابعدك عن رئاسة فريقك لتمسك نائبتك سيدا المنصب بشكل ظاهري فقط على ان تعملي معهم وكانك واحدة منهم ولكن فعليا فانت ستكونين القائدة بينهم وهكذا ستظل القضية بين ايدي فريقك وتحت تصرفك دون ان تكوني المسؤلة المباشرة الى ان تنتهي التحقيقات وهذا قرار نهائي ) ولوح باصبعه امامها بشكل تأكيدي.
ارتسمت ابتسامة دفنة المترقبة وهي تحرك راسها موافقة فلا يهمها ان تكون قائدة لان فريقها دوما ما يعمل كيد واحدة دون فروق بينهم وابتدأت بالتحرك بحماس قائلة بامتنان ( اشكرك بامير .. حقا اشكرك على هذا واعدك ان نحصل على طرف خيط اخر في اقرب وقت ) كانت قد وصلت الى الباب عندما قاطعها صوت بامير الحازم وهو يقول بلهجة لا تقبل النقاش ( سنتعشى الليلة سويا دفنة في مطعم الجوهرة فضعي هذا بحسبانك ولن اقبل برفضك هذه المرة فحجتك بانك لست معتادة علي ولا تعرفي الكثير عني لذلك طلبتي وقتا لنتعارف قبل ان توافقي على طلب زواجي يجب ان تبطل وبما انك لن تبادري لتعرف علي كما يبدو اذن يجب ان افرض نفسي عليك وان لا اقبل الاعتراض ).
حاولت دفنة رسم ابتسامة مشرقة على وجهها لتخفي ضيقها من طلبه وهي تجيبه ( بالطبع سأذهب .. من قال اني سارفض ولكن لن نتاخر عن ساعة حضرة المقدم لان ورائي الكثير من الاعمال فرئيسي ينتظر مني دليل قاطع خلال ثلاثة ايام وانت لن تقبل ان افشل امامه ) وغمزته بمشاكسة قابلتها ضحكته الهادئة وهو يراقبها تغادر وقلبه يخفق بعنف في اثرها .. انه يحبها .. بل يعشقها .. الا انه يعلم انها كالفراشة .. كلما حاول محاصرتها طارت من يده واتجهت الى النار مهددة باحراق نفسها .. لذا .. يجب عليه ان يتأنى هذه المرة في تعامله معها ليحصل عليها .
________
نفثت دفنة انفاسها بغضب جامح وهي تضرب على اللوح الخشبي امامها واللذي ثبت به العديد من القصاصات الورقية والصور مشيرة الى الدائرة التي انتصفت هذا اللوح كالشمس الخارجة باشعة مرتبطة بكل التشعبات التي ملأته قائلة بنفاذ صبر لفريقها ( كيف يعني.. كيف لا نستطيع ان نربط بين ذلك الاحمق وكل هذه المباريات تجرى في نفس اليوم ..من كان يتوقع انه في يوم الرابع والعشرين من هذا الشهر تقام ست مباريات مختلفة بعدة مجالات والاهم انه ولا واحدة استطعنا ان نربطها بالقتيل لنصل للمافيا )
-دفنة ترأفي بنفسك يا فتاة .. ان تلك المعلومات التي نملكها غير كافية بتاتا .. مجرد ثلاث كلمات .. التسليم في المبارة يوم الرابع والعشرين من الشهر هي كل ما نملكه .. انه حتى لم يحدد وقتا او طريقة او مجرد توضيح لنا عن ماهية التسليم .. اقسم انني تعبت ( تحدثت سيدا وهي تفرك عينيها بارهاق ممسدة رقبتها بألم الا انها انتفضت بعنف مع صوت دفنة الشبيه بالصراخ وهي تعود للاشارة للكلمة المنتصفية (المبارة ) والتي خطت باللون الاحمر مسببة اتساع حدقتي سيدا لمعرفتها مزاج صديقتها المتفجر )
- هل تعبت سيدا ؟ .. ربما يجب ان تفكري بتسليم شارتك فنحن دخلنا هنا لنعمل لا لنأخذ اجازة .. لم يبق من المهلة سوى يوم واحد وغدا هو الرابع والعشرين ويجب ان نكشف الصلة مهما حدث فكفي عن التقاعس سيدا ( كانت قسوة دفنة جنونية الا انها لم تتمكن من مراعاة احد فداخلها يغلي وبوادر فشلها تلوح امامها كما ان تعبها المتراكم وعدم نومها لثمان واربعين ساعة وملاحقة بامير المزعجة لها بحجة تعريفها على نفسه وعدم مقدرتها على صده كي لا تحزنه كل هذا تكالب عليها ليثير كل اعصابها .. رأت نظرة سيدا المعاتبة وهي تنفي تعبها بخجل آلم دفنة لانها تثق ان سيدا لم تكن تستحق منها هذا الانفجار .. تنهدت بعمق متجهة الى سيدا لتحاول الاعتذار الا ان اقتحام ايسو عضو فريقها الثالث لمكتبها اوقفها وهي تسمعه يصرخ باثارة عنيفة بانه وجدها وفي يده ورقة الصقها عند كلمة المبارة ولهثاته ترتفع مشيرا اليها بحماس جعل دفنة تسأله بحذر مراقب (ماللذي وجدتها )
اشار ايسو الى الورقة ثم الى سردار اللذي لحقه الى الداخل وبيده شاب تعرفت انه ابن صاحب الكافتيريا التي يتعاملون معها قائلا بعد ان اشار لسردار ان يخرج الشاب قليلا ( انت تعلمين سليم .. للتو رايت معه هذا الاعلان وهو يحادث احد اصدقائه مشيرا اليه قائلا بالحرف الواحد ان مبارة الغد ستجمع الفهد الاسود بطل الملاكمة الحرة مع نظيره ايتان الروسي بمباراة بلا قوانين ولا اعراف سوى الضرب حتى الاستسلام او الاصابة الى حد الموت وبانه حصل على تذكرته بصعوبة من السوق السوداء بمبلغ 3000 الالف ليرة وعندما سالته عن هذه المباريات التي اسمع عنها للمرة الاولى اخبرني بصعوبة طبعا وبعد استجواب طويل وتهديد لطيف بانها مباريات شبه قانونية لا تستطيع الحكومة منعها لان اثرياء البلد ووجهائه وحتى بعض الوزراء يدعمونها ويراهنون عليها وهي تتم مرة كل شهرين بتاريخ مختلف ومكان سري يتم تبادله في الاسبوع الاخير من موعد المبارة ولا يتم دعوة سوى من هم اعضاء بنادي الملاكمة الحرة او المهتمين بها ويتم التدقيق بمن يحضرها كما يمنع التصوير او تسريب اي مقطع منها خارج المكان على الانترنت ولكن الملفت للنظر في كل هذا ان الشركة الرسمية الراعية لهذه المبارايات هي شركة الفا )
عقدت دفنة حاجبيها وكمية المعلومات التي سمعتها تتخبط بزوايا عقلها وقد ارتفع الامل بداخلها قبل ان تصرخ بحماس مشيرة الى احد الاسهم التي كانت مرسومة على اللوح قائلة ( انها الشركة التي عمل بها المسجون قبل ثلاث سنوات من الان كحارس امن لمدة اربعة اعوام سابقة قبل ان يطرد لسبب مجهول وبعدها تجول بوظائف عديدة غير ثابتة .. ياللهي .. انها شركة الحراسات والاقفال وتصنيع الاسلحة المسؤولة عن كل ما يتم امداد الشرطة والجيش به من ادوات )
-اجل .. وهذا يبدو كخلية ابعد ما يكون عن كونها مصادفة بحتة لذا اعتقد ان هذه المبارة هي ما قصده المسجون وبان هذه الشركة يحدث فيها الكثير على ما يبدو ( تحدث سردار عضو فريقها الرابع بهدوء بعد ان دخل الى المكتب )
-اين سليم .. ياللهي ان ما يحدث.. اوووف هل يمكن ان يكون.. او..ولكن ان هذه الشركة وخاصة قسم الحراسات والاسلحة اللذي يمددنا بما يلزمنا يتم مراقبته بشكل دوري ومباشر فكيف برايكم يكون متصل بالمافيا و.. ( تحدثت دفنة بتلعثم مرتبك وعقلها ينطلق مفكرا بعدة اتجاهات )
قاطعتها سيدا بحماس قائلة ( ان ما يخضع للرقابة هو قسم الاسلحة والاقفال ولكنها اساسا شركة كبيرة جدا تحوي العديد من الاقسام والصناعات .. فغالب صناعات الامان والفولاذ تنتج منها مثل المصاعد والقضبان وفولاذ النوافذ الحامي للمنازل واسوارها والعديد وكل هذا لا يخضع للرقابة )
ازدرت دفنة لعابها وقلبها ينتفض بعنف محاولة التفكير بخطة تؤكد ما توصلو اليه واعين فريقها تراقبها منتظرين قرارها .. قالت بصوت حذر وهي تقف لتنظر مرة اخرى للوح ( يبدو انه ليس امامنا سوى هذا الخيط لنتبعه فلا حل اخر يظهر بالافق وهذه فرصتنا الاخيرة .. سردار .. اين سليم .. يجب ان يدلنا على المكان اللذي اشترى منه التذكرة لنحصل على تذاكر تدخلنا الى الداخل .. سنكون انا وسردار في المباراة لنراقب الاجواء وسيدا وايسو في الخارج ليوافونا بكامل الاحداث .. لا اعتقد اننا سنمسك بصفقة ومع ذلك يجب ان نتاكد ان كانت هذه الاجواء الملائمة لعقد صفقات خاصة بالمخدرات ..اما الان .. حاولو جمع كامل المعلومات عن شركة الفا وعن هذه المباريات ريثما اتحدث انا مع سليم واحاول استجوابه والحصول على افضل طريقة للتسلل الى الداخل .) ..انهت كلماتها متحركة الى الخارج مع سردار بينما انكب كل من ايسو وسيدا على حواسبهم الالية لاستخراج المعلومات التي طلبتها .
___
نظر سليم حوله بتوتر كبير جعل دفنة تبتسم وهي تضع يدها على ظهره مطمئنة اياه بهمستها الهادئة ( مابك متوتر .. انك تجذب الانظار بحركاتك وكانك تخفي قنبلة .. اهدئ واستمتع ولا تهتم بأي امر اخر وتابع المبارة وكأني حقا صديقتك التي فاجأتها بعيد ميلادها بهذه التذكرة الهدية .. لا تقلق لن اغامر واقوم بأي شيء انا هنا فقط للمراقبة والبحث لذا .. ارجوك لا تقم بفوضى بارتباكك ) سمعت تنهيدته المستلمة فحاولت الهاء تفكيره بسؤاله ( حسنا .. من المتبارزين تحديدا ومن تشجع فيهم ) سؤالها اشعل حماس الشاب الصغير وهو يجيبها ( بالطبع اشجع الفهد الاسود .. ملك الملاكمة الحرة لاربع سنوات متتالية .. اتعلمين لما يسمونه بهذا الاسم .. لانه مثل الفهد يظل يلتف حول فريسته بكل هدوء حتى يتعبها ويوترها ويجعلها تفقد تركيزها ثم ينقض انقضاضة خاطفة ومميتة .. وهذا ما سترينه في الجولات الاولى للمصارعة .. سيكون في موضع الدفاع وسيكتفي يصد هجوم خصمه ودراسة حركاته .. وعندما يتوصل لنقطة ضعف خصمه ينقض عليها بسرعة خاطفة مسبب انهياره بين يديه ) حاولت دفنة تخيل هذا المصارع كرجل طويل ضخم منفوخ العضلات متدلي الشوارب واللحيه فارتعشت باشمئزاز جعلها تحرك رأسها نافضة الصورة التي تكونت ثم سألت بخفوت ( وهل هذا عمله.. هل هو ملاكم ) جابهها صمت سليم مع انطفاء اضواء الحلبة وعلو الاجراس المعلنة عن وصول اللاعبين ..ثواني فصلتها وقلبها ينتفض باثارة مع تشجيع الجمهور العالي ..لحظات مرت قبل دخول رجلين كل من احد جوانب الحلبة المتضادة .. احدهما تغطى بروب احمر اما الاخر فقد اتشح بالسواد دون ان تظهر ملامحه المختفية بقبعة الروب.. سمعت سليم يهتف مشجعا الرجل بالزي الاسود فادركت انه الفهد الاسود ..راقبته وهو يرتقى درجات الحلبة برشاقة ويقفز من بين حبالها الى منتصفها قبل ان يزيح قبعته رافعا يديه ليحي الجمهور اللذي علا صراخه المجنون .. صراخ غفلت عنه تماما وهي تتشنج ما ان رأت هوية الملاكم ..تلك الملامح التي من المستحيل ان تنساها ولو بعد مليون عام .. انه من بحثت عنه طويلا حتى يئست .. تمتمت بصدمة مرتجفة وبحروف بالكاد ظهرت معالمها ( انه.. هو..انه..هو ) كانت ترددها كتميمة خائفة من ان تستفيق على انه حلم .. راقبته بنهم وهو يستعد لخوض غمار المبارة وعقلها يتذكر اخر مرة رأته فيها وودعها .. كلماته التي مثلت لها قانون اتخذته كمبدئ في حياتها .. دون وعي غرق عقلها في تلك اللحظات متناسية كل الصخب حولها وعيناها تحيطان عمر ابليكجي بكل دقة وتفصيل ..اجل.. انه عمر ابليكجي وهذا ما يعلنه صوت المذيع في تقديمه للاعبين ليؤكد ما هي متأكدة منه.. غاب الجميع من امامها وصوت عمر الواثق المطمئمن يتزلزل في نفسها لتشرد في ذلك اليوم .. يوم جنازة والدها .. ذلك اليوم المشؤوم اللذي اعلن فيه رئيس جهاز الشرطة عثوره على بعض الادلة التي تدين والدها وتتهمه بكونه جاسوس يسرب المعلومات للمافيا وبان قتله كان على يد هذه المافيا بسبب خلافهم .. ذلك اليوم اللذي لن تنساه واعين الجميع ترمقها بشفقة وهي تصرخ بان هذا مستحيل ..كل الاعين حولها اخافتها واحزنتها الا عينيه التي وجدت فيهما مرفأ امانها .. هربت من مكانها لتحجز نفسها في مكتب والدها بعد ان صرخت بانهيار امامهم بانهم يخرفون وبان والدها من المستحيل ان يخون عمله اللذي قدم حياته كتضحية له .. لم تعلم كيف لحق بها .. كيف اقتحم عزلتها .. وكيف وجدت نفسها في احضانه تبكي اب لا تستطيع اثبات براءته بعد ان قتل غدرا..رائحته..نبضات قلبه الهادرة..انفاسه..همساته المهدئة..وعشقها اللامتناهي .. تظافرو عليها ليسلوبها مقاومتها..ارتخت في احضانه متشبثة بالحياة بين تلابيب قميصه..عاتبته بتمتمتها ( لما لم تدافع عنه..انت تعلم انهم كاذبون..اللعنة انه والدك ايضا ) اضافت الجملة الاخيرة بعد ان ضربته بقبضتها الضعيفة على صدره قبل ان تستقر يدها برقة بين حنايا عضلاته المتيبسة .. سمعت اجابته الخافتة لها ( الست واثقة من انه بريء..الست متاكدة بان الظاهر دوما يخالف حقيقة الامور ) رفعت راسها تبحث عن معنى كلماته في عمق عيناها وهي تتمتم ( ان هذا شعار والدي..دوما ما قال لي انه عندما احتار فعلي ان اثق بحدسي واكذب الدليل حتى اجد ما يضحده ويقلبه ويظهر حقيقته..انا واثقة من براءته..ولكن الاناس في الخارج لا يصدقون من عرفوه نزيها طوال عمرهم ) ابتسم بهدوء واثق وكفه تحتضن وجهها بدفء حطم جليد قلبها المرعوب ( اذن ثقتك هي الخطوة الاولى نحو النجاح..اخرجي اليهم براسك المرفوع.. اياك ان ينالو منك او يهزو كيانك.. لا تسمحي للشفقة ان تظهر في عيونهم واقلبيها لاعجاب بشجاعتك..تقبلي العزاء منهم وان تظاهرو باشمئزازهم من حقيقة والدك حتى وان شتموه امامك فلا تردي .. فالمدافع هو الشخص اللذي يشك ببراءته اما البريء فلا يدافع بل يجعل من حوله يدافعون عنه لثقتهم فيه..استمري بحياتك بقوة ودون بادرة ضعف او حتى محاولة شرح عن والدك فكل ما ستقولينه هم يعرفوه وينكروه بجهلهم..وانتظري ..فحقيقة الخديعة ستظهر قريبا..اقسم لك ان تجديها تصدح في الارجاء في يوم ستستيقظين على ضجيجها..لتري نظرات الذهول والخزي في نفس العيون التي شمتت بك .. وتتلقي عزاءك بفخر يليق بوالدك .. لا اريد منك شيء سوى الاستمرار بحياتك كما اراد والدك فهكذا تثبتين نجاحه في تربيتك..اما الباقي..فاتركيه علي..فهذا واجبي وديني نحوه..هل تثقين بي وتعديني ) دون شعور .. دون تردد .. دون ثانية من التفكير .. رددت بايمان عميق ( اثق بك..واعدك ) وكيف لا تعفل ووالدها دوما ما اخبرها انه عندما تخذلها كل الدنيا وتدير لها ظهرها فالشخص الوحيد اللذي عليها ان تثق به بعده هو .. عمر .. اجل .. انه هو من كرر لها والدها مرارا وتكرارا انه المسؤول عنها بعده وان عليها ان تطيعه بلا تفكير فهو ابنه اللذي لم ينجبه ولكنه رباه بصبر واناة حتى غدا نسخة منه.. ولكن هذا الابن..هذا الحبيب تقهقر حالما سمع وعدها تاركا اياها .. سالته بلا حول ولا قوة الى اين يذهب وكيف تقابله .. رجته بضعف الا يتركها لوحدها ليس الان..فهي لا تستطيع العيش بدونه ولكنه نظر اليها بغموض حزين قائلا ( انه الفراق دفنة..قدرنا ..هذا اخر لقاء بيننا .. لا يجب ان تبحثي او تسالي عني .. فقط ثقي اني ساجلب حق والدك ولكن بعدها لا تحاولي العثور علي لقد انتهى كل شيء بيننا وتلك الروابط التي ربطتنا انقطعت بموت والدك لأن لكل شيء ثمن .. وثمن براءة والدك هي فراقنا..يجب ان تكوني قوية لتحلقي وحدك وانا واثق انك ستتمكنين من هذا .. اتمنى لك السعادة كاملة وارجوك..لا تحاولي ثني عما انويه ولا تراجعيني بقرار فراقنا فهو نهائي ان اردت المحافظة على حياتي ) وغادر تاركا اياها بذهول وهي تشعر ان كل سند لها في هذه الحياة انتهى في تلك اللحظة..فوالدهاوعمر تركاها لوحدها في هذه الدنيا..في البدء لم تصدق انه لن يظهر وسيتركها..ظلت تبحث بصمت عنه بين الوجوه.. التزمت نصيحته واخفت مشاعرها بجليد لتظهر قوتها..نفذ وعده بعد سنة .. استيقظت على الفضيحة التي زلزلت مركز الشرطة مع اكتشاف تورط مدير المخفر مع المافيا وتلفيقه التهم لعناصره ومن ضمنهم والدها .. عادت كرامتها في تلك الايام واعتذر لها الكثيرون ولكن .. بقي هو يحتل ذهنها لانه الوحيد الذي سيشاركها فرحتها.. لم يظهر ايضا مما قطع قلبها الما..التزمت بكل نصائحه لها الا عدم البحث عنه لانها ببساطة لم تستطع .. ولكن..فشلت..لم تعلم سوى انه ترك سلك الشرطة بعد اسبوع من مقتل والدها.. ومهما بحثت عنه اصتدمت بحاجز الغموض..ظل خوفها على حياته ملازما لها متذكرة انه فارقها ليحمي نفسه من الموت كما اخبرها ..وحتى بعد مرور عشر سنوات من ذلك التاريخ بقي دوما لديها امل ان تراه .. ترى مالك عرش قلبها وبطلها الاسطوري اللذي توجته كقدوة امتلك روحها وصديق خلوتها في كل حين حتى غدا خياله كظلها مزروع في داخلها النابض بذكرياتها العامرة معه .. انتفضت مع جرس بداية المبارة وراته وهو يتقافز امامها برشاقة .. لقد ازداد قوة وجمالا كما يبدو .. تعلقت عيناها به بجوع مراقبة ادق تفاصيله .. انتفضت بالم عنيف عندما تلقى احدى اللكمات لتتبعها انتفاضة اخرى مع لكمة اخرى .. شعرت بطعم الملح على شفاهها واستغربت رطوبة وجهها لتكتشف انها دموعها .. كانت ترتجف بعنف وسؤال لعين يتشكل امامها .. لما هو هنا .. كيف وصل الى هنا .. كيف اجتمع الفهد الاسود بعمر ابليكجي ليكونو شخصا واحدا .. وكان القدر لم يشأ ان يحرمها الاجابة لتأتي لها على طبق من ذهب .. ارتفع صوت سيدا في السماعة التي تضعها بداخل اذنها بشكل خفي ( دفنة .. لقد بعث سردار لنا صور اللاعبين وبعض الشخصيات الحاضرة .. حصلنا على معلومات مهمة عن كل شخصية .. ولكن..) قاطعتها دفنة بلهفة متسائلة ( الفهد الأسود .. عمر ابليكجي..الشرطي السابق .. و ..) سمعت شهقة سيدا التي قاطعت كلماتها المبعثرة الخافتة لتقول بصوت تشبع اثارة ( كيف عرفتي دفنة..اجل انه عضو الشرطة السابق وفتى الفا الذهبي ومدير قسم الاجهزة الامنية والاقفال بالشركة..انه القسم اللذي يتعامل معنا..ربما هكذا توصلت الشركة لعقد غالب صفقاتها وحصلت على احتكار صناعاتنا الفولاذية..فيبدو ان عمر هو حلقة الوصل بيننا..ذلك الفتى الداهية اللذي عرف سابقا بانه عبقري الاقفال..فلم يوجد قفل يصمد امامه ليصبح هو نفسه صانع الاقفال العبقرية..دفنة ان الفهد الاسود هذا هو واجهة الفا المشرفة..لو رأيت المعلومات التي حصلت عليها..اتعلمين ان الاقفال التي يصنعها بنفسه هي الاقوى والامكن هذا دون ذكر ان اي قفل يستعصى على الشرطة او يودون ان يختبرو قوته فانهم يستعينون به لحل لغز هذا القفل وليس فقط هنا ولكنه عالميا مصنف على انه الرابع في مهارة فك الاقفال و ) كانت انفاس دفنة تتعالى وهدير اذنيها يطغى على صوت سيدا ومنظر عمر وهو يتلقى لكمة تسببت بظهور خط احمر على وجهه يلون دنياها وتلك المعلومات التي تسمعها تتردد بين تلافيف دماغها ..صرخت بلاوعي (انتبه) لتسمع صمتا طغى على صديقتها..وكأن صرختها كانت جرس انطلاق الفهد .. بثواني انقلبت الكفة بعنف..هجمات سريعة ولكمات خاطفة انهالت بتتابع على الخصم الروسي من كل حدب حتى سقط صريعا ووجهه مغطى بدماء ويديه تمسك جانبه المكدوم..علا الصراخ من حولها بجنون وصوت سيدا الهامس يردد بذهول ( ياللهي ..هل رايت ما فعل..ان سردار ينقل لنا المبارة ..كيف.ك..) لم تسمع..لم تعي..لم تفهم..وغابت عن الجميع وعينيها تركزان على عيني فهدها..ولكن..ارتجفت بعنف اكبر وهي ترى تلك النظرة الدموية المتوحشة..تلك العينان التي اختلفت عن عيني عمر ابلكجي اللذي تعرفه..نظرات استوطنها الشر..الجمود..الاجرام..والعن ف المطلق بوحشية مرعبة.. نظرات اعاد تساؤلها المجنون ..كيف وصل عمر الى هنا..من هذا.. وكيف يكون الفهد الاسود بكل اجرامه هو نفسه عمر ابلكجي ؟
____
انتقلت نظرات دفنة بتوتر في تلك الحجرة الخاصة بمطعم الفاروق حيث من المفترض ان تتناول الطعام مع الفهد او بمصطلح اخر مع ..آمر ابلاكجي ..الاسم اللذي يعرف به في شركة الفا..لذا لم تجده..فاسم عمر احتفى ليحل محله اسمه بالنطق الانجليزي.. اسبوع كامل مر منذ ان رأته في تلك الحلبة .. اسبوع قضته باجتماعات سرية ودراسات ليخلصو في النهاية الى ضرورة وجود عنصر في شركة الفا يراقب سير العمل عن كثب فكل معلوماتهم عنها غامضة.. اختاروها هي بعد ان انهو عملها بشعبة المخدرات ظاهريا كعقاب لما حدث معها ونقلوها الى قسم العلاقات العامة حيث عليهم ان يدرسو الية صناعة الاقفال والتأكد من امانها بما انها ستورد لقسم الشرطة..كانت هذه حجة دخولها للشركة..الحجة التي ستواجه بها عمر ..تثق انه سيوافق فهو شرطي سابق وسيسعى لاكتشاف اي خلل..الا انه رغم عظم ثقتها به كانت المعلومات التي وصلتهم عنه غير مطمئنة مما جعل بامير يؤكد عليها عدم البوح بحقيقة مهمتها لأي شخص مهما كان الأمر او الشخص .. حتى فريقها وصله امر بنقلها كعقاب وتم احالة قيادة الفريق الى سيدا .. كل تلك الاجراءات كانت ضرورية ليتم اخفاء اي سبب لتسللها .. بالطبع استخدم بامير كل صلاحياته مع مدير فرعهم بالشرطة لأخذ موعد مع عمر ابلكجي لتتمكن من شرح طبيعة مهمتها الخادعة له .. واليوم تحديدا هو الوقت اللذي استطاع تفريغه لها .. ساعة اثناء تناوله الغذاء .. كل ما كانت تنتظره بكفة وشوقها لرؤيته وردة فعله عندما يعرفها بكفة اخرى .. وقفت سريعا حالما شعرت بالجلبة عند باب الحجرة قبل ان ينفتح بابها ليدلف الى المكان..تعلقت عيناها به بشكل تلقائي وروحها ترفرف بشوق صاحبه خفقات قلبها الملهوفةالطائرة فرحة..ثانية فصلتها قبل ان تقابل فولاذ عيناه القاسي ..بادلها نظرتها بنظرة ارعبتها بشكل غريب..نظرة فهد حبيس ينتظر الاشارة ليفتك بضحاياه .. بلا ارادة منها انتفض جسدها بعنف وعيناه تقيمانها ببرود زاد جليده مع ملامح وجهه القاتلة..انحبست انفاسها للحظة بل للحظات فصدرها أن بألم مع حرمانه من الهواء .. رأته يشير لها لتجلس مع صوته اللذي تعشقه اذناها بنبرة سكبت الجليد في عروقها ( تفضلي .. اهلا بك ) وجلس مقابلها بكل شموخ ينتظر امتثالها لأمره .. ارادت الجلوس .. ارادت الهروب .. تشتت كل ردات فعلها وشلت كل اطرافها بصراع فتك بين عقلها وقلبها وما تراه عيناها .. لم تتحكم بذاتها وهي تتساءل بخفوت ( ألم تعرفني .. ايعقل ان تكون قد نسيتني ) راقبت ردة فعله بعينين تائقتين لاشارة واحدة منه تكذب بها كل الادلة الحاضرة ولكن .. لا شيء .. واجهتها عيناه كغابة عاصفة ازدادت عمقا وبرودة و ..وحشية انطلقت من عقالها وحاجباه يرتفعان وكلماته تتلكأ بحروفها (انسة توبال .. تفضلي لنناقش سبب مجيئك فلا وقت لخرافات الماضي .. امامك خمسون دقيقة لتفصحي عن سبب الاجتماع .. اعتقد انه لاوقت للحديث الشخصي اليس كذلك ) وابتدأ بتناول الطعام اللذي وضعه النادل امامه متجاهلا اياها بشكل كامل .. ارادت ان تفك جمودها وتركض اليه لتهزه بعنف قبل ان ترتمي باحضانه لتبثه شوقها ولكن .. قدماها الرخوتان لم تحملاها فانهارت جالسة وهي تنتفض غير مصدقة ما يجري .. هل يعقل ان يكون من امامها هو نفسه عمر اللذي شاركته غالب اسرار مراهقتها واستمعت لنصائحه دوما بلا تردد .. غاب صوتها بعيدا وهربت كلماتها في الافق وقد نسيت كل شيء الا مظهر عمر الغامض وهو يتناول الطعام امامها .. لم تعلم كم بقيت محدقة بكل تفاصيله بنهم حائر قبل ان تسمع صوته الثلجي ( ان كنت انتهيت من تفقدي فارجو ان تتكلمي فلم يبق من وقتك الكثير.. وان لم تتكلمي خلال دقيقتين سآمر باخراجك من هنا ) .. كلماته صعقتها وحركت لسانها باستسلام جعلها تقول ( لقد تغيرت .. من انت حقا ؟ ) لثانية ظنت انه لم يسمعها .. رغبة عارمة بالبكاء اجتاحتها .. الا ان دموعها تجمدت في مقلتيها مع نظرة عيناه العنيفة التي رمقها بها وصوته الهامس كالفحيح ( ليس هذا نوع الكلام اللذي انتظره الان دفنة .. ربما من الافضل ان تغادري وتعودي لنسياني كما اتفقنا و .. ) قاطعته برجاء عنيف منتفض( لم انسك ابدا .. لقد بحثت عنك و .. )..( دفنة.. كفى ) كلمتان .. كلمتان نطقهما بنبرة شلت اطرافها وجمدت دماءها في عروقها .. كلمتان صاحبتهما نظرة وحشية اخافتها بعمق وتسببت بانتفاض فؤادها برعب تشعر به للمرة الاولى في حياتها في حضرته .. كلمتان اعلنتا عدم استعداده لخوض غمار الماضي مهما كان الثمن .. كلمتان اصدر فيهما حكم بالقطيعة بينهما علمت انها لو استمرت لانهى ايضا كل شيء .. حاولت بكل قوتها التمسك بالواقع ومجهود سنة كاملة يلوح بالافق امامها.. سنة قضتها تلاحق هذه القضية بكل قوتها .. سيطر عليها حدسها المهني وطغى على روحها صميمية عملها .. لم تعلم كيف استجمعت نفسها الا ان زفرة حانقة صدرت من عمر جعلها تقول بشكل فوري وقد لبست قناعها الجليدي اللذي علمها هو كيف تستخدمه ( سيد امر ابلاكجي ..جهاز الشرطة يحتاج لوجود احد عناصره عندك في الشركة لمدة شهر ) كلمات حفظتها وان لم تكن حقيقية..رأت نظرة الحذر التي علت صفحة وجهه وهو يسالها باقتضاب شرس ( اوضحي ) انتفضت خفية من زمجرته ولكنها عادت للتماسك وهي تقول بمهنية وقد لغت قلبها من المعادلة واوهمت روحها انها تحادث شخص اخر غير عمر ( جهاز الشرطة عانى في الفترة السابقة من عدة خروقات في اجهزة الحماية لذا قمنا بفتح تحقيق نتج عنه خلاصة اهمها وجوب مراقبة مصدر الاقفال للتأكد من سرية المعلومات فعلى ما يبدو هناك تسريب للمعلومات يجب ان يتم تحديد مصدره .. لذا نحتاج الى عميل متخفي عندكم للتاكد من سرية المصناعية للاقفال ) مرت لحظات صمت عانت فيها دفنة من التدقيق المباشر لعيني عمر التي غدتا كصقر يتابع فريسته الا انها صمدت ببرود عجائبي يخفي حقيقة اضطراب روحها ..مرت تلك اللحظات كدهر عليها .. كما مرت كدهر عليه ... انها هنا .. بشحمها ولحمها .. بكيانها وروحها اللذان عذباه طويلا .. انها هنا بكل بهائها كأنثى تختفي امامها كل النساء .. عشر سنوات مرت وهو ينساها ويتعايش مع فكرة فراقها .. عشر سنوات ظن فيها انه نجح .. عاشر نساء اخريات واقام علاقات متنوعة فهو لم يكن قديسا ولم يرد ان يكون فقد ركز جل اهتمامه ليلغيها من حياته .. ويال سخرية القدر اللذي صفعه بقوة ساخرة .. مجرد ظهورها امامه انساه كل ما تعلمه وكل ما قام به من تغيرات في شخصيته ليتلاءم مع منصبه الجديد .. لثوان كاد ان يضعف ويخترق اهم حواجز امانه ليغمرها بعناق تاق له كل جسده .. احتاج لكل ارادته ليتماسك امامها ويخفي داخله مظهرا جموده الثلجي الشرس اللذي اعتاد عليه .. ولكن .. ارتجاف صوتها تسلل عميقا ليمس شغاف قلب نسي وجوده طوال هذه السنوات .. لمعة دموعها كادت تقضي على اخر معاقل سيطرته وهو ينوي الغاء الموعد ليهرب من رجاءها المتوسل اليه ليعلن معرفته بها.. لثانية كاد ان يفشل الا ان نظرة واحدة لخيال رجاله المتوقفين بالخارج اعاده لواقعه .. لقد غير قدره لمرة بسببها .. ولا يجب ان يجعلها السبب في تغيره للمرة الثانية .. عندما زفر بضيق ورفع عينيه تفاجئ بانقلاب حالها .. وكانها اصبحت جثة بلا روح .. طلبها اصابه بالصميم واجراس حذره ترتفع .. عدم معقولية كلمتها جعله يتساءل بفضول اخفاه بين طيات جليد صوته الساخر ( ولما اعطيكم اسرار صناعة تجلب المليارات لي .. اتعين ما تطلبينه .. ان هذه هي اسرار شركتي .. كيف ساساندكم وابيع مصدر اموالي ) رأى انعقاد حاجبيها ولمح خيبة املها وعيناها الزمرديتين يرمقانه .. كانت في صدمة من رده جعلها تسأله باستنكار ( كنت اظن ان ولاءك الأول لبلدك وجهاز شرطتك ) قاطعها بضحكته الهازئة ( انت بالتأكيد لست جادة .. لتصحيح معلوماتك المغلوطة فانا تركت الشرطة منذ زمن واعمل لدى شركة الفا وولائي الوحيد لها لذا ) وقف لينهي هذا الحوار اللذي طال اكثر من اللازم في نظره وبدأ يفقده اعصابه .. ثقتها وهي تطالب بولائه استفزته ليستمع الى سؤالها الخافت ( لماذا ) .. للحظات اراد تجاهلها فهذا التصرف هو ما يناسب ما اعتاد عليه كآمر ابلاكجي ولكن .. نظرة عيناها المجروحة جعلته يقول بقسوة ( اعذريني ان لم احمل ذكريات جيدة لولائي للشرطة فكما اذكر فهم اكثر من خاب املي فيهم والمفترض ان تكوني اكثر من يتفهم هذا ام نسيت ما حدث لوالدك وكيف في لحظة باعه الجميع .. بالنسبة لي فحاليا جهاز الشرطة لا يعدو كونه احد زبائني وانت .. تطلبين مني اطلاعك على اسراري مما سيسبب قطعا فقدان هذا الزبون .. لذا اعذريني فطلبك مرفوض .. فرصة سعيدة مقابلتك ) وتحرك خارجا الا انها اوقفته بصوتها المهتز وقلبها اللذي المه كلماته ( من هذه الناحية فلا تقلق فما يهمنا هو العاملون لديك وليس اسرار صناعتك .. انا سأعمل لديك وتحت اشرافك لمدة شهر ساتعرف من خلاله على عمالك وسادرسهم لأعلم ان كان احدهم هو مصدر هذا التسريب ) منطقية كلماتها اثارت حنقه وهو يستشف منها انها هي من ستعمل لديه وهذا في نظره من اقوى الاسباب ليرفض .. سالها بلا مواربة ( وما اللذي ساستفيده من كل هذا ) وهنا كان دورها لتبتسم امامه بثقة قائلة ( بل ستستفيد .. فالادارة تنتظر تقريري وان جابهتني بالرفض فساضطر لرفع تقرير مفاده ان شركتكم لا توفر الحماية الضرورية وان اقفالها عرضة للاختراق الامني وهذا كفيل بفسخ العقد بيننا والبحث عن شركات اخرى .. لذا بغض النظر عن ولاءك لأي جهة ينتمي يبدو ان كلانا سيستفيد من وجودي لكشف مصدر تسرب المعلومات ) .. لم تعلم من اين جاءتها القوة لتجابهه بهذه الكلمات .. كل ما تعلمه ان سخريته على جهاز الشرطة اللذي دخلته هي فقط بسببه مخالفة كل احلامها قد استنفرتها .. توقعت توتره او ارتباكه ولكن .. جابهتها ابتسامة شرسة ونظرة متسلية مع نبرة ثلجية واثقة ( حقا .. هل اسمع نبرة تهديدية في صوتك .. هل انت واثقة حقا من مقدرتك على فسخ العقد .. يبدو انك لا تعرفين الكثير من الامور يا صغيرتي و .. ) قاطعته بحدة مفاجئة ( لا تقل صغيرتي فانت طلبت ان ننسى الماضي اللذي جمعنا ) هاله للحظات تكسر صوتها المجروح وحدة فعلها السريعة فصمت ليراقب صراع مشاعرها المرتسم على ملامحها .. تنحنح محاولا كسر الصمت اللذي ساد بينهما وذكريات مشتتة تتطاير في الهواء بينهما .. سمعها تقول بخفوت مرتجف ( انا صغيرة عمر ابلكجي فقط .. مدللته .. مجنونته كل هذه الالقاب من حقه فقط) كلماتها هزته بعمق وهو يرى عمق تأثرها اللذي لم يدركه حتى هذه اللحظة .. عقد حاجبيه وهو يسمعها تقول بعد ان عادت لثبات صوتها بطريقة لمعت لها عيناه اعجابا ( معك حق .. هناك الكثير مما لا أعرفه ولكن .. ما اعلمه ان الادارة منزعجة حقا من الاختراقات وتنوي ايجاد حل جذري لها لذا .. حتى وان كنت واثق من عقدك الحالي .. ماذا عن عقدك للسنة القادمة ..فكما تعلم الرصاصة التي لا تصيب صوتها يثير الجلبة .. ومع وجود صحافة مثل صحافتنا.. لن اخبرك عن نتائج ما سيكون عليه صيت تقريري ) انهت كلامها بثقة اكبر بعد ان رأت ارتفاع حاجبيه ولمعة الاعجاب التي لم يتمكن من اخفاءها وهذا ما شجعها لتضيف ( كل ما ساطلبه منك هو وجودي في الشركة ومراقبة عمالك .. وانا مستعدة لتوقيع اي ضمانات لتضمن حقوق اسرارك الصناعية وعدم تسربها من خلالي ) .. تنهدت بعمق بعد ان استخدمت كل اسلحتها وانتظرت رده بتحفز .. للحظات رأته يستغرق بتفكير عميق وعيناه تعيدان تفحصها .. ظنت انها تمكنت من اخضاعه بالمنطق الخاص بها ولكن ما تفاجأت به هو تلك الابتسامة العابثة وتصفيقة يديه الهازئة قبل اشارته لها لتغادر المكان دون اي رد منه .. تسارعت انفاسها وهي تفهم ايحاءه الضمني بان تستمر بمخطتها كما تحب وبانه لن يتعاون معها .. رأت تحديه السافر لها وعيناه اللتان اظلمتا بوحشية غريبة بعد ان لاحظت تحفز عضلاته وكانه ينتظر ردة فعلها .. قضمت شفاهها بقوة وقلبها يعلن تمرده على عقلها الشاتم لقسوته .. هل يمكن ان يكون هذا عمر .. انه يتعمد اشعارها بعجزها ..والان ماذا .. اخفضت عيناها بانهزام حائر لا تدرك ماهية التصرف الصحيح .. انها تحتاجه وتعلم انها لن تتمكن من تنفيذ تهديدها له .. هل ينتظر منها ان تترجاه .. ان تتوسل مساعدته او تصرح له بحقيقة المهمة وببحثهم عن اعضاء المافيا في شركته .. نفضت راسها لتبعد هذه الفكرة فمن امامها بعيد الان عن ثقتها لتخبره بعمليتها .. عم السكون المكان حتى ظنت انه غادرها فرفعت عينيها بثبات استمدته من كونها على حق لتصطدم بعينيه .. شهقت بخفوت وهي ترى وحشية نظرته لها وتحفزه لردها كالفهد المنتظر نقاط ضعف فريسته .. الفهد .. اجل .. هو فهد كما سمعت ويستلذ برؤية عذاب خصمه ليستنبط نقاط ضعفه .. بحدس كونه لديها طبيعة عملها ابتسمت بهدوء وعقدت يديها على صدرها بثقة كمن يمتلك كل خيوط النجاح وبادلته نظراته بقوة هامسة ( يبدو اننا اخطأنا في بداية تعارفنا فما كان يجب علي تهديدك .. اعتذر عن وقحاتي واتمنى ان تقبل هدتني .. اما الان ربما يجب ان تستشير رؤساؤك بما لدي من عرض لكم ) تعمدت خفض حصونها لتهدئ روح التحدي التي اطلقت وحشيته على ما يبدو وفضلت المهادنة لتبتعد عن روح الفهد اللذي يمتاز بها كما تعمدت تذكيره بوجود من هو اعلى منه واللذي من الممكن ان تلتجئ له بعرض مغري سيوافق عليه .. كانت ارتجافاتها الداخلية تزداد مع تمحيصه ونظراته المتمعنة لادق تفاصيلها .. وكأنه يعريها .. خانتها قوتها لثانية ليتولى قلبها الانتفاض وروحها تتذكر دفء يداه حولها .. تلك النظرة التي سبرت اغوارها وقلبت كيانها بعمق .. اللعنة انه عمر .. انه من لم تعلم من عشق الرجال الا هو .. هربت بعيناها منه ودموعها السخيفة تطرق اجفانها المرفرفة .. سمعت تنهيدته وهمسته الامرة لها ( اهدئي .. كنت تبلين جيدا فاستمري ) كانت تمتمته كزمجرة خافتة شكت انها سمعتها الا ان رجوعه ليجلس مقابل لها اعطاها الذريعة لتنهار مرة اخرى على كرسيها محاولة السيطرة على اعصابها .. لم تتمكن من الهرب اكثر وبحثت عيناها عن عيناه بتلقائية كما كانت تفعل دائما لتستمد قوتها .. جابهها بعنف نظراته المحذرة التي اخافتها وسمعت تمتمة رسمت حروف كلمة عنيدة على شفتيه وان لم تنطقها صراحة .. اجل هي عنيدة .. فكر عمر بعمق وروحه تنتفض بضعف كرهه من نفسه .. ضعف خضع لرعشة اجفانها المحاربة كصمودها امامه .. صمود لم يعهده بمن هم اقوى منها من الرجال ومدراء الشركات .. لقد حفزت غريزته المقاتلة المتحدية الا انها بالمقابل حفزت غريزة حمايتها التي ظن انه نسيها .. حار بما يفعله معها ولكن كان واثقا من رفضه وجودها حوله فهو لا يود ان يخوض حربا مستمرة مع نفسه ليسيطر عليها طوال فترة تواجدها .. بدت تهديداتها سخيفة امام حجم المعلومات المهول اللذي يعلمه والذي يمنحه الثقة بخطواته وبتلك العقود .. ربما تهديدها بالصحافة اثر قليلا الا انه واثق بان هذا اخر شيء سيلتجئون له .. يبدو انها لا تعلم حجم فساد جهاز الشرطة من حولها لذا تباهت بنزاهته ..راقب محاولتها للسيطرة على ارتجافها فقبض على كفه بقوة ليمنعها من الامتداد لمواستها .. اللعنة عمر هل ستفقد كل ما بنيته لاجل لحظة ضعف .. وقف مرة اخرى يود انهاء هذا الاضطراب اللذي ساده فيكفي حتى الان شعوره العارم بالضعف من ناحيتها .. رأى عيناها المتسائلتان .. اراد ان يخبرها بلطف ان تنسى كل شيء وتهرب عن هذه الشركة لتنفذ بجلدها .. قست عيناه بعنف مسيطر مخضع وهو يقول ( ربما .. يجب عليك ان تنسي كل شيء و اعدك ان اتحقق بنفسي من موظفيني و ) وقفت بتهور لتمسك ذراعه قائلة بنبرة تمازج فيها الامل بالرجاء والتحدي الصارخ بالضعف الانثوي ( يجب ان اكون هناك .. صدقني لن اجعلك تندم ) توقف الزمن بينهما للحظة وهدير عيناه يقابل عاصفة عيناها بشرارات تقافزت بينهما لتتضاعف مع لمسة يدها على عضده المتحفز بعضلاته المتوثبة .. لثانية انفرجت شفاهها ورقت عيناها وروحها ترضخ لبطلها اللذي احتل دوما قلبها لم تعلم لما وكيف وماذا جعلها تقترب منه اكثر متمتمة بخفوت غادر مع انفاسها الاهثة كهمسات ذائبة ( اشكرك .. لأنك برأت والدي كما وعدت ) لقد قالتها اخيرا .. قالت ما انتظرت عشر سنين لتقوله .. ارادت ان تشعر (بعمر) حاميها في تلك اللحظات .. ارادت ان تسمعه يعدها بأن كل شيء سيكون بخير كما اعتاد في مراهقتها وشبابها .. رأت قسوة نظراته المخيفة التي جذبتاها لعنف مشاعر بدائية انطلقت من معاقل عيناه .. مشاعر غريبة استولت عليه ليبدو متوثبا حارقا كبركان على وشك الانفجار .. بركان احاط نفسه بجليد مرعب شل حركتها فلا هي استطاعت التراجع ولا استطاعت الغوص اكثر في اعصار روحه اللذي عصف بها .. لحظات قذفتهما في عالم حيث لا يوجد سواهما فيه .. انتشلهما من حرب العواطف رنين رسالة وصلت لعمر جعلته ينتفض مبعدا يدها بقوة وملتفتا عنها ليعطي نفسه مساحة كي يسيطر على ذاته .. سمعت هدير انفاسه المتعالي قبل ان يتناول هاتفه ويقرأ رسالته .. كانت لا تزال تحت تأثير صدمتها من تلك المواجهة التي استنفذتها .. سمعت لعنته الغاضبة وشعرت بتلاحق زفراته لتتاكد انه تلقى اكثر اخباره ازعاجا .. راقبت عيناه وهي تعيد نظراتها الى الهاتف وكانه يتأكد مما ورد به مع انعقاد حاجبيه المخيف .. اجل يجب ان يتأكد فما يقرأه هو حكم اعدام للجميع .. تكررت لعناته الداخلية والغضب يسيطير عليه اكثر .. كان يريد ان يحميها الا انها سقطت في الفخ برعونة لتهدد حياتها بجنون .. تلك الحياة التي دفع ثمنها غاليا ..ولا زال يدفع .. تمنى لو انه انهى اللقاء ورفض بشكل قاطع قبل ان يأتيه هذا الامر بضرورة موافقته على عملها عنده ومسايرتها كما تحب .. ارتجف قلبه بحنق خائف مدركا هول ما ينتظرها فيبدو انه تم اختيارها كطعم لجذب الانظار والتضحية بها .. نفس سيناريو والدها .. نفس الخطوات وهذه المرة بشكل مزدوج من الطرفين ..الشرطة وبالتأكيد ستتبعها المافيا .. والادهى ان هذه المرة حياته معلقة بخديعتها كي لا يفقد المنصب والتقدم اللذي وصل له بعد عشرة اعوام من العمل الحقير .. شعر بالتوثب والاختناق واحساس غادر بالخيانة يسيطر على كيانه بطعم الصدأ المر في فمه فليس امامه خيار سوى ان يخذلها .. وبعنف وقسوة هو واثق انه سيحطمها .. التفت باتجاهها ورأى حذرها الخائف يسطر قسماتها .. رق قلبه وان قست عيناه بجمود نافس الفولاذ برودة .. غمغم بنبرة حازمة امتلأت بحنقه ( غدا .. الساعة التاسعة .. ستحضرين الى مكتبي لتستلمي عملك كمساعدة لي .. ستكونين تحت اشرافي المباشر في كل خطوة ) واتجه بخطوات قوية توقفت عند الباب لينهزم امام غضبه الحزين وهو يتمتم بقهر خافت ( لما .. لما دفنة اكملت طريقك في سلك الشرطة .. الم يكن حلمك ان تكوني صحافية .. لما تركت كل هذا وانجررت وراء ذلك المستنقع اللذي ابتلع والدك ) تفاجأت بسؤاله قبل حتى خروجها من صدمة موافقته السريعة والحازمة على عملها معه .. اجابت بلا وعي ( لأن كل من احبهم كانو من الشرطة .. لذا اردت ان اكمل طريقكم علي التقي بك .. فقد كنت انت ووالدي قدوتي ) تلكأت حروفها على شفاهها وهي ترى انتفاضة عمر الخفيفة التي اصابته قبل ان يعود لجموده حتى ظنت انها توهم نفسها ... مرت لحظات وهو يوليها ظهرها ويقف بسكون غريب عند الباب ويده على مقبضه .. سكون خافت ان تخرقه لشعورها بلفحات حرارة غضبه المنبعثة منه .. سمعت تنهيدته الثلجية القصيرة وهو يقول من بين لفحاتها ( ليتك لم تفعلي .. حسنا .. سانتظرك غدا .. ولكن .. ما ان اخرج من هذا الباب سننسى كل ماضينا المشترك .. ولن يجمعنا بعد الان سوى العمل ... الى اللقاء ) وخرج كاعصار امام انظارها الذاهلة وكلماته تصيبها بصميم قلبها بجروح تأكدت صعوبة اندمالها ... اذن .. هل ثمن مهمتها ان تنسى عمر ابلكجي حبيب مراهقتها وبطلها المنقذ .. هل هي قادرة على دفع هذا الثمن .. ضمت يديها الى جسدها وانهارت جالسة لتسمح واخيرا لدموعها بالانهمار ناعية عشق كان في فترة من الفترات يتملك كل خلاياها ويسيطر عليها حتى جعلها تزهد بكل الرجال الا هو .
انتهى الفصل الاول

روابط الفصول

الفصل الأول.... اعلاه
الفصل الثاني.... في الأسفل
الفصل الثالث
الفصل الرابع الاخير










التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 30-07-17 الساعة 10:39 AM
حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس