عرض مشاركة واحدة
قديم 28-09-17, 06:26 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,585
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

1 ـ

خبيرة أممشـاكسة


ـ يا ولدي العزيز , هل فكرت جيداً بالموضوع ؟

كان وجه السنيورا لوشيا كالـﭭـاني مليئاً بالاهتمام وهي تنظر إلى ابنها

الذي كان يقفل حقيبة ثيابه . منحها ابتسامة سريعة حملت من الدفء أكثر مما

تحمل لأي شخص آخر , لكنه لم يتوقف عن العمل : (( وماذا هناك لأفكر

فيه ؟ أنا على أي حال أفعل ما طلبته أنت مني , يا أمي )).

فقالت بتشكك أمومي : (( كلام فارغ , أنت لا تفعل إلا ما يناسبك )).

ـ هذا صحيح , ولكن ما يناسبني كل ما يسرك . أنت تريدين أن أتزوج

حفيدة صديقتك , وأنا رأيت ذلك مناسباً . ـ

ـ إذا كنت تعني أن الفكرة أعجبتك , قل هذا , ولا تخاطب أمك وكأنك

في اجتماع مجلس إدارة . ـ

قالت هذا بحدة فتقدم يقبل خدها : (( آسف ولكن ما دمت أقوم بما

تتمنينه , فلا أدري ما هو سبب قلقك هذا )).

ـ عندما قلت إنني أود أن تتزوج حفيدة إيتا , كنت أعني أولمبيا , كما

تعلم جيداً . إنها أنيقة , رشيقة , محنكة , وتعرف كل الطبقة الراقية في روما ,

ويمكن أن تكون خير زوجة . ـ

ـ لا أوافقك الرأي , فهي فتاة عابثة تفتقر إلى النضوج . أختها أكبر منها

سناً وأكثر رصانة كما فهمت .

ـ لكنها نشأت في إنكلترا , وقد لا تتلكم الإيطالية .

ـ أكدت لي أولمبيا أنها تتحدث الإيطالية . كما أن اهتماماتها ثقافية ,

ويبدو أنها ستناسب متطلباتي .

ـ تناسب متطلباتك ؟

قالت الأم هذا بذعر : (( من تتحدث عنها هي امرأة من لحم ودم وليست

مجموعة أسهم )). ـ

فهز كتفيه : (( إنها مجرد طريقة في الكلام . هل نسيتُ شيئاً لم أضعه في

الحقيبة ؟ )) . ـ

وأخذ ينظر في أرجاء الغرفة السابحة في شمس ذلك الصباح المتألقة التي

كانت تتسرب من نافذة الشرفة . خرج ليتنشق الهواء النقي ويمتع ناظريه

بمشهد (( جادة فيتيتو )) . تطل شقته القائمة في الطابق الخامس من هذه البناية

البديعة على كاتدرائية (( سانت بيتر )) ونهر التيبر . توقف لحظة يتأمل تألق

أشعة الشمس على الماء . كان يفعل هذا كل صباح , مهما كان انشغاله .

ولربما أثار هذا دهشة العديد من الأشخاص الذين يعتبرونه مجرد آلة

حسابية . ـ

أما بيته من الداخل فيعزز تحاملهم هذا عليه . فرغم أن الأثاث كان

غالياً , إلا أنه يدل على البساطة , ويبدو بامتياز بيت رجل مكتفٍ بنفسه .

اختيار السكن في وسط روما يناسب تماماً شخصية ماركو , لأن قلبه

وعقله وكل وجوده كان رومانياً . كما أن طول قامته ومظهره وسماته

المتغطرسة تجعله منحدراً من سلاسة ملوك . وليس مستبعداً أن يكون واحداً

منهم ! أوليس أصحاب المصارف العالمية هم الملوك الجدد ؟ يبلغ ماركو

الخامسة والثلاثين من العمر , وهو يتفوق على كل معاصريه في دنيا المال

والشراء والبيع والمعاملات . . . فذلك بالنسبة إليه أشبه بالهواء الذي

يتنفسه , وليس من باب المصادفة أن يتحدث عن زواجه المترقب بتلك

الطريقة العملية التي بثت الذعر في نفس أمه . ـ

وما لبث أن منحها أكثر ابتساماته سحراً : (( أمي , أعجب لجرأتك على

تعنيفي بينما أنت التي اقترحت علي هذا الزواج )).

ـ حسناً , على أحدهم أن يتدبر أمر تزويج أفراد هذه الأسرة . عندما

أفكر في ذك العجوز الأحمق في البندقية الذي خطب مدبرة منزله . . .

ـ أظنك تعنين (( بالعجوز الأحمق )) عمي فرانسيسكو , كونت كالـﭭـاني

ورأس أسرتنا .

فقالت باتزان : (( كونه (( كونت )) لا يمنعه من أن يكون عجوزاً أحمق ,

وكون غويدو وريثه لا يمنع من أن يكون شاباً أحمق حين يريد أن يتزوج من

فتاة إنكليزية . . . )) . ـ

فقال ماركو يغيظ أممه مداعباً بطريقته الجافة : (( لكن دولسي من أسرة

ذات لقب , وهذا مناسب جداَ )) .

ـ الأسرة ذات اللقب التي خسرت أموالها بسبب استهتارها . لقد

سمعت أشنع القصص عن اللورد مادوكس , ولا أظن ابنته أفضل منه

كثيراً .

ـ لا تدعي أياً منهما يسمعك تنتقدين حبيبتهما , فهما في حالة من

الهيام قد تدفعهما لفعل أي شيء دفاعاً عنهما .

ـ أنا لا أقصد أن أكون عديمة التهذيب . لكن الحقيقة هي الحقيقة . على

شخص ما أن يقوم بزيجة حسنة , ولا أحد يعرف ماذا سيفعل ذلك الخجول

المرتبك في توسكانيا . ـ

هز ماركو كتفيه وقد أدرك أن أمه تعني بكلامها ابن عمه ليو : (( ربما لن

يتزوج ليو مطلقاً . ما من نقص في الفتيات الراغبات به في المنطقة . وربما

لهذا السبب , يقوم بعلاقات قصيرة عابرة . . . )). ـ

فقاطعته بحزم : (( لا حاجة بك لعدم التهذيب في التعبير . إذا لم يشأ أن

يقوم بواجبه , فهذا يمنحك سبباً أكبر لأن تقوم أنت بواجبك )).

ـ حسناً , أنا ذاهب إلى إنكلترا لأفعل هذا , إذا ناسبتني المرأة .

ـ هذا إذا ناسبتها أنت . هي لن ترتمي على قدميك .

ـ سأعود إليك إذن وأخبرك بفشلي . ـ

لم يبد عليه الانزعاج لهذا الاحتمال . سبق له أن عرف بعض النساء

اللواتي لم يتأثرن به . أولمبيا , طبعاً , رفضته . لكنهما كانا كأخٍ وأخته .

قالت أمه وهي تتأمله محاولة أن تتبين ما يفكر فيه : (( أنا قلقة عليك ,

أريد أن أراك في بيت سعيد , بدلاً من تضييع وقتك سدى في علاقات تافهة .

لو تزوجتما أنت وأليساندرا كما كان ينبغي عليكما , لكان لديكما الآن ثلاثة

أولاد )). ـ

ـ لم نكن ملائمين , ولنترك الكلام في هذا الموضوع .

قال هذا بصوت رقيق لكن نبرة التحذير لم تكن خافية . فقالت لوشيا

على الفور : (( طبعاً )).

فعندما يحسم ماركو أمراً ما , تفضل أمه ألا تلح عليه .

ـ حان وقت ذهابي , لا تقلقي يا أمي . كل ما في الأمر أنني سأقابل

هارييت ديستينو , وأكون عنها فكرة . فإذا لم تعجبني لن أذكر لها شيئاً .

ولن تعلم هي شيئاً عن الأمر .

* * *

عندما هبط بطائرته في لندن , لاحظ ماركو أنه يتصرف على غير

طبيعته . فهو أساساً ممن يمعنون التفكير في الأمور , لكنه الآن يتصرف

باندفاع . هو رجل منظم ويعيش حياة منتظمة , وهذا برأيه سر النجاح

والثبات والاستقرار . فالعمل الصحيح يُنجز في الوقت الصحيح . عندما

كان في الثلاثين من عمره , كان سيتزوج فعلاً لو أن اليساندرا لم تغير رأيها .

لكنه سرعان ما أخمد هذا التفكير . فقد انتهى كل ما يتعلق بخطبته

العقيمة , وكونه جعل من نفسه شاعرياً أحمق , أصبح من الماضي . والرجل

الحكيم تعلمه التجارب , لــذا لن يكشف عن مشـــاعره مــرة أخرى أبــداً بذلك

الشكـــل . لقد راقه اقتراح أمه بالزواج , إذ سيــجــد لنفسه أسرة من دون أن

يورط قلبه في ذلك . ـ

وصل إلى لندن عند العصر فنزل في الجناح الذي حجزه في فندق الريتز ,

ثم أمضى بقية النهار أمام الهاتف , يراجع المعاملات التي تحتاج إلى تدخله

الشخصي . ظل يعمل حتى الثالثة صباحاً . ثم ذهب إلى فراشه ونام حوالي

خمس ساعات أفادته كثيراً . ـ

وهكذا أمضى ليلته قبل أن يقابل المرأة التي ينوي أن يتزوجها .

* * *

تناول فطوره قبل أن يتجه سيراً على الأقدام إلى (( غاليري ديستينو )). وإذ

عين الوقت بالضبط , فقد وصل عند التاسعة إلا ربعاً , قبل بدء دوام

العمل , ما سيمنحه فرصة يكون فيها فكرة عن المكان قبل أن يقابل

صاحبته . ـ

وما رآه نال استحسانه , فقد كان المتجر جميلاً . ورغم أنه لم ير سوى

القليل من التحف المعروضة من خلال الشبكه الحديدية على واجهة المحل ,

إلا أن ما رآه بدا له مختاراً بشكل جيد يعكس بشكل واضح صورة هارييت

ديستيتو العاقلة والأنيقة , فابتدأ يشعر نحوها بالدفء .

غير أن ذلك الدفء تبدد قليلاً عندما مرت الساعة التاسعة من دون أن

يطل أحد ليفتح المتجر , يا لانعدام الكفاءة ! واستدار فاصطدم بشخص

صرخ : (( آخ )) .

ـ المعذرة . ـ

والتفت ليرى شابة مرتبكة تقفز على الرصيف ممسكة بقدمها , ثم تقول

مجفلة : (( لا بأس )) .

كانت على وشك أن تفقد توازنها لولا أن أمسك بها .

ـ شكراً . هل كنت تريد الدخول ؟

ـ نعم لكنك تأخرت عن موعد فتح المحل . ـ

ـ آه , نعم . هذا صحيح . انتظر لحظة ! لدي المفتاح .

أخذت تبحث عن المفاتيح , وأخذ هو يتأملها , فلم يعجبه فيها شيء .

كانت ترتدي بنطلون جينز وسترة صوفية عاديين جداً , وعلى رأسها قبعة

صوفية زرقاء تغطي شعرها كلياً , قد تكون شابة , وربما جميلة أيضاً . . .

ولكن من الصعب معرفة ذلك ما دامت تبدو كعامل بناء . لا بد أن هارييت

ديستينو بحاجة ماسة إلى موظفة , لنستخدم هذه المرأة .

وبعد وقت بدا له دهراً , سمحت له بالدخول .

ـ لحظة واحدة , ومن ثم أعود إليك . ـ

قالت هذا وهي تلقي أغراضها جانباً , وتفتح الشبكة الحديدية .

ـ كنت أرجو , في الواقع , أن أقابل صاحبة المتجر .

ـ ألا أنفع أنا ؟

ـ لا مع الآسف .

جمدت الشابة فجأة , ثم رمقته بنظرة متوترة وقد تغير سلوكها بأكمله :

(( طبعاً , كان علي أن أدرك هذا , يا لغبائي ! كل ما في الأمر أنني كنت أرجو

أن تتأخر قليلاً . نعم , كنت أرجو أن تتأخر قليلاً . . . آسفة لأن الآنســة

ديستينو ليست هنا حالياً )).

فسألها بصبر : (( هلا قلت لي متى تكون هنا ؟ )).

ـ ليس في وقت قريب . لكنني أستطيع الاتصال بها . ـ

ـ أيمكنك أن تخبريها بأن ماركو كالـﭭـاني جاء لزيارتها ؟

فقالت متظاهرة بالجهل : (( من ؟ )) .

ـ ماركو كالـﭭـاني , إنها لا تعرفني لكن . . .

ـ أتعني أنك لست مبعوثاً من المحكمة ؟

فأجاب بإيجاز وقد تحولت نظراته غريزياً إلى بذلته الفاخرة : (( لا , لست

من المحكمة )) . ـ

ـ هل أنت واثق ؟

ـ أظنني كنت سأعلم لو أنني كذلك .

فقالت بذهن شارد : (( نعم , طبعاً كنت ستعلم . ثم أنت إيطالي , أليس

كذلك ؟ لكنتك مميزة . لكنها ليست قوية جداً لذا فاتتني في البداية )) .

فقال ببطء ووضوح : (( أنا أفتخر بمهارتي في اللغات الأجنبية . والآن

هلا قلت لي من أنت ؟ )) . ـ

ـ أنا ؟ آه , أنا هارييت ديستينو .

ـ أنت ؟

ولم يستطع أن يخفي نبرة الخيبة التي بدت في صوته .

ـ نعم , ولم لا ؟

ـ لأنك سبق وأخبرتني بأنك لست هنا .

ـ أحقاً ؟ آه , لا بد أنني أخطأت فهمك . ـ

قالت هذا بنبرة غامضة فحدق إليها متسائلاً إن كانت مجنونة أو مجرد

مختلة . خلعت قبعتها الصوفية , تاركة شعرها الطويل ينسدل على كتفيها ,

وعند ذلك أدرك أنها تقول الحقيقة لأن شعرها كان شبيهاً بشعر أولمبيا بكثافته

ولونه . إنها المرأة التي يفكر في اتخاذها زوجة له . تنفس بعمق وحذر ,

وكانت هارييت تراقبه مقطبة الجبين : (( هل تعارفنا من قبل ؟ )) .

ـ لا أعتقد ذلك . ـ

ـ وجهك يبدو لي مألوفــاً .

ـ لم نتعارف قط من قبل .

أكد لها ذلك وهو يفكر في أنه لو رأي هذا الوجه لتذكره حتماً .

ـ سأعد القهوة .

دخلت إلى مؤخرة المتجر ووضعت الإبريق على النار مغتاظة من نفسها

لهذه الفوضى التي أحدثتها بالرغم من تحذير أولمبيا لها . لكنها كانت شبه

مقتنعة بأن ماركو لن يعبأ بالحضور ليراها , ثم أنها كانت منشغلة بدائنيها

بحيث لم تجد وقتاً لتفكر في أشياء أخرى . ـ

لم يكن لهارييت مثيل في خبرتها بالتحف الأثرية , فـــذوقــها رفيع تأخذ به

المؤسسات الإجتماعية المهيبة . لكنها , بشكل ما , لم تستطع أن تحول مهارتها

هذه إلى فوائد تجارية تفي بها الديون المتراكمة . ـ

انتهت القهوة فعــادت إلى الواقع . لم تكن تريد بأي شكل أن تكشف عن

ضائقتها المادية لهذا الرجل . وإذا به يظهر فجأة بجانبها فشرد ذهنها

للتشابه , أين رأته قبل الآن يا ترى ؟ ـ

لقد وعدت أولمبيا بألا تدع ماركو يشتبه في أنها على علم بحضوره , لذا

كان التظاهر بالغباء الطريق الأسلم . فقد اكتشفت مؤخراً أن الناس

يصدقون دائماً من يتظاهر بالغباء .

ـ لماذا تريد أن تراني يا سيد . . . كالـﭭـاني , أليس كذلك ؟

ـ ألا يعني اسمي شيئاً ؟ ـ

ـ آسفة , ولكن هل من المفترض أن يعني شيئاً ؟

ـ أنا صديق أختك أولمبيا . ظننتها قد ذكرت لك اسمي .

ـ نجن أختان غير شقيقتين , ولا نرى بعضنا كثيراً . كيف حالها هذه

الأيام ؟ ـ

قالت هذا بشكل عفوي , فأجاب : (( مازالت اجتماعية ورائعة الجمال ,

أخبرتها بأنني أريد أن أتعرف إليك عندما أحضر إلى لندن . وإذا كنت توافقين

يمكننا أن نمضي هذه السهرة معاً وقد نذهب لحضور مسرحية ما ونتناول

العشاء معاً فيما بعد )) .

ـ هذا جيد .

ـ أي نوع من المسرحيات تحبين ؟

ـ كنت أحاول أن أحصل على تذكرة لمسرحية (( الرقص على الخط )) لكن

المقاعد قد نفذت , والليلة هو العرض الأخير .

ـ أظن أن بإمكاني الحصول على تذكرتين .

فقالت بذعر وقد أنبها ضميرها : (( إذا كنت تفكر في شرائهما من السوق

السوداء , فإن ثمن التذكرة مرتفع جداً )) .

فقال باسماً : (( لن أحتاج إلى اللجوء إلى السوق السوداء )) .

نظرت إليه بما يشبه الرهبة : (( أيمكنك أن تحصل على مقعدين لهذه

المسرحية بظرف دقيقة ؟ )) . ـ

فقال بشي من السخرية : (( لا يمكنني أن أعرض نفسي للفشل الآن ,

لكن دعي الأمر لي , سأمر لاصطحابك عند الساعة السابعة )) .

ـ حسناً . يمكننا أن نذهب إلى مسرحية أخرى . ليس لدي مانع .

فقال بحزم : (( بل سنذهب إلى هذه المسرحية بالذات . أراك الليلة )) .

فقالت بشبه ذهول : (( إلى اللقاء )) .

استدار نحو الباب ثم عاد فتوقف وكأنه تذكر شيئاً : (( بالمناسبة , هل

لك أن تثمني هذه لي )) .

ثم أخرج من جيبه لفافة قماش فتحها أمام عينيها المتشوقتين , كاشفاً

عن قلادة رائعة فريدة من نوعها أخذتها برفق وحملتها إلى مكتبها حيث

أضاءت مصباحاً قوياً . ـ

قال ماركو : (( لدي صديق في روما خبير في هذه الأشياء . برأيه أن هذه

إحدى أفضل القطع الأثرية الإغريقية التي رآها في حياته )) .

فقالت من دون أن ترفع عينيها : (( إغريقية ؟ كلا . إنها (( أترورية )) من

بلاد (( أتروريا )) القديمة غرب إيطاليا )) .

لقد نجحت في اختبارها الأول , لكنه أخفى سروره وعاد يضغط

عليها : (( هل أنت واثقة ؟ صديقي خبير حقيقي )) .

فقالت متنازلة : (( قد يكون التفريق بينهما صعباً , لكنها من صنع صاغة

(( أتروريا )) في العهود القديمة )) . ـ

انطلقت في الحديث إلى حد لم يعد يستطيع إيقافها , وكانت الكلمات

تتفق من فمها كسيل دافئ فأصغى إليها بإعجاب متزايد . قد تكون غريبة

الأطوار نوعاً ما , لكنها السيدة المثقفة التي يتمناها , هذه التحفة الأسطورية

ملك لأسرته منذ مئتي سنة , وهي (( أترورية )) فعلاً , وقد ميزتها هي تماماً .

ثم نسفت إعجابه بقولها بأسف : (( ولكن ليتها كانت أصلية ! )) .

فحدق إليها : (( بل إنها أصلية )) .

ـ لا , مع الأسف , إنها نسخة ممتازة عن الأصل . من أفضل النسخ التي

رأيتها . ويمكنني أن أفهم لماذا انخدع بها صديقك . . .

ـ لكنك لم تخدعي أنت بها . ـ

قال هذا شاعراً بانزعاج غير منطقي لتشويهها سمعة ( صديقه ) الذي لا

وجود له أصلاً .

ـ لطالما تملكني اهتمام غير عادي في صناعات (( اتروريا )) .

قالت هذا مسمية المقاطعة التي أصبحت فيما بعد مدينة روما والأرياف

المحيطة بها : لقد زرت الحفريات هناك منذ سنتين , فكـــانت من

أروع . . . )) . ـ

ـ وهل هذا يؤهلك لإبداء رأيك بهذه القطعة ؟

قاطعها بقوله هذا وقد هزم غيظه تهذيبه .

ـ إسمع , أنا أعلم ما اتحدث عنه وبصراحة , ( خبيرك ) هذا لا يحسن

التفرقة بين (( الإغريقي )) و (( الأتروري )) .

ـ لكنها حسب قولك , زائفة . وهذا غير ممكن . ـ

ـ إنها نسخة . وصانعها نسخها عن قطعة أترورية , وليس إغريقية .

أذهله التحول الذي بدا في عينيها . فقد ذهبت تلك الشابة الغريبة

الأطوار التي اصطدمت به عند الباب , لتحل مكانها امرأة منتقدة فولاذية

واثقة لا تتساهل في آرائها . وكان سيعجب بذلك لو أنها لم تكن تحاول أن

تمحو مليون دولار من ثروته . ـ

ـ أتقولين إن هذه لا تساوي شيئاً ؟

ـ آه , ليس تماماً . لا بد أن الذهب يساوي شيئاً .

كانت تتكلم كأنها راشد يسترضي طفلاً خائب الأمل . فصرف بأسنانه

وقال ببرودة : (( هل لك أن تشرحي رأيك ؟ )) .

ـ يُنبئني حدسي بأن هذه القطعة ليست أصلية .

ـ أتعنين حدس المرأة ؟

ـ كلا طبعاً . لا شيء من ذلك . حدسي مبني على المعرفة والخبرة .

ـ وهذا يبدو لي اسماً آخر لحدس المرأة , لم لا تكونين صادقة وتعترفين

بذلك .

التهبت عيناها بشكل رائع : (( يا سيد . . . مهما كان اسمك , إذا كان

حضورك إلى هنا هو فقط لكي تحرجني , فأنت تضيع وقتك سدى . وزن هذه

القلادة خفيف . والقلادة (( الأترورية )) الحقيقية أثقل منها وزناً و . . . )) .

لقد شردت مرة أخرى وأخذت الحقائق والأرقام تتدفق من فمها بسرعة

وثقة وتحكم في الموضوع . ما عدا أنها كانت مخطئة تماماً , كما أخذ يفكر

عابساً . إذا كان هذا مستوى خبرتها فلا عجب في أن عملها فاشل .

وقـــال محـــاولاً إرضــاءهـــا : (( حسناً , حسناً أنا واثق من أنك على

صواب )) . ـ

ـ أرجوك لا تسايرني .

وعندما هم بالجواب , راجع نفسه , متسائلاً أين ذهب ذكاؤه . لم يكن

في نيته أن يدعها تفقده أعصابه .

الهدوء هو درعه الأفضل , وبه يصل إلى النصر . لقد قام بمعاملاته ,

ونظم حياته تبعاً لمصلحته . وإذا بها تنسف كل ذلك في خمس دقائق .

قال بشيء من الجهد : (( سامحيني . لم أقصد أن أكون غير مهذب )) .

ـ لا بأس فأنا أفهمك نظراً إلى حالة الفقر التي تركتك فيها .

ـ لم تتركيني في حالة فقر ما دمت لم أوافق على تثمينك للتحفة .

مدت إليه القلادة وهي تقول بلطف كاد يثير سخطه : (( أفهم ذلك .

عندما تعود إلى روما , لم لا تسأل صديقك أن يعيد النظر إلى هذه ؟ ولكن إياك

أن تصدق كلمة مما يقول لأنه لا يفرق بين (( بلاد الإغريق )) و (( أتروريا )) )) .

ـ سأمر لاصطحابك من هنا عند السابعة .

قال لها هذا بابتسامة متوترة . ـ

* * *

نهاية الفصل (( الأول )) . . .


: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس