عرض مشاركة واحدة
قديم 28-09-17, 06:28 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,585
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

4 ـ

رقصة حـــب

(( بيلا فيغرا )) مطعم ليلي يقع في شارع (( فيا فيتيتو )) الذي يبعد عدة أمتار

عن شقة ماركو . حال وصولها المكان أحست هارييت بأن الجو عابق بالثقافة

والعلم , وتساءلت كم من النساء أحضرهن ماركو إلى هنا .

قادها إلى مائدة منفردة بعض الشيء . لم يكن البرنامج الترفيهي قد

ابتدأ , و كان النادلون يسرعون ذهاباً وإياباً لتلبية الطلبات . استدعى ماركو

أحدهم بنظره واحدة , ما أغاظ عدداً من الزبائن الذين طال انتظارهم .

جلست هارييت بارتياح حتى أن انزعاجها بسبب ثوبها الضيق بدأ يزول .

ـ آسف لتقصيري هذا . أمي غاضبة جداً مني . هل أنت كذلك أيضاً ؟

فقالت غير صادقة تماماً : (( لا . لا بد أن لديك عملاً كثيراً بعد سفرك )) .

فأومأ : (( لدي سكرتيرة جيدة , لكنني أفضل أن أتابع الأعمال بنفسي .

أنا شاكر لك تفهمك , و آسف لأن أمي لا تتفهم ذلك . إنها تظن أن هذا

يجرحك ويجعلك تسرعين بالعودة إلى انكلترا )) . ـ

فقالت ببشاشة : (( لا , فأنا مسرورة جداً هنا , أنا وأمك منسجمتان

جداً )) .

ـ هذا ما فهمته منها , بالمناسبة , أتراني رأيتك في شارع (( فيا فيتيتو ))

أمس ؟

ـ ربما . فقد استأجرت سيارة من هناك بعد أن اشتريت بعض

الحاجيات . لقد وجدت متجراً على بعد شارعين . . . )) .

أخبرته كل شيء دفعة واحدة . . . زيارتها إلى روما , النفائس الأثرية

التي اكتشفتها , اللحظة التي ساورها فيها شعور بالذنب لإطلاق العنان

لنفسها في الشراء , بهجة التملك . . . أصغى ماركو إليها , أولاً بابتسامة , ثم

بحذر متصاعد . ـ

ـ ماذا اشتريت بحق الله ؟

تلت عليه القائمة .

ـ وكم كلفك هذا ؟

فقالت بلهجة دفاع : (( إنها صفقة . وهي ستبدو رائعة في المتجر )) .

ـ المتجر الغارق بالديون ؟ بحق الله يا امرأة , أليس لديك إحساس بقيمة

المال ؟

ـ إسمع , أنا أعرف أهمية المال , فأنا لا أنكرها .

فقال بلهجة لاذعة : (( هو ذا تنازل منك الآن ! )) .

ـ ولكن المال ليس الأول في قائمة أولوياتي . . .

ـ يهمني أن أعرف مرتبته في قائمة أولوياتك .

جعلها الغيظ تقول بصراحة : (( في أسفل القائمة إذا كان التفاوض هو في

موضوع الجمال )) . ـ

ـ الجمال يكلف مالاً .

ـ هذا , هذا صحيح !

ـ لا بأس . هيا أخبريني بأنني مخطئ .

لم تستطع . خبراء الاثار يعرفون أكثر من غيرهم كم يكلف الجمال ,

واضطرارها للاعتراف بذلك أثار سخطها أكثر من أي شيء آخر .

ـ لا تنسي أنني رأيت حساباتك , وأذكر جيداً كم كانت مثيرة للشفقة .

أظنك تعتبرين القيام بالعمل بشكل جيد ومسألة غير إلزامية .

ـ كلام فارغ . ـ

ـ ماذا قلت ؟

ـ لا بأس . أنا أعترف بأنني أميل إلى ترك هذا النوع من الأشياء يعالج

نفسه بنفسه .

فحدق في عينيها الشاردتين : (( هل هذا حقاً ما تفعلينه ؟ )) .

ـ حسناً , أنت تعلم أنني كذلك ؟

ـ نعم , لكنني لم أعلم أنك ستحافظين على عاداتك في روما أيضاً .

فقال بتمرد : (( أنا هكذا في كل مكان )) . ـ

ـ هذا ما ابتدأت أدركه . ربما كان علي أن أوضح لك أن قرضي لك

مشروط بعدم الوقوع في الدين مجدداً.

ـ لست أقع في الدين , بضاعتي تجلب ربحاً .

ـ دوماً تفترضين أن بإمكانك أن تجدي بيوتاً رفيقة بالقطع التي

تبيعينها . . . إسمعي , أنت بائعة . ألا تعلمين أن من التهور شراء بضاعة من

بائع آخر بثمن كامل لا ربح فيه ؟

ـ طبعاً أعلم ذلك , لكنني لم أستطع أن أمنع نفسي .

ـ لم تستطيعي منع نفسك ؟ دعينا جميعاً نعيش تبعاً لدوافع عاطفية دون

حس بالمسؤولية إذاً .

فقالت ببرودة : (( هذا مختلف )) .

ـ لا أرى أي اختلاف .

ـ لأنك لا تعرف كيف تعيش تبعاً لدوافع عاطفية .

فقال بحماسة : (( الحمد الله )) .

ـ أنا لا أقلل من شأن المسؤولية . أنا أعرف كل هذه الأمور . . .

ـ ليس كافياً أن تعرفيها . عليك أن تعيشي بها .

ـ عندما رأيت تلك القطع الأثرية , أُغرمت بها . أنت لا تفهم مثل هذه

الأمور , أليس كذلك ؟

ـ بل أعرفها جيداً . لقد أحببت تلك التحف , فتخيلت عن كل حس

منطقي وكل تقدير وموضوعية . إياك ثم إياك أن تقرري أمراً و أنت عاشقة .

وسكت عندما لاحظ أنه يتنفس بسرعة . وتملكه السرور لرؤية النادل

قادماً , لم ينظر إليها بينما كان هذا الأخير يبذل لهما الأطباق , وعندما عادا

وحدهما , ابتسم وكأنما شيئاً لم يكن : (( أنا لم أحضرك إلى هنا لأنتقدك . ربما

تجاوزت الحد قليلاً )) .

ـ قليلاً فقط . أظنني أبدو مجنونة بالنسبة إلى شخص يعمل في مجالك .

فقال ضاراً : (( لا تدعينا نبدأ ذلك من جديد . ولكن دعيني ألقي نظرة

على أوراق العمل , يمكنني أن أخبرك كيف . . . أستطيع أن أقترح أشياء قد

تجدينها نافعة ؟ )) .

فقالت بوداعة : (( شكراً )) .

أوشك أن يجيبها ثم رأى لمعان عينيها فآثر الصمت .

ـ ما هو عملك بالضبط .

ـ أنا اعمل في مصرف تجاري وأتعامل بالأسهم والسندات , وأقدم

الاستشارات المالية .

أخذ يشرح لها كل شيء عن عمله , بينما كانت هي تصغي إليه

باهتمام . قال : (( السيطرة سر النجاح . عليك دوماً أن تكوني المسيطرة وأن

تتفوقي بشيء ما على الآخرين . أنت فقدت السيرة على متجرك , وأنا الآن

المسيطر . . . لا , لا تغضبي , أنا لا أريد شيئاً منك . إنني فقط أساعدك لكي

تتجنبي مسيطراً مثلي في المستقبل )) .

ـ لا بأس , تابع حديثك . ـ

كانت مبهورة إلى حد لم تفكر فيه في الدفاع عن نفسها مرة أخرى .

وعندما راجع نفسه قال : (( دعيني أوضح لك ذلك بطريقة أخرى . . )) .

أجابته ساخطة : (( أنت لست بحاجة إلى تبسيط حديثك عن الموضوع ,

فأنا أفهم كل كلمة تقولها )) .

ـ إدراكك إذن يفوق إدراك أختك . ـ

انفجرت هارييت ضاحكة , ثم قالت والضحك يخنقها : (( أتصورك

تتكلم بهذا الشكل إلى أولومبيا , بينما هي تحاول أن تبدو مهتمة )) .

فقال بابتسامة عريضة : (( كانت عيناها ستبدوان جامدتين , وبالمناسبة ,

أكثر النساء يصبحن هكذا بعد أول دقيقة من حديث كهذا )) .

ـ هذا هو رأيي أنا أيضاً , إذا أنت أخذت امرأة في موعد , فهي لا تريد

أن تسمع محاضرة عن الأسواق المالية .

ـ وأنت ليس لديك مانع ؟

ـ هذا مختلف . نحن شريكان في العمل .

فقال بعد لحظة : (( هكذا إذن , ونحن الآن في اجتماع عمل )) .

ـ لكي نفكر في تقدم مشروعنا حتى الآن , ونخطط للمرحلة المقبلة .

ـ حسناً , أولاً , هل يمكننا أن نتفق على أن تكبحي غريزة الشراء لديك

لفترة ؟

ـ أتعني أنك تريدني أن أتوقف عن إنفاق المال ؟

ـ كنت أحاول قول ذلك بشكل مهذب ولكن من الآن فصاعداً أنا من

يحدد المصاريف .

تبدد فجأة ذلك الإعجاب الذي كان قد بدأ ينمو داخلها فسألته بنبرة

تبعث الحذر في النفس : (( ماذا قلت ؟ )) .

ـ لا مزيد من الشراء . هذا يكفي .

ـ من قرر ذلك ؟

ـ أنا , إنني أقوم بإصلاح كامل لنظامك المالي . ولا يجدر بك أن تفعلي

شيئاً حتى أقوم الوضع . ـ

ـ حسناً , حسناً ! وماذا حدث للذوق واللياقة ؟

ـ أي ذوق ولياقة ؟ سيسببان لك الإفلاس ؟

فقال بفروغ صبر : (( كلام فارغ . ليس بإمكانك أن تفلسني )) .

ـ كم هذا ممتع ! حقاً على أن أتزوجك لأجل أموالك . دعنا نعلن

خطوبتنا حالاً .

ـ يا له من عرض لا يمكن مقاومته !

ـ حسناً , لنواجه الأمر , ليس لديك شيء آخر تعرضه . فأنت فظ ,

مستبد , متغطرس ومتكبر . . . ـ

ـ هل يُفترض بي أن أتأثر بهذا الكلام ؟ فكري جيداً . لا عيب في

الغطرسة إذا كان الشخص واثقاً من نفسه .

ـ وأراهن على انك دوماً واثق من نفسك . ـ

ـ تماماً . وهذا يمنعني من أن أخطئ بسبب الناس الذين لا يعرفون ما

يتكلمون عنه .

ـ أتعنيني أنا ؟

ـ أعني أي شخص بهذه الصفة .

ـ تعني بقية العالم بالنسبة إليك . لهذا ستحصل الآن بالضبط على

الزوجة التي تحتاجها . تلك التي رأت أسوأ صفاتك وستتحملك لأجل

أموالك .

قال ساخراً : (( أتظنين أنك رأيت أسوأ صفاتي ؟ )) .

ـ حسناً , أرجو ألا تكون بقية أسوأ منها .

ـ قد تكون كذلك .

ولمعت عيناه : (( قد تكون أسوأ بكثير . فكري جيداً قبل أن تقبليني

زوجاً )) .

ـ جميل ! لقد انتهى كل شيء . هنا تنتهي أقصر خطوبة في التاريخ . بطلا

الرواية لم يستطيعا احتمال بعضهما بعضاً .

خفض صوتها عند آخر كلماتها , وهي تلاحظ أنها تجتذب انتباه

الزبائن . وكذلك نظر ماركو حوله , قبل أن يخفض صوته ويميل نحوها

قائلاً ببرودة : (( لق تصرفت بشكل مسرحي مثير . لا حاجة بك لإظهار كل

هذا الانفعال العاطفي )) .

مالت هي أيضاً نحوه : (( لم أكن منفعلة , بل كنت واقعية هادئة . لم لا ؟

هذا ينجح معك )) .

فقال بحدة : (( أنت لا تعرفين شيئاً عني . كل هذا لأنني أردت أن أنظم

وضعك المالي . . . )) .

ـ أنت لا تريد أن تنظم وضعي المالي , بل تريد أن تتحكم بي وبه , وإذا

أنا سمحت لك بذلك , أين ستتوقف ؟

ـ سمحت لي ؟ أتظنين أنني أطلب إذناً ؟

ـ الأفضل أن تفعل ذلك .

ـ هارييت , أنا أقول لك ألا تشتري المزيد .

ـ وأنا أقول لك إنك منحتني قرضاً ولم تشتري روحاً وجسداً . المتجر هو

ملكي . ـ

ـ إلى متى سيبقى كذلك إذا أنا قررت أن أكون لئيماً ؟

ـ أنت لئيم ؟ لست كذلك بكل تأكيد . إصغ إلى يا ماركو . ذلك المتجر

هو ملكي , وأنا أديره , وأنا وحدي أقرر ما هو بحاجة إليه . إذا رأيت بضاعة

أعجبتني , لن أسألك أولاً , بل سأشتريها أخبرهم بأن يرسلوا إلي

الفاتورة .

ـ وإذا أنا أصريت على إعادتها .

ـ سيكون ذلك صعباً لأنني سأكون قد عدت إلى إنكلترا .

فقال بسخرية بالغة : (( بعد أن تسرقي قلادة (( أترورية )) أو اثنتين تخبئيهما

تحت سترتك , كما أظن ؟

فقالت وهي تصرف بأسنانها : (( كانت زائفة وأنا سأفعل كل ما هو

ضروري )) . ـ

ـ ماركو بُني !

رفع الإثنين نظرهما ليريا رجلاً متوسط السن يقترب من مائدتهما .

نهض ماركو يصافحه , مقدماً هارييت إلى الفريدو أوريس . وهو على

الأرجح صاحب مصرف (( أوريس ناشيونال )) حيث يعمل ماركو .

ـ مقاطعة طيور الحب أمر لا يغتفر .

قال الفريدو هذا بمرح وهو يجر كرسياً مجاوراً ليجلس معهما : (( ما أجمل

رؤية شابين مستغرقين في بعضهما البعض , رأساً لرأس , غافلين عن

العالم ! )) .

لا بد أن هذا ما كانا يبدوان عليه كما أدركت هارييت وهي تبتسم

بصمت . فقال ماركو بلطف ومودة : (( لا تقل شيئاً يا الفريدو . دعنا نحتفظ

بأسرارنا )) .

وضع الفريدو إصبعه على شفتيه وغمز بعينه . لم تبد ثيابه أنيقة , بل بدا

كرجل يحب أن يمضي وقتاً طيباً أكثر منه صاحب مصرف . وأخيراً تركهما

فتنهدا بارتياح . ـ

وقال ماركو وهو يزفر : (( آسف لذلك . لكنه رجل طيب وحــسن

النية )) .

فقالت ساخرة : (( ويحب العبث وأن يمثل دور صاحب المصرف )) .

ـ من أين عرفت ذلك ؟

ـ من اسمه . لكنني أظن أن الاسم هو السبب الوحيد لوجوده هنا .

فضحك : (( نعم , وهو يعلم ذلك , لكنه , والحق يقال , لا يتدخل في

شيء . أنصحك بأن تتزوجيه فهو يملك عشرة أضعاف ما أملكه أنا ,

وسيدعك تبذرين الكثير من أمواله من دون أن يحتج )) .

ـ آه , لكنه بن يتشاجر معي كما تفعل أنت .

ـ يمكنك أن تعتمدي علي بشأن المشاجرات .

ـ لا بأس , سأوافقك على أن الإدارة المالية ليست . . .

ـ ما كنت لأصف تصرفك بالإدارة المالية .

فسألته بعذوبة مصطنعة : (( أتريد أن تتشاجر مرة أخرى ؟ )) .

ـ لا . ما زال الوقت مبكراً لذلك بعد آخر مرة . دعينا نسترد أنفاسنا

أولاً .

ـ هل ستكون هادئاً بينما أقوم بنوع من التنازل ؟

فنظر إليها بانتباه .

ـ أعترف بأنني ارتكبت بعض الأخطاء , وسأهتم بسماع نصيحتك .

فلوى شفتيه : (( تهتمين ؟ )) .

ـ أهتم . ـ

ـ إلى حد قبولها ؟

ـ دعنا نر ما يحمله المستقبل .

ضحك . وغير الهزل وجهه وكأنما أضاء شيء في داخله . رأت أن

بإمكانه أن يكون ساحراً إذا سمح لنفسه بالاسترخاء . كانت قد ابتدأت

تفهم عادته في وصفه كل شيء بعبارات العمل . كانت كلمات يفهمها

بسهولة لكنها تغطي شيئاً عميقاً ف داخله , بدأ الفضول يتملكها معرفة كنه

ذلك الشيء .

قال : (( يكفي لهذه الليلة )) .

عندما قُدمت القهوة , خُفضت الأنوار , واتخذت الفرقة الموسيقية

مكانها على خشبة المسرح . ثم تقدمت امرأة شابة إلى وسط المسرح أخذت

تغني بصوت هامس . كانت أغنية من الفراق والشوق واستمرار الرغبة

عندما يتبدد كل أمل .

كانت فنانة ماهرة , تمكنت من أن تقتص الإحساس من كل كلمة حتى

آخر قطرة . وانتشر في المكان جو شاعري رقيق , غامض .

وشيئاً فشيئاً ابتدأت هارييت تستيقظ شاعرة بالحياة لإحساسها بأنها

تجلس بجانب رجل جذاب لا يفصل بينه وبينها سوى طاولة صغيرة .

اختلست نظرة إلى ماركو لترى إن كان يشعر بها كما تشعر به لكنه كان ينظر

إلى المسرح حيث المغنية . ـ

كان من السخافة أن تشعر بمشاعرها تستجيب لمجرد فكرة , لكنها لم

تستطيع أن تسيطر على السخونة التي تسللت إلى كيانها . أخذت نفساً عميقاً

مرتجفاً وسمرت نظراتها على الأرض .

أما ماركو , فقد كان مواجهاً نظراته إلى كل مكان ما عداها . لقد ذهب

إلى منزل أمه الليلة مستعداً لتناول العشاء ثم الرحيل , وهكذا يكون قد

أدى واجبه . وإذا بنظرة واحدة إلى هارييت تغير رأيه . ها هي ذي مخلوقة

رائعة الجمال , كانت متخفية في ملابس , تكايده بمراوغاتها منذ أول

ليلة .

تصميمه على إخراجها معه كان من وحي اللحظة , وهذا شيء صدمه

لكنه لم يمنعه . عندما دخل بها إلى روما , تساءل كيف ستمر بهما السهرة ,

وما الذي سيتحدثان عنه . اختلس نظرة إليها فرأى وجها متحولاً عن

خشب المسرح نحوه قليلاً , لكنها لم تكن تنظر إيه مباشرة . أدرك أنها تائهة في

عالم داخلي هو ليس مدعواً إليه . كان الشعور بالغيرة شيئاً سخيفاً , وتمنى لو

تنتبه إليه , لكنها لم تفعل . ـ

الضوء الأزرق المنبعث من المسرح أبرز الظلال بحدة , وللحظة لم تبد

كامرأة حية ولكن أشبه بتمثال لملكة قديمة ربما نفرتيتي أو كليوبترا . . .

تمثال امرأة عظيمة مسلطة رائعة . لكنه يعلم أن هذا جزء واحد فقط منها ,

وفي اللحظة التالية ستعود إلى الحياة بضحكة صبية عفريتة , أو تحملق فيه

بشراسة غريم . لا أحد يعلم . كان الفريدو يجذب انتباهه فاضطر إلى أن

يبتسم له . كان الفريدو رجلاً طيباً , ليس فطناً للغاية ولكنه ودود , وسينفعه

في الحصول على شراكة . كان يشير إلى هارييت غامزاً بعينه مشيراً إلى أنهما هما

الإثنين الرجلين الوحيدين في العالم اللذين يعلمان بهذه العلاقة . و فجأة شعر

ماركو بأنه يريد أن يضربه . ـ

توارت المغنية ضمن عاصفة من التصفيق , وعزفت الفرقة موسيقى

راقصة . سألها ماركو بأدب : (( هل تحبين أن ترقصي ؟ )) .

أمسكت بيده فقادها إلى حلبة الرقص التي سرعان ما ازدحمت ليصبح

الرقص عبارة عن حركات ثقيلة . أمسك بها بحزم , يشدها إليه ولكن من

دون مبالغة , ووجدت هي خطواتها تنسجم مع خطواته بسهولة . كان تأثير

الأغنية ما زال يتملكها , طارداً كل الأفكار ما عدا أنها مستمتعة بهذه

اللحظة . وابتسمت . فسألها على الفور : (( ما الأمر ؟ )) .

ـ أنا فقط مستمتعة بوقتي . ـ

ـ لا , بل أكثر من ذلك . أخبريني . هذه الابتسامة تعني شيئاً ما .

أقلقها إلحاحه , فنظرت في عينيه ورأت فيهما شيئاً أكثر حدة بالنسبة إلى

سؤال تافه . ثم اصطدم بها شخص ما فشعرت بيدي ماركو تشتدان

وتثبتانها . فأصبح وجهه قريباً من وجهها . وحلقت مشاعرها عالياً ,

فأغمضت عينيها لتخفي ما قد تكونا قد كشفتا له .

تمتم بقول : (( أنظري إلي )) . ـ

فتحت عينيها فوجدته يراقبها بحدة وأحست بسخونة يده على ظهرها ,

كانت الأفكار والمشاعر التي صدمتها , قد تملكتها . وصدرت عنها شهقة

صغيرة .

ـ ما الأمر ؟

ـ أنا . . . لا شيء . . . لا شيء . إنه الحر .

ـ نعم , أصبح الجو حاراً نوعاً ما . شقتي قريبة من هنا , دعيني أدعوك

إلى فنجان قهوة هناك . ـ

عندما خرجا , كانت الساعة الثانية والنصف , وكانت النجوم تتألق في

السماء , والشارع خالياً إلا من بعض المتسكعين . تأبط ماركو ذراعيها ثم

اجتازا المسافة القصيرة إلى الشقة .

شعرت هارييت بالارتياح بعد أن هداها المشي وهواء الليل . وعندما

استقلا المصعد إلى الطابق الخامس , عادت تسيطر على نفسها مرة أخرى .

كان الفضول يتملكها لرؤية شقة ماركو فقد حاولت أن تتخيلها ولم تستطع .

بدا ماركو متكتماً إلى حد كان من المستحيل معه أن تتصور أي شيء لا يريد

أن يكشفه . وقد رأت الحقيقة الآن . فوجئت بها في البداية , ثم أدركت أنها

بالضب ما توقعته في عقلها الباطن . ـ

لا يمكن أن يكون هناك بيت أكثر تحفظاً وغموضاً وتقشفاً من هذا .

كانت الإثارة خفية , وقد عُلقت على الجدران عدة صور عصرية , وزُينت

الرفوف ببعض التحف الفنية . بدا لها أن البيت ينتمي إلى رجل أخفى نفسه

ربما حتى عن نفسه . ـ

من خلال باب مفتوح يؤدي إلى غرفة نومه رأت هارييت جهاز

كومبيوتر وجهاز فاكس وعدة هواتف وجهازي تلفزيون . هذا الرجل أخذ

عمله إلى سريره . وتذكرت قول أولمبيا : ( معروف عنه أنه يدمر النساء , فما

إن يقيم علاقة مع المرأة حتى يتركها ) .

مهما كان ما حدث في حياة ماركو الخاصة , فقد حدث هنا في هذا المنزل

وربما في تلك الغرفة بالذات .

نادى من المطبخ : (( سأحضر القهوة )) .

كان المطبخ أيضاً بسيطاً متقشفاً , ولكن رائع الجمال , ببياض جدرانه

المزينة باللون الأزرق . وبدا من سهولة تحركه في أنحائه أنه اعتاد أن يطهو

لنفسه , وهذا جعله يصنع القهوة بشكل ممتاز .

قالت وهي ترشفها متلذذة : (( إنها لذيذة , كما أن البيت رائع )) .

ـ شكراً , لكنه لا يعجب الكثيرين .

ـ إنه هادئ ومريح , وأنا أحب ذلك كثيراً . كما أنك تعرف كيف

تتباهى بتحفك مظهراً محاسنها بخلفياتها البسيطة وطريقة تنظيمها وإنارتها .

ـ شكراً , المدح منك هو مدح حقيقي هل لك أن تعطيني رأيك

بمجموعتي ؟

أنهت قهوتها قبل أن تقترب من إناء قائم على قاعدة مربعة . كان يبدو

بزخرفته غريباً جداً بالنسبة إلى خلفيته البسيطة , وكان تقييمها له بأنه فرنسي

من القرن الخامس شر صحيحاً , وأنه أصلي . فقال بحزم : (( كل شيء في

مجموعتي أصلي )) .

ابتسمت وهي تعيد (( الإناء )) إلى قاعدته وتبتعد : (( دعنا لا نتجادل في

ذلك )) . ـ

فقال وهو يقف أمامها : (( أوافقك , فالجدل مضيعة للوقت )) .

ومال إلى الأمام , ووضع يده خلف رأسها وجذبها إليه معانقاً إياها

بحذر , ثم بقوة وكأنه يريد أن يتأكد من ردة فعلها قبل أن يتخذ الخطوة

التالية , كان الإحساس بهيجاً فاستسلمت هارييت له . تصرف وكأن لديهما

كل الوقت الذي في العالم ليكتشفا بعضهما بعضاً , ووجدت هذا مريحاً .

وعندما التفت ذراعه حول خصرها أحاطته بذراعيها تاركة يديها تستمتعان

بالإحساس بقوته التي كانت تتسرب من خلال ملابس سهرته الأنيقة .

كل ما في ماركو بدا منسجماً , رائعاً , وخصوصاً عناقه , بدا خبيراً

رقيقاً في هذا كما هو في كل مهاراته الاجتماعية الأخرى . لكن إحساساً

غريباً أوجعها فتحركت بين ذراعيه بقلق .

شيء ما لم يكن صحيحاً في هذا الأمر . دفعت ماركو بعيداً عنها لكنه

قاوم وبقي يحتضنها , وإذا بالغضب يتملكها , فاشتدت يداها على كتفه

وقالت بحزم : (( هذا يكفي )) .

ثم ابتعدت عنه وهي تتابع قائلة : (( حقاً إنك جريء )) .

فقال ساخطاً : (( ما العيب في العناق ؟ لقد أمضينا معاً سهرة سارة

للغاية , ثم رقصنا معاً واحتضن الواحد منا الآخر , فما الخطب ؟ )) .

قالت بصوت مرتجف : (( أنت لم تعانقني , وإنما كنت تتفحص ما

سيصبح ملكاً لك )) . ـ

ـ ماذا ؟

ـ أنت تعلم ما أعنيه . لم يكن ذلك عناقاً بل نظرة عامة لترى إن كان

التسلم سيكون في مصلحتك .

ـ لا تكوني حمقاء .

فقالت غاضبة : (( أنا واثقة من أنك كنت تحسب الأمر من كافة جوانبه .

أنت لا تريدني أن آخذ أي فكرة قبل أن تقرر ما تريد , كي لا أزعجك فيما

بعد , أيها الحذر البارد الشعور )) .

فقال بحدة : (( لا تكثري الكلام ! لقد وضحت لي الصورة , لكنني فقط

أتمنى لو أعلم ما تريدين )) .

ـ ذلك بسيط جداً . إذا كنت تريد أن تعانقني فافعل ذلك بحرارة ,

وليس . . .

لم تستطع أن تنهي كلامها لأنه انقض عليها بعناق عنيف . لم تتذكر كيف

أصبحت بين ذراعيه , لكنهما كانتا تحيطان بها تجمدانها مكانها , حاولت أن

تحتج لطريقته هذه , لكنه تمتم : (( إخرسي ! أنت قلت إن هذا ما تريدينه ,

وهذا ما ستحصلين عليه )) . ـ

لم تحاول أن تستمر في الجدل . فهذا رجل غاضب للغاية , ولا يمكنها أن

تشكو فهي التي جلبته لنفسها . ولكنها وجدت أنها لا تريد ان تتذكر . سرت

في كيانها مشاعر لم تعرفها من قبل , أشبه بالنار في الهشيم .

كان على هارييت أن تتخذ قرارها بسرعة وتبتعد عنه , إنها تلعب

بالنار . لكن ذلك كان صعباً لأن جسدها كان متوتراً وأحاسيسها مشوشة ,

ما محى كل شيء من ذهنها . كيف يحصل ذلك وهما شبه عدوين ؟

كان رنين الهاتف خافتاً بحيث أنها بالكاد سمعته . حاولت أن تتجاهله

لكن ماركو ابتعد عنها منزعجاً من المكالمة . ـ

أخذت تنظر إليه كالحالمة وهو يرفع السماعة , منتظرة أن ينهي المكالمة .

لكنه , بدلاً من ذلك , توتر منتبهاً . ثم قال بصوت مرتفع : (( نعم , أنا ماركو

كالـﭭـاني )) .

حدقت إليه هارييت ذاهلة لسرعة تحويله انتباهه عنها , وكأن ذلك

العناق لم يكن . لم تستطع أن تصدق ذلك .

وأخيراً رفع ماركو السماعة عن أذنه , لكنه لم يقفل الخط : ((( آسف ,

لكن هذا أمر هام . لن أستطيع أن أوصلك إلى البيت , لكن هناك شركة

تاكسيات ممتازة . تجدين رقم الهاتف في ذلك الدفتر )) .

سألته ورأسها يدور : (( ما . . . ماذا ؟ )) .

ـ إنه على المنضدة بجانبك . . . آلو ؟ نعم , أنا ما زلت هنا .

عاد إلى مكالمته الهامة . ـ

قالت تحدث لوشيا الغاضبة فيما بعد تلك الليلة : (( أتعلمين ما الذي

أفقدني صوابي حقاً ؟ أنه جعلني أنا أستدعي سيارة الأجرة )) .

* * *

نهاية الفصل (( الرابع )) . . .



Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس