عرض مشاركة واحدة
قديم 28-09-17, 06:30 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,585
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

7 ـ

فخـــور أم غيور


استيقظت هارييت فجأة عند الفجر وجلست في سريرها تصغي إلى

الصمت . ثم نهضت وسارت إلى النافذة وفتحتها لتنظر إلى الفناء الهادئ

حيث تنتشر أشجار الصنوبر .

ما زالت ذكرى الليلة الماضية حية في كل جزء منها . لقد رأت ناحية

من ماركو لم تعرفها قط من قبل . كانت تعلم أنه مليء بالتناقضات , وأن

بإمكانه أن يكون تارة ساحراً مغرياً , وطوراً أنانياً حذراً . لكنها لم تكن تعرف

أنه قد يصبح خطيراً . فأثناء اللحظات القليلة التي أمضتها بين ذراعيه , كان

الجو بينهما مشحوناً , لكنها شعرت بأنها حية كما لم تشعر من قبل , كان

ذلك مذهلاً إنما حقيقياً .

حاولت أن تستعين بالمنطق لتحلل ما جرى . فرأت أنه على الرغم من

الاضطراب الذي لاحظته على ماركو , كان يحاول أن يثبت نقطة ما . ظن أنها

خدعته وهو لا يتحمل ذلك . فأصلح الأمر أمام الضيوف , لكن الكرامة

دفعته إلى استعراض سيطرته أمامها عندما كانا بمفردهما , أراد أن يريها أنها

له , سواء شاءت أم أبت . ـ

وقد نجح . إنها تعرف الآن أن أقل لمسة منه يمكن أن تذيبها . لكن

تفكيره كان مختلفاً , كما خمنت و هي تستعيد صورة وجهه , وتحاول أن تقرأ

عينيه . أراد أن يريها أنه , بينما لا يسمح لنفسه بأن يكون لها , ليس لها خيار

سوى أن تكون له .

عندما رفعت عينيها إلى تلال روما البعيدة , استطاعت أن ترى وهج .

الشمس الشارقة . كانت السادسة صباحاً تقريباً . ولا بد أن ماركو قد

استيقظ الآن وهي تريد سماع صوته , لكن هاتفه كان مقفلاً وعندما اتصلت

بشقته لم يجب أحد , لكنها لم تترك له رسالة وكيف بإمكانها ذلك وهي التي لا

تدري ما تقول له ؟

كانت بحاجة إلى الخروج من البيت . ارتدت بسرعة بنطلون جينز وكنزة

ثم خرجت من المنزل وسارت في طريق متعرج .

تلك هي حياتها الآن : طريق متعرج مجهول الوجهة والمصير , صوت من

داخلها نبهها إلى أن تعود إلى الوطن , لكن ألماً حلواً مراً في قلبها أرادها أن

تبقى .

وصلت إلى بحيرة صغيرة ثم ابتدأت تسير على ضفافها , مستمتعة

بجمال النهار . كان ضباب الصباح قد تلاشى , والضياء متوهجاً وقد

ارتفعت أغاريد الطيور في الجو .

أين هي . ـ

ثم رأت ما جعلها تقف حاسبة الأنفاس . كان هناك رجل جالساً على

الأرض مستنداً إلى الشجرة , وما زال في ثياب الليلة الماضية نفسها , ما عدا

سترته التي كان قد ألقى بها جانباً . كان قميصه مفتوحاً إلى منتصفه , ورأسه

مستنداً إلى الخلف مُظهراً عنقه القوي الأسمر . جلست بهدوء بجانبه فرأت

عينيه مغمضتين وكأنه نائم , كان التوتر الآن قد زال عن ملامحه , ورق فمه

وكأنه لم ينطق قط بكلمات خشنة قاسية . بقيت هناك فترة تنظر إلى وجهه غير

الحليق , وشعره المتدلي على جبهته , وشعرت بحنان لم يوح به إليها قط من

قبل . كانت تعلم أنه سيكره فكرة أن يتفحصه أحد بهذا الشكل , لكنها لم

تستطع أن تشيح نظرها . . .

وفتح عينيه . ـ

بدلاً من أن يبدو غاضباً , أدهشها مرة أخرى إذ بقي جالساً , ببساطة ,

دون حراك , يحدق فيها طويلاً إلى حد تساءلت معه عما إذا كان يراها فعلاً .

وأخيراً ذهبت النظرة الذاهلة من عينيه ليحل مكانها ألم عاجز .

ـ هل أمضيت الليل بطوله هنا ؟

ـ نعم , منذ تركتك .

ـ ظننتك ذهبت إلى البيت .

ـ كان علي أن أبتعد عنك , لكنني لم أستطع أن أتركك . إذا كنت تفهمين

قصدي

لقد فهمت قصده تماماً . فعندما خرج كالعاصفة الليلة الماضية , شعرت

بانقباض في صدرها , وكأنها كانت متصلة به بخيط غير مرئي . وأدركت

الآن أنه شعر به , هو أيضاً .

جلست بجانبه , وأمسكت يده الباردة وأخذت تدلكها . تركها تفعل

ذلك , وقد بدا أن الإرهاق يمنعه من أي ردة فعل , لكن عينيه كانتا على يدها

الخالية من الخاتم . ـ

فقالت تفسر له الأمر : (( لم أبحث عنه بعد . قد يكون في مكان ما في

تلك الغرفة الفسيحة . إفرض أننا لم نعثر عليه ؟ )) .

اكتفى بهزة بسيطة من كتفيه . وبعد لحظة تحركت أصابعه لتمسك

بأصابعها , ثم سألها بهدوء : (( هل أنت بخير ؟ )) .

ـ نعم , أنـا بـأحـسـن حــال .

ـ هل أنت واثقة ؟ أنا سيء الطباع , مع الأسف .

ـ لم تكن تحاول أن تؤذيني .

فقال بصوت أجش : (( لا . لا فقط كنت أحاول أن أثير انتباهك )) .

والتوت شفتاه قليلاً : (( في صغري , اعتدت مواجهة الإحباط بالصراخ .

عند ذلك يصغي إلي الناس )) .

فقالت برقة : (( نعم , كان علي أن أتكهن بذلك )) .

ـ حان الوقت لكي أصبح كبيراً على هذه الأشياء , أليس ذلك ؟

ـ الناس لا يغيرون طباعهم . أنت لم تخفني .

ـ الحمد الله , لأن هذا آخر ما كنت أريد . أرجوك يا هارييت إنسي كل

شيء عن الليلة الماضية . ـ

ـ كل شيء ؟ هل تعني . . . ؟

ـ كل شيء . إذهبي إلى بيت مانيللي متى شئت . وأعدك بألا أثير المشاكل

مجدداً . ما مضى قد مضى . وما حصل كان نوعاً من الجنون لا أكثر .

ـ ولكن ماذا حدث لك يا ماركو ؟

ـ لا أستطيع تفسير ذلك , لكن هناك شيئاً مـا لا أجد له تفسيراً منطقياً .

دعينا فقط نقول إنني أغار بسهولة . إنني متملك , وهذا ليس حسناً . آسف .

ـ ليس هناك ما يستوجب غيرتك .

ـ أعلم ذلك , ولكن هناك أشياء لا يمكنني نسيانها .

ـ عن تلك المرأة ؟ تلك التي كنت ستتزوجها ؟

فتململ : (( وماذا تعرفين عنها ؟ )) .

ـ ليس الكثير . كنتما مخطوبين ثم غيرتما رأيكما .

ساد صمت طويل , ثم قال وكأنه ينتشل الكلمات من هوة مخيفة : (( كان

الأمر أكثر تعقيداً بقليل من ذلك )) . ـ

فقالت تستدرجه : (( فسخ الخطوبات لا يتم دائماً للأسباب نفسها )) .

فأومـأ : (( صحيح . على أي حال ! إنه يجعلني أتصرف بشكل غير

منطقي . آسف )) .

ضغطت على يده تطمئنه وهي تفكر أنها لم تر في حياتها رجلاً تـعيساً

هكــذا .

وقال بضعف : (( عندما تعثرين على الخاتم , هل ستلبسينه ؟ )) .

فترددت : (( لا أدري )) .

فانفجر ضاحكاً : (( إذا رحلت بهذه السرعة بعد حفلة الليلة الماضية ,

ستكثر الأقاويل . وكذلك . . . )) .

وعاد هدوئه : (( سيؤذي هذا أمي إلى درجة كبيرة )) .

ـ لن أرحل . . . حالياً .

ـ شكراً .

ومال إلى الأمام فجأة مريحاً رأسه عليها كئيباً يائساً فأحاطته بذراعيها ,

متلهفة إلى مواساته , لكنها كانت تعلم أنها لم تصل إلى أعماقه . أحنت رأسها

وأراحت خدها على شعره الأشعث . حاولت أن تجعله يعلم من خلال قوة

عناقها له بأنها إلى جانبه . وظنت أنها شعرت بذراعيه تشتدان حولها وكأنه

وجد شيئاً هو بحاجة إلى التعلق به . ـ

جلسا دون حراك بينما سرت السخونة في جسدها . كان إحساساً مختلفاً

لم تعهده من قبل . كان أشبه برغبة عنيفة في حمايته . أشبه بالحب ! .

يا للكارثة ! لم تكن تنوي أن تحبه , وهي ليست واثقة أنها تريد ذلك .

لقد وقعت في الشرك قبل أن تعرف بوجوده . لماذا لم يتابع شجاره معها ؟ كان

ذلك سيسهل أمـر فراقهما . . . هذا ليس عدلاً ! ابتعدت عنه , فدفع شعره إلى

الخلف وقد سقط على جبينه : (( أظنني أبدو كالمتشرد )) .

فقالت بحنان : (( قليلاً )) . ـ

ابتدأ ينهض ثم أجفل : (( عضلاتي متصلبة )) .

ـ لا يدهشني ذلك ما دمت أمضيت الليلة هنا . دعني أســاعدك .

وضع ذراعاً حول عنقها ثم وقف متألماً , حاملاً سترته المتسخة بأوراق

الشجر . وقالت : (( الأرض رطبة . كان من الممكن أن تصاب بذات الرئة )) .

ـ اعتدت كثيراً النوم في العراء عندما كنت طفلاً . هناك في الغابة كنت

أنصب خيمة وأتظاهر بأنني من جماعة المتمردين .

فقالت وهي تريد أن تطيل هذه الفترة الحلوة بينهما : (( أرني المكان )) .

ـ حسناً .

قادها خلال الأشجار , بينما كانت ذراعاه لا تزال حول كتفيها . ثم

صعدا مرتفعاً يؤدي إلى فسحة مسطحة من الأرض : (( هنا اعتدت أن أنام

تحت النجوم )) . ـ

ـ إنه مشهد رائع .

ـ نعم , ولا يمكن ( للعدو ) أن يقترب منك على حين غفلة .

فقالت : (( كم كان عددكم ؟ )) .

ـ أنا فقط . كنت أحسد ليو وغويدو لأنهما شقيقين . لقد افترقا في

الواقع عندما كان غويدو في العاشرة وأخذه العم فرانسيسكو ليعيش في

البندقية , تاركاً ليو في توسكانيا لكنني دوماً كنت أفكر فيهما بأنهما

أخوين .

ـ من المؤسف أنك لم تحظَ بأخوة أو أخوات .

ـ مات أبي باكراً , ولم تشأ أمي أن تتزوج بعده .

ـ ولكن لا بد كان لك أصدقاء .

ـ في المدرسة فقط .

يبدو أن طفولته كانت حزينة , كما أخذت تفكر وهي تأسو لوحدة

الصبي الصغير وللحياة التي عاشها بعيداً عن فتيان عائلة كالـﭭـاني وجلبتهم .

ـ يمكنك أن ترى روما بأسرها من هذه البقعة . في الليل كنت أجلس

تحت هذه الشجرة وأنظر إلى الأضواء . هنا بالضبط .

ووضع سترته على الأرض وأشار إليها بأن تجلس عليها بجانبه . فقالت

وهي تفسح له : (( وأنت أيضاً )) .

جلسا معاً ووجدت يده طريقها إلى يديها . ـ

وقالت : (( هذا مكان رائع . افهم رغبتك في مداومة القدوم إلى هنا )) .

لم يجب . وانتبهت إلى ثقل على كتفها فالتفتت لترى رأسه على كتفها ,

وقد أغمض عينيه مرة أخرى .

رأت الآن شيئاً آخر في وجهه . كان منهكاً ولم يكن لذلك صلة بقلة

النوم . لقد انزاح التوتر والاستنزاف ليحل محلهما إرهاق عميق بدا وكأنه قد

تسرب من ماضٍ بعيد أليم . لم يسبق أن فكرت قط في أن تشفق على ماركو ,

لكنها تشعر الآن بالشفقة عليه إلى حد لم تفهمه تماماً . حان الوقت لكي تصل

إلى أعماقه لترى ما هي مشكلته . وبرفق , رفعت شعره عن جبهته .

تحرك وفتح عينيه ونظر مباشرة إلى عينيها الباسمتين .

قالت بحنان : (( لقد نمت مجدداً )) . ـ

ـ عدة دقائق فقط .

ثم رأت النظرة التي كانت قد أخافتها , وكأن ستاراً نزل على عينيه .

تبدد الضوء من عينيه تاركاً فراغاً متعمداً . ثم تركها ونهض واقفاً من دون

أن يسمح لها بمساعدته هذه المرة . قدم لها يده ليساعدها على النهوض ,

فأخذها ونهضت بسرعة كادت معها تفقد توازنها . تأملها ويده الأخرى على

ذراعها , لكنه لم يجذبها إليه كما كان بإمكانه أن يفعل بسهولة .

أدركت بذعر أن كل شيء قد ذهب , الحرارة والصلة التي كانت من

قبل . أصبحت عيناه الآن يقظتين , وربما أصبح أكثر حرصاً عليها لأنه

سمح لها بأن تقترب منه .

سألها وهو ينظر في ساعته : (( كم الساعة ؟ علي أن أذهب الآن . آسف

لتحميلك عبء هذا كله )) . ـ

فقالت محاولة الرجوع إلى داخله : (( أنا مسرورة لأننا تحدثنا فقد أصبحت

أفهمك الآن بشكل أفضــل )) .

فهز كتفيه : (( وماذا هناك لتفهميه ؟ لقد تصرفت بشكل سيء مع أسفي

الشديد , وكنت أنت صبورة جداً معي , ولكنك لست مضطرة لتحمل

طبعي لأنني لن أثور عليك مرة أخرى )) .

كادت تقول : (( حتى ولا عندما نتزوج ؟ لكن لسانها لم يطاوعها . كل ما

كان مؤكداً منذ لحظة , فقد توارى الآن في الوهم . فهي لم تعد تعرفه .

قامت بمحاولة أخيرة : (( الطباع الحادة ليست أسوأ شـيء في العالم . ربما

لا ينبغي أن يكون الناس مهذبين طوال الوقت . أنا لم أكن مهذبة جداً معك

الليلة الماضية وأنت . . . )) . ـ

ـ ردة فعلي كانت عنيفة مع الأسف لكن هذا لن يحدث مجدداً . والآن ,

هل يمكننا أن ننسى الموضوع ؟

ودعك ذقنه غير الحليقة : (( الأفضل أن أعود إلى البيت لأستحم . لا

أريد أن تراني أمي بهذا الشكل . وأرجوك لا تخبريها بشيء )) .

ـ طبعاً لن أخبرها .

عادا صامتين , وعندما بدا أمامها المنزل قال : (( أدخلي أولاً وأشيري إلي

إذا كانت الطريق سالكة , لا , انتظري ! )) .

أمسك بيدها وجذبها عائداً بها إلى داخل الأشجار عندما ظهرت لوشيا

عند الباب الخلفي . ووصل صوتها إليهما : (( من ترك هذا الباب مفتوحاً ؟ من

المؤكد أنه لم يكن كذلك طوال الليل )) .

فقالت هارييت وهي تتقدم نحوها لوشيا : (( أنا من فتحه . لقد خــرجت

باكراً لأتمشى )) . وركضت صاعدة الدرجات لتقبل لوشيا وتسحبها إلى

الداخل وهي تثرثر معها , ولكنها في الحقيقة كانت تقوم بمناورة لتدخلها إلى

المنزل . قاومت رغبة في النظر إلى الخلف , ولكن خيل إليها أنها تسمع

خطوات تصعد الدرجات بخفة . ـ

بعد ذلك بنصف ساعة , انضم ماركو إليهما على مائدة الفطور بعد أن

اغتسل وحلق ذقنه . شكر أمه بظرف بالغ لنجاح الحفلة , ومدح نجـــاح

هارييت في أول ظهور لها في المجتمع . ولم يذكر أي شيء آخــر .

* * *

بعد أيام قليلة جـاءت دعوة إلى حفلة في (( قصر مانيللي )) .

وقالت لوشيا بدهشة : (( لم يسبق أن دُعينا إلى هناك من قبل ! )) .

فقال ماركو : (( إنه في الواقع يريد هارييت يا أمي فهي تريد أن ترى

مجموعته )) . ـ

ومنح هارييت ابتسامة سريعة : (( هذا سيمنحك الشهرة . لم يتحقق هذا

الامتياز لأحد من قبل . طبعاً سنقبل الدعوة )) .

عادت الأمور في الفيلا إلى سابق عهدها , وكانت لوشيا الدائمة

الانشغال بالجمعيات , سعيدة كون ضيفتها تمضي أوقاتها في المتاحف

ومعارض الفنون . كانتا تتلاقيان لتناول العشاء في المنزل أحياناً وأحياناً في

أحد المطاعم قبل الذهاب إلى الأوبرا . وفي المناسبات كان ماركو ينضم

إليهما فقد أدركت هارييت أنه مولع بالأوبرا . ـ

وكانت هارييت قد عثرت على الخاتم فراحت تلبسه في المناسبات قائلة

للوشيا إنها تخاف عليه أن يضيع إذا لبسته دوماً . ولبسته عندما دعاها ماركو

للغداء في المصرف مرة أخرى . كان مسروراً لكنها عرفت بأنه كان يرسل

إليها برسائل صامتة بأن لا سبيل للعودة إلى تلك اللقاءات القصيرة الحميمة

التي عرفاها . ـ

قال لها بنعومة : (( أنت خائفة من أن أثير مشكلة في حفلة مانيللي ,

لكنني وعدتك بألا أفعل ذلك . ولا أحد سيظن شيئاً إذا ذهبت عالمة آثار

مهمة مثلك للتفرج على مجموعته . لا , لا تنظري إلي بارتياب , فأنا أقر الآن

بشهرتك العالمية . ذلك أن عدداً من زملائي هنا عرفوا اسمك وطلبوا

التعرف إليك )) .

ورفع كأسه : (( أنا فخور جــداً بخطيبتي )) .

بخطيبته , وليس بها , كمـا لاحظت .

* * *

يقع قصـر مانيللي في وسط الجزء القديم من روما قرب كنيسة القديس

بطرس . كانت الأنوار تتألق من النوافذ الواسعة والأبواب عندما وصلت

سيارتهم . وكان البارون واقفاً لاستقبالهم .

تملكت البهجة هارييت منذ اللحظة الأولى , إذ كانت تعلم أنها تبدو في

أحسن حالاتها في ثوبها الحريري والعقد الياقوتي الذي أهداها إياه ماركو .

وكانت تعرف معظم المدعوين . ـ

رافقها ماركو في البداية ليقدمها إلى بعض الغرباء , مبدياً زهوه وإعجابه

بها . ثم توارى عنها كما وعدها ووجه انتباهه إلى الضيوف الآخرين . وكان

بإمكان هؤلاء أن يشغلوه طوال السهرة . كل ما كانت تطلبه خطيبته هو نظرة

بين الحين والآخر ليرى إن كانت بحاجة إلى عون منه , لكن يبدو أنها لم تكن

بحاجة إلى أي مساعدة , ذلك أن ثقة هارييت بنفسها قد ازدادت وكذلك

سرعة بديهتها . الأمر الذي أذهل ضيوف مانيللي من دون استثناء . هذا

بالإضافة إلى أن التحول الجسدي الذي أصبحت عليه , جعل منها شخصية

مؤثرة . لم تكن جميلة , لكنها رائعة الشخصية . وبدا وكأنها لفتت انتباه كل

رجل في الحفلة . ـ

قالت أمه تعنفه : (( ماركو , كيف لك أن تهمل هارييت المسكينة ؟ )) .

فأجاب ماركو بهدوء : (( مسكينة ؟ هارييت ناجحة تماماً من دوني . هل

يبدو عليها أنها مهملة ؟ )) .

فردت لوشيا بحدة : (( الرجال حائمون حولها . واحد منهم يبدو وكـــأن

لعابه يسيل وهو ينظر إليها , وآخــر لا ينفك ينظــر إليها بلهفة )) .

ـ ماما , الرجل الذي ينظر إليها بلهفة يملك النسخة الأصلية لتمثال

مايكل أنجلو . ـ

قال ماركو هذا وكأنه يفسر كل شيء : (( لا يمكنني أن أنافس كل هذا .

وكل ذلك بريء للغاية )) .

ـ هه . . . مانيللي ليس بريئاً إنه أحد أسوأ رجال روما .

ـ لكن هارييت بريئة , وهذا هو المهم

ثم أخــذ نفساً حاداً .

ـ ما الأمر , يا ولدي العزيز ؟ لماذا تبدو بهذا الشكل ؟

فأجاب وهو يتمالك نفسه : (( لا شيء . أرجوك ألا تزعجي نفسك بهذا

الأمر , يا أمـي . هل تسمحين لي بلحظة ؟ )) . ـ

وابتعد عنها مسرعاً , شاعراً بأنه إذا لم يستطع أن ينفرد بنفسه حالاً ,

فسيختنق وفي الحقيقة استطاع أن يتجنب الأضواء والضحكات ويجد

الوحدة تحت الأشجار المظلمة . وكان يتصبب عرقاً لما حدث لتوه .

لقد قال : ( هارييت بريئة ) وكلمة ( بريئة ) صدرت كقنبلة هشمت

الجدار الزجاجي الذي أقامه بينه وبين الماضي . ـ

( إنها بريئة . . . بريئة ) هذا ما قاله عندما حاول أصدقـاء أن ينبهوه إلى

المرأة التي منحها قلبه ذات يوم , ورفض أن يصدق ما يقال عنها من

شائعات . كان مجرد حب أعمى . . . أعمى وغبي . . . غلطة لا يمكن أن

تتكرر أبداً لأنها لم تكن بريئة , وقد عرف ذلك بطريقة قاسية كادت تدمره .

لقد عادت الذكريات إليه الآن , فتركته يرتجف كرجل تفترسه الحمى .

لكن هارييت كانت مختلفة . فهي ليست بريئة وحسب , بل صريحة

وهذه علامات الصدق . ـ

بعد فترة , تمالك نفسه , وعندما تأكد أن بإمكانه الظهور بشكل طبيعي ,

عاد إلى الحفلة بابتسامة عريضة دون أن يسمح لعينيه بالبحث عنها .

وكانت هارييت تستمتع بنجاحها . بعد أن دار بها ماركو في أنحاء

المكان في البداية , تركها وابتعد مبتسماً تاركاً إياها لاهتماماتها , وبعد ذلك

أخذ يسلي نفسه مع أكثر النساء جمـالاً , وهذا ما ناسبها تماماً , كما أخذت

تفكر . ناسبها تماماً . ـ

ثم , رأت من أزاح كل تلك الأفكــار من ذهنها .

ـ اولمبيا .

كانت أختها قد وصلت لتوها , فاندفعت نحو هارييت فاتحة ذراعيها

فعانقتها وهي تهمس لها : (( سمعت الكثير عنك . هل خُطبت حقاً

لماركو ؟ )) . ـ

فقال هارييت بجفــاء : (( لست واثقة )) .

تراجعت أولمبيا ونظرت إليها : (( أريد أن أعلم الحقيقة منك )) .

فضحكـت هارييت : (( وإلا لما كنت أولمبيا . أين كنت طوال تلك

المدة ؟ )) .

ـ في أميركا مع والدي . ما زالا هناك . لكنني عدت اليوم , ثم أسرعـت

إلى هنا لأنني سمعت أن ( ماركو وعروسه ) سيكونان في الحفلة . آه , يا أختي

الماهرة . حصلت على شروطك إذن ؟

ـ حســنـاً . . .

ـ طـبـعـاً فعلت هذا . هــذا الخاتم يا عزيزتي . . . لا بد أنه كلف . . .

فضحكت هارييت : (( لا تبدإي . . )) . ـ

ـ مـعـك حـق . مثلي دور الـــهـدوء . دعيه يـتـكهن . هـذا هـو السبيل إلى

ماركو , وإلى الآخرين أيضاً . يقولون إنك جعلت مانيللي يأكــل من يـدك .

ـ سيأخذني في جولة يريني فيها نفـائسه .

ظهر مانيللي في تلك اللحظة ثم أخــذ المرأتين معه في جولة في منزله

الفخم . تكلم جيداً وبشكل مفيد . وسرعان ما بان السأم في عيني أولمبيا ,

فاعتذرت ثم هربت , من دون أن يلحظها أي منهما . وعندما عادت إلى

الحفلة أحــاط بها المعجبون , فشقت طريقها بينهم حتى وجدت ماركو . لم

يرها منذ اليوم الذي عرض فيه الزواج عليها فرفضته في خمس ثوانٍ . وتبادلا

التحية بمودة . قالت مداعبة : (( لم أكن أعلم ماذا فعلت عندما اقترحت عليك

هارييت , أليس كذلك . هل أسأت إليك بذلك ؟ )) .

ـ لا , أبداً . هارييت خيار ممتاز , ما عدا عادتها في الغياب مع رجـــال

آخرين أثناء الحفلات .

ـ آه , مانيللي يريها فقط لوحاته . لا حاجة بك للغيرة .

ـ لا تكوني سخيفة . أنـا طبعاً لا أغــار . ـ

ـ لا بأس . لا تصرخ بي . هارييت شخص مليء بالمفاجآت , كما أظنك

صرت تعلم . علي أن أعترف بأنني نصحتك بها فقط لكي أغيظك .

فقال ببرودة : (( كان علي أن أتوقع منك مثل هذه الدعابات . أنت لم

تكبري منذ طفولتك عندما كنت أنقذك من على الأشجار التي كنت

تتسلقينها . يمكنني أن أعتني بنفسي ولكن هل فكرت أنك بذلك ربما تؤذين

هارييت )) . ـ

ـ أتعني أنها قد تكون قد وقعت في حبك ؟ هذا هراء , يا عزيزتي . مــا

كنت لأفعل هذا لو لم أكن واثقة منه . فأنا أعلم أنك غير قادر على الحب .

وهي أيضاً , ألم تعلم أنت هذا بعد ؟

قالت هذا ضاحكـة , ثم ســارت في طريقها موفرة عليه ضرورة الإجابة .


* * *


نهاية الفصــ ـل (( السابع )) . . .


: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس