عرض مشاركة واحدة
قديم 25-11-17, 04:18 PM   #210

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل السابع والعشرون :

عـــــاد إلى منزله منهكاً بعد يوم عمل أخـــر شــاق ومرهق ، أوصد الباب خلفه ، واتجه إلى غرفته ليبدل ثيابه.
لكن كعادتها استقبلته والدته بترحابها الودود متساءلة :
-ايه الأخبار يا بني ؟

أخـــذ منذر نفساً عميقاً ، وزفره دفعة واحدة وهو يجيبها بصوت متعب :
-الحمدلله

اقتربت منه ، وربتت على ظهره وهي مبتسمة له.
نظر لها بغرابة متساءلاً بجدية :
-شكلك عاوز يقول حاجة كده ، صح ؟

ســألته بغموض وقد زاد وميض عيناها :
-فكرت في اللي قوتلك عليه ؟

قطب جبينه متساءلاً بعدم فهم :
-ده اللي هو ايه ؟

عقدت ما بين حاجبيها مندهشة من تناسيه للموضوع ، وهتفت بنزق وهي عابسة الوجـــه :
-تتجوز تاني ، بنت عواطف ، انت نسيت يا منذر ؟

تشنجت تعابيره مردداً بعصبية قليلة :
-يا أماه أنا مش ناقص خانقة

وضعت يدها على طرف ذقنها مستنكرة عبارته الأخيرة وهي تقول :
-حد يقول على الجواز خانقة ؟!

زفر بصوت مسموع قائلاً بامتعاض :
-مش وقته يا أمي ! انتي مش شايفة اللي احنا فيه ؟!

تشكل على ثغرها ابتسامة بلهاء وهي تقول :
-ما أنا عارفة ومقدرة !

ثم تابعت قائلة بسذاجة :
-بس عاوزاك تتأكد يا حبيبي إن البت كويسة ومتربية وكمان بتخلف ، يعني هاتضمن تجيب منها عيال إن شاء الله !

انزعج هو من تلميحاتها الصريحة حول الإنجاب ، وتصلبت تعابير وجهه بشدة .
ثم زفر قائلاً بحنق وقد قست نظراته :
-حاجة جليلة قفلي على الموضوع ، وخليني أشوف ورايا ايه !

تفهمت عدم رغبته في الحديث ، ورددت قائلة على مضض :
-براحتك يا بني !

ثم طرأ بعقلها شيء ما فتساءلت بفضول :
-ألا بالحق بنت أخو عواطف عاملة ايه ؟

انتبه لسؤالها بإهتمام عجيب ، وتجمدت نظراته نوعاً ما ، ثم أولها ظهره متحاشياً النظر إليها ، وفرك ذقنه قائلاً بهدوء :
-يعني من ده على ده

تحركت خلفه قائلة بجدية :
-أنا عاوزة أروح أعزيهم واسأل عليها !

رد عليها بثبات وهو يسحب ثيابه من خزانة ملابسه :
-براحتك ، بس خليها كمان يومين كده تكون البت راقت وفاقت من اللي هي فيه !

أثارت جملته الأخيرة إهتمامها ، فقد بدت غامضة نسبياً ، وسألته بفضول وهي تتفرس تعابير وجهه :
-هو حصلها حاجة ؟

أجابها بغموض أكثر وهو يغلق ضلفة الخزانة :
-أهي بتاخد وتدي مع نفسها !

لم تفهم المقصد من عبارته تلك ، ولكنها رددت على أي حال بجملة معتادة :
-ربنا معاها

ثم انحنت لتجمع ثياب منذر من على فراشه متابعة بعزم :
-ده الواجب بردك ومايصحش !

اتجه منــذر ناحية باب غرفته قائلاً بعدم اكتراث :
-اعملي اللي يريحك ، ممكن بقى نفضنا من سيرة آل خورشيد !

أومــأت برأسها مرددة :
-حاضر يا منذر !

ثم لحقت به متساءلة بإهتمام أمومي :
-أجيبلك تاكل ؟

رد عليها باقتضاب :
-لأ !

أضافت قائلة بإبتسامة ودودة :
-طيب لو عوزت حاجة نادي عليا

هز رأسه بالإيجاب مردداً :
-ماشي
...................................

وقفت أمـــام تلك الصورة الفوتغرافية القديمة محدقة مطولاً في ملامح وجهها دارسة تفاصيله عن كثب .
برع المصور في تجسيد انعكاس شخصها.
لم تكن عزيزة تبتسم فعلياً ، بل كانت التواءة شفتيها قاسية ..
رأت فيها شموخاً ، كبرياؤها يبرز في رفعها لحاجبها الأيسر ، وتعاليها بإبـــاء يبدو في علو طرف ذقنها ، وكأنها تتعمد إيصال رسالة تحذيرية خفية لكل من ينظر إليها ، فلا يفكر يوماً بالمساس بها.

تأملت عيناها القاسيتان بحزن بادي عليها مخرجة تنهيدة عميقة من رئتيها.
مسحت بيدها المجعدة على الإطار مزيحة أثار التراب العالق به ، ثم تنهدت مجدداً قائلة لنفسها بإستياء:
-ربنا يسامح يا أمي ، بناتي مخدوش منك إلا القسوة والظلم ! يا ريتهم طلعولي ولا طلعوا لأخويا ، كان .. كان زمانت حالهم بقى أفضل

أخفضت رأسها متابعة بحزن :
-ربنا عليه جبر الخواطر !
............................................

حدقت في سقفية الغرفة بشرود تـــام ، فقد سيطرت هيبته على عقلها.
قامت بلف خصلات شعرها المنسدلة على الوسادة بإصبعها ، وتنهدت بحرارة ما.
مالت بجسدها للجانب محدثة نفسها بتمني :
-يا سلام لو كنت أتجوزت واحد زيك !

ثم اكفهر وجهها وهي تضيف بسخط كبير :
-مش بدل الشبشب اللي اتحسب عليا !

لكزتها بسمة في ساقها قائلة بصوت ناعس للغاية :
-اتاخري شوية يا نيرمين ، أنا مش عارفة أنام

ردت عليها أختها بتذمر :
-يعني أقع على الأرض عشان ترتاحي ؟

زفرت بصوت مسموع هامسة بنبرتها الثقيلة :
-يوووه ، أنا عندي شغل بدري فخليني أنعس
-طيب .. طيب
قالتها نيرمين على مضض كبير وهي تغمض عيناها لتحتفظ بصورته في مخيلتها متعشمة أن تراه في أحلامها الوردية.
...............................................

بعد مرور يومين ،،،،،
انتهت العاملة " زهرة " بالفندق المتواضع من التوقيع على ورقة استقالتها ، وقدمتها إلى مسئولي الإدارة ، ثم استلمت بعدها مستحقاتها المادية نظير عملها الفترة الماضية به.
سألتها زميلتها بحزن عن سبب تركها للعمل :
-ليه بس سبتي الشغل ؟

ردت عليها زهرة بضيق مصطنع :
-مضطرية ياختي ، مقصرة مع العيال ، وأبوهم مش ملاحق يسد مكاني ! وحلف بالطلاق لو ما أعدت من الشغل ليهرميني في الشارع أنا والعيال ! يرضيكي بيتي يتخرب !

لم تقتنع بحجتها الزائفة ، وأضافت بعتاب :
-ما انتي كنتي أولى بالفلوس اللي بتطلعك والبقشيش ، كانوا بينفعوكي وزيادة !

تنهدت قائلة بفتور :
-تتعوض بقى ، هاشوف حاجة أعملها وأنا أعدة في البيت !

هزت رأسها قائلة بضجر :
-ربنا يعوضك !

احتضنتها زهرة وهي تودعها بإبتسامة باهتة :
-يا رب ، أشوف وشك على خير !

ضمتها هي الأخرى إليها ، وودعتها قائلة :
-هتوحشيني ياختي ! ابقي اسألي

ردت قائلة وهي توميء برأسها :
-من عينيا ! سلامو عليكم
-وعليكم السلام ورحمة الله !

ثم انصرفت بعدها حاملة كيساً بلاستيكياً يحوي ملابسها وعلى ثغرها ابتسامة ماكرة.
ومضت عيناها ببريق شيطاني خبيث فقد نفذت مخططها الذي رسمته مع زوجها بحرفية تامة ، وآن الآوان لتنعم بتلك الأموال التي سرقتها.
..............................................

أفاقت أسيف تدريجياً من حالة الحزن المسيطرة عليها ، وبدأت من جديد تندمج مع من حولها ، لكنها لم تقم بعد بفتح حقائب السفر وتوضيبها في ضلفة خزانة الملابس التي خصصت لها في غرفة بسمة .
كانت تؤجل القيام بتلك الخطوة الصعبة حتى تستعيد رباطة جأشها فتقوى على فعلها دون أن يكون للأمر تأثيراً كبيراً عليها.

سعدت عواطف لاستجابة ابنة أخيها لها وخروجها من عزلتها. وحذرت ابنتيها من عدم التمادي في أسلوبها المستفز معها.
ونوعاً ما تجنبت الاثنتان الحديث إليها إلا بكلمات مقتضبة.
قبلتها عواطف من وجنتيها ، وربتت على كتفها هاتفة بنبرة فرحة :
-ربنا يكرمك يا أسيف ، أنا مش عارفة أوصفلك قلبي فرحان بيكي ازاي

اكتفت أسيف بالإبتسام مجاملة لها ، لكن عواطف لم تكتفِ بهذا ، بل تابعت قائلة بحماس :
-أنا عاوزة وشك الحلو ده يرجع ينور تاني ! مش هاسيبك إلا لما تاكلي وتملي كده وتبقي قمر 14 !

انتبهت كلتاهما لصوت قرع الجرس فصاحت عمتها بإستغراب :
-وده مين جاي السعادي ؟

هزت أسيف كتفيها قائلة بعفوية :
-معرفش

تحركت عواطف في اتجاه باب المنزل محدثة نفسها بضجر :
-طبعا الهوانم اللي عندي سامعين ومطنشين ، بؤهم في ودان بعض وهاتك يا رغي ، امري لله ، هافتح أنا !

بينما ســـارت أسيف عائدة إلى غرفتها المؤقتة لتمكث بها ، فهي على يقين بأن الضيف القادم لم يأتِ من أجلها.
.............................................

استقبلت عواطف الحاجة جليلة التي جاءت لزيارتها لتقديم واجب العزاء في غرفة الصالون ، وهتفت قائلة بترحاب :
-نورتيني والله يا حاجة جليلة ، تسلم رجليكي

صافحتها الأخيرة بحرارة ، ومالت برأسها عليها لتقبلها قائلة بنبرة مواسية :
-البقاء والدوام لله ، أنا عارفة إني مقصرة في حقكم

ردت عليها عواطف بود :
-تعيشي يا ست جليلة ، أنا مقدرة والله ، كفاية جيتك النهاردة !

تلفتت جليلة حولها متساءلة بإهتمام :
-أومال فين بنت أخوكي أعزيها ؟

أجابتها عواطف بلا تردد وهي تشير بكف يدها :
-أعدة في الأوضة ، ثواني أندهالك من جوا !

هتفت جليلة قائلة بجدية :
-لو نايمة سيبها ، أمانة عليكي ما تصحيها !

هزت عواطف رأسها نافية :
-لالالا .. دي هي صاحية بس بتكسف وكده !

ابتسمت جليلة مرددة :
-ماشاء الله ، باين عليها متربية زي بناتك

ردت عليها عواطف بتنهيدة إرتياح :
-الحمدلله

أضافت جليلة قائلة :
-ربنا يباركلك فيهم
-اللهم أمين !
قالتها وانصرفت مســـرعة في اتجاه غرفة ابنتها لتستدعي أسيف لمقابلتها ...
......................................
في نفس التوقيت بغرفة نيرمين ، كانت الأختان جالستان بالشرفة ترتشفان الشاي الساخن وتثرثران في توافه الأمور.
انتبهت بسمة لصوت الجرس ، فأردفت قائلة :
-باين الباب بيخبط !

ردت عليها نيرمين بفتور وهي تسند قدحها في الصينية :
-طب ما تقومي تشوفي مين !

حركت بسمة ساقها قائلة بتثاقل :
-رجلي منملة من الأعدة !

عبست نيرمين بوجهها ، ورمقتها بنظرات منزعجة قبل أن تقول بسخط :
-انتي أصلاً مابتعمليش حاجة للي بيطلبها منك !

لوت بسمة ثغرها قائلة بتأفف غير مكترثة برأي الأخرين فيها :
-أنا كده ، واللي عاجبه بقى !

ركزت نيرمين حواسها لتعرف هوية الضيف ، وانتفضت من جلستها قائمة صائحة بتلهف :
-دي الست جليلة ، أم منذر !

تجهمت قسمـــات وجهها ، وردت بامتعاض :
-يابـــاي ، الست دي رخمة أوي

استنكرت نيرمين ما قالته ، واعترضت بشدة :
-بقى الحاجة جليلة بجلالة قدرها رخمة ، يا شيخي حرام عليكي ، دي من ولاد الأصول بتوع زمان !

نفخت بسمة محركة كتفيها بعدم اكتراث وهي توضح سبب عدم ارتياحها لها :
-معرفش ، أنا مش بأرتحلها ، بتفرض نفسها عليا ، وبأحسها مش واضحة كده ، وشكلها مياه من تحت تبن ! ده أنا بأفكر أعتذر عن الدرس عشان خاطرها !

حدجتها نيرمين بنظرات قوية قائلة بتصلب :
-انتي مافيش حد بيعجبك ، اوعي خليني أقوم أسلم عليها !

ضحكت بسمة بتهكم مرددة :
-ماشاء الله ، فجــأة كده بقيتي مهتمية بيها !

ردت عليها نيرمين بعبوس وهي تسرع في خطواتها :
-مالكيش فيه !

صاحت بسمة بصوت مرتفع متابعة إياها بنظراتها :
-هنياله ياختي !
.................................

دقت عواطف على باب غرفة بسمة دقة واحدة قبل أن تدير المقبض وتفتحه لتلج إلى الداخل قائلة بعجالة :
-أسيف ، حبيبة قلبي ، تعالي سلمي على الست جليلة !

نظرت لها الأخيرة بحيرة ساءلة إياها بصوت هاديء :
-مين دي ؟

اقتربت منها عمتها ، وجذبتها من ذراعها برفق لتجبرها عن النهوض ، وأجابتها بإهتمام :
-دي تبقى أم منذر ومرات الحاج طه ، ما انتي عارفاهم !

تصلب وجهها نوعاً ما عقب معرفتها لهويتها ، وشعرت بعدم الإرتياح لتلك المقابلة.
شعرت بالغرابة والحرج ، فحاولت الاعتذار قائلة بتهذيب وهي تتملص من قبضتها :
-مافيش داعي آآ...

قاطعتها قائلة بإستغراب :
-لالالا ، مش هاينفع ، لازم تقابليها ، دي جاية مخصوص عشانك
-بس آآ...

أصرت على رأيها قائلة :
-مايصحش تعتذري ، تعالي معايا ، دول 5 دقايق بس !

اضطرت أسيف في النهاية أن ترضخ لإلحاحها ، وذهبت معها إلى خــارج الغرفة.
.....................................

التقت نيرمين مع جليلة بحجرة الصالون محتضنة إياها بإهتمام كبير ومرددة بإبتسامة عريضة :
-ازيك يا خالتي !

ابتسمت لها جليلة بألفة ، وهتفت قائلة بود وهي تتفرسها بدقة :
-بخير يا بنتي ، ماشاء الله عليكي ، وشك رد بعد ما آآ...

قضمت عبارتها بحرج بائن ، فردت عليها نيرمين بإبتسامة متأسفة :
-الحمدلله ، كانت مرحلة وخلصت !

ربتت جليلة على ذراعها قائلة بنبرة ذات مغزى :
-ربنا هيعوضك بالخير إن شاء الله ، وقريب !

اتسعت ابتسامتها مرددة :
-يا رب يا خالتي !

ثم رسمت على وجهها علامات الجدية مضيفة بإمتنان :
-صحيح أنا كنت عاوزة أشكرك على تعب سي منذر معانا ، ربنا يحميه راجل من ضهر راجل !

عاتبتها جليلة قائلة :
-شكر ايه بس ، ده واجب عليه ، ده انتو مننا يا نيرمين !

نظرت لها قائلة بحماسة :
-تدوم العِشرة يا رب !

لاحظت نيرمين تحول نظراتها نحو الباب ، فاستدارت برأسها لترى ما هي محدقة فيه ، فرأت أسيف واقفة على عتبته.
تجهم وجهها ، وانعقد ما بين حاجبيها بإنزعاج واضح.

استطردت عواطف حديثها مقدمة ابنة أخيها لها :
-دي أسيف بنت المرحوم رياض !

ثم دفعتها من كتفيها برفق للأمام لتلج الاثنتان لداخل الغرفة .
دنت منها جليلة ، ومدت يدها لمصافحتها قائلة بنبرة مواسية :
-البقاء لله يا بنتي

هزت أسيف رأسها بإيماءة خفيفة وهي تبادلها المصافحة قائلة بصوت هاديء ورقيق :
-شكراً

لم تترك جليلة كفها ، بل جذبتها كعادة النساء في تلك المناطق الشعبية لتحتضنها وتقبلها من وجنتيها مرددة بحزن :
-أنا عارفة إنه صعب عليكي اللي حصل ، بس ده أمر الله !

ردت عليها أسيف بصوت شبه مختنق وهي تبتلع غصة عالقة في حلقها :
-الحمدلله !

وجهت جليلة حديثها إلى عواطف قائلة بإعجاب ظاهر في نبرتها :
-بس مقولتليش يا عواطف ان بنت أخوكي حلوة بالشكل ده

ردت عليها الأخيرة مجاملة :
-كتر خيرك يا ست جليلة !

اغتاظت نيرمين مما قالته عنها ، واحتقنت عيناها بشدة وهي تحدجها بنظرات مغلولة. فهي لا تقل جمالاً عنها ، بل ترى نفسها أكثر حيوية وأنوثة منها.
وعبست بوجهها وهتفت قائلة بصوت مزعوج :
-هي احلوت إلا لما جت عندنا يا خالتي ، قبل كده ماتشوفيهاش ، حاجة كده آآ...

توقفت عن اتمام عبارتها حينما رأت نظرات والدتها الساخطة نحوها فشعرت بتهديدها الصريح ، واكتفت بالإبتسام وهي تتابع بحذر :
-نورتينا يا خالتي ، أعملك ايه تشربيه ؟

ردت عليها مشيرة بكف يدها :
-والله واكلة وشاربة الحمدلله ، ماتتعبيش نفسك !

عضت على شفتها السفلي قائلة بإستنكار زائف :
-تعب ايه بس ، ده كله يهون عشانك !

حافظت جليلة على ابتسامتها العذبة ، ثم جابت بعينيها المكان متساءلة بجدية :
-على كده بسمة موجودة أسلم عليها يا عواطف ، ولا هي مش عاوزة تشوفني ؟!

لطمت عواطف على صدرها هاتفة بنبرة مستنكرة سوء ظنها :
-لأ ازاي ، تلاقيها بس متعرفش إنك هنا ، هاروح آآ....

قاطعتها جليلة قائلة بصوت هاديء :
-لا مش مشكلة ، خليها ترتاح !

ثم أشارت لها بحاجبيها وهي تضيف محذرة :
-بس أمانة تبلغيها إن هاستناها تيجي عشان درس العيال ، دول بيحبوها أوي وبيفهموا منها !

فهمت عواطف مقصدها الضمني ، وردت عليها مؤكدة دون تأخير :
-اه طبعاً ، هاتجيلك على طول ، ما انتي عارفة اللي جرالها وإنها ماتتمنعش عنكم إلا للشديد القوي !

هزت جليلة رأسها متابعة بتفهم :
-اه عرفت من دياب ابني ، ربنا ما يوريكي مكروه فيهم !

ردت عليها عواطف برجاء وهي تطلق تنهيدة مطولة :
-يا رب أمين !

أرادت نيرمين أن تضرب عصفورين بحجر واحد والاستفادة من الموقف الحالي . فقد استاءت من تأجيل والدتها مفاتحة أسيف في موضوع بيع الدكان أو حتى التمهيد له مسبقاً ، فقررت حسم المسألة فوراً ، وإبلاغها بموافقة الجميع على بيعه لتضمن إتمامه ، وفي نفس الوقت تعلم ابنة خالها عنه فلا تتمكن من الاعتراض أو الرفض.
التوى ثغرها بإبتسامة لئيمة وهي ترمقها بنظرات عابثة.
وقفت إلى جوار جليلة ، ووضعت قبضتها على ذراعها قائلة بنبرة واثقة وجادة :
-بالحق يا خالتي طمني سي منذر وقوليله مايقلقش ، احنا هنخلص موضوع بيع الدكان قريب ان شاء الله !!!

ضاقت عيناي أسيف للغاية ، ورمقت نيرمين بنظرات غريبة مرددة بهمس متعجب :
-الدكان !!

أومـــأت جليلة برأسها إيجاباً وهي تقول :
-اها ، حاضر يا بنتي هاعرفه ، خلي الدنيا تروق وتهدى بين الرجالة كده ، كفاية مضاربات وقرف !

وافقتها نيرمين الرأي مؤكدة بإبتسامة واثقة :
-بالظبط ، وبعدين طلبات سي منذر أوامر بالنسبالنا ، ده احنا نبيعهوله ونجيبله الورق لحد عنده وهو قاعد باشا في مكانه !

ارتفع حاجبي أسيف للأعلى بصدمة كبيرة ، ونظرت لها فارغة شفتيها بذهول. لقد بدا الموضوع بالنسبة لها خطيراً إلى حد ما ، هي تتحدث عن مسألة بيعه وكأنه أمر مفروغ منه ، وهي التي لم تره من قبل أو حتى تقرر مصيره.

ردت جليلة عليها مجاملة وهي تربت على كتفها :
-تسلمي يا حبيبتي ، مايؤمرش عليكي عدو !

حدقت نيرمين متعمدة في وجــه أسيف لتتأكد من وصول رسالتها لها ،وتابعت قائلة :
-الله يخليكي لينا يا خالتي !

انزعجت عواطف من تصرف ابنتها الأهوج ، وضغطت على شفتيها بقوة محاولة السيطرة على أعصابها أمام الضيفة.
كان وجهها يعكس رفضها لطريقتها المستفزة والمفاجأة في طرحه هكذا.
نعم ابنتها خالفت أوامرها ، وفعلت ما أرادت ، فأفسدت كل شيء. وهي الآن عليها أن تعيد توضيح سوء الفهم الذي حدث لابنة أخيها.

خرجت عواطف من صمتها الإجباري على صوت جليلة وهو يردد :
-طب هاستأذن أنا

ردت عليها بضجر قليل :
-ما بدري يا ست جليلة ؟

رسمت جليلة على ثغرها ابتسامتها الودودة وهي تعلل رحيلها :
-عشان تاخدوا راحتكوا ، وكمان أشوف أنا طلبات العيال والحاج !

واستدارت برأسها نحو أسيف لتقول بلطف وهي تقترب منها :
-وأنا فرحانة اني شوفت يا آآ.. اسمك ايه يا بنتي ؟

أجابت عليها نيرمين بتهكم ظاهر في نبرتها محدجة إياها بنظرات ساخرة منها :
-أسيف يا خالتي ، هو ده اسم يتنسى !!!!

ودعتها جليلة قائلة بود وهي تمسح على وجنتها بنعومة :
-أها .. أسيف ، عاشت الأسامي يا بنتي !

تمتمت نيرمين من بين شفتيها بصوت خفيض يحمل الحنق :
-اسم شبه وشها كله هم وغم ونكد !

اصطحبت عواطف ضيفتها للخـــارج قائلة :
-مع السلامة يا ست جليلة ، اتفضلي .. اتفضلي !

تسمرت أسيف في مكانها ناظرة إلى نيرمين بضيق كبير.
كانت على وشك تحريك شفتيها لتنطق بشيء ما ، لكن دفعتها الأخيرة بعنف من كتفها مرددة بحدة :
-اوعي كده وسعي !

تأوهت أسيف بصوت خفيض ،ووضعت يدها على كتفها تتحسسه ، ثم أسرعت بالسير خلفها هاتفة بصوت مزعوج :
-نيرمين من فضلك ممكن كلمة !

استدارت نيرمين بجسدها نحوها ، وكتفت ساعديها أمام صدرها قائلة بعبوس :
-عاوزة ايه ؟

وقفت أسيف قبالتها ، ونظرت في عينيها مباشرة ساءلة إياها بجدية شديدة :
-ايه موضوع الدكان اللي بتكلمي عنه ؟

أرخت نيرمين ساعديها لتضع أحد كفيها على منتصف خصرها ، وتغنجت بجسدها قائلة بميوعة :
-الدكان بتاعنا يا حبيبتي ، الورث اللي لينا كلنا فيه !

ردت عليها أسيف بحدة قليلة وقد تلون وجهها بحمرة غاضبة :
-ايوه ، بس .. بس محدش قالي اننا آآ..!

أكملت لها نيرمين جملتها مرددة ببرود مستفز وهي تتعمد التمايل بجسدها أمامها :
-هنبيعه يا ست أسيف !

هتفت أسيف محتجة وقد برزت عروق عنقها المحتقنة من أسلوبها المستفز :
-أه ، ازاي بقى تقولي للست دي الكلام ده من غير ما تاخدوا رأيي ؟!!

ردت عليها بجمود غير مبالية بردة فعلها :
-أديكي عرفتي أهوو ، جهزي نفسك عشان توقعي الورق وتقبضي يا حلوة !

ثم قربت وجهها منها مضيفة بنبرة مزدرية وهي ترمقها بنظرات احتقارية صريحة متعمدة إهانتها :
-فلوس جيالك من الهوا ، يعني أعدة سفلأة وهتاخدي فلوس أد كده على قلبك !

صدمت أسيف مما تردده على مسامعها ، واستنكرت بشدة حسمها لمسألة البيع.
رمقتها نيرمين بنظرات أخيرة مستخفة بها قبل أن تتركها في مكانها على حالتها المدهوشة تلك لتعود إلى غرفتها صافقة الباب خلفها بقوة.
انتفض جسد أسيف في مكانه ، ورددت مع نفسها بعدم تصديق وهي تضع يدها على رأسها :
-ايه اللي بتقوله ده ، أنا .. أنا أبيع الدكان ..................................... !!!!!
........................................



منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس