عرض مشاركة واحدة
قديم 26-11-17, 07:31 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

6 ـ

لم تستطــع الهرب


ـ إذن , فقد تزوج غارد أخيراً ! لا يبدو أنني أستطيع لومه !

قال السيد (( ديبوا )) هذا لروزي وهو يصافحها بعد قيام غارد

بواجب التعارف بينهما . ثم سأل غارد بإنكليزيته الحذرة :

ـ متى تزوجت , يا صديقي ؟

ـ منذ فترة قصيرة .

قال السيد (( ديبوا )) لروزي معتذراً :

ـ لا بد أنك غاضبة مني جداً , يا سيدتي . ولكن ليس بمقدار

غضب غارد , كما أظن . لكنه الوحيد الذي أثق به للقيام بمثل هذا

العمل الهام لنا . من المهم جداً , عندما نعرض قضيتنا على

السلطات , أن يكون لدينا كل المعلومات . . . الواحد منا , هذه

الأيام , لا يكتفي بالمعلومات والبلاغة , بل عليه أن يقدم وقائع ,

وأرقاماً , ورسوماً بيانية . عليه أن يتعلم الكمبيوتر , أو يتحمل

العواقب . هل أخبرك غارد شيئاً عن أعمالنا ؟

سأل روزي هذا وهو يدعوهما إلى مكتبه الفسيح المشرف على

مركز الأعمال في المدينة .

ـ بعض الأشياء .

أجابته بذلك , معترفة لنفسها على كره منها , بأنها مستمتعة ,

نوعاً ما . شعرت بالسرور لاستعمال عقلها وقدراتها اللغوية , وأكثر

من ذلك شعورها بأنها ماهرة في شيء لا يستطيع غارد أن يماثلها فيه

تماماً .

وكما سبق أن قال غارد , كانت إنكليزية السيد (( ديبوا )) محدودة

جداً . كثير من الاصطلاحات التقنية التي كان يستعملها وهو يشرح لها

بحماسة احتياجات مؤسسته , غير مألوفة لديها , رغم أنها

تمكنت بسرعة من تفسير معانيها .

أثناء متابعة غارد لحديثهما . استطاعت أن ترى من تقطيبة

لجبينه , بأنه يجد صعوبة في ذلك . ودون أن تعلم السبب , وجدت

نفسها تسكت السيد (( ديبوا )) بلطف , ثم تلتفت إلى غارد بسرعة لتشرح

له ما كانا يقولان , غير منتبهة أثناء ذلك لجو السلطة والثقة بالنفس

الذي بدا في صوتها أو للنضج الذي أسبغه ذلك عليها .

عندما نظر السيد (( ديبوا )) في ساعته أخيراً , هتف مدهوشاً للوقت

الطويل الذي أمضوه . دهشت هي أيضاً لسرعة مرور الوقت , ولمبلغ

استمتاعها بما كانت تفعل , رغم أنها كانت تزعم دائماً أمام أبيها

وغارد أنها لا تحب الكمبيوتر وملحقاته , ويسعدها جداً أن تدع

الأمور كما هي .

عندما نهضا للخروج , التفت السيد (( ديبوا )) إلى غارد , قائلاً :

ـ أنا وزوجتي سنقيم حفلة عائلية صغيرة هذا المساء , احتفالاً

بتخرج ابنتنا الكبرى من الجامعة . و يسرني جداً أن تكونا معنا إلا إذا

كان لديكما خطط أخرى . . .

أجاب غارد بسرعة :

ـ كلا على الإطلاق ! متى تريدنا أن نكون هناك ؟

حالما أصبحا بمفردهما , التفتت روزي إليه محتجة .

ـ لا يمكنني الذهاب إلى حفلة , يا غارد . لم أحضر معي ملابس

لائقة بالمناسبة

قال بجفاء .

ـ ليست بروكسل قائمة على كوكب آخر ! إن فيها متاجر جيدة

جداً , على ما أعتقد . كما علي أن أحذرك , يا روزي , من أن السيد

(( ديبوا )) رجل تقليدي . وأظن أن تقديره البالغ لك سيصدم بشكل ما إذا

أنت لبست ثوباً في حفلة ابنته سبق واشتريته من الحوانيت الخيرية ,

وربما سيعتبر ذلك إهانة .

التفتت إليه روزي غاضبة وقالت بحدة :

ـ لست بحاجة إلى أية محاضرة منك , يا غارد , بالنسبة لما ألبس

أو لا ألبس .

كان لديها في بيتها ثوبان أسودان قصيران اشترتهما خصيصاً

لتلبسهما عندما كانت تخرج مع أبيها أو جدها في المناسبات

الاجتماعية المختلفة . ربما كانت تفضل البنطلون المريح , أو الأثواب

المخملية و الحريرية التي تلتقطها من التنزيلات والأسواق الخيرية .

لكنها ما كانت , بأي شكل لتُحرج أيا منهما بارتدائها ثوباً تعلم أنه

يشعرهما بعدم الارتياح .

لكن غارد كان شيئاً مختلفاً تماماً .

لقد أحبت , على كل حال , السيد (( ديبوا )) , وأدركت بنفسها ,

دون حاجة إلى معلومات غارد , أنه من النوع التقليدي .

قال غارد وهو بنظر إلى ساعته :

ـ لسوء الحظ , لدي اجتماع آخر عصر اليوم , وإلا لذهبت معك

إلى السوق !

قالت له باختصـــار :

ـ لا داعي , شكراً .

إن آخر ما تريده هو أن يقف غارد معها في متجر أزياء ليخبرها

بما عليها أن تشتري . سألها :

ـ ما رأيك بتناول الغداء ؟

أجابت كاذبة :

ـ سلت جائعة .

تبددت الآن تلك الغبطة التي كانت تشعر بها . لم يجعها غارد

غاضبة فقط بتعليقاته على ملابسها , وإنما . . . وإنما ماذا ؟ جرح

كرامتها ؟ آلمها ؟ هذا مستحيل . لا شيء مما يقوله غارد يمكن أن

يحدث فيها بهذا الأثر . ذلك لأن ليس له عليها مثل هذا التأثير .

ـ إذا كنت بحاجة إلى نقود , يا روزي . . .

لكنها هزت رأسها نفياً قائلة بغضب :

ـ بمقدوري شراء ملابسي , يا غارد .

ـ نعم , أعلم هذا ! اسمعي , يا روزي ! عندما تعثرين أخيراً على

رجلك الكامل الرائع , أرجو أن تتذكري كم ما زلنا , نحن الرجال ,

رجعيين , من طراز ما قبل التاريخ .

سألته بارتياب :

ـ ماذا تعني ؟

ـ أعني أنه , بالرغم من أنني لا أكره شيئاً كما أكره المرأة التي

تلتصق بالرجل كالنبات المتسلق , إلا أننا , نحن الرجال , ما لنا

تستمتع بكوننا نستطيع تدليل نسائنا وإطلاق العنان لهن .

ـ بمكافأتهن على حسن سلوكهن ! بشراء أشياء تلقونها إليهن

كما تلقون بقطعة بسكويت إلى الكلب ؟

قالت متحدية , وعيناها تنضحان ازدراء وغضباً وهي تتابع :

ـ الرجل الذي أحب , ينبغي أن يعاملني معاملة الند للند يا غارد ,

في كل شيء . آخر شيء يريده هو أن أشعر نحوه بالامتنان لأي شيء .

ما سيعطيه الواحد منا للآخر , يعطيه إياه مجاناً .

سكتت فجأة مقطبة جبينها وهي ترى كيف كان غارد ينظر إليها :

ـ ما هذا ؟ ماذا حدث ؟

سألته ذلك مترددة . لم تره قط من قبل ينظر إليها بهذا الشكل ,

ويحدق إليها بمثل هذا التركيز العنيف . أجاب بخشونة :

ـ لم يحدث شيء ! ولكن , يوماً ما , يا روزي , سيكون عليك أن

تنضجي وتختبري الألم الذي يرافق مثل هذه المثالية . وعندما يحدث

ذلك أرجو أن يكون بجانبك من يلملم حطامك . . .

تمتمت بتمرد , بصوت منخفض :

ـ على أن لا تكون أنت ذلك الشخص .

* * *

مضت ساعة تقريباً منذ أنزلها غارد في منطقة التسوق في

المدينة , لكنها حتى الآن لم تجد شيئاً يعجبها . أخذت روزي تفكر

في ذلك وهي تقف بجانب متجر صغير , تتفرج على الثوب المعروض

في واجهته , والمصنوع من المخمل الأسود والتافتا . كان قسمه

الأعلى من المخمل الأسود , بينما انحدرت فتحة العنق قليلاً عن

الكتفين , هذا إلى كمين طويلين ضيقين . كان المخمل محكم

التفصيل حول الخصر بينما كانت التنورة التافتا تتسع من فوق الوركين

مباشرة .

القماش النفيس واللون الأسود منحا الثوب مظهراً رصيناً . لكن

التنورة جعلته ثوباً للفتيات لا يلائم امرأة كالمدام الكونتيسة , مثلاً .

دخلت روزي المتجر مملؤة بعزم . قالت البائعة متشككة عندما

سألتها روزي عن الثوب :

ـ إنه قياس صغير جداً . . . ولكن , نعم قد يلائمك !

أضافت الجملة الأخيرة بعد أن خلعت روزي معطفها لتجرب

الثوب . وأخذت تتأمل صورتها في المرآة .

كان سواد المخمل يبرز لون بشرتها العاجي , وخصلات شعرها

التي تلامس كتفيها المكشوفين تُضفي عليهما شيئاً من النحول ما

جعلها تقطب جبينها قليلاً .

قالت البائعة بحماس :

ـ إنه مصنوع لك خصيصاً .

أجابت مترددة :

ـ ولكنه غالي الثمن .!

كان عليها أن تشتري حذاء جديداً يلائم الثوب . وفي النهاية ,

كانت عادة غارد في السخرية من ملابسها وذوقها , هي التي جعلتها

تحزم أمرها بينما البائعة تؤكد لها أنها لن تندم على شرائه وهي تلفه

لها , قائلة :

ـ إنه ثوب كلاسيكي لا يبطل طرازه .

وتابعت روزي طريقها إلى متجر الأحذية الذي سبق ومرت به .

وعندما وافاها غارد , في ما بعد إلى المكان المتفق عليه , كان الشيء

الوحيد الذي قاله :

ـ إذن , فقد وجدت شيئاً يعجبك !

كانت تحمل عدة أكياس أخرى بالإضافة إلى الثوب . . حذاء ,

حقيبة يد صغيرة للسهرة تلائمهما , وشاحاً ناعماً من الكشمير لتلبسه

فوق الثوب , صندوقاً صغيراً مزخرفاً من طراز القرن الرابع عشر

وجدته في حانوت للتحف اشترته هدية لابنة السيد (( ديبوا )) .

في الطريق إلى الحفلة , أخذت تفكر في أنه ربما كان من

الأصوب لو اشترت شيئاً عادياً , لكن هذا الصندوق كان رائع

الجمال .

ـ تباً لي !

قال غارد ذلك فجأة , ما جعل روزي تنظر إلي مستفهمة وتابع

مفسراً :

ـ كنت أريد أن أطلب منك شراء هدية لابنة السيد (( ديبوا )) لكن

الوقت فات الآن و . . .

قالت وهي تلتفت إلى المقعد الخلفي تتناول اللفافة التي سبق

ووضعتها هناك :

ـ لكنني اشتريت لها هدية , فعلاً .

ثم فتحت اللفافة تريه الصندوق المزخرف . عندما لم يقل شيئاً ,

هبط قلبها قليلاً , يبدو أنه لم يعجبه ! تملكها الغضب . لا بأس , فقد

أعجبها هي . . .

ـ أتعلمين يا روزي ؟ إنك تدهشينني أحياناً . تتظاهرين بعدم

اهتمامك بالأشياء القديمة , وتعلنين أن من الإجرام تقريباً الاحتفاظ

بمكان مثل (( مرج الملكة )) منزلاً خاصاً , ومع ذلك تذهبين لتشتري

شيئاً كهذا . . .

ـ إذا لم يكن يعجبك . . .

قالت ذلك بتحد , لكن غارد سارع إلى القول :

ـ كلا , لا أقصد . . . إنه رائع الجمال !

جعلها مديحه غير المتوقع لا تدري ما تقول . رفعت بصرها إليه

فباغتتها نظرته , لكأنه . . كأنه . . وتملكها شعور غريب غير مألوف .

ـ روزي ! . . .

لماذا تشعر الآن بقشعريرة لنطقه باسمها , وهي التي طالما سمعته

يتلفظ به من قبل ؟ لماذا تذكرها طريقة لفظه لها بالماء الرقراق في

النهر ؟ باحتكاك المخمل الناعم بالبشرة ؟ بهمس العاشق لحبيبته . . . ؟

اندفعت تتكلم بسرعة , محاولة التخلص من هذه الأفكار

الخطرة :

ـ حتى إنني تذكرت شراء ورق ملون , يا غارد , وبطاقة . أتعرف

اسمها ؟ كان يجب أن أسأل عنه السيد (( ديبوا )) . أرجو ألا تظننا

متطفلين , فهذه حفلتها وهي لا تعرفنا .

ـ أعتقد أن اسمها (( هلوزا )) . لا أظنها ستكره حضورنا .

قال ذلك وقد ران عليه هدوء مفاجئ .

لم يتكلم بعد ذلك إلا حين وصلا , فقط ليقول إنهما , ما داما لم

يتغديا , ولا بد أنها جائعة , لهذا سيسأل المدام عما إذا كان ممكناً أن

يتناولا الغداء في جناحهما .

ـ آه ! هذا حسن ! أنت جاهزة إذن , سنكون هناك في الوقت

المناسب , ولكن . . .

أحست روزي بالارتباك حين سكت غارد فجأة وراح يتأملها .

أخذت تنظر إليه مترددة من باب غرفة النوم المفتوح .

في المتجر , كانت واثقة من حسن اختيارها للثوب , لكنها الآن ,

فجأة , لم تعد واثقة .

صمت غارد , والطريقة التي ينظر بها إليها . . . استجمعت ثقتها

بنفسها وقالت :

ـ ماذا حدث ؟ إذا لم يكن الثوب مناسباً . . .

هز غارد رأسه وهو يسير إلى حيث سترته فيرتديها :

ـ بل هو ممتاز . . .

بدا صوته متوتراً على غير عادة , أبح قليلاً , فانصرفت بذهنها عن

مظهرها هي إلى حركات عضلاته تحت القميص الأبيض , شاعرة

بجفاف في حلقها .

فجأة أصبحت أحاسيسها مرهفة بشكل غير عادي , ما جعلها تشم

رائحة جسده رغم بعد المسافة بينهما . تسارعت خفقات قلبها . احمر

وجهها , واستدارت بسرعة عائدة إلى غرفتها وهي تقول بصوت عال :

ـ وشاحي ! . . . كدت أنساه في هذا الجو البارد . . .

هل استطاع غارد أن يسمع الارتباك والاضطراب في صوتها كما

سمعته هي ؟ لم تكن تشعر أبداً بالبرد , ولكن أي تفسير آخر يمكن أن

تقدمه لارتجاف جسدها ؟

ـ هل تشعرين بالبرد ؟

سألها هذا وهو يتبعها إلى غرفة نومها , مقطباً جبينه . أجابت

وهي تضم الوشاح حولها بإحكام .

ـ كنت كذلك ولكنني الآن بخير . ظننت . . . ظننتك تريد

الخروج . لا أريد أن نتأخر .

أجاب بجفاف :

ـ كذلك لا نريد أن نصل باكراً . ثم إننا , على كل حال ,

عروسان . . .

عندما أخذت تنظر إليه بحيرة , فسر لها الأمر متجهماً :

ـ استعملي ذكاءك , يا روزي ! نحن عريسان من المفترض أنهما

غارقان في الحب . ولو كان الأمر كذلك حقاً , لما سمحت لك

بالخروج من هنا بسهولة , ولما كنت تقبلين بالخروج !

كان صوته انخفض إلى حد الهمس , مشبهاً التنويم المغناطيسي ,

وأطلق رجفة محمومة أخرى في كيان روزي , بينما تابع يقول :

ـ لو كنا حقاً عريسين مغرمين لكان ثوبك الصغير هذا مُلقى على

الأرض وأنت بين ذراعي .

صرخت وهي ترتجف :

ـ أسكت , يا غارد , أسكت ! نحن لسنا مغرمين ببعضنا البعض .

نحن لسنا . . . ليس الأمر بهذا الشكل . . و . .

قال بجفاء :

ـ لا ! من المؤكد أننا لسنا كذلك . هل أنت واثقة من أنك تريدين

هذا الوشاح ؟ تبدين متوهجة تماماً . . .

قال ذلك وهو يفتح لها الباب . حملقت روزي فيه وهي تهم

بالخروج

إنه يعلم جيداً ما الذي سبب احمرار وجهها بهذا الشكل . تباً له !

عندما أسرعت تهبط السلم , تملكتها رجفة أخرى , أكثر حدة

هذه المرة , مصحوبة بالألم , ما جعلها تعض شفتها بحدة لتكبحها .

خافت من أن تشعر بالاستغراب والضيق بين أناس لا تعرفهم , أو

أن تكون ابنة السيد (( ديبوا )) كارهة دعوة أبيها لهما . مخاوفها تلك

سرعان ما تلاشت , ليس فقط أمام حرارة ترحيب السيد (( ديبوا ))

وزوجته , وإنما من الاستقبال الحماسي الذي تلقياه من (( هلواز ))

نفسها , وسرعان ما رأت روزي نفسها وسط مجموعة من الشابات

والشبان , بينما بقي غارد يتحدث إلى مضيفه ومضيفته .

كانت (( هلواز )) وأصدقاؤها مجوعة ذكية مليئة بالحيوية من شبان

وشابات أخذوا يتحدثون عن آرائهم ومعتقداتهم بصراحة , مازحين مع

روزي قليلاً لما رأوه من استنكارها مفهوم المواطنية الأوروبية . لكنها

سرعان ما اكتشفت أنهم , مثلها , يهتمون كثيراً بأحوال البائسين , ثم

وجدت نفسها مستغرقة في حديث مع أحد أصدقاء (( هلواز )) عن

المشكلة المتفاقمة لمتشردي المدن .

رغم أن هذا الفتى , واسمه (( رينولد )) , لم يكن يشبه , رالف

شكلاً . . . إذ كانت بنيته أكثر صلابة , شعره كثيفاً جعداً بني اللون ,

وكذلك لون عينيه اللتين كانتا تطفحان حرارة وإعجاباً كلما نظر

إليها . . . إلا أنه كان يشارك رالف كثيراً من مثله العليا التي يغلفها

بروح مرحة تنقص رالف .

قال يخاطبها بحماسة وهو يفصلها عن الآخرين ليتمكن من

التحدث إليها على انفراد :

ـ يخيل إلي أن هذه المشكلة عامة في كل البلاد . يبدو لي أننا

جميعاً سنستفيد كثيراً من تبادل الآراء والخبرات , ومشاركة بعضنا

بعضنا ما نتعلمه .

قالت مازحة :

ـ أتعني أن نقيم مؤتمراً ؟

ـ ربما نتدبر شيئاً أقل تمسكاً بالشكليات من المؤتمرات . إنني

أذهب إلى انكلترا أحياناً لإداء بعض الأعمال , وسيهمني أن أزور

الملجأ , إذا كان ممكناً ترتيب هذا الأمر .

أجابت بحماسة :

ـ أنا واثقة من إمكانية ذلك , وأعلم أن رالف سيهتم جداً بالتعرف

إليك .

ـ لكنك تعيشين خارج لندن كما أخبرتني . هـــل هنالك

فندق . . . ؟

قالت بسرعة :

ـ آه , لن يكون ثمة ضرورة لذلك . يمكنك أن تقيم معنا .

فقال برقة :

ـ إنني الآن أتطلع بشوق إلى ذلك .

قالت (( هلواز )) لها مازحة وهي تنضم إليهما بعد ذلك بعشر

دقائق :

ـ لا تنظري إلى رينولد بجد أكثر من اللازم . إنه مغازل

رهيب . . .

قال رينولد محتجاً , دون أن يخجله كلاهما :

ـ أنت غير منصفة , يا (( هلواز )) . أنا جاد تماماً في ذلك .

كان الثلاثة ما زالوا يضحكون عندما جاء غارد لينضم إليهم بعد

عدة دقائق . قال لروزي موضحاً للآخرين :

ـ آسف لأن الوقت حان لذهابنا . علينا أن نستقل الطائرة في

الصباح الباكر .

ـ أهكذا سريعاً ؟!

قالت روزي ذلك باحتجاج , غير قادرة على إخفاء دهشتها حين

أخبرها غارد عن الوقت . وعندما صارا في السيارة متجهين إلى

القصر , قال :

ـ لا حاجة لأن أسألك إن كنت استمتعت بالحفلة .

كان في صوته نبرة لم تفهمها روزي . لم تكن غضباً أو ضيقاً

بالضبط , إنما . . . , شيء ما . . .

ـ يبدو أنكما , أنت والفتى (( رينولد بريسيه )) وجدتما الكثير

لتتحدثا عنه .

الفتى رينولد . . . ؟ قطبت روزي جبينها . كان رينولد أخبرها ,

في غمرة الحديث , أنه احتفل لتوه بعيد ميلاده الخامس والعشرين ,

وهذا ربما يجعله أصغر سناً من غارد , لكنه طبعاً لا يجعله يستحق

نبرة الاحتقار الغريبة في صوت غارد . قالت بلهجة المدافع :

ـ كان يحدثني عن اشتراكه في مشروع ملجأ مماثل لملجئنا . بدا

عليه الإهتمام البالغ بعملنا . وأنا . . . أنا دعوته لزيارتنا والتعرف إلى

رالف عندما يذهب إلى لندن لقضاء أعماله .

أسرعت بكلامها متجنبة النظر إلى غارد أثناء كلامها .

أما لماذا تملكها شعور بأنها أخطأت بعض الشيء . . وأنها ,

بشكل ما , أغضبت غارد ؟ فهذا ما لم تجد له تفسيراً واضحاً .

قال غارد باستفزاز :

ـ وهل هذا سيكون غرضه الوحيد من زيارته ؟ أن يتعرف إلى

رالف ؟

ارتاحت روزي لجو السيارة المعتم الذي أخفى احمرار وجهها .

فقد تضمن صوت غارد شيئاً من التوتر عزز شكلها السابق . قالت :

ـ طبعاً , أي سبب غير هذا يجعله يحضر ؟

ـ هيا , يا روزي ! حتى أنت لست بهذه السذاجة ! كان واضحاً

تماماً أن (( رينولد بريسيه )) أكثر اهتماماً بتفحص سريرك منه بتفحص

أسرار الملجأ .

قالت محتجة :

ـ هذا ليس صحيحاً , حتى ولو كان ذلك . . .

سكتت فجأة وهي تدرك أن الادعاء الذي كادت تتفوه به , وهو أن

هذا ليس من شؤون غارد , هذا الادعاء لم يعد صحيحاً تماماً . أدركت

أنها نسيت تقريباً علاقتهما الجديدة . سألها بصوت خشن :

ـ حتى ولو كان ذلك , ماذا ؟ أنك غير مهتمة به ؟ ليس هذا ما

لاحظته .

ـ كنا نتحدث , وهذا كل شيء .

قالت ذلك وهي تفكر . . . ما الذي حدث لغارد ؟ كان يبدو تقريباً

وكأنه . . . وكأنه ماذا ؟ كأنه يغار ؟ هذا مستحيل ! ورغم ذلك , فإنها

لم تفعل شيئاً يستحق غضبه . ابتدأت السعادة , التي شعرت بها في

الحفلة , تتبدد . أشاحت بوجهها عن غارد وأخذت تنظر من النافذة

إلى القلعة .

شعرت برجفة خفيفة وهي تتذكر ما كان بيتر قاله لها عندما سألته

كيف سينهيان , هي وغارد , (( زواجهما )) ! , قال لها , آنذاك , محذراً :

ـ سيكون عليكما البقاء معاً سنة على الأقل ! أي مدة أقل من تلك

يمكن أن تثير الشكوك بالإمكان في البداية , اختيار الانفصال وبعد

ذلك تتجهان نحو الطلاق .

سنة على الأقل ! بدل لها ذلك مدة طويلة . . . طويلة جداً . سمعته

يقول متوتراً :

ـ لا فائدة من العبوس والصمت , يا روزي ! إنك تعلمين ما هو

الوضع . . الدور الذي وافقت عليه , واخترت القيام به . إنك عروس

جديدة . و العروس الجديدة لا تتجاهل زوجها لتعبث مع رجل آخر .

قالت بغضب :

ـ إذا كنت تعني رينولد , أنا لم أكن أعبث معه . كنا نتحدث

فقط .

سكتت والتفتت إيه بعينين ملتهبتين . كان يركز اهتمامه على

الطريق , وعيناه مسمرتان أمامه وقد توتر فكه . قالت له برعونة :

ـ ربما لست قادراً على التحدث مع امرأة من دون أن تعبث

معها , يا غارد ! ولكن ليس كل الرجال مثلك , والحمد الله !

قال بخشونة :

ـ هذا صحيح ! أشك في أن عزيزك الغالي رالف , مثلاً , أوه

(( رينولد بريسيه )) , مستعد للمجازفة بسمعته في زواج احتيالي , فقط

لأجل . . .

وعندما سكت ألحت عليه بالقول :

ـ فقط لأجل ماذا ؟ لأنني طلبت منك ذلك ؟ إنك غير منصف , يا

غارد . إننا , نحن الاثنين , نعلم بالضبط لماذا وافقت أنت على هذا

الزواج . إنك تزوجتني لأنك تريد المنزل .

شعرت روزي , وهي تقول هذه الكلمات , بغصة في حلقها حين

اكتسحتها موجة عنيفة من الشعور بالوحشة .

لم تكن تريد زواجاً زائفاً . . زوجاً لا يكن لها حتى نوعاً خاصاً

من المودة , وليس الحب . آخر شيء كانت تريده هو أن تعيش حياة

ملؤها الكذب والخداع . . أن تعيش مع رجل لا يشعر نحوها بسوى

الاحتقار ويسخر منها على الدوام .

كل ما تقوم به هو ضد مبادئها . لا عجب إذن من شعورها بعدم

الرضا عن نفسها , ومع كل هذا التوتر والتعاسة . كانت حمقاء إذ

أصغت إلى بيتر , وظنت أن . . .

ـ وطبعاً , فإن الرجال أمثال رالف ورينولد في هذا العالم هم غاية

في الكمال والتعقل ليفكروا بشيء كهذا . هل هذا ما تظنينه ؟ لا

تخدعي نفسك , يا روزي ! لو أنك ألقيت بأوراق ملكية (( مرج الملكة ))

طعماً أمام رالف , لما فكر مرتين بما يتضمنه مثل هذا الزواج أخلاقياً .

أما بالنسبة إلى رينولد , لا أدري إذا كان فكر في أن يخبرك , أثناء

مثابرته على مغازلتك , أن أسرته وأسرة (( هلواز )) متفقتان منذ سنوات

على أنهما , هو وهي , سيتزوجان في النهاية ؟ إنهما قريبان تربط

بينهما أمور معقدة متعلقة بالأملاك والعمل . . . والزواج بينهما سيحل

كل هذه الأمور بشكل حسن جداً بالنسبة إلى الأسرتين . وإن كان هذا

لا يمنعه من أن يغازلك .

ـ أسكت ! . . . أسكت .

أخذت روزي تصيح به وهي ترتجف , رافعة يديها تغطي بها

أذنيها وهي تسأله بعنف :

ـ لماذا تنتقدني دوماً وتسخر مني ؟ لماذا تفسد كل شيء بالنسبة

إلي ؟ إنني لست حمقاء على الإطلاق يا غارد , مهما كان ظنك بي !

وإذا كنت أختار وأفضل أن أرى محاسن الناس , فهذا لا يعني أنني

قليلة الحذر .

وعندما أخذت تغالب دموع الغضب التي أوشكت على الانهيار ,

أشاحت بوجهها عنه وهي تقول بصوت منخفض متألم :

ـ لا بأس ! ربما كان رالف سيوافق على الزواج مني لو أنني

قدمت إليه (( مرج الملكة )) . لكنه , على الأقل , ما كان ليأخذ البيت

لنفسه , وإنما . . .

قاطعها غارد بخشونة :

ـ لكان دمره تماماً مثل إدوارد ! إكبــري , يا روزي ! هـــــل تصدقين

حقـــــاً أن رالف كان سيهتم مثقال ذرة بالمنزل وتاريخه ؟ وأنه ما كان

ليسحب أخشاب الجدران , ببالغ الســــرور , ليغطي بها السلم إذا وجد

ذلك ضرورياً لمؤسسته الخيرية ؟ هل تعلمين ماذا كان سيحصل (( لمرج

الملكة )) في مثل تلك الظروف ؟ إذا كنت تظنين أن أي شيء . . أي

شيء , على الإطلاق , من المنزل الأساسي كان سيبقى مألوفاُ لأبيك

أو جدك في الوقت الذي ينتهي فيه رالف وجماعته منه , أنت إذن

حمقاء .

قالت غاضبة :

ـ إنك لم تحب رالف قط , أليس كذلك ؟ كنت دائم السخرية

منه . حسناً , لا تظنني لا أعلم السبب , يا غارد . . .

سكتت روزي فجأة وهي تلتفت إليه لترى تأثير كلامها هذا عليه .

لم يبد عليه ما توقعت . لا الغضب البالغ ولا السخرية . . .

كان فكه متوتراً وكأنه يحاول السيطرة على نفسه. رأت النظرة

التي بدت في عينيه وهو يلتفت إليها . تملكتها رجفة لا إرادية وهي

تسمعه يقول بنعومة :

ـ استمري , يا روزي . . .

آه , كم تمنت لو أنها لم تبدأ هذا الحديث قط ! لكن فات أوان

التراجع الآن ! . . قالت تتحداه بشجاعة :

ـ إنك تكره الحقيقة أنه ليس مثلك , إنه لا يهتم بالمال أو المادة ,

لأنه . . .

أجفلت حين أخذ غارد يضحك , وتملكها الاضطراب لردة فعله

غير المتوقعة هذه التي نبهتها وحذرتها أكثر مما لو كان ثار غاضباً

منها مستنكراً مزاعمها . قال معنفاً :

ـ رالف لا يهتم بالمال ؟ لماذا إذن يزعجني على الدوام بطلب

التبرعات للملجأ الغالي ؟

ـ هذا أمر مختلف . إنه لا يريد المال لنفسه . إنه . . .

ـ لا ؟ هل هذا ما تظنينه حقاً يا روزي ؟ لا بأس . أنا أوافقك على

أنه لا يطلب المال لينفقه على نفسه , وعلى شراء أملاك لنفسه , لكنه

حتماً يريد المجد الذي يعرف جيداً أنه سيحصل عليه بتحويله ذلك

المكان الحقير المثير للشفقة إلى مبنى أفخم وأكبر حجماً وأهمية .

عضت روزي شفتها وحولت نظراتها عنه . رغم ما في كلام

غارد من قسوة , إلا أنه كان يحتوي على بذرة من الحقيقة هي أكثر

نزاهة وصدقاً من أن تنكرها .

شعرت بالارتياح وهي تدرك أنهما وصلا إلى مدخل القصر .

ولعل المدام تنتظرهما في الردهة , أو بالأحرى تنتظر غارد .

ـ ماذا . . ؟ لا شيء تقولينه عن نفسك , أو تدافعين به عن عزيزك

رالف ! ولا أدري سبب ذلك.

قال غارد ذلك ساخراً وهو يوقف السيارة أمام القصر . لكنها لم

تهتم بأن تجيبه . وما الفائدة , على كل حال ؟

أخذت روزي تخلع ثوبها , متعبة . لم تكن المدام في انتظارهما ,

ولكن عندما وصلا إلى جناحهما , أعلن غارد أن لديه عملاً عليه

إنجازه . ثم جلس خلف المكتب متجاهلاً إياها كلياً وهذا بالضبط ما

تريده هي . أما لماذا جعلها هذا متضايقة سيئة المزاج , فلم يكن لديها

أي تفسير . لا يمكن أن يكون السبب هو خسارتها نقاشاً معه , حتى

ولا شعورها بالغم من عبء هذا الدور غير المألوف ولا المرغوب

فيه .

قطبت جبينها عندما تعطل سحاب ثوبها . تملكها الضيق

وحاولت إصلاحه .

بعد عشر دقائق , وبعد أن آلمتها ذراعاها فيما لا يزال السحاب

معطلاً , اعترفت بالهزيمة , مدركة أن ليس أمامها سوى خيارين . . إما

أن تنام بثوبها هذا , وإما أن تلتمس المساعدة من غارد .

سارعت على كره منها إلى باب غرفتها تفتحه ثم تقف في العتبة

تنظر إلى غارد مترددة , بينما هو منكب على عمله . كان ظهره

نحوها . بدا منكباً على عمله بحيث ترددت روزي في مقاطعته . . .

ربما إذا هي حاولت مع السحاب مرة أخرى . . .

ـ نعم , يا روزي ! ماذا تريدين ؟

قفزت نظرات روزي المجفلة لتقابل نظرات غارد الذي وضع

القلم واستدار نحوها .

ـ إن السحاب في ثوبي معطل و . . .

ـ الأفضل أن تأتي إلى هنا وتقفي في الضوء لأتمكن من روية ما

أقوم به بشكل صحيح .

قال ذلك مشيراً إلى وسط الغرفة .

ـ ربما أنت تكبرين رغم كل شيء .

قال ذلك بجفاء وهو يمسك بكتفيها ليتمكن من فحص ظهر

ثوبها .

سألته متصلبة :

ـ ماذا تعني ؟ .

حاولت أن تستدير , شاعرة بأنه أخذ يسخر منها مجدداً , لكن

غارد كان يمسك كتفيها بشدة منعتها من الحركة .

تملكها شعور غريب لإحساسها بأنامله على بشرتها , ولرؤيتها

صورتهما معاً في المرآة التي تعلو المدفأة . صورتهما معاً في وضع

حميم كان يمكن أن يكون لعاشقين . .

أحست بقشعريرة خفيفة , وتنبهت إلى أنها ترى غارد , ليس كما

تراه دائماً , وإنما بصفته رجلاً ! . . ماذا لو كان غارد هو الذي تعرفت

إليه في الحفلة هذه الليلة , مثلاً , وهو الذي مدحها وغازلها ؟ . .

خفضت نظراتها إلى الأرض , شاعرة بشيء من الخجل لاتجاه

أفكارها على هذا النحو . سألها برقة :

ـ متى حدث هذا , يا روزي ؟ متى أصبح إصلاح ثوب أهم لديك

من عدائك نحوي ؟

قالت كاذبة :

ـ لا أدري ماذا تعني ! .

هل هو دليل نضج لديها أن تفضل طلب العون من غارد على

تمزيق ثوبها ؟ إذا كان الأمر كذلك , فقد بدأت تتمنى لو أن قرارها كان

أقل نضجاً .

إنها تشعر الآن بالتوتر يزحف على امتداد جسمها فيما غارد

يتفحص السحاب , مزيحاً شعرها من طريقه .

كانت قرأت في الروايات عن أنفاس الحبيب , لكنها كانت تسخر

من ذلك معتبرة إياه مبالغة كبرى . أما الآن . . . ابتلعت ريقها

بصعوبة , مكورة أصابعها بشكل قبضتين صغيرتين مرتجفتين بينما

تلفح حرارة أنفاس غارد ظهرها . قال بغيظ :

ـ اهدئي , يا روزي !

قوله هذا جعلها تدرك ما كانت تفعل . كانت لا إرادياً تميل

بظهرها إلى الخلف لتلتصق به وكأنها . . .

قالت محاولة الإبتعاد عنه :

ـ آه , دعه , يا غارد !

تملكها الذعر إذ انتبهت إلى أن هناك شيئاً مريباً جعل المشاعر

تشتبك في كيانها .

ـ اهدأي ! يمكنني أن أرى المشكلة الآن . هناك قطعة صغيرة من

القطن مشتبكة بالسحاب . أظنني سأتمكن من نزعها .

ـ أين ؟ دعني أراها . . . ربما يمكنني نزعها بنفسي .

قالت روزي ذلك محاولة الابتعاد عن غارد والاستدارة , في

الوقت نفسه , لتنظر من فوق كتفها . ولكن عندما تقدمت إلى الأمام ,

كان غارد تمكن من إطلاق السحاب , تاركاً المخمل اللين الناعم

ينزلق عن كتفيها والقسم الأعلى من جسمها .

تمسكت روزي بذعر , بالمخمل , متسمرة مكانها من المفاجأة

وقد التهب وجهها بينما أخذ غارد يتفحصها بنظره .

ـ كفى , يا غارد , كفى ! لا تحق إلي بهذا الشكل !

انفجرت تقول بصوت يماثل جسدها ارتجافاً . أرادت أن تستدير

هاربة , لكنها , لسبب ما , لم تستطع أن تتحرك . بقيت جامدة في

مكانها بينما نظرات غارد تتجول فوقها . قال برقة :

ـ بأي شكل ؟ إنني , على كل حال , زوجك يا روزي . في

الحقيقة . . .

عندما تقدم خطوة نحوها , حملقت فيه بعينين واسعتين ذاهلتين

وهي ترتجف , غير قادرة على سلخ نظراتها عنه . تابع يقول برقة :

ـ وفي الحقيقة , هل لديك فكرة عما تفعلينه بي في هذه اللحظة ,

وأنا أراك بهذا الشكل ؟ لو أنك تعمدت هذا العمل , لما تمكنت من

اختيار وضع أكثر إثارة , هل تعلمين ذلك ؟ لو كنت حقاً زوجك , يا

روزي , ما وقفت هكذا أتحدث إليك !

عندما سمعها تصدر شهقات صغيرة متتابعة , قال معنفاً :

ـ ماذا حدث ؟ من المؤكد أنك لست بريئة ساذجة إلى هذا

الحد . . .

ـ لا! . . . لا ! . . .

صرخت روزي باحتجاج وهي تستدير هاربة إلى غرفتها ثم تصفق

الباب خلفها وتستند إليه , بينما جسدها يرتجف كمن به حمى ,

وقلبها يخفق بعنف أشعرها بالغثيان . دموع العذاب التي انهمرت على

وجنتيها من بين أجفانها المغمضة لم يكن لها علاقة بالحرج البالغ ,

أو الغضب من غارد لما فعل .

منذ لحظة واحدة فقط , كانت تستمع مسحورة إلى رقة صوته !

الصدمة , الشعور بالحرج , بالذنب , بالخوف . . . كل ذلك

شكل لها نوبة من الذعر والألم الغامض .

ابتعدت روزي عن الباب ببطء وهي ترتجف من رأسها إلى

أخمص قديمها , شاحبة الوجه من تأثير الصدمة .

ما الذي يحدث لها ؟ ما الذي حدث لها ؟

اغتسلت بسرعة ثم خرجت من الحمام واستعدت للنوم , رافضة

النظر إلى صورتها في المرآة .

توهج وجهها احمراراً , لا بد أن شيئاً غير عادي حدث لها إذ

تتصور غارد يغازلها برقة وهي تستجيب له ! .

إنه فقط خداع مخيلتها , كما أخذت تطمئن نفسها , وغداً ستتغير

مشاعرها وتعود إلى حالتها الطبيعية .

* * * * * *

: : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : : :


Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس