عرض مشاركة واحدة
قديم 30-12-17, 09:36 PM   #109

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن

قراءة ممتعة 💋
******************

- أنا زوجها....
قال مصطفى ليسود صمت بين أربعتهم... كسره عمران وهو يضحك ضحكة ارتباك وهو يهرب من غضب عينيه ويلتفت نحوها:
- آسف لم أكن أعلم... "قدم لها حقيبتها ليأخذها مصطفى بشيء من العنف منه... نظر إليه ليرتعب من ملامحه قائلاً" أستئذن....
ليذهب مسرعا باتجاه أمه... ونظرات مصطفي تلاحقه...
- ماذا كان ذلك؟ "قالت فاطمة تنظر إلى إبنها بصدمة الذي ارتبك بشدة ثم صاح بشيء من الحدة" تحركا!!
لتسرعا أمامه باتجاه السيارة... ركبت أمه بهدوء بينما كانت جميلة تمشي بيعثر والكلمة مازالت ترن في أذنها... أحست بشعور كأنه بالفعل يتملكها ليجعل قلبها يدق بهذه الضجة وهو يعلن عن ذلك للجميع...
ناداها للمرة الثانية فلم تلبي ندائه... ليسرع باتجاهها ويمسك كتفها يديرها باتجاهه... نظر باتجاه السيارة إلى أمه لكنها كانت تنظر أمامها غير مبالية أو أنها فقط تمثل ذلك...
أعاد نظراته باتجاه جميلة... كانت بشرة وجهها حمراء بشدة وعيونها المرتبكة ترفض أن تلتقي بعيونه... تلتفت لجميع اتجاهات إلا نحوه...
- جميلة.. أنظري إليَّ...
قال وهو ينزل بيده على طول كتفها إلى أن وصل إلى يدها... أمسكها رافضاً تحريرها... أصبعه دون إحساسٍ منه يتفقد نبضها... هل تشعر بالضجة كما يشعر داخله... إعصار تملكه ما إن أنطق أنها ملكه... تنتمي إليه دون غيره... ضغط بشدة على كفها... وكأنه يخشى أن تذهب بعيدا... أو أنه أناني... يريد الإحساس أنه في تواصلٍ مع شخص آخر... إحساس افتقده لعشرين سنة تقريبا...
رفعت نظراتها باتجاهه وبشرتها تزداد احمرارا... بريق أخاذ يسطع من عيونها الفيروزية... ابتلع ريقه ليقول:
- أنا آسف... لم يكن يجدر بي أن أقول ذلك... لكنني أردت حمايتك من ذلك الشاب.. الشباب في مثل عمره لا يكونون حسني النية... "قال يبرر زلة لسانه ويده مازالت ممسكة بيدها بقوة وكأنه يدعم ما يقوله"
- ولماذا؟؟ "سألت بهمسة وهي تنتقل بنظراتها في ملامح تحاول أن تقرأ الإجابة في ملامحه"
- لماذا ماذا؟ "سأل وهو يحس بجفاف حلقه"
- لماذا لا تتزوجني.. "باغتته بالسؤال ليصمت مشدوهاً بجرأتها"
- جميلة... أنتِ صغيرة على هذا الموضوع.. وأنا في سن ممكن أن أكون أباكِ... "سكت قليلا يستجمع أفكاره" هناك أمور لم تحل بعد... كإمكانية تعرضك للخطر و...
- كم عمرك... "نظر إليها بدهشة لتستطرد" أخبرني كم عمرك؟
قالت بقوة وغضب وهي تحرر يدها منه فقد كان يرسل إليها أحاسيس تعكس تأثير كلماته... أحس بالفراغ وأصابعه تخزه من افتقادها لملمس بشرتها الدافئة...
- ثمانية وعشرون سنة هذا ليس مو...
- إذن لا تخبرني أنك بمثابة أبي... فمستحيل أن تساهم في انجابي وأنت ابن عشر سنوات!! "قالت بوقاحة لتستدير وتتركه"
- يالها من وقحة!!
تمتم مصطفى بصدمة وهو يتبعها بنظراته تتجه إلى السيارة...
- جميلة... عودي إلى هنا!!
صرخ لكنها استمرت في المسير إلى أن جلست بجانب أمه دون اغلاق الباب...
وقف يمرر أصابعه على شعره... تُربكه وتستفزه...
يحس أنه فقد سيطرته على كل شيء... جميلة أصبحت تستحوذ على كل تفكيره... يصيبه الرعب إن فكر فقط في إمكانية إصابتها بمكروه... لحسن الحظ أن موضوع العصابة سينتهي بحول الله هذا الأسبوع... وموضوع عائلتها جاري البحث عنها... نظر باتجاه السيارة... كانت أمه تنظر إليه نظرات ذات مغزى ويعرف مقصدها جيدا... ربما لاحظت أنه لا يحس بجهتها بالنفور وأن جسمه يتقبلها كسائر من تلتقي بهم... فأمه يومان فقط وتفكر بضمها إلى العائلة وكذلك المركز الكل يسأل عنها ولم تغب كثيرا... هو لا ينكر أنه معجب بها ويكاد يقتل من ينظر إليها أو يحال التودد إليها.... لكنها مازالت صغيرة وعقلها الصغير قد لا يستوعب الزواج وواجباته... وماذا إن ظهرت لها عائلة؟ لن يلومهم إن اعتقدوا أنه استغل صغر سنها وبراءتها... أحكم قبضته على حقيبتها وكأنها الأمر سيساعده على التخلص من المتاهة التي أدخلته إليها صاحبتها...
كانت تنظر إليه وقلبها يدمع للتخبط الذي يعيشه ابنها... لكنها أم وتعرف مصطلحته أكثر منه... أن يتزوج هو الحل الوحيد الذي سيعوضه عن سنوات غربته وهو بينهم...
توجهت نظراتها للطفلة بجانبها... تعلم أن في الظروف العادية لن تفكر أبدا في جميلة كزوجة لابنها... فهي مندفعة ولن تستطيع تحمل مسؤولية الزواج وحدها... ورغم سنها إلا أنها مازالت تتصرف كطفلة... تحتاج لمن يقودها إلى بر الأمان... وهي من ستقوم بهذه المهمة... مصطفى وجميلة وجهان لعملة واحدة كل واحد منهما يعيش ضياعا على طريقته...
مصطفى بعدما حدث له وهو صغير بنى جدار عازل يصعب اختراقه ليحمي نفسه فيما فشل فيه المقربون منه... خلق لنفسه عالما واستغنى فيها عن كل شيء ولم يحس بذلك الفقد إلا عندما اصطدمت به حمراء لتصدع جدران قوقعته رغم صلابتها... وان استمرت بهذا الاندفاع سيتلاشى الجدار نهائيا... لكن يجب أن تسرع قبل أن يستفيق من أحاسيسه المبهمة تجاهها فهو ابنها وتعرف أنه بمجرد استيقاظه من الدوامة الجديدة عليه والتي خلقتها الحمراء سيعود ويتقوقع أكثر على نفسه بدعوى أنها صغيرة السن ولن يظلمها معه... على الرغم من أنها تزوجت في سن السادسة عشر من أبيه الذي كان يكبرها بعشرين سنة... لم تضع أبدا للفارق الكبير بين عمرهما حساب خصوصا أن عمار كان رجلا حنونا ومتفهما لطبيعتها...
مصطفى يشبه أباه ومتأكدة أنه سيحمي زوجته ويقدرها... وبالنسبة لسذاجتها الكبيرة مع الوقت سوف تصقل لتصبح أكثر نضوجا...
- جميلة مصطفى يحتاجك... "قالت فاطمة وهي تلمح اقتراب ابنها"
- لا خالتي... أنا من يحتاجه... "نظرت إليها لتلمح دموعها المنهمرة على وجنتيها" أحتاج أن أحس أنني أنتمي لشخص ما في هذه الحياة... إنتماء يصعب الفكاك منه... أنا وحيدة خالتي وهو الوحيد القادر على ملئ هذا الفراغ... أنا لا أريد حبه أنا فقط أريد أن أنتمي إليه... أخبريه أنني مستعدة أن أتنازل عن كل شيء... فقط ليتزوجني..
عانقتها فاطمة وهي تحاول أن تمنع دمعهتا...
- سيكون لكِ حبيبتي!! "قالت بعاطفة"
- أخبريه أن يتزوجني ثم يتركني معك... أقسم لن أقف ضده إن اختار أن يتزوج أخرى... أنا فقط تعبت وأريد مكانا أستريح فيه...
وقف متسمرا هو يسمع مناجاتها لأمه التي كانت تنظر إليه بنظرات أم ترجوه ألَّا يخيب ظنها أن يحقق لجميلة رغبتها... مجرد ورقة بينهما تعطيها الحق في مكوثها في منزل والديه وتعطيه الحق في الدفاع عنها إن اقتضى الأمر... حرك رأسه دليل موافقة وليغلق الباب جهة جميلة ما جعلها تنتفض وتبتعد عن أحضان أمه ليفتحه مجددا ويسلمها حقيبتها... كان رأسها للأسفل، وقف ينتظر أن ترفع عيونها إليه... أحس أنه يحتاج أن يرتوي من فيروزيتيها لكنها لم ترفع عيونها... ليغلق الباب بعنف ويتجه إلى مقعده... لينطلق بسرعة وابيضاض أصابعه حول المقود رسالة كافية لهما أنه بركان سيثور لأبسط همسة منهما...
**********************
- صباح الخير مرح... كيف حالك؟ "قالت لبنى بحبور مصطنع وهي تدلف إلى الغرفة"
- أخرجي!!... أنا لا أريد الحديث اليوم!! "قالت مرح من أسفل غطائها"
- لماذا؟؟ هل عاودتكِ الكوابيس البارحة؟.. سمعت أنك أغلب الأيام لا تنامين خوفا منها...
رفعت مرح الغطاء عنها ونظرت إليها مفكرة أنها البارحة نامت بدون كوابيس فعلاً... نامت كما لم تنم من قبل...
- لماذا لا نخرج إلى الحديقة؟؟... يبدو الجو رائعا... "قالت لبنى وهي تفتح الستائر المطلة على الحديقة"
- أغلقي الستائر!!... أريد أن أنام...
عادت إلى وضعها السابق...
- لقد راهنني أنكِ سترفضين الحديث اليوم...
أطلت من تحت اللحاف الملتف عليها متسائلة بفضول وغضب:
- من؟
- الدكتور ي....
أجابت لبنى لتقاطعها مرح وهي تجلس وتعيد احكام حجابها عليها:
- ذلك المهرج!!... كم أمقت نظراته إليَّ وكأنني طفلة صغيرة!! "أجابت بغيظ"
- ربما تصرفاتك من تجعله يرى ذلك... كم عمرك مرح؟
- تسعة عشر عاما... أو يمكنك القول سبعون عاما...
- تسعة عشر... هممم... أظن أنك ستكونين قد حصلت على شهادة الباكالوريا العام الماضي... صدقيني إن اخبرتك أن رهبة السنة الثالثة مازالت تتملكني لحد الآن
ابتسمت مرح لتأخذها الذكريات لذلك اليوم:
- في الليلة قبل الإمتحان لم أستطع النوم... خفت أن لا أسمع المنبه... كنت جالسة في مكاني في المطبخ أعيد استذكار دروسي في الظلام... لكنني غفوت...
- لااااا!! "قالت لبنى ضاحكة"
- جارتنا أم سعيد من أيقظتني في الفجر... إبنها البكر يوم الإمتحان تغيب لأنه لم يكن مستعدا... لكنه أخبر أمه أنه تأخر لأن النوم داهمه... ومن ذلك اليوم وحتى بعد مرور خمس سنوات مازالت أمه تتكفل بإيقاظ كل من يدرس في الثالثة ثانوي كيلا يعيد مأساة ابنها...
- وأين يشتغل سعيد اليوم؟ "سألت سارة"
- هو الآن يدرس الطب... بعد الحادثة مرضت أمه جدا وعرف إلى أي درجة الدراسة مهمة بالنسبة لها... أعاد السنة ونجح بأعلى معدل في حارتنا... أتذكر أن الكل احتفل به إلَّا أنا... "قالت بحزن"
- ما شاء الله... وأنت ماذا كنت تتمنين؟
نظرت إليها مرح... لتتساءل بشرود
- ماذا أتمنى؟؟!
- نعم... ماذا تتمنين أن تصبحي؟ طبيبة، أستاذة...
- لم أفكر في الأمر... لكني أعشق الطبخ وأتفنن فيه... أحب أن أخلق من شيء بسيط أكلة معقدة... كان الكل يمدح ما تصنعه يدايَ إلَّا..."سكتت بغصة"
- إلَّا من مرح؟
- زوجي... يقول أنني لا أصلح لشيء... "قالت بخفوت"
- ربما أنت لم تقدمي كل شيء تملكينه...
قالت لبنى ونظرة تحدي تلمع من عينيها أجبرت مرح على خفض عيونها:
- في الأيام الأولى كنت أسعى بكل طاقتي أن أرضيه... لكنني اكتشفت أنني لن أرضيه أبدا... لن أصل إلى الكمال أبدا في عيونه... كان يلاحظ التغيير الذي أحدثه في نفسي ليجعله موضوع استهزائه بي... "قالت وكأن الأمر لا يعنيها"
- هل كان وسيما؟ ما اسمه بالمناسبة؟
حاولت أن تتذكر كيف كان يبدو... وهي التي قضت معه ثلاثة أشهر من حياتها.. هل كان وسيما؟ ما اسمه؟؟! كانت تعصر دماغها من أجل أن تتذكر بدون جدوى...
- أنا لا أذكر!! "قالت بدهشة وعيونها مركزة على لبنى"
- لا تقلقي... هي حالة عادية بالنسبة لك... دماغ الإنسان يطور عدة آليات لحماية الشخص من ذكرى سيئة ومن هذه الآليات النسيان...
كانت لبنى تخبرها بعملية عن الأمر لكن عقلها كان في مكان آخر... كيف تنسى قاتلها وهي التي تبذل أضعاف قدرتها لتشفى... هي التي تضغط على نفسها لتعود أقوى... لتنتقم... ضربت رأسها... لا يمكن أن تنسى... يجب أن تتذكر... أغلقت عينيها بهدوء تحاول الغوص في ماضيها... كانت تتذكر عندما يضربها... لكن كل ما تراه يد تُرفع لتهوى عليها...
- لا تجهدي نفسك مرح... "فتحت مرح عيونها لتتابع لبنى" كل شيء سيأتي بالتدريج...
أومأت موافقة دون اقتناع بينما عقلها مازال يحاول رسم صورة لخياله...
- كيف هي علاقتك به... أعني العلاقة الحميمية
احمرت وجنتي مرح...
- ماذا تعنين؟ "قالت لترجع وتنام على جانبها وعيونها مركزة على الحائط"
- أقصد هل كنتِ راضية عنها؟
- على الرغم من أنني لا أفهم ما تقصدينه إلا أنه من العيب أن تسألي مثل هذه الأسئلة!!
رفعت رأسها قليلا تنظر إليها
- لا مرح... من الطبيعي أن أسأل عن كل ما يخص فترة قاسية من حياتك... وما أقصده... كيف كنت ترين التقارب بينكما... رفعت كتفيها بدون اهتمام لتقول:
- كواجب فرض علي يجب أن أؤديه... أتعلمين أول درس تعلمته وأنا عروس تنتظر زفتها "لا تقولي أبدا لا لزوجك"... صراخي وبكائي كان يجعله يشعر بنشوة الإنتصار... كانت توسلاتي أن يرحمني تجعله يؤذيني أكثر... إلى أن توقفت عن الشعور وتعلمت أن أفصل عقلي عن جسدي... ألا أحس أبدا... فأصبح أكثر عنفا... كان يضربني لدرجة أنني كنت أدعو ألَّا أستيقظ أبدا... أتعلمين تلك الضبابية فور الإستيقاظ المباشر من الإغماء... وذلك التساؤل عما حدث وأين أنا؟... تلك النظرة الأولى لمحيطي فور استيقاظي مباشرة من حالة الغياب اللذيذ كنت أمقتها، أكرهها لدرجة مرة حاولت فقع عيوني فقط لأنني فتحتها في مكان كنت أتمنى الخروج منه... كنت أبكي عدم موتي... وأدعو لموتي... امتنعت عن الأكل والشرب... "قالت بابتسامة حزينة" ظاناً مني أنني أنتقم منه... فقدت الكثير من وزني في شهر... أصبحث مجرد حطام امرأة... وأكره شعور أوصلني إليه هو أن أرفض قدري... كنت قاربت على الكفر... كان الشيطان يوسوس لي أنني لا أستحق ما يحدث لي... أصابني الإحباط فتوقفت عن الدعاء... لأتبعه بالصلاة... أحسست أن لا جدوى منهما... ونسيت أن الله إذا أحب عبدا ابتلاه... جعلني أغوص في أفكاري السوداء... لكن... في إحدى الليالي... شعور أيقظني... شعور بأنني أحتاج أن أحس بأني قريبة من الله وأنني بدونه لاشيء... صليت ركعتين وبكيت كما لم أبكي أبدا... دعيت لله الفرج ودعيت أكثر أن يعوضني عما فات... وفي الغد علمت أنني حامل... "كان أصبعها يمر بخفة على بطنها من فوق قماش بلوزتها الصوفية وكأنها تمررها على بشرة طفل تخشى خدشه... ابتمست من تحت دموعها"... عرفت أن الله كافأني على العودة من الضلال بأن نفخ نطفة في رحمي... أحببت جدا أن تكون بداخلي حياة... أن أحس أنني المكان الآمن الوحيد لطفلي... عرفت أن الله دائما بجانبي وأنني المقصرة في حقه... "استسلمت لبكاء خافت لتضيف" الكل يتساءل لماذا أتصرف ببرود... لأنني أعلم أن الله يخبئ لي شئيا أجمل... شيئا لم أتمناه أبدا لأنني كنت أظن استحالته...
- كيف ذلك مرح؟ "سألت لبنى باستغراب"
- منى قالت لي عن حالة حفيدتها التي تتعذب مع صعوبة حالتها... كنت أفكر... ربما ابنتي لو أتت إلى الدنيا ستتعذب بين أم ضعيفة وأب غير مسؤول... وربما لضعفي سيحدث لها ما حدث لي... أنا أعلم أنني كذلك رغم أنني غير معترفة بها وأنني مثيرة للشفقة وربما مذنبة لكن الله دائما يفعل ما في صالح العبد أليس كذلك؟
- نعم ونعم بالله... لكن لماذا تصفين نفسك بمذنبة، مثيرة للشفقة وضعيفة؟!! "سألت لبنى بفضول"
- ربما لكوني أنثى!!..
قالت بقوة وعيونها تحدق بها... أجفلت لبنى من النظرة المرتسمة في ملامح مرح... كانت نظرة تحمل الغضب... البغض وشيء لم تستطع تبينه...
********************
- لا تقلق جعفر... ابنتي ستعود إليك... فقط انتظر قليلا حتى تهدأ الأمور... خصوصا أن الطبيب يعتقد أنه بطل زمانه... واستعان بصديقه الشرطي... الذي لا يبدو أنه سهل... فشكله يكفي أن يدب الرعب في النفوس...
- ما اسم ذلك الطبيب عمي؟ "قال بابتسامة صفراء وكأنه مجرد سؤال عابر وعقله يصور خططا للتخلص من الطبيب المزعج"
- يوسف العالمي على ما أعتقد... هو من أصحاب المستشفى الذي ترقد فيه مرح... خالها اللعين هو من يدللها دائما والآن هو الذي يتكفل بجميع مصاريفها... ما يجعلني هانئ البال أن أبناءه من أصبحوا يتحكمون بثروة العائلة...
- لماذا تكرهه عمي؟
- لا أعلم... ربما لأنه دائما ما يحسسني أنني لن أصل أبدا لمرتبة أخته... "قال يقاطعه"
- عمي تعلم أن الجماعة لن تسكت حتى تتنازل مرح عن القضية وأنا سأتحمل كامل المسؤولية في ما وصلت إليه... وبالأخير هي مازالت زوجتي وسأطالب برجوعها والقانون كما تعلم بجانبي...
ظهر الخوف على محيا محمد الوفاق، وهو يتذكر لقاؤه الوحيد بأحد مغتصبي ابنته، وهو يلمح أنه استمتع جدا بصراخها ولا يمانع أبدا أن يعيد الكرة مع بناته الأخريات... فهو يعشق العذراوات أكثر...
- لا تقلق جعفر... أمهلني أسبوعا فقط وسوف أحضرها للمنزل...
- حسنا عمي... القهوة على حسابي...
نهض جعفر من أمامه وعدم توازن خطواته يدل على أن احتفاله انتهى فقط للتو...
كان ينظر إليه إلى أن اختفى بداخل زقاق مظلم... أغلق عينيه وشعور أن ذراعه مربوطة يكنفه... لا ينسى أبدا شعوره عندما وصله خبر ما حدث لابنته... شريط من أول يوم حملها إلى أن أوصلها بيديه إلى من يصونها مر عليه في جزء من الثانية... مرح أول صرخة تملأ بيته لتجبرهم على تقبل وجودها... رغم أنه تمنى أن تكون ذكرا لكن مع مرور الأيام كان لا يستطيع أن يبدأ نهاره بدون لمحة إليها... لكن موت زوجته جعل كل المشاعر في قلبه تنقلب ليس فقط على ابنته بل العالم أجمع.... الآن يعترف أنه أخطأ لكنه أين له بتلك القوة لمجابهتم؟؟ هم أقوى وذو نفوذ يعلم بقوة وبطش هؤلاء الأوغاد... وهو مجرد عبد مكلوم، أب لبنات بدون حول ولا قوة... أن يضحي بواحدة خير من أن يطال البقية نفس المصير... قال في نفسه وغصة تستحكم قلبه اتجاه التي ستكون قربانا...

بعد أن ابتعد جعفر قليلا استل هاتفه انتظر قليلا لينطق:
- يوسف العالمي...
ويغلق الخط ليتجه إلى منزله ونظرات استنكار من أهل الحارة تناله دون أن يهتم لهم...
**************
- ربما لكوني أنثى... "قالت بقوة وهي تنظر إليها نظرات غضب لتضرب صدرها بقوة" لكوني أنثى طالتني ضربات زوجة أبي... لكوني أنثى أبي حرمني من أن أكمل دراستي تحت مسمى أن الأمر لا يستحق... لكوني أنثى ذبحوني بتزوجيهم لي... لكوني أنثى أصبحت مجرد سراب... كل هذا لأنني لم أستطع أن أقول لا... كل هذا لأنني أنثى... كل هذا كان سيختلف لو كنت ذكرا...
كان قلبها يضرب بعنف وهي تتذكر أنها ليست في مأمن غدا أو بعد غد... ستخرج ومصيرها عند أبيها... كانت تنظر إلى الغرفة البيضاء، المكان الوحيد الذي أحست فيه أنها بأمان وأن لا أحد يستطيع الإقتراب منها وهي هنا... فحتى والدها منذ ذلك اليوم الذي طالب بها اختفى ولم يعد مرة ثانية... لكنه سيعود... عاجلا أو آجلا سيعود ويقتلها، أو يرميها في القبو وتأكلها الفئران... أحست بالرعب وهي تتذكر الظلام الحالك ورائحة الرطوبة ولا يسمع إلَّا خطوات رتيبة لسكان المنزل فوقها... وكل فترة والثانية تسمع همهمة في مكان ما في القبو وعقلها الصغير يصور لها تخيلات عن أشباح وحيوانات مفترسة تنتظر اللحظة المناسبة للإنقضاض عليها... مرة وحيدة عوقبت، ووضعت فيه ليوم كامل فقط لأنها دافعت عن نفسها... ومنذ ذلك اليوم، توقفت عن رد الإساءة لأنها تخشى القبو...
- أنا لا أريد العودة!!
قالت بصوت خافت سمعته لبنى التي كانت تنظر إليها... وتدرس التعابير التي كانت تتوالى على ملامحها..
- العودة إلى أين مرح؟ "سألتها بفضول"
- إلى المنزل... لا أريد أن أخرج من هنا أبدا...
رفعت ركبتيها إلى صدرها أحاطتهما بيديها لتستند عليهما برأسها...
- أنا أكره المنزل... أرجوكِ لا تدعيهم يأخذونني...
- لماذا لا تريدين مرح... عائلتك هي الوحيدة التي ستساندك في محنتك...
رفعت رأسها لتقول:
- لا!! أنت لا تفهمين!!... أبي يكرهني، خالتي تكرهني، كل من في ذلك المنزل يكرهني... كلهم بدون استثناء... أنا أشفى أليس كذلك؟ ألم تقولوا أنني إذا تحدثت فسأشفى... وأنا أتحدث لا ترجعوني إلى أبي... منى أخبرتني أنني أصبحت ابنتها وأن أناديها "ماما"... ستعود وتأخذني معها، سنعيش أنا وهي وإيمان فقط... أنا لا أريد الخروج... أرجوكم... ابتعدوا عني... لا أريييييييد... لا أريييييد!!
اقتربت منها تحاول تهدئتها:
- اهدئي مرح لن تذهبي إلى أي مكان... فقط اهدئي...
لكن مرح كانت في عالم آخر... عالم يسوده الظلام والرعب... عادت تلك الطفلة الصغيرة الشاحبة التي حملت بعنف لترمى في أسفل السلالم القليلة... أحست بظهرها يصدم بعدة صناديق كرتونية... ألم فضيع ينتشر على طوله... أُغلِق الباب ليحيطها الظلام... رمشت بعينيها عدة مرات تحاول أن تجد نقطة ضوء في العتمة السائدة... جلست تنتظر أن تعتاد عيونها الظلام أو أن تعفو عنها خالتها فبالأخير لم تفعل سوى أن دافعت عن نفسها ضد أختها صوفيا التي تحاول أن تستولي على دميتها التي صنعتها بنفسها... أغلقت عيونها لتتظاهر أنها في مكانها المعتاد في المطبخ وتغلق عيونها فقط... كانت تستمع لحفيف خطواتهم فوق رأسها ورائحة العفن والرطوبة يزكم أنفها... وأشباح قريبة من وجهها... زمت عيونها أكثر تخشى أن تفتحهما لتستقبلها كائنات الظلام...
بعد ساعتين أو أكثر سمعت الباب يفتح لتفتح عيونها على اتساعها فرحا برؤية أبيها... فأخيرا قد عاد وسيخرجها من هذا المكان المظلم العفن الذي يخنقها ويجعل رتابة التنفس مهمة صعبة... فتح الباب ليظهر جسد أبيها والضوء خلفه يعطيه هالة مرعبة... وقفت بصعوبة تنتظر أن ينزل الدرجات التي تفصل بينهما ويحملها ليخرجها من العتمة إلى النور.. لكن ملامحه لم تلن ولم يقترب منها كما تمنت... بل صاح فيها بغضب جعلها بكل هدوء ترجع إلى مكانها وتجلس بتأن وتغلق عيونها تنتظر أن يكمل صراخه ويخرج مغلقا معه الباب...
- أهذه طريقة لتشكري بها خالتك على تحملها لكِ... تعصين أوامرها وترفعين صوتك عليها... أيتها...
وضعت يديها على أذنيها تمنع اهاناته أن تتغلل إلى داخلها وتكسر شيئا من براءتها... انكمشت على نفسها وبدأت تتحرك من الأمام إلى الخلف...

كما الآن... أحست أنها تعود عشر سنوات إلى الوراء طفلة في التاسعة من عمرها محتجزة في ذلك القبو... أحست أنها لا تستطيع أن تتنفس... كلما حاولت ادخال الهواء إلى رئتيها يكون محملا برائحة العفن والرطوبة... أغلقت عينيها بسلام كأنها ستسلم روحها إلى بارئها... وكم دعت...
*********************
التفت إلى الممرضة الخاصة بمرح التي كانت تهرول للحاق به... وقف بتوجس ينتظر وصولها إليه فقد أخبرها سابقا أن تعلمه بأي شئ يحدث مع مرح...
- دكتور يوسف... المريضة مرح عادت للإنتكاس وهي تمر بأزمة عصبية حادة..
أسرع باتجاه غرفتها... كانت الطبيبة النفسية والدكتورة المسؤولة عنها تهتمان بها... مستكينة وتغلق عينيها بينما الطبيبة تحقنها بمهدئ الذي سرى في عروقها كرصاصة رحمة... اقترب منها لتفتح عينيها تنظر إليه وكأنها تجدد طلبها ألا يتركها... كان ينظر إليها تغلق عيونها بهدوء.. لتستسلم في النهاية للظلام والدمعة الأخيرة تغادر عينها... تبعها ببصره إلى أن استقرت على قماش وسادتها..
- دكتور يوسف...
أخرجته لبنى من تأمل مرح...
- نعم دكتورة لبنى..
اتجه اليها وهو يحاول أن يخرج من الدائرة التي أدخلته إليها مرح...
- هل ممكن أن نتحدث؟؟
- لنذهب إلى مكتبي... "قال ليخرج وتلحق به"
- المريضة مرح الوفاق... انتكاستها الأخيرة جاءت بعد أن عرفت إلى أي درجة ليست بمأمن بعيدا عن جدران غرفتها هنا وهذا ما سيجعل شفائها بطيئا... ربما تم الوحي لها أن مجرد الحديث يستطيع أن يخرجها من أزمتها ولا أنفي ذلك... لكن الطريقة التي تتحدث بها وكأنها غير مقتنعة بالأمر وتفعل ذلك لمجرد أن تختبر هذه النظرية... في الجلسة السابقة سألتها عن زوجها وعلاقتها به وباعتباره المسؤول الأكبر عن حالتها لم تستطع أن تتبين شكله فقد محي من عقلها... ومن الطبيعي أن تنسى الأحداث الأخيرة باعتبارها النقطة الأكثر إيلاما والتي أفاضت الكأس لكن علاج مرح يجب أن يتخد عدة مراحل... أول مرحلة علاج مرح الطفلة، فهي على ما يبدو عاشت طفولة صعبة ما جعلها ترتبط بالسيدة منى التي تجسدت لديها بالصورة التي افتقدتها في حياتها صورة الأم التي تمثل الأمان، تعتقد أن لو أن والدتها حية كانت ستكون بخير... ثم مرح المراهقة التي وضعت في زواج لم يكن يصل إلى مستوى توقعاتها كشابة بريئة رومانسية... مرح تحتاج للمواجهة، تحتاج أن تتحدث عن رغبة منها وليس لأننا فرضنا عليها ذلك... مرح تحتاج أن تعيش وسط دفء أناس يحبونها دون مقابل... تحدثت عن عائلتها، وللأسف يبدو أنهم لن يكونوا الصدر الرحب الذي سيحتويها... وأتمنى أن يتم توعيتهم إلى ضرورة وجودهم بجانبها في هذه المحنة... فالعائلة تعتبر الدعم الأول لضحايا الإغتصاب...
- وماذا تقترحين دكتورة؟
- أقترح أن يتم إخراجها من هنا لتواجه المجتمع فلن تحرز أي تقدم إن لم تواجه... وسأحدد معها أوقات معينة للجلسات على طول الأسبوع... أتمنى أن يتم اقناعها بضرورة حضور الجلسات الجماعية التي تقام في الجمعية، فهي ستفيدها كثيرا خصوصا شهادات النساء اللاتي خرجن من المحنة بشخصيات أقوى...
كانت تتحدث وعيونه مركزة على فمها وكل كلمة كانت تجعله يرتعد أكثر فخروجها من المستشفى يعني أن نفوذه كطبيب ومدير المشفى ستبثر فلن يستطيع أن يحميها وهي خارج نطاق سيطرته... فكر باقتراحها... لتلمع صورة منى وهي تحتضنها بأمومة... نعم هي الوحيدة التي ستهتم بها وتعاملها كابنتها... لكن كيف سيقنع أباها، فهو الوحيد الذي يستطيع أن يوافق أو يرفض باعتباره ولي أمرها... رجح الإختيار الثاني فمنذ فترة وهو يطالب بابنته ولن يطول الأمر حتى يعود ثانية مطالبا بإخراجها... زفر بعصبية وهو يتلمس ملامحه لا يعرف كيف سيجبره على ارسالها إلى منى...
******************
- مصطفى أقسم أنني أحس بإنهاك لدرجة أنني لا أستطيع رفع رأسي... "قال يوسف وهو يحاول فتح عيونه بصعوبة"
- إشرب قهوتك وسوف تصبح بخير... أريد أن أخبرك بشيء... "قال بجدية ما جعل يوسف يفتح عيونه وينتظر ما سوف يقوله" أنا سوف أتزوج...
وبدون مقدمة فاجأه يوسف بضحكة زلزلت المكان الذي يجلسان فيه... وكل رواد المحل ينظران إليهما:
- أيها الغبي... أسكت فضحتنا... ثم لماذا تضحك بهذه الطريقة... لا أذكر أنني قلت نكتة... "قال واحمرار طفيف يصبغ وجنتيه"
- يا إلهي مصطفى!!... لأول مرة تمنيت لو كنت امرأة لأحمل مرآة وترى وجنتيك... استرجل!!... فالرجال لا يخجلون!!
- يبدو أنك ستنزل قريبا على ركبتيك تبحث عن المتبقي من أسنانك... فأنا أحذرك!
قال بنظرة تهديد ليبتسم يوسف من محاولته لترهيبه.. ليرفع يده يحاول أن يطبطب على كتفه لكن مصطفى أسرع يبعدها عن مسار يده...
- لنعد لموضوعنا... "قال يوسف بجدية ما جعل مصطفى يعطيه كامل تركيزه" هل تحتاج للمساعدة في ليلة الدخلة؟؟... فكما تعرف فأنا خبير...
وبكل برود وضع مصطفى النقود فوق الطاولة ثم انتقل إلى كمي قميصه ليشمر عن ساعديه ويوسف ينظر إليه بابتسامة وهو يتابع ما يفعله بهدوء..
- هيا... لنخرج من هنا!!
- حسنا... "قال يوسف واتجها كل إلى سيارته"
وصلا إلى بقعة خارج المدينة ليترجلا...
- مستعد؟!
قال مصطفى وهو يلمح صديقه ينزع ساعته، يشمر عن ساعده وينزع حذاءه..
- حسنا...
ثم تواجها... كانا ندين فرغم ضخامة مصطفى وقوته الظاهرة إلَّا أن يوسف بجسده النحيل كان يناور بذكاء... مصطفى لطالما أحب فنون المصارعة حيث تمتزج آلام جسده بآلام نفسه... وتتحد لتشعره بالنشوة كأنه يقاتل من أجل الحياة... علته تستحيل لشئ ضبابي وكل ما يفكر به... كي يتفادى ضربة الخصم...

بعد نصف ساعة كانا يستلقيان على العشب الأخضر... يوسف الذي نال أكثر الضربات يسعل بشدة وهو يقول:
- أصبحت قويا أكثر مما كنت أتذكر...
ضحك مصطفى ثم أَنَّ من آلام في أحد أضلعه...
- أنت فقط من أصبح يضرب كالنساء... ربما مفعول الحزام الأسود في الفنون القتالية لم يعد ساريا...
ضربه يوسف بكوعه بجانب صدره:
- أخبرني عن زواجك... "قال بهدوء وهو ينظر الى السماء التي بدأت تصبح رمادية"
- البارحة قررت أن أتزوج جميلة... "همس ببرود"
- فتاة العصابة؟ "نطق يوسف وهو يلتفت ينظر إليه"
- لا تناديها كذلك!!.. أو أكمل ما بدأته سابقا!!
لم يهتم يوسف بتهديد ابن عمته ليكمل بجدية:
- أوَ ليست صغيرة على الزواج؟ عمرها فقط سبعة عشر أليس كذلك؟
- البارحة احتفلت بعيدها الثامن عشر... سمعتها تخبر أمي أنها تريد البقاء معها في المنزل ولا تستطيع ذلك بدون رابط شرعي.. فكرت أن أذهب للسكن في شقتي... لكن تعرف المجتمع لن يرحمها...
- وماذا عن كونها في خطر؟؟
- هناك حراس يراقبونها على مدار اليوم وسأكثف عليها الحماية الأيام القادمة لأنني سأغيب لأسبوع... في مهمة...
طال صمتهما... ينظران للسماء... ليقطع سؤال يوسف مقارنته لخيوط الشمس الحمراء التي تغرب ببطئ بشلال شعرها الناري الذي يجلده كسوط كلما لمحه...
- وفي ماذا تفكر؟
- أفكر أن أتزوجها كعقد شرعي فقط يحميها ويوفر لها البيت الذي تتمناه إلى أن أجد عائلتها...
إلتفت إليه ونظرة ماجنة تعلو محياه... وهو يقول ليغيضه:
- أنا دائما في الخدمة إن احتجت لشرح مفصل أو توضيح...
لم يستطع مصطفى أن يمنع احمرار أذنيه ووجنتيه...
- أقسم... لحد الآن أتساءل لماذا أعرفك من الأصل؟؟!!
- لا تقلق أنا أيضا أحبك أخي...
ابتسم مصطفى فدائما يوسف واضح وصريح في مشاعره.. لا يلتف ولا يلتوي يقول ما يحسه دون خجل أو تردد... سمع أنينه وهو يحاول النهوض...
- هل أنت بخير؟؟
- نعم أنا بخير... فقد احتجت لإفراغ طاقتي في شيء ما... بعد أن وضعت حدا لمغامراتي...
- نعم أنا أيضا... كنت أحس باختناق قبل قتالنا.. شكرا أخي..."قال مصطفى"
- في أي وقت... "قال بشيء من الألم وهو يستقم"
**************************
بعد أن افترق مع صديقه اتجه إلى المستشفى ليعقم جروحه... ابتسم وهو ينظر إلى نفسه في المرآة.. كدمة تزين جانب وجهه الأيسر وجرح فوق حاجبه الأيمن... خرج من السيارة بمهل والظلام يكاد يسدل ستاره... غريزته أخبرته أنه لم يعد وحده في مرآب المستشفى... التفت بسرعة بما تسمح به ضلوعه المتألمة ليجد ثلاثة ملثمين يحومون حوله... عالجه أحدهم بضربة على جانبه ليسقط إلى الأرض متألما وهو يبتسم بسخرية وهو يفكر "هل حقا كان يجب أن ألتقي بك اليوم مصطفى؟؟"... سرعان ما حمله اثنين منهما والثالث ينهال عليه بضربات أنهت ما بدأه صديقه سابقا... ضربة في ضلعه جعلته يحس وكأن برقا قد ضربه... صرخ ليكمم أحدهما فمه... وقبل أن يستسلم للظلام الذي يناديه انغرز شئ حاد بجانبه... وآخر شيء سمعه كان همهمة أحدهم قرب أذنه
- هذا لتتعلم أن لا تحشر أنفك فيما لا يعنيك!!
ليفلته ويسقط غارقا في دمائه...
********************
إنتهى الفصل 💋


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس