عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-18, 02:20 PM   #122

البارونة

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 31287
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,433
?  نُقآطِيْ » البارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond reputeالبارونة has a reputation beyond repute
افتراضي

" الفصل السادس "
:

:
رغم أن الآرض ماتت ،
رغم أن الحلم مات ، ربما ألقاك يوما !
سوف ألقاك حياة...
في زمان ميت الأنفاس ممسوخ الرفات
سوف ألقاك عبيراً بين يأس الناس
عذب الأمنيات
م.ن

:
:
ارتدى فهد ثوبه ليوصل سماء للمدرسة .. يبدو ان الصباح جعلها اكثر يقظة واقلّ هستيريا .. نظر لها بلباس المدرسة ترفع شعرها وتحمل حقيبتها على ظهرها وترتدي فوق الزي المدرسي عبائة وطرحه تضعها كالوشاح حول عنقها ..بدون ان تغطي بها رأسها .. قطب جبينه فهد محاولاً احياء الواقع المرير للصورة الخارجية لهما .. تبدو للرائي انها اخته الصغيرة .. لأنه اصغر من ان يكون ابوها .. وهي اصغر من ان تكون زوجته .. لذا ان يكون اخوها ملائم اكثر ..
حاول حمل حقيبتها كما كان يفعل فيصل دائماً .. فتراجعت بكتفها رافضة منه اي تواصل .. فتقدمها للخروج من الشقة واغلق الباب .. ليسمع الصوت الحاد ويبدو غاضب لسبب لايعلمه : قفل البيت..
ابتسم فهد وهو يفكر انه لايوجد في البيت مايدعو اي لص على سرقته .. بل قد يشفق اللص ويضع بعض مافي جيوبه على الطاولة مع رسالة قاسية للحياة التعيسة ..وقفت سماء حتى يسبقها على الدرج ففعل وسمع خطواتها خلفه .. اليوم يأتي فيصل .. واليوم ينتهي من واجبه ..اذهله تقبل سماء له هذا الصباح فقد ايقظته للذهاب للمدرسة .. وعادت ترتدي لباسها بدون ان يبدو عليها الخوف كاليومين السابقين .. ابتسم وهو يلاحظ ايضاً انها تربية فيصل .. فالعجيب انها تنظر له باستنقاص عندما فتح لها باب السيارة الامامي لتغلقه وتركب في الخلف .. شخص آخر يرى ان ثراء فهد مستمسك عليه ..
اراد ان يحدثها فقال : تاخذين معك وجبة للمدرسة ؟
هزت رأسها بلا وعادت تنظر للخارج ..
فاخرج من جيوبه ماوجد من العملة ومدها لها فنظرت له نظره لامباليه وهزت رأسها مرة اخرى رافضة وعادت لمتابعة سير الشارع المزدحم في الصباح ..
تأكد من دخولها للمدرسة وذهب للشركة لملاقاة والده ..
:
:
ضرب ابو فهد الطاولة بيده وهو يحدث جُمانة بالهاتف : اذا دخلتي فهد في الموضوع بتندمين ..!!
جمانة : انت بترميني وتبيني اسكت الف مرة قلت مابي عبدالرحمن ..يعني لاترحمون ولاتخلون رحمة الله تنزل ..
ابو فهد : قوليلي وش فيه عبدالرحمن كل بنت تتمناه ولاتقولين نفس الاسطوانة مغازلجي وراعي بنات .. لان كل الشباب كذا ..وهو غني وجنتل والاهم ولد عمك ..
جمانة بصوت باكي تعبت من دفع هذا الموضوع : ابوي الله يخليك لي ، مابيه والله مابيه ..
نزل ابو فهد عقاله من رأسه وفرك جبينه بتعب : اسمعي ياجمانة حنا محتاجين عبدالرحمن في هالمشروع وزواجك منه بيخلي المشروع ضمن نطاق العائلة .. حنا ماعندنا السيولة الكافية وانك تقولين لفهد بيقهره وبس خاصة انه شهرين ومسافر لاتخلين اجازته تتحول لحروب ومشاكل .. ولاتتوقعين اني بارميك عشان الاعمال او الفلوس انتي بنتي الوحيدة وحبيبتي لكن هذا امر معمول به في اغلب العوائل .. وعبدالرحمن كفو ويستاهلك واكيد بعد الزواج وبعد العيال بيتغير لان العزوبي يابوك يحتاج .. يحتاج اشياء يستغني عنها بمجرد مايتزوج ..
شعرت جمانة بالاحباط والاختناق والقرف والمُحاصرة فتمتنت تنهي المكالمة .. قدرها عبدالرحمن ولم يكن احد معها صريح مثل والدها الآن ..
:
:

دخل فهد على والدهـ في المكتب بعد ان قابل حفاوه كبيرة من السكرتارية والموظفين في شركة والده .. وجد ان والده يضع يده على رأسه : عسى ماشرّ !؟
رفع ابو فهد نظره لفهد وتلقى سلامه وقبلة الرأس بهدوء ثم قال : العمل متعب وانا وحيد
فهد ؛ انت توك شباب
ابو فهد : اسمع يافهد ابيك على الاقل تهتم بمشروع فيلديز حتى لو من بعيد عشان اول ماترجع تمسك الشغل
فهد ؛ انت من جهه وامي من جهه
ليقاطعه والده : وانت جيت من هنا واختفيت ٣ ايام من هنا ونايم برا البيت ..
وقف فهد عند سماعه الخطاب الذي اعتاد عليه في اليومين الماضية : باكون في البيت الليلة ان شاء الله ..
وعاد لشقة فيصل قطع الطريق بأمل ان يجد الباب الذي اصرّت سماء على اقفاله مفتوح والشقة الخالية ممتلئة بصاحبها ..لتعود الأمور لنصابها .. لايريد الانشغال بسماء ولا بأعمال العائلة .. يريد فقط ان يواصل دراسته ويحقق مايريد قبل العودة لحظيرة العائلة .. اوقف سيارته ونزل مسرعاً وعند دخوله لمدخل العمارة لاحظ اثنان من العسكر ينزلان الدرج .. قطب جبينه وشعر ان الامر يخص فيصل .. رغم ان العمارة بها على الاقل ست شقق ..!!
:
:
انا تاركة الجامعة عشان ارتاح اليوم ..!!
ام فهد ( سارة ) : ممتاز وانا وش قلت عشان افسد راحتك .. كل الي قلته لازم تعملين حسابك عشان تقابلين عبدالرحمن اليوم وتتفاهمون على الزواج ..!
جمانة ببرود : اذا العريس ماخترته تتوقعون اهتم اذا ماخترت القاعة او منسقة الحفل او لون الورد ..
سارة بتفهم ؛ جمانة حبيبتي اغلب البنات يتزوجون زواجه تقليديه اذا ماكان تسعين بالمية منهم ..
جمانة بذات البرود والجهاز المحمول في حضنها تتصفحه بإهمال : انا ماتزوجت زواجه تقليديه انا تزوجت شخص انبح صوتي وانا اقول مابيه بس من يهتم ؟؟
:
:
ركب فهد سيارته عند خروجه من مركز الشرطة وضع رأسه على المقود ويديه الاثنتين حول جسده بألم .. كم الاسئلة والحقائق التي تلقاها بالداخل تجعل جبلاً ينهار حتى يتساوى مع الارض .. فيصل مات .. فيصل مروج مخدرات .. فيصل ترك سماء له .. فيصل مات .. فيصل مات .. فيصل مات .. لدرجة ان التعرف على وجهه المتورم المليء بالكدمات لايقلّ عن الموت ألماً .. فيصل مات .. تحجرت عيناه وذاب قلبه لم يستطيع البكاء .. كمية من الحنق والغضب زالت بمجرد ان سمع فيصل مات .. احساس عارم بالذنب بمجرد ان سمع ان فيصل مروج مخدرات .. لقد شك به لكن لم يتبع شكه .. لو انه اصرّ لمعرفة مشواره الغامض لو انه فقط تحقق اكثر ..لم يكن فيصل ليلقي بسماء في احضان اي احد سوى اذا كان في رحلة ذهاب لايعلم اذا كان سيعود منها ام لا .. فيصل مات .. وبمجرد ان تذكر سماء وليلتها البارحه تفجرت براكين دموعه لتحرق وجهه .. بدأ يهتز بشده .. من البكاء .. كيف يخبر سماء !؟ واين يرحل بسماء ..؟
:
:
سماء عبدالله الفيصل ..
بمجرد سماع اسمها من ادارية المدرسة حتى وقفت في الفصل ..
القت عليها الادارية نظرة طويلة ثم قالت : جمعي كتبك واغراضك والبسي عباتك وتعالي للإدارة ..
جمعت كتبها بسرعة وارتدت عبائتها ووضعت الطرحه حول عنقها كالإيشارب .. وتبعت المعلمة حتى وقفت عند الادارة ..
المساعدة : يالله حبيبتي فيه اذن خروج لك من ولي أمرك ..
ابتسمت سماء في حبور وحاولت اخفاء ابتسامتها .. لكن قلبها الفَرّح كاد ان يطير بين جوانب ضلوعها .. لقد عاد عمها .. وهو من اخذ اذن الخروج لها رغم ان اليوم الدراسي على نهايته .. لقد عاد .. خرجت تمشي في الباحة الخارجية متوجهه للبوابة الرئيسية تنتظر الحارس ان يفتح لها .. وتنظر بخلسه للمعلمتين التين استعدتا للمناوبة تجلسان وتنظران لها بشفقه .. عقدت حاجبها وتراجعت حتى التصقت بالباب تنتظر ان يفتح لها الحارس لاتحب تحديق الاخرين بها .. لكن سماع اسمها جعلها ترخي مسامعها .. لتسمع احداهن تقول : ايه مسكينة تقول نورة ان عمها متوفي وجايين ياخذونها ..
الاخرى : ياقلبي .. هذي الي ساكنه مع عمها وابوها مات يوم انها خامس ..
وقفت سماء تنظر بتمالك شديد للنفس للباب المُغلق .. لن تطفيء فرحتها ثرثرة معلمات .. سيُفتح هذا الباب حالاً .. وسترى عمها الاسمر النحيل بقامته المُحببه .. يلف الشماغ حول وجهه كعادته ويبتسم لها .. ليأخذ حقيبتها منها ويضع يده في يدها...
صوت فتح الباب اعادها للنظر للأمام بتركيز .. كان ضوء الشمس يدخل مع الباب المفتوح .. لكن بمجرد ان فُتح بالكامل ورأت فهد يقف ورأسه منحني وهو يعض سبابته ومتكيء على الجدار حتى عرفت ان ماسمعته صحيح .. وانها لن تصدقه ولن تعيشه ولن يأخذ منها الموت آخر اهلها ابداً ..لذا صرخت بقوه وركضت تهرب .. لاتعلم إلى اين .. لكنها تركض هاربه متجاوزة السيارات ..كانت تسمع فهد يناديها .. ويركض خلفها .. رمت حقيبتها عندما شعرت انها تثقل كاهلها المُثقل اصلاً .. ركضت ليخف الطنين في رأسها .. والثقل في قلبها .. والنار في صدرها .. ركضت وهي تشعر ان كلمة مات تتمزق بفعل الهواء الذي يتلاعب بسرعه بشعرها ورأسها وتطير .... هربت من الموت وهي تسمع صراخها وندائها لعمها .. تارة تناديه بعمي وتارة تناديه بفيصل .. لكنه كان لها اكثر اكثر من ذلك .. لقد شعرت ان الظلام يتبعها .. حتى امسك بها ..
امسك بها فهد بصعوبة .. كان يركض خلفها وندائها لفيصل يُمزق قلبه .. كان يركض خلفها وهو يريد بشده ان يركض مثلها لكن في الإتجاه المعاكس .. ان يهرب منها ومن يقينها الذي جعلها تعلم فور ان رأته ان لاعم لها بعد اليوم .. وان يهرب من حقيقة ان فيصل .. مات ..!!
:
:

حمل فهد سماء بصعوبة رغم انها خفيفة الوزن لكنها كانت تصرخ وترفس حتى ركبها معه سيارته ثم دار راكضاً ليركب هو الآخر .. جلس وتنفس بينما سماء تغطي وجهها بيديها وتبكي .. كان امر صعب ان لايبكي معها .. في الواقع بكى معها حتى انه رفع ذراعه اكثر من مرة ليمسح عينيها بكم ثوبه .. هي فقدت عمها للتو .. ترتدي مريولاً كاروهات وقميصاً ابيضاً واضحه اطرافه من كم عبائتها الصغيرة عليها وحذا رياضي رث جداً وشنطة رثة تكاد تتمزق احضرها الحارس راكضاً للسيارة .. شعرها المهمل وجهها الباكي .. مظهرها البائس .. دموعها ..!! مع ذلك هي زوجته .. هذه الطفلة المنتحبة ..زوجته ..!!
:
:

وقف عبدالرحمن بأدب مصطنع عندما نزلت جُمانة .. وتقدمت وهي تنظر له بينما رفع حاجبه لها وعلت شفتيه ابتسامة ساخرة .. كان نظرهم لبعض كتقييم هو اسمر وسيم جداً بعيون ناعسه تعطيه مظهر حنون لايمت لشخصيته بصله .. كان يشبه اخوها فهد لكن فهد اصغر سناً .. واطول قامة قليلاً .. واكثر انسانية .. بينما عبدالرحمن .. يرى فتاة قصيرة ذات شعر قصير وملامح عاديه ناعمة .. اذ ان حظ ابناء العائلة بالجمال والوسامة اكبر من حظ فتياتها .. قطع حرب العيون صوت سارة : اهلاً جوجو تعالي حبيبتي وسلمي على عبدالرحمن ..
تركت يد جمانة الدرابزين وتقدمت : السلام عليكم ..
ابتسم عبدالرحمن ومد يده ليتلقى يدها الممدودة : وعليكم السلام ..اهلاً بالعروسة .. سحبت يدها من يده بعد ان بدأ يحرك ابهامه بتمهل وحسيه على كفها ..
جلست جمانة ووضعت رجل على رجل وقالت : ابغى زواج عائلي مقتصر على العائلة فقط ..
شهقت سارة : طبعاً لا مستحيل اسمح لبنتي الوحيده تسوي زواج مختصر ..
رفعت جمانة حاجبيها لوالدتها بتعجب .. وكأنها تقول (لكن عادي تجبرينها على الزواج )
عبدالرحمن : السبب ؟
جمانة ؛ ماودي زواجي يمتلي بالبنات المكسورة قلوبهن ..
ضحك عبدالرحمن بقوة وتسلية : جمانة تصوريني دنجوان الي يسمعك بيصدق ..
بينما ابتسمت سارة : جمانة موب وقت غيرتك بعدين خلاص انتي فزتي بقلب عبدالرحمن ..
عبدالرحمن : فيه مكان معين تبين الحفلة فيه ..
او يوم معين ..
جمانة بسخرية : ايه ابغاه في يوم الفالانتاين .
عبدالرحمن بتساؤل : شيء ثاني ؟
جمانة : لا
وقف برشاقة ؛ اذن اتفقنا زواج كبير في قاعة كبيرة يوم ١٤ والدعوة عامه ..
عند خروجه التفتت سارة على جمانة ؛ خلي اسلوبك ناشف كذا وطيري الرجال ..
جمانة : والله هذا اسلوبي .. مو عاجبه يروح ..
سارة : جمانة !!


:
:
كان فهد وسماء في غرفتها هي تبكي بحرقه بينما فهد لايعرف كيف يواسيها .. كيف يواسي شخص انهارت ركيزة حياته فجأة .. كان في نفس الوقت يحدد خياراته مع سماء .. لقد طلب منه فيصل اذ لم يرجع ان يحمل الامانة حتى تتخرج من الجامعة وبعد ذلك يطلقها ويجعلها تواجه مصيرها ..ستتخرج تقريباً بعد 8 سنوات اكثر او اقل لايعلم .. كانت كتفاها نحيلة جداً وضعيفة جداً ومعصمها الذي ترفعه لتغطي وجهها بيده نحيل لدرجة ان قبضة قد تكسره كسر مضاعف .. كانت ضعيفة ولايعتقد فهد انها ستعتمد على نفسها في يوم من الأيام : سماء
رفعت نظرها له بين الدموع ..
فهد : تعرفون احد من الجيران .. او لكم معارف .. او يجيكم احد
هزت رأسها بلا ..
وقف وتفحص الغرفة .. وفكر ان لا احد سيأتي للتعزية في فيصل لان لااصدقاء له لذا سيأخذ سماء من هنا والتفت لها : جهزي اغراضك بنروح
سماء فتحت عينيها بقوه : وين ؟
فهد : بتروحين معي ..
سماء : لا
فهد : بتقعدين هنا لحالك ؟
سماء : ايه
ابتسم فهد يبدو ان الهشاشة التي تبدو عليها ليست حقيقية وهي اصلب من ذلك او تدعي الصلابة : اسمعي صعب تقعدين هنا لحالك .. انتي صغيرة وانا خايف عليك ..
سماء بدموع : اخاف عمي مامات ويرجع هنا مايلقاني ..
مرة اخرى اكتشف فهد انها هشة اكثر مما تبدو لذا جلس الى جانبها وامسك بكتفيها : سماء عمك الله يرحمه .. وهو وصاني عليك .. انا باخذك عند جدتي .. بيتها مريح جداً وهي حنونة .. تقدرين تعيشين معها وتدرسين عندها .. ( وليشتت انتباهها ) صح لازم تكملين دراستك وتنتبهين لها ؟
هزت رأسها سماء موافقة ..
فقام فهد ؛ يالله اجمعي اغراضك الي تبينها ..

" بعض خيارات الناس في الواقع ليست خياراً هي اجبار للمضي في المنعطف الوحيد المتاح "
:
:
كان انتظار فهد من اصعب اللحظات دائماً هو الوحيد الذي يزورها باستمرار .. لم يحمل قسوة عبدالكريم او عبدالرحمن .. ولم يهملها مثل ابناء حفيدها المتوفي .. بل شعرت معه انها مهمة .. لكن الان ولأول مره تنتظر وصوله برعب مما يحمل خاصة بعد ان اخبرها ان تطلب من الخادمة تجهيز غرفة لفتاة معه .. لقد قال لها لاتسألين فقط اريد ان اضعها في ايدي امينة حتى اعرف ماافعل معها .. هل هي فتاة غلط فهد معها .. هل هي فتاة احبها وهربت معه .. هل هي فتاة وجدها واراد مساعدتها .. كانت جداً متوترة تشد بيديها الاثنتين على رأس العصا التي تتكيء عليها .. الاصوات القادمة من مدخل بيتها الصغير والمريح جعلها تتقدم لهم في نفاذ صبر : هلا هلا يمه
كان فهد منهك جداً وحزين جداً قبل رأس جدته .. وهي تنظر خلفه للفتاة المعنية ليسحب يده التي تمسك بيد فتاة صغيرة باكيه وحزينة هي الأخرى وتبدو في حالة مزرية تحمل معها كيس وشنطة مدرسية ..
حدقت بها الجدة ثم رفعت نظرها لفهد : من هذي ..؟
ولان فهد رأى تراجع سماء وتوترها من خلال يدها التي يشد عليها : هذي سماء .. كلمتك عنها ..
الجدة : طيب يا ميشيل ..! ميشيل ..!
نعم ماما
الجدة : خذي سماء خليها ترتاح وتغسل وجهها
وعادت بانتباهها لفهد : هه وش سالفتها هذي بعد ؟
فهد : تذكرين فيصل صديقي القديم .. هذي بنت اخوه الي قلت لك عنها الحين هو مات الله يغفر له ..
الجدة : وين خوالها اهل امها .. اهل ابوها ..؟
فهد : مالهم احد ، ابداً .. انا اقرب شخص لها ..
الجدة : كم بتقعد هنا طيب
فهد : كم تقدرين تتحملينها ..
الجدة بجفاء : انت تعرف طبعي ماتحمل احد معي ..
فهد : اذن تحمليها لين اسافر بس وباخذها معي ..
الجدة : شلون تاخذها ؟؟ شلون بتسافر معك بأي صفة !!!
فهد : بصفتها زوجتي واخرج عقد الزواج من جيبة ؛ انا مملك عليها قبل وفاة عمها ..
صدمت الجدة والتفتت ناحية الغرفة التي تسكنها الفتاة ..!!! ثم عادت لفهد لتقول : وش ورطت نفسك فيه ؟؟؟
:
:
خرج من عند جدته متوجهاً للصلاة على فيصل .. لم يستطيع ان يمر سماء قبل ذهابه لكن وصى جدته بها خيراً .. ثم سيذهب لعائلته ..
" الموت حصير الواقع وهو الحقيقة الواحدة .. التي يصعب تصديقها .. والرعب الذي لامهرب منه .. "
دخل الفيلا وواحهته والدته : فهد بسم الله وش فيك ..؟
كان متعب جداً : فيصل مات ..
سارة ؛ انا لله وانا اليه راجعون .. الله يرحمه ( والتفتت لزوجها )
الذي قال : انت متواصل مع فيصل ؟
ضحك فهد بسخرية : لا ماعاد فيه تواصل وصعد لغرفته ..
؛
:

جلست سماء في طرف الغرفة المؤثثة بشكل جميل .. كان اثاثها بني غامق. سرير ومكتب وتسريحة وجدران مزينة بنقوش كانت واسعه نسبة للشقة التي تسكنها وضيقة نسبة للضيق الذي يسكنها .. كانت سماء تجلس على اريكة لاتستطيع الاسترخاء ولاتستطيع البكاء براحة لقد اخبرها فهد ان هذا المنزل لجدته وانها حنونة لكن ماان خرج حتى وقفت السيدة العجوز تنظر لها بحدة عاقده حاجبيها وتحدق بها وسماء تكره ذلك صمتت من البكاء من تحديق السيدة التي وقفت بالباب ثم قالت : انتي بنت كبيرة الحين الموت حق وكلنا بنموت امسحي دموعك وارتاحي .. ثم عادت لتقول : واذا جاء فهد لاتطلعين له ..
" نقطة . . ذرة .. اشعر نفسي لاشيء .. كنت بنت اخ فيصل وفيصل رحل انا الآن لاشيء .. كل مااريد ان اصرخ اصرخ اصرخ حتى احرق العالم بصراخي .. او ابكي .. ابكي .. ابكي .. حتى اُغرق العالم ببكائي .. "
:
:
استيقظ فهد من النوم يشعر بصداع لكن بمجرد ان تذكر انه ترك سماء في مكان جديد وحيدة قفز بسرعة وارتدى ثيابه .. وركض مع الدرج محاولاً تجاوز والداه واسئلتهم ..ركب سيارته وتوجه لمنزل جدته .. طالما شعر بالراحة في منزلها الصغير لقد خرجت من منزلهم غاضبة ذات يوم من والدته لم تتفق معها ابداً ولم تحبها ابداً واعتبرت جدته ان عدم الاخذ برأيها في كل كبيرة وصغيرة استنقاص منها وعادت ادراجها لمنزلها القديم ..
دخل المنزل لجلسة جدته الخاصة : سلام ..
جدته بفرح لقدومه : ماشاء الله زرتني اليوم مرتين ..
فهد : رحت ونمت وجيت اتطمن على سماء ..
جدته : وش خلاك تتزوج بنت كبرها وش حدك ؟
فهد بهدوء : الحين عرفت اني سويت صح ..البنت وحيدة ويتيمة ..
ووقف للذهاب لسماء .. التي وجدها تجلس بأدب على الاريكة كأنها في فصل ..كانت وجنتيها مبلله
جلس الى جانبها واخذ يدها الصغيرة : كيفك الحين ؟
سماء ؛ الحمدلله ..
فهد : مرتاحة ..
سماء : ايه
فهد : اكيد
رفعت نظرها له : خايفة بس
ابتسم يطمئنها : مافيه شيء تخافين منه .. جدتي صح تحسين انها قاسية بس تراها حنونة .. هي كذا صلبه .. وانا باعطيك رقمي حطيه معك لو احتجتيني اي وقت .. اتصلي واكون عندك .. فيه تيلفون هنا في الصالة وبكره ان شاء الله بانقلك مدرسة جديدة قريبة .. وبتتعرفين على صديقات جديدات .. وبترتاحين ان شاء الله ..
الكلام سهل .. كان هذا اول ماتبادر لذهن سماء .. الكلام سهل جداً ..
:
:

بينما فهد في غرفة سماء كانت جدته تدرس قرار جديد ستتخذه حتى لو خالف رغبتها وحبها للهدوء والسكون لن تجعل هذه الفتاة تذهب مع فهد لأي مكان لان شفقته عليها ستعرقل حياته وقد تتعثرطموحاته واحلامه .. لذا ستقبل بوجودها هنا حتى يعيش فهد حياته ..
:
:

لماذا أراك وملء عيوني دموع الوداع؟ لماذا أراك وقد صرت شيئا بعيدا.. بعيدا.. توارى.. وضاع؟
م.ن
:
قراءة ممتعة




البارونة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس