عرض مشاركة واحدة
قديم 06-03-18, 09:01 PM   #1908

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي 3

بيت العطار ... غرفة رقية



ما زالت بالملابس التي ارتدتها منذ الصباح .. لم تغيرها ولم تتناول طعام الغداء رغم الحاح والدتها الشديد .. تقفل باب غرفتها بالمفتاح وتجلس على كرسيها خلف منضدة الدراسة وعيناها متحجرتان على الاوراق والكتب امامها وداخلها يغلي برغبة (دموية) للانتقام منه .. لقد كانت عاجزة عن التركيز بدراسة المادة التي ستمتحن فيها غدا .. وكلما حاولت بكل طاقتها نسيان ما حصل تهاجمها ضحكاته الساخرة المقيته ونظراته الساخرة المستصغرة ...

قبضتها تتوتر في ارتعاش وهي تتذكر كل ما حصل اليوم .. تكاد انفاسها تتقطع من شدة الغضب المتأجج داخلها ..

لا يعقل حظها العاثر يجعلها مكشوفة امام انسان غريب كريه مرتين خلال اقل من اربع وعشرين ساعة ...

كلما استعادت الحوار الذي تبادلته مع الاحمق حارث فتدرك اكثر حجم ما علمه عنها ذاك المتغطرس الوقح رعد ...

" كريه كريه كريه " لم تفتأ تكرر نفس الكلمة .. مرة بعد اخرى تغذي نارها تغذي حقدها الرهيب عليه ...

لم تعد تحتمل البقاء هنا محبوسة بين جدرانها الاربعة .. ليست رقية العطار من تختبئ كجبانة ..

وقفت على قدميها بحركة حادة وهي تدفع كرسيها للخلف .. ستذهب لترى رباب .. وستعرف الى اي مدى قرر رعد ان يكون حقيراً معها ... فإن كان قد أوصل الكلام لعبد الرحمن فمؤكد لن يخفيه عن رباب ..

تحركت خطوتين باتجاه باب الغرفة عندما اوقفت خطواتها لتغيرها يمينا باتجاه خزانة الملابس .. سترتدي الفستان الاصفر الصيفي .. يليق بها كثيرا ويجعلها تبدو منتعشة وشقية لامبالية .. بالضبط كما تحتاج ان تشعر اللحظة !



بعد نصف ساعة في جناح عبد الرحمن ورباب



ناولت اختها كوب الشاي وهي تنظر نحوها بارتياب لتسألها وهي تجلس على كرسي المطبخ المجاور لكرسيها قائلة دون مقدمات

" ماذا هناك يا رقية ؟"

أرخت رقية اهدابها وهي ترتشف من الكوب بمزاج رائق (ظاهرياً) ثم تقول بسلاسة

" ماذا رباب ؟! ماذا جرى لك ؟! اردت فقط ان ازروك في (بيت الزوجية) واشرب الشاي معك ومؤكد لاستريح قليلا من عناء الدراسة .."

ضيقت رباب عينيها وهي تقول بهدوء " ليست طبيعتك يا كل الرقة .. "

أتقنت رقية ابداء تضجرها وهي تتأفف ثم تقول بملل " ارجوك رباب كفي عن محاولاتك الدائمة لتحليلي والخوف علي والقلق من اي تصرف افعله .."

ثم وضعت الكوب على الطاولة القريبة وهي تلتفت ناحية باب المطبخ لتتساءل وهي تتصنع العفوية في السؤال

" اين عبد الرحمن ؟ ألقى السلام واختفى .."

ردت رباب وهي ما زالت تستغرب اختها بحدس عجيب

" يغير ملابسه ليخرج مع صديقه رعد .."

نبضت عينا رقية وهي ترفع حاجبا واحدا وتقول باستخفاف مدروس

" اممم .. رعد هذا المخيف بحاجبيه المستقيمين.. اليس هو صديقه القادم من كندا ؟"

عقدت رباب حاجبيها تتساءل بعدم ارتياح

" هل التقيتِ به ؟! متى وكيف ؟! "

تتفرس فيها رقية وهي تسألها بتركيز تام

" ألم يخبرك عبد الرحمن عن لقائنا ليلة الامس ؟"

في البداية عبست رباب وهي تجيب فوريا

" لا .. لم يخبرني شيئا ؟ البارحة عاد بوقت متأخر و .. و ... كنت .. نائمة ..."

يحمر خدا رباب رغما عنها وهي تتذكر ليلة الامس لتتشاغل بالوقوف وهي تمد يدها لاخذ كوب رقية الفارغ ثم تتحرك ناحية الحوض وتضعه فيه بينما تضحك رقية بخفوت وهي تهمس لها بتسلية

" من الواضح انكِ كنتِ ... نائمة .. وقضيتها (نائمة) ايضا يا عروس ..."

التفتت اليها رباب بوجهها المتضرج بالحمرة القانية لتهدر فيها " رقية !"

رنت ضحكة رقية المشاغبة بينما تكز رباب على اسنانها لتقول رقية بجرأة وعيناها تلمعان

" لا اصدق بعد اسبوعين وما زلت .. تخجلين هكذا ! "

سيطرت رباب على انفعالاتها واخذت تحدق في اختها للحظة قبل ان تعيد تركيزها للـ(سؤال) الذي ضاع بين طيات شقاوة رقية ..

فتسألها وهي تعاود الاقتراب منها

" لم تخبريني كيف تعرفتِ على رعد ؟ انا نفسي لم أره حتى اللحظة ! "

بدهاء اعطت رقية تعابير عادية وهي تهز كتفيها وتقول " لا شيء .. خرجت اخر الليل لاستشنق الهواء فأجفلني ذاك الظريف ! "

توترت رباب وارتفع داخلها حس الحمائية ناحية اختها وهي تتساءل " أجفلك ؟!"

تتسلى بل وتفرح رقية داخلها لـ(حس الحمائية) هذا من رباب فيعجبها ان تتمادى قليلا لترد عليها بالقول

" أجل اجفلني .. اطلق صوتاً مفاجئا وهو مختبئ في الظلمة .."

هذه المرة ابدت رباب صدمة وهي تتساءل بتوهان " اي ظلمة ؟! انا لا افهم .. لقد جاء بعد منتصف الليل فكيف رآك في هذا الوقت المتأخر ؟ اخبريني رقية اين كنتِ ليلة الامس ؟"

شعرت رقية ان الموضوع بدأ يخرج من سيطرتها وترى في عيني رباب شكوكاً فيها نابعة عن تلك التجربة السخيفة مع حارث ..

اخذت تشتم حارث مرة جديدة لكل ما تعانيه اليوم من ضغط وحوارات لا تسير وفق ما تشتهيه ...

تنهدت رقية وهي ترد بملل حقيقي ليس من اختها وانما من القصة بأكملها

" رباب ارجوكِ لا تبدأي تحقيقاتك .."

تكتفت رباب امامها وعلامات التصميم على وجهها فقررت رقية اخبارها بجزء من الحقيقة.. جزء صغير فقط تبني عليه اساس قصتها التي تريدها ..

التمعت عينا رقية بالدهاء لتقول بنبرة صدق وهي تستحضر صورة والدها العطار

" ببساطة تذكرت والدي بالامس فخرجت لأقف بباب بيتنا في الظلام افكر فيه .. واتذكر ما كنا نقوم به.. يوم زكريا .."

رغما عنها ارتعش صوتها مع اخر كلمتين وشعرت بغصة خانقة ..

عليها ان تعترف بأن صورة وجه والدها بدأت تتضبب في مخيلتها .. بدأت الملامح تطمس في الذكريات ..

كصورة قديمة باهته مرت عليها سنوات كثيرة طويلة حتى باتت مصفرة ..

تعلم ان ذاك الوجه في تلك الصورة الذهنية الباهتة هو وجه والدها لكن ملامحه وتفاصيله غير واضحة على الاطلاق ...

شعور كريه يصيبها حتى بالغضب احياناً عندما تعاند نفسها لتجبرها على تذكر تلك التفاصيل لكنها تعجز ..

وكلما مرت سنة جديدة ذابت الملامح اكثر واكثر وطمست في اعماق منسية من الذاكرة..

ابتلعت ريقها وهي تدير وجهها جانباً تحاول السيطرة على انفعالها الآني هذا ...

شعرت بقبلة رباب تحط على خدها في مواساة رقيقة تمس القلب وهي تهمس لها

" رحمه الله .. انا سعيدة لانك تتذكرينه وتستذكرين ما كان يفعله معنا .. "

شعرت رقية بالغضب دون ان تفهم مصدره ..

فقط احساس غريب انها لا تريد ان تشعر هكذا .. ان .. ان تفتقد اباها بطريقة مؤلمة كهذه يجعلها .. ضعيفة !

وهي تكره الضعف .. تكرهه .. تمقته ...

هبت لتقف على قدميها وهي تقول بحنق تصبه فوق رأس ذاك الحقير الوقح الذي جعل يومها كله سيئا ...

قالت بانفعال وهي تقف قبالة رباب

" وقد افسد ذاك التافه الظريف ذكرياتي .. كان يقف في الجهة المقابلة ينتظر عبد الرحمن كما يبدو تخفيه الظلمة فلم أتنبه لوجوده ... "

ارتفع حاجبا رباب لانفعال اختها واصبحت غير قادرة على ملاحقة تعابيرها المتغيرة لتسألها بشكل مباشر قلق " هل تحرش بك ؟!"

عبست رقية وزاد حنقها وشيء ما نغزها في صدرها .. انها الغيرة على انوثتها ... تعرفها بوجهها البشع .. تغار لانه لم يفعل !

الواقع هو فعل .. لكن ليس معها .. بل مع تلك الطويلة التي تجيد لعب دور المسكينة المكسورة !

تكاد لا تطيق فكرة انه رآها بملابسها البيتية البسيطة وشعرها المرفوع بلا اهتمام والافدح انها كانت حافية ! رباه حافية !!

ليضحك منها ويستهزئ بها ويناديها (دمية) ..

ضيق بارد كرهته سيطر عليها وهي تتذكر ما حصل اليوم ايضا وسبب مجيئها لرباب حتى تجس النبض ..

استعادت هدوءها بسيطرة من حديد ثم قالت باسلوبها المتدلل المتصنع

" لا لم يتحرش .. اوووف .. الموضوع سخيف يا رباب فلا تعطيه اهمية .. مجرد موقف سخيف من شخص يظن نفسه خفيف الظل .."

لتفاجئها رباب بالقول الغامض وهي تحملق في وجهها " غريب ان تهتمي له ويزعجك لهذا الحد ..! ماذا هناك يا رقية ؟! "

ردت رقية بنفس الاسلوب " لم يزعجني قلت لك .. انت ماذا يجري معك ؟ ألن تكفي عن تقمص شخصية (المرتابة الى الابد) ؟ "


كانت رباب سترد عليه عندما سمعت بابا يفتح فعلمت ان عبد الرحمن خرج من الغرفة ليظهر خلال ثوان قرب باب المطبخ بابتسامة لطيفة (متصنعة بعض الشيء) وهو يقول

" رباب .. انا سأخرج .. رعد جاء وينتظرني تحت .. لا تنسي انه سيتعشى معنا الليلة "

اقتربت رباب منه وهي تسأل " هل ستتأخران ؟ متى يفترض ان اتوقعكما للعشاء ؟ "

ابتسامته تغيرت واصبحت تخصها وحدها وهو ينظر اليها بفرح طفل شقي ..

لولا وجود اختها المزعجة هنا لكان قبّل الشفتين ثم الوجنتين وينهل من العينين ليعود ويغازل بشفتيه الشامة المستفزة اسفل فمها... كل هذا فقط لان حبيبته وفتاته اخيرا هنا.. تسأل عن موعد العشاء ..!

نحى بعيدا افكاره المحمومة ليرد على سؤالها وتلك الابتسامة ما زالت عالقة على فمه

" لا اعرف .. سنبحث له عن شقة مناسبة للسكن وربما نأخذ بضع ساعات .. سأتصل بك لاعلمك لاحقا .."

هزت رباب رأسها بينما تعود ابتسامة عبد الرحمن الى تصنع اللطف وهو يلتفت لرقية ليجاملها بالقول " أنرتِ بيتنا الصغير رقية.."

ردت رقية بابتسامة متكلفة هي الاخرى

" شكرا يا عبد الرحمن .."

خرجت نبرتها مستفزة ببرود مما جعل عبد الرحمن ينظر اليها لبضع ثوانِ ببرود مماثل قبل ان يلتفت لزوجته ويقول برقة

" اراك مساء ... لا تتعبي نفسك باعداد عشاء دسم .. فقط بضعة اكلات خفيفة.."

ثم رفع يده ناظرا لساعته وهو يستدير ليخطو مغادرا ورباب تودعه بارتباك وهي تفكر (ماذا يجب ان تطبخ كعشاء خفيف ؟!)..

بينما تسمع رقية باب الجناح يفتح ويغلق تنسفت الصعداء .. راحة نسبية سرت في جسدها ..

رغم ابتسامة عبدالرحمن السخيفة المتكلفة الا انه لا يعرف ...

لا يعرف بما حصل اليوم ...

عبد الرحمن عصبي ومتشدد بعض الشيء ولن يسكت دون ان يفتعل ازمة ان علم بموضوع حارث ...

جاءها صوت اختها رباب قائلة

" كنت سأدعوك للعشاء معنا لولا ان وجود رعد قد يزعجك .."

شمخت رقية وهي تقول بغرور لاختها

" ومن رعد هذا ليزعجني .. كثير عليه لحظتين ثلاث من وقتي لانزعج بسببه .. "

ما زالت رباب تنظر اليها نظرات مستفهمة فتتحرك رقية وهي تقول " انا ايضا يجب أن أغادر الآن .. يجب ان أعود لاركز في دراستي.. امتحاني غدا ليس باليسير .."

رافقتها رباب حتى باب الجناح لكن رقية منعتها ان ترافقها حتى الطابق السفلي ..


وانصاعت رباب لرغبة رقية وفكرها يرتبك من جديد بسبب عشاء اليوم ..


لقد كانت قد أعدت قائمة باصناف طعام محددة وتسوقت كل ما يلزمها عندما عادت من عملها عصر اليوم ...

لكن عبد الرحمن يقول فقط (اكلات خفيفة) !

هرولت تبحث عن هاتفها في المطبخ فلم تجده فعادت لغرفة المعيشة تبحث حتى وجدته هناك مربوط على الشاحن ... رفعته وهي تتصل باسيا لتنقذها ببعض (الافكار) ...

بعد دقائق كانت رباب قد استعادت ثقتها بنفسها واسيا تنصحها بما ينفع كوجبات خفيفة من (كباب مقلي) و(عروق موصلية) مع سلطة خضار وبعض المخلل من الشوندر الاحمر ستأخذه من برطمان والدتها ...


على الجهة الاخرى كانت اسيا تضحك وهي تغلق الخط بينما رضا يجلس مسترخيا على الارض يراقبها بجذل وابتسامة ناعسة على شفتيه..ثم تسرح عيناه لبطنها فيشتاق اكثر واكثر للقادم من رحمها وكأنه طفله الاول...




يتبع ......


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس