عرض مشاركة واحدة
قديم 28-03-18, 09:22 PM   #3543

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

الفصل الخامس


رفعت عينيها ... لتلتقيا على الفور بعينيه وهو ينظر إليها من الجانب الآخر من المقعد .. للحظة .. للحظة واحدة فقط .. شيء حارق انبعث من أعمق أعماق صدرها .. حارق .. أليم .. مرهق .. للحظة واحدة .. سرعان ما اختفى بعدها ليستحيل إلى رماد .. رماد فقط ..
صوته الهادئ .. الوقور .. المتحكم .. قال بينما عيناه الداكنتان .. واللتين رغم الظلمة كانتا تلمعان كألف شمس داخل السيارة .. في حين أخفت الظلال ملامحه :- حمدا لله على السلامة يا بحر ..
كانت السيارة قد تحركت بالفعل .. اهتزازها الطفيف وهي تغادر أرض المطار سبغ شيئا من الخيالية على الموقف .. رغم الإضاءة الخافتة ... كان لقمان قادرا على رؤية أدق التفاصيل في ملامحها الرقيقة ... بعد أن تخطى صدمة رؤيتها من جديد .. بعد أن تمكن من السيطرة على خفقات قلبه .. وحاجته الجارفة لمد يده واختراق المسافة الفاصلة بينهما ولمسها .. تمكن من رؤية ما رفض أن يراه في الوهلة الأولى .. بينما هي تشيح بوجهها عنه .. عيناها البحريتان اللتان فقدتا دفأهما المألوف .. تحدقان عبر النافذة وكأنه لم يقل شيئا .. وكأنه غير موجود على الإطلاق على بعد سنتيمترات قليلة منها ..
لقد كان قادرا بعد أن تمكن من النظر إليها بعد أن أزاحت عينيها اللتين حبستا أنفاسه .. إلى أي حد تغيرت خلال العام الذي قضته بعيدا عنه ..
تغيرها لم يكن ظاهريا تماما .. إذ كانت تبدو كما يذكرها .. باستثناء تلك الخصلة التي كانت تغطي جانب وجهها .. تلك الخصلة التي كانت يده تتوق بألم لأن تزيحها عن طريقه .. كي يتمكن من النظر إليها كاملا .. من لمسها .. لمس ذلك الجرح الذي كان يراه في كوابيسه لأشهر .. كل ليلة كان يراها .. وكان يرى ذلك الجرح البشع الذي حصلت عليه لأنه لم يتمكن من حمايتها ..
تغيرها كان في الهالة الباردة التي أحاطت بها .. عازلة إياها عن العالم الخارجي .. لطالما كانت بحر دفاعية .. منطوية .. قلقة .. تمتلك هالة عازلة إنما مختلفة عن هذه الجديدة .. هالتها القديمة كانت تمتص تلقائيا كل ما كانت تتوق إليه في حياتها الجافة والقاسية التي عانت خلالها من معاملة أشخاص لم يهتموا بها السيئة لها .. أما هالتها الجديدة .. فقد كانت تبدو وكأنها مستعدة لحمايتها حتى الرمق الأخير من أي متدخل غريب يحاول اختراق قوقعتها من جديد .. وكأنها لن تسمح لأي أحد .. بأن يؤذيها مجددا ..
قال بصوت هادئ .. وكأنه يهادنها :- ألن تنظري إلي .. أو تتحدثي إلي على الأقل ..
تابعت تجاهله .. مما كان يدفعه للضحك وهو يفكر بأنها أبدا لم تتوقف عن مفاجأته ... دائما كانت هي وحدها القادرة على أن ترميه من علياءه .. محطمة كبرياءه .. غروره .. عجرفته .. بإظهارها مرة بعد مرة بأنها لا تخافه حقا .. وبأن أي أذى قد يسببه لها .. فإنه لن يمسها حقا ..
:- بحر ..
قالت أخيرا .. وكأنها توقفه عن أن ينطق بأي شيء لا تستطيع التعامل معه .. صوتها بارد .. بعيد :- لقد عرض علي ثروت وسيلة نقل لفندقي لا أكثر .. أنت لم تكن ضمن المعادلة ..
:- أعرف .. وإلا ما كنت صعدت السيارة في المقام الأول ..
العنف الطفيف الذي زفرت به أنفاسها فضح شيئا من تأثير اللحظة عليها .. هي ليست حصينة ضد رؤيته من جديد كما تحاول أن تظهر له .. شجعه هذا على أن يمنحها شيئا من الطمأنينة بقول :- أنت ستصلين إلى فندقك بالفعل .. وفي الوقت المحدد .. أعدك ..
قالت بجمود :- وأنت تفي دائما بوعودك .. أعرف هذا ..
التقط نفسا حادا وهو يشعر بالدماء تنسحب من وجهه وطعنتها المفاجئة تأخذه على حين غرة ..
( أخبريه بأنه قد حقق وعيده بالفعل ... وما من سبب الآن يدفعه للحاق بي أو البحث عني )
كانت تلك كلماتها الأخيرة التي تركتها له برفقة شمس الراوي قبل أن ترحل ... كلماتها التي دمرته تماما حينما تذكر اللحظات التي تعهد لها فيها بالويل والثبور .. بأن يدمرها.. وقد فعل في النهاية .. لأن المرأة الجالسة على مسافة نصف متر عنه .. ربما كانت تبدو ثابتة .. قوية .. جامدة .. إلا أنها كانت بالفعل حطام المرأة البريئة .. الناعمة .. التي ما زالت تحمل رغم كل المعاناة التي عرفتها في حياتها أحلاما مكبوتة كان يراها رغم احتفاظها بها لنفسها في نظرات عينيها البحريتين الجائعتين للحب والحنان .. رغم كل ما فعله بها .. كانت تميل نحوه كوردة دوار الشمس نحو الشمس كلما احتضنها أو منحها شيئا من حبه بدون أي تحفظ .. تلك اللحظات .. كانت نادرة .. بقدر ما كان يسمح لنفسه بأن يلقي حذره جانبا ويترك العنان لغرائزه ..
ولكم كان يقتله هذا ... أن يدرك كم أضاع من وقتهما معا في صراعاته العقيمة مع أشباحه الخاصة ..
قال كابحا مشاعره :- أردت أن آت بنفسي فأراك .. لأتأكد بأنك قد عدت حقا ..
:- ما كنت لتترقب خبر عودتي لو لم تكن تعرف يقينا بأنني عائدة ..
قلبه خفق بين أضلعه بعنف وهو يمنع نفسه بصعوبة من الإمساك بها وإرغامها على النظر إليه .. لقد كان بحاجة ماسة للنظر إلى وجهها .. نظرة واحدة فقط .. كانت كل ما يريد ..
قال بصوت أجش :- لماذا عدت يا بحر ؟؟
ساد الصمت ثقيلا لدقيقة كاملة ... قبل أن تقول :- الهرب عندما تمتلك شيئا تحميه يعد منطقا .. الهرب عندما تكون قد خسرت كل شيء بالفعل .. محض جبن لا أكثر ..
تأثير كلماتها عليه كان أكثر قسوة من لسع سياط لا رحمة فيها تفصل جلده عن جسده.. إلا أنه كان يعرف بأن آخر ما تريده بحر الآن .. هو أن يمنحها كلمات كان أكثر أنانية من أن يقدمها لها قبل عام من الآن ..
قال متمتما في تأكيد :- أنت ما كنت يوما جبانة ..
أطلقت ضحكة قصيرة متهكمة وهي تقول :- ألم أكن جبانة حقا ؟؟؟ كنت قد وفرت على نفسي الكثير لو أنني امتلكت منذ لقاءنا الأول ذرة من الشجاعة .. إلا أنه خطأ لا أنوي أن أكرره إطلاقا .. لا هرب بعد الآن .. إذ ليس لدي ما أخاف عليه .. وأي تهديدات توفرها لي .. أي خطط تعدها لأجلي يا لقمان الطويل .. ودفعتك لانتظار عودتي لعام كامل .. ثم لتعمد استقبالي وأنت تعرف كل المعرفة بأنك آخر شخص أرغب بمواجهته مجددا .. من الأفضل لك ألا تضع الكثير من الآمال حولها .. لأنني لن أسمح لأي شيء يتعلق بك أن يتقاطع مع حياتي بعد الآن ..
الفندق الذي اختارته عندما قامت بالحجز لنفسها قبل سفرها بأيام , لم يكن بعيدا عن المطار .. مما جعل رحلتهما تنتهي فور دخول السيارة بوابة الفندق الخارجية .. الفندق الذي لم يكن ضمن فنادق لقمان وكأن اختيارها له لم يكن عشوائيا على الإطلاق .. فور توقف السيارة أمام مبنى الفندق .. قال لقمان بجفاف :- القول أسهل بكثير من الفعل يا بحر ... لم أرغب أن يتضمن لقاءنا هذا أي عنصر قد يسبب لك الضيق .. إلا أنني أجد نفسي مضطرا لتذكيرك بأنك رغم كل شيء ... ما زلت زوجتي.
هي لم تحاول حتى إخفاء تشنج جسدها كردة فعل على تصريحه .. بدون أن تقول أي شيء .. مدت يدها تمسك بمقبض الباب كي تفتحه فكان أن أمسك بذراعها قبل حتى أن يفكر .. مانعا إياها من الخروج من السيارة وهو يقول بصوت ثقيل :- أنت ... ما زلت زوجتي يا بحر ... وأنا .. لم أطلقك قط ..
كان قادرا على الإحساس بالرعدة التي اعترتها حيث كان ممسكا بها .. عضلات ذراعها كانت ضئيلة .. مذكرة إياه بمدى هشاشتها .. وبمدى القوة الغير محدودة والكامنة أسفل هذه الهشاشة ..
قالت بخشونة :- ربما عليك أن تفعل ... أن تطلقني .. وتوفر علي عناء رؤيتك مجددا ما حييت ..
لم يستطع منع نفسه من الضغط رغما عنه على ذراعها .. مسببا انتفاضة تلقائية صدرت عنها .. وأظهرت إلى أي حد لم تكن ندا له من الناحية الجسدية .. قال ببرود :- تريدين الطلاق ..... إذن عليك أن تحتملي وجودي يا بحر .. عليك أن تتعايشي مع حاجتك لرؤيتي .. ومقابلتي .. والتحدث إلي .. أملا في أن أمنحك في النهاية ما تريدين ..
عندها ... فعلت ما كان يتوق إليه بكل جوارحه منذ رآها مقبلة برفقة ثروت من نافذة السيارة .. وما كان أيضا يخافه إلى حد أحس بصدره يضيق بشكل أثار شيئا من الشك لديه في تأكيد طبيبه السابق على استعادته لعافيته بشكل تام ..
التفتت بحر ... ونظرت إليه ... لا .. لم ير في عينيها ذاك الجليد الأزرق الذي توقع أن يراه .. لقد كانت نارا .. نارا زرقاء كادت تحرقه بلهيبها وهي تقول هاسة من بين أسنانها :- كل ما عليك فعله هو تمزيق تلك الورقة .. وسيكون ارتباطنا وكأنه لم يحدث قط ..
كان ما يزال ضائعا في تأمله الجائع لوجهها الجميل ... وجهها الذي ربما رأى خلال حياته الحافلة ما يفوقه جمالا .. ما يزيد عنه رونقا ... إلا أنها كانت دائما بالنسبة إليه المرأة الأجمل في الوجود .. بوجنتيها المرتفعتين اللتين لم يقلل نحولها من أناقتهما ... بأنفها الدقيق ربما أكثر مما يجب ... بفمها الذي كان عريضا بعض الشيء .. إنما بأرق وأنعم شفتين رآهما .. أو تذوقهما في حياته ..
قبل أن تغيب حواسه تماما في سكرة اللحظة ... وقع بصره فجأة على ذلك الأثر الباهت للجرح البشع الذي خط وجنتها اليسرى ... شاقا طريقه من أذنها ... حتى سنتيمترين لا أكثر قبل زاوية فمها ..
للحظة ... تعلقت أنظاره بالجرح ... ضاع خلالها في مرارة عام كامل عاشه يتخيله ... يتخيل ظروف حدوثه .. يستحضر الصورة التي لم يوفر ثروت جهدا في وصفها له ... لبحر لحظة أنقذها من بين براثن عمها ... غارقة في دمائها ... مكسورة ... جريحة ... وشبه حية ...
العنف في أنفاسها ... في نظراتها الزرقاء التي كانت تتحداه أن يظهر أي ردة فعل على الجرح الذي كانت ترميه في وجهه بوقاحة من يجد ما قد يعتبره الآخرون تشوها .. أو وصمة عار .. راية فخر لا أقل ..
العنف الذي كان يفوح منها ... دفعه لمواجهة نظراتها من جديد .. وهو يقول بجفاف :- آسف لإخبارك بالأمر الآن وبهذه الطريقة يا بحر ... إلا أن الأمر أكثر تعقيدا الآن من أن يتم إنهائه بكلمة .. أو بتمزيق ورقة .. الزواج العرفي الذي جمع بيننا قبل عام ... لم يعد كذلك .. أنت زوجتي ومنذ أشهر طويلة .. بعقد رسمي مثبت .. وطلاقك مني .. سيتطلب أكثر بكثير من مطالبتك به بهذه البساطة ..






يتبع ..


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس