عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-18, 02:00 AM   #8

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

ا
الفصل الاول

" لا يوجد لدينا وظائف شاغرة " قالها الرجل السمين الاربعيني بامتعاض وهو يرمقه بنظره متفحصه .

فبادره بإلحاح " أي وظيفة سيدي .. استطيع ان افعل اي شيء حمل اشياء .. التنظيف .. محاسبة الزبائن .. اي شيء فقط جربني "

رمقه بنظرة ساخرة ثم سحب نفسا عميقا من الشيشة واستدار ونفثها نحوه بامتعاض " قلت لا يوجد لدينا وظائف ولا نوظف اللاجئين .. لن تخفى على لهجتك التي تحاول تعديلها لتبدو مواطنا .. أعلم انك منهم .. ألا يكفيكم محاربتنا في أرزقنا .. هيا انصرف "

ثم هدر صوته بقوة مناديا شخصا ما من داخل المحل " أنت يا ولد .. تعال رش الماء الجو نار .. اللهم الطف بنا "

انسحب الشاب باحباط مبتعدا في خطوات يائسة ومرهقة .. العرق يتصبب من جبينه .. والحر شديد .. الصيف هنا اكثر حرارة قليلا من بلده والشتاء هنا ادفى قليلا من بلده ولا تسقط الثلوج ..

الثلوج ..

تنهد في اشتياق للوطن يتذكر فرحته كل سنة عند سقوط الثلج أول الشتاء .. ينتظره كل عام بقلب طفل متلهف . ..

شد أكمام القميص جيداً ليدراي منتصف كفيه متجنبا حرارة الشمس .. يكفيه الحروق التي تسببها الشمس لتملأ وجهه وتلهب بشرته للحد الذي يخفي معالم وجهه تقريبا.. لكنه لم يحاول معالجتها..

ولن يفعل ..
فهو يحتاج لتلك الحروق للتمويه ! .. ليتخفى وراءها!..

أين يذهب ؟ ..
عليه الحصول على أي وظيفة فمدخراته من العمل السابق قاربت على النفاذ .. وايجار السكن الذي يقطنه لم يدُفع بعد .. والست نرجس لن تصبر اكثر من هذا.

بدون تفكير استقل سيارة اجرة جماعية غير مهتم إلى أين .. فهو نفسه لا يعلم الى أين .. فقط عليه البحث عن عمل .

أسند رأسه على زجاج النافذة يتأمل الشوارع المزدحمة بأناس تختلف ملامحهم وتتباين هيئاتهم ومستوياتهم الاجتماعية ..
بعد مايقرب من عامين قاسيين في هذا البلد اقتنع بما كان يقوله له والده دوما .. " الناس هم الناس في كل مكان في كل بقاع الأرض .. فيهم الصالح وفيهم الطالح فلا تعمم ولا تحكم عليهم بعاطفة غير موضوعية "

قاوم الاجهاد كما يقاوم اليأس بذكرى كلمات أبيه في وجدانه .. كلما تشتد عليه المحنة تشبث بذكريات الوطن ..

بكلمات أبيه ..

تشبث بحلم العودة يوما...
ربما ..
ربما يجدهم أحياء !

سينفذ وصيتهم ويحى بكرامة ..
في أرض غير الأرض..
مع أناس يشبهون أو لا يشبهون أناس ..

بالرغم الوضع القاسي الذي يعيشه هو و الكثير من اللاجئين من بلده الا أن عددا لابأس به ممن أتوا بأموالهم .. استطاعوا التأقلم السريع هنا وفتح مشاريع تجارية مربحة وأوضاعهم لا تختلف كثيرا عن أوضاعهم في بلدهم .

أما الفقراء ممن لا يملكون شيئا - مثله - فالرحلة قاسية جدا ..

ومازالت . ..

" اخر المشوار يا استاذ ... هل نمت .. وصلنا الى آخر الرحلة هل ستعود معي؟ "

استفاق ليجد نفسه في منطقة هادئة نسبيا وصوت سائق الاجرة يهدر بنزق .. ترجل من سيارة الأجرة الجماعية في ارتباك يسير بلا هدى يبحث عن أي مكان يسأل فيه عن وظيفة ..

لا يطمع بالكثير فشهادته الجامعية ليست معه .. ولم يقنن وضعه في هذه البلد حتى الآن ..ولن يستطيع .. لديه سببا قويا لذلك ولا يعلم الى متى سيظل هكذا .. عليه فقط أن يجد وظيفة بعيده عن من يطلبون اوراق رسمية او هويات شخصية ..

وأيضا .. بعيدا عن الشرطة المحلية !..

تجول بعينيه في المنطقة التي تبدو بعيدة نسبيا عن الزحام المعتاد .. الصحراء تمتد على جانبي الطريق ولا يوجد سوى مبان متفرقة على مستوى النظر بينهما مساحات شاسعة فارغة ..

تملك منه الخوف .. يفضل الزحام برغم أنه خانق رطب لكنه يشعره بالأمان .. الصخب يشعره بالونس يشغله عن وحوش الخوف والوحدة التي تقتات على روحه .

اقترب من سيارة حديثة ترابط بجانب الطريق الهادئ وشاب متذمر يتحدث في الهاتف بعصبية يشكو من عطل السيارة ..ويتهم الطرف الاخر بالتأخير .. تتخللها شتائم استطاع تمييز معنى بعضا منها وهي بالطبع خارجة عن النص وجهل البعض الاخر ..

اقترب قليلا من الشاب الذي أنهى مكالمته للتو ليكمل باقي السباب لاناس غير مرئيين وهو يضرب بقبضته تارة على مقدمة السيارة بغطاءها الأمامي المفتوح .. وتارة اخرى بقدمه لجانب السيارة وكأنه يعاقبها ! ..

هل يتحدث مع السيارة ويوجه لها هذا السباب ام يقارع الهواء ! .

بدى صاحب السيارة في بداية الثلاثينيات أنيق بشكل جذاب بل ومفتعل قليلا .. ببنطال جينز أسود وبلوزة رمادية بنصف كم يظهر منها ذراعان عضليان بفخر مستفز .. بشرته سمراء لامعة تحت وهج الشمس ونظارة شمية داكنة ربما من ماركة شهيرة تغطي وجهه ..

طوله الفارع ونحول جسده بجاذبية عضلية ملفته يذكره بابطال السباحة ..

ترى من هذا المدلل الحانق من سيارة معطلة !....

هل يعيش دور نجم سنيمائي ليكون بهذه الهيئة الملفته ؟ ..

حاول البحث السريع في جوجل ذاكرته اذا ما شاهد مدعي النجومية هذا في عالم الميديا من قبل ..

استمر الشاب في الافعال العصبية يضرب جانب السيارة بغيظ بقدمه ثم فجأة تأوه وهو يمسك ركبته ...

ماذا الان ! ماهذا الحمق ! ..هل يتقمص دورا سنيمائياً ؟..

إلا أن علامات ألم حقيقية لاحت على وجه السيد المتذمر وقد إنحنى ليضع الركبة السليمة على الارض ويمسك بالركبة الي ضربها للتو في السيارة..

لم يشعر بنسفه الا وهو يندفع نحوه فوجده ينكس رأسه في ألم وخصلة شعر سخيفة طويلة تركت مكانها من قمة رأسه لتسقط الى الامام باستفزاز ..

همس في سره " كيف لهذه الخصلة أن تطول هكذا وهو قصير الشعر من الخلف ! ..

تذكر أنور وجدي في الافلام القديمة بمجرد أن يتحرك تتطاير خصلة شعر طويلة من مقدمة شعره ..
قاوم الابتسام لهذا التشبيه واقترب بحذر من السيد المتذمر .

" هل انت بخير .. هل استطيع المساعدة ؟ " قالها بتردد بعد أن بات قريبا منه

لم يتلق ردا فهتف " يا استاذ هل انت بخير ؟ "

لم يرفع الشاب الاسمر وجهه ولكنه قال من بين اسنانه " اذهب من هنا " .

تفاجأ برد الفعل الفظ .. فتراجع خطوتين للخلف بهدوء وهو يرفع جانب شفته اليمين لأعلى في استهجان وغمغم " كنت اود المساعدة ليس ألا .. فلتقدم قليلا من الذوق لله.. نحن بشر مثلك حتى لو كنا نجوب معظم نهارنا سيرا على الاقدام ولا نملك سيارة فارهة نضربها عندما نغضب "
ثم أكمل في سره " او لنملكا طلة أمير البحار بخصلة منفلتة !"

رفع الشاب الاسمر رأسه وسهام الشرر تتطاير من عينين بنيتين في محيط أحمر غالبا من الألم ثم استقام فجأة وبدي فرق الطول بينهما واضحا ومتناقضا ..

ارتد الى الخلف أكثر واتسعت عيناه وهو يحدق في السيد المتذمر وقد خفق قلبه من الخوف ولام نفسه على لسانه .. فوضع قبضة يده تلقائيا على فمه وكأنه يسكت لسانه لعدم ارتكاب المزيد من الحماقات ...
قال الشاب الأسمر وهو يكز على أسنانه " سأعطيك خمس ثوان لتغرب عن وجهي والا لا تلومن إلا نفسك "

جحظت عيناه في رعب وتراجع ثم اسرع للابتعاد عن هذا الذي يتعارك مع الهواء .


يتبع


Shammosah غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس