عرض مشاركة واحدة
قديم 19-06-18, 09:17 PM   #4602

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

بيت الصائغ .. الملحق ..

جهاز التحكم في يده ورأسه مسترخٍ للخلف على ظهر الاريكة بينما يقلب بالقنوات دون اكتراث حقيقي ... خاصة والصوت منخفض للغاية لان خلود تراجع مع سوسو استعداداً لامتحان الغد ..
كان مرهقاً من العمل من جهة والتفكير بمشكلة خليل وكيف يحلها من جهة اخرى...
ضحكات خلود الرنانة بين الفينة والاخرى ودون سبب كانت تثير دهشة سوسو ودهشته معاً...
فخلود رغم طبعها الحاني العفوي الا انها عندما تراجع لسوسو الدروس والامتحانات تكون غاية في الجدية وعابسة بتركيز لكنه ينظر اليها فيرى وجهها مشعاً بالسعادة والاسترخاء وعيناها لامعتان بشكل ملفت ..
تمتم في سره في مشاكسة ساخرة " هذه المرأة الهبلاء تتعاطى شيئا من خلف ظهري ..."
يبتسم تلقائيا ثم تنحسر ابتسامته شيئا فشيئا وهو يعود للتفكير بحال خليل ..
يعود ليحدق في خلود بشعرها المشعث ووجهها النحيل متربعة فوق الاريكة المقابلة له وكتاب سوسو في حجرها وهي تشرح للصغيرة بصبر شديد وضحكتها ما زالت اثارها عالقة بفمها الشهي...
يشعرها بعالم آخر بعيدا حتى عن كل ما يحدث غارقة لاول مرة في سعادتها الخاصة السرية ...
فجأة رنّ هاتفه الملقى جواره على الاريكة فالتقطه حذيفة ليعقد حاجبيه قليلا وهو يرى رقماً غريباً غير مسجل عنده ..
فتح الخط فأتاه صوت جاد لامرأة ليس بغريب عليه وهي تلقي التحية " مساء الخير .."
رد حذيفة وهو يعبس قليلا محاولا التذكر لمن يعود هذا الصوت " مساء الخير .. من معي؟"
فأنهت المرأة حيرته وهي تعرف عن نفسها
" انا الدكتورة ايفيلين يا ابا سعاد .. عذرا للاتصال .. اخذت الرقم من الحاجة بدرية .."
نظرات حذيفة تلقائيا تحركت نحو خلود اللاهية تماما عنه لكنه شعر بحدس أكيد انه لا يريد لحواره مع الدكتورة ان يصل مسامعها ..
وقف على قدميه متحركا ليغادر غرفة المعيشة ناحية غرفة النوم بينما يرحب بالدكتورة بأدب مخفياً في داخل بوادر قلق
" مرحباً دكتورة .. كيف حالك ؟"
رد الدكتورة عكس صدق حدسه وزادت من قلقه وهي تقول ببعض الحرج
" انا بخير الحمد لله هل يمكنني ان أكلمك دون ان تعلم خلود اني اتصلت او على الاقل ان لا تعلم بفحوى الاتصال ..."
تجمدت قدماه وسط الغرفة وقلبه أخذ ينبض بالخوف وافكار سوداء أخذت تتزاحم بسرعة رهيبة في رأسه ... جف فمه وخرجت الكلمات خافته وهو يسأل الطبيبة بشكل مباشر يضج بالقلق " هل خلود .... بخير ؟"
يتنفس الراحة و تنقشع كل تلك الافكار السيئة برد الدكتورة وهي تقول بنبرة مختلفة فيها بعض الغموض " مؤكد بخير .. صحتها بألف خير .. لكن .. هي عندك.. فأخبرني انت عن حالها ومزاجها .."
يصمت حذيفة للحظات وهو يفكر بحال زوجته منذ ايام فيخبر الطبيبة قائلا ببعض الحيرة " هي سعيدة .. لكنها لا تبدو على طبيعتها .. مبتهجة بشكل مفرط يجعلها هائمة تائهة عما يحصل حولها .. لا اعلم بماذا اصفها اكثر .. لكنها ليست على ما اعتدت عليه منها .."
عاوده القلق مع تنهيدة صغيرة من الطبيبة وهي تقول " هذا ما اتصلت بك لاجله .."
سأل بغيظ هذه المرة لان الدكتورة ايفيلين لا تخبره مباشرة بما يقلقها من خلود
" ماذا هناك ؟"
عادت ايفيلين لطبيعتها العملية المباشرة لتخبره " الدكتورة سهى التي استلمت حالتها كلمتني بخصوصها اليوم .. هي قلقة من (تفاؤل) خلود المبالغ فيه .. تفاؤل يصل لدرجة الثقة التامة بحصول الحمل .. قريباً جداً.."
يتوتر حذيفة بعض الشيء وهو يسأل " هلا شرحت لي الوضع .. اقصد وضع خلود الطبي .. انها تكتم عني كل شيء .. "
فشرحت الدكتورة ايفيلين باسلوب مبسط
" الدكتورة سهى ستحاول معها في علاج جديد نجح في حالات مشابهة لحالة خلود .. و.. فشل ايضا .. نسبة النجاح تعدت ال 65 بالمئة ... انها نسبة ممتازة لكن .. ما زالت هناك نسبة الفشل ليست بالقليلة .."
توضحت الصورة تماما لحذيفة فيتمتم وكأنه يكلم نفسه " وخلود متشبثة بالنجاح فقط .."
ليأتيه صوت ايفيلن مؤكدا " نعم .. "
ثم تصمت لحظة قبل ان تضيف " عليك ان تكلمها يا ابا سعاد .. الطبيبة حاولت معها لكنها رفضت الاستماع بتركيز وردودها كانت توحي انها مقتنعة بالنجاح فقط ... لذلك شعرت الطبيبة بضرورة ان تكلمها انت بنفسك .. لا نعرف كيف يمكنك فعل هذا لكن مؤكد انت تعرفها جيدا لتعرف كيف تتصرف وتجعلها .. أكثر تقبلاً للنتائج ..."
جاءته من غرفة المعيشة صوت ضحكات خلود الرنانة من جديد فشعر بالغم في قلبه لكنه أكد كلام الدكتورة قائلا
" نعم اعرفها تماما .. لا تقلقي سافعل ما هو ضروري.."

مكتب مهند ..

أجلى حنجرته لينادي جوري كي تأتي الى غرفة المعيشة بينما يفترش الطعام على الطاولة الوسطية بحركات آلية حتى شعر بخطواتها فالتفت اليها يجبر نفسه على الاسترخاء ...
حالما رآها تتقدم بملامح واجمة نحوه تبسم في وجهها مدعياً الانشراح والفكاهة بينما في داخله كان قلبه يختض .. خوفاً ...
ثم قال بنفس الابتسامة والاريحية المصطنعة " اننا بمفردنا تماما الآن .. لقد غادر مجد يقتله الحرج واما الشقية فما زالت تشخر في غرفتها .. بالمناسبة اظنها تحتاج لمراجعة طبيب اطفال لهذا الشخير الذي تصدره في نومها .."
وقفت جوار الاريكة التي يجلس عليها تنظر اليه وكأنها لا تعرف خطوتها القادمة كيف ستكون معه ...
اشفق عليها كما اشفق على نفسه مما ينتظره!
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يحاول القول بمزيد من الابتهاج الزائف " تعالي وكلي معي ..."
لعجبه تحركت دون اعتراض فتجلس جواره لكنها لم تمد يدها للطعام بينما هو قطع جزءا من الرغيف المحلي المميز ثم يضع فوقه بعض قطع اللحم المشوي والمخلل ليلفه ويقدمه اليها فتأخذه جوري ثم تقضم قضمة صغيرة تمضغها بين اسنانها ببطء ..
اما هو فأخذ يأكل بشكل طبيعي ويثرثر حول المكتب دون ان يثير اهتمام جوري بما يقوله، اخيراً التفت مهند بوجهه يتطلع لوجهها الهادئ الغامض فيقول بصوت خافت مختلف عن نبرته عندما كان يثرثر للتو
" انت صامتة للغاية .."
حدقت في عينيه لتقول بشجاعة
" انتظر ان تتكلم لاسمعك ..."
ببساطة هي تخبره ان ثرثرته لم تكن كلاماً.. او على الاقل ليس الكلام الذي تنتظره .. لقد قررت ان .. تعرف الحكاية .. تعرفها منه هو وبكل التفاصيل المخجلة منها والمعيبة والمهينة واكثرها خزياً...
وقف على قدميه واستأذن بصوت خافت كي يغسل يديه .. فتحرك ناحية الحمام وكله في حالة استنفار استعدادا لخطوة لا يعرف ابعاد تأثيرها على علاقته بجوري ...
عندما عاد رآها تحدق في الفراغ بنظرات جامدة فقط ساقها اليمنى تهتز بتوتر شديد..
ناداها بقلبه قبل لسانه " جوري .."
أجفلت بعض الشيء وهي تلتفت اليه برأسها فيحدقان ببعض لتبادر هي الى القول بشجاعة " اخبرني مهند .. انا استطيع تحمل سماع كل التفاصيل .. اريد ان اعرف..."
كان يؤلمها ويؤلم نفسه معها .. لكن ربما الألم هذه المرة سيحرر داخلهما شيء ما .. سيكسر الحواجز التي اصطفت بينهما لثلاث سنوات صعبة ...
رمى المنشفة وهو يقترب ليجلس جوارها ثم يبتدأ الكلام ونظراته تتغير تعكس عودة افكاره للماضي ...
قال ببعض الشرود وهو يسترجع التفاصيل
" كانت.. تعمل معي في شركة الاعلان .."
صمت .. فتسأله هي بنبرة حاولت جهدها ان تجعلها حيادية " التي كنت تعمل بها سابقاً ؟"
نظر لوجهها فرآى تعابيرها تفضحها .. تفضح غيرة ووجعاً لايطاقان ... اراد ان يلمسها لكنه لم يجرؤ .. فاكتفى بتمتمة " نعم ...."
أفلتت منها وجيعة الانثى وهي تسأله بفضول يزيد ألمها ألماً وغيرتها اشتعالا
" هل كانت جميلة لهذا الحد ؟"
يضيق مهند عينيه ويتذكر حبيبة وهي تجلس على ارضية مكتبها ترسم .. فيرد على زوجته بصدق خالص ونبرة ساخرة من اغراضه الدنيئة نحو حبيبة في تلك الفترة " جميلة جدا ... لكن في البداية لم يكن هذا ما يعنيني فقط .."
صمت للحظة وقبل ان تعلق جوري بشيء قال هو باشمئزاز حقيقي من نفسه " لقد كانت مختلفة .. غير عابئة بنظرات الاخرين لها ومتمردة على المجتمع والناس .. لم أكن اعرف اسبابها لكني كنت تافهاً كفاية حتى لا احاول ان اعرف وكل ما همني انها استفزتني لاكسر غرورها وترفعها عن الرجال واستهانتها الواضحة بهم .. "
انسابت كل الذكريات بتدفق سريع كفيلم بالحركة السريعة فيضيف بمزيد من الاحتقار للنفس " اصبحت حبيبة مجرد هدفا لي .. بل هدفا لغروري وتبجحي كشاب احمق أرعن .. كنت حرفيا اتبع خطوات مدروسة لاوقعها ... كأي خسيس يعتبر كل انثى مشروع تحد ممتع ليصل الى جسدها .."
صوت جوري يأتيه محملا برغبة المعرفة الحارقة .. محملا برغبة الوصول الى الاعتراف الذي يضنيها فتقول بتحشرج
" لكنك احببتها .."
كان يعرف انها تتألم ولا يحتاج لرؤية انعكاس الألم في عينيها وتعابير وجهها الفاتن .. لكنه وعدها ووعد نفسه الصدق وهو يروي حكاية حبيبة العطار حتى اخرها..
لذلك لم يكذب وقال الحقيقة المُرّة " فيما بعد .. في النهاية .. نعم احببتها .. لكني لم اتنازل عن لعب دور الخسيس حتى اخر رمق .. "
تشتت وهو ينظر اليها .. جوري الآن مجرد امرأة.. امرأة لم ير بشجاعتها وتتحمل ما لا تستطيع امرأة اخرى تحمله ..
لكنها تظل امرأة فياضة بمشاعر تكتسح رجولته وتملؤه حتى آخره .. كيف غفل عن حقيقة امرأته لهذا الحد ؟! كيف اتهمها برعونة انها باردة ؟!
لتأتيه كلمة (كيف) من لسانها وهي تسأله
" كيف ؟"
استعاد تركيزه ليدرك ان كلمة (كيف) منها جاءت تعقيباً على كلامه الاخير ..
قال وهو يشابك اصابع كفيه مع بعض
" حبيبة كانت تعاني من بعض الاضطراب والتشتت بسبب ظروف عائلية تخصها بعد وفاة والدها .. علاقتها كانت سيئة بامها واخواتها البنات .. لم تكن في حالة متوازنة .. كانت تشعر بالوحدة ايضا لانها عزلت نفسها عنهم.. وانا لعبت على هذا الوتر واقتربت منها كثيرا.. أجدت الاقتراب واستغلال تلك الوحدة بخبث ودناءة .. لكن الاقتراب منها كان سلاح ذو حدين لاني عرفتها كانسانة وبدأت هي في المقابل تتسلل الي عفويا وبشكل مختلف عما خططت له .. ووجدت نفسي اقع بهواها دون ان ادرك .. ثم .. وفي احد الايام..."
صمت قليلا واصابعه المتشابكة تتوتر ليواصل اعترافاته قائلا " في احد الايام كانت بمفردها في مكتبها منهارة تبكي.. الشركة كانت خالية من موظفيها بعد نهاية يوم العمل .. في البداية .. اقتربت منها بغية مواساتها .. حقا اردت مواساتها .. ثم احتضنتها عفوياً دون تخطيط .. اقسم بالله دون تخطيط.. لكن الامور افلتت مني بغباء .."
بدا صوت جوري هلعاً من احتمالات مرعبة تدور في رأسها وهي تسأل بكلمة واحدة
" هل ...."
كان مهند يكاد يبلغ ذروة توتره وهو يرد بفقدان سيطرة " كنت سأفعل دون رادع لو استسلمت لي .. لكنها فتاة من معدن اصيل وبيت كريم .. اوقفتني.. اوقفتني بعنف .. فما كان مني الا اني آذيتها كثيرا لما فعلت .. آذيتها واهنتها بل وحاولت ان افرض نفسي عليها ثأرا لغروري الذكوري القذر .. ولولا دخول الحارس علينا لربما كنت سأغتصبها حقاً .. كنت .. ساغتصبها ...."
اتسعت عينا جوري بجمود من شدة هول ما يقوله .. وكأن احدهم انتزعها عنوة من جحيم الغيرة والخذلان لانوثتها ليرميها الى هوة اكتشاف جانب مظلم من زوجها الذي احبته وعشقته ...
أخذت تنظر اليه ولا تصدق ان مهند في وقت ما من حياته كان بهذه الدناءة .. ما زال يشد على اصابعه بمزيد من التوتر والغضب الموجه لذاته لكنه يواصل بشجاعة سرد الحكاية
" ندمت واعتذرت وتوسلت منها الصفح .. كانت بداية مختلفة لي .. ان اشعر نحوها بعاطفة حقيقية وان ارغب الزواج بها حقاً .."
التفت اليها مهند محدقاً فيها لكنها شعرت انه لا يراها حقاً بل غارق في عالم الماضي الذي فتح ابوابه بعد سنوات من قفله ..
اخذت الكلمات تتدفق منه بينما هي تعيش حالة عجيبة من مشاعر شتى متناقضة مع بعض ..
" لكنها كانت ذكية بالفطرة وحدسها قوي للغاية ... فرغم اني اقنعتها ان تغفر لي غلطتي الاولى الشنيعة معها وان تعطني فرصة ثانية بل طلبتها للزواج وكنت جاداً حقا.. رغم هذا طلبت مني وقتاً لتطمئن مني وتستعيد هي ذاتها استقرارها النفسي .. كان نوعاً من الاختبار لي ولها .."
للحظة عاد مهند الذي يحاول تبرير الامور لنفسه وهو يرفع يده ليمرر اصابعه بتوتر في شعره مضيفاً " حاولت ان لا أكون انانيا .. اقسم بالله حاولت .. لكني قليل الصبر .. انت تعرفينني جوري .. ولهذا لم أكن صادقاً تماما فكنت امثل دور الصابر لكني في الواقع اواصل ضغطي العاطفي عليها .. كنت اريدها باسرع وقت .. كطفل تشبث بلعبة محددة لا غنى له عنها ويريد الحصول عليها في التو واللحظة.."
كان شديد الانفعال لاهث الانفاس وهو يضيف المزيد ملتفتاً اليها بوجهه " لكن لا تتوهمي .. انا احببتها حقاً في تلك الفترة .. حتى وان كان حبي مقروناً بالانانية والدناءة و .. الخيانة... "
تشعر وكأنها تسابق انفاسه لتلحق بالمعاني الرهيبة التي تنبض بها كلماته واعترافاته المتلاحقة فتسأل باختناق وصدمة
" خيانة ! هل خنتها ؟! "
لا تصدق جوري انها تناقش هذا الامر معه .. لكنها تهرول معه في هذا الطريق الموجع ولن تتراجع الآن وقد وصلت لمنتصفه فيرد هو بنفس اللهاث والانفعال والتبرير الذكوري
" نـ...نعم .. لانها أطالت المدة في اختبار المشاعر لكلينا فأنا .. عدت لمعاشرة النساء .. واحداهن ... كانت مطلقة .. موظفة معنا بالشركة .."
تكاد لا تستوعب ما تسمعه اذناها فتتمتم شفتاها وموجة غثيان رهيبة تنتابها نحوه
" احداهن ؟! كنت تخونها مع أكثر من امرأة وانت طلبتها للزواج ؟!.. رباااه ... و(احداهن) زميلة لكما في نفس الشركة ؟! بعد كل ما فعلته معها تخونها ؟! انت .. انت .. "
اكمل كلماتها المتقطعة بالانفعال والاشمئزاز قائلا بجمود فجائي
" حقير ... نعم .. كنت استحق المركز الاول بالحقارة .. لكن حقارتي هذه لا تعادل حقارتي معها فيما بعد ..."
لم تكن جوري في حالة مستقرة كفاية لتدرك حالة الجمود التي اصبح مهند فيها ولم تفقه تلك النظرات الغريبة في عينيه.. كانت غاضبة منه بشكل رهيب .. مشمئزة من حقيقته البشعة التي يكشفها امامها لتسأله بكل مشاعرها تلك قائلة " ماذا فعلت بعد ؟! ها .. اخبرني ماذا فعلت ؟ هل حاولت اغتصابها مرة اخرى ؟"
قال بجموده ذاك " ظهر في الافق اهتمام رجل اخر ... مدير جديد في الشركة .. جذبت انظاره حبيبة على الفور ولا ألومه .. هي مميزة بين الاناث وليست جميلة فقط .."
كان صدرها يعلو ويهبط ونظراتها متشفية انتقامية على نحو عجيب .. بينما مهند يحكي الحكاية ببعد آخر وظهور غريم جديد تفوح رائحة وجوده القوي ليلعب دور البطولة في الاحداث ..
" ظهوره واهتمامه وتباعدها عني كل هذا جعلني أجن ... اصبحت احاصرها اكثر بل واحرجها واذهب لبيتها احيانا .. نغضب نتشاجر واتهمها بالكثير بكل رعونة وفي المقابل ما زلت على خيانتي لها وابرر لنفسي (انا رجل وهي حاجة جسدية لا استطيع الاستغناء عنها) "
لم تعد جوري تحتمل .. كلها ينتفض اشمئزازا وتقززا مما تسمع ..
ارادت ان تصرخ فيه ان يتوقف لم تعد تريد سماع المزيد لكن جبروتها يقهر رغبتها التلقائي بانهاء الامر ووضح حد للحكاية ..
مهند لا يتوقف وكأنه لم يعد يستطيع التوقف فيواصل بنبرته الجامدة " ظللنا هكذا بين شجار وصلح لكن حبيبة ازدادت تشتتا وضياعا في مشاعرها نحوي وانا لم أفقه اني كنت السبب ! "
هتفت به دون شعورها بغل وحقد
" دوماً تنأى بنفسك عن تحمل مسؤولية افعالك لترميها على كاهل الاخرين .."
لم ينكر وهو يرد بنبرة كئيبة
" نعم .. لم اتحمل يوماً مسؤولية افعالي .. ومعها وفي تلك الفترة تحديدا كنت ارمي الاسباب كلها لظهور الرجل الاخر لكن في الواقع ذاك الرجل هو من أنقذها مني وكان يستحقها اكثر مني بكثير ..."
خذله صوته قليلا وهو يقول بخزي " حتى كان عرس مجد ... وحضرت هي العرس ثم ... خارج القاعة رأتني صدفة مع .. تلك الموظفة في احدى الزوايا المظلمة ونحن ..."
هذه المرة لم تحتمل لتقف على قدميها تنعته بالقول " انت مجرم ! مجرم سافل ..."
رفع رأسه لينظر اليها وهي تختض انفعالا واشمئزازا واضحاً لكن هذا لم يردعه ليخبرها بما هو أعظم ...
قال بنبرة فيها سخرية مظلمة " هل تظنين هذا اجراماً ؟! اصبري قليلا لتعرفي معنى الاجرام الحقيقي ..."
نظرت اليه من علو وتهز رأسها يمينا وشمالا وتهمس تحاول استيعاب كل هذا
" من انت حقاً ؟! كيف فعلت كل هذا ؟! "
لم يرد على اسئلتها المفجوعة فيه بل يواصل سرد الحكاية بسلاسة !
" كانت النهاية في عرس مجد ... فقدتها .. وجن جنوني لفقداني لعبتي قبل أن امتلكها حقاً .. احببتها نعم .. لكن هوس اللعبة هو ما سيطر علي ..."
فجأة أرتعش جسده بالكامل .. ذبلت نظراته وتلبست ملامحه الكِبَر ! وكأنه كبر في لحظة ليبدو اقرب لروح عجوز منهك ... منهك باثامه التي يعترف بها ...
بدا شديد الضعف وضعفه هذا اضعفها وضرب قلبها بمقتل .. ورغم ضعفه كان شجاعاً ليعترف بما تبقى دون تردد " ازددت جنوناً عندما علمت بخطبتها رسميا للمدير فاصبحت هستيري التصرفات .. علمت انهما يجهزان لبيتهما الجديد فتحصلت على العنوان وذهبت اليهما بكل جرأة ووقاحة ... و قابلتهما .. عند باب البيت وهما يغادرانه..."
الارتعاش تحول لاختضاض حقيقي وبدأ جبينه يتصبب عرقاً لم تشعر جوري الا وهي تجلس من جديد وتهمس بقلق عليه " مهند .. انت تختض ووجهك شاحب للغاية .. "
لكنه رد بهمس خافت والكلمات تختض بشكل رهيب مع اختضاض جسده " لقد .. اتهمتها في شرفها امامه .. هناك امام ذاك البيت الذي ارادته بداية حياتها الزوجية مع انسان قدرها واحترمها .. هناك اتهمتها انها استسلمت لي ومنحتني جسدها .. ثم .. ثم ... رباه .. ماذا فعلت .. كيف فعلت .."
ذراعها التفت حول كتفه تسند اختضاضه وبغريزة الانثى كانت تساعده ليتقيأ تلك الكلمات التي يحتبسها لسنوات قائلة
" ثم ماذا مهند ...؟ قلها .. اخبرني بما فعلت .."
جسده كان مثلجاً رغم العرق الذي يتصبب منه .. عيناه بدت كمن يعيش الصدمة من جديد بينما ابيضت شفتاه هامسا
" ركضت.. ركضت هاربة من الموقف الشنيع الذي.. وضعتها فيه .. لم تكن قوية كفاية وما زالت تعاني التشتت .. حطمتها امام خطيبها الذي منحها ما لم امنحها اياه .. "
اخذت انفاسه تتسارع بشكل مخيف وهو يهذر كالمحموم " كانت تركض امام عيني لتقطع الشارع على غير هدى .. حتى .. حتى دهستها ... سيارة ... حمل كبيرة ..."
التفت اليها وكلماته تختض كاختضاض جسده " امام ناظري يا جوري ... امام ناظري رأيت جسدها يطير في الهواء ثم يقع ارضا .. لقد قتلتها .. قتلتها يا جوري ... لن انسى ما حييت جسدها المسجى على ارض الاسفلت .. والدماء .. ربااااه .. دماؤها تنزف من كل مكان .. وكل ما فعلته اني .. هربت ! هل تصدقين ؟! "
كان منهكاً وكأنه يعيش الحالة من جديد
" لا اعلم كم ظلت بين الحياة والموت وانا كل ما فعلته هربت لبيت ابي .. اختبأ من فعلتي الشنيعة .. واتأرجح بين حياة وموت من نوع آخر .."
هذه المرة هو من وقف على قدميه ليتحرك مبتعداً عن جوري وكأنه وصل لاخر المطاف واشمئزازه من نفسه فوق احتماله ..
جوري تناظره ومشاعرها تتشكل باتجاه جديد مبهم ..تنظر اليه وكأنها تعرفه لاول مرة ! لا تدري حقيقة ما تشعره نحوه اللحظة لكن الانفعالات العنيفة في داخلها نضبت ..
يوليها ظهره وكأنه لم يعد يستطيع تحمل هذه المواجهة بينما يأتيها صوته منهياً اخر فصول الحكاية بصوت كئيب محمل بشعور الذنب الذي لم تمحُه السنون

" واراد الله لها ان تعيش .. نجت .. وانا .. ارضيت نفسي بارسال رسالة لخطيبها اعترفت فيها بكل اكاذيبي .. ثم .. ارسلت اليها مجد اطلب لقائها لاعتذر عن كل شيء .. ربما لم يكن اعتذارا .. كان تعلقاً بقشة وهمية اني .. قد اثير حنينها .. لكنها أتت وواجهتني ورأيت في عينيها اني انتهيت بالنسبة لها الى الابد ... وفي النهاية تزوجت به .. تزوجت بمن أحب قلبها حقاً وعاشت سعيدة معه بينما انا .."
وقفت جوري لتخطو نحوه خطوة وهي تواجهه بشجاعة وسيطرة قائلة " انت تقوقعت مع ذنوبك ومشاعرك المتأرجحة نحوها .. انت ما زلت تختبئ يا مهند لكن ليس في بيت ابيك بل داخل نفسك .."
التفت اليها مستعيداً بعض اتزانه ليضع يديه في جيبيه ينظر في عينيها ويقول
" ربما ما تقولينه صحيحا .. لكني تبت لله .. وهجرت الحرام للابد..عدت للحياة رجلا مختلفا و بعد سنوات قررت ان اوافق على إلحاح امي لاتزوج و... تزوجتك انت .."
تهز جوري رأسها سلباً وهي تقول بحزن مفاجئ
" انت لم تعد يا مهند .. ربما توبتك عن الحرام صادقة لكنك لم تعد للحياة حقيقة ولم تتزوجني حتى ! "
لم تعرف لما دمعت عيناها وهي تضيف بنبرة الشعور بالخسارة
" لثلاث سنوات لم تسمح لي ان افهم .. لثلاث سنوات كنت زوجة بالاسم والجسد لكن ليس بالروح والعقل والقلب.."
ثم تسبل اهدابها وتكابر على ذاك الحزن لتسأله بشكل مباغت" ماذا كان فيها ليغيرك ؟! "
فيقترب منها قاطعاً المسافة المتبقية بينهما ليسألها بصوت مبحوح " تقصدين حبيبة ؟"
يقف قبالتها مباشرة وهي لا تنظر اليه لترد على سؤاله (الموجع) بالنفي قائلة
" بل ... من اردتها زوجة .. ضرة لي ..."
لامست عيناه تلك الدمعة التي انحدرت على خدها ولا يعلم بأي قوة داخله استعان ليرد عليها بصدق " نسخة منها .. نفس الوجه .. نفس العينين .. نفس السمرة .. نفس القد والطول .. كانت هي و ... ليست هي في ذات الوقت .. لكني بكل تعنت اجبرت نفسي ان اراها هي ... حمى ان استعيد روحي باستعادتي للماضي فاكتبه بقلم الحاضر وباحداث مختلفة عما حصل... "
رفعت جوري وجهاً مصدوماً اليه فتسأل بتلك الصدمة " هل تقصد .. انك اردت الزواج من تلك الفتاة لانها... نسخة من حبيبة ؟"
فيرد مهند بوجوم " نعم ..."
صفعة مدوية هبطت على خده ووجه مهند يتحرك يميناً من اثر تلك الصفعة بينما جوري تحدق فيه بانفاس لاهثة ..
لم يقولا شيئا لبعض .. لا هو اظهر غضبا او انفعالا لتلك الصفعة ولا هي بررتها ..
لكن الصفعة كانت كافية لتجعل جوري تستعيد جلادتها لتقول ساخرة
" المسجون كان يسعى للحرية رغم كل شيء.. وحريتك كانت بعودة حبيبة بأي شكل او صورة او هوية ..."
يبتسم ابتسامة باردة وهو يرد " مهزلة اليس كذلك ؟! المفارقة الساخرة اني عندما قررت وقف هذه المهزلة السخيفة اكتشفت ان شذرة هي ابنة عم حبيبة .. وكان هذا سر الشبه الشديد بينهما .. بالشكل فقط ! "
لم تعد جوري بقادرة على التعامل مع المزيد .. تحركت بانفعال تبحث عن حقيبتها بينما يلاحقها مهند بخطوات سريعة هادئة ثم فجأة امسك بذراعها وهو يقف خلفها فتحاول التملص منه لكنه يشدد من ضغط اصابعه ليقول قرب اذنها " هل تعرفين لماذا اردت ايقاف المهزلة ؟! لاني أفقت من الغيبوبة .. تلاشى الضباب واختفى كل شيء وكأنه محض خيال ..."
ثم اغرق وجهه في شعرها مضيفاً بعاطفة جامحة لاتخطئ الصدق " فقط وجودك انت كان حقيقة .. "
أبتعدت بعنف عنه واستدارت لتواجهه قائلة بوجه شاحب منهك " متأخر جدا .."
يرفع ذقنه قليلا ويبدو منهكاً اكثر منها لكنه يبتسم في وجهها ابتسامة صغيرة يغطي بها على احساسه قائلا " انا دوماً متأخر ... لكني لا أيأس من محاولة اللحاق بما فاتني.."
ثم يقترب بحركة مفاجئة ليلامس جسدها بجسده قائلا بفورة مشاعر حارة تفيض صدقاً
" اقسم بالله .. اقسم بالله ... اقسم بالله .. ليس في قلبي امرأة غيرك ولن يكون ابداً .."
تحدق فيه وتقول بانفعال وتشتت " هل تظن الامر بهذه السهولة ؟ هل تظنني آلة او ربما جهاز حاسوب تجدد فيه قاعدة البيانات ثم بكبسة زر يعمل وفق المعطيات الجديدة ؟!"
يهز كتفيه يدعي السيطرة والثبات وهو يقول
" انا لم أقل هذا ..انا فقط اصارحك بكل شيء .. واهم ما في هذه المصارحة ان تعرفي بأنك امرأتي وحبيبتي وام قرة عينيّ قطر الندى .."
عادت لتدخل الدوامة .. بل دوامة اكبر مما شعرتها سابقاً معه ... رفعت يدها لتدعك جبينها وهي تردد " لا تضغط علي بقطر الندى الآن .. يكفي ما اتحمله منك لوحدك .. "
يرفع يده ويلامس جبينها باصابعه قائلا بهمس رقيق " هل ما زال الصداع ملازماً لك ؟"
ابعدت اصابعه بنفور عفوي آذاه بينما تسأله بتشتت " هل تمانع ان تبقى قطر الندى معك الليلة ؟"
رد ببعض القلق عليها " مؤكد لا امانع .. لكن لماذا ؟ هل انت بخير ؟ "
فترد وهي تدعك جانب رأسها أكثر
" احتاج البقاء بمفردي .."
ثم وجهت نظراتها لعينيه معترفة
" انا مستنزفة ..."
للحظات طويلة ظل ينظر في عينيها ويقرأ فيها صدى اعترافاته وتأثير تفاصيل حكايته مع حبيبة العطار عليها ..
لقد جازف .. يعلم انه جازف مجازفة عظيمة قد تجعل جوري تشمئز منه وتنفر من شخصه ..
لم يقل شيئا بل اكتفى أن هزّ رأسه موافقاً كلامها بصمت لتتحرك جوري من امامه وتغادر ...
غامت ملامحه المحملة باعباء الذنوب .. ذنوبه ليست كأي ذنوب ... انها .. ندوب ! ندوب سترافقه دوماً سواء غفرت جوري ام لم تغفر .. كل ما سيفعله انه سيعتاد مواجهتها بشجاعة ويتعامل معها كأمر واقع يتعايش معه...
ربما سيظل يشعر حتى آخر العمر بالخزي من افعاله الماضية لكنه ابداً لن يعود ليحبس نفسه من جديد وينفي ذاته وكأنه ميت حي ..






يتبع ...



التعديل الأخير تم بواسطة um soso ; 20-06-18 الساعة 09:29 AM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس