عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-18, 09:01 PM   #5223

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

مساء الورد والفل والياسمين

اليوم حنزل لكم تصبيرة خااااااااااصة لرعد
طبعا تصبيرة من الفصل السابع عشر
عذرا منكم بس مشغولة من اسبوعين بمناسبة عائلية وهي زواج بنت اخي عدا امور ثانوية تخص العائلة تتطلب مني اخرج باستمرار
يا رب تحبوا التصبيرة وتصبركم للاسبوع الجاي



تصبيرة من الفصل السابع عشر



مستشفى خاص



بقميص حريري فاخر وبنطال اسود يشد قامتها المذهلة وشعر مرسل على الكتفين ليحيط بوجهها الفاحش بانوثة مخيفة !
يقترب رعد منها في ممر طويل تقف هي في اخره ... تنتظره .. وعلى شفتيها المكتنزتين ابتسامة واسعة راضية وعينيها لا تخفيان اشتهائها له !
كلما اقترب فاح عطرها الثمين ولفها بغمامة الاغواء ... كل شيء فيها كان منبع الاغواء ومستوطنه ...
نظراتها اليه وكأنهما ذراعان طويلان تمتدان اليه عبر المسافات .. تطوقانه وتشدانه بتملك !
لا يعلم كيف خطر في رأسه هذا الخاطر الذي يجعله يرغب بالتقيؤ ....
وقف امامها بوجه لا تعابير فيه عدا البرود الهادئ ليسألها دون ان يلقي التحية " موظفة الاستقبال قالت لي ان عمي سيخرج بعد قليل من غرفة الانعاش .. ولن استطيع مكالمة الطبيب الآن حتى اسأل عن حالة عمي لان لديه مرورا على المرضى .."
التمعت الخواتم في اصابعها الطويلة الرشيقة وهي ترفعها لتلامس صدره بخفة هامسة بصوت يقطر عاطفة فجّة " تغيرت كثيراً يا رعد .. اصبحت رجوليا للغاية .. "
بذل جهدا خياليا حتى لا يظهر انفعاله ثم بنفس البرود واللامبالاة رفع يده ببطء ليزيح اناملها بينما يحدق وسط عينيها ويقول
" سأنتظر في غرفة الانتظار ..."
تحرك ليتجاوزها متوجهاً بخطوات ثابتة نحو غرفة الانتظار لكنها لم تتركه ... كانت خطواتها خلفه .. خطوة بخطوة ...
لسوء الحظ كانت غرفة الانتظار فارغة فشعر بالاختناق وعطر غيداء ينتشر بشكل اقرب للوباء !
جلس على احد الكراسي واخرج هاتفه ينشغل به او .. يتشاغل به ..
انامله دون ادراك منه اخذت تطبع اسم رقية العطار ليبحث عنه حتى وجده ...
لم ير الا الصور التي استخدمتها كصورة شخصية للحساب فيتطلع اليها باسترخاء عجيب وانتعاش كقرصات بهجة ...
عيناها الزرقاوان اللامعتان بالشقاوة والذكاء والتحدي وبعض الجرأة .. شفتها السفلى المميزة المتدلية قليلا بابتسامة مرسومة بعناية .. حتى أنفها الكبير مميز ويناسب فضوليتها الوقحة ...
شعر بغيداء وهي تغلق باب الغرفة خلفها ثم تتقدم نحوه فيضغط باصبعه ليخرج تلقائيا من صفحة حساب رقية ثم يقلب في صفحات اخرى في الفيسبوك دون اكتراث بمن اصبحت تقف امامه تخيم فوقه وهو محني الرأس يحدق في هاتفه ..
فجأة انحنت غيداء لتجلس القرفصاء امامه ودون مقدمات تضع كفيها على ركبتيه ثم تداعبهما بحنكة امرأة تعرف الكثير عن اثارة الرجال لينقل رعد نظراته من شاشة هاتفه الى عينيها دون ان يتخلى عن واجهة البرود لكنه في داخله كان يعاني أشد المعاناة من تلك الملامسة الفاجرة..
قالت له بصوت يفوح بالرغبة والعواطف
" كل هذا البرود في عينيك يخفي الكثير من الشغف .."
كان في صراع مهول مع غرائزه .. وكأنه عاد ذاك المراهق الشغوف حقاً .. لكن المؤكد هو انه لم يعد ضعيفاً مستسلما لها ولخبثها وتلاعبها بعواطفه الساذجة وتشويشها له حتى يتوه بين غريزة جسد وعاطفة قلب و احتياج يتيم للحنان ..
هو لم يعد ذاك المراهق حتى وهو يحمل ندبته في روحه حتى اللحظة وربما ستظل معه هذه الندبة لاخر عمره ..
نظراته اصطبغت بالسخرية وهو يحولها من عينيها الى اناملها الخبيرة ثم يعود لعينيها قائلا بكلمات لاذعة تفوح بالتحقير " هل تريدين ان تثبتي الامر لنفسك يا غيداء ؟ اني ما زلت (شغوفاً) بك ؟"
برقت عيناها وبدت وكأنها مستعدة لكشف الاوراق كلها بل كانت تنتظر مكاشفة كهذه فتسأله بجرأة
" ان لم تكن حقاً... فلماذا عدت اذن...؟ "
التزم الصمت للحظة وهو يفكر بسؤالها ..
نعم .. لماذا عاد ؟!
عندما خسر عمله في كندا كان يستطيع ببساطة البحث عن عمل آخر لكنه قرر بغتة العودة للوطن ..
داخله كان يريد العودة بعد غربة واغتراب... والامر ليس له علاقة بالغربة حقا .. الامر كان له كل العلاقة بذنوبه العالقة في الوطن.. لقد كان يشعر وكأنه في المنفى .. يهرب من تلك الذنوب .. كما يهرب من وحدته ...
الذنوب العظام تجعلك عالق حتى بالزمن ..
سنوات عشر مرت وهو يشعر ان العمر لا يمضي !
عاد لينظر في عيني غيداء المنتظرتين في تلهف وهّاج فيطيل التفكير وكأنه يواجه نفسه بصدق ...
مؤكد لم يخطر بباله وقتها ان غيداء باتت مهووسة به لهذه الدرجة لكنه خاطر باحتمال انها ربما ستحاول معه ..
ورغم هذا قرر ان يواجه الامر وذهب لبيت عمه منذ ان وطأت قدماه أرض الوطن .. لهذا لم يخبر عبد الرحمن بموعد وصوله .. كان يريد ان يذهب بنفسه هناك دون ان يجد اي عذرا للتهرب من المواجهة ..
عمّه لم يكن ليهتم حقا اين سيعيش عند عودته ومع من .. لكن رعد اراد المواجهة .. مواجهتها .. ومواجهة نفسه معها .. لم يخطط للبقاء لاكثر من اسبوع او اثنين .. بضعة ايام تخيلها كافية ليثبت لنفسه وليثبت لها انه تجاوز الماضي ولم يعد يهتم ...
لكن ما إن رآها لاول مرة وعمه يستقبله في بيته يوم عودته حتى قرر في نفس اللحظة انه يجب ان يغادر ... كان فيها شيء يجعله يشعر وكأنه عاد (رعد) الذي كان ...
فجأة قست عيناه ليبعد يدها باشمئزاز واضح مستعيدا كل تركيزه قائلا بنبرة خطرة
" غباء منك ان لا تدركي مع من تتحدثين الآن .. انت تنكشين في نقطة تائهة في بحر مجهول أملا ان تثيري منها الزوابع فيه ! (رعد) الذي عرفته يوماً وخدعته باسم الحب والعشق هو تلك النقطة في (رعد) اليوم.."
ثم وقف على قدميه ليتحرك ويتجاوزها مضيفاً ببرود قاتل " ساذهب لأرى الطبيب .. ولن اترك تفصيلة في حالة عمي الصحية دون أن استفسر عنها .. "
ما زالت على جلستها وهي تستدير برأسها لتتبع خطواته المغادرة ...
عيناها تلمعان بالخبث وشفتاها تبتسمان بإجرام !




بعد نصف ساعة كان رعد يسير في رواق المستشفى نحو غرفة عمه وهو شاحب الوجه !
الطبيب كان واضحاً للغاية وهو يشرح حالة عمه .. الحبوب الزرقاء تلك ستقتله ان استمر في اخذها بهذه الطريقة المفرطة...
الآن فهم ما تفعله غيداء ويتكهن بخطتها.. انها تقتل عمه بالشهوة وتحكم سيطرتها عليه باثارة غرائزه بشكل يفوق قدرته على التحمل وهي تدفعه لتناول تلك الحبوب ليجاريها ...
طرق باب الغرفة بخفة وفتحها عفوياً دون أن ينتظر الاذن وهو يستعيد رباطة جأشه ويرسم ابتسامة لطيفة على وجهه .. لكن تجمدت تلك الابتسامة حالما رآى المنظر امامه ...
غيداء شبه ممددة على السرير الابيض جوار عمه الذي خرج قبل قليل فقط من غرفة الانعاش ويدها تحت الغطاء الابيض تلامس صدره وهي تنظر الى وجهه المرهق نظرات رهيبة شيطانية ..
اما عمه فكان غارقاً مستسلما لتلك الاثارة !
بحركة حادة عنيفة أدار رعد رأسه جانبا وهو يتنحنح قائلا بحشرجة
" مرحبا عمي .. الحمد لله على السلامة .."
اعطاه رعد كل الوقت ليستعيد نفسه قليلا بينما يرد عليه عمه بحرج " مرحباً .. بني .."
ثم يتضاحك العم مضيفاً " غيداء كانت تلامس قلبي لتتأكد انه بخير .."
أعاد رعد نظراته نحوهما ليرى غيداء لم تكلف نفسها عناء النهوض من جانب عمه بل تتمادى وهي تحرك ساقها فوق ساق زوجها وتنظر لرعد بتحدٍ ثم تسأل
" هل طمأنك الطبيب؟"
يقترب رعد وعيناه على عمه ثم يقف جوار السرير من الجانب البعيد عن غيداء لينحني ويقبل رأس عمه قائلا بابتسامة " ستكون بألف خير عماه اذا .. التزمت بالتعليمات .."
تلتف ذراع غيداء حول جسد العم وتقول بنبرة اهتمام مصطنع " سأراعيه ليل نهار حتى اعيده شاباً عشرينيا من جديد .."
شعر رعد بالغضب والخوف يغذيان بعض في داخله ! الغضب مما تفعله غيداء والخوف مما قد يحصل فعلا ان استمرت في فعلها ...
حاول ان يتدارك الامور عسى ان يستطيع ايقافها
" عماه .. احتاج ان اتكلم معك على انفراد.."
لكن غيداء قررت ان تلعب لعبتها فتتشبث بجسد زوجها وتقول متصنعة اللهفة
" ابدا لن اتركه .. لن افارقه لحظة .. ان كان الطبيب قال لك شيئا فيجب ان اعرف .."
ثم ترفع يدها ودون حياء تحاوط وجه زوجها وتنظر في عينيه لتقول بهمس انثى غاوية مغوية " انا وانت واحد .. اليس كذلك حبيبي .. ؟ لن تبعدني عنك ابدا .. انا حبيبتك وصغيرتك .."
كان رعد يشعر بالاختناق مما يجري ..
لقد كان يراقب بعجز جريمة قتل كاملة !
وما زاد الطين بلة رد عمه عبد السلام وهو يقول بضعف المرض
" انت كل شيء لي في هذه الدنيا .. لن افارقك ولو حملوني على نقالة اسعاف ..."
تبتسم غيداء برضا كامل وهي ترفع نظراتها لرعد .. نظرات انتصار وتهديد في الوقت ذاته..
غيداء بيدها كل شيء وهو ليس بيده اي شيء.. ماذا يقول لعمه الآن ؟
عمه اصبح رهن مشيئة غيداء .. لا يصدق الا كلامها ولا يرى الا عبر عينيها ولا يتنفس الهواء الا بالقدر الذي تمنحه اياه ..
حاول رعد من جديد وهو يتخذ اسلوبا مباشرا وموضوعيا عسى ان يفيق عمه من غفلته فيقول " عماه .. الطبيب قال ان تلك الحبوب التي تأخذها .. خطر على حياتك .."
للحظة بدا العم مرتبكاً ليتحول ارتباكه الى انزعاج وهو يرد ببعض الفظاظة على ابن اخيه
" هذا الطبيب قليل الخبرة .. انا اعرف ما افعله فلست طفلا ليوجهني ! كما ليس له الحق ان يكلمك بخصوصياتي .."
عندها افتعلت غيداء حركة انثوية مكشوفة وهي تدعي الخجل والحزن بينما تميل بوجهها لتحشره في كتف زوجها وتهمس
" يا الهي يا عبد السلام .. هذا الطبيب يتهمني اني اؤذيك !"
فيرد عليها عبد السلام وهو يربت على خدها
" فليذهب الى الجحيم .. انه غبي أبله .."
يحدق رعد في الاثنين كالمصعوق !
لقد فات الاوان .. فات ....
وكأن عمه يسمع افكاره فيضيف " حتى وان كنت سأموت بسببها فلا يهمني .. لانني سأموت سعيدا .."
فتطلق غيداء اصوات النواح الرقيق وهي تمثل دورها بإجادة " لا تقل هذا ابدا .. انت بألف خير .. سأموت إن حصل لك مكروه .. لا احد يحبك كما احبك انا .."
لم يحتمل رعد ليهدر فيها " ان كنت تحبينه حقاً يجب ان تمنعيه من هذه الحبوب .."
عندها أخذت غيداء تبالغ بالنواح وتقول بهستيرية متقنة الاداء " هل رأيت يا عبد السلام ؟! حتى ابن اخيك يتهمني أني اؤذيك ..! وهو يعلم جيدا كم احبك .. وكم تحملت واخفيت عنك كثيرا من الامور التي .. قد تزعجك وربما تغضبك جدا .. لاني .. احبك واخاف عليك .."
كان التهديد المبطن الموجه اليه واضحا ..
لقد لعبت غيداء لعبتها ..
الآن... حتى وان اخبر عمه بكل الماضي القذر فهو لن يصدق اي كلمة منه ..
انفعل العم واحتقن وجهه قليلا وهو يدافع بضراوة عن (زوجته) ضد ابن اخيه قائلا
" كيف تؤذي غيداء هكذا ؟! وانا الذي شعرت بالذنب لاني تركتك بمفردك دون عون مني واردت رؤيتك اليوم حتى اطمئن عن احوالك .. "
حاول رعد ان يهدئه " عمي لا تنفعل هكذا .. انا لم اقصد .."
لكن العم اشتد انفعاله وهو يقول بقسوة
" اخرج من هنا .. انت لم تأتي اليوم الا لتتأكد اني حي .. انت تريدني ان أظل حياً لتستفيد من وجودي .. مؤكد تنتظر ان اعطيك مزيدا من المال او اكتبك في وصيتي وانت توهم نفسك انه مال ابيك !"
اتسعت عينا رعد وتجمدت نظراته ...
لم يطالب يوماً عمه بحق ابيه المغتصب بل لم يذكره امامه حتى .. لكن ان ينكر عمه هذا الحق بهذا الشكل المعلن بل ويتهمه بالطمع فيه كان أمرا فوق احتماله ..
يجب ان يغادر هذا المكان قبل ان تتداعى الامور اكثر وتتحول لمزيد من القذارة ..
انه يشعر بالقرف ... بالقرف من كل شيء ..
بشق الانفس يكتم انفعاله ثم يرد ببرود
" ساغادر عمي .. لكني لم احضر هنا الا بناء على مكالمة من غيداء تخبرني انك تريد مني الحضور .."
فهتف به عمه وهو يشدد من احتضان زوجته
" وانا كنت مخطئا باستدعائك .. غيداء وحدها من تخاف علي حقا ... ظننتك مختلفا يا ابن اخي .. لكنك كأخيك عصام طامع بي .. الكل يطمع بالمال الذي املكه .. لكني لن أسمح بأن تأخذوا دينارا واحدا مني.. ارحل ولا تريني وجهك مرة اخرى .."
حدق فيه رعد طويلاً ..
يؤلمه شبه بوالده يراه فيه .. شبه بالملامح والصوت ...
لكن والده رحل .. كما رحلت امه ..
وعمه الذي عرفه في طفولته حنوناً لطيفاً رحل ايضا..!
ودّعه بعينيه بينما نظرات غيداء الضاحكة تلاحقانه وهو يستدير متمتما بالسلام ..
تحمله ريح الوداع ليفارق من جديد ..
كلهم راحلون .. واحدا تلو الآخر ...







قرابة المغيب ...



الشعور بالألم مُسكر !
هذا ما اكتشفه رعد وهو يكاد يترنح على الرصيف بعد ان ترجل من سيارة الاجرة على الشارع العام فينقد السائق اجرته ويمضي سائرا في طريقه ليدخل الحي ..
كان يستطيع ان يطلب من السائق ايصاله حتى باب بيت العم سعدون لكنه أراد ان يكمل الطريق مشياً على قدميه بين اناس اصبح يألفهم.. لعل وجوههم الطيبة تجعله يفيق من سكرة الألم ...
غروب الصيف طويل .. يجعلك تشعر بالتلذذ.. خاصة حين تسير بين اشجار النخيل المتفرقات في حي دافئ هادئ كهذا الحي ...
الناس هنا يلقون السلام في الذهاب والاياب ..
والنساء يمسكن بايدي اطفالهن الصغار وهن تتحاكين ويتضاحكن وسط الطريق ثم تمضي كل في شأنها وقد اسدل المغيب ستاره..
حتى الصبية يعودون الى بيوتهم متسخين من لعبة كرة قدم حماسية قضوا فيها العصر بأكلمه ...
كان رعد يوشك ان يصل عندما باتت الشوارع هادئة خالية فشعر برغبة ان يدق الجرس على اي بيت دون تحديد .. فقط اراد ان يشعر بالناس من حوله !
ثم ... تتعثر خطوته وهو يرى رقية تقف في باب بيتهم ترش الماء من الخرطوم ...
تأوه خرج من صدره وتتسارع خطواته وهو يشعر انه سيجد معها متنفساً ...
قلبها يقرع في صدرها بقوة وهي تدعي انها لم تره وهو يدخل شارعهم الفرعي ...
لقد كانت بانتظاره والقلق يتآكلها عليه..
العصر قضته في الحديقة رغم ان الجو لم يكن مناسبا .. وامها استغربتها لكنها ادعت ضيقاً من الجلوس داخل اربعة جدران !
اتصلت بها رباب وقد بدت اختها وكأنها تريد مكالمتها بأمر ما لكنها ادعت الصداع لتتهرب منها ..
وزاد الطين بلّة حضور خطيب شذرة قبل قليل فاوشكت ان تصرخ رقية غيظاً ..
لم تكن تحتمل وجود احد ولا الكلام مع احد وهي تنتظر عودة .. رعد ...
شعرت به اخيرا يقف بخطواته قريبا وهو يقول باسلوبه المستفز
" هل تقفين بباب البيت هكذا.. قلقا علي ؟"
ردت بتوبيخ وقح دون ان تنظر نحوه
" اظنك سهوت عن خرطوم الماء في يدي.. انا اشطف ارضية المرآب .. "
فيدعي المفاجأة وهو يقول باستدراك " آآآه .. صحيح .. كيف سهوت عن الماء الذي اغرق الشارع بأكمله .. اذن دعيني اعيد الجملة بشكل صحيح ..."
ثم يتنحنح ويقول بنبرة شقية مشاكسة
" هل تشطفين ارضية المرآب هكذا .. قلقا علي ؟"
حاولت رقية جهدها ان تكتم ضحكتها لكن لم تستطع .. افلتت منها وضحكت من قلبها ضحكة رنانة ..
واخيرا قررت النظر اليه وعندما فعلت ذبلت ضحكتها قليلا وهبط قلبها منها وهي تنظر لحالته !
رغم ابتسامته المشاكسة التي تألفها بل وتحبها الا ان وجهه كان يحمل تعابير مرهقة.. بل منهكة بشكل غريب وعميق ... عيناه غائرتان فيهما نداء يمس القلب لم تستطع ان تفسره ..
كان في حال غريبة غير مألوفة منه ...
شعرته يريد منها شيئا لكن .. لا تعرف ما هو !
لا تعرف كيف خرج السؤال على لسانها وباهتمام جدي " هل عمك بخير ؟"
رأت انعكاس صدمة وشيء اخر مبهم في عينيه .. وكأنها قساوة او ربما ألم !
لكن ابتسامته كما هي وهو يرد عليها بنبرة متسائلة " ومن قال انه ليس بخير ؟"
فتهز كتفيها وتقول ببساطة " لا اعرف .. فقط خمنت ... عندما اتصل بك بدوت مستعجلا للذهاب اليه .."
هذه المرة القساوة شعت من عينيه وهو يقول باقتضاب ومزيدا من الغموض
" تخمينك صحيح .. هو ليس بخير .."
ثم ينظر في عينيها بشكل غريب وكأنه يخصها بسر خطير فيضيف بخفوت ونبرة مؤثرة " وانا ... لست بخير .. ايتها الخلطة السحرية.. اليس هذا لقب ابيك لك ؟ ترى هل لديك خلطة لتجعلني اتحسن قليلا ؟ "
قلبها يقرع بعنف في صدرها وهي تحدق فيه باضطراب شديد ..
تريد ان تعرف ما هذا الذي يجعله بهذه الحال ؟
انه يطلب مساعدتها حقاً دون ان يشعر ..
وكأنه مغيب ولا يدرك ماذا يطلب ومن من يطلبه بالضبط ؟
طال ذاك الصمت العجيب .. صمت لا يقطعه الا صوت الماء الجاري من الخرطوم وبعض اصوات الحشرات ... ثم فجأة علا صوت الصلاة من المسجد القريب ليخرجهما معاً من صمتهما ذاك ...
ابتعد رعد خطوة للخلف باتجاه بيت الصائغ المقابل ويحني رأسه قليلا وهو يتمتم بشقاوة
" اظنني سأذهب للحاجة سوسو.. فيبدو انك تبخلين بخلطتك علي .."
تبتلع رقية ريقها بصعوبة وهي تطيل بقاءه لحظات اخرى بالسؤال " الحاجة سوسو ؟! تقصد الخالة سعاد .. وماذا ستفعل لك ؟"
يرفع وجهه اليها قائلا بغمزة اكثر شقاوة وعبثاً
" ألا تعرفين ؟! ان لها سحرها ايضا علي .. ستقرأ بعض الايات القرانية وتنفخ علي وكل شيء بعدها سيصبح بخير .."
لم تعد تستطيع قول المزيد وهي مشوشة وتائهة بحالة رعد التي لا تفهمها ..
يخطو خطوة مبتعدة اخرى لكنه يتوقف ويضيف بمشاكسة مستعيدا اسلوبه معها
" صورتك على الفيسبوك لم تعجبني .. شعرك منكوش بالهواء واظنك كنت تنظرين ناحية انفك الكبير بدلا من الكاميرا لانك تبدين فيها حولاء حقاً! "
بينما يصدمها تعليقه يرفع يده لجانب رأسه بتحية وابتسامة عريضة تشق فمه ثم يستدير موليا اياها ظهره ليعبر باتجاه بيت الصائغ ..
في لحظة واحدة نقلها من قمة التشوش لاجله والقلق عليه والتساؤل عما يخفيه ويعاني منه الى قمة الحنق الانثوي والغضب الانتقامي الحوائي ... تتجاوز صدمتها في لحظة .. وتكز اسنانها وهي تناديه " رعد ..."
فيقف ويستدير اليها من جديد وعلى وجهه نفس الابتسامة بل ازدادت خبثاً ومشاكسة وقبل ان يقول شيئا كانت ترفع الخرطوم في يدها وبضغطة من اصبعها على فتحة الخرطوم لتزيد تدفق الماء وتوجهه مباشرة اليه ..
شهقة مفاجأة منه ثم استسلم وهي تغسله بالماء من فوق الى تحت حتى بردت نار الانتقام..
أخفضت الخرطوم اخيرا عندما اكتفت فيفتح رعد عينيه المبللتين ببطء ثم ينظر لهيئتها الفخورة بالجينز والبلوزة الصفراء وشعرها القصير المرفوع كذيل حصان ..
وكأنه يرى تفاصيلها للتو .. لقد جعلته يفيق! هذه القطة المنتقمة منحته ما اراد ..
ثم تبتسم ابتسامة تشفٍ حلوة جدا قبل ان تأخذ (خرطوم الانتقام) معها وتدخل البيت وهي تقول برضا كامل " انهيت عملي هنا.. حمام الهنا يا ظريف.."






انتهت التصبيرة
تعليقاتكم واحساساتكم العميييييييييييكة


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس