عرض مشاركة واحدة
قديم 17-07-18, 08:57 PM   #5343

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

قرابة المغيب ...



الشعور بالألم مُسكر !

هذا ما اكتشفه رعد وهو يكاد يترنح على الرصيف بعد ان ترجل من سيارة الاجرة على الشارع العام فينقد السائق اجرته ويمضي سائرا في طريقه ليدخل الحي ..

كان يستطيع ان يطلب من السائق ايصاله حتى باب بيت العم سعدون لكنه أراد ان يكمل الطريق مشياً على قدميه بين اناس اصبح يألفهم.. لعل وجوههم الطيبة تجعله يفيق من سكرة الألم ...

غروب الصيف طويل .. يجعلك تشعر بالتلذذ.. خاصة حين تسير بين اشجار النخيل المتفرقات في حي دافئ هادئ كهذا الحي ...

الناس هنا يلقون السلام في الذهاب والاياب ..

والنساء يمسكن بايدي اطفالهن الصغار وهن تتحاكين ويتضاحكن وسط الطريق ثم تمضي كل في شأنها وقد اسدل المغيب ستاره..

حتى الصبية يعودون الى بيوتهم متسخين من لعبة كرة قدم حماسية قضوا فيها العصر بأكلمه ...

كان رعد يوشك ان يصل عندما باتت الشوارع هادئة خالية فشعر برغبة ان يدق الجرس على اي بيت دون تحديد .. فقط اراد ان يشعر بالناس من حوله !

ثم ... تتعثر خطوته وهو يرى رقية تقف في باب بيتهم ترش الماء من الخرطوم ...

تأوه خرج من صدره وتتسارع خطواته وهو يشعر انه سيجد معها متنفساً ...

قلبها يقرع في صدرها بقوة وهي تدعي انها لم تره وهو يدخل شارعهم الفرعي ...

لقد كانت بانتظاره والقلق يتآكلها عليه..

العصر قضته في الحديقة رغم ان الجو لم يكن مناسبا .. وامها استغربتها لكنها ادعت ضيقاً من الجلوس داخل اربعة جدران !

اتصلت بها رباب وقد بدت اختها وكأنها تريد مكالمتها بأمر ما لكنها ادعت الصداع لتتهرب منها ..

وزاد الطين بلّة حضور خطيب شذرة قبل قليل فاوشكت ان تصرخ رقية غيظاً ..

لم تكن تحتمل وجود احد ولا الكلام مع احد وهي تنتظر عودة .. رعد ...

شعرت به اخيرا يقف بخطواته قريبا وهو يقول باسلوبه المستفز

" هل تقفين بباب البيت هكذا.. قلقا علي ؟"

ردت بتوبيخ وقح دون ان تنظر نحوه

" اظنك سهوت عن خرطوم الماء في يدي.. انا اشطف ارضية المرآب .. "

فيدعي المفاجأة وهو يقول باستدراك " آآآه .. صحيح .. كيف سهوت عن الماء الذي اغرق الشارع بأكمله .. اذن دعيني اعيد الجملة بشكل صحيح ..."

ثم يتنحنح ويقول بنبرة شقية مشاكسة

" هل تشطفين ارضية المرآب هكذا .. قلقا علي ؟"

حاولت رقية جهدها ان تكتم ضحكتها لكن لم تستطع .. افلتت منها وضحكت من قلبها ضحكة رنانة ..

واخيرا قررت النظر اليه وعندما فعلت ذبلت ضحكتها قليلا وهبط قلبها منها وهي تنظر لحالته !

رغم ابتسامته المشاكسة التي تألفها بل وتحبها الا ان وجهه كان يحمل تعابير مرهقة.. بل منهكة بشكل غريب وعميق ... عيناه غائرتان فيهما نداء يمس القلب لم تستطع ان تفسره ..

كان في حال غريبة غير مألوفة منه ...

شعرته يريد منها شيئا لكن .. لا تعرف ما هو !

لا تعرف كيف خرج السؤال على لسانها وباهتمام جدي " هل عمك بخير ؟"

رأت انعكاس صدمة وشيء اخر مبهم في عينيه .. وكأنها قساوة او ربما ألم !

لكن ابتسامته كما هي وهو يرد عليها بنبرة متسائلة " ومن قال انه ليس بخير ؟"

فتهز كتفيها وتقول ببساطة " لا اعرف .. فقط خمنت ... عندما اتصل بك بدوت مستعجلا للذهاب اليه .."

هذه المرة القساوة شعت من عينيه وهو يقول باقتضاب ومزيدا من الغموض

" تخمينك صحيح .. هو ليس بخير .."

ثم ينظر في عينيها بشكل غريب وكأنه يخصها بسر خطير فيضيف بخفوت ونبرة مؤثرة " وانا ... لست بخير .. ايتها الخلطة السحرية.. اليس هذا لقب ابيك لك ؟ ترى هل لديك خلطة لتجعلني اتحسن قليلا ؟ "

قلبها يقرع بعنف في صدرها وهي تحدق فيه باضطراب شديد ..

تريد ان تعرف ما هذا الذي يجعله بهذه الحال ؟

انه يطلب مساعدتها حقاً دون ان يشعر ..

وكأنه مغيب ولا يدرك ماذا يطلب ومن من يطلبه بالضبط ؟

طال ذاك الصمت العجيب .. صمت لا يقطعه الا صوت الماء الجاري من الخرطوم وبعض اصوات الحشرات ... ثم فجأة علا صوت الصلاة من المسجد القريب ليخرجهما معاً من صمتهما ذاك ...

ابتعد رعد خطوة للخلف باتجاه بيت الصائغ المقابل ويحني رأسه قليلا وهو يتمتم بشقاوة

" اظنني سأذهب للحاجة سوسو.. فيبدو انك تبخلين بخلطتك علي .."

تبتلع رقية ريقها بصعوبة وهي تطيل بقاءه لحظات اخر بالسؤال " الحاجة سوسو ؟! تقصد الخالة سعاد .. وماذا ستفعل لك ؟"

يرفع وجهه اليها قائلا بغمزة اكثر شقاوة وعبثاً

" ألا تعرفين ؟! ان لها سحرها ايضا علي .. ستقرأ بعض الايات القرانية وتنفخ علي وكل شيء بعدها سيصبح بخير .."

لم تعد تستطيع قول المزيد وهي مشوشة وتائهة بحالة رعد التي لا تفهمها ..

يخطو خطوة مبتعدة اخرى لكنه يتوقف ويضيف بمشاكسة مستعيدا اسلوبه معها

" صورتك على الفيسبوك لم تعجبني .. شعرك منكوش بالهواء واظنك كنت تنظرين ناحية انفك الكبير بدلا من الكاميرا لانك تبدين فيها حولاء حقاً! "

بينما يصدمها تعليقه يرفع يده لجانب رأسه بتحية وابتسامة عريضة تشق فمه ثم يستدير موليا اياها ظهره ليعبر باتجاه بيت الصائغ ..

في لحظة واحدة نقلها من قمة التشوش لاجله والقلق عليه والتساؤل عما يخفيه ويعاني منه الى قمة الحنق الانثوي والغضب الانتقامي الحوائي ... تتجاوز صدمتها في لحظة .. وتكز اسنانها وهي تناديه " رعد ..."

فيقف ويستدير اليها من جديد وعلى وجهه نفس الابتسامة بل ازدادت خبثاً ومشاكسة وقبل ان يقول شيئا كانت ترفع الخرطوم في يداها وبضغطة من اصبعها على فتحة الخرطوم لتزيد تدفق الماء وتوجهه مباشرة اليه ..

شهقة مفاجأة منه ثم استسلم وهي تغسله بالماء من فوق الى تحت حتى بردت نار الانتقام..

أخفضت الخرطوم اخيرا عندما اكتفت فيفتح رعد عينيه المبللتين ببطء ثم ينظر لهيئتها الفخورة بالجينز والبلوزة الصفراء وشعرها القصير المرفوع كذيل حصان ..

وكأنه يرى تفاصيلها للتو .. لقد جعلته يفيق! هذه القطة المنتقمة منحته ما اراد ..

ثم تبتسم ابتسامة تشفٍ حلوة جدا قبل ان تأخذ خرطوم الانتقام معها وتدخل البيت وهي تقول برضا كامل " انهيت عملي هنا.. حمام الهنا يا ظريف.."







الحي الصناعي .. شقة خليل



يقف حذيفة في احدى زوايا الشقة الضيقة وهو يبتسم بفكاهة بينما يناظر زوجته الهبلاء تعانق اخاها للمرة الرابعة خلال عشر دقائق وتدللـه وكأنه ابنها المفضل ....

تجلس جواره على الاريكة وتربت على كتفه وتلامس لحيته الداكنة ثم تنظر اليه بفخر يمس القلب وتقول " اللهم صل على النبي .. وجهك اليوم منير يضاهي جمال البدر هذه الليلة .. انت البدر في أبهى اكتماله .."

يغيظها حذيفة بالقول الساخر " نحن في اواخر شعبان .. لقد ولى البدر وانتهى... "

يضحك خليل بينما لا تبالي خلود بمشاكسة زوجها بل تحيط اخاها الصغير بكل اهتمامها وهي تسأله بعتب الامومة

" لماذا تغيب عني كثيرا يا قرة عيني.. انا اشتاقك واشعر بالحزن اذا مرت ايام طويلة دون ان اراك .. انك حتى توقفت عن الحضور للمدرسة لانجاز عملك هناك .."

تلاشت ابتسامة خليل وتجمد محياه وهو ينقل نظراته الى حذيفة بينما يرد على اخته بتوتر

" انا مشغول جدا ببناء مستقبلي .. ولا وقت لدي للمدرسة .. سأطلب من كهربائي اخر ان يتمم العمل هناك .."

ينقل حذيفة نظراته بين خليل وخلود وهو يتوجس من زوجته ان تفتح موضوع خطبة شذرة من جديد امام خليل ..

يسارع ليدخل في الحوار وهو يتحرك من وقفته مظهرا تململا وهو يقول ساخرا

" هذه الشقة لا تتسع لاكثر من نفرين .. اول شيء ستفعله عندما تتحسن ظروفك ان تنتقل لشقة افضل .."

يطرق خليل قليلا وهو يتمتم " باذن الله..."

لكن خلود تجدها فرصة لتفتح موضوعاً يهمها كـ(أم) فتقول بحماسة

" ولن تنتقل لشقة جديدة اوسع الا وعروسك في يدك .. "

يرفع خليل رأسه بحدة بينما تضيف خلود ضاحكة بشقاوة وهي تميل برأسها لكتف اخيها في مداعبة ومناغشة

" اعترف يا فتى .. هذه الفتاة زاهرة تتبادل معها الاعجاب اليس كذلك ؟ "

تصطك اسنان خليل من شدة التوتر ويكاد يصرخ وجعاً وقهرا ليتدخل حذيفة من جديد حتى يمنع انفجاره قائلا لزوجته بنبرة ساخرة موبخة " اي زاهرة يا امرأة ؟! انها طالبة مدرسة مراهقة.. ثم ان اخاك ليس مستعدا للزواج الآن .. فلا تشغليه بأمور ثانوية الآن واحاديث النساء عن الخطبة والزواج ودعيه يركز في عمله .."

لكن خلود تعبس لتقول بإصرار " وهل قلت ان يذهب اليها الان ويطلبها ؟! انا كنت اسأله واجس نبضه عن الفتاة .. ثم من قال انها طالبة مدرسة مراهقة ؟ ربما تبدو اصغر من سنها لكنها في التاسعة عشرة وسوف تنهي دراستها في المعهد بعد عام واحد .."

هبّ خليل ليقف على قدميه قائلا بنبرة حادة

" زوجك معه حق يا اختي .. انا لست مستعدا للزواج الآن وما دمت غير مستعد فلن اورط بنات الناس معي .. لذا انا لا افكر لا بزاهرة ولا .... بغيرها .. "

تتنهد خلود وهي تقف على قدميها وتجاوز وقفة اخيها لتقول له ببعض الحزن

" كمّلك رب العباد وجمّلك بعقلك .. سيرزقك من اوسع الابواب ومع الرزق ستأتي العروس والزوجة الصالحة والبين والبنات .."

يغير حذيفة الموضوع وهو يقول بفكاهة

" اريد بعض المثلجات من العم حسون على ناصية الشارع .. هيا خذنا اليه .."

تبتهج خلود كطفلة فتتقدمهما ليغادروا الشقة سوية وبينما خليل يغلق الباب تهبط خلود درجات السلم قبلهما ثم يعلو صوتها المبتهج وهي تسلم على ام زاهرة بترحاب خاص فيلتفت خليل تخنقه لهفة ألم فيسأل زوج اخته بخفوت " هل .. تمت الخطبة؟"

ينظر اليه حذيفة للحظات بوجه لا تعابير فيه ثم يرد بهدوء " انت لا تترك هذا السؤال وتعذب نفسك فيه ! حسن .. نعم .. تمت .. والزواج سيكون في عيد الاضحى .."

يقع المفتاح من يد خليل ويمتقع وجهه وقلبه يتمزق إربا إربا ثم يشيح بوجهه جانبا وكأنه لا يطيق ان يشهد احدهم هذا الوجع الرهيب الذي يعانيه ...

ينحني حذيفة ليلتقط المفتاح من الارض ثم يعتدل ليقول لخليل بحزم ووعد " سترى ان حياتك كلها ستتغير للافضل .. فقط اهتم بعملك يا خليل .. بناء مصدر رزق يصنع الرجال الاشداء الذين لا يقعون ابدا حتى وهم يتمرغون في الألم .. "

ثم مد حذيفة يده ليمسك كف خليل ويضع في راحة يده المفتاح مضيفاً بنبرة ساخرة

" هيا لننزل قبل ان تجد اختك قد خطبت لك الطفلة المراهقة زاهرة .."

يتحرك حذيفة لينزل اولى الدرجات يتبعه خليل وهو مطرق ثم فجاة يقول خليل بخفوت

" هي ليست مراهقة .."

تتوقف خطوات حذيفة ويلتفت لخليل قائلا ببساطة " مراهقة ام لا ... هذا ليس مهما لك حاليا .. "

فيردد خليل بشرود وعيناه الجميلتان تشعان بذكرى عيني شذرة

" نعم .. ليس مهما .. على الاطلاق .."






يتبع .......


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس