عرض مشاركة واحدة
قديم 17-07-18, 08:59 PM   #5345

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

في اليوم التالي .. حي الشيخ



خرج من الحمام يتوجه ناحية الاريكة حيث قميصه الملقى هناك وهو يكاد لا يقوى على الثبات !

صدره العاري يرتفع وينخفض بانفاس متسارعة في ضعف جسدي لم يختبره قبلا ...

يتمتم في سره وهو يشتم فالح " هذا اللعين لا يكف عن وسوسته وإلحاحه لاجرب المزيد من حبوبه القذرة .."

يلتقط قميصه النظيف حيث تضعه له حسناء ليلبسه وقبل أن يزرره يعبس قليلا للصداع المؤلم الذي بات ملازما له طوال النهار ..

يشعر بحسناء تتحرك من جلستها على حافة السرير فيلتفت اليها ليتفاجأ وهو يراها ترتدي عباءتها السوداء ثم تقف بثبات بوجهها الجميل الشاحب لتقول بعزم رغم خفوت صوتها الذي يثير فيه الشجن " انا جاهزة .."

تجيش كل المشاعر محتدمة في صدره وهو يحدق فيها ويكاد لا يصدق انها تكلمه بعد ايام طويلة من عذاب صمتها ...

الايام مرت بينهما ميتة ! .. يقضي النهارات متسكعاً هائما على وجهه يتشاجر مع كل من يصادفهم في جنون ثائر لا تفسير له جعل اهل الحي بأكمله يتجنبوه وكأن فيه جرب او مرض معد خطير.. او وكأنهم يرونه وحشاً ! مجرد وحش ثائر يهيم في الطرقات باحثاً عن فريسة ينهشها ... حتى الاطفال باتوا يهربون من امامه كلما رأوه ...

ووسط تسكعاته هذه يمر على البيت فيستكين الوحش في جوفه بينما يده ترتعش وفي رحاها تستقر التمرات ..

فيرى حسناءه دوماً تجلس عند الشباك المغلق تهيم بفكرها وروحها في عالم اخر بعيدة عنه وعن الحي بأكمله ...

يضع التمر على السرير ويتمتم لها ان (تعالي وكلي) ثم يغادر هارباً منها عائدا الى الشارع.. عائدا لوحشه الجائع للعنف .. فيبطش بطشاً في الناس حتى تغيب الشمس وتأخذه قدماه وروحه المنهكة الى بيت حمدية او الى بيوت مثيلاتها يفرغ فيهن رغبة جسده ..

اجل لقد عاد اليهن .. يعاشرهن وصرخات حسناء تصم اذنيه .. (اخبرني يا ربي لماذا ابتليتني هكذا بما لا اطيق ؟ هل هو عقاب ام ماذا يا رب ؟!! يا رب .. يا رب .. يا رب .. انا الطاهرة العفيفة يا رب .. لماذا يا رب ..)

دوماً صرخاتها هذه كانت تعلو فوق لهاث جسده مع لهاث جسد غانية يعاشرها ..

لكنه لا يتوقف.. ليكرر كل ليلة فعل المثل ! وكلما عاشر احداهن يشعر أن حسناء تتلاشى منه ... فيتلاشى هو معها ولا يبقى الا الوحش المتربص به ..

ثم مع اذان الفجر بصوت المؤذن الحزين يخرج من بيوت الغواني مترنحاً من السكر والضياع وشعور القرف من نفسه ليجد دوماً فالح في طريقه وكأنه بانتظاره ! فيدس فالح كيس حبوب جديد في جيب قميصه ثم يبتسم ويرحل يبتلعه الظلام وكأنه اتى من جحر الشيطان أدى المهمة وعاد اليه ..

وحالما يأخذ الحبة يتوه عن كل شيء ..

يتوه عن حسناء وعن الوحش وعن صور الفقر وبطش الذل وقهر الضعف .. يتوه وقدماه تأخذناه الى فرشة نظيفة يألفها لينام عليها ولا يستيقظ الا قرابة الظهيرة وعندها فقط يدرك انه على فرشة حسناء ..

عاد لينظر الى وجهها الشاحب الذابل وهو يسأل معقباً على جملتها " جاهزة لاي شيء ؟"

يشتد العزم على ملامحها وهي تتقدم نحوه في شجاعة فيطلق خلخال قدمها اصواته المألوفة حتى وقفت قبالته تحدق فيه .. لكنها ظلت صامتة للحظات والخلخال ما زال يرن ....

رنين الخلخال كأنه رنين أصفاد وقيود !

لقد اصبح يكره رنته ... يمقتها...!

بل يود لو يقطع الخلخال تقطيعا !

لا يعلم ماذا جرى له معها ... لا يعلم لماذا لم يعد حتى يستطيع اخذ رغبته منها ... انه يرغبها طوال الوقت لكنه لم يعد يستطيع...

فيفرغ تلك الرغبة في حمدية وغيرها...

جاء صوتها اخيرا ببعض الرعشة

" انا جاهزة للخروج للعمل .. "

نظر ليدها التي ما زال الجرح فيها لم يندمل ليقول بتوتر وهو يلتهمها بنظرات الشوق

" لكن يدك ما زالت ..."

تقاطعه وهي تصرخ بتلك الرعشة في صوتها

" يدي بخير .. دعني اخرج للعمل ..."

يختض جسده وهو يحدق في عينيها فيرى الجحيم الذي يعيشه منعكسها في نظراتها..

انها تحترق معه ومع هذا تبحث عن قوة لتخرج وتنجو ! اما هو فقابع هناك يتحمل أتون النيران ولا يجرؤ ان يفارقها ....

يده ارتفعت دون شعوره لجيب قميصه يبحث عما يخدره فيكتسح الألم والقهر محياها الفاتن المنهك وهي تقول بيأس متجدد

" هل ستدمن هذه الحبوب الآن يا تحسين؟"

يصدم من تخمينها بينما يده تهبط الى جانب جسده ويتمتم بمراوغة خانقة " اية حبوب ؟! انا لم أكن ....."

تلاشت باقي الكلمات من فمه وهو يراها تدس يدها في صدر جلبابها لتخرج من هناك كيس صغير شفاف وبضعة حبوب مجموعة فيه لتقول بمزيد من القهر " هذه .. ألست تبحث عنها ؟ وجدتها في قميصك عندما كنت اغسله .."

ينظر للحبوب في يدها ولأول مرة يشعر انه يريد ان يغير صورته امامها فيحاول الكذب استرضاء لها " انها ... مجرد دواء اخذته من الصيدلية.. كان لدي .. صداع .."

تخنقها الغصة وهي ترد عليه ويدها تعتصر كيس الحبوب عصرا

" قد أكون قليلة الذكاء .. لكني اميز ما يحصل من حولي .. هذه الحبوب كنت اراها مع الصبية المراهقون في السوق .. يتعاطونها ليغيبوا عن العالم واوجاعه.."

لم يعد يحتمل فيمد كفيه ليزيح عباءتها ويمسكها من كتفيها يهزها صارخا " وانا الوجع يفتك بي فتكا وانت لا تشعرين .."

وبحركة عنيفة حادة يميل برأسه ليقبل رقبتها بنهم ويشد جسدها في احتياج يفوق حاجة جسد بينما تحاول دفعه ومقاومته بشراسة " اتركني تحسين .. اتركني .."

لكنه لا يتركها بل يشدها بعنف اكبر ويكاد يتوسلها بالقول " الا تريدينني ان أكف عن اخذ الحبوب ؟! اذن عامليني كبشر.. لا تشعرينني وكأنني حيوان .. مرة واحدة .. فقط مرة يا حُسنااا ... واحدة فقط .."

تتلوى بين ذراعيه ونفسها تعافه وتعاف خشونته الوحشية وفظاظة روحه .. كيف يريدها ان تتعامل معه كانسان وهو لا يعاملها كانسانة ..؟!

تتشبث بقشة وهي تتوسله بالمقابل " اريد ان اعمل يا تحسين .. اريد كسب رزقي .. دعني اخرج للعمل من جديد .."

كان يجرها للسرير حتى اوقعها هناك ووقع بجانبها محتضنا اياها ويجر يدها عنوة لصدره العاري يريدها ان تلامسه وهو يهذر كالمحموم " ان كنت تريدين الخروج للعمل اذن ارضي بي.. عامليني كزوج حقيقي .."

فجأة وسط هذا الصراع العجيب قرع شديد على الباب وصوت احد صبية تحسين يناديه من خلف ذاك الباب بهلع واضح

" تحسين .. تحسين .."

يرفع تحسين رأسه وبانفاس ثائرة يهدر صارخاً بعنف اسود " ماذا تريد يا ابن الـ(...) .."

فيأتيه صوت الصبي محملا بالهلع والخوف

" عراك في السوق يا تحسين .. دخلاء للحي ومعهم سكاكين.. وربما اسلحة اخرى .."

في لحظة هب تحسين مبتعدا عن حسناء ليركض ناحية الباب صارخا " يا اولاد الـ(..) سأريهم كيف يتجرؤون على منطقتي .."

يفتح الباب بقميصه المفتوح دون ان يهتم بشيء ويلتفت نحو حسناء المرتجفة في السرير ويأمرها بوحشية مخيفة وكأن الشيطان تلبسه " لا تخرجي من هنا ابدا ولا تفتحي الباب لاحد غيري .."

ثم خرج صافقا الباب خلفه ليترك حسناء تلطم وتبكي .. الى متى ستظل تدور في رحى هذا القهر والظلم.. الى متى ستظل حبيسة هذا الوحش الذي يسيطر عليه ...؟!

ولاول مرة تتساءل حسناء...كيف يمكنها ان تنقذ تحسين لتنقذ نفسها معها ؟ الامر لم يعد في الرزق الحلال فقط .. بل في هذا العنف والجبروت الذي يجره جرا للحرام ويسجنه فيه ويسجنها هي معه ..

تدير وجهها للشباك وترفع نظراتها نحو السماء وتدعو بحرقة قلب مظلوم خائف يستجير برب الاكوان " ربي اني اتوسلك ان تفتح لي بابا للفرج .. وان تمدني بالقوة وانا أمتك الضعيفة الذليلة.. دلني على الطريق يا رب .. خذ بيدي لانجو .."

ثم انهارت على ركبتيها حتى الارض لتسجد وهي تبكي وتتضرع لتقتل اليأس في قلبها ..






يتبع ...


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس