عرض مشاركة واحدة
قديم 18-07-18, 10:10 PM   #8359

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

أن يرغم نفسه على أن يفتح فمه متلقيا اللقمة من يد غريمه .. كان أصعب ما اضطر لقمان لفعله يوما .. إلا أنه يعرف .. بحكمة لم يستقيها من فراغ .. بأن العناد الآن بالذات ليس محمودا ..
لقد كان هذا سلاحه الوحيد والذي لا يمتلك غيره .. أن يتظاهر بالهزيمة ... أن يماطل .. ويماطل .. حتى يصل إليه ثروت ..
جزء منه كان يمتلك الثقة في الفتى الذي كان هو من رباه فعليا رغم أن خمس سنوات لا أكثر ما كان يفصل بينهما ... ثروت .. لابد أن يعرف في النهاية من اختطف لقمان .. عندما يدرك بأن أي من أعداءه الآخرين لن يجرؤ على المساس به .. وحتى ذلك الحين .. وحتى يعثر عليه .. لقمان يجب أن يظل حيا ..
بطرف عينه ... ألقى نظرة عابرة على تلك الزاوية المظلمة .. كان يستطيع أن يراها واقفة هناك .. ساكنة دون أن تتحرك ... دون أن تقول شيئا ... لقد كان أذكى من أن يظن بأن أحدا غيره قادر على رؤيتها .. هذا الخيال كان من صنع عقله فقط ... إن لم يكن هذا بداية جنون فهو لا يعرف ما يكون ..
ربما يكون جنونا .... إلا أنه مصدر قوة لم يتوقع الحصول عليه .. لقد كان دافعا للقتال .. للنجاة من مأزقه .. للعودة إليها .. إلى بحر ...
أن ينقذ نفسه قبل أن يفقد ما تبقى من عقله ...
قال الرجل وهو يضع الطبق أخيرا من يده :- أتعلم ... قبل خمس وعشرين عاما ... عندما عثرت عليك وحيدا في الشارع .. هو لم يرغب بك أبدا .. لقد كنت أكبر عمرا مما يريده الزبائن .. إلا أنني أنا من أقنعه بالاحتفاظ بك ..
لا ... لم يكن لقمان يعرف هذه المعلومة ... تذكر تلك الفترة ... عندما كان هذا الرجل الذي لم يكن قد تجاوز حينها منتصف العشرينات .. يراقبه بفخر كلما أثبت كفاءته .. كلما قام بما لم ينتظر أحد منه القيام به .. هو لا يستطيع أن ينكر هذه الحقيقة على الأقل .. هو كان دائما مفضلا عن باقي الفتيان لدى هذا الرجل ..
:- لقد كنت تذكرني به .... أخي الأكبر ... هل تذكر اسمه .. هل تذكر اسم الرجل الذي قتلته يا قيد ؟؟
صمت لقمان للحظة .. قبل أن يقول بصوت مكتوم :- رأفت ..
لم يعرف لقمان ماهية المشاعر التي كانت تحتشد في ترداد الرجل للكلمة :- نعم ... رأفت ... لقد كنت تذكرني به .. عندما كان في مثل عمرك آنذاك ... هو كان مضطرا للاهتمام بي .. أخي الذي يكبرني بست سنوات .. لقد كان دائما صلبا .. قويا .. شرسا .. حتى عندما كان مجرد طفل في الثالثة عشرة .. كما كنت أنت عندما عثرت عليك ..
كبح لقمان رجفة اشمئزاز عندما مرت يد الرجل الخشنة فوق وجنته .. بينما تابع :- لقد كنت تشبهه بعض الشيء أيضا ... هذا الشعر الأسود المشعث .. هاتين العينين السوداوين الغاضبتين .. عندما رأيتك أول مرة .. لوهلة سألت نفسي .. هل ينجب أخي أطفالا غير شرعيين ويرميهم في الشارع عندما لا يجد شيئا أفضل يفعله ؟؟؟ عندما رفضك .. أنا من أصر على أن تبقى .. لقد ظننت حقا بأنه سيشكرني يوما عندما يكتشف بأنك إضافة لا تقدر بثمن للفريق .. وقد كاد يفعل بالفعل ... قبل .. قبل أن تقتله ..
أصابعه ازدادت قسوة وهي تمسك بوجه لقمان .. قبل أن تفلته بحدة فيشيح الأخير بوجهه رافضا النظر إلى وجه الرجل الذي قال بصوت كان يبدو هادئا .. إلا أن لقمان كان قادرا على أن يشعر بغضبه الأسود الذي كان يزداد ظلمة وضخاما طوال العشرين سنة الماضية :- هو كان كل شيء بالنسبة إلي ... وأنت قتلته .. أنا حتى لم أجد الفرصة لرؤيته .. لقد عدت يوما لأجد وكأن اعصارا قد حل في المكان .. الشرطة كانت في كل مكان .. معظم الرجل وقعوا تحت قبضتهم .. فقط من تمكن من الهرب .. كان قادرا على أن يحكي ما حدث ..
كز لقمان على أسنانه مانعا صرخة ألم من تجاوز شفتيه عندما سقطت يد الرجل فوق موقع الوسم على كتفه .. تضغط بشدة وهو يتابع :- كان علي ترك كل شيء والرحيل قبل أن يدركوا من أكون فيتم منعي من السفر ... عشرين سنة عشتها في الغربة ... بعيدا .. بعد أن خسرت مرة واحدة كل ما تعبت طوال حياتي أنا وأخي في صنعه .. أموالي كلها راحت .. أملاكي كلها صودرت ... علاقاتي واتصالاتي فقدت قيمتها .. وأخي ... الرجل الذي رباني .. وصنع مني ما أنا عليه .. مات ... وراح على يديك أنت .. انظر إلي عندما أحدثك ..
دون أن ينتظر من لقمان أن ينفذ أمره ... أمسك بوجهه بين يديه وأرغمه على أن ينظر إليه وهو يقول بشراسة :- رأيت صورتك أول مرة في الصحيفة المحلية التي كنت أحصل عليها بين الحين والآخر كي أعرف آخر أخبار البلاد ... الحفيد المفقود ... يعود إلى جده من جديد ... الحكيم الصغير ... يعود ليستلم مكانه فوق عرش مملكة جده ... لقمان الطويل ... والذي لقب بالحكيم نسبة لجده الثري ... الرجل الذي خلال السنوات التالية كان الناس يرتجفون فور سماعهم باسمه .. كان هو نفسه الفتى الذي انتزعته أنا من قذارة الشارع وجعلت منه يدي اليمنى التي قتل بها أخي ..
دفعه بقوة جعلت المسامير التي ثبتت المقعد بالأرض من تحته تخرج من مكانها ... ليسقط الكرسي أرضا فيقع ثقل لقمان كاملا فوق ذراعه المصابة ... الألم كان أكبر من أن يتمكن من رؤية أبعد من الألوان المتداخلة التي تراقصت أمام عينيه ...
:- لسنوات .... لسنوات كنت أنتظر هذه اللحظة .. أن أعود إلى الوطن كي أنتقم .. كي تدفع الثمن غاليا على كل ما تسببت به ... أنا لن أقتلك ... ليس الآن على الأقل ... ليس قبل أن أدمر عالمك كله .. موت إحدى عاهراتك أمام عينيك لا يكفي ... معرفتك بأن رجلي ما يزال يلاحق ابنة عمك منتظرا فرصة أخرى معها لا تكفي .. عندما أنتهي منك ... أنت ستتمنى الموت ... ولا تجده ... عندما أقتلك ... سيكون لأنني مللت من تعذيبك ... لا أكثر ..
أنفاسه كانت عنيفة ... مجنونة .. وهو يتابع :- لقد قتلت الدكتور عمرو .. والذي ظن بأن تغييره اسمه سيحميه مني .. وقد استمتعت كثيرا بانتزاع عينيه قبل أن أشق حلقه بيدي .. الثاني على القائمة ... قطك المدلل ... لطالما كان مفضلا لديك ... صحيح ؟؟ لقد ضحكت كثيرا عندما عرفت بأنك احتفظت به إلى جانبك طوال تلك السنوات ... إنه القدر بالتأكيد ... لقد كان مفضلا لدي أنا أيضا إنما بطريقة أخرى إن كنت تذكر ... لكم أتوق لرؤية وجهه عندما يراني من جديد ... سيكون لقاءا مثيرا للاهتمام ..
رغم الألم الشديد الذي كان يعصف به .. إلا أن ذكر ثروت .. وتهديد الرجل بالوصول إليه .. جعل صوتا وحشيا يهدر من بين أنفاسه .. جعل الرجل يضحك وهو يقول :- آه ... ستحب هذا بالتأكيد .. أن تعرف بأن حمايتك له طوال تلك الفترة ... ستذهب هباء فور أن يراني من جديد .. مازلت أميل إلى من هم أصغر سنا .. إلا أنني لأجله ... سأصنع استثناءً ... مازلت أذكر كيف كان يبكي خوفا وهو يتوسلني أن أتركه وشأنه .. سيكون من الممتع أن نسترجع الماضي من جديد ... بعدها ... بعد أن أقتله هو الآخر حطاما أمام عينيك .. سيحين دور زوجتك الصغيرة .. وأنا أعدك .. بأن موتها لن يكون سريعا على الإطلاق ...
عندما لم يصدر لقمان أي ردة فعل ... اعتدل الرجل قائلا :- سأتركك تتخيل ما سأفعله بهما فور أن أضع يدي عليهما ... وأعود إليك لاحقا لنتابع حديثنا يا فتاي الأسود ...
عندما خرج .. مغلقا الباب وراءه ليعود الظلام الحالك ليغمره من جديد .. ظل مكانه ساكنا .. لا يتحرك .. لا يفكر .. يكاد لا يتنفس .. حتى سمع صوتها يضج داخل عقله
( ألن تفعل شيئا ؟؟ )
قال بصوته الأجش :- ما الذي أستطيع أن أفعله ؟؟
( أن تحميهما ... أن تمنعه من أذيتهما )
هتف بيأس :- كيف ؟؟؟ كيف ؟؟؟
( أنت كنت قادرا دائما على أن تحميه .... هو كان ابنك .. هو كان صورتك الأخرى التي رفضت أن تسمح لها بأن تفارقك .. أبقيته أمام عينيك لا لأنك تهتم به فقط ... لا لأنك تدين له بعد أن ماتت دنيا ... بل كي تذكر نفسك بألا تكون قيدا من جديد )
كان على وشك أن يفقد وعيه ألما وإرهاقا وهو يقول :- أنا لم أعد أعرف شيئا ... لم أعد أعرف من يكون قيد .. ومن يكون لقمان ... أي منهما أنا .. أي منهما أريد أن أكون ...
( قيد ... هو الذي اكتفى بأن يكوي ما تحته ... دون أن يسمح له بالهرب ... لقمان .. هو الذي كان دائما قادرا على أن يحمي من يحب )
اتسعت عيناه وكلماتها تصفعه ... قال بصوت باهت :- أنا لم أستطع أن أحميها ... لا هي .. ولا علياء .. ولا نادين ..
أحس بدموع لم يعرفها منذ عقود تحرق عينيه وهو يقول :- أنا قيدتهن جميعا إلي ... و أحرقتهن بي .. وثروت ... لو لم أبقه إلى جانبي .. ما كان ليصل إليه .. ما كان ليحرقه هو الآخر .. أنا أيضا عاجز عن حمايته ..
صوتها كان هادئا وهو يقول :-
( ربما ... إلا أنك تستطيع أن تغير كل هذا .. صحيح ؟ .. أتذكر عندما كنت تمنعني من مساعدتكم .. وتخبرني بأن مساعدتهم كانت مهمتك أنت ؟؟ )
صمت للحظة .... ثم تمتم :- لأنك كنت واحدة منهم ... أو ... أو هكذا ظننت ...
( حتى .......... ! )
:- حتى قتلوك أمام أعيننا جميعا ... عندما رفضت أن تسمحي لهم بالتمادي ..
( هو خيار يا لقمان .... خيار اتخذته وأتحمل مسؤوليته ... أن أموت وأنا أقاتل .. في سبيل شيء أؤمن به .. هل تمتلك ما يكفي من القوة والشجاعة كي تقوم بالمثل ؟؟ )
لم يقل شيئا ردا على سؤالها ... كما التزمت الصمت هي وكأنها ما عادت تمتلك ما يقال .. إنما بهدوء .. في قلب الظلمة .. ورغم برودة الجو التي شلت أطرافه تقريبا .. أصابع يده السليمة كانت تتشبث بقوة في ذلك الجسم المعدني الصغير الذي سقط في متناولها صدفة ..
أن أموت ... وأنا أقاتل في سبيل شيء أؤمن به ...
ذلك الرجل .. لن يصل إلى ثروت أو بحر ... إلا على جثته ..







انتهى الفصل العشرون بحمد الله
قراءة ممتعة للجميع


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس