عرض مشاركة واحدة
قديم 24-07-18, 09:21 PM   #5488

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

في السوق الكبير للعاصمة

يتحرك خليل بهمة وهو ينقل الصناديق داخل المحل بينما يحشر هاتفه النقال بين خده وكتفه ويكلم بتول وهو عابس قائلا

" كيف لا تريد الذهاب للجلسة ؟! هذا سيؤذيها .."

يأتيه صوت بتول بجموده المألوف

" انا انقل لك ما تقوله هي لي .. لكني اظنها شخصيا تضغط عليك .."

يتنهد خليل وهو يضع الصندوق ارضا ثم يعتدل بجسده فيأخذ بعض المناديل الورقية ويمسح عرق وجهه ثم يقول

" كنت اتوقع امرا كهذا .. لكن اخاف ان تكون جادة في اصرارها على الرفض .. لا اعلم كيف يجب ان اتصرف .. هل اكسر بالاتفاق بيني وبين حذيفة ؟!"

عندها نبض صوت بتول بالحياة بعيدا عن جمودها ذاك لتقول له زاجرة بقوة " اياك يا خليل .. اياك ان تستسلم لهذا الضغط منها .."

يصب لنفسه بعض الماء البارد ثم يروي ظمأه قبل ان يقول باحباط " ان لم تذهب فلن يكون امامي خيار اخر .. انا فعلت كل هذا كي تحظى بعلاج لا استطيع توفيره لها.."

عندها قالت بتول بنبرة مختلفة تفيض شجنا وانسانية " وانا فعلت هذا لاجلك انت بني .."

تفاجأ خليل وتأثر في نفس الوقت عندما نادته (بني) ... ربما تكبره بتول قرابة العشرين عاما لكنه لم ينظر اليها يوماً انها كأم .. حتى انه لا يناديها بـ (خالة) بل باسمها المجرد ...

صمت للحظو ثم سألها بدهشة " ماذا تقصدين بتول ؟ هل ضغط عليك حذيفة كي تفعليها لاجل ابعادي عن اشجان ؟"

فردت بتول " بل انا من اقترحت عليه بنفسي .. لا اريدك ان تضيع حياتك كما ضاعت حياتي .. لا اريدك ان تصاب بالجمود مثلي .. يجب ان تشق طريقك وتنسى احزانك وتتجاوز خساراتك التي لا اعرف عنها شيئا لكني .. اشعرها ..."

سرحت عينا خليل للشارع يراقب الرجل العجوز الذي يدفع عربة خشبية للتحميل والعرق يتصبب منه والفقر المدقع ينهك سنيّ عمره..

تعابير وجه العجوز الكالحة اشعرته بالحزن..

يستطيع ان يتخيله يكدح في هذا العمل منذ صباه كي يكسب لقمة العيش ..

ربما كان العجوز في شبابه متفائلا بالمستقبل ولديه امال وطموحات ليحققها .. لكن تمر السنون وهو يدفع العربة ذاتها ...

تصلبت ملامح خليل الوسيمة بالعزم واقسم في داخله انه سيقهر فقره ولن يستسلم لظلم هذا الزمن الصعب ...

اقسم ان يحول كل هذا الغضب الى طاقة لا تنضب يصرفها في العمل ليل نهار ...

وكل خسارة في حياته يقسم بالله ثلاثا انه سينحت في الصخر كي يعوضها..

أتاه صوت بتول اقرب للتوبيخ منها للمديح

" انت شاب حنون وطيب لدرجة مخيفة احيانا لانك تتهور بسبب طيبتك هذه ..والاسوأ انك تملك رجولة وانسانية يستغلها امثال اشجان .."

قال خليل بهدوء " اشجان ضحية يا بتول .. "

فترد بتول بقناعة " هي ضحية نفسها قبل ان تكون ضحية المجتمع يا خليل .. نفسها آثمة قبل جسدها الذي باعته رخيصا ومرارا .. يكفي ما تحاول فعله معك دون اعتبار لسمعتك ومستقبلك .. انها لا تهتم ان جرتك للتهلكة معها .. "

فرد خليل ببساطة " هي لا تقصد جري للتهلكة .. هي فقط لا تحتمل ان تكون وحدها فيها ..."

تتنهد بتول وهي تتمتم " ألم اقل لك ؟! انت مخيف بطيبتك .. فعل ابو سعاد خيرا بك عندما منعك عنها .."

يتبسم خليل معلقاً على كلامها " ابو سعاد يفعل دوماً الخير بي .. لولاه لما رأيتني (خليل) الذي ترينه اليوم وتوبخينه على طيبته .."

فردت بتول " جازاه الله الف خير .. "

يسأل خليل وهو يعود للموضوع الاساسي لمكالمة بتول " الآن ماذا سنفعل بخصوص أشجان ؟"

ردت بتول وهي تعود لنبرة الجمود " الجلسة غدا .. ان كلمتك فلا ترد عليها .. انا ساخبرها انك مشغول جدا ولا ترد على مكالمة احد .."

فقال خليل ببعض الاستغراب " اليس الافضل ان اكلمها لتهدأ قليلا وربما اقنعها .."

لكن بتول اصرت بالقول " ثق بي يا خليل .. أشجان ليست هذا النوع من النساء .. ان منحتها اكثر فلن تفهمه كانسانية منك بل ضعف تريد استغلاله .. انا كلمتك لاحذرك من ان تستطيع التأثير فيك .."

قال خليل متنهدا بعجز " انها لم ترد على مكالماتي البارحة .. "

فتؤكد له بتول " لانها تضغط عليك وتثير قلقك عليها وتجعلك تنتظر مكالمتها .. ان كنت تريد صالحها وحماية نفسك في ذات الوقت فالتزم باتفاقك مع ابي سعاد .. "

يهز خليل رأسها متمتما " نعم .."

بينما تضيف بتول اخيرا " باذن الله الامور ستسير على خير .. "

بينما يغلق خليل الهاتف مع بتول فجأة لمح في الشارع فتاة هيفاء بشعر يميل للشقرة ..

خفق قلبه بعنف وخرج كالغبي من المحل يلاحق تلك الفتاة ، بل وبكل غباء الشوق ناداها دون ان يشعر ... " شذرة ...."

لا ترد عليه ... فيحث الخطى حتى كاد يهرول بين زحام المارة لكنه لم يتوقف .. كان يشق الطريق شقاً حتى يصل اليها ونبض القلب يرتفع في ضجيج صاخب يصم اذنيه ..

يلهث وهو يصل اليها اخيرا مناديا " شذرة .."

التفتت الفتاة بوجهها اللطيف الابيض وعينيها البنيتين تناظرانه بدهشة وبعض الارتياب ثم تتورد قليلا متأثرة بوسامته فتبتسم ترد عليه " عفوا .. انا لست شذرة .."

يبتلع الغصة الحرّاقة ويتحمل وجيعة قلب مشتاق بجنون ولا يعرف النسيان..

اشتاق للسمرة الدافئة والعيون الشذرية وعبق الحياء وشجن النظرة وابتسامة الخجل ..

اشتاق للجمال الرباني وحُسن ما بعده حُسن..

يطرق بنظراته وهو يلوح للفتاة المجهولة معتذرا ويعود لمحله وهو يقسم قسماً جديدا انه سيفعل المستحيل لينسى ...

ان لم ينسَ فكل جهوده ستضيع سدى ..

مهما بلغ شوقه .. حتى وان فاق الشوق الألم .. فيجب ان يتعلم الاحتمال ..

وليتهم الكل يعلمون ..!
ليتهم يعلمون ان احتمال الألم أخف وطأة من احتمال الشوق لرؤية وجه المحبوب..







محل راقٍ للاثاث وسط العاصمة






تحدق في .. لا شيء ... عيناها سارحتان في نقطة غير مرئية قد تكون خزانة ملابس او سرير مزدوج او ... اي شيء ...

لا تشعر بما حولها الا كاصوات مختلطة أقرب لضجيج خافت بعيد..

فجأة اجفلت ويد حانية تمسك ذراعها بتنبيه وصوت (حماتها) يناديها " شذرة ... شذرة .."

نظرت لحماتها القصيرة القامة فتبتسم عفوياً لوجهها المحبب وهي ترد عليها " نعم خالتي .."

وقبل ان ترد حماتها تسمع .. صوته .. هو من سيكون زوجها خلال اقل من اربعة اشهر

" امي تناديك منذ فترة وانت تسرحين بعيدا "

التفتت اليه قليلا فتراه بوقفته المتراخية او.. يريدها هو ان تبدو متراخية ..

طويلا نحيلا ... غير هذا ليس فيه ما يميزه عن شباب العاصمة ..

لم تكن تعرف انه يبذل جهدا كبيرا ليبدو بهذا التراخي بينما داخله يغلي كمرجل !

لا تعلم انها مع كل نظرة شرود فإن عقله يفسرها بألف سبب وسبب ...

كما لا تعلم .. انه دوما يراقبها ويراقب كل نظرة تتوجه اليها من قبل اي رجل ...

الشك .. نعم هو مريض بالشك .. ولم يكن سهلا ابدا ان يجد فتاة كشذرة .. تحمل جمالا خاصا وحشمة وحياء وبراءة ...

لكن مع هذا الشك يتأجج فيه مشتعلا.. والف خيال وخيال هم وقود دائم لذاك الاشتعال الذي يجيد حجبه عن الجميع ...

خيالات لا تأتي من العدم ..

كصاحب المحل مثلا الذي لم يكف عن الابتسام .. قد تكون ابتسامة مجاملة لأي زبون لكن مصعب يراها ابتسامة اعجاب بخطيبته .. وربما هي تشجعه !

ولم لا .. الم تبتسم في المقابل ؟ ألم تنظر اليه بعينيها الجميلتين ومؤكد اعجبته ؟

اما هي فمؤكد يرضيها اعجاب الرجال بها حالها كحال اي انثى ...

تشتعل نيران الشك ومزيد من الخيالات تتراقص بتحدٍ في رأسه ..

بل ربما تعرف صاحب المحل من قبل .. من يدري ؟ ربما كانت على علاقة سرية به ...

" كنت افكر بالالوان .. لم استطع الرسو على لون محدد .. هل لون الخشب الطبيعي احلى ام اللون الداكن ..."

همدت النيران دون ان تنطفئ جمراتها بينما يعود مصعب للواقع بعيدا عن تلك الخيالات ليبتسم لخطيبته وهو يتقدم منها قائلا

" اظن اللون الداكن احلى .."

لكن امه تتدخل وتقول " بني .. دعها تختار ولتأخذ وقتها كما تشاء .. هذه ستكون غرفة نومها ويجب ان تحبها وتحب كل شيء فيها .."

تتورد شذرة عفوياً وهي تزيح نظراتها في خجل فيرضيه مصعب هذا بل ويسعى ليحصل على المزيد فيقول ببعض الوقاحة والشقاوة " انها غرفة نومنا انا وهي .. الا يحق لي ابداء الرأي وانا ساشاركها فيها ليل نهار ؟!"

اتسعت عيناه بنظرة متوهجة وهو يرى توهج وجهها بالحمرة وتوتر جسدها في ارتباك واضطراب انثوي بحت ...

نهرته امه " تأدب يا ولد .. الا تخجل من هذا الكلام .."

ما زالت عيناه مثبتتين على شذرة التي تتهرب النظر نحوه ونحو امه ليقول بمزيد من الجرأة

" ربما سعيت لهذا ..."

فتضحك امه بطيبة ثم تميل لعروس ابنها تقبلها على خديها ثم ترفع يدا حانية لوجهها تربت على خدها الاحمر وتقول " لا ألومك .. انها تزداد جمالا بحمرة خديها هذين .. بسم الله ما شاء الله على هذا الجمال الطبيعي المنير ..."

تتعثر كلمات شذرة بالخجل واحساس بالضيق تخفيه عنهما قائلة " يجب ان .. نعود .. خالتي ابتهال تنتظرنا .. على الغداء ..."

تضحك الام من جديد بينما شذرة تخطو امامهما تبدو للعيان وكأنها عروس خجلة لكنها كانت تعاني من شعور ضيق متزايد..

فكرة وحيدة ظلت تسيطر عليها وتخنقها..

كيف ... كيف ستتشارك مع رجل غريب غرفة نوم واحدة ؟!

لا ... ليست هذه الفكرة بالضبط ..

أصرت شذرة ان تجلس حماتها في المقعد الامامي جوار ابنها ودون ان تترك مجالا للاعتراض جلست في المقعد الخلفي ..

وبينما ينطلق مصعب بالسيارة التقت عيناها بعينيه في المرآة الامامية ... وعندها عاودتها نفس الفكرة لكن بوضوح اكبر ...

كيف ستتشارك مصعب تحديدا غرفة نوم واحدة ؟!

كيف ستنظر في عينيه وتطمئن ..

عيناه .. ماذا تقول فيهما؟!

ساعة تربكانها وتحيرانها.. و .. ساعة تغضبانها على نحو مجهول ... وساعة .. تسببان لها الاختناق بشعور غامض يوصله اليها كما حصل قبل قليل في محل الاثاث ..

عقدت حاجبيها وهي تفكر بعقلانية هذه المرة .. ستنتظر اسبوعا او اسبوعين وبعدها سترى احساسها ان كان سيتغير ...

فجأة سألها مصعب " بالمناسبة شذرة .. هل تعرفين صاحب محل الاثاث ؟"

استغربت شذرة سؤاله وهي تنظر لعينيه في المرآة فتراهما طبيعتين للغاية فترد عليه

" لم أره من قبل .. هذه المرة الاولى التي ازور فيها محل كهذا .."

يبتسم لها ابتسامته التي لا تحبها فيستفزها لتسأل " لماذا اعتقدتني اعرفه ؟! "

فيرد ببساطة " دون سبب .. فقط شعرت به من نظراته انه ربما يعرفك .."

كان الامر كريهاً للغاية ! الاحساس الذي يعطيه لها تكرهه ... ردت شذرة ببرود شديد

" لو كنت اعرفه لكنت اخبرتكم من البداية يا مصعب .. ولم ساخفي الامر ؟! "

ثم ادارت وجهها جانبا في تجاهل تام بينما تسمع حماتها تبدأ بثرثرة حلوة عن الاسواق وكان واضحاً انها تحاول تغيير الاجواء بعد التوتر الذي اشاعه ابنها باسئلته الغريبة ..




يتبع ...



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 24-07-18 الساعة 09:55 PM
كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس