عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-18, 02:50 PM   #72

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

الفصل السادس



هل كانت ستضعف أمام دفء توسلاته ؟ هل كانت ستطيعه و تنظر إليه ؟
لم تعرف و لن تعرف أبدا لأنه في تلك اللحظة تعالت طرقات قوية على الباب المغلق .
انكمشت في مقعدها الخلفي في السيارة تستمع إلى حديث أخيها و خطيبته دون أن تميز ما يتكلمان عنه بينما تسترجع اللحظات التي عاشتها منذ دقائق في غرفة المكتب في الشركة .
لم يسبق لها أبدا أن شعرت بمثل ذلك الرعب الممزوج بالذل عندما سمعت شقيقها عصام يناديها بينما هي مازالت بين ذراعي شادي .
خفق قلبها بعنف و هي تتذكر كيف اتسعت عيناها تحدقان بفزع إلى ملامح شادي المسترخية الخالية من أية مشاعر قلق أو توتر .
طبعا ما الذي كان سيخسره من مواجهته مع أخيها سوى بعضا من دمائه و كرامته و ربما كسب كدمة أو اثنتين تفقدانه شيئا من وسامته .
أما هي فكانت ستخسر الكثير و الكثير : مكانتها الفريدة بين أفراد عائلتها و مستقبلها المهني و الأهم قرارها في اختيار زوجها المستقبلي لأنها متأكدة أن والدها كان ليسلمها لأول خاطب يصلح من وجهة نظره.
أغمضت عينيها تسترجع بغيظ ابتسامة شادي المتسلية و هو يأمرها هامسا بأن تخرج لأخيها و تدعي أنها كانت غافية .
- الآن مصيرنا مرتبط بمدى قدرتك على التمثيل يا حياتي ، قالها و هو يغمز لها قبل أن ينبطح أرضا ليختفي وراء مكتب السيدة مروة .

ابتسمت بشيء من التشفي و هي تتذكر انتقامها الصغير منه .
كانت فكرة بسيطة و لكنها على الأقل نجحت في أن تحوله من اللامبالاة إلى الغضب .
تنهدت و هي تسند خدها الدافئ على أعلى المقعد الجلدي بينما عيناها الشاردتان تتابعان الطريق بغير تركيز .

………………………………………..

في نفس الطريق الرئيسي و لكن سالكا الاتجاه المعاكس كان شادي يقود سيارته و هو غير قادر على كبح جماح افكاره الثائرة رغم قناع الهدوء و اللامبالاة الذي يرتديه وجهه.
ما الذي فعله ؟ لماذا تهور بهذا الشكل ؟
لم يكن هكذا أبدا ، إنسانا يتصرف وفق انفعال اللحظة ، بالنسبة له الأمور يجب أن تسير دائما وفق الخطة .
لا يستطيع أن يفهم كيف و لماذا خرج عن المسار و اندفع يدخل إلى مكتبها عندما لم يجدها في مكانها المعتاد ، خاصة و قد لاحظ اختفاء ذلك الشاب الآخر .
كان ينوي أن يقطع لقاءا غراميا فافتعل هو واحدا .
- غبي ، غبي ، غبي ، الآن عليك أن تعود إلى الوراء كثيرا ، خاطب نفسه بحدة .

المشكلة أنه عندما رآها بتلك الصورة مستندة على حافة النافذة و عندما التفتت إليه بتلك النظرة الوجلة التي تحمل في حناياها بقايا شرود ، ضاعت جميع خططه و وجد نفسه يرتجل .
ما الذي يحصل له بالضبط ؟
هل فقد لمسته و في طريقه لأن يصبح رجلا مملا آخر ، رجلا متزوجا مملا آخر.
طوال عمره يؤمن و ينفذ طريقة الطبخ على نار هادئة .
طوال عمره يترك المرأة التي تشعل عواطفه و تشغل تفكيره تأخذ هي الخطوات الأولى أما هو فكل ما يبدر منه هو بضع عبارات إعجاب ، بعض ابتسامات و الكثير من النظرات بأنواعها ثم حين يشعر بخبرته أنها علقت ، حينها فقط يقدم على أولى خطواته ، يتقدم و هو واثق أنه لن يعود إلى الخلف .
لطالما كانت هذه استراتيجيته و لطالما كان هذا هو أسلوبه .
ما الذي يحصل معه الآن إذن ؟
ربما السبب ببساطة هو أنه لم يعد لديه وقت كاف قبل مغادرته في رحلة شهر العسل و ستكون فرح حينها فريسة لمؤيد و خبثه.
هو متأكد أن المنافسة لو كانت عادلة بينه و بين مؤيد لكان كسبها بكل يسر لكن الآن كفة ذلك الوغد مرجحة ، فرح ستكون فاقدة الأمل فيه تماما بعد زواجه بينما مؤيد سيظهر نفسه كعريس محتمل و هي بالتأكيد ستقاومه في البداية و لكنها في النهاية مثل الكثيرات غيرها سوف تضعف .
لأنه يعرف مؤيد جيدا فهو يشترك معه في الصفة ذاتها و إن اختلف الأسلوب ، كلاهما لا يستسلم أبدا قبل أن يأخذ ما يسعى لأخذه .
تخلى عن بروده الزائف فجأة و هو يضغط على المكابح بعنف ليتجنب الاصطدام بسيارة الأجرة التي دخل بها سائقها الانتحاري عليه دون مقدمات قبل أن يستدير يمينا في آخر لحظة .
- يا !!! ، يا ابن ال!!!! ، يا !!!!

صرخ يحاول أن يفرغ شحنة غضبه في وجه الشاب الآخر الذي أبطأ قليلا ليتبادل معه بعض الياءات و الكلمات ثم واصل طريقه بعد أن بصق على الأرض .
ظل شادي جامدا للحظات ثم أعاد رأسه إلى الخلف في ضحكة عالية .
ما الذي يحصل معه هذا اليوم ؟ هل هذه هدية الدنيا إليه بمناسبة زواجه القريب ؟
لقاء غرامي فاشل ثم بصقة على كرامته من شاب مدمن .
صمت بعد لحظات و هو يتساءل هل الدنيا هي التي غاضبة منه أم هو الذي أصبح حساسا فجأة بعد فشله مع فرح .
تجهم و هو يتذكر كيف أقفلت عليه الباب بالمفتاح بعد أن خرجت لأخيها مع أنه كان واضحا و هو يأمرها بأن تمثل بأنها تغلق الباب دون غلقه بالفعل .
و عندما عادت إليه بعد لحظات طويلة قضاها و هو حائر في أمرها شعر بالثقة ، شعر بأنها عادت لتواصل ما انقطع.
استرخى حينها و بدأ يميل نحوها يقترب بوجهه من وجهها ببطء ليفاجأ بها تبتعد عنه بسرعة ثم تقول له بصوت خفيض و نظراتها تحمل برودا واضحا :
- من فضلك أغلق الباب و اترك لي المفتاح في غرفة الطباعة في الدرج السفلي .

و انصرفت تجري تقريبا تاركة خلفها عاصفة من الشك و الغضب .
ليعود ذلك السؤال يعوم على سطح أفكاره : لماذا الآن ؟ و لماذا فرح بالذات ؟
بالنسبة له لطالما كانت مجرد مرحلة و مرّت .
كانت و المفروض مازالت مشروع نزوة لم يكتمل .
لاحقها طويلا يعترف بذلك و لم تسفر ملاحقته عن شيء و لسبب ما لم يشعر بالأسف حينها على ذلك الفشل الوحيد في مغامراته .
ربما لأنه رغم كل شيء استمتع بما ربطه بها .
طبعا لم تكن نوع المتعة التي أرادها ، كان شيئا آخر ، شيئا مختلفا و الاختلاف منعش في بعض الأحيان ، ليس دائما بالطبع و إلا سيتحول إلى راهب .
ابتسامة خفيفة أرخت ملامحه المتجهمة و هو يتذكر كيف كان يرتاح كثيرا إلى أحاديثهما الطويلة في الهاتف ، إلى ابتسامتها الحلوة
و نظرة عينيها الحائرتين .
لم ينسها تماما هذه السنوات ، كان يتذكرها من حين إلى آخر، رغما عنه في الحقيقة و كان دائما يعزو ذلك إلى أنها كانت الفاكهة الوحيدة المحرمة عليه خاصة بعد تحذير ابن خالته له بشأنها ، تحذير أقرب إلى التهديد.
ربما لذلك السبب قرر وقتها أن لا يتمادى معها لأنه كان أحكم من أن يدع هرموناته تؤثر على حياته العملية و العائلية .
لكن الآن يبدو أنه بصدد وداعه لتلك الحكمة و ذلك التحكم.
الآن كل ما يفعله هو التفكير فيها .
تأمل مطولا المفتاح الذي تركته له ثم تأفف ببطء و هو يرخي قدمه عن المكابح التي اكتشف أنه مازال يضغط عليها .
انطلق في طريقه و هو يلتفت أكثر من مرة يأخذ حذره من مصيبة أخرى قد لا يتمكن من اجتنابها هذه المرة .

………………………….



نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس