عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-18, 02:58 PM   #73

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي


لماذا يتردد الصباح كثيرا قبل الظهور في ليلة كهذه الليلة .
تساءلت فرح و هي تتقلب للمرة المائة في فراشها في محاولة يائسة للهروب من ذكرى شعورها و هي بين ذراعيه .
شعور خائن و أفكار خائنة من فتاة خائنة .
استقامت جالسة بعنف تحاول أن تخرس أصواتها الداخلية .
- نعم أنت خائنة ، خائنة ، خائنة ، رددتها مرارا تعاقب بها نفسها على مشاعرها المتمردة عليها و على أي صوت للعقل .
خائنة لنفسك ، خائنة لعائلتك ، خائنة لدينك و مبادئك .

خائنة بالفعل و إلا كيف تهون عليها نفسها إلى هذا الحد .
المشكلة هي أنها لا تريد أن تتصرف هكذا ، لا تريد أن تكون بهذا الضعف .
و المشكلة الأكبر هي أن عواطفها ممزقة بين ما يفترض أن يكون و بين ما هو كائن بالفعل .
و ما هو مفترض أن يكون هو أن تحتقره ، تكرهه و تكره نفسها و قلبها التافه لأنه تعلق بمستهتر كهذا .
ما هو عذره فيما فعله ؟ لا عذر له على الإطلاق .
تصرفه معها قبل قليل دفن ما تبقى من أفكارها الإيجابية عنه و عرى تماما نواياه تجاهها .
و مع ذلك جزء منها ، جزء مستعص تماما عن فهمها ، يجعلها تشعر بأنها مختومة له و له وحده .
جزء يجعلها ضعيفة متخاذلة و إلا كيف تفسر شعورها نحوه و هو على وشك الزواج بأخرى .
فتاة محترمة حقيقة لا قناعا مثلها كانت لترغم قلبها على نسيانه .
لكنها هي في سرها تتمنى أن يعود ،
تتمنى أن تبني سعادتها على حطام أخرى .
تناهى إلى سمعها صوت الآذان من بعيد يدعوها لتقترب و تلبي النداء الرباني .
أغمضت عينيها بإرهاق بعد ليلة طويلة مسهدة و هي تستعد كالعادة لإعطاء نفسها مجموعة الأعذار المعتادة كي تنام عن صلاة الفجر.
لكنها فجأة فتحت عينيها بتصميم وهي تعلم يقينا أن لا شيء سينقذها من نفسها سوى نفسها .
و نفسها هذه عليها إصلاحها .
بعد ساعات قليلة و لأول مرة منذ أسابيع قررت أن لا تنتظر أخاها و أن تستقل بدل ذلك المواصلات العامة .
اليوم تريد أن تصل مبكرا ، تحبس نفسها في غرفة المكتب و لا تقابله أبدا ، لا تريد أن تراه حتى من بعيد .
- النذل ، نطقتها و هي تزفر باستياء بعد اكتشافها لعدم وجود المفتاح حيث أوصته أن يتركه .
و هكذا يتصور أنه سيجبرها على الانفراد به ثانية .
" فقط في أحلامك يا شادي " ، فكرت و هي تتجه إلى الساعي ليجد لها حلا ، توقفت بعد لحظات و هي تراه قادما من آخر البهو منهمكا في حديث هادئ مع صديقه ذي النظرات الذئبية .
بدأت تستدير للعودة من حيث أتت عندما رأت ذلك المؤيد يلكزه بمرفقه و يغمزه مشيرا إليها .
توقفت باستسلام و هي تشاهدهما يختصران المسافة بينها و بينهما بأرجلهما الطويلة و خطواتهما الواسعة .
- فرح ، بادرها شادي بابتسامة مقتضبة ما إن اقترب ، تعالي إلي مكتبي لأعطيك مفتاحك
و أنت يا مؤيد ، واصل و ابتسامته تختفي ، أحضر لنا قهوة من فضلك
- آسف يا نجم ، قال مؤيد بتهكم ، لكني لم أغير وظيفتي إلى ساعيك الخصوصي بعد .

فتح شادي باب غرفة مكتبه بصمت و تنحى جانبا ليسمح لفرح بالدخول .
- آسفة يا شادي ، لا أستطيع الدخول أنا مستعجلة

لثوان شاهدت ملامحه تتحول من الهدوء إلى عبوس لحظي اختفى بسرعة و هو يتأملها بتركيز قبل أن يبحث قليلا في جيبه و يعطيها المفتاح دون كلام .
تناولته منه و هي تتحاشى لمسة يديه و نظراته المتفحصة .
و للمرة الثانية يوقفها مؤيد و هي تستدير لتبتعد .
- آنسة فرح ، سألها ببراءة مزيفة ، هل ستحضرين حفل زفاف شادي غدا ؟

شحب وجهها فورا رغم محاولتها التماسك ، أخيرا عندما استطاعت أن تجد صوتها قالت بخفوت :
- لا أعتقد
- تستطيعين أن تأتي معي إن لم تكوني مدعوة
- أنا مدعوة ، قالتها بصوت بدأ يميل إلى الهمس

ظل مؤيد ينقل نظراته بينهما في تساؤل حتى أجابته بنفاذ صبر :
- أختي دعتني
- و أختك هي ؟
- أختي هي زوجة ماهر
- حقا !! شيء جميل ، جميل جدا

وضع يده على ذقنه يتأملهما بصمت شبه ناطق ثم قال أخيرا :
- من الأفضل إذن أن تباركي لشادي من الآن لأنك لن تريه ثانية إلا بعد شهر العسل

رفعت فرح نظرها إلى شادي ، فتحت فمها لتتكلم لكنها شعرت بالغصة التي تحتل حلقها تكبر و تكبر لتخنق صوتها تماما .
لمعت دمعة في عينيها و أخفضتهما بسرعة قبل أن تهرب بها خطواتها من أمامهما في اتجاه مكتبها .
ظل شادي يتابعها بنظره حتى اختفت داخل الغرفة ، فقط حينها قال من بين أسنانه دون أن يلتفت :
- لماذا هذا التصرف القذر ؟
- بصراحة يا شادي أنا أريدها و أريدها قبل أن تنالها أنت
- لا تكن سافلا يا مؤيد ، قال و هو يستدير يواجهه بحدة
- و أنت لا تكن أنانيا ، أجابه ببرود ، لديك دولي زوجتك الآن فاكتف بها و دع لي فتاتك القديمة .

صمت قليلا ثم أضاف بمهادنة :
- و بعدها سأعيدها لك أفضل مما استلمتها كما تعودت دائما أن أفعل .
- اطمئن يا مؤيد فرح لن تكون لك لا قبلي و لا بعدي ، أجابه شادي و هو يجلس على كرسيه الدوار و يمدد رجليه على سطح مكتبه في استفزاز مقصود .
- لا قبلك و فهمناها ، لا بعدك هذه لماذا ؟ هل تنوي الزواج منها مثلا ؟
- تريد أن تعرف لماذا ؟ صمت و هو يشعل سيجارته بتمهل ثم أكمل بعد أن نفث عدة أنفاس :
- لأنك سافل يا مؤيد و ستفسد عليها حياتها و مستقبلها

أطلق مؤيد صوتا عميقا خشنا طويلا من حلقه قبل أن يقول بازدراء :
- و أنت ما الذي ستفعله بها ؟ ستعطيها بروفه عن كيف يكون الزواج
لو كان هذا منطقك فكلما تعدد أساتذتها كلما أصبحت أفضل

أطفأ شادي سيجارته بعنف و هو يقول بحدة :
- اخرس مؤيد و لا تتكلم عنها بتلك الطريقة
- كيف تريدني أن أتكلم عنها أو عن غيرها ، رد عليه ببرود
- في هذه اللحظة أفضل أن لا تتكلم يا مؤيد ، أحيانا الكلام معك يشعرني أني أغرق في مكب قمامة .

نظر إليه مؤيد باستنكار :
- إذا كنت تشعر بكل هذا التملك تجاهها فلماذا لم ترح نفسك و تتزوجها ؟

تنفس شادي بعمق ثم رفع إليه عينيه قائلا ببرود :
- ذكرني لماذا أتيت اليوم يا مؤيد

تراشقا النظرات لبرهة ثم قال مؤيد بعبوس :
- تطردني من أجل فتاة ؟!!
من منا السافل في هذه اللحظة يا شادي ؟

صمت يتأمل ملامح صديقه الذي لم يتخل عن بروده ثم انصرف و هو يرمي بآخر كلماته من وراء كتفيه :
- على العموم أنا أعذرك ، هذا يومك الأخير كآنسة و أنا أتصور إحساسك الآن .
بعد انصراف مؤيد بدقائق وجد شادي يده تمتد تلقائيا لعلبة سجائره ، تناول إحداها ليشعلها و يبدأ في نفث أفكاره مع دخانها .
لماذا لا يتزوج فرح ؟
يا له من سؤال ؟ لماذا ؟ لأنه ببساطة لا يريد .
فرح بالنسبة له هي مشروع علاقة غرامية قصيرة و ربما زواج عرفي على أقصى تقدير ثم يفترقان بمودة .
لم يفكر أبدا أن يؤذيها ، بالعكس يجد أن هذا هو الحل الأمثل لإعجابهما الكبير ببعضهما دون أن يضر مستقبله المرسوم من قبل أن يولد و هي تستطيع أن تتصرف فيما بعد و أن تجد زوجا بما أنها فتاة جميلة و ذكية و هو أكيد ليس من مصلحته أن يفضحها .
لكن يتزوجها ؟ مستحيل بالطبع .
لا ينكر أنها كأنثى تستوفي كل ما يبحث عنه لكنه رجل لا يترك جسده أو حتى قلبه يأخذ قراراته بدلا عنه .
ما الذي سيفعله بفتاة عادية من عائلة متوسطة دون نفوذ ، دون معارف ، دون أي شيء يميزها عن مئات الألاف من غيرها .
جميلة و تعجبه و إن يكن ، عرف كثيرا من الجميلات و أعجبته المئات و نسي كل شيء عنهن .
و سينساها هي مثل غيرها .
هذا ما سيركز عليه خلال شهر عسله ، فكر و هو يسحق سيجارته ببطء .
……………………….


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس