عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-18, 10:33 PM   #8629

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

كما أخبرته قبل دقائق ... بيت وردة لم يكن بعيدا ... المبنى كان قديما للغاية إلى حد جعل عيني كنان تتسعان قلقا وهو يتساءل عن اليوم الذي سينهار فيه أخيرا على رؤوس سكانه .. رفض بعناد عندما بدأت وردة تحاول صرفه .. مؤكدا :- أنت لن تتمكني من الصعود درجة واحدة دون مساعدة .. أنا لن أتركك حتى أراك داخل بيتك ..
لم تتمكن وردة من مجادلته وهي تسمح له بأن يساعدها في تسلق الدرج المتآكل ... كل خطوة كانت تسبب لها ألما عظيما وقد انتشرت الرضوض في أنحاء جسدها ... الألم كان عنصرا مهما في إلهائها عما حدث .. وعما كاد يحدث .. في إلهائها عن وجود كنان الآن وبالذات في اللحظة المناسبة كي ينقذها ...
ما الذي جاء به ؟؟؟ وكيف صدف وكان موجودا في اللحظة التي احتاجت فيها إلى مساعدته بالذات ؟؟ لقد كان هذا لغزا ستعرفه فور أن تجد الطاقة على أن تتحدث .... هي لم تكن قادرة حتى على أن تكرهه لما فعله بها بالأمس وقد بدا باهتا مقابل تجربتها هذا المساء ..
لقد أرادت فقط أن تصل إلى البيت .... أن تختبئ بين جدران غرفتها بعيدا عن أنظار سكان الحارة الذين كانوا يراقبونها بحدة وهي تعرج مستندة إلى كنان في طريقها إلى البيت ..
ماذا تراهم يفكرون وهم يروها تعود إلى بيتها برفقة رجل غريب وهي على هذه الحالة ؟؟
وهل حقا تهتم بما يقوله الآخرون وشيء أسوأ ينتظرها في بيتها ؟؟ كيف لردة فعل والدتها أن تكون عندما تراها عائدة على هذه الحالة ؟؟
في الطابق الرابع ... توقفت وردة أمام باب بيتها الذي تقشر خشبه .. ترتجف وهي تقول بصوت مهزوز :- كنان ... أرجوك ... ارحل الآن .
قال بعناد :- أخبرتك ... لن أرحل حتى أراك داخل بيتك ..
رفعت عينيها الداكنتين نحوه وهي تقول بشيء من الهشاشة :- أرجوك .... إن كنت تهتم لأمري ولو قليلا .. لأجل ... لأجل ريان ... اذهب ... اذهب الآن ..
قطب بقلق وهو يفكر بأنه لم ير وردة أبدا على هذه الحالة من قبل ... لقد كانت تبدو تقريبا ... خائفة وهي تنقل بصرها بينه وبين الباب وكأنها تخشى أن ... أن يرى شيئا ..
:- وردة ... إن كنـ .....
فتح باب الشقة بحدة مفاجئة مجفلة الاثنين ... ليطل وجه والدتها الشاحب ... تنقل بصرها بين كل منهما قبل أن تلتفت نحو وردة متسعة العينين وهي تقول :- عندما اتصلت بي أم ربيع لم أصدق ما كانت تقوله ...
وجه وردة كان ممتقعا وهي تقول بتصلب :- كنان ... اذهب ... شكرا لأنك أوصلتني ... إنما اذهب .. أرجوك ..
إلا أن كنان لم يستطع أن يتحرك ...
كان ينظر إلى والدة وردة ... مذهولا بملامح المرأة الباردة ... لم تكن تبدو كبيرة في العمر ... إلا أن الإرهاق والتجاعيد التي ملأت وجهها كانت تقول بوضوح بأن العمر لم يكن أبدا من أحد محفزاتها ...
لم يكن هناك أي شبه بينها وبين وردة ... كان يستطيع أن يرى آثار جمال ذابل في معالمها التي كانت فاتحة اللون مقارنة بابنتها ... عيناها كانتا عسليتين ... لا كعيني وردة بلون السكر المحروق ... وجهها كان طويلا ... لا كوجه وردة الصغير بذقنها المدببة التي دلت على عنادها وقوتها ... ما استوقفه حقا ... كان القسوة الشديدة التي أطلت من عينيها وهي ترمق ابنتها .. قسوة لم يجد مثلها في أي يوم في عيني وردة التي أثبتت له أكثر من مرة بأنها رغم فظاظتها وقوة شكيمتها .. كانت هشة .. رقيقة .. وإنسانية للغاية في حسها النادر للعدالة ..
لقد كان كنان يتوقع ردة فعل مختلفة تماما من الأم وهي ترى ابنتها على هذه الحالة المزرية .. لقد توقع أن يضطر ليهدئ هستيريتها وهو يؤكد لها بأن ابنتها بخير إلا أن المرأة كانت بعيدة تماما عن القلق ..
هي حتى لم تتزحزح من أمام الباب فتفسح الطريق لوردة كي تدخل .. أو تعرض أي نوع من المساعدة وهي تراها تضطر للاستعانة بذراع كنان كي تبقى واقفة ...
قالت والدتها بصوت خرج منها باردا :- ما الذي فعلته هذه المرة ؟؟ أي مصيبة أخرى أحضرتها معك إلى هذا البيت ؟؟
قالت وردة بتوتر .. إنما كان كنان قادرا على أن يلمس الجزع في صوتها :- أنا لم أفعل شيئا ... لقد تعرضت لحادث لا أكثر ... سأشرح لك التفاصيل لاحقا .. كنان ... اذهب ..
لم يتمكن حتى من تحريك قدميه ... حتى عندما حررت نفسها من ذراعه ودفعته في صدره وهي تقول بانفعال :- هل أنت أصم ؟ ... أخبرتك بأن تذهب ...
عينا المرأة القاسيتان ... واللتين ظهر في اتساعهما ... شيء لم يستطع كنان تفسيره في نظراتهما ... شيء من .... من الجنون ... التفتتا إليه ... تحدق به بجمود وهي تقول :- هل أنت الفتى الذي ضحت وردة بكل عائلتها لأجله ؟؟
كان يستطيع أن ينفي ... أن يخبرها بأنها مخطئة .. إلا أن شيئا في المرأة كان ... كان يخيفه .. شيء لم يكن يستطيع تفسيره .. إنما كان يجعل قلبه يخفق بقوة ... لقد شعر كمن كان يمشي بين الأدغال ليجد نفسه في مواجهة أفعى ضخمة ... قادرة بعينيها الثاقبتين على أن تثبت ضحيتها وتسبب له الشلل حتى تتمكن من التهامها بهدوء ...
لم تنتظر منه أن يجد الشجاعة كي يجيب عن سؤالها .. بل عادت تخاطب وردة قائلة بشراسة :- ما الذي منحته إياه هذه المرة ؟؟؟ بعد أن تخليت لأجله عن عمك .. وسمعتك .. وأمان عائلتك .. ومستقبل أخوتك .. ما الذي ظل لديك ووجده يستحق وقته .. الرجل الثري والمدلل الذي كان أغلى بالنسبة إليك من لحمك ودمك ..
قفز قلبه بين أضلعه وهو يرى وجه وردة يتلوى بألم وهي تقول بصوت لم يتعرف عليه :- أمي... أرجوك .. توقفي عن قول هذا لي .. دعيني أدخل .. وسنتحدث في الأمر ..
:- لا ...
صوتها كان قاطعا ... صارما ... الجنون في عينيها زاد حدة وهي تقول بشيء من الهستيرية :- لماذا لا تفهمين ... لأشهر أحاول أن أوضح لك بأنني ما عدت أريدك في هذا البيت .. ما عدت أريدك ... أنت دمرت كل شيء .. كل شيء .. وها أنت تعودين بمزيد من الفضائح والدمار .. أنت لن تدخلي بيتي مجددا .. أتسمعين ؟؟
كان كنان يستطيع أن يتدخل .. أن يقف أمام وردة مانعا عنها أذى والدتها اللفظي ... أن يرغمها على أن تفسح الطريق لوردة مؤكدا سخافة ما تقول ... إلا أنه لم يفعل ...
إذ أن هذه المرأة ..... هذه المرأة كانت تخيفه .... وهو لا يريد وردة في أي مكان قريب منها ...
من ورائها .. كان قادرا على رؤية صبيين صغيرين .... كانا يراقبان ما تفعله والدتهما بعينين واسعتين .. دون أن يتمكن أحدهما من التدخل أو الاعتراض ...
سمع صوت أبواب تفتح ... همسات تعلوا بين طوابق المبنى القديم ... الباب المقابل فتح بشكل جزئي .. تطل من خلاله أعين فضولية تراقب ما يحدث بمزيج من القلق والشغف ..
تابعت والدتها بهستيرية ...غافلة عن جذبها أنظار واهتمام جميع جيرانها :- أنا لا أريدك هنا .. لو اضطررت للعمل صبح مساء .. للتسول توفيرا لمتطلبات أخوتك .. أنا لا أريدك هنا .. إن ظننت بأنك تستطيعين بالضئيل والحقير الذي تقدمينه من خلال مهما كانت التنازلات التي تقومين بها خارجا الحلول مكانه ... فأنت مخطئة .... مخطئة ..
تراجعت خطوة صافقة الباب ورائها بعنف ... لترمي وردة نفسها عليه على الفور وهي تهتف بذعر :- أمي ... أمي افتحي الباب ... ما الذي تفعلينه ؟؟ أمي ...
بيدين مرتجفتين .... أخرجت وردة مفتاحها من جيبها ... تدسه في القفل بصعوبة وهي تقول بصوت خافت إنما كان يظهر تخبطها ... يفضح ما كانت تعانيه لسنة كاملة بسبب عائلته دون أن تفصح لأحد عنه :- لا .... لا ... أرجوك لا ..
كان واضحا أن والدتها قد أقفلت الباب من الداخل مانعة وردة من استخدام مفتاحها لفتحه .. في تلك اللحظة .. شيء انكسر في وردة وهي تضرب الباب بقبضتيها .. دموعها تتفجر في عينيها وهي تهتف :- أمي ... افتحي الباب ... أرجوك ..
لم يتمكن كنان من متابعة المشاهدة وهو يرى وردة تبدو فجأة كما عجز عن يراها طوال تلك الأشهر .. مجرد فتاة صغيرة عاجزة وهشة ... اعتادت على أن تقدم كل ما لديها لأجل الآخرين دون أن تنتظر شيئا من أحد ... لقد بدت له صغيرة في السن ... ضعيفة .. خائفة وهي ترى والدتها تنبذها .. فقط لأنها لم تسمح لرجل تهتم به بأن يؤذي شخصا بريئا ..
تحرك أخيرا ليسحبها بعيدا عن الباب محيطا خصرها بذراعه وهو يقول :- وردة ... هذا يكفي ... أنت تجذبين الأنظار ..
ذاهلة ... حدقت فيه وكأنه كان يتكلم بلغة غير مفهومة لها ... قبل أن تدرك ما يعنيه وهي تنظر إلى الباب المقابل الذي أطبق في تلك اللحظة وكأنه ما عاد هناك شيء جديد بالمشاهدة ...
أصوات باقي الجيران وهمهماتهم باتت أخيرا مسموعة لها ... فانكمشت .. دون أن تدرك بأنها كانت تنكمش بين ذراعيه .. وكأنها كانت تحاول الاختباء فيه ... حاول كبح رجفة قلبه وهو يقول بهدوء :- لنذهب من هنا ..
:- أين ؟؟؟ .... نذهب إلى أين ؟؟؟
كان لسان حالها يقول بذهول ... أين تراها تذهب .. وقد حجبتها أمها عنها .. وقد منعت من اللجوء إلى المكان الوحيد الذي كان من المفترض به أن يمنحها الحماية والأمان ..
فقال بصوت عكس ما لم يكن يشعر به من ثقة .. إنما تصميما أكيدا وهو يقول :- لا تقلقي ... سأتدبر الأمر يا وردة ... أنت ستكونين بخير ...
أرادت أن تقاوم .. أن تعترض .. إلا أنها كانت عاجزة .. ضائعة .. فسمحت له بأن يسحبها آخذا إياها معه ..
إلى المجهول ..





انتهى الفصلان الحادي والعشرون و الثاني والعشرون بحمد الله
قراءة ممتعة للجميع



التعديل الأخير تم بواسطة blue me ; 25-07-18 الساعة 11:01 PM
blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس