عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-18, 11:37 AM   #92

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

بعد ساعات كان شادي مستلقيا يتأمل السقف كعادته كلما تنتابه نوبة تفكير عميق .
النوبات التي يهرب منها بقدر ما يستطيع .
لكنه الليلة للأسف وجد نفسه مضطرا للتعاطي معها .
لأنه إذا كانت ليلته الأولى مع دوللي بكل هذا الافتعال من ناحيته فكيف ستكون الليالي القادمة بعد أن يختفي عامل الغموض و الإثارة تماما من حياتهما .
لماذا تزوج أصلا ؟ فاجأه السؤال الذي خرج له من العدم .
أخذ نفسا طويلا و بدأ في عرض الأسباب و الدوافع التي حفظها عن ظهر قلب .
النفوذ ، المكانة و طبعا الجمال .
التفت يتأمل وجه عروسه النائمة .
جميلة ، لا يستطيع أن ينكر ، حتى بعد أن أزالت زينتها و لم تترك سوى ظلال عينيها لا تزال جميلة .
جمالها من النوع الصاعق كما قد يصفونه .
و لو أنه لا يشعر بأنه مصعوق في هذه اللحظة .
كل ما يشعر به هو الارتباك و الحيرة .
و ال...غيرة .
نعم غيرة مجنونة ، غيرة غير طبيعية أو ربما تكون طبيعية لكن ليس معه هو .
تنفس بعمق مرة أخرى و هو يغادر فراش الزوجية لينعش ركوده ببعض الأنسام المنعشة في شرفة جناحه بالفندق .
ما الذي يحصل معه بالضبط ؟
هل اللعبة التي اخترع هو قوانينها بدأت تنقلب عليه أخيرا ؟
هل يمكن أن يحصل معه هذا هو بالذات ؟
هو الذي لطالما كان فخورا بلامبالاته ، بهدوئه و بسطحية مشاعره ؟
حتى هذه الليلة كل شيء صار كما خطط له بالضبط ، كل شيء صار كما كان يتمناه .
و أصبح مستقبله داخل جيبه .
حتى هذه الليلة ظن أنه وجد الصيغة المثلى لحياته ، العملية ، الشخصية و السرية .
حتى هذه الليلة ...
عاد إلى غرفة النوم يبحث عن علبة سجائره ، التفت نحو زوجته يتأملها مرة أخرى ، يحاول أن يجد بعض الإجابات في ملامح وجهها النائم .
حاول بصدق أن يركز أفكاره عليها لكنه عجز .
غادر ثانية إلى الشرفة و استند على الحاجز النحاسي و هو يسترجع شعوره الغريب عندما التقت عيناهما و شعوره الأغرب عندما تابعها بنظره و هي تغادر حفل زفافه على غيرها .
اشتدت قبضته على الحاجز و هو يتذكر خروج ذلك الوغد السافل وراءها و غيابه مطولا بالخارج و تلميحاته الواضحة .
و منذ تلك اللحظة و أفكاره الصاخبة حوله و حولها و حول ما يمكن أن يكون حصل بينهما لم تتركه في سلام .
و هكذا فسدت ليلة زفافه تماما عليه .
لو كان ما حصل معه هو ما يسمونه الخيانة الفكرية فهو خائن فكري بامتياز .
- حبيبي ؟ أيقظه صوت دوللي الناعس من أفكاره .
أخذ نفسا عميقا و رسم ابتسامته المميزة على وجهه ثم استدار لها ليجذبها إليه بسرعة يقتل الشك الذي عكسته عيناها في مهده.
- أتصدقين أني اشتقت لك بهذه السرعة ، همس و هو ينحني عليها .

بعد ساعات وقف يتأمل الصباح الدافئ من خلال باب الشرفة الزجاجي .
تأخرت كثيرا يا عم ، فكر بتهكم .
- شادي ، من فضلك أسدل الستائر ، أريد أن أنام .
- حاضر يا روحي ، قال وهو يتناول الطقم الذي اختاره من فوق المقعد الجلدي و ينفذ طلبها و يخرج من الغرفة .

بعد دقائق كان يضيف آخر اللمسات إلى مظهره .
طوى أكمام القميصَ إلى نصف ساعده ، رتب شعره الكثيفَ ولبس ساعته الثمينة و لم ينس بضع رشات من عطره الرياضي المُفضل .
نظر إلى المرآة لمرة أخيرة و التي أكد له انعكاس صورته فيها أنه مازال رغم دخوله القفص الذهبي رجلا شديد الجاذبية .
التقط مفاتيحه و هاتفه بخفة و غادر الغرفة دون أن تغادره أفكاره .
ظل ينتظر ظهورها أكثر من نصف ساعة و حيرته في أمره تنافس قلقه عليها .
أخيرا قرر المغامرة و الدخول إلى الشركة ، ربما تكون اليوم أتت أبكر من المعتاد .
كان قد اقترب من مكتبها حين باغته الهجوم الذي كان يتوقعه و يحاول تجنبه .
صافرة من زميله الذي قبض عليه بجريمة التجول في صباحيته حشدت حوله جموع المهنئين .
وقف وسطهم عاجزا و هو يفكر أنه لم يسبق أن تم تقبيله من مثل هذا العدد من الرجال في حياته .
و رغم هجوم القبلات عليه من أمامه و من يمينه و من شماله إلا أن عيناه لم تفارقا باب مكتبها لكن شيئا ما أنبأه أن يلتفت إلى الخلف .
أطاع حدسه ليجدها متجمدة في أول البهو تنظر إليه بذهول لم يدم طويلا .
لأنها في نفس اللحظة تقريبا استدارت بسرعة و اتجهت نحو مدخل السلم .
- اعذروني يا جماعة ، أظن أني نسيت أن أغلق السيارة ، أستأذنكم و أعدكم أني سأعود حالا لنواصل قبلاتنا ، قال و هو يتملص من أحضانهم بصعوبة .
لحق بها و هي تقف قرب سيارة أجرة .
- فرح ، ناداها يحاول أن يوقفها لكنها لم تتوقف ، بدل ذلك فتحت الباب الخلفي بسرعة و جلست و مدت يدها لتغلق الباب إلا أنه سبقها إليه ليفتحه و يقف بجانب السيارة .
تنحنح السائق متبرما فأسكته شادي بالطريقة التي يراها المثلى و هو يحييه تحية الصباح و يمد يده إليه بورقة نقدية .
تأمل الرجل يده قليلا ثم أشاح بوجهه في صمت و هو يزفر بشدة .
عاد شادي لوضعه السابق و هو يدس الورقة في جيبه بتجهم .
- فرح ، ناداها مرة أخرى
لكنها لم ترفع نظرها إليه ، انحنى عليها يكلمها بشبه همس :
- فرح أنا آسف ، أنا آسف
هذه المرة رغم تواصل الصمت من ناحيتها تجاوبت مع كلماته بدموعها .
تنفس بعمق و أغمض عينيه للحظة ثم عاد يهمس :
- حياتي أرجوك لا تبك

و بالطبع مع النساء هذا يعتبر أمرا عكسيا لأنه رآها تغمض عينيها بينما دموعها تزداد كرما .
تأفف السائق بصوت مرتفع فأسرع يقول :
- فرح اسمعيني أريد منك أن تعديني بشيء واحد

رفعت إليه عينيها في استفهام فأضاف بلهفة
- أرجوك ، لا تتركي فرصة لمؤيد بالاقتراب منك .

نظرت له نظرة كان من المفروض أن تجمد الدم في عروقه و لكن مع إنسان لديه دم طبعا . مدت يدها تغلق الباب بعنف و هي تطلب من السائق المغادرة .
التفتت إليه في نظرة أخيرة و هي تشعر بالحزن في أعماقها على الناس الذين نشيعهم للموت بداخلنا و هم ما يزالون أحياء .
لكنها رغم الحزن تشعر بأنها على استعداد تام لأن تمضي و هي تنظر إلى الأمام .
لن تهتم بعد الآن لتلك الخفقة الهاربة إليه و لا لتلك النبضة التي ستخونها كلما رأته و لا لتلك الأفكار الشاردة التي سوف تلاحقه.
لن تهتم و ستمضي .
كما مضت آلاف النساء المنبوذات قبلها .
ستمضي
بدونه
مع الأيام.

...............



نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس