عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-18, 09:09 PM   #53

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي

" اه... ها هو الطعام اللذيذ بحق.. وليس طعام الفنادق الذي مللته.."

ابتسمت والدته بوجهه ثم مسدت خده بحنانها المعهود وهي تقول :
" صحة وعافية بني... لقد بت تسافر كثيرًا هذه الفترة... والله صرت اخاف عليك جدًا..."

قبل كفها ثم قال مخفيًا ما يشعره من تعب :
" لا تقلقي يا أمي.... الشركة تمر بضغط عمل ووجب علي ذلك... "

تدخل والده الصامت منذ بداية الحديث وهو يسأله بهدوء :
" اليوم ستأتي دنيا مع عائلتها... "

اومأ برأسه ورد بذات النبرة :
" أعلم... أخبرتني... "

نظر له والده... بل نظر لعينيه وكأنه يحاول اكتشاف ما يخفيه ثم قال بتروٍ :
" ألا تلاحظ أن فترة خطوبتكما قد طالت..."

ها هو والده يدخل بحديث لطالما تجنبه... يدخل تلك المنطقة المحضورة الغامضة حتى بالنسبة إليه نفسه... تشاغل بالطعام ورد بعدم اهتمام :
" لا... أنا ومشغول بالعمل طوال الوقت ومن سفرية لسفرية.... ودنيا مشغولة بتحضيرها للدراسات العليا.... لا أجد أن وقت الزواج قد حان..."

ظهر عدم الاقتناع على وجه والده... يعلم أن حجته غبية كباقي الحجج التي لطالما سردها عند كل تساؤل منهم :
"لكن بني... أنتما مخطوبان من ستة أشهر.... وللحقيقة لا يوجد سبب مقنع للإطالة أكثر... بيت وموجود... واثاث يمكنكما التأثيث متى ما اردتما من دون أي عائق... العمل والدراسة التي تتحجج بها سيبقيان طوال الحياة ومن غير المعقول أن تنتظرا بسببهما..."

أفلت المعلقة من يده وقد فقد شهيته الكاملة للطعام ووالده يضع أمامه من دون أن يعلم الحقائق الذي يرفض أن ينظر لها.... والتي تخبره أن ما من سبب للمماطلة...لكن... ألا يكفي تردده أن يكون سبب! ... ألا يكفي عدم تقبله المفاجئ بأن تكون دنيا زوجته!...
وكيف سيفهمه احد ما دامه يخفي صراعه بداخله فقط... حتى عن دنيا... وان كان يشك بذلك فهي باتت مؤخرًا ترمقه بنظرات مبهمة... يعجز عن فهمها..

" أبي... أنا بالفعل متعب ولست قادرًا على النقاش الان... سأخذ قيلولة قبل أن يأتوا... وبعدها لكل حادثٌ حديث..."

قال ما قاله ثم هرب إلى غرفته... يلجئ الى النوم ربما يكون مسكنه لهذا الصراع... حتى ولو مؤقتًا...

مساءً.....

يجلسان اثنيهما على الارجوحة في حديقة بيتهم الواسعة... كأي شخصين جمعهما مكان واحد لكنهما غرباء عن بعضهما.... كان هو يتأمل ما أمامه بصمت اما هي مطرقة برأسها بانهزام لا تملك إلا أن تشعر به حتى لو حاربته بضراوة...

" كيف هي سفرتك..."

" جيدة..."

عادا لصمتهما مرتبكين لتكسره هي بعناد.. مصممة على تحطيم ما يلفهما من واجهة جليدية :
" اشتقت إليك.."

لم يكد أن يستوعب ما قالته أو يتقبله حتى تفاجئ أكثر وهي تمسك ذراعه بل تحتضنها وتلقي برأسها عليها قائلة بهيام :
" أتعرف... بت أعد الليالي والايام شوقاً لاقتراب زفافنا..."

تجمد مكانه واخفض رأسه ينظر لها بتساؤل وقال متأهبًا :
: " لمَ... نحن متى أصلًا حددنا موعد الزفاف..."

ابتعدت عنه بهدوء واجابت بابتسامة مفتعلة :
" قبل أن تسافر... ما بك ألا تذكر..."

بدأ يشعر بالغضب الغير مرغوب به حاليًا فهو أن فقد أعصابه لا يضمن بأنه لن يجرحها :
" بل اذكر... واذكر جيدًا بأنكِ أنتِ من اقترحت الموعد... وأنا من قلت بأنه غير مناسب أبدًا..."

ارتجفت شفتيها منذرة بالبكاء وهتفت :
" ماذا يعني هذا... هل سنبقى مخطوبين مدى الحياة... أخبرني هل هذا منطقي برأيك...."

قال ببرود وهو يشيح بوجهه عنها :
" هناك من تستمر خطبتهما لسنوات... هذا ليس بغريب.. "

فغرت فمها بصدمة... سنوات!!... هل هذا كلام مبطن... أم ماذا... لم تعد تعرف شيئًا... لم تعد تفهم عامر وكأنه لم يكن ذات يوم صديقها الذي ظنت انها عرفته جيدًا...
" ما الذي تريده عامر... صارحني..."

النظرة التي رماها بها جعلت قلبها يطرق مطارق الفزع... لا... لم تعد تريد هذه المصارحة... فقد استشفت بدايتها من هذه النظرة المترددة..
شهقت تأخذ نفس ثم أمسكت بكفيه تعتصرهما وهي تقول بإصرار :
" عامر... أنا أحبك... وأريد أن أكمل هذا الزواج من دون منغصات... يمكنك أن تأجل فكرة الزواج الآن... لا بأس أنا انتظر... ما دمنا مع بعضنا انا انتظر.... غير ذلك لا... لست من الأشخاص الذين يمكنهما تقبل الهزيمة... لا أملك روح رياضية لذلك... أيمكنك مساندتي... فقط أمسك بكفي ولا تبتعد... أيمكنك ذلك؟ "

أُلجم أمام تعبيرها المتوسل.... وماتت الحروف على شفتيه... فبقي ينظر لها بعجز يقتله... عجز يكبله .. فلا هو قادر على الفكاك ولا على الاستمرار... لم يكن رده الا ان ابقى كفيه بكفيها ثم حرك قدمه على الأرض .. لتتأرجح المرجوحة بهما بخفة....

*****************
رفرف بجفنيه عندما شعر بلمسة ناعمة عند خده تربت عليه بإصرار... تثائب ثم فتح عينيه ليقابله وجه طفله الباسم وهو يستلقي على ذراعه... تبسم بوجهه وقال بطريقة بطيئة :
" صباح الخير لحبيب بابا..."
أطلق فراس صوت سعيد ثم لف ذراعيه الصغيرتين على رقبته وهو يردد :
" بابا... صباح النور.."

ضمه لصدره وهو يقبل رأسه ويستنشق عبيره الطفولي... بينما يفكر بعقل قلق ماذا سيفعل الان واين سيترك فراس... يود لو يأخذ اليوم اجازة حتى يبقى معه... لكن وهل يستطيع... واليوم بالذات مهم جدًا وسيعقد صفقة مع شركة لم يتعامل معها من قبل وضروري أن يكون من الموجودين...
المربية والتي تعد المربية الوحيدة التي مكثت عنده فترة طويلة تقدر بسنة.. طردها أمس... ولم يبقى في البيت الا هو وفراس والخادمتين...
لطالما وقع بحيرة طوال سنوات صغيره الخمس... منذ توفت زوجته وجد نفسه يعود يتيماً ووحيدًا... بلا أب توفي في أول سنة من زواجه.... ولا ام لحقته بعد بضعة أشهر.... ولا شقيقة علاقته بها سطحية وبالكاد يزوران بعضهما بحكم عيش كل واحد منهما في مكان بعيد عن الآخر
كل هذه الوحدة استطاعت أن تبددها زوجته.... لكنها ذهبت .... رحلت إلى مكان يدرك أنه أفضل من هنا بكثير.... حتى لو كانت طريقة الرحيل مفجعة ومن دون إنذار.... حتى وإن كانت ذكرى وفاتها الآن أقل وجعًا لكنه يتذكرها من وقتٍ لآخر من دون أن يعرف لماذا.... يتذكر كيف ناما الاثنين من بعد معاناة مع صغيرهما فراس ذو الشهرين حتى ينام.... وفي الصباح استيقظ هو... ولم تستيقظ هي..... هكذا توفيت فجأة من دون أن يصيبها مرض أو علة.... ووجد نفسه حزيناً ومصدومًا ومشتتًا مع طفل صغير....

انتبه لفراس وهي ينسل من بين ذراعيه ويتوجه نحو الباب بخطوات متقافزة وكأنه قد نسي ما حدث البارحة تمامًا.... تمطى ثم نهض من على السرير ليستعد للذهاب للعمل.... مقررًا أن يأخذ فراس معه فلا حل الا ذلك... وهناك ستركه مع مساعدته الشخصية فهي امرأة اربعينية وطيبة وهو يثق بها...
بعدما جهز نفسه وصغيره الذي بقي يتساءل حماسًا عن وجهتهما... لم ينسى بضرورة أخذه للطبيب للتأكد من وضع سماعته.. لكن هذا سيكون بعد الاجتماع الذي أتى بوقت خاطئ.... خاطئ جدًا...

يتبع...


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس