عرض مشاركة واحدة
قديم 07-08-18, 09:12 PM   #5719

كاردينيا الغوازي

مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية كاردينيا الغوازي

? العضوٌ??? » 126591
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 40,361
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » كاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond reputeكاردينيا الغوازي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
من خلف سور الظلمة الاسود وقساوته الشائكة اعبر لخضرة الامل واحلق في سماء الرحمة كاردينيا الغوازي
افتراضي

في الشارع ...



ببلوزة قديمة منذ ايام الثانوية وببنطال (الاحباط) الذي ترتديه عندما تكون بمزاج سيء كانت تقف رقية بباب المرآب ترش الماء من الخرطوم وهي تعقد حاجبيها بضيق ..

وجهها خال من اي مساحيق وشعرها مرفوع كذيل حصان قصير بينما عيناها تدوران بسرية خاصة بحثاً يائسا عن اي وجود لـ...ـه...

لقد اختفى .. تبخر .. وكأنه لا يسكن البيت المجاور .. الحائط للحائط !

منذ يوم المطعم وهي لم تره ولا تفهم كيف يفعلها ويخرج ويدخل دون ان تقع عليه عيناها..

كانت قد قررت ان لا تذهب لدار الازياء مرة اخرى حتى لا تبدو وكأنها ترمي نفسها في طريقه خاصة مع ملاحظات رباب المزعجة..

لكن غيابه طال كثيرا وحدس كئيب كريه يخبرها انه يتعمد الابتعاد عن طريقها..

" مرحبا يا صغيرة ..."

جاءتها التحية المغيظة ضمنياً في توقيت صعب حقاً.. رفعت رقية نظراتها من الارض ناحية السيارة الانيقة التي توقفت قبالتها للتو لترى وجه رجل اربعيني وهو يبتسم ابتسامة متصنعة ومنفرة بطريقة غريبة ..!

ولانه اغاظها بكلمة (صغيرة) فردت عليه وهي تتصنع دور المراهقة (كما يعتقدها هو) قائلة باسلوب سمج سخيف" مرحبا عمووو .."

لم يهتم بسماجتها المتصنعة وقد بدا محدد الهدف وهو يسأل باسلوب لطيف لم تحبه ايضا منه " ابحث عن بيت الصائغ يا حلوة .. عن عبد الرحمن الصائغ تحديدا .. هلا ارشدتني ؟ "

نزعة شريرة داخلها ارادت ان ترسله لعنوان خاطئ لكنها بمزاج سيء حقاً ولا تريد الا الدخول للبيت بعد كل هذا الاحباط الذي تواجهه ..

رفعت سبابتها وهي ترد مشيرة للجهة المقابلة لها " انه هذا البيت قبالتنا .. لكنك لن تجده .. لقد خرج قبل قليل مع زوجته .."

يغمزها الرجل فاشعرها بمزيد من النفور التلقائي ثم يقول " لا بأس انا اريد في الواقع صديقه .. رعد العبيدي .."

تغير مزاج رقية كلياً وقد تنبهت كل حواسها ولمعت عيناها بتحفز تلقائي وهي تتساءل

" انت تعرف رعد ايضا؟"

يبدو ان الرجل فسر ردة فعلها انها اهتمام مراهقة فضحك قليلا ثم رد عليها " نعم انا .. على معرفة قديمة وطيدة برعد وجئته بزيارة و... رسالة .."

شيء ما تغير في صوته عندما ذكر كلمة (رسالة).. في لحظة واحدة قررت رقية ما ستفعل .. قالت بابتسامة شقية " رعد لم يعد يسكن ببيت الصائغ يا عمو .. لقد انتقل هناك الى البيت المجاور لبيتنا .. بيت العم سعدون القاضي .."

يتبع الرجل اشارتها الجديدة بنظراته الغريبة ثم تكتسي الجدية وجهه وهو يتحرك بسيارة قليلا ويلوح لها بيده قائلا" شكرا .."

راقبته رقية وهو يوقف السيارة امام بيت العم سعدون بينما تسارع لتدخل للبيت ومعها خرطوم الماء فتغلق الصنبور وتتجه بخفة القطط ناحية الجدار الفاصل بين بيت العطار وبيت القاضي ..











بيت سعدون القاضي.. المطبخ..





يبتسم رعد وهو يرسل الرد للحاجة سوسو ومعها صورة من العصير الطبيعي الذي يصنعه بنفسه بينما العم سعدون يبدو نزقا متذمرا غير راض كعادته وهو يقول " قلت لك لا احب عصير المشمش.. هل فقدت عقلك لتشتري عشرة كيلوغرامات منه كي تصنع منه العصير فقط ؟! "

يضع رعد الهاتف جانبا ليعود لما يصنع وهو يقول بفخر " الحاجة سعاد هي من نصحتني به وعلمتني طريقتها لاصنعه .. سنضعه بالمجمد ونستخدمه طوال شهر رمضان.. انه مفيد للصيام وسيفيدك ان تشرب منه الليلة .. سيمنع عنك العطش غدا.."

يتأفف العم سعدون بينما يميل اليه رعد ويضيف بصوت مغيظ خافت وكأنه يشاركه سراً " و... سيسهل الامور يا عم .. صدقني لن تعاني الامساك في الحمام بعد اليوم .. "

يشهق العم سعدون باستهجان وحرج فيهدر بغضب " ايا قليل الادب والحياء .. ! ثم من قال لك اني اعاني.. الامساك ؟! "

يغمض رعد عينيه ويضع يده على صدره ويرد بنفس الخفوت " لا تخف يا عم .. لن اخبر احدا .. فأنا .. ماذا يقال بالامثال .. امممم .. آآه تذكرت .. انا ستر وقِدْر عليك .."

يدفعه العم سعدون بعيدا عنه وهو يوبخه بالقول الحانق " المثل هو (ستر وغطاء) يا فصيح ! هذا ما اخذناه من عشرة بلاد الغرب .. ضياع للاخلاق واللغة .."

يرن جرس الباب فيقطع هذه المشادات المألوفة بينهما ليتحرك العم سعدون وهو يقول بتذمر " ساذهب لافتح الباب بدل ان افقد اعصابي معك .. لا اعلم لماذا بتَّ لا تغادر البيت هكذا وتزعجني على الدوام بتصرفاتك ..؟!"

يضحك رعد وهو يغيظه اكثر قائلا " وماذا افعل وانا لم أعد اقوى على فراقك لحظة واحدة ... انت لا تقاوم ..."

فيضحك اكثر وهو يسمع العم سعدون يشكو لله مصيبته !

يركز رعد بما يفعل بينما ترن في اذنيه كلمات العم سعدون الغاضبة ..

(بتَّ لا تغادر البيت )

نعم .. لم يعد يغادر البيت ... او الاصح .. يقلل من مغادرة البيت وقد اصبح يجيد اختيار الوقت المناسب حتى .. لا يراها ..

شعور يسيطر عليه انه لا يريد رؤية رقية .. لا يريد الكلام معها .. لا يريد ان ....

أن ماذا ؟! هل يهرب ؟! هل حقا بات يهرب منها ومن المشاعر الغريبة التي تثيرها فيه ؟!

ام انه يشعر بالغضب منها وربما من نفسه ؟!

مشاعره نحوها مشتتة جدا وقوية جدا في ذات الوقت .. وبنفس القوة والتشتت داخله يرفض هذه المشاعر ايا كانت ..

داخله.. يسخر منه.. ومن سخافة ما ينتابه ..

داخله... يحاول تذكيره بشيء مألوف ما لكن رعد يغض الطرف ويختار تجاهل كل هذا دفعة واحدة ..

قطع عليه افكاره المتخبطة صوت العم سعدون وهو يقول بنبرة ارتياب " هناك رجل غير مريح في الباب يسأل عنك .. يبدو مختالا فخورا بسيارته الفارهة واناقة ملبسه المبالغ فيها وتلك الاسورة الذهبية في معصمه لم تعجبني على الاطلاق .. متباه متبجح .. اذهب وكلمه .. لكن لا تدعه للدخول فأنا لا احب الغرباء في بيتي .. خاصة عندما يكونون غرباء مريبين مثل هذا الرجل.."

يشعر رعد بالدهشة ثم يخطر بباله انه ربما يكون عمه فيتساءل برجفة قلب " هل هو كبير بالسن ؟! ألم يقل اسمه ؟"

فيرد سعدون وهو يعقد حاجبيه بتفكير بوليسي " لا .. ليس كبيرا بالسن ولم يذكر اسمه .. قال يريد مفاجأتك ! لكني سأعرف بطريقتي من يكون واعلمه درسا كيف لا يعرف عن نفسه امامي .. رجل قليل الادب والاحترام مثل صاحبه .. "

يرتاح رعد قليلا فيتقدم من العم سعدون قائلا بابتسامة عريضة مستفزة " لكنك تحب صاحبه لا تنكر .."

بنظرة تهديد يرد العم سعدون " اذهب يا فتى قبل ان اسكب العصير الماسخ هذا فوق رأسك .."

يضحك رعد وهو يغسل يديه ثم يخرج للزائر الغريب وهو واثق اشد الثقة ان العم سعدون سيوجه كل ادوات المراقبة التي يملكها نحو الزائر ليستكشف من يكون ..





بينما يسير رعد في المرآب الصغير لبيت العم سعدون متوجهاً ناحية البوابة اخذت ابتسامته تتلاشى شيئا فشيئا وهو يقترب اكثر ويتعرف على سحنة كريهة يعرفها جيدا .. يعرفها حد التقزز !

عيناه عبّرتا عن صدمته اللحظية لكنه كان سريع التصرف وهو يخرج عبر البوابة ليمنع الزائر الدخول وهو يسأل بصوت حاد خافت

" وميض ! ما الذي اتى بك هنا ؟"

فيرد وميض بتفكه كريه وهو يستند بجسده على مقدمة سيارته الحديثة قائلا

" ساقاي !"

الماضي كله عاد .. صدره يجيش صارخا بكل ذاك الماضي القذر وكأنه السم الزعاف .. خرجت الكلمات من فم رعد وكأنها سيتقيأ " ماذا تريد ؟"

يستفزه وميض بالقول " لماذا تخفض صوتك هكذا ؟! هل انت .. خائف ؟"

انفاس رعد تهدر بعنف وهو يعيد السؤال بنفس الخفوت الحاد " ماذا ... تريد ؟"

عينا رعد في عيني وميض فيرى فيها كل معاني العُهر ! اجل .. ليس هناك وصف لهذا الرجل غير العُهر ..

قال وميض بتشدق مع نبرة تهديد خافت بشع

" سعيد ان نبدأ بشكل مباشر .. باختصار ... جملة واحدة اقولها لك.. ابتعد عن غيداء..."

انفجر رعد ضاحكاً بقسوة ...

لم يكن يعرف ان هناك شخصان يناضلان ليسمعا هذا الحوار الخافت ..

العم سعدون من جهة المطبخ ورقية من جهة الجدار الفاصل في اخر الزاوية ..

لتكون ضحكة رعد اول ما يصل مسامعهما بوضوح .. شحكة جعلت جلد رقية يقشعر !

لقد باتت تعرف عن يقين الآن ان هذا الرجل لم يأتِ لرعد بخير .. ثم جاءها صوت رعد واضحاً اخيرا وهو يرد بنبرة لم تسمعها في صوته سابقا " اضحكتني ! .. جديا... اضحكتني .."

فيأتي صوت الرجل خافتا مرة اخرى لكن بشكل مسموع لرقية

" وانا جديا اقول لك يا رعد .. ابتعد عنها .. انا اعرف اختي اكثر مما تظنه هي .. انها تتلاعب مع عبد السلام من وراء ظهري .."

تتسارع نبضات رقية وعقلها يلتقط اشارات ومعان من كل اتجاه بينما يتخلى رعد عن حذره بالصوت الخافت وهو يرد على الرجل باشمئزاز واضح " وما علاقتي انا بالوضع المقرف لك انت واختك ؟!"

لتكتم رقية شهقتها وهي تسمع اجابة الرجل واضحة صريحة مفجعة " لانها تفعل كل هذا... لاجلك انت ..."

صدرها يعلو ويهبط بقوة وهي ملتصقة بالزاوية تسمع المزيد من الكلام المفجع

" حذاري يا رعد .. المرة السابقة جعلتك تهجر البلد لعشر سنوات .. هذه المرة لن ارحمك .. وسأجعل السجن مهجرك الجديد ربما لعشرين سنة قادمة.."

فيرد رعد بعنف هذه المرة " اضرب راسك باقرب حائط يا وميض وخذ رأس اختك معك .. انتما مجرد حثالة بشرية مررت بها في حياتي .."

فيضحك الرجل المسمى وميض ثم يقول بنبرة مستفزة وحقيرة " تؤ تؤ تؤ .. صوتك ارتفع وارى العجوز يتلصص بيأس علينا ... هل تظنه سمع هذا الحوار الشيق ؟ "

تتقبض يدا رعد وكم يود لو ينهال ضربا جنونيا بوميض لولا لمحة عقل منعته ..

وكأن وميض ادرك ان رعد على وشك ان يفقد اعصابه فآثر الانسحاب وقد أدى المهمة واوصل الرسالة وجهاً لوجه ..

فيرفع يده بتحية ثم يقول " رمضان كريم.."

ويتحرك ليعود الى سيارته بخطوات متماهلة مستفزة ثم ينطلق بها تاركاً رعد يقف مكانه عند بوابة المرآب والعنف يعصف به..

بينما رقية قريبة منه جدا دون ان يشعر بها .. لا يفصل بينهما الا جدار ..

رقية التي ما زالت تلتصق بالزاوية هناك تحاول فهم واستيعاب كل ما سمعته للتو .. فهمه ثم ايجاد رابط ليجمع هذه الخطوط الاشبه بمتاهة ليس لها اول ولا آخر ..

ووسط هذه المتاهة التي تعيشها يطغى عليها شعور عنيف انها تريد حماية رعد من مجهول مخيف..

مجهول اشبه بوحش قبيح يتربص به ...








يتبع ...


كاردينيا الغوازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس