عرض مشاركة واحدة
قديم 16-08-18, 09:18 PM   #101

Siaa

نجم روايتي وكاتبة وقاصةفي منتدى قصص من وحي الاعضاءونائبة رئيس تحرير الجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Siaa

? العضوٌ??? » 379226
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,353
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Siaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond reputeSiaa has a reputation beyond repute
?? ??? ~
يجب عليك أن تدرك أنك عظيم لثباتك بنفس القوة،رغم كل هذا الاهتزاز~
افتراضي


الفصل الثاني
"لا شيء يرسخ الأشياء بالذاكرة كالرغبة في نسيانها"


بعد كل هذه السنوات... بعد كل هذا البعد...بعد أن عاشت تدعي التماسك وداخلها يتآكل من الذنب... تقف أمام خالتها وتود... فقط تود لو أن كل ما حصل لم يحصل.... ان تقترب منها وتعانقها وتخبرها كم هي مشتاقة إليها حتى لو قوبلت بالجفاء الذي تتصف به الأخيرة.... جفاء اعتادت هي وماريا وبقية العائلة عليه..... لكن تعرف ان هذا ضرب من المستحيل... الأقل الان... لا يمكنها...

" افنان... أ أنتِ افنان.."

لملمت شجاعتها المتبقية وتقدمت منها بضع خطوات قائلة بصوت مبحوح :
" نعم افنان... ابنة شقيقتك..."

رأت وجه خالتها يتحول تدريجيًا من الصدمة إلى الشحوب التام ثم إلى الجمود وكأنها أضحت تمثال لا حياة فيه :
"وما الذي أتى بكِ إلى هنا بعد كل هذه السنوات... "

أثارت ذهولها وهي تشاهدها تعود للتماسك وتنظر له دون أن ترمش... وكأنها تقف أمام انسان غريب... وليس ابنة اختها... همست باهتزاز :
" خالتي...."

قاطعتها قائلة بتهكم :
" خالتك!!... على ما اظن ان هذه الصلة بيننا انقطعت منذ زمن... "

هزت رأسها نافية ثم نظرت لما حولها بتشوش... ما زالت واقفة بحديقة المنزل وخالتها حتى لم تدعها تدخل... قالت بنبرة تشي ببكائها الوشيك :
" خالتي... انا اشتقت إليكم...انا اشتقت لماريا... أريد رؤيتها... "

اهتاجت علياء وعصف وجهها بكل أنواع الغضب لتقترب منها وتمسك ذراعها بحركة عنيفة :
" هل تريدين تدمير حياة ابنتي من بعد استقرارها بصعوبة.... ماذا هل وصلت وقاحتك لدرجة ان تأتين إلى هنا ولا كأن شيئًا قد حصل.... اذهبي... هيا غادري... هيا... "

كانت أثناء هتافها تجرها معها لباب البيت بينما أفنان تحاول المقاومة وهي تترجى :
" خالتي... ارجوكِ... امنحيني هذه الفرصة... ارجوكِ... لا... "

توقفت خالتها واستدارت لها وهي تصرخ :
" امنحكِ فرصة... لأي شيء بالضبط... وجودك هنا من عدمه لن يفيد...اذا أنكِ لن تستطيعي إرجاع الرؤية لماريا... لقد أصبحت بسببك عمياء وعرجاء... هروبك كل هذه السنوات كان بسبب هذا فاخبريني لماذا عدتٍ... "

سحبتها بعنف واخرجتها من الباب الحديدي أمام أنظار الحراس الفضوليين من دون أن تمنحها الفرصة للرد ثم قالت لاهثة الأنفاس :
" سأعتبر أن هذا اللقاء لم يكن... سأعتبر أنكِ لست موجودة كما كنت طوال عشر سنوات.... "

ثم تركتها ودخلت.... تركتها بشعور رهيب تخالطه الهزيمة والوجع المبرح الذي لن تنفك منه.... رفعت يدها ولمست وجهها البارد الذي ابتل بالدمعات المنسابة دون توقف على وجهها.... شهقت ثم تحركت مترنحة بعيدًا عن المنزل تسير دون هدى....وتبكي كالأطفال دون وعي.... مهما حاولت أن تهدأ لم تستطع... لم تتوقع هذا اللقاء.... لم تتوقع هذا الاستقبال.... كان جزء كبير منها متفاءل.... لكنها ارتطمت وبكل قوتها بالنتيجة الموجعة.... أنتِ السبب... أنتِ السبب

شعرت بدوخة بسيطة تشوش لها نظرها للحظات فجلست على الرصيف واخرجت من حقيبتها الهاتف بيد مرتجفة وفور أن فتح الخط قالت بصوت منهار :
"عمي... تعال خذني من هنا.."

عند وصول عمها كانت بالكاد تستطيع الوقوف.... قوتها انهارت ورأسها تفجر به الألم بشكل لا يطاق... مما جعل عمها يسندها للسيارة قلقًا....
اتكأت برأسها على زجاج النافذة ليبرد حرارة دموعها وتمتمت بألم :
" لقد طردتني... لم تستمع لي وطردتني... "

ربت على كتفها وقال مهدئًا :
" ماذا كنتِ تتوقعين افنان... كان يجب أن تتمهلي...ولكن... انت لن تفقدي الأمل صحيح..."

مسحت دموعها واستدارت له هامسة :
" لا أعلم... هل افقد الامل ام لا... هل أعود لهربي ام لا..."

" لا يمكنك أن تقرري ما دمتِ لم تقابلي ماريا بعد..."

ذكره لاسم ماريا كان كافيًا لجعلها تخرج من صدمتها بما حصل... الأمل عاد لها وهي نستذكر ماريا... ماريا ليست مشابهة لشخصية خالتها.... إنها طيبة القلب ولطالما كانتا صديقتين حميمتين... ربما... ربما تتقبل رؤيتها وتعطها الفرصة....
قالت بتردد ترغب أن يؤكد لها الأمل الذي طرق باب خيبتها :
" أ تظن ذلك عمي... أ تظن ذلك..."

ابتسم ببشاشة يتميز بها وقال مؤكدًا :
" نعم حبيبتي... توكلي على الله وكل شيء سيكون بخير..."

ردت له الابتسامة بإصرار محاربة ما بداخلها من مشاعر لا ترغبها وتمتمت :
" ونعم بالله..."

**********************

دخلت علياء إلى المنزل رامية جسدها على أول اريكة قابلتها.... مصدومة من رؤية ابنة اختها بعد كل هذه السنين.... أ يعقل أن اختها عادت إلى البلد.... كيف يمكن أن يحصل ذلك..... لا يمكن أن تسمح لأي تهديد يدمر كل ما حرصت على بناءه لحماية ابنتها وجعلها ترغب الحياة من جديد.. وأفنان هي السبب الرئيسي لكل ما حدث.... لا سنها ولا حتى عدم قصدها لما حدث وقتها يمكن أن يشفع لها عندها.... والآن ستحرص على أن تعود إلى حيث كانت سواء جاءت لوحدها أو لا.... فهي لا ترغب برؤيتهم... فالعلاقة انتهت.... انتهت تمامًا بينهم...

نهضت ونادت على الخادمة بعصبية لتقول فور أن أتت :
" فور أن تأتي ماريا أخبري سكينة بأني احتاجها... من دون أن تثيري ريبة ماريا... هل فهمتِ.."

ارتمت على الاريكة فور انصراف الخادمة.... ذاهلة بالكاد تستوعب ما حصل... فالأمر ليس بهذه السهولة.... رؤية افنان وقد تحولت من مجرد مراهقة إلى فتاة شابة ناضجة... لقد أرادت أن تنفي وتنكر رؤيتها.... أرادت أن تصدق ان من وقفت أمامها قبل قليل ليست ابنة شقيقتها.... لكن ملامحها التي لم تتغير أثبتت الأمر بما لا يقبل الشك

وضعت كفها على رأسها واطرقت تفكر... افنان لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تصل لماريا.... ولا أن تفتح الجروح من جديد....
..............
تعترف سكينة بأن طلب سيدة البيت رؤيتها آثار في قلبها بعض القلق والشك... فالسيدة علياء كانت قليلة التعامل معها.... تكتفي فقط بالنظرات لتتأكد أن كل شيء على ما يرام وان ماريا لا تشكي من خطأ..... فهي لم تعد السيدة المرتبكة التي قابلتها في أول يوم لها هنا.... لقد ظنت بأن هذه هي شخصيتها لكن لم تمضِ اسبوعين هنا الا وقد انفت هذا الظن.... فهذا الارتباك لم يكن إلا وقتي وردة فعل لما حدث لابنتها لتعود إلى جمودها.... وقسوتها....
أطلقت نفس تطرد أفكارها بهذا الوقت وطرقت الباب بهدوء لتدخل ما إن سمحت بها السيدة علياء... توقفت وقالت بلباقة :
"طلبتني سيدتي...."

أشارت لها علياء من حيث تجلس خلف المكتب وقالت بهدوء :
" اجلسي سكينة..."

نظرت لوجهها باستكانة ملامحه بينما يدها تتلاعب بالقلم باستمرار... صامتة وبقيت صامتة لمدة لا بأس بها بينما سكينة تحبس توترها لتقول علياء أخيرًا بنبرة لا ملامح لها :
" لقد عادت افنان..."

استقبلت الخبر باجفالة وهي تعود برأسها للوراء وتردد :
" افنان... افنان ابنة خالة ماريا...."

توسعت عينيها بصدمة وعلياء تومئ لها لتقول باضطراب :
" كيف عادت... لا أفهم...."

هنا تركت علياء القلم من يدها ونظرت في عينيها بقوة قائلة :
" لا يهم هذا الان... ما يهم حقًا هو أن لا تصل لماريا أبدًا... لا أريد أن تنتكس ابنتي من جديد.... انت مسؤولة عن هذا..."

تساءلت بحيرة :
" كيف... ماذا يمكنني أن أفعل..."

" حاولي أن تمنعيها من زيارة مركز الأطفال... يجب أن تبقى بالبيت هذه الفترة الي أن احل الأمر... الهيها بأي شيء"

كان ترغب بأن تقول لها.... لمَ لا تتكفل هي بهذا الأمر... لمَ لا تحاول الاقتراب من ابنتها بدل من أن ترمي مسؤوليتها على شخصٍ آخر وتكتفي بالمشاهدة من بعيد.... ليس وكأنها تنزعج من ماريا.... ماريا نسمة رقيقة تعتبرها ابنتها ولا يمكن أن تتخلى عنها بيوم.... ولكن ما يزعجها هو إصرار السيدة علياء على تقصيرها العاطفي تجاه أبنائها وتجاه ماريا بالذات والتي رغم كل هذه السنوات ونضوجها ما زالت تقرأ بعينيها حاجتها لحنان وعطف امها عليها...

ضمت شفتيها لتقول بعدها بتردد :
" ألا ترين أن من الأفضل أن يتواجها... رغم كل شيء كانتا مراهقتين تريا من الحياة شيئًا.... وافنان أرى أنها جاءت لتطلب المغفرة لا أكثر..."

ضيقت علياء عينيها وردت بحدة :
" المغفرة!.... لا انا ولا ماريا نريد مغفرتها إذ أنها لن تنفع بشيء..."

همت أن تعترض لتغلق علياء الحديث بقولها التي حمل بعض الإهانة المبطنة :
" مسؤوليتك هي إبقاء ماريا بالمنزل هذه الفترة... فقط ولا شيء آخر.... انصحك بعدم دخول مناطق انتِ لا تفقهي بها ولا تخصك بأي شكل من الأشكال.... يمكنك الذهاب "

ابتعلت ردها بصمت تام ثم وقفت قائلة بنفس اللباقة التي دخلت بها :
" بعد اذنك..."

عندما صعدت لغرفة ماريا... كانت الأخيرة تجلس عند شرقتها كالمعتاد الا انها كانت مترقبة فور أن دخلت عليها لتقول بشك :
" ماذا كانت تريد والدتي منكِ.... "

ابتسمت وقالت بصوت حاولت أن يخرج خالٍ من أي تردد إذ ان ماريا ستشعر بها بالتأكيد :
" لا شيء مهم.... "

استغربت عندما أصرت ماريا عليها باهتمام غريب عنها:
" إذًا أخبريني هذا الأمر غير المهم..."

تنحنحت بخفوت وعمل عقلها بسرعة لاختلاق اي شيء يكون مقنعًا لتقول فور أن عثرت عليه :
" أخبرتني بشأن الحفل الذي ستفيمه هنا بمناسبة عقد صفقة ناجحة مع شركة جديدة... أنتِ تعرفين والدتك دائمًا ما تقيم هذه الحفلات عند نجاحها بالعمل... "

ظهرت بعض الخيبة على ملامح ماريا اوجعت قلبها واصابته ببعض تأنيب الضمير... إذ أن ما قالته لم يكن إلا كذب وصدق بنفس الوقت.... صدق بكونها بالفعل ستقيم الحفلة... وكذب بأنها لم تخبرها بها ولم تهتم بأن تخبرها... فهذا الأمر قائمًا وثابتًا دون مشورة احد... لقد علمت من ألخادمة فقط...

" هل كانت تريد التأكد من أنني سأحضر... غريب... فهي تعلم بحضوري الدائم لكل حفلاتها باعتباري مالكة جزء من الأسهم كما دائمًا تخبرني... ما الذي استجد هذه المرة....."

جاهدت الا يطفو توترها على السطح وتمتمت ببعض اللامبالاة التي استطاعت التظاهر بها :
" مجرد تأكيد لا أكثر... "
راقبت الابتسامة المريرة التي ارتسمت على شفتيها ولم تملك إلا أن تتألم لأجلها.... تود لو تخبرها أن افنان هنا.... صديقتها وابنة خالتها عادت لأجلها.... لكن تعرف ان ما تريده خطأ.. وان الأمر أعقد بكثير... فالانتظار الذي انتظرته ماريا لافنان بالبداية...قد خفت للغاية..... أو ربما ذهب مع الريح..... مع الخيبة.... مع الوجع الذي كانت شاهدة عليه وهو يستوطن ماريا.... ومع خفوت هذا الوجع دون ذهابه...

" ما رأيك بأن تساعديني بأختيار ما سألبسه للحفل... أظن هذا أفضل خيار لتضييع الوقت...."

لم تملك إلا أن ترد عليها بمحبة صادقة للغاية :
" حاضر..."

يتبع...


Siaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس