عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-18, 12:38 AM   #203

نغم

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية نغم

? العضوٌ??? » 394926
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,980
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » نغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond reputeنغم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
افتراضي

هذه المرة اختارت أن تظل جالسة داخل سيارتها أمام ذلك المقهى الذي صارا يلتقيان فيه بشكل شبه يومي بعد انتهاء دوامه .
تخشى أن تدخل فتظل جالسة لوحدها في انتظاره مثل أغلب المرات التي تقابلا فيها ، لا تعلم إلى حد الآن هل يتعمد فعل ذلك معها أم أنه ضحية أخرى من ضحايا ازدحام الطرقات .
تململت قليلا في جلستها ثم قررت أن تغامر و تدخل المقهى ، ربما يكون حضر بسيارة أخرى و هو بانتظارها الآن و هي لا تريد أن تخسر أية دقيقة من لقائهما المختصر فهي مازالت لم تفهمه بعد .
و ما دامت لا تفهمه فلن تستطيع الوصول إليه .
ترجلت لتشاهد سيارته آتية من بعيد ، أخرجت مرآتها الصغيرة لتلقي لمسات خفيفة لم تكن في حاجة فعلية إليها ثم سارت متمهلة لتصل في نفس الوقت الذي كان يفتح فيه الباب .
رفع عينيه إليها في نظرة شاملة تباطأت قليلا على أظافرها الأرجوانية ثم التفت يبحث عن هاتفه بكل تمهل تاركا إياها واقفة و هي تشعر ببراكينها الخامدة تبدأ في الاشتعال .
خرج أخيرا ليقف بجانبها يظلها بطوله .
- تفضلي ، أمرها وهو يشير لها بالتقدم .

رمقته بنظرة جانبية غاضبة ثم سارت تسبقه ، تبعها بخطوات بطيئة و عيناه تلاحقان رغما عنه خصلاتها المتراقصة بجانب وجهها .
التفتت نحوه بنظرة حادة عندما وصلت إلى باب المطعم و وقفت تنتظره و هي تتأفف بصوت مسموع .
ابتسم و هو يعترف لنفسه بأن رؤيتها غاضبة من أكثر المشاهد المريحة للنفس .
في الواقع بدأ يستمتع بهذه اللقاءَات الفاشلة لدرجة الإدمان .
الفتاة لا تيأس و لا تشعر و لا كرامة لديها على الإطلاق .
في البداية قرر أن يلعب معها لعبة الحبل يشده مرة و يرخيه مرة إلى أن تقع على طولها و تبعثر بعضا من صلفها و غرورها على أرض الواقع .
لكنها أثبتت أنها لا تحتاج إلى أية تقنيات فالفتاة مغرورة إلى درجة أنها عاجزة عن التصديق أن هناك فعلا من لا يهتم بها .
جلسا أخيرا يتأملان بعضهما بأفكار متباينة كالعادة ، استمر الصمت لدقائق طويلة قبل أن تقطعه هي كما تفعل دائما ، ماذا عساها تفعل مع صخرة لا تنطق :
- لم أرك تدخن من قبل و المفروض أنك لا تدخن بما أنك رياضي
- التدخين ليس عادة لدي ، لا أدخن إلا نادرا ، في حالات معينة .
- حالات مثل ماذا ؟ سألت متظاهرة بعدم الاهتمام .
- عندما أشعر بالملل .

نظرت إليه بصدمة لتراه يواجه نظرتها بكل البرود الذي في الدنيا .
للمرة الألف تتساءل بينها و بين نفسها لماذا تعرض كرامتها لكل هذا ؟
من أجل ماذا بالضبط ؟
على ما يبدو هو إنسان معقد و حقود و لن يغير نظرته إليها أبدا .
وقفت و هي ترتجف غضبا من إهاناته المتواصلة لها .
رمت هاتفها بقوة داخل حقيبتها ثم أبعدت كرسيها و قالت له دون أن تنظر ناحيته :
- عن إذنك ، سأغادر .

أطفأ سيجارته ، نظر إليها قليلا ثم قال بهدوء :
- كما تشائين و لكن إذا غادرت بهذه الطريقة الآن فسيكون هذا آخر لقاء بيننا .

في داهية أنت و لقاءَاتك ! هذا ما كانت تريد فعلا قوله له .
لكنها فاجأت نفسها و هي تقف مترددة ثم اضطرت أخيرا للجلوس هروبا من نظرات الزبائن الآخرين باتجاهها .
راقبته يتناول سيجارة أخرى و يسدل جفنيه برموشه الكثيفة و يبدأ بإشعالها ببطء يبدو متعمدا .
و طبعا بدأت تلك العضلة الغبية على يسار صدرها في ضخ جميع دماءها و بكل قوة .
جاهدت لكي ترفع عينيها عنه قبل أن يفاجئها و يباغت نظراتها إليه .
- أعطني سيجارة من فضلك لأحرق فيها مللي أنا أيضا ، طلبت منه ببرود .

رفع عينيه إليها في نظرة غريبة ثم ناولها واحدة دون تعبير .
وضعتها بين شفتيها بارتباك تحت وطأة نظراته التي لم تغادرها ثم أشعلتها و هي تحاول أن تتذكر كيف يفعلونها ، كيف يستنشقونها دون أن يسعلوا .
استحضرت صورة شادي و هو يدخن و هي تأمر نفسها : ببطء ، ببطء ، نعم هكذا ، نفس عميق و متمهل ، هكذا ، أحسنت ، أو ربما ليس عميقا جدا ، اللعنة....
- كح ، كح ، كح

ازداد سعالها مع نظراته المتهكمة نحوها ، أخذت منه كوب الماء و استسلمت أصابعها لأصابعه و هو يأخذ منها السيجارة .
- تعالي سننصرف ، سمعته يقول لها ما إن انتهت نوبة سعالها .

نظرت إليه بتحد و هي تقول ببرود :
- لا أريد ، غيرت رأيي

عاد بظهره إلى الوراء دون كلام .
- بصراحة لو لم يكن لديك مانع طبعا أريد أن أخبرك عن انطباعاتي عنك و لا تقلق أبدا لن تضطر إلى الخروج من صمتك .

أومأ لها برأسه فرفعت نظرها قليلا إلى الأعلى تستحضر أفكارها ثم بدأت تتكلم في هدوء :
- بناءًا على ملاحظاتي و على ما سمعته عنك أعتقد أنك رجل طموح ، ناجح ، استقلالي ، تعمل على تطوير نفسك باستمرار ، مبدأك يتلخص في هذه الجملة : " إن تقنع بما أخذته من الحياة فإن الحياة ستقنع بما قدمته لك "
- أنت تعرفين ما الذي يقولونه ، قاطعها بتسلية ، يقولون " القناعة كنز لا ينفع " .

ابتسمت ثم واصلت بهدوء :
- أنت كذلك معتد جدا بذاتك ، كرامتك فوق كل الاعتبارات و لديك إحساس قوي بالفخر .
و هذا يدل على أنك لديك شعور عال بالانتماء و أنك متمسك جدا بأصلك و بجذورك .
- طبعا ، قال باعتزاز .

تأملته قليلا من تحت رموشها ثم أضافت ببطء :
- و أنت كذلك رجل حقود و ليست لديك القدرة على السماح و التنازل ، ما رأيك ؟
- كلا طبعا .
- متأكد ؟
- واثق .
- أغلب الناس عاجزون عن رؤية عيوبهم .
- و ماذا عنك أنت ، أسند ذراعيه المعقودتين على الطاولة و هو يسألها باهتمام ، هل تستطيعين رؤية عيوبك ؟
- بالتأكيد ، لم أَدَّعِ يوما أني ملاك .
- لا تعرفين كم أتوق و بشدة إلى سماع عيوبك منك .

أسدلت رموشها بطريقة تحفظها جيدا و قالت بابتسامة صغيرة :
- و أنا أتوق إلى سماعها منك أنت .

لم يستطع أن يفهم كيف عاوده ذلك الشعور الذي راوده تلك المرة عندما اقترب منها .
و هذه المرة وجد نفسه ينسى تماما أنهما في مكان عام و يترك الحرية لنظراته لتتجول لمدة طويلة على ملامحها ليشعر ب...
كلا ، قاطع أفكاره بقوة ، لم يأت هنا ليشعر .
ثبت نظره على التلال البعيدة التي تبدو من النافذة المقابلة و بدأ يتكلم :
- لن أخبرك بعيوبك و لكن فلنقل انطباعات مثلما أطلقت عليها .
- تفضل
- لاحظت مثلا أنك غير اجتماعية رغم أنك تتواجدين في الكثير من الحلقات في النادي لكنك لا تختلطين فعلا ، تكتفين بالمراقبة معظم الوقت .
أعتقد أنك في أعماقك تميلين إلى العزلة .
و باستثناء مهى فليس لديك صديقة أخرى حقيقية .
- ما الذي لاحظته أيضا ؟

صمت للحظات ثم أضاف و هو يثبت نظراته عليها :
- لاحظت أن ردودك لاذعة جدا في معظم الأحيان كأنك لا تكتفين بإيقاف الآخرين عند حدهم بل تسعين إلى ... جعلهم يكرهونك .
- و هل تكرهني أنت ، انطلق السؤال بسرعة قبل أن تفكر فيه .
- أنا لا أكره . ربما أغضب ، ربما أستاء لكن أكره ، صعب .

تفقد الوقت ثم قال وهو ينهض :
- يكفينا تبادل انطباعات لهذا اليوم ، أنا مضطر للمغادرة الآن .

نهضت و خرجت معه صامتة ظاهريا ، مشغولة بأفكارها الداخلية .
إذن هذا هو رأيه فيها : مخلوقة كريهة بدون صداقات حقيقية .
كيف تريد مني حضرتك أن تكون لي صديقات و أنا أخاف أن أدخلهن إلى بيتنا ، فكرت بسخرية مرة .
منذ زمن و هي لا تجرأ أن تدخل أي بنت إلى بيتها لأنه يحتمل كثيرا أن تكون مشروع عشيقة جديدة لوالدها و خيبة جديدة لوالدتها و فضيحة أخرى تضيفها إلى رصيد فضائحهم الضخم.
في خضم أفكارها نسيت تماما أمر عصام الذي كان قد اقترب من سيارته ، توقفت فورا و داست طويلا على المقود .
تجمد عصام في مكانه و هو يسمع صوت بوق سيارتها العالي ، تقدم قليلا إلى الأمام مقررا تجاهلها ثم صر على أسنانه و عاد إليها .
اتكأ على نافذة سيارتها ما إن وصل ثم قال و هو بالكاد يسيطر على طبقة صوته :
- هل السيد الوالد عينني لخدمة حضرتك دون علمي .
- أنا أردت فقط أن ...

قاطعها بعنف :
- إياك ثم إياك أن تعيديها ثانية معي ، مفهوم ؟
مفهوم ؟ كررها بقسوة حين التزمت الصمت .
- مفهوم ، تمتمت و هي تشيح بوجهها .

سار خطوتين يبتعد عندما سمعها تخاطبه :
- ألن تسألني لماذا ناديتك .

التفت إليها نصف التفاتة و ملامحه مازالت محتفظة بحدتها :
- أردت فقط أن أسألك متى سنتقابل ثانية
- أنت لا تجيب على رسائلي إلا بعد ساعات ، أضافت عندما رأت تقطيبته تزداد عمقا .
- سنتقابل عندما نتقابل ، أجابها و هو يعطيها ظهره .

خطى خطوتين عندما سمع صوت البوق مرة أخرى رفع حاجبه الأيسر يتساءل هل جُنَّت الفتاة .
عاد إليها بخطوات سريعة فتح فمه ليتكلم عندما سبقته و قالت بصوت خافت :
- آسفة ، انطلق صوته رغما عني .

كلاهما كان يعرف أنها تكذب و الابتسامة الملتوية التي كانت تجاهد لابتلاعها كانت أكبر دليل على ذلك .
رغما عنه شعر بغضبه يتبخر فجأة و قاوم نفسه فعلا لكي لا يبتسم .
- تصبحين على خير ، قال و هو يبتعد عن سيارتها ، و حاذري يفلت منك الصوت مرة أخرى .
- و أنت حاذر أن تفلت منك ابتسامتك يا مُعَقَّد ، تمتمت و هي تراقبه يبتعد .


……………………………..
تمَّ


نغم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس